👀ج27وج28.{من2601 ثم 2700. الي الأحاديث من 2701 إلى 2800* }
👀👀 الأحاديث من 2601 إلى 2700 2601 " آخر من يدخل الجنة رجل , فهو يمشي مرة و يكبو مرة و تسفعه النار مرة , فإذا ما جاوزها التفت إليها , فقال : تبارك الذي نجاني منك , لقد أعطاني الله شيئا ما أعطاه أحدا من الأولين و الآخرين . فترفع له شجرة , فيقول : أي رب أدنني من هذه الشجرة لأستظل بظلها , و أشرب من مائها , فيقول الله عز وجل : يا ابن آدم ! لعلي إن أعطيتكها سألتني غيرها ? فيقول : لا يا رب , و يعاهده أن لا يسأله غيرها , و ربه يعذره لأنه يرى ما لا صبر له عليه , فيدنيه منها , فيستظل بظلها , و يشرب من مائها . ثم ترفع له شجرة هي أحسن من الأولى , فيقول : أي رب أدنني من هذه لأشرب من مائها , و أستظل بظلها , لا أسألك غيرها . فيقول : يا ابن آدم ! ألم تعاهدني أن لا تسألني غيرها ? - فيقول - : لعلي إن أدنيتك منها تسألني غيرها ? فيعاهده أن لا يسأله غيرها , و ربه يعذره لأنه يرى ما لا صبر له عليه , فيدنيه منها , فيستظل بظلها و يشرب من مائها . ثم ترفع له شجرة عند باب الجنة هي أحسن من الأوليين , فيقول : أي رب أدنني من هذه لأستظل بظلها و أشرب من مائها , لا أسألك غيرها . فيقول : يا ابن آدم ! ألم تعاهدني أن لا تسألني غيرها ? قال : بلى يا رب , هذه لا أسألك غيرها , و ربه يعذره لأنه يرى ما لا صبر له عليه , فيدنيه منها , فإذا أدناه منها فيسمع أصوات أهل الجنة , فيقول : أي رب أدخلنيها ! فيقول : يا ابن آدم ! ما يصريني منك ? أيرضيك أن أعطيك الدنيا و مثلها معها ? قال : يا رب ! أتستهزئ مني و أنت رب العالمين ? - فضحك ابن مسعود , فقال : ألا تسألوني مم أضحك ? فقالوا : مم تضحك ? قال : هكذا ضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم , فقالوا : مم تضحك يا رسول الله ? قال : من ضحك رب العالمين حين قال : أتستهزئ مني و أنت رب العالمين ? - فيقول : إني لا أستهزئ منك , و لكني على ما أشاء قادر . ( و في رواية : قدير ) . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 194 : أخرجه مسلم ( 1 / 119 - 120 ) و ابن خزيمة في " التوحيد " ( ص 207 ) و أحمد ( 1 / 410 - 411 ) و أبو يعلى ( 3 / 1235 - 1236 ) و الطبراني في " الكبير " ( 3 / 48 / 2 ) من طرق عن حماد بن سلمة حدثنا ثابت عن أنس عن # ابن مسعود # أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فذكره . و الرواية الأخرى لأحمد و الطبراني . و في رواية من طريق عبيدة عن عبد الله مرفوعا نحوه مختصرا , و فيه : " فقال له : تمن . فيتمنى , فيقال له : لك الذي تمنيت و عشرة أضعاف الدنيا . قال : فيقول : أتسخر بي و أنت الملك ? ... " الحديث . أخرجه مسلم , و أحمد ( 1 / 378 - 379 ) و الترمذي ( 2 / 98 ) و صححه . ( تنبيه ) : دل قوله تعالى في آخر الحديث : " و لكني على ما أشاء قادر أو قدير " على خطأ ما جاء في التعليق على " العقيدة الطحاوية " ( ص 20 ) نقلا عن بعض الأفاضل : " يجيء في كلام بعض الناس : و هو على ما يشاء قدير , و ليس بصواب .. " . فأقول : بل هو عين الصواب بعد ثبوت ذلك في هذا الحديث , لاسيما و يشهد له قوله تعالى : *( و هو على جمعهم إذا يشاء قدير )* ( الشورى : 29 ) و ذلك لا ينافي عموم مشيئته و قدرته تعالى كما توهم المشار إليه , و الله أعلم . 2602 " لن يدخل أحدا منكم عمله الجنة [ و لا ينجيه من النار ] , قالوا : و لا أنت يا رسول الله ? قال : و لا أنا - [ و أشار بيده هكذا على رأسه : ] - إلا أن يتغمدني الله منه بفضل و رحمة , [ مرتين أو ثلاثا ] [ فسددوا و قاربوا ] [ و أبشروا ] [ و اغدوا و روحوا , و شيء من الدلجة , و القصد القصد تبلغوا ] [ و اعلموا أن أحب العمل إلى الله أدومه و إن قل ] " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 195 : ورد عن جمع من الصحابة رضي الله عنهم , منهم : # أبو هريرة و عائشة و جابر و أبو سعيد الخدري و أسامة بن شريك # . 1 - أما حديث أبي هريرة , فله عنه طرق : الأولى : عن أبي عبيد مولى عبد الرحمن بن عوف عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم . أخرجه البخاري ( 4 / 48 ) و مسلم ( 8 / 140 ) و أحمد ( 2 / 264 ) و السياق لمسلم , و فيه عند البخاري الزيادة السابعة . الثانية : عن سعيد المقبري عنه به , و فيه الزيادة السادسة . أخرجه البخاري ( 4 / 222 ) و أحمد ( 2 / 514 , 537 ) . الثالثة : عن بسر بن سعيد عنه به , و فيه بعض الزيادة الرابعة بلفظ : " و لكن سددوا " . أخرجه مسلم ( 8 / 139 ) و أحمد ( 2 / 451 ) . الرابعة : عن محمد بن سيرين عنه به . أخرجه مسلم , و أحمد ( 2 / 235 و 326 و 390 و 473 و 509 و 524 ) . و فيه عند مسلم الزيادة الثانية , و عند أحمد الزيادة الأولى و الثانية و الثالثة . الخامسة : عن أبي صالح عنه به , و فيه الزيادة الرابعة . أخرجه مسلم , و ابن ماجه ( 4201 ) و أحمد ( 2 / 344 و 495 ) . السادسة : عن زياد المخزومي عنه . و فيه الزيادة الثانية . أخرجه أحمد ( 2 / 256 و 473 ) . السابعة : عن محمد بن زياد عنه . و فيه الزيادة الثانية . أخرجه أحمد ( 2 / 385 - 386 و 469 ) و إسناده صحيح . الثامنة : عن عبد الرحمن بن أبي عمرة عنه . و فيه الزيادة الرابعة و الخامسة . أخرجه أحمد ( 2 / 482 ) و إسناده جيد في المتابعات . التاسعة : عن أبي مصعب عنه . أخرجه أحمد ( 2 / 488 ) . العاشرة : عن أبي سلمة عنه و فيه الزيادة الرابعة . أخرجه أحمد ( 2 / 503 و 509 ) و إسناده حسن . 2 - و أما حديث عائشة , فيرويه موسى بن عقبة قال : سمعت أبا سلمة بن عبد الرحمن ابن عوف يحدث عن عائشة به . و فيه الزيادة الرابعة و السابعة . أخرجه البخاري ( 4 / 223 ) و مسلم ( 8 / 141 ) و أحمد ( 6 / 125 ) . 3 - و أما حديث جابر , فله عنه طريقان : الأولى : عن أبي سفيان عنه أخرجه مسلم , و أحمد ( 2 / 495 و 3 / 337 و 362 ) و الدارمي ( 2 / 305 ) و فيه عنده الزيادة الرابعة . الأخرى : عن أبي الزبير عنه , و فيه الزيادة الأولى . أخرجه مسلم , و أبو نعيم في " صفة الجنة " ( ق 9 / 1 ) . 4 - و أما حديث أبي سعيد , فيرويه عطية العوفي عنه , و فيه الزيادة الثانية . أخرجه أحمد ( 3 / 52 ) و عطية ضعيف , و قال المنذري ( 4 / 200 ) : " رواه أحمد بإسناد حسن , و رواه البزار و الطبراني من حديث أبي موسى و الطبراني أيضا من حديث أسامة بن شريك , و البزار أيضا من حديث شريك بن طارق بإسناد جيد " . قلت : و تحسينه لإسناد أحمد غير حسن لضعف عطية , إلا إن كان يعني تحسينه لغيره , فهو مقبول . 5 - و أما حديث أسامة , فيرويه المفضل بن صالح عن زياد بن علاقة عنه , و فيه الزيادة الثانية . أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 1 / 25 / 2 ) و المفضل هذا ضعيف أيضا . و في الباب عن جمع آخر من الصحابة , فمن شاء فليراجع " المجمع " ( 10 / 356 - 357 ) . و اعلم أن هذا الحديث قد يشكل على بعض الناس , و يتوهم أنه مخالف لقوله تعالى : *( و تلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون )* و نحوها من الآيات و الأحاديث الدالة على أن دخول الجنة بالعمل , و قد أجيب بأجوبة أقربها إلى الصواب : أن الباء في قوله في الحديث : " بعمله " هي باء الثمنية , و الباء في الآية باء السببية , أي أن العمل الصالح سبب لابد منه لدخول الجنة , و لكنه ليس ثمنا لدخول الجنة , و ما فيها من النعيم المقيم و الدرجات . قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في بعض فتاويه : " و لهذا قال بعضهم : الالتفات إلى الأسباب شرك في التوحيد , و محو الأسباب أن تكون سببا نقص في العقل , و الإعراض عن الأسباب بالكلية قدح في الشرع , و مجرد الأسباب لا يوجب حصول المسبب , فإن المطر إذا نزل و بذر الحب لم يكن ذلك كافيا في حصول النبات , بل لابد من ريح مربية بإذن الله , و لابد من صرف الانتفاء عنه , فلابد من تمام الشروط و زوال الموانع , و كل ذلك بقضاء الله و قدره . و كذلك الولد لا يولد بمجرد إنزال الماء في الفرج , بل كم ممن أنزل و لم يولد له , بل لابد من أن الله شاء خلقه فتحبل المرأة و تربيه في الرحم و سائر ما يتم به خلقه من الشروط و زوال الموانع . و كذلك أمر الآخرة ليس بمجرد العمل ينال الإنسان السعادة , بل هي سبب , و لهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( فذكر الحديث ) , و قد قال تعالى : *( ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون )* . فهذه باء السبب , أي بسبب أعمالكم , و الذي نفاه النبي صلى الله عليه وسلم باء المقابلة , كما يقال : اشتريت هذا بهذا . أي ليس العمل عوضا و ثمنا كافيا في دخول الجنة , بل لابد من عفو الله و فضله و رحمته , فبعفوه يمحو السيئات , و برحمته يأتي بالخيرات , و بفضله يضاعف الدرجات . و في هذا الموضع ضل طائفتان من الناس : 1 - فريق آمنوا بالقدر و ظنوا أن ذلك كاف في حصول المقصود فأعرضوا عن الأسباب الشرعية و الأعمال الصالحة . و هؤلاء يؤول بهم الأمر إلى أن يكفروا بكتب الله و رسله و دينه . 2 - و فريق أخذوا يطلبون الجزاء من الله كما يطلبه الأجير من المستأجر , متكلين على حولهم و قوتهم و عملهم , و كما يطلبه المماليك . و هؤلاء جهال ضلال : فإن الله لم يأمر العباد بما أمرهم به حاجة إليه , و لا نهاهم عما نهاهم عنه بخلا به , و لكن أمرهم بما فيه صلاحهم , و نهاهم عما فيه فسادهم . و هو سبحانه كما قال : " يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني , و لن تبلغوا نفعي فتنفعوني " . فالملك إذا أمر مملوكيه بأمر أمرهم لحاجته إليهم , و هم فعلوه بقوتهم التي لم يخلقها لهم فيطالبون بجزاء ذلك , و الله تعالى غني عن العالمين , فإن أحسنوا أحسنوا لأنفسهم , و إن أساءوا فلها . لهم ما كسبوا , و عليهم ما اكتسبوا , *( من عمل صالحا فلنفسه , و من أساء فعليها و ما ربك بظلام للعبيد )* " . انتهى كلام شيخ الإسلام رحمه الله منقولا من " مجموعة الفتاوى " ( 8 / 70 - 71 ) و مثله في " مفتاح دار السعادة " لتلميذه المحقق العلامة ابن قيم الجوزية ( ص 9 - 10 ) و " تجريد التوحيد المفيد " ( ص 36 - 43 ) للمقريزي . 2603 " اللهم اغفر لي و تب علي إنك أنت التواب الغفور [ مائة مرة ] " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 200 : أخرجه ابن أبي شيبة في " المسند " ( 2 / 71 / 1 ) : ابن فضيل و ابن إدريس عن حصين عن هلال بن يساف عن زاذان قال : أخبرنا # رجل من الأنصار # قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في دبر الصلاة .. فذكره , إلا أنه قال : " أنت التائب أو التواب " , هكذا بالشك , و لعل الصواب ما أثبته في الأعلى , فقد تابعه شعبة عن حصين به دون شك , و زاد : " مائة مرة " , إلا أنه قال : " في صلاة " , بدل قوله : " في دبر الصلاة " . أخرجه أحمد ( 5 / 371 ) : حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة به . قلت : و هذا إسناد صحيح , رجاله كلهم ثقات على شرط الشيخين غير هلال بن يساف و زاذان - و هو الكندي مولاهم الكوفي - و هما من رجال مسلم . 2604 " الناس أربعة و الأعمال ستة , فالناس : 1 - موسع عليه في الدنيا و الآخرة , 2 - و موسع له في الدنيا مقتور عليه في الآخرة , 3 - و مقتور عليه في الدنيا موسع عليه في الآخرة , 4 - و شقي في الدنيا و الآخرة . و الأعمال : 1 و 2 - موجبتان , 3 و 4 - و مثل بمثل , 5 - و عشرة أضعاف , 6 - و سبعمائة ضعف . 1 و 2 - فالموجبتان : من مات مسلما مؤمنا لا يشرك بالله شيئا , فوجبت له الجنة . و من مات كافرا وجبت له النار . 3 و 4 - و من هم بحسنة فلم يعملها , فعلم الله أنه قد أشعرها قلبه و حرص عليها كتبت له حسنة . و من هم بسيئة لم تكتب عليه , و من عملها كتبت واحدة , و لم تضاعف عليه . 5 - و من عمل حسنة كانت له بعشر أمثالها . 6 - و من أنفق نفقة في سبيل الله كانت له بسبعمائة ضعف " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 201 : أخرجه أحمد ( 4 / 345 ) و ابن حبان ( 31 ) عن شيبان بن عبد الرحمن , و ابن أبي شيبة في " مسنده " ( 2 / 38 / 2 ) عن زائدة عن الركين بن الربيع عن أبيه عن عمه - و هو يسير بن عميلة - عن #خريم بن فاتك الأسدي # أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : فذكره , و السياق لأحمد . قلت : و هذا إسناد صحيح , و الربيع والد الركين , وثقه ابن معين و غيره و هو مترجم في " الجرح و التعديل " . و خالفهما المسعودي فقال : عن الركين بن الربيع عن رجل عن خريم ... أخرجه أحمد ( 4 / 321 ) . و المسعودي ضعيف لاختلاطه . و مسلمة بن جعفر - من بجيلة - و سكت عنه , و قال الذهبي : " قلت : و مسلمة تعبت عليه , فلم أعرفه " . قلت : ترجمه ابن أبي حاتم ( 4 / 1 / 267 ) من روايته عن الركين بن الربيع و غيره . و عنه جمع , و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا . و كذلك صنع البخاري . و قال في " اللسان " ( 6 / 33 ) : " يجهل , و قال الأزدي : ضعيف " . و ذكره ابن حبان في " الثقات " ( 9 / 180 ) . و الجملة الأخيرة من الحديث أخرجها الحاكم أيضا من الوجه الأول , و قال : " صحيح الإسناد " . و وافقه الذهبي . و أخرجها الترمذي أيضا و النسائي كما في " الترغيب " , فراجع تعليقي عليه ( 2 / 156 ) . 2605 " و من قعد فلا حرج . يقوله المؤذن في آخر أذانه في اليوم البارد " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 203 : أخرجه ابن أبي شيبة في " المسند " ( 2 / 5 / 2 ) : أخبرنا خالد بن مخلد قال : حدثني سليمان بن بلال قال : حدثني يحيى بن سعيد قال : أخبرني محمد بن إبراهيم بن الحارث ( الأصل : بن نعيم بن الحارث ) عن نعيم النحام - من بني عدي بن كعب - قال : نودي بالصبح في يوم بارد و أنا في مرط امرأتي , فقلت : ليت المنادي ينادي و من قعد فلا حرج , فنادى منادي النبي صلى الله عليه وسلم : فذكره . قلت : و هذا إسناد صحيح عزيز على شرط الشيخين . و أخرجه البيهقي ( 1 / 398 ) من طريق ابن أبي أويس : حدثني سليمان بن بلال به , و زاد : " و ذلك في زمن النبي صلى الله عليه وسلم في آخر أذانه " . و قال : " تابعه الأوزاعي عن يحيى بن سعيد إلا أنه قال : فلما قال : الصلاة خير من النوم , قال : و من قعد فلا حرج " . قلت : هذه الزيادة رواها هشام بن عمار : حدثنا عبد الحميد بن حبيب بن أبي العشرين حدثنا الأوزاعي به . أخرجه البيهقي . و هشام و عبد الحميد فيهما ضعف . و إلى هذا يشير الهيثمي بقوله بعد أن ساقه بهذه الزيادة : " رواه الطبراني في الكبير , و رجاله موثقون خلا شيخ الطبراني عبد الله بن وهيب الغزي <1>فلم أعرفه " . و مما يؤكد ضعفها عدم ورودها في طرق الحديث الأخرى , فقال عبد الرزاق في " المصنف 1>" ( 1926 ) و عنه أحمد ( 4 / 220 ) : عن معمر عن عبيد بن عمير عن شيخ قد سماه عن نعيم بن النحام به نحوه دونها . و رجاله ثقات رجال الشيخين غير الشيخ الذي لم يسم , و هو صحابي أو تابعي كبير , فإن عبيد بن عمير الراوي عنه من كبار التابعين , ولد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم , و لعله الأول , فقد قال عبد الرزاق ( 1927 ) عقبه : عن ابن جريج عن نافع عن عبد الله بن عمر عن نعيم بن النحام به نحوه . دون الزيادة . و من طريق عبد الرزاق أخرجه الحاكم ( 3 / 259 ) و قال : " صحيح الإسناد " . و وافقه الذهبي , و هو كما قالا , بل هو على شرط الشيخين إن كان ابن جريج سمعه من نافع و لم يدلس . لكن تابعه عمر بن نافع عن نافع به . أخرجه ابن قانع كما في " الإصابة " , و قال في " الفتح " ( 2 / 98 - 99 ) : " أخرجه عبد الرزاق و غيره بإسناد صحيح " . و خالف إسماعيل بن عياش سليمان بن بلال في إسناده , فقال : حدثني يحيى بن سعيد قال : أخبرني محمد بن يحيى بن حبان عن نعيم بن النحام ... أخرجه أحمد . قلت : و رواية إسماعيل عن المدنيين ضعيفة , و هذه منها , لاسيما و قد خالفه سليمان بن بلال و كذا الأوزاعي كما تقدم , و تابعهما إبراهيم بن طهمان كما ذكر الحافظ رحمه الله تعالى . ( فائدة ) : في هذا الحديث سنة هامة مهجورة من كافة المؤذنين - مع الأسف - و هي من الأمثلة التي بها يتضح معنى قوله تبارك و تعالى : *( و ما جعل عليكم في الدين من حرج )* , ألا و هي قوله عقب الأذان : " و من قعد فلا حرج " , فهو تخصيص لعموم قوله في الأذان : " حي على الصلاة " المقتضى لوجوب إجابته عمليا بالذهاب إلى المسجد و الصلاة مع جماعة المسلمين إلا في البرد الشديد و نحوه من الأعذار . و في ذلك أحاديث أخرى منها حديث ابن عمر : " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر مؤذنا يؤذن , ثم يقول في أثره : " ألا صلوا في الرحال " . في الليلة الباردة أو المطيرة في السفر " . متفق عليه , و لم يذكر بعضهم " في السفر " <2>و هي رواية الشافعي في " الأم " ( 1 / 76 ) و قال عقبه : " و أحب للإمام أن يأمر بهذا إذا فرغ المؤذن من أذانه . و إن قاله في أذانه فلا بأس عليه " . و حكاه النووي في " المجموع " ( 3 / 129 - 131 ) عن الشافعي , و عن جماعة من أتباعه , و ذكر عن إمام الحرمين أنه استبعد قوله : " في أثناء الأذان " , ثم رده بقوله : " و هذا الذي ليس ببعيد بل هو السنة , فقد ثبت ذلك في حديث ابن عباس أنه قال لمؤذن في يوم مطير - و هو يوم جمعة - : " إذا قلت : أشهد أن محمدا رسول الله , فلا تقل : حي على الصلاة , قل : صلوا في بيوتكم " . رواه الشيخان " . قلت : و هو مخرج في " الإرواء " أيضا ( 554 ) . و نقل الحافظ في " الفتح " ( 2 / 98 ) عن النووي بعد أن حكى عنه جواز هذه الزيادة في الأذان و آخره أنه قال : " لكن بعده أحسن ليتم نظم الأذان " . و لم أره في " المجموع " . و الله أعلم . و اعلم أن في السنة رخصة أخرى , و هي الجمع بين الصلاتين للمطر جمع تقديم , و قد عمل بها السلف , و فصلت القول فيها في غير ما موضع , و من ذلك ما سيأتي تحت الحديث ( 2837 ) و هذه الرخصة كالمتممة لما قبلها , فتلك و الناس في بيوتهم , و هذه و هم في المسجد و الأمطار تهطل , فالرخصة الأولى أسقطت عنهم فرضية الصلاة الأولى في المسجد , و الرخصة الأخرى أسقطت عنهم فرضية أداء الصلاة الأخرى في وقتها , بجمعهم إياها مع الأولى في المسجد . و صدق الله القائل : *( و من أحسن من الله حكما لقوم يوقنون )* . ----------------------------------------------------------- [1] الأصل ( العري ) بالإهمال , و التصحيح من " المعجم الصغير " ( 1108 / الروض النضير ) و " الأوسط " و له فيه ثمانية أحاديث ( 4534 - 4542 بترقيمي ) و شيخه فيها ( محمد بن المتوكل بن أبي السري العسقلاني ) و في الرواة عنه ذكره المزي لكن باختلاف يسير , فقال : " و أبو العباس عبد الله بن محمد بن وهيب الجذامي الغزي " . و المفروض أن يكون ابن عساكر ترجم له في " تاريخ دمشق " لكن في النسخة خرم . و الله أعلم . [2] و هو مخرج في " الإرواء " ( 2 / 339 - 344 ) . 2606 " كان يعرض يوما خيلا و عنده عيينة بن حصن بن بدر الفزاري , فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنا أفرس بالخيل منك . فقال عيينة : و أنا أفرس بالرجال منك ! فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : و كيف ذاك ? قال : خير الرجال رجال يحملون سيوفهم على عواتقهم , جاعلين رماحهم على مناسج خيولهم , لابسو البرود من أهل نجد , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كذبت , بل خير الرجال رجال أهل اليمن , و الإيمان يمان إلى لخم و جذام و عاملة , و مأكول حمير خير من آكلها , و حضرموت خير من بني الحارث , و قبيلة خير من قبيلة , و قبيلة شر من قبيلة , والله ما أبالي أن يهلك الحارثان كلاهما , لعن الله الملوك الأربعة : جمداء و مخوساء و مشرخاء و أبضعة , و أختهم العمردة . ثم قال : أمرني ربي عز وجل أن ألعن قريشا مرتين , فلعنتهم . و أمرني أن أصلي عليهم , فصليت عليهم مرتين . ثم قال : عصية عصت الله و رسوله غير قيس و جعدة و عصية <1>1>. ثم قال : لأسلم و غفار و مزينة و أخلاطهم من جهينة , خير من بني أسد و تميم و غطفان و هوازن عند الله عز وجل يوم القيامة . ثم قال : شر قبيلتين في العرب نجران و بنو تغلب , و أكثر القبائل في الجنة مذحج و مأكول " . ----------------------------------------------------------- [1] كذا الأصل , و كذا في " جامع المسانيد " ( 10 / 19 ) و " المجمع " , و لم يتبين لي وجه استثنائه بعد إثباته ! . اهـ . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 208 : أخرجه الإمام أحمد ( 4 / 387 ) : حدثنا أبو المغيرة حدثنا صفوان بن عمرو حدثني شريح بن عبيد عن عبد الرحمن بن عائذ الأزدي عن #عمرو بن عبسة السلمي #قال : فذكره . قلت : و هذا إسناد صحيح , رجاله كلهم ثقات . ثم رواه أحمد من طريق يزيد بن يزيد بن جابر عن رجل عن عمرو بن عبسة به مختصرا دون قوله : " ثم قال : أمرني ربي أن ألعن قريشا ... " . و رجاله ثقات . و أخرج منه ابن أبي خيثمة في " التاريخ " ( 2 / 10 / - مخطوطة الرباط ) من طريق أبي حمزة العبسي عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير و راشد بن سعد عن جبير بن نفير عن عمرو بن عبسة قوله : " لأسلم و غفار ... " إلى آخره دون ذكر القبيلتين . و رجاله ثقات غير أبي حمزة العبسي فلم أعرفه . ثم تبين أن الصواب ( العنسي ) بالنون الساكنة , و اسمه عيسى بن سليم الحمصي , و هو صدوق من رجال مسلم . و الحديث أورده الهيثمي ( 10 / 43 ) بتمامه و قال : " رواه أحمد متصلا و مرسلا و الطبراني , و رجال الجميع ثقات " . و القدر الذي أخرجه ابن أبي خيثمة له شاهد من حديث أبي هريرة مرفوعا به دون قوله أيضا : " و أكثر القبائل في الجنة مذحج و مأكول " . أخرجه مسلم ( 7 / 179 ) . 2607 " لا تستبطئوا الرزق , فإنه لم يكن عبد ليموت حتى يبلغ آخر رزق هو له , فأجملوا في الطلب : أخذ الحلال و ترك الحرام " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 209 : أخرجه أبو عبد الله الرازي في " مشيخته " ( ق 149 / 1 - مجموع 33 ) و ابن حبان في " صحيحه " ( 1084 و 1085 - موارد ) و الحاكم ( 2 / 4 ) و البيهقي في " السنن " ( 5 / 264 ) من طرق عن عبد الله بن وهب : أخبرني عمرو بن الحارث عن سعيد ابن أبي هلال عن محمد بن المنكدر عن # جابر بن عبد الله # أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فذكره . و قال الحاكم : " صحيح على شرط الشيخين " . و وافقه الذهبي . قلت : و هو كما قالا , لولا ما يخشى من اختلاط سعيد بن أبي هلال , إلا أن هذه الخشية غير واردة هنا لمجيء الحديث من طريق أخرى . فقد أخرجه ابن ماجه ( 2144 ) و الحاكم و البيهقي من طريقين عن ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر بلفظ : " إن أحدكم لن يموت حتى يستكمل رزقه , فلا تستبطئوا الرزق , و اتقوا الله أيها الناس و أجملوا في الطلب , خذوا ما حل و دعوا ما حرم " . و قال الحاكم : " صحيح على شرط مسلم " . و وافقه الذهبي . و أقول : هو كما قالا , فقد أمنا تدليس أبي الزبير و صاحبه بتصريحهما بالتحديث في رواية حجاج بن محمد : أخبرنا ابن جريج : أخبرني أبو الزبير سمع جابر بن عبد الله به . أخرجه السلفي في " الطيوريات " , و علقه البيهقي . و لبعضه شاهد من حديث أبي حميد الساعدي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " أجملوا في طلب الدنيا , فإن كلا ميسر لما كتب له منها " . أخرجه الحاكم و البيهقي من طريق الربيع بن سليمان : حدثنا عبد الله بن وهب : أبنا سليمان بن بلال : حدثني ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن عبد الملك بن سعيد بن سويد عنه . و قال الحاكم : " صحيح على شرط الشيخين " . و وافقه الذهبي . قلت : و إنما هو على شرط مسلم وحده , فإن عبد الملك هذا لم يخرج له البخاري شيئا . و تابعه هشام بن عمار : حدثنا إسماعيل بن عياش عن عمارة بن غزية عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن به بلفظ : " لما خلق له منها " . أخرجه ابن ماجه ( 2142 ) و القضاعي في " مسند الشهاب " ( ق 60 / 2 ) و لم يقع عند ابن ماجه : " منها " . ثم وقفت على متابع لابن أبي هلال , يرويه وهب بن جرير : حدثنا شعبة عن ابن المنكدر به : أخرجه أبو نعيم في " الحلية " ( 3 / 156 و 7 / 158 ) عن إسحاق بن بنان : حدثنا حبيش ابن مبشر : حدثنا وهب بن جرير به . و قال : " غريب من حديث شعبة , تفرد به حبيش عن وهب " . قلت : وهب ثقة من رجال الشيخين . و حبيش ثقة من رجال " التهذيب " . و أما إسحاق بن بنان , فله ترجمة في " تاريخ بغداد " ( 6 / 390 - 391 ) و روى عن الدارقطني أنه ثقة . فصح الإسناد و الحمد لله . 2608 " والذي نفسي بيده إني لأرى لحمه بين أنيابكما . يعني لحم الذي استغاباه " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 211 : أخرجه الخرائطي في " مساوئ الأخلاق " ( 186 ) و الضياء المقدسي في " المختارة " ( 2 / 33 / 2 ) من طرق عن أبي بدر عباد بن الوليد الغبري : حدثنا حبان ابن هلال حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت البناني عن #أنس بن مالك #قال : " كانت العرب تخدم بعضها بعضا في الأسفار , و كان مع أبي بكر و عمر رجل يخدمهما , فناما , فاستيقظا , و لم يهيئ لهما طعاما , فقال أحدهما لصاحبه : إن هذا ليوائم نوم نبيكم صلى الله عليه وسلم ( و في رواية : ليوائم نوم بيتكم ) فأيقظاه فقالا : ائت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقل له : إن أبا بكر و عمر يقرئانك السلام , و هما يستأدمانك . فقال : أقرهما السلام , و أخبرهما أنهما قد ائتدما ! ففزعا , فجاءا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالا : يا رسول الله ! بعثنا إليك نستأدمك , فقلت : قد ائتدما . فبأي شيء ائتدمنا ? قال : بلحم أخيكما , والذي نفسي ( فذكره ) قالا : فاستغفر لنا , قال : هو فليستغفر لكما " . قلت : و هذا إسناد صحيح , رجاله كلهم ثقات رجال مسلم غير أبي بدر الغبري , قال أبو حاتم و تبعه الحافظ : " صدوق " . و ذكره ابن حبان في " الثقات " . و روى عنه جمع من الحفاظ الثقات , و قد توبع , فقال الضياء عقبه : " و قد رواه عفان بن مسلم عن حماد بن سلمة عن ثابت عن عبد الرحمن بن أبي يعلى : أن العرب كانت تخدم بعضهم بعضا في الأسفار . فذكره . قيل : ( الموائمة ) : الموافقة , و معناه أن هذا النوم يشبه نوم البيت لا نوم السفر , عابوه بكثرة النوم " . و له شاهد مرسل في " التوبيخ " ( 243 ) عن السدي , و هو إسماعيل بن عبد الرحمن . و السند إليه ضعيف . 2609 " لا يدخل الجنة جسد غذي بالحرام " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 212 : أخرجه أبو يعلى ( 1 / 29 ) و عنه ابن عدي ( 304 / 2 ) و ابن حبان في " الضعفاء " ( 2 / 155 ) و عبد بن حميد في " مسنده " ( 2 / 1 ) و أبو بكر المروزي في " مسنده " ( رقم 51 و 52 ) و البزار ( ص 328 ) و الحاكم ( 4 / 127 ) من طريق عبد الواحد بن زيد عن أسلم الكوفي عن مرة الطيب عن زيد بن أرقم عن # أبي بكر الصديق # مرفوعا . و في رواية لأبي يعلى عنه عن فرقد السبخي عن مرة الطيب به . و قال ابن عدي : " و قال البخاري : عبد الواحد بن زيد تركوه . و قال ابن معين : ليس بشيء . و قال السعدي : ليس من معادن الصدق " . و قال النسائي : " ليس بثقة " . و لذلك قال الهيثمي عقب الحديث في " الزوائد " : " عبد الواحد ضعيف جدا " . و قال في " مجمع الزوائد " ( 10 / 293 ) : " رواه أبو يعلى و البزار و الطبراني في " الأوسط " , رجال أبي يعلى ثقات , و في بعضهم خلاف " . كذا قال ! و قد عرفت أن رجال أبي يعلى هم رجال البزار و لا فرق إلا في روايته الأخرى , فقد جعل عبد الواحد شيخه فيها فرقدا السبخي مكان أسلم الكوفي في الرواية الأولى , و مدار الروايتين على عبد الواحد و هو ممن لا خلاف في ضعفه , اللهم إلا عند ابن حبان فإنه مع إيراده إياه في " الضعفاء " و قال فيه : " كان ممن يغلب عليه العبادة حتى غفل عن الإتقان فكثرت المناكير في روايته فبطل الاحتجاج به " . ثم ساق له هذا الحديث . أقول : فهو مع ذلك كله أورده في " الثقات " أيضا ! قال الحافظ : " فما أجاد " . أقول : فما أظن أن هذا هو البعض الذي قال الهيثمي : " فيه خلاف " . نعم , يمكن أن يكون قصد به فرقدا , فإن فيه خلافا للجمهور من ابن معين و نحوه , فإنهم ضعفوه , إلا ابن معين في رواية . و هب أن الراجح أنه ثقة فما فائدة ذلك و الراوي عنه هو عبد الواحد بن زيد ?! ( تنبيه ) : لفظ الحديث عند الحاكم و هو رواية لابن عدي : " كل لحم نبت من السحت فالنار أولى به " . قلت : و نحو ما تقدم عن الهيثمي قول المنذري ( 3 / 15 ) : " رواه أبو يعلى و البزار و الطبراني في " الأوسط " و البيهقي , و بعض أسانيدهم حسن " . قلت : فلعل التحسين المذكور هو بالنسبة لإسناد " الأوسط " و البيهقي , فإني لست أطولهما . ثم رأيت الحديث عند البيهقي في " شعب الإيمان " , فإذا هو عنده ( 2 / 173 / 2 ) من طريق عبد الواحد بن زيد عن أسلم الكوفي به ! فلم يبق إلا النظر في إسناد " الأوسط " , و ما أظنه إلا من هذا الوجه , فأرجو أن ييسر لي الوقوف عليه . لكن الحديث عندي صحيح , فإن له شواهد , أقواها حديث جابر بن عبد الله يرويه عنه عبد الرحمن بن سابط : حدثني جابر بن عبد الله قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " يا كعب بن عجرة ! إنه لا يدخل الجنة من نبت لحمه من سحت , النار أولى به . يا كعب بن عجرة ... " الحديث . أخرجه الدارمي ( 2 / 318 ) و ابن حبان ( 1569 و 1570 ) و الحاكم ( 4 / 127 ) و البيهقي في " الشعب " ( 2 / 173 / 2 ) و السياق له , و لأحمد ( 3 / 399 و 321 ) عن عبد الله بن عثمان بن خثيم عنه . قلت : و هذا إسناد جيد على شرط مسلم , و قد صرح ابن سابط فيه بسماعه إياه من جابر , ففيه رد لما جاء في ترجمته عن ابن معين أنه قال : لم يسمع منه . و له طريقان آخران عن جابر . أحدهما عند البيهقي , و الآخر عند الترمذي ( 1 / 119 ) و قال : " حديث حسن غريب من هذا الوجه " . ثم وقفت على إسناده في " المعجم الأوسط " ( 2 / 65 / 1 ) فإذا هو فيه كما في " الشعب " ! 2610 " من خاف أن لا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله , و من طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل , فإن صلاة آخر الليل مشهودة , و ذلك أفضل " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 215 : أخرجه مسلم ( 2 / 174 - 175 ) و أبو عوانة ( 2 / 317 ) و الترمذي ( 456 ) و ابن ماجه ( 1 / 360 ) و كذا عبد الرزاق في " المصنف " ( 4623 ) و ابن نصر في " قيام الليل " ( ص 116 ) و ابن الجارود في " المنتقى " ( 269 ) و ابن خزيمة ( 1086 ) و البيهقي ( 3 / 35 ) و أحمد ( 3 / 389 ) من طريق عبد الرزاق , كلهم عن الأعمش عن أبي سفيان عن #جابر #قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره . و تابعه أبو الزبير عن جابر به نحوه . أخرجه مسلم و أبو عوانة و البيهقي من طريق معقل بن عبيد الله عنه به . و تابعه ابن لهيعة عن أبي الزبير قال : سألت جابرا عن الرجل يوتر عشاء ثم يرقد ? قال جابر : فذكره . أخرجه أحمد ( 3 / 348 ) . 2611 " 1 - أيما امرئ مسلم أعتق امرأ مسلما كان فكاكه من النار , يجزي كل عضو منه عضوا منه , 2 - و أيما امرئ مسلم أعتق امرأتين مسلمتين كانتا فكاكه من النار , يجزي كل عضو فيهما عضوا منه . 3 - و أيما امرأة مسلمة أعتقت امراة مسلمة كانت فكاكها من النار , يجزي كل عضو منها عضوا منها " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 215 : أخرجه الترمذي ( 1 / 292 ) من طريق عمران بن عيينة - هو أخو سفيان - عن حصين عن سالم بن أبي الجعد عن #أبي أمامة و غيره من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم # عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : فذكره . و قال : " حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه " . ثم قال : " و في الحديث ما يدل على أن عتق الذكور للرجال أفضل من عتق الإناث لقوله صلى الله عليه وسلم : من أعتق امرأ مسلما كان فكاكه من النار , يجزي كل عضو منه عضوا منه . الحديث صح في طرقه " . قلت : لكن مدار جل طرقه على سالم بن أبي الجعد , و قد اختلف عليه في إسناده على وجوه : الأول : هذا , جعله من مسند أبي أمامة , و قد تفرد به عمران بن عيينة , و فيه كلام من قبل حفظه , و قد أشار لذلك الحافظ بقوله : " صدوق له أوهام " . فتصحيح حديثه غير مقبول , و حسبه التحسين إذا لم يخالف . الثاني : قال أبو داود الطيالسي في " مسنده " ( 1198 ) : حدثنا شعبة عن عمرو بن مرة قال : سمعت سالم بن أبي الجعد عن شرحبيل بن السمط قال : قيل لكعب بن مرة أو مرة بن كعب البهزي : حدثنا حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم لله أبوك , و احذر , قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره نحوه . و من طريق الطيالسي أخرجه البيهقي ( 10 / 272 ) . و أخرجه أبو داود في " سننه " ( 3967 ) و الطحاوي في " المشكل " ( 1 / 312 ) و أحمد ( 4 / 235 ) و عبد بن حميد في " المنتخب " ( ق 56 - 57 ) من طرق أخرى عن شعبة به . و عزاه الحافظ في " الفتح " ( 5 / 104 ) للنسائي , و قال : " إسناده صحيح , و مثله للترمذي من حديث أبي أمامة , و للطبراني من حديث عبد الرحمن بن عوف , و رجاله ثقات " . قلت : لم أره في " صغرى النسائي " فلعله في " الكبرى " له , و في توثيق رجال الطبراني نظر يأتي بيانه . و كذا في قوله : " إسناده صحيح " , إذا كان إسناده من الوجه المذكور , فقد أعله أبو داود عقب إخراجه إياه بالانقطاع , فقال : " سالم لم يسمع من شرحبيل , مات شرحبيل بـ ( صفين ) " . ثم رأيته في " كبرى النسائي " ( 3 / 170 / 4883 ) من هذا الوجه . و قد نقل الحافظ في " التهذيب " وفاته بصفين عن أبي داود , لكنه ذكر قبيله عن صاحب " تاريخ حمص " أنه توفي بـ ( سلمية ) سنة ( 36 ) . و عن يزيد بن عبد ربه : أنه مات سنة ( 40 ) و هذا أكثر ما قيل في وفاته , و هو الذي اعتمده ابن الأثير في " أسد الغابة " فلم يذكر غيره . و إذا كان كذلك , و كان معلوما أن عليا رضي الله عنه توفي سنة ( 40 ) أيضا , فإنه يؤيد الانقطاع الذي قاله أبو داود ما نقله الحافظ أيضا في ترجمة سالم بن أبي الجعد عن أبي زرعة أنه قال : " سالم بن أبي الجعد عن عمر , و عثمان , و علي , مرسل " . و كذلك يؤيده ما نقله عن أبي حاتم أنه قال : " سالم لم يدرك ثوبان " . مع أن ثوبان تأخرت وفاته إلى سنة ( 54 ) . و بالجملة فالإسناد منقطع , فتصحيح الحافظ له هفوة منه , عفا الله عنا و عنه . هذا , و قد تابع شعبة الأعمش , فقال أحمد ( 4 / 235 ) : حدثنا أبو معاوية : حدثنا الأعمش عن عمرو بن مرة به , إلا أنه لم يذكر الفقرة الثالثة من حديث الترجمة . و كذلك أخرجه ابن ماجه ( 2522 ) و الطحاوي ( 1 / 311 ) من طريق أخرى عن أبي معاوية . و قد تابعه سليم بن عامر عن شرحبيل بالفقرة الأولى , و قد سبق تخريجه برقم ( 1756 ) و أخرجه النسائي ( 4885 ) . و له متابع آخر ذكرته هناك . الثالث : قال قتادة : عن سالم بن أبي الجعد عن معدان بن أبي طلحة اليعمري عن أبي نجيح السلمي مرفوعا به . إلا أنه لم يذكر الفقرة الثانية منه . أخرجه أبو داود ( 3965 ) و النسائي في " الكبرى " ( 3 / 169 / 4879 ) و الطحاوي ( 1 / 312 ) و الطيالسي ( 1154 ) و عنه البيهقي , و أحمد ( 4 / 113 و 384 ) عن هشام بن أبي عبد الله عنه . و تابعه عبد الصمد عن قتادة به . و أبو نجيح اسمه عمرو بن عبسة رضي الله عنه . أخرجه ابن حبان ( 1208 ) . قلت : و هذا إسناد متصل صحيح على شرط مسلم , و هذا الوجه هو الأصح من كل الوجوه المتقدمة إن شاء الله تعالى . و للفقرة الأولى و الثانية شاهد من حديث أيوب عن أبي قلابة أن شرحبيل بن حسنة قال : هل من رجل يحدثنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ? فقال عمرو بن عبسة : أنا . قال : اتق الله و احذر . قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : فذكرهما . إلا أنه قال في الفقرة الثانية : " و من أعتق رقبتين فهما فداؤه .. " . قال أيوب : فحسبته يعني امرأتين . أخرجه الطحاوي ( 1 / 313 ) . قلت : و إسناده صحيح إن سلم من تدليس أبي قلابة , و ما قاله أيوب تؤيده الروايات السابقة , فإنها صريحة في ذلك . و الله أعلم . و للحديث شاهد بفقراته الثلاثة من حديث عبد الرحمن بن عوف مرفوعا . أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 1 / 16 / 2 ) : حدثنا عمرو بن إسحاق بن إبراهيم بن العلاء بن زبريق الحمصي : حدثني جدي إبراهيم بن العلاء : حدثني عمي الحارث بن الضحاك : حدثني منصور بن المعتمر قال : سمعت محمد بن المنكدر يحدث عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبيه مرفوعا به في حديث له أوله : " سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم : أي الليل أسمع ? ... " . قال المنذري ( 3 / 62 ) : " رواه الطبراني , و لا بأس برواته , إلا أن أبا سلمة بن عبد الرحمن لم يسمع من أبيه " . و نحوه قول الهيثمي ( 4 / 243 ) : " رواه الطبراني , و أبو سلمة لم يسمع من أبيه , و بقية رجاله حديثهم حسن " . و دونه قول الحافظ المتقدم : " و رجاله ثقات " ! قلت : و في ذلك نظر من وجوه : 1 - الانقطاع الذي صرح به المنذري ثم الهيثمي , و قد نقله الحافظ في " التهذيب " عن جمع من الأئمة المتقدمين كأحمد و غيره . 2 - الحارث بن الضحاك لم أعرفه , و لم أجد أحدا ترجم له , حتى ابن عساكر في " تاريخ دمشق " , بل و لم يذكره هو , و لا المزي في شيوخ ابن أخيه إبراهيم بن العلاء بن الضحاك . 3 - عمرو بن إسحاق بن إبراهيم بن العلاء , لم أجد له ترجمة أيضا , و لا في " التاريخ " , و إنما ذكره في جملة الرواة عن جده إبراهيم بن العلاء . و في الحديث فضيلة عتق العبيد , و تفضيل عتق الذكر على عتق الأنثى , و قد بين وجه ذلك الحافظ ابن حجر في " الفتح " , فليراجعه من شاء . نسأل الله تعالى أن يأتي يوم يتمكن فيه المسلمون من القيام بهذه الفضيلة , و لن يكون ذلك إلا بعد أن يعودوا إلى دينهم , فهما سليما و عملا صحيحا , و بذلك يستأنفون الحياة الإسلامية , و تقوم لهم دولتهم المنشودة , و عسى أن يكون ذلك قريبا . 2612 " انظري أين أنت منه ( يعني الزوج ) , فإنه جنتك و نارك " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 220 : أخرجه النسائي في " الكبرى " ( ق 86 / 2 - عشرة النساء ) و أحمد ( 4 / 341 و 6 / 419 ) و الحميدي ( 355 ) و عنه الحاكم ( 2 / 189 ) و عن هذا البيهقي ( 7 / 291 ) و ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 7 / 47 / 1 ) و الطبراني في " الأوسط " ( 1 / 170 / 1 ) من طرق عن يحيى بن سعيد الأنصاري أن بشير بن يسار أخبره أن #حصين بن محصن أخبره عن عمة له # أنها دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم لبعض الحاجة , فقضى حاجتها , فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : أذات زوج أنت ? قالت : نعم . قال : كيف أنت له ? قالت : ما آلوه إلا ما عجزت عنه , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره . و قال الحاكم : " صحيح , و لم يخرجاه " . و وافقه الذهبي , و أقره المنذري ( 3 / 74 ) . قلت : و رجاله ثقات رجال الشيخين غير حصين بن محصن , ذكره ابن حبان في " ثقات التابعين " , لكن ذكره جمع في " الصحابة " , و كأن الحافظ مال إلى ذلك فقال في " التقريب " : " معدود في الصحابة " . 2613 " الإثم حواز القلوب , و ما من نظرة إلا و للشيطان فيها مطمع " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 221 : موقوف . أخرجه البيهقي في " شعب الإيمان " ( 2 / 126 / 2 ) من طريق سعيد بن منصور : حدثنا سفيان عن منصور عن محمد بن عبد الرحمن بن يزيد عن أبيه قال : قال # عبد الله # : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره . قلت : و هذا إسناد صحيح , رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير محمد بن عبد الرحمن بن يزيد - و هو النخعي الكوفي - و هو ثقة اتفاقا , لكن أعل بالوقف , فقال المنذري ( 3 / 65 ) : " رواه البيهقي و غيره , و رواته لا أعلم فيهم مجروحا , لكن قيل : إن صوابه موقوف " . و قال الحافظ العراقي في " تخريج الإحياء " ( 1 / 32 ) : بعد ما عزاه للبيهقي من حديث ابن مسعود : " و رواه العدني في " مسنده " موقوفا عليه " . قلت : و كذلك رواه الطبراني في " المعجم الكبير " ( رقم 8748 ) : حدثنا محمد بن النضر الأزدي : أخبرنا معاوية بن عمرو أخبرنا زائدة عن منصور به موقوفا , و لفظه : " إن الإثم حواز القلوب , فما حز في قلب أحدكم شيء فليدعه " . ثم رواه بالإسناد نفسه موقوفا , إلا أنه جعل الأعمش مكان زائدة , و لفظه لفظ الترجمة , إلا أنه قدم و أخر . قلت : و هذا إسناد صحيح أيضا , فإن محمد بن النضر الأزدي هو محمد بن أحمد بن النضر الأزدي , و قد وثقه عبد الله بن أحمد و محمد بن عبدوس كما في ترجمته من " التاريخ " ( 1 / 364 ) و اللذان فوقه ثقتان من رجال الشيخين , و زائدة هو ابن قدامة , فقد اختلف هو و سفيان - و هو ابن عيينة - في إسناده على منصور - و هو ابن المعتمر الكوفي - فأوقفه زائدة , و رفعه سفيان , و الرفع زيادة من ثقة و هي مقبولة , و ما لم يأت متابع لزائدة على وقفه فلا يسعني إلا أن أرجح الرفع , و كأن المنذري أشار إلى ذلك بقوله : " قيل : إن صوابه موقوف " . و الله أعلم . و الحديث عزاه في " الجامع الكبير " ( 1 / 320 ) لسعيد بن منصور و البيهقي في " شعب الإيمان " عن عبد الله - أظنه ابن مسعود - . قلت : و الظاهر أن هذا الظن من السيوطي , لا مبرر له , فهو ابن مسعود يقينا , لأن عبد الرحمن بن يزيد - و هو النخعي - معروف بالرواية عنه دون غيره من العبادلة . ثم ترجح عندي الوقف حينما رأيت هنادا يقول في " الزهد " ( 2 / 465 / 934 ) : حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن محمد بن عبد الرحمن بن يزيد عن أبي الأحوص قال : قال عبد الله : فذكره موقوفا . قلت : و هذا إسناد صحيح , و متابعة قوية من الأعمش لمنصور , و إن اختلفا في الراوي عن ابن مسعود , فقال الأول : إنه عبد الرحمن بن يزيد , و قال الأعمش : أبو الأحوص , و اسمه عوف بن مالك . و لا مانع من أن يكون لمحمد بن عبد الرحمن بن يزيد شيخان فيه . و يؤيده أن زائدة رواه أيضا عن الأعمش مثل رواية أبي معاوية . أخرجه الطبراني ( رقم 8749 ) . و كذلك رواه أبو يحيى الحماني عن حبيب بن حسان ( الأصل : سنان ) الأسدي قال : سمعت أبا وائل يقول : ... أخرجه البيهقي ( 7277 ) . لكن حبيب بن حسان هذا متروك فلا يشتغل به . ( تنبيه ) : " حواز " أو " حواز " بتشديد الزاي أو الواو . قال ابن الأثير : " هي الأمور التي تحز فيها , أي تؤثر , كما يؤثر الحز في الشيء , و هو ما يخطر فيها من أن تكون معاصي لفقد الطمأنينة إليها , و هي بتشديد الزاي , جمع حاز . و رواه شمر : " الإثم حواز القلوب " بتشديد الواو , أي يحوزها و يتملكها , و يغلب عليها , و يروى " الإثم حزاز القلوب " بزايين , الأولى مشددة , و هي فعال من الحز " . 2614 " من أقال أخاه بيعا أقال الله عثرته يوم القيامة " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 223 : أخرجه الطبراني في " الأوسط " ( 1 / 140 / 2 ) : حدثنا أحمد بن يحيى الحلواني حدثنا سعيد بن سليمان عن شريك عن عبد الملك بن أبي بشير عن #أبي شريح #قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره . و قال : " لم يروه عن عبد الملك إلا شريك " . قلت : و هو ابن عبد الله القاضي , و هو صدوق لكنه سيىء الحفظ , و سائر رواته كلهم ثقات , إلا أنه منقطع , فإن عبد الملك بن أبي بشير إنما روايته عن التابعين . و سعيد بن سليمان هو الضبي الواسطي . و الحلواني له ترجمة في " تاريخ بغداد " , و أبو شريح هو الخزاعي الكعبي اسمه خويلد بن عمرو على المشهور , و هو صحابي معروف أسلم يوم الفتح . و للحديث شاهد يتقوى به من حديث أبي هريرة , صححه ابن حبان و الحاكم و غيرهما , و هو مخرج في " المشكاة " ( 2881 ) و " الإرواء " ( 1334 ) و غيرهما . 2615 " نعم و عليك بالماء " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 224 : أخرجه الطبراني في " الأوسط " ( 1 / 95 / 1 ) : حدثنا موسى بن هارون حدثنا محمد ابن أبي عمر العدني حدثنا مروان بن معاوية عن حميد الطويل عن #أنس # : أن سعدا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ! إن أمي توفيت و لم توص أفينفعها أن أتصدق عنها ? قال , فذكره . و قال : " قال موسى : وهم فيه مروان بمكة , و إنما هو : " عن حميد عن الحسن " يعني مرسلا " . قلت : مروان هذا ثقة اتفاقا , بل تعجب الإمام أحمد من إتقانه و حفظه فقال : " ما كان أحفظه ! " , و احتج به الشيخان , فمثله لا يوهم بمجرد الدعوى . و لذلك لم يلتفت إلى هذا الإعلال الحافظان المنذري في " الترغيب " ( 2 / 53 ) و الهيثمي في " المجمع " ( 3 / 138 ) , فقالا : " رواه الطبراني في " الأوسط " و رواته محتج بهم في ( الصحيح ) " . و أقول : لو جاز لنا التوهيم بالظن لكان نسبة الوهم إلى العدني أولى , و هو محمد بن يحيى بن أبي عمر العدني , فقد تكلم فيه بعضهم , و قال الحافظ في " التقريب " : " صدوق , صنف المسند , لكن قال أبو حاتم : كانت فيه غفلة " . 2616 " كانوا يصلون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم , فإذا ركع ركعوا , و إذا قال : " سمع الله لمن حمده " لم يزالوا قياما حتى يروه قد وضع وجهه ( و في لفظ : جبهته ) في الأرض , ثم يتبعونه " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 225 : أخرجه مسلم ( 2 / 46 ) و أبو داود ( 622 ) و عنه أبو عوانة ( 2 / 179 ) و الطبراني في " الأوسط " ( 2 / 295 / 1 - 2 ) من طرق عن أبي إسحاق الفزاري عن أبي إسحاق الشيباني , حدثنا محارب بن دثار قال : سمعت عبد الله بن يزيد يقول على المنبر : حدثني #البراء بن عازب #- و كان ما علمت غير كذوب - أنهم كانوا ... إلخ و اللفظ الآخر لأبي داود , و السياق للطبراني , و قال : " لم يرو هذا الحديث عن أبي إسحاق الشيباني إلا أبو إسحاق الفزاري " . قلت : و هو إبراهيم بن محمد بن الحارث , إمام ثقة حافظ , له تصانيف , من رجال الشيخين . و أبو إسحاق الشيباني اسمه سليمان بن أبي سليمان ثقة من رجالهما أيضا , فالسند صحيح غاية , و قد تابعه أبو إسحاق السبيعي عند الشيخين و غيرهما , و هو مخرج مع حديث الترجمة عندي في " صحيح أبي داود " ( 631 ) . و له فيه طريق أخرى عن البراء ( 632 ) . و إنما أخرجت الحديث هنا لأمرين : الأول : أن جماهير المصلين يخلون بما تضمنه من التأخر بالسجود حتى يضع الإمام جبهته على الأرض , لا أستثني منهم أحدا حتى من كان منهم حريصا على اتباع السنة , للجهل بها أو الغفلة عنها , إلا من شاء الله , و قليل ما هم . قال النووي رحمه الله في " شرح مسلم " : " في الحديث هذا الأدب من آداب الصلاة , و هو أن السنة أن لا ينحني المأموم للسجود حتى يضع الإمام جبهته على الأرض إلا أن يعلم من حاله أنه لو أخر إلى هذا الحد لرفع الإمام من السجود قبل سجوده . قال أصحابنا رحمهم الله تعالى : في هذا الحديث و غيره ما يقتضي مجموعه أن السنة للمأموم التأخر عن الإمام قليلا بحيث يشرع في الركن بعد شروعه , و قبل فراغه منه " . و الآخر : أنني وجدت للحديث مصدرا جديدا لم أكن قد وقفت عليه من قبل , بل كان في حكم المفقود عندي , ألا و هو " المعجم الأوسط " للإمام الطبراني , فأحببت أن أعرف القراء الكرام بذلك بطريق العزو إليه , لعل أحدا منهم ممن يشاركنا في هذا العلم , و يوجد لديه فراغ من الوقت , يسعى إلى تحقيقه , و إخراجه إلى عالم المطبوعات <1>1>, فإنه غزير المادة جدا , " فيه كل نفيس و عزيز و منكر " كما قال الذهبي في ترجمته من " التذكرة " . و قد صورته الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة , و منها حصلت على نسخة مصورة على الورق في طريقي إلى الحج السنة الماضية ( 1399 ) جزى الله القائمين عليها خيرا . و أنا الآن في صدد ترقيم أحاديثه , و وضع فهارس له , و قد انتهيت منها و الحمد لله , فكانت أربعة : 1 - فهرس رواتها من الصحابة على الحروف , و عددهم قرابة ستمائة , و بجانب اسم الواحد منهم أرقام أحاديثه , و بذلك يتبين المقل منهم من المكثر . 2 - فهرس أسماء رواة الآثار من الصحابة و غيرهم و عددهم نحو الستين , و بجانب الواحد رقم أثره . 3 - فهرس الآثار , و بجانبها أرقامها , و عددها يزيد على المئتين من أصل نحو عشرة آلاف هي مجموع أحاديث الكتاب , و سائرها مرفوعة . 4 - أسماء شيوخ الطبراني , و عددهم قرابة الثمانمئة , و بجانب اسم أحدهم أرقام أحاديثه , و هي تساعد على معرفة المقل منهم من المكثر , و هو مفيد في غير المشهورين منهم . ----------------------------------------------------------- [1] ثم طبع بعد نحو عشر سنوات من كتابة ما تقدم في عشر مجلدات دون أي تخريج أو تحقيق حديثي ! . اهـ . 2617 " اللهم هذه حجة لا رياء فيها و لا سمعة " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 227 : روي من حديث #أنس و ابن عباس و بشر بن قدامة الضبابي # . 1 - أما حديث أنس , فله عنه طريقان : الأولى : من رواية الربيع بن صبيح عن يزيد بن أبان عنه قال : حج رسول الله صلى الله عليه وسلم على رحل رث , و عليه قطيفة لا تساوي أربعة دراهم , فقال : " اللهم اجعله حجا , لا رياء فيه و لا سمعة " . أخرجه الترمذي في " الشمائل " ( ص 191 ) و ابن ماجه ( 2890 ) و ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 4 / 106 ) و ابن سعد في " الطبقات " ( 2 / 177 ) و أبو نعيم في " الحلية " ( 6 / 308 ) . قلت : و هذا إسناد ضعيف , الربيع بن صبيح قال الحافظ : " صدوق سيىء الحفظ , و كان عابدا مجاهدا " . و يزيد بن أبان قريب منه , قال الحافظ : " زاهد ضعيف " . و لذلك جزم الحافظ في " الفتح " ( 3 / 297 ) بأن إسناده ضعيف . قلت : لكن يقويه ما بعده . و الطريق الأخرى : يرويه عليل بن أحمد العنزي : حدثني أبي أحمد بن يزيد بن عليل : أخبرنا أسد بن موسى أخبرنا حماد بن سلمة عن ثابت البناني عنه مرفوعا بلفظ الترجمة . أخرجه الأصبهاني في " الترغيب " ( ص 271 - مصورة الجامعة الإسلامية ) , و عنه الضياء المقدسي في " المختارة " ( 2 / 34 / 2 ) . قلت : و هذه متابعة قوية من ثابت البناني فإنه ثقة , و كذلك اللذان دونه , ثلاثتهم من رجال " التهذيب " . لكن أحمد بن يزيد بن عليل لم أجد له ترجمة سوى ما ذكره شارح " القاموس " ( ع ل ل ) أنه " من شيوخ ابن خزيمة " . و أما ابنه عليل , فقد ذكره ابن حجر في " التبصير " ( 3 / 966 ) و الحافظ بن ناصر الدين في " التوضيح " ( 2 / 170 / 1 ) بروايته عن حرملة و غيره . مات سنة ثلاثمائة . و لم يذكرا فيه جرحا و لا تعديلا , لكن في " الإكمال " ( 6 / 260 ) أنه قال : " و كان ثقة صحيح الكتاب " . 2 - و أما حديث ابن عباس , فيرويه أحمد بن محمد بن أبي بزة : محمد بن يزيد بن خنيس : حدثنا ابن جريج عن عطاء عنه قال : غدا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عرفة من منى , فلما انبعثت به راحلته - و عليها قطيفة قد اشتريت بأربعة دراهم - قال : فذكره . أخرجه الطبراني في " الأوسط " ( 1 / 119 / 2 ) و قال : " لم يروه عن ابن جريج إلا محمد بن يزيد , تفرد به أحمد بن أبي بزة " . قلت : قال الذهبي : " هو إمام في القراءة , ثبت فيها , لين الحديث " . و لم يعرفه الهيثمي , فقال ( 3 / 221 ) : " رواه الطبراني في " الأوسط " , و فيه أحمد بن محمد بن القاسم بن أبي بزة , و لم أعرفه " . قلت : و هو مترجم في " الميزان " , و " اللسان " ( 1 / 283 - 284 ) . 3 - و أما حديث بشر بن قدامة الضبابي , فيرويه محمد بن عبد الله بن الحكم : أبنا سعيد بن بشير القرشي : حدثني عبد الله بن حكيم الكتاني - رجل من أهل اليمن من مواليهم - عنه , قال : أبصرت عيناي حبي رسول الله صلى الله عليه وسلم واقفا بعرفات مع الناس , على ناقة له حمراء قصواء , تحته قطيفة بولانية , و هو يقول : ( فذكره ) , و الناس يقولون : هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال سعيد بن بشير : فسألت عبد الله بن حكيم , فقلت : يا أبا حكيم : و ما القصوى ? قال : أحسبها المبتترة الأذنين , فإن النوق تبتر آذانها لتسمع . أخرجه البيهقي في " سننه " ( 4 / 332 - 333 ) و الذهبي في " الميزان " في ترجمة القرشي , و قال : " تفرد به ابن عبد الحكم " . قلت : و هو ثقة مصري فقيه حافظ . لكن شيخه القرشي قال ابن أبي حاتم ( 2 / 1 / 8 ) عن أبيه : " شيخ مجهول , و عبد الله بن حكيم مجهول , لا نعرف واحدا منهما " . قلت : لكن القرشي قد أثنى عليه ابن عبد الحكم فقال : " كان يلزم المسجد - و ذكر من فضله " , كما في " الضعفاء " للعقيلي ( ص 149 ) و قد أخرج حديثه ابن خزيمة في " صحيحه " كما في الإصابة " . و جملة القول أن الحديث صحيح بهذه الطرق , و الحمد لله على توفيقه . 2618 " نزل الحجر الأسود من الجنة أشد بياضا من الثلج , فسودته خطايا بني آدم " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 230 : أخرجه الترمذي ( 1 / 166 ) و ابن خزيمة في " صحيحه " ( 1 / 271 / 1 ) و الطبراني في " المعجم الكبير " ( 3 / 155 / 1 - 2 ) و كذا أحمد ( 1 / 307 و 329 و 373 ) و الخطيب في " التاريخ " ( 7 / 362 ) من طرق عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن #ابن عباس #عن النبي صلى الله عليه وسلم به . و قال الترمذي : " حديث حسن صحيح " . و قال : " اللبن " مكان " الثلج " , و هو شاذ عندي لمخالفته للفظ الجماعة . و أخرج الطرف الأول منه النسائي في " الصغرى " ( 2 / 36 ) و " الكبرى " أيضا ( ق 87 / 2 ) من الوجه المذكور . قلت : و رجال إسناده ثقات رجال البخاري , إلا أن عطاء بن السائب كان اختلط , لكنه لا بأس به في المتابعات و الشواهد , فقد أخرجه ابن خزيمة من طريق أبي الجنيد : حدثنا حماد بن سلمة عن عبد الله بن عثمان بن خثيم عن سعيد بن جبير بلفظ : " الحجر الأسود ياقوتة بيضاء من يواقيت الجنة , و إنما سودته خطايا المشركين , يبعث يوم القيامة مثل أحد , يشهد لمن استلمه و قبله من أهل الدنيا " . و هذه متابعة قوية من ابن خثيم , لكن في الطريق إليه أبو الجنيد هذا - و اسمه الحسين بن خالد - قال ابن معين : " ليس بثقة " . و قال ابن عدي : " عامة حديثه عن الضعفاء " . قلت : شيخه هنا حماد بن سلمة و هو ثقة , و قد رواه جماعة من الثقات عن حماد عن عطاء بن السائب به كما تقدم . أخرجه أحمد و غيره ممن سبق ذكرهم . فهذا يدل على وهم أبي الجنيد على حماد حين رواه عنه عن ابن خثيم خلافا لرواية الجماعة , فروايته منكرة , سندا و متنا . و للطرف الأول منه شاهد من حديث أنس مرفوعا , بلفظ : " الحجر الأسود من حجارة الجنة " . أخرجه العقيلي في " الضعفاء " ( ص 275 ) و الطبراني في " الأوسط " ( 1 / 118 / 1 ) و البيهقي في " السنن " ( 5 / 75 ) من طريق شاذ بن فياض : حدثنا عمر بن إبراهيم عن قتادة عنه . و قال العقيلي معللا : " و يروى عن أنس موقوفا " . و بينه ابن أبي حاتم , فقال في " العلل " ( 1 / 276 ) عن أبيه : " أخطأ عمر بن إبراهيم , و رواه شعبة و عمرو بن الحارث المصري عن قتادة عن أنس , موقوف " . قلت : أخرجه أحمد ( 3 / 277 ) عن شعبة به موقوفا . و إسناده صحيح , و هو في حكم المرفوع , لأنه لا يقال من قبل الرأي , فلا جرم أن الإمام أحمد أودعه " المسند " ! و في معنى سائر الحديث حديث رافع الحجبي سمع عبد الله بن عمرو يرفعه : " إن الركن و المقام من ياقوت الجنة , و لولا ما مسهما من خطايا بني آدم لأضاء ما بين المشرق و المغرب , و ما مسهما من ذي عاهة و لا سقم إلا شفي " . أخرجه البيهقي بإسناد جيد , و أخرجه الترمذي و غيره من طريق أخرى مختصرا , و هو مخرج في " المشكاة " ( 2579 ) . 2619 " لولا ما مسه من أنجاس الجاهلية , ما مسه ذو عاهة إلا شفي , و ما على الأرض شيء من الجنة غيره " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 232 : أخرجه البيهقي في " السنن " ( 5 / 75 ) من طريق يوسف بن يعقوب : حدثنا مسدد حدثنا حماد بن زيد عن ابن جريج عن عطاء عن #عبد الله بن عمرو #يرفعه . قلت : و هذا إسناد رجاله كلهم ثقات من رجال البخاري غير يوسف بن يعقوب , و هو أبو محمد البصري القاضي , ثقة حافظ , ترجمة الخطيب في " تاريخه " ( 14 / 310 - 312 ) و الذهبي في " تذكرة الحفاظ " , فلولا عنعنة ابن جريج لقلت : إنه إسناد صحيح . لكن له شاهد من حديث ابن عباس رضي الله عنهما , و له عنه ثلاث طرق : الأولى : أخرجها الترمذي و غيره عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عنه بالشطر الأخير منه نحوه , و قد سبق الكلام عليه قبله . الثانية : رواه الطبراني في " الأوسط " ( 1 / 118 / 1 ) و " الكبير " ( 3 / 117 / 2 ) و أبو الحجاج الأدمي في " جزء فيه أحاديث عشرة مشايخ " ( 193 / 2 - 194 / 1 ) من طريق محمد بن عمران بن أبي يعلى : حدثني أبي عمران بن أبي ليلى عن عطاء عنه بلفظ : " الحجر الأسود من حجارة الجنة , و كان أبيض كالمهاة , و ما في الأرض من الجنة غيره , و لولا ما مسه من دنس الجاهلية و ما كان منها , ما مسه من ذي عاهة إلا برأ " . و قال الطبراني : " لم يروه عن عطاء إلا ابن أبي ليلى تفرد به عمران عن أبيه " . قلت : و اسم أبيه محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى , و هو ضعيف لسوء حفظه , و به أعل الحديث الهيثمي ( 3 / 242 ) بعد أن عزاه لـ " الكبير " و " الأوسط " و منه تبين أن قول المنذري في " الترغيب " ( 2 / 123 ) : " رواه الطبراني في " الأوسط " و " الكبير " بإسناد حسن " . أنه غير حسن . و أخرجه الطبراني في " الأوسط " ( 1 / 118 / 1 ) : حدثنا محمد بن علي الصائغ حدثنا الحسن بن علي الحلواني حدثنا [ غوث بن ] جابر بن غيلان بن منبه الصنعاني : حدثنا عبد الله بن صفوان عن إدريس بن [ بنت ] وهب بن منبه : حدثني وهب بن منبه عن طاووس عن ابن عباس مرفوعا بلفظ : " لولا ما طبع الركن من أنجاس الجاهلية و أرجاسها و أيدي الظلمة و الأثمة , لاستشفى به من كان به داء " . و قال : " لا يروى عن وهب عن طاووس إلا بهذا الإسناد , تفرد به الحلواني " . قلت : و هو ثقة من شيوخ الشيخين , لكن شيخ شيخه عبد الله بن صفوان ضعيف , أورده العقيلي في " الضعفاء " ( ص 209 ) و روى عن هشام بن يوسف أنه سئل عنه ? فقال : " كان ضعيفا لم يكن يحفظ الحديث " . ثم ساق له هذا الحديث : حدثناه محمد بن عبد الله الحضرمي قال : حدثنا الحسن بن علي الحلواني به . و الزيادتان منه . ثم قال : " و في هذا الحديث رواية من غير هذا الوجه , فيها لين أيضا " . قلت : و كأنه يشير إلى الرواية التي قبلها . و إدريس ابن بنت وهب ضعيف , و هو من رجال " التهذيب " . و أما غوث بن جابر بن غيلان فقال ابن معين : " لم يكن به بأس " كما في " الجرح و التعديل " ( 3 / 2 / 58 ) . و شيخ الطبراني محمد بن علي الصائغ , هو المكي كما في " المعجم الصغير " , و لم أجد له ترجمة . ثم رأيت الذهبي قد وثقه في " السير " ( 13 / 428 ) و قد أخرج له في " الأوسط " نحو خمسين حديثا . ثم هو متابع من الحضرمي كما تقدم . و جملة القول : أن رجال الإسناد كلهم معروفون , فيتعجب من الحافظ الهيثمي إذ قال ( 3 / 243 ) : " رواه الطبراني في " الأوسط " , و فيه جماعة لم أجد من ترجمهم " . و لعله لم يتح له أن يكتشف السقط الذي في إسناد الطبراني , فخفي عليه أن شيخ الحلواني هو غوث بن جابر , و شيخ ابن صفوان هو إدريس ابن بنت وهب , و لكن كيف فاته ضعف ابن صفوان نفسه ?! ثم إن مما يزيد الحديث قوة على قوة أن له طريقا أخرى عن ابن عمرو نفسه ذكرته تحت الحديث السابق . 2620 " ليوشكن رجل أن يتمنى أنه خر من الثريا و لم يلي من أمر الناس شيئا " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 235 : أخرجه الحاكم ( 4 / 91 ) و أحمد ( 2 / 377 و 520 و 536 ) و البزار ( 2 / 255 / 1643 ) عن عاصم بن بهدلة عن يزيد بن شريك أن الضحاك بن قيس بعث معه بكسوة إلى مروان بن الحكم , فقال مروان للبواب : انظر من بالباب ? قال : #أبو هريرة #, فأذن له , فقال : يا أبا هريرة ! حدثنا شيئا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم , قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ... فذكره . و قال الحاكم : " صحيح الإسناد " . و وافقه الذهبي . و أقول : إنما هو حسن , للكلام المعروف في عاصم بن بهدلة . نعم هو صحيح بطريق أخرى يرويها هشام بن حسان عن عباد بن أبي علي عن أبي حازم مولى أبي رهم الغفاري عن أبي هريرة مرفوعا نحوه . أخرجه الحاكم و ابن حبان ( 1559 ) و أحمد ( 2 / 352 و 521 ) و غيرهم . و هذا إسناد حسن بما قبله , رجاله ثقات غير أن عبادا هذا لم يوثقه غير ابن حبان , و قد تكلمت عليه في " التعليق الرغيب " ( 2 / 279 ) و صححه الحاكم و الذهبي , و كذا ابن خزيمة كما في " الفتح " ( 13 / 169 ) و أقره . و له شاهد من حديث عائشة مرفوعا نحوه . أخرجه أبو يعلى ( 8 / 188 / 4745 ) و الطبراني في " الأوسط " ( 1 / 239 / 2 / 4037 ) من طريق عمر بن سعد النصري عن ليث عن مجاهد عن عائشة نحوه . و قال الطبراني : " لم يروه عن ليث إلا عمر بن سعد " . قلت : ضعفه البخاري في " التاريخ " بقوله ( 2 / 3 / 158 ) : " لم يصح حديثه " . و أقره الذهبي في " الميزان " , و كذا الحافظ في " اللسان " , إلا أنهما لم ينسباه : النصري , بخلاف البخاري و ابن أبي حاتم , فقد نسباه هذه النسبة , فكأن الحافظ ذهل عنها , فزاد عقب هذه الترجمة ترجمة أخرى فقال : " عمر بن سعد النضري " ( كذا فيه بالضاد المعجمة ! ) .. " . ثم ذكر أنه روى عن ليث بن أبي سليم و غيره , و عنه إسماعيل بن موسى الفزاري و موسى بن إسماعيل ! و هما اللذان ذكرهما ابن أبي حاتم في ترجمة الأول , و كذا البخاري إلا أنه لم يذكر موسى بن إسماعيل , فأوهم الحافظ أنه غير الأول , و هو هو فاقتضى التنبيه . ثم وقفت على طريق ثالث للحديث عن أبي هريرة أوقفه عليه راويه أبو جمرة قال : أخبرني أبو عبد العزيز عنه نحوه . أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " ( 7181 ) و رجاله ثقات رجال مسلم غير أبي عبد العزيز هذا فهو مجهول كما قال أبو حاتم و غيره . و أما ابن حبان فذكره - على قاعدته - في " الثقات " ( 5 / 590 ) و ساق له طرف هذا الحديث . 2621 " ما من أمير عشرة إلا يؤتى به يوم القيامة مغلولا , لا يفكه إلا العدل أو يوبقه الجور " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 237 : أخرجه أحمد ( 2 / 431 ) و أبو يعلى ( 4 / 1564 ) و البيهقي في " السنن " ( 10 / 96 ) و الطبراني في " الأوسط " ( 1 / 199 / 1 ) عن محمد بن عجلان عن أبيه عن #أبي هريرة # عن النبي صلى الله عليه وسلم . و في رواية لأحمد : عن ابن عجلان قال : حدثني سعيد عن أبي هريرة به . و أخرجه البزار ( ص 178 ) بالروايتين . قلت : و هذا إسناد حسن , و قال المنذري ( 3 / 139 ) : " رواه أحمد بإسناد جيد رجاله رجال الصحيح " ! . قلت : و له طريقان آخران عن أبي هريرة . الأول : عن سعيد بن يسار عنه . أخرجه الدارمي ( 2 / 240 ) و البزار بسند صحيح , و أحمد ( 2 / 431 ) بسند حسن . و الآخر : عن بشر بن سعيد عنه . أخرجه الحاكم ( 4 / 89 ) . و له شاهد من حديث أبي أمامة سبق تخريجه برقم ( 349 ) . و شاهد آخر من طريق يزيد بن أبي زياد عن عيسى بن فائد عن رجل عن سعد بن عيادة مرفوعا به , و زاد : " و ما من أحد يتعلم القرآن ثم نسيه إلا لقي الله عز وجل أجذم " . أخرجه أحمد ( 5 / 284 و 285 ) و ابنه ( 5 / 327 - 328 ) . قلت : و هذا إسناد ضعيف فيه ثلاث علل : الأولى : الرجل الذي لم يسم , فهو مجهول العين . الثانية : عيسى بن فائد مجهول أيضا كما قال ابن المديني و غيره . الثالثة : يزيد بن أبي زياد و هو الهاشمي مولاهم , قال الحافظ : " ضعيف , كبر فتغير فصار يتلقن " . و من ذلك تعلم تساهل المنذري في قوله ( 3 / 139 ) و إن تبعه الهيثمي ( 5 / 65 ) : " رواه أحمد و البزار , و رجال أحمد رجال " الصحيح " , إلا الرجل المبهم " ! و بيانه أن أحدا من الثلاثة المذكورين ليس من رجال " الصحيح " , اللهم إلا ابن أبي زياد فهو من رجال مسلم , لكنه إنما أخرج له مقرونا بغيره , فتنبه . شاهد ثالث : يرويه عطية العوفي عن ابن بريدة عن أبيه مرفوعا , و زاد : " فإن كان محسنا فكه عدله , و إن كان سيئا زيد غلا إلى غله " . أخرجه الطبراني في " الأوسط " ( 1 / 200 / 1 ) من طريقين عن عطية , هذا أحدهما , و وقع في الأخرى عنه : حدثني بريدة به . و عطية ضعيف . ( فائدة ) : لما أخرج البزار طريق سعيد بن يسار المتقدمة , أخرجها من طريق حماد ابن سلمة عن يحيى بن سعيد عنه . و من طريق عبيد بن عمرو القيسي : حدثنا يحيى بن سعيد عن سعيد عن أبي هريرة , قال البزار عقبه : " هكذا رواه عبيد , و الثقات يروونه عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن يسار عن أبي هريرة . و هو الصواب " . فأقول : ليس هناك خطأ في رواية عبيد حتى تخطأ , كل ما في الأمر أنه لم ينسب سعيدا إلى أبيه يسار , و هذا يقع كثيرا في الأسانيد , و إنما يمكن أن يخطأ لو قال : سعيد بن أبي سعيد المقبري , فهذه مخالفة ظاهرة , و لكن هذا إنما يصار إليه لو لم يكن ليحيى بن سعيد رواية عن سعيد المقبري , و الواقع أن روايته عنه في مسلم , كما أن روايته عن سعيد بن يسار في " الصحيحين " , فليس هناك مانع أن يكون يحيى بن سعيد - و هو الأنصاري الثقة الثبت - قد روى الحديث عن السعيدين عن أبي هريرة ! لا شيء يمنع من ذلك , هذا لو كان عبيد القيسي ثقة , و لكني لم أعرفه , و إن كنت أظن أنه أبو عبد الرحمن الذي روى عنه قتيبة , فإنه من هذه الطبقة , و قد وثقه ابن حبان ( 8 / 430 ) و الله سبحانه و تعالى أعلم . 2622 " أصبت السنة , قاله عمر لعقبة و قد مسح من الجمعة إلى الجمعة على خفيه و هو مسافر " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 239 : أخرجه الطحاوي في " شرح المعاني " ( 1 / 48 ) و الدارقطني في " السنن " ( ص 72 ) و الحاكم ( 1 / 180 - 181 ) و عنه البيهقي في " السنن " ( 1 / 280 ) من طريق بشر بن بكر : حدثنا موسى بن علي بن رباح عن أبيه عن عقبة بن عامر الجهني قال : خرجت من الشام إلى المدينة يوم الجمعة , فدخلت على # عمر بن الخطاب # , فقال : متى أولجت خفيك في رجليك ? قلت : يوم الجمعة , قال : فهل نزعتهما ? قلت : لا , قال : فذكره . و قال الدارقطني : " و هو صحيح الإسناد " . و قال الحاكم : " حديث صحيح على شرط مسلم " . و وافقه الذهبي . قلت : و هو كما قالوا . و تابعه عبد الله بن الحكم البلوي عن علي بن رباح به مثله . أخرجه الطحاوي و الدارقطني و الحاكم و البيهقي من طريق المفضل بن فضالة , و الدارقطني أيضا ( ص 73 ) و عنه الضياء المقدسي في " الأحاديث المختارة " ( رقم 240 - بتحقيقي ) عن حيوة , كلاهما عن يزيد بن أبي حبيب : أخبرني عبد الله ابن الحكم البلوي به . لكن البلوي هذا مجهول , ففي " اللسان " : " قال الدارقطني في حاشية السنن : ليس بمشهور . و قال في موضع آخر ليس بالقوي . و قال الجوزقاني في " كتاب الأباطيل " : لا يعرف بعدالة و لا جرح " . و أما يزيد بن أبي حبيب فهو ثقة من رجال الشيخين , و قد اختلف عليه في إسناده و متنه . و أما السند فرواه عنه المفضل و حيوة كما ذكرنا . و تابعهما ابن لهيعة و عمرو ابن الحارث و الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب به , إلا أنهم قالوا : " أصبت " . و لم يذكروا : " السنة " . أخرجه الطحاوي و بقية الأربعة . و خالفهم يحيى بن أيوب فقال : عن يزيد بن أبي حبيب عن علي بن رباح به , فلم يذكر في إسناده " عبد الله بن الحكم البلوي " , و قال : " أصبت السنة " . أخرجه الدارقطني , و عنه الضياء المقدسي ( 241 ) . و أما المتن , فقد تبين من التخريج السابق , و خلاصته أن المفضل و حيوة و يحيى ابن أيوب ثلاثتهم قالوا : " أصبت السنة " . و خالفهم ابن لهيعة و عمرو بن الحارث و الليث بن سعد فقالوا : " أصبت " , لم يقولوا : " السنة " . قلت : و لا شك أن الصواب في إسناده إثبات البلوي فيه لاتفاق الثقات الخمسة عليه كما رأيت . و أما المتن , فالصواب فيه إثبات لفظ " السنة " , و ذلك لأمور : الأول : أن عدد النافين و المثبتين , و إن كان متساويا , فالحكم للمثبتين للقاعدة المعروفة : " زيادة الثقة المقبولة " . الثاني : أن هؤلاء المثبتين كلهم ثقات من رجال الشيخين , بخلاف الأولين , ففيهم ابن لهيعة , و ليس من رجالهما على الكلام المعروف فيه . الثالث : أن هناك ثقة آخر أثبت هذه الزيادة و هو موسى بن علي بن رباح كما في الرواية الأولى , و لم يختلف عليه فيها , فهي الراجحة يقينا , حتى لو كان الأرجح رواية الثقات عن يزيد بن أبي حبيب , لأن مدارها على البلوي و قد عرفت أنه مجهول لا يحتج به . و بهذه الجهالة أعله ابن حزم في " المحلى " ( 2 / 92 - 93 ) , فخفي عليه الطريق الأولى فضعف الحديث من أصله فوهم , و الظاهر أنه لم يقف عليها , فلا عجب منه , و إنما العجب مما قاله الدارقطني في " العلل " , فإنه بعد أن ذكر هذه الرواية الصحيحة قال : " و تابعه مفضل بن فضالة و ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن عبد الله بن الحكم البلوي عن علي بن رباح فقالا فيه : " أصبت السنة " , و خالفهم عمرو بن الحارث و يحيى بن أيوب و الليث بن سعد , فقالوا فيه : " فقال عمر : أصبت " , و لم يقولوا : " السنة " , و هو المحفوظ " <1>. قلت : و فيما قاله الدارقطني أخطاء تظهر لكل من تأمل تخريجنا السابق , و هاك بيانها ملخصا : الأول : ذكر ابن لهيعة مع مفضل في جملة من قال : " أصبت السنة " , و إنما هو ممن قال : " أصبت " فقط كما سبق . الثاني : ذكر يحيى بن أيوب مع عمرو و الليث اللذين قالا : " أصبت " كما قال ابن لهيعة . و الصواب أن يذكره بديل ابن لهيعة , و يذكر هذا بديله هنا . الثالث : قوله : و هو المحفوظ . و الصواب العكس كما تقدم تحقيقه . و لعل هذا الخطأ الثالث نشأ من الخطأين الأولين , و هما نشآ من تلخيصه لروايات المختلفين , و من الملاحظ أنه لما جعل ابن لهيعة مع المفضل وحده , و جعل يحيى ابن أيوب مع عمرو و الليث ضعف ذلك الجانب , و قوى هذا الجانب , زد على ذلك أنه نسي أن يجعل مع المفضل حيوة فازداد جانبه ضعفا على ضعف , كما ذهل أن يقرن معهما موسى بن علي , و لولا ذلك لتبين له الصواب إن شاء الله تعالى . و الخلاصة : أن الذين قالوا : " أصبت السنة " هم أربعة : 1 - موسى بن علي بن رباح . 2 - المفضل بن فضالة . 3 - حيوة بن شريح . 4 - يحيى بن أيوب . ( و كلهم ثقات رجال الشيخين غير موسى بن علي , فمن رجال مسلم وحده ) . و الذين قالوا : " أصبت " فقط هم ثلاثة : 1 - عبد الله بن لهيعة . 2 - و عمرو بن الحارث . 3 - و الليث بن سعد . ( و هم من رجال الشيخين غير ابن لهيعة كما تقدم ) . و بهذا يتجلى لك الصواب بإذن الله تعالى , فلا جرم أن صحح الحديث من سبق ذكرهم , و تبعهم شيخ الإسلام ابن تيمية , فقال في " مجموع الفتاوى " ( 21 / 178 ) : " و هو حديث صحيح " . و يمكن أن يلحق بهم البيهقي و النووي و غيرهما ممن أورده و لم يضعفه , بل ساقه معارضا به أحاديث التوقيت التي استدل بها الجمهور , فأجاب عنه البيهقي عقبه بقوله : " و قد روينا عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه التوقيت , فإما أن يكون رجع إليه حين جاءه الثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في التوقيت , و إما أن يكون قوله الذي يوافق السنة المشهورة أولى " . و نقله النووي في " المجموع " ( 1 / 485 ) و ارتضاه . فلو أنهما وجدا مجالا لتضعيفه لاستغنيا بذلك عن التوفيق بينه و بين أحاديث التوقيت بما ذكراه . على أنه يمكن التوفيق بوجه آخر , و هو أن يحمل حديث عمر على الضرورة و تعذر خلعه بسبب الرفقة أو غيره , و إليه ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في بحث طويل له في المسح على الخفين . و هل يشترط أن يكونا غير مخرقين ? فقال ( 21 / 177 ) : " فأحاديث التوقيت فيها الأمر بالمسح يوما و ليلة , و ثلاثة و لياليهن , و ليس فيها النهي عن الزيادة إلا بطريق المفهوم , و المفهوم لا عموم له , فإذا كان يخلع بعد الوقت عند إمكان ذلك عمل بهذه الأحاديث , و على هذا يحمل حديث عقبة بن عامر لما خرج من دمشق إلى المدينة يبشر الناس بفتح دمشق , و مسح أسبوعا بلا خلع , فقال له عمر : أصبت السنة . و هو حديث صحيح " . و عمل به شيخ الإسلام في بعض أسفاره , فقال ( 21 / 215 ) : " لما ذهبت على البريد , و جد بنا السير , و قد انقضت مدة المسح فلم يمكن النزع و الوضوء إلا بالانقطاع عن الرفقة , أو حبسهم على وجه يتضررون بالوقوف , فغلب على ظني عدم التوقيت عند الحاجة كما قلنا في الجبيرة , و نزلت حديث عمر و قوله لعقبة بن عامر : " أصبت السنة " على هذا توفيقا بين الآثار , ثم رأيته مصرحا به في " مغازي ابن عائذ " أنه كان قد ذهب على البريد - كما ذهبت - لما فتحت دمشق ... فحمدت الله على الموافقة , ( قال ) : و هي مسألة نافعة جدا " . قلت : و لقد صدق رحمه الله , و هي من نوادر فقهه جزاه الله عنا خير الجزاء , و قد نقل الشيخ علاء الدين المرادي في كتابه " الإنصاف " ( 1 / 176 ) عن شيخ الإسلام أنه قال في " الاختيارات " : " لا تتوقف مدة المسح في المسافر الذي يشق ( عليه ) اشتغاله بالخلع و اللبس , كالبريد المجهز في مصلحة المسلمين " . و أقره . و هو في " الاختيارات " ( ص 15 ) المفردة . ----------------------------------------------------------- [1] نقلته ملخصا من " الأحاديث المختارة " و من " نصب الراية " ( 1 / 180 ) . ثم رأيته في " علل الدارقطني " ( 2 / 110 - 111 ) . اهـ . 2623 " و من أمرك أن تعذب نفسك ?! صم شهر الصبر , و من كل شهر يوما . قلت : زدني . قال : صم شهر الصبر , و من كل شهر يومين . قلت : زدني أجد قوة . قال : صم شهر الصبر و من كل شهر ثلاثة أيام " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 244 : أخرجه البخاري في " التاريخ الكبير " ( 4 / 1 / 238 - 239 ) و الطيالسي في " مسنده " ( 31 ) و الطبراني في " المعجم الكبير " ( 19 / 194 / رقم 435 ) عن حماد ابن يزيد بن مسلم : حدثنا معاوية بن قرة عن #كهمس الهلالي #قال : أسلمت , فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته بإسلامي , فمكثت حولا و قد ضمرت و نحل جسمي [ ثم أتيته ] , فخفض في البصر ثم رفعه , قلت : أما تعرفني ? قال : و من أنت ? قلت : أنا كهمس الهلالي . قال : فما بلغ بك ما أرى ? قلت : ما أفطرت بعدك نهارا , و لا نمت ليلا , فقال : ... فذكره . و أورده الحافظ في " المطالب العالية " ( 1 / 303 / 1036 ) من رواية الطيالسي و سكت عليه , و قال الهيثمي في " المجمع " ( 3 / 197 ) : " رواه الطبراني في " الكبير " , و فيه حماد بن يزيد المنقري , ( قلت : و في " الجرح " المقرىء ) و لم أجد من ذكره " . قلت : و قد فاته أن البخاري ذكره في " التاريخ " ( 2 / 1 / 20 ) و كناه بأبي يزيد البصري , و قال : " سمع معاوية بن قرة , سمع منه موسى , و سمع أباه و محمد بن سيرين " . و كذا ذكره أيضا ابن أبي حاتم ( 1 / 2 / 151 ) و زاد في شيوخه : بكر بن عبد الله المزني و مخلد بن عقبة بن شرحبيل الجعفي . و في الرواة عنه : يونس بن محمد , و مسلم بن إبراهيم , و محمد بن عون الزيادي , و طالوت بن عباد الجحدري . و ينبغي أن يزاد فيهم : أبو داود الطيالسي , فإنه قد روى عنه هذا الحديث , و ذكره ابن حبان أيضا في " الثقات " ( 2 / 62 - مخطوطة الظاهرية ) و على هامشه بخط بعض المحدثين : " و ذكره البزار , و قال : ليس به بأس " . و للحديث شاهد من حديث مجيبة الباهلية عن أبيها أو عمها بهذه القصة , و في آخره زيادة أوردته من أجلها في " ضعيف أبي داود " برقم ( 419 ) . و عند الطيالسي في هذا الحديث قصة , و في آخرها حديث آخر أخرجه الضياء في " المختارة " برقم ( 258 و 259 ) من طريق الطيالسي و غيره . 2624 " أذن في قومك أو في الناس يوم عاشوراء : من [ كان ] أكل فليصم بقية يومه [ إلى الليل ] , و من لم يكن أكل فليصم " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 246 : ورد من حديث #سلمة بن الأكوع و الربيع بنت معوذ و محمد بن صيفي و هند بن أسماء و أبي هريرة و عبد الله بن عباس و رجال لم يسموا من أسلم و معبد القرشي و محمد بن سيرين #مرسلا . 1 - أما حديث سلمة , فقال أحمد ( 4 / 50 ) : حدثنا يحيى بن سعيد عن يزيد بن عبيد قال : حدثنا سلمة بن الأكوع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل من أسلم : فذكره . و هذا إسناد ثلاثي صحيح على شرط الشيخين , و يحيى بن سعيد هو القطان و من طريقه أخرجه البخاري ( 13 / 205 - 206 ) و النسائي ( 1 / 319 ) و في " الكبرى " ( ق 22 / 1 ) و ابن خزيمة ( 2092 ) , ثم أخرجه البخاري ( 4 / 113 - 114 و 201 ) و مسلم ( 3 / 151 - 152 ) و الدارمي ( 2 / 22 ) و البيهقي ( 4 / 220 و 288 ) و أحمد ( 4 / 47 , 48 ) و ابن حبان ( 5 / 252 / 3610 ) من طرق أخرى عن يزيد بن عبيد به . و إسناد أحمد و الدارمي و البخاري ثلاثي أيضا و الزيادة الأولى لأحمد , و الأخرى لمسلم . 2 - و أما حديث الربيع , فقالت : أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم صبيحة عاشوراء إلى قرى الأنصار التي حول المدينة : من كان أصبح صائما فليتم صومه , و من كان أصبح مفطرا فليتم بقية يومه . قالت : فكنا نصومه بعد ذلك , و نصوم صبياننا الصغار , و نجعل لهم اللعبة من العهن , و نذهب بهم إلى المسجد , فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطيناه ذلك حتى يكون عند الإفطار . أخرجه البخاري ( 4 / 163 ) و مسلم ( 3 / 152 ) و ابن خزيمة ( 2088 ) و الطحاوي ( 1 / 336 ) و ابن حبان ( 3611 ) و البيهقي ( 4 / 288 ) و أحمد ( 6 / 359 ) . 3 - و أما حديث محمد بن صيفي , فقال : قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء : أمنكم أحد طعم اليوم ? فقلنا : منا من طعم , و منا من لم يطعم . قال : فقال : فأتموا بقية يومكم من كان طعم و من لم يطعم , و أرسلوا إلى أهل العروض فليتموا بقية يومهم . يعني أهل العروض حول المدينة . أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 3 / 54 - 55 ) و عنه ابن ماجه ( 1 / 528 - 529 ) و ابن خزيمة ( 2091 ) و ابن حبان ( 932 - موارد ) و أحمد ( 4 / 488 ) من طريق حصين عن الشعبي عنه . قلت : و هذا إسناد صحيح كما قال البوصيري في " الزوائد " ( 110 / 1 ) . 4 - و أما حديث هند بن أسماء , فيرويه محمد بن إسحاق : حدثني عبد الله بن أبي بكر بن محمد عن حبيب بن هند بن أسماء الأسلمي عنه قال : " بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قومي من أسلم فقال : مر قومك فليصوموا هذا اليوم يوم عاشوراء , فمن وجدته منهم قد أكل في أول يومه فليصم آخره " . أخرجه أحمد ( 3 / 484 ) و الطحاوي ( 1 / 335 - 336 ) . قلت : و هذا إسناد حسن , رجاله ثقات معروفون , غير حبيب بن هند , ترجمه ابن أبي حاتم ( 1 / 2 / 110 ) برواية ثقتين آخرين عنه , و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا , و ذكره ابن حبان في " الثقات " ( 3 / 38 - هندية ) . و في رواية لأحمد من طريق عبد الرحمن بن حرملة عن يحيى بن هند بن حارثة - و كان هند من أصحاب الحديبية - و أخوه الذي بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر قومه بصيام عاشوراء - و هو أسماء بن حارثة - فحدثني يحيى بن هند عن أسماء بن حارثة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه , فقال : مر قومك بصيام هذا اليوم ... " الحديث نحوه . لكن يحيى بن هند هذا لا يعرف إلا برواية ابن حرملة هذا , و بها ذكره ابن أبي حاتم ( 4 / 2 / 194 - 195 ) و لم يحك فيه جرحا و لا تعديلا , و أما ابن حبان فأورده أيضا في " الثقات " ( 3 / 287 ) . و قال في ترجمة حبيب بن هند بن أسماء المتقدم : " كأنهما أخوان إن شاء الله " . و قال الحافظ في التوفيق بين روايتيهما : " قلت : فيحتمل أن يكون كل من أسماء و ولده هند أرسلا بذلك , و يحتمل أن يكون أطلق في الرواية الأولى على الجد اسم الأب , فيكون الحديث من رواية حبيب بن هند عن جد أسماء , فتتحد الروايتان . و الله أعلم " . قلت : التوفيق فرع التصحيح , و ما أرى أن الرواية الأخرى ثابتة , لما عرفت من حال راويها يحيى بن هند . و الله أعلم . ثم رأيت رواية سعيد بن حرملة في " صحيح ابن حبان " ( 5 / 252 / 3609 - الإحسان ) من طريق سهل بن بكار قال : حدثنا وهيب عن عبد الرحمن بن حرملة عن سعيد بن المسيب عن أسماء بن حارثة به . و هذا سند جيد , يدل على أن له أصلا عن أسماء , و لعل ابن حرملة كان له عنه إسنادان , فتارة يرويه عن يحيى بن هند , و تارة عن ابن المسيب .. و الله أعلم . 5 - و أما حديث أبي هريرة فيرويه حبيب بن عبد الله عن شبيل عنه قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم صائما يوم عاشوراء فقال لأصحابه : " من كان أصبح منكم صائما فليتم صومه , و من كان أصاب من غداء أهله فليتم بقية يومه " . أخرجه أحمد ( 2 / 359 ) . و رجاله موثقون غير حبيب بن عبد الله و هو الأزدي اليحمدي , و هو مجهول . 6 - و أما حديث ابن عباس فيرويه جابر عن عكرمة عنه قال : " أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل قرية على رأس أربعة فراسخ - أو قال فرسخين - يوم عاشوراء فأمر من أكل أن لا يأكل بقية يومه , و من لم يأكل أن يتم صومه " . أخرجه أحمد ( 1 / 232 ) . و جابر هو ابن يزيد الجعفي , و هو ضعيف . 7 - و أما حديث الرجال الأسلميين , فيرويه ابن شهاب عن ابن سندر عن رجال منهم [ من أسلم ] <1>أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل من أسلم : ... فذكره نحو الحديث الأول . أخرجه النسائي في " الكبرى " ( 38 / 1 ) : أخبرنا أحمد بن إبراهيم قال : حدثنا يزيد - يعني - بن موهب قال : حدثني الليث عن عقيل عن ابن شهاب . و هذا إسناد رجاله ثقات غير ابن سندر , و قد جزم الحافظ في " باب من نسب إلى أبيه ... " من " التقريب " أنه عبد الله . ثم لم يترجم له في الأسماء , و هو تابع في ذلك لابن أبي حاتم , فقد قال في " الجرح و التعديل " ( 2 / 1 / 320 ) : " سندر أبو الأسود , له صحبة , روى عنه عبد الله بن سندر " . و الشطر الأول منه في " التاريخ " للبخاري ( 2 / 2 / 210 ) و زاد : " كناه عثمان بن صالح , و روى الزهري عن سندر بن أبي سندر عن أبيه " . و نقله هكذا في " الإصابة " , و ذكر فيه أن له ابنا آخر يدعى مسروحا . و يزيد بن موهب هو ابن خالد بن يزيد بن عبد الله بن موهب الرملي . و أحمد بن إبراهيم هو أبو عبد الملك القرشي البسري الدمشقي . و قد خالف معمر عقيلا فأرسله , أخرجه عبد الرزاق ( 7834 ) قال : أخبرنا معمر عن الزهري أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة قال لرجل من أسلم : فذكره . 8 - و أما حديث معبد القرشي , فقال عبد الرزاق ( 7835 ) : عن إسرائيل عن سماك ابن حرب عنه قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم بـ ( قديد ) فأتاه رجل , فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : فذكره نحوه . و عن عبد الرزاق أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 20 / 342 / 803 ) . قلت : و هذا إسناد جيد , و قال الهيثمي في " المجمع " ( 3 / 187 ) : " رواه الطبراني في " الكبير " , و رجاله ثقات " . 9 - و أما مرسل ابن سيرين , فقال ابن أبي شيبة ( 3 / 57 ) : حدثنا ابن علية عن أيوب عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر رجلا من أسلم يوم عاشوراء ... الحديث و إسناده صحيح مرسل . و رواه عبد الرزاق ( 7852 ) عن عطاء مرسلا . و في الباب أحاديث أخرى خرجها الهيثمي في " مجمع الزوائد " , فمن شاء المزيد فليرجع إليه , و آخر فيه زيادة منكرة بلفظ : " فأتموا بقية يومكم و اقضوه " . و في إسناده جهالة , و لذلك خرجته في المجلد الحادي عشر من " الضعيفة " برقم ( 5199 ) و في " ضعيف أبي داود " برقم ( 422 ) . من فقه الحديث . في هذا الحديث فائدتان هامتان : الأولى : أن صوم يوم عاشوراء كان في أول الأمر فرضا , و ذلك ظاهر في الاهتمام به الوارد فيه , و المتمثل في إعلان الأمر بصيامه , و الإمساك عن الطعام لمن كان أكل فيه , و أمره بصيام بقية يومه , فإن صوم التطوع لا يتصور فيه إمساك بعد الفطر كما قال ابن القيم رحمه الله في " تهذيب السنن " ( 3 / 327 ) . و هناك أحاديث أخرى تؤكد أنه كان فرضا , و أنه لما فرض صيام شهر رمضان كان هو الفريضة كما في حديث عائشة عند الشيخين و غيرهما , و هو مخرج في " صحيح أبي داود " برقم ( 2110 ) . و الأخرى : أن من وجب عليه الصوم نهارا , كالمجنون يفيق , و الصبي يحتلم , و الكافر يسلم , و كمن بلغه الخبر بأن هلال رمضان رؤي البارحة , فهؤلاء يجزيهم النية من النهار حين الوجوب , و لو بعد أن أكلوا أو شربوا , فتكون هذه الحالة مستثناة من عموم قوله صلى الله عليه وسلم : " من لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له " , و هو حديث صحيح كما حققته في " صحيح أبي داود " ( 2118 ) . و إلى هذا الذي أفاده حديث الترجمة ذهب ابن حزم و ابن تيمية و الشوكاني و غيرهم من المحققين . فإن قيل : الحديث ورد في صوم عاشوراء و الدعوى أعم . قلت : نعم , و ذلك بجامع الاشتراك في الفريضة , ألست ترى أن الحنفية استدلوا به على جواز صوم رمضان بنية من النهار , مع إمكان النية في الليل طبقا لحديث أبي داود , فالاستدلال به لما قلنا أولى كما لا يخفى على أولي النهى . و لذلك قال المحقق أبو الحسن السندي في حاشيته على " ابن ماجه " ( 1 / 528 - 529 ) ما مختصره : " الأحاديث دالة على أن صوم يوم عاشوراء كان فرضا , من جملتها هذا الحديث , فإن هذا الاهتمام يقتضي الافتراض . نعم الافتراض منسوخ بالاتفاق و شهادة الأحاديث على النسخ . و استدل به على جواز صوم الفرض بنية من النهار , لا يقال صوم عاشوراء منسوخ فلا يصح الاستدلال به . لأنا نقول : دل الحديث على شيئين : أحدهما : وجوب صوم عاشوراء . و الثاني : أن الصوم واجب في يوم بنية من نهار , و المنسوخ هو الأول , و لا يلزم من نسخه نسخ الثاني , و لا دليل على نسخه أيضا . بقي فيه بحث : و هو أن الحديث يقتضي أن وجوب الصوم عليهم ما كان معلوما من الليل , و إنما علم من النهار , و حينئذ صار اعتبار النية من النهار في حقهم ضروريا , كما إذا شهد الشهود بالهلال يوم الشك , فلا يلزم جواز الصوم بنية من النهار بلا ضرورة " أهـ . قلت : و هذا هو الحق الذي به تجتمع النصوص , و هو خلاصة ما قال ابن حزم رحمه الله في " المحلى " ( 6 / 166 ) و قال عقبه : " و به قال جماعة من السلف كما روينا من طريق ... عبد الكريم الجزري أن قوما شهدوا على الهلال بعد ما أصبح الناس , فقال عمر بن عبد العزيز : من أكل فليمسك عن الطعام , و من لم يأكل فليصم بقية يومه " . قلت : و أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 3 / 69 ) و سنده صحيح على شرط الشيخين . و هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية , فقال في " الاختيارات العلمية " ( 4 / 63 - الكردي ) : " و يصح صوم الفرض بنية النهار إذا لم يعلم وجوبه بالليل , كما إذا قامت البينة بالرؤية في أثناء النهار , فإنه يتم بقية يومه و لا يلزمه قضاء و إن كان أكل " و تبعه على ذلك المحقق ابن القيم , و الشوكاني , فمن شاء زيادة بيان و تفصيل فليراجع " مجموع الفتاوى " لابن تيمية ( 25 / 109 و 117 - 118 ) و " زاد المعاد " لابن القيم ( 1 / 235 ) و " تهذيب السنن " له ( 3 / 328 ) و " نيل الأوطار " للشوكاني ( 4 / 167 ) . و إذا تبين ما ذكرنا , فإنه تزول مشكلة كبرى من مشاكل المسلمين اليوم , ألا و هي اختلافهم في إثبات هلال رمضان بسبب اختلاف المطالع , فإن من المعلوم أن الهلال حين يرى في مكان فليس من الممكن أن يرى في كل مكان , كما إذا رؤي في المغرب فإنه لا يمكن أن يرى في المشرق , و إذا كان الراجح عند العلماء أن حديث " صوموا لرؤيته ... " إنما هو على عمومه , و أنه لا يصح تقييده باختلاف المطالع , لأن هذه المطالع غير محدودة و لا معينة , لا شرعا و لا قدرا , فالتقييد بمثله لا يصح , و بناء على ذلك فمن الممكن اليوم تبليغ الرؤية إلى كل البلاد الإسلامية بواسطة الإذاعة و نحوها , و حينئذ فعلى كل من بلغته الرؤية أن يصوم , و لو بلغته قبل غروب الشمس بقليل , و لا قضاء عليه , لأنه قد قام بالواجب في حدود استطاعته , و لا يكلف الله نفسا إلا وسعها , و الأمر بالقضاء لم يثبت كما سبقت الإشارة إليه , و نرى أن من الواجب على الحكومات الإسلامية أن يوحدوا يوم صيامهم و يوم فطرهم , كما يوحدون يوم حجهم , و لريثما يتفقون على ذلك , فلا نرى لشعوبهم أن يتفرقوا بينهم , فبعضهم يصوم مع دولته , و بعضهم مع الدولة الأخرى , و ذلك من باب درء المفسدة الكبرى بالمفسدة الصغرى كما هو مقرر في علم الأصول . و الله تعالى ولي التوفيق . ----------------------------------------------------------- [1] زيادة من " تهذيب التهذيب " . اهـ . 2625 " لو لم تكله لأكلتم منه , و لقام لكم " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 254 : أخرجه مسلم ( 7 / 60 ) من طريق معقل عن أبي الزبير عن #جابر #أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم يستطعمه , فأطعمه شطر وسق شعير , فما زال الرجل يأكل منه و امرأته و ضيفهما حتى كاله , فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال , فذكره . و تابعه ابن لهيعة : حدثنا أبو الزبير به . أخرجه أحمد ( 3 / 337 , 347 ) من طريقين عنه . و خالفهما حسان بن عبد الله فقال : حدثنا ابن لهيعة : حدثنا يونس ابن يزيد : حدثنا أبو إسحاق عن سعيد بن الحارث عن جده نوفل بن الحارث بن عبد المطلب أنه استعان رسول الله صلى الله عليه وسلم في التزويج , فأنكحه امرأة , فالتمس شيئا فلم يجده , فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا رافع و أبا أيوب بدرعه فرهناه عند رجل من اليهود بثلاثين صاعا من شعير , فدفعه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلي , فطعمنا منه نصف سنة ثم كلناه فوجدناه كما أدخلناه , قال نوفل : فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم , فقال : فذكره إلا أنه قال : " ما عشت " بدل : " و لقام لكم " . أخرجه الحاكم ( 3 / 246 ) و عنه البيهقي في " الدلائل " ( 6 / 114 ) . و سكت عنه الحاكم و الذهبي . و ابن لهيعة فيه ضعف من قبل حفظه , و أبو إسحاق هو السبيعي كما في " الإصابة " , و كان اختلط , مع تدليس له . و سعيد بن الحارث لم أعرفه , فالإسناد مظلم , و الأول أقوى لمتابعة معقل لابن لهيعة عليه , لكن فيه عنعنة أبي الزبير , و هو معروف بالتدليس , فلا أدري إذا كان سمعه من جابر أم لا ? و لعل الحافظ ابن حجر قد ترجح عنده الأول , فقد أورده في " الفتح " ( 11 / 240 ) من رواية مسلم هذه ساكتا عليه , أو من أجل شواهد ذكرها قريبا , و بها يتقوى الحديث عندي إن شاء الله تعالى . منها حديث عائشة رضي الله عنها قالت : توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم و ما في بيتي من شيء يأكله ذو كبد , إلا شطر شعير في رف لي , فأكلت منه حتى طال علي , فكلته ففني . أخرجه البخاري ( 6 / 146 و 11 / 239 ) و مسلم ( 8 / 218 ) و ابن ماجه ( 3345 ) و أحمد ( 4 / 108 ) و زاد : " فليتني لم أكن كلته " . و إسنادها جيد . 2626 " أردف أختك عائشة فأعمرها من التنعيم , فإذا هبطت الأكمة فمرها فلتحرم , فإنها عمرة متقبلة " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 255 : أخرجه الحاكم ( 3 / 477 ) من طريق داود بن عبد الرحمن العطار : حدثني عبد الله بن عثمان بن خثيم عن يوسف بن ماهك عن حفصة بنت #عبد الرحمن بن أبي بكر #عن أبيها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له : فذكره . و سكت عنه . و قال الذهبي : " قلت : سنده قوي " . قلت : و قد أخرجه أحمد أيضا ( 1 / 198 ) : حدثنا داود بن مهران الدباغ : حدثنا داود - يعني العطار - به . و أخرجه أبو داود أيضا و غيره و هو في " صحيح أبي داود " برقم ( 1569 ) . و قد أخرجه البخاري ( 3 / 478 ) و مسلم ( 4 / 35 ) من طريق أخرى عن عبد الرحمن بن أبي بكر مختصرا . و كذلك أخرجاه من حديث عائشة نفسها , و في رواية لهما عنها قالت : فاعتمرت , فقال : " هذه مكان عمرتك " . و في أخرى : بنحوه قال : " مكان عمرتي التي أدركني الحج و لم أحصل منها " . و في أخرى : " مكان عمرتي التي أمسكت عنها " . و في أخرى : " جزاء بعمرة الناس التي اعتمروا " . رواها مسلم . و في ذلك إشارة إلى سبب أمره صلى الله عليه وسلم لها بهذه العمرة بعد الحج . و بيان ذلك : أنها كانت أهلت بالعمرة في حجتها مع النبي صلى الله عليه وسلم , إما ابتداء أو فسخا للحج إلى العمرة ( على الخلاف المعروف ) <1>, فلما قدمت ( سرف ) . مكان قريب من مكة - , حاضت , فلم تتمكن من إتمام عمرتها و التحلل منها بالطواف حول البيت , لقوله صلى الله عليه وسلم لها - و قد قالت له : إني كنت أهللت بعمرة فكيف أصنع بحجتي ? قال : - " انقضي رأسك و امتشطي و أمسكي عن العمرة و أهلي بالحج , و اصنعي ما يصنع الحاج غير أن لا تطوفي و لا تصلي حتى تطهري . ( و في رواية : فكوني في حجك , فعسى الله أن يرزقكيها ) " , ففعلت , و وقفت المواقف , حتى إذا طهرت طافت بالكعبة و الصفا و المرة , و قال لها صلى الله عليه وسلم كما في حديث جابر : " قد حللت من حجك و عمرتك جميعا " , فقالت : يا رسول الله إني أجد في نفسي أني لم أطف بالبيت حتى حججت , و ذلك يوم النفر , فأبت , و قالت : أيرجع الناس بأجرين و أرجع بأجر ? و في رواية عنها : يصدر الناس بنسكين و أصدر بنسك واحد ? و في أخرى : يرجع الناس ( و عند أحمد ( 6 / 219 ) : صواحبي , و في أخرى له ( 6 / 165 و 266 ) : نساؤك ) بعمرة و حجة , و أرجع أنا بحجة ? و كان صلى الله عليه وسلم رجلا سهلا إذا هويت الشيء تابعها عليه , فأرسلها مع أخيها عبد الرحمن , فأهلت بعمرة من التنعيم <2>2>. فقد تبين مما ذكرنا من هذه الروايات - و كلها صحيحة - أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أمرها بالعمرة عقب الحج بديل ما فاتها من عمرة التمتع بسبب حيضها , و لذلك قال العلماء في تفسير قوله صلى الله عليه وسلم المتقدم : " هذه مكان عمرتك " أي : العمرة المنفردة التي حصل لغيرها التحلل منها بمكة , ثم أنشأوا الحج مفردا <3>3>. إذا عرفت هذا , ظهر لك جليا أن هذه العمرة خاصة بالحائض التي لم تتمكن من إتمام عمرة الحج , فلا تشرع لغيرها من النساء الطاهرات , فضلا عن الرجال . و من هنا يظهر السر في إعراض السلف عنها , و تصريح بعضهم بكراهتها , بل إن عائشة نفسها لم يصح عنها العمل بها , فقد كانت إذا حجت تمكث إلى أن يهل المحرم ثم تخرج إلى الجحفة فتحرم منها بعمرة , كما في " مجموع الفتاوى " لابن تيمية ( 26 / 92 ) . و قد أخرجه البيهقي في " السنن الكبرى " ( 4 / 344 ) بمعناه عن سعيد بن المسيب أن عائشة رضي الله عنها كانت تعتمر في آخر ذي الحجة من الجحفة . و إسناده صحيح . و أما ما رواه مسلم ( 4 / 36 ) من طريق مطر : قال أبو الزبير : فكانت عائشة إذا حجت صنعت كما صنعت مع نبي الله صلى الله عليه وسلم . ففي ثبوته نظر , لأن مطرا هذا هو الوراق فيه ضعف من قبل حفظه , لاسيما و قد خالفه الليث بن سعد و ابن جريج كلاهما عن أبي الزبير عن جابر بقصة عائشة , و لم يذكرا فيها هذا الذي رواه مطر , فهو شاذ أو منكر , فإن صح ذلك فينبغي أن يحمل على ما رواه سعيد بن المسيب , و لذلك قال شيخ الإسلام ابن تيمية في " الاختيارات العلمية " ( ص 119 ) : " يكره الخروج من مكة لعمرة تطوع , و ذلك بدعة لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم , و لا أصحابه على عهده , لا في رمضان و لا في غيره , و لم يأمر عائشة بها , بل أذن لها بعد المراجعة تطييبا لقلبها , و طوافه بالبيت أفضل من الخروج اتفاقا , و يخرج عند من لم يكرهه على سبيل الجواز " . و هذا خلاصة ما جاء في بعض أجوبته المذكورة في " مجموع الفتاوى " ( 26 / 252 - 263 ) , ثم قال ( 26 / 264 ) : " و لهذا كان السلف و الأئمة ينهون عن ذلك , فروى سعيد بن منصور في " سننه " عن طاووس - أجل أصحاب ابن عباس - قال : " الذين يعتمرون من التنعيم ما أدري أيؤجرون عليها أم يعذبون ? قيل : فلم يعذبون ? قال : لأنه يدع الطواف بالبيت , و يخرج إلى أربعة أميال و يجيء , و إلى أن يجيء من أربعة أميال [ يكون ] قد طاف مائتي طواف , و كلما طاف بالبيت كان أفضل من أن يمشي في غير شيء " . و أقره الإمام أحمد . و قال عطاء بن السائب : " اعتمرنا بعد الحج , فعاب ذلك علينا سعيد بن جبير " . و قد أجازها آخرون , لكن لم يفعلوها ... " . و قال ابن القيم رحمه الله في " زاد المعاد " ( 1 / 243 ) : " و لم يكن صلى الله عليه وسلم في عمره عمرة واحدة خارجا من مكة كما يفعل كثير من الناس اليوم , و إنما كانت عمره كلها داخلا إلى مكة , و قد أقام بعد الوحي بمكة ثلاث عشرة سنة , لم ينقل عنه أنه اعتمر خارجا من مكة في تلك المدة أصلا , فالعمرة التي فعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم و شرعها فهي عمرة الداخل إلى مكة , لا عمرة من كان بها فيخرج إلى الحل ليعتمر , و لم يفعل هذا على عهده أحد قط إلا عائشة وحدها من بين سائر من كان معه , لأنها كانت قد أهلت بالعمرة فحاضت , فأمرها فأدخلت الحج على العمرة و صارت قارنة , و أخبرها أن طوافها بالبيت و بين الصفا و المروة قد وقع عن حجتها و عمرتها , فوجدت في نفسها أن ترجع صواحباتها بحج و عمرة مستقلين فإنهن كن متمتعات و لم يحضن و لم يقرن , و ترجع هي بعمرة في ضمن حجتها , فأمر أخاها أن يعمرها من التنعيم تطييبا لقلبها , و لم يعتمر هو من التنعيم في تلك الحجة و لا أحد ممن كان معه " أهـ . قلت : و قد يشكل على نفيه في آخر كلامه , ما في رواية للبخاري ( 3 / 483 - 484 ) من طريق أبي نعيم : حدثنا أفلح بن حميد عن القاسم عن عائشة , فذكر القصة - , و فيه : " فدعا عبد الرحمن فقال : اخرج بأختك الحرم فلتهل بعمرة , ثم افرغا من طوافكما " . لكن أخرجه مسلم ( 4 / 31 - 32 ) من طريق إسحاق بن سليمان عن أفلح به , إلا أنه لم يذكر : " ثم افرغا من طوافكما " . و إنما قال : " ثم لتطف بالبيت " . فأخشى أن يكون تثنية الطواف خطأ من أبي نعيم , فقد وجدت له مخالفا آخر عند أبي داود ( 1 / 313 - 314 ) من رواية خالد - و هو الحذاء - عن أفلح به نحو رواية مسلم , فهذه التثنية شاذة في نقدي لمخالفة أبي نعيم و تفرده بها دون إسحاق بن سليمان و خالد الحذاء و هما ثقتان حجتان . ثم وجدت لهما متابعا آخر و هو أبو بكر الحنفي عند البخاري ( 3 / 328 ) و أبي داود . و يؤيد ذلك أنها لم ترد لفظا و لا معنى في شيء من طرق الحديث عن عائشة , و ما أكثرها في " مسند أحمد " ( 6 / 43 و 78 و 113 و 122 و 124 و 163 و 165 و 177 و 191 و 219 و 233 و 245 و 266 و 273 ) و بعضها في " صحيح البخاري " ( 3 / 297 و 324 و 464 و 477 - 478 و 482 و 4 / 99 و 8 / 84 ) و مسلم ( 4 / 27 - 34 ) و كذا لم ترد في حديث جابر عند البخاري ( 3 / 478 - 480 ) و مسلم ( 4 / 35 - 36 ) و أحمد ( 3 / 309 و 366 ) و كذلك لم ترد في حديث الترجمة لا من الوجه المذكور أولا , و لا من الطريق الأخرى عند الشيخين و غيرهما . نعم في رواية لأحمد ( 1 / 198 ) من طريق ابن أبي نجيح أن أباه حدثه أنه أخبره من سمع عبد الرحمن بن أبي بكر يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ... فذكره نحوه . إلا أنه قال : " فأهلا و أقبلا , و ذلك ليلة الصدر " , لكن الواسطة بين أبي نجيح و عبد الرحمن لم يسم , فهو مجهول , فزيادته منكرة , و إن سكت الحافظ في " الفتح " ( 3 / 479 ) على زيادته التي في آخره : " و ذلك ليلة الصدر " , و لعل ذلك لشواهدها . و الله أعلم . و جملة القول أنه لا يوجد ما ينفي قول ابن القيم المتقدم أنه لم يعتمر بعد الحج أحد ممن كان مع النبي صلى الله عليه وسلم سوى عائشة , و لذلك لما نقل كلامه مختصرا الحافظ في " الفتح " لم يتعقبه إلا بقوله ( 3 / 478 ) : " و بعد أن فعلته عائشة بأمره دل على مشروعيته " ! و من تأمل ما سقناه من الروايات الصحيحة , و ما فيها من بيان سبب أمره صلى الله عليه وسلم إياها بذلك تجلى له يقينا أنه ليس فيه تشريع عام لجميع الحجاج , و لو كان كما توهم الحافظ لبادر الصحابة إلى الإتيان بهذه العمرة في حجته صلى الله عليه وسلم و بعدها , فعدم تعبدهم بها , مع كراهة من نص على كراهتها من السلف كما تقدم لأكبر دليل على عدم شرعيتها . اللهم إلا من أصابها ما أصاب السيدة عائشة رضي الله عنها من المانع من إتمام عمرتها . و الله تعالى ولي التوفيق . و إن مما ينبغي التنبه له أن قول ابن القيم المتقدم : " إنما كانت عمره كلها داخلا إلى مكة " , لا ينافيه اعتماره صلى الله عليه وسلم من ( الجعرانة ) , كما توهم البعض لأنها كانت مرجعه من الطائف , فنزلها , ثم قسم غنائم حنين بها , ثم اعتمر منها . ----------------------------------------------------------- [1] قلت : و الأول أرجح , و هو الذي اختاره ابن القيم , و يؤيده قول عائشة في رواية لأحمد ( 6 / 245 ) في رواية عنها : " خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع , فنزلنا الشجرة , فقال : من شاء فليهل بعمرة ... قالت : و كنت أنا ممن أهل بعمرة " . فهذا صريح فيما رجحنا , لأن الشجرة شجرة ذي الحليفة ميقات أهل المدينة و مبتدأ الإحرام . [2] انظر " حجة النبي صلى الله عليه وسلم " ( 92 / 111 - 114 ) . [3] انظر " زاد المعاد " ( 1 / 280 - 281 ) و " فتح الباري " . اهـ . 2627 " مررت ليلة أسري بي على موسى فرأيته قائما يصلي في قبره [ عند الكثيب الأحمر ] " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 261 : أخرجه مسلم ( 7 / 102 ) و النسائي ( 1 / 242 ) و ابن حبان ( 49 - الإحسان ) و أحمد ( 3 / 120 ) من طرق عن سليمان التيمي عن # أنس #قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ... فذكره . و تابعه ثابت البناني عن أنس به , و الزيادة له . أخرجه مسلم و النسائي و ابن حبان ( 50 ) و أحمد ( 3 / 148 و 248 ) و أبو نعيم في " الحلية " ( 6 / 253 ) و ابن عساكر في " التاريخ " ( 17 / 197 / 2 ) من طرق عن حماد بن سلمة عن ثابت البناني و سليمان التيمي عن أنس به . و خالفهم معاذ بن خالد قال : أنبأنا حماد بن سلمة عن سليمان التيمي عن ثابت عن أنس به . أخرجه النسائي و أفاد أنه خطأ من معاذ بن خالد فقال عقب الرواية السابقة : " هذا أولى بالصواب عندنا من حديث معاذ بن خالد . و الله تعالى أعلم " . ثم أخرجه هو , و أحمد ( 5 / 59 و 362 و 365 ) من طرق أخرى عن سليمان عن أنس عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم و في رواية : سمعت أنسا يقول : أخبرني بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم به . قلت : فالظاهر أن أنسا تلقاه عن غيره من الصحابة , فكان تارة يذكره و يسنده , و تارة يرسله و لا يذكره , و لا يضر ذلك في صحة الحديث لأن مراسيل الصحابة حجة , كما هو معلوم . 2628 " إن المؤمن ينزل به الموت و يعاين ما يعاين , فود لو خرجت - يعني نفسه - و الله يحب لقاءه , و إن المؤمن يصعد بروحه إلى السماء , فتأتيه أرواح المؤمنين فيستخبرونه عن معارفهم من أهل الأرض , فإذا قال : تركت فلانا في الدنيا أعجبهم ذلك , و إذا قال : إن فلانا قد مات , قالوا : ما جيء به إلينا . و إن المؤمن يجلس في قبره فيسأل : من ربه ? فيقول : ربي الله . فيقال : من نبيك ? فيقول : نبيي محمد صلى الله عليه وسلم . قال : فما دينك ? قال : ديني الإسلام . فيفتح له باب في قبره فيقول أو يقال : انظر إلى مجلسك . ثم يرى القبر , فكأنما كانت رقدة . فإذا كان عدوا لله نزل به الموت و عاين ما عاين , فإنه لا يحب أن تخرج روحه أبدا , و الله يبغض لقاءه , فإذا جلس في قبره أو أجلس , فيقال له : من ربك ? فيقول : لا أدري ! فيقال : لا دريت . فيفتح له باب من جهنم , ثم يضرب ضربة تسمع كل دابة إلا الثقلين , ثم يقال له : نم كما ينام المنهوش - فقلت لأبي هريرة : ما المنهوش ? قال : الذي ينهشه الدواب و الحيات - ثم يضيق عليه قبره " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 263 : أخرجه البزار في " مسنده " ( ص 92 - زوائده ) : حدثنا سعيد بن بحر القراطيسي حدثنا الوليد بن القاسم حدثنا يزيد بن كيسان عن أبي حازم عن #أبي هريرة #- أحسبه رفعه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ... فذكره . و قال البزار : " لا نعلم رواه عن يزيد هكذا إلا الوليد " . قلت : و هو صدوق يخطىء كما في " التقريب " , و من فوقه من رجال الشيخين , و قال الهيثمي عقبه : " في " الصحيح " بعضه , و رجاله ثقات , خلا شيخ البزار فإني لا أعرفه " . قال الحافظ ابن حجر عقبه : " قلت : هو موثق , و لم يتفرد به " . قلت : له ترجمة في " تاريخ بغداد " ( 9 / 93 ) و قال : " و كان ثقة , مات سنة ثلاث و خمسين يعني و مائتين " . و قال السيوطي في " شرح الصدور " ( ص 38 ) : " سنده صحيح " ! و للشطر الأول منه شاهد موقوف من طريق ثور بن يزيد عن أبي رهم السمعي عن أبي أيوب الأنصاري قال : " إذا قبضت نفس العبد تلقاه أهل الرحمة من عباد الله كما يلقون البشير في الدنيا , فيقبلون عليه ليسألوه , فيقول بعضهم لبعض : أنظروا أخاكم حتى يستريح فإنه كان في كرب , فيقبلون عليه فيسألونه : ما فعل فلان ? ما فعلت فلانة ? هل تزوجت ? فإذا سألوا عن الرجل قد مات قبله قال لهم : إنه قد هلك , فيقولون : إنا لله و إنا إليه راجعون , ذهب به إلى أمه الهاوية , فبئست الأم و بئست المربية , قال : فيعرض عليهم أعمالهم , فإذا رأوا حسنا فرحوا و استبشروا , و قالوا : هذه نعمتك على عبدك فأتمها , و إن رأوا سوءا قالوا : اللهم راجع بعبدك " . أخرجه عبد الله بن المبارك في " الزهد " ( 443 ) . قلت : و رجاله ثقات لكنه منقطع بين ثور بن يزيد و أبي رهم . و قد وصله و رفعه سلام الطويل فقال : عن ثور عن خالد بن معدان يعني : عن أبي رهم رفعه . أخرجه ابن صاعد في زوائد " الزهد " ( 444 ) , لكن سلام هذا متروك , لكن ذكره ابن القيم في " الروح " ( ص 20 ) من طريق معاوية بن يحيى عن عبد الله بن سلمة أن أبا رهم السمعي حدثه أن أبا أيوب الأنصاري حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ... فذكره دون تخريج , و قد عزاه في " شرح الصدور " لابن أبي الدنيا و الطبراني في " الأوسط " , و سكت عنه , و معاوية بن يحيى ضعيف . ثم ذكر السيوطي من رواية آدم بن أبي إياس في " تفسيره " : حدثنا المبارك بن فضالة عن الحسن مرفوعا : " إذا مات العبد تلقى روحه أرواح المؤمنين فيقولون له : ما فعل فلان ? ما فعل فلان ? فإذا قال : مات قبلي , قالوا : ذهب به إلى أمه الهاوية , فبئست الأم و بئست المربية " . قلت : و هذا مرسل ضعيف الإسناد . ثم ذكر آثارا كثيرة بمعناه . و بالجملة فالحديث صحيح كما قال السيوطي بهذه الشواهد و الله أعلم . ثم رأيت القرطبي قال في " التذكرة " ( ق 40 / 2 - 41 / 1 ) بعد أن ذكر أثر ابن المبارك المتقدم عن أبي أيوب و غيره من الآثار : " و هذه الأخبار و إن كانت موقوفة فمثلها لا يقال من جهة الرأي , و قد خرج النسائي بسنده عن أبي هريرة ... الحديث , و فيه : " فيأتون به أرواح المؤمنين فلهم أشد فرحا به من أحدكم بغائبه , يقدم عليه فيسألونه : ماذا فعل فلان ? ماذا فعل فلان ? فيقولون : دعوه فإنه كان في غم الدنيا .... " الحديث " . قلت : و قد سبق تخريجه برقم ( 1309 ) و سيعاد بتوسع برقم ( 2758 ) . 2629 " كان يخرج يهريق الماء , فيتمسح بالتراب , فأقول : يا رسول الله ! إن الماء منك قريب ? فيقول : و ما يدريني لعلي لا أبلغه " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 265 : أخرجه عبد الله بن المبارك في " الزهد " ( 292 ) : أخبرنا ابن لهيعة عن عبد الله بن هبيرة عن حنش عن #ابن عباس #مرفوعا . و أخرجه أحمد ( 1 / 288 ) و ابن سعد في " الطبقات " ( 1 / 383 ) من طريق ابن المبارك به . ثم قال ( 1 / 303 ) : حدثنا يحيى بن إسحاق و موسى بن داود قالا : حدثنا ابن لهيعة به . و قال الهيثمي ( 1 / 263 ) : " رواه أحمد و الطبراني في " الكبير " , و فيه ابن لهيعة , و هو ضعيف " . قلت : لكن رواية ابن المبارك مع سائر العبادلة عن ابن لهيعة صحيحة عند العلماء كما ذكروا في ترجمته , و لذلك فالإسناد عندي صحيح لأن سائر رجاله ثقات معروفون من رجال مسلم , و حنش هو ابن عبد الله السبائي <1>الصنعاني الدمشقي1> . و لبعضه شاهد من رواية محمد بن سنان القزاز : حدثنا عمرو بن محمد بن أبي رزين : حدثنا هشام بن حسان عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال : " رأيت النبي صلى الله عليه وسلم تيمم بموضع يقال له مربد الغنم , و هو يرى بيوت المدينة " . أخرجه الدارقطني ( ص 68 ) و الحاكم ( 1 / 180 ) و قال : " حديث صحيح تفرد به عمرو بن محمد بن أبي رزين , و هو صدوق , و قد أوقفه يحيى ابن سعيد الأنصاري و غيره عن نافع عن ابن عمر " . قلت : و وافقه الذهبي , و هو مردود من وجهين : الأول : أن ابن أبي رزين هذا فيه كلام من قبل حفظه , أشار إليه الحافظ في " التقريب " بقوله : " صدوق ربما أخطأ " . فإذا خالف الثقات , فلا تطمئن النفس لتصحيح حديثه . و الآخر : أن القزاز هذا ضعيف , فتعصيب الخطأ به أولى من تعصيبه بشيخه كما لا يخفى على أهل المعرفة بهذا العلم . ثم أخرجه الحاكم من طريق يحيى بن سعيد عن نافع قال : " تيمم ابن عمر على رأس ميل أو ميلين من المدينة فصلى العصر , فقدم و الشمس مرتفعة و لم يعد الصلاة " . و أخرجه عبد الرزاق ( 884 ) عن الثوري عن محمد و يحيى بن سعيد به . و أخرجه الدارقطني ( ص 68 ) و البيهقي ( 1 / 233 ) من طريق أخرى عن محمد بن عجلان عن نافع به نحوه . و الدارقطني من طريق أخرى عن سفيان : أخبرنا يحيى بن سعيد به . و مالك ( 1 / 76 ) و عنه عبد الرزاق ( 883 ) عن نافع به نحوه . فهو موقوف صحيح الإسناد , كما أشار إلى ذلك الحاكم فيما تقدم . و روى البيهقي عند الوليد بن مسلم قال : قيل لأبي عمرو - يعني الأوزاعي - : حضرت الصلاة و الماء حائز <2>عن الطريق أيجب علي أن أعدل إليه ? قال : حدثني موسى بن يسار عن نافع به نحوه , و لفظه : " عن ابن عمر أنه كان يكون في السفر فتحضره الصلاة و الماء منه على غلوة أو غلوتين و نحو ذلك2> , ثم لا يعدل إليه " . و عن حكيم بن رزيق عن أبيه قال : سألت سعيد بن المسيب عن راع في غنمه أو راع تصيبه جنابة و بينه و بين الماء ميلان أو ثلاثة ? قال : " يتيمم صعيدا طيبا . و هذا صحيح أيضا . و أما ما رواه ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 1 / 160 ) : حدثنا شريك عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي قال : " يتلوم الجنب ما بينه و بين آخر الوقت " . و أخرجه البيهقي من طريق أخرى عن أبي إسحاق به نحوه , و لفظه : " اطلب الماء حتى يكون آخر الوقت , فإن لم تجد ماء تيمم ثم صل " . قلت : فهذا على وقفه ضعيف الإسناد , علته الحارث هذا - و هو ابن عبد الله الأعور - فإنه ضعيف , و لذلك قال البيهقي عقبه : " و هذا لم يصح عن علي , و بالثابت عن ابن عمر نقول , و معه ظاهر القرآن " . ----------------------------------------------------------- [1] كذا بالمد , و يقال ( السبئي ) بالقصر , قال في " تاج العروس " : " و كلاهما صحيح " . [2] كذا الأصل , و لعل الصواب ( جائر ) أي مائل , و إن كان ( حائز ) يأتي بمعناه . اهـ . 2630 " اطلبني أول ما تطلبني على الصراط . قال : فإن لم ألقك عند الصراط ? قال : اطلبني عند الميزان . قال : فإن لم ألقك عند الميزان ? قال : فاطلبني عند الحوض , فإني لا أخطئ هذه الثلاث المواطن " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 268 أخرجه الترمذي ( 2 / 70 ) و أحمد ( 3 / 178 ) و الضياء المقدسي في " الأحاديث المختارة " ( ق 242 / 1 - 2 ) من طريق حرب بن ميمون الأنصاري أبي الخطاب : حدثنا النضر بن # أنس بن مالك #عن أبيه قال : سألت النبي صلى الله عليه وسلم أن يشفع في يوم القيامة , فقال : أنا فاعل . قال : قلت : يا رسول الله ! فأين أطلبك ? قال : اطلبني .. الحديث . و قال الترمذي :" حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه " . قلت : و أقره المنذري في " الترغيب " ( 4 / 211 ) و كذا الحافظ ابن حجر في " الفتح " ( 11 / 405 ) و رجاله ثقات رجال مسلم , فإنه أخرج لحرب هذا حديثا آخر في " الأطعمة " ( 6 / 121 ) و سائر رجاله من رجال الشيخين , و هو إلى ذلك ثقة بلا خلاف , إلا ما وهم فيه بعضهم , فلابد من تحقيق القول في ذلك , فأقول : قال الذهبي في " الميزان " : " حرب بن ميمون ( م , ت ) أبو الخطاب الأنصاري , بصري صدوق يخطىء , قال أبو زرعة : لين . و قال يحيى بن معين : صالح . قلت : يروي عن مولاه النضر بن أنس و عن عطاء بن أبي رباح . و عنه عبد الله بن رجاء و يونس المؤدب و جماعة , و قد وثقه علي بن المديني و غيره , و أما البخاري فذكره في " الضعفاء " و ما ذكر الذي بعده صاحب الأغمية <1>1>... " . ثم قال الذهبي عقبه : " حرب بن ميمون العبدي أبو عبد الرحمن البصري العابد المعروف بـ ( صاحب الأغمية ) عن عوف و حجاج بن أرطاة و خالد الحذاء ... ضعفه ابن المديني و الفلاس , و قال ابن معين : صالح . قلت : توفي سنة بضع و ثمانين و مائة , و هو الأصغر و الأضعف , و قد خلطه البخاري و ابن عدي بالذي قبله , و جعلهما واحدا , و الصواب أنهما اثنان , الأول صدوق لقي عطاء , و الثاني ضعيف أكبر من عنده حميد الطويل . قال عبد الغني بن سعيد : هذا مما وهم فيه البخاري , نبهني عليه الدارقطني " . قلت : ما استصوبه الذهبي رحمه الله هو الصواب , و به جزم غير ما إمام من المتقدمين و المتأخرين , فقال الساجي : " حرب بن ميمون الأصغر ضعيف الحديث عنده مناكير , و الأكبر صدوق " . و كذا قال عمرو بن علي الفلاس , و روى عبد الله بن علي عن أبيه نحوه . و قال الحافظ ابن حجر في الأكبر : " صدوق , رمي بالقدر من , السابعة " . و في الأصغر : " متروك الحديث مع عبادته , من الثامنة , و وهم من خلطه بالأول " . و جرى على التفريق بينهما الخزرجي أيضا في " الخلاصة " و غيره كما يأتي . لكن في كلام الذهبي المتقدم بعض الأوهام لابد من التنبيه عليها إتماما للتحقيق : أولا : قوله في ترجمة الأكبر : " قال أبو زرعة : لين " خطأ و حقه أن ينقل إلى ترجمة الأصغر ففيها أورده ابن أبي حاتم ( 1 / 2 / 251 ) تبعه الحافظ في " التهذيب " . ثانيا : قوله فيها و في ترجمة الأصغر : " و قال ابن معين : صالح " خطأ أيضا , و الصواب ذكره في ترجمة الأصغر فقط , كما فعل ابن أبي حاتم و ابن حجر . ثالثا : قوله : و أما البخاري فذكره في " الضعفاء " . فأقول : إن كان يريد كتابه المعروف بـ " الضعفاء " كما هو المتبادر فلم أره ذكر فيه الأكبر , و لا الأصغر , من النسخة المطبوعة في الهند , فلا أدري إذا كان ذلك في نسخة أخرى منه , و إن كنت أستبعد هذا , فإن الحافظ ابن حجر لم يذكره مطلقا . و لكنه قال : " قال البخاري : قال سليمان بن حرب : هو أكذب الخلق " . و لكن الحافظ في الوقت الذي لم يعز هذا لـ " ضعفاء البخاري " , فإنه أورده في ترجمة حرب بن ميمون الأصغر , بينما البخاري نفسه إنما أورده في " التاريخ الكبير " في ترجمة الأكبر , فقال ( 1 / 2 / 65 ) : " حرب بن ميمون يقال أبو الخطاب البصري مولى النضر بن أنس الأنصاري عن أنس ( ! ) سمع منه يونس بن محمد . قال سليمان بن حرب : هذا أكذب الخلق " . و لم يذكر البخاري في ترجمة الأصغر شيئا ( 1 / 2 / 64 ) . و قد استظهر محقق " التاريخ " أن الحامل للحافظ و غيره على صرف قول البخاري هذا إلى ترجمة الأصغر أن ابن المديني و عمرو بن علي قد ليناه , و وثقا هذا الأنصاري . ثم أجاب عن تكذيب سليمان له بما خلاصته أنه جرح مبهم غير مفسر لأنه قائم على قصة لا تستلزم التكذيب المذكورة بصورة لا تحتمل التأويل , فراجع كلامه فإنه مفيد . و خلاصة القول : إن حرب بن ميمون الأكبر صاحب هذا الحديث , ثقة حجة , وثقه ابن المديني شيخ البخاري و الفلاس و الساجي , و كذا مسلم بإخراجه له في " الصحيح " , و ابن حبان بذكره إياه في " الثقات " , و الخطيب بقوله فيه : " كان ثقة " , و لم يضعفه أحد سوى ما تقدم من قول سليمان بن حرب فيه , و قد عرفت الجواب عنه , و أنه غير حرب بن ميمون الأصغر كما سبق عن جماعة من الأئمة . و بهذه المناسبة لابد من التنبيه على وهم أيضا وقع في ترجمة ( الأصغر ) هذا من " تهذيب التهذيب " لابن حجر , فقد قال ( 2 / 227 ) : " قال المزي : و قد جمع بينهما غير واحد , و هو الصحيح إن شاء الله تعالى " . و الذي رأيته في " تهذيب الكمال " للحافظ المزي خلافه , فإنه بعد أن ترجم للأكبر أتبعه بترجمة الأصغر , و قال في آخرها : " ذكرناه للتمييز بينهما , و قد جمعهما غير واحد , و فرق بينهما غير واحد , و هو الصحيح إن شاء الله تعالى " . فالظاهر أنه سقط من الناسخ أو الطابع لـ " تهذيب التهذيب " جملة " و فرق بينهما غير واحد " , فاختل المعنى . و الله أعلم . و لعله من هذا القبيل ما جاء في أول ترجمة الأكبر من " تهذيب التهذيب " قال : " روى له مسلم حديثا في تكثير الطعام عند أم سليم , و الآخر في قوله صلى الله عليه وسلم لأنس : اطلبني ... " . فإنه يوهم أن الحديث الآخر - حديث الترجمة - رواه مسلم أيضا , و ليس كذلك , و لولا أنه كان رمز له في رأس الترجمة بأنه أخرج له مسلم و الترمذي و ابن ماجه في " التفسير " , لكان يمكن حمل قوله : " و الآخر " على الترمذي , و لكن ذكره لابن ماجه عقبه يمنع منه إلا بتكلف ظاهر . و اعلم أن هذا الحديث أورده الشيخ السهسواني الهندي في " صيانة الإنسان من وسوسة الشيخ دحلان " ( ص 353 ) مستدلا به على أن طلب الشفاعة من النبي صلى الله عليه وسلم في حياته ثابت , ثم ساق أحاديث هذا أولها , و قال بعد أن ذكر تحسين الترمذي إياه : " قلت : و رجاله رجال الصحيح , و كلهم ثقات غير حرب بن ميمون أبي الخطاب , فقد اختلف فيه , قال الذهبي في " الميزان " ... " . ثم ساق كلامه المتقدم , و لكن ملخصا . ففهم منه مقلده صاحب كتاب " التوصل إلى حقيقة التوسل " أن الحديث ضعيف , فقال عقب الحديث ( ص 320 - الطبعة الثانية ) : " الحديث غير صحيح السند كما سيأتي بيانه " . و البيان الذي وعد به لا يزيد على قوله في الصفحة المقابلة بعد أن ذكر أيضا تحسين الترمذي إياه : " و في سنده أبو الخطاب حرب بن ميمون ضعف و وثق , و ممن ضعفوه ( ! ) شيخ المحدثين البخاري , فحديث يقول فيه الترمذي : حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه الحسن الغريب ( ! ) , و الترمذي معروف لينه و تساهله في نقد الرواة و الروايات . و فيه أيضا من ضعفه البخاري , و حسبك به ناقدا حجة في هذا الشأن , فكيف يحتج بهذا الحديث ... ?! اللهم علمنا العلم الذي لا جهل معه " ! قلت : فهذا الكلام مع ما فيه من الركة و العجمة و ضعف البيان حتى وصف الترمذي باللين ! و قال : " ضعفوه " , و هو يريد " ضعفه " , فهو يدل على عدم معرفة قائله بهذا العلم الشريف , و قلة اطلاعه على أقوال أئمة الجرح و التعديل , فضلا عن عجزه التام عن التوفيق بين أقوالهم في الراوي الواحد . فمن كان هذا حاله , فمن البدهي أن يقول ما لم يقله أحد قبله , حتى و لا مقلده و عمدته في الكلام على الأحاديث , و هو الشيخ الفاضل : السهسواني , فإن هذا تكلم على الحديث بإسلوب معروف عند أهله , و إن كان لم يفصح عن مرتبته , مع أن ظاهره أقرب إلى تأييده تحسين الترمذي إياه منه إلى رده , فجاء هذا المومى إليه فلخص كلامه تلخيصا بعيدا جدا عن الواقع أدى به إلى التصريح بأن إسناده غير صحيح , و أن راويه أبا الخطاب مختلف فيه " ضعف و وثق , و ممن ضعفه البخاري " و هذا كله لعدم علمه و معرفته , و لذلك فلم يحسن التعبير , فـ ( أبو الخطاب ) متفق على توثيقه , و لم يضعفه أحد غير البخاري , على ما في تضعيفه إياه من تردد العلماء , هل أراد به أبا الخطاب هذا أم حرب بن ميمون الأصغر ? كما تقدم بيانه , و أنه إن أراد به الأول , فهو جرح غير مفسر , كما تقدم , و لذلك لم يعتمد عليه من جاء بعده من النقاد كالذهبي و العسقلاني و الخزرجي , و من قبلهم المنذري الذي أقر الترمذي على التحسين , و كل هؤلاء يعلمون أن البخاري هو شيخ المحدثين حقا , و لكنهم يعلمون أيضا أن الحق لا يعرف بالرجال , و أنه لا عصمة لأحد منهم , و إنما هو مشاع بينهم , فلذا فهم يبحثون عنه , فمع من كان اتبعوه , و هذا ما صنعوه هنا , فأعرضوا على تضعيف البخاري , و اعتمدوا قول الذين وثقوه كما سبق . و أزيد هنا فأقول : قال الذهبي في " ديوان الضعفاء " ( مخطوط ) : " حرب بن ميمون أبو الخطاب , ثقة , رماه بالكذب سليمان بن حرب " . و قال في " المغني " ( 1 / 153 - طبع حلب ) : " ثقة , غلط من تكلم فيه , و هو صدوق " . فأنت تراه لم يعتد بمن رماه بالكذب فضلا عمن تكلم فيه . و لهذا الرجل قصة طويلة فيها عبرة لمن يعتبر , لا مجال للتحدث عنها بهذا المكان , و إنما لابد من الإشارة إليها بأوجز ما يمكن من الكلام . فهو رجل عاش نحو ربع قرن من الزمان رئيسا على إخواننا السلفيين في حلب , و منذ بضع سنين بدأ يظهر شيئا من الشدة عليهم , و فرض الرأي , فمن استسلم له قربه إليه , و من خالفه في رأيه أبعده عنه , و امتنع من التعاون معه , و لو كان صاحبه القديم منذ بدء الدعوة هناك , يفعل هذا , و هو ممن لا علم عنده يذكر و لا تحقيق إلا ما كان استفاده من غيره , إلى أن خرج عليهم برأي لا عهد لهم به , و هو أن نساء النبي صلى الله عليه وسلم معصومات من الزنا , و إن كان الجميع متفقين معه على أنهن متن و هن عفيفات شريفات , فكان لا يقنع إلا بأن يقولوا معه إنهن معصومات العصمة الشرعية , فلما طالبوه بالحجة , و ناقشه فيها أبرز من فيهم فقها و فهما , كان جزاؤه منه أن قاطعه و هجره , و بالنار إن استمر على مخالفته أوعده , و حاول أن يبعده عن الجماعة , بعد أن أعلن عدم استعداده أن يتعاون معه , فجلب بذلك ضررا على نفسه و دعوته , حيث تبين للجماعة هناك بأن عمله ليس على المنهج , و على الرغم من نصحي إياه , فلم يستجب , فكانت عاقبته أن أزالوه من رياسته , بعد أن اجتمعوا في داره , و أنا معهم و بعض إخواننا الدمشقيين , و كلهم ينصحونه و يطلبون منه أن يكف عن فرض رأيه و إصراره و أن يتعاون مع كل إخوانه و بخاصة القدامى و الفقهاء منهم , فرفض , فكان أن أقالوه عن رياسته و نصبوا عليهم غيره و هم في داره ! فكان بعد ذلك ينال من صاحبه القديم كلما جاء ذكره , و يصفه بما ليس فيه ! مع أنه معروف بين إخوانه بإخلاصه و تدينه و فقهه و غيرته على الدعوة , فيما نعلم و الله حسيبه و لا نزكي على الله أحدا , من أجل ذلك قطعت صلتي به , فلا أزوره و لا يزورني , و إن كان يظهر مودتي و تبجيلي كلما لقيني و أنا أصد عنه , حتى يتوب إلى ربه من فعلته و يعتذر لأخيه عن إساءته إليه , و لله عاقبة الأمور . و على الرغم من أنه ترك بلدته ( حلب ) و تركته الجماعة كما سبق , فهو لا يزال يعلن في البلاد السعودية أنه رئيس الجماعة , بل و يصرح بأنه مؤسس الدعوة السلفية , فعل ذلك في كتابه " التوصل " , فانتقدته في كتابي " التوسل أنواعه و أحكامه " ( ص 91 - 93 ) , فرد علي في طبعته الثانية من كتابه المذكور , بما يبدو للقارئ اللبيب أنه تبين له صواب نقدي إياه , و لكنه لم يظهر ذلك , و أكبر دليل على ذلك أنه في طبعته الثانية قيد لقبه السابق , فقال عن نفسه بنفسه ( ! ) : " مؤسس الدعوة السلفية بحلب " , دون أن يذكر بأنه استفاد ذلك من نقدي المشار إليه , و تأول قوله : " مؤسس " بما كنت ذكرته أنا في نقدي بأنه لعله أراد به : " مجدد الدعوة السلفية " , فتكلم طويلا بكلام لا يخرج عن التأويل المذكور , فوددت لو أنه صرح بأنه : " مجدد الدعوة السلفية بحلب " إذن لما وافقه إخوانه على ذلك , لأنهم يعلمون أنه ليس أهلا لذاك , و أنه حسبه أن يكون تابعا لأحد المجددين , كما قلت هناك , و كتابه المذكور أكبر شاهد على ما أقول , فهو ممتلئ بالأخطاء العلمية , من أنواع مختلفة , على ركة وعي في التعبير , و كلامه في هذا الحديث من أوضح الأدلة على ذلك , و الله هو المسؤول أن يحفظ علينا إيماننا , و يطهر قلوبنا من الحسد و الغل و الكبر , إنه خير مسؤول <2>2>. ----------------------------------------------------------- [1] جمع ( الغماء ) : سقف البيت . " المعجم الوسيط " . [2] و قد ذكرت تحت حديث عائشة المتقدم ( 2507 ) تفصيل ما أجملت هنا من الرد على قوله بالعصمة , و كان ذلك منذ نحو عشرين سنة . ثم توفي الرجل إلى رحمة الله , و غفر لنا و له , فترددت كثيرا في نشر هذا - و الكتاب تحت الطبع - ثم أمضيته للتاريخ و العبرة , و دفعا للقيل و القال , و لا سيما و قد بدأ بعض ذوي الأغراض و الأهواء من الناشرين و المعلقين يخوضون بعد وفاته فيما لا علم لهم به , و الله يقول : *( فاسأل به خبيرا )* . اهـ . 2631 " ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت و هو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 276 : أخرجه البخاري ( 4 / 387 ) و مسلم ( 1 / 88 و 6 / 8 ) و الدارمي ( 2 / 324 ) و أحمد ( 5 / 25 ) من طرق عن الحسن قال : عاد عبيد الله بن زياد # معقل بن يسار المزني # في مرضه الذي مات فيه , قال معقل : إني محدثك حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم لو علمت أن لي حياة ما حدثتك , إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ... فذكره . و في رواية للبخاري عن الحسن قال : أتينا معقل بن يسار نعوده , فدخل علينا عبيد الله , فقال له معقل : ... فذكره نحوه . و تابعه أبو المليح أن عبيد الله بن زياد دخل على معقل بن يسار في مرضه , فقال له معقل : ... فذكره نحوه , و لفظه : " ما من أمير يلي أمر المسلمين ثم لا يجهد لهم و ينصح إلا لم يدخل معهم الجنة " أخرجه مسلم , و قد مضى من رواية أحمد و غيره نحوه برقم ( 1754 ) . 2632 " ما من عبد أتى أخا له يزوره في الله إلا نادى مناد من السماء : أن طبت و طابت لك الجنة , و إلا قال الله في ملكوت عرشه : عبدي زار في و علي قراه , فلم أرض له بقرى دون الجنة " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 277 : أخرجه أبو يعلى في " مسنده " ( 3 / 1024 ) و البزار ( 2 / 388 - 389 ) و أبو نعيم في " الحلية " ( 3 / 107 ) و الضياء في " المختارة " ( ق 240 / 1 ) من طريق يوسف بن يعقوب : أخبرنا ميمون بن عجلان عن ميمون بن سياه عن #أنس # مرفوعا . و قال أبو نعيم : " رواه الضحاك بن حمرة عن حماد بن جعفر عن ميمون بن سياه مثله " . قلت : و ابن حمرة ضعيف , و لكن الإسناد الذي قبله رجاله رجال " الصحيح " , غير ميمون بن عجلان هذا , و قد أورده البخاري في " التاريخ " ( 7 / 343 ) و ابن أبي حاتم ( 4 / 1 / 239 ) من رواية يوسف هذا عنه , و لم يذكرا فيه جرحا و لا تعديلا , غير أن ابن أبي حاتم قال : " و سئل أبي عنه ? فقال : شيخ " . و اعلم أن من قيل فيه : " شيخ " , فهو في المرتبة الثالثة من مراتب التعديل , يكتب حديثه و ينظر فيه كما قال ابن أبي حاتم نفسه ( 1 / 1 / 37 ) و جرى عليه العلماء كما تراه في " التدريب " ( ص 232 ) , و معنى ذلك أنه ممن ينتقى من حديثه , أو أنه حسن الحديث إذا لم يخالف , و لعله قد أشار إلى ذلك الحافظ الذهبي بقوله في مقدمة " الميزان " : " و لم أتعرض لذكر من قيل فيه : " محله الصدق " , و لا من قيل فيه : " لا بأس به " , و لا من قيل فيه : " هو صالح الحديث " , أو " يكتب حديثه " , أو " هو شيخ " , فإن هذا و شبهه يدل على عدم الضعف المطلق " . قلت : و جل هؤلاء ممن يحسن العلماء حديثهم عادة , فليكن مثلهم من قيل فيه : " هو شيخ " , و يؤيده أن الحافظ المنذري جود إسناد حديث هذا الشيخ , فقال عقبه في " الترغيب " ( 3 / 239 ) : " رواه البزار و أبو يعلى بإسناد جيد " . و وثقه الهيثمي , فقال في " المجمع " ( 8 / 173 ) : " رواه البزار و أبو يعلى , و رجال أبي يعلى رجال " الصحيح " غير ميمون بن عجلان , و هو ثقة " . و لعل تصريحه بتوثيقه إياه , إنما هو اعتماد منه على توثيق ابن حبان , فقد أورده في " الثقات " كما يستفاد من " التعجيل " , و إن لم أره في نسخة الظاهرية من " الثقات " , فإن فيها خرما . ثم طبع كتاب " الثقات " و قد أورده فيه ( 7 / 473 ) برواية محبوب بن الحسن و أهل البصرة عنه . و هذان من رجال " الميزان " و " اللسان " فراجعهما . و قد روى عن هذا الشيخ إسماعيل بن عبد الملك الزئبقي أيضا عند الضياء , و كذا محمد بن بكر , لكن سماه ميمون المرئي , لكن في " التهذيب " من هذه الطبقة : " ميمون بن سياه المرئي البصري , و يقال إنه ابن ميمون بن عبد الرحمن بن صفوان ابن قدامة " . و ابن سياه هذا هو من شيوخ ميمون بن عجلان كما في ترجمتهما من " التاريخ " و " الجرح و التعديل " و هو شيخه في هذا الإسناد كما ترى , و قد فرقا بينهما , فهو غير المرئي إذن , و من الممكن أن يكون مشاركا له في هذه النسبة . و الله أعلم . و قد توبع ميمون بن عجلان من الضحاك بن حمرة في الرواية المعلقة عند أبي نعيم , لكن الضحاك هذا ضعيف . و للحديث شاهد من حديث أبي هريرة . أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " ( رقم 245 ) و الترمذي و حسنه في نسخة , و صححه ابن حبان ( 712 ) و إسناده صالح للاستشهاد به كما بينته في التحقيق الثاني لـ " المشكاة " ( 5015 ) . و لأبي يعلى بهذا الإسناد حديث آخر عن أنس في فضل المصافحة عند اللقاء , تقدم ذكره تحت الحديث ( 525 ) . 2633 " أرواح الشهداء في جوف طير خضر , لها قناديل معلقة بالعرش , تسرح من الجنة حيث شاءت , ثم تأوي إلى تلك القناديل , فاطلع إليهم ربهم إطلاعة , فقال : هل تشتهون شيئا ? قالوا : أي شيء نشتهي و نحن نسرح من الجنة حيث شئنا ? ففعل ذلك بهم ثلاث مرات , فلما رأوا أنهم لن يتركوا من أن يسألوا , قالوا : يا رب ! نريد أن ترد أرواحنا في أجسادنا , حتى نقتل في سبيلك مرة أخرى ! فلما رأى أن ليس لهم حاجة تركوا " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 279 : أخرجه مسلم ( 6 / 38 - 39 ) و الترمذي ( 3014 ) و الدارمي ( 2 / 206 ) و ابن ماجه ( 2 / 185 ) و البيهقي في " الشعب " ( 4 / 19 - 20 ) و الطيالسي ( 38 / 294 ) و ابن أبي شيبة ( 5 / 308 ) و هناد في " الزهد " ( 154 ) و الطبري ( 8206 ) من طرق عن الأعمش عن عبد الله بن مرة عن مسروق قال : سألنا #عبد الله [ بن مسعود ] #عن هذه الآية *( و لا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون )* ? قال : أما إنا قد سألنا عن ذلك ? فقال : ... فذكره . و السياق لمسلم , و الزيادة للترمذي , و قال : " حديث حسن صحيح " . قلت : هو مرفوع في صورة موقوف , فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يذكر فيه صراحة , لكنه في حكم المرفوع قطعا , و ذلك لأمرين : الأول : أن قوله : " سألنا عن ذلك ? فقال : " لا يمكن أن يكون المسؤول و القائل إلا الرسول صلى الله عليه وسلم , لأنه هو مرجعهم في بيان ما أشكل أو غمض عليهم و الآخر : أن ما في الحديث من فضل الشهداء عند الله , و مخاطبته تعالى إياهم و جوابهم و طلبهم منه أن ترد أرواحهم إلى أجسامهم , كل ذلك مما لا يمكن أن يقال بالرأي . و لذلك قال النووي في " شرح مسلم " : " و هذا الحديث مرفوع لقوله : " إنا قد سألنا عن ذلك , فقال , يعني النبي صلى الله عليه وسلم " . و أمر ثالث : أنه قد جاء طرف منه مرفوعا من حديث ابن عباس رضي الله عنه عند أحمد ( 1 / 266 ) و صححه الحاكم ( 2 / 297 - 298 ) و وافقه الذهبي , و قد تكلمت عليه في " تخريج الطحاوية " ( ص 393 ) و " المشكاة " ( 3853 ) . و كأنه لما ذكرنا استجاز شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى أن يصرح برفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم , فإنه أورده في " مجموع الفتاوى " ( 4 / 224 - 225 ) من رواية مسلم بلفظ : " فقال : أما إنا قد سألنا عن ذلك [ رسول الله صلى الله عليه وسلم ] ? فقال : ... " , فزاد فيه الرسول صلى الله عليه وسلم , و يحتمل أن تكون هذه الزيادة في بعض النسخ القديمة من " صحيح مسلم " . و الله أعلم . 2634 " من شرب الخمر في الدنيا و لم يتب لم يشربها في الآخرة و إن أدخل الجنة " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 281 : أخرجه البيهقي في " شعب الإيمان " ( 2 / 148 / 1 ) عن حفص بن عبد الله : حدثني إبراهيم ابن طهمان عن أيوب عن نافع [ و ] عن موسى بن عقبة عن نافع عن #ابن عمر #أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ... فذكره . قلت : و هذا إسناد صحيح , رجاله ثقات رجال البخاري , و حفص بن عبد الله هو السلمي النيسابوري . و قد أخرجه الشيخان و غيرهما من طرق عن نافع به دون قوله : " و إن أدخل الجنة " . لكنها زيادة جيدة , لها شواهد ذكرتها في " الروض النضير " ( 561 ) و قد أورده المنذري في " الترغيب " ( 3 / 182 ) بهذه الزيادة ساكتا عليها . 2635 " إن الشيطان قد أيس أن يعبد بأرضكم هذه و لكنه قد رضي منكم بما تحقرون " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 281 : أخرجه أحمد ( 2 / 368 ) : حدثنا معاوية حدثنا أبو إسحاق عن الأعمش عن أبي صالح عن # أبي هريرة #عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ... فذكره . قلت : و هذا إسناد صحيح , رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين , و أبو إسحاق هو إبراهيم بن محمد بن الحارث الفزاري . و معاوية , الظاهر أنه معاوية بن عمرو , فقد ساق له الإمام أحمد حديثا آخر قبل هذا الحديث , و هو الأزدي أبو عمرو البغدادي , و هو من شيوخ البخاري , و من الغريب أنهم لم يذكروا في ترجمته و لا في ترجمة الإمام أحمد , أن الإمام روى عنه , مع أنه من طبقة شيوخه كوكيع بن الجراح , و كان معاوية أسن منه بسنة , حتى الحافظ المزي لم يذكره مع أن من عادته استقصاء شيوخ المترجم و الرواة عنه , فلما لم أره قد ذكره ذهب وهلي إلى احتمال أن يكون وقع في نسخة " المسند " سقط في اسم شيخه , و أنه مروان بن معاوية , فإنه سمع من أبي إسحاق الفزاري و سمع منه الإمام أحمد , و لكن سرعان ما زال هذا الاحتمال حينما رأيت الإمام أحمد قد روى الحديث الآخر عن معاوية بن عمرو , فالحمد لله على توفيقه . ثم تأيد ذلك بذكر ابن الجوزي إياه في شيوخ أحمد في " مناقبه " ( ص 50 ) و بذكر الحافظ المزي أبا إسحاق الفزاري في شيوخ معاوية في " تهذيبه " ( 2 / 169 ) و قد تابعه أبو حمزة عن الأعمش به , إلا أنه زاد : و أبي سعيد ... " . أخرجه البيهقي في " الشعب " ( 2 / 383 / 2 - 384 / 1 ) . و سنده صحيح أيضا , و أبو حمزة هو محمد بن ميمون السكري المروزي . 2636 " لا ينبغي للمؤمن أن يكون لعانا " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 282 : أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " ( 309 ) و الترمذي ( 2020 ) و الحاكم ( 1 / 47 ) و عنه البيهقي في " الشعب " ( 2 / 91 / 2 ) و ابن أبي الدنيا في " الصمت " ( 2 / 14 / 2 و 4 / 40 / 2 ) من طرق عن كثير بن زيد قال : سمعت سالما يحدث عن #ابن عمر #عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكره . و قال الترمذي : " حديث حسن غريب " . و قال الحاكم : " هذا حديث أسنده جماعة من الأئمة عن كثير بن زيد , ثم أوقفه عنه حماد بن زيد وحده , فأما الشيخان فإنهما لم يخرجا عن كثير بن زيد , و هو شيخ من أهل المدينة من أسلم , كنيته أبو محمد , لا أعرفه بجرح في الرواية , و إنما تركاه لقلة حديثه " . كذا قال , و قد تكلم فيه أئمة الحديث فمنهم من وثقه , و منهم من ضعفه و منهم من مشاه و هو الأرجح , و ترى أقوالهم فيه في " التهذيب " , و لخصها الحافظ بقوله : " صدوق يخطىء " . و هذا يعني عنده أنه حسن الحديث أو يقاربه . هذا و زاد الحاكم في روايته : " قال سالم : و ما سمعت ابن عمر لعن شيئا قط " . و هي عند البخاري أيضا بزيادة : " ليس إنسانا " , و لفظ ابن أبي الدنيا : " إلا إنسانا واحدا " . و هذه عند ابن أبي الدنيا أيضا بلفظ : " إلا مرة " و قد بينتها رواية الزهري عن سالم قال : " لم أسمع ابن عمر لعن خادما قط غير مرة واحدة , غضب فيها على بعض خدمه فقال : " لعنه الله " ! كلمة لم أحب أن أقولها " . كذا و لعل الصواب : " يقولها " . أخرجه ابن أبي الدنيا ( 2 / 14 / 1 ) و سنده صحيح . و رواه البيهقي بنحوه و زاد : " فأعتقه " . ( تنبيه ) : هنا وهمان وقعا لبعضهم : الأول : عزا المنذري في " الترغيب " ( 3 / 287 ) هذا الحديث للترمذي من حديث عبد الله بن مسعود , و إنما هو من حديث ابن عمر , و حديث ابن مسعود أتم من هذا , و قد خرجته في " تخريج السنة " برقم ( 1014 ) . و الآخر : وقع الإسناد عند الترمذي - طبعة دعاس - : " عن كثير عن زيد بن سالم " , و هذا تصحيف فاحش , و الصواب : " عن كثير بن زيد عن سالم " , فليصححه من كان عنده نسخة منه . و للحديث شاهد من حديث أبي هريرة مرفوعا بلفظ : " لا ينبغي لصديق أن يكون لعانا " . و هو مخرج في " التعليق الرغيب " ( 3 / 286 ) . 2637 " من ترك دينارين , فقد ترك كيتين " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 284 : أخرجه البيهقي في " الشعب " ( 2 / 335 / 1 ) من طريق الربيع بن نافع عن محمد بن المهاجر عن أبيه عن #أسماء بنت يزيد بن السكن #قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ... فذكره . قلت : و هذا إسناد جيد , رجاله ثقات معروفون غير المهاجر - و هو ابن أبي مسلم الشامي الأنصاري - مولى أسماء بنت يزيد , و قد ترجمه البخاري و ابن أبي حاتم برواية جمع آخر من الثقات , و لم يذكرا فيه جرحا و لا تعديلا , و أورده ابن حبان في " الثقات " ( 3 / 255 ) . قلت : فمثله يحتج به في التابعين , لاسيما و لحديثه شواهد كثيرة , منها ما أخرجه الحسن بن سفيان عن حبيب بن هرم بن الحارث السلمي عن عمه الحكم بن الحارث السلمي مرفوعا بلفظ : " من ترك دينار فكية , و من ترك دينارين فكيتين " . هكذا ذكره في " الجامع الكبير " , و في " أسد الغابة " ( 2 / 31 ) عن حبيب المذكور , قال : " كان عطاء عمي في ألفين , فإذا خرج عطاؤه قال لفلان : انطلق فاقض عنا ما علينا , فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ... " فذكره . و قال : " أخرجه الثلاثة " . يعني : ابن منده و أبا نعيم و ابن عبد البر , إلا أنه قد نص في " المقدمة " ( 1 / 5 ) أنه يعني الاسم , و ليس الحديث ! فلا يؤخذ منه أن الثلاثة أخرجوا الحديث عنده , لاسيما و ابن عبد البر لم يذكره في كتابه " الاستيعاب " . و حبيب بن هرم هذا أورده ابن أبي حاتم برواية أبي جناب عون بن ذكوان الجرشي عنه عن عمه . و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا . و كذلك أورده ابن حبان في " الثقات " ( 3 / 39 ) . و من شواهد الحديث ما أخرجه الطيالسي ( 357 ) و غيره عن عاصم بن بهدلة عن زر عن عبد الله ( هو ابن مسعود ) قال : " إن رجلا من أهل الصفة مات , فوجدوا في شملته دينارين , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كيتان " . و إسناده حسن , و صححه ابن حبان ( 2481 - موارد الظمآن ) و بوب له فيه بـ " باب فيمن يأكل نصيب الفقراء و هو غني " . قلت : يشير إلى أن الحديث ليس على إطلاقه , لكن المعنى الذي ترجمه له ليس بظاهر , و يبدو لي أنه محمول على من مات و عليه دين , لديه قضاؤه , و إليه يشير صنيع راوي الحديث كما تقدم في رواية " أسد الغابة " . و هنا وجه آخر من التأويل , يستفاد مما رواه البيهقي عن ابن راهويه أنه قال : " إنما ترك الصلاة عليه , لأنه كان من أهل الصفة , و هو يظهر أنه فقير ليس له شيء , و أنه من أهل الصفة , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ترك كيتين " , أي : لمثله كيتان " . و في " الفتح " ( 4 / 388 ) نحوه . قلت : و هذا لا ينافي ما ذكرته . و الله الموفق . 2638 " كان إذا كان في سفر , فأسحر يقول : سمع سامع بحمد الله و حسن بلائه علينا , ربنا صاحبنا , و أفضل علينا , عائذا بالله من النار " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 286 : أخرجه مسلم ( 8 / 80 ) و أبو داود ( 5086 ) و ابن خزيمة في " صحيحه " ( 2571 ) و ابن حبان ( 4 / 168 / 2690 ) و ابن السني في " عمل اليوم و الليلة " ( 508 ) من طريق النسائي , و هذا في " السنن الكبرى " ( 5 / 257 / 8828 ) و الحاكم ( 1 / 446 ) و عنه البيهقي في " الدعوات الكبير " ( 2 / 187 ) كلهم من طرق عن ابن وهب : حدثنا سليمان بن بلال عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن #أبي هريرة #رضي الله عنه قال : ... فذكره . و قال الحاكم : " صحيح على شرط مسلم " . و وافقه الذهبي . قلت : إنما هو صحيح فقط , لأن راويه عنده عن ابن وهب ( الربيع بن سليمان ) , و ليس من رجال مسلم , و قد زاد زيادتين : إحداهما : " و نعمته " بعد قوله : " بحمد الله " . و هي عند أبي داود أيضا . و الأخرى في آخر الحديث : " يقول ذلك ثلاث مرات , و يرفع بها صوته " . قلت : هما شاذتان لعدم ورودهما في أكثر الطرق المشار إليها عن ابن وهب . و حسبك دليلا إعراض صاحبي " الصحيح " : مسلم و ابن حبان عنهما , و كذا ابن خزيمة , فقد ساق في " صحيحه " بإسنادين , من طريق ابن وهب المذكورة , و من طريق عبد الله بن عامر عن سهيل بن أبي صالح به . ثم بين أن الزيادتين ليستا في طريق ابن وهب و إنما في طريق عبد الله بن عامر ثم قال :" عبد الله ابن عامر ليس من شرطنا في هذا الكتاب , و إنما خرجت هذا عن سليمان بن بلال عن سهيل بن أبي صالح , فكتب هذا إلى جنبه " . قلت : يعني أنه وقع له الحديث هكذا برواية عبد الله بن عامر مقرونا برواية سليمان بن بلال , فأخرجها في " الصحيح " مقرونا , و هو ليس بحجة , و إنما الحجة سليمان . و عبد الله بن عامر هو المدني ضعيف . ( تنبيهات ) : لقد أعل الحديث الحافظ ابن عمار الشهيد في كتابه " علل أحاديث صحيح مسلم " , فقال ( ص 128 - 129 ) بعد أن ضعف عبد الله بن عامر : " فيشبه أن يكون سليمان سمعه من عبد الله بن عامر . و لا أعرفه إلا من حديث ابن وهب هكذا " ! قلت : و هذا إعلال عجيب غريب , يغني حكايته عن رده , فإن سليمان بن بلال ثقة حجة متفق على الاحتجاج بحديثه عند الشيخين و غيرهما , و لم يرم بتدليس , فكيف يصح إعلال حديثه بمثل ( عبد الله ) هذا الضعيف ?! و لقد أحسن الرد عليه الأخ علي الحلبي فيما علقه عليه , جزاه الله خيرا . و هذا هو الأول . الثاني : أورده الحافظ السخاوي في " الابتهاج " ( ص 47 ) و قال : " أخرجه مسلم و أبو داود بزيادة " و نعمته " , و الحاكم بزيادة أن يقوله ثلاث مرات , و يرفع به صوته " . قلت : و فاته أن زيادة أبي داود عند الحاكم أيضا . الثالث : ساقه ابن القيم في " الوابل الصيب " ( ص 298 ) بلفظ الحاكم , و صححه على شرط مسلم , و إنما هو صحيح فقط كما سبق بيانه . و علق عليه الشيخ إسماعيل الأنصاري بما لا يجدي , بل و بما يوهم خلاف الواقع فيما يتعلق بكلام الحافظ السخاوي من المبالغة فيه , و سكت عن بيان الخطأ المشار إليه , فضلا عن شذوذ آخر في رواية الحاكم , و هو قوله مكان " فأسحر " : فبدا له الفجر " ! و كذلك لم يتنبه لهذا الأخ بدر في تعليقه على " الدعوات " , فتعقب تصحيح الحاكم على شرط مسلم بقوله : " قلت : قد أخرجه مسلم كما تقدم , فهو ليس كما قالا " . و هذا الاستدراك عليهما خطأ مضاعف , فإنه مع إقراره إياهما على تصحيحه على شرط مسلم , فإنه لا يصح عزوه إليه و فيه الشذوذ في المواضع الثلاثة التي ليست عند مسلم , فتنبه . 2639 " أفضل الصدقة إصلاح ذات البين " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 289 : رواه عبد بن حميد في " المنتخب من المسند " ( 43 / 2 ) و البزار ( 2059 ) و الطبراني في " المعجم الكبير " عن الأفريقي عن رجل عن عبد الله بن يزيد عن #عبد الله بن عمرو #مرفوعا . و رواه البخاري في " التاريخ " ( 2 / 1 / 270 ) و القضاعي ( 104 / 2 ) عن عبد الرحمن بن زياد عن راشد بن عبد الله المعافري عن عبد الله بن يزيد به . قلت : و هذا إسناد ضعيف من أجل عبد الرحمن بن زياد - و هو ابن أنعم - , و هو الأفريقي في الطريق الأولى , و هو ضعيف في حفظه كما قال في " التقريب " . و راشد بن عبد الله المعافري - و هو الرجل الذي لم يسم في الطريق الأولى - ترجمه البخاري و كذا ابن أبي حاتم ( 1 / 2 / 485 ) و لم يذكرا فيه جرحا و لا تعديلا . ( تنبيه ) : قد عرفت أن صحابي الحديث هو ابن عمرو و هو ابن العاص , و كذلك وقع في " الترغيب " ( 3 / 292 ) و " المجمع " ( 8 / 80 ) و " الجامع الصغير " . لكن وقع في شرحه للمناوي ( ابن عمر ) , و بينه الشارح بقوله : " بن الخطاب " , و هو خطأ موافق لـ " الجامع الكبير " ( 1 / 115 / 1 ) . و الحديث , قال المنذري ( 3 / 292 ) : " رواه الطبراني و البزار , و في إسناده عبد الرحمن بن زياد بن أنعم , و حديثه هذا حسن لحديث أبي الدرداء المتقدم " . قلت : يشير إلى حديثه بلفظ : " ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام و الصلاة و الصدقة ? قالوا : بلى . قال : إصلاح ذات البين " . و هو شاهد قوي مخرج في " تخريج الحلال " ( 408 ) و انظر الرقم المتقدم ( 1448 ) و به ينجو الحديث من الضعف الظاهر من إسناده الذي حملني قديما على إيراده في " ضعيف الجامع " برقم ( 1110 ) , ثم نبهنا الحافظ المنذري إلى أنه حسن لغيره جزاه الله خيرا , فلينقل منه إلى " صحيح الجامع " , و قد فعلت , و الله تعالى ولي التوفيق . 2640 " إن عبدا قتل تسعة و تسعين نفسا , ثم عرضت له التوبة , فسأل عن أعلم أهل الأرض , فدل على رجل ( و في رواية راهب ) , فأتاه , فقال : إني قتلت تسعة و تسعين نفسا , فهل لي من توبة ?? قال : بعد قتل تسعة و تسعين نفسا ?! قال : فانتضى سيفه فقتله به , فأكمل به مائة , ثم عرضت له التوبة , فسأل عن أعلم أهل الأرض ? فدل على رجل [ عالم ] , فأتاه فقال : إني قتلت مائة نفس فهل لي من توبة ? فقال : و من يحول بينك و بين التوبة ?! اخرج من القرية الخبيثة التي أنت فيها إلى القرية الصالحة قرية كذا و كذا , [ فإن بها أناسا يعبدون الله ] , فاعبد ربك [ معهم ] فيها , [ و لا ترجع إلى أرضك فإنها أرض سوء ] , قال : فخرج إلى القرية الصالحة , فعرض له أجله في [ بعض ] الطريق , [ فناء بصدره نحوها ] , قال : فاختصمت فيه ملائكة الرحمة و ملائكة العذاب , قال : فقال إبليس : أنا أولى به , إنه لم يعصني ساعة قط ! قال : فقالت ملائكة الرحمة : إنه خرج تائبا [ مقبلا بقلبه إلى الله , و قالت ملائكة العذاب : إنه لم يعمل خيرا قط ] - فبعث الله عز وجل ملكا [ في صورة آدمي ] فاختصموا إليه - قال : فقال : انظروا أي القريتين كان أقرب إليه فألحقوه بأهلها , [ فأوحى الله إلى هذه أن تقربي , و أوحى إلى هذه أن تباعدي ] , [ فقاسوه , فوجدوه أدنى إلى الأرض التي أراد [ بشبر ] , فقبضته ملائكة الرحمة ] [ فغفر له ] . قال الحسن : لما عرف الموت احتفز بنفسه ( و في رواية : ناء بصدره ) فقرب الله عز وجل منه القرية الصالحة , و باعد منه القرية الخبيثة , فألحقوه بأهل القرية الصالحة " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 291 : أخرجه أحمد ( 3 / 20 و 72 ) من طريق همام بن يحيى : حدثنا قتادة عن أبي الصديق الناجي عن #أبي سعيد الخدري # قال : لا أحدثكم إلا ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم , سمعته أذناي و وعاه قلبي , فذكره بتمامه إلا الجملة التي بين الشرطتين - - فقد قال همام : فحدثني حميد الطويل عن بكر بن عبد الله المزني عن أبي رافع - فذكرها - ثم رجع إلى حديث قتادة قال : فقال : انظروا ... قلت : و هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين , و قد أخرجه البخاري ( 6 / 373 - فتح ) و مسلم ( 8 / 104 ) و البيهقي في " شعب الإيمان " ( 2 / 352 / 1 ) من حديث ابن أبي عدي عن شعبة عن قتادة به مختصرا , و فيه زيادة : " فأوحى الله ... " , و زيادة : " فناء بصدره نحوها " . و أخرجه مسلم , و البيهقي أيضا ( 2 / 352 / 1 ) من طريق معاذ بن هشام : حدثني أبي عن قتادة ... به أتم منه , و فيه سائر الزيادات , إلا زيادة " بشبر " , فهي عنده من طريق العنبري عن شعبة , و من طريق ابن أبي عدي عنه . و قد يستغرب ذكر إبليس في هذه القصة , و لكن لا غرابة في ذلك بعد ثبوت إسنادها , لاسيما و قد جاء ذكره فيها من حديث عبد الله بن مسعود موقوفا , لكن وقع فيه أنه هو الذي اختصم مع ملك الرحمة , و لذلك خرجته في الكتاب الآخر برقم ( 5254 ) ثم إن زيادة الإيحاء إلى الأرض يبدو أنها مدرجة لقول قتادة عن الحسن في آخر الحديث : لما عرف الموت ... إلخ , فانظر " الفتح " و " التعليق الرغيب " . و قد جاء الحديث عن جمع آخر من " الصحابة " مطولا و مختصرا , خرجها الهيثمي ( 10 / 211 - 213 ) منها عن معاوية بن أبي سفيان , و في حديثه أن العالم قال : " لئن قلت لك : إن الله عز وجل لا يتوب على من تاب لقد كذبت " . و فيه في آخره : " فغفر الله له " . أخرجه أبو يعلى ( 4 / 1775 - 1776 ) و الطبراني ( 19 / 369 / 367 ) و " مسند الشاميين " ( 1 / 349 ) من طريقين عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر قال : حدثني [ عبيدة ] بن أبي المهاجر - أو أبو عبد رب , الوليد شك - قال سمعت معاوية بن أبي سفيان ... فذكره . قلت : رجاله ثقات , لكن عبيدة بن أبي المهاجر لم يوثقه غير ابن حبان , و لا يعرف إلا بهذه الرواية - و أما ( أبو عبد رب ) فهو الدمشقي الزاهد , و هو صدوق كما قال الذهبي , و انظر " تيسير الانتفاع " - و الشك المذكور إنما هو في رواية أبي ليلى , دون الطبراني , و لعل الراجح أنه من حديث ( أبي عبد رب ) , فإنه المحفوظ عن الوليد بن مسلم في حديثين آخرين تقدم أحدهما برقم ( 1734 ) و قد رواهما عنه ابن ماجه و ابن حبان من طريق الوليد به . و ساقهما أحمد ( 4 / 94 ) سياقا واحدا من طريق عبد الله بن المبارك : أنبأنا عبد الرحمن بن يزيد به . فالسند جيد كما قال المنذري ( 4 / 78 ) . و منها عن عبد الله بن عمرو , و فيه تسمية القرية الأولى " نصرة " , و الأخرى " كفرة " . أخرجه الطبراني بإسناد لا بأس به , كما في " الترغيب " , و رجاله رجال الصحيح كما في " المجمع " , و سكت عنه الحافظ . 2641 " لا تقاتل قوما حتى تدعوهم " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 293 : أخرجه عبد الرزاق في " المصنف " ( 5 / 217 / 9424 ) : أخبرنا عمر بن ذر عن #يحيى بن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة #: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بعث عليا بعث خلفه رجلا فقال : " اتبع عليا , و لا تدعه من ورائه , و لكن اتبعه و خذ بيده , و قل له : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أقم حتى يأتيك . قال : فأقام حتى جاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ... فذكره " . قال عبد الرزاق : و سمعته أنا من يحيى ابن إسحاق . قلت : و إسناده صحيح , و لكنه معضل أو مرسل , و قد وصله الطبراني في " الأوسط " من حديث أنس , فقد ذكره الهيثمي في " مجمع الزوائد " ( 5 / 305 ) مختصرا نحوه , و قال : " رواه الطبراني في " الأوسط " , و رجاله رجال " الصحيح " غير عثمان بن يحيى القرقساني , و هو ثقة " . قلت : و إسناده هكذا ( 2 / 222 / 1 / 8430 - بترقيمي ) : حدثنا موسى بن جمهور حدثنا عثمان بن يحيى القرقساني حدثنا سفيان عن عمر بن ذر عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك قال : " بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب إلى قوم يقاتلهم , ثم بعث إليه رجلا فقال : لا تدعه من خلفه , و قل له : لا تقاتلهم حتى تدعوهم " . و قال : " لم يروه عن إسحاق إلا عمر , تفرد به ابن عيينة " . قلت : و هو ثقة , و كذا من فوقه , و أما القرقساني فوثقه ابن حبان ( 8 / 455 ) . و تابعه وكيع : حدثنا عمر بن ذر به . أخرجه ابن أبي شيبة ( 12 / 363 / 14002 ) . فصح الإسناد موصولا . و للحديث شاهد من حديث ابن عباس قال : " ما قاتل رسول الله صلى الله عليه وسلم قوما قط إلا دعاهم " . أخرجه الدارمي ( 2 / 217 ) و البيهقي ( 9 / 107 ) و أحمد ( 1 / 236 ) و أبو يعلى ( 2 / 674 ) و الطبراني في " الكبير " ( 3 / 116 / 1 ) من طرق عن سفيان الثوري عن ابن أبي نجيح عن أبيه عن ابن عباس به . قلت : و هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين , لكن أعله الدارمي بقوله : " قال عبيد الله ( يعني ابن موسى ) : سفيان لم يسمع من ابن أبي نجيح . يعني هذا الحديث " . قلت : و هذا إعلال غريب , فإن الثوري ثقة ثبت , رجحه كثيرون على شعبة , و هو معروف الرواية عن عبد الله بن أبي نجيح , فدعوى عدم سماعه لهذا الحديث من عبد الله ليس من السهل قبولها إلا بحجة ناهضة , لا بدعوى مجردة . و قد تابعه حجاج بن أرطاة عن ابن أبي نجيح به . أخرجه أحمد ( 1 / 231 ) و ابن أبي شيبة ( 12 / 365 / 14013 ) . و تابعه عبد الواحد بن زياد عن ابن أبي نجيح به . أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 3 / 111 / 2 ) . و عبد الواحد بن زياد ثقة من رجال الشيخين . ( تنبيه ) : هذا الحديث قاعدة هامة في دعوة الكفار إلى الإسلام قبل قتالهم , فإن استجابوا فبها و نعمت , و إلا فرضت عليهم الجزية , فإن رفضوا قوتلوا , و على هذا جرى النبي صلى الله عليه وسلم و أصحابه , و لا يخالف ذلك ما في " الصحيحين " أن النبي صلى الله عليه وسلم أغار على بني المصطلق , و هم غارون .. أي غافلون , أي أخذهم على غرة . فإنه ليس فيه أنه لم يكن قد بلغتهم دعوته صلى الله عليه وسلم , كيف و هي قد بلغت فارس و الروم بله العرب , فمن البلاهة بمكان إنكار بعض الكتاب المعاصرين لهذا الحديث بحجة أنه مخالف للقاعدة المذكورة , فإنه ليس من الضروري أن يدعى الكفار قبل قتالهم مباشرة ! و قد أشار إلى هذا الحسن البصري حين سئل عن العدو ? هل يدعون قبل القتال ? قال : " قد بلغهم الإسلام منذ بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم " . أخرجه ابن أبي شيبة ( 12 / 365 ) و سعيد بن منصور ( 3 / 2 / 206 / 2486 ) و انظر الرد على البعض المشار إليه مع تخريج حديث " الصحيحين " في " صحيح أبي داود " ( 2367 ) . 2642 " عليكم بالإثمد , فإنه منبتة للشعر مذهبة للقذى مصفاة للبصر " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 295 : أخرجه البخاري في " التاريخ " ( 4 / 2 / 412 ) و أبو نعيم في " الحلية " ( 3 / 178 ) و الطبراني في " الكبير " ( 1 / 12 / 1 ) و " الأوسط " ( 4 / 393 ) من طرق عن أبي جعفر النفيلي عن يونس بن راشد : حدثنا #عون بن محمد ابن الحنفية عن أبيه عن جده #, و قال : " لا يروى عن علي إلا بهذا الإسناد , تفرد به النفيلي " . قلت : و هو ثقة من رجال البخاري , و اسمه عبد الله بن محمد بن علي بن نفيل الحراني . و يونس بن راشد صدوق , لم يتكلم فيه أحد بجرح قادح . و عون بن محمد ابن الحنفية , ذكره ابن أبي حاتم ( 3 / 386 ) برواية اثنين آخرين , و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا . فهو على شرط ابن حبان في " ثقاته " فليراجع , ثم وجدته فيه ( 7 / 279 ) و قد حسن إسناده المنذري , فقال في " الترغيب " ( 3 / 115 ) : " رواه الطبراني بإسناد حسن " . و قال الهيثمي ( 5 / 96 ) : " رواه الطبراني في " الكبير " و " الأوسط " , و فيه عون بن محمد ابن الحنفية , ذكره ابن أبي حاتم , و روى عنه جماعة , و لم يجرحه أحد , و بقية رجاله ثقات " . و فاته توثيق ابن حبان إياه . و للحديث شواهد يتقوى بها من حديث ابن عباس , و أبي هريرة , مخرجة في " الترغيب " ( 3 / 115 ) و " المشكاة " ( 4472 ) و الروض النضير " ( 407 ) . 2643 " إن من أمتي من لو جاء أحدكم يسأله دينارا لم يعطه [ و لو سأله درهما لم يعطه و لو سأله فلسا لم يعطه ] , و لو سأل الله الجنة لأعطاها إياه , ذو طمرين لا يؤبه له , لو أقسم على الله لأبره " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 296 : أخرجه الطبراني في " الأوسط " ( 2 / 177 / 2 / 7699 - بترقيمي ) : حدثنا محمد بن إبراهيم العسال : أخبرنا سهل بن عثمان : حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن سالم بن أبي الجعد عن # ثوبان # مرفوعا . قلت : و هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال مسلم غير العسال هذا , و قد وثقه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " ( 2 / 217 ) لكن في سنده انقطاع , فقد قال أبو حاتم : " لم يدرك سالم بن أبي الجعد أبا الدرداء " . و غفل عن هذه العلة المنذري ( 4 / 94 ) , ثم الهيثمي ( 10 / 264 ) , فقالا : " رواه الطبراني في " الأوسط " , و رجاله رجال الصحيح " . لكن للحديث شواهد يتقوى بها , منها عن أنس مرفوعا بلفظ : " رب أشعث أغبر ذي طمرين , مصفح عن أبواب الناس , لو أقسم على الله لأبره " . أخرجه الطبراني في " الأوسط " ( 4 / 406 ) من طريق عبد الله بن موسى التيمي عن أسامة بن زيد عن حفص بن عبيد الله عن أنس مرفوعا . و هذا إسناد حسن في الشواهد رواته موثقون , إلا أن التيمي هذا قال الحافظ : " صدوق كثير الخطأ " . و منها عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ : " رب أشعث مدفوع على الأبواب , لو أقسم على الله لأبره " . أخرجه مسلم ( 8 / 36 / 154 ) من طريق العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عنه . و تابعه كثير بن زيد عن المطلب بن عبد الله عنه مرفوعا نحوه , و زاد : " تنبو عنه أعين الناس " . أخرجه الحاكم ( 4 / 328 ) و قال : " صحيح الإسناد " . و وافقه الذهبي . و أقول بل هو حسن فقط , فإن كثير بن زيد - و هو الأسلمي - فيه كلام من قبل حفظه . 2644 " ألا أدلك على صدقة يحب الله موضعها ? تصلح بين الناس , فإنها صدقة يحب الله موضعها " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 298 : أخرجه الأصبهاني في " الترغيب " ( ص 50 ) من طريق أبي أمية : أخبرنا كثير بن هشام عن أبي ( كذا ) المسعودي عن أبي جناب عن رجل عن # أبي أيوب الأنصاري #رضي الله عنه مرفوعا . 2 - ثم رواه من طريق ابن أبي الدنيا : حدثني محمد بن عثمان العجلي : أخبرنا خالد بن مخلد عن عبد الله بن عمر عن عمر مولى غفرة عن أبي أيوب الأنصاري به نحوه . 3 - و من طريقه أيضا : أخبرنا إسحاق بن إسماعيل أخبرنا جرير عن يحيى بن سعيد عن إسماعيل بن أبي حكيم عن سعيد بن المسيب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ... فذكره مرسلا . قلت : و هذه الأسانيد كلها ضعيفة . أما الأول , فهو مسلسل بالعلل الآتية : الأولى : جهالة الرجل الذي لم يسم . الثانية : ضعف أبي جناب , و اسمه يحيى بن أبي حية , قال الحافظ : " ضعفوه لكثرة تدليسه " . الثالثة : المسعودي , و اسمه عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الكوفي , قال الحافظ : " صدوق اختلط قبل موته " . الرابعة : أبو أمية , و هو محمد بن إبراهيم بن مسلم الخزاعي الطرسوسي , و هو " صدوق يهم " كما في " التقريب " . و الثاني مسلسل بالعلل أيضا : الأولى : عمر مولى غفرة , و اسم أبيه عبد الله . قال الحافظ : " ضعيف كثير الإرسال " . الثانية : عبد الله بن عمر , و هو العمري المكبر , ضعيف مشهور بذلك . الثالثة : خالد بن مخلد و هو القطواني , قال الحافظ : " صدوق يتشيع , و له أفراد " . و الثالث , رجاله كلهم ثقات رجال مسلم غير إسحاق بن إسماعيل - و هو الطالقاني - و هو ثقة , فهو إسناد صحيح , و لكنه مرسل . و له طريق رابعة , أخرجه الطبراني في " الكبير " ( 1 / 196 / 1 ) من طريق موسى بن عبيدة عن عبادة بن عمير بن عبادة بن عوف قال : قال لي أبو أيوب : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : ... فذكره بلفظ : " ... يحبها الله و رسوله ? تصلح بين الناس إذا تباغضوا و تفاسدوا " . و الباقي مثله . و إسناده ضعيف أيضا , عبادة بن عمير لم أجد من ترجمه . و موسى بن عبيدة ضعيف . إلا أن الحديث عندي يرتقي إلى مرتبة الحسن على الأقل , بمجموع هذه الطرق , لاسيما و فيها ذلك المرسل الصحيح . و الله أعلم . ثم وجدت لحديث أبي أيوب طريقا أخرى , فقال الطيالسي في " مسنده " ( 81 / 598 ) و من طريقه البيهقي في " الشعب " ( 7 / 490 / 11094 ) : حدثنا أبو الصباح الشامي عن عبد العزيز الشامي عن أبيه عن أبي أيوب به نحوه . قلت : و هذا إسناد مظلم , من دون أبي أيوب لم أعرف أحدا منهم . 2645 " إن لكل شيء سيدا , و إن سيد المجالس قبالة القبلة " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 300 : أخرجه الطبراني في " الأوسط " ( 3 / 269 ) : حدثنا إبراهيم حدثنا عمرو بن عثمان : أخبرنا محمد بن خالد عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن #أبي هريرة #قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ... فذكره . و قال : " لم يروه عن محمد بن خالد إلا عمرو " . قلت : و هو الوهبي , و هو ثقة , و كذا من فوقه على ضعف يسير في محمد بن عمرو , فالسند حسن على ما يأتي بيانه . و إبراهيم هو ابن محمد بن عرق الحمصي كما في ترجمة شيخه عمرو من " تاريخ ابن عساكر " ( 13 / 289 / 2 ) و أما إبراهيم نفسه فلم يترجم له هو . و قال الحافظ في " اللسان " : " هو شيخ للطبراني غير معتمد " . ثم روى الطبراني و ابن عدي في " الكامل " ( 2 / 376 ) من طريق حمزة بن أبي حمزة عن نافع عن ابن عمر مرفوعا بلفظ : " أكرم المجالس ما استقبل به القبلة " , و قالا : " لم يروه عن نافع إلا حمزة " . قلت : و هذا إسناد ضعيف جدا , حمزة بن أبي حمزة الجزري النصيبي , متروك متهم بالوضع كما في " التقريب " . و لهذا قال الهيثمي في " مجمع الزوائد " ( 8 / 59 ) : " رواه الطبراني في " الأوسط " , و فيه حمزة بن أبي حمزة , و هو متروك " . و قال في حديث الترجمة : " رواه الطبراني في " الأوسط " , و إسناده حسن " . و كذا قال المنذري ( 4 / 61 ) و هو كما قالا لولا جهالة ابن عرق الحمصي , فلعلهما وقفا على توثيق له , أو متابع له , و إلى هذا يشير قول الطبراني المتقدم : " لم يروه ... إلا عمرو " . و الله أعلم . و قد روى له الطبراني حديثا آخر في " المعجم الصغير " ( 180 / الروض النضير ) . و له في " المعجم الأوسط " ( 17 ) حديثا ( 2522 - 2539 ) و قريب منها في " الدعاء " ( انظر المجلد الأول منه ص 167 ) و ذكره المزي فيمن روى عن ( عمرو ابن عثمان الحمصي ) و ( محمد بن مصفى ) . و للحديث شاهد من حديث ابن عباس مرفوعا بلفظ : " إن لكل شيء شرفا , و إن شرف المجالس ما استقبل به القبلة " . و هو مخرج في الكتاب الآخر ( 1486 ) . 2646 " كم من جار متعلق بجاره يقول : يا رب ! سل هذا لم أغلق عني بابه , و منعني فضله ? " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 301 : أخرجه ابن أبي الدنيا في " مكارم الأخلاق " ( ص 85 رقم 345 ) و الأصبهاني في " الترغيب " ( ص 223 - الجامعة ) من طريق موسى بن خلف : حدثنا أبان عن عطاء عن #ابن عمر #رضي الله عنه مرفوعا , و قال الأصبهاني : " أبان هو ابن بشير المكتب " . قلت : و هو مجهول كما قال ابن أبي حاتم , و ذكره ابن حبان في " الثقات " ( 6 / 68 ) <1>, و قد روى عنه جمع كما في " تيسير الانتفاع " . و يتقوى حديثه برواية عبد السلام عن ليث عن نافع عن ابن عمر قال : " لقد أتى علينا زمان - أو قال : حين - و ما أحد أحق بديناره و درهمه من أخيه المسلم , ثم الآن الدنيا و الدرهم أحب إلى أحدنا من أخيه المسلم , سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ... فذكره . أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " ( 111 ) . قلت : و رجاله ثقات رجال الشيخين غير ليث و هو ابن أبي سليم على الراجح , فإنه قد شاركه في الرواية عن نافع ليث بن سعد الإمام الحجة , لكن هذا لم يذكروا في الرواة عنه عبد السلام هذا , و هو ابن حرب , و إنما ذكروه في الرواة عن ابن أبي سليم , و هو ضعيف من قبل حفظه , فيتقوى حديثه بالذي قبله . و الله أعلم . ( تنبيه ) : لم يطلع المنذري في " الترغيب " ( 3 / 237 ) على رواية البخاري هذه لهذا الحديث , فاقتصر في عزوه على الأصبهاني وحده , و بناء عليه أشار إلى تضعيفه ! و لو وقف على هذه الرواية لما فعل ذلك إن شاء الله تعالى . ----------------------------------------------------------- [1] قلت : وقع فيه " ابن كثير " . و التصحيح من " التاريخ " و " الجرح " و " اللسان " . و انظر " تيسير الانتفاع " . اهـ . 2647 " كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا تلاقوا تصافحوا , و إذا قدموا من سفر تعانقوا " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 303 : رواه الطبراني في " المعجم الأوسط " ( 1 / 8 / 1 / 99 - بترقيمي ) قال : حدثنا أحمد ابن يحيى بن خالد بن حيان الرقي حدثنا يحيى بن سليمان الجعفي حدثنا عبد السلام بن حرب عن شعبة عن قتادة عن #أنس #قال : ... فذكره . ثم قال : " لم يروه عن شعبة إلا عبد السلام . تفرد به الجعفي " . قلت : و هو صدوق يخطىء كما في " التقريب " , و هو من شيوخ البخاري في " الصحيح " , و من فوقه من رجال الشيخين , و لذلك قال المنذري ( 3 / 270 ) و تبعه الهيثمي ( 8 / 36 ) : " رواه الطبراني , و رواته محتج بهم في ( الصحيح ) " . قلت : فالإسناد جيد , و إن كنت لم أجد من ترجم أحمد بن يحيى الرقي <1>1>, فإن الظاهر من كلام الطبراني أنه لم يتفرد به . ثم هو من مشايخه المكثيرين , فقد روى له نحو ثمانين حديثا ( 78 - 160 ) . و يشهد له حديث جابر بن عبد الله أنه بلغه حديث عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في الشام فسافر إليه فإذا عبد الله بن أنيس قال : فخرج فاعتنقني , ..... الحديث . أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " ( 969 ) و غيره بسند حسن و علقه البخاري في " كتاب العلم " من صحيحه " , و ترجم له في " الأدب المفرد " بـ " باب المعانقة " . ثم وجدت للحديث طريقا آخر , يرويه غالب التمار قال : كان محمد بن سيرين يكره المصافحة , فذكرت ذلك للشعبي , فقال : " كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا التقوا تصافحوا , فإذا قدموا من سفر عانق بعضهم بعضا " . أخرجه البيهقي في " سننه " ( 7 / 100 ) بإسناد جيد كما قال الحافظ ابن مفلح الحنبلي في " الآداب الشرعية " ( 2 / 272 ) . و يشهد له ما أخرجه الطحاوي في " شرح معاني الآثار " ( 4 / 28 - تحقيق صاحبنا محمد زهري النجار ) من طريق أبي غالب عن أم الدرداء قالت : " قدم علينا سلمان فقال : أين أخي ? قلت : في المسجد , فأتاه , فلما رآه اعتنقه " . قلت : و إسناده حسن . فقه الحديث : يؤخذ من هذا الحديث فائدتان : الأولى : المصافحة عند التلاقي . و الأخرى : المعانقة بعد العودة من السفر . و لكل منهما شواهد عن النبي صلى الله عليه وسلم . أما الأولى , ففيها أحاديث كثيرة معروفة من فعله صلى الله عليه وسلم و قوله , و قد مضى بعضها في هذه " السلسلة " برقم ( 160 و 529 و 530 و 2004 و 2485 ) . و انظر " الترغيب " ( 3 / 270 - 271 ) و " الآداب الشرعية " لابن مفلح ( 2 / 277 ) . و أما الأخرى , ففيه حديث جابر رضي الله عنه قال : " لما قدم جعفر من الحبشة عانقه النبي صلى الله عليه وسلم " . و هو حديث صحيح كما سيأتي بيانه إن شاء الله في هذا المجلد برقم ( 2657 ) . قلت : و في ذلك من الفقه تفريق الصحابة بين الحضر و السفر في أدب التلاقي , ففي الحالة الأولى : المصافحة , و في الحالة الأخرى : المعانقة . و لهذا كنت أتحرج من المعانقة في الحضر , و بخاصة أنني كنت خرجت في المجلد الأول من هذه " السلسلة " ( رقم 160 ) حديث نهيه صلى الله عليه وسلم عن الانحناء و الالتزام و التقبيل . ثم لما جهزت المجلد لإعادة طبعه , و أعدت النظر في الحديث , تبين لي أن جملة " الالتزام " ليس لها ذكر في المتابعات أو الشواهد التي بها كنت قويت الحديث , فحذفتها منه كما سيرى في الطبعة الجديدة من المجلد إن شاء الله , و قد صدر حديثا و الحمد لله . فلما تبين لي ضعفها زال الحرج و الحمد لله , و بخاصة حين رأيت التزام ابن التيهان الأنصاري للنبي صلى الله عليه وسلم في حديث خروجه صلى الله عليه وسلم إلى منزله رضي الله عنه الثابت في " الشمائل المحمدية " ( رقم 113 ص 79 - مختصر الشمائل ) و لكن هذا إنما يدل على الجواز أحيانا , و ليس على الالتزام و المداومة كما لو كان سنة , كما هو الحال في المصافحة فتنبه . و قد رأيت للإمام البغوي رحمه الله كلاما جيدا في التفريق المذكور و غيره , فرأيت من تمام الفائدة أن أذكره هنا , قال رحمه الله في " شرح السنة " ( 12 / 293 ) بعد أن ذكر حديث جعفر و غيره مما ظاهره الاختلاف : " فأما المكروه من المعانقة و التقبيل , فما كان على وجه الملق و التعظيم , و في الحضر , فأما المأذون فيه فعند التوديع و عند القدوم من السفر , و طول العهد بالصاحب و شدة الحب في الله . و من قبل فلا يقبل الفم , و لكن اليد و الرأس و الجبهة . و إنما كره ذلك في الحضر فيما يرى لأنه يكثر و لا يستوجبه كل أحد , فإن فعله الرجل ببعض الناس دون بعض وجد عليه الذين تركهم , و ظنوا أنه قصر بحقوقهم , و آثر عليهم , و تمام التحية المصافحة " . و اعلم أنه قد ذهب بعض الأئمة كأبي حنيفة و صاحبه محمد إلى كراهة المعانقة , حكاه عنهما الطحاوي خلافا لأبي يوسف . و منهم الإمام مالك , ففي " الآداب الشرعية " ( 2 / 278 ) : " و كره مالك معانقة القادم من سفر , و قال : " بدعة " , و اعتذر عن فعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك بجعفر حين قدم , بأنه خاص له , فقال له سفيان : ما تخصه بغير دليل , فسكت مالك . قال القاضي : و سكوته دليل لتسليم قول سفيان و موافقته , و هو الصواب حتى يقوم دليل التخصيص " . هذا و قد تقدم في كلام الإمام البغوي قوله بأنه لا يقبل الفم , و بين وجه ذلك الشيخ ابن مفلح في " الآداب الشرعية " , فقال ( 2 / 275 ) : " و يكره تقبيل الفم , لأنه قل أن يقع كرامة " . و يبدو لي من وجه آخر , و هو أنه لم يرو عن السلف , و لو كان خيرا لسبقونا إليه , و ما أحسن ما قيل : و كل خير في اتباع من سلف و كل شر في ابتداع من خلف . فالعجب من ذاك الدكتور الحلبي القصاص الواعظ الذي نصب نفسه للرد على علماء السلفيين و أتباعهم , و تتبع عثراتهم , و أقوالهم المخالفة لأقوال العلماء بزعمه , و ينسى نفسه , فقد سمعت له شريطا ينكر فيه على أحدهم عدم شرعية تقبيل الفم , و يصرح بأنه كتقبيل الجبهة و اليد و أنه لا فرق ! فوقع في المخالفة التي ينكرها على السلفيين , و لو أن أحدا منهم قاس هذا القياس ( البديع ! ) لأبرق و أرعد و صاح و تباكى , و حشد كل ما يستطيع حشده من أقوال العلماء ! و أما هو فلا بأس عليه من مخالفتهم ! *( يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون . كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون )* . أصلحه الله و هداه . ----------------------------------------------------------- [1] و هو من تلامذة الإمام أحمد كما في " طبقات الحنابلة " ( 1 / 184 ) . اهـ . 2648 " كان الرجلان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا التقيا لم يفترقا حتى يقرأ أحدهما على الآخر : *( و العصر إن الإنسان لفي خسر )* , ثم يسلم أحدهما على الآخر " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 307 : أخرجه الطبراني في " الأوسط " ( 2 / 11 / 2 / 5256 ) : حدثنا محمد بن هشام المستملي : حدثنا عبيد الله بن عائشة حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت البناني عن #أبي مدينة الدارمي #- و كانت له صحبة - قال : ... فذكره . و قال : " لا يروى عن أبي مدينة إلا بهذا الإسناد . قال ابن المديني : اسم أبي مدينة عبد الله بن حفص " . قلت : و هذا إسناد صحيح , رجاله ثقات رجال مسلم غير محمد بن هشام المستملي , و هو أبو جعفر المروزي المعروف بابن أبي الدميك , مستملي الحسن بن عرفة , توفى سنة ( 289 ) , ترجمه الخطيب ( 3 / 361 - 362 ) و وثقه . و قال الدارقطني : لا بأس به . و الحديث أورده الهيثمي في " المجمع " ( 10 / 307 ) و قال : " رواه الطبراني في " الأوسط " , و رجاله رجال الصحيح غير ابن عائشة و هو ثقة " . ثم رأيت الحديث في " شعب الإيمان " ( 6 / 501 / 9057 ) من طريق يحيى ابن أبي بكير قال : أخبرنا حماد بن سلمة به . و قال : " و رواه غيره عن حماد عن ثابت عن عتبة بن الغافر قال : كان الرجلان ... فذكره " . قلت : لم أجد من وصله , و لا عرفت عتبة بن الغافر , و المحفوظ رواية الثقتين يحيى بن أبي بكير و ابن عائشة عن حماد . ( تنبيه ) : سقطت جملة التسليم في آخر الحديث من " مجمع الزوائد " و " مجمع البحرين " أيضا , و هي ثابتة في أصلهما : " المعجم الأوسط " كما ترى , و في " شعب الإيمان " أيضا , و في غيره من المصادر التي عزت الحديث إلى الطبراني , مثل " تفسير ابن كثير " ( 4 / 547 ) و " الدر المنثور " ( 6 / 392 ) . و أما قول المعلق على " مجمع البحرين " ( 8 / 272 ) في الحاشية , و قد ألحقها بآخر الحديث بين معقوفتين [ ] : " ما بين المعكوفتين من طص " . فما أراه إلا وهما , لأن هذا الرمز ( طص ) إنما يعني عنده " معجم الطبراني الصغير " كما نص عليه في المقدمة ( ص 28 ) و لم يخرجه الطبراني في " الصغير " , و هو نفسه لم يعزه إليه في تخريجه إياه . و الله أعلم . و في هذا الحديث فائدتان مما جرى عليه عمل سلفنا رضي الله عنهم جميعا : إحداهما : التسليم عند الافتراق , و قد جاء النص بذلك صريحا من قوله صلى الله عليه وسلم : " إذا انتهى أحدكم إلى المجلس فليسلم , و إذا أراد أن يقوم فليسلم , فليست الأولى بأحق من الآخرة " . و هو حديث صحيح مخرج في المجلد الأول من هذه " السلسلة " برقم ( 183 ) و هو في " صحيح الأدب المفرد " برقم ( 773 / 986 ) و قد صدر حديثا و في " صحيح زوائد ابن حبان " ( ... / 1931 ) و هو تحت الطبع . و في معناه الأحاديث الآمرة بإفشاء السلام , و قد تقدم بعضها برقم ( 184 و 569 و 1493 ) . و الأخرى : نستفيدها من التزام الصحابة لها . و هي قراءة سورة ( العصر ) لأننا نعتقد أنهم أبعد الناس عن أن يحدثوا في الدين عبادة يتقربون بها إلى الله , إلا أن يكون ذلك بتوقيف من رسول الله صلى الله عليه وسلم قولا أو فعلا أو تقريرا , و لم لا و قد أثنى الله تبارك و تعالى عليهم أحسن الثناء , فقال : *( و السابقون الأولون من المهاجرين و الأنصار و الذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم و رضوا عنه و أعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم )* <1>. و قال ابن مسعود و الحسن البصري : " من كان منكم متأسيا فليتأس بأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم , فإنهم كانوا أبر هذه الأمة قلوبا و أعمقها علما و أقلها تكلفا و أقومها هديا و أحسنها حالا , قوما اختارهم الله لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم و إقامة دينه , فاعرفوا لهم فضلهم , و اتبعوهم في آثارهم , فإنهم كانوا على الهدي المستقيم " <2>----------------------------------------------------------- [1] انظر " إعلام الموقعين " لابن القيم ( 4 / 159 ) لتتبين معنى الاتباع , و أنه واجب . [2] أخرجه ابن عبد البر في " جامع بيان العلم " ( 2 / 97 ) بإسنادين عنه , و عزاه ابن القيم ( 4 / 179 ) للإمام أحمد - و لعله يعني في " الزهد " - عن ابن مسعود . و انظر " المشكاة " ( 193 ) . اهـ . 2649 " كنا إذا رأينا الرجل يلعن أخاه رأينا أن قد أتى بابا من الكبائر " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 309 : أخرجه الطبراني في " الأوسط " ( 3 / 276 / 1 - مجمع البحرين ) : حدثنا محمد بن الحسن حدثنا يزيد بن موهب أخبرني عمرو بن الحارث أن بكير بن عبد الله بن الأشج حدثه أن يزيد بن أبي عبيد مولى سلمة بن الأكوع حدثه أنه سمع #سلمة بن الأكوع #يقول : ... فذكره , و قال : " لم يروه عن سلمة إلا يزيد , و لا عنه إلا بكير , تفرد به عمرو " . قلت : و هو ثقة من رجال الشيخين , و كذا من فوقه . و يزيد بن موهب , هو يزيد بن خالد بن يزيد بن عبد الله بن موهب الهمداني الرملي , و هو ثقة مترجم في " التهذيب " . و محمد بن الحسن هو ابن قتيبة العسقلاني , و هو ثقة أيضا , مترجم في " تاريخ ابن عساكر " . فالسند صحيح , و قد قواه الهيثمي تبعا للمنذري , فقال في " مجمع الزوائد " ( 8 / 73 ) : " رواه الطبراني في " الأوسط " و " الكبير " بنحوه , و إسناد " الأوسط " جيد , و في إسناد " الكبير " ابن لهيعة , و هو لين " . و قال المنذري ( 3 / 287 ) : " رواه الطبراني بإسناد جيد " . 2650 " ليس منا من سحر ( أو سحر له ) أو تكهن أو تكهن له أو تطير أو تطير له " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 310 : أخرجه البزار في " مسنده " ( ص 169 - زوائده ) و الطبراني في " الأوسط " ( 4 / 393 ) عن زمعة بن صالح عن سلمة بن وهرام عن عكرمة عن #ابن عباس #مرفوعا . و قال البزار : " لا نعلمه إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد , و زمعة ضعيف " . و كذا قال الهيثمي في " مجمع الزوائد " ( 5 / 217 ) . و أقول : و سلمة بن وهرام قريب منه . لكن للحديث شاهد من رواية أبي حمزة العطار إسحاق بن الربيع : عن الحسن عن عمران بن حصين مرفوعا بلفظ : " ليس منا من تطير أو تطير له , أو تكهن أو تكهن له , أو سحر أو سحر له , و من عقد عقدة , أو قال عقد عقدة , و من أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد " . أخرجه البزار و قال : " قد روي بعضه من غير وجه , فأما بتمامه و لفظه فلا نعلمه إلا عن عمران بهذا الطريق , و أبو حمزة بصري لا بأس به " . و قال المنذري ( 4 / 52 ) : " رواه البزار بإسناد جيد , و رواه الطبراني من حديث ابن عباس دون قوله : " و من أتى ..." إلخ , بإسناد حسن " . كذا قال , و هو مردود بضعف زمعة , إلا أن يعني أنه حسن لغيره , فنعم . و قال الهيثمي : " رواه البزار , و رجاله رجال الصحيح خلا إسحاق بن الربيع , و هو ثقة " . قلت : نعم , و لكن الحسن - و هو البصري - مدلس و قد عنعنه , فهو جيد بحديث الترجمة , و أما قوله : " و من أتى ... " , فله شواهد كثيرة , و بعض أسانيدها صحيح , و هي مخرجة في " الإرواء " ( 2066 ) , و مع ذلك فقد ضعفه الجاني على السنة في تعليقه على " إغاثة اللهفان " ( 1 / 359 ) متجاهلا إسناده الصحيح . و قد تقدم تخريج الحديث برقم ( 2195 ) , فقدرت الإعادة لزيادة فائدة . 2651 " من قرأ *( سورة الكهف )* [ كما أنزلت ] كانت له نورا يوم القيامة , من مقامه إلى مكة , و من قرأ عشر آيات من آخرها ثم خرج الدجال لم يضره , و من توضأ فقال : سبحانك اللهم و بحمدك [ أشهد أن ] لا إله إلا أنت أستغفرك و أتوب إليك , كتب في رق , ثم جعل في طابع , فلم يكسر إلى يوم القيامة " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 312 : أخرجه النسائي في " عمل اليوم و الليلة " ( 81 و 952 ) و الطبراني في " الأوسط " ( 1 / 5 / 1 ) من طريق يحيى بن محمد بن السكن , و الحاكم ( 1 / 564 ) من طريق أبي قلابة عبد الملك بن محمد , و الزيادة له , كلاهما عن يحيى بن كثير العنبري : حدثنا شعبة عن أبي هاشم الرماني عن أبي مجلز عن قيس بن عباد عن #أبي سعيد الخدري #قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ... فذكره . و قال الطبراني : " لم يروه عن شعبة إلا يحيى " . قلت : و هو ثقة من رجال الشيخين , و كذلك من فوقه , فهو إسناد صحيح على شرط الشيخين , و قول الحاكم : " صحيح على شرط مسلم " إنما هو من أوهامه , و إن تابعه الذهبي . و قد أعل بالوقف , فقال الهيثمي ( 1 / 239 ) : " رواه الطبراني في " الأوسط " , و رجاله رجال " الصحيح " , إلا أن النسائي قال بعد تخريجه في " اليوم و الليلة " : ( هذا خطأ , و الصواب موقوفا ) " . ثم رواه من رواية الثوري , و غندر عن شعبة موقوفا . و نحوه في " الترغيب " ( 1 / 105 ) . قلت : و رواية سفيان الموقوفة , أخرجها النسائي ( 954 ) و الحاكم أيضا من طريق عبد الرحمن بن مهدي عنه عن أبي هاشم به موقوفا . و قد رواه يوسف بن أسباط عن سفيان به مرفوعا بالشطر الأخير منه . أخرجه ابن السني ( رقم 30 ) . لكن ابن أسباط ضعيف . و رواه هشيم عن أبي هاشم به , إلا أنه اختلف عليه وقفا و رفعا , فرواه أبو النعمان عنه موقوفا بالشطر الأول نحوه . أخرجه الدارمي ( 2 / 454 ) . و خالفه نعيم بن حماد فرواه عنه مرفوعا . أخرجه الحاكم ( 2 / 368 ) و قال : " صحيح الإسناد " !! . و خالفهم جميعا قيس بن الربيع فقال : عن أبي هاشم الرماني عن أبي مجلز السدوسي عن قيس بن أبي حازم البجلي عن أبي سعيد الخدري مرفوعا بالفقرة الأخيرة . أخرجه الخطيب في " التاريخ " ( 8 / 25 ) و وقع في سنده بعض الأخطاء المطبعية . قلت : و قيس بن الربيع سيىء الحفظ , و قد خالفهم في قوله : " قيس بن أبي حازم " مكان قولهم : " قيس بن عباد " . و خلاصة القول : إن الحديث صحيح , لأنه و إن كان الأرجح سندا الوقف , فلا يخفى أن مثله لا يقال بالرأي , فله حكم الرفع . و الله أعلم . ( تنبيه ) : قد سبق في حديث أبي الدرداء المتقدم برقم ( 582 ) أن العصمة من الدجال قراءة عشر آيات من أول سورة ( الكهف ) . و في حديث الترجمة ( عشر آيات من آخرها ) و هو رواية في حديث أبي الدرداء المشار إليه , و لكنها شاذة كما كنت بينته هناك , لكن حديث الترجمة شاهد قوي لها , و لذلك فإني أراني مضطرا إلى القول بصحة الروايتين , و أنها بمنزلة قراءتين لآية واحدة , يجوز العمل بكل منهما , لأن لكل منها شاهدا يدل على أنهما محفوظتان , كما يتبين ذلك للقارئ الملم بالتحقيق المذكور هنا و هناك . و الله أعلم . ثم تنبهت لشيء هام حملني على التراجع عن قولي هذا الأخير , ألا و هو أن هذا الشاهد مداره على شعبة أيضا , كحديث أبي الدرداء المشهود له , و هذا لا يصلح كما هو ظاهر . و لاسيما أنه قد خالفه في هذا الحديث سفيان فقال : " سورة الكهف " في الموضعين , فلم يقل : " من آخرها " , كما قال شعبة , رواه عنهما النسائي ( 949 و 952 ) , و بخاصة أن شعبة اضطرب فيها كما تقدم بيانه هناك . 2652 " من صلى لله أربعين يوما في جماعة يدرك التكبيرة الأولى كتبت له براءتان : براءة من النار و براءة من النفاق " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 314 : روي من حديث #أنس و أبي كاهل و عمر بن الخطاب # . 1 - أما حديث أنس , فله عنه أربعة طرق : الأولى : عن أبي قتيبة سلم بن قتيبة عن طعمة بن عمرو عن حبيب بن أبي ثابت عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ... فذكره . أخرجه الترمذي ( 2 / 7 - شاكر ) و أبو سعيد ابن الأعرابي في " المعجم " ( ق 116 / 2 ) و ابن عدي في " الكامل " ( ق 103 / 2 و 116 / 1 ) و أبو القاسم الهمداني في " الفوائد " ( ق 197 / 1 ) و البيهقي في " الشعب " ( 3 / 61 / 2872 ) . قلت : و هذا إسناد رجاله ثقات , لكن أعله الترمذي بالوقف , فقال : " و قد روي هذا الحديث موقوفا , و لا أعلم أحدا رفعه إلا ما روى سلم بن قتيبة عن طعمة بن عمرو عن حبيب بن أبي ثابت عن أنس . و إنما يروى هذا الحديث عن حبيب ابن أبي حبيب البجلي عن أنس بن مالك قوله ". قلت :ثم وصله هو و ابن عدي من طريق وكيع عن خالد بن طهمان عن حبيب بن أبي حبيب ( زاد الترمذي : البجلي ) عن أنس نحوه موقوفا عليه لم يرفعه . قلت : و هذا ليس بعلة قادحة لأنه لا يقال بمجرد الرأي , فهو في حكم المرفوع , لاسيما و قد رفعه عبد الرحمن بن عفراء الدوسي : حدثنا خالد بن طهمان عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره نحوه هكذا دون ذكر حبيب . أخرجه ابن عدي . و الدوسي هذا صدوق , و مثله شيخه خالد بن طهمان إلا أنه كان اختلط , فلا أدري أسقط منه ذكر حبيب في السند أم من الناسخ , و لعل هذا أقرب , فقد قال ابن عدي : " و هذا الحديث قد ذكر فيه حبيب بن أبي حبيب , فروى عنه هذا الحديث طعمة بن عمرو , و خالد بن طهمان , رفعه عنه طعمة , و رواه خالد عنه مرفوعا و موقوفا , و لا أدري حبيب بن أبي حبيب هذا هو صاحب الأنماط , أو حبيب آخر ?! " . قلت : فمن الظاهر من كلام ابن عدي هذا أن في الرواية المرفوعة عن خالد بن طهمان ( حبيب بن أبي حبيب ) , فهو يرجح أن السقط من الناسخ . ثم هو قد ذكر ذلك في ترجمة حبيب بن أبي حبيب صاحب الأنماط , و لا أرى أن له علاقة بهذا الحديث , لاسيما و هو متأخر الطبقة , فإنه من أتباع التابعين , روى عن قتادة و غيره , فهو إما حبيب بن أبي حبيب البجلي كما هو مصرح به في رواية الترمذي , و إما حبيب بن أبي ثابت كما في رواية الترمذي و غيره , لكن وقع في رواية ابن عدي : " عن حبيب - قال أبو حفص : و هو الحذاء " . فلعل الحذاء لقب حبيب بن أبي ثابت عند أبي حفص , و هو عمرو بن علي الفلاس الحافظ , فتكون فائدة عزيزة لم يذكروها في ترجمة ابن أبي ثابت . و الله سبحانه و تعالى أعلم . و جملة القول : إن الحديث يدور على حبيب بن أبي ثابت أو حبيب بن أبي حبيب , و كلاهما ثقة , لكن الأول أشهر و أوثق , إلا أنه مدلس , فإن كان الحديث حديثه فعلته التدليس , و إن كان الحديث حديث ابن أبي حبيب البجلي - و به جزم البيهقي كما يأتي - فعلته اختلاط خالد بن طهمان الراوي عنه , لكنه يتقوى بمتابعة طعمة له , و كذلك يتقوى في حال كون الحديث محفوظا عن الحبيبين , كما هو ظاهر لا يخفى لذي عينين . الثانية : ثم قال الترمذي : " و روى إسماعيل بن عياش هذا الحديث عن عمارة بن غزية عن أنس بن مالك عن عمر بن الخطاب عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو هذا . و هذا حديث غير محفوظ , و هو مرسل , و عمارة بن غزية لم يدرك أنس بن مالك " . قلت : وصله ابن ماجه ( 798 ) : حدثنا عثمان بن أبي شيبة : حدثنا إسماعيل بن عياش به , و لفظه : " من صلى في مسجد جماعة أربعين ليلة لا تفوته الركعة الأولى من صلاة العشاء , كتب الله له بها عتقا من النار " . و أخرجه ابن عساكر في " التاريخ " ( 12 / 275 ) من طريق آخر عن إسماعيل بلفظ : " الظهر " , مكان " العشاء " . و رواه سعيد بن منصور أيضا في " سننه " كما في " التلخيص الحبير " ( 2 / 27 ) عن إسماعيل , و هو ضعيف في غير الشاميين , و هذا من روايته عن مدني , كما قال الحافظ , و ذكر الدارقطني الاختلاف فيه في " العلل " و ضعفه , و ذكر أن قيس بن الربيع و غيره روياه عن أبي العلاء عن حبيب بن أبي ثابت : قال : " و هو وهم , و إنما هو حبيب الإسكاف " . الثالثة : عن يعقوب بن تحية قال : حدثنا يزيد بن هارون عن حميد الطويل عن أنس مرفوعا بلفظ : " من صلى أربعين يوما في جماعة : صلاة الفجر , و عشاء الآخرة أعطي براءتين ... " الحديث . أخرجه أبو المظفر الجوهري في " العوالي الحسان " ( ق 161 / 1 - 2 ) و الخطيب في " التاريخ " ( 14 / 288 ) و ابن عساكر ( 15 / 127 / 2 ) من طرق عن يعقوب به . أورده الخطيب في ترجمة يعقوب هذا , و سماه يعقوب بن إسحاق بن تحية أبو يوسف الواسطي , و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا , إلا أنه ساق له بعض الأحاديث التي تدل على حاله , و قال الذهبي : " ليس بثقة , و قد اتهم " . ثم ساق له بسنده المذكور عن أنس مرفوعا : " إن من إجلالي توقير المشايخ من أمتي " , و قال : " قلت : هو المتهم بوضع هذا " . و أورد هذه الطريق ابن الجوزي في " العلل " من حديث بكر بن أحمد بن يحيى الواسطي عن يعقوب بن تحية به . و قال : " بكر و يعقوب مجهولان " . ذكره الحافظ و أقره , و فاته أن بكرا قد توبع عند الخطيب و غيره , كما أشرت إلى ذلك آنفا بقولي في تخريجه : " من طرق عن يعقوب " . فالعلة محصورة في يعقوب وحده . الرابعة : عن نبيط بن عمرو عن أنس مرفوعا بلفظ : " من صلى في مسجدي هذا أربعين صلاة لا تفوته صلاة , كتبت له براءة ... " الحديث . قلت : و نبيط هذا مجهول , و الحديث بهذا اللفظ منكر , لتفرد نبيط به و مخالفته لكل من رواه عن أنس في متنه كما هو ظاهر , و لذلك كنت أخرجته قديما في " الضعيفة " ( رقم 364 ) فأغنى ذلك عن تخريجه هنا . و من الغرائب أن بعض إخواننا من أهل الحديث تسرع فكتب مقالا نشره في " مجلة الجامعة السلفية " ذهب فيه إلى تقوية هذا الحديث المنكر , متجاهلا جهالة نبيط هذا , و مخالفة متن حديثه للطرق المتقدمة . و لقد اضطررت أن أقول : " متجاهلا " لأنه في رده على الغماري في بعض أحاديث التوسل قد صرح بأن توثيق ابن حبان لا يوثق به عند العلماء ! ثم رأيناه قد وثق هو به , فوثق نبيطا هذا تبعا له , و ليس له إلا راو واحد , و مع ذلك ففيه ضعف . و لله في خلقه شؤون . و مما يؤكد نكارته الشاهد الآتي لحديث الترجمة : 2 - و أما حديث أبي كاهل , فيرويه الفضل بن عطاء عن الفضل بن شعيب عن منظور عن أبي معاذ عن أبي كاهل قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ... , فذكر حديثا طويلا , و فيه : " اعلمن يا أبا كاهل أنه من صلى أربعين يوما و أربعين ليلة في جماعة يدرك التكبيرة الأولى , كان حقا على الله عز وجل أن يرويه يوم المعطش " . أخرجه الطبراني ( 18 / 361 - 362 ) و العقيلي ( ص 353 ) في ترجمة الفضل هذا , و قال : " إسناده مجهول , و فيه نظر " . و قد ساقه المنذري بطوله في " الترغيب " ( 4 / 139 - 140 ) من رواية الطبراني , ثم قال : " و هو بجملته منكر , و تقدم في مواضع من هذا الكتاب ما يشهد لبعضه , و الله أعلم بحاله " . و الخلاصة : فالحديث بمجموع طرقه الأربعة عن أنس حسن على أقل الأحوال , و بقية الطرق إن لم تزده قوة . فلن تؤثر فيه ضعفا . و الله تعالى أعلم . ثم رأيت البيهقي رحمه الله جزم بأن حبيبا في الطريق الأولى هو حبيب ابن أبي حبيب البجلي أبو عمير , و أن من قال في السند : " حبيب بن أبي ثابت فقد أخطأ " . ثم ساقه من طريق طعمة , و من طريق خالد بن طهمان على الصواب . فأحدهما يقوي الآخر كما سبق . و الله تعالى أعلم . 3 - و أما حديث عمر بن الخطاب , فأخرجه ابن ماجه و ابن عساكر كما تقدم في الطريق الثانية عن أنس مع بيان علته . ( تنبيه ) : تبين فيما بعد أن الحديث سبق مخرجا في المجلد الرابع برقم ( 1979 ) لكن لما رأيت أن تخريجه هنا أوسع و أنفع منه هناك رأيت الاحتفاظ به هنا . " و ما قدر يكن " . 2653 " ما ظن محمد بالله لو لقي الله عز وجل , و هذه عنده ? أنفقيها " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 320 : ورد من حديث #عائشة #رضي الله عنها , و له عنها طرق : الأولى : عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجعه الذي مات فيه : [ يا عائشة ] ما فعلت الذهب ? قالت : قلت : هي عندي . قال : ائتيني بها . فجئت بها , و هي ما بين التسع أو الخمس , فوضعها في يده , ثم قال بها - و أشار يزيد بيده - : فذكره . أخرجه ابن حبان في " صحيحه " ( 2142 - موارد ) و أحمد ( 6 / 182 ) و ابن سعد في " الطبقات " ( 2 / 2 / 33 ) . قلت : و هذا إسناد حسن صحيح , فقد تابع محمد بن عمرو , أبو حازم عن أبي سلمة به أخرجه ابن سعد , و ابن حبان ( 2143 ) . و تابعه الوازع بن نافع عند أبي الشيخ ابن حيان في " أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم " ( ص 303 ) لكن الوازع متروك . الثانية : عن موسى بن جبير عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف قال : دخلت أنا و عروة بن الزبير يوما على عائشة , فقالت : لو رأيتما نبي الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم في مرض مرضه , قالت : و كان له عندي ستة دنانير - قال موسى - أو سبعة , قالت : فأمرني نبي الله صلى الله عليه وسلم أن أفرقها , قالت : فشغلني وجع نبي الله صلى الله عليه وسلم حتى عافاه الله , قالت : ثم سألني عنها فقال : ما فعلت الستة ? قال : أو السبعة ? قلت : لا والله لقد كان شغلني وجعك . قالت : فدعا بها , ثم وضعها في كفه , فقال : فذكره . دون قوله : " أنفقيها " . أخرجه ابن حبان ( 2141 ) و أحمد ( 6 / 104 ) . قلت : و إسناده صحيح بما قبله , رجاله ثقات رجال الشيخين غير موسى ابن جبير و هو الأنصاري المدني , و قد روى عنه جمع من الثقات , و أورده ابن حبان في " ثقاته " ( 7 / 451 ) و قال : " كان يخطىء و يخالف " . الثالثة : عن يعقوب بن عبد الرحمن : حدثني أبي عن أبيه أو عبيد الله بن عبد الله - شك يعقوب - عن عائشة قالت : أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانية دراهم بعد أن أمسينا , فلم يزل قائما و قاعدا لا يأتيه النوم , حتى سمع سائلا يسأل , فخرج من عندي فما عدا أن دخل , فسمعت غطيطه , فلما أصبح قلت : يا رسول الله رأيتك أول الليل قائما و قاعدا لا يأتيك النوم حتى خرجت من عندي , فما عدا أن دخلت فسمعت غطيطك ? قال : أجل , أتت رسول الله ثمانية دراهم بعد أن أمسى , فما ظن رسول الله صلى الله عليه وسلم ... الحديث , دون الزيادة . أخرجه ابن سعد . و رجاله ثقات غير والد عبد الرحمن , ترجمه ابن أبي حاتم ( 3 / 2 / 300 ) , فقال : " محمد بن عبد الله بن عبد القاري , و هو جد يعقوب بن عبد الرحمن المديني الإسكندراني , روى عن أبيه عن عمر و أبي طلحة . روى عنه الزهري و ابنه عبد الرحمن " . و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا , و هو على شرط ابن حبان فليراجع كتابه " الثقات " ( 7 / 374 ) , و قد تردد يعقوب هل هو الراوي له عن عائشة , أو عبيد الله بن عبد الله , و عبيد الله هذا لم أعرفه , و محمد بن عبد الله القاري مجهول الحال فيما يظهر مما نقلته عن ابن أبي حاتم , فإن صح هذا عن عائشة , فهي قصة أخرى غير التي تقدمت . و الله أعلم . و نحوها ما أخرجه ابن سعد أيضا , قال : أخبرنا سعيد بن منصور أخبرنا يعقوب بن عبد الرحمن عن أبي أبي حازم عن سهل بن سعد قال : " كانت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعة دنانير وضعها عند عائشة , فلما كان في مرضه قال : يا عائشة ابعثي بالذهب إلى علي . ثم أغمي على رسول الله صلى الله عليه وسلم , و شغل عائشة ما به , حتى قال ذلك ثلاث مرات , كل ذلك يغمى على رسول الله صلى الله عليه وسلم , و يشغل عائشة ما به , فبعثت - يعني به - إلى علي فتصدق به , ثم أمسى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الاثنين في جديد الموت , فأرسلت عائشة إلى امرأة من النساء بمصباحها , فقالت : اقطري لنا في مصباحنا من عكتك السمن , فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم في جديد الموت " . قلت : و هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين , و قال المنذري ( 2 / 42 ) , ثم الهيثمي ( 3 / 124 ) : " رواه الطبراني في " الكبير " و رواته ثقات محتج بهم في ( الصحيح ) " . ( جديد الموت ) كذا وقع في " الطبقات " و " المجمع " و " الترغيب " أيضا ( طبعة المنيرية ) لكن المعلق عليه صححه بزعمه فجعله ( حديد ) بالحاء المهملة ثم علق عليه فقال : " في بعض النسخ " جديد الموت " بالجيم , و هو خطأ , و الصواب " حديد " بالحاء المهملة , أي بسجن الموت و شدته و الله أعلم " . قلت : و ما خطأه هو الصواب , و المعنى ظاهر جدا : أي في وجه الموت و طريقه , فقد جاء في " النهاية " : " و فيه : " ما على جديد الأرض " أي وجهها " . ثم رأيت في " لسان العرب " ما هو صريح في ما ذكرت . قال ( 3 / 112 ) : " و الجديد : ما لا عهد لك به , و لذلك وصف الموت بالجديد , هذلية , قال أبو ذؤيب : فقلت لقلبي يا لك الخير إنما يدليك للموت الجديد حبابها . و قال الأخفش و المغافص الباهلي : " جديد الموت : أوله " . فصح ما قلته , و الحمد لله . 2654 " من لم يدع الله يغضب عليه " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 323 : أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " ( 658 ) و الترمذي ( 2 / 342 ) و ابن ماجه ( 3827 ) و الحاكم ( 1 / 491 ) و أحمد ( 2 / 442 و 477 ) و ابن أبي شيبة ( 10 / 200 ) و البيهقي في " الشعب " ( 1 / 35 / 1099 ) و الطبراني في " الدعاء " ( 2 / 796 / 23 ) و في " الأوسط " ( 3 / 216 / 2452 ط ) و ابن عدي في " الكامل " ( 7 / 295 ) و البغوي في " تفسيره " ( 7 / 310 - منار ) من طرق كثيرة عن صبيح أبي المليح قال : سمعت أبا صالح يحدث عن #أبي هريرة #مرفوعا . و قال الحاكم : " صحيح الإسناد , فإن أبا صالح الخوزي , و أبا المليح الفارسي لم يذكرا بالجرح , إنما هما في عداد المجهولين , لقلة الحديث " . كذا قال , و أقره الذهبي , و فيه نظر من جهة أبي المليح , فإنه ليس مجهولا , كيف و قد روى عنه جمع من الثقات , ذكرهم في " التهذيب " , منهم : وكيع بن الجراح و مروان بن معاوية الفزاري و حاتم بن إسماعيل و أبو عاصم الضحاك بن مخلد الشيباني , و هؤلاء كلهم رووا هذا الحديث عنه , فأنى له الجهالة , لاسيما و قد قال ابن معين فيه : " ثقة " , و ذكره ابن حبان في " الثقات " ( 6 / 475 ) و وثقه الحافظ . و أما شيخه أبو صالح الخوزي , فحشره في زمرة المجهولين هو اللائق بمثله , لأنهم لم يذكروا راويا عنه سوى أبي المليح هذا , لولا أن أبا زرعة قال فيه : " لا بأس به " , كما ذكره ابن أبي حاتم في " الجرح و التعديل " ( 4 / 2 / 393 ) و أقره و لذلك قال الحافظ ابن كثير في " التفسير " ( 7 / 309 ) عقب الحديث , و قد ساقه من طريق أحمد بأحد إسناديه : " تفرد به أحمد , و هذا إسناد لا بأس به " . و هذا عين ما كنت قلته في السلسلة الأخرى تحت الحديث ( 21 ) و قد ذكرت ذلك بالمناسبة , فقلت ثم : " و هو حديث حسن " . و قد أشكل هذا على بعض الطلبة من إخواننا الكويتيين و نسب إلي أنني صححت الحديث . و الواقع أنني حسنته فقط كما ذكرت آنفا , بل و رددت على الحاكم تصحيحه إياه تحت الحديث المشار إليه , كما نسب إلي غير ذلك مما لا يحسن ذكره هنا , و سأكتب إليه بذلك إن شاء الله تعالى . ( تنبيهات ) : الأول : قول ابن كثير : " تفرد به أحمد " يعني : دون أصحاب الستة , و هو وهم , فقد عرفت من تخريجنا إياه أنه قد رواه بعضهم . الثاني : تصحيح الحاكم للحديث مع تصريحه بجهالة بعض رواته , دليل على أن من مذهبه تصحيح حديث المجهولين , فهو في ذلك كابن حبان , فاحفظ هذا فإنه ينفعك في البحث و التحقيق إن شاء الله تعالى . الثالث : زاد الحاكم في رواية له من طريق محمد بن محمد بن حبان الأنصاري : حدثنا محمد بن الصباح الجرجرائي حدثنا مروان بن معاوية الفزاري حدثنا أبو المليح بإسناده : " ... و إن الله ليغضب على من يفعله , و لا يفعل ذلك أحد غيره . يعني الدعاء " فظننت أن هذه الزيادة مدرجة في الحديث من الجرجرائي أو الأنصاري فإني لم أعرفه , و الفزاري من شيوخ أحمد في حديث الترجمة , و أحمد جبل في الإتقان و الحفظ و لم يذكرها عنه مع متابعة الثقات له كما سبق , و لذلك أوردت الحديث بهذه الزيادة في " الضعيفة " ( 4040 ) . ثم إن للحديث شاهدين من حديث أنس , و النعمان بن بشير . 1 - أما حديث أنس فيرويه حماد بن عبد الرحمن الكلبي , عن المبارك بن أبي حمزة عن الحسن عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يذكر عن ربه عز وجل : " يا ابن آدم ! إنك إن سألتني أعطيتك , و إن لم تسألني أغضب عليك " . أخرجه الطبراني في " الدعاء " ( رقم 24 ) . و حماد , و ابن أبي حمزة ضعيفان . 2 - أما حديث النعمان , فهو بلفظ : " الدعاء هو العبادة " , ثم قرأ : *( و قال ربكم ادعوني استجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين )* . أخرجه أصحاب السنن و غيرهم , و صححه ابن حبان و الحاكم و الذهبي و غيرهم , و هو مخرج في " أحكام الجنائز " ( ص 246 / المعارف ) , و " صحيح أبي داود " ( 1329 ) , و " الروض النضير " ( 888 ) . و إن مما لا شك فيه أن الاستكبار عن عبادته تعالى و دعائه يستلزم غضب الله تعالى على من لا يدعوه , فشهادة هذا الحديث لحديث الترجمة شهادة قوية لمعناه دون مبناه . و قد غفل عن هذه الأحاديث بعض جهلة الصوفية أو تجاهلوها , بزعمهم أن دعاء الله سوء أدب مع الله , متأثرين في ذلك بالأثر الإسرائيلي : " علمه بحالي يغني عن سؤاله " ! فجهلوا أن دعاء العبد لربه تعالى ليس من باب إعلامه بحاجته إليه سبحانه و تعالى *( يعلم السر و أخفى )* , و إنما من باب إظهار عبوديته و حاجته إليه و فقره , كما تقدم بيانه في المجلد الأول من " الضعيفة " رقم ( 22 ) . 2655 " من أدى زكاة ماله طيبة بها نفسه يريد وجه الله و الدار الآخرة لم يغيب شيئا من ماله , و أقام الصلاة و أدى الزكاة , فتعدى عليه الحق , فأخذ سلاحه فقاتل , فقتل , فهو شهيد " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 326 : أخرجه ابن خزيمة في " صحيحه " ( 2336 ) عن زكريا بن يحيى بن أبان المصري , و الحاكم ( 1 / 404 - 405 ) عن أحمد بن إبراهيم بن ملحان كلاهما قالا : حدثنا عمرو بن خالد الحراني : حدثنا عبيد الله بن عمرو الرقي عن زيد بن أبي أنيسة عن القاسم بن عوف الشيباني عن علي بن الحسين قال : حدثتنا #أم سلمة #: أن النبي صلى الله عليه وسلم بينما هو في بيتها و عنده رجال من أصحابه يتحدثون إذ جاء رجل فقال : يا رسول الله كم صدقة كذا و كذا من التمر ? قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كذا و كذا من التمر " , فقال الرجل : إن فلانا تعدى علي فأخذ مني كذا و كذا , فازداد صاعا ? فقال صلى الله عليه وسلم : " فكيف إذا سعى عليكم من يتعدى عليكم أشد من هذا التعدي ? " . فخاض الناس و بهرهم الحديث , حتى قال رجل منهم : يا رسول الله إن كان رجلا غائبا عنك في إبله و ماشيته و زرعه و أدى زكاة ماله فتعدى عليه الحق , فكيف يصنع و هو غائب ? فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره . و قال الحاكم : " صحيح على شرط الشيخين " . و وافقه الذهبي , و إنما هو وهم منهما , بل هو صحيح فقط , ليس على شرطهما و لا على شرط أحدهما , فإن عمرو بن خالد لم يرو له مسلم , و القاسم بن عوف الشيباني لم يخرج له البخاري . و الحديث أورده في " المجمع " ( 3 / 82 ) و قال : " رواه الطبراني في " الكبير " و " الأوسط " , و رجال الجميع رجال الصحيح " . قلت : و أخرجه أحمد ( 6 / 301 ) : حدثنا زكريا بن عدي قال : أنبأنا عبيد الله ( الأصل : عبد , و هو خطأ ) ابن عمرو به مختصرا . و هو في " كبير الطبراني " ( 23 / 287 / 632 ) و " الأوسط " ( 3 / 29 / 1370 - مجمع البحرين ) بتمامه , و كذلك رواه البيهقي في " السنن " ( 4 / 137 ) من طريق الحاكم و الجملة الأخيرة من الحديث : " من قاتل دون ماله فهو شهيد " لها شواهد كثيرة في " الصحيحين " و غيرهما بألفاظ متقاربة , قد خرجت بعضها في " أحكام الجنائز " ( ص 56 - 57 - طبعة المعارف ) و فيما يأتي من هذه السلسلة , ( المجلد السابع رقم 3247 ) , و في بعضها بيان أن الحديث ببعض القيود , مثل أن يذكره بالله ثلاثا , لعله يرعوي , فإن لم يرتدع , استعان بمن حوله من المسلمين , فإن لم يكن حوله أحد , استعان عليه بالسلطان إن أمكن , فإذا تعاطى المظلوم هذه الأسباب و نحوها فلم يندفع الظلم , قاتله , فإن قتله فهو في النار , و إن قتل فهو شهيد . 2656 " إن الله لا ينظر إلى [ أجسادكم و لا إلى ] صوركم و أموالكم و لكن [ إنما ] ينظر إلى قلوبكم [ و أشار بأصابعه إلى صدره ] و أعمالكم " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 328 : أخرجه مسلم ( 8 / 11 ) و ابن ماجه ( 4143 ) و أحمد ( 2 / 539 ) و أبو نعيم في " الحلية " ( 4 / 98 ) و البيهقي في " الأسماء و الصفات " ( ص 480 ) من طرق عن كثير بن هشام : حدثنا جعفر بن برقان عن يزيد بن الأصم عن #أبي هريرة #مرفوعا به . و الزيادة الثانية لابن ماجه و أحمد و البيهقي . و قال أبو نعيم : " رواه الثوري عن جعفر بن برقان به مثله " . قلت : ثم وصله هو ( 7 / 124 ) و البيهقي من طريق محمد بن غالب تمتام : حدثنا قبيصة حدثنا سفيان به , إلا أنه قال : " و أجسامكم " بدل : " و أموالكم " . و قال أبو نعيم : " غريب من حديث الثوري عن جعفر , و لا أعلم رواه عنه [ إلا ] قبيصة " . قلت : و تابعه غيره , فقال أحمد ( 2 / 285 ) : حدثنا محمد بن بكر البرساني حدثنا جعفر - يعني ابن برقان - به . و له طريق أخرى عن أبي هريرة مرفوعا به , و قال : " أجسادكم " مكان " أموالكم " , و ذكر الزيادة الأخيرة بدل " و أعمالكم " . أخرجه مسلم من طريق أبي سعيد مولى عبد الله بن عامر بن كريز قال : سمعت أبا هريرة يقول : فذكره . و الزيادة الأولى له . و له شاهد صحيح معضل , فقال ابن المبارك في " الزهد " ( 1544 ) : أخبرنا الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره . ( تنبيه هام ) : قال البيهقي عقب الحديث : " هذا هو الصحيح المحفوظ فيما بين الحفاظ , و أما الذي جرى على ألسنة جماعة من أهل العلم و غيرهم : " إن الله لا ينظر إلى صوركم و لا إلى أعمالكم , و لكن ينظر إلى قلوبكم " , فهذا لم يبلغنا من وجه يثبت مثله , و هو خلاف ما في الحديث الصحيح , و الثابت في الرواية أولى بنا و بجميع المسلمين , و خاصة بمن صار رأسا في العلم يقتدى به . و بالله التوفيق " . قلت : و يبدو أن هذا الخطأ الذي جرى عليه من أشار إليهم البيهقي من أهل العلم , قد استمر إلى زمن الإمام النووي , فقد وقع الحديث في " رياضه " ( رقم 1577 - المكتب الإسلامي ) باللفظ الخطأ الذي حكاه البيهقي عن الجماعة <1>مع أنه أورده في أول كتابه ( رقم 8 ) مختصرا ليس فيه هذا الوهم , و لا أدري أهو منه أم من بعض ناسخي الكتاب , و من الغريب أن يستمر هذا الخطأ في أكثر النسخ المطبوعة منه اليوم , و أعجب منه أن شارحه ابن علان جرى على ذلك في شرحه للحديث ( 4 / 406 ) مما هو ظاهر البطلان كما كنت شرحت ذلك في مقدمتي لـ1> " رياض الصالحين " بتحقيقي و بهذه المناسبة لابد لي من كلمة قصيرة حول طبع المكتب الإسلامي لهذا الكتاب " الرياض " طبعة جديدة ! سنة ( 1412 ) . لقد وضع لها مقدمة سوداء , ملؤها الزور و الافتراء , و الغمز و اللمز , مما لا مجال الآن لتفصيل القول في ذلك فإنه بحاجة إلى تأليف كتاب خاص , و الوقت أضيق و أعز , و بخاصة أن كل من يقرأها و يقرأ بعض تعليقاته يقطع بأن الرجل محرور , و متناقض فيما يقول , و ... إذا كانت الحكمة القديمة تقول : " يغنيك عن المكتوب عنوانه " , فيكفي القاريء دليلا على ما أشرت إليه قوله تحت عنوان الكتاب و اسم المؤلف : " تحقيق جماعة من العلماء تخريج محمد ناصر الدين الألباني " . فغير و بدل ما كان في الطبعة الأولى : " تحقيق محمد ناصر الدين الألباني " فجعل مكان كلمة ( تحقيق ) كلمة ( تخريج ) لينسب التحقيق إلى غيره و هم ( جماعة العلماء ) ! و هذا أقل ما يقال فيه أنه لم يتأدب بأدب القرآن : *( و لا تبخسوا الناس أشياءهم و لا تعثوا في الأرض مفسدين )* . ثم من هم هؤلاء ( العلماء ) ? لقد أبى أن يكشف عن أسمائهم لأمر لا يخفى على كل قاريء لبيب , و اعتذر هو عن ذلك بعذر أقبح من ذنب فقال في " المقدمة " ( ص 6 ) : " اشترطوا علينا أن لا تذكر أسماؤهم .. " ! و إن من السهل على القاريء أن يعرف حقيقة هؤلاء ( العلماء ) بالرجوع إلى تعليقاتهم , فإنه سوف لا يجد علما و لا تحقيقا إلا ما كان في الطبعة الأولى , و إلا ما ينقلونه من كتبي مثل " صحيح أبي داود " و غيره , بل إنه سيرى ما يدل على الجهل و قلة العلم ! و هاكم مثالا على ذلك , ما جاء في حاشية ( ص 643 ) تعليقا على قول الإمام النووي رحمه الله في آخر الحديث ( 1891 ) : " و في رواية للبخاري و مسلم " . " قلت : رواها مسلم فقط , فعزوها للبخاري وهم " ! فأقول : بل هذا القائل هو الواهم , فإن الحديث في " البخاري " ( رقم 3245 - فتح 6 / 318 ) . ثم أقول : من هو القائل : " قلت ... " ? و الجواب : مجهول باعتراف الناشر الذي نقلت كلامه آنفا , فنسأله - و قد حشر نفسه في " جماعة العلماء " باشتراكه معهم في التعليق و التصحيح مصرحا باسمه تارة , هذا إن لم يكن هو المقصود بقوله : " جماعة العلماء " - فنسأله أو نسأل " جماعة العلماء " - كله واحد ! - : ما قيمة قول المجهول في علم مصطلح الحديث ? و هذا إذا لم يكن قوله في ذاته خطأ , فكيف إذا كان عين الخطأ كما رأيت ?! و من هذا القبيل قولهم أو قوله ( ! ) تعليقا على الحديث ( 1356 ) : " يفهم من كلام الشيخ ناصر : أن الحديث ضعيف لتدليس الوليد بن مسلم , و الأمر ليس كذلك , فإن الوليد صرح بالتحديث .. " . قلت : فجهلوا أو جهل أن تدليس الوليد هو من نوع تدليس التسوية الذي لا يفيد فيه تصريحه هو بالتحديث عن شيخه , بل لابد أن يصرح كل راو فوقه بالتحديث من شيخه فما فوق ! فاعتبروا يا أولي الأبصار . ----------------------------------------------------------- [1] ثم طبع هناك على الصواب مع التنبيه في الحاشية على خطأ الأصل . اهـ . 2657 " لما قدم جعفر من الحبشة عانقه النبي صلى الله عليه وسلم " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 332 : أخرجه أبو يعلى في " مسنده " ( 3 / 398 / 1876 ) من طريق إسماعيل بن مجالد عن أبيه عن عامر عن #جابر # قال : فذكره . قلت : و هذا إسناد مرشح للتحسين , مجالد - و هو ابن سعيد - ليس بالقوي , و به أعله الهيثمي , فقال ( 9 / 272 ) : " .. و هو ضعيف , و قد وثق , و بقية رجاله رجال الصحيح " . و أقول : و لكن إسماعيل هذا , و إن كان من رجال البخاري فقد تكلم فيه بعضهم من قبل حفظه . و قال الذهبي في " الكاشف " : " صدوق " . و كذا قال الحافظ في " التقريب " , و زاد : " يخطىء " . قلت : و هذا أصح , فمثله وسط , يدور حديثه بين أن يكون حسنا لذاته أو حسنا لغيره , فإن توبع لم يتوقف الباحث عن تحسينه , و هذا هو الواقع هنا فقد تابعه مثله أو قريب منه , و هو أسد بن عمرو عن مجالد بن سعيد به . أخرجه الطحاوي في " شرح المعاني " ( 4 / 281 ) . و أسد هذا اختلفوا فيه أيضا , و هو من رجال اللسان " , و تجد أقوال الأئمة فيه مفصلا , و فيه أن بعضهم تكلم فيه لأنه كان من أصحاب الرأي , و قد وثقه جمع منهم أحمد و ابن معين , و عن هذا رواية أخرى من طريق أحمد بن سعيد بن أبي مريم عنه قال : " كذوب ليس بشيء " . و أشار الذهبي إلى رفض هذه الرواية , و لعل ذلك لجهالة أحمد بن سعيد هذا , فإني لم أجد له ترجمة . و هي في نقدي حرية بالرفض لمخالفتها لكل أقوال الأئمة الموثقين و المضعفين , أما الموثقين فواضح , و أما المضعفين , فلأن أكثرهم أطلق الضعف , و الآخرون غمزوه بضعف الحفظ , أو أن عنده مناكير , و ابن عدي الذي جاء من بعدهم , ختم ترجمته بقوله فيه : " له أحاديث كثيرة عن الكوفيين , و لم أر في أحاديثه شيئا منكرا , و أرجو أن حديثه مستقيم , و ليس في أهل الرأي بعد أبي يوسف أكثر حديثا منه " . قلت : فحري بمن كان كثير الحديث مثله , و ليس فيها ما ينكر أن يكون ثقة , و لئن وجد - كما ذكر بعضهم - فهو لقلته مغتفر . و الله أعلم . و بالجملة فالحديث بهذه المتابعة صحيح إلى مجالد بن سعيد , و لكنه بحاجة إلى ما يدعمه , و قد وجدته , فقال الأجلح عن الشعبي : " أن النبي صلى الله عليه وسلم استقبل جعفر بن أبي طالب حين جاء من أرض الحبشة , فقبل ما بين عينيه و ضمه إليه ( و في رواية : و اعتنقه ) " . أخرجه ابن سعد ( 4 / 35 ) و ابن أبي شيبة ( 12 / 106 ) و من طريقه أبو داود ( 5220 ) . قلت : و هذا إسناد جيد مرسل , الأجلح - و هو ابن عبد الله - صدوق , فيه كلام يسير لا يضر , و لذلك قال الذهبي في " المغني " : " شيعي , لا بأس بحديثه , و لينه بعضهم " . و قال الحافظ في " التقريب " : " شيعي صدوق " . و زاد ابن أبي شيبة في أوله : " ما أدري بأيهما أفرح ? بقدوم جعفر , أو بفتح خيبر " . و بهذه الزيادة أخرجه البيهقي في " السنن " ( 7 / 101 ) و " شعب الإيمان " ( 6 / 477 / 8968 ) و قال : " هذا مرسل " . ثم رواه من طريق زياد بن عبد الله : حدثنا مجالد بن سعيد عن عامر الشعبي عن عبد الله بن جعفر قال : فذكر حديث الترجمة <1>1>, و قال : " و المحفوظ هو الأول , مرسل " . قلت : و هذه متابعة ثالثة من زياد بن عبد الله , و هو البكائي , و فيه لين , و قد خالف , فجعله من مسند عبد الله بن جعفر , و الصحيح عن مجالد من حديث جابر كما تقدم . و قد وصله الحاكم ( 3 / 211 ) من طريق آخر عن الأجلح عن الشعبي عن جابر به لكن ليس فيه ( المعانقة ) . ثم رواه من طريق ثقتين عن الشعبي مرسلا , و قال : " هذا حديث صحيح , إنما ظهر بمثل هذا الإسناد الصحيح مرسلا " . قال الذهبي عقبه : " و هو الصواب " . و هكذا مرسلا ذكره الذهبي في ترجمة ( جعفر ) من كتابه " السير " ( 1 / 213 ) . لكنه عاد فذكر فيما بعد الزيادة المشار إليها آنفا , فقال ( 1 / 216 ) : " و روي من وجوه أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم جعفر قال : لأنا بقدوم جعفر أسر مني بفتح خيبر " . فأشار إلى أن للحديث أكثر من طريق واحد , و لم ينتبه لهذه الإشارة القوية المعلق عليه , فقال : " سبق تخريجه في الصفحة ( 213 ) تعليق ( 1 ) " . و إذا رجعت إلى التعليق المشار إليه , فلا تجد فيه سوى العزو لابن سعد و الحاكم . و نقل كلامه المتقدم , و تعقيب الذهبي عليه بأن المرسل هو الصواب ! و قد وجدت للحديث وجهين آخرين لعل الذهبي - و هو الحافظ النحرير - أشار إليهما :الأول : عن عون بن أبي جحفة عن أبيه قال : " لما قدم جعفر على رسول الله صلى الله عليه وسلم من أرض الحبشة , قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بين عينيه , ثم قال : ما أدري أنا بقدوم جعفر أسر , أو بفتح خيبر ? " . أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 22 / 100 / 244 ) : حدثنا أبو عقيل أنس بن سلم ( الأصل : سالم ) الخولاني و أحمد بن خالد بن مسرح قالا : حدثنا الوليد بن عبد الملك بن مسرح الحراني حدثنا مخلد بن يزيد عن عون بن أبي جحيفة به . قلت : و هذا إسناد جيد : مخلد و عون ثقتان من رجال الشيخين . و الوليد بن عبد الملك الحراني , روى عنه جمع غير المذكورين منهم أبو زرعة - و لا يروي إلا عن ثقة - و أبو حاتم , و قال : " صدوق " . و ذكره ابن حبان في " الثقات " ( 9 / 227 ) و قال : " مستقيم الحديث " . و أخرج له في " صحيحه " عدة أحاديث , فانظر " التيسير " . و أبو عقيل أنس بن سلم الخولاني , هو من الشيوخ المكثرين من الرواية , فقد ترجمه الحافظ ابن عساكر في " تاريخ دمشق " ( 3 / 140 ) فذكر أنه حدث بدمشق سنة ( 289 ) <2>عن جمع من الشيوخ سماهم , منهم هشام بن عمار قارب عددهم العشرين شيخا . و روى عنه جمع من الشيوخ جاوز عددهم العشرة , منهم الطبراني و ابن عدي . و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا , و لكن رواية هؤلاء عنه تعديل له , و لاسيما و قد أكثر الطبراني عنه , فروى له في كتاب " الدعاء " فقط تسعة أحاديث ( انظر المجلد الأول من " الدعاء " تحقيق الدكتور محمد سعيد البخاري ) و روى له في " المعجم الأوسط " ( 1 / 171 / 3188 - 3190 ) ثلاثة أحاديث , أحدهما في " المعجم الصغير " أيضا ( رقم 689 - " الروض النضير " ) . و أما قرينه ( أحمد بن خالد بن مسرح ) فقال الدارقطني كما في " اللسان " : " ليس بشيء " . و من طريقه وحده أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " أيضا ( 2 / 107 / 1470 ) و " المعجم الصغير " ( ص 8 - هندية رقم 934 " الروض النضير " ) و زاد في " الكبير " : " فعانقه " . و الوجه الآخر من الوجهين المشار إليهما ما ذكره الإمام البغوي في " شرح السنة " ( 12 / 292 ) عقب الحديث المرسل : " و عن البياضي أن النبي صلى الله عليه وسلم تلقى جعفر بن أبي طالب , فالتزمه , و قبل ما بين عينيه " . و البياضي هذا لم أعرفه , و ينسب إليها جمع من الصحابة فانظر " الأنساب " و " تاج العروس " , و لم أقف على إسناده إليه , و قد وهم المعلق على " شرح السنة " وهما فاحشا , فقال : " أخرجه أبو داود ( 5220 ) في الأدب : باب في قبلة ما بين العينين , و رجاله ثقات , لكنه مرسل " . و إنما عند أبي داود في الباب و الرقم المشار إليهما حديث الشعبي المتقدم معزوا إلى جمع منهم أبو داود بالرقم نفسه ! و ثمة وجه ثالث لا يصلح للاستشهاد به , أذكره بيانا لحاله , و إلا ففيما تقدم كفاية , و هو من رواية محمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير عن يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد عن عائشة قالت : " لما قدم جعفر و أصحابه استقبله النبي صلى الله عليه وسلم فقبله بين عينيه " . أخرجه ابن عدي ( 6 / 220 ) و من طريقه البيهقي , و قال ابن عدي : " رواه أبو قتادة الحراني عن الثوري عن يحيى بن سعيد : و قال : عن عمرة عن عائشة " . قلت : فذكر الحراني ( عمرة ) مكان ( القاسم بن محمد ) في رواية محمد بن عبد الله بن عبيد , و هو متروك كالحراني . هذا و قد كنت منذ بعيد لا أرى تقبيل ما بين العينين لضعف حديث جعفر هذا بسبب الإرسال , و عدم وقوفي على شاهد معتبر له , فلما طبع " المعجم الكبير " , و وقفت فيه على إسناده من طريق ( أنس بن سلم ) , و على ترجمته عند ابن عساكر , و تبين لي أنه شاهد قوي للحديث المرسل , رأيت أنه من الواجب علي نشره في هذه السلسلة , أداء للأمانة العلمية , و لعلمي أن الكثيرين من أمثالي لم تقع أعينهم عليه فضلا عن غيرهم , فأحببت لهم أن يكونوا على بصيرة منه . و الحمد لله الذي هدانا لهذا و ما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله . و للمعانقة في السفر شاهد قوي تقدم برقم ( 2647 ) . ----------------------------------------------------------- [1] قلت : و في " الشعب " الزيادة المذكورة , و أخرى بلفظ : " فقبل شفتيه " , و هي منكرة جدا , و المحفوظ كما تقدم , يأتي بلفظ : " ما بين عينيه " . [2] و ذكره الذهبي في وفيات هذه السنة تحت ترجمة ( زكريا بن يحيى السجزي ) من " تذكرة الحفاظ " . اهـ . 2658 " نهى عن الخلوة " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 338 : أخرجه الحاكم ( 2 / 102 ) و البيهقي في " الدلائل " ( 2 / 2 / 229 / 2 ) و كذا البزار في " مسنده " ( رقم 2022 - كشف الأستار ) من طريقين عن عبيد الله بن عمرو الرقي عن عبد الكريم عن عكرمة عن # ابن عباس # رضي الله عنهما قال : خرج رجل من خيبر , فتبعه رجلان , و رجل يتلوهما يقول : " ارجعا " حتى أدركهما فردهما , ثم [ لحق الأول فـ ] قال : إن هذين شيطانان , [ و إني لم أزل بهما حتى رددتهما عنك , فإذا أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ] فاقرأ على رسول الله السلام , و أعلمه أنا في جمع صدقاتنا , [ و ] لو كانت تصلح له بعثنا بها إليه , قال : فلما قدم [ الرجل ] على النبي صلى الله عليه وسلم حدثه , فنهى عند ذلك عن الخلوة . و قال الحاكم - و السياق له , و الزيادات للبيهقي - : " صحيح الإسناد على شرط البخاري " . و وافقه الذهبي . قلت : و هو كما قالا , و عبد الكريم هو ابن مالك الجزري الحراني الثقة , و ليس عبد الكريم بن أبي المخارق البصري الضعيف , فإنه و إن كان يروي أيضا عن عكرمة , فليس هو من شيوخ عبيد الله الرقي . و في هذا الحديث فائدة هامة , و هو تعليل النهي عن الوحدة بعلة غير معقولة المعنى خلافا لما كنت نقلته عن الطبري تحت الحديث ( 62 ) , فتنبه . 2659 " لتقاتلنه و أنت ظالم له . يعني الزبير و عليا رضي الله عنهما " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 339 : أخرجه الحاكم ( 3 / 366 ) عن منجاب بن الحارث عن عبد الله بن الأجلح : حدثني أبي عن يزيد الفقير , ( قال منجاب : و سمعت فضل بن فضالة يحدث به جميعا عن أبي حرب ابن أبي الأسود قال : " شهدت عليا و الزبير لما رجع الزبير على دابته يشق الصفوف , فعرض له ابنه عبد الله , فقال له : مالك ? فقال : ذكر لي علي حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ... ( فذكره ) . فلا أقاتله . قال : و للقتال جئت ? إنما جئت لتصلح بين الناس و يصلح الله هذا الأمر بك . قال : قد حلفت أن لا أقاتل . قال : فأعتق غلامك جرجس , و قف حتى تصلح بين الناس . قال : فأعتق غلامه جرجس , و وقف فاختلف أمر الناس فذهب على فرسه " . قلت : و هذا إسناد حسن من الوجه الأول , و صحيح من الوجه الآخر إن ثبتت عدالة فضل بن فضالة , فإني لم أجد له ترجمة . و لا أستبعد أن يكون هو فضيل بن فضالة الهوزني الشامي , تحرف اسمه على الناسخ , و هو صدوق روى عنه جمع , و ذكره ابن حبان في " الثقات " , و هو من رجال " التهذيب " . أو أنه فضيل بن فضالة القيسي البصري . روى عن أبي رجاء و عبد الرحمن بن أبي بكرة , روى عنه شعبة , و هو ثقة , و قال ابن أبي حاتم ( 3 / 2 / 74 ) عن أبيه : شيخ . و هذا أقرب إلى طبقته من الأول , فإنه يروي عن التابعين كما ترى , و ذاك عن الصحابة , ثم هو بصري كشيخه أبي حرب . و الله أعلم . و تابعه عبد الله بن محمد بن عبد الملك بن الرقاشي عن جده عبد الملك عن أبي حرب بن أبي الأسود الديلي قال : فذكره مختصرا . أخرجه الحاكم أيضا من طريق أبي قلابة عبد الملك بن محمد الرقاشي : حدثنا أبو عاصم حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد الملك الرقاشي به . و قال : " هذا حديث صحيح عن أبي حرب بن أبي الأسود , فقد روى عنه يزيد بن صهيب و فضل بن فضالة في إسناد واحد " . و وافقه الذهبي . ثم ساقه من الطريق المتقدمة و قد خولف الرقاشي في إسناده , و هو ضعيف من قبل حفظه , فقال أبو يعلى في " مسنده " ( 1 / 191 - 192 ) : حدثنا أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم أخبرنا أبو عاصم عن عبد الله بن محمد بن عبد الملك بن مسلم الرقاشي عن جده عبد الملك عن أبي جرو المازني قال : شهدت عليا و الزبير به مختصرا . و أبو يوسف هذا هو الدورقي الثقة . فروايته أرجح من رواية الرقاشي , و تابعه جعفر بن سليمان : حدثنا عبد الله بن محمد الرقاشي حدثني جدي عن أبي جرو المازني به . أخرجه الحاكم . فهذا مما يرجح رواية أبي يوسف الدورقي . و على كل حال , فهي لا بأس بها في المتابعات . و للحديث عنده طريق أخرى يرويه عن محمد بن سليمان العابد : حدثنا إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم قال : قال علي للزبير : فذكر نحوه مختصرا . و تعقبه الذهبي بقوله : " قلت : العابد لا يعرف , و الحديث فيه نظر " . و أقره الحافظ في " اللسان " على قوله : " لا يعرف " . و قد خالفه يعلى بن عبيد فقال : حدثنا إسماعيل بن أبي خالد عن عبد السلام - رجل من حيه - قال : خلا علي بالزبير يوم الجمل ... الحديث . أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 15 / 283 / 19673 ) و أورده في ترجمة عبد السلام هذا , و قال عن البخاري : " ... عن علي و الزبير , لا يثبت سماعه منهما " . و قال العقيلى : " و لا يروى هذا المتن من وجه يثبت " . و أعله الدارقطني في " العلل " ( 4 / 102 ) بالإرسال . و قال الذهبي في عبد السلام هذا : " مجهول " . و نحوه قول الحافظ فيه : " مقبول " . و أما ابن حبان فذكره في " الثقات " في " أتباع التابعين " قال : " عبد السلام البجلي , روى المراسيل . روى عنه إسماعيل بن أبي خالد " . قال الحافظ عقبه في " التهذيب " : " فكأنه لم يشهد القصة عنده " . قلت : و إليه يشير كلام البخاري السابق . و يستغرب منه - و الذهبي أيضا - أن يفوتهما كلامه , فلا يذكرانه , بل و لا يشيران إليه في كتابيهما " التهذيب " و " الميزان " . و أما قول الذهبي المتقدم : " و الحديث فيه نظر " , فلا أدري وجهه , لاسيما و هو قد صححه من طريق ابن أبي الأسود , و هو الجواب عن قول العقيلي : " لا يروى عن وجه يثبت " . و لو سلمنا بذلك , فوروده من وجوه ليس فيها من هو متهم أو متروك , فلا شك حينذاك بأن بعضها يقوي بعضا . كما هي القاعدة عند المحدثين . ثم داخلني شك في ثبوت القصة التي ذكرت في أول التخريج لأنها من رواية عبد الله بن محمد بن سوار الهاشمي عن منجاب . و كذلك أخرجها البيهقي في " دلائل النبوة " ( 2 / 2 / 189 / 1 ) إلا أنه قال : " عن يزيد الفقير عن أبيه " , فزاد : " عن أبيه " . و زاد بعد قوله : ابن أبي الأسود : " دخل حديث أحدهما في حديث صاحبه " و سبب الشك أن ابن سوار هذا لم أعرفه , و قد فتشت عنه فيما لدي من كتب الرجال , فلم أعثر عليه , فأخشى أن يكون غير مشهور بالرواية , فإن الحافظ المزي لم يذكره في الرواة عن ( منجاب ) . و أيضا فالزيادة الأولى عند البيهقي إن كانت محفوظة , فهي علة أخرى لأن أبا يزيد الفقير - و اسمه صهيب - لم أجد له ترجمة أيضا . و الزيادة الأخرى عنده تحول دون معرفة كون القصة بالإسناد الأول أم الآخر . و قد قال الحافظ ابن كثير في " التاريخ " ( 7 / 241 ) بعد أن ساق القصة من طريق البيهقي : " و عندي أن الحديث الذي أوردناه إن كان صحيحا عنه فما رجعه سواه , و يبعد أن يكفر عن يمينه ثم يحضر بعد ذلك لقتال علي . و الله أعلم " . قلت : و يؤيده رواية شريك عن الأسود بن قيس قال : حدثني من رأى الزبير يقعص الخيل بالرمح قعصا فثوب به علي : يا عبد الله ! يا عبد الله ! قال : فأقبل حتى التقت أعناق دوابهما , قال : فقال له علي : أنشدك بالله . أتذكر يوم أتانا النبي صلى الله عليه وسلم و أنا أناجيك , فوالله لتقاتلنه و هو لك ظالم . قال : فضرب الزبير وجه دابته , فانصرف . أخرجه ابن أبي شيبة ( 19674 ) . و بالجملة : فحديث الترجمة صحيح عندي لطرقه كما تقدم , دون قصة عبد الله بن الزبير مع أبيه . و الله أعلم . 2660 " يعيش هذا الغلام قرنا . فعاش مائة سنة . يعني عبد الله بن بسر " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 343 : أخرجه البخاري في " التاريخ الكبير " ( 1 / 1 / 323 ) و في " الصغير " ( ص 93 ) و الحاكم ( 4 / 500 ) و البيهقي في " دلائل النبوة " ( 6 / 503 ) و الطبراني في " مسند الشاميين " ( 836 ) و ابن عساكر في " تاريخ دمشق " ( 9 / 4 / 2 ) من طريق البخاري و غيره عن إبراهيم بن محمد بن زياد الألهاني عن أبيه عن #عبد الله بن بسر #أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له : ... فذكره . قلت : و هذا إسناد لا بأس به في الشواهد رجاله كلهم ثقات معروفون غير إبراهيم هذا , و قد ترجمه ابن أبي حاتم ( 1 / 1 / 127 ) برواية ثقتين عنه , و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا , و هو على شرط ابن حبان في " ثقاته " , و قد أورده في " أتباع التابعين " منه ( 2 / 7 - مخطوطة الظاهرية ) . و تابعه أبو عبد الله الحسن بن أيوب الحضرمي قال : أراني عبد الله بن بسر شامة في قرنه , فوضعت أصبعي عليها , فقال : وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم إصبعه عليها ثم قال : " لتبلغن قرنا " . قال أبو عبد الله : و كان ذا جمة . أخرجه أحمد ( 4 / 189 ) و عنه ابن عساكر , و الدولابي في " الكنى " ( 2 / 55 ) و البزار في " مسنده " ( 3 / 280 - كشف الأستار ) . قلت : و إسناده ثلاثي جيد . و قال الهيثمي ( 9 / 405 ) : " رواه الطبراني و أحمد بنحوه , و رجال أحمد رجال " الصحيح " غير الحسن بن أيوب , و هو ثقة , و رجال الطبراني ثقات " . و أورده بنحوه من رواية الطبراني و البزار و قال : " و رجال أحد إسنادي البزار رجال " الصحيح " غير الحسن بن أيوب الحضرمي , و هو ثقة " . و تابعه سلامة بن جواس : أخبرنا محمد بن القاسم الطائي عن عبد الله بن بسر به و زاد : " قلت : بأبي و أمي يا رسول الله ! و كم القرن ? قال : مائة سنة . قال عبد الله : فلقد عشت خمسا و تسعين سنة . و بقيت خمس سنين إلى أن يتم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال محمد : فحسبنا بعد ذلك خمس سنين ثم مات " . أخرجه ابن عساكر . و محمد بن القاسم الطائي ترجمه ابن أبي حاتم ( 4 / 1 / 64 - 65 ) برواية جمع آخر من الثقات , و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا , و هو على شرط ابن حبان في " ثقاته " , و لم أره في النسخة المطبوعة منه في الهند , و لا في مخطوطة الظاهرية أيضا . و سلامة بن جواس , قال ابن أبي حاتم ( 2 / 1 / 302 ) : " روى عنه أبو زرعة و محمد بن عوف الحمصي " . قلت : فهو ثقة , لأن أبا زرعة لا يروي إلا عن ثقة , كما هو معلوم , ثم هو على شرط ابن حبان أيضا , و قد أورده في " ثقاته " ( 8 / 300 ) . و قد تابعه يحيى بن صالح : حدثنا محمد بن القاسم الطائي .. به . رواه البزار أيضا . و يحيى ثقة . و تابعه جنادة بن مروان الرقي : حدثنا محمد بن القاسم الطائي . رواه الحاكم أيضا إن كان محفوظا . و تابعه الوليد بن مروان بن عبد الله بن أخي جنادة بن مروان : حدثني محمد بن القاسم أبو القاسم الحمصي عن عبد الله بن بسر - و كان عبد الله بن بسر شريكا لأبيه في قرية يقال لها ( تموينة ) <1>يرعيان فيها خيلا لهم - قال أبو القاسم : سمعت عبد الله بن بسر يقول : " أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم منزلنا مع أبي , فقام أبي إلى قطيفة لنا قليلة الخمل فجمعها بيده , ثم ألقاها للنبي صلى الله عليه وسلم فقعد عليها . ثم قال أبي لأمي : هل عندك شيء تطعمينا ? فقالت : نعم , شيء من حيس . قال : فقربته إليهما , فأكلا , ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم , ثم التفت إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم و أنا غلام , فمسح بيده على رأسي , ثم قال : فذكره " . قال أبو القاسم : فعاش مائة سنة . أخرجه تمام في " الفوائد " ( ق 55 / 2 ) و عنه ابن عساكر ( 9 / 4 / 2 و 17 / 447 / 2 ) في موضعين أحدهما في ترجمة الوليد هذا , و لم يزد فيها على أن ساق له هذا الحديث , الأمر الذي يشعر بأنه مجهول , و أنا أظن أنه الذي في " الجرح و التعديل " ( 4 / 2 / 18 ) : " الوليد بن مروان , روى عن غيلان بن جرير روى عنه معتمر بن سليمان , سمعت أبي يقول : هو مجهول " . و نحوه في " الميزان " و " اللسان " . أقول : لكن القصة التي ذكرها قد جاءت من طريق أخرى مطولة و مختصرة , و أتمها ما رواه صفوان بن عمرو قال : حدثني عبد الله بن بسر المازني قال : " بعثني أبي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أدعوه إلى الطعام , فجاء معي , فلما دنوت المنزل أسرعت فأعلمت أبوي , فخرجا فتلقيا رسول الله صلى الله عليه وسلم و رحبا به , و وضعا له قطيفة كانت عند زبيرته <2>فقعد عليها , ثم قال أبي لأمي : هات طعامك2> , فجاءت بقصعة فيها دقيق قد عصدته بماء و ملح , فوضعته بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم , فقال : " خذوا بسم الله من حواليها , و ذروا ذروتها , فإن البركة فيها " . فأكل رسول الله صلى الله عليه وسلم و أكلنا معه , و فضل منها فضلة , ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اللهم اغفر لهم و ارحمهم و بارك عليهم , و وسع عليهم في أرزاقهم " . أخرجه أحمد ( 4 / 688 ) و إسناده ثلاثي صحيح , و أخرجه هو و مسلم ( 6 / 122 ) من طريق يزيد بن جعفر بن عبد الله بن بسر مختصرا . و له عند أحمد و غيره طرق أخرى , يزيد بعضهم على بعض . ( فائدة ) : القرن : أهل كل زمان , و اختلفوا في تحديده على أقوال ذكرها ابن الأثير و غيره , منها أنه مائة سنة , و هذا الحديث يشهد له , و إليه مال الحافظ في " الفتح " ( 7 / 4 ) , فقال : " و قد وقع في حديث عبد الله بن بسر عند مسلم ( ! ) ما يدل على أن القرن مائة , و هو المشهور " . و عزوه لمسلم وهم , سببه أن أصله فيه كما سبقت الإشارة إليه . ----------------------------------------------------------- [1] لم أرها في " معجم البلدان " و الظاهر أنها قرية من قرى حمص , فإن في ترجمة عبد الله بن بسر أنه كان سكن حمص . و الله أعلم . ثم تبين أنه محرف ( تنوينة ) من قرى حمص في " معجم البلدان " ( 2 / 50 ) . [2] كذا الأصل , و في " لسان العرب " - و قد ذكر الحديث بلفظ : " ... فوضعنا له قطيفة زبيرة " - : قال ابن المظفر : كبش زبير أي ضخم ... " , لكن لا يساعد على هذا المعنى قوله في رواية أحمد : " ... كانت عند زبيرته " , فليتأمل فإنه موضع نظر . اهـ . 2661 " أنفق بلال ! و لا تخش من ذي العرش إقلالا " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 347 : روي من حديث #أبي هريرة و بلال بن رباح و عبد الله بن مسعود و عائشة # . 1 - أما حديث أبي هريرة فيرويه عنه محمد بن سيرين , و له عنه طرق : الأولى : أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 1 / 101 / 1 ) و القطيعي في " جزء الألف دينار " ( ق 40 / 1 ) قالا : حدثنا جعفر الفريابي قال : حدثنا بشر بن سيحان قال : حدثنا حرب بن ميمون عن هشام بن حسان بن حسان عن ابن سيرين عنه مرفوعا به . و أخرجه أبو نعيم في " الحلية " ( 2 / 280 و 6 / 274 ) من طريق أخرى عن الفريابي و غيره عن بشر به . و أخرجه أبو يعلى في " مسنده " ( 4 / 1437 ) : حدثنا بشر بن سيحان به , و زاد : " عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم بلالا , فأخرج إليه صبرا من تمر , فقال : ما هذا يا بلال ! قال : تمر ادخرته يا رسول الله ! قال : أما خفت أن تسمع له بخارا في جهنم ? !! أنفق ... " إلخ . قلت : و هذا إسناد جيد , رجاله كلهم ثقات معروفون من رجال " التهذيب " غير بشر بن سيحان , و هو أبو علي الثقفي البصري . كتب عنه أبو حاتم و قال : " ما به بأس , كان من العباد " . و كذلك روى عنه أبو زرعة , و سئل عنه فقال : " شيخ بصري صالح " , كما في " الجرح و التعديل " ( 1 / 1 / 358 ) . و فات هذا الحافظ فلم يذكره في ترجمته من " اللسان " , و إنما قال : " قال ابن حبان في " الثقات " : ربما أغرب " . الثانية : عن بكار بن محمد السيريني حدثنا عبد الله بن عون عن محمد بن سيرين به و فيه القصة . أخرجه البزار ( 4 / 251 / 3655 ) و الطبراني في " الكبير " ( 1 / 101 / 1 ) و " الأوسط " ( 4 / 486 - الجامعة الإسلامية ) و أبو نعيم في " الحلية " ( 2 / 180 ) و البيهقي في " الدلائل " ( 1 / 347 ) . و أبو صالح الحربي في " الفوائد العوالي " ( ق 175 / 2 ) و العقيلي في " الضعفاء " ( ص 55 ) في ترجمة بكار هذا , و ساق له حديثين آخرين , و قال : " لا يتابع عليها " , و قال في هذا : " الرواية فيه مضطربة من غير حديث ابن عون أيضا " . قلت : و له ترجمة في " الميزان " و " اللسان " , و الجمهور على تضعيفه . الثالثة : عن مبارك بن فضالة عن يونس بن عبيد عن محمد بن سيرين به . أخرجه البزار ( 4 / 251 / 3654 ) و الطبراني في " الكبير " أيضا , و أبو سعيد ابن الأعرابي في " معجمه " ( ق 76 / 2 ) و أبو محمد المخلدي في " الفوائد " ( ق 245 / 1 ) و قال البزار : " تفرد به مبارك , و إسناده حسن " . قلت : هو كذلك لولا أن المبارك هذا كان يدلس كما في " التقريب " و غيره . نعم هو حسن , بل صحيح لغيره . و الحديث قال المنذري ( 2 / 40 ) و الهيثمي ( 10 / 241 ) : " رواه البزار و أبو يعلى و الطبراني في " الكبير " و " الأوسط " , و إسناده حسن " . و لم يذكر المنذري البزار . 2 - و أما حديث بلال فيرويه محمد بن الحسن الأسدي : أخبرنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن مسروق عنه . أخرجه البزار ( 3653 - كشف ) و الطبراني ( 1 / 107 / 1 ) , و قال البزار : " لم يقل : " عن بلال " إلا محمد بن الحسن , و رواه غيره عن مسروق مرسلا " . قلت : و هو محمد بن الحسن بن الزبير الأسدي الكوفي , قال الحافظ : " صدوق , فيه لين " . و قد خالفه سفيان , فقال : عن إسحاق به مرسلا لم يذكر فيه بلالا . أخرجه ابن قتيبة في " غريب الحديث " ( 1 / 90 / 1 ) . و تابعه زكريا بن أبي زائدة عن أبي إسحاق به . أخرجه ابن الأعرابي في " المعجم " ( ق 14 / 1 ) . فهو إسناد مرسل صحيح إن كان أبو إسحاق حفظه , فإنه كان اختلط , و قد خولف في إسناده و هو الآتي . 3 - و أما حديث ابن مسعود فيرويه قيس بن الربيع عن أبي حصين عن يحيى بن وثاب عن مسروق عنه . أخرجه البزار ( 3653 - كشف الأستار ) و ابن الأعرابي ( 122 / 2 ) و الطبراني ( 1 / 100 / 2 و 3 / 72 / 1 ) و القضاعي ( ق 64 / 2 ) و قال البزار : " كذا رواه قيس , و رواه عنه جماعة هكذا , و خالفهم يحيى بن كثير عن قيس عن عائشة بدل عبد الله " . قلت : قد روي عنها من طريق أخرى , و هو التالي . 4 - و أما حديث عائشة فيرويه سفيان بن وكيع : حدثنا حسين بن علي عن زائدة عن الأعمش عن طلحة عن خيثمة عن مسروق عنها . أخرجه محمد بن الحسين الحراني في " الفوائد " ( ق 29 / 1 ) . قلت : و رجاله ثقات غير سفيان بن وكيع فهو ضعيف . و جملة القول أن الحديث صحيح بمجموع طرقه , كيف و الطريق الأولى من الحديث الأول لا ينزل عن مرتبة الحسن , كما سبق . 2662 " خلق الله تبارك و تعالى الجنة لبنة من ذهب و لبنة من فضة و ملاطها المسك , فقال لها : تكلمي , فقالت : *( قد أفلح المؤمنون )* , فقالت الملائكة : طوبى لك , منزل الملوك " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 351 : قال البزار : حدثنا محمد بن المثنى حدثنا المغيرة بن سلمة حدثنا وهيب عن الجريري عن أبي نضرة عن #أبي سعيد #قال : فذكره موقوفا . ثم قال : و حدثنا بشر بن آدم , حدثنا يونس بن عبيد الله العمري : حدثنا عدي بن الفضل : حدثنا الجريري ... به مرفوعا . ثم قال البزار : " لا نعلم أحدا رفعه إلا عدي بن الفضل , و ليس هو بالحافظ , و هو شيخ متقدم الموت " . كذا ذكره الحافظ ابن كثير في " تفسيره " عن البزار بإسناديه الموقوف و المرفوع , و كذلك هو في " زوائد البزار " ( 317 ) إلا أنه وقع فيه " حجاج بن المنهال : حدثنا حماد بن سلمة " مكان : " المغيرة بن سلمة : حدثنا وهيب " . فلا أدري أهذا خطأ من الناسخ , أم أن للبزار فيه إسنادين إلى الجريري , أحدهما وهيب عنه , و الآخر حماد بن سلمة عنه , نقل ابن كثير أحدهما , و الهيثمي الآخر . و سواء كان هذا أو ذاك , فكل من الإسنادين صحيح على شرط مسلم موقوفا , لكنه في حكم المرفوع , فقد قال الهيثمي في " مجمع الزوائد " ( 10 / 397 ) : " و رجال الموقوف رجال الصحيح , و أبو سعيد لا يقول هذا إلا بتوقيف " . و عدي بن الفضل الذي رفعه هو التيمي أبو حاتم البصري , متفق على تضعيفه . لكن قال المنذري ( 4 / 252 ) : " قد تابعه على رفعه وهيب بن خالد عن الجريري به و لفظه : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله عز وجل أحاط حائط الجنة لبنة من ذهب و لبنة من فضة , ثم شقق فيها الأنهار , و غرس فيها الأشجار , فلما نظرت الملائكة إلى حسنها قالت : طوبى لك منازل الملوك " . خرجه البيهقي و غيره , لكن وقفه هو الأصح المشهور . و الله أعلم " . و أقول : هذا أخرجه البيهقي في " البعث " ( ص 54 - مصورة الجامعة الإسلامية ) من طريق محمد بن يونس : حدثنا سهيل بن بكار حدثنا وهيب بن خالد به . و محمد بن يونس - و هو الكديمي - متهم بوضع الحديث , فلا يفرح بما يرويه من المتابعة . و أخرجه أبو نعيم في " صفة الجنة " ( 1 / 173 / 140 ) من طريق أخرى عن عدي بن الفضل به مرفوعا . ثم رأيت العلامة ابن القيم قد أورد في " حادي الأرواح " ( 2 / 40 ) إسناد البزار الموقوف كما أورده ابن كثير , و قال عقب تضعيفه لعدي بن الفضل : " و الحديث صحيح موقوف . و الله أعلم " . و قد روي الحديث من طرق أخرى مرفوعا , مطولا و مختصرا , دون قول الملائكة : " طوبى لك , منازل الملوك " . و هو مخرج في الكتاب الآخر , فانظر الأرقام ( 1283 و 1284 و 1285 ) . 2663 " ما ترك قوم الجهاد إلا عمهم الله بالعذاب " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 352 : أخرجه الطبراني في الأوسط ( 2 / 228 ) حدثنا علي بن سعيد الرازي : أخبرنا عقبة بن قبيصة حدثنا أبي حدثنا مالك بن مغول عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عن # أبي بكر #قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره , و قال : " لم يروه عن إسماعيل إلا مالك بن مغول و لا عنه إلا قبيصة تفرد به ابنه " . قلت : و هو صدوق , قال النسائي : " صالح " . و ذكره ابن حبان في " الثقات " , و من فوقه ثقات رجال الشيخين . و علي بن سعيد الرازي حسن الحديث كما كنت بينته تحت الحديث ( 236 ) . و حسنه ابن النحاس الدمياطي في " مصارع العشاق " ( 1 / 107 ) و سبقه إلى ذلك المنذري في " الترغيب " ( 2 / 200 ) . و يشهد له حديث العينة , و فيه : " .. و تركتم الجهاد في سبيل الله , سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم " . و هو حديث صحيح , كما سبق بيانه برقم ( 11 ) . قلت : و الحديث من أعلام نبوته صلى الله عليه وسلم كما يشهد بذلك واقع المسلمين في كثير من البلاد , و ما حادثة مهاجمة اليهود للمسلمين و هم سجود صبح الجمعة من رمضان هذه السنة ( 1414 ) في مسجد الخليل في فلسطين ببعيد . و صدق الله : *( و ما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم و يعفو عن كثير )* . اسأل الله تعالى أن يلهم المسلمين الرجوع إلى فهم دينهم فهما صحيحا , و العمل به ليعزهم و ينصرهم على عدوهم . 2664 " من قال في دبر صلاة الغداة : " لا إله إلا الله وحده لا شريك له , له الملك و له الحمد يحيي و يميت بيده الخير و هو على كل شيء قدير " مئة مرة , و هو ثان رجليه , كان يومئذ أفضل أهل الأرض عملا إلا من قال مثل ما قال أو زاد على ما قال " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 354 : أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 8 / 336 / 8075 ) و " الأوسط " ( 4 / 450 ) و ابن السني ( رقم - 142 ) من طريق عبد الصمد بن عبد الوارث : حدثنا آدم بن الحكم حدثنا أبو غالب عن #أبي أمامة # مرفوعا , و قال الطبراني : " لم يروه عن أبي غالب إلا آدم , و لا عنه إلا عبد الصمد " . قلت : و هو ثقة من رجال الشيخين . و أبو غالب حسن الحديث , و قد مضى مرارا . و مثله آدم بن الحكم , و هو أبو عباد صاحب الكرابيس البصري . قال ابن أبي حاتم ( 1 / 1 / 267 ) : " قال ابن معين : صالح . و قال أبي : ما أرى بحديثه بأسا " . و في " اللسان " : " و قال ابن أبي حاتم : تغير حفظه . و ذكره ابن حبان في ( الثقات ) " . قلت : فمثله حسن الحديث على أقل الأحوال , و لذلك قال المنذري ( 1 / 168 ) : " رواه الطبراني في " الأوسط " بإسناد جيد " . و قال الهيثمي ( 10 / 108 ) : " رواه الطبراني في " الكبير " و " الأوسط " , و رجال " الأوسط " ثقات " . و في الحديث شهادة قوية لحديث شهر بن حوشب الذي فيه هذه الجملة : " و هو ثان رجليه " , و كنت لا أعمل بها لضعف ( شهر ) حتى وقفت على هذا الشاهد , و فيه التهليل ( مائة ) مكان ( عشر ) و الكل جائز لثبوتهما . فالحمد لله على توفيقه , و أسأله المزيد من فضله . 2665 " إذا فتحت عليكم [ خزائن ] فارس و الروم أي قوم أنتم ? قال عبد الرحمن بن عوف : نقول كما أمرنا الله . قال صلى الله عليه وسلم : أو غير ذلك , تتنافسون ثم تتحاسدون , ثم تتدابرون , ثم تتباغضون , أو نحو ذلك , ثم تنطلقون في مساكن المهاجرين , فتجعلون بعضهم على رقاب بعض " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 355 : أخرجه مسلم ( 8 / 212 - 213 ) و ابن ماجه ( 2 / 481 - 482 ) و الزيادة له قالا - و السياق لمسلم - : حدثنا عمر بن سواد العامري : أخبرنا عبد الله بن وهب : أخبرني عمرو بن الحارث : أن بكر بن سوادة حدثه أن يزيد بن رباح ( هو أبو فراس مولى عبد الله بن عمرو بن العاص ) حدثه عن #عبد الله بن عمرو بن العاص #عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : فذكره . و أخرجه الفسوي في " التاريخ " ( 2 / 514 ) من طريق شيخين آخرين قالا : حدثنا ابن وهب به . و فيه الزيادة . 2666 " يقول الله عز وجل : وعزتي لا أجمع على عبدي خوفين و لا أجمع له أمنين , إذا أمنني في الدنيا أخفته يوم القيامة , و إذا خافني في الدنيا أمنته يوم القيامة " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 355 : رواه ابن المبارك في " الزهد " ( 163 / 2 من الكواكب 575 و رقم 157 - ط ) : حدثنا عوف عن # الحسن # مرسلا . قلت : و هذا سند صحيح لولا الإرسال , لكن قال عقبه ابن صاعد : حدثنا محمد بن يحيى بن ميمون - بالبصرة - قال : حدثنا عبد الوهاب بن عطاء قال : حدثنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه . قلت : و رجاله كلهم ثقات معروفون حديثهم حسن غير محمد بن يحيى هذا فلم أجد له ترجمة . لكن تابعه إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني : حدثنا عبد الوهاب بن عطاء به . أخرجه ابن حبان في " صحيحه " ( رقم 2494 - الموارد ) . ثم رأيت الهيثمي ( 10 / 308 ) قد أورد الحديث من مرسل الحسن , و مسند أبي هريرة , ثم قال : " رواهما البزار عن شيخه محمد بن يحيى بن ميمون , و لم أعرفه , و بقية رجال المرسل رجال " الصحيح " , و كذلك رجال المسند , غير محمد بن عمرو بن علقمة , و هو حسن الحديث " . و هو عند البزار ( 4 / 74 / 3232 و 3233 - كشف الأستار ) . و أخرجه البيهقي في " شعب الإيمان " ( 1 / 482 - 483 ) , من طريق أبي داود حدثنا محمد بن يحيى بن ميمون العتكي حدثنا محمد بن عبد الوهاب به . قلت : و أبو داود هو ( السجستاني ) صاحب " السنن " فيكون لابن ميمون هذا ثلاثة رواة عنه حفاظ : أبو داود و ابن صاعد و البزار . و من كان هذا شأنه , لا يكون مجهولا و محله الصدق إن شاء الله تعالى , لاسيما و قد تابعه الجوزجاني - و هو ثقة حافظ - رواه ابن حبان كما تقدم , و إليه فقط عزاه المنذري في " الترغيب " ( 4 / 138 ) و أشار إلى تقويته . 2667 " حسبك إذا ذكرت أخاك بما فيه " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 357 : أخرجه أبو الشيخ في " التوبيخ " ( 188 ) و الأصبهاني في " الترغيب " ( 580 ) و البيهقي في " الشعب " ( 2 / 304 - 2 ) و البغوي في " التفسير " ( 7 / 346 ) عن المثنى بن الصباح عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده [ عن #معاذ بن جبل #] : أنهم ذكروا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا فقالوا : لا يأكل حتى يطعم , و لا يرحل حتى يرحل له . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : اغتبتموه , فقالوا : يا رسول الله , إنما حدثنا بما فيه , قال : فذكره . و السياق للأصبهاني , و الزيادة للبيهقي . قلت : و هذا إسناد حسن لولا أن المثنى بن الصباح ضعيف كان اختلط بأخرة , و كان عابدا كما في " التقريب " , و قد تابعه ابن لهيعة عن عمرو به نحوه . أخرجه أبو الشيخ ( 189 ) . لكن يشهد له ما أخرجه أبو يعلى في " مسنده " ( 4 / 1460 - 1461 ) و أبو الشيخ ( 182 ) و البيهقي من طريق محمد بن أبي حميد عن موسى بن وردان عن أبي هريرة قال : " كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم , فقام رجل , فقالوا : يا رسول الله ! ما أعجز , أو قال : ما أضعف فلانا , فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " اغتبتم صاحبكم و أكلتم لحمه " . و قال الهيثمي ( 8 / 94 ) : " رواه أبو يعلى و الطبراني في " الأوسط " , و لفظه ... ( فذكره نحوه و قال : ) و في إسنادهما محمد بن أبي حميد , و يقال له : حماد , و هو ضعيف جدا " . قلت : و من طريقه أخرجه الأصبهاني في " الترغيب " ( ص 577 ) . ثم ذكر له الهيثمي شاهدا آخر من حديث معاذ بن جبل قال : " كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فذكروا رجلا عنده فقالوا : ما أعجزه ! فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " اغتبتم أخاكم " . قالوا : يا رسول الله ! قلنا ما فيه . قال : " إن قلتم ما ليس فيه فقد بهتموه " . و قال : " رواه الطبراني , و فيه علي بن عاصم , و هو ضعيف " . قلت : و من طريقه أخرجه البيهقي عن المثنى بن الصباح بإسناده المتقدم . و روى مالك ( 3 / 150 ) و عنه أبو الشيخ ( 190 ) عن المطلب بن عبد الله بن حنطب المخزومي أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما الغيبة ? فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أن تذكر من المرء ما يكره أن يسمع " . قال : يا رسول الله ! و إن كان حقا ? قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا قلت باطلا فذلك البهتان " . و أصله في " صحيح مسلم " ( 8 / 21 ) و غيره من طريق العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ : " أتدرون ما الغيبة ? ... " , و هو مخرج في " نقد الكتاني " ( 36 ) و " تخريج الحلال " ( 420 ) و فيما تقدم ( 1419 ) . 2668 " كان آدم نبيا مكلما , كان بينه و بين نوح عشرة قرون , و كانت الرسل ثلاثمائة و خمسة عشر " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 358 : أخرجه أبو جعفر الرزاز في " مجلس من الأمالي " ( ق 178 / 1 ) : حدثنا عبد الكريم ابن الهيثم الديرعاقولي : حدثنا أبو توبة - يعني الربيع بن نافع - : حدثنا معاوية بن سلام عن زيد بن سلام أنه سمع أبا سلام يقول : حدثني #أبو أمامة #: " أن رجلا قال : يا رسول الله ! أنبيا كان آدم ? قال : نعم , مكلم . قال : كم كان بينه و بين نوح ? قال : عشرة قرون . قال : يا رسول الله ! كم كانت الرسل ? قال : ثلاثمائة و خمسة عشر " . قلت : و هذا إسناد صحيح , رجاله كلهم ثقات رجال مسلم غير الديرعاقولي , و هو ثقة ثبت كما قال الخطيب في " تاريخه " ( 11 / 78 ) و كذلك قال ابن حبان في " الثقات " ( 8 / 423 ) و اعتمده السمعاني في " الأنساب " , و الذهبي في " السير " ( 13 / 335 - 336 ) . و الحديث أخرجه ابن حبان أيضا في " صحيحه " ( 2085 - موارد ) و ابن منده في " التوحيد " ( ق 104 / 2 ) و من طريقه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " ( 2 / 325 / 2 ) و الطبراني في " الأوسط " ( 1 / 24 / 2 / 398 - بترقيمي ) و كذا في " الكبير " ( 8 / 139 - 140 ) و الحاكم ( 2 / 262 ) و قال : " صحيح على شرط مسلم " . و وافقه الذهبي . و كذا قال ابن عروة الحنبلي في " الكواكب الدراري " ( 6 / 212 / 1 ) و قد عزاه لابن حبان فقط , و قال ابن منده عقبه : " هذا إسناد صحيح على رسم مسلم و الجماعة إلا البخاري . و روي من حديث القاسم أبي عبد الرحمن و غيره عن أبي أمامة و أبي ذر بأسانيد فيها مقال " . قلت : حديث القاسم , يرويه معان بن رفاعة : حدثني علي بن يزيد عنه عن أبي أمامة مطولا , و فيه : " قال : قلت : يا نبي الله ! فأي الأنبياء كان أول ? قال : آدم عليه السلام . قال : قلت : يا نبي الله ! أو نبي كان آدم ? قال : نعم , نبي مكلم , خلقه الله بيده , ثم نفخ فيه من روحه , ثم قال له : يا آدم قبلا . قال : قلت : يا رسول الله ! كم وفى عدد الأنبياء ? قال : مائة ألف و أربعة و عشرون ألفا , الرسل من ذلك ثلاثمائة و خمسة عشر , جما غفيرا " . أخرجه أحمد ( 5 / 265 ) . و علي بن يزيد و هو الألهاني ضعيف . و معان بن رفاعة لين الحديث كما في " التقريب " , لكن يبدو أنه لم يتفرد به , فقد قال الهيثمي في " المجمع " ( 1 / 159 ) : " رواه أحمد و الطبراني في " الكبير " , و مداره على علي بن يزيد و هو ضعيف " . هذا و زاد الطبراني في حديث الترجمة كما تقدم : " قال : كم كان بين نوح و إبراهيم ? قال : عشرة قرون " . و قال الهيثمي ( 8 / 210 ) : " رواه الطبراني , و رجاله رجال الصحيح غير أحمد بن خليد , و هو ثقة " . و لهذه الزيادة شاهد من حديث أبي هريرة مرفوعا بلفظ : " كان بين آدم و نوح عليهما السلام عشرة قرون , و بين نوح و إبراهيم عشرة قرون , صلى الله عليهما " . أخرجه العقيلي في " الضعفاء " ( ص 437 ) : حدثنا جعفر بن محمد الفريابي قال : حدثنا نصر بن عاصم الأنطاكي قال : حدثنا الوليد بن مسلم قال : حدثنا أبو عمرو عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعا به . أورده في ترجمة نصر هذا , و قال : " لا يتابع عليه , و لا يعرف إلا به " . و قال الذهبي في " الميزان " . " محدث رحال , ذكره ابن حبان في ( الثقات ) " . و قال الحافظ في " التقريب " : " لين الحديث " . ( تنبيه ) : ( رحال ) بالراء , و وقع في المطبوعتين من " الميزان " ( دجال ) بالدال . و هو تصحيف فاحش , و التصحيح من مخطوطة الظاهرية . و أما حديث أبي ذر الذي أشار إليه ابن منده فله عنه طرق : الأولى : عن عبيد بن الخشخاش عنه قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم و هو في المسجد ... الحديث بطوله , و فيه حديث الترجمة , و فيه أن الرجل السائل هو أبو ذر نفسه . أخرجه الطيالسي في " مسنده " ( 478 ) : حدثنا المسعودي عن أبي عمرو الشامي عن عبيد بن الخشخاش . و من هذا الوجه أخرجه أحمد ( 5 / 178 و 179 ) و ابن سعد في " الطبقات " ( 1 / 1 / 10 و 26 ) من طرق أخرى عن المسعودي به . و قال الهيثمي ( 1 / 160 ) : " رواه أحمد و البزار و الطبراني في " الأوسط " , و فيه المسعودي و هو ثقة , و لكنه اختلط " . قلت : و عبيد بن الخشخاش ضعفه الدارقطني , و أما ابن حبان فأورده في " الثقات " ( 3 / 170 ) و قال : " روى عنه الكوفيون " . قلت : و الراوي عنه هذا أبو عمرو الشامي كما ترى . الثانية : عن أبي إدريس الخولاني عن أبي ذر به مطولا جدا , و فيه حديث الترجمة و زيادة عدد الأنبياء المتقدم في حديث علي بن يزيد . أخرجه ابن حبان في " صحيحه " ( 94 - الموارد ) و أبو نعيم في " الحلية " ( 1 / 166 - 168 ) من طريق إبراهيم بن هشام بن يحيى بن يحيى الغساني : حدثنا أبي عن جدي عن أبي إدريس الخولاني به . قلت : و إبراهيم هذا متروك متهم بالكذب , لكنه لم يتفرد به , فقد قال أبو نعيم عقبه : " و رواه المختار بن غسان عن إسماعيل بن سلمة عن أبي إدريس " . قلت : و المختار هذا من رجال ابن ماجه , روى عنه جمع , و لم يذكروا توثيقه عن أحد , و قال الحافظ : " مقبول " . و شيخه إسماعيل بن سلمة لم أجد له ترجمة , و غالب الظن أنه محرف و الصواب ( إسماعيل بن مسلم ) فقد ذكروه في شيوخه , و هو العبدي الثقة , و كذلك المختار هو عبدي , فإذا صح الإسناد إليه , فهو حسن لغيره . و الله أعلم . و تابعه الماضي بن محمد عن أبي سليمان عن القاسم بن محمد عن أبي إدريس الخولاني به . و فيه عدد الأنبياء أيضا . أخرجه ابن جرير في " التاريخ " ( 1 / 150 ) . قلت : و هذا إسناد ضعيف , لضعف الماضي بن محمد . و شيخه أبو سليمان اسمه علي بن سليمان , مجهول . و مثله القاسم بن محمد , و ليس هو المدني الثقة . فقد قال الحافظ ابن حجر : " أظن أنه شامي " . الثالثة : قال أبو نعيم : و رواه معاوية بن صالح عن أبي عبد الملك محمد بن أيوب عن ابن عائذ عن أبي ذر بطوله . قلت : و ابن أيوب هذا ذكره ابن أبي حاتم ( 3 / 2 / 196 - 197 ) بهذه الرواية , و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا . و ابن عائذ لم أعرف اسمه الآن . الرابعة : عن يحيى بن سعيد العبشمي - من بني سعد بن تميم - : حدثنا ابن جريج عن عطاء عن عبيد بن عمير عن أبي ذر به . أخرجه أبو نعيم , و البيهقي ( 9 / 4 ) , لكن رواه من طريقه الحاكم ( 2 / 597 ) فسماه يحيى بن سعيد السعدي البصري , و سكت عنه , و قال الذهبي : " قلت : السعدي ليس بثقة " . قلت : الذي ليس بثقة إنما هو يحيى بن سعيد المدني , و هذا بصري فهو غيره , و إليه يميل الحافظ في " اللسان " , فراجعه . قلت : و العبشمي هذا لم أعرفه , و لم يورده السمعاني في هذه النسبة . و جملة القول : إن عدد الرسل المذكورين في حديث الترجمة صحيح لذاته , و أن عدد الأنبياء المذكورين في أحد طرقه , و في حديث أبي ذر من ثلاث طرق , فهو صحيح لغيره , و لعله لذلك لما ذكره ابن كثير في " تاريخه " ( 1 / 97 ) من رواية ابن حبان في " صحيحه " سكت عنه , و لم يتعقبه بشيء , فدل على ثبوته عنده . و كذلك فعل الحافظ ابن حجر في " الفتح " ( 6 / 257 ) و العيني في " العمدة " ( 7 / 307 ) , و غيرهم , و قال المحقق الآلوسي في " تفسيره " ( 5 / 449 ) : " و زعم ابن الجوزي أنه موضوع , و ليس كذلك . نعم , قيل : في سنده ضعف جبر بالمتابعة " . و سبقه إلى ذلك و الرد على ابن الجوزي الحافظ ابن حجر في " تخريج الكشاف " ( 4 / 114 ) , و هو الذي لا يسع الباحث المحقق غيره كما تراه مبينا في تخريجنا هذا و الحمد لله . و في عدد الأنبياء أحاديث أخرى , هي في الجملة متفقة مع الأحاديث المتقدمة على أن عددهم أكثر من عدد الرسل , رويت من حديث أبي سعيد الخدري , و من حديث أنس بن مالك من طرق عنه , عند أبي يعلى و الطبراني و الحاكم , لعلنا نتفرغ لتتبعها , و تخريجها في المكان المناسب لها في فرصة أخرى إن شاء الله تعالى . ثم خرجتها في " الضعيفة " برقم ( 6090 ) . و اعلم أن الحديث و ما ذكرنا من الأحاديث الأخرى , مما يدل على المغايرة بين الرسول و النبي , و ذلك مما دل عليه القرآن أيضا في قوله عز وجل : *( و ما أرسلنا من قبلك من رسول و لا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته )* الآية . و على ذلك جرى عامة المفسرين , من ابن جرير الطبري الإمام , إلى خاتمة المحققين الآلوسي , و هو ما جزم به شيخ الإسلام ابن تيمية في غير ما موضع من فتاويه ( المجموع 10 / 290 و 18 / 7 ) أن كل رسول نبي , و ليس كل نبي رسولا . و قال القرطبي في " تفسيره " ( 12 / 80 ) : " قال المهدوي <1>1>: و هذا هو الصحيح أن كل رسول نبي و ليس كل نبي رسولا . و كذا ذكر القاضي عياض في كتاب " الشفا " , قال : و الصحيح الذي عليه الجم الغفير أن كل رسول نبي و ليس كل نبي رسولا و احتج بحديث أبي ذر .. " . قلت : و يؤكد المغايرة في الآية ما رواه أبو بكر الأنباري في كتاب " الرد " له بإسناده عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قرأ : ( و ما أرسلنا من قبلك من رسول و لا نبي و لا محدث ) . و قال أبو بكر : فهذا حديث لا يؤخذ به على أن ذلك قرآن , و المحدث هو الذي يوحى إليه في نومه , لأن رؤيا الأنبياء وحي . قلت : فإن صح ذلك عن ابن عباس فهو مما يؤكد ما ذكرنا من المغايرة , و إن كان لا يثبت به قرآن , و يؤيده أن المغايرة هذه رويت عن تلميذه مجاهد رحمه الله , فقد ذكر السيوطي في " الدر " ( 4 / 366 ) برواية ابن المنذر و ابن أبي حاتم عن مجاهد قال : " النبي وحده الذي يكلم و ينزل عليه , و لا يرسل " . فهذا نص من هذا الإمام في التفسير , يؤيد ما تتابع عليه العلماء من القول بالمغايرة , الموافق لظاهر القرآن و صريح السنة . و كان الدافع على تحرير هذا أنني رأيت مجموعة رسائل لأحد فضلاء العصر الحاضر , فيها رسالة بعنوان : " إتحاف الأحفياء برسالة الأنبياء " ذهب فيها إلى عدم التفريق بين الرسول و النبي . و بحثه فيها يدل المحقق المطلع على بحوث العلماء و أقوالهم , على أن المؤلف لها حفظه الله ارتجلها ارتجالا دون أن يتعب نفسه بالبحث عن أقوال العلماء في المسألة , و إلا فكيف جاز له أن يقول ( ج 1 / 429 ) : 1 - " و أسبق من رأينا تكلم بهذا التفريق هو العلامة ابن كثير ... " ! و قد سبقه إلى ذلك مجاهد , التابعي الجليل ( ت 104 ) و شيخ المفسرين ابن جرير ( ت 310 ) و البغوي ( ت 516 ) و القرطبي ( ت 671 ) و الزمخشري ( ت 538 ) , و غيرهم ممن أشرت إليهم آنفا . 2 - كيف يقول ( ص 431 ) : " إن ابن تيمية لم يذكر التفريق المشار إليه في كتابه ( النبوات ) " ! و ليس من اللازم أن يذكر المؤلف كل ما يعلمه في الموضوع في كتاب واحد , فقد ذكر ذلك ابن تيمية في غير ما موضع من فتاواه , فلو أنه راجع " مجموع الفتاوى " له لوجد ذلك في ( 10 / 290 و 18 / 7 ) . و من ذلك تعلم بطلان قوله عقب ذلك : " فهذه الغلطة في التفريق بين الرسول و النبي يظهر أنها إنما دخلت على الناس من طريق حديث موضوع رواه ابن مردويه عن أبي ذر , و هو حديث طويل جدا لا يحتمل أبو ذر حفظه مع طوله .. " ! أقول : ليس العمدة في التفريق المذكور على هذا الحديث الطويل الذي زعم أن أبا ذر لا يتحمل حفظه كما شرحت ذلك في هذا التخريج الفريد في بابه فيما أظن , و تالله إن هذا الزعم لبدعة في علم الجرح و التعديل ما سبق - و الحمد لله - من أحد إلى مثلها ! و إلا لزمه رد أحاديث كثيرة طويلة صحيحة ثابتة في الصحيحين و غيرهما , كحديث صلح الحديبية , و حديث الدجال و الجساسة , و حديث عائشة : " كنت لك كأبي زرع لأم زرع " , و غيرها . و لعله لا يلتزم ذلك إن شاء الله تعالى و تقليده لابن الجوزي في حكمه على الحديث بالوضع مردود , لأن التقليد ليس بعلم , كما لا يخفى على مثله , ثم لماذا آثر تقليده على تقليد الذين ردوا عليه حكمه عليه بالوضع ? كالحافظ العسقلاني و المحقق الآلوسي و غيرهما ممن سبقت الإشارة إلى كلامهم , لاسيما و هو يعلم تشدد ابن الجوزي في نقده للأحاديث , كما يعلم إن شاء الله أن نقده لو سلم به , خاص في بعض طرق الحديث التي خرجتها هنا . و من غرائبه أنه ذكر آية الأمنية : *( و ما أرسلنا من قبلك من رسول و لا نبي إلا إذا تمنى .. )* و أن الواو تفيد المغايرة , ثم رد ذلك بقوله : " و الجواب أن مثل هذا يقع كثيرا في القرآن و في السنة يعطف بالشيء على الشيء , و يراد بالتالي نفس الأول كما في قوله : *( إن المسلمين و المسلمات , و المؤمنين و المؤمنات )* , فغاير بينهما بحرف العطف , و معلوم أن المسلمين هم المؤمنون , و المؤمنين هم المسلمون " . فأقول : هذا غير معلوم , بل العكس هو الصواب , كما شرح ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في كتبه , و بخاصة منها كتابه " الإيمان " , و لذلك قال في " مختصر الفتاوى المصرية " ( ص 586 ) : " الذي عليه جمهور سلف المسلمين : أن كل مؤمن مسلم , و ليس كل مسلم مؤمنا , فالمؤمن أفضل من المسلم , قال تعالى 49 : 14 : *( قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا و لكن قولوا أسلمنا )* " . فالآية كما ترى حجة عليه , و يؤيد ذلك تمامها : *( القانتين و القانتات ... )* الآية : فإن من الظاهر بداهة أنه ليس كل مسلم قانتا ! ثم ذكر آية أخرى لا تصلح أيضا دليلا له , و هي قوله تعالى : *( قل من كان عدوا لله و ملائكته و رسله و جبريل و ميكال .. )* , قال : فعطف بجبريل و ميكال على الملائكة و هما منهم " . أقول : نعم , و لكن هذا ليس من باب عطف الشيء على الشيء و يراد بالتالي نفس الأول كما هو دعواه , و إنما هذا من باب عطف الخاص على العام . و هذا مما لا خلاف فيه , و لكنه ليس موضع البحث كما هو ظاهر للفقيه . نعم إن ما ذهب إليه المومى إليه في الرسالة السابقة من إنكار ما جاء في بعض كتب الكلام في تعريف النبي أنه من أوحي إليه بشرع و لم يؤمر بتبليغه , فهو مما أصاب فيه كبد الحقيقة , و لطالما أنكرناه في مجالسنا و دروسنا , لأن ذلك يستلزم جواز كتمان العلم مما لا يليق بالعلماء , بله الأنبياء , قال تعالى : *( إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات و الهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله و يلعنهم اللاعنون )* . و لعل المشار إليه توهم أن هذا المنكر إنما تفرع من القول بالتفريق بين الرسول و النبي , فبادر إلى إنكار الأصل ليسقط معه الفرع , كما فعل بعض الفرق قديما حين بادروا إلى إنكار القدر الإلهي إبطالا للجبر , و بعض العلماء في العصر الحاضر إلى إنكار عقيدة نزول عيسى و خروج المهدي عليهما السلام , إنكارا لتواكل جمهور من المسلمين عليها . و كل ذلك خطأ , و إن كانوا أرادوا الإصلاح , فإن ذلك لا يكون و لن يكون بإنكار الحق الذي قامت عليه الأدلة . و لو أن الكاتب المشار إليه توسع في دراسة هذه المسألة قبل أن يسود رسالته , لوجد فيها أقوالا أخرى استوعبها العلامة الآلوسي ( 5 / 449 ) , و لكان بإمكانه أن يختار منها ما لا نكارة فيه كمثل قول الزمخشري ( 3 / 37 ) : " و الفرق بينهما , أن الرسول من الأنبياء : من جمع إلى المعجزة الكتاب المنزل عليه . و النبي غير الرسول : من لم ينزل عليه كتاب , و إنما أمر أن يدعو الناس إلى شريعة من قبله " . و مثله قول البيضاوي في " تفسيره " ( 4 / 57 ) : " الرسول : من بعثه الله بشريعة مجددة يدعو الناس إليها , و النبي يعمه , و من بعثه لتقرير شرع سابق , كأنبياء بني إسرائيل الذين كانوا بين موسى و عيسى عليهم السلام , و لذلك شبه النبي صلى الله عليه وسلم علماء أمته بهم " . يشير إلى حديث " علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل " و لكنه حديث لا أصل له , كما نص على ذلك الحافظ العسقلاني و السخاوي و غيرهما . ثم إنهم قد أوردوا على تعريفه المذكور اعتراضات يتلخص منها أن الصواب حذف لفظة " مجددة " منه , و مثله لفظة " الكتاب " في تعريف الزمخشري , لأن إسماعيل عليه السلام , لم يكن له كتاب و لا شريعة مجددة , بل كان على شريعة إبراهيم عليهما السلام , و قد وصفه الله عز وجل في القرآن بقوله : *( إنه كان صادق الوعد و كان رسولا نبيا )* . و يبقى تعريف النبي بمن بعث لتقرير شرع سابق , و الرسول من بعثه الله بشريعة يدعو الناس إليها , سواء كانت جديدة أو متقدمة . و الله أعلم . ----------------------------------------------------------- [1] من علماء المغرب , و اسمه محمد بن إبراهيم المهدوي . توفي سنة ( 595 ) . 2669 " ما من مسلم يفعل خصلة من هؤلاء إلا أخذت بيده حتى تدخله الجنة " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 369 : أخرجه الطبراني في " الكبير " ( 1 / 82 / 2 ) : حدثنا حفص بن عمر بن الصباح الرقي أخبرنا أبو حذيفة موسى بن مسعود أخبرنا عكرمة بن عمار عن أبي زميل عن مالك بن مرثد عن أبيه قال : " قال #أبو ذر # : قلت : يا رسول الله ! ماذا ينجي العبد من النار ? قال : الإيمان بالله . قلت : يا نبي الله ! إن مع الإيمان عمل ? قال : يرضح مما رزقه الله , قلت : يا رسول الله ! أرأيت إن كان فقيرا لا يجد ما يرضح به ? قال : يأمر بالمعروف و ينهى عن المنكر . قلت : يا رسول الله ! أرأيت إن كان عييا لا يستطيع أن يأمر بمعروف و لا ينهى عن منكر ? قال : يصنع لأخرق . قلت : أرأيت إن كان أخرق لا يستطيع أن يصنع شيئا ? قال : يعين مغلوبا . قلت : أرأيت إن كان ضعيفا لا يستطيع أن يعين مظلوما ?! فقال : ما تريد أن تترك في صاحبك من خير ?! تمسك الأذى عن الناس . فقلت : يا رسول الله إذا فعل ذلك دخل الجنة ?! قال : فذكره .. " . قلت : و هذا إسناد رجاله كلهم موثقون , و قال الهيثمي ( 3 / 135 ) : " رواه الطبراني في " الكبير " , و رجاله ثقات " . قلت : و فيه تساهل ظاهر , فإن مرثدا والد مالك و هو ابن عبد الله الزماني لم يوثقه غير ابن حبان و العجلي , و لم يرو عنه غير ابنه , و لذلك قال الحافظ فيه : " مقبول " . و حفص بن عمر الرقي , قال أبو أحمد الحاكم : " حدث بغير حديث لم يتابع عليه " . و ذكره ابن حبان في " الثقات " , و قال : " ربما أخطأ " . و قد تابعه أبو الوليد الطيالسي : أخبرنا عكرمة بن عمار .. عند البيهقي في " الشعب " ( 3 / 204 ) . لكن للحديث طريق أخرى يتقوى بها , قال الأوزاعي : حدثني أبو كثير السحيمي عن أبيه قال : سألت أبا ذر , قلت : دلني على عمل إذا عمل العبد به دخل الجنة ? قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فذكره بنحوه . أخرجه ابن حبان ( 863 ) و الحاكم ( 1 / 63 ) و عنه البيهقي في " الشعب " ( 3 / 203 ) , و قال الحاكم : " صحيح على شرط مسلم , فقد احتج في كتابه بأبي كثير الزبيدي , و اسمه يزيد بن عبد الرحمن بن أذينة , و هو تابعي معروف , يقال له : أبو كثير الأعمى " . و وافقه الذهبي . و تقدم من طريق آخر عن أبي ذر مختصرا ( 575 ) . قلت : و قيل في اسمه : يزيد بن عبد الله بن أذينة , و قيل : ابن غفيلة . و ظاهر كلام الحاكم أن أباه من رجال مسلم , و لم أره في " التهذيب " لا في عبد الله بن أذينة , و لا في عبد الرحمن بن أذينة . نعم , أورد فيه عبد الرحمن بن أذينة بن سلمة العبدي الكوفي قاضي البصرة , روى عن أبيه و أبي هريرة و عنه أبو إسحاق السبيعي و و ... و لم يذكر ابنه فيهم , فهو غير المترجم . و الله أعلم . 2670 " كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم بمكة , فخرجنا في بعض نواحيها , فما استقبله جبل و لا شجر إلا و هو يقول : السلام عليك يا رسول الله " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 371 : أخرجه الترمذي ( 3630 ) و الدارمي ( 1 / 12 ) و أبو نعيم في " الدلائل " ( ص 138 ) و الحاكم ( 2 / 620 ) عن الوليد بن أبي ثور عن السدي عن عباد بن أبي يزيد عن #علي بن أبي طالب #قال : فذكره . و قال الترمذي : " حديث [ حسن ] غريب " . قلت : إسناده ضعيف , عباد هذا قال الذهبي : " لا يدرى من هو " و الوليد بن أبي ثور ضعيف , فلعل تحسين الترمذي إياه - و هو مما وقع في بعض النسخ و نقله المنذري ( 2 / 146 ) عنه - إنما هو لأن له طريقا أخرى و شواهد يتقوى بها , و كذلك صححه الحاكم , و وافقه الذهبي . أما الطريق الأخرى , فهو ما أخرجه الطبراني في " الأوسط " ( 3 / 315 - مصورة الجامعة ) من طريق زياد بن خيثمة عن السدي عن أبي عمارة الخيواني عن علي به مختصرا بلفظ : " خرجت مع النبي صلى الله عليه وسلم فجعل لا يمر على حجر , و لا شجر إلا سلم عليه " . قلت : و هذا إسناد صحيح , رجاله ثقات معروفون , خلافا لقول الهيثمي : " و التابعي أبو عمارة الخيواني لم أعرفه , و بقية رجاله ثقات " . قلت : بل هو معروف , و هو بالخاء المعجمة نسبة إلى خيوان بن زيد , جده الأعلى , و هو عبد خير بن زيد الهمداني , ثقة معروف بالرواية عن علي رضي الله عنه , فصح الحديث و الحمد لله . و يشهد للحديث قوله صلى الله عليه وسلم : " إني لأعرف حجرا بمكة كان يسلم علي قبل أن أبعث , و إني لأعرفه الآن " . أخرجه مسلم و ابن حبان و صححه البغوي في " شرح السنة " ( 13 / 287 / 3709 ) و غيرهم , و هو مخرج في " الروض النضير " ( 185 ) و قد قلبه بعض الضعفاء , فقال : " ليالي بعثت " . و قد بينت ذلك بيانا شافيا في بحث أودعته في " الضعيفة " برقم ( 6574 ) . 2671 " من أخاف أهل المدينة أخافه الله " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 372 : أخرجه ابن حبان ( 1039 ) من طريق عبد الرحمن بن عطاء عن محمد بن #جابر بن عبد الله #عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره . قلت : و هذا إسناد جيد في المتابعات و الشواهد , و رجاله ثقات إلا أن ابن عطاء هذا فيه لين كما قال الحافظ في " التقريب " , و قد صح بإسناد آخر عن جابر بلفظ : " ... فقد أخاف ما بين جنبي " . أخرجه أحمد ( 3 / 354 و 393 ) مطولا و مختصرا . لكني وجدت للفظ الترجمة شاهدا قويا من حديث السائب بن خلاد مرفوعا به و زاد : " و عليه لعنة الله و الملائكة و الناس أجمعين , لا يقبل منه صرف و لا عدل " . أخرجه النسائي في " الكبرى " ( 89 / 2 ) و أحمد ( 3 / 55 و 56 ) و الطبراني في " المعجم الكبير " ( 7 / 169 / 6631 ) من طريق يحيى بن سعيد عن مسلم بن أبي مريم عن عطاء بن يسار عنه . و هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين . ثم أخرجوه هم , و أبو نعيم في " الحلية " ( 1 / 372 ) من طريق يزيد بن خصيفة عن عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة أن عطاء بن يسار أخبره به , و زاد : " ظالما لهم " . و إسناده صحيح أيضا على شرط الشيخين , و يزيد هو ابن عبد الله بن خصيفة المدني . و الحديث أورده المنذري ( 2 / 147 ) برواية النسائي و الطبراني عن السائب بن خلاد مرفوعا بلفظ : " اللهم من ظلم أهل المدينة , و أخافهم فأخفه , و عليه لعنة الله ... " إلخ . قلت : و هذا اللفظ للطبراني ( 6636 ) فقط , فإنه ليس عند النسائي إلا باللفظ المتقدم , و هو حسن بما قبله , و رجاله ثقات غير عائشة بنت المنذر , و الصواب ( بنت الزبير ) كما في ترجمة الراوي عنها ( معاوية بن عبد الله الزبيري ) في كتاب ابن أبي حاتم و غيره , و قد وثقها ابن حبان ( 7 / 307 ) . 2672 " إن السيوف مفاتيح الجنة " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 374 : أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 7 / 145 / 2 ) : حدثنا زيد بن حباب عن جعفر بن سليمان الضبعي أخبرنا أبو عمران الجوني عن أبي بكر بن # أبي موسى الأشعري # قال : سمعت أبي تجاه العدو يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره . فقال له رجل رث الهيئة : أنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ? قال : نعم , فسل سيفه , و كسر غمده و التفت إلى أصحابه و قال : أقرأ عليكم السلام , ثم تقدم إلى العدو فقاتل حتى قتل . قلت : و هذا إسناد جيد , رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير زيد بن الحباب و شيخه الضبعي , فهما من رجال مسلم وحده , و فيهما كلام لا يضر . و له شاهد من رواية يزيد بن أبي زياد - و هو الهاشمي مولاهم - عن مجاهد عن يزيد بن شجرة في خطبة له قال في آخرها : " نبئت أن السيوف مفاتيح الجنة " . رواه الطبراني من طريقين إحداهما جيدة صحيحة كما قال المنذري ( 2 / 195 ) . و قال الهيثمي ( 5 / 294 ) : " رجالها رجال الصحيح " . قلت : أخرجه في " الكبير " ( 22 / 246 - 247 ) من طريقين , أحدهما عن عبد الرزاق , و هذا في " المصنف " ( 5 / 256 - 257 ) عن الثوري عن منصور عن مجاهد به . و هذا إسناد صحيح موقوف . لكن له طريق أخرى مرفوع , يرويه إسماعيل بن عياش عن عبد العزيز بن حمزة قال : سمعت يزيد بن شجرة بأرض الروم يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره , أخرجه الحاكم ( 3 / 494 ) . و عبد العزيز بن حمزة لم أجد له ترجمة , و يحتمل أنه عبد العزيز بن عبيد الله بن حمزة الحمصي , فقد ذكر في شيوخ ابن عياش , فإن يكن هو فهو ضعيف . و وجدت للهاشمي متابعا قويا لو ثبت الإسناد إليه , فقال أبو بكر الشافعي في " الفوائد " ( 6 / 66 / 1 ) : أخبرنا محمد بن يونس بن موسى القرشي أخبرنا يحيى بن كثير أخبرنا شعبة عن الأعمش عن مجاهد به . و رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير القرشي هذا - و هو الكديمي - و هو كذاب . لكن يشهد للحديث قوله صلى الله عليه وسلم : " الجنة تحت ظلال السيوف " . رواه البخاري عن عبد الله بن أبي أوفى , و مسلم عن أبي موسى , و هو مخرج في " الإرواء " ( 5 / 6 - 7 ) . 2673 " ثلاثة لا ترى أعينهم النار يوم القيامة : عين بكت من خشية الله و عين حرست في سبيل الله و عين غضت عن محارم الله " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 375 : روي من حديث #معاوية بن حيدة و عبد الله بن عباس و أبي ريحانة و أبي هريرة و أنس بن مالك # . 1 - أما حديث معاوية بن حيدة فيرويه أبو حبيب الغنوي عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده مرفوعا به . أخرجه الخلعي في " الفوائد " ( ق 106 / 1 ) و ابن عساكر في " التاريخ " ( 3 / 297 / 1 ) كلاهما من طريق أبي يعلى عن أبي حبيب الغنوي به . قلت : و هذا إسناد حسن , لولا أن أبا حبيب هذا لم أجد من ذكره , و إلى ذلك أشار الهيثمي بقوله ( 5 / 288 ) : " رواه الطبراني , و فيه أبو حبيب العنقزي , و يقال : ( القنوي ) , و لم أعرفه " . و نحوه في " الترغيب " ( 2 / 154 و 3 / 64 ) . و ذكره المزي في الرواة عن بهز , و وقع فيه ( القنوي ) و وقع في المصدرين المذكورين للحديث : ( الغنوي ) , و هذا اختلاف شديد في هذه النسبة لم يتبين لي الصواب من ذلك كما شرحته في التعليق على الحديث في " صحيح الترغيب و الترهيب " ( رقم 1217 ) . 2 - و أما حديث ابن عباس , فجاء من وجهين اثنين : الأول : عن شعيب بن رزيق أبي شيبة : حدثنا عطاء الخراساني عن عطاء بن أبي رباح عنه بلفظ : " عينان لا تمسهما النار .. " الحديث دون الجملة الثالثة . أخرجه الترمذي ( 1639 ) و البيهقي ( 1 / 488 / 796 ) و المزي في " التهذيب " ( 12 / 525 ) و قال الترمذي : " حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث شعيب " . قلت : هو صدوق يخطىء كما قال الحافظ , و إنما العلة ( عطاء الخراساني ) فإنه يخطىء كثيرا . الثاني : عن أبي الفرج بن المسلمة في " مجلس من الأمالي " ( 120 / 1 - 2 ) عن عبد الله بن قريش قال : وجدت في " كتاب الفرج " : حدثنا عمر بن يزيد : حدثنا معن بن خالد عن سعيد بن جبير عنه . قلت : و هذا إسناد ضعيف , و فيه علل : الأولى : الفرج - و هو ابن فضالة الشامي - ضعيف . الثانية : عمر بن يزيد , الظاهر أنه النضري الشامي , ذكره أبو زرعة في " ثقات الشاميين " , و قال ابن حبان ( 2 / 89 ) : " كان ممن يقلب الأسانيد , و يرفع المراسيل , لا يجوز الاحتجاج به على الإطلاق , و إن اعتبر بما يوافق الثقات فلا ضير " . الثالثة : معبد بن خالد , الظاهر أنه من شيوخ بقية , مجهول . 3 - و أما حديث أبي ريحانة : عبد الرحمن بن شريح قال : سمعت محمد بن شمير الرعيني يقول : سمعت أبا عامر الجنبي يقول : سمعت أبا ريحانة يقول : " كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة ... " الحديث , و فيه : ثم قال صلى الله عليه وسلم : " حرمت النار على عين دمعت أو بكت من خشية الله , و حرمت النار على عين سهرت في سبيل الله , أو قال : حرمت النار على عين أخرى ثالثة لم يسمها محمد بن بكير " . أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 7 / 158 / 2 - 159 / 1 ) و عنه ابن أبي عاصم في " الجهاد " ( ق 86 / 2 ) و أحمد ( 4 / 134 - 135 ) و الحاكم ( 2 / 83 ) و عنه البيهقي ( 9 / 149 ) <1>, و زادا : " قال أبو شريح - و هو عبد الرحمن بن شريح - : و سمعته بعد أن قال : حرمت النار على عين غضت عن محارم الله , أو عين فقئت في سبيل الله " . و قال الحاكم : " صحيح الإسناد " . و وافقه الذهبي ! كذا قال مع أنه أورد محمد بن شمير في " الميزان " , و قال : " لم يرو عنه غير عبد الرحمن بن شريح " . و لم يوثقه غير ابن حبان , و لكن ابن حبان قال : " روى عنه المصريون " . و جزم ابن القطان بأن عبد الرحمن بن شريح تفرد بالرواية عنه , و أنه لا يعرف كما في " التهذيب " و لهذا قال في " التقريب " : " مقبول " . يعني عند المتابعة . 4 - و أما حديث أبي هريرة , فله ثلاث طرق : الأولى : عن عمر بن راشد اليمامي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عنه به , إلا أنه قال مكان " عين غضت عن محارم الله " : عين فقئت في سبيل الله " . و الباقي مثله . أخرجه الحاكم ( 2 / 82 ) و عنه البيهقي ( 1 / 488 / 795 ) و قال الحاكم : " صحيح الإسناد " ! و رده الذهبي بقوله : " قلت : عمر ضعفوه " . الثانية : عن صالح بن كيسان قال : قال أبو عبد الرحمن : سمعت أبا هريرة يقول : فذكره نحو حديث الترجمة دون الجملة الثالثة . أخرجه البخاري في " الكنى " ( 50 / 436 ) و عبد بن حميد في " المنتخب " ( 3 / 208 / 1445 ) و الحاكم ( 2 / 82 - 83 ) و عنه البيهقي ( 4 / 16 - 17 ) . قلت : بيض له الحاكم , و أعله الذهبي معقبا عليه بقوله : " قلت : فيه انقطاع " . كذا قال , و لعل الصواب أن يقال : فيه جهالة لأن عبد الرحمن هذا غير معروف إلا في هذه الرواية , و لم يوثقه غير ابن حبان ( 5 / 568 ) و قد صرح بالسماع , فأين الانقطاع ?! و من المحتمل أنه يعني بالانقطاع قول ( صالح بن كيسان ) : " قال : قال أبو عبد الرحمن " . و لكني أستبعده جدا , لأن صالحا هذا ثقة غير مدلس , فلا فرق بين قوله : " قال " و قوله : " عن " و " ذكر " و نحوه , كما هو مقرر في علم المصطلح . الثالثة : عن عمر بن سهل المازني عن عمر بن صهبان عن صفوان بن سليم عن أبي سلمة عنه مرفوعا به نحوه , إلا أنه قال : " و عين خرج منها مثل رأس الذباب من خشية الله " . أخرجه البزار ( 2 / 262 / 1659 ) و غيره . و عمر بن سهل المازني ضعيف , لكنه قد توبع , فالعلة من شيخه ابن صهبان , و قد تفرد بذكر هذه الزيادة : " مثل رأس الذباب " و لذلك أوردت حديثه هذا في " الضعيفة " ( 1562 و 5144 ) . 5 - و أما حديث أنس فيرويه شبيب بن بشر عنه مرفوعا مثل حديث الترمذي . أخرجه أبو يعلى في " مسنده " ( 7 / 307 - 308 ) و من طريقه الضياء المقدسي في " المختارة " ( ق 131 / 1 ) و الطبراني في " الأوسط " ( 2 / 54 / 1 / 5908 ) و أبو نعيم في " الحلية " ( 7 / 119 ) و قالا : " تفرد به زافر بن سليمان " . قلت : هو أبو سليمان الإيادي و هو صدوق كثير الأوهام , لكنه عند أبي يعلى من طريق أخرى عن ( شبيب بن بشر ) و هو صدوق يخطىء , فحديثه حسن , و هو بما تقدم من الشواهد صحيح بلا ريب , و بخاصة أن له طريقين آخرين عن أنس , أحدهما في " تاريخ بغداد " ( 2 / 360 ) و الآخر عند العقيلي ( 4 / 346 ) و الشهاب القضاعي ( 1 / 212 / 321 ) و قال العقيلي : " و الرواية في هذا الباب لينة , و فيها ما هو أصلح من هذا الإسناد " . و كأنه يعني رواية شبيب بن بشر . و الله أعلم . و بالجملة فالحديث بهذه الطرق صحيح على الراجح . و الله أعلم . ----------------------------------------------------------- [1] و للنسائي ( 2 / 56 ) جملة السهر منه . اهـ . 2674 " رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعجن في الصلاة . يعني : يعتمد " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 380 : أخرجه الطبراني في " المعجم الأوسط " ( 1 / 239 / 1 - مصورة الجامعة الإسلامية رقم 419 - ط ) : حدثنا علي بن سعيد الرازي قال : أخبرنا عبد الله بن عمر بن أبان قال : أخبرنا يونس بن بكير قال : أخبرنا الهيثم بن علقمة بن قيس بن ثعلبة عن الأزرق بن قيس قال : رأيت #عبد الله بن عمر #و هو يعجن في الصلاة , يعتمد على يديه إذا قام , فقلت : ما هذا يا أبا عبد الرحمن ? قال : فذكره , و قال : " لم يرو هذا الحديث عن الأزرق إلا الهيثم , تفرد به يونس بن بكير " . قلت : و هو صدوق حسن الحديث من رجال مسلم , و فيه كلام لا ينزل حديثه عن مرتبة الحسن إن شاء الله تعالى . لكن شيخه الهيثم بن علقمة بن قيس بن ثعلبة لم أعرفه , و لم أر أحدا ذكره , فأخشى أن يكون وقع في الرواية شيء من التحريف , فقد أخرج الحديث أبو إسحاق الحربي في " غريب الحديث " هكذا : حدثنا عبد الله بن عمر حدثنا يونس بن بكير عن الهيثم عن عطية بن قيس عن الأزرق بن قيس به . و الحربي ثقة إمام حافظ , فروايته مقدمة على رواية علي بن سعيد الرازي , فإن هذا و إن وثقه مسلمة بن قاسم فقد قال الدارقطني : " ليس بذاك " , فقوله في الإسناد : " الهيثم بن علقمة بن قيس بن ثعلبة " يكون من أوهامه إن كان محفوظا عنه , و الصواب قول الحربي : " الهيثم عن عطية بن قيس " . و الهيثم هذا هو ابن عمران الدمشقي , وثقه ابن حبان , و قد روى عنه جمع من الثقات كما كنت حققته في " الكتاب الآخر " تحت الحديث ( 967 ) مفصلا القول هناك في مشروعية الاعتماد على اليدين عند القيام من السجدة الثانية أو التشهد الأول , و ذكرت هناك متابعا قويا لعطية بن قيس فراجعه . و من العجيب أن يخفى هذا الحديث على كل من صنف في " التخريج " كما ذكرت هناك , و أعجب منه أن لا يورده الهيثمي في " مجمع البحرين في زوائد المعجمين " , بل و لا في " مجمع الزوائد " , مع أنه أورد فيه ما يخالفه , فقال ( 2 / 136 ) : " و عن عبد الرحمن بن يزيد قال : رمقت عبد الله بن مسعود في الصلاة فرأيته ينهض و لا يجلس , قال : ينهض على صدور قدميه في الركعة الأولى و الثالثة . رواه الطبراني في " الكبير " , و رجاله رجال الصحيح " . و نحوه ما صنعه الحافظ في " التلخيص الحبير " , فإنه بعد أن ذكر حديث ابن عباس بمعنى حديث الترجمة , و نقل أقوال مخرجيه في تضعيف حديث ابن عباس و إبطاله , قال ( 1 / 260 ) : " و في " الطبراني الأوسط " عن الأزرق بن قيس : رأيت عبد الله بن عمر و هو يعجن في الصلاة , يعتمد على يديه إذا قام كما يفعل الذي يعجن " ! فذكر الموقوف دون المرفوع منه , فأوهم القارىء خلاف الواقع , و لذلك كنت سميته في الكتاب السابق الذكر أثرا اعتمادا عليه , فلما وقفت على لفظه في " المعجم الأوسط " بادرت إلى إخراجه هنا و سقته كما رأيته فيه و تكلمت على إسناده نصحا للأمة , و تأكيدا لما كنت ذكرته هناك من ثبوت الحديث . و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات . و لابد من التنبيه هنا على خطأ وقع لي ثمة , و ذلك أنني رجحت أن عبد الله بن عمر - شيخ الحربي - الصواب فيه عبيد الله ( مصغرا ) , فلما وقفت على رواية الطبراني و مطابقتها لرواية الحربي , بل زاد فسمى جده ( أبان ) تبين لي الخطأ , و أن الصواب كما وقع في الروايتين : ( عبد الله بن عمر ) و هو ابن محمد بن أبان الأموي مولاهم الكوفي , و هو ثقة أيضا من رجال مسلم . ثم رأيت ليونس بن بكير متابعا , أخرجه الطبراني في " الأوسط " أيضا ( 1 / 190 / 2 رقم 3371 - ط ) من طريق عبد الحميد الحماني قال : أخبرنا الهيثم بن عطية البصري عن الأزرق بن قيس قال : " رأيت ابن عمر في الصلاة يعتمد إذا قام , فقلت : ما هذا ? قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله " . و قال : " لم يروه عن الأزرق إلا الهيثم , تفرد به الحماني " . قلت : و فيه ضعف , و الهيثم بن عطية هذا لم أعرفه أيضا , و لعله " .. عن عطية " كما تقدم في رواية أبي إسحاق الحربي . و الله أعلم . ( تنبيه ) : ألف بعض الفضلاء جزءا في كيفية النهوض في الصلاة , نشره سنة ( 1406 ) , تأول فيه بعض الأحاديث الصحيحة على خلاف تفسير العلماء , و حشر أحاديث ضعيفة مقويا تأويله بها , و ضعف حديثنا هذا الصحيح بأمور و علل دلت على أنه كان الأولى به أن لا يدخل نفسه فيما لا يحسنه , فرددت عليه ردا مسهبا مبينا أخطاءه الحديثية و الفقهية في كتابي " تمام المنة " ( ص 196 - 207 ) , فمن شاء التوسع رجع إليه . 2675 " من السنة النزول بـ ( الأبطح ) عشية النفر " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 383 : أخرجه الطبراني في " المعجم الأوسط " ( 1 / 198 / 2 - 199 / 1 ) قال : حدثنا الحسين بن محمد بن حاتم العجل قال : أخبرنا عبد الله بن محمد الأذرمي قال : أخبرنا القاسم بن يزيد الجرمي قال : أخبرنا سفيان عن منصور عن إبراهيم عن الأسود عن #عمر بن الخطاب #قال : فذكره . و قال : " لم يروه عن سفيان إلا القاسم الجرمي " . قلت : و هو ثقة اتفاقا , و مثله الأذرمي الراوي عنه . و أما الحسين بن محمد - و هو المعروف بعبيد العجل - فهو ثقة حافظ متقن كما قال الخطيب ( 8 / 94 ) و هو من تراجم الذهبي في " تذكرة الحفاظ " . و أما من فوقهم فثقات كلهم من رجال الشيخين لا يسأل عن مثلهم . فالإسناد صحيح , و لقد قصر الهيثمي حين اقتصر على تحسينه في " المجمع " ( 3 / 282 ) : " رواه الطبراني في " الأوسط " , و إسناده حسن " ! و لقد بادرت إلى تخريج هذا الحديث فور حصولي على نسخة مصورة من " المعجم الأوسط " لعزته , و قلة من أورده من المخرجين و غيرهم , و لكونه شاهدا قويا لما رواه مسلم ( 4 / 85 ) عن نافع أن ابن عمر كان يرى التحصيب سنة . قلت : فكأن ابن عمر تلقى ذلك من أبيه رضي الله عنهما , فتقوى رأيه بهذا الشاهد الصحيح عن عمر . و ليس بخاف على أهل العلم أنه أقوى في الدلالة على شرعية التحصيب من رأي ابنه , لما عرف عن هذا من توسعه في الاتباع له صلى الله عليه وسلم حتى في الأمور التي وقعت منه صلى الله عليه وسلم اتفاقا لا قصدا , و الأمثلة على ذلك كثيرة , و قد ذكر بعضها المنذري في أول " ترغيبه " <1>, بخلاف أبيه عمر كما يدل على ذلك نهيه عن اتباع الآثار <2>2>, فإذا هو جزم أن التحصيب سنة , اطمأن القلب إلى أنه يعني أنها سنة مقصودة أكثر من قول ابنه بذلك , لاسيما و يؤيده ما أخرجه الشيخان عن أبي هريرة قال : قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم و نحن بمنى : " نحن نازلون غدا بخيف بني كنانة حيث تقاسموا على الكفر " . و ذلك أن قريشا و بني كنانة تحالفت على بني هاشم و بني المطلب أن لا يناكحوهم و لا يبايعوهم حتى يسلموا إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم . يعني بذلك التحصيب . و السياق لمسلم . قال ابن القيم في " زاد المعاد " : " فقصد النبي صلى الله عليه وسلم إظهار شعائر الإسلام في المكان الذي أظهروا فيه شعائر الكفر , و العداوة لله و رسوله . و هذه كانت عادته صلوات الله و سلامه عليه : أن يقيم شعار التوحيد في مواضع شعائر الكفر و الشرك كما أمر صلى الله عليه وسلم أن يبنى مسجد الطائف موضع اللات و العزى " . و أما ما رواه مسلم عن عائشة أن نزول الأبطح ليس بسنة , و عن ابن عباس أنه ليس بشيء . فقد أجاب عنه المحققون بجوابين : الأول : أن المثبت مقدم على النافي . و الآخر : أنه لا منافاة بينهما , و ذلك أن النافي أراد أنه ليس من المناسك فلا يلزم بتركه شيء , و المثبت أراد دخوله في عموم التأسي بأفعاله صلى الله عليه وسلم , لا الإلزام بذلك . قال الحافظ عقبه ( 3 / 471 ) : " و يستحب أن يصلي به الظهر و العصر و المغرب و العشاء , و يبيت به بعض الليل كما دل عليه حديث أنس و ابن عمر " . قلت : و هما في " مختصري لصحيح البخاري " ( كتاب الحج / 83 - باب و 148 - باب ) . ( الأبطح ) : يعني أبطح مكة , و هو مسيل واديها , و يجمع على البطاح و الأباطح , و منه قيل : قريش البطاح , هم الذين ينزلون أباطح مكة و بطحاءها . " نهاية " و ( التحصيب ) : النزول بـ ( المحصب ) و هو الشعب الذي مخرجه إلى الأبطح بين مكة و منى . و هو أيضا ( خيف بني كنانة ) . ----------------------------------------------------------- [1] انظر كتابي " صحيح الترغيب و الترهيب " ( 1 / 22 - 23 / 43 - 46 ) و هو تحت الطبع . ثم طبع المجلد الأول منه سنة ( 1408 ) . ثم شرعنا في طبع الثاني منه في رجب هذه السنة ( 1415 ) يسر الله نشره . [2] انظر كتابي " تحذير الساجد " ( ص 136 / 6 ) . اهـ . 2676 " تلك سنة أبي القاسم صلى الله عليه وسلم . يعني إتمام المسافر إذا اقتدى بالمقيم , و إلا فالقصر " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 386 : هذه السنة الصحيحة يرويها قتادة عن موسى بن سلمة الهذلي عن #ابن عباس #رضي الله عنه . و يرويه عن قتادة جمع : الأول : أيوب عنه عن موسى قال : كنا مع ابن عباس بمكة , فقلت : إنا إذا كنا معكم صلينا أربعا , و إذا رجعنا إلى رحالنا صلينا ركعتين ? قال : فذكره . أخرجه أحمد ( 1 / 216 ) و السراج في " مسنده " ( ق 120 / 1 ) و الطبراني في " المعجم الأوسط " ( 1 / 278 / 1 - مصورة الجامعة الإسلامية ) و أبو عوانة في " مسنده " ( 2 / 340 ) من طريق محمد بن عبد الرحمن الطفاوي , و الطبراني أيضا ( 2 / 92 / 2 ) من طريق الحارث بن عمير كلاهما عن أيوب عنه به , و زاد هو و السراج : " و إن رغمتم " , و قال : " لم يروه عن أيوب إلا الحارث بن عمير و الطفاوي " . الثاني : شعبة عنه به , و لفظه : قال : سألت ابن عباس : كيف أصلي إذا كنت بمكة إذا لم أصل مع الإمام ? فقال : ركعتين سنة أبي القاسم صلى الله عليه وسلم . أخرجه مسلم ( 2 / 143 - 144 ) و النسائي ( 1 / 212 ) و ابن خزيمة في " صحيحه " ( 951 ) و البيهقي ( 3 / 153 ) و ابن حبان ( 4 / 185 / 2744 ) و أحمد ( 1 / 290 و 337 ) و أبو عوانة و الطحاوي ( 1 / 245 ) و لفظ البيهقي : " كم أصلي إذا فاتتني الصلاة في المسجد الحرام ? ... " . و الباقي مثله . الثالث : سعيد بن أبي عروبة عنه نحوه . أخرجه مسلم ( 3 / 144 ) و النسائي , و أحمد ( 1 / 369 ) . الرابع : هشام الدستوائي . قال الطيالسي في " مسنده " ( 2742 ) : حدثنا هشام عنه به . و لفظه : قلت لابن عباس : إذا لم أدرك الصلاة في المسجد الحرام كم أصلي بـ ( البطحاء ) ? قال : ركعتين .. إلخ . و أخرجه أحمد ( 1 / 226 ) : حدثنا يحيى عن هشام به . الخامس : همام : أخبرنا قتادة به مثل لفظ هشام . أخرجه أحمد ( 1 / 290 ) . و قد صرح قتادة بالتحديث عنده في رواية شعبة . قلت : و في الحديث دلالة صريحة على أن السنة في المسافر إذا اقتدى بمقيم أنه يتم و لا يقصر , و هو مذهب الأئمة الأربعة و غيرهم , بل حكى الإمام الشافعي في " الأم " ( 1 / 159 ) إجماع عامة العلماء على ذلك , و نقله الحافظ ابن حجر عنه في " الفتح " ( 2 / 465 ) و أقره , و على ذلك جرى عمل السلف , فروى مالك في " الموطأ " ( 1 / 164 ) عن نافع : أن ابن عمر أقام بمكة عشر ليال يقصر الصلاة , إلا أن يصليها مع الإمام فيصليها بصلاته . و في رواية عنه : أن عبد الله بن عمر كان يصلي وراء الإمام بمنى أربعا , فإذا صلى لنفسه صلى ركعتين . و رواه ابن خزيمة في " صحيحه " ( 954 ) من طريق أخرى عن ابن عمر . و أخرجه الطحاوي في " شرح المعاني " ( 1 / 244 ) من طريق مالك , و من قبله الإمام محمد في " موطئه " ( ص 127 - 128 ) و قال : " و بهذا نأخذ إذا كان الإمام مقيما و الرجل مسافر , و هو قول أبي حنيفة رحمه الله " . و قوله : " إذا كان الإمام مقيما ... " مفهومه - و مفاهيم المشايخ معتبرة عندهم ! - أن الإمام إذا كان مسافر فأتم - كما يفعل بعض الشافعية - , أن المسافر المقتدي خلفه يقصر و لا يتم , و هذا خلاف ما فعله ابن عمر رضي الله عنهما , و تبعه على ذلك غيره من الصحابة , منهم عبد الله بن مسعود - الذي يتبنى الحنفية غالب أقواله - فإنه مع كونه كان ينكر على عثمان رضي الله عنه إتمامه الصلاة في منى , و يعيب ذلك عليه كما في " الصحيحين " , فإنه مع ذلك صلى أربعا كما في " سنن أبي داود " ( 1960 ) و " البيهقي " ( 3 / 144 ) من طريق معاوية بن قرة عن أشياخه أن عبد الله صلى أربعا , قال : فقيل له : عبت على عثمان ثم صليت أربعا ?! قال : الخلاف شر . و هذا يحتمل أنه صلاها أربعا وحده , و يحتمل أنه صلاها خلف عثمان , و رواية البيهقي صريحة في ذلك , فدلالتها على المراد دلالة أولوية , كما لا يخفى على العلماء . و منهم سلمان الفارسي , فقد روى أبو يعلى الكندي قال : " خرج سلمان في ثلاثة عشر رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في غزاة , و كان سلمان أسنهم , فأقيمت الصلاة , فقالوا : تقدم يا أبا عبد الله ! فقال : ما أنا بالذي أتقدم , أنتم العرب , و منكم النبي صلى الله عليه وسلم , فليتقدم بعضكم , فتقدم بعض القوم , فصلى أربع ركعات , فلما قضى الصلاة , قال سلمان : ما لنا و للمربعة , إنما يكفينا نصف المربعة " . أخرجه عبد الرزاق ( 4283 ) و ابن أبي شيبة ( 2 / 448 ) و الطحاوي ( 1 / 242 ) بإسناد رجاله ثقات , و لولا أن فيه عنعنة أبي إسحاق السبيعي و اختلاطه لصححت إسناده , فسكوت الشيخ عبد الله الغماري عنه في رسالته " الرأي القويم " ( ص 30 ) ليس بجيد , لاسيما و قد جزم بنسبته إلى سلمان في رسالته الأخرى " الصبح السافر " ( ص 42 ) !! هذا و لقد شذ في هذه المسألة ابن حزم كعادته في كثير غيرها , فقد ذهب إلى وجوب قصر المسافر وراء المقيم , و احتج بالأدلة العامة القاضية بأن صلاة المسافر ركعتان , كما جاء في أحاديث كثيرة صحيحة . و ليس بخاف على أهل العلم أن ذلك لا يفيد فيما نحن فيه , لأن حديث الترجمة يخصص تلك الأحاديث العامة , بمختلف رواياته , بعضها بدلالة المفهوم , و بعضها بدلالة المنطوق . و لا يجوز ضرب الدليل الخاص بالعام , أو تقديم العام على الخاص , سواء كانا في الكتاب أو في السنة , خلافا لبعض المتمذهبة . و ليس ذلك من مذهب ابن حزم رحمه الله , فالذي يغلب على الظن أنه لم يستحضر هذا الحديث حين تكلم على هذه المسألة , أو على الأقل لم يطلع على الروايات الدالة على خلافه بدلالة المنطوق , و إلا لم يخالفها إن شاء الله تعالى , و أما رواية مسلم فمن الممكن أن يكون قد اطلع عليها و لكنه لم يرها حجة لدلالتها بطريق المفهوم , و ليس هو حجة عنده خلافا للجمهور , و مذهبهم هو الصواب كما هو مبين في علم الأصول , فإن كان قد اطلع عليها فكان عليه أن يذكرها مع جوابه عنها , ليكون القاريء على بينة من الأمر . و إن من غرائبه أنه استشهد لما ذهب إليه بما نقله عن عبد الرزاق - و هو في " مصنفه " ( 2 / 519 ) - من طريق داود بن أبي عاصم قال : " سألت ابن عمر عن الصلاة في السفر ? فقال : ركعتان . قلت : كيف ترى و نحن ههنا بمنى ? قال : ويحك سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم و آمنت به ? قلت : نعم . قال : فإنه كان يصلي ركعتين . فصل ركعتين إن شئت أو دع " . قلت : و سنده صحيح , و قال عقبه : " و هذا بيان جلي بأمر ابن عمر المسافر أن يصلي خلف المقيم ركعتين فقط " . قلت : و هذا فهم عجيب , و اضطراب في الفهم غريب , من مثل هذا الإمام اللبيب , فإنك ترى معي أنه ليس في هذه الرواية ذكر للإمام مطلقا , سواء كان مسافرا أم مقيما . و غاية ما فيه أن ابن أبي عاصم بعد أن سمع من ابن عمر أن الصلاة في السفر ركعتان , أراد أن يستوضح منه عن الصلاة و هم - يعني الحجاج - في منى : هل يقصرون أيضا ? فأجابه بالإيجاب , و أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي فيها ركعتين . هذا كل ما يمكن فهمه من هذه الرواية , و هو الذي فهمه من خرجها , فأوردها عبد الرزاق في " باب الصلاة في السفر " في جملة أحاديث و آثار في القصر , و كذلك أورده ابن أبي شيبة في باب " من كان يقصر الصلاة " من " مصنفه " ( 2 / 451 ) . و داود بن أبي عاصم هذا طائفي مكي , فمن المحتمل أنه عرضت له شبهة من جهة كونه مكيا , و المسافة بينها و بين منى قصيرة , فأجابه ابن عمر بما تقدم , و كأنه يعني أن النبي صلى الله عليه وسلم قصر في منى هو و من كان معه من المكيين الحجاج . و الله أعلم . و إن مما يؤكد خطأ ابن حزم في ذلك الفهم ما سبق ذكره بالسند الصحيح عن ابن عمر أنه كان إذا صلى في مكة و منى لنفسه قصر , و إذا صلى وراء الإمام صلى أربعا . فلو كان سؤال داود عن صلاة المسافر وراء المقيم , لأفتاه بهذا الذي ارتضاه لنفسه من الإتمام في هذه الحالة , ضرورة أنه لا يعقل أن تخالف فتواه قوله , و يؤيد هذا أنه قد صح عنه أنه أفتى بذلك غيره , فروى عبد الرزاق ( 2 / 542 / 4381 ) بسند صحيح عن أبي مجلز قال : قلت لابن عمر : أدركت ركعة من صلاة المقيمين و أنا مسافر ? قال : صل بصلاتهم . أورده في " باب المسافر يدخل في صلاة المقيمين " . و ذكر فيه آثارا أخرى عن بعض التابعين بمعناه , إلا أن بعضهم فصل , فقال في المسافر يدرك ركعة من صلاة المقيمين في الظهر : يزيد إليها ثلاثا , و إن أدركهم جلوسا صلى ركعتين . و لم يرو عن أحد منهم الاقتصار على ركعتين على كل حال كما هو قول ابن حزم ! و أما ما ذكره من طريق شعبة عن المغيرة بن مقسم عن عبد الرحمن بن تميم بن حذلم قال : " كان أبي إذا أدرك من صلاة المقيم ركعة و هو مسافر صلى إليها أخرى , و إذا أدرك ركعتين اجتزأهما " , و قال ابن حزم : " تميم بن حذلم من كبار أصحاب ابن مسعود رضي الله عنه " . قلت : نعم , و لكنه مع شذوذه عن كل الروايات التي أشرت إليها في الباب و ذكرنا بعضها , فإن ابنه عبد الرحمن ليس مشهورا بالرواية , فقد أورده البخاري في " التاريخ " ( 3 / 1 / 265 ) و ابن أبي حاتم ( 2 / 2 / 218 ) و لم يذكرا فيه جرحا و لا تعديلا , و ذكر ابن أبي حاتم أنه روى عنه أبو إسحاق الهمداني أيضا , و ذكره ابن حبان في " الثقات " ( 7 / 68 ) برواية المغيرة . و هذا قال فيه الحافظ في " التقريب " : " كان يدلس " . و ذكر أيضا من طريق مطر بن فيل عن الشعبي قال : " إذا كان مسافرا فأدرك من صلاة المقيم ركعتين اعتد بهما " . و مطر هذا لا يعرف . و عن شعبة قال : سمعت طاووسا و سألته عن مسافر أدرك من صلاة المقيم ركعتين ? قال : " تجزيانه " . قلت : و هذا صحيح إن سلم إسناده إلى شعبة من علة , فإن ابن حزم لم يسقه لننظر فيه . و جملة القول أنه إن صح هذا و أمثاله عن طاووس و غيره , فالأخذ بالآثار المخالفة لهم أولى لمطابقتها لحديث الترجمة و أثر ابن عمر و غيره . و الله أعلم . 2677 " أولئك خيار عباد الله عند الله يوم القيامة : الموفون المطيبون " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 392 : أخرجه أحمد ( 6 / 268 ) و البزار ( 1309 ) عن ابن إسحاق : حدثني هشام بن عروة عن أبيه عن #عائشة #قالت : ابتاع رسول الله صلى الله عليه وسلم من رجل من الأعراب جزورا - أو جزائر - بوسق من تمر الذخرة ( و تمر الذخرة : العجوة ) , فرجع به رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيته و التمس له التمر فلم يجده , فخرج إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له : " يا عبد الله ! إنا قد ابتعنا منك جزورا - أو جزائر - بوسق من تمر الذخرة , فالتمسناه فلم نجده " قال : فقال الأعرابي : واغدراه ! قالت : فهم الناس و قالوا : قاتلك الله , أيغدر رسول الله صلى الله عليه وسلم ?! قالت : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " دعوه , فإن لصاحب الحق مقالا " . ثم عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " يا عبد الله ! إنا ابتعنا منك جزائر و نحن نظن أن عندنا ما سمينا لك , فالتمسناه فلم نجده " , فقال الأعرابي : واغدراه ! فنهمه الناس و قالوا : قاتلك الله , أيغدر رسول الله صلى الله عليه وسلم ?! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " دعوه , فإن لصاحب الحق مقالا " , فردد رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك مرتين أو ثلاثا , فلما رآه لا يفقه عنه قال لرجل من أصحابه : اذهب إلى خولة بنت حكيم بن أمية فقل لها : رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لك : إن كان عندك وسق من تمر الذخرة فأسلفيناه حتى نؤديه إليك إن شاء الله , فذهب إليه الرجل , ثم رجع فقال : قالت : نعم , هو عندي يا رسول الله ! فابعث من يقبضه , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للرجل : اذهب به فأوفه الذي له . قال : فذهب به فأوفاه الذي له . قالت : فمر الأعرابي برسول الله صلى الله عليه وسلم و هو جالس في أصحابه . فقال : جزاك الله خيرا , فقد أوفيت و أطيبت . قالت : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره . قلت : و هذا إسناد حسن رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير ابن إسحاق - و هو محمد بن إسحاق بن يسار صاحب السيرة - و هو حسن الحديث إذا صرح بالتحديث , فقد فعل كما ترى , فثبت الحديث و الحمد لله . و قال الهيثمي ( 4 / 140 ) : " رواه أحمد و البزار , و إسناد أحمد صحيح " ! و نقله عنه الشيخ الأعظمي في تعليقه على " الكشف " و أقره ! و ذلك مما يدل القارئ على ضآلة علمه , و قلة معرفته بهذا الفن , و ضيق باعه فيه , فإنه لم يبين سبب التصحيح لسند أحمد دون سند البزار , ألا و هو التحديث و عدمه , و سكت عن التصحيح , و إنما حقه التحسين كما فعلنا للخلاف المعروف في ابن إسحاق , و جل تعليقاته من هذا النوع , لا تحقيق فيها و لا علم , و إنما هو مجرد النقل مما لا يعجز عنه المبتدئون في هذا العلم كأمثاله من متعصبة الحنفية و غيرهم , و مع ذلك لم يخجل بعضهم من السعي حثيثا لترشيحه لنيل جائزة السنة لهذه السنة ( 1400 ) من الدولة السعودية تعصبا منه له , و صدق من قال : " إن الطيور على أشكالها تقع " ! و إنما حظي بها الأعظمي الآخر , و لعلها وجدت محلها . و لله في خلقه شؤون . ثم إن قوله صلى الله عليه وسلم : " دعوه فإن لصاحب الحق مقالا " . قد جاء في قصة أخرى مختصرا من حديث أبي هريرة عند الشيخين و غيرهما , و هو مخرج في " أحاديث البيوع " . قوله : ( الذخرة ) : بمعنى الذخيرة , في " اللسان " : " و الذخيرة : واحدة الذخائر , و هي ما ادخر , و كذلك ( الذخر ) و الجمع : أذخار " . و لم يعرفها الأعظمي فعلق عليها بقوله : " كذا في الأصل مضبوطا بالقلم , و في " النهاية " : الذخيرة نوع من التمر معروف " ! قلت : و هي مفسرة في رواية أحمد بـ ( العجوة ) كما رأيت . ( الموفون المطيبون ) أي الذين يؤدون ما عليهم من الحق بطيب نفس . ( نهمه ) أي زجره . ثم وجدت له طريقا أخرى , فقال البزار ( 1310 ) : حدثنا معمر بن سهل حدثنا خالد بن مخلد حدثنا يحيى بن عمير عن هشام به , قال البزار نحوه . ثم قال : " لا نعلم أحدا رواه عن هشام إلا يحيى " . قلت : قال أبو حاتم : صالح الحديث . و ذكره ابن حبان في " الثقات " ( 7 / 601 ) و قال الذهبي : " صدوق " . و هذا هو المعتمد , فقول الحافظ : " مقبول " , غير مقبول . و قد روى عنه أربعة من الثقات . و سائر الرجال ثقات , فالإسناد جيد , و الحديث به صحيح . 2678 " ألا عسى أحدكم أن يضرب امرأته ضرب الأمة ! ألا خيركم خيركم لأهله " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 395 : أخرجه البزار في " مسنده " ( رقم 1484 - كشف الأستار ) قال : حدثنا زكريا بن يحيى الضرير حدثنا شبابة بن سوار حدثنا المغيرة بن مسلم عن هشام بن عروة عن أبيه عن #الزبير #قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره , و قال البزار : " لا نعلم أحدا قال فيه : " عن الزبير " إلا مغيرة , و لم نسمعه إلا من زكريا عن شبابة عن مغيرة " . و قال الهيثمي في " المجمع " ( 4 / 303 ) : " رواه البزار عن شيخه زكريا بن يحيى بن أيوب الضرير و لم أعرفه , و بقية رجاله رجال ( الصحيح ) " . و أقره محقق " الكشف " حبيب الرحمن الأعظمي كما هي عادته التي تدل الباحثين على أنه لا تحقيق عنده في هذا العلم إلا النقل , أما النقد العلمي الحر فلا شيء عنده منه , كما يدل على ذلك تعليقاته على بعض الكتب , و بخاصة منها " مصنف عبد الرزاق " رحمه الله , فإن الواقف عليها لا يستفيد منها تصحيحا و لا تضعيفا , و هو الغاية من علم المصطلح و رجاله , و الأمثلة على ذلك كثيرة جدا جدا , و ها هو واحد منها بين يديك , فماذا تستفيد أيها القاريء الكريم مما نقله عن الهيثمي في هذا الحديث ? الصحة , أم الضعف ? لا شيء من ذلك ! و مع ذلك ففيما نقله مؤاخذتان : الأولى : إطلاق القول أن رجاله رجال " الصحيح " ليس بصحيح , لأن المغيرة بن مسلم إنما أخرج له البخاري في " الأدب المفرد " , و لم يخرج له في " الصحيح " لا هو و لا مسلم ! إلا أنه ثقة , و لم يضعفه أحد . و الأخرى : أن زكريا بن يحيى الضرير شيخ البزار , قد ترجمه الخطيب البغدادي في " التاريخ " ( 8 / 457 ) برواية خمسة من ثقات البغداديين , بعضهم من الحفاظ المشهورين و هم : تمتام و ابن صاعد و المحاملي , و فاته الحافظ البزار . و هو و إن لم يذكر الخطيب فيه جرحا و لا تعديلا , فمثله مقبول الحديث عند العلماء كما يعرف ذلك من سبر تخاريجهم و تصحيحهم للأحاديث , لاسيما و هو لم يرو منكرا , فالشطر الأول من حديث الترجمة له شواهد كثيرة منها قوله صلى الله عليه وسلم : " يعمد أحدكم فيجلد امرأته جلد العبد ! فلعله يضاجعها في آخر يومه " . متفق عليه . و هو مخرج في " الإرواء " ( 7 / 97 / 2031 ) و في معناه أحاديث أخرى راجعها إن شئت في " المشكاة " ( 3241 و 3260 و 3261 ) . و أما الشطر الآخر منه فله شواهد كثيرة من حديث عائشة و ابن عباس و غيرهما , و قد سبق تخريجها برقم ( 285 ) . 2679 " من كن له ثلاث بنات يؤويهن و يرحمهن و يكفلهن وجبت له الجنة البتة . قيل : يا رسول الله ! فإن كانت اثنتين ? قال : و إن كانت اثنتين . قال : فرأى بعض القوم أن لو قالوا له : واحدة ? لقال : واحدة " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 397 : أخرجه الإمام أحمد ( 3 / 303 ) : حدثنا هشيم أنبأنا علي بن زيد عن محمد بن المنكدر قال : حدثني #جابر - يعني ابن عبد الله - #قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره . قلت : و هذا إسناد حسن في المتابعات , و رجاله ثقات رجال الشيخين غير علي بن زيد و هو ابن جدعان , و فيه ضعف من قبل حفظه , لكنه لم يتفرد به كما يأتي . و الحديث قال المنذري ( 3 / 84 - 85 ) : " رواه أحمد بإسناد جيد , و البزار , و الطبراني في " الأوسط " , و زاد : ( و يزوجهن ) " . و كذا قال الهيثمي ( 8 / 157 ) إلا أنه زاد قوله : " من طرق " . و قد فاتهما أبو يعلى , فقد أخرجه في " مسنده " ( 2 / 591 ) : حدثنا أبو خيثمة : أخبرنا يزيد بن هارون : أنبأنا سفيان بن حسين عن محمد بن المنكدر به . كذا وقع في نسختنا منه لم يذكر ابن جدعان , و غالب الظن أنه سقط من الناسخ , فإن سفيان هذا لم يذكروا له رواية عن محمد بن المنكدر , و إنما يروي عن ابن جدعان , و هذا عن محمد كما تراه في " مسند أحمد " , و كما ذكروا في تراجم هؤلاء الثلاثة . ثم إن في تجويد إسناد أحمد نظرا لما ذكرنا من حال ابن جدعان , إلا إذا كان المراد أنه جيد لغيره فنعم , فإنه قد توبع عند البزار و غيره , فقال في " مسنده " ( رقم 1908 ) - " كشف الأستار " : حدثنا محمد بن كثير ابن بنت يزيد بن هارون حدثنا سرور بن المغيرة أبو عامر الواسطي حدثنا سليمان التيمي عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم , و حدثنا عمرو بن علي : حدثنا حاتم بن وردان حدثنا علي بن زيد عن محمد بن المنكدر عن جابر به . و قال البزار : " لا نعلم رواه هكذا إلا سليمان و علي بن يزيد , و لم نسمعه إلا من محمد عن سرور " . قلت : و بالإسناد الأول أخرجه بحشل في " تاريخ واسط " ( ص 92 ) : حدثنا محمد بن كثير بن نافع الثقفي ابن بنت يزيد بن هارون قال : حدثنا سرور بن المغيرة به . أورده في ترجمة سرور هذا و كناه أبا عامر , لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا , كعادته . و قال ابن سعد في " الطبقات " ( 7 / 315 ) : " كان يروي التفسير عن عباد بن منصور عن الحسن , و كان معروفا " . و ذكر أنه ابن المغيرة بن زاذان ابن أخي منصور بن زاذان , و كذلك ذكر ابن أبي حاتم في " الجرح و التعديل " ( 2 / 1 / 325 ) و قال : " روى عن عباد بن منصور . روى عنه أبو سعيد أحمد بن داود الحداد , سألت أبي عنه ? فقال : شيخ " . و ذكره ابن حبان في " الثقات " , و قال ( 8 / 301 ) : " روى عنه أبو سعيد الحداد الغرائب " . و قال في مكان آخر ( 6 / 437 ) : " ... روى عنه الواسطيون " . و نقله عنه الحافظ في " اللسان " . و من الغريب , أنه لم يذكر في هذه الترجمة كل ما نقلته آنفا عن ابن أبي حاتم و من قبله ! و أما محمد بن كثير ابن بنت يزيد بن هارون فلم أقف الآن على ترجمة له فيما بين يدي من المصادر , و قد عرفت مما سبق أنه من شيوخ البزار و بحشل , و قد روى هذا له أحاديث أخرى ( ص 160 و 205 ) و يبدو أنه ليس واسطيا , فقد ترجم لجماعة كثيرة من شيوخه في آخر الكتاب ( ص 218 - 292 ) , و ليس هو فيهم , فلعله بصري . و الله أعلم . ثم رأيت في المكان الآخر من " الثقات " : " أصله من البصرة , سكن واسط " . و بالجملة فهذه الطريق تقوي رواية ابن جدعان , لاسيما و للحديث شواهد كثيرة تقدم ذكر جملة طيبة منها برقم ( 294 و 297 ) . 2680 " ما من امرأة تقدم ثلاثا من الولد تحتسبهن إلا دخلت الجنة . فقالت امرأة منهن : أو اثنان ? قال : أو اثنان " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 399 : أخرجه الإمام أحمد ( 2 / 246 ) : حدثنا سفيان حدثنا سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن #أبي هريرة #: جاء نسوة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلن : يا رسول الله ! ما نقدر عليك في مجلسك من الرجال , فواعدنا منك يوما نأتيك فيه . قال : " موعدكن بيت فلان " . و أتاهن في ذلك اليوم , و لذلك الموعد . قال : فكان مما قال لهن , يعني : فذكره . قلت : و هذا إسناد صحيح على شرط مسلم , و ( سفيان ) هو ابن عيينة , و قد أخرجه في " صحيحه " ( 8 / 39 ) من طريق أخرى عن سهيل به مختصرا , و لفظه : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لنسوة من الأنصار : " لا يموت لإحداكن ثلاثة من الولد فتحتسبه إلا دخلت الجنة " . فقالت امرأة منهن : أو اثنين يا رسول الله ? قال : " أو اثنين " . و هو رواية لأحمد ( 2 / 378 ) . و الحديث في " الصحيحين " من حديث أبي سعيد نحوه , و هو في كتابي " مختصر صحيح البخاري " ( 96 - كتاب / 9 - باب ) و قد مضى تحت الحديث ( 2302 ) . و فيه فوائد كثيرة , أذكر بعضها : 1 - أن من مات له ولدان دخل الجنة و حجباه من النار , و ليس ذلك خاصا بالإناث آباء و أولادا , لأحاديث أخرى كثيرة تعم الجنسين , و تجد جملة طيبة منها في " الترغيب و الترهيب " ( 3 / 89 - 91 ) و يأتي بعد هذا أحدها . 2 - فيه فضل نساء الصحابة و ما كن عليه من الحرص على تعلم أمور الدين . 3 - و فيه جواز سؤال النساء عن أمر دينهن , و جواز كلامهن مع الرجال في ذلك , و فيما لهن الحاجة إليه . 4 - جواز الوعد , و قد ترجم البخاري للحديث بقوله : " هل يجعل للنساء يوما على حدة في العلم ? " . قلت : و أما ما شاع هنا في دمشق في الآونة الأخيرة من ارتياد النساء للمساجد في أوقات معينة ليسمعن درسا من إحداهن , ممن يتسمون بـ ( الداعيات ) زعمن , فذلك من الأمور المحدثة التي لم تكن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم و لا في عهد السلف الصالح , و إنما المعهود أن يتولى تعليمهن العلماء الصالحون في مكان خاص كما في هذا الحديث , أو في درس الرجال حجزة عنهم في المسجد إذا أمكن , و إلا غلبهن الرجال , و لم يتمكن من العلم و السؤال عنه . فإن وجد في النساء اليوم من أوتيت شيئا من العلم و الفقه السليم المستقى من الكتاب و السنة , فلا بأس من أن تعقد لهن مجلسا خاصا في بيتها أو بيت إحداهن , ذلك خير لهن , كيف لا و النبي صلى الله عليه وسلم قال في صلاة الجماعة في المسجد : " و بيوتهن خير لهن " , فإذا كان الأمر هكذا في الصلاة التي تضطر المرأة المسلمة أن تلتزم فيها من الأدب و الحشمة ما لا تكثر منه خارجها فكيف لا يكون العلم في البيوت أولى لهن , لاسيما و بعضهن ترفع صوتها , و قد يشترك معها غيرها فيكون لهن دوي في المسجد قبيح ذميم . و هذا مما سمعناه و شاهدناه مع الأسف . ثم رأيت هذه المحدثة قد تعدت إلى بعض البلاد الأخرى كعمان مثلا . نسأل الله السلامة من كل بدعة محدثة . 2681 " 1 - من ولد له ثلاثة أولاد في الإسلام فماتوا قبل أن يبلغوا الحنث أدخله الله عز وجل الجنة برحمته إياهم . 2 - و من شاب شيبة في سبيل الله عز وجل كانت له نورا يوم القيامة . 3 - و من رمى بسهم في سبيل الله عز وجل بلغ به العدو أصاب أو أخطأ كان له كعدل رقبة . 4 - و من أعتق رقبة مؤمنة أعتق الله بكل عضو منها عضوا منه من النار . 5 - و من أنفق زوجين في سبيل الله عز وجل فإن للجنة ثمانية أبواب يدخله الله عز وجل من أي باب شاء منها الجنة " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 402 : أخرجه الإمام أحمد ( 4 / 386 ) من طريق الفرج : حدثنا لقمان عن أبي أمامة عن عمرو ابن عبسة السلمي قال : قلت له : حدثنا حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس فيه انتقاص و لا وهم . قال : سمعته يقول : فذكره . قلت : و هذا إسناد رجاله ثقات غير الفرج - و هو ابن فضالة الحمصي و قيل : الدمشقي - ضعيف , و بعضهم مشاه في روايته عن الشاميين , و هذه منها , و لعله لذلك قال المنذري في " الترغيب " ( 3 / 91 ) : " رواه أحمد بإسناد حسن " . قلت : و مهما كان الأمر , فحديثه هذا صحيح , لا يرتاب فيه باحث محقق , لأنه قد جاء مفرقا من طرق , و لابد من البيان : 1 - أما الفقرة الأولى و الثانية و الثالثة و الرابعة , فقد رواها عبد الحميد ابن بهرام : حدثنا شهر بن حوشب أخبرني أبو ظبية أن شرحبيل بن السمط دعا عمرو ابن عبسة السلمي فقال : يا ابن عبسة ! هل أنت محدثي حديثا سمعته أنت من رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس فيه تزيد و لا كذب , و لا تحدثنيه عن آخر سمعه منه غيرك ? قال : نعم : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : فذكره مطولا , و فيه هذه الفقرات . أخرجه أحمد , و عبد بن حميد في " المنتخب من المسند " ( ق 46 / 2 ) و إسناده حسن في الشواهد و المتابعات . و تابعه حريز بن عثمان : حدثنا سليم بن عامر أن عمرو بن عبسة كان عند شرحبيل بن السمط فقال : يا عمرو .. الحديث . بالفقرة الثانية و الثالثة و الرابعة . أخرجه أحمد , و عبد بن حميد ( ق 45 / 1 ) . و إسنادهما صحيح . و تابعه صفوان قال : حدثني سليم به . أخرجه النسائي , و قد تقدم برقم ( 1244 ) . و للفقرة الأولى و الخامسة شاهد قوي من حديث أبي ذر مرفوعا . أخرجه أحمد ( 5 / 151 و 153 و 159 و 164 ) و الطبراني في " الكبير " ( 1 / 82 / 1 - 2 ) من طريق الحسن : حدثني صعصعة بن معاوية عنه , و زادا : " قلنا : ما هذان الزوجان ? قال : إن كانت رحالا فرحلان , و إن كانت خيلا ففرسان , و إن كانت إبلا فبعيران , حتى عد أصناف المال كله " . و إسناده صحيح , و للنسائي منه ( 2 / 66 ) الفقرة الخامسة . و لهذه شاهد آخر من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من أنفق زوجين في سبيل الله دعاه خزنة الجنة , كل خزنة باب : أي فل ! هلم " . أخرجه البخاري و غيره , و له عنده ألفاظ , و هو في كتابي " مختصر البخاري " ( كتاب الصوم / 4 - باب ) . و أخرج البزار ( 1709 - كشف ) الفقرة الرابعة نحوها من حديث أنس بن مالك . ( فائدة ) : قال الحافظ ( 6 / 36 ) : " و قوله : ( زوجين ) أي شيئين من أي نوع كان ينفق " . قلت : و يؤيده زيادة للبخاري بلفظ : " من شيء من الأشياء " , ثم قال : " و الزوج يطلق على الواحد و على الاثنين , و هو هنا على الواحد جزما . و قوله : ( كل خزنة باب ) كأنه من المقلوب , لأن المراد : خزنة كل باب . قال المهلب : في هذا الحديث أن الجهاد أفضل الأعمال , لأن المجاهد يعطى أجر المصلي و الصائم و المتصدق , و إن لم يفعل ذلك , لأن باب الريان للصائمين , و قد ذكر في هذا الحديث أن المجاهد يدعى من تلك الأبواب كلها بإنفاق قليل من المال في سبيل الله . انتهى . و ما جرى فيه على ظاهر الحديث يرده ما قدمته في " الصيام " من زيادة في الحديث لأحمد حيث قال فيه : " لكل أهل عمل باب يدعون بذلك العمل " , و هذا يدل على أن المراد بـ ( سبيل الله ) ما هو أعم من الجهاد و غيره من الأعمال الصالحة " . قلت : و أما ( سبيل الله ) في آية مصارف الزكاة *( إنما الصدقات )* , فهي في الجهاد و في الحج و العمرة , و لبيان هذا مجال آخر . 2682 " يا عمرو ! إن الله عز وجل قد أحسن كل شيء خلقه . يا عمرو ! - و ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم بأربع أصابع من كفه اليمنى تحت ركبة عمرو فقال : - هذا موضع الإزار , ثم رفعها , [ ثم ضرب بأربع أصابع تحت الأربع الأولى ثم قال : يا عمرو ! هذا موضع الإزار ] , ثم رفعها , ثم وضعها تحت الثانية , فقال : يا عمرو ! هذا موضع الإزار " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 405 : أخرجه أحمد ( 4 / 200 ) : حدثنا الوليد بن مسلم حدثنا الوليد بن سليمان أن القاسم بن عبد الرحمن حدثهم عن #عمرو بن فلان الأنصاري #قال : بينا هو يمشي قد أسبل إزاره , إذ لحقه رسول الله صلى الله عليه وسلم , و قد أخذ بناصية نفسه , و هو يقول : " اللهم عبدك ابن عبدك ابن أمتك " . قال عمرو : فقلت : يا رسول الله ! إني رجل حمش الساقين . فقال : فذكره . و أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 8 / 277 / 7909 ) . قلت : و هذا إسناد حسن رجاله ثقات , و في القاسم بن عبد الرحمن - و هو صاحب أبي أمامة - كلام لا يضر , و لهذا قال الهيثمي في " مجمع الزوائد " ( 5 / 141 ) : " رواه أحمد , و رجاله ثقات " . قلت : و له شاهد من حديث أبي أمامة قال : بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ لحقنا عمرو بن زرارة الأنصاري في حلة , إزار و رداء , قد أسبل , فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذ بناحية ثوبه , و يتواضع لله , و يقول : " اللهم عبدك و ابن عبدك و ابن أمتك " . حتى سمعها عمرو بن زرارة .. الحديث نحوه , و زاد : " يا عمرو بن زرارة إن الله لا يحب المسبل " . قال الهيثمي : " رواه الطبراني بأسانيد , و رجال أحدها ثقات " . و للزيادة شاهد في " شعب الإيمان " ( 2 / 222 / 2 ) و آخر سيأتي أول المجلد التاسع برقم ( 4004 ) و له شاهد ثالث يرويه عمرو بن الشريد يحدث عن أبيه : " أن النبي صلى الله عليه وسلم تبع رجلا من ثقيف حتى هرول في أثره , حتى أخذ بثوبه فقال : " ارفع إزارك " . فكشف الرجل عن ركبتيه . فقال : يا رسول الله ! إني أحنف , و تصطك ركبتاي , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كل خلق الله عز وجل حسن " . قال : و لم ير ذلك الرجل إلا و إزاره إلى أنصاف ساقيه حتى مات " . قلت : و إسناده صحيح على شرط الشيخين , و قد مضى برقم ( 1441 ) . و يشهد لبعضه حديث حذيفة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " موضع الإزار إلى أنصاف الساقين و العضلة , فإن أبيت فأسفل , فإن أبيت فمن وراء الساق , و لا حق للكعبين في الإزار " . أخرجه النسائي ( 2 / 299 ) من طريق الأعمش , و السياق له , و الترمذي ( 1 / 329 ) و ابن ماجه ( 3572 ) من طريق أبي الأحوص , و ابن حبان ( 1447 ) و أحمد ( 5 / 382 و 400 - 401 ) عن سفيان عن أبي إسحاق عن مسلم بن نذير عن حذيفة به . و تابعهما زيد بن أبي أنيسة عند ابن حبان ( 1448 ) و قال الترمذي : " حديث حسن صحيح , رواه الثوري و شعبة عن أبي إسحاق " . قلت : كأنه يشير بروايتهما الحديث عنه أنه سالم من الإعلال باختلاط أبي إسحاق - و هو عمرو بن عبد الله السبيعي - فإنهما رويا عنه قبل اختلاطه كما صرحوا بذلك , و في حفظي عن الحافظ أن الأعمش كذلك , فإنه أقدم منهما , مات سنة ( 148 ) و مات شعبة سنة ( 160 ) و سفيان بعده بسنة , بل هو من شيوخهما , و قد أخرج له مسلم عن السبيعي كما في " تهذيب المزي " . بقي أن أبا إسحاق قد رمي بالتدليس أيضا , و قد عنعنه , و الجواب من وجهين : الأول : أن شعبة لا يروي عنه ما لم يصرح بسماعه فيه . و الآخر : أنه قد صرح فعلا بذلك , فقال أحمد ( 5 / 396 ) : حدثنا عفان حدثنا شعبة عن أبي إسحاق قال : سمعت مسلم بن نذير به . و كذلك أخرجه الطيالسي في " مسنده " ( 445 ) : حدثنا شعبة به إلا أنه وقع فيه " مسلم بن قريش " , و لعله خطأ مطبعي . ( تنبيه ) : ما بين المعقوفتين من حديث الترجمة سقط من " المسند " و هي زيادة يقتضيها السياق , و بدونها لا يظهر المراد من قوله : " ثم وضعها تحت الثانية " كما لا يخفى , و قد استدركتها من " مجمع الزوائد " و " جامع المسانيد " لابن كثير ( 10 / 90 ) . و اعلم أن الأحاديث في موضع الإزار استحبابا و إباحة و تحريما كثيرة , و بعضها في " الصحيحين " , و قد خرج الكثير الطيب منها الحافظ المنذري في " الترغيب و الترهيب " , و ليس هذا منها , و من الغريب أنه لم يذكره الشيخ أحمد عبد الرحمن البنا في هذا الباب من كتاب اللباس من " الفتح الرباني " ( 17 / 234 ) و لا أدري إذا كان قد ذكره في مكان آخر منه , و الوقت لا يتسع للتحقق من ذلك , و لكن إن كان أورده فكان عليه أن ينبه على ذلك و أن يرشد إليه , تسهيلا للمراجعة على الباحث . ثم أخبرني أحد إخواني أنه أخرجه ( 17 / 294 ) . و إنما آثرت تخريجه لأمرين : الأول : أن فيه تحديدا عمليا بديعا لموضع الإزار المشروع و غير المشروع , لم أره في غيره من الأحاديث . و الآخر : أن فيه بيانا واضحا أن التفاوت الذي يرى في الناس بياضا و سوادا , و طولا و قصرا , و بدانة و نحولة , و هذا أشعر , و ذاك أجرد , و هذا ألحى ( عظيم اللحية ) و ذاك كوسج ! أو زلهب <1>1>, و غير ذلك من الفوارق الخلقية أن كل ذلك من خلق الله حسن , فلا ينبغي للمسلم أن يحاول تغيير خلق الله عز وجل , و إلا استحق اللعن كما في حديث " النامصات و المتنمصات , و الواشمات و المستوشمات , و الفالجات المغيرات لخلق الله للحسن " . متفق عليه , و يأتي تخريجه بإذن الله رقم ( 2792 ) . و كأن النبي صلى الله عليه وسلم أراد تسلية عمرو الأنصاري الذي أطال إزاره ليغطي حمش ساقيه بقوله صلى الله عليه وسلم : " إن الله قد أحسن كل شيء خلقه " . و هذا مما يحمل المسلم على الرضا بقدر الله و قضائه في خلقه مهما بدا لبعض الناس ممن ضعف إيمانهم و تكاثف جهلهم أنه غير حسن ! و هذا في الواقع مما يعطي قوة للرأي القائل بأن المرأة إذا نبت لها لحية أنه لا يجوز لها أن تحلقها أو تنتفها , لأن الله قد أحسن كل شيء خلقه . و لا شك أنها حين تنتفها إنما تفعل ذلك للحسن و التجمل كما تفعل الواصلة لشعرها , فتستحق بذلك لعنة الله , و العياذ بالله تعالى . و أما بالنسبة للإزار , فالأحاديث صريحة في تحريم جره خيلاء , و أما بدونها فقد اختلفوا , فمنهم من حرمه أيضا , و هو الذي يدل عليه تدرجه صلى الله عليه وسلم مع عمرو في بيان مواضع الإزار استحبابا و جوازا , ثم انتهاؤه به إلى ما فوق الكعبين , و قوله له : " هذا موضع الإزار " , فإنه ظاهر أنه لا جواز بعد ذلك , و إلا لم يفد التدرج مع القول المذكور شيئا كما لا يخفى . و يؤيده قوله صلى الله عليه وسلم " ما أسفل من الكعبين في النار " . رواه البخاري عن ابن عمر . و يزيده قوة قوله صلى الله عليه وسلم في حديث حذيفة المتقدم " ... و لا حق للكعبين في الإزار " . قال أبو الحسن السندي في تعليقه عليه : " و الظاهر أن هذا هو التحديد , و إن لم يكن هناك خيلاء . نعم إذا انضم إلى الخيلاء اشتد الأمر , و بدونه الأمر أخف " . قلت : نعم , و لكن مع التحريم أيضا لما سبق . و يقويه أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أذن للنساء أن يرخين ذيولهن ثم أذن لهن أن يزدن شبرا <2>لكي لا تنكشف أقدامهن بريح أو غيرها , لم يأذن لهن أن يزدن على ذلك , إذ لا فائدة من وراء ذلك فالرجال أولى بالمنع من الزيادة . استفدت هذا من الحافظ ابن حجر رحمه الله في " الفتح " . و جملة القول : إن إطالة الثوب إلى ما تحت الكعبين لا يجوز للرجال , فإذا اقترن مع ذلك قصد الخيلاء اشتد الإثم 2>, فمن مصائب الشباب المسلم اليوم إطالته سرواله ( البنطلون ) إلى ما تحت الكعبين , لاسيما ما كان منه من جنس ( الشرلستون ) ! فإنه مع هذه الآفة التي فيه , فهو عريض جدا عند الكعبين , و ضيق جدا عند الفخذين و الأليتين , مما يصف العورة و يجسمها , و تراهم يقفون بين يدي الله يصلون و هم شبه عراة ! فإنا لله و إنا إليه راجعون . و من العجيب أن بعضهم ممن هو على شيء من الثقافة الإسلامية يحاول أن يستدل على جواز الإطالة المذكورة بقول أبي بكر لما سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة " : يا رسول الله ! إن أحد شقي إزاري يسترخي إلا أن أتعاهد ذلك منه , فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " لست ممن يصنعه خيلاء " . أخرجه البخاري و غيره كأحمد , و زاد في رواية : " يسترخي أحيانا " , و كذلك رواه البيهقي في " شعب الإيمان " ( 2 / 221 / 2 ) . قلت : فالحديث صريح في أن أبا بكر رضي الله عنه لم يكن يطيل ثوبه , بل فيه أنه كان يسترخي بغير قصد منه , و أنه كان مع ذلك يتعاهده , فيسترخي على الرغم من ذلك أحيانا . قال الحافظ ( 10 / 217 ) عقب رواية أحمد : " فكأن شده كان ينحل إذا تحرك بمشي أو غيره بغير اختياره , فإذا كان محافظا عليه لا يسترخي , لأنه كلما كاد يسترخي شده " . ثم ذكر أن في بعض الروايات أنه كان نحيفا . قلت : فهل يجوز الاستدلال بهذا و الفرق ظاهر كالشمس بين ما كان يقع من أبي بكر بغير قصد , و بين من يجعل ثوبه مسبلا دائما قصدا ! نسأل الله العصمة من الهوى . و إنما تكلمت عن إطالة البنطلون و السروال , لطرو هذه الشبهة على بعض الشباب , و أما إطالة بعض المشايخ أذيال جببهم خاصة في مصر , و إطالة الأمراء في بعض البلاد العربية لأعبئتهم فأمر ظاهر نكارته . نسأل الله السلامة و الهداية . كتبت هذا لعل فيمن طرأت عليه الشبهة السابقة كان مخلصا , فحينما تتجلى له الحقيقة يبادر إلى الانتهاء عن تلك الآفة كما انتهى ذلك الشاب الذي كان عليه حلة صنعانية يجرها سبلا . فقال له ابن عمر رضي الله عنه : يا فتى هلم ! قال : ما حاجتك يا أبا عبد الرحمن ? قال : ويحك أتحب أن ينظر الله إليك يوم القيامة ? قال : سبحان الله ! و ما يمنعني أن لا أحب ذلك ? قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " لا ينظر الله ... " . فلم ير ذلك الشاب إلا مشمرا حتى مات . رواه البيهقي بسند صحيح , و رواه أحمد ( 2 / 65 ) من طريق أخرى عن ابن عمر نحوه دون قوله : " فلم ير .... " . ----------------------------------------------------------- [1] هو الخفيف اللحية . " القاموس المحيط " ( 122 ) . [2] تقدم تخريجه ( 460 و 1864 ) . اهـ . 2683 " سيكون في آخر أمتي رجال يركبون على سروج كأشباه الرحال , ينزلون على أبواب المساجد , نساؤهم كاسيات عاريات على رءوسهن كأسنمة البخت العجاف , العنوهن فإنهن ملعونات , لو كانت وراءكم أمة من الأمم لخدمهن نساؤكم كما خدمكم نساء الأمم قبلكم " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 411 : أخرجه أحمد ( 2 / 223 ) و المخلص في " بعض الجزء الخامس من الفوائد و الغرائب المنتقاة " ( ق 264 / 1 ) و السياق له , و ابن حبان في " صحيحه " ( 1454 - موارد ) و الطبراني في " الصغير " ( 232 - هند ) و " الأوسط " ( رقم 9485 - ترقيمي ) مختصرا من طريق أبي عبد الرحمن المقري - عبد الله بن يزيد - : حدثنا عبد الله بن عياش بن عباس : حدثنا أبي عياش بن عباس قال : سمعت عيسى بن هلال الصدفي و أبا عبد الرحمن الحبلي يقولان : سمعنا #عبد الله بن عمرو بن العاص # يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : فذكره . و قال الطبراني : " لا يروى عن عبد الله بن عمرو إلا بهذا الإسناد " . و تابعه عبد الله بن وهب : أخبرني عبد الله بن عياش القتباني به نحوه , و لم يذكر في إسناده أبا عبد الرحمن الحبلي , و قال : " يركبون على المياثر حتى يأتوا أبواب مساجدهم " . رواه الحاكم ( 4 / 436 ) و قال : " صحيح على شرط الشيخين " . و رده الذهبي بقوله : " قلت : عبد الله و إن كان قد احتج به مسلم , فقد ضعفه أبو داود و النسائي , و قال أبو حاتم : هو قريب من ابن لهيعة " . قلت : قد روى عنه الليث بن سعد الإمام , و هو من أقرانه , و ذكره ابن حبان في " الثقات " , فهو مع هذا و احتجاج مسلم به وسط حسن الحديث , و غلا فيه الشيخ أحمد شاكر فقال في تعليقه على هذا الحديث من " المسند " ( 7083 ) : " إسناده صحيح " ! و أشار الحافظ المنذري في " الترغيب " ( 3 / 101 ) إلى تقويته بتصديره إياه بصيغة ( عن ) و وقع عنده أن الحاكم قال : " صحيح على شرط مسلم " , و ينبغي أن يكون هذا هو أصل " المستدرك " و " تلخيصه " لأنه لو كان كما سبق نقله : " على شرط الشيخين " لم يقل الذهبي في رده إياه ما سبق , و لقال : " و إن كان قد احتج به الشيخان ..." , فقوله : " ... مسلم ... " دليل على أن الذي في نسخته من " المستدرك " : " صحيح على شرط مسلم " , و على هذا فما في المطبوعة من " المستدرك " خطأ من الناسخ أو الطابع . ( تنبيه هام ) : وقعت هذه اللفظة ( الرحال ) في " فوائد المخلص " بالحاء المهملة خلافا لـ " المسند " و " الموارد " و غيرهما , فإنها بلفظ ( الرجال ) بالجيم , و على ذلك شرحه الشيخ أحمد عبد الرحمن البنا في " الفتح الرباني " ( 17 / 301 ) , فقال : " معناه : أنهم رجال في الحس لا في المعنى , إذ الرجال الكوامل حسا و معنى لا يتركون نساءهم يلبسن ثيابا لا تستر أجسامهن " . و لم ينتبه للإشكال الذي تنبه له الشيخ أحمد شاكر رحمه الله تعالى إذ قال في تعليقه على الحديث في " المسند " ( 12 / 38 ) : " و قوله : " سيكون في آخر أمتي رجال يركبون على سروج كأشباه الرجال " إلخ مشكل المعنى قليلا , فتشبيه الرجال بالرجال فيه بعد , و توجيه متكلف , و رواية الحاكم ليس فيها هذا التشبيه , بل لفظه : " سيكون في آخر هذه الأمة رجال يركبون على المياثر حتى يأتوا أبواب مساجدهم , نساؤهم كاسيات عاريات " إلخ .. و هو واضح المعنى مستقيمه , و رواية الطبراني - كما حكاها الهيثمي في " الزوائد " - : " سيكون في أمتي رجال يركبون نساؤهم على سروج كأشباه الرجال " . و لفظ " يركبون " غيره طابع " مجمع الزوائد " - جرأة منه و جهلا - فجعلها " يركب " , و الظاهر عندي أن صحتها " يركبون نساءهم " . و على كل حال فالمراد من الحديث واضح بين , و قد تحقق في عصرنا هذا , بل قبله وجود هاته النسوة الكاسيات الملعونات " . قلت : لو أن الشيخ رحمه الله اطلع على رواية ( الرحال ) بالحاء المهملة , لساعدته على الإطاحة بالإشكال , و فهم الجملة فهما صحيحا , دون أي توجيه أو تكلف , و هذه الرواية هي الراجحة عندي للأسباب الآتية : أولا : ثبوتها في " الفوائد " و نسختها جيدة . ثانيا : أنها وقعت كذلك بالحاء المهملة في نسخة مخطوطة من كتاب "الترغيب و الترهيب " للحافظ المنذري محفوظة في المكتبة الظاهرية بدمشق في مجلد ضخم فيه خرم , و هي و إن كانت نسخة مؤلفة من نسخ أو خطوط متنوعة , فإن الجزء الذي فيه هذا الحديث من نسخة جيدة مضبوطة متقنة , و مما يدلك على ذلك أنه كتب تحت الحاء من هذه الكلمة حرف حاء صغير هكذا ( الرحال ) , إشارة إلى أنه حرف مهمل كما هي عادة الكتاب المتقنين قديما فيما قد يشكل من الأحرف , و كذلك فعل في الصفحة التي قبل صفحة هذا الحديث , فإنه وقع فيها اسم ( زحر ) فكتب تحتها ( ح ) هكذا ( زحر ) . ثالثا : أن رواية الحاكم المتقدمة بلفظ : " يركبون على المياثر .. " تؤكد ما رجحنا , لأن ( المياثر ) جمع ( ميثرة ) و ( الميثرة ) بالكسر قال ابن الأثير : " مفعلة من الوثارة , يقال : وثر وثارة فهو وثير , أي وطيء لين , تعمل من حرير أو ديباج , يجعلها الراكب تحته على الرحال فوق الجمال " . فإذا عرفت هذا , فرواية الحاكم مفسرة للرواية الأولى , و بالجمع بينهما يكون المعنى أن السروج التي يركبونها تكون وطيئة لينة , و أنها ( أعني السروج ) هي كأشباه الرحال , أي من حيث سعتها . و عليه فجملة " كأشباه الرحال " ليست في محل صفة لـ ( رجال ) كما شرحه البنا و غيره , و إنما هي صفة لـ ( سروج ) . و ذلك يعني أن هذه السروج التي يركبها أولئك الرجال في آخر الزمان ليست سروجا حقيقية توضع على ظهور الخيل , و إنما هي أشباه الرحال . و أنت إذا تذكرت أن ( الرحال ) جمع رحل , و أن تفسيره كما في " المصباح المنير " و غيره : " كل شيء يعد للرحيل من وعاء للمتاع و مركب للبعير " إذا علمت هذا يتبين لك بإذن الله أن النبي صلى الله عليه وسلم يشير بذلك إلى هذه المركوبة التي ابتكرت في هذا العصر , ألا و هي السيارات , فإنها وثيرة وطيئة لينة كأشباه الرحال , و يؤيد ذلك أنه صلى الله عليه وسلم سماها ( بيوتا ) في حديث آخر تقدم برقم ( 93 ) , لكن تبين فيما بعد أن فيه انقطاعا . و إذا ففي الحديث معجزة علمية غيبية أخرى غير المتعلقة بالنساء الكاسيات العاريات , ألا و هي المتعلقة برجالهن الذين يركبون السيارات ينزلون على أبواب المساجد . و لعمر الله إنها لنبوءة صادقة نشاهدها كل يوم جمعة حينما تتجمع السيارات أمام المساجد حتى ليكاد الطريق على رحبه يضيق بها , ينزل منها رجال ليحضروا صلاة الجمعة , و جمهورهم لا يصلون الصلوات الخمس , أو على الأقل لا يصلونها في المساجد , فكأنهم قنعوا من الصلوات بصلاة الجمعة , و لذلك يتكاثرون يوم الجمعة و ينزلون بسياراتهم أمام المساجد فلا تظهر ثمرة الصلاة عليهم , و في معاملتهم لأزواجهم و بناتهم , فهم بحق " نساؤهم كاسيات عاريات " ! و ثمة ظاهرة أخرى ينطبق عليها الحديث تمام الانطباق , ألا و هي التي نراها في تشييع الجنائز على السيارات في الآونة الأخيرة من هذا العصر . يركبها أقوام لا خلاق لهم من الموسرين المترفين التاركين للصلاة , حتى إذا وقفت السيارة التي تحمل الجنازة و أدخلت المسجد للصلاة عليها , مكث أولئك المترفون أمام المسجد في سياراتهم , و قد ينزل عنها بعضهم ينتظرون الجنازة ليتابعوا تشييعها إلى قبرها <1>نفاقا اجتماعيا و مداهنة , و ليس تعبدا و تذكرا للآخرة1> , و الله المستعان . هذا هو الوجه في تأويل هذا الحديث عندي , فإن أصبت فمن الله , و إن أخطأت فمن نفسي , و الله تعالى هو المسؤول أن يغفر لي خطئي و عمدي , و كل ذلك عندي . ( تنبيه آخر ) : تناقضت الآراء في مرتبة هذا الحديث كنتيجة لاختلاف أقوال الحفاظ في راويه ( عبد الله بن عياش بن عباس ) . أما المرتبة , فقد صححه الحاكم و الشيخ أحمد شاكر , خلافا للذهبي كما رأيت , و تبعه المعلق على " الإحسان " ( 13 / 64 - 65 ) , و بناء على ذلك ضعفه في طبعته من " الموارد " ( 1 / 668 - 669 ) بخلاف الداراني المعلق على طبعته من " الموارد " ( 4 / 448 - 449 ) , فإنه حسن إسناده . و هذا هو الذي جريت عليه في تخريجاتي في عديد من كتبي و تعليقاتي منذ عشرات السنين , فانظر مثلا الحديث المتقدم برقم ( 896 ) و في " تخريج مشكلة الفقر " برقم ( 102 ) و التعليق على " تحذير الساجد " ( ص 7 ) . و أما المعلق على " الإحسان " فكان متناقضا في ذلك أشد التناقض , فبينا نراه هنا ضعف حديثه هذا إذا به يحسن له ثانيا ( 12 / 380 ) و يصحح له ثالثا ( 3 / 50 ) و يقول في رابع ( 1 / 298 ) : " و إسناده حسن في الشواهد " , و في خامس ( 8 / 246 ) : " حديث صحيح " , يعني لغيره , و لم يحسن إسناده ! و مثل هذا التناقض الثلاثي في إسناد راو واحد من تضعيف إلى تحسين إلى تصحيح , لا يقع عادة إلا من معلق غير متمكن في هذا العلم , حديث عهد به , أو أن ذلك من أكثر من شخص تداولوا التعليق على " الإحسان " , مختلفي السوية في هذا العلم و التحقيق فيه , و هذا هو الذي يغلب على الظن , و كان من آثار ذلك أن تظهر هذه الأحكام المتناقضة في طبعة "الموارد " في أحاديثه ,فانظر مثلا الأحاديث المرقمة بـ ( 96 و 472 و 880 و 2551 ) و من الغرائب أن حديث الرقم ( 472 ) راويه عن ( عياش ) كان اختلط , و لذلك جعلته من حصة كتابي " ضعيف الموارد " و هو و قسيمه " صحيح الموارد " تحت الطبع , يسر الله نشرهما قريبا إن شاء الله تعالى . و أما الاختلاف في الراوي , فحسبك ما ذكره الذهبي في تعقيبه , و منها قول أبي حاتم , و تمامه : " ليس بالمتين , صدوق يكتب حديثه , و هو قريب من ابن لهيعة " . و ذكره ابن حبان في " الثقات " ( 7 / 51 و 8 / 334 ) . و من ذلك قول الذهبي المتقدم : " احتج به مسلم " و كذا في " سيره " ( 7 / 334 ) , فخالفه الحافظ فقال في " التقريب " : " صدوق يغلط , أخرج له مسلم في الشواهد " . و قال في " التهذيب " متعقبا المزي الذي أطلق العزو لمسلم : " قلت : حديث مسلم في الشواهد لا في الأصول " . قلت : و الحديث الذي يشير إليه حديث عقبة بن عامر في النذر : " لتمش و لتركب " . و هو مخرج في " الإرواء " ( 8 / 219 ) من رواية الشيخين عن يزيد بن أبي حبيب بسنده عنه . و قد تابع عبد الله بن عياش سعيد بن أبي أيوب عن يزيد بن أبي حبيب عند البخاري ( 1866 ) , و لكن هل هذا مما يسوغ القول بأن مسلما روى له في الشواهد , و المتابعة هذه ليست عنده ? في ذلك عندي وقفة . و من ذلك أن الذهبي قال عقب قوله المتقدم في " السير " : " قلت : حديثه في عداد الحسن " . و هذا الذي فهمناه أو استنبطناه من تلك الأقوال المختلفة , و قد وافق الذهبي الحاكم على تصحيح بعض أحاديثه , منها الحديث الذي سبق قريبا عزوه لـ " تخريج المشكلة " ( 102 ) . ----------------------------------------------------------- [1] قلت : و أما قولهم في الإذاعات و غيرها : " .. مثواه الأخير " فكفر لفظي على الأقل , و أنا أتعجب كل العجب من استعمال المذيعين المسلمين لهذه الكلمة , فإنهم يعلمون أن القبر ليس هو المثوى الأخير , بل هو برزخ بين الدنيا و الآخرة , فهناك البعث و النشور ثم إلى المثوى الأخير , كما قال تعالى *( فريق في الجنة و فريق في السعير )* , و قال في الأخير : *( فالنار مثوى لهم )* , و ما ألقى هذه الكلمة بين الناس إلا كافر ملحد , ثم تقلدت من المسلمين في غفلة شديدة غريبة ! *( فهل من مدكر )* ? . اهـ . 2684 " طوق من نار يوم القيامة . قاله لمن رأى عليه جبة مجيبة بحرير " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 418 : أخرجه البزار ( ص 172 - زوائد البزار ) و الطبراني في " الأوسط " ( رقم 8166 - مصورتي ) من طريقين عن إسماعيل بن عياش : حدثنا الأزهر بن راشد : حدثنا سليم بن عامر عن جبير بن نفير عن #معاذ بن جبل #قال : رأى النبي صلى الله عليه وسلم جبة مجيبة بحرير فقال : فذكره . و قال الطبراني : " لا يروى عن معاذ إلا بهذا الإسناد , تفرد به إسماعيل بن عياش " . قلت : و هو ثقة في روايته عن الشاميين , و هذه منها , فإن الأزهر بن راشد هذا هو الهوزني أبو الوليد الشامي , قال الذهبي : " من شيوخ حريز بن عثمان , يروي عن عصمة بن قيس , و له صحبة , ما علمت به بأسا " . قلت : و يشير الذهبي إلى قول أبي داود : " شيوخ حريز ثقات " . و ذكره ابن حبان في " الثقات " ( 3 / 11 ) و قال ابن حجر في " التقريب " : " صدوق " . قلت : و سائر رجاله ثقات , فالإسناد صحيح . و اقتصر المنذري على قوله ( 3 / 103 ) : " رواه البزار و الطبراني في " الأوسط " , و رواته ثقات " . و تبعه الهيثمي ( 5 / 142 ) كغالب عادته . و قوله : ( مجيبة ) بضم الميم و فتح الجيم بعدهما مثناة من تحت مفتوحة مشددة ثم باء موحدة , أي : لها جيب من حرير و هو المطوق . قاله المنذري . قلت : و لعل الحرير الذي رآه صلى الله عليه وسلم على الجيب كان أكثر من أربع أصابع , لأن ما دونها مستثنى من التحريم لحديث عمر رضي الله عنه قال : " نهى نبي الله صلى الله عليه وسلم عن لبس الحرير إلا موضع إصبعين أو ثلاث أو أربع [ و أشار بكفه ] " . أخرجه مسلم ( 6 / 141 ) و النسائي ( 2 / 298 ) و ابن حبان ( 5417 ) و أحمد ( 1 / 5 ) , و الزيادة له من طريق سويد بن غفلة عنه . و أخرجه ابن حبان ( 5400 ) مختصرا , و كذا أبو يعلى ( 1 / 64 ) من طريق أبي عثمان النهدي عنه . و أصله في " الصحيحين " , و راجع إن شئت شرحه في " فتح الباري " ( 10 / 141 - 142 ) . 2685 " كنا نسميها شباعة ( يعني : زمزم ) و كنا نجدها نعم العون على العيال " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 419 : أخرجه عبد الرزاق في " المصنف " ( 5 / 117 ) و عنه الطبراني في " الكبير " ( 3 / 90 / 2 ) عن الثوري عن ابن خثيم أو عن العلاء - شك أبو بكر - عن أبي الطفيل عن #ابن عباس #قال : سمعته يقول : فذكره . قلت : و هذا إسناد جيد رجاله ثقات رجال مسلم , لولا الشك في شيخ الثوري , هل هو ابن خثيم - و اسمه عبد الله بن عثمان المكي , و هو صدوق من رجال الإمام مسلم - أم هو العلاء ? فنظرنا فوجدنا الأزرقي قد أخرجه في " أخبار مكة " ( ص 391 ) من طريق أخرى فقال : حدثني محمد بن يحيى عن سليم بن مسلم عن سفيان الثوري عن العلاء بن أبي العباس عن أبي الطفيل به . فهذا يرجح أن الشيخ هو العلاء بن أبي العباس , و هو ثقة ثقة كما قال ابن معين فيما رواه ابن أبي حاتم ( 3 / 1 / 356 ) , لكن سليم بن مسلم - و هو الخشاب - متروك الحديث كما قال النسائي . و قال أحمد : " لا يساوي حديثه شيئا " . قلت : فمثله مما لا يرجح به , فيبقى الشك على حاله , و لكنه لا يلقي على الإسناد ضعفا , لأن الشك دار بين ثقتين , غاية ما في الأمر أنه يحول بيننا و بين إطلاق القول بأن رجاله رجال " الصحيح " , و لذلك قال الهيثمي ( 3 / 286 ) : " رواه الطبراني في " الكبير " , و رجاله ثقات " . فإن هذا يصدق سواء كان الشيخ هو ابن خثيم , أو العلاء , و قال المنذري في " الترغيب " ( 2 / 133 ) : " رواه الطبراني في " الكبير " , و هو موقوف صحيح الإسناد " . ( فائدة ) أبو بكر الذي شك في إسناد الحديث هو عبد الرزاق نفسه صاحب " المصنف " . و غالبه من رواية أبي يعقوب إسحاق بن إبراهيم الدبري عنه , و ذلك أني رأيت بعض كتبه من رواية غير الدبري عنه , فمثلا كتاب " أهل الكتاب " هو من رواية محمد بن علي النجار عنه , و هو في المجلد السادس ( 1 - 132 ) و كذلك كتاب " البيوع و الشهادات " من رواية النجار عنه في المجلد الثامن ( 1 - 368 ) , كما وجدت فيه كتاب " أهل الكتابين " من رواية محمد بن يوسف الحذاقي عنه , و هو في المجلد العاشر ( 311 - 378 ) , و قد يكون هناك كتب أخرى ليست من رواية الدبري , و لقد كان من المفروض أن يوضح ذلك و غيره محققه الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي في مقدمته التي وعد بنشرها , و لما يفعل , فقد نشر الكتاب بتمامه , و لم نجد لها أثرا في شيء من مجلداته , و لعله يفعل , ثم توفي رحمه الله فلعله فعل . 2686 " من قال إذا أصبح : " رضيت بالله ربا و بالإسلام دينا و بمحمد نبيا " , فأنا الزعيم لآخذن بيده حتى أدخله الجنة " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 421 : أورده المنذري في " الترغيب " ( 1 / 229 ) من حديث # المنيذر # صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم , و كان يكون بـ ( أفريقية ) قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : فذكره . و قال : " رواه الطبراني بإسناد حسن " . و كذا قال الهيثمي في " المجمع " ( 10 / 116 ) . فتعقبه الحافظ ابن حجر فيما علقه عليه , فقال : " قلت : فيه رشدين , و هو ضعيف " . قلت : و كنت اتبعته على هذا في " التعليق الرغيب " , و عليه أوردته في " ضعيف الترغيب " , ثم تبين لي أن رشدين لم يتفرد به , فإنه رواه عن حيي بن عبد الله عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن المنيذر به . فقال الحافظ في ترجمة المنيذر من " الإصابة " : " وصله الطبراني إلى رشدين . و تابعه ابن وهب عن حيي , لكنه لم يسمه , قال : عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم , و أخرجه ابن منده " . قلت : و لا يخفى أن الصحابة كلهم عدول , فعدم تسمية ابن وهب إياه لا يضر , فبهذه المتابعة ثبت الحديث و الحمد لله . ثم إن الحديث عند الطبراني في " المعجم الكبير " ( 20 / 355 / 838 ) بسند صحيح عن رشدين به . و كذلك رواه ابن قانع في " معجم الصحابة " من طريق أخرى عنه , لكنه لم يذكر فيه " إذا أصبح " . و هي ثابتة في رواية الطبراني , و كذا في رواية ابن وهب كما يدل عليه صنيع الحافظ في " الإصابة " , و زاد أنه قال : " و أخرجه ابن منده " . و لهذه الزيادة شاهد من حديث رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعا بلفظ آخر , و زيادة أخرى , و في إسناده اضطراب و جهالة , و لذلك أخرجته في الكتاب الآخر برقم ( 5020 ) , و فيه زيادة أخرى : " ثلاث مرات " . و لأصل الحديث شاهد جيد من رواية أبي سعيد الخدري مرفوعا نحوه , و قد مضى برقم ( 334 ) دون ذكر الصباح و المساء . ثم رأيت الحديث في " المعرفة " لأبي نعيم ( 2 / 188 / 2 ) من طريق الطبراني . ثم علقه على ابن وهب . 2687 " توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم و إن نمرة من صوف تنسج له " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 422 : أخرجه البيهقي في " فصل فيمن اختار التواضع في اللباس " من " الأربعون من شعب الإيمان و هو باب الملابس و الزي و ما يكره منها " من كتاب " الشعب " ( 2 / 227 / 1 ) من طرق عن محمد بن يعقوب الأصم : حدثنا بحر ( الأصل : ( يحيى ) و هو خطأ من الناسخ ) ابن نصر الخولاني : حدثنا ابن وهب أخبرني ابن لهيعة عن يزيد بن حبيب عن عبيد الله بن عمر عن #عبد الله بن عمر #قال : فذكره . قلت : و هذا إسناد جيد , فإن رجاله كلهم ثقات معروفون بالضبط و الحفظ غير ابن لهيعة , فإن فيه ضعفا من قبل حفظه , لكنهم قووا حديث العبادلة عنه و منهم عبد الله بن وهب هذا , و كأن ذلك لأنهم سمعوا منه قبل أن تحترق كتبه , و يسوء حفظه و تحديثه . و لقد كان الباعث على تحرير هذا أنني رأيت الحافظ المنذري قد أشار إلى تضعيف هذا الحديث في " الترغيب " ( 3 / 108 ) بتصديره إياه بقوله : ( روي ) , و عهدي به أنه يصدر أحاديث ابن لهيعة بقوله ( عن ) المشعر بالقوة حتى و لو كان من غير رواية العبادلة , و الأمثلة على ذلك كثيرة و إليك بعضها في كتابي " ضعيف الترغيب و الترهيب " مشيرا إليها بأرقامها فيه : ( 149 و 186 و 218 و 220 ) بل رأيته صرح بتحسين بعض أحاديثه منها الحديث ( 369 ) . و له شاهد من رواية زمعة بن صالح عن أبي حازم عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال : " توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم و له جبة صوف ( و في رواية : حلة من أنمار من صوف أسود ) في الحياكة " . أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 6 / 219 / 5919 / 2920 ) من طريقين عنه . قلت : و هذا إسناد حسن في المتابعات و الشواهد , قال الهيثمي ( 5 / 131 ) : " رواه الطبراني , و فيه زمعة بن صالح , و هو ضعيف , و قد وثق , و بقية رجاله ثقات " . 2688 " المرأة عورة و إنها إذا خرجت استشرفها الشيطان , و إنها لا تكون أقرب إلى الله منها في قعر بيتها " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 424 : أخرجه الطبراني في " الأوسط " في ترجمة إبراهيم بن هاشم البغوي ( رقم 3036 - مصورتي ) : حدثنا إبراهيم : أنبأنا عاصم بن النضر أنبأنا معتمر بن سليمان عن أبيه عن قتادة عن #سالم بن عبد الله عن أبيه #عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فذكره . قلت : و هذا إسناد صحيح , رجاله كلهم ثقات رجال مسلم غير شيخه البغوي , و قد وثقه الدارقطني , مات سنة ( 297 ) كما في " تاريخ بغداد " للخطيب البغدادي . و للحديث شاهد قوي من حديث ابن مسعود مخرج في " إرواء الغليل " ( 1 / 303 / 273 ) . و الحديث قال المنذري في " الترغيب " : " رواه الطبراني في " الأوسط " , و رجاله رجال ( الصحيح ) " . قلت : إلا الشيخ البغوي كما ذكرنا . و هو من الأحاديث التي فاتت الحافظ الهيثمي , فلم يورده في " مجمع البحرين " , و لا في " مجمع الزوائد " كما نبهت عليه في تعليقي على الحديث في " صحيح الترغيب و الترهيب " ( 1 / 136 ) و قد تم طبع المجلد الأول , و سيكون في التداول قريبا إن شاء الله تعالى . ثم نشر , و الآن الثاني تحت الطبع كما سبق التنبيه عليه ( ص 384 ) . ( فائدة ) : يطيب لبعض المتشددين على المرأة أن يستدلوا بهذا الحديث على أن وجه المرأة عورة على الأجانب , و لا دليل فيه البتة , لأن المعنى كما قال ابن الأثير في " النهاية " : " جعلها نفسها عورة , لأنها إذا ظهرت يستحيا منها كما يستحيا من العورة إذا ظهرت " . و يؤكد هذا المعنى تمام الحديث : " و إذا خرجت استشرفها الشيطان " . قال الشيخ علي القاري في " المرقاة " ( 3 / 411 ) : " أي زينها في نظر الرجال . و قيل أي نظر إليها ليغويها , و يغوي بها " . و أصل ( الاستشراف ) أن تضع يدك على حاجبك و تنظر , كالذي يستظل من الشمس حتى يستبين الشيء و أصله من الشرف : العلو , كأنه ينظر إليه من موضع مرتفع فيكون أكثر لإدراكه . " نهاية " . و إن مما لا شك فيه أن الاستشراف المذكور يشمل المرأة و لو كانت ساترة لوجهها , فهي عورة على كل حال عند خروجها , فلا علاقة للحديث بكون وجه المرأة عورة بالمعنى الفقهي , فتأمل منصفا . و جمهور العلماء على أنه ليس بعورة , و بيان ذلك في كتابي " جلباب المرأة المسلمة " , و قد طبع حديثا بهذا الاسم " جلباب ... " بديل " حجاب ... " سابقا لنكتة ذكرتها في المقدمة . و قد رددت فيه على المتشددين بما فيه الكفاية , و أحلت من شاء التفصيل على كتابي المفرد في الرد بإسهاب و تفصيل , تتبعت فيه شبهاتهم , و أنها قائمة على أدلة واهية رواية و دراية , و اجتماعيا , و سميته اسما يلخص لك مضمونه : " الرد المفحم على من خالف العلماء و تشدد و تعصب و ألزم المرأة أن تستر وجهها و كفيها و أوجب و لم يقنع بقولهم إنه سنة و مستحب " . يسر الله لي تبيضه و نشره بفضله و كرمه . 2689 " نهي أن يشرب من كسر القدح " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 426 : أخرجه الطبراني في " المعجم الأوسط " ( رقم - 6976 - مصورتي ) من طريق موسى بن إسماعيل أبي سلمة التبوذكي : أخبرنا عبد الله بن المبارك عن معمر عن جعفر بن برقان عن يزيد بن الأصم عن #أبي هريرة #قال : فذكره على البناء للمجهول , لم يذكر فيه النبي صلى الله عليه وسلم , و قال : " لم يروه عن جعفر بن برقان , و لا عن معمر إلا ابن المبارك , تفرد به موسى بن إسماعيل " . قلت : كلا , بل تابعه عبد الرحمن بن مهدي عن عبد الله بن المبارك به . أخرجه أبو نعيم في " الحلية " ( 9 / 38 ) . و هذا حديث صحيح , إسناده صحيح , رجاله ثقات رجال مسلم , و قال الهيثمي ( 5 / 78 ) : " رواه الطبراني في " الأوسط " , و رجاله ثقات رجال الصحيح " . ثم قال : " و عن ابن عباس و ابن عمر قالا : يكره أن يشرب من ثلمة القدح , و أذن القدح . رواه الطبراني , و رجاله رجال الصحيح " . قلت : في إسناده ( 11 / 64 / 11055 ) نعيم بن حماد , ضعيف , و إنما أخرج له البخاري فقط مقرونا . و تقدم له شاهد من حديث أبي سعيد الخدري برقم ( 388 ) مرفوعا بلفظ : " ثلمة القدح " , و هذا الحديث مفسر له , قال ابن الأثير : " أي موضع الكسر منه , و إنما نهى عنه لأنه لا يتماسك فم الشارب عليها , و ربما انصب الماء على ثوبه و يديه . و قيل : لأن موضعها لا يناله التنظيف التام إذا غسل الإناء , و قد جاء في لفظ الحديث أنه مقعد الشيطان , و لعله أراد به عدم النظافة " . قلت : و لعل هذا المعنى الأخير أولى , لأن المعنى الأول إنما يظهر إذا كانت الثلمة كبيرة , و حينئذ ففيه تحديد لمعنى ( الثلمة ) فيه , و هو غير مناسب لإطلاقها بخلاف المعنى الآخر , فإن الإطلاق المذكور يناسبه , فقد ثبت الآن مجهريا أن الثلمة - صغيرة كانت أم كبيرة - مجمع الجراثيم و المكروبات الضارة , و أن غسل الإناء الغسل المعتاد لا يطهرها , بل إنه قد يزيد فيها , فنهى الشارع الحكيم عن الشرب منها خشية أن يتسرب معه بعضها إلى جوف الشارب فيتأذى بها . فالنهي طبي دقيق . و الله أعلم . و أما اللفظ الذي ذكره ابن الأثير : " مقعد الشيطان " , فلم أقف عليه إلا بلفظ : " فإن الشيطان يشرب من ذلك " , و هو مخرج في " الضعيفة " ( 654 ) . 2690 " من جهز غازيا في سبيل الله فله مثل أجره , و من خلف غازيا في أهله بخير , أو أنفق على أهله فله مثل أجره " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 427 : أخرجه الطبراني في ترجمة محمود بن محمد المروزي من " الأوسط " رقم ( 8047 ) : حدثنا محمود أخبرنا وهب أنبأنا خالد عن عبد الرحمن بن إسحاق عن موسى بن عقبة عن محمد بن زيد عن بشر بن سعيد عن #زيد بن ثابت# عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : فذكره , و قال : " لم يروه عن محمد بن زيد إلا عبد الرحمن بن إسحاق " . قلت : و هو العامري القرشي مولاهم , و هو مختلف فيه , و قد أخرج له مسلم و البخاري تعليقا , لكن قال الحاكم : " إنما أخرجا له في الشواهد " . ذكره في " التهذيب " و لم يتعقبه بشيء . و هو على كل حال حسن الحديث . و قال الحافظ في " التقريب " : " صدوق " . و ذكره الذهبي في " الرواة المتكلم فيهم بما لا يوجب رد حديثهم " . و سائر الرجال ثقات رجال مسلم غير محمود هذا , و له ترجمة حسنة في " تاريخ بغداد " ( 13 / 94 ) مات سنة ( 297 ) . و قال المنذري في " الترغيب " ( 2 / 158 ) و تبعه الهيثمي في " مجمع الزوائد " ( 5 / 283 ) : " رواه الطبراني في " الأوسط " , و رجاله رجال ( الصحيح ) " . و له شاهد من حديث خالد بن زيد الجهني مرفوعا مثله . أخرجه ابن حبان ( 1619 ) و أحمد ( 4 / 114 - 115 و 116 ) بسند صحيح , و ابن ماجه ( 2 / 172 - 173 ) باختصار قوله : " أو أنفق .. ". 2691 " كلوا جميعا و لا تتفرقوا , فإن طعام الواحد يكفي الاثنين و طعام الاثنين يكفي الأربعة " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 429 : أخرجه الطبراني في " الأوسط " ( رقم - 7597 / 2 - من مصورتي و ترقيمي ) : حدثنا محمد بن أبان حدثنا عبد الله بن محمد بن خلاد الواسطي حدثنا يزيد بن هارون حدثنا بحر السقاء عن عمرو بن دينار عن سالم عن #ابن عمر #قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره , و قال : " لم يروه عن عمرو بن دينار إلا بحر السقاء , تفرد به يزيد بن هارون " . قلت : و هو ثقة من رجال الشيخين , و كذلك من فوقه غير بحر السقاء , و هو ضعيف كما في " التقريب " . لكن عبد الله بن محمد بن خلاد الواسطي لم أجد من ترجمه , غير أن أسلم الواسطي المعروف بـ ( بحشل ) قد روى عنه عدة أحاديث في كتابه " تاريخ واسط " ( ص 72 و 119 و 213 ) و كناه بأبي أمية , و روى عنه في مكان آخر ( ص 152 ) بواسطة عبد الله بن أبي داود السجستاني : قال : حدثني عبد الله بن محمد ابن خلاد أبو أمية .. فذكر أثرا . و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا كما هي عادته , فهو مجهول العدالة . ثم رأيته في " ثقات ابن حبان " ( 8 / 386 ) . ثم إن ما ذكره الطبراني أن بحر السقاء تفرد به عن عمرو بن دينار منقوض بما أخرجه هو في " المعجم الكبير " ( 3 / 194 / 2 / 1 ) قال : حدثنا الحسن بن علي الفسوي حدثنا سعيد بن سليمان : أخبرنا أبو الربيع السمان عن عمرو بن دينار به بتقديم و تأخير , و لفظه : " طعام الاثنين يكفي الأربعة و طعام الأربعة يكفي الثمانية , فاجتمعوا عليه و لا تتفرقوا عنه " . نعم أبو الربيع السمان - و اسمه أشعث بن سعيد البصري - ضعيف مثل بحر السقاء أو أشد , لكن الحديث في نفسه ثابت , فإن الجملة الأولى قد رويت في أحاديث تقدم بعضها برقم ( 664 و 895 ) و سائره في " صحيح مسلم " و غيره من حديث جابر . و قد مضى تخريجه تحت الحديث ( 1686 ) . ثم وجدت للحديث شاهدا من حديث عمر , أخرجه ابن ماجه ( 3255 ) و البزار في " مسنده " ( 1185 - كشف الأستار ) من طريق سعيد بن زيد عن عمرو بن دينار عن سالم عن أبيه عن عمر مرفوعا به , و زاد : " و طعام الأربعة يكفي الخمسة و الستة , و إن البركة في الجماعة " . و قال البزار : " لا نعلمه عن عمر إلا من هذا الوجه , تفرد به عمرو بن دينار , و هو لين , و أحاديثه لا يشاركه فيها أحد " . قلت : عمرو بن دينار هذا غير عمرو بن دينار المتقدم , ذاك مكي و هو ثقة , و هذا بصري , و هو المعروف بـ ( قهرمان آل الزبير ) و هو ضعيف كما في " التقريب " , و لذلك قال البزار : " و هو لين " . فلا أدري بعد هذا كيف قال المنذري في " ترغيبه " ( 2 / 142 ) : " رواه البزار بإسناد جيد " ! فلعله اختلط عليه الأمر , فظن أن عمرو بن دينار هذا هو المكي الثقة , و ليس البصري الضعيف . فقد جرى على هذا السنن في مكان آخر , و أفصح عن الوهم , فقال ( 3 / 306 ) : " رواه البزار , و رجاله رجال ( الصحيح ) " ! و البصري ليس من رجال " الصحيح " , فهو يعني إذن المكي , فإنه من رجال الشيخين ! نعم الحديث قوي بمجموع طرقه فهو حسن على الأقل . و الله أعلم . 2692 " إن المؤمن إذا لقي المؤمن فسلم عليه و أخذ بيده فصافحه تناثرت خطاياهما كما يتناثر ورق الشجر " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 431 : أخرجه الطبراني في " الأوسط " ( رقم - 243 - مصورتي ) : حدثنا أحمد بن رشدين قال : أخبرنا يحيى بن بكير قال : أخبرنا موسى بن ربيعة عن موسى بن سويد الجمحي عن الوليد بن أبي الوليد عن يعقوب الحرقي عن #حذيفة بن اليمان #عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : فذكره . و قال : " لم يرو هذا الحديث عن الوليد بن أبي الوليد إلا موسى بن ربيعة " . قلت : و هو ثقة كما قال أبو زرعة كما في " الجرح و التعديل " ( 4 / 1 / 142 - 143 ) , لكن شيخه موسى بن سويد الجمحي لم أجد من ترجمه , و ظاهر كلام الهيثمي الذي كنت نقلته عنه تحت هذا الحديث ( 526 ) حين خرجته نقلا عنه و عن المنذري أنه ثقة , لأنه قال : " رواه الطبراني في " الأوسط " , و يعقوب بن محمد بن الطحلاء روى عنه غير واحد , و لم يضعفه أحد , و بقية رجاله ثقات " . قلت : فآخر كلامه هذا يشمل بعمومه موسى بن سويد الجمحي , فلعله في " ثقات ابن حبان " , أو أنه وقع في اسمه شيء من التحريف ضيع علينا شخصيته . و الله أعلم . هذا , و قد كنت استغربت هناك قول الهيثمي في يعقوب هذا أنه روى عنه غير واحد لسبب ذكرته ثمة فراجعه إن شئت , فتبين لي الآن حين وقفت على إسناد الحديث في " الأوسط " أن الاستغراب كان في محله و أن الهيثمي لا يحمل مسؤوليته . و إنما ناشر كتابه السيد القدسي , فإنه لجهله بهذا الفن , و جرأته على تصحيح الكلام بغير علم , غير كلام الهيثمي الذي نصه : " يعقوب حد العلاء " كما ذكر ذلك في الحاشية , فجعله هو : " يعقوب بن محمد بن الطحلاء " , فجاء الاستغراب المشار إليه و الصواب : ما كان في الأصل : " يعقوب حد العلاء " , و هو كلام ظاهر , أشكل على مصححه المذكور لفظ ( حد ) , و لا إشكال فإنه ( جد ) بالجيم , إلا أنه كثيرا ما يهملون الحرف و لا ينقطونه فلم يعرفه فذهب يبحث في كتب الرجال , فوجد فيهم : " يعقوب بن محمد بن الطحلاء " فأنزله محل الذي كان في الأصل " يعقوب جد العلاء " , هكذا اعتباطا , دون حجة أو بينة ! و يعقوب جد العلاء , قد ترجمه في " التهذيب " بقوله : " يعقوب المدني مولى الحرقة جد العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب . روى عن عمر و حذيفة . و عنه ابنه عبد الرحمن و الوليد بن أبي الوليد " , و لم يذكر فيه توثيقا , و عموم كلام الهيثمي المتقدم يدل أيضا على أنه ثقة , فلعله في " ثقات ابن حبان " . فليراجع . و مع أن الجمحي المتقدم غير معروف عندنا فقد خالفه في إسناده عبد الله بن لهيعة فقال : عن الوليد بن أبي الوليد عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه أنه سمع حذيفة ابن اليمان ... فذكره . و ابن لهيعة صحيح الحديث إذا رواه عنه أحد العبادلة , و هذا كذلك , فإنه من رواية ابن وهب عنه كما كنت خرجته هناك فلا داعي للإعادة . و إنما أعدت تخريجه هنا من الطريق الأولى لتحقيق القول في إسناده بعد أن يسر الله تبارك و تعالى الوقوف عليه , و بذلك تكشفت لنا حقائق كانت خافية عنا كما بينت آنفا . فلله الحمد و المنة . ثم نبهني أحد إخواني جزاه الله خيرا أن الذي في " مجمع البحرين " ( 5 / 264 ) : ( موسى بن ربيعة بن موسى بن سويد الجمحي ) أي ( ابن موسى ) مكان ( عن موسى ) , و كذا في " تهذيب المزي " و مطبوعة " المعجم الأوسط " أيضا , فما في نسخة المصورة منه خطأ . و كان ينبغي أن أتنبه له من قول الطبراني عقبه : " لم يروه عن الوليد إلا موسى بن ربيعة " . فإنه ظاهر في أنه لا واسطة بينهما , و لكن هكذا قدر , و تقدم أنه ثقة . بقي عندي النظر في صحة عموم قول الهيثمي : " و بقية رجاله ثقات " , لأن ( أحمد ابن رشدين ) , و هو أحمد بن محمد بن الحجاج بن رشدين المصري , قال الذهبي في " المغني " : " قال ابن عدي : يكتب حديثه مع ضعفه " . قلت : و هذا ذكره ابن عدي في آخر ترجمته من " الكامل " ( 1 / 198 ) و روى في أولها قصة فيها أن أحمد بن صالح قال فيه : " كذاب " ! و لم يزد على هذا . فقول الذهبي في مطلع ترجمته من " الميزان " : " قال ابن عدي : كذبوه " ! لا يخلو من شيء , و لاسيما و قد قال الحافظ في " اللسان " : " و ابن رشدين صاحب حديث كثير , و قال مسلمة في " الصلة " : حدثنا عنه غير واحد , و كان ثقة عالما بالحديث " . قلت : فلعل ضعفه و ما أنكر عليه جاء من كثرة حديثه , و قد أشار النسائي إلى قلة خطئه بقوله : " لو رجع عن حديث الغار عن بكير لحدثت عنه " . فالظاهر أنه ما كان يتعمد الكذب , و إنما يقع منه الخطأ كما يقع من غيره , فهو مغتفر في كثرة ما روى . و الله أعلم . و أما قولي عن ( يعقوب المدني ) : " فلعله في ( ثقات ابن حبان ) " , فقد طبع هذا الكتاب , و لم نجده فيه , و لا هو في " ترتيبه " للهيثمي , و لا هو في " جامع فهارس الثقات " وضع الأخ حسين إبراهيم زهران , و لا في فهرسي إياه المسمى بـ " تيسير انتفاع الخلان بثقات ابن حبان " , يسر الله نشره , و قد سبق قول الهيثمي في ( يعقوب ) هذا : " و لم يضعفه أحد " , فلو أنه كان في " الثقات " - و هو من أعرف الناس بما فيه - لوثقه , لكثرة اعتماده عليه . فمن الأوهام أن المعلق على " تهذيب المزي " عزاه لـ " ثقات ابن حبان 7 / 642 " و هذا المكان الذي أشار إليه , كل من فيه من طبقة أتباع التابعين ! ثم تكرر الخطأ بعد سطرين , فإنه عزا إليه الراوي عنه ( الوليد بن أبي الوليد المدني ) ! و هو فيه ( 7 / 252 ) , و قد أورده في ( التابعين ) أيضا ( 5 / 494 ) . 2693 " يا عائشة ! إن الله إذا أنزل سطوته بأهل نقمته و فيهم الصالحون , فيصابون معهم , ثم يبعثون على نياتهم [ و أعمالهم ] " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 434 : أخرجه ابن حبان في " صحيحه " ( رقم - 1846 - موارد ) و البيهقي في " شعب الإيمان " ( 2 / 441 / 1 ) من طريق عمرو بن عثمان الرقي قال : حدثنا زهير بن معاوية عن هشام بن عروة عن أبيه عن # عائشة #قالت : قلت : يا رسول الله ! إن الله إذا أنزل سطوته بأهل الأرض و فيهم الصالحون فيهلكون بهلاكهم ? فقال : فذكره . و الزيادة من " الشعب " و " الإحسان " أيضا ( 7270 ) . قلت : و هذا إسناد جيد لولا أن الرقي هذا قد ضعف من قبل حفظه , و قال ابن عدي : " له أحاديث صالحة عن زهير و غيره , و قد روى عنه ناس من الثقات , و هو ممن يكتب حديثه " . قلت : و هذا من أحاديثه الصالحة , فإنه لم يتفرد به , و أقر الحافظ ابن حبان على تصحيحه , فإن له طرقا أخرى عن عائشة و غيرها كما سيأتي ( 3156 ) . و أخرجه مسلم ( 8 / 168 ) من طريق يونس بن محمد : حدثنا القاسم بن الفضل الحداني عن محمد ابن زياد عن عبد الله بن الزبير أن عائشة قالت : عبث ( و في رواية : ضحك ) رسول الله صلى الله عليه وسلم في منامه , فقلنا : يا رسول الله ! صنعت شيئا في منامك لم تكن تفعله ? فقال : " العجب , إن ناسا من أمتي يؤمون بالبيت ( و في رواية : هذا البيت ) برجل من قريش قد لجأ بالبيت حتى إذا كانوا بالبيداء خسف بهم " . فقلنا : يا رسول الله ! إن الطريق قد يجمع الناس ? قال : " نعم , فيهم المستبصر و المجبور و ابن السبيل , يهلكون مهلكا واحدا , و يصدرون مصادر شتى , يبعثهم الله على نياتهم " . و أخرجه أحمد ( 6 / 105 ) : حدثنا أبو سعيد قال : حدثنا القاسم بن الفضل الحداني به نحوه و الرواية الأخرى له , مع اختلاف في بعض الألفاظ , و رواية مسلم أصح , لأن يونس بن محمد - و هو أبو محمد المؤدب - ثقة ثبت . و مخالفه أبو سعيد - و اسمه عبد الرحمن بن عبد الله بن عبيد مولى بني هاشم - صدوق ربما أخطأ . و أخرجه البخاري في " البيوع " من طريق أخرى عن عائشة مختصرا . و يشهد له حديث ابن عمر في البخاري ( 7108 ) و مسلم ( 8 / 165 ) و ابن حبان ( 7 / 210 / 7271 ) مختصرا أيضا . و فيه الزيادة دون : " نياتهم " . 2694 " إن بني إسرائيل لما طال الأمد و قست قلوبهم اخترعوا كتابا من عند أنفسهم , استهوته قلوبهم و استحلته ألسنتهم , و كان الحق يحول بينهم و بين كثير من شهواتهم , حتى نبذوا كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون , فقالوا : ( الأصل : فقال ) اعرضوا هذا الكتاب على بني إسرائيل , فإن تابعوكم عليه , فاتركوهم , و إن خالفوكم فاقتلوهم . قال : لا , بل ابعثوا إلى فلان - رجل من علمائهم - فإن تابعكم فلن يختلف عليكم بعده أحد . فأرسلوا إليه فدعوه , فأخذ ورقة فكتب فيها كتاب الله , ثم أدخلها في قرن , ثم علقها في عنقه , ثم لبس عليها الثياب , ثم أتاهم , فعرضوا عليه الكتاب فقالوا : تؤمن بهذا ? فأشار إلى صدره - يعني الكتاب الذي في القرن - فقال : آمنت بهذا , و مالي لا أؤمن بهذا ? فخلوا سبيله . قال : و كان له أصحاب يغشونه فلما حضرته الوفاة أتوه , فلما نزعوا ثيابه وجدوا القرن في جوفه الكتاب , فقالوا : ألا ترون إلى قوله : آمنت بهذا , و مالي لا أؤمن بهذا , فإنما عنى بـ ( هذا ) هذا الكتاب الذي في القرن قال : فاختلف بنو إسرائيل على بضع و سبعين فرقة , خير مللهم أصحاب أبي القرن " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 436 : أخرجه البيهقي في " شعب الإيمان " ( 2 / 439 / 1 - 2 ) : أخبرنا أبو محمد بن يوسف الأصبهاني حدثنا أبو سعيد ابن الأعرابي حدثنا سعدان بن نصر : حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن عمارة عن ربيع بن عميلة قال : حدثنا # عبد الله #, ما سمعنا حديثا هو أحسن منه إلا كتاب الله عز وجل , و رواية عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : فذكره . قلت : و هذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات , أبو محمد اسمه عبد الله بن يوسف المعروف بـ ( بالأصبهاني ) , و كان من ثقات المحدثين الرحالة , مات سنة ( 409 ) كما في " الشذرات " . و أبو سعيد ابن الأعرابي حافظ ثقة مشهور , ترجمه الحافظ الذهبي في " التذكرة " , و له مصنفات منها " المعجم " , منه نسخة خطية في المكتبة الظاهرية , و لعل هذا الحديث فيه , فليراجع فإنه الآن بعيد عن متناول يدي , لأنهم جمعوه إلى كتب أخرى للتصوير . و سعدان بن نصر , ثقة مترجم في " الجرح و التعديل " و " تاريخ بغداد " . و من فوقه كلهم ثقات من رجال مسلم , و عمارة هو ابن عمير التيمي . فالسند صحيح بلا ريب , و لكن عندي وقفة في رفعه , لأنه ليس صريحا فيه , و لكنه على كل حال في حكم المرفوع . و الله أعلم . و له شاهد مختصر جدا من رواية أبي موسى الأشعري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن بني إسرائيل كتبوا كتابا فاتبعوه , و تركوا التوراة " . أخرجه الطبراني في " المعجم الأوسط " ( 2 / 39 / 1 - 2 / 5678 ) : حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة قال : حدثنا جندل بن والق قال : حدثنا عبيد الله بن عمرو عن عبد الملك بن عمير عن أبي بردة عن أبيه .. و قال : "لم يروه عن عبد الملك بن عمير إلا عبيد الله بن عمرو , تفرد به جندل بن والق " . قلت : في " التقريب " : " صدوق يغلط و يصحف " . قلت : فالإسناد حسن إن سلم ممن دونه أو توبع , فقد قال الهيثمي في " المجمع " ( 1 / 150 ) : " رواه الطبراني في " الأوسط " , و فيه محمد بن عثمان بن أبي شيبة , و هو ثقة , و قد ضعفه غير واحد " . و قال في مكان آخر ( 1 / 192 ) : " رواه الطبراني في " الكبير " , و رجاله ثقات " . و لينظر هل قوله : " الكبير " صواب أم سبق قلم أو خطأ من الناسخ , فإن المجلد الذي فيه مسند أبي موسى من " المعجم الكبير " لم يطبع بعد . و في معنى حديث أبي موسى آثار عن بعض الصحابة . رواها ابن عبد البر في " جامع بيان العلم " ( 1 / 64 - 65 ) . 2695 " إن ملكا من بني إسرائيل أخذ رجلا , فخيره بين أن يشرب الخمر أو يقتل صبيا أو يزني أو يأكل لحم الخنزير أو يقتلوه إن أبى , فاختار أن يشرب الخمر و إنه لما شربها لم يمتنع من شيء أرادوه منه , و أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لنا حينئذ : ما من أحد يشربها فتقبل له صلاة أربعين ليلة , و لا يموت و في مثانته منها شيء إلا حرمت عليه الجنة , و إن مات في الأربعين مات ميتة جاهلية " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 438 : أخرجه الطبراني في " الأوسط " ( رقم - 357 - مصورتي ) و الحاكم ( 4 / 147 ) من طريق سعيد بن أبي مريم قال : أنبأنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي قال : أخبرنا داود ابن صالح عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه : أن أبا بكر الصديق و عمر بن الخطاب و ناسا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم جلسوا بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم , فذكروا أعظم الكبائر , فلم يكن عندهم فيها علم [ ينتهون إليه ] , فأرسلوني إلى #عبد الله بن عمرو بن العاص #أسأله عن ذلك , فأخبرني : إن أعظم الكبائر شرب الخمر . فأتيتهم فأخبرتهم , فأنكروا ذلك , و وثبوا إليه جميعا , [ حتى أتوه في داره ] فأخبرهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فذكره . و قال الطبراني : " لا يروى عن عبد الله بن عمر عن عبد الله بن عمرو إلا بهذا الإسناد , تفرد به الدراوردي " . و قال الحاكم - و الزيادة له - : " صحيح على شرط مسلم " ! كذا قال و فيه ما يأتي , و قال المنذري ( 3 / 184 ) : " رواه الطبراني بإسناد صحيح و الحاكم , و قال : صحيح على شرط مسلم " . قلت : كلا , بل هو صحيح فقط , فإن داود بن صالح ليس من رجال مسلم مطلقا , و لذا قال الهيثمي ( 5 / 68 ) : " رواه الطبراني في " الأوسط " , و رجاله رجال " الصحيح " , خلا صالح بن داود التمار , و هو ثقة " . و قد رويت القصة الأولى بين امرأة و عابد خيرته بين قتل غلام أو الزنا أو شرب الخمر , فشرب الخمر و زنى و قتل الغلام . روي مرفوعا و موقوفا , و هو المحفوظ كما بينته في تعليقي على " الأحاديث المختار " ( 320 و 349 - 350 ) . و نحو ذلك قصة هاروت و ماروت , و هي مشهورة في كتب التفسير و غيرها , و لا يصح رفعها إلى النبي صلى الله عليه وسلم كما بينته في " السلسلة الأخرى " برقم ( 170 ) . 2696 " يا شباب قريش ! احفظوا فروجكم لا تزنوا , ألا من حفظ فرجه فله الجنة " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 440 : أخرجه الطبراني في " الأوسط " ( رقم - 6993 - بترقيمي ) و الحاكم ( 4 / 358 ) و البيهقي في " شعب الإيمان " ( 2 / 119 / 2 ) من طريق شداد بن سعيد : حدثنا سعيد ابن إياس أبو مسعود الجريري عن أبي نضرة عن # ابن عباس # رضي الله عنهما , قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره . و قال الطبراني : " لم يروه عن الجريري إلا شداد . تفرد به مسلم بن إبراهيم " . قلت : كلا فقد تابعه سعيد بن سليمان : حدثنا شداد بن سعيد الجريري به . أخرجه البيهقي ( 2 / 125 / 2 ) . فالصواب ما قاله أبو نعيم في " الحلية " ( 3 / 100 - 101 ) عقب إسناده إياه من طريق مسلم : " تفرد به شداد " . و قال الحاكم : " صحيح على شرط مسلم " . قلت : بيض له الذهبي , و أما المنذري فنقل عنه في " الترغيب " ( 3 / 197 ) أنه قال : " صحيح على شرطهما " , و أقره ! و لعله وهم من المنذري رحمه الله , فإن كونه على شرطهما أبعد ما يكون عن الصواب مع مخالفته لما في " المستدرك " , فإن شداد بن سعيد , و هو أبو طلحة الراسبي لم يخرج له البخاري شيئا , و إنما أخرج له مسلم فقط , و في الشواهد كما صرح به الحافظ في " التهذيب " , و فيه كلام من قبل حفظه , و أشار إلى ذلك في " التقريب " بقوله : " صدوق يخطىء " . و قال الذهبي في " الميزان " : " صالح الحديث " . فهو حسن الحديث إن شاء الله تعالى . و أما قول الحافظ في " مختصر زوائد البزار " ( 1 / 565 ) : " إسناده صحيح " ! ففيه تساهل ظاهر . و قد أخرجه الطيالسي في " مسنده " ( 2756 ) و من طريقه البيهقي ( 2 / 125 / 2 ) : حدثنا أبو طلحة الأعمى عن رجل قد سماه عن ابن عباس به نحوه , و لفظه : " يا فتيان قريش ! لا تزنوا , فإنه من سلم الله له شبابه دخل الجنة " . و أبو طلحة الأعمى إن لم يكن هو الراسبي المتقدم فلم أعرفه , و لعل ( الرجل ) هو معاوية بن قرة , فقد أخرجه الدولابي في " الكنى " ( 2 / 18 ) بسند صحيح عن أبي قتيبة عن شداد أبي طلحة عن معاوية بن قرة عن ابن عباس به نحوه . و أبو قتيبة اسمه سلم بن قتيبة الشعيري ثقة من رجال البخاري , فلعل الراسبي كان له إسنادان في هذا الحديث عن ابن عباس , فحدث تارة بهذا , و تارة بهذا , و كل حدث عنه بما سمع منه , و كل ثقة . و الله أعلم . و في معناه قوله صلى الله عليه وسلم : " من يضمن لي ما بين لحييه و ما بين رجليه أضمن له الجنة " . أخرجه البخاري ( 6474 ) و البيهقي ( 8 / 166 ) و في " الشعب " ( 4 / 235 / 4913 ) من حديث سهل بن سعد و البيهقي أيضا ( 4915 ) من حديث جابر بسند جيد . و لهذا شواهد أخرى حسنة , فانظر " الفتح " ( 11 / 309 ) . ( تنبيه ) : أخرج الحديث أبو يعلى في " مسنده " ( 3 / 18 - 19 ) : حدثنا محمد بن مرزوق : حدثنا زاجر بن الصلت عن الحارث بن عمير عن شداد عن أبي طلحة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فذكره . قلت : الحارث بن عمير هو أبو عمير البصري ثم المكي , مختلف فيه جدا , فمن موثق , و من متهم له بالوضع , حتى قال الذهبي في " المغني " : " أنا أتعجب كيف خرج له النسائي " . قلت : لأنه وثقه , و لم يتبين له جرحه , و قال الحافظ : " وثقه الجمهور , و في أحاديثه مناكير , ضعفه بسببها الأزدي و ابن حبان و غيرهما , فلعله تغير حفظه في الآخر " . قلت : و روايته للحديث بهذا الإسناد مخالفا في ذلك مسلم بن إبراهيم , مما يدل على ضعفه , و لذلك غم أمره على جمع ممن تكلم عليه : أولا : قال الهيثمي ( 4 / 253 ) : " رواه أبو يعلى , و إسناده منقطع , و فيه من لم أعرفه " . ثانيا : الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي , نقل كلام الهيثمي المذكور في تعليقه على " المطالب العالية " ( 2 / 36 / 1588 ) و أقره ! ثالثا : المعلق على " مسند أبي يعلى " , فإنه قال ( 3 / 19 ) : " إسناده ضعيف جدا , الحارث بن عمير و شيخه مجهولان , و ليس في الرواة عن أبي طلحة من اسمه شداد فيما نعلم , فهو عندنا منقطع " . ثم ذكر كلام الهيثمي , و أقره أيضا ! رابعا : المعلق على " المقصد العلي " ( 2 / 328 ) , و هو حواش قماش مقلد , نقل كلام الهيثمي , و خلاصة كلام المعلق على " أبي يعلى " ! أقول : كل ذلك خطأ , فـ ( الحارث بن عمير ) هو أبو عمير البصري كما تقدم , فقد ذكر المزي في الرواة عنه ( زاجر بن الصلت ) هذا . و شداد الذي لم ينسب في رواية أبي يعلى هو ابن سعيد المنسوب في حديث الترجمة , و كنيته أبو طلحة الراسبي كما تقدم , و هو مذكور في شيوخ ( الحارث بن عمير ) . و قوله في " أبي يعلى " : " عن أبي طلحة " , لعله من أوهام الحارث بن عمير , و الصواب ( شداد أبي طلحة ) بإسقاط حرف ( عن ) بين الاسم و الكنية . و على الصواب وقع في رواية ابن أبي عاصم ( 1535 ) عن زاجر به . و الله أعلم . و زاجر هذا ذكره ابن حبان في " الثقات " ( 4 / 269 ) , و قال أبو زرعة : " لا بأس به " . و وقع لابن حبان فيه وهم فاحش , نبهت عليه في كتابي " تيسير الانتفاع " يسر الله لي إتمامه بمنه و كرمه . 2697 " يأتي المقتول متعلقا رأسه بإحدى يديه متلببا قاتله بيده الأخرى , تشخب أوداجه دما , حتى يأتي به العرش , فيقول المقتول لرب العالمين : هذا قتلني . فيقول الله للقاتل : تعست , و يذهب به إلى النار " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 444 : أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 3 / 95 / 2 - 96 / 1 ) و " الأوسط " ( رقم - 4375 ) : حدثنا العباس بن الفضل الأسفاطي قال : أخبرنا إسماعيل بن أبي أويس قال : حدثني أبي عن عبد الله بن الفضل عن نافع بن جبير بن مطعم عن # ابن عباس # : أنه سأله سائل فقال : يا أبا العباس ! هل للقاتل من توبة ? فقال ابن عباس - كالمتعجب من شأنه - : ماذا تقول ?! فأعاد عليه مسألته , فقال له : ماذا تقول ?! مرتين أو ثلاثا . ثم قال ابن عباس : أنى له التوبة ?! سمعت نبيكم صلى الله عليه وسلم يقول : فذكره . و قال : " لم يرو هذا الحديث عن عبد الله بن الفضل إلا أبو أويس , تفرد به ابنه إسماعيل " . قلت : و هو من شيوخ الشيخين , لكن في حفظه ضعف . و نحوه أبوه , و اسمه عبد الله بن عبد الله بن أويس , إلا أنه لم يخرج له البخاري , و من فوقه ثقات على شرطهما , فالحديث حسن إن شاء الله تعالى . بل هو صحيح , فقد جاء من طرق أخرى : 1 - فقال شبابة : حدثنا ورقاء بن عمر عن عمرو بن دينار عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : فذكره ببعض اختصار , و زاد : " قال : فذكروا لابن عباس التوبة , فتلا هذه الآية : *( و من يقتل مؤمنا متعمدا .. )* , قال : و ما نسخت هذه الآية و لا بدلت , و أنى له التوبة " . أخرجه الترمذي ( 2 / 171 ) و النسائي ( 2 / 164 ) . و قال الترمذي : " حديث حسن غريب " . قلت : و إسناده صحيح على شرط الشيخين . 2 - سالم بن أبي الجعد عن ابن عباس به نحوه , دون قوله : " و أنى له التوبة " . أخرجه النسائي , و أحمد ( 1 / 240 و 294 و 364 ) و الطبراني في " الكبير " ( 3 / 168 / 2 ) و الأصبهاني في " الترغيب " ( 241 / 2 ) من طرق عنه . و إسناده صحيح أيضا . و له شاهد من حديث ابن مسعود و هو الآتي بعده . قلت : و قول ابن عباس : " و أنى له التوبة " مشهور عنه من طرق , و الجمهور على خلافه , و قد صح عن ابن عباس ما يدل على تراجعه عنه إلى قول الجمهور , و قد شرحت ذلك تحت الحديث الآتي برقم ( 2799 ) ص ( 711 ) . 2698 " يجيء الرجل آخذا بيد الرجل فيقول : يا رب ! هذا قتلني . فيقول الله له : لم قتلته ? فيقول : لتكون العزة لك . فيقول : فإنها لي . و يجيء الرجل آخذا بيد الرجل فيقول : إن هذا قتلني . فيقول الله له : لم قتلته ? فيقول : لتكون العزة لفلان ! فيقول : إنها ليست لفلان , فيبوء بإثمه " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 445 : أخرجه النسائي ( 2 / 164 ) و البيهقي في " الشعب " ( 2 / 114 / 1 ) عن المعتمر بن سليمان عن أبيه عن الأعمش عن شقيق بن سلمة عن عمرو بن شرحبيل عن # عبد الله بن مسعود # مرفوعا به . و هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين , و شقيق بن سلمة هو أبو وائل . و قد رواه وكيع عن الأعمش عن أبي وائل : قال عمرو بن شرحبيل : فذكره مقطوعا ! أخرجه البيهقي . و الحكم لمن رفع و وصل . و قد قال الفيض بن وثيق الثقفي : أخبرنا عبد الوهاب الثقفي قال : أخبرنا عكرمة بن عبد الله البناني عن عاصم بن بهدلة عن أبي وائل عن عبد الله بن مسعود مرفوعا بالشطر الثاني منه . أخرجه الطبراني في " الأوسط " ( رقم - 755 ) و قال : " لم يروه عن عاصم إلا عكرمة بن عبد الله البناني من أهل البصرة , تفرد به الفيض بن وثيق الثقفي " . قلت : و هو مقارب الحال إن شاء الله تعالى كما قال الذهبي , لكن شيخه عكرمة بن عبد الله البناني لم أجد له ترجمة . ( تنبيه ) : أورد المنذري الحديث في " الترغيب " ( 3 / 203 ) من رواية الطبراني هذه فقط , فأوهم أنه ليس عند أحد من أصحاب السنن , و قلده في ذلك الهيثمي - على عادته - فأورده في " المجمع " ( 7 / 297 ) و أعله بالفيض , و لو تذكر أنه عند النسائي لما أورده لأنه على خلاف شرطه فيه . و ثمة خطأ آخر بالنسبة للمنذري , و هو إيراده رواية الطبراني مع ضعف إسنادها و اختصار متنها , دون رواية النسائي مع صحة إسنادها , و كمال متنها . و المعصوم من عصمه الله تعالى . 2699 " يخرج عنق من النار يتكلم يقول : وكلت اليوم بثلاثة : بكل جبار عنيد و بمن جعل مع الله إلها آخر و بمن قتل نفسا بغير نفس , فينطوي عليهم , فيقذفهم في غمرات جهنم " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 447 : أخرجه أحمد ( 3 / 40 ) و عبد بن حميد في " المنتخب من المسند " ( ق 118 / 2 ) و أبو يعلى في " مسنده " ( 1 / 314 - 315 و 315 ) و الطبراني في " الأوسط " ( رقم - 4138 ) من طرق عن عطية العوفي عن # أبي سعيد الخدري # مرفوعا به . قلت : و عطية ضعيف , لكنه قد توبع , فقال الطبراني في " الأوسط " ( رقم - 4138 ) من طرق عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري مرفوعا به . قلت : و عطية ضعيف , لكنه قد توبع , فقال الطبراني في " الأوسط " ( رقم - 314 ) : حدثنا أحمد بن رشدين قال : حدثنا عبد الغفار بن داود أبو صالح الحراني قال : حدثنا موسى بن أعين عن الأعمش عن سعد بن عبيدة عن أبي سعيد الخدري به , دون قوله : " فينطوي عليهم ... " . و أخرجه البزار ( ق 329 / 1 - 2 ) من طرق عن عطية به , و في رواية له من طريق عبد الله بن بشر عن الأعمش عن عطية , بلفظ : " يخرج عنق من النار فيتكلم بلسان طلق ذلق , لها عينان تبصر بهما , و لها لسان تكلم به , فتقول : إني أمرت بمن جعل مع الله إلها آخر .. " الحديث , و فيه : " فتنطلق بهم قبل سائر الناس بخمسمائة عام " . قلت : و هو بهذا اللفظ منكر عندي لتفرد عبد الله بن بشر به , و هو عبد الله بن بشر بن التيهان الرقي , و هو مختلف فيه , و قد قال الساجي : عن ابن معين : " عبد الله بن بشر الذي يروي عنه معمر بن سليمان كذاب , لم يبق حديث منكر رواه أحد من المسلمين ( ! ) إلا و قد رواه عن الأعمش " . ذكره في " التهذيب " . و قال ابن حبان في " الضعفاء " : " يروي عن الأعمش , روى عنه معمر بن سليمان , كان ممن يروي عن الثقات ما لا يشبه حديث الأثبات , و تفرد بأشياء يشهد المستمع لها إذا كان الحديث صناعته أنها مقلوبة " . قلت : فمن قيل فيه مثل هذا الطعن الشديد , لا تطمئن النفس للاحتجاج بخبره عند التفرد , فكيف مع المخالفة ? و إن وثقه بعضهم و منهم ابن حبان نفسه ( 7 / 56 ) فتناقض . و أما لفظ الترجمة فهو عندي حسن إن شاء الله تعالى للمتابعة المذكورة عند الطبراني , فإن إسناده كلهم ثقات رجال البخاري غير أحمد بن رشدين , و هو أحمد ابن محمد بن الحجاج بن رشدين المصري , وثق و كذب !! <1>و تجد ما قيل فيه في " الميزان " و " اللسان " , و من ذلك تعلم تساهل الهيثمي في تخريج لفظ البزار بقوله ( 10 / 392 ) : " رواه البزار و اللفظ له , و أحمد باختصار , و أبو يعلى بنحوه , و الطبراني في " الأوسط " , و أحد إسنادي الطبراني رجاله رجال ( الصحيح ) " ! قلت : فسكت عن إسناد البزار , و ما كان ينبغي له , و أطلق على إسناد الطبراني أن رجاله رجال " الصحيح " و قد عرفت ما فيه , و كثيرا ما يفعل ذلك هو و المنذري !! ثم إن الحديث رواه حفص بن غياث عن أشعث بن سوار عن أشعث عن أبي سعيد نحوه . أخرجه البزار , و قال : " لا نعلم أسند أشعث بهذا الإسناد إلا هذا الحديث " . قلت : و أشعث بن سوار مختلف فيه , و أخرج له مسلم في المتابعات , فهو , ممن يستشهد به . لكن شيخه أشعث لم أعرفه . و الله أعلم . هذا و قد صح الحديث من رواية أبي هريرة مرفوعا نحوه , إلا أنه قال : " و بالمصورين " مكان : " و بمن قتل نفسا .. " , و قد مضى تخريجه برقم ( 512 ) . ----------------------------------------------------------- [1] انظر شرح ذلك تحت الحديث المتقدم ( 2692 ) . اهـ . 2700 " يا أيها الناس ! إن ربكم واحد و إن أباكم واحد , ألا لا فضل لعربي على عجمي و لا عجمي على عربي و لا أحمر على أسود و لا أسود على أحمر إلا بالتقوى *( إن أكرمكم عند الله أتقاكم )* , ألا هل بلغت ? قالوا : بلى يا رسول الله ! قال : فيبلغ الشاهد الغائب " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 449 : أخرجه أبو نعيم في " الحلية " ( 3 / 100 ) و البيهقي في " شعب الإيمان " ( 2 / 88 / 1 ) من طريق شيبة أبي قلابة القيسي عن الجريري عن أبي نضرة عن # جابر # رضي الله عنه قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في أوسط أيام التشريق خطبة الوداع , فقال : فذكره . و قال أبو نعيم : " غريب من حديث أبي نضرة عن جابر , لم نكتبه إلا من حديث أبي قلابة عن الجريري عنه " . و قال البيهقي : " في إسناده بعض من يجهل " . قلت : كأنه يشير إلى شيبة أبي قلابة القيسي , فإني لم أجد له ترجمة , و قد أورده الدولابي في " الكنى " ( 2 / 84 ) و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا , كما هي عادته على الغالب . و لكنه لم يتفرد به خلافا لما يشعر به كلام أبي نعيم المتقدم , فقد قال أحمد في " المسند " ( 5 / 416 ) : حدثنا إسماعيل : حدثنا سعيد الجريري عن أبي نضرة : حدثني من سمع خطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم في وسط أيام التشريق , فقال : فذكره . و أخرجه المحاملي في " الأمالي " ( 4 / 44 / 2 ) عن إسماعيل بن إبراهيم به . قلت : و هذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات رجال مسلم غير من سمع خطبته صلى الله عليه وسلم , فإنه لم يسم , و ذلك مما لا يضر , لأنه صحابي , و الصحابة كلهم عدول كما هو مقرر في علم " مصطلح الحديث " . و لذلك قال شيخ الإسلام ابن تيمية في " الاقتضاء " ( ص 69 ) : " إسناده صحيح " . و قد توبع إسماعيل , فقال الحارث في " مسنده - زوائده " ( ق 9 / 2 ) : حدثنا عبد الوهاب بن عطاء : حدثنا سعيد الجريري به . قلت : و هذه متابعة قوية , فإن عبد الوهاب ثقة من رجال مسلم في " صحيحه " . و خالفها أبو المنذر الوراق فقال : عن الجريري عن أبي نضرة عن أبي سعيد مرفوعا به دون الآية و ما بعدها . أخرجه أبو الشيخ في " التوبيخ " ( 259 / 245 ) و الطبراني في " الأوسط " ( 1 / 292 / 1 / 4885 ) و قال : " لم يروه عن الجريري إلا أبو المنذر الوراق , و لا يروى عن أبي سعيد إلا بهذا الإسناد " . قلت : و هو ضعيف جدا , لأن أبا المنذر الوراق - و اسمه يوسف بن عطية الباهلي - متروك كما في " التقريب " , لكن قال الهيثمي في " المجمع " ( 8 / 84 ) : " رواه الطبراني في " الأوسط " , و البزار بنحوه .. و رجال البزار رجال ( الصحيح ) " . كذا قال , و قد وقفت على إسناد البزار و لفظه بواسطة " زوائد البزار " للعسقلاني ( ص 248 ) أخرجه من طريق جعفر بن سليمان عن الجريري به , إلا أنه قال : " عن أبي نضرة - قال : و لا أعلمه إلا - عن أبي سعيد .. " . فذكره مرفوعا مختصرا بلفظ : قال في خطبة خطبها : " إن أباكم واحد , و إن دينكم واحد , أبوكم آدم , و آدم خلق من تراب " . و قال البزار : " لا نعلمه يروى عن أبي سعيد إلا من هذا الوجه " . قلت : و هو صحيح , رجاله ثقات رجال الصحيح كما قال الهيثمي , لولا أنه شك الراوي بعض الشيء في صحابيه , و ذلك مما لا يضر , لأن الصحابة كلهم عدول كما تقدم . و الله أعلم . و للحديث شاهد من حديث ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب الناس يوم فتح مكة , فقال : " يا أيها الناس إن الله قد أذهب عنكم عبية الجاهلية و تعاظمها بآبائها , فالناس رجلان : رجل بر تقي كريم على الله , و فاجر شقي هين على الله , و الناس بنو آدم , و خلق الله آدم من التراب , قال الله : *( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر و أنثى .. )* إلى قوله : *( إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير )* " . أخرجه الترمذي ( 3266 ) و البيهقي ( 2 / 87 / 2 ) من طريق عبد الله بن جعفر : حدثنا عبد الله بن دينار عن ابن عمر به , و قال : " حديث غريب لا نعرفه من حديث عبد الله بن دينار عن ابن عمر إلا من هذا الوجه . و عبد الله بن جعفر بن جعفر يضعف , ضعفه ابن معين و غيره , و هو والد علي بن المديني " . قلت : قد تابعه موسى بن عبيدة عن عبد الله بن دينار به . أخرجه ابن أبي حاتم كما في " تفسير ابن كثير " ( 4 / 217 ) , و عزاه السيوطي في " الدر المنثور " ( 6 / 98 ) لابن أبي شيبة أيضا و عبد بن حميد و ابن المنذر و ابن مردويه و البيهقي في " شعب الإيمان " . قلت : و موسى بن عبيدة ضعيف أيضا , فلعل أحدهما يتقوى بالآخر . و للحديث شاهد آخر من حديث أبي هريرة مرفوعا نحوه مثل حديث ابن عمر , دون الخطبة و الآية , و هو مخرج في " غاية المرام " ( 312 ) بسند حسن . ومن 2701 الي 2800. 1>💚💚💚💚💚💚💚💚💚 www.alalbani.info 💚💚💚💚💚💚💚💚) 💥الأحاديث من 2701 إلى 2800 2701 " ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 452 : أخرجه البخاري في أول كتاب " النكاح - 18 " و مسلم ( رقم - 2741 ) و الترمذي ( 2781 ) و صححه , و ابن ماجه ( 3998 ) و أحمد ( 5 / 200 و 210 ) من طرق عن سليمان التيمي عن أبي عثمان النهدي عن # أسامة بن زيد بن حارثة [ و سعيد ابن زيد بن عمرو بن نفيل ] #عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . و قال الترمذي : " حديث حسن صحيح , و قد رواه غير واحد من الثقات عن سليمان التيمي عن أبي عثمان عن أسامة بن زيد عن النبي صلى الله عليه وسلم , و لم يذكروا فيه : " عن سعيد بن عمرو بن نفيل " , و لا نعلم أحدا قال : " عن أسامة بن زيد و سعيد بن زيد " غير المعتمر " . قلت : فيه نظر , فإن مسلما بعد أن رواه من طريق المعتمر عن أبيه سليمان , أتبعه بأسانيد أخرى عن أبي خالد الأحمر , و هشيم و جرير قالوا : عن سليمان التيمي ( قال مسلم ) : بهذا الإسناد مثله . قلت : فقوله : " مثله " يستلزم أن تكون رواية هؤلاء الثلاثة مثل رواية المعتمر , أي عن التيمي عن النهدي عن أسامة و سعيد معا . و الله أعلم . تنبيه : الزيادة التي بين المعكوفتين عند مسلم و الترمذي كما يتضح من الكلام السابق , و خفي بعض هذا على صاحب " ذخائر المواريث " , فإنه لم يعزه لمسلم في " مسند سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل " , و إنما عزاه للترمذي وحده ! و لعله يتبع في ذلك أصله : " تحفة الأشراف " , فليراجع فإن يدي لا تطوله الآن , فإني أكتب هذا في ( عمان ) , و لما أنقل مكتبتي إليها , أسأل الله أن ييسر لي ذلك بمنه و كرمه . ثم إني راجعته بحمد الله , فهو في ( 4 / 9 ) منه , رامزا لكونه عند مسلم و الترمذي . و عن أسامة وحده أخرجه ابن حبان أيضا ( 7 / 582 - 583 ) . 2702 " أعندكم ما يغنيكم ? قال : لا . قال : فكلوها ( يعني الناقة ) و كانت قد ماتت " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 453 : أخرجه الطيالسي ( رقم - 1653 ) : حدثنا شريك عن سماك عن # جابر بن سمرة # : أن رجلا كانت له ناقة بـ ( الحرة ) فدفعها إلى رجل , و قد كانت مرضت , فلما أرادت أن تموت قالت له امرأته : لو نحرتها و أكلنا منها . فأبى , و أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم و ذكر له ذلك , فقال : فذكره , قال : فأكلنا من ودكها و لحمها و شحمها نحوا من عشرين يوما , ثم لقي صاحبها , فقال له : ألا كنت نحرتها ? قال : إني استحييت منك . و من هذا الوجه أخرجه أحمد ( 5 / 87 و 88 ) . قلت : و هذا إسناد جيد في المتابعات , و هو على شرط مسلم إلا أنه إنما أخرج لشريك متابعة , و قد تابعه جمع : الأول : حماد بن سلمة : حدثنا سماك به , و لفظه : أن رجلا كان مع والده بـ ( الحرة ) فقال له رجل : إن ناقة لي ذهبت , فإن أصبتها فأمسكها . فوجدها الرجل , فلم يجيء صاحبها حتى مرضت . فقالت له امرأته : انحرها حتى نأكلها . فلم يفعل حتى نفقت , فقالت امرأته : اسلخها حتى نقدد لحمها و شحمها . قال : حتى أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم .. الحديث مثله . أخرجه أحمد ( 5 / 96 و 104 ) و أبو داود ( 3816 ) و إسناده صحيح على شرط مسلم الثاني : أبو عوانة عن سماك بن حرب به مختصرا بلفظ : " بغل " مكان " ناقة " . أخرجه أحمد ( 5 / 89 و 97 ) - و قال ابنه عبد الله : الصواب : " ناقة " - , و الحاكم ( 4 / 125 ) و قال : " صحيح على شرط مسلم " . و وافقه الذهبي . 2703 " كان يتوسد يمينه عند المنام , ثم يقول : رب قني عذابك يوم تبعث عبادك " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 454 : جاء من حديث # البراء بن عازب # رضي الله عنه , من طريق أبي إسحاق السبيعي , و قد اختلف عليه في إسناده على وجوه : الأول : عنه عن عبد الله بن يزيد عن البراء . أخرجه الترمذي في " الشمائل " ( رقم - 252 ) و النسائي في " عمل اليوم " ( 755 ) و أحمد ( 4 / 300 ) من طريق إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبيه عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن البراء به . أخرجه النسائي ( 758 ) و أبو الشيخ في " أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم " ( ص - 167 ) و الترمذي في " السنن " ( 3396 ) و قال : " حديث حسن غريب من هذا الوجه . و روى الثوري هذا الحديث عن أبي إسحاق عن البراء لم يذكر بينهما أحدا . و رواه شعبة عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة و رجل آخر عن البراء . و رواه شريك ( و في نسخة : " إسرائيل " , و هو الصواب لما تقدم ) عن أبي إسحاق عن عبد الله بن يزيد عن البراء , و عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله " . الثالث : و هو رواية سفيان - و هو الثوري - عن أبي إسحاق عن البراء . و أخرجه النسائي ( 753 ) و أحمد ( 4 / 298 ) و أبو الشيخ في " أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم " ( ص 167 ) من ثلاث طرق عنه . و قال الحافظ في " الفتح " ( 11 / 115 ) : " و سنده صحيح " . الرابع : رواية شعبة عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة و رجل آخر عن البراء . أخرجه أحمد ( 4 / 281 ) : حدثنا محمد بن جعفر قال : حدثنا شعبة ... و خالفه أبو داود الطيالسي , فقال ( 1247 - ترتيبه ) : حدثنا شعبة عن أبي إسحاق عن البراء . كذا قال , أسقط من الإسناد أبا عبيدة و الرجل الآخر , فلا أدري أهكذا وقعت الرواية للطيالسي , أم ذلك مما سقط من ناسخ " مسنده " ? و أيهما كان فرواية ابن جعفر أصح . الخامس : و قد تابعه يونس بن عمرو عن أبيه عن أبي عبيدة بن عبد الله , إلا أنه قال : عن أبيه قال : فذكره . فجعله من مسند أبيه عبد الله بن مسعود . أخرجه أبو الشيخ من طريق أبي يعلى , و هذا في " مسنده " ( 1682 ) عن يونس بن عمرو قال : قال أبي : و حدثني البراء - فأسقط الوسائط بينه و بين البراء - مثل رواية سفيان و زائدة . و أخرجه من طريق أبي يعلى هكذا ابن حبان أيضا ( 2350 ) و سنده جيد . ثم أخرجه ( 2351 ) من طريق أبي الأحوص عن أبي إسحاق .. قلت : فهذا اختلاف شديد على أبي إسحاق , و غالب الظن أنه منه نفسه , لأنه كان اختلط , لكن سفيان و شعبة رويا عنه قبل الاختلاط , فروايتهما أصح , و الراجح من روايتيهما رواية سفيان , لأنه قد تابعه عليها جمع , منهم يونس بن أبي إسحاق , و قد صرح في روايته بسماع أبيه عمرو من البراء . فاتصل الإسناد , و صح الحديث . و الحمد لله . و له شاهد من حديث سواء عن حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعا به . أخرجه أبو داود ( 5045 ) و النسائي ( 761 ) و إسناده حسن . و كذا ابن السني ( 733 و 734 و 337 ) . و آخر من حديث حذيفة به . أخرجه أحمد ( 5 / 382 ) و إسناده صحيح على شرط الشيخين , و قد أخرجه البخاري ( 6314 ) دون ذكر " اليمنى " , و كذا الترمذي ( 3395 ) و قال : " حديث حسن صحيح " . و خفيت هذه الزيادة على الحافظ فلم يعزها لأحمد ! 2704 " قوله : *( و من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون )* , *( و من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون )* , *( و من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون )* , قال : هي في الكفار كلها " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 457 : أخرجه أحمد ( 4 / 286 ) : حدثنا أبو معاوية حدثنا الأعمش عن عبد الله بن مرة عن # البراء بن عازب # عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله : ... قلت : و هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين . و الحديث دليل صريح في أن المقصود بهذه الآيات الثلاث الكفار من اليهود و النصارى و أمثالهم الذين ينكرون الشريعة الإسلامية و أحكامها , و يلحق بهم كل من شاركهم في ذلك و لو كان يتظاهر بالإسلام , حتى و لو أنكر حكما واحدا منها . و لكن مما ينبغي التنبه له , أنه ليس كذلك من لا يحكم بشيء منها مع عدم إنكاره ذلك , فلا يجوز الحكم على مثله بالكفر و خروجه عن الملة لأنه مؤمن , غاية ما في الأمر أن يكون كفره كفرا عمليا . و هذه نقطة هامة في هذه المسألة يغفل عنها كثير من الشباب المتحمس لتحكيم الإسلام , و لذلك فهم في كثير من الأحيان يقومون بالخروج على الحكام الذين لا يحكمون بالإسلام , فتقع فتن كثيرة , و سفك دماء بريئة لمجرد الحماس الذي لم تعد له عدته , و الواجب عندي تصفية الإسلام مما ليس منه كالعقائد الباطلة , و الأحكام العاطلة , و الآراء الكاسدة المخالفة للسنة , و تربية الجيل على هذا الإسلام المصفى . و الله المستعان . و قد مضى الكلام على هذه المسألة الهامة بشيء من التفصيل المفيد إن شاء الله تعالى تحت الحديث المتقدم ( 2552 ) . 2705 " كان يصلي قبل الظهر أربعا يطيل فيهن القيام و يحسن فيهن الركوع و السجود , فأما ما لم يكن يدع صحيحا و لا مريضا و لا غائبا و لا شاهدا , فركعتين قبل الفجر " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 458 : أخرجه أحمد ( 6 / 43 ) و الطبراني في " الأوسط " ( 7610 ) و الخطيب في " التاريخ " ( 6 / 284 - 285 ) مختصرا من طريق قابوس عن أبيه قال : أرسل أبي امرأة إلى #عائشة #يسألها : أي الصلاة كانت أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يواظب عليها ? قالت : فذكره . قلت : و هذا إسناد رجاله ثقات غير قابوس - و هو ابن أبي ظبيان - و فيه لين كما في " التقريب " . لكنه قد توبع , فقال الطيالسي في " مسنده " ( رقم - 524 - ترتيبه ) : حدثنا قيس بن الربيع عن أبي ظبيان عن أم جعفر قالت : سألت عائشة عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ? فقالت : فذكره . قلت : و قيس هذا لين مثل قابوس , فأحدهما يقوي الآخر . و أم جعفر هذه , الظاهر أنها المرأة المذكورة في الرواية الأولى و لم أعرفها , و قد جاء في كنى النساء من " التهذيب " ( أم جعفر ) , ثم أحال إلى ترجمة أم عون . و قال هناك : " أم عون بنت محمد بن جعفر بن أبي طالب الهاشمية , و يقال : أم جعفر زوجة محمد ابن الحنفية , و أم ابنه عون . روت عن جدتها أسماء بنت عميس , و عنها ابنها عون , و أم عيسى الجزار , و يقال الخزاعية " . و الحديث عندي صحيح , فإنه ثابت مفرقا من طرق عن عائشة , فصلاة الأربع في " صحيح مسلم " عنها , و قد خرجته في التعليق على " مختصر الشمائل " ( رقم - 280 ) و أما ركعتا الفجر , فقد صح عنها أنه صلى الله عليه وسلم كان لا يدعهما , عند البخاري و غيره , و هو مخرج في " صحيح أبي داود " ( 1179 ) . و زاد البخاري في رواية : " أبدا " . و أما إطالة القيام في الأربع , فقد وجدت له شاهدا من حديث علي بلفظ : " كان يصلي قبل الظهر أربعا , يصليها عند الزوال , و يمد فيها " . أخرجه الترمذي في " الشمائل " ( 289 ) عن مسعر بن كدام عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عنه . و هذا إسناد حسن إن كان مسعر سمعه من أبي إسحاق - و هو السبيعي - فإنه كان اختلط . و قد أخرجه الترمذي و غيره من طريق شعبة و غيره عن أبي إسحاق به , دون قوله : " و يمد فيها " . انظر " الشمائل " ( رقم - 281 و 289 ) . 2706 " بعثني إلى [ قومي ] ( باهلة ) , [ فانتهيت إليهم و أنا طاو ] , فأتيت و هم على الطعام , ( و في رواية : يأكلون دما ) , فرجعوا بي و أكرموني , [ قالوا : مرحبا بالصدي بن عجلان , قالوا : بلغنا أنك صبوت إلى هذا الرجل . قلت : لا و لكن آمنت بالله و برسوله , و بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إليكم أعرض عليكم الإسلام و شرائعه ] و قالوا : تعال كل . فقلت : [ ويحكم إنما ] جئت لأنهاكم عن هذا , و أنا رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم أتيتكم لتؤمنوا به , [ فجعلت أدعوهم إلى الإسلام ] , فكذبوني و زبروني , [ فقلت لهم : ويحكم ائتوني بشيء من ماء فإني شديد العطش . قال : و علي عمامتي , قالوا : لا و لكن ندعك تموت عطشا ! ] , فانطلقت و أنا جائع ظمآن قد نزل بي جهد شديد . [ قال : فاغتممت , و ضربت رأسي في العمامة ] فنمت [ في الرمضاء في حر شديد ] فأتيت في منامي بشربة من لبن [ لم ير الناس ألذ منه , فأمكنني منها ] , فشربت و رويت و عظم بطني . فقال القوم : أتاكم رجل من خياركم و أشرافكم فرددتموه , فاذهبوا إليه فأطعموه من الطعام و الشراب ما يشتهي . فأتوني بطعام ! قلت : لا حاجة لي في طعامكم و شرابكم , فإن الله قد أطعمني و سقاني , فانظروا إلى الحال التي أنا عليها , [ فأريتهم بطني ] , فنظروا , فآمنوا بي و بما جئت به من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم , [ فأسلموا عن آخرهم ] " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 460 : هو من حديث # أبي أمامة # رضي الله عنه يرويه عنه أبو غالب , و له عنه ثلاث طرق : الأولى : عن الحسين بن واقد عن أبي غالب عن أبي أمامة قال : بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى باهلة .. الحديث . أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 8099 ) : حدثنا محمد بن عبدوس بن كامل السراج حدثنا محمد بن علي بن الحسن بن شقيق حدثنا أبي حدثنا حسين بن واقد . قلت : و هذا إسناد حسن للخلاف المعروف في أبي غالب . الثانية : عن صدقة بن هرمز القسملي عن أبي غالب نحوه , و فيه الزيادة الأولى و الثانية , و الرواية الثانية و غيرها . أخرجه الطبراني ( 8073 ) و أبو يعلى أيضا كما في " الإصابة " , و سكت عليه , و الحاكم ( 3 / 641 - 642 ) و سكت عليه أيضا , و تعقبه الذهبي بقوله : " و صدقة ضعفه ابن معين " . قلت : و وثقه ابن حبان , فمثله يستشهد به . الثالثة : عن بشير بن سريج عن أبي غالب به نحوه . و فيه الزيادة الثالثة و الرابعة و الخامسة و غيرها . أخرجه الطبراني ( 8074 ) . و قال الهيثمي في " المجمع " ( 9 / 387 ) : " و فيه بشير بن سريج و هو ضعيف " , و قال في الطريق الأولى و الثانية : " رواه الطبراني بإسنادين , و إسناد الأول حسن " . 2707 " من كان ذبح - أحسبه قال - قبل الصلاة فليعد ذبحته " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 461 : أخرجه البزار في " مسنده " ( 1205 - كشف الأستار ) : حدثنا محمد بن مرداس الأنصاري : حدثنا بكر بن سليمان حدثنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن # أبي هريرة # عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في يوم أضحى : .. فذكره , و قال : " لا نعلمه عن أبي هريرة إلا من هذا الوجه , و لا رواه عن محمد بن عمرو إلا بكر , و بكر مشهور بالسيرة , سمع من ابن إسحاق المبتدأ و المبعث " . قلت : قد روى عنه جمع من الثقات , فهو كما قال الذهبي : لا بأس به , و أقره العسقلاني , و ذكر أن ابن حبان ذكره في " الثقات " , و هو فيه ( 8 / 148 ) . و مثله محمد بن مرداس الأنصاري , فقد روى عنه جماعة من الأئمة , منهم البخاري في " جزء القراءة " , و ذكره أيضا ابن حبان في " الثقات " ( 9 / 107 ) و من فوقهما معروفون , فالإسناد حسن , بل هو صحيح لأن له شواهد كثيرة , سأذكر بعضها إن شاء الله تعالى . و الحديث قال الهيثمي ( 4 / 24 ) : " رواه البزار , و فيه بكر بن سليمان البصري , وثقه الذهبي , و روى عنه جماعة , و بقية رجاله موثقون " . و من شواهده ما روى حماد بن سلمة : أنبأنا أبو الزبير عن جابر بن عبد الله أن رجلا ذبح قبل أن يصلي النبي صلى الله عليه وسلم عتودا جذعا , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تجزي عن أحد بعدك " , و نهى أن يذبحوا حتى يصلوا . أخرجه أحمد ( 3 / 364 ) و الطحاوي ( 4 / 172 - مصر ) و أبو يعلى ( 2 / 492 ) و عنه ابن حبان ( 1051 ) . و هو على شرط مسلم , لكن أبو الزبير مدلس , إلا أنه قد صرح بالتحديث في غير هذه الرواية , فقال الإمام أحمد ( 3 / 324 ) : حدثنا محمد بن بكر أنبأنا ابن جريج : أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله قال : صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم النحر بالمدينة , فتقدم رجلان فنحروا و ظنوا أن النبي صلى الله عليه وسلم قد نحر , فأمر النبي صلى الله عليه وسلم من كان نحر قبله أن يعيد بنحر آخر , و لا ينحروا حتى ينحر النبي صلى الله عليه وسلم . و تابعه عبد الرزاق : أنبأنا ابن جريج به مسلسلا بالتحديث و السماع . أخرجه عنه أحمد أيضا ( 3 / 294 ) . و أخرجه الطحاوي ( 4 / 171 ) من طريق حجاج بن محمد عن ابن جريج به . و رواه مسلم ( 6 / 77 ) من طريق ابن بكر فقال : حدثني محمد بن حاتم : حدثنا محمد ابن بكر به مسلسلا أيضا بالتحديث . و قد جاء الحديث في " الصحيحين " و غيرهما من حديث البراء بن عازب و أنس بن مالك و جندب بن سفيان , و هي مخرجة في " إرواء الغليل " ( 4 / 366 - 368 ) , فليراجعها من شاء . ( فائدة و تنبيه هام ) : قوله : ( عتودا جذعا ) : العتود هو الصغير من أولاد المعز إذا قوي و رعى و أتى عليه حول , و الجمع : ( أعتدة ) . و ( الجذع ) من المعز ما دخل في السنة الثانية , و من الضأن ما تمت له سنته , و قيل أقل منها كما في " النهاية " . ففي حديث جابر الشاهد فائدتان : الأولى : ما في حديث الترجمة أنه لا يجوز أن يضحي قبل صلاة العيد , و أن من فعل ذلك فعليه أضحية أخرى . و الأخرى : أن الجذع من المعز لا يجوز في الأضحية , و هذا بخلاف الجذع من الضأن , فإنه يجزي لأحاديث صحيحة وردت في ذلك صريحة , خرجت بعضها في " الإرواء " , و " صحيح أبي داود " ( 2494 ) و غيرهما . و لا يعكر على ذلك حديث جابر الآخر بلفظ : " لا تذبحوا إلا مسنة , إلا أن يعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن " , لأنه من رواية أبي الزبير معنعنا عنه في كل الطرق , ليس في شيء منها تصريحه بالتحديث , و لا هو من رواية الليث بن سعد عنه كما كنت بينته في " الضعيفة " ( 65 ) , ثم في " الإرواء " ( 1145 ) , و أكدت ذلك أخيرا في " ضعيف أبي داود " ( 485 ) . و الذي أريد أن أنبه عليه هنا بهذه المناسبة أن بعض الطلبة الطيبين من الباكستانيين في مكة , كان كتب إلي بتاريخ ( 3 / 12 / 1399 ) خلاصة نقاش جرى بينه و بين أحد الأثريين في الباكستان , دار حول تضعيفي لحديث جابر هذا في المسنة في " الأحاديث الضعيفة " تحت الحديث ( 65 ) , فاحتج عليه الطالب بالعنعنة , و ما كنت نقلته عن العلماء و موقفهم من المدلسين . فرد عليه الأثري بأنه قد صرح بالتحديث في روايته عند أبي عوانة في " مسنده " ( 5 / 228 ) فإنه قال بعد أن أسند الحديث من طرق عن زهير عن أبي الزبير عن جابر : " رواه محمد بن بكر عن ابن جريج : حدثني أبو الزبير أنه سمع جابرا يقول .. فذكر الحديث " . أقول : و قد أجبت عن هذه الشبهة بأن هذا الإسناد الذي فيه تصريح أبي الزبير بالتحديث معلق منقطع لا تقوم به حجة . ذكرت هذا في " ضعيف أبي داود " ( 485 ) . ثم بدا لي شيء آخر هام جدا , فوجب التنبيه عليه , ألا و هو : أن هذا الإسناد المعلق - الذي اغتر به ذلك الأثري - ليس لهذا الحديث الذي ضعفته بالعنعنة , و إنما هو لحديث آخر عن جابر , و هو المتقدم آنفا شاهدا لحديث الترجمة من رواية محمد بن بكر .. بسنده المتصل عن أبي الزبير أنه سمع جابرا .. و إليك البيان : لقد ساق مسلم في " كتاب الأضاحي " ( 6 / 77 ) حديثين على التعاقب من رواية أبي الزبير عن جابر : الأول : حديثه في المسنة , و الآخر : حديثه في النحر المتقدم و من المعلوم عند النابغين العارفين بهذا الفن أن " مسند أبي عوانة " إنما هو مستخرج على " صحيح مسلم " , يخرج فيه أحاديثه بأسانيد له إلى شيخ مسلم أو من فوقه إذا تيسر له و هو الغالب , و هذا ما فعله أبو عوانة في الحديث الأول , فإنه أخرجه بأسانيد له عن زهير عن أبي الزبير عن جابر . و أما الحديث الآخر فليس له ذكر في مسنده , و المفروض أن يكون مخرجا فيه بإسناده عن أبي الزبير , أو عن ابن جريج عنه , فالظاهر أنه سقط من الناسخ أو الطابع , و بقي إسناده المعلق . و هو قوله : " رواه محمد بن بكر .. " إلخ , فرجع ضمير " رواه " إلى الحديث الأول : حديث المسنة , فوقع الإشكال ! و هو في الحقيقة ينبغي أن يعود إلى الحديث الآخر : حديث النحر , هذا هو الذي يقتضيه ما تقدم من البيان و التحقيق مما يحصل به غلبة الظن في سقوط الحديث من مطبوعة " مسند أبي عوانة " , و اليقين إنما يتحقق بالرجوع إلى المجلد الثامن المخطوط المحفوظ في ظاهرية دمشق ( حديث - 274 ) , فإن فيه كتاب الأضاحي , و لعلنا نحصل على صورة منه , فإن يدي لا تطوله الآن , فإني أكتب هذا و أنا في داري التي بنيتها منذ نحو سنتين في ( عمان - الأردن ) . 2708 " إن في ابن آدم مضغة إذا صلحت صلح سائر جسده و إذا فسدت فسد سائر جسده , ألا و هي القلب " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 465 : أخرجه أبو داود الطيالسي في " المسند " ( 788 ) : حدثنا شعبة عن مجالد عن الشعبي عن # النعمان بن بشير # قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : فذكره . قلت : و هذا حديث صحيح , رجاله ثقات مشهورون من رجال الشيخين غير مجالد - و هو ابن سعيد - , و فيه ضعف من قبل حفظه , و هو صدوق في ذات نفسه , و قد توبع كما يأتي , فدل ذلك على أنه قد حفظه , فهو من صحيح حديثه . و قد رواه الطبراني في " الصغير " ( 890 - الروض ) من طريق أخرى عن شعبة . و قد توبع شعبة فيه , فقال أحمد ( 4 / 274 ) و الحميدي ( 2 / 409 ) : حدثنا سفيان قال : حدثنا مجالد قال : سمعت الشعبي يقول : سمعت النعمان بن بشير يقول : .. فذكره بلفظ : " [ إن ] في الإنسان مضغة .. " الحديث نحوه , و السياق للحميدي , و الزيادة لأحمد . و أما متابعة مجالد , فقال أحمد ( 4 / 270 ) : حدثنا يحيى بن سعيد عن زكريا قال : حدثنا عامر قال : سمعت النعمان بن بشير يخطب يقول : .. فذكره في آخر حديث : " إن الحلال بين , و الحرام بين .. " الحديث . و فيه : " ألا و إن في الإنسان مضخة إذا صلحت .. " الحديث . و هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين , و قد أخرجاه بتمامه بلفظ " الجسد " مكان " الإنسان " , و ما قبله مخرج في " غاية المرام " برقم ( 20 ) . و كان الحامل على تخريج حديث الترجمة هنا أمرين : الأول : أنني رأيت الحديث في " النهاية " بلفظ الترجمة , أورده في مادة ( مضغ ) مفسرا إياه بقوله : " يعني القلب لأنه قطعة لحم من الجسد " . فخشيت أن يكون غير محفوظ , لأن الثابت المعروف في الصحيحين و غيرهما إنما هو بلفظ " الجسد " كما تقدم , فتتبعت روايات الحديث في دواوين السنة حتى وجدت الحديث في " المسند " بلفظ الإنسان " , و هو شاهد قوي لحديث الترجمة , و بمعناه لفظ " الشيخين " : الجسد " , خلافا لأحد الأطباء المعاصرين كما يأتي بيانه . و الآخر : أنني اجتمعت مع أحد الأطباء هنا في ( عمان ) , فأخذ يحدثني ببعض اكتشافاته الطبية - و زملاؤه من الأطباء في ريب منها كما أفاد هو - منها أن بجانب السرة من كل شخص مضغة صغيرة هي سبب الصحة و المرض , و أنه يعالج هو بها الأمراض , و أنها هي المقصودة - زعم - بقوله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث : " إذا صلحت .. " , فلما عارضته بقوله صلى الله عليه وسلم في آخر الحديث : " ألا و هي القلب " . قال : " هذه الزيادة غير صحيحة " . قلت : كيف و هي في الحديث عند البخاري ?! قال : هل البخاري معصوم ? قلت : لا , و لكن تخطئته لابد لها من دليل , ببيان ما يدل على ما ذكرت من ضعفها . قال : هي مدرجة ! قلت : من قال ذلك من علماء الحديث , فإن لكل علم أهله المتخصصين به . قال : سمعت ذلك من أحد كبار علماء الحديث في مصر . و قد سماه يومئذ , و لم أحفظ اسمه جيدا . فقلت : إن كان قال ذلك فهو دليل على أنه ليس كما وصفته في العلم بالحديث , فإنه مجرد دعوى لم يسبق إليها , و لا دليل عليها . ثم قلت له : يبدو من كلامك أنك تفهم بالحديث أنه يعني الصلاح و الفساد الماديين ? قال : نعم . قلت له : هذا خطأ آخر , ألا تعلم أن الحديث تمام حديث أوله : " إن الحلال بين و الحرام بين .. " الحديث , و فيه : " فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه و عرضه " الحديث , فهذا صريح في أنه في الصلاح و الفساد المعنويين . فلم يجب عن ذلك بشيء سوى أنه قال : لو أراد ذلك لقال : " ألا و إن في الإنسان .. " مكان " الجسد " ! قلت : هذا غير لازم , فإنهما بمعنى واحد , و بذلك فسره العلماء , فيجب الرجوع إليهم , و ليس إلى الأطباء ! و لم أكن مطلعا يومئذ على هذا اللفظ الذي أنكره , فبادرت إلى تخريجه بعيد وقوفي عليه , لعل في ذلك ما يساعده و أمثاله على الرجوع إلى الصواب . و الله الهادي . و قد جرنا الحديث إلى التحدث عن القلب و أنه مقر العقل و الفهم , فأنكر ذلك , و ادعى أن العقل في الدماغ , و أن القلب ليس له عمل سوى دفع الدم إلى أطراف البدن . قلت : كيف تقول هذا و قد قال الله تعالى في الكفار : *( لهم قلوب لا يفقهون بها )* , و قال : *( أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها فإنها لا تعمى الأبصار و لكن تعمى القلوب التي في الصدور )* ?! فحاول تأويل ذلك على طريقة بعض الفرق الضالة في تعطيل دلالات النصوص , و قلت له : هذه يا دكتور قرمطة لا تجوز , ربنا يقول : *( القلوب التي في الصدور )* لا في الرؤوس ! و أقول الآن : من فوائد الحديث قول الحافظ ابن حجر في " فتح الباري " ( 1 / 128 - 129 ) : " و فيه تنبيه على تعظيم قدر القلب و الحث على صلاحه , و الإشارة إلى أن لطيب الكسب أثرا فيه , و المراد المتعلق به من الفهم الذي ركبه الله فيه . و يستدل به على أن العقل في القلب . و منه قوله تعالى : *( فتكون لهم قلوب يعقلون بها )* , و قوله تعالى : *( إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب )* . قال المفسرون : أي عقل , و عبر عنه بالقلب لأنه محل استقراره " . ثم إن تلك الزيادة التي أنكرها الطبيب المشار إليه يشهد لها آيات كثيرة في القرآن الكريم , جاء فيها وصف القلب بالإيمان و الاطمئنان و السلامة , و بالإثم , و المرض و الختم و الزيغ و القسوة , و غير ذلك من الصفات التي تبطل دعوى أنه ليس للقلب وظيقة غير تلك الوظيفة المادية من ضخ الدم . فأسأل الله تعالى أن يطهر قلوبنا من المرض و الزيغ , و اتباع جهل الجاهلين من الكفار و غيرهم . 2709 " إني أمرت أن أغير اسم هذين , فسماهما حسنا و حسينا . قاله لما ولدا و سماهما علي : حمزة و جعفر " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 469 : أخرجه أحمد في " المسند " ( 1 / 159 ) و في " فضائل الصحابة " ( 2 / 712 / 1219 ) و أبو يعلى في " مسنده " ( 1 / 147 ) و الطبراني في " المعجم الكبير " ( رقم 2780 ج1 ) و الحاكم ( 4 / 277 ) من طرق عن عبيد الله بن عمرو عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن محمد بن علي عن # علي #قال : لما ولد الحسن سماه حمزة , فلما ولد الحسين سماه بعمه ( جعفر ) قال : فدعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : فذكره , و قال عقب قوله : ( هذين ) : فقلت : الله و رسوله أعلم " . و قال الحاكم : " صحيح الإسناد " . و رده الذهبي بقوله : " قلت : قال أبو حاتم : العلاء منكر الحديث " . قلت : هو الراوي للحديث عن عبيد الله بن عمرو عند الحاكم , لكنه قد توبع عند الآخرين كما أشرت إلى ذلك بقولي : " من طرق " , فالسند حسن , رجاله ثقات , و في ابن عقيل كلام لا يضر , و لذلك قال الهيثمي ( 8 / 52 ) : " .. و حديثه حسن , و بقية رجاله رجال الصحيح " . و أخرجه البزار ( 2 / 415 / 1996 ) من طريق أخرى عن ابن عقيل به نحوه , و قال : " لا نعلمه بلفظه و لا معناه إلا عن ابن الحنفية عن علي " . قلت : و قد خالف الطرق كلها العلاء الرقي عند الحاكم فقال : " .. ابن عقيل عن أبيه " بدل قوله : " .. عن محمد بن علي " , و هو ابن الحنفية , و ذلك مما يدل على ضعف الرقي , لكن متن الحديث ثابت برواية الجمع كما ذكرنا , و صحح إسناده أحمد شاكر في تعليقه على " المسند " ( 4 / 351 ) و ذلك من تساهله الذي عرف به , ثم قال : " و لكنه يعارضه ما مضى ( 769 و 953 ) في تسميتهما , و لعل ما مضى أرجح " . يشير إلى حديث هانىء بن هانىء عن علي .. نحوه , و فيه : أنه سمى كلا منهما عند ولادتهما : ( حربا ) . و هذا الإسناد ضعيف عندي كما بينته في " الضعيفة " ( 3706 ) . فالراجح حديثنا هذا . و له شاهد من حديث سورة بنت مشرح تكلمت عليه في المصدر المذكور . 2710 " أنت كنت أحق بالسجود من الشجرة " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 470 : أخرجه أبو يعلى في " مسنده " ( 1 / 298 ) و الطبراني في " المعجم الأوسط " ( رقم 4904 ) من طريق الجراح بن مخلد : أخبرنا اليمان بن نصر صاحب الدقيق قال : أخبرنا عبد الله بن سعد المدني قال : أخبرنا محمد بن المنكدر قال : حدثني محمد بن عبد الرحمن بن عوف عن # أبي سعيد الخدري # قال : رأيت فيما يرى النائم كأني تحت شجرة , و كأن الشجرة تقرأ *( ص )* : فلما أتت على السجدة سجدت , فقالت في سجودها : " اللهم اكتب لي بها أجرا , و حط عني بها وزرا , و أحدث لي بها شكرا , و تقبلها مني كما تقبلت من عبدك داود سجدته " . فلما أصبحت غدوت على النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته بذلك , فقال : سجدت أنت يا أبا سعيد ? فقلت : لا , قال : ( فذكره ) , فقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة *( ص )* حتى أتى على السجدة , فقال في سجوده ما قالت الشجرة في سجودها . و قال الطبراني عقبه - و السياق له - : " لا يروى عن أبي سعيد إلا بهذا الإسناد , تفرد به اليمان بن نصر " . قلت : أعله به الهيثمي فقال ( 2 / 285 ) : " قال الذهبي : مجهول " . قلت : هو تابع في ذلك لابن أبي حاتم ( 4 / 2 / 311 ) عن أبيه . لكن قال الحافظ في " اللسان " : " و ذكره ابن حبان في " الثقات " فقال : الكعبي , من أهل البصرة , يروي عن شيخ عن محمد بن المنكدر . روى عنه يعقوب بن سفيان . و ذكر ابن أبي حاتم في الرواة عنه محمد بن مرزوق و الجراح بن مليح " . قلت : ليس في ابن أبي حاتم ذكر الجراح هذا . فالله أعلم . و قد روى عنه عمرو بن علي هذا الحديث مختصرا جدا في " تاريخ البخاري " ( 1 / 1 / 147 ) . و أقول : فمثله حسن الحديث إن شاء الله تعالى لرواية ثلاثة من الثقات عنه , فإعلاله بمن فوقه أولى , كشيخه عبد الله بن سعد المدني , فإني لم أجد له ترجمة , و قد وقع اسمه في ترجمة اليمان من " الجرح و التعديل " : " عبد الله بن أبي سعيد المدني " , و قال المعلق عليه : " ك " سعد " خطأ " . و لعل ما خطأه هو الصواب لمطابقته لما في الكتابين : " مسند أبي يعلى " , و " المعجم الأوسط " . و شيخ شيخه " محمد بن عبد الرحمن بن عوف " أورده البخاري في " التاريخ " , و ابن أبي حاتم في كتابه برواية ابن المنكدر و ابنه عبد الواحد عنه , و لم يذكرا فيه جرحا و لا تعديلا . و ذكره ابن حبان في " الثقات " من روايتهما عنه . قلت : فعلة هذا الإسناد عندي عبد الله . لكن للحديث طريق أخرى و شاهد يتقوى بهما إن شاء الله تعالى . أما الطريق فقال عبد الرزاق في " المصنف " ( 3 / 337 / 5869 ) : عن ابن عيينة عن عاصم بن سليمان عن بكر بن عبد الله المزني : أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ! رأيت كأن رجلا يكتب القرآن و شجرة حذاءه , فلما مر بموضع السجدة التي في *( ص )* سجدت , و قالت : " اللهم أحدث لي بها شكرا , و أعظم لي بها أجرا , و احطط بها وزرا " . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " فنحن أحق من الشجرة " . و هذا إسناد صحيح مرسل , و قد جاء موصولا مختصرا من طرق عن حميد الطويل قال : حدثني بكر أنه أخبره : أن أبا سعيد الخدري رأى رؤيا أنه يكتب *( ص )* , فلما بلغ إلى سجدتها قال : رأى الدواة و القلم و كل شيء بحضرته انقلب ساجدا , قال : فقصها على النبي صلى الله عليه وسلم , فلم يزل يسجد بها بعد . أخرجه أحمد ( 3 / 78 و 84 ) من طريق يزيد بن زريع و ابن أبي عدي , و الحاكم ( 2 / 432 ) من طريق حماد بن سلمة , ثلاثتهم عن حميد به . سكت عنه الحاكم , و قال الذهبي : " على شرط مسلم " . قلت : هو كذلك بل هو على شرط الشيخين لولا أن ظاهره الإرسال لقوله : أن أبا سعيد .. و يؤيد ذلك رواية هشيم : أنبأنا حميد الطويل عن بكر بن عبد الله قال : أخبرني مخبر عن أبي سعيد قال : فذكره , إلا أنه قال : فعدت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته , فأمر بالسجود فيها . أخرجه البيهقي ( 2 / 320 ) . لكن يمكن أن يقال : إن هذه الرواية شاذة لمخالفتها لرواية الثقات الثلاثة , لكن هذه نفسها ليست متصلة كما ذكرنا . و الله أعلم . و أما الشاهد فالدعاء فيه بلفظ : " اللهم اكتب لي بها عندك أجرا و اجعلها لي عندك ذخرا وضع عني بها وزرا , و اقبلها مني كما تقبلت من عبدك داود " . أخرجه الترمذي ( 579 و 3420 ) و ابن ماجه ( 1 / 325 ) و ابن حبان ( 691 ) من طريق ابن خزيمة , و الحاكم ( 1 / 219 ) و البيهقي ( 2 / 320 ) و الطبراني في " المعجم الكبير " ( 11 / 149 / 11262 ) كلهم من طريق محمد بن يزيد بن خنيس قال : حدثني حسن بن محمد بن عبيد الله بن أبي يزيد قال : قال لي ابن جريج : يا حسن ! حدثني جدك عبيد الله بن أبي يزيد عن ابن عباس قال : جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ! إني رأيت في هذه الليلة فيما يرى النائم كأني أصلي خلف شجرة , فرأيت كأني قرأت سجدة , فرأيت الشجرة كأنها تسجد بسجودي , فسمعتها و هي تقول : " اللهم اكتب ... " إلخ . قال ابن عباس : " فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ السجدة , فسمعته و هو ساجد يقول مثل ما قال الرجل عن كلام الشجرة " . و السياق لابن حبان , و قال الحاكم : " هذا حديث صحيح , رواته مكيون , لم يذكر واحد منهم بجرح " . و وافقه الذهبي . قلت : و هذا من عجائبه , فإنه قال في ترجمة الحسن هذا من " الميزان " : " قال العقيلي : لا يتابع عليه . و قال غيره : فيه جهالة , ما روى عنه سوى ابن خنيس " . و قال في " الكاشف " : " غير حجة " . و أما الترمذي فقد قال في الموضعين : " حديث غريب , لا نعرفه إلا من هذا الوجه " . لكن زاد في الموضع الأول في نسخة : " حسن " . و لعلها زيادة غير ثابتة , فإن الحافظ لم ينقل في ترجمة الحسن من " التهذيب " عن الترمذي إلا أنه استغربه , و كذلك فعل التبريزي في " المشكاة " ( 1036 ) و هو اللائق بحال إسناده كما عرفت , و يؤكده قول الحافظ في " التلخيص " ( 4 / 114 ) : " و ضعفه العقيلي بالحسن بن محمد .. فقال : فيه جهالة " . و قد توبع ابن جريج على بعضه , فروى عبد الرزاق ( 5868 ) و ابن أبي شيبة ( 2 / 8 ) عن سفيان بن عيينة عن عبد الله بن أبي يزيد أنه سمع ابن عباس سئل : في ( ص ) سجدة ? قال : نعم *( أولئك الذين هداهم الله فبهداهم اقتده )* . و سنده صحيح على شرط الشيخين . و قد أخرجه البخاري ( 3421 و 4807 ) و المصنفان أيضا , و البيهقي ( 2 / 219 ) من طريق مجاهد قال : سئل ابن عباس .. إلخ . و بالجملة , فحديث الترجمة حسن على أقل الدرجات بالطريق الأخرى و الشاهد , لاسيما و قد صحح شاهده الحاكم و غيره كما تقدم , بل و ذكر الحافظ في " التهذيب " عن الخليلي أنه قال فيه : " حديث غريب صحيح " . و لعله لذلك قال النووي في " المجموع " ( 4 / 64 ) : " رواه الترمذي و غيره بإسناد حسن " . و الله سبحانه و تعالى أعلم . 2711 " ما من بني آدم مولود إلا يمسه الشيطان حين يولد , فيستهل صارخا من مس الشيطان , غير مريم و ابنها " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 475 : أخرجه البخاري ( 3431 و 4548 ) و مسلم ( 7 / 96 ) و أحمد ( 2 / 233 و 274 ) و ابن جرير في " التفسير " ( 3 / 160 - 161 ) من طريق سعيد بن المسيب عن #أبي هريرة #: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : فذكره . ثم يقول أبو هريرة : *( و إني أعيذها بك و ذريتها من الشيطان الرجيم )* . و السياق للبخاري . و تابعه الأعرج عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ : " كل بني آدم يطعن الشيطان في جنبيه بإصبعيه حين يولد , غير عيسى ابن مريم , ذهب يطعن فطعن في الحجاب " . أخرجه البخاري ( 3286 ) و أحمد ( 2 / 523 ) و ابن جرير ( 3 / 161 ) . و تابعه أبو يونس سليمان مولى أبي هريرة مرفوعا مختصرا نحوه . أخرجه مسلم , و ابن جرير . و تابعه سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة مختصرا بلفظ : " صياح المولود حين يقع نزغة من الشيطان " . رواه مسلم , و ابن جرير من طريق قيس عن الأعمش عن أبي صالح به , نحو رواية سعيد و تابعه عجلان مولى المشعل عن أبي هريرة به نحو رواية الأعرج , لكنه ذكر مريم ابنة عمران و ابنها عيسى عليها السلام , دون قوله : " ذهب يطعن .. " . أخرجه أحمد ( 2 / 288 و 292 و 319 ) و ابن جرير . و إسناده جيد . و تابعه عبد الرحمن أبو العلاء عن أبي هريرة بلفظ : " كل إنسان تلده أمه يلكزه الشيطان بحضنيه إلا ما كان من مريم و ابنها , ألم ترو إلى الصبي حين يسقط كيف يصرخ ? قالوا : بلى يا رسول الله ! قال : فذاك حين يلكزه الشيطان بحضنيه " . أخرجه أحمد ( 2 / 368 ) . و إسناده صحيح , رجاله رجال الصحيح . و تابعه يزيد بن عبد الله بن قسيط عنه مثل رواية سعيد . أخرجه ابن جرير . و رجاله ثقات . و تابعه أبو سلمة عن أبي هريرة مثل رواية أبي يونس . أخرجه ابن جرير . 2712 " لم آتكم إلا بخير , أتيتكم لتعبدوا الله وحده لا شريك له و تدعوا عبادة اللات و العزى , و تصلوا في الليل و النهار خمس صلوات , و تصوموا في السنة شهرا , و تحجوا هذا البيت , و تأخذوا من مال أغنيائكم , فتردوها على فقرائكم . لقد علم الله خيرا , و إن من العلم ما لا يعلمه إلا الله , خمس لا يعلمهن إلا الله : *( إن الله عنده علم الساعة و ينزل الغيث و يعلم ما في الأرحام و ما تدري نفس ماذا تكسب غدا و ما تدري نفس بأي أرض تموت )* " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 477 : أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " ( 1084 ) و أحمد ( 5 / 368 - 369 ) من طريقين عن منصور عن # ربعي بن حراش # قال : حدثني رجل من بني عامر جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : أألج ? فقال النبي صلى الله عليه وسلم للجارية : " اخرجي فقولي له : قل : السلام عليكم , أأدخل , فإنه لم يحسن الاستئذان " . قال : فسمعتها قبل أن تخرج إلي الجارية , فقلت : السلام عليكم , أأدخل ? فقال : " و عليك , ادخل " . قال : فدخلت فقلت : بأي شيء جئت ? فقال : فذكر الحديث إلى قوله : " .. فقرائكم " قال : فقلت له : هل من العلم شيء لا تعلمه ? قال : " لقد علم الله .. " الحديث . قلت : و هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين غير الرجل العامري , و هو صحابي فلا يضر الجهل باسمه , فإن الصحابة عدول كما هو مذهب أهل الحق . و روى منه أبو داود طرفه الأول دون حديث الترجمة , و لذلك خرجته هنا , و قد مضت روايته في المجلد الثاني برقم ( 819 ) بلفظ : " اخرج إلى هذا فعلمه الاستئذان , فقل له : قل السلام عليكم , أأدخل ? " . و فيه دليل صريح على أن من أدب الاستئذان في الدخول البدء بالسلام قبل الاستئذان , و في ذلك أحاديث أخرى بعضها أصرح من هذا , تقدمت هناك ( 816 - 818 ) . و يؤيده ما رواه البخاري في " أدبه " ( 1066 ) بسند صحيح عن عطاء عن أبي هريرة فيمن يستأذن قبل أن يسلم قال : " لا يؤذن له حتى يبدأ بالسلام " . و في رواية له ( 1067 و 1083 ) بإسناد أصح عن عطاء قال : سمعت أبا هريرة يقول : إذا قال : أأدخل ? و لم يسلم , فقل : لا حتى تأتي بالمفتاح . قلت : السلام ? قال : نعم . و ما أخرجه أحمد ( 1 / 448 ) بسند صحيح عن رجل عن عمرو بن وابصة الأسدي عن أبيه قال : " إني بالكوفة في داري إذ سمعت على باب الدار : السلام عليكم , آلج ? قلت : عليكم السلام , فلج . فلما دخل فإذا هو عبد الله بن مسعود .. " . ففي هذا تنبيه على أن تعليم النبي صلى الله عليه وسلم للعامري أدب الاستئذان ليس مقصودا بذاته قوله : " أألج ? " , و إنما هو عدم ابتدائه إياه بالسلام خلافا لما سمعته من بعض الخطباء الفضلاء . و يزيده تأييدا و قوة ما رواه عبد الرزاق ( 10 / 382 / 19427 ) بسند صحيح عن ابن سيرين قال : استأذن أعرابي على النبي صلى الله عليه وسلم فقال : أدخل ? و لم يسلم : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لبعض أهل البيت : مروه فليسلم . فسمعه الأعرابي , فسلم , فأذن له . 2713 " إنكم مدعوون [ يوم القيامة ] مفدمة أفواهكم بالفدام , ثم إن أول ما يبين ( و قال مرة : يترجم , و في رواية : يعرب ) عن أحدكم لفخذه و كفه " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 479 : أخرجه النسائي في " الكبرى " ( 6 / 439 ) و الحاكم ( 4 / 600 ) و أحمد ( 5 / 4 و 5 ) و السياق له , و كذا عبد الرزاق في " المصنف " ( 20 / 130 / 20115 ) و الحسن المروزي في " زوائد الزهد " ( 350 / 987 ) و الطبراني في " المعجم الكبير " ( 19 / 407 - 409 ) و البغوي في " التفسير " ( 7 / 25 ) من طرق عن بهز ابن حكيم بن معاوية عن أبيه عن جده مرفوعا . و قال الحاكم : " صحيح الإسناد " . و وافقه الذهبي . و قال ابن عبد البر في ترجمة حكيم بن معاوية : " الحديث صحيح , و الإسناد ثابت " . و لفظ " يترجم " لأحمد في رواية , و الرواية الأخرى له أيضا ( 4 / 446 - 447 و 5 / 3 ) و الحاكم ( 4 / 565 ) و الطبراني في " الكبير " ( 19 / 424 و 426 - 428 ) و في " الأوائل " ( ص 47 / 20 و 21 ) من طرق أخرى عن حكيم بن معاوية به . و الزيادة لأحمد في رواية . و كذا الطبراني . و أحد لفظيه في " الأوائل " : " أول ما يتكلم من الإنسان يوم القيامة و يشهد عليه بعمله فخذه و كفه " . لكن شيخ الطبراني فيه إدريس بن جعفر العطار , قال الدارقطني : " متروك " . و للحديث شاهد من حديث عقبة بن عامر أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " إن أول عظم من الإنسان يتكلم يوم يختم على الأفواه - فخذه من الرجل الشمال " أخرجه أحمد ( 4 / 151 ) : حدثنا الحكم بن نافع حدثنا إسماعيل بن عياش عن ضمضم ابن زرعة عن شريح بن عبيد الحضرمي عمن حدثه عن عقبة . قلت : و هذا إسناد رجاله كلهم ثقات , فهو صحيح لولا شيخ الحضرمي , فإنه لم يسم , و قد أسقطه هشام بن عمار : حدثنا إسماعيل بن عياش به عن شريح عن عقبة . أخرجه الطبراني ( 17 / 333 / 921 ) و الثعلبي في " تفسيره " ( 3 / 170 / 1 ) و ابن عساكر ( 8 / 32 / 1 ) و كذا ابن أبي حاتم كما في " تفسير ابن كثير " ( 3 / 577 ) . لكن هشام بن عمار و إن كان احتج به البخاري , ففيه ضعف من جهة أنه كان يتلقن , لاسيما و قد خالف الحكم بن نافع , و هو ثقة ثبت محتج به في " الصحيحين " , فقول الهيثمي ( 10 / 351 ) : " رواه أحمد و الطبراني , و إسنادهما جيد " . فهو غير جيد . نعم , قد توبع هشام بن عمار , فقال ابن جرير في " التفسير " ( 23 / 17 ) : حدثني محمد بن عوف الطائي قال : حدثنا ابن المبارك عن ابن عياش به . دون الرجل الذي لم يسم . قلت : فهذا إسناد صحيح إن كان شريح سمعه من عقبة , فقد اختلفوا في سماعه من أحد من الصحابة كما تراه في " التهذيب " و غيره . و الله أعلم . ( تنبيه ) لقد قصر السيوطي في تخريج الحديثين تقصيرا فاحشا في " الجامع الكبير " و بخاصة حديث معاوية بن حيدة , فإنه عزاه ( 1 / 339 ) لابن عساكر فقط ! و قد عرفت أنه رواه جمع كل واحد أولى بالعزو إليه من ابن عساكر , فما بالك و هم جمع , و فيهم الحاكم في " صحيحه " ? و أما حديث عقبة , فعزاه ( 1 / 231 ) لأحمد و الطبراني فقط ! على أنه لا يصح سنده لما عرفت من الاختلاف فيه , و قد أشار الحافظ ابن كثير إلى ترجيح رواية الحكم ابن نافع , فإنه قال بعد أن ساق رواية هشام بن عمار و محمد بن عوف : " و قد جود إسناده الإمام أحمد رحمه الله فقال : حدثنا الحكم بن نافع .." إلخ . و بالجملة فلا تصح زيادة " الشمال " في حديث عقبة للاضطراب الذي في إسناده , و عدم ورودها في حديث الترجمة , و كذلك لم ترد في حديث آخر من رواية مسلم ( 8 / 216 ) من حديث أبي هريرة , و ورد خلافها من حديث أبي موسى الأشعري موقوفا بلفظ : " فإني أحسب أول ما ينطق منه الفخذ اليمنى " . رواه ابن جرير بسند صحيح عنه . و الله أعلم . و الفدام : ما يشد على الإبريق و الكوز من خرقة لتصفية الشراب الذي فيه , أي أنهم يمنعون الكلام بأفواههم حتى تتكلم جوارحهم , فشبه ذلك بالفدام . " نهاية ابن الأثير " ( 3 / 421 ) . 2714 " إن الله قسم بينكم أخلاقكم كما قسم بينكم أرزاقكم , و إن الله يعطي الدنيا من يحب و من لا يحب و لا يعطي الإيمان إلا من أحب , فمن ضن بالمال أن ينفقه و خاف العدو أن يجاهده و هاب الليل أن يكابده , فليكثر من قول : سبحان الله , [ و الحمد لله ] و لا إله إلا الله , و الله أكبر " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 482 : أخرجه الإسماعيلي في " المعجم " ( 114 / 1 ) : حدثنا عياش بن محمد بن عيسى أبو الفضل الجوهري - ببغداد - حدثنا أحمد بن جناب : حدثنا عيسى بن يونس عن سفيان الثوري عن زبيد عن مرة عن # عبد الله # قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره . قلت : و هذا إسناد صحيح رجاله على شرط مسلم كلهم , إلا الجوهري هذا , و قد وثقه الخطيب في " التاريخ " ( 12 / 279 ) و تابعه جمع عند الحاكم ( 1 / 33 ) و صححه . و وافقه الذهبي . و قد توبع عيسى بن يونس - و هو ثقة مأمون - في رفعه , من قبل سفيان بن عقبة - أخو قبيصة - , فرواه عن حمزة الزيات و سفيان الثوري عن زبيد به , و الزيادة له , و زاد في آخره : " فإنهن مقدمات مجنبات و معقبات , و هن الباقيات الصالحات " . أخرجه البيهقي في " شعب الإيمان " ( 1 / 348 - 349 ) من طريق الحاكم عن مهران بن هارون بن علي الداوودي : حدثنا سفيان بن عقبة .. و هو على شرط مسلم أيضا غير مهران هذا , فلم أجد من ترجمه . و بالرجوع إلى " المستدرك " تبين أنه سقط من " الشعب " راويان بين ابن عقبة و مهران ! و حمزة الزيات هو ابن حبيب القارىء , و هو صدوق ربما وهم , من رجال مسلم , فهو متابع قوي للثوري لو صح السند إليه , فالعمدة على رواية عيسى بن يونس . نعم قد خالفه محمد بن كثير عند البخاري في " الأدب المفرد " ( 275 ) و عبد الرحمن بن مهدي عند المروزي في " زيادات الزهد " ( 1134 ) , فروياه عن سفيان عن زبيد به موقوفا . و تابعه زهير قال : حدثنا زبيد به . أخرجه أبو داود في " الزهد " ( 164 / 157 ) . و تابعه أيضا محمد بن طلحة عن زبيد به موقوفا . أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 8990 ) و سنده صحيح . و قال الهيثمي ( 10 / 90 ) : " و رجاله رجال الصحيح " . قلت : شيخ الطبراني علي بن عبد العزيز ليس منهم , و لكنه ثقة حافظ , و هو البغوي . فيظهر من هذا التخريج أن الأصح في إسناد الحديث أنه موقوف , لكن لا يخفى أنه في حكم المرفوع , لأنه لا يقال من قبل الرأي , لاسيما و طرفه الأول قد روي من طريق آخر عن مرة الهمداني به مرفوعا , و هو مخرج في " غاية المرام " ( 19 ) و رواه أيضا الدولابي في " الكنى " ( 1 / 141 ) و البغوي في " شرح السنة " ( 8 / 10 ) . و طرفه الآخر له شاهد يرويه القاسم عن أبي أمامة مرفوعا نحوه . أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 7795 و 7800 و 7877 ) و ابن شاهين في " الترغيب " ( 284 / 2 ) من طرق ثلاث عنه , و هو القاسم بن عبد الرحمن أبو عبد الرحمن صاحب أبي أمامة , و هو حسن الحديث . و له شاهد ثان : يرويه أبو يحيى عن مجاهد عن ابن عباس مرفوعا بلفظ : " فليكثر من ذكر الله " . أخرجه ابن شاهين أيضا . و أبو يحيى هو القتات , لين الحديث , فيصلح للاستشهاد به . و شاهد ثالث : يرويه يوسف بن العنبس اليماني : حدثنا عكرمة بن عمار عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعا به , و زاد في آخره : " فإنهن الباقيات الصالحات " . أخرجه الأصبهاني في " الترغيب " ( ق 76 / 2 - مصورة الجامعة الإسلامية ) . قلت : و يوسف اليماني لم أجد له ترجمة . 2715 " أفضل العمل أن تدخل على أخيك المؤمن سرورا أو تقضي عنه دينا أو تطعمه خبزا " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 485 : أخرجه الأصبهاني في " الترغيب " ( 214 / 1 ) من طريق أحمد بن المبارك الإسماعيلي : حدثنا أبو موسى الهروي و أحمد بن جميل المروزي قالا : حدثنا عمار بن محمد الثوري عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن # أبي هريرة # : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل : أي العمل أفضل ? قال : أن تدخل .. إلخ . قلت : و هذا إسناد حسن إن شاء الله تعالى , رجاله ثقات معروفون من رجال التهذيب غير من دون عمار , فقد ترجمهم الخطيب في " التاريخ " , و وثقهم غير الإسماعيلي , فإنه لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا , روى عنه ثقتان , و مات بالرقة سنة ( 263 ) . فهو مستور يقبل حديثه , لاسيما في الشواهد , و قد مضى أحدها من حديث ابن عمر برقم ( 906 ) . و أبو موسى الهروي اسمه إسحاق بن إبراهيم , و ترجمته في " التاريخ " ( 6 / 337 ) و أرخ وفاته سنة ( 233 ) . و أرخ وفاة قرينه المروزي سنة ( 230 ) . 2716 " كان يصلي قائما [ تطوعا , و الباب في القبلة ] [ مغلق عليه ] , فاستفتحت الباب , فمشى على يمينه أو شماله , ففتح الباب ثم رجع إلى مكانه " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 485 : أخرجه النسائي ( 1 / 178 ) و ابن حبان ( 530 ) و البيهقي ( 2 / 265 ) و أحمد ( 6 / 183 و 234 ) و أبو يعلى ( 3 / 1088 ) و ابن راهويه في " مسنده " ( 4 / 64 / 2 و 128 / 1 ) و السياق له , و الزيادة الأولى للنسائي و ابن حبان , و الأخرى للبيهقي من طريق برد بن سنان أبي العلاء عن الزهري عن عروة عن # عائشة # قالت : فذكره . قلت : و هذا إسناد جيد , رجاله ثقات رجال الشيخين غير برد هذا , و هو ثقة على ضعف يسير . و قد وجدت له طريقا أخرى من رواية داود بن منصور : أخبرنا الليث عن عبد الرحمن عن يونس الأيلي عن الأوزاعي عن أم كلثوم بنت أسماء عن عائشة به . أخرجه أبو الشيخ في " الأقران " ( 1 / 2 - المصورة المصرية ) . و داود بن منصور صدوق يهم , و عبد الرحمن لم أعرفه لأن بعده في الأصل بياضا , و أم كلثوم بنت أسماء لم يذكروها . 2717 " إنها تلهيني عن صلاتي , أو قال : تشغلني . يعني الخميصة " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 486 : أخرجه ابن راهويه في " المسند " ( 4 / 64 / 2 ) : أخبرنا أبو معاوية أخبرنا هشام عن أبيه عن # عائشة # قالت : كانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم خميصة , فأعطاها أبا جهم , فقيل : يا رسول الله إن هذه الخميصة خير من الأنبجامية . فقال : فذكره . قلت : و هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين , و أخرجاه , البخاري ( 4 / 93 / 1 - 2 ) و مسلم ( 2 / 78 ) من طرق أخرى عن هشام نحوه , و الشيخان أيضا من طرق عن عروة به . و كذلك رواه أبو داود و غيره . و علقه البخاري عن هشام بن عروة به نحوه مختصرا . و عزاه الحافظ ( 1 / 483 ) لأبي داود أيضا , و هو إنما وصله عن طريق ابن شهاب عن عروة . و سأتولى تخريجه في " كتاب اللباس " من " صحيح أبي داود " إن شاء الله تعالى . 2718 " ما نفعنا مال [ أحد ] , ما نفعنا مال أبي بكر " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 487 : أخرجه ابن راهويه في " مسنده " ( 4 / 80 / 1 ) : أخبرنا سفيان الثوري عن الزهري عن عروة - إن شاء الله - عن #عائشة #أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فذكره . قلت : و هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين , و قول الزهري : " إن شاء الله " لا يضر , لأن الراوي قد يشك أحيانا , و قد رواه غير واحد بدون شك , فأخرجه الحميدي ( 1 / 121 / 250 ) و أبو يعلى في " مسنده " ( 3 / 1090 ) و ابن أبي عاصم في " السنة " ( 1230 ) عن سفيان به . و سفيان هو ابن عيينة . و روى ابن حبان ( 2167 ) من طريق هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت : " أنفق أبو بكر رضي الله عنه على رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعين ألفا " . و سنده صحيح . و للحديث شاهد من حديث أبي هريرة مرفوعا به , و زاد : " قال : فبكى أبو بكر , و قال : و هل نفعني الله إلا بك ? و هل نفعني الله إلا بك ? و هل نفعني الله إلا بك ? " . أخرجه أحمد ( 2 / 366 ) : حدثنا معاوية قال : حدثنا أبو إسحاق - يعني الفزاري - عن الأعمش عن أبي صالح عنه . قلت : و هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين , و معاوية هو ابن عمرو الأزدي . و أبو إسحاق اسمه إبراهيم بن محمد بن الحارث . و قد تابعه أبو معاوية : حدثنا الأعمش به , إلا أنه قال : " و هل أنا و مالي إلا لك يا رسول الله ? " . أخرجه ابن أبي شيبة ( 12 / 759 ) و أحمد ( 2 / 252 ) عنه , و كذا ابن ماجه ( 1 / 49 ) و ابن أبي عاصم ( 1229 ) و ابن حبان ( 2166 ) من طرق عنه . و هو صحيح أيضا كالذي قبله . و له طريق أخرى يرويه محبوب بن محرز القواريري عن داود بن يزيد الأموي عن أبيه عن أبي هريرة به . أخرجه الترمذي ( 3262 ) و قال : " حديث حسن غريب من هذا الوجه " . قلت : محبوب لين الحديث , و داود ضعيف , و أبوه عند ابن حجر مقبول , فقول الترمذي مقبول , لو لم يقل : " غريب .. " ! لأنه ينافي أنه أراد : حسن لغيره ! 2719 " كان كاشفا عن فخذه , فاستأذن أبو بكر , فأذن له و هو على ذلك الحال , ثم استأذن عمر فأذن له و هو على تلك الحال , ثم استأذن عثمان فأرخى عليه من ثيابه , فلما قاموا قلت : يا رسول الله ! استأذن عليك أبو بكر و أنت على ذلك الحال .. ( و فيه ) فقال : يا عائشة ألا أستحي من رجل والله إن الملائكة لتستحي منه " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 488 : أخرجه ابن راهويه في " مسنده " ( 108 / 1 ) : أخبرنا مروان بن معاوية الفزاري أخبرنا عبد الله بن سيار مولى بني طلحة بن عبيد الله القرشيين قال : سمعت عائشة ابنة طلحة تذكر عن # عائشة # أم المؤمنين قالت : فذكره . قلت : و هذا إسناد جيد , رجاله ثقات رجال الشيخين غير ابن سيار هذا أورده ابن أبي حاتم ( 2 / 2 / 76 ) من رواية مروان هذا , و القاسم بن مالك عنه , و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا , و ذكره ابن حبان في " الثقات " ( 7 / 17 ) . و رواية القاسم بن مالك أوردها البخاري في ترجمة عبد الله بن سيار بسنده المذكور بحديث آخر قد خرجته في " الضعيفة " ( 5272 ) لتفرد ابن سيار به , و عدم وجود الشاهد الذي يقويه و يأخذ بعضده . و أما هذا , فقد جاء من طريق أخرى و شاهدين كنت خرجتها كلها فيما تقدم تحت الحديث ( 1687 ) , و كنت خرجت هذا الطريق هناك من رواية أحمد , لكن وقع فيها ابن سيار هذا ( عبيد الله ) مصغرا , فلم أعرفه , و لا عرفه الحسيني و لا العسقلاني , فكشفت لنا رواية ابن راهويه هذه أنه تحرف اسمه عند أحمد , و أن الصواب فيه " عبد الله " مكبرا , و أنه معروف برواية اثنين من الثقات عنه , و لذلك أعدته بهذه الرواية العزيزة حفظها لنا الإمام ابن راهويه في " مسنده " جزاه الله و سائر الأئمة خيرا . 2720 " السنة عن الغلام شاتان و عن الجارية شاة واحدة " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 489 : أخرجه ابن راهويه في " مسنده " ( 4 / 109 / 2 ) : أخبرنا عبد الله بن إدريس : أنبأنا عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء قال : قالت امرأة عند عائشة : لو ولدت امرأة فلان نحرنا عنه جزورا , قالت #عائشة #: لا , و لكن السنة .. الحديث . قلت : و هذا إسناد صحيح إن كان عطاء - و هو ابن أبي رباح المكي - سمع ذلك من عائشة , فقد قال أحمد : " رواية عطاء عن عائشة لا يحتج بها إلا أن يقول : سمعت " . و الحديث صحيح , فإن له طرقا أخرى و شواهد مخرجة في " الإرواء " ( 1116 ) و إنما أوردته هنا لقصة المرأة مع عائشة , و قولها " لا " , فإنه صريح في أنه لا تجزي العقيقة بغير الغنم , و لهذا طريق آخر أخرجه البيهقي ( 9 / 301 ) و غيره من طريق ابن أبي مليكة قال : نفس لعبد الرحمن بن أبي بكر غلام , فقيل لعائشة رضي الله عنها : يا أم المؤمنين عقي عنه جزورا . فقالت : معاذ الله , و لكن ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " شاتان مكافئتان " . و إسناده حسن كما بينته في " الإرواء " ( 4 / 390 ) . و أخرجه عبد الرزاق في " المصنف " ( 4 / 328 / 7956 ) و عنه ابن حزم ( 1 / 317 ) من طريق أخرى عن حفصة بنت عبد الرحمن عن عائشة . و فيه أن حفصة ولدت للمنذر بن الزبير غلاما , فقيل لها : هلا عققت جزورا على ابنك ? فقالت : معاذ الله ! كانت عمتي عائشة تقول : على الغلام شاتان , و على الجارية شاة واحدة . و إسناده صحيح , و قد أخرجه الترمذي و غيره مرفوعا دون ذكر الجزور و قولها معاذ الله . و هو مخرج هناك . ثم رأيت ابن راهويه قال في مكان آخر من " مسنده " ( 4 / 149 / 1 ) : أخبرنا يعلى بن عبيد أخبرنا عبد الملك عن عطاء عن أبي كرز عن أم كرز قالت : قالت امرأة من أهل عبد الرحمن بن أبي بكر : إن ولدت امرأة عبد الرحمن .. الحديث مثل رواية ابن إدريس . ثم ساقها أيضا عقب حديث يعلى هذا . فتبين به أنها منقطعة , بل معضلة , بين عطاء و عائشة أبو كرز عن أم كرز . و أم كرز ذكروها في الصحابيات بخلاف أبي كرز , فكأنه غير محفوظ . و الله أعلم . 2721 " كان ناس يأتون رسول الله صلى الله عليه وسلم من اليهود , فيقولون السام عليك ! فيقول : و عليكم . ففطنت بهم عائشة فسبتهم , ( و في رواية : قالت عائشة : بل عليكم السام و الذام ) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مه يا عائشة ! [ لا تكوني فاحشة ] فإن الله لا يحب الفحش و لا التفحش . قالت : فقلت : يا رسول الله إنهم يقولون كذا و كذا . فقال : أليس قد رددت عليهم ? فأنزل الله عز وجل : *( و إذا جاؤك حيوك بما لم يحيك به الله )* إلى آخر الآية " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 491 : أخرجه ابن راهويه في " مسنده " ( 4 / 168 / 1 ) : أخبرنا يعلى بن عبيد أخبرنا الأعمش عن أبي الضحى عن مسروق عن # عائشة # قالت : فذكره . قلت : و هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين , و قد أخرجه مسلم ( 7 / 5 ) من طريق ابن راهويه , و أحمد ( 6 / 229 ) : حدثنا أبو معاوية و ابن نمير قالا : حدثنا الأعمش به . و فيه الزيادة , و هي عند مسلم أيضا من طريق أخرى عن أبي معاوية وحده , و فيه الرواية الأخرى و هي عند ابن راهويه أيضا عن أبي معاوية , و من طريقه رواه ابن ماجه ( 2 / 397 ) مختصرا . و أخرجه النسائي في " السنن الكبرى " ( 6 / 482 / 11571 ) من طريق الفضل بن موسى قال : أخبرنا الأعمش به . و فيه الزيادة . ( تنبيه ) : عز الحديث السيوطي في " الدر المنثور " ( 6 / 184 ) لعبد الرزاق و سعيد بن منصور و عبد بن حميد و الشيخين و ابن المنذر و ابن أبي حاتم و ابن مردويه و البيهقي في " الشعب " عن عائشة رضي الله عنها . و في هذا نظر من وجهين : الأول : عزوه إياه لعبد الرزاق و البخاري . و هما إنما أخرجاه مختصرا من طريق أخرى عن عائشة نحوه , فليس فيه نزول الآية . فانظر "المصنف ( 10 / 392 / 19460 ) و كذا " تفسيره " ( 3 / 279 ) , " و صحيح البخاري " ( 2024 ) . و الآخر : أنه لم يعزه لابن ماجه و لا النسائي , بل و لا أحمد , و قد رواه بتمامه كما تقدم . و كذلك قصر الحافظ ابن كثير ( 4 / 323 ) تقصيرا أفحش , فلم يعزه إلا لابن أبي حاتم فقط ! و تبعه على ذلك المقلد الصابوني في " مختصره " ( 3 / 462 ) . ثم رأيت الحديث عند ابن راهويه ( 4 / 189 / 1 ) من طريق ابن أبي مليكة عن عائشة بلفظ : إن اليهود دخلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : السام عليك . فقال : و عليكم . فقالت عائشة : عليكم السام و غضب الله و لعنته أخوة القردة و الخنازير ! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا عائشة عليك بالحلم , و إياك و الجهل " . فقالت : أولم تسمع ما قالوا ? قالوا : السام عليك ! فقال : " أوليس قد رددت عليهم , إنه يستجاب لنا فيهم , و لا يستجاب لهم فينا " . قلت : و هذه رواية عزيزة , و إسنادها هكذا : أخبرنا سليمان بن حرب أخبرنا حماد بن زيد عن أيوب [ عن ] ابن أبي مليكة . و هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين , و سقط من الأصل ( عن ) و السياق يقتضيه , فإن ابن أبي مليكة اسمه عبد الله بن عبيد الله المدني , معروف بالرواية عن عائشة , و عنه أيوب و هو السختياني , و عنه حماد بن زيد , و ليس في الرواة من اسمه أيوب بن أبي مليكة . و قد جاءت كلمة عائشة هذه التي في هذه الطريق في الرد على اليهود في مسند أحمد ( 3 / 134 - 135 ) من طريق محمد بن الأشعث عنها . و جاء قوله صلى الله عليه وسلم الذي في آخرها من حديث جابر بهذه القصة مختصرا , و فيه قوله صلى الله عليه وسلم : " بلى قد سمعت فرددت عليهم , و إنا نجاب عليهم , و لا يجابون علينا " . أخرجه مسلم ( 7 / 5 ) و أحمد ( 3 / 383 ) . ( فائدة ) : روى ابن راهويه عقب الحديث بإسناده الصحيح عن حسان بن عطية قال : لا بأس أن تؤمن على دعاء الراهب إذا دعا لك , فقال : إنه يستجاب لهم فينا , و لا يستجاب لهم في أنفسهم . 2722 " إن وجدت رجلا صالحا فتزوجي " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 493 : أخرجه ابن ماجه ( 1 / 625 - 626 ) و ابن راهويه في " مسنده " ( 4 / 266 / 1 - 2 ) من طريق داود بن أبي هند عن الشعبي عن مسروق و عمرو بن عتبة أنهما كتبا إلى # سبيعة بنت الحارث # يسألانها عن أمرها ? فكتبت إليهما : أنها وضعت بعد وفاة زوجها بخمسة و عشرين [ ليلة ] فتهيأت تطلب الخير , فمر بها أبو السنابل بن بعكك , فقال : قد أسرعت , اعتدي آخر الأجلين , أربعة أشهر و عشرا , فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم , فقلت : يا رسول الله ! استغفر لي . قال : و فيم ذاك ? فأخبرته [ الخبر ] , فقال : و الزيادتان لابن راهويه . قلت : و إسناده صحيح على شرط مسلم , و قد أخرجه هو و البخاري و غيرهما من طرق أخرى عن سبيعة و غيرها من الصحابة مختصرا و مطولا , و خرجت أحدها في " الإرواء " ( 2113 ) و إنما آثرت هذه الرواية بالتخريج لأنها تفردت عن سائر الطرق بهذه الفائدة التي فوق هذا التخريج , حيث أمرها صلى الله عليه وسلم بأن تتزوج بالرجل الصالح إن وجدته . و قد وهم الحافظ رحمه الله فعزاها في " الفتح " ( 9 / 476 ) لرواية الأسود عن أبي السنابل نفسه عند ابن ماجه . و هذه رواية أخرى لابن ماجه ليس فيها هذه الفائدة , و هي عند ابن راهويه أيضا . و سبب الوهم - فيما يبدو لي و الله أعلم - أن هذه عند ابن ماجه قبيل حديث الترجمة , فكأنه انتقل بصره عند النقل عنه إليها . و الله أعلم . و في الحديث فوائد فقهية أخرى ساق الحافظ الكثير الطيب منها كقوله : " و فيه جواز تجمل المرأة بعد انقضاء عدتها لمن يخطبها , لأن في رواية الزهري عند البخاري : فقال : مالي أراك تجملت للخطاب , و في رواية ابن إسحاق : فتهيأت للنكاح و اختضبت . و في رواية معمر عن الزهري : و قد اكتحلت , و في رواية الأسود : فتطيبت و تصنعت ". قلت : فما رأي المتحمسين للقول بأن المرأة كلها عورة دون استثناء في هذا الحديث الصحيح , و ما ذكره الحافظ من الفائدة ?! لعلهم يقولون - كما هي عادتهم في مثل هذا النص الصريح - : كان ذلك قبل نزول آية الحجاب ! فنجيبهم : رويدكم ! فقد كان ذلك بحجة الوداع كما في " الصحيحين " *( فهل من مدكر )* انظر كتابي " جلباب المرأة المسلمة " ( ص 69 - الطبعة الجديدة ) . 2723 " نهى أن يبال بأبواب المساجد " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 495 : أخرجه ابن شبة في " تاريخ المدينة " ( 1 / 36 ) من طريق ابن جابر أنه سمع # مكحولا # رضي الله عنه يقول : فذكره مرفوعا . قلت : و إسناده صحيح , رجاله ثقات رجال مسلم إلا أنه مرسل , لأن مكحولا تابعي شامي . لكن له شاهد من مرسل أبي مجلز : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن لا يدع أحدا يبول في قبلة المسجد . أخرجه ابن شبة أيضا , و إسناده صحيح أيضا . و هذان المرسلان قد أخرجهما أيضا أبو داود في " المراسيل " ( 3 ) و ( 14 ) و إليه فقط عزاهما السيوطي في " الجامع الصغير " , لكن الثاني منهما عنده بلفظ : " نهى أن يبال في قبلة المسجد " . و قد تعقبه المناوي بقوله : " لفظ أبي داود عن أبي مجلز أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر عمر أن ينهى أن يبال في قبلة المسجد " . قلت : و هكذا لفظه في " المراسيل " لأبي داود المطبوع بهذا العنوان ( ص 4 ) و هو في الحقيقة " مختصر المراسيل " لأنه محذوف الأسانيد , بل و المتون أيضا , و منها حديث مكحول هذا , فإنه ليس فيه . هذا و بعد الوقوف على إسنادي الحديث , و تبين كونهما صحيحين مرسلا , انقدح في النفس أن أحدهما يقوي الآخر , ذلك لأن الأول من رواية مكحول و هو شامي ثقة توفي سنة بضع عشرة و مائة , و الآخر من رواية أبي مجلز - و اسمه لاحق بن حميد - بصري ثقة أيضا مات سنة ست , و قيل تسع و مائة , فيكون شيوخ هذا غير شيوخ ذاك , فيغلب على الظن و الحالة هذه أن كلا منهما رواه عن شيخ غير شيخ الآخر , فيقوي أحدهما الآخر , كما أشار إلى ذلك الإمام الشافعي رحمه الله في " الرسالة " , و نقله عنه غير واحد منهم الحافظ ابن رجب الحنبلي في " شرح علل الترمذي " ( 1 / 299 ) , فليراجعه من شاء . و لذلك وجب نقل الحديثين من " ضعيف الجامع الصغير " ( 6015 و 6018 ) إلى " صحيح الجامع " , لاسيما و يشهد له الأحاديث الواردة بالأمر بتطهير المساجد و تنظيفها و تجميرها , و منها الحديث الآتي بعده . ثم رأيت الحديثين في " مراسيل أبي داود " المسندة ( رقم 3 و 14 ) باللفظين المذكورين عن ابن شبة . 2724 " كان يأمرنا أن نصنع المساجد في دورنا و أن نصلح صنعتها و نطهرها " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 496 : أخرجه أحمد ( 5 / 371 ) من طريق ابن ( الأصل : أبي ! ) <1>إسحاق : حدثني عمر بن عبد الله بن عروة بن الزبير عن جده # عروة عمن حدثه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم # قال : فذكره . قلت : و هذا إسناد حسن , رجاله ثقات رجال الشيخين غير ابن إسحاق , و هو حسن الحديث إذا صرح بالتحديث كما هنا , و جهالة الصحابي لا تضر , على أنه يحتمل احتمالا قويا أنه عائشة رضي الله عنها خالة عروة بن الزبير , فقد رواه جمع عن هشام بن عروة عن أبيه عنها بلفظ : " أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ببناء المساجد في الدور , و أن تنظف و تطيب " . و إسناده صحيح على شرط الشيخين كما حققته في " صحيح أبي داود " ( 479 ) و له هناك شاهد من حديث سمرة بن جندب , و رواه البيهقي , و قال ( 2 / 440 ) : " و المراد بـ ( الدور ) قبائلهم و عشائرهم " . ----------------------------------------------------------- [1] و هو على الصواب في " أطراف المسند " ( 11106 ) . اهـ . 2725 " من طاف بالبيت [ سبعا ] و صلى ركعتين كان كعدل رقبة " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 497 : أخرجه ابن ماجه ( 2989 - تحقيق الأعظمي ) من طريق العلاء بن المسيب عن عطاء عن # عبد الله بن عمر # قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : فذكره . قلت : و هذا إسناد صحيح , رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير شيخ ابن ماجه علي ابن محمد - و هو الطنافسي - و هو ثقة عابد كما قال الحافظ . و لذا قال البوصيري في " زوائد ابن ماجه " ( 182 / 2 ) : " هذا إسناد رجاله ثقات " . و عطاء هو ابن أبي رباح , و قد توبع , فرواه عطاء بن السائب عن عبد الله بن عبيد بن عمير أنه سمع أباه يقول : سمعت ابن عمر يقول : فذكره مرفوعا و فيه الزيادة . أخرجه الترمذي ( 959 ) و ابن خزيمة في " صحيحه " ( 2753 ) و ابن حبان ( 1003 ) و أحمد ( 2 / 3 و 95 ) و أبو يعلى ( 3 / 1365 و 1364 ) و الطبراني في " الكبير " ( 13440 ) و البغوي في " شرح السنة " ( 7 / 129 / 1916 ) من طرق يزيد بعضهم على بعض كلهم عن ابن السائب به . و قال الترمذي : " هذا حديث حسن , و روى حماد بن زيد عن عطاء بن السائب عن ابن عبيد بن عمير عن ابن عمر نحوه , و لم يذكر فيه ( عن أبيه ) " . قلت : وصله النسائي ( 2 / 36 ) و الطبراني ( 13447 ) من طريقين عن حماد به دون ذكر الأب . و لعل هذا هو الصواب , فإن حماد بن زيد روى عن عطاء قبل الاختلاط , و تابعه على ذلك في متن آخر سفيان بن عيينة عند الإمام أحمد ( 2 / 11 ) و هو ممن سمع منه قبل الاختلاط أيضا , و لعله لذلك قال البخاري : " لم يسمع من أبيه شيئا , و لا يذكره " . و لا ينافي ذلك أن عبد الرزاق رواه في " المصنف " ( 5 / 29 / 8877 ) عن معمر و الثوري عن عطاء بن السائب .. فقال : ( عن أبيه ) لاحتمال أن يكون سياق الإسناد لمعمر , و هو ممن سمع منه بعد الاختلاط بخلاف الثوري , فيكون عبد الرزاق أو راوي كتابه حمل روايته على رواية على معمر ! و الله أعلم . و إن من غفلة المعلق عليه أنه أعل المتن المشار إليه عند أحمد باختلاط ابن السائب ! و هو عنده من رواية ابن عيينة كما سبق , و إن كان خفي عليه أنه سمع منه قبل الاختلاط , فكيف خفي عليه أيضا أن الثوري روى عنه قبل الاختلاط , و روايتهبين عينيه في الكتاب . ثم رأيت رواية الثوري هذه عند ابن حبان ( 1000 ) من طريق محمود بن غيلان : حدثنا عبد الرزاق : أنبأنا سفيان به مثل رواية معمر . فالظاهر أن عبد الله بن عبيد كان يذكر أباه أحيانا في الإسناد . و الله أعلم . هذا و قد حسن حديث الترجمة الإمام البغوي , و تعقبه المعلق عليه باختلاط ابن السائب , و فاته طريق ابن ماجه الصحيح ! كما فاته شاهد له من حديث محمد بن المنكدر عن أبيه كما سأذكره , و لا غرابة في ذلك , لأنه في بعض المصادر التي ليست من مراجعه على أقل تقدير , و إنما الغرابة أن يفوته طريق ابن ماجه ! ثم إنه عزا رواية الثوري المتقدمة لأحمد رحمه الله , و هو وهم أو غفلة عن كون الإمام لم يدرك الثوري , فظن أنه حين قال : " حدثنا سفيان " و لم ينسبه , أنه الثوري كما تقدم . ( تنبيه ) : لم يورد الحافظ المزي في " تحفة الأشراف " في ترجمة " عبد الله بن عبيد بن عمير الليثي المكي عن ابن عمر " ( 5 / 474 ) رواية النسائي المتقدمة عنه و لا هو أشار إليها في ترجمة أبيه عبيد بن عمير ( 6 / 7 ) و فات الحافظ ابن حجر أن يستدرك ذلك عليه في " النكت الظراف على الأطراف " , فجل من أحاط بكل شيء علما . ثم وجدت للحديث شاهدا كنت أودعته في الكتاب الآخر , و الآن بدا لي نقله إلى هنا لشواهده بعد أن استخرت الله تبارك و تعالى , و هو بلفظ : " من طاف بالبيت أسبوعا لا يلغو فيه , كان له كعدل رقبة " . أخرجه البخاري في " التاريخ " ( 4 / 2 / 35 ) و الفسوي في " المعرفة " ( 2 / 115 - 116 ) و المخلص في " الفوائد المنتقاة " ( 9 / 200 / 1 ) و الطبراني في " المعجم الكبير " ( 20 / 360 / 845 ) عن حريث بن السائب - مؤذن لبني سلمة - عن محمد ابن المنكدر القرشي التيمي عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم : فذكره , و اللفظ للبخاري , و قال المخلص : " و ذكر الله " بدل : " لا يلغو " . و قال المنذري ( 2 / 121 ) و تبعه الهيثمي ( 3 / 245 ) : " و رجاله ثقات " ! كذا قالا , و له عندي علتان : الأولى : الإرسال , فإن المنكدر هذا - و هو ابن عبد الله بن الهدير التميمي - و إن أورده الطبراني و غيره في الصحابة , فإنه لم يثبت ذلك , فقال ابن أبي حاتم ( 4 / 1 / 406 ) : " روى عن النبي صلى الله عليه وسلم و لا تثبت له صحبة , و عن عمر بن الخطاب " . و قال ابن عبد البر في " الاستيعاب " ( 4 / 1486 ) : " حديثه مرسل عندهم , و لا يثبت له صحبة , و لكنه ولد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم " . و ذكره ابن حبان في " ثقات التابعين " ( 3 / 265 ) . قلت : فالعجب من الحافظ ابن حجر كيف سكت عن هذه الحقيقة , فلم يتعرض لبيانها في ترجمة المنكدر من " الإصابة " بعد ما ذكر أن الطبراني و غيره ذكره في الصحابة . و الثانية : جهالة المنكدر هذا , فإن ابن أبي حاتم لم يذكر له راويا عنه غير ابن أخيه عبد الله بن ربيعة بن عبد الله بن الهدير . و ابن حبان قال : " روى عنه ابنه محمد بن المنكدر " , و لم يزد . فهو تابعي مجهول الحال , فالحديث مرسل , لكن لا بأس به في الشواهد , فإن بقية الرجال ثقات على ضعف في حريث بن السائب , فقد وثقه ابن معين و ابن حبان , و قال أحمد و أبو حاتم و غيرهما : " ما به بأس " . بل قال الفلاس : " شيخ ثبت لا بأس به " . فهو حسن الحديث إن شاء الله تعالى إذا لم يخالف , و قد روى حديثا منكرا خرجناه و بينا من خالفه في الكتاب الآخر ( 1063 ) . و شاهد آخر يرويه أبو حفص الجمحي : حدثنا علي بن عبد العزيز حدثنا القعنبي حدثنا إبراهيم بن عبد الله بن الحارث الجمحي عن محمد بن حبان عن أبي سعيد الخدري قال : " من طاف بهذا البيت سبعا لا يتكلم فيه إلا بتكبير أو تهليل كان عدل رقبة " . أخرجه البيهقي في " السنن الكبرى " ( 5 / 85 ) . و رجاله ثقات غير أبي حفص - و في نسخة : أبي جعفر - الجمحي , فلم أعرفه . و محمد بن حبان , هو ابن يحيى بن حبان نسب لجده . و يشهد لجملة : " لا يلغو فيه " حديث ابن عباس مرفوعا و موقوفا : " الطواف حول البيت مثل الصلاة , إلا أنكم تتكلمون فيه , فمن تكلم فيه فلا يتكلم إلا بخير " . و قد صح مرفوعا , و صححه جمع , و هو مخرج في " إرواء الغليل " ( 121 ) . 2726 " عق عن نفسه بعدما بعث نبيا " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 502 : روي من طريقين عن # أنس # رضي الله عنه : الأولى : عن عبد الله بن المحرر عن قتادة عنه . أخرجه عبد الرزاق في " المصنف " ( 4 / 329 / 7960 ) و من طريقه ابن حبان في " الضعفاء " ( 2 / 33 ) و البزار في " مسنده " ( 2 / 74 / 1237 - كشف الأستار ) و ابن عدي في " الكامل " ( ق 209 / 1 ) و قال : " عبد الله بن محرر رواياته غير محفوظة " . و قال البزار : " تفرد به عبد الله بن المحرر , و هو ضعيف جدا , إنما يكتب عنه ما لا يوجد عند غيره " . و أورده الذهبي في ترجمته من " الميزان " على أنه من بلاياه ! و عزاه الحافظ في " التلخيص " ( 4 / 147 ) للبيهقي , و قال : " و قال : منكر , و فيه عبد الله بن محرر , و هو ضعيف جدا , و قال عبد الرزاق : إنما تكلموا فيه لأجل هذا الحديث . قال البيهقي : " و روي من وجه آخر عن قتادة , و من وجه آخر عن أنس , و ليس بشيء " . قلت : أما الوجه الآخر عن قتادة فلم أره مرفوعا , و إنما ورد أنه كان يفتي به , كما حكاه ابن عبد البر , بل جزم البزار و غيره بتفرد عبد الله بن محرر عن قتادة , و أما الوجه الآخر عن أنس فأخرجه أبو الشيخ في " الأضاحي " , و ابن أعين في " مصنفه " , و الخلال من طريق عبد الله بن المثنى .. " . قلت : و هي الطريق الآتية , و قد أخرجها جمع آخر أشهر ممن ذكر كما يأتي . و التفرد الذي حكاه عن قتادة سيأتي رده من كلام الحافظ نفسه . و الطريق الأخرى : عن الهيثم بن جميل : حدثنا عبد الله بن المثنى بن أنس عن ثمامة بن أنس عن أنس به . أخرجه الطحاوي في " مشكل الآثار " ( 1 / 461 ) و الطبراني في " المعجم الأوسط " ( 1 / 55 / 2 رقم 976 - بترقيمي ) و ابن حزم في " المحلى " ( 8 / 321 ) و الضياء المقدسي في " المختارة " ( ق 71 / 1 ) . قلت : و هذا إسناد حسن رجاله ممن احتج بهم البخاري في " صحيحه " غير الهيثم ابن جميل , و هو ثقة حافظ من شيوخ الإمام أحمد , و قد حدث عنه بهذا الحديث كما رواه الخلال عن أبي داود قال : سمعت أحمد يحدث به . كما في " أحكام المولود " لابن القيم ( ص 88 - دمشق ) , و من العجيب أنه أتبع هذه الطريق بالطريق الأولى , و قال : " قال أحمد : منكر , و ضعف عبد الله بن محرر " . و لم يتعرض لهذه الطريق الأخرى بتضعيف ! و كذلك فعل الطحاوي و ابن حزم , فيمكن اعتبار سكوتهم عنه إشارة منهم لقبولهم إياه , و هو حري بذلك فإن رجاله ثقات اتفاقا غير عبد الله بن المثنى و هو ابن عبد الله بن أنس بن مالك , فإنه و إن احتج به البخاري فقد اختلفوا فيه اختلافا كثيرا , كما ترى في " التهذيب " و غيره , و ذكره الذهبي في " المتكلم فيهم بما لا يوجب الرد " ( 129 / 190 ) , فهو وسط . و أفاد الحافظ ابن حجر في " مقدمة الفتح " ( ص 416 ) أن البخاري لم يحتج به إلا في روايته عن عمه ثمامة , و أنه إنما روى له عن غيره متابعة . قلت : فلعل ذلك لصلة عبد الله بعمه , و معرفته بحديثه , فهو به أعرف من حديث غيره , فكأن البخاري بصنيعه هذا الذي أشار إليه الحافظ يوفق بين قول من وثقه و قول من ضعفه , فهو في روايته عن عمه حجة , و في روايته عن غيره ضعيف . و لعل هذا هو وجه إيراد الضياء المقدسي للحديث في " المختارة " , و سكوت من سكت عليه من الأئمة , كما أشرت إليه آنفا . و أما الحافظ ابن حجر فقد تناقض كلامه في هذا الحديث تناقضا عجيبا , فهو تارة يقويه و تارة يضعفه في المكان الواحد ! فقد نقل في " الفتح " ( 9 / 594 - 595 ) عن الإمام الرافعي أن الاختيار في العقيقة أن لا تؤخر عن البلوغ , و إلا سقطت عمن كان يريد أن يعق عنه , لكن إن أراد أن يعق عن نفسه فعل , فقال الحافظ عقبه : " و كأنه أشار بذلك إلى أن الحديث الذي ورد : " أن النبي صلى الله عليه وسلم عق عن نفسه بعد النبوة " لا يثبت , و هو كذلك " . ثم أخرجه من رواية البزار الضعيفة , ثم قال : " و أخرجه أبو الشيخ من وجهين آخرين : أحدهما : من رواية إسماعيل بن مسلم عن قتادة عن أنس . و إسماعيل ضعيف أيضا , فلعله سرقه من عبد الله بن محرر . ثانيهما : من رواية أبي بكر المستملي عن الهيثم بن جميل .. و الهيثم ثقة , و عبد الله من رجال البخاري . فالحديث قوي الإسناد , و قد أخرجه ابن أعين .. و الطبراني في " الأوسط " .. فلولا ما في عبد الله بن المثنى من المقال لكان هذا الحديث صحيحا " . ثم ذكر أقوال العلماء فيه ممن وثقه و ضعفه , ثم قال : " فهذا من الشيوخ الذين إذا انفرد أحدهم بالحديث لم يكن حجة " . قلت : و هذا الإطلاق فيه نظر , يتبين لك من شرحنا السابق لتفريق البخاري بين رواية عبد الله بن المثنى عن عمه , فاحتج بها , و بين روايته عن غيره , فاعتبر بها , و هو مما استفدناه من كلام الحافظ نفسه في " المقدمة " , فلعله لم يستحضره حين كتب هذا الإطلاق . على أن ابن المثنى لم يتفرد بالحديث , بدليل متابعة قتادة عند إسماعيل بن مسلم - و هو المكي البصري - و هو و إن كان ضعيفا فإنه لم يتهم , بل صرح بعضهم أنه كان يخطىء . و قال أبو حاتم فيه - و هو معدود في المتشددين - : " ليس بمتروك , يكتب حديثه " . أي للاعتبار و الاستشهاد به , و لذلك قال ابن سعد : " كان له رأي و فتوى , و بصر و حفظ للحديث , فكنت أكتب عنه لنباهته " . قلت : فمثله يمكن الاستشهاد بحديثه فيقوى الحديث به . و أما قول الحافظ المتقدم فيه : " لعله سرقه من ابن المحرر " . فهو مردود بأن أحدا لم يتهمه بسرقة الحديث مع كثرة ما قيل فيه . و الله أعلم . و مما سبق يظهر لك أن الوجه الآخر عن قتادة مما أشار إليه البيهقي في كلامه المتقدم نقلا عن الحافظ في " التلخيص " و قال هذا فيه : " لم أره مرفوعا " , قد رآه بعد و ذكره في " الفتح " , و هو رواية إسماعيل هذه . و بالله التوفيق . و إذا تبين لك ما تقدم من التحقيق ظهر لك أن قول النووي في " المجموع شرح المهذب " ( 8 / 431 - 432 ) : " هذا حديث باطل " . أنه خرج منه دون النظر في الطريق الثاني و حال راويه ابن المثنى في الرواية , و لا وقف على المتابعة المذكورة , و الله أعلم , و قد قال الهيثمي في " مجمع الزوائد " : " رواه البزار و الطبراني في " الأوسط " , و رجال الطبراني رجال " الصحيح " , خلا الهيثم بن جميل , و هو ثقة , و شيخ الطبراني أحمد بن مسعود الخياط المقدسي ليس هو في الميزان " . قلت : يشير إلى تمشيته , و قد تابعه جمع من الثقات منهم الإمام أحمد كما تقدم . و الحديث قواه عبد الحق الإشبيلي في " الأحكام " , و قد ذهب بعض السلف إلى العمل به , فروى ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 8 / 235 - 236 ) عن محمد بن سيرين قال : " لو أعلم أنه لم يعق عني لعققت عن نفسي " . و إسناده صحيح إن كان أشعث الراوي له عن ابن سيرين هو ابن عبد الله الحداني أو ابن عبد الملك الحمراني , و كلاهما بصري ثقة . و أما إن كان ابن سوار الكوفي فهو ضعيف , و ثلاثتهم رووا عن ابن سيرين , و عنهم حفص - و هو ابن غياث - و هو الراوي لهذا الأثر عن أشعث ! و ذكر ابن حزم في " المحلى " ( 8 / 322 ) من طريق الربيع بن صبيح عن الحسن البصري : " إذا لم يعق عنك , فعق عن نفسك و إن كنت رجلا " . و هذا إسناد حسن . 2727 " من قال : أستغفر الله ... الذي لا إله إلا هو الحي القيوم و أتوب إليه ثلاثا غفرت له ذنوبه و إن كان فارا من الزحف " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 506 : جاء من حديث # عبد الله بن مسعود و زيد مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم و أبي بكر الصديق و أبي هريرة و أبي سعيد الخدري و أنس بن مالك و البراء بن عازب # . 1 - أما حديث ابن مسعود فيرويه محمد بن سابق عن إسرائيل عن أبي سنان عن أبي الأحوص عنه مرفوعا به و زاد " العظيم " مكان النقط , و يأتي بيان ما فيه . أخرجه الحاكم ( 1 / 511 ) و قال : " صحيح على شرط الشيخين " . و أقره المنذري في " الترغيب " ( 2 / 269 ) , ثم الذهبي في " التلخيص " , لكنه قال : " قلت : أبو سنان هو ضرار بن مرة لم يخرج له البخاري " . يعني أنه من أفراد مسلم , و هو كما قال , و هو ثقة كسائر رجاله , و هم مترجمون في " التهذيب " غير شيخ الحاكم : بكر بن محمد الصيرفي , و هو المروزي الدخمسيني , و هو لقبه , و كان فاضلا عالما , و له ترجمة جيدة في " أنساب السمعاني " , و وصفه الحافظ الذهبي في " تذكرة الحفاظ " بأنه محدث مرو , و ذكر وفاته سنة ( 345 ) . و شيخه في هذا الحديث ترجمه الخطيب في " تاريخ بغداد " ( 4 / 250 - 251 ) برواية جمع من الحفاظ الثقات عنه , و قال : " و كان ثقة أمينا , توفي سنة تسع و سبعين و مائتين " . ثم رأيت الحاكم قد أخرجه في مكان آخر ( 2 / 117 - 118 ) من طريق محمد بن يوسف الفريابي : حدثنا إسرائيل به دون لفظ " العظيم " , و قال : " صحيح على شرط مسلم " . و وافقه الذهبي . و أقره النووي في " الرياض " ( 664 / 1882 ) . 2 - و أما حديث زيد مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم , فيرويه بلال بن يسار ابن زيد عن أبيه عن جده مرفوعا به دون قوله : " ثلاثا " . أخرجه أبو داود و الترمذي و ابن أبي خيثمة في " التاريخ " ( 250 - مصورة الجامعة الإسلامية ) و ابن سعد ( 7 / 66 ) و استغربه الترمذي , و جود إسناده المنذري , و فيه جهالة كما بينته في " صحيح أبي داود " ( 1358 ) و لكنه صحيح بما قبله , و ما بعده . 3 - و أما حديث أبي بكر فيرويه عروة بن زهير البجلي عن ثابت البناني عن أنس ابن مالك عنه به . أخرجه ابن عدي في " الكامل " ( ق 260 / 1 ) و قال : " عروة هذا لا أعرف له غير هذا الحديث . و قال البخاري : لا يتابع عليه " . و نقل العقيلي ( 3 / 364 ) عن البخاري أنه قال : " منكر الحديث " . و أما ابن حبان فذكره في " الثقات " ( 7 / 288 ) ! 4 - و أما حديث أبي هريرة , فيرويه بشر بن رافع عن محمد بن عبد الله عن أبيه عنه مرفوعا به . أخرجه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " ( 2 / 303 ) . قلت : و هذا إسناد ضعيف لضعف بشر بن رافع . و محمد بن عبد الله لم أعرفه , و من المحتمل أنه محمد بن عبيد الله مصغرا و هو محمد بن عبيد الله بن أبي رافع الهاشمي مولاهم , فإن لأبيه رواية عن أبي هريرة , فإن يكن هو فهو ضعيف أيضا . 5 - و أما حديث أبي سعيد الخدري فيرويه عثمان بن هارون القرشي : حدثنا عصام بن قدامة عن عطية العوفي عنه مرفوعا به , إلا أنه قال : " غفر له ذنوبه و لو كانت عدد رمل عالج , و غثاء البحر , و عدد نجوم السماء " . أخرجه الطبراني في " الدعاء " ( 1784 ) و ابن عساكر في " تاريخ دمشق " ( 14 / 353 / 1 - 2 ) . قلت : و عطية العوفي ضعيف . و عثمان بن هارون القرشي لم أجد له ترجمة . و تابعه أشعث بن شعبة عند الطبراني , و هو لين . 6 - و أما حديث أنس فيرويه دينار بن عبد الله عنه به مرفوعا . أخرجه ابن عساكر ( 14 / 358 / 2 ) . قلت : و هذا إسناد ضعيف بمرة , دينار بن عبد الله , تالف متهم كما قال الذهبي , و قال ابن حبان ( 1 / 295 ) : " شيخ , كان يروي عن أنس أشياء موضوعة , لا يحل ذكره في الكتب و لا كتابة ما رواه إلا على سبيل القدح فيه " . قلت : فلا يجوز الاستشهاد به و لا كرامة . 7 - و أما حديث البراء فيرويه عمرو بن الحصين بإسناد له واه عنه به , إلا أنه زاد : " في دبر كل صلاة " . و هي زيادة باطلة تفرد بها ابن الحصين هذا , و هو و شيخه متروكان , و لذلك خرجت حديثهما في " الضعيفة " ( 4546 ) , فلا داعي لإعادة تخريجه . و بالجملة فالحديث من طريق ابن مسعود صحيح , و طرقه الأخرى غالبها واهية , و ما بقي منها إن لم يزده قوة , فلا يضره . و قد عزاه السيوطي في " الجامع الكبير " بلفظ الترمذي المتقدم لابن عساكر عن أنس , ش عن ابن مسعود و جابر موقوفا عليهما . و لم أقف على إسناد جابر . و أما ( ابن مسعود ) , فأخرجه في " المصنف " ( 10 / 300 / 9499 ) من طريق إسماعيل عن أبي سنان بإسناده المتقدم عنه , لكن أوقفه , و لا يضر المرفوع لأنه في حكمه . و قد وجدت له شاهدا مختصرا جدا , من رواية داود بن الزبرقان عن الوراق عن نافع عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم لأصحابه : " قولوا : سبحان الله و بحمده مائة مرة , من قالها مرة كتبت له عشرا و من قالها عشرا كتبت له مائة و من قالها مائة كتبت له ألفا , و من زاد زاده , و من استغفر الله غفر له " . رواه الترمذي ( 3466 ) و قال : " حديث حسن غريب " . كذا قال , و أقره الشوكاني في " تحفة الذاكرين " ( ص 237 و 254 ) ! و فيه نظر من وجهين : الأول : مطر الوراق , قال الحافظ : " صدوق كثير الخطأ " . و الآخر : داود بن الزبرقان , قال الحافظ : " متروك , و كذبه الأزدي " . لكن قد أفاد الحافظ المزي في " التحفة " ( 6 / 232 ) أن النسائي أخرجه في " اليوم و الليلة " من طريق روح بن القاسم و المثنى بن يزيد عن مطر به نحوه . و روح ابن القاسم ثقة من رجال الشيخين , لكن لا أدري إذا كان في روايته موضع الشاهد منه , و هو قوله في آخره : " و من استغفر الله غفر له " . فإن الكتاب المذكور : " اليوم و الليلة " للنسائي لم يتيسر لي بعد أن أحصل على نسخة منه , و قد طبع حديثا , فإن وجد فيها فهو شاهد لا بأس به على اختصاره , و إلا فلا يصلح للاستشهاد به , لشدة ضعف ابن الزبرقان به . و الله أعلم . ( تنبيه ) : لفظة ( العظيم ) المشار إليها بنقط في حديث الترجمة لم ترد عند السيوطي في " الجامع الكبير " , و قد عزاه للحاكم , فينبغي التثبت منها , لاسيما و لم أرها في شيء من الروايات الأخرى على ضعفها . ثم وقفت على كتاب " عمل اليوم و الليلة " للنسائي بتحقيق الدكتور فاروق حمادة , فرأيت حديث مطر فيه ( 212 / 160 ) بلفظ : " اذكروا عباد الله , فإن العبد إذا قال : سبحان الله و بحمده , كتب الله له بها عشرا و من عشر إلى مائة , و من مائة إلى ألف , فمن زاد زاد الله له " . و ليس فيه جملة الاستغفار كما ترى . قلت : و مطر - و هو الوراق - مختلف فيه , و قال الحافظ : " صدوق كثير الخطأ " . هذا . و أما لفظة " العظيم " , فقد بدا لي أنها مقحمة من بعض النساخ للأمور التالية : أولا : أنها لم تذكر في " الجامع الكبير " كما تقدم . ثانيا : لم تذكر أيضا في " الرياض " , و قد عزاه للحاكم كما تقدم . ثالثا : أنها لم تذكر أيضا في الموضع الثاني من " المستدرك " . و الله سبحانه و تعالى أعلم . 2728 " إن الله لينادي يوم القيامة : أين جيراني , أين جيراني ? قال : فتقول الملائكة : ربنا ! و من ينبغي أن يجاورك ? فيقول : أين عمار المساجد ? " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 512 : أخرجه الحارث بن أبي أسامة في " مسنده " ( 16 / 1 ) : حدثنا محمد بن جعفر الوركاني : حدثنا معتمر بن سليمان عن فياض بن غزوان عن محمد بن عطية عن # أنس # قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره . قلت : و هذا إسناد جيد , رجاله ثقات من رجال " التهذيب " غير فياض بن غزوان , ترجمه ابن أبي حاتم ( 3 / 2 / 87 ) برواية جمع من الثقات عنه , و روى عن الإمام أحمد أنه قال فيه : " شيخ ثقة " . و كذا هو في كتاب " العلل و معرفة الرجال " للإمام أحمد ( 1 / 351 / 2309 ) . و وثقه ابن حبان أيضا , فأورده في أتباع التابعين من كتابه " الثقات " . و محمد بن عطية أورده في " ثقات التابعين " , و قال : " يروي عن أبيه - و له صحبة - عداده في أهل اليمن , روى عنه عروة " . و كذا ذكر البخاري و ابن أبي حاتم أنه روى عنه عروة , فلم يذكروا له راويا غيره , و كأنه لذلك قال الذهبي في " الميزان " : " تفرد بالرواية عنه ولده الأمير عروة " . و يرده هذا الحديث , فإنه من رواية فياض عنه كما ترى , و السند إليه صحيح على شرط مسلم , و هذه فائدة هامة لا تجدها في كتب الرجال المعروفة حتى و لا في " التهذيب " , و مع ذلك قال في " التقريب " : " صدوق " ! فعض عليها بالنواجذ , و قد توبع محمد بن عطية في روايته عن أنس لكن بلفظ : " إن عمار بيوت الله هم أهل الله عز وجل " . لكن في إسناده ضعف , و لذلك خرجته في الكتاب الآخر برقم ( 1682 ) . 2729 " كان لا يخيل على من رآه " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 513 : أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 10 / 264 / 10510 ) : حدثنا محمد بن عبدوس ابن كامل : حدثنا الوليد بن شجاع حدثنا المطلب بن زياد عن عبد الله بن عيسى عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن # عبد الله بن مسعود # قال : فذكره مرفوعا . قلت : و هذا إسناد حسن , رجاله كلهم ثقات من رجال " التهذيب " غير ابن عبدوس , و هو ثقة , و له ترجمة جيدة عند الخطيب في " التاريخ " ( 2 / 381 ) و في المطلب بن زياد خلاف لا يضر إن شاء الله تعالى , و قد أشار إلى ذلك الحافظ بقوله فيه في " التقريب " : " صدوق ربما وهم " . و نحوه قول الهيثمي في " المجمع " ( 7 / 182 ) : " رواه الطبراني , و رجاله ثقات " . قلت : و قد صح من قوله صلى الله عليه وسلم من طريق أخرى عن ابن مسعود رضي الله عنه بلفظ : " من رآني في المنام , فأنا الذي رآني , فإن الشيطان لا يتخيل بي " . أخرجه الإمام أحمد ( 1 / 450 )0 : حدثنا يحيى بن زكريا عن أبيه عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم به . قلت : و هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال مسلم , فهو صحيح لولا أن زكريا - و هو ابن أبي زائدة - سمع من أبي إسحاق - و هو عمرو بن عبد الله السبيعي - في حالة اختلاطه . لكن قد تابعه سفيان عن أبي إسحاق به , إلا أنه قال : " .. لا يتمثل بي " . أخرجه أحمد ( 1 / 375 و 400 و 440 ) و الترمذي ( 2277 ) و ابن ماجه ( 3946 ) و الدارمي ( 2 / 123 - 124 ) و قال الترمذي : " حديث حسن صحيح " . قلت : و سفيان هو و الثوري , و قد سمع من أبي إسحاق قبل الاختلاط , فالحديث صحيح على شرط مسلم . و رواه الطبراني في " الأوسط " ( 1 / 67 / 2 رقم 1244 ) من طريق الحجاج بن أرطأة عن أبي إسحاق به . و له شاهد من حديث عبد الله بن عباس مرفوعا بلفظ : " من رآني في المنام فإياي رأى , فإن الشيطان لا يتخيل بي . و في لفظ : لا يتخيلني " . أخرجه أحمد ( 1 / 279 ) من طريق جابر عن عمار عن سعيد بن جبير عنه . و رجاله ثقات رجال مسلم غير جابر و هو الجعفي , و هو ضعيف . لكن جاء من طريق أخرى من رواية عوف بن أبي جميلة عن نذير الفارسي - و كان يكتب المصاحف - قال : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام زمن ابن عباس , فقلت له : إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم , فقال ابن عباس : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : " إن الشيطان لا يستطيع لا يستطيع أن يتشبه بي , فمن رآني في النوم فقد رآني " هل تستطيع أن تنعت هذا الرجل الذي رأيته في النوم ? قال : نعم , أنعت لك رجلا بين الرجلين , جسمه و لحمه أسمر إلى البياض , أكحل العينين , حسن الضحك , جميل دوائر الوجه , قد ملأت لحيته ما بين هذه إلى هذه , قد ملأت نحره - قال عوف : و لا أدري ما كان مع هذا النعت - فقال ابن عباس : لو رأيته في اليقظة ما استطعت أن تنعته فوق هذا . أخرجه أحمد ( 1 / 361 ) و الترمذي في " الشمائل " ( 347 - " مختصر الشمائل " بقلمي ) , و إسناده جيد في المتابعات . و شاهد آخر من حديث أبي هريرة مرفوعا بلفظ : " .. فإن الشيطان لا يتمثل بي . و قال ابن فضيل مرة : يتخيل بي " . أخرجه أحمد ( 2 / 332 ) عنه عن عاصم بن كليب عن أبيه عنه . و في رواية أخرى له ( 2 / 342 ) من طريق عبد الواحد بن زياد : حدثنا عاصم بن كليب به باللفظ الأول لابن فضيل , و زاد : " قال عاصم : قال أبي : فحدثنيه ابن عباس , فأخبرته أني قد رأيته . قال : رأيته ? قال : أي والله لقد رأيته . قال : فذكرت الحسن بن علي , قال : إني والله قد ذكرته و نعته في مشيته . قال : فقال ابن عباس : إنه كان يشبهه " . و أخرجه الترمذي في " الشمائل " ( رقم - 346 ) من هذا الوجه , و كذا الحاكم ( 4 / 393 ) و قال : " صحيح الإسناد " . و وافقه الذهبي , و كذا العسقلاني , فإنه قال في " فتح الباري " ( 12 / 384 ) بعد أن عزاه للحاكم : " و سنده جيد " . و لفظه عنده : " قال : قلت لابن عباس : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام . قال : صفه لي . قال : ذكرت الحسن بن علي فشبهته به , قال : قد رأيته " . قلت : و لم أره في " مستدرك الحاكم " بهذا اللفظ . و الله أعلم . و له شاهد ثالث من حديث أنس مرفوعا بلفظ : " من رآني في المنام فقد رآني , فإن الشيطان لا يتخيل بي " . أخرجه الترمذي في " الشمائل " ( 349 ) و الطبراني في " الأوسط " ( 1 / 218 / 2 / 3906 ) و إسناده صحيح على شرط الشيخين . و قد أخرجه البخاري ( 6994 ) بلفظ : " .. لا يتمثل بي " , و المعنى واحد , قال المناوي في " شرح الشمائل " : " ( لا يتخيل بي ) أي لا يمكنه أن يظهر لأحد بصورتي , فمعنى ( التخيل ) يقرب من معنى التصور " . و اعلم أن الحديث قد جاء في الصحيحين و غيرهما بألفاظ أخرى مثل : " لا يتزايا بي " و " لا يتراءى بي " و " يتكونني " , و كلها متساوية المعاني , كما بينه الحافظ في " الفتح " ( 12 / 386 ) و هو بالجملة حديث متواتر و قد خرجته في " الروض النضير " عن عشرة من الصحابة تحت الحديث ( 995 ) , و في الباب عن جمع آخر منهم خرج أحاديثهم الهيثمي في " المجمع " ( 7 / 181 - 182 ) و عن البراء بن عازب , و في حديثه فائدة مثل ما تقدم عن ابن عباس , و لذلك فمن المفيد أن أسوقه , لاسيما و هو في مصدر عزيز من كتب السنة , و هو " مسند الروياني " , أخرجه ( 21 / 2 ) من طريق يحيى بن أبي بكير : أخبرنا علي - و يكنى أبا إسحاق - عن عامر بن سعد البجلي قال : لما قتل الحسين بن علي رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام , فقال : إن رأيت البراء بن عازب فأقرئه السلام , و أخبره أن قتلة الحسين بن علي في النار , و إن كاد الله أن يسحق أهل الأرض منه بعذاب أليم . قال : فأتيت البراء فأخبرته , فقال : صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من رآني في المنام فقد رآني , فإن الشيطان لا يتصور بي " . و هكذا أخرجه الدولابي في " الكنى " ( 1 / 101 ) في ترجمة علي أبي إسحاق هذا , و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا , و لا وجدت له ترجمة في شيء من كتب التراجم المعروفة , فالله أعلم به . ( فائدة ) : في هذه الأحاديث أنه من الممكن أن يرى الرائي النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته , و لو لم يكن معاصرا له , لكن بشرط أن يراه على صورته التي كان عليها صلى الله عليه وسلم في برهة من حياته , و إلى هذا ذهب جماعة من العلماء كما في " فتح الباري " ( 12 / 384 ) , و هو قول ابن عباس في رواية يزيد الفارسي و كليب والد عاصم , و كذا البراء كما تقدم , و علقه البخاري عن محمد بن سيرين إمام المعبرين , و قد وصله القاضي بسنده الصحيح عن أيوب قال : " كان ابن سيرين إذا قص عليه رجل أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم قال : صف لي الذي رأيته , فإن وصف له صفة لا يعرفها قال : لم تره " . و به قال العلامة ابن رشد , فقال كما في " الاعتصام " للإمام الشاطبي ( 1 / 355 ) : " و ليس معنى قوله صلى الله عليه وسلم : " من رآني فقد رآني حقا " أن كل من رأى في منامه أنه رآه , فقد رآه حقيقة , بدليل أن الرائي قد يراه مرات على صور مختلفة , و يراه الرائي على صفة , و غيره على صفة أخرى , و لا يجوز أن تختلف صور النبي صلى الله عليه وسلم , و لا صفاته , و إنما معنى الحديث : من رآني على صورتي التي خلقت عليها فقد رآني , إذ لا يتمثل الشيطان بي , إذ لم يقل صلى الله عليه وسلم : من رأى أنه رآني فقد رآني , و إنما قال : " من رآني فقد رآني " , و أنى لهذا الرائي الذي رأى أنه رآه على صورته الحقيقية أنه رآه عليها , و إن ظن أنه رآه ما لم يعلم أن تلك الصورة صورته بعينها , و هذا ما لا طريق لأحد إلى معرفته " . قال الحافظ : " و منهم من ضيق الفرض في ذلك , فقال : لابد أن يراه على صورته التي قبض عليها , حتى يعتبر عدد الشعرات البيض التي لم تبلغ عشرين شعرة . و الصواب التعميم في جميع حاله بشرط أن تكون صورته الحقيقة في وقت ما , سواء كان في شبابه أو رجولته أو كهولته , أو آخر عمره .. " . و قال الشيخ علي القارىء في " شرح الشمائل " ( 2 / 293 ) : " و قيل إنه مختص بأهل زمانه صلى الله عليه وسلم , أي من رآني في المنام يوفقه الله تعالى لرؤيتي في اليقظة . و لا يخفى بعد هذا المعنى , مع عدم ملاءمته لعموم ( من ) في المبنى , على أنه يحتاج إلى قيود , منها : أنه لم يره قبل ذلك , و منها أن الصحابي غير داخل في العموم .. " . قلت : و لا أعلم لهذا التخصيص مستندا إلا أن يكون حديث أبي هريرة عند البخاري ( 6993 ) مرفوعا بلفظ : " من رآني في المنام فسيراني في اليقظة , و لا يتمثل الشيطان بي " . فقد ذكر العيني في " شرح البخاري " ( 24 / 140 ) أن المراد أهل عصره صلى الله عليه وسلم , أي من رآه في المنام وفقه الله للهجرة إليه و التشرف بلقائه صلى الله عليه وسلم .. " . و لكنني في شك من ثبوت قوله : " فسيراني في اليقظة " , و ذلك أن الرواة اختلفوا في ضبط هذه الجملة : " فسيراني في اليقظة " , فرواه هكذا البخاري كما ذكرنا , و زاد مسلم ( 7 / 54 ) : " أو فكأنما رآني في اليقظة " . هكذا على الشك , قال الحافظ ( 12 / 383 ) : " و وقع عند الإسماعيلي في الطريق المذكورة : " فقد رآني في اليقظة " , بدل قوله : " فسيراني " . و مثله في حديث ابن مسعود عند ابن ماجه , و صححه الترمذي و أبو عوانة . و وقع عند ابن ماجه من حديث أبي جحيفة : " فكأنما رآني في اليقظة " . فهذه ثلاثة ألفاظ : " فسيراني في اليقظة " . " فكأنما رآني في اليقظة " . ( انظر ما تقدم برقم 1004 ) . " فقد رآني في اليقظة " . و جل أحاديث الباب كالثالثة إلا قوله في ( اليقظة ) " . و كلها في تأكيد صدق الرؤيا , فاللفظ الثاني أقرب إلى الصحة من حيث المعنى , فهو فيه كحديث ابن عباس و أنس المتقدم : " فقد رآني " , و آكد منه حديث أبي سعيد الخدري بلفظ : " فقد رآني الحق " . أخرجه البخاري ( 6997 ) و أحمد ( 3 / 55 ) و هو لابن حبان ( 6019 و 6020 ) عن أبي هريرة . 2730 " لو أنك أتيت أهل عمان ما سبوك و لا ضربوك " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 520 : أخرجه مسلم ( 7 / 190 ) و ابن حبان ( 2314 - موارد ) و أحمد ( 4 / 420 و 423 و 424 ) و اللفظ له , و الروياني في " مسنده " ( 30 / 19 / 1 ) من طرق عن مهدي بن ميمون : حدثنا أبو الوازع [ جابر بن عمرو الراسبي ] قال : سمعت # أبا برزة # قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رسولا إلى حي من أحياء العرب في شيء - لا يدري مهدي ما هو ? - قال : فسبوه و ضربوه , فشكا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم , فقال : فذكره . و ( عمان ) بضم العين و تخفيف الميم : مدينة بالبحرين كما قال النووي . و قد روي الحديث بلفظ آخر نحوه في حي العرب في ( عمان ) , لكن بإسناد آخر فيه انقطاع , و بلفظ ثالث مغاير لهذين فيه فضل الحجة منها , و هو ضعيف أيضا , و لذلك خرجتهما في " الضعيفة " ( 5173 و 5174 ) . 2731 " يا عائشة ! إياك و محقرات الذنوب , فإن لها من الله طالبا " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 521 : أخرجه الدارمي ( 2 / 303 ) و ابن ماجه ( 2 / 560 - التازية ) و ابن حبان في " صحيحه " ( 2797 ) و أحمد ( 6 / 70 و 151 ) و الحارث في " مسنده " ( ق 128 / 2 - زوائده ) من طرق عن سعيد بن مسلم بن بانك قال : سمعت عامر بن عبد الله بن الزبير يقول : حدثني عوف بن الحارث عن # عائشة # قالت : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره . قلت : قال البوصيري في " زوائد ابن ماجه " ( ق 262 / 1 ) : " هذا إسناد صحيح رجاله ثقات , رواه أبو بكر بن أبي شيبة و أبو يعلى في مسنده , و النسائي في ( الرقاق ) .. " . قلت : و رجاله رجال مسلم غير ابن بانك بفتح النون , و هو ثقة كما في " التقريب " , و لما ذكر في " الفتح " ( 11 / 329 ) تصحيح ابن حبان إياه , سكت عليه و أقره . و للحديث شاهدان أتم منه من حديث سهل بن سعد و عبد الله بن مسعود , حسن إسناد الأول منهما الحافظ , و قد سبق تخريجه برقم ( 389 ) , و الآخر مخرج في " الروض النضير " برقم ( 351 ) . ( تنبيه ) : في مطبوعة الدارمي زيادة : " مالك " في السند , و هي خطأ . 2732 " إن الله عز وجل ( و في لفظ : لعل الله ) اطلع على أهل بدر فقال : اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 521 : أخرجه أبو داود ( 2 / 265 - التازية ) و ابن حبان ( 2220 - موارد ) و الحاكم ( 4 / 77 - 78 ) و ابن أبي شيبة ( 12397 ) و أحمد ( 2 / 295 - 296 ) من طريق حماد بن سلمة عن عاصم بن أبي النجود عن أبي صالح عن # أبي هريرة # قال : فذكره مرفوعا . و في لفظ لأبي داود : " لعل الله .. " , و هو لفظ ابن حبان , و قال الحاكم : " صحيح الإسناد , و لم يخرجاه بهذا اللفظ على اليقين : " إن الله اطلع عليهم فغفر لهم " , و إنما أخرجاه على الظن : ( و ما يدريك لعل الله تعالى اطلع على أهل بدر " . و وافقه الذهبي . قلت : اللفظ الذي أخرجاه هو من حديث علي رضي الله عنه , و قد رواه غيرهما عنه , و صححه الترمذي , و هو مخرج في " صحيح أبي داود " ( 2381 ) , و قد جاء عن غيره من الصحابة , منهم ابن عباس عند أحمد ( 1 / 331 ) و ابن عمر عنده ( 2 / 109 ) و جابر أيضا ( 3 / 350 ) و صححه على شرط مسلم , و وافقه الذهبي , و كلهم ذكروه في قصة حاطب بن أبي بلتعة , خلافا لحديث أبي هريرة , فإنه ذكر فيه قصة أخرى فقال : " إن رجلا من الأنصار عمي , فبعث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم : أن تعال فاخطط في داري مسجدا أتخذه مصلى , فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم و اجتمع إليه قومه , و بقي رجل منهم , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أين فلان ? " , فغمزه بعض القوم فقال : إنه و إنه ! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أليس قد شهد بدرا ? قالوا : بلى يا رسول الله ! و لكنه كذا و كذا , فقال : لعل الله .. " . هكذا رواه ابن حبان بسنده الصحيح عن حماد بن سلمة . و كذلك رواه الدارمي ( 2 / 313 ) دون ما قبل قوله : " أين فلان .. " , فإن كان محفوظا فهي قصة أخرى , لكني في شك من ثبوتها في هذا الحديث لأمرين : الأول : أنها لم ترد في حديث أهل بدر عند من ذكرنا من الصحابة , إلا من حديث أبي هريرة عند من ذكرنا , و فيه عاصم بن أبي النجود , و هو متكلم في حفظه , و قد قال الذهبي و العسقلاني : " صدوق يهم " . فمثله حسن الحديث إذا لم يخالف , و أما مع المخالفة - كما هنا - فلا . و الآخر : أن قصة الأعمى و اسمه عتبان قد جاءت في " الصحيحين " و غيرهما عن عتبان نفسه , و فيها غمز الصحابة للرجل , دون حديث البدريين , و قال بديله : " أليس يشهد أن لا إله إلا الله و أني رسول الله ? .. " الحديث . انظر " صحيح مسلم " ( 1 / 45 - 46 ) . و قد خالف عاصم مخالفة أخرى , و ذلك قوله : " إن الله اطلع .. " , بينما قال غيره من الثقات الذين رووا الحديث عن الجمع المشار إليهم من الصحابة : " لعل الله اطلع .. " على الظن كما تقدم عن الحاكم . لكن الخطب في هذه المخالفة سهل لأمرين أيضا : الأول : أن عاصما لم يثبت عليها , بل إنه وافق الثقات في لفظهم في بعض الطرق عنه كما تقدم , فلا شك أن هذا أصح . و الآخر : أنه رواه بالمعنى , و هذا منه , فقد ذكر الحافظ في " الفتح " ( 7 / 305 - السلفية ) عن العلماء : أن الترجي في كلام الله و كلام رسوله للوقوع . 2733 " والذي نفس أبي القاسم بيده لينزلن عيسى ابن مريم إماما مقسطا و حكما عدلا , فليكسرن الصليب و ليقتلن الخنزير و ليصلحن ذات البين و ليذهبن الشحناء و ليعرضن عليه المال فلا يقبله , ثم لئن قام على قبري فقال : يا محمد لأجبته " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 524 : أخرجه أبو يعلى في " مسنده " ( 4 / 1552 ) : حدثنا أحمد بن عيسى أخبرنا ابن وهب عن أبي صخر أن سعيد المقبري أخبره أنه سمع # أبا هريرة # يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره . قلت : و هذا إسناد جيد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير أبي صخر - و هو حميد ابن زياد الخراط - فمن رجال مسلم وحده , و قد تكلم فيه بعضهم , و صحح له ابن حبان و الحاكم و البوصيري , و مشاه المنذري , فانظر الحديث ( 83 ) من كتابي " صحيح الترغيب و الترهيب " ( 1 / 39 ) . و الحديث قال الهيثمي ( 8 / 211 ) : " رواه أبو يعلى , و رجاله رجال الصحيح " . و قد أخرجه البخاري ( 3448 ) , و مسلم ( 1 / 93 - 94 ) و غيرهما من طريق سعيد ابن المسيب عن أبي هريرة دون قوله : " و ليصلحن ذات البين , و ليذهبن الشحناء " . و الفقرة الثانية منهما عند مسلم و غيره من حديث عطاء بن ميناء عن أبي هريرة و الجملة الأخيرة لها طريق أخرى عنه بلفظ : " .. و ليأتين قبري حتى يسلم علي , و لأردن عليه " . أخرجه الحاكم . و صححه الذهبي و غيرهما من المتأخرين , و فيه علتان بينتهما في " الضعيفة " تحت الحديث ( 5540 ) , لكن لعله يصلح شاهدا للطريق الأولى . ( تنبيه ) : قوله : " لأجبته " كذا في " مسند أبي يعلى " , و النسخة سيئة , لكن كذلك وقع أيضا في نقل الهيثمي عنه , و قد ادعى الشيخ أبو غدة في تعليقه على " التصريح بما تواتر في نزول المسيح " ( ص 245 ) أنه تحريف , و أن الصواب : " لأجيبنه " , و هو محتمل <1>1>. و الله أعلم . ----------------------------------------------------------- [1] ثم رأيته كذلك في " المطبوعة " ( 11 / 462 / 6584 ) و كذا في " المطالب العالية " ( 4 / 23 ) . اهـ . 2734 " إن الله يجعل مكان كل شوكة ( يعني من شجرة الطلح في الجنة ) مثل خصية التيس الملبود - يعني المخصي - فيها سبعون لونا من الطعام لا يشبه لونه لون الآخر " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 525 : أخرجه الطبراني في " الكبير " ( 17 / 130 / 318 ) و في " مسند الشاميين " ( ص 91 ) عن يحيى بن حمزة عن ثور بن يزيد عن حبيب بن عبيد عن #عتبة بن عبد السلمي #قال : كنت جالسا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء أعرابي فقال : يا رسول الله ! أسمعك تذكر شجرة في الجنة لا أعلم في الدنيا أكثر شوكا منها , يعني الطلح , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فإن الله .. قلت : و هذا إسناد صحيح رجاله ثقات رجال البخاري غير حبيب بن عبيد , فهو من رجال مسلم . و قال الهيثمي ( 10 / 414 ) : " رواه الطبراني , و رجاله رجال الصحيح " . و للحديث شاهد من رواية سليم بن عامر عن أبي أمامة مرفوعا نحوه . أخرجه الحاكم ( 2 / 476 ) و قال : " صحيح الإسناد " . و وافقه الذهبي , و رواه ابن أبي الدنيا نحوه , و حسن المنذري سنده في " الترغيب و الترهيب " ( 4 / 260 ) .( تنبيه ) : سقط من " المعجم الكبير " طرف من الحديث , ففسد المعنى , و قريب منه في " المجمع " , فليستدرك من هنا رواية " المسند " . 2735 " أوصيكم بتقوى الله و السمع و الطاعة و إن كان عبدا حبشيا , فإنه من يعش منكم بعدي يرى اختلافا كثيرا , فعليكم بسنتي و سنة الخلفاء الراشدين المهديين بعدي , عضوا عليها بالنواجذ [ و إياكم و محدثات الأمور , فإن كل محدثة بدعة و كل بدعة ضلالة ] " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 526 : أخرجه الطبراني في " مسند الشاميين " ( ص 136 ) من طريقين , و في " المعجم الكبير " ( 18 / 248 / 623 ) من أحدهما عن أرطاة بن المنذر عن المهاصر بن حبيب عن # العرباض بن سارية # قال : وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد صلاة الغداة موعظة بليغة ذرفت منها العيون , و وجلت منها القلوب , فقال رجل من أصحابه : يا رسول الله ! كأنها موعظة مودع , فقال : فذكره . قلت : و هذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات كما بينته في " ظلال الجنة " ( رقم 28 و 29 ) و هو في تخريج " كتاب السنة " لابن أبي عاصم , و الزيادة له , و قد أخرجها هو و أصحاب السنن و غيرهم من طرق كثيرة عن العرباض رضي الله عنه , فانظرها في " الظلال " ( 26 - 34 و 1037 - 1045 ) , و " مسند الشاميين " ( ص 237 و 276 و 403 ) و إنما آثرت هذه بالتخريج هنا لعزتها , و شهرة تلك , و بعضها في " الشاميين " ( ص 154 ) . و الحديث من الأحاديث الهامة التي تحض المسلمين على التمسك بالسنة و سنة الخلفاء الراشدين الأربعة و من سار سيرتهم , و النهي عن كل بدعة , و أنها ضلالة , و إن رآها الناس حسنة , كما صح عن ابن عمر رضي الله عنه . و الأحاديث في النهي عن ذلك كثيرة معروفة , و مع ذلك فقد انصرف عنها جماهير المسلمين اليوم , لا فرق في ذلك بين العامة و الخاصة , اللهم إلا القليل منهم , بل إن الكثيرين منهم ليعدون البحث في ذلك من توافه الأمور , و أن الخوض في تمييز السنة عن البدعة , يثير الفتنة , و يفرق الكلمة , و ينصحون بترك ذلك كله , و ترك المناصحة في كل ما هو مختلف فيه ناسين أو متناسين أن من المختلف فيه بين أهل السنة و أهل البدعة كلمة التوحيد , فهم لا يفهمون منها وجوب توحيد الله في العبادة , و أنه لا يجوز التوجه إلى غيره تعالى بشيء منها , كالاستغاثة و الاستعانة بالموتى من الأولياء و الصالحين *( و هم يحسبون أنهم يحسنون صنعا )* . ( تنبيه ) : هذا الحديث الصحيح مما ضعفه المدعو ( حسان عبد المنان ) مع اتفاق الحفاظ قديما و حديثا على تصحيحه , ضعفه من جميع طرقه , مع أن بعضها حسن , و بعضها صحيح كما بينته في غير ما موضع , و سائر طرقه تزيده قوة على قوة . و مع أنه أتعب نفسه كثيرا في تتبع طرقه , و تكلف تكلفا شديدا , في تضعيف مفرداته , و لكنه في نهاية مطافه هدم جل ما بناه بيده , و صحح الحديث لشواهده , مستثنيا أقل فقراته , منها : " عليكم بسنتي و سنة الخلفاء الراشدين المهديين بعدي " , و ذلك في آخر كتيبه الذي سماه " حوار مع الشيخ الألباني " , و مع أنه لم يكن فيه صادقا و منصفا , فقد كان يدلس على القراء و يكتم الحقائق , و يطعن في الحفاظ المشهورين , و يرميهم بالتساهل و التقليد , إلى غير ذلك من المخازي التي لا مجال الآن لبيانها , و لاسيما و قد قمت بشيء من ذلك بردي الجديد عليه , متتبعا تضعيفه للأحاديث الصحيحة التي احتج بها الإمام ابن القيم رحمه الله في كتابه " إغاثة اللهفان " الذي قام المذكور بطبعه و تخريج أحاديثه , فأفسده أيما إفساد بأكثر مما كان فعله من قبل بكتاب الإمام النووي : " الرياض " ! و المقصود الآن بيان جهله و طغيانه في تضعيفه لهذه الطريق الصحيحة , فأقول : لقد أعله في " حواره " بالانقطاع بين مهاصر بن حبيب و العرباض بن سارية , مع أنه نقل ( ص 57 - 58 ) عن أبي حاتم و ابن حبان أن ( مهاصرا ) روى عن جماعة من الصحابة , ذكر منهم أبو حاتم ( أبو ثعلبة الخشني ) . و ابن حبان ( أسد بن كرز ) , و أما هو فلا يسلم لهذين الحافظين , و يجزم ( ص 59 ) بأنه لم يسمع منهم , بناء على أنه تبنى قول بعض المتقدمين بشرطية ثبوت اللقاء , و ليس المعاصرة فقط , و مع أن هذا الشرط غير مسلم به عند الإمام مسلم و جماهير المحدثين و الفقهاء كما هو معلوم في كتب المصطلح , فهو عند التحقيق شرط كمال , و ليس شرط صحة كما حققته في مقدمة الرد المشار إليه آنفا , و مع ذلك , فإن هذا الجاني على السنة لم يكتف بالتبني المذكور - إذن لهان الأمر بعض الشيء - بل زاد عليه أن يشترط ثبوت السماع من الراويين , و لو كان اللقاء ثابتا في الأصل , فهو يضعف لذلك أحاديث كثيرة صحيحة . و قد بينت تمسكه بهذا الشرط الذي لا يقول به الأئمة حتى البخاري بأمثلة ذكرتها في تلك المقدمة . و المقصود أن الرجل منحرف عن ( الجماعة ) تأصيلا و تفريعا , فلا قيمة لمخالفاته البتة , و لا غرابة في تباين أحكامه عن أحكام علمائنا , و هاك المثال تأصيلا و تفريعا , فقد أعل أحاديث ( المهاصر ) عن الأصحاب الثلاثة الذين تقدم ذكرهم , و منهم ( أسد بن كرز ) بالانقطاع المنافي للصحة , و هذا هو الحافظ ابن حجر قد حسن إسناد حديث المهاصر عن ( أسد بن كرز ) في ترجمة هذا من " الإصابة " , و قد خرجته في " الصحيحة " ( 3138 ) , و قد بينت هناك أنه قد تحرف اسم ( مهاصر ) إلى ( مهاجر ) في عدة من المصادر , فليعلم . 2736 " إذا سقى الرجل امرأته الماء أجر " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 529 : أخرجه البخاري في " التاريخ الكبير " ( 2 / 1 / 163 ) و الطبراني في " الكبير " ( 18 / 358 ) و " الأوسط " ( 1 / 49 / 842 ) موصولا عن سعيد بن سليمان عن عباد بن العوام عن سفيان بن حسين عن خالد بن يزيد عن # عرباض بن سارية # قال : رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره , فقمت إليها فسقيتها و أخبرتها بما سمعت . و أخرجه أحمد ( 4 / 128 ) : حدثنا أبو جعفر - و هو محمد بن جعفر المدائني - : أخبرني عباد بن العوام عن سفيان بن الحسين عن خالد بن سعد عن العرباض بن سارية به . و أخرجه العقيلي في " الضعفاء " ( ص 115 ) من طريق سعيد بن سليمان قال : حدثنا عباد عن سفيان بن حسين عن خالد بن شريك عن عرباض بن سارية به . و قال مشيرا إلى انقطاعه و تفرد خالد هذا به : " لا يتبين سماعه منه , لا يتابع عليه , و ليس يحفظ له غيره " . قلت : فهذا اضطراب شديد في اسم هذا الرجل . و قد ترجمه الحافظ في " التهذيب " تبعا لأصله باسم خالد بن زيد . قال : " و قيل ابن يزيد - و هو وهم - أبو عبد الرحمن الشامي . أرسل عن العرباض بن سارية و شرحبيل بن السمط .. " . و ترجمه في " اللسان " باسم خالد بن شريك عن العرباض بن سارية و عنه سفيان بن حسين بحديث : إذا سقى .. و قال : " قال الأزدي : لا يتابع عليه " . و بالجملة فهذه الترجمة من المشكلات ليس من السهل الاهتداء فيها إلى الصواب , و لكن الحديث ضعيف لانقطاعه بين خالد هذا و العرباض , مع التردد في شخصية خالد . و الله أعلم . ثم وجدت للحديث طريقا أخرى موصولة يمكن تقويته بها . فقال الطبراني في " مسند الشاميين " ( ص 328 ) : حدثنا عمرو بن إسحاق : حدثنا محمد بن إسماعيل ابن عياش : حدثني أبي عن ضمضم بن زرعة عن شريح بن عبيد عن العرباض بن سارية قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : فذكره مع قول العرباض : فقمت .. إلخ . قلت : و هذا إسناد حسن في الشواهد و المتابعات , و رجاله موثقون غير محمد بن إسماعيل بن عياش , قال أبو داود : " لم يكن بذاك " . و قال أبو حاتم : " لم يسمع من أبيه شيئا " . و قال الحافظ في " التقريب " : " عابوا عليه أنه حدث عن أبيه بغير سماع " . و قال الذهبي في " الكاشف " : " بينهما رجل " . قلت : قد صرح في هذا الإسناد بالسماع من أبيه , لكن الراوي عنه عمرو بن إسحاق - و هو ابن إبراهيم بن العلاء بن زبريق الحمصي - لم أعرفه , و قد أخرج له في " المعجم الصغير " حديثا ( 542 - الروض ) , و أربعة أحاديث أخرى في " الأوسط " ( 2 / 304 / 2 - 305 / 1 / 5039 - 5042 ) , و أكثر عنه في " مسند الشاميين " قبل هذا الحديث و بعده إلى ( ص 331 ) <1>, و في كلها صرح محمد بن إسماعيل بالتحديث عن أبيه , و كذلك ( ص 334 ثم ص 335 ) , و تابعه في رواية التحديث عنه هاشم بن مرثد الطبراني عنده ( ص 331 و 334 ) . فلعله من ثقات شيوخ الطبراني , و لعله لذلك لم يورده الذهبي في " الميزان " . و الله أعلم . و إن مما يقوي الحديث ما أخرجه الشيخان و غيرهما عن سعد بن أبي وقاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها , حتى ما تجعل في في امرأتك " . الإرواء ( 899 ) . ----------------------------------------------------------- [1] قلت : و مع هذا كله فهو مما فات صديقنا الشيخ الفاضل حمادا الأنصاري , فلم يذكره في كتابه الفريد : " بلغة القاصي و الداني في تراجم شيوخ الطبراني " , و لا هو عند ابن عساكر . اهـ . 2737 " من رأى مبتلى فقال : " الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به و فضلني على كثير ممن خلق تفضيلا " , لم يصبه ذلك البلاء " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 531 : أخرجه الطبراني في " المعجم الأوسط " ( 2 / 25 / 1 / 5457 ) : حدثنا محمد بن أحمد بن أبي خيثمة قال : أخبرنا زكريا بن يحيى الضرير قال : أخبرنا شبابة بن سوار , قال المغيرة ابن مسلم : عن أيوب عن نافع عن # ابن عمر # قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره . و قال : " لم يروه عن أيوب إلا مغيرة بن مسلم , و لا عن المغيرة إلا شبابة , تفرد به زكريا بن يحيى " . قلت : و هو مستور لم يعرفه الهيثمي , فقال عقب الحديث ( 10 / 138 ) : " رواه الطبراني في " الأوسط " , و فيه زكريا بن يحيى بن أيوب الضرير , و لم أعرفه , و بقية رجاله ثقات " . و كذا قال في أحاديث أخرى منها الحديث الآتي بعده , و قد فاته أنه معروف عند الخطيب البغدادي , فقد ترجمه في " تاريخ بغداد " ( 8 / 457 - 458 ) برواية جمع من الثقات الحفاظ عنه , منهم يحيى بن صاعد و القاضي المحاملي , و يضم إليهم الحافظ محمد بن أحمد بن أبي خيثمة , فقد روى له الطبراني في " الأوسط " أحاديث أخرى عن زكريا هذا , و هذه أرقامها فيه ( 5489 و 5490 و 5530 و 5536 ) , فمثله قد جرى عمل العلماء على الاعتداد بحديثهم و لو في حدود الاستشهاد على أقل تقدير , إذا كان من دونه و من فوقه من الثقات , كما هو الشأن في هذا الحديث , فإن من فوقه كلهم ثقات من رجال " التهذيب " , و الراوي عنه ابن أبي خيثمة من الحفاظ الثقات المشهورين , فهو صدوق . و قد كنت خرجت هذا الحديث من رواية أبي هريرة فيما تقدم ( 602 ) بسند فيه ضعف , فقويته بطريق أخرى عن ابن عمر من رواية الوليد ابن عتبة عن محمد بن سوقة عن نافع به . فلما وقفت على هذه المتابعة من المغيرة بن مسلم عن أيوب عن نافع بادرت إلى إخراجها هنا تأكيدا لصحة الحديث . و الله ولي التوفيق و الهداية . ثم رأيت ابن القطان قد أورد الحديث في كتابه " النظر في أحكام النظر " ( ق 72 / 1 ) فقال : قال البزار : أخبرنا زكريا بن يحيى به . و قال ابن القطان : " المغيرة بن مسلم مشهور ليس به بأس , فهو إسناد حسن " . ( تنبيه ) : هذا الحديث لم يعزه الهيثمي للبزار , و له حديث آخر من حديث علي في حمده صلى الله عليه وسلم إذا رأى ما يكره , و إذا رأى ما يسره , لم يذكره الهيثمي أيضا , و قد سبق ذكره تحت الحديث ( 265 / التحقيق الثاني ) , فتأكدت من صحة ما جاء في " الرسالة المستطرفة " للكتاني ( ص 51 ) أن للبزار مسندين : الكبير المعلل و هو المسمى " بالبحر الزخار " , و الصغير , فألقي في النفس أن الذي ينقل الهيثمي منه هو الصغير , لكن يعكر على هذا أنه ذكر في فاتحة كتابه أن مرجعه إنما هو " مسنده المسمى بالبحر الزخار " , فلست أدري هل نسخ هذا " البحر الزخار " مختلفة , فيوجد في بعضها ما لا يوجد في النسخ الأخرى , فإن الحديث الآخر المشار إليه آنفا مع عدم ذكر الهيثمي له , لم يرد في نسخة " البحر الزخار " المطبوعة حديثا , فالأمر يحتاج إلى مزيد من التحقيق . و حديث أبي هريرة - المشار إليه آنفا - قد أخرجه البزار أيضا ( 4 / 29 / 3118 - كشف الأستار ) إلا أنه زاد في آخره : " فإنه إذا قال ذلك كان شكر تلك النعمة " . مكان قوله هناك : " لم يصبه ذلك البلاء " . كما في حديث ابن عمر هنا , و هو الصواب , لأنه شاهد قوي له , و في إسناد البزار شيخه ( عبد الله بن شبيب ) , و هو واه , مع مخالفته للثقات فيه , و إن كان طريقهم جميعا ينتهي إلى العمري كما تقدم ثمة , و قال البزار عقبه : " لا يروى عن أبي هريرة إلا بهذا الإسناد , و عبد الله بن عمر قد احتمل أهل العلم حديثه " . ثم رأيته في " معجم الطبراني الصغير " ( 140 - هندية ) و " الأوسط " أيضا ( 7 / 363 / 4599 - مجمع البحرين ) من طريق غير ( ابن شبيب ) , فانحصرت العلة في العمري , و مع ذلك قال الهيثمي ( 10 / 138 ) : " إسناده حسن " ! 2738 " ألا أعلمك كلمات علمني الروح الأمين ? قل : أعوذ بكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن بر و لا فاجر من شر ما ينزل من السماء و ما يعرج فيها و من شر فتن الليل و النهار و من كل طارق إلا طارق يطرق بخير , يا رحمن ! " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 534 : أخرجه الطبراني في " الأوسط " ( 2 / 31 / 5547 ) بإسناد الذي قبله عن المغيرة بن مسلم عن هشام بن حسان عن جبير عن # خالد بن الوليد # قال : كنت أفزع بالليل , فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت : إني أفزع بالليل فآخذ سيفي فلا ألقى شيئا إلا ضربته بسيفي , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره . و قال : " لم يرو هذا الحديث عن هشام بن حسان إلا المغيرة بن مسلم , تفرد به شبابة " . قلت : و هو ثقة حافظ محتج به في " الصحيحين " , و كذا من فوقه , فإنهم ثقات من رجال " التهذيب " إن كان شيخ هشام بن حسان ( جبيرا ) فإن اسمه غير واضح في النسخة المصورة , و يمكن أن يقرأ ( حميد ) , و لكل من الاحتمالين ما يرجحه , فـ ( جبير ) - و هو ابن نفير - له رواية عن خالد بن الوليد عند أبي داود , و ( حميد ) - و هو ابن هلال - روى عنه هشام بن حسان عند مسلم و أبي داود كما في " تهذيب المزي " , و سواء كان هذا أو ذاك فهو ثقة , لكن يحتمل أن ( حطم ) , و هو " شيخ " كما في " ثقات ابن حبان " ( 4 / 193 ) و لعله أراده الهيثمي بقوله ( 10 / 126 ) : " رواه الطبراني في " الأوسط " , و فيه زكريا بن يحيى بن أيوب الضرير المدائني , و لم أعرفه , و بقية رجاله ثقات " . قلت : قد عرفه الخطيب حين ترجمه برواية جمع من الحفاظ عنه كما تقدم بيانه في الحديث الذي قبله , فالسند حسن على الاحتمال المذكور , لاسيما و له طريق أخرى من رواية المسيب بن واضح : حدثنا معتمر بن سليمان : حدثنا حميد الطويل عن بكر ابن عبد الله المزني عن أبي العالية عن خالد بن الوليد : أنه شكى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إني أجد فزعا بالليل , فقال : ألا أعلمك .. الحديث بتمامه , و زاد : " و من شر ما ذرأ في الأرض و ما يخرج منها , و من شر فتن الليل .. " إلخ . أخرجه الطبراني في " الكبير " ( 4 / 135 / 3838 ) : و في " الدعاء " ( 2 / 1307 / 1083 ) عن شيخين له ثقتين قالا : حدثنا المسيب بن واضح .. قلت : و هذا إسناد رجاله ثقات غير المسيب هذا , فهو ضعيف , لكن ضعفه من قبل حفظه , فيمكن الاستشهاد به , و بخاصة أنه قد توبع , فرواه البيهقي في " الدلائل " ( 7 / 96 ) من طريق حفصة بنت سيرين عن أبي العالية به . و رجاله ثقات غير شيخه و شيخ شيخه " أبو حامد أحمد بن أبي العباس الزوزني : حدثنا أبو بكر محمد بن خنب ( ! ) " فإني لم أعرفهما . و لبعضه شاهد يرويه أيوب بن موسى عن محمد بن يحيى بن حبان : أن خالد بن الوليد رضي الله عنه كان يورق , أو أصابه أرق , فشكا إلى النبي صلى الله عليه وسلم , فأمره أن يتعوذ عند منامه بكلمات الله التامات من غضبه , و من شر عباده , و من همزات الشياطين و أن يحضرون . أخرجه ابن السني في " عمل اليوم و الليلة " ( رقم 746 ) . و رواه أحمد ( 4 / 57 ) و البيهقي في " الأسماء " ( ص 185 ) و كذا ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 10 / 362 - 363 ) , و ابن عبد البر في " التمهيد " ( 24 / 109 ) من طريق يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى بن حبان به , إلا أنه قال : عن الوليد ابن الوليد أنه قال : يا رسول الله ! إني أجد وحشة . قال : إذا أخذت مضجعك فقل : فذكره . و زاد في آخره : " فإنه لا يضر , و بالحري أن لا يقربك " . فهذا خلاف رواية أيوب بن موسى لأنه قال : " الوليد بن الوليد " , و هو أصح , و هو أخو خالد بن الوليد . و رجال إسناده ثقات رجال الشيخين , لكنه منقطع , قال المنذري في " الترغيب " ( 2 / 263 ) : " و محمد لم يسمع من الوليد " . و كذا قال الحافظ في " الإصابة " , و لفظه : " و هو منقطع , لأن محمد بن يحيى لم يدركه " . و هذا معنى قول البيهقي عقبه : " هذا مرسل " . ( تنبيه ) : ثم قال الحافظ عقب قوله المتقدم : " و قد أخرجه أبو داود من رواية ابن إسحاق عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : كان الوليد بن الوليد يفزع في منامه , فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم , فذكر الحديث " . كذا قال ! و الحديث عند أبي داود في " كتاب الطب " ( 3893 ) من الوجه المذكور بلفظ : " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعلمهم من الفزع كلمات .. " فذكرها , ليس للوليد بن الوليد فيه ذكر , و كذلك أخرجه الترمذي ( 3519 ) و حسنه , و النسائي في " عمل اليوم و الليلة " ( رقم 765 ) , و الحاكم ( 1 / 548 ) و البيهقي ( ص 185 - 186 ) , و " الآداب " ( 993 ) له و ابن السني ( 744 ) و أحمد ( 2 / 181 ) و ابن أبي شيبة ( 10 / 364 ) كلهم عن ابن إسحاق به معنعنا . نعم علقه البخاري في " أفعال العباد " ( ص 88 - هندية ) على شيخه أحمد بن خالد - و هو الكندي أبو سعيد - : حدثنا محمد بن إسحاق به , و لفظه : " كان الوليد بن الوليد رجلا يفزع في منامه .. " إلخ . و هو رواية للنسائي و ابن عبد البر . فلعل عزوه لأبي داود سبق قلم , و الله أعلم . ثم وجدت لحديث الترجمة شاهدا مرسلا من رواية مصعب بن شيبة عن يحيى بن جعدة قال : " كان خالد بن الوليد يفزع من الليل حتى يخرج و معه سيفه .. " الحديث نحوه , و زاد في آخره : " فقالهن خالد , فذهب ذلك عنه " . أخرجه ابن أبي شيبة ( 8 / 60 و 10 / 363 ) . قلت : و مصعب هذا لين الحديث كما في " التقريب " . و رواه مالك في " الموطأ " ( 3 / 125 - 126 ) عن يحيى بن سعيد قال : بلغني أن خالد بن الوليد قال : فذكره مختصرا . و قال ابن عبد البر في " التمهيد " عقبه : " و هذا حديث مشهور مسندا و غير مسند " . ثم رواه من بعض الطرق المتقدمة , ثم قال : " و في هذا الحديث دليل على أن كلام الله عز وجل غير مخلوق , لأنه لا يستعاذ بمخلوق " . ثم ذكر أن معنى قوله في بعض الطرق المتقدمة : " و أن يحضرون " : " و أن يصيبوني بسوء , كما في قوله تعالى : *( و قل رب أعوذ بك من همزات الشياطين و أعوذ بك رب أن يحضرون )* " . ثم وجدت للحديث شاهدا من حديث أبي رافع أن خالد بن الوليد جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فشكا إليه وحشة يجدها , فقال له : فذكره بنحوه . أخرجه عبد الرزاق ( 11 / 35 / 19831 ) و من طريقه البيهقي في " شعب الإيمان " ( 4 / 175 / 4710 ) . و رجاله ثقات غير ( إسحاق بن إبراهيم ) و هو الدبري , و فيه كلام معروف . و قد جاءت هذه الاستعاذة في قصة تحدر الشياطين على النبي صلى الله عليه وسلم , و محاولة أحدهم حرقة بشعلة من نار , فأمره جبريل بها فطفئت نارهم و هزمهم الله تعالى , أخرجه أحمد و غيره , و قد خرجته في هذا المجلد برقم ( 2995 ) , و مختصرا في المجلد الثاني ( 840 ) . 2739 " قال حذيفة بن اليمان رضي الله عنه : كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير , و كنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني , فقلت : يا رسول الله ! إنا كنا في جاهلية و شر , فجاءنا الله بهذا الخير [ فنحن فيه ] , [ و جاء بك ] , فهل بعد هذا الخير من شر [ كما كان قبله ? ] . [ قال : " يا حذيفة تعلم كتاب الله و اتبع ما فيه , ( ثلاث مرات ) " . قال : قلت : يا رسول الله ! أبعد هذا الشر من خير ? ] . قال : " نعم . [ قلت : فما العصمة منه ? قال : " السيف " ] . قلت : و هل بعد ذلك الشر من خير ? ( و في طريق : قلت : و هل بعد السيف بقية ? ) قال : " نعم , و فيه ( و في طريق : تكون إمارة ( و في لفظ : جماعة ) على أقذاء , و هدنة على ) دخن " . قلت : و ما دخنه ? قال : " قوم ( و في طريق أخرى : يكون بعدي أئمة [ يستنون بغير سنتي و ] , يهدون بغير هديي , تعرف منهم و تنكر , [ و سيقوم فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين , في جثمان إنس ] " . ( و في أخرى : الهدنة على دخن ما هي ? قال : " لا ترجع قلوب أقوام على الذي كانت عليه " ) . قلت : فهل بعد ذلك الخير من شر ? قال : " نعم , [ فتنة عمياء صماء , عليها ] دعاة على أبواب جهنم , من أجابهم إليها قذفوه فيها " . قلت : يا رسول الله ! صفهم لنا . قال : " هم من جلدتنا , و يتكلمون بألسنتنا " . قلت : [ يا رسول الله ! ] فما تأمرني إن أدركني ذلك ? قال : " تلتزم جماعة المسلمين و إمامهم , [ تسمع و تطيع الأمير و إن ضرب ظهرك و أخذ مالك , فاسمع و أطع ] " . قلت : فإن لم يكن لهم جماعة و لا إمام ? قال : " فاعتزل تلك الفرق كلها , و لو أن تعض بأصل شجرة , حتى يدركك الموت و أنت على ذلك " . ( و في طريق ) : " فإن تمت يا حذيفة و أنت عاض على جذل خير لك من أن تتبع أحدا منهم " . ( و في أخرى ) : " فإن رأيت يومئذ لله عز وجل في الأرض خليفة , فالزمه و إن ضرب ظهرك و أخذ مالك , فإن لم تر خليفة فاهرب [ في الأرض ] حتى يدركك الموت و أنت عاض على جذل شجرة " . [ قال : قلت : ثم ماذا ? قال : " ثم يخرج الدجال " . قال : قلت : فبم يجيء ? قال : " بنهر - أو قال : ماء و نار - فمن دخل نهره حط أجره و وجب وزره , و من دخل ناره وجب أجره و حط وزره " . [ قلت : يا رسول الله : فما بعد الدجال ? قال : " عيسى ابن مريم " ] . قال : قلت : ثم ماذا ? قال : " لو أنتجت فرسا لم تركب فلوها حتى تقوم الساعة " ] " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 541 : قلت : هذا حديث عظيم الشأن من أعلام نبوته صلى الله عليه وسلم و نصحه لأمته , ما أحوج المسلمين إليه للخلاص من الفرقة و الحزبية التي فرقت جمعهم , و شتت شملهم , و أذهبت شوكتهم , فكان ذلك من أسباب تمكن العدو منهم , مصداق قوله تبارك و تعالى : *( و لا تنازعوا فتفشلوا و تذهب ريحكم )* . و قد جاء مطولا و مختصرا من طرق , جمعت هنا فوائدها , و ضممت إليه زوائدها في أماكنها المناسبة للسياق , و هو للإمام البخاري في " كتاب الفتن " . الأولى : عن الوليد بن مسلم : حدثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر : حدثني بسر بن عبيد الله الحضرمي أنه سمع أبا إدريس الخولاني يقول : سمعت # حذيفة بن اليمان # يقول : فذكره . أخرجه البخاري ( 3606 و 7084 ) و مسلم ( 6 / 20 ) و أبو عوانة ( 5 / 574 - 576 ) و الطبراني في " مسند الشاميين " ( ص 109 / 1 ) و الداني في " الفتن " ( ق 4 / 1 ) و ابن ماجه ببعضه ( 2 / 475 ) . و لمسلم منه الزيادة السادسة و التاسعة . و لأبي عوانة منه الزيادة الثانية و السادسة . الثانية : عن معاوية بن سلام : حدثنا زيد بن سلام عن أبي سلام قال : قال حذيفة : .. فذكره مختصرا . أخرجه مسلم , و فيه الزيادة الأولى و ما في الطريق الأخرى , و الزيادة السابعة و العاشرة . و قد أعل بالانقطاع , و قد وصله الطبراني في " المعجم الأوسط " ( 1 / 162 / 2 / 3039 ) من طريق عمر بن راشد اليمامي عن يحيى بن أبي كثير عن زيد بن سلام عن أبيه عن جده عن حذيفة بالزيادة التي في الطريق الأخرى و السابعة و العاشرة . و ذكره السيوطي في " الجامع الكبير " ( 4 / 361 ) أتم منه من رواية ابن عساكر . الثالثة : عن سبيع - و يقال : خالد - بن خالد اليشكري عن حذيفة به . أخرجه أبو عوانة ( 5 / 476 ) و أبو داود ( 4244 - 4247 ) و النسائي في " الكبرى " ( 5 / 17 / 8032 ) و الطيالسي في " مسنده " ( 442 و 443 ) و عبد الرزاق في " المصنف " ( 11 / 341 / 20711 ) و ابن أبي شيبة ( 15 / 8 / 18960 و 18961 و 18980 ) و أحمد ( 5 / 386 - 387 و 403 و 404 و 406 ) و الحاكم ( 4 / 432 - 433 ) من طرق عنه لكن بعضهم سماه خالد بن خالد اليشكري , و هو ثقة , وثقه ابن حبان و العجلي , و روى عنه جمع من الثقات , فقول الحافظ فيه : " مقبول " غير مقبول , و لذلك لما قال الحاكم عقب الحديث : " صحيح الإسناد " , وافقه الذهبي . و أما قول الشيخ الكشميري في " التصريح بما تواتر في نزول المسيح " بعد أن عزاه ( ص 210 ) لابن أبي شيبة و ابن عساكر : " و بعض ألفاظه يتحد مع ما عند البخاري , فهو قوي إن شاء الله تعالى " . فمما لا وزن له عند العارفين بطرق التصحيح و التضعيف , لأن اتحاد بعض ألفاظه بما عند البخاري لا يستلزم تقوية الحديث برمته , بل قد يكون العكس في كثير من الأحيان , و هو المعروف عندهم بالحديث الشاذ أو المنكر , و يأتي الإشارة إلى لفظة منها قريبا , و قد خرجت في " الضعيفة " نماذج كثيرة من ذلك , يمكن لمن يريد التحقيق أن يتطلبها في المجلدات المطبوعة منها , و في المجلد الثاني عشر منها نماذج أخرى كثيرة برقم ( 5513 و 5514 و 5527 و 5542 و 5543 و 5544 و 5547 و 5552 و 5553 و 5554 ) . و مثله قول الشيخ عبد الله الغماري في " عقيدة أهل الإسلام في نزول عيسى عليه السلام " ( ص 102 ) و نقله الشيخ أبو غدة في تعليقه على " التصريح " : " و هو حديث صحيح " ! أقول : لا قيمة لهذا أيضا لأنه مجرد دعوى يستطيعها كل أحد مهما كان جاهلا بهذا العلم الشريف , و قد رأيت الغماري هذا واسع الخطو في تصحيح ما لا يصح من الحديث في كتابه الذي سماه : " الكنز الثمين " , و قد تعقبته في كثير من أحاديثه , و بينت ضعفها و وضع بعضها في المجلد المشار إليه من " الضعيفة " برقم ( 5532 و 5533 و 5534 و 5535 و 5536 و 5537 و 5538 و 5539 ) , و في غيره أمثلة أخرى . و الله المستعان . و قد بينت لك آنفا أن إسناد الحديث صحيح لمجيئه من طرق صحيحة عن سبيع , و لأن هذا ثقة , و لأن أبا عوانة صححه أيضا بإخراجه إياه في " صحيحه " , و هو " المستخرج على صحيح مسلم " , و تصحيح الحاكم أيضا و الذهبي , و إنما رددت قول الحافظ فيه : " مقبول " لأنه يعني عند المتابعة , و إلا فهو لين الحديث عنده , كما نص عليه في مقدمة " التقريب " . و كأنه لم يستقر على ذلك , فقد رأيته في " فتح الباري " ( 13 / 35 - 36 ) ذكر جملا من هذه الطريق لم ترد في غيرها , فدل ذلك على أن سبيعا هذا ليس لين الحديث عنده , لأن القاعدة عنده أن لا يسكت على ضعيف . و الله أعلم . قلت : و في هذه الطريق الزيادات الأخرى و الروايات المشار إليها بقولي : " و في طريق .. " مما لم يذكر في الطرق المتقدمة , موزعة على مخرجيها ,و فيها أيضا الزيادة الثلاثة . و في بعض الطرق رواية مستنكرة بلفظ : " خليفة الله في الأرض " تقدم الكلام عليها تحت حديث صخر بن بدر عن سبيع برقم ( 1791 ) . الرابعة : عن حميد بن هلال عن عبد الرحمن بن قرط عن حذيفة مختصرا . أخرجه النسائي في " الكبرى " ( 5 / 18 / 8033 ) و ابن ماجه ( 2 / 476 ) و الحاكم ( 4 / 432 ) عن أبي عامر صالح بن رستم عن حميد بن هلال عن عبد الرحمن بن قرط عن حذيفة . و قال الحاكم : " صحيح الإسناد " . و وافقه الذهبي ! و هو من أوهامهما , فإن عبد الرحمن بن قرط مجهول كما في " التقريب " , و أشار إلى ذلك الذهبي نفسه بقوله في " الميزان " : " تفرد عنه حميد بن هلال " . و صالح بن رستم صدوق كثير الخطأ , و أخرج له مسلم متابعة , و قد خالفه في إسناده من الثقات سليمان بن المغيرة فقال : عن حميد بن هلال عن نصر بن عاصم الليثي قال : أتينا اليشكري .. الحديث . فجعل نصر بن عاصم مكان عبد الرحمن بن قرط , و هو الصواب . أخرجه أبو داود و أحمد و غيرهما , و هو الطريق التي قبلها . الخامسة : عن يزيد بن عبد الرحمن أبي خالد الدالاني عن عبد الملك بن ميسرة عن زيد بن وهب عن حذيفة مختصرا , و فيه : " هدنة على دخن , و جماعة على أقذاء فيها " . و الزيادة الثامنة , و قوله : " و لأن تموت يا حذيفة عاضا على جذع خير من أن تستجيب إلى أحد منهم " . أخرجه الطبراني في " الأوسط " ( 1 / 202 / 2 / 3674 ) و قال : " لم يروه عن عبد الملك بن ميسرة إلا أبو خالد الدالاني " . قلت : و هو صدوق يخطىء كثيرا , و كان يدلس كما في " التقريب " , فمن الممكن أن يكون أخطأ في إسناده , و أما المتن فلا , لموافقته بعض ما في الطريق الثالثة . غريب الحديث : 1 - " السيف " أي تحصل العصمة باستعمال السيف . قال قتادة : المراد بهذه الطائفة هم الذين ارتدوا بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم في زمن خلافة الصديق رضي الله عنه . ذكره في " المرقاة " ( 5 / 143 ) و قتادة أحد رواة حديث سبيع عند عبد الرزاق و غيره . 2 - " بقية " أي من الشر أو الخير , يعني هل يبقى الإسلام بعد محاربتنا إياهم ? 3 - " أقذاء " قال ابن الأثير : جمع قذى و ( القذى ) جمع قذاة , و هو ما يقع في العين و الماء و الشراب من تراب أو تبن أو وسخ أو غير ذلك . أراد اجتماعهم يكون على فساد في قلوبهم , فشبه بقذى العين و الماء و الشراب . 4 - " دخن " أي على ضغائن . قاله قتادة , و قد جاءت مفسرة في غير طريقه بلفظ : " لا ترجع قلوب أقوام على الذي كانت عليه " كما ذكرته في المتن . 5 - " جذل " بكسر الجيم و سكون المعجمة بعدها لام , عود ينصب لتحتك به الإبل . كذا في " الفتح " ( 13 / 36 ) . 6 - " فلوها " قال ابن الأثير : الفلو : المهر الصغير . فائدة هامة : قال الحافظ ابن حجر عن الطبري : " و في الحديث أنه متى لم يكن للناس إمام فافترق الناس أحزابا , فلا يتبع أحدا في الفرقة و يعتزل الجميع إن استطاع ذلك خشية من الوقوع في الشر , و على ذلك يتنزل ما جاء في سائر الأحاديث , و به يجمع بين ما ظاهره الاختلاف منها " . ( تنبيه ) : وقع للحافظ و غيره بعض الأوهام فوجب التنبيه عليها . أولا : قال : زاد مسلم في رواية أبي الأسود عن حذيفة : " فنحن فيه " . و الصواب ( الأسود ) فإنه يعني رواية أبي سلام عنه , و هي الطريق الثانية . و أبو سلام اسمه ممطور , و لقبه الأسود . و على الصواب وقع في " عمدة القاري " ( 24 / 194 ) و من الغريب أنه تكرر هذا الخطأ في " الفتح " في صفحة أخرى أربع مرات , مما يدل أنه ليس خطأ مطبعيا . ثانيا : قال : و في رواية أبي ( ! ) الأسود : يكون بعدي أئمة يهتدون بهداي و لا يستنون بسنتي " . كذا , و هو خطأ ظاهر لا أدري كيف تابعه عليه العيني ! و الصواب " لا يهتدون .. " كما يدل عليه السياق , و كما في " صحيح مسلم " . 2740 " لولا أن تكون سنة , يقال : خرجت فلانة ! لأذنت لك و لكن اجلسي في بيتك " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 547 : أخرجه الطبراني في " المعجم الأوسط " ( 1 / 270 / 4604 ) و ابن منده في " المعرفة " ( 2 / 362 / 2 ) عنه , و ابن حجر في " تخريج المختصر " ( ق 137 / 1 ) من طريق عبد الله بن زيدان البجلي قال : أخبرنا محمد بن طريف البجلي قال : أخبرنا حميد بن عبد الرحمن الرواسي عن الحسن بن صالح عن الأسود بن قيس قال : حدثني سعيد بن عمرو القرشي عن # أم كبشة # - امرأة من بني عذرة - أنها قالت : يا رسول الله ! إيذن لي أن أخرج مع جيش كذا و كذا . قال : لا . قالت : يا نبي الله ! إني لا أريد القتال , إنما أريد أن أداوي الجرحى و أقوم على المرضى . قال : فذكره , و ليس عند الطبراني : " في بيتك " , و قال : " لا يروى عن أم كبشة إلا بهذا الإسناد , تفرد به الحسن بن صالح " . قلت : و هو ثقة من رجال مسلم , و مثله محمد بن طريف البجلي , و لم يتفرد به كما أشار إليه الطبراني , فقد تابعه أبو بكر بن أبي شيبة في " المصنف " ( 12 / 526 / 15500 ) : حدثنا حميد بن عبد الرحمن الرواسي به . و أخرجه عنه ابن سعد في " الطبقات " ( 8 / 308 ) و ابن أبي عاصم في" الآحاد و المثاني " ( 3473 ) و الطبراني في " الكبير " ( 25 / 176 / 431 ) و غيرهم . قلت : و هذا إسناد صحيح , و قال الحافظ عقبه : " هذا حديث حسن غريب , أخرجه الحسن بن سفيان عن أبي بكر بن أبي شيبة عن حميد بن عبد الرحمن , لكن صورة سياقه مرسل , و له شاهد من حديث أم ورقة أنها قالت : لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بدر , قلت : يا رسول الله ! ائذن لي أن أغزو معك . قال : قري في بيتك .. الحديث . أخرجه أبو داود .. " . قلت : و هذا إسناده حسن كما حققته في " صحيح أبي داود " ( 605 ) , لكن قوله : " لكن صورة سياقه مرسل " غير ظاهر عندي , لأن قول القرشي : " عن أم كبشة " في حكم قوله لو قال : " حدثتني أم كبشة " ما دام أنه غير معروف بالتدليس أو الإرسال , فلعله يعني بذلك خصوص رواية الحسن بن سفيان عن ابن أبي شيبة , و لكنه لم يسق لفظها لننظر فيها . و الله أعلم . هذا و لفظ الحديث عند ابن سعد : " اجلسي , لا يتحدث الناس أن محمدا يغزو بامرأة " . و قال الهيثمي في " مجمع الزوائد " ( 5 / 323 - 324 ) : " رواه الطبراني في " الكبير " و " الأوسط " , و رجالهما رجال ( الصحيح ) " . فائدة : ثم قال الحافظ عقب الحديث في " الإصابة " : " و يمكن الجمع بين هذا و بين ما تقدم في ترجمة أم سنان الأسلمي , أن هذا ناسخ لذاك لأن ذلك كان بخيبر , و قد وقع قبله بأحد كما في ( الصحيح ) من حديث البراء بن عازب , و هذا كان بعد الفتح " . قلت : و يشير بما تقدم إلى ما أخرجه الخطيب في " المؤتلف " عن الواقدي عن عبد الله بن أبي يحيى عن ثبيتة عن أمها قالت : " لما أراد النبي صلى الله عليه وسلم الخروج إلى خيبر قلت : يا رسول الله ! أخرج معك أخرز السقاء , و أداوي الجرحى .. الحديث , و فيه : فإن لك صواحب قد أذنت لهن من قومك و من غيرهم , فكوني مع أم سلمة " . قلت : و الواقدي متروك , فلا يقام لحديثه وزن , و لاسيما عند المعارضة كما هنا . نعم ما عزاه لـ ( الصحيح ) يعارضه و هو من حديث أنس بن مالك - لبس البراء بن عازب - قال : " لما كان يوم أحد انهزم الناس عن النبي صلى الله عليه وسلم , قال : و لقد رأيت عائشة بنت أبي بكر و أم سليم و أنهما لمشمرتان أرى خدم سوقهن تنقزان - و قال غيره : تنقلان - القرب على متونهما ثم تفرغانه في أفواه القوم , ثم ترجعان فتملآنها ثم تجيئان فتفرغانه في أفواه القوم " . أخرجه البخاري ( 2880 و 2902 و 3811 و 4064 ) , و انظر " جلباب المرأة المسلمة " ( ص 40 ) - طبعة المكتبة الإسلامية . و له شاهد من حديث عمر رضي الله عنه : " أن أم سليط - من نساء الأنصار ممن بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم - كانت تزفر ( أي تحمل ) لنا القرب يوم أحد " . أخرجه البخاري ( 2881 ) . و لكن لا ضرورة - عندي - لادعاء نسخ هذه الأحاديث و نحوها , و إنما تحمل على الضرورة أو الحاجة لقلة الرجال , و انشغالهم بمباشرة القتال , و أما تدريبهن على أساليب القتال و إنزالهن إلى المعركة يقاتلن مع الرجال كما تفعل بعض لدول الإسلامية اليوم , فهو بدعة عصرية , و قرمطة شيوعية , و مخالفة صريحة لما كان عليه سلفنا الصالح , و تكليف للنساء بما لم يخلقن له , و تعريض لهن لما لا يليق بهن إذا ما وقعن في الأسر بيد العدو . و الله المستعان . 2741 " إن الله عز وجل لما خلق الخلق قامت الرحم فأخذت بحقو الرحمن , [ فقال : مه ] , قالت : هذا مقام العائذ [ بك ] من القطيعة , قال : [ نعم ] , أما ترضين أن أصل من وصلك و أقطع من قطعك ? [ قالت : بلى يا رب ! ] قال : فذاك [ لك ] . قال أبو هريرة : [ ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ] اقرءوا إن شئتم *( فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض و تقطعوا أرحامكم . أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم و أعمى أبصارهم . أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها )* " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 550 : أخرجه أحمد ( 2 / 330 ) : حدثنا أبو بكر الحنفي حدثني معاوية بن أبي مزرد قال : حدثني عمي سعيد أبو الحباب قال : سمعت # أبا هريرة # قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره . قلت : و هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين , و قد أخرجاه كما يأتي . و أبو بكر الحنفي اسمه عبد الكبير بن عبد المجيد البصري . و قد خالف الإمام أحمد أبو مسعود أحمد بن الفرات فقال : أخبرنا أبو بكر الحنفي بلفظ : " لما خلق الله آدم فضل من طينه فخلق منه الرحم .. " الحديث نحوه . أخرجه أبو القاسم الأصبهاني في " الحجة في بيان المحجة " ( ق 58 / 1 ) من طريق عبد الله بن إبراهيم المقريء : أخبرنا أبو مسعود .. إلخ . قلت : و هو بهذا اللفظ شاذ أو منكر , و الخطأ فيه من أبي مسعود أحمد بن الفرات , فإنه مع كونه ثقة حافظا من شيوخ أبي داود , فقد ذكر الحافظ في " التهذيب " أن أبا عبد الله بن منده قال في " تاريخه " : " أخطأ أبو مسعود في أحاديث و لم يرجع عنها " . قلت : و هو مغتفر في جانب حفظه , لكن إذا خالف الإمام أحمد لم تطمئن النفس للاحتجاج بمخالفته , لاسيما و مع الإمام جمع من الرواة الثقات لم يذكروا في الحديث هذا اللفظ المنكر كما يأتي . و من المحتمل احتمالا قويا أن يكون الخطأ فيه من الراوي عنه عبد الله بن إبراهيم المقريء , فإنه ليس مشهورا بالثقة و الضبط , فقد أورده أبو نعيم في " أخبار أصبهان " ( 2 / 83 ) و سمى جده الصباح المقريء , و ساق له ثلاثة أحاديث برواية ثلاثة عنه , و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا , و لا وفاة , فتعصيب الخطأ به أولى . و الله أعلم . و قد توبع أبو بكر الحنفي من قبل جماعة من الثقات كلهم لم يذكروا ذاك اللفظ المنكر . الأول : عبد الله بن المبارك , و له الزيادة الأخيرة و الثالثة . أخرجه البخاري ( 8 / 580 / 4832 و 10 / 417 / 5987 ) و النسائي في " الكبرى " . الثاني : حاتم بن إسماعيل , و عنده الزيادة الأخيرة . رواه البخاري ( 4831 ) و مسلم ( 8 / 7 ) . الثالث : سليمان بن بلال , و الزيادة الأولى له و الثانية و الرابعة و الخامسة أخرجه البخاري ( 13 / 465 / 7502 ) و في " الأدب المفرد " ( 23 / 50 ) . و تابع أبا الحباب محمد بن كعب أنه سمع أبا هريرة به مختصرا . أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " ( 27 / 65 ) و ابن حبان ( 2035 و 2036 ) و أحمد ( 2 / 295 و 383 و 406 و 455 ) و في إسناده جهالة , و قواه المنذري في " الترغيب " ( 3 / 226 ) , فلعله لشواهده . 2742 " لم تحل الغنائم لمن كان قبلنا , ذلك بأن الله رأى ضعفنا و عجزنا فطيبها لنا " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 552 : أخرجه أحمد في " المسند " ( 2 / 317 ) و السلمي في " صحيفة همام " ( رقم 87 ) و من طريقه أبو القاسم الأصبهاني في " الحجة " ( ق 43 / 2 ) و البيهقي ( 6 / 290 ) من طريق عبد الرزاق : حدثنا معمر عن همام بن منبه قال : هذا ما حدثنا به # أبو هريرة # عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكر أحاديث كثيرة هذا أحدها و هو في " مصنف عبد الرزاق " ( 5 / 241 / 9492 ) بإسناده هذا مطولا , و هذا طرفه الأخير منه . و هو رواية لأحمد ( 2 / 318 ) و السلمي ( 123 ) عنه . و كذلك أخرجه مسلم ( 5 / 145 - 146 ) من طريق محمد بن رافع , و ابن حبان ( 4788 ) عن إسحاق بن إبراهيم قالا : حدثنا عبد الرزاق به . و تابعه ابن المبارك عن معمر به مطولا . أخرجه البخاري ( 6 / 220 / 3124 ) و مسلم أيضا , و لم يسق لفظه . ( تنبيه ) : عزاه الشيخ الأعظمي في تعليقه على " المصنف " للبخاري فقط , و هذا تقصير فاحش , لأنه يوهم أولا أن مسلما لم يخرجه . و ثانيا : أن مسلما أخرجه من طريق عبد الرزاق و غيره فكان عزوه إليه أولى . و ثالثا : ليس عند البخاري : " فطيبها لنا " ! و للحديث طريق آخر , يرويه معاذ بن هشام عن أبيه عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم : " أن نبيا من الأنبياء غزا بأصحابه .. " الحديث بطوله , و في آخره : " إن الله أطعمنا الغنائم رحمة رحمنا بها , و تخفيفا خففه عنا , لما علم من ضعفنا " . أخرجه بتمامه ابن حبان في " صحيحه " ( 7 / 149 / 4787 ) و كذا النسائي في " الكبرى " ( 5 / 8878 و 6 / 352 / 11208 ) . قلت : و هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين . و قد مضى لفظه بتمامه , و تخريجه بأتم مما هنا في المجلد الأول ( رقم 202 ) . 2743 " يبايع لرجل بين الركن و المقام , و لن يستحل البيت إلا أهله , فإذا استحلوه فلا تسأل عن هلكة العرب , ثم تأتي الحبشة فيخربونه خرابا لا يعمر بعده أبدا , و هم الذين يستخرجون كنزه " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 553 : أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 15 / 52 - 53 ) و الحاكم ( 4 / 452 - 453 ) و الأزرقي " تاريخ مكة " ( 1 / 278 ) و البغوي في " الجعديات " ( 2 / 1005 / 2911 ) و عنه الذهبي في " سير الأعلام " ( 2 / 146 ) و الطيالسي ( 2373 ) و أحمد ( 2 / 291 و 312 و 328 و 351 ) من طرق عن ابن أبي ذئب عن سعيد بن سمعان قال : سمعت #أبا هريرة #يحدث أبا قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : فذكره . قلت : و هذا إسناد صحيح , رجاله ثقات رجال الشيخين غير سعيد بن سمعان , و هو ثقة كما في " التقريب " . و الحديث عزاه في " الجامع الكبير " لابن أبي شيبة و ابن عساكر فقط , و اقتصر الحافظ في " الفتح " ( 3 / 461 ) على عزوه لأحمد , و سكت عليه , فهو عنده حسن أو صحيح , و قال الحاكم : " صحيح على شرط الشيخين " ! و رده الذهبي بقوله : " قلت : ما خرجا لابن سمعان شيئا , و لا روى عنه [ غير ] ابن أبي ذئب , و قد تكلم فيه " . قلت : لم يتكلم فيه غير الأزدي , و لذلك رده الحافظ في " التقريب " : " ثقة , لم يصب الأزدي في تضعيفه " . قلت : و الأزدي عنده تشدد في التضعيف , نبه على ذلك الذهبي نفسه في بعض التراجم , و ابن سمعان وثقه النسائي و الدارقطني و ابن حبان . و أما قوله : " و لا روى عنه ابن أبي ذئب " أظن سقط من قلمه أو الناسخ لفظ " غير " , فقد أثبت هو نفسه روايته عنه في " الكاشف " ! و قرن معه آخر !! و قد جاء من طريقين آخرين عن أبي هريرة مختصرا مرفوعا بلفظ : " يخرب الكعبة ذو السويقتين من الحبشة " . الطريق الأولى : عن الزهري عن سعيد بن المسيب عنه . أخرجه البخاري ( 1596 ) و مسلم ( 8 / 183 ) و أحمد ( 2 / 310 ) و الداني في " الفتن " ( ق 69 / 2 ) و ابن أبي شيبة ( 15 / 47 ) و الأزرقي ( 1 / 276 ) . الثانية : عن عبد العزيز عن ثور بن يزيد عن أبي الغيث عنه . أخرجه مسلم أيضا , و أحمد ( 2 / 417 ) و البزار كما في " تاريخ ابن كثير : النهاية " ( 1 / 187 ) , و فاته عزوه لأحمد . و له شاهد من حديث ابن عباس مرفوعا بلفظ : " كأني أنظر إليه أسود أفحج ينقضها حجرا حجرا . يعني الكعبة " . أخرجه البخاري ( 1595 ) و أحمد ( 1 / 228 ) و السياق له , و هو أتم , و الطبراني في " الكبير " ( 11238 ) . و شاهد آخر من حديث ابن عمرو مرفوعا مثل حديث أبي هريرة عند الشيخين و زاد : " و يسلبها حليتها و يجردها من كسوتها , و لكأني أنظر إليه أصيلع أفيدع يضرب عليها بمسحاته و معوله " . أخرجه أحمد ( 2 / 220 ) عن محمد بن إسحاق عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عنه . و قال ابن كثير : " و هذا إسناد جيد قوي " , و سكت عنه الحافظ . قلت : فيه عنعنة ابن إسحاق كما ترى , فلعل تقويته إياه بالنظر لشواهده المتقدمة . و الله أعلم . 2744 " كيف أنتم إذا مرج الدين [ و سفك الدم و ظهرت الزينة و شرف البنيان ] و ظهرت الرغبة و اختلفت الإخوان و حرق البيت العتيق ?! " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 555 : أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 15 / 47 ) - و عنه الطبراني في " الكبير " ( 24 / 26 / 67 ) - و أحمد في " المسند " ( 6 / 333 ) قالا : حدثنا محمد بن عبد الله بن الزبير أبو أحمد الزبيري قال : حدثنا سعد بن أوس عن بلال العبسي عن #ميمونة #قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم : فذكره . و تابعه عبيد الله بن موسى عن سعد بن أوس به . و فيه الزيادة . أخرجه الطبراني ( 14 ) . قلت : و هذا إسناد صحيح , سعد و بلال - و هو ابن يحيى - ثقتان . و قال الهيثمي ( 7 / 320 ) بعد عزوه للطبراني و أحمد : " و رجال أحمد ثقات " . قلت : لا داعي لذكر أحمد دون الطبراني , و قد عرفت أنه عنده من طريق ابن أبي شيبة من الوجه الأول . و كذلك رجاله من الوجه الآخر الذي فيه الزيادة , و هي من معجزاته صلى الله عليه وسلم العلمية , و بخاصة منها قوله : " و ظهرت الزينة " , فقد انتشرت في الأبنية و الألبسة و المحلات التجارية انتشارا غريبا , حتى في قمصان الشباب و نعالهم , بل و نعال النساء ! فصلى الله على الموصوف بقوله تعالى : *( و ما ينطق عن الهوى . إن هو إلا وحي يوحى )* . و ( الرغبة ) : قال ابن الأثير : " أي قلة العفة و كثرة السؤال " . 2745 " لقد حكم فيهم [ اليوم ] بحكم الله الذي حكم به من فوق سبع سماوات . يعني سعد بن معاذ في حكمه على بني قريظة " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 556 : أخرجه النسائي في " مناقب الكبرى " ( 5 / 62 - 63 / 8223 ) و ابن سعد في " الطبقات " ( 3 / 426 ) و الطحاوي في " شرح المعاني " ( 2 / 124 - هندية ) و الحاكم ( 2 / 124 ) و عبد بن حميد في " المنتخب من المسند " ( 25 / 1 - 2 ) و من طريقه العسقلاني في " تخريج المختصر " ( ق 237 / 1 ) و البزار ( 2 / 301 - البحر الزخار ) من طرق عن محمد بن صالح التمار عن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف : سمعت عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال : لما حكم سعد بن معاذ في بني قريظة أن يقتل من جرت عليه الموس , و أن تقسم أموالهم و ذراريهم , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره . و قال العسقلاني : " هذا حديث حسن , و محمد بن صالح التمار مدني صدوق , و قد خالفه عياض بن عبد الرحمن فقال : عن سعد بن إبراهيم عن أبيه عن جده . و خالفهما شعبة - و هو أحفظ منهما - فقال : عن سعد بن إبراهيم عن أبي أمامة بن سهل عن أبي سعيد الخدري . و من طريق شعبة خرج في " الصحيحين " و لفظه في آخره : " لقد حكمت فيهم بحكم الملك " , و لم يذكر ما بعده " . قلت : لكن للزيادة التي أشار إليها - و فيها إثبات الفوقية لله تعالى - شاهدان مرسلان ذكرتهما في " مختصر العلو " ( 87 / 15 ) و كأنه لذلك صححه الذهبي في " تلخيص المستدرك " , و في " العلو " أيضا , و المرسل الأول : رواه ابن إسحاق في " سيرة ابن هشام " ( 3 / 259 ) : فحدثني عاصم بن عمر بن قتادة عن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ عن علقمة بن وقاص الليثي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لسعد : " لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبعة أرقعة " . و هذا إسناد جيد فهو شاهد قوي للموصول , و قال الحافظ : " رجاله ثقات , و ( الأرقعة ) جمع ( رقيع ) بالقاف و العين , و هو من أسماء السماء " . 2746 " كان يكتحل وترا " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 558 : أخرجه البزار في " مسنده " ( ق 280 / 2 - كشف الأستار ) : حدثنا محمد بن أبي الوليد الفحام حدثنا الوضاح بن يحيى حدثنا أبو الأحوص عن عاصم عن #أنس #قال : فذكره مرفوعا . و قال : " لا أعلم رواه إلا أبو الأحوص عن عاصم " . قلت : و هما ثقتان من رجال الشيخين , و أبو الأحوص اسمه سلام بن سليم الحنفي الكوفي , و عاصم هو ابن سليمان الأحول , و علة الحديث من الوضاح بن يحيى , و به أعله الهيثمي , فقال في " مجمع الزوائد " ( 5 / 96 ) : " رواه البزار , و فيه وضاح بن يحيى , و هو ضعيف " . و محمد بن أبي الوليد نسب إلى جده , فإنه محمد بن الوليد بن أبي الوليد الفحام البغدادي , و هو من شيوخ النسائي , و قال فيه : " لا بأس به " . قلت : و أنا أخشى أن يكون وهم في إسناده , فقد خالفه فيه من هو أوثق منه , فقال ابن جرير الطبري في " تهذيب الآثار " ( 2 / 99 / 1251 ) حدثني محمد ابن إسحاق قال : حدثنا وضاح بن حسان الأنباري , قال : حدثنا سلام أبو الأحوص عن عاصم بن سليمان عن حفصة بنت سيرين عن أنس بن مالك به و زاد : " و كان ابن سيرين يكتحل مرتين في كل عين , و يقسم بينهما واحدة " . و محمد بن إسحاق هذا هو الصنعاني , و هو ثقة ثبت من شيوخ مسلم و الأربعة , و قد خالف الفحام في موضعين من إسناده : الأول : أنه زاد فيه " عن حفصة بنت سيرين " بين عاصم و أنس . و الآخر : قال : وضاح بن حسان الأنباري , مكان : وضاح بن يحيى . و قد تابعه محمد بن سعد العوفي عليهما , فقال : حدثنا وضاح بن حسان الأنباري به أخرجه الخطيب في ترجمة الأنباري هذا من " تاريخ بغداد " ( 13 / 496 ) برواية جمع آخر من الثقات , و ذكر عن العوفي أنه قال في الوضاح : " كان عابدا " . و عن يعقوب بن سفيان - و هو الفسوي - أنه كان مفضلا , و لم يذكر فيه ابن أبي حاتم ( 4 / 2 / 41 ) جرحا و لا تعديلا . و قال الحافظ في " اللسان " : " و أشار ابن عدي في ترجمة جارية بن هرم إلى أنه كان يسرق الحديث " . و الزيادة الموقوفة على ابن سيرين , قد صحت عنه , فقال ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 8 / 599 / 5686 ) : أبو معاوية عن عاصم عن ابن سيرين به نحوه . و بهذا الإسناد عن عاصم عن حفصة عن أنس أنه كان يكتحل ثلاثا في كل عين . و قد روي هذا من حديث ابن عباس بإسناد ضعيف جدا , و هو مخرج في " الإرواء " ( 76 ) , و زدت لضعفه بيانا في " الصحيحة " ( 2 / 215 - 227 ) رددت فيه على تصحيح الشيخ أحمد شاكر إياه و توثيقه لراويه عباد بن منصور بما لا تجده في كتاب آخر . و الزيادة الموقوفة على ابن سيرين قد رواها بعض الضعفاء مرفوعة , ألا و هو عمر ابن حبيب قال : حدثنا ابن عون عن محمد بن سيرين قال : سألت أنسا عن كحل النبي صلى الله عليه وسلم ? فقال : " كان صلى الله عليه وسلم يكتحل في اليمنى ثنتين , و في اليسرى ثنتين , و واحدة بينهما " . أخرجه ابن عدي في " الكامل " ( ق 244 / 2 ) و قال : " لا أعلم يرويه عن ابن عون غير عمر بن حبيب , و هو حسن الحديث , يكتب حديثه مع ضعفه " . و قال الحافظ في " التقريب " : " ضعيف " . هذا , و لحديث الترجمة شاهد من حديث عقبة من فعله صلى الله عليه وسلم . و آخر من قوله , و قد مضيا في المجلد الثالث ( رقم 1260 ) . و له بعض شواهد أخرى , فيها بيان أن الإتيان ثلاثا في اليمنى , و اثنتين في اليسرى , تقدم تخريجها في المجلد الثاني برقم ( 633 ) , و ذكرت تحته كشاهد حديث الترجمة هذا من رواية البزار , فلما وجدت الاختلاف بين إسناده و إسناد ابن جرير و الخطيب رأيت أنه لابد من تخريجه من جديد , و تحرير القول فيه على النحو الذي سبق بيانه . و الله الموفق . و حديث عقبة المشار إليه , قد ذكرت هناك أن إسناده ضعيف من أجل ابن لهيعة و سوء حفظه , و قد وجدته الآن من رواية ابن وهب عنه بإسناده المتقدم مرفوعا من قوله صلى الله عليه وسلم . أخرجه ابن جرير الطبري في " تهذيب الآثار " ( 2 / 99 / 1249 ) . فصح بذلك الحديث و الحمد لله , لأن ابن لهيعة صحيح الحديث إذا روى عنه العبادلة , و ابن وهب منهم و مثلهم قتيبة بن سعيد كما سيأتي نقله عن الحافظ الذهبي تحت الحديث ( 2843 ) . ثم أخرجه ابن جرير ( 2 / 100 / 1253 ) من طريق ابن وهب أيضا قال : أخبرني ابن لهيعة عن عبد الله بن هبيرة و الحارث بن يزيد عن عبد الرحمن بن جبير عن عقبة مرفوعا من فعله صلى الله عليه وسلم . و هذا إسناد صحيح أيضا , رجاله كلهم ثقات رجال مسلم غير ابن لهيعة , و قد عرفت أنه صحيح الحديث برواية ابن وهب عنه . و تقدم هناك من غير هذه الرواية عن ابن لهيعة , و لم يقرن الحارث بن يزيد مع ابن هبيرة . و بالجملة فهذا شاهد قوي لحديث الترجمة : فالحمد لله على توفيقه , و أسأله المزيد من فضله , و أن يدخلني الجنة برحمته إنه رحيم غفور . 2747 " إذا هاج بأحدكم الدم فليحتجم , فإن الدم إذا تبيغ بصاحبه يقتله " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 561 : أخرجه ابن جرير الطبري في " تهذيب الآثار " ( 2 / 106 / 1277 ) : حدثني موسى بن سهل الرملي قال : حدثنا محمد بن عبد العزيز قال : حدثنا سليمان بن حبان قال : حدثنا حميد الطويل عن # أنس # قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره . قلت : و أشار ابن جرير فيما بعد إلى صحته ( ص 116 ) و هو غير بعيد عن الصواب , فإن رجاله ثقات رجال الشيخين غير محمد بن عبد العزيز - و هو الرملي - فإنه من رجال البخاري , و موسى الراوي عنه ثقة بلا خلاف , و لولا أن ابن عبد العزيز فيه كلام من قبل حفظه , لجزمت بصحته , و قد أشار إلى ذلك الحافظ بقوله في " التقريب " : " صدوق يهم , و كانت له معرفة " . و أشار في ترجمته في مقدمة " فتح الباري " ( ص 441 - المنيرية ) إلى أن البخاري أخرج له حديثين متابعة , فأرجو أن يكون الحديث حسنا , لاسيما و قد روي من طريق أخرى عن أنس بلفظ : " إذا اشتد الحر فاستعينوا بالحجامة , لا يتبيغ دم أحدكم فيقتله " . و صححه الحاكم , و وافقه الذهبي , لكن فيه كذاب و غيره , و لذلك أوردته في الكتاب الآخر برقم ( 2331 ) . و وجدت له شاهدا من حديث ابن عباس مرفوعا بلفظ : " استعينوا في شدة الحر بالحجامة , فإن الدم ربما تبيغ بالرجل فقتله " . لكن فيه كذاب آخر , و لذلك خرجته هناك أيضا برقم ( 2363 ) . و الأحاديث في الحض على الحجامة كثيرة , قد تقدم تخريج بعضها في هذا الكتاب , فانظر مثلا رقم ( 622 و 1847 ) , و إنما خرجت هذا لشطره الثاني , و قد وجدت له طريقا ثالثا عن أنس مرفوعا بلفظ : " من أراد الحجامة فليتحر سبعة عشر .. و لا يتبيغ بأحدكم الدم فيقتله " . لكن إسناده ضعيف جدا كما بينته هناك ( 1864 ) بيد أن له شاهدا لا بأس به في الشواهد خرجته هناك ( 1863 ) . فالحديث به صحيح إن شاء الله تعالى . ( تنبيه ) : هذا الحديث مما فات السيوطي في " الجامع الكبير " و غيره . ( تبيغ ) : في " القاموس المحيط " : " ( البيغ ) ثوران الدم , و تبيغ الدم : هاج و غلب " . و في " الهادي إلى لغة العرب " : " باغ الدم : ثار و هاج كما يكون الحال عند من به ارتفاع في ضغط الدم " . 2748 " صنفان من أمتي لا يردان علي الحوض : القدرية و المرجئة " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 563 : أخرجه العقيلي في " الضعفاء " ( ص 156 ) و الطبري في " التهذيب " ( 2 / 180 / 1472 ) و ابن أبي عاصم في " السنة " ( 949 ) و اللالكائي في " شرح السنن " ( 4 / 142 / 1157 ) عن بقية قال : حدثنا سليمان بن جعفر الأزدي عن #محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبيه عن جده #مرفوعا به . و قال العقيلي : " سليمان بن جعفر مجهول بنقل الحديث , و لا يتابع على حديثه " . ثم ساق له هذا الحديث , و قال : " و لا يتابع إلا ممن هو مثله أو دونه " . قلت : و لعله يشير إلى حديث أنس مرفوعا به , إلا أنه زاد : " و لا يدخلان الجنة " . أورده الهيثمي ( 7 / 207 ) و قال : " رواه الطبراني في " الأوسط " , و رجاله رجال " الصحيح " غير هارون بن موسى الفروي , و هو ثقة " . و مما ينبغي أن يعلم أن هذا القول من الهيثمي - و هو كثير التكرار له - لا ينفي التضعيف الذي أشار إليه العقيلي , ذلك لأن ثقة رجال الإسناد , لا يستلزم صحته كما لا يخفى على الممارس لهذا العلم الشريف , فقد يكون فيه تدليس أو انقطاع - أو يكون أحد رواته مضعفا و لو كان من رجال " الصحيح " , لاسيما إذا كان مقرونا عنده , أو معلقا , إلى غير ذلك من العلل في صحة الإسناد , فتأمل . ثم وقفت على إسناد الطبراني في " الأوسط " فقال ( 1 / 253 / 1 ) : حدثنا علي بن عبد الله الفرغاني قال : أخبرنا هارون بن موسى الفروي قال : أخبرنا أبو ضمرة أنس بن عياض عن حميد عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " صنفان من أمتي لا يردان الحوض و لا يدخلان الجنة : القدرية و المرجئة " . و في لفظ له : " القدرية و المرجئة مجوس هذه الأمة , فإن مرضوا فلا تعودوهم , و إن ماتوا فلا تشهدوهم " . و قال الطبراني : " لم يرو هذين الحديثين عن حميد الطويل إلا أنس بن عياض , تفرد بهما هارون بن موسى الفروي " . قلت : و هو ثقة كما قال الهيثمي , و قال الحافظ في " التقريب " : " لا بأس به " . و من فوقه من رجال الشيخين . بقي أن نعرف حال الفرغاني شيخ الطبراني , أورده " الخطيب " في " تاريخ بغداد " ( 12 / 4 - 5 ) و قال : " علي بن عبد الله بن عبد البر أبو الحسن الوراق يعرف بـ ( الفرغاني ) . حدث عن أبي حاتم الرازي و عبد الله بن أحمد بن حنبل , روى عنه القاضي الجراحي و محمد ابن المظفر و أبو يعلى الطوسي الوراق و ابن شاهين و يوسف القواس : حدثنا البرقاني قال : قرأت على أبي يعلى الوراق - و هو عثمان بن الحسن الطوسي - حدثكم علي بن عبد الله بن عبد البر , وراق ثقة . مات سنة اثنتين و عشرين و ثلاثمائة " . قلت : فالظاهر أنه هذا , و يؤيده أن المزي ذكره في الرواة عن شيخه هنا : هارون الفروي . و ذكر الطبراني في " الصغير " ( 941 - الروض ) أنه سمع منه بمصر فلعله كان رحل إليها و لقبه بـ ( طغك ) , و كذلك وقع في الحديث الأول من أحاديثه التي ساقها عنه في " الأوسط " رقم ( 4353 ) . و على ذلك فالإسناد جيد و ليس فيه ما يمكن أن يعل به من علة من تلك العلل التي سبقت الإشارة إليها , اللهم إلا ما قيل في حميد - و هو ابن أبي حميد الطويل - من التدليس عن أنس , لكن ذكر غير واحد من الأئمة أنه سمعه من ثابت عن أنس , فلا يضر تدليسه , كما أشار إلى ذلك الحافظ العلائي و غيره . و لعل هذا هو السر في كثرة أحاديثه في " الصحيحين " عن أنس معنعنة , و قد رأيت المنذري حسن إسناد حديث آخر رواه الطبراني بهذا الإسناد , تقدم تخريجه برقم ( 1620 ) . و بعد تحرير القول في إسناد حديث أنس هذا , و تبين أنه قوي , وجب إيداعه في هذه السلسلة " الصحيحة " , و نقله من " ضعيف الجامع " - و هو فيه معزو إلى " الضعيفة " برقم ( 3785 ) - و الذي فيه حديث آخر فيه لعن المرجئة , فاقتضى التنبيه , و الله تعالى هو المسؤول أن يسدد خطانا , و يهدينا إلى ما يرضيه من القول و الفعل .1>1>1>1>1>2>2>1>1>1>1>1>2><2><1><1><1><1><1><2><2><1><1><1><1><1> 1>1>1>1>1>2>2>1>1>1>1>1>2>
<2><1><1><1><1><1><2><2><1><1><1><1><1> 27491>1>1>1>1>2>2>1>1>1>1>1>2><2><1><1><1><1><1><2><2><1><1><1><1><1> " إذا ذهبتم إلى الغائط فاتقوا المجالس على الظل و الطريق , خذوا النبل <1>و استنشبوا على سوقكم و استجمروا وترا1> " . ---------------------------------------------------------- [1] بضم النون و فتح الباء : هي الحجارة الصغار التي يستنجى بها . اهـ . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 565 : أخرجه الطبراني في " المعجم الأوسط " ( 2 / 16 / 2 رقم 5331 ) : حدثنا محمد بن عبدوس بن كامل قال : حدثنا مخلد بن خالج قال : أخبرنا إبراهيم بن خالد الصنعاني قال : أخبرنا رباح بن زيد عن معمر عن سماك بن الفضل عن أبي رشدين عن # سراقة بن مالك بن جعشم # : أنه كان إذا جاء من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم حدث قومه و علمهم , فقال له رجل يوما - و هو كأنه يلعب - : ما بقي لسراقة إلا أن يعلمكم كيف التغوط ?! فقال سراقة : إذا ذهبتم .. الحديث . قلت : و هذا إسناد حسن كما قال الهيثمي ( 1 / 204 - 205 ) , و بيان ذلك : أولا : أبو رشدين هذا اسمه زياد الجندي كما في " تاريخ البخاري " ( 2 / 1 / 353 ) , و " جرح ابن أبي حاتم " ( 1 / 2 / 550 ) برواية سماك هذا و النعمان الجندي . و لم يذكرا فيه جرحا و لا تعديلا . و ذكره ابن حبان في " ثقات التابعين " ( 4 / 454 ) و قال : " روى عنه النعمان [ و غيره ] " . ثانيا : و سائر رجاله ثقات من رجال " التهذيب " غير محمد بن عبدوس بن كامل , و هو أبو أحمد السراج , و له ترجمة جيدة في " تاريخ بغداد " ( 2 / 381 - 382 ) برواية جماعة من الحفاظ عنه . قال ابن المنادي : " كان من المعدودين في الحفظ و حسن المعرفة بالحديث , أكثر الناس عنه لثقته و ضبطه , و كان كالأخ لعبد الله بن أحمد بن حنبل . توفي سنة ثلاث و تسعين و مائتين " . و أورده الذهبي في " تذكرة الحفاظ " . و شيخه مخلد بن خالد هو الشعيري , من شيوخ مسلم في " صحيحه " . ثالثا : و ظاهر سياق المتن و إن كان موقوفا فهو في حكم المرفوع , لسببين اثنين : الأول : أن سراقة ذكره بعد أن جاء من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم متحديا لقول ذاك الرجل : " ما بقي لسراقة إلا أن يعلمكم كيف التغوط ?! " . و الآخر : أنه قد جاء مرفوعا في أحاديث متفرقة , فهي شواهد قوية له , بل روي بتمامه مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم , فقد قال ابن أبي حاتم في " العلل " ( 1 / 36 - 37 ) : " سألت أبي عن حديث رواه أحمد بن ثابت ( فرخويه ) عن عبد الرزاق عن معمر عن سماك بن الفضل عن أبي رشدين الجندي عن سراقة بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم : " إذا أتى أحدكم الغائط , فلا يستقبل القبلة , و اتقوا مجالس اللعن و الظل و الماء و قارعة الطريق , و استمرخوا الريح , و استشبوا على سوقكم , و أعدوا النبل " ? قال أبي : إن ما يروونه موقوف , و أسنده عبد الرزاق بآخرة " . قلت : كأنه يشير إلى حديث الترجمة , و قد عرفت أنه في حكم المرفوع , ثم إنه أعله بعبد الرزاق , و أنه رفعه في آخر عمره , يعني و قد كان تغير حفظه , مع أن الراوي عنه ( فرخويه ) متهم , فقد قال ابن أبي حاتم ( 1 / 1 / 44 ) : " سمعت أبا العباس بن أبي عبد الله الطهراني يقول : كانوا لا يشكون أن ( فرخويه ) كذاب " . قلت : فلعل أبا حاتم لم يعله به لأنه قد توبع من غيره , فرواه عن عبد الرزاق مرفوعا كما رواه فرخويه , و لذلك عصب العلة بعبد الرزاق , و عليه فهذه متابعة قوية من عبد الرزاق لرباح بن زيد الثقة . و الله أعلم . و إليك الآن بعض الشواهد المشار إليها آنفا : 1 - عن سلمان قال : قال لنا المشركون : إني أرى صاحبكم يعلمكم حتى يعلمكم الخراءة ! فقال : أجل , إنه نهانا أن يستنجي أحدنا بيمينه , أو يستقبل القبلة .. الحديث . رواه مسلم و أبو عوانة في " صحيحيهما " , و هو مخرج في " الإرواء " ( 1 / 81 - 82 ) و " صحيح أبي داود " ( 5 ) و هو شاهد قوي لسبب رواية سراقة لحديث الترجمة . 2 - عن أبي هريرة مرفوعا : " اتقوا اللعانين . قالوا : و ما اللعانان يا رسول الله ? قال : الذي يتخلى في طريق الناس , و في ظلهم " . أخرجه المذكوران آنفا . و هو مخرج في المصدرين المذكورين . 3 - قوله صلى الله عليه وسلم : " إذا استجمر أحدكم فليستجمر وترا .. " الحديث . أخرجه البخاري , و مسلم , و أبو عوانة في " صحاحهم " , و غيرهم من طرق عن أبي هريرة , و قد خرجت بعضها في " صحيح أبي داود " برقم ( 128 ) . و له شاهد من حديث جابر مرفوعا به . أخرجه مسلم ( 1 / 147 ) و أحمد ( 3 / 294 ) من طريق أبي الزبير أنه سمع جابرا به . ثم رواه أحمد ( 3 / 400 ) من طريق أبي سفيان عن جابر بلفظ : " .. فليستجمر ثلاثا " . و إسناده صحيح على شرط مسلم . و زاد ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 1 / 155 ) : " يعني يستنجي " . و مضى تخريجه ( 1295 ) , و يأتي برقم ( 2749 ) . 4 - ما رواه بعضهم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " اتقوا الملاعن , و أعدوا النبل " . أخرجه أبو عبيد في " غريب الحديث " ( ق 12 / 2 ) : حدثناه محمد بن الحسن عن عيسى ابن أبي عيسى الحناط عن الشعبي عمن سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول ذلك . قلت : و هذا إسناد ضعيف جدا , آفته عيسى هذا الخياط , و يقال فيه ( الحناط ) و ( الخباط ) بائع الخبط , كان قد عالج الصنائع الثلاثة , قال الذهبي في " الكاشف " : " ضعفوه " . و قال الحافظ في " التقريب " : " متروك " . و محمد بن الحسن - هو الشيباني صاحب أبي حنيفة - , أورده الذهبي في " الضعفاء " , و قال : " ضعفه النسائي من قبل حفظه " . لكن الآفة من شيخه المتروك , و قد رواه عنه ابن قتيبة أيضا في " إصلاح غلط أبي عبيد " ( ق 52 / 2 - مخطوطة الظاهرية ) . و علقه الخطابي في " غريب الحديث " ( 1 / 221 ) و من قبله ابن جرير الطبري في " تهذيب الآثار " ( مسند علي ص 116 ) , و أشار إلى تضعيفه بتصديره إياه بقوله : " روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال " . و قال محققه الأستاذ الأديب محمود شاكر : " لم أجد إسناده , و لم يسنده أبو عبيد القاسم بن سلام في غريب الحديث 1 : 79 " . قلت : الظاهر أنه سقط إسناده من المطبوعة التي أشار الأستاذ إليها , و ها أنا ذا قد قدمته إلى القراء الكرام , نقلا عن مخطوطة " غريب أبي عبيد " و مخطوطة " إصلاح خطئه " لابن قتيبة , و يؤسفني أنني لم أجد في مسودتي التي منها نقلت الحديث بإسناده من " غريبه " مصدرها من المكتبات العامة . و في المطبوعة ما يشير إلى الإسناد , فقد عرفت أن أبا عبيد رواه من طريق شيخه محمد بن الحسن الشيباني , فقد قال بعد أن نقل عن الأصمعي ضبطه للفظة ( النبل ) بضم النون و فتح الباء : " قال محمد بن الحسن : يقول : النبل حجارة الاستنجاء " . ثم إن الحديث أورده السيوطي في " الجامع الكبير " بلفظ : " أبعدوا الآثار إذا ذهبتم إلى الغائط و أعدوا النبل و اتقوا الملاعن , لا يتغوط أحدكم تحت الشجرة ينزل تحتها أحد - و لا عند ما يشرب منه , فيدعون عليكم " . و عزاه لعبد الرزاق مرسلا . و لم أره في " المصنف " لعبد الرزاق , و لعله في القسم الأول الذي لم يطبع لأنه لم يعثر عليه محققه الشيخ الأعظمي . و الله أعلم . و بالجملة فالحديث بهذه الشواهد صحيح بلا ريب . و الحمد لله على توفيقه , و أسأله المزيد من كرمه و فضله . ثم رأيت الحافظ قد عزا لعبد الرزاق جملة من حديثه عن ابن جريج عن الشعبي مرسلا . فانظر " التلخيص " ( 1 / 107 ) . 2750 " مم تضحكون ? قالوا : من دقة ساقيه . فقال : [ والذي نفسي بيده لـ ] هي أثقل في الميزان من أحد " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 570 : أخرجه أحمد ( 1 / 420 - 421 ) و كذا الطيالسي ( رقم 355 ) و ابن سعد ( 3 / 155 ) من طريق حماد بن سلمة عن عاصم بن بهدلة عن زر بن حبيش عن # عبد الله # قال : كنت أجتني لرسول الله صلى الله عليه وسلم من الأراك , قال : فضحك القوم من دقة ساقي , فقال النبي صلى الله عليه وسلم : فذكره , و السياق لابن سعد , و الزيادة للآخرين . قلت : و هذا إسناد حسن , و هو صحيح بطرقه الكثيرة عند الطبراني ( 8453 و 8454 و 8517 ) , و ابن سعد , و بشواهده الآتية : الأول : عن معاوية بن قرة عن أبيه قال : كان ابن مسعود على شجرة يجتني لهم منها , فهبت ريح , فكشف لهم عن ساقيه , فضحكوا .. الحديث . أخرجه ابن جرير الطبري في " التهذيب " ( مسند علي / 163 / 262 - شاكر ) و الطبراني في " الكبير " ( 19 / 28 / 59 ) و الحاكم ( 3 / 317 ) من طريق سهل بن حماد أبي عتاب الدلال : حدثنا شعبة قال : حدثنا معاوية بن قرة به . و قال الحاكم : " صحيح الإسناد " . و وافقه الذهبي . قلت : بل هو على شرط مسلم , فإن رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير الدلال فهو من أفراد مسلم , و قد خولف كما يأتي , و قرة والد معاوية صحابي معروف , فلا يضر عدم إخراج مسلم له . و أخرجه الطيالسي في " مسنده " ( 1078 ) قال : حدثنا شعبة عن معاوية بن قرة أن ابن مسعود .. الحديث فأرسله . و قال يونس بن حبيب - راوي المسند - : " هكذا رواه أبو داود , و قال غير أبي داود عن شعبة عن معاوية بن قرة عن أبيه " . قلت : و هذا أصح إن شاء الله تعالى . الثاني : عن أم موسى قالت : سمعت عليا رضي الله عنه يقول : أمر النبي صلى الله عليه وسلم ابن مسعود فصعد على شجرة أمره أن يأتيه بشيء , فنظر أصحابه إلى ساق عبد الله بن مسعود .. الحديث . أخرجه أحمد ( 1 / 114 ) و ابن سعد و ابن جرير ( 162 / 19 و 20 ) و أبو يعلى ( 1 / 409 و 446 ) و من طريقه الضياء ( 2 / 421 ) و ابن أبي عاصم في " الوحدان " ( ق 21 / 2 ) و الطبراني في " الكبير " ( 9 / 97 / 8516 ) و قال ابن جرير : " إسناده صحيح " . قلت : و لعله يعني صحيح بما قبله من الشاهدين , و إلا فقد أعله هو بعلتين اثنتين , إحداهما قادحة , فقال : " و الثانية : أن أم موسى لا تعرف في نقلة العلم , و لا يعلم راو روى عنها غير مغيرة , و لا يثبت بمجهول من الرجال في الدين حجة , فكيف مجهولة من النساء ?! " . قلت : و هذه فائدة خلت منها كتب الرجال , و هي تصريح هذا الإمام بجهالة أم موسى هذه , فقد جاء في " التهذيب " : " روى عنها مغيرة بن مقسم الضبي , قال الدارقطني : حديثها مستقيم , يخرج حديثها اعتبارا . و قال العجلي : كوفية تابعية ثقة " . قلت : و هذا التوثيق غير معتمد لأنها في حكم المجهولة التي لا تعرف , فهو جار على طريقة ابن حبان في توثيقه للمجهولين , كما هو معلوم , و العجلي هو عمدة الهيثمي في توثيقه إياه في قوله في " المجمع " ( 9 / 288 - 289 ) : " رواه أحمد و أبو يعلى و الطبراني , و رجالهم رجال الصحيح غير أم موسى , و هي ثقة " . و لذلك لم يزد الحافظ على قوله فيها : " مقبولة " . قلت : يعني عند المتابعة , و هو ما أفاده كلام الدارقطني المتقدم , و قد توبعت كما تقدم , فهو حسن لغيره , خلافا للمعلق على " أبي يعلى " و على " الضياء " ! و الله أعلم . 2751 " نحن يوم القيامة على كوم فوق الناس , فتدعى الأمم بأوثانها و ما كانت تعبد , الأول فالأول , ثم يأتينا ربنا بعد ذلك فيقول : ما تنتظرون ? فيقولون : ننتظر ربنا , فيقول : أنا ربكم , فيقولون : حتى ننظر إليك , فيتجلى لهم يضحك , فيتبعونه " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 573 : أخرجه أحمد ( 3 / 345 ) و الدارمي في " الرد على الجهمية " ( ص 58 ) من طريق ابن لهيعة عن أبي الزبير قال : سألت # جابرا # رضي الله عنه عن الورود ? فأخبرني أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : فذكره . قلت : و هذا إسناد صحيح , رجاله ثقات غير ابن لهيعة , فإنه قد ضعف من قبل حفظه , و لكن هذا الحديث مما حفظه , لأنه قد تابعه عليه ابن جريج قال : أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله به , إلا أنه لم يصرح برفعه , لكن له حكم الرفع كما هو ظاهر , لاسيما و قد صرح برفعه في بعض الطرق عنه , و في غيرها كما يأتي . و قد رواه عنه ثلاثة من الثقات : الأول : أبو عاصم - و هو الضحاك بن مخلد النبيل , ثقة ثبت - قال : حدثنا ابن جريج به موقوفا , لكنه قال في آخره : " قال : فيتجلى لهم - قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول - يضحك " . أخرجه أبو عوانة في " صحيحه " ( 1 / 139 ) . و إسناده صحيح , رجاله كلهم ثقات . الثاني : حجاج بن محمد عن ابن جريج به موقوفا . أخرجه أبو عوانة , و عبد الله بن أحمد في " السنة " ( ص 48 ) بإسنادهما الصحيح عنه . الثالث : روح بن عبادة , و رواه عنه جمع : أولهم : الإمام أحمد , فقال : حدثنا روح بن عبادة حدثنا ابن جريج به . أخرجه في " المسند " ( 3 / 383 ) و في " السنة " ( ص 47 ) و من طريقه ابن منده في " الإيمان " ( 3 / 802 - 803 ) و ابن أبي عاصم في " السنة " ( 47 - 48 ) و اللالكائي في " الشرح " ( 3 / 482 / 835 ) . و ثانيهم : إسحاق بن منصور - و هو ابن بهرام - من تلامذة الإمام أحمد , و هو ثقة من رجال الشيخين , فقال مسلم في " صحيحه " ( 1 / 122 ) : حدثني عبيد الله بن سعيد و إسحاق بن منصور كلاهما عن روح به . و ثالثهم : عبيد الله بن سعيد - و هو اليشكري - ثقة مأمون . أخرجه مسلم في رواية مسلم المذكورة آنفا . و ثلاثتهم اتفقوا على قوله : " فيتجلى لهم يضحك " , لكن اختلف فيه على إسحاق بن منصور , فرواه مسلم عنه هكذا و تابعه محمد بن نعيم و محمد بن شاذان قالا : حدثنا إسحاق بن منصور به . أخرجه ابن منده ( 3 / 804 ) من طريق محمد بن يعقوب الشيباني عنهما . و الشيباني هذا هو ابن الأخرم , و هو ثقة حافظ مترجم في " تذكرة الحفاظ " و غيره . و خالفه علي بن محمد عن محمد بن نعيم : حدثنا إسحاق بن منصور به , إلا أنه زاد : " و سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : حتى تبدو لهواته و أضراسه " . أخرجه ابن منده عقب رواية ابن الخرم , و قال : " و لم يذكر من تقدم هذا " . قلت : يشير إلى أن هذه الزيادة منكرة أو شاذة على الأقل لتفرد علي بن محمد بها , و هو علي بن محمد بن نصر , فإنه فيه بعض اللين كما في " تاريخ بغداد " ( 12 / 76 ) و " الميزان " لاسيما و قد زادها على الحافظ ابن الأخرم , و قد أشار صاحبنا الدكتور علي بن محمد بن ناصر الفقيهي في تعليقه على " الإيمان " إلى تفرد علي بن محمد بن نصر هذا بهذه الزيادة , و إلى ما فيه من اللين , و لكنه قد فاته أنه قد توبع , فقال أبو عوانة ( 1 / 139 ) : و حدثني عبد الله بن أحمد بن حنبل و أحمد أخي قالا : حدثنا إسحاق بن منصور به , إلا أنه قال : " أو أضراسه " . قلت : أحمد أخو أبي عوانة لم أعرفه , لكن عبد الله بن أحمد بن حنبل ثقة مشهور , و بذلك تبرأ ذمة ابن نصر من مسؤولية هذه الزيادة , و يتبين أنها محفوظة عن إسحاق بن منصور , برواية عبد الله بن أحمد و قرينه عنه , لكن ذلك مما لا يجعل النفس تطمئن لكونها محفوظة في الحديث , و ذلك لما يأتي : أولا : أن مسلما رواه عن إسحاق بدون الزيادة كما تقدم . ثانيا : أنه قد خالفه الإمام أحمد و عبيد الله بن سعيد فروياه عن روح بن عبادة دون الزيادة كما سبق , و اثنان أحفظ من واحد , لاسيما و أحدهما أحمد , و هو جبل في الحفظ , و بخاصة أن إسحاق قد وافقهما في رواية مسلم عنه . ثالثا : أننا لو سلمنا أن إسحاق قد حفظها عن روح بن عبادة , و لم تكن وهما منه عليه , فإن مما لا شك فيه , أن رواية من رواه عن روح بدونها أرجح , لموافقتها لرواية الثقتين الأولين أبي عاصم و حجاج بن محمد الخالية من الزيادة . رابعا : أنني وجدت للحديث طريقا أخرى عن جابر فيها بيان أن هذه الزيادة موقوفة منسوبة للنبي صلى الله عليه وسلم من فعله , فقد أخرج الآجري في " الشريعة " ( ص 282 ) من طريق وهب بن منبه عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في قصة الورود قال : " فيتجلى لهم ربهم عز وجل يضحك " . قال جابر : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يضحك حتى تبدو لهواته . قلت : و إسناده حسن , و فيه بيان خطأ رواية من روى عن إسحاق رفع بدو اللهوات , و أن الصواب فيه الوقف يقينا . و الله سبحانه و تعالى أعلم . هذا و للحديث شاهد من حديث أبي هريرة نحوه مضى تخريجه برقم ( 756 ) و لجملة تجليه تعالى ضاحكا شواهد , منها عن أبي موسى الأشعري تقدم أيضا برقم ( 755 ) . و قد أخرجها الدارقطني في " النزول " ( 48 / 33 ) من طريق يحيى بن إسحاق أبي زكريا السيلحيني : حدثنا ابن لهيعة عن أبي الزبير بسنده المتقدم . و يحيى هذا قال الحافظ : ( 2 / 420 ) : " هو من قدماء أصحاب ابن لهيعة " . 2752 " إن هذا الحي من مضر , لا تدع لله في الأرض عبدا صالحا إلا فتنته و أهلكته حتى يدركها الله بجنود من عباده , فيذلها حتى لا تمنع ذنب تلعة " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 576 : أخرجه أحمد ( 5 / 390 ) و البزار ( 4 / 127 / 3360 ) و الحاكم ( 4 / 469 - 470 ) و ابن عساكر ( 8 / 809 ) من طريق قتادة عن أبي الطفيل قال : انطلقت أنا و عمرو بن صليع حتى أتينا #حذيفة #, قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : فذكره . و قال الحاكم : " هذا حديث صحيح على شرط الشيخين " . و وافقه الذهبي . و له طريقان آخران , بل ثلاثة طرق : الأول : عن عبد الرحمن بن ثروان <1>عن عمرو بن حنظلة قال : قال حذيفة : " والله لا تدع مضر عبدا لله مؤمنا إلا فتنوه أو قتلوه , أو يضربهم الله و الملائكة و المؤمنون , حتى لا يمنعوا ذنب تلعة " . فقال له رجل : أتقول هذا يا عبد الله ! و أنت رجل من مضر ? قال : لا أقول إلا ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم . أخرجه أحمد ( 5 / 395 ) و ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 15 / 111 / 19249 ) و من طريقه الطبراني في " الأوسط 1>" ( 2 / 110 / 2 / 6727 ) من طريق عبد الله بن نمير : حدثنا الأعمش عن عبد الرحمن بن ثروان به . و قال الطبراني : " لم يروه عن الأعمش إلا عبد الله بن نمير " . قلت : هو ثقة من رجال الشيخين , و كذلك من فوقه إلا عمرو بن حنظلة , قال الحافظ في " التعجيل " : " وثقه ابن حبان , و ذكره ابن أبي حاتم , و لم يذكر فيه جرحا " . قلت : و لم أره في التابعين من " ثقات ابن حبان " - طبعة الهند بتحقيق الأفغاني , فقلت : لعله أورده في أتباع التابعين , لأنه لم يصرح بسماعه من حذيفة , فرجعت إلى النسخة المصورة عندي فلم أجده فيهم أيضا <2>2>. ثم إن قول الطبراني المذكور آنفا غير مسلم , لأن الحاكم قد أخرجه في " المستدرك " ( 4 / 470 ) من طريق أبي عوانة عن الأعمش به . فقد تابع ابن نمير أبو عوانة , و قال الحاكم : " حديث صحيح على شرط الشيخين " ! و وافقه الذهبي ! و هو وهم ظاهر , لأن عمرو بن حنظلة ليس من رجالهما على ما فيه من الجهالة التي أشار إليها الحافظ في " التعجيل " . الطريق الثاني : عن عبد الجبار بن العباس الشبامي ( الأصل : الشامي ) عن أبي قيس - قال عبد الجبار : أراه - عن هزيل قال : قام حذيفة خطيبا في دار عامر بن حنظلة , فيها التميمي و المضري , فقال : ليأتين على مضر يوم لا يدعون لله عبدا يعبده إلا قتلوه , أو ليضربن ضربا لا يمنعون ذنب تلعة , أو أسفل تلعة . فقيل : يا أبا عبد الله تقول هذا لقومك , أو لقوم أنت - يعني - منهم ? قال : لا أقول - يعني - إلا ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول . أخرجه أحمد ( 5 / 404 ) قلت : و هذا إسناد جيد , إن كان الشبامي - نسبة إلى " شبام " جبل باليمن - قد حفظه , فإنه ثقة , و كذا من فوقه و تحته , و أبو قيس هو عبد الرحمن بن ثروان المتقدم في الطريق الأولى من رواية الأعمش عنه . و لا شك أن الأعمش أحفظ من الشبامي , و لاسيما و قد شك هذا في إسناده بقوله : " أراه عن هزيل " , فأخشى أن يكون لم يحفظه . و الله أعلم . الثالث : عن منصور بن المعتمر عن ربعي عن حذيفة قال : ادنوا يا معشر مضر ! فوالله لا تزالون بكل مؤمن تفتنونه و تقتلونه حتى يضربكم الله و ملائكته و المؤمنون حتى لا تمنعوا بطن تلعة . قالوا : فلم تدنينا و نحن كذلك ? قال : إن منكم سيد ولد آدم , و إن منكم سوابق كسوابق الخيل . أخرجه ابن أبي شيبة ( 15 / 111 / 19248 ) و البزار ( 3362 ) . قلت : و إسناده صحيح على شرط الشيخين , و ربعي هو ابن حراش . ثم وجدت لربعي شيخا آخر فقال : حدثنا سيف بن وهب قال : قال لي أبو الطفيل : كم أتى عليك ? ... الحديث , و فيه أن عمرو بن ضليع كانت له صحبة , و أنه دخل على حذيفة فقال له : كيف أصبحت ? ... و فيه أن حذيفة حدثه بهذا الحديث نحوه . أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " ( رقم 1135 ) , و حسن الحافظ إسناده في " الإصابة " , و لعله يعني أنه حسن لغيره , لهذه الطرق , و إلا فسيف لين الحديث عنده في " التقريب " , و من هذا الوجه أخرجه ابن عساكر أيضا . و للحديث شاهد بنحوه , و لفظه : " لتضربن مضر عباد الله حتى لا يعبد لله اسم , و ليضربنهم المؤمنون حتى لا يمنعوا ذنب تلعة " . أخرجه أحمد ( 3 / 86 - 87 ) : حدثنا خلف بن الوليد حدثنا عباد بن عباد عن مجالد ابن سعيد عن أبي الوداك عن أبي سعيد الخدري مرفوعا . قلت : و هذا إسناد ضعيف , رجاله ثقات غير مجالد بن سعيد , و ليس بالقوي كما في " التقريب " . و قال الهيثمي في " مجمع الزوائد " ( 7 / 313 ) : " رواه أحمد , و فيه مجالد بن سعيد , وثقه النسائي , و ضعفه جماعة , و بقية رجاله ثقات " . قلت : إنما وثقه النسائي مرة , و قال مرة أخرى : ليس بالقوي , كما في " التهذيب " , و قد أورده في كتابه " الضعفاء و المتروكون " , و قال ( رقم 552 ) : " كوفي ضعيف " . و خلف بن الوليد ثقة من رجال " التعجيل " , و قد تابعه إبراهيم بن زياد , سبلان قال : حدثنا عباد بن عباد به دون قوله : " و ليضربنهم المؤمنون .. " . أخرجه اللالكائي في " أصول السنة " ( 1 / 210 / 342 ) . و عزاه السيوطي في " الجامع الكبير " لأحمد وحده , و وقع فيه : " .. حتى لا يعبد الله " , فكأنه تحرف على الناسخ قوله : " حتى لا يعبد لله اسم " . و استدل به اللالكائي على أن الاسم و المسمى واحد , و نعم الدليل لو صح بهذا اللفظ . و الله أعلم . ----------------------------------------------------------- [1] بسكون الراء كما قيده الحافظ ابن حجر . [2] ثم وجدته في طبعة المعارف الهندية ( 5 / 173 ) برواية أبي قيس الأودي , و هو عبد الرحمن بن ثروان كما يأتي في الكلام على الطريق الثاني . اهـ . 2753 " قل : " اللهم عالم الغيب و الشهادة فاطر السماوات و الأرض , رب كل شيء و مليكه أشهد أن لا إله إلا أنت أعوذ بك من شر نفسي و شر الشيطان و شركه " . قله إذا أصبحت و إذا أمسيت و إذا أخذت مضجعك " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 580 : حديث صحيح , يرويه يعلى بن عطاء قال : سمعت عمرو بن عاصم الثقفي يقول : سمعت # أبا هريرة # يقول : قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه : يا رسول الله ! مرني بشيء أقوله إذا أصبحت و إذا أمسيت . قال : فذكره . قلت : و هذا إسناد صحيح , الثقفي هذا وثقه أحمد و ابن حبان . و يعلى بن عطاء ثقة من رجال مسلم , و قد رواه عنه شعبة و هشيم . أما الأول , فرواه عنه جمع من الثقات : 1 - أبو داود الطيالسي , قال في " مسنده " ( 2582 ) : حدثنا شعبة به . و من طريق الطيالسي أخرجه الترمذي ( 3389 ) و قال : " حديث حسن صحيح " . 2 - محمد بن جعفر , غندر , قال ابن أبي شيبة ( 10 / 237 / 9323 ) و أحمد ( 2 / 297 ) قالا : حدثنا محمد جعفر حدثنا شعبة به . و أخرجه البخاري في " خلق أفعال العباد " ( ص 74 و 94 - هندية ) و النسائي في " الكبرى " ( 4 / 408 / 7714 ) قالا : حدثنا محمد بن بشار : حدثنا غندر به , إلا أنه وقع في الموضع الثاني من " الأفعال " زيادة يأتي الكلام عليها إن شاء الله . 3 - سعيد بن الربيع : حدثنا شعبة به . أخرجه البخاري في " الأفعال " , و في " الأدب المفرد " ( رقم 1202 ) . 4 - سعيد بن عامر عن شعبة به . أخرجه الدارمي ( 2 / 292 ) : أخبرنا سعيد بن عامر به . 5 - النضر بن شميل : حدثنا شعبة به . أخرجه ابن حبان في " صحيحه " ( 2349 - موارد ) . 6 و 7 - بهز و عفان قالا : حدثنا شعبة به . أخرجه أحمد ( 1 / 9 و 10 ) . و أخرجه النسائي في " اليوم و الليلة " ( 795 ) و الطبراني في " الدعاء " ( 2 / 923 / 288 ) من طرق أخرى عن شعبة به . و أما الآخر : هشيم , فرواه عنه جمع آخر من الثقات عن يعلى به . أخرجه البخاري في " الأفعال " و " الأدب " , و أبو داود ( 5067 ) و النسائي ( 4 / 401 / 7691 و 403 / 7699 ) و الحاكم ( 1 / 513 ) و أبو يعلى في " مسنده " ( 1 / 26 ) و ابن السني في " عمل اليوم و الليلة " ( رقم 43 ) من طرق عنه , و قال الحاكم : " صحيح الإسناد " . و وافقه الذهبي , و صرح عنده هشيم بالسماع . ( تنبيه ) : حديث أبي هريرة هذا أورده ابن تيمية في " الكلم الطيب " ( رقم 42 ) برواية الترمذي فقط إلى قوله : " و شركه " . و قال ابن تيمية عقبه : " و في رواية : " و أن أقترف على نفسي سوءا , أو أجره إلى مسلم , قله إذا أصبحت .. " . قال الترمذي : حديث حسن صحيح " . فعلقت عليه بأن هذه الرواية ليست عند الترمذي من حديث أبي هريرة , و إنما من حديث ابن عمرو . ثم رأيت ابن القيم قد زاد على شيخه وهما على وهم في " الوابل الصيب " فحذف قوله : " و في رواية " ! فصارت الزيادة صراحة في حديث الترمذي عن أبي هريرة ! و هو خطأ ظاهر . و لم يتعرض الشيخ إسماعيل الأنصاري في تعليقه على " الوابل " ( ص 202 ) كعادته لبيان هذا الوهم , و إنما قال : إنه قد جاء قوله : " أن أقترف .. " في حديث أبي هريرة عند البخاري في " خلق أفعال العباد " , ثم ساق إسناده من طريق محمد بن بشار عن غندر . و قد علمت أن هذه الزيادة لم تقع عند البخاري في الموضع الأول . و هي بلا شك ليست في حديث غندر , لأن أحمد رواه عنه كذلك , فهي زيادة شاذة عن شعبة لمخالفتها لرواية جمع الثقات عنه , و متابعة هشيم له كما تقدم . فلعلها مدرجة من بعض النساخ . نعم هي ثابتة في حديث ابن عمرو و أبي مالك كما ذكرت هناك في التعليق على " الكلم الطيب " ( ص 33 ) و يأتي تخريجها ( 2763 ) . و وجدت لها طريقا أخرى من رواية ليث عن مجاهد قال : قال أبو بكر الصديق : .. فذكر نحوه بالزيادة . أخرجه أحمد ( 1 / 14 ) . قلت : و هو مرسل , و ليث - و هو ابن أبي سليم - ضعيف . ( تنبيه آخر ) لقد تحرفت جملة : " و رب كل شيء و مليكه " إلى جملة شاذة بمرة " كل شيء بكفيك " , هكذا وقعت في " الأدب المفرد " في كل الطبعات التي وقفت عليها , و منها الهندية , و هي أصحها . و كذلك وقعت في متن شرح الشيخ فضل الله الجيلاني ! و هي خطأ بلا شك من بعض نساخ " الأدب " , لمخالفتها لكل مصادر الحديث المتقدمة , و منها " أفعال العباد " للبخاري مؤلف " الأدب " مما لا يبقى أدنى ريب في خطئها . و الحديث مما ضعفه ( حسان الهدام ) بدون حجة أو برهان , و لم يرض بتصحيح من تقدم ذكره و غيرهم مما لم نذكره هنا , و إنما اقتصر على تحسينه إياه على استحياء ! مشككا فيه بقوله فيه : " حديث حسن إن شاء الله تعالى " , و قد أكثر من مثل هذا التشكيك في كثير من الأحاديث الصحيحة في تخريجه لكتاب ابن القيم " إغاثة اللهفان " , و كتم صحة حديث ابن عمرو , و قد بينت ذلك كله في ردي عليه رقم ( 29 ) . 2754 " كان إذا أراد أن ينام وضع يده تحت خده الأيمن , و يقول : اللهم قني عذابك يوم تبعث عبادك " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 584 : ورد من حديث # البراء بن عازب و حذيفة بن اليمان و حفصة بنت عمر # . 1 - أما حديث البراء فيرويه أبو إسحاق السبيعي , و قد اختلف عليه في إسناده على وجوه : الأول : عنه عن البراء به . رواه سفيان الثوري عنه به . أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " ( 1215 ) و النسائي في " عمل اليوم و الليلة " ( 449 / 753 - تحقيق الدكتور فاروق ) و أحمد ( 4 / 290 و 298 و 303 ) و كذلك رواه زكريا - و هو ابن أبي زائدة - عنه به . أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 9 / 76 / 6588 و 10 / 251 / 9360 ) . و كذلك رواه يونس بن عمرو - و هو ابن أبي إسحاق - قال : قال أبي : حدثني البراء ابن عازب به . أخرجه أبو يعلى في " مسنده " ( 2 / 472 ) و عنه ابن حبان في " صحيحه " ( 2350 - الموارد ) من طريق يونس بن بكير عنه و في ( اليونسين ) كلام من جهة حفظهما , فيخشى أن يكون أحدهما أخطأ في ذكر التحديث بين أبي إسحاق و البراء , و لاسيما و قد رواه أبو يعلى بالسند نفسه عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة عن أبيه , يعني ابن مسعود , و قد توبع كما يأتي . و كذلك رواه شعبة عن أبي إسحاق به . أخرجه الطيالسي في " مسنده " ( 709 ) و النسائي ( 751 ) لكنه قد خولف كما يأتي . و كذلك رواه أبو الأحوص عن أبي إسحاق به . أخرجه ابن حبان ( 2351 ) . و كذلك رواه جمع آخر عنه عند النسائي فلا نطيل الكلام بذكرهم , فإن فيمن ذكرنا كفاية . الوجه الثاني : رواه إسرائيل عن أبي إسحاق عن عبد الله بن يزيد الأنصاري عن البراء بن عازب به . أخرجه أحمد ( 4 / 300 و 301 ) و النسائي ( 450 / 755 ) . و عبد الله بن يزيد الأنصاري - و هو الخطمي - صحابي صغير . الوجه الثالث : يرويه شعبة عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة و رجل آخر عن البراء به . أخرجه أحمد ( 4 / 281 ) و أبو يعلى ( 2 / 477 ) و النسائي ( 754 ) . الوجه الرابع : رواه إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة عن أبيه عبد الله مرفوعا به . أخرجه النسائي ( 756 ) و ابن ماجه ( 3923 - الأعظمي ) و ابن أبي شيبة ( 9 / 76 / 6589 و 10 / 251 / 9361 ) . و تابعه يونس بن عمرو عن أبيه أبي إسحاق عند أبي يعلى في رواية كما تقدم في الوجه الأول . الوجه الخامس : رواه إبراهيم بن يوسف بن أبي إسحاق عن أبيه عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن البراء به . أخرجه النسائي ( 758 ) و الترمذي ( 3396 ) و قال : " هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه " . قلت : و إبراهيم هذا صدوق من رجال الشيخين , و لكنه يهم كما في " التقريب " . ثم أشار الترمذي إلى هذه الوجوه الخمسة من الاختلاف , و لم يذكر الراجح منها . و الذي يتبين لي أن أصحها الوجه الثالث , لأن الثوري و شعبة أحفظ من أصحاب الوجوه الأخرى من جهة , و لأنهما سمعا من أبي إسحاق قبل اختلاطه من جهة أخرى . ثم إن رواية شعبة أرجح من رواية الثوري لأمرين : أحدهما : أن فيها زيادة الواسطة بين أبي إسحاق و البراء , و زيادة الثقة مقبولة , و الآخر : أن أبا إسحاق كان مدلسا , و قد ذكروا أن شعبة كان لا يروي عنه ما دلسه <1>و عليه فالإسناد من هذا الوجه صحيح , لأن أبا عبيدة بن عبد الله بن مسعود ثقة و معه الرجل الآخر الذي قرن به , فهو و إن لم يسم , فإنه ينفعه و لا يضره . و الله أعلم . 2 - و أما حديث حذيفة , فرواه عنه عن ربعي بن حراش عنه مرفوعا . أخرجه الترمذي ( 3395 ) و الحميدي ( 444 ) و أحمد ( 5 / 382 ) عن سفيان بن عيينة عن عبد الملك بن عمير عنه . و قال الترمذي : " حديث حسن صحيح " . قلت : و هو على شرط الشيخين , و هو عند البخاري ( 6312 ) و في " الأدب المفرد " ( 1205 ) و ابن حبان ( 5507 ) و أحمد ( 5 / 385 و 397 و 399 و 407 ) و النسائي ( 747 ) من طريق الثوري عن عبد الملك به , لكن بلفظ : " باسمك أموت و أحيا " , و زاد : " و إذا قام قال : الحمد لله الذي أحيانا بعدما أماتنا و إليه النشور " . ثم رواه هو1> ( 6314 ) و ( 6324 ) و أحمد ( 5 / 387 ) و البغوي في " شرح السنة " <2>, و الترمذي ( 3413 ) و صححه , و النسائي ( 857 - 860 ) من طرق أخرى عن عبد الملك و غيره به . 3 - و أما حديث حفصة , فيرويه عاصم بن بهدلة [ عن معبد بن خالد ] عن سواء الخزاعي عنها به , و زاد : " ثلاث مرار " . أخرجه أبو داود ( 5045 ) و ابن أبي شيبة ( 10 / 250 / 9358 ) و أحمد ( 6 / 287 و 288 ) و أبو يعلى ( 4 / 1675 و 1681 ) و ابن السني في " عمل اليوم و الليلة " ( 231 - 232 ) و كذا النسائي فيه ( 452 / 761 ) من طرق عن عاصم به . و ما بين القوسين لأبي داود و رواية للنسائي و ابن السني . و ليس عند ابن أبي شيبة زيادة " ثلاث مرار " , و هو رواية لأبي يعلى . قلت : و في النفس من ثبوت هذه الزيادة شيء , و ذلك لأمور : أولا : لأن مدارها على سواء الخزاعي , و لم يوثقه غير ابن حبان , و أشار الذهبي إلى تليين توثيقه , فقال في " الكاشف " : " وثق " . و كذا الحافظ بقوله في " التقريب " : " مقبول " . قلت : و عليه فهو مجهول , و لا يعكر عليه أنه روى عنه ثقات ثلاثة : المسيب بن رافع و معبد بن خالد و عاصم بن بهدلة كما في " التهذيب " , لأني أقول : إن عاصما هو الراوي عن الأولين , و هو معروف بشيء من الضعف , فأخشى أنه لم يحفظ إسناده , و اضطرب فيه , فمرة قال : " عن سواء " , مباشرة , و أحيانا رواه بواسطة أحدهما , و هذا أصح , لأنه من رواية الثقات عن عاصم , و الأولى من رواية حماد بن سلمة عنه , و في روايته عن غير ثابت البناني كلام معروف . و ثانيا : لعدم اتفاق الرواة لحديثه عليها كما سبق . و ثالثا : عدم ورودها في حديث البراء و حذيفة . و الله أعلم . و أما الحافظ فقد تناقض , فإنه قال في " الفتح " ( 11 / 115 ) و قد ذكر الحديث من رواية أبي إسحاق عن البراء : " و سنده صحيح . و أخرجه النسائي أيضا بسند صحيح عن حفصة و زاد : ( و يقول ذلك ثلاثا ) " ! قلت : و وجه التناقض أنه يعلم أن أبا إسحاق هذا مدلس مشهور بذلك كما قال هو نفسه في " طبقات المدلسين " , أورده في الطبقة الثالثة , و هي طبقة من أكثر من التدليس فلم يحتج الأئمة من أحاديثهم إلا بما صرحوا فيه بالسماع , و منهم من رد حديثهم مطلقا , و منهم من قبلهم , كأبي الزبير المكي . و إذا كان الأمر كذلك فكيف يصحح إسناده و هو قد عنعنه , أضف إلى ذلك أن غيره من الثقات - و فيهم شعبة - قد أدخل بين أبي إسحاق و البراء واسطة , فلو أنه صحح إسناده من رواية شعبة عنه , لكان أصاب , لما سبق بيانه . و كذلك تصحيحه لسند حديث حفصة , و بالزيادة , و هو يعلم أن فيه سواء الخزاعي , و قد قال فيه في " التقريب " : " مقبول " , كما تقدم . يعني عند المتابعة , كما نص عليه في المقدمة , و إن لم يتابع فلين الحديث . و هو لم يتابع كما عرفت , فتصحيح الحديث و الحالة هذه خطأ أيضا . و الله أعلم , أضف إلى ذلك أن الزيادة ( ثلاث مرار ) لم ترد في الحديثين الصحيحين : حديث البراء و حديث حذيفة , و بذلك يتبين أن قول الشيخ عبد القادر أرناؤوط في تعليقه على " الوابل الصيب " ( ص 127 ) : " و هو حديث صحيح " . فهو غير صحيح , و هو كثيرا ما يقول هذا في بعض الأحاديث توهما أو تقليدا . و الله أعلم . ( تنبيه ) : هذا الدعاء " اللهم قني .. " قد جاء في " صحيح مسلم " و غيره من طريق ثابت بن عبيد عن عبيد بن البراء عن البراء بلفظ : " كنا إذا صلينا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم أحببنا أن نكون عن يمينه يقبل علينا بوجهه . قال : فسمعته يقول : رب قني عذابك يوم تبعث ( أو تجمع ) عبادك " . و عبيد هذا ليس بالمشهور , حتى أن البخاري لما ذكره في " التاريخ الكبير " ( 3 / 1 / 443 ) لم يزد فيه على قوله : " عن أبيه " ! و نحوه في " الجرح و التعديل " ( 2 / 2 / 402 ) إلا أنه قال : " روى عنه محارب بن دثار " . و لم يزد في " التهذيب " عليه سوى ثابت بن عبيد هذا , و لم ينقل توثيقه عن أحد سوى العجلي . و فاته أن ابن حبان وثقه أيضا , فذكره في " الثقات " ( 5 / 135 ) لكنه غمز من حفظه , فقال و لم يزد : " عن أبيه , لم يضبطه " . قلت : و كأنه يشير إلى هذا الحديث , فإن قوله : " فسمعته يقول .. " ظاهره أنه سمعه يقول ذلك بعد الصلاة إذا أقبل عليهم بوجهه , و هو مخالف لكل الطرق المتقدمة عن البراء - و بعضها صحيح - أنه صلى الله عليه وسلم كان يقوله عند النوم , فتكون رواية عبيد هذه شاذة في أحسن الأحوال . و لعله لذلك لم يذكر أبو داود و ابن ماجه ( 1006 ) هذا الدعاء مع الحديث . و هو مخرج في " صحيح أبي داود " ( 628 ) . و الله أعلم . ( تنبيه آخر ) : عزاه ابن تيمية في " الكلم الطيب " ( 36 / 29 ) للشيخين , و تبعه ابن القيم في " الوابل " و لم يروه مسلم كما تقدم , و كما في " التحفة " ( 3 / 23 - 24 ) . ----------------------------------------------------------- [1] قال : ثلاثة كفيتكم تدليسهم : فذكر أبا إسحاق . [2] و عزاه المعلق عليه لمسلم أيضا , و هو من أوهامه , و إنما هو عنده من حديث البراء بن عازب . اهـ . 2755 " إذا أصاب أحدكم غم أو كرب فليقل : الله , الله ربي لا أشرك به شيئا " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 590 : أخرجه ابن حبان في " صحيحه " ( 2369 - موارد ) و الطبراني في " المعجم الأوسط " ( 2 / 22 / 2 / 5423 ) من طريق إبراهيم بن محمد بن عرعرة بن البرند : حدثنا عتاب بن حرب أبو بشر حدثنا أبو عامر الخزاز عن ابن أبي مليكة عن # عائشة # : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجمع أهل بيته فيقول : فذكره . و قال الطبراني : " لم يروه عن أبي عامر الخزار إلا عتاب , تفرد به إبراهيم بن محمد بن عرعرة " . قلت : و هو ثقة حافظ من شيوخ مسلم . لكن شيخه عتاب بن حرب أبو بشر ضعفوه , و تناقض فيه ابن حبان , انظر " اللسان " . و من فوقه من رجال مسلم , على ضعف في أبي عامر الخزار , و اسمه صالح بن رستم . و الحديث عزاه الهيثمي في " المجمع " ( 10 / 137 ) لأوسط الطبراني , و لم يتكلم عليه بشيء , و لعله سقط من الناسخ أو الطابع , و تبعه على ذلك الشوكاني في " تحفة الذاكرين " ( ص 195 ) . و للحديث شاهدان من حديث ابن عباس و أسماء بنت عميس . 1 - و أما حديث ابن عباس فيرويه عبيد الله بن محمد التيمي : حدثنا صالح بن عبد الله أبو يحيى عن عمرو بن مالك النكري عن أبي الجوزاء عن ابن عباس : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بعضادتي الباب و نحن في البيت , فقال : يا بني عبد المطلب هل فيكم أحد من غيركم ? قالوا : ابن أخت لنا . فقال : " ابن أخت القوم منهم " . ثم قال : " يا بني عبد المطلب إذا نزل بكم كرب أو جهد أو لأواء فقولوا : الله , الله ربنا لا شريك له " . أخرجه الطبراني في " الكبير " ( 12 / 170 / 12788 ) و " الأوسط " ( 2 / 235 / 1 / 8639 ) و " الدعاء " ( 117 / 2 ) و قال : " لم يروه عن أبي الجوزاء إلا عمرو بن مالك , و لا عن عمرو إلا صالح بن عبد الله , تفرد به ابن أبي عائشة " . قلت : و هو ثقة , و كذلك من فوقه غير صالح بن عبد الله , كذا وقع في المصدرين المذكورين , و في " الميزان " : " صالح بن عبيد الله الأزدي عن أبي الجوزاء . قال أبو الفتح الأزدي : في القلب منه شيء " . كذا فيه : " عبيد " مصغرا , و كذا في " اللسان " , و زاد : " و قال العقيلي : بصري , يكنى أبا يحيى , عن عمرو بن مالك إسناده غير محفوظ , و المتن معروف بغير هذا الإسناد , و قال البخاري : فيه نظر " . قلت : و لم أره في " الجرح و التعديل " , و لا في " التاريخ الكبير " و " التاريخ الصغير " للبخاري . هذا و لعل العقيلي يشير بقوله : " و المتن معروف بغير هذا الإسناد " إلى حديث أسماء الآتي , و هو : 2 - و أما حديث أسماء بنت عميس , فله عنها طريقان : الأول : يرويه مجمع بن يحيى : حدثني أبو العيوف صعب أو صعيب العنزي قال : سمعت أسماء بنت عميس تقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم بأذني هاتين يقول : فذكره نحوه , و لفظه : " من أصابه هم أو غم أو سقم أو شدة فقال : " الله ربي لا شريك له " كشف ذلك عنه " . أخرجه البخاري في " التاريخ الكبير " ( 2 / 2 / 328 / 3006 ) و الطبراني في " المعجم الكبير " ( 24 / 154 / 396 ) و " الدعاء " أيضا . قلت : و رجاله ثقات غير أن أبا العيوف لم يوثقه غير ابن حبان , لكن قد ذكر له في " الثقات " ( 3 / 119 ) راويا آخر غير مجمع بن يحيى و هو أبو الغريف الهمداني , و هو تابعي ثقة أيضا و اسمه عبد الله بن خليفة , و له عنده ترجمة ( 3 / 147 ) , فهو - أعني أبا العيوف - ممن يستشهد به , إن لم يكن حسن الحديث لذاته . و الله أعلم . و الطريق الآخر : يرويه عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز عن هلال مولى عمر بن عبد العزيز , عن عمر بن عبد العزيز عن عبد الله بن جعفر عن أمه أسماء بنت عميس قالت : علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهن عند الكرب : " الله , الله ربي , لا أشرك به شيئا " . أخرجه البخاري في " التاريخ الكبير " ( 2 / 2 / 329 ) و أبو داود ( 1525 ) و ابن ماجه ( 3928 ) و كذا النسائي في " عمل اليوم و الليلة " ( رقم 649 ) و ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 10 / 196 / 9205 ) و أحمد ( 6 / 369 ) و الطبراني في " المعجم الكبير " ( 24 / 135 / 363 ) و " الدعاء " أيضا , و أبو نعيم في " الحلية " ( 5 / 360 ) من طرق عنه , و قال أبو نعيم : " غريب من حديث عمر , تفرد به ابنه عن هلال مولاه عنه " . قلت : و ابنه عبد العزيز بن عمر ثقة من رجال الشيخين , و قد اختلف عليه في إسناده على وجوه ذكرها الحافظ المزي و أفاد أن المحفوظ ما ذكرنا . و على ذلك نستطيع أن نقول : إنه إسناد حسن أو صحيح , فإن سائر رجاله ثقات أيضا رجال الشيخين غير هلال هذا , " يكنى بـ " أبي طعمة " و هو بها أشهر , وثقه ابن عمار الموصلي , و روى عنه جمع , و أما الحافظ فقال : مقبول , و لم يثبت أن مكحولا رماه بالكذب " . هذا ما كنت قلته في تخريج الحديث في " صحيح أبي داود " ( 1364 ) اعتمادا مني على ما في " كنى التهذيب " و " التقريب " , ثم ذهلت عن هذه الترجمة حين علقت على الحديث في حاشية " الكلم الطيب " ( ص 73 ) , و كان ذلك و أنا بعيد عن بلدي و كتبي , فزعمت ثمة أن هلالا لم يترجم له في " التهذيب " و غيره ! فكانت هفوة مني , ليبتلي بها الله تعالى من شاء من عباده , فاستغلها بعض الحاقدين الحاسدين الذين يتتبعون عثرات المؤمنين , فطبلوا و زمروا حولها ما شاء لهم التطبيل و التزمير , و بخاصة منهم الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي , و الشيخ إسماعيل الأنصاري , فقد كتب هذا تعليقا حولها على " الوابل الصيب " نحو صفحتين ( 236 - 237 ) بالحرف الصغير , لا يستفيد منها القارىء شيئا يتعلق بالحديث تصحيحا أو تضعيفا , اللهم إلا النقل من بعض كتب التراجم مما يحسنه المبتدىء في هذا العلم ! مع بعض الأوهام التي لا مجال الآن لبيانها لأن القصد أن تلك الهفوة دفعتني مجددا لدراسة هلال هذا , و هل هو أبو طعمة أم غيره ? فرجعت إلى المصادر القديمة التي هي عمدة المتأخرين في التراجم كالبخاري و ابن أبي حاتم و غيرهما , فوجدت هذا قد أورد ( أبو طعمة ) في " الكنى " من " الجرح و التعديل " و قال ( 4 / 2 / 398 ) : " .. قارىء أهل مصر , سمع ابن عمر , روى عنه ابنا يزيد بن جابر و عبد الله بن عيسى و ابن لهيعة " . فهذا النص منه يشعر أنه يفرق بين أبي طعمة , و بين هلال , و ذلك من وجوه : أولا : أنه ترجم لهلال ترجمة مختصرة في " الأسماء " في نفس الجزء ( ص 77 ) فقال : " روى عن عمر بن عبد العزيز , روى عنه عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز " . و هو في ذلك تابع للبخاري في " التاريخ " (4 / 2 / 209 ) . فلم يكنياه بأبي طعمة , و لا أشار إلى ذلك أدنى إشارة . و تابعهما في ذلك ابن حبان فذكره في " ثقات أتباع التابعين " ( 7 / 575 ) . ثانيا : أنهما لما ترجما له في " الكنى " بما تقدم لم يشيرا أيضا إلى أنه هلال المتقدمة ترجمته في ( الأسماء ) . ثالثا : أن الناظر المتأمل في ترجمتيهما يجد أنهما ليسا في طبقة واحدة , فمن سمع ابن عمر يكون " تابعيا " , و من روى عن عمر بن عبد العزيز - و هو تابعي - يكون عادة من أتباع التابعين , و إن كان هذا لا يمنع أن يكون مثله في الطبقة فيكون من رواية الأقران بعضهم من بعض , أو على الأقل من رواية الأكابر عن الأصاغر سنا , كل هذا محتمل عندي , و لكن الأمر يحتاج إلى دليل , لذلك تابعت التحقيق و البحث في ذلك , و لاسيما و قد رأيت المتأخرين من العلماء قد جعلوهما واحدا , فوجدت ما يأتي : أولا : قال الإمام أحمد في " العلل و معرفة الرجال " ( 1 / 295 ) : " أبو طعمة , هذا شامي , روى عنه عبد العزيز بن عمر , و روى عنه ابن جابر و ابن لهيعة " . فذكر عبد العزيز بن عمر في جملة من روى عن أبي طعمة , فأفاد أنه هلال نفسه و يؤيده قولي : ثانيا : أنني رأيت الإمام أحمد قال في " المسند " ( 2 / 25 ) : حدثنا وكيع : حدثنا عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز عن أبي طعمة مولاهم , و عن عبد الرحمن ابن عبد الله الغافقي أنهما سمعا ابن عمر يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لعنت الخمرة على عشرة وجوه .. " الحديث . و قد رواه ابن لهيعة و غيره عن أبي طعمة به . و هو مخرج في " الإرواء " ( 5 / 365 / 1529 ) و قال ابن لهيعة في رواية : " لا أعرف أيش اسمه " . أخرجه أحمد ( 2 / 71 ) . قلت : فقول ابن لهيعة هذا يدل على أن أبا طعمة غير مشهور باسمه , و لذلك كنت قلت في " صحيح أبي داود : " و هو بكنيته أشهر " . فتبين لي مما تقدم أن هلالا هو أبو طعمة كما جزم بذلك الذهبي و غيره . و إذا كان الأمر كذلك , فهو ثقة كما قال الذهبي في كنى " الكاشف " , خلافا لقول الحافظ : " مقبول " لرواية جمع من الثقات عنه و توثيق ابن عمار الموصلي إياه , و بناء عليه يختلف حكمنا على الحديث عما قلناه سابقا في التعليق على " الكلم الطيب " أنه حسن , و يصير صحيحا لذاته , و يزداد قوة بالطريق الأولى عن أسماء , و بشاهديه عن عائشة و ابن عباس , و الحمد لله الذي هدانا لهذا و ما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله تعالى . ( تنبيه ) : لفظ الحديث عند ابن حبان في " الموارد " : " الله الله ربي , لا أشرك به شيئا , الله الله ربي , لا أشرك به شيئا " . هكذا مرتين , فلا أدري إذا كانت الرواية عنده هكذا , أو أنه خطأ مطبعي , و يرجح الأول أن الجزري ذكره كذلك برواية ابن حبان في " عدة الحصن الحصين " ( ص 194 ) خلافا لشرحه " التحفة " للشوكاني " و خلافا لـ " الإحسان " ( 2 / 112 / 861 ) . ( تنبيه ثان ) : ذكر المنذري في " الترغيب " ( 3 / 43 ) عقب عزوه حديث أسماء لأبي داود و النسائي و ابن ماجه قال : " و رواه الطبراني في " الدعاء " و عنده : " فليقل : الله ربي لا أشرك به شيئا ثلاث مرات " , و زاد : و كان ذلك آخر كلام عمر بن عبد العزيز عند الموت " . فنقل الشوكاني هذا العزو في شرحه المذكور , لكنه قدم و أخر فقال : " و زاد الطبراني في " الدعاء " : ثلاث مرات . و أخرجه أيضا ابن ماجه " . فأوهم أن الحديث عند ابن ماجه بالزيادة , و ليس كذلك , ثم إنني لم أقف على إسنادها , لأن كتاب " الدعاء " للطبراني لم أقف عليه , و ما أظنه يصح , و الله أعلم . ثم حظيت بنسخة جيدة مصورة من كتاب " الدعاء " , وهبها لي مع مصورات أخرى قيمة أحد إخواننا الطيبين من طلاب الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة جزاه الله خيرا , فإذا إسناد تلك الزيادة لا تصح كما ظننت , قال الطبراني ( ق 117 / 1 - 2 ) : حدثنا محمد بن زكريا الغلابي أخبرنا إبراهيم بن بشار الرمادي حدثنا سفيان بن عيينة عن مسعر عن عبد العزيز بن عمر عن أبيه عمر بن عبد العزيز بن مروان عن أسماء بالرواية و الزيادة التي ذكرها المنذري ! و ذلك من تساهله الذي كنت شرحته في مقدمة كتابي " صحيح الترغيب " , فإن الغلابي هذا كان يضع الحديث . و قد خولف في إسناده و متنه , فرواه الطبراني أيضا و النسائي في " عمل اليوم و الليلة " ( 650 ) بسند صحيح عن جرير عن مسعر قال : عن عبد العزيز بن عمر عن أبيه قال : فذكره هكذا مرسلا و بلفظ : " سبع مرات " . و هذه أصح من الأولى , و لكنها لا تصح أيضا لإرسالها , و قد عزاها ابن تيمية في " الكلم الطيب " ( رقم 121 ) لأبي داود , و هو وهم تبعه عليه ابن القيم في " الوابل الصيب " , و لم يتنبه لذلك محققه الشيخ عبد القادر ( ص 148 - 149 ) على الرغم من أنني كنت نبهت عليها في تعليقي على " الكلم الطيب " , فذكرت يومئذ أنني لم أرها , و أنه لعلها محرفة أو سهو من رواية ( ثلاث ) , فقد خرجها الطبراني في " الدعاء " له . و الآن و قد من الله علي بالحصول على الكتاب , فقد ظهر أن كلا من الروايتين ضعيفتان , و رواية الثلاث أشد ضعفا من الأخرى . و الله ولي التوفيق . 2756 " لا تسبوا الريح , فإذا رأيتم ما تكرهون فقولوا : اللهم إنا نسألك من خير هذه الريح و خير ما فيها و خير ما أمرت به , و نعوذ بك من شر هذه الريح و شر ما أمرت به " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 598 : حديث صحيح , يرويه حبيب بن أبي ثابت عن ذر عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه عن # أبي بن كعب # مرفوعا . و قد اختلف عليه في رفعه , و في ذكر ( ذر ) في إسناده . أما الرفع , فرواه الأعمش عنه به . أخرجه الترمذي ( 2253 ) و النسائي في " عمل اليوم " ( 521 / 934 ) قالا - و السياق للترمذي - : حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن حبيب بن الشهيد البصري حدثنا محمد بن فضيل حدثنا الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت به . و قال : " حديث حسن صحيح " . قلت : و إسناده صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين غير إسحاق هذا , و هو ثقة , و ابن أبي ثابت و إن كان مدلسا , فقد صرح بالتحديث في رواية شعبة الآتية عنه , و ذر هو ابن عبد الله المرهبي . و بهذا الإسناد رواه ابن السني ( 293 ) من وجه آخر عن إسحاق به إلا أنه لم يذكر ( ذرا ) في إسناده , فلا أدري إذا كان ذلك من الناسخ أو الطابع , أو هكذا الرواية عنده , فإنه رواها عن شيخه محمد بن علي بن بحر عن إسحاق , و قد ترجم الخطيب لابن بحر هذا و قال : توفي سنة تسع و تسعين و مائتين , و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا , فإن كان هو الذي أسقطه , فهو دليل على أنه لم يحفظه , فتكون روايته على كل حال شاذة , بل منكرة . و يؤكد ذلك أن إسحاق قد توبع على ذكره لذر في الإسناد من غير واحد . 1 - عياش بن الوليد الرقام - و هو ثقة من شيوخ البخاري - عن ابن فضيل به . أخرجه النسائي ( 251 / 934 ) . 2 - محمد بن يزيد الكوفي : حدثنا ابن فضيل به , و زاد : " فإنها من روح الله تبارك و تعالى " . أخرجه عبد الله بن أحمد في " المسند " ( 5 / 123 ) قال : حدثنا أبي حدثنا محمد ابن يزيد الكوفي .. قلت : هكذا وقع فيه : " حدثنا أبي , و أظنه مقحما من بعض النساخ أو الطابع , و أن الحديث من رواية عبد الله عن محمد بن يزيد , فهو من زياداته على " مسند أبيه " . ثم رأيت ابن كثير عزاه إليه في " جامع المسانيد " ( 1 / 115 / 86 ) و الحافظ في " أطراف المسند " ( 1 / 215 / 53 ) و كذلك صنع السيوطي في " الجامع الكبير " . و محمد بن يزيد هذا هو أبو هشام الرفاعي , و هو ضعيف عند البخاري و غيره . و أما الإسناد , فقد خالفهم علي بن المديني فقال : حدثنا محمد بن فضيل : حدثنا الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن عبد الرحمن به مرفوعا . فلم يذكر في إسناده ( ذرا ) . أخرجه الطحاوي في " مشكل الآثار " ( 1 / 398 ) . و ابن المديني ثقة ثبت من شيوخ البخاري , فالظاهر أن ابن أبي ثابت هو الذي أسقط ( ذرا ) و دلسه , بدليل رواية شعبة الآتية , و قد رواه غير ابن فضيل مدلسا , فقال ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 10 / 217 ) : حدثنا أسباط عن الأعمش عن حبيب ابن أبي ثابت عن سعيد به إلا أنه أوقفه على أبي و لم يرفعه . و كذلك رواه البخاري في " الأدب المفرد " ( رقم 719 ) عن ابن أبي شيبة . و قد خولف في وقفه , فقال عبد الله بن أحمد في " زوائده " ( 5 / 123 ) : حدثني أبو موسى محمد بن المثنى : حدثنا أسباط بن محمد القرشي به إلا أنه رفعه فقال : عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : فذكره . و بهذا الإسناد رواه النسائي أيضا ( 520 / 933 ) . و أسباط ثقة من رجال الشيخين , فالسند صحيح مرفوعا و موقوفا لولا تدليس ابن أبي ثابت و إسقاطه لذر . لكن قد أثبته جرير فقال : عن الأعمش عن حبيب عن ذر عن سعيد به , إلا أنه لم يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم , و وقفه على أبي . أخرجه النسائي ( 521 / 936 ) و من طريقه الطحاوي . و جملة القول أنه قد اختلف الرواة في حديث الأعمش هذا عن حبيب , فمنهم من رفعه , و منهم من أوقفه , و منهم من ذكر فيه ( ذرا ) , و منهم من لم يذكره . و لكن من تأمل في تخريجنا هذا تبين له أن أكثرهم رفعه و ذكر ( ذرا ) , فيكون هذا أرجح , و لاسيما و معهم زيادة , و زيادة الثقة مقبولة كما هو مشروح في " علم المصطلح " . و مما يرجح زيادة ( ذر ) في الإسناد أن شعبة قد تابع الأعمش عليها , فرواه النسائي رقم ( 938 و 939 ) من طريق ابن أبي عدي , و النضر بن شميل , و أحمد في " مسائل ابنه صالح " ( ص 58 ) عن يحيى بن سعيد , ثلاثتهم عن شعبة عن حبيب عن ذر عن سعيد عن أبيه عن أبي , و لم يرفعاه . و من طريق النسائي أخرجه الطحاوي , و قال : " قال النسائي : و هو الصواب " . يعني الوقف . قلت : لكن قد رواه الثقة عن شعبة به مرفوعا , فقال عبد بن حميد في " المنتخب من المسند " ( ق 27 / 1 ) : حدثنا مسلم بن إبراهيم - و تابعه سهل بن حماد عند النسائي ( 937 ) قالا - : حدثنا شعبة به عن أبي بن كعب : أن الريح هاجت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم , فسبها رجل , فقال : " لا تسبها فإنها مأمورة , و لكن قل .. " فذكر الدعاء . قلت : و هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين , و مسلم بن إبراهيم - و هو الأزدي الفراهيدي - ثقة مأمون كما قال الحافظ في " التقريب " . و لا يضره وقف النضر و ابن أبي عدي إياه لأنه لا يقال من قبل الرأي , فهو في حكم المرفوع , هذا من جهة . و من جهة أخرى فقد رفعه الأعمش في رواية الأكثرين عنه كما تقدم . أضف إلى ذلك أن له شاهدا من حديث أبي هريرة مرفوعا , من طريقين عنه صحح أحدهما ابن حبان و الحاكم و الذهبي و غيرهم , و هو مخرج في " الروض النضير " برقم ( 1107 ) و رواه أحمد أيضا في " المسائل " ( ص 59 ) . و في الحديث دلالة واضحة على أن الريح قد تأتي بالرحمة , و قد تأتي بالعذاب , و أنه لا فرق بينهما إلا بالرحمة و العذاب , و أنها ريح واحدة لا رياح , فما جاء في حديث الطبراني عن ابن عباس مرفوعا بلفظ : " اللهم اجعلها رياحا و لا تجعلها ريحا " . فهو باطل , و قال الطحاوي : " لا أصل له " . و قد صح عن ابن عباس خلافه , كما بينته تحت حديث الطبراني المخرج في الكتاب الآخر : " الضعيفة " ( 5600 ) . 2757 " كان إذا هاجت ريح شديدة قال : اللهم إني أسألك من خير ما أرسلت به , و أعوذ بك من شر ما أرسلت به " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 602 : أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " ( 717 ) و الطحاوي في " مشكل الآثار " ( 1 / 400 ) و أبو يعلى في " مسنده " ( 2 / 763 ) من طرق عن عبد الرحمن بن مهدي عن المثنى بن سعيد عن قتادة عن # أنس # قال : فذكره مرفوعا . قلت : و هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين . و له شاهد من حديث عائشة رضي الله عنها مرفوعا : " كان إذا رأى سحابا مقبلا من أفق من الآفاق ترك ما هو فيه و إن كان في صلاته حتى يستقبله فيقول : " اللهم إنا نعوذ بك من شر ما أرسل به " , فإن أمطر قال : " اللهم سيبا نافعا " ( مرتين و ثلاثا ) , فإن كشفه الله و لم يمطر حمد الله على ذلك " . أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 10 / 218 ) و عنه ابن ماجه ( 3889 ) و البخاري في " الأدب المفرد " ( 177 / 686 ) و أبو داود ( 5099 ) باختصار , و أحمد ( 6 / 222 - 223 ) من طريق المقدام بن شريح عن أبيه عنها . قلت : و إسناده صحيح , و أخرجه ابن حبان ( 1002 - الإحسان ) من طريق شريك عن المقدام به مختصرا , إلا أنه قال : " غبارا " , مكان " سحابا " , فهو منكر لضعف شريك , و مخالفته لرواية الجماعة , و العلة ليست منه , و إنما من الراوي عنه : يحيى بن طلحة اليربوعي , فإنه لين الحديث كما في " التقريب " , و قد خالفه حجاج - و هو ابن محمد المصيصي الثقة - فرواه عنه أحمد في الموضع الثاني المشار إليه بلفظ الجماعة , و خفي هذا التحقيق على المعلق على " الإحسان - 3 / 287 - المؤسسة " , فقال : " حديث صحيح " ! و لو انتبه لقال : إلا لفظ " غبار " , فإنه منكر . و تابعه عطاء بن أبي رباح عنها قالت : كان إذا عصفت الريح قال : " اللهم إني أسألك خيرها و خير ما فيها و خير ما أرسلت به , و أعوذ بك من شرها و شر ما فيها و شر ما أرسلت به " . قالت : و إذا تخيلت السماء تغير لونه , و خرج و دخل , و أقبل و أدبر , فإذا مطرت سري عنه , فعرفت ذلك في وجهه . قالت عائشة : فسألته ? فقال : " لعله - يا عائشة - كما قال قوم عاد : *( فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا بل هو ما استعجلتم به )* " . أخرجه مسلم ( 3 / 26 ) و الطحاوي في " مشكل الآثار " ( 1 / 400 ) و النسائي ( 940 و 941 ) الدعاء منه , و البخاري مختصرا ( 1032 و 3206 و 4828 و 4829 ) و في الموضع الأول منها هو مختصر جدا بلفظ : " كان إذا رأى المطر قال : صيبا نافعا " . 2758 " إذا قبضت نفس العبد تلقاه أهل الرحمة من عباد الله كما يلقون البشير في الدنيا , فيقبلون عليه ليسألوه , فيقول بعضهم لبعض : أنظروا أخاكم حتى يستريح , فإنه كان في كرب , فيقبلون عليه , فيسألونه : ما فعل فلان ? ما فعلت فلانة ? هل تزوجت ? فإذا سألوا عن الرجل قد مات قبله قال لهم : إنه قد هلك , فيقولون : إنا لله و إنا إليه راجعون , ذهب به إلى أمه الهاوية , فبئست الأم و بئست المربية . قال : فيعرض عليهم أعمالهم , فإذا رأوا حسنا فرحوا و استبشروا و قالوا : هذه نعمتك على عبدك فأتمها , و إن رأوا سوءا قالوا : اللهم راجع بعبدك " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 604 : أخرجه ابن المبارك في " الزهد " ( 149 / 443 ) : أخبرنا ثور بن يزيد عن أبي رهم السمعي عن # أبي أيوب الأنصاري # قال : فذكروه موقوفا عليه . قال ابن صاعد - راوي الزهد - عقبه : " رواه سلام الطويل عن ثور فرفعه " . قلت : إسناد الموقوف صحيح , أبو رهم السمعي اسمه أحزاب بن أسيد , قال الحافظ في " التقريب " : " مختلف في صحبته , و الصحيح أنه مخضرم ثقة " . و ثور بن يزيد ثقة ثبت من رجال البخاري , و كونه موقوفا لا يضر , فإنه يتحدث عن أمور غيبية لا يمكن أن تقال بالرأي , فهو في حكم المرفوع يقينا <1>1>, و لاسيما و قد روي مرفوعا من طريق عبد الرحمن بن سلامة : أن أبا رهم حدثهم أن أبا أيوب حدثهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فذكره بنحوه . أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 4 / 154 / 3889 ) و من طريقه عبد الغني المقدسي في " السنن " ( ق 93 / 2 ) من طريق محمد بن إسماعيل بن عياش : أخبرنا أبي عن ضمضم بن زرعة عن شريح بن عبيد قال : كان عبد الرحمن بن سلامة يحدث به . قلت : و هذا إسناد ضعيف , ابن سلامة هذا لم أر له ترجمة , و محمد بن إسماعيل بن عياش ضعيف , و قد توبعا . فقد رواه مسلمة بن علي عن زيد بن واقد و هشام بن الغاز عن مكحول عن عبد الرحمن بن سلامة به . أخرجه الطبراني في " الكبير " ( 4 / 153 - 154 / 3887 و 3888 ) و في " مسند الشاميين " ( ص 307 و 676 ) و " المعجم الأوسط " ( 1 / 72 / 1 - مجمع البحرين ) و من طريقه المقدسي في " السنن " ( ق 198 / 1 ) و قال الطبراني : " لم يروه عن مكحول إلا زيد و هشام , تفرد به مسلمة " . قلت : و هو الخشني متروك كما في " التقريب " , و قال الهيثمي في " المجمع " ( 2 / 327 ) بعدما عزاه للمعجمين : " .. و هو ضعيف " . قلت : و الطريق التي قبله خير من هذه , و لم يتعرض لذكرها الهيثمي ! و كنت خرجتهما في " الضعيفة " ( 864 ) و لم أكن قد وقفت على الطريق الأولى الموقوفة الصحيحة , و لذا وجب نقلهما منها إلى هنا , و كذا الحديث الذي هناك ( 863 ) من حديث أنس رضي الله عنه ينقل إلى هنا , لأن معناه في عرض الأعمال على الأموات في آخر حديث الترجمة . و الله أعلم . ثم وجدت للحديث شاهدا آخر مرسلا بلفظ : " إذا مات العبد المؤمن تلقى روحه أرواح المؤمنين فيقولون له : ما فعل فلان ? فإذا قال : مات , قالوا : ذهب به إلى أمه الهاوية , فبئست الأم , و بئست المربية " . أخرجه الحاكم ( 2 / 533 ) من طريق المبارك بن فضالة عن الحسن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره . و قال : " هذا حديث مرسل صحيح الإسناد " . كذا قال , و ابن فضالة كان يدلس و يسوي كما في " التقريب " , فهو على إرساله ليس صحيح الإسناد , و قد أعضله و أوقفه الأشعث بن عبد الله الأعمى - و هو من الرواة عن الحسن البصري - فقال : إذا مات المؤمن .. الحديث نحوه . أخرجه ابن جرير ( 30 / 182 ) : حدثنا ابن عبد الأعلى حدثنا ابن ثور عن معمر عنه . قلت : و هذا إسناد رجاله ثقات , و لكنه مقطوع موقوف على الأشعث هذا . ( تنبيه ) : من تشبع الشيخ الصابوني في كتابه " مختصر تفسير ابن كثير " الذي كنت بينت شيئا منه في مقدمة المجلد الرابع من " الصحيحة " أنه ذكر هذا الحديث في " مختصره " ( 3 / 670 ) فقال : " روى ابن جرير .. " تبعا لأصله . ثم كرر ذلك في الحاشية فقال : " أخرجه ابن جرير " ! فهل هذا التكرار في المتن و الحاشية من الاختصار أم التطويل و بما لا فائدة منه , و صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال : " من تشبع بما لم يعط فهو كلابس ثوبي زور " . أخرجه أبو داود و الترمذي , و كذا البخاري في " الأدب المفرد " من حديث جابر , و أحمد من حديث عائشة , و أحدهما يقوي الآخر , و قد تكلمت على إسنادهما في " التعليق الرغيب " ( 2 / 55 - 56 ). ثم وجدت لبعضه شاهدا آخر من طريق عبد الله بن جبير بن نفير أن أبا الدرداء كان يقول : " إن أعمالكم تعرض على موتاكم فيسرون , و يساؤون " . أخرجه نعيم بن حماد في " زوائد الزهد " ( 42 / 165 ) : أنبأنا صفوان بن عمرو قال : حدثني عبد الله بن جبير بن نفير أن أبا الدرداء كان يقول : فذكره . قلت : و هذا إسناد رجاله ثقات , لكن قول صفوان : حدثني عبد الله بن جبير بن نفير مشكل , لأنني لم أجد في الرواة " عبد الله بن جبير بن نفير " لكني وجدت في شيوخ صفوان : " جبير بن نفير " , و وجدت في ترجمة هذا أنه يكنى بأبي عبد الرحمن , و قيل : أبو عبد الله , فغلب على ظني أن في الإسناد خطأ , و أن الصواب : " أبو عبد الله : جبير بن نفير " . على أنه يحتمل أن يكون الصواب عبد الرحمن بن جبير بن نفير , لأنهم ذكروا لصفوان رواية عن عبد الرحمن هذا أيضا , فقد روى صفوان عن الوالد و الولد , فعلى الأول الإسناد متصل , لأن جبيرا تابعي مخضرم , و أما ابنه عبد الرحمن فتابعي صغير , فلم يذكروا له رواية إلا عن أبيه و فراس بن مالك , و جمع من التابعين . و الله أعلم . ----------------------------------------------------------- [1] و لعله من أجل ذلك أورده السيوطي في " الجامع الكبير " بهذه الرواية و تقدم الحديث برقم ( 2628 ) . اهـ . 2759 " كان إذا أراد دخول قرية لم يدخلها حتى يقول : اللهم رب السماوات السبع و ما أظلت , و رب الأرضين السبع و ما أقلت , و رب الرياح و ما أذرت , و رب الشياطين و ما أضلت , إني أسألك خيرها و خير ما فيها و أعوذ بك من شرها و شر ما فيها " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 607 : أخرجه الطبراني في " المعجم الأوسط " ( 2 / 14 / 2 / 7667 ) : حدثنا محمد بن عبد الله ابن رستة أخبرنا إبراهيم بن المستمر العروقي حدثنا يعقوب بن محمد الزهري حدثني إسحاق بن جعفر حدثني محمد بن عبد الله الكناني عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن # أبي لبابة بن عبد المنذر # : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان .. إلخ . و قال : " لا يروى عن أبي لبابة إلا بهذا الإسناد , تفرد به إبراهيم بن المستمر العروقي " . قلت : و هو صدوق , و كذا من فوقه مثله أو أوثق منه , غير يعقوب بن محمد الزهري , فهو كثير الوهم كما في " التقريب " , و الكناني لم يوثقه غير ابن حبان , أورده في " ثقات أتباع التابعين " و لم يذكر له راويا غير إسحاق بن جعفر هذا , و كذلك لم يذكر له غيره البخاري في " التاريخ الكبير " ( 1 / 2 / 127 ) و ابن أبي حاتم ( 3 / 2 / 309 ) و قال عن أبيه : " لا أعرفه " . و مع هذا كله قال الهيثمي ( 10 / 134 ) بعدما عزاه للطبراني في " الأوسط " : " و إسناده حسن " ! نعم , إن كان يريد أنه حسن لغيره فهو مقبول , لأن له شاهدا من حديث صهيب رضي الله عنه , صححه ابن خزيمة ( 2565 ) و ابن حبان و الحاكم و الذهبي , و فيه نظر بينته في التعليق على " الكلم الطيب " ( رقم التعليق 131 ) و لذلك كنت حسنته في تعليقي على " صحيح ابن خزيمة " ( 4 / 150 ) . ثم وجدت له شاهدا من حديث قتادة قال : " كان ابن مسعود إذا أراد أن يدخل قرية قال : .. " فذكره موقوفا . أخرجه عبد الرزاق ( 11 / 456 / 20995 ) و من طريقه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 9 / 195 / 8867 ) بسند رجاله ثقات لكنه منقطع . ثم وجدت لحديث صهيب طريقا أخرى , فقال الطحاوي في " مشكل الآثار " ( 3 / 215 ) : حدثنا أحمد بن شعيب قال : أخبرنا محمد بن نصر قال : حدثنا أيوب بن سليمان بن بلال عن أبي سهيل بن مالك عن أبيه أنه كان يسمع عمر بن الخطاب و هو يؤم الناس في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم من دار أبي جهم . قال : و قال كعب الأحبار : والذي فلق البحر لموسى إن صهيبا حدثني : إن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم لم ير قرية يريد دخولها إلا قال حين رآها : " اللهم رب السماوات السبع و ما أظللن .. " إلخ الدعاء , و زاد : " و حلف كعب بالذي فلق البحر لموسى أنها كانت دعوات داود حين يرى العدو " . قلت : و هذا إسناد صحيح رجاله ثقات رجال البخاري غير محمد بن نصر و هو الفراء النيسابوري و هو ثقة . و أحمد بن شعيب هو الإمام النسائي صاحب " السنن " الصغرى المعروفة بـ " المجتبى " , و هي المطبوعة , و " السنن الكبرى " , و لما تطبع بعد , و إنما طبع منها كتاب الطهارة بهمة الشيخ عبد الصمد شرف الدين جزاه الله خيرا <1>1>. و قد رواه النسائي في " كتاب السير " منها بهذا الإسناد , كما في تحفة الأشراف " للحافظ المزي ( 4 / 201 ) و كذلك رواه النسائي في " عمل اليوم و الليلة " ( رقم 343 ) . و أبو سهيل اسمه نافع بن مالك بن أبي عامر الأصبحي , و هو و أبوه من رجال الشيخين . و أبو بكر بن أبي أوس اسمه عبد الحميد بن عبد الله الأصبحي , و هو أيضا من رجال الشيخين . هذا , و لما كنت حققت كتاب " الكلم الطيب " لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله و أنا في المدينة المنورة , وجدته عزا حديث صهيب هذا للنسائي و غيره , و لما لم يكن عنده في " السنن الصغرى " المطبوعة , استعنت لمعرفة حال إسناده بـ " تخريج الأذكار " لابن علان , و من المعلوم أن جل تخريجاته إنما هي نقل منه عن " نتائج الأفكار في تخريج الأذكار " للحافظ ابن حجر العسقلاني , فرأيته نقل عنه بحثا طويلا في تخريج الحديث عزاه للنسائي و غيره , فعلقت خلاصته على " الكلم الطيب " , و هي أن مدار الحديث عندهم على أبي مروان و هو غير معروف , و أشرت إلى استغرابي لقول الحافظ فيه : " حديث حسن " لأنه لا يلتقي مع جهالة أبي مروان . و من طريقه رواه ابن قانع في ترجمة صهيب من " المعجم " . أما الآن , فقد تبين أنه كان مقصرا في تحسينه فقط إياه و ادعائه أن مداره على أبي مروان , فقد تابعه - كما رأيت - مالك بن أبي عامر الأصبحي الثقة , و بالإسناد الصحيح عنه , كما فاته أن يذكر حديث الترجمة كشاهد له . فالحمد لله الذي هدانا لهذا و ما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله , و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات . ثم وجدت له شاهدا من أمره صلى الله عليه وسلم , يرويه أيوب بن محمد بن زياد : حدثنا سعيد حدثنا محمد بن عجلان عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول : " إذا خرجتم من بلادكم إلى بلاد تريدونها فقولوا إذا أشرفتم على المدينة أو القرية : اللهم رب السماوات السبع و ما أظلت , و رب الأرضين السبع و ما أقلت " . الحديث . أخرجه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " ( 2 / 277 ) . قلت : و هذا إسناد حسن إن كان سعيد هذا هو ابن أبي أيوب المصري , و هو ثقة ثبت من رجال الشيخين , و أما إن كان ابن مسلمة الجزري فهو ضعيف كما في " التقريب " , و كلاهما ذكرهما المزي في " تهذيبه " في الرواة عن ابن عجلان , و كونه الجزري أقرب . و الله أعلم . ثم تأكد ذلك عندي بأمرين : الأول : أن المزي ذكره في شيوخ أيوب بن محمد بن زياد دون سعيد بن أبي أيوب المصري . و الآخر : أن الحافظ ابن حجر لما ذكره في " تخريج الأذكار " شاهدا لحديث آخر بسنده إلى ابن عمر - كما في ابن علان ( 5 / 158 - 159 ) - قال : " و في سنده ضعف " . فلو كان سعيد هذا هو المصري لم يضعف إسناده . و الله أعلم . ثم تأكدت مما استقربته بعد أن طبع كتاب " الدعاء " للطبراني , فرأيته قد أخرجه فيه ( 2 / 1288 / 885 ) من طريق أخرى فقال : " حدثنا سعيد بن مسلمة .. " . ----------------------------------------------------------- [1] ثم طبع بكامله , و الحمد لله . اهـ . 2760 " النشرة من عمل الشيطان " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 611 : أخرجه أحمد في " المسند " ( 3 / 294 ) و عنه أبو داود في " السنن " ( 3868 ) و من طريقه البيهقي ( 9 / 351 ) : حدثنا عبد الرزاق حدثنا عقيل بن معقل قال : سمعت وهب بن منبه يحدث عن # جابر بن عبد الله # قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النشرة ? فقال : " هو من عمل الشيطان " . قلت : و هذا إسناد صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين غير عقيل بن معقل و هو ابن منبه اليماني , و هو ثقة اتفاقا , فقول الحافظ فيه : " صدوق " , و بناء عليه اقتصر في " الفتح " ( 10 / 233 ) على تحسين إسناده في هذا الحديث , فهو تقصير لا وجه له عندي , و من المحتمل أن يكون تأثر الحافظ بأمرين : الأول : أن الحديث في " مصنف عبد الرزاق " ( 11 / 13 / 19762 ) موقوف هكذا : أخبرنا عقيل بن معقل عن همام ( كذا ) بن منبه قال : سئل جابر بن عبد الله عن النشر ? فقال : من عمل الشيطان . قلت : كذا وقع فيه موقوفا , و قال ( همام بن منبه ) مكان ( وهب بن منبه ) و هما أخوان روى عنهما عقيل , و أنا أظن أن هذا خطأ كالوقف , و أظن أنه من الراوي عن عبد الرزاق , و هو أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم بن عباد الدبري الراوي لقسم كبير من ( كتاب الجامع ) من " المصنف " ( انظر ( 10 / 379 ) من " المصنف " ) و هو متكلم فيه , فلا يؤثر مثله أبدا في رواية أحمد عن عبد الرزاق مرفوعا . و الآخر : أن البيهقي غمز من صحته فقال عقبه : " و روي عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا , و هو أصح " . يشير إلى ما أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 8 / 29 / 3567 ) و البزار ( 3 / 393 - 394 ) من طريق شعبة عن أبي رجاء قال : سألت الحسن عن النشر ? فذكر لي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " هي من عمل الشيطان " . قلت : و هذا مرسل صحيح الإسناد , و قد رواه أبو داود في " المراسيل " , و إليه عزاه الحافظ , و لعله رواه من طريق ابن أبي شيبة , فإن " المراسيل " المطبوعة محذوفة الأسانيد , و قد جاء فيها قول أبي داود عقب الحديث ( ص 48 ) : " أسند و لا يصح " . و لست أدري والله وجه هذا النفي , و قد قدمناه برواية شيخه الإمام أحمد بإسناده الصحيح , و هو عنه <1>1>? ثم روى ابن أبي شيبة , و الخطابي في " معالم السنن " ( 5 / 353 ) من طريق أخرى عن الحسن قال : " النشرة من السحر " . و إسناده حسن . و " النشرة " : الرقية . قال الخطابي : " النشرة : ضرب من الرقية و العلاج , يعالج به من كان يظن به مس الجن " . قلت : يعني الرقى غير المشروعة , و هي ما ليس من القرآن و السنة الصحيحة و هي التي جاء إطلاق لفظ الشرك عليها في غير ما حديث , و قد تقدم بعضها , فانظر مثلا : ( 331 و 1066 ) , و قد يكون الشرك مضمرا في بعض الكلمات المجهولة المعنى , أو مرموزا له بأحرف مقطعة , كما يرى في بعض الحجب الصادرة من بعض الدجاجلة , و على الرقى المشروعة يحمل ما علقه البخاري عن قتادة قال : قلت لسعيد بن المسيب : رجل به طب ( أي سحر ) أو يؤخذ عن امرأته , أيحل عنه أو ينشر ? قال : لا بأس به , إنما يريدون به الإصلاح , فأما ما ينفع فلم ينه عنه . و وصله الحافظ في " الفتح " ( 10 / 233 ) من رواية الأثرم و غيره من طرق عن قتادة عنه . و رواية قتادة أخرجها ابن أبي شيبة ( 8 / 28 ) بسند صحيح عنه مختصرا . هذا و لا خلاف عندي بين الأثرين , فأثر الحسن يحمل على الاستعانة بالجن و الشياطين و الوسائل المرضية لهم كالذبح لهم و نحوه , و هو المراد بالحديث , و أثر سعيد على الاستعانة بالرقى و التعاويذ المشروعة بالكتاب و السنة . و إلى هذا مال البيهقي في " السنن " , و هو المراد بما ذكره الحافظ عن الإمام أحمد أنه سئل عمن يطلق السحر عن المسحور ? فقال : " لا بأس به " . و أما قول الحافظ : " و يختلف الحكم بالقصد , فمن قصد بها خيرا , و إلا فهو شر " . قلت : هذا لا يكفي في التفريق , لأنه قد يجتمع قصد الخير مع كون الوسيلة إليه شر , كما قيل في المرأة الفاجرة : ... ... ... ... ... ليتها لم تزن و لم تتصدق . و من هذا القبيل معالجة بعض المتظاهرين بالصلاح للناس بما يسمونه بـ ( الطب الروحاني ) سواء كان ذلك على الطريقة القديمة من اتصاله بقرينة من الجن كما كانوا عليه في الجاهلية , أو بطريقة ما يسمى اليوم باستحضار الأرواح , و نحوه عندي التنويم المغناطيسي , فإن ذلك كله من الوسائل التي لا تشرع لأن مرجعها إلى الاستعانة بالجن التي كانت من أسباب ضلال المشركين كما جاء في القرآن الكريم : *( و أنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا )* أي خوفا و إثما . و ادعاء بعض المبتلين بالاستعانة بهم أنهم إنما يستعينون بالصالحين منهم , دعوى كاذبة لأنهم مما لا يمكن - عادة - مخالطتهم و معاشرتهم , التي تكشف عن صلاحهم أو طلاحهم , و نحن نعلم بالتجربة أن كثيرا ممن تصاحبهم أشد المصاحبة من الإنس , يتبين لك أنهم لا يصلحون , قال تعالى : *( يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم و أولادكم عدوا لكم فاحذروهم )* هذا في الإنس الظاهر , فما بالك بالجن الذين قال الله تعالى فيهم : *( إنه يراكم هو و قبيله من حيث لا ترونهم )* . ----------------------------------------------------------- [1] ثم طبعت " المراسيل " بأسانيدها , فإذا هو فيه ( 319 / 453 ) من طريق أخرى عن شعبة به , و ليس فيه ما استشكلته من قوله : " أسند و لا يصح " , فالظاهر أنه كان حاشية من بعضهم , طبع خطأ في الصلب , كما هو خطأ في العلم . اهـ . 2761 " كان رجل [ من اليهود ] يدخل على النبي صلى الله عليه وسلم , [ و كان يأمنه ] , فعقد له عقدا , فوضعه في بئر رجل من الأنصار , [ فاشتكى لذلك أياما , ( و في حديث عائشة : ستة أشهر ) ] , فأتاه ملكان يعودانه , فقعد أحدهما عند رأسه , و الآخر عند رجليه , فقال أحدهما : أتدري ما وجعه ? قال : فلان الذي [ كان ] يدخل عليه عقد له عقدا , فألقاه في بئر فلان الأنصاري , فلو أرسل [ إليه ] رجلا , و أخذ [ منه ] العقد لوجد الماء قد اصفر . [ فأتاه جبريل فنزل عليه بـ ( المعوذتين ) , و قال : إن رجلا من اليهود سحرك , و السحر في بئر فلان , قال : ] فبعث رجلا ( و في طريق أخرى : فبعث عليا رضي الله عنه ) [ فوجد الماء قد اصفر ] فأخذ العقد [ فجاء بها ] , [ فأمره أن يحل العقد و يقرأ آية ] , فحلها , [ فجعل يقرأ و يحل ] , [ فجعل كلما حل عقدة وجد لذلك خفة ] فبرأ , ( و في الطريق الأخرى : فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنما نشط من عقال ) , و كان الرجل بعد ذلك يدخل على النبي صلى الله عليه وسلم فلم يذكر له شيئا منه , و لم يعاتبه [ قط حتى مات ] " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 616 : قلت : هذا من حديث # زيد بن أرقم # رضي الله عنه , و له عنه طريقان مدارهما على الأعمش رحمه الله تعالى . الأول : عنه عن ثمامة بن عقبة عن زيد رضي الله عنه . أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 5 / 201 / 5011 ) و السياق له , و الحاكم ( 4 / 360 - 361 ) و الزيادة الرابعة و الخامسة و السادسة له , كلاهما من طريق جرير عن الأعمش به . و قال الحاكم : " صحيح على شرط الشيخين " . و رده الذهبي بقوله : " قلت : لم يخرجا لثمامة شيئا , و هو صدوق " . قلت : بل هو ثقة كما قال الذهبي نفسه في " الكاشف " , تبعا لابن معين و النسائي , و كذا قال الحافظ في " التقريب " , فالسند صحيح . و قد تابعه شيبان عن الأعمش به . أخرجه الطبراني ( 5012 ) و قال : " خالفهما أبو معاوية في إسناده " . قلت : يشير إلى الطريق الآتي . و قد تابعهما سفيان الثوري عن الأعمش به . أخرجه ابن سعد في " الطبقات " ( 2 / 199 ) و الزيادة الثانية له . الطريق الثاني : يرويه أبو معاوية عن الأعمش عن يزيد بن حبان عن زيد بن أرقم به أخرجه النسائي في " السنن " ( 2 / 172 ) و ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 8 / 29 - 30 / 3569 ) و أحمد ( 4 / 367 ) و عبد بن حميد في " المنتخب من المسند " ( ق 40 / 1 - 2 ) و الطبراني أيضا ( 5 / 202 / 5013 و 5016 ) . قلت : و هذا إسناد صحيح كما قال الحافظ العراقي في " تخريج الإحياء " ( 2 / 336 ) و هو على شرط مسلم , فإن رجاله رجال الشيخين غير يزيد بن حبان فهو من رجال مسلم . و أبو معاوية هو محمد بن خازم الضرير , قال الحافظ في " التقريب " : " ثقة , أحفظ الناس لحديث الأعمش " . قلت : و هذا مما يمنعنا من الحكم على إسناده بالشذوذ لمخالفته للثقات الثلاثة المتقدمين , فالظاهر أن للأعمش فيه شيخين عن زيد بن أرقم . و الله أعلم . ثم إن سائر الزيادات لابن أبي شيبة و أحمد , إلا زيادة قراءة آية فهي لعبد بن حميد , و كذا زيادة نزول جبريل بـ ( المعوذتين ) , و سندها صحيح أيضا . و لها شاهد من حديث عمرة عن عائشة قالت : كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم غلام يهودي يخدمه يقال له : لبيد بن أعصم , و كانت تعجبه خدمته , فلم تزل به يهود حتى سحر النبي صلى الله عليه وسلم , فكان صلى الله عليه وسلم يذوب و لا يدري ما وجعه , فبينما رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة نائم إذ أتاه ملكان , فجلس أحدهما عند رأسه , و الآخر عند رجليه , فقال الذي عند رأسه للذي عند رجليه : ما وجعه ? قال : مطبوب . فقال : من طبه ? قال : لبيد بن أعصم . قال : بم طبه ? قال : بمشط و مشاطة و جف طلعة ذكر بـ ( ذي أروى ) , و هي تحت راعوفة البئر . فاستيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم , فدعا عائشة فقال : يا عائشة ! أشعرت أن الله قد أفتاني بوجعي , فلما أصبح غدا رسول الله صلى الله عليه وسلم , و غدا أصحابه معه إلى البئر , و إذا ماؤها كأنه نقيع الحناء , و إذا نخلها الذي يشرب من مائها قد التوى سيفه كأنه رؤوس الشياطين , قال : فنزل رجل فاستخرج جف طلعة من تحت الراعوفة , فإذا فيها مشط رسول الله صلى الله عليه وسلم و من مشاطة رأسه , و إذا تمثال من شمع تمثال رسول الله صلى الله عليه وسلم : و إذا فيها إبر مغروزة , و إذا وتر فيه إحدى عشرة عقدة , فأتاه جبريل بـ ( المعوذتين ) فقال : يا محمد *( قل أعوذ برب الفلق )* و حل عقدة , *( من شر ما خلق )* و حل عقدة حتى فرغ منها , و حل العقد كلها , و جعل لا ينزع إبرة إلا وجد لها ألما ثم يجد بعد ذلك راحة . فقيل : يا رسول الله ! لو قتلت اليهودي ? فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قد عافاني الله عز وجل , و ما وراءه من عذاب الله أشد , قال : فأخرجه . رواه البيهقي في " دلائل النبوة " ( 2 / 2 / 226 / 1 - 2 و 7 / 92 - 94 ط ) من طريق سلمة ابن حبان : حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا محمد بن عبيد الله عن أبي بكر بن محمد عن عمرة به . قلت : و هذا إسناد ضعيف جدا , محمد بن عبيد الله هو العرزمي , و هو متروك . و سلمة بن حبان - و هو بفتح الحاء <1>1>- روى عنه جمع من الثقات , و ذكره ابن حبان في " ثقاته " ( 8 / 287 ) فالعلة من العرزمي . و إن مما يوهن حديثه هذا أنه قد جاء مختصرا من طريق هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعا نحوه دون ذكر التمثال و ما بعده . أخرجه البخاري ( 3268 و 5763 و 5765 و 5766 و 6391 ) و مسلم ( 7 / 14 ) و ابن أبي شيبة ( 8 / 30 / 3570 ) و من طريقه ابن ماجه ( 3590 - الأعظمي ) و أحمد ( 6 / 50 و 57 و 63 و 96 ) و الحميدي ( 259 ) و ابن سعد ( 2 / 196 ) و أبو يعلى ( 3 / 194 ) و البيهقي ( 2 / 2 / 157 / 2 ) من طرق عن هشام به . و زيادة ستة أشهر المذكورة في حديث الترجمة , هي عند أحمد في رواية , و سندها صحيح , و صححها الحافظ في " الفتح " ( 10 / 226 ) . و بالجملة , فحديث العرزمي و ما فيه من الزيادات منكر جدا , إلا ما وافق حديث هشام عن عروة , و حديث الترجمة , و من ذلك نزول ( المعوذتين ) , فقد ذكره الرافعي في كتابه , فقال الحافظ في " تلخيصه " ( 4 / 40 ) : " و هذا ذكره الثعلبي في " تفسيره " من حديث ابن عباس تعليقا , و من حديث عائشة أيضا تعليقا , طريق عائشة صحيح , أخرجه سفيان بن عيينة في " تفسيره " رواية أبي عبيد الله عنه عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة - فذكر الحديث - و فيه : و نزلت *( قل أعوذ برب الفلق )* " . و هذه فائدة هامة من الحافظ رحمه الله تعالى , لم ترد في كتابه " فتح الباري " , و هي شاهد قوي لحديث الترجمة . و الله أعلم . و من المفيد أن نذكر أن بعض المبتدعة قديما و حديثا قد أنكروا هذا الحديث الصحيح , بشبهات هي أوهى من بيت العنكبوت , و قد رد عليهم العلماء في شروحهم , فليرجع إليها من شاء . و قد أخطأ المعلق على " الدلائل " خطأ فاحشا في عزوه رواية البيهقي إلى الشيخين و غيرهما , دون أن ينبه إلى ما فيه من المنكرات المخالفة لروايتيهما ! ----------------------------------------------------------- [1] كما في " التبصير " , و ذكر أنه من شيوخ أبي يعلى و عبد الله بن أحمد و يوسف القاضي . اهـ . 2762 " من قال في يوم مائتي مرة [ مائة إذا أصبح , و مائة إذا أمسى ] : " لا إله إلا الله وحده لا شريك له , له الملك و له الحمد و هو على كل شيء قدير " , لم يسبقه أحد كان قبله و لا يدركه أحد كان بعده إلا من عمل أفضل من عمله " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 620 : أخرجه النسائي في " اليوم و الليلة " ( 576 و 577 ) و كذا ابن السني ( 73 ) و ابن الأعرابي في " المعجم " ( ق 216 / 1 ) و الحاكم ( 1 / 500 ) و قال : " مائة " ! , و أحمد ( 2 / 185 و 214 ) و الخطيب في " التاريخ " ( 3 / 25 ) من طرق عن #عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده #أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فذكره . قلت : و هذا إسناد حسن للخلاف المعروف في عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده , و لذا قال في " الفتح " ( 11 / 202 ) : " إسناده صحيح إلى عمرو " . و قال الهيثمي في " المجمع " ( 10 / 86 ) : " رواه أحمد و الطبراني إلا أنه قال : " كل يوم " و رجال أحمد ثقات , و في رجال الطبراني من لم أعرفه " . قلت : و ليس المراد من الحديث أن يقول المائتي مرة في وقت واحد كما تبادر لبعض المعاصرين ممن ألف في " سنية السبحة " ! و إنما تقسيمهما على الصباح و المساء , فقد جاء ذلك صريحا في رواية شعبة عن عمرو بن شعيب به , و لفظه : " من قال .. مائة مرة إذا أصبح , و مائة مرة إذا أمسى .. " . أخرجه النسائي ( 575 ) و ابن دوست العلاف في " الأمالي " ( ق 124 / 2 ) . و الحكم هو ابن عتيبة الكندي مولاهم , ثقة محتج به في " الصحيحين " , و مثله شعبة , و هو ابن الحجاج الإمام . و أما اللفظ الذي أورده السيوطي في " الجامع الكبير " من رواية إسماعيل بن عبد الغفار الفارسي في " الأربعين " عن عمرو بن شعيب به بلفظ : " من قال : " لا إله إلا الله .. " ألف مرة جاء يوم القيامة فوق كل عمل , إلا عمل نبي , أو رجل زاد في التهليل " . قلت : فهو منكر , بل باطل لمخالفته لهذه الطرق الصحيحة عن عمرو بن شعيب , و لعله لذلك لم يورده المناوي في كتابه " الجامع الأزهر " ! ( تنبيه ) : إسماعيل بن عبد الغفار , كذا وقع في " الجامع " ( 2 / 808 ) و فيه ( 2 / 811 ) في حديث آخر : إسماعيل بن عبد الغافر و هو الصواب , فقد جاء هكذا في " شذرات الذهب " , أورده في وفيات سنة ( 504 ) عن إحدى و ثمانين سنة , و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا . و اعلم أن هذا العدد ( المائة ) هو أكثر ما وقفت عليه فيما صح من الذكر . و أما عدد ( الألف ) فلم أره إلا في هذه الرواية المنكرة , و في حديث آخر في " التسبيح " بسند ضعيف خرجته في الكتاب الآخر برقم ( 5296 ) . 2763 " أمرنا صلى الله عليه وسلم أن نقول إذا أصبحنا و إذا أمسينا و إذا اضطجعنا على فرشنا : " اللهم فاطر السماوات و الأرض عالم الغيب و الشهادة , أنت رب كل شيء , و الملائكة يشهدون أنك لا إله إلا أنت , فإنا نعوذ بك من شر أنفسنا و من شر الشيطان الرجيم و شركه , و أن نقترف على أنفسنا سوءا أو نجره إلى مسلم " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 622 : أخرجه أبو داود ( 5083 ) و الطبراني في " الكبير " ( 3 / 295 / 3450 ) و في " مسند الشاميين " ( ص 332 ) من طريق محمد بن عوف : حدثنا محمد بن إسماعيل بن عياش حدثني أبي - زاد أبو داود : قال ابن عوف : و رأيته في أصل إسماعيل - : حدثني ضمضم بن زرعة عن شريح بن عبيد عن # أبي مالك الأشعري # أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا .. إلخ . قلت : و هذا إسناد جيد عندي بزيادة أبي داود لولا أنه منقطع بين شريح و أبي مالك كما أفاده أبو حاتم , لكنه يتقوى بشاهدين له : أحدهما : من حديث أبي هريرة إلى قوله : " و شركه " . أخرجه أبو داود ( 5067 ) و الترمذي ( 3389 ) و كذا البخاري في " الأدب المفرد " ( 1202 ) و " أفعال العباد " ( ص 74 ) و النسائي في " عمل اليوم و الليلة " ( رقم 11 ) و الدارمي ( 2 / 292 ) و ابن حبان ( 2349 ) و الحاكم ( 1 / 513 ) و ابن السني ( 43 ) و ابن أبي شيبة ( 10 / 237 / 9323 ) و الطيالسي ( 2582 ) و أحمد ( 2 / 297 ) كلهم عن شعبة عن يعلى بن عطاء قال : سمعت عمرو بن عاصم الثقفي يحدث عن أبي هريرة قال : قال أبو بكر : يا رسول الله مرني بشيء أقوله إذا أصبحت و إذا أمسيت , قال : قل : .. فذكر الدعاء , و قال في آخره : " قال : قله إذا أصبحت , و إذا أمسيت , و إذا أخذت مضجعك " . و قال الترمذي : " حديث حسن صحيح " . و قال الحاكم : " صحيح الإسناد " . و وافقه الذهبي . قلت : و هو كما قالوا . و الآخر : من حديث ابن عمرو مثل حديث أبي هريرة , إلا أنه زاد في آخره : " و أن أقترف على نفسي سوءا أو أجره إلى مسلم " . أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " ( 1204 ) و الترمذي ( 3526 ) و الطبراني في " الدعوات " ( 2 / 924 / 289 ) و قال الترمذي : " حديث حسن غريب " . و قواه الحافظ في " نتائج الأفكار " ( 2 / 345 - 346 ) . قلت : و إسناده صحيح . و قد وقعت هذه الزيادة في " أفعال العباد " في رواية عند البخاري من حديث أبي هريرة , و هي خطأ كما سبق بيانه قريبا تحت حديثه المتقدم برقم ( 2753 ) , فراجعه إن شئت . تنبيه على أوهام : أولا : حديث أبي هريرة هذا جعله الشوكاني في " تحفة الذاكرين " ( ص 63 ) من مسند أبي بكر , و إنما هو من مسند أبي هريرة . ثانيا : أنه جعل الزيادة من حديث أبي بكر , و إنما هي من حديث ابن عمرو . ثالثا : قال الشيخ فضل الله الجيلاني في " شرح الأدب المفرد " ( 2 / 613 ) تحت حديث ابن عمرو : " أخرجه الثلاثة , و صححه الحاكم و ابن حبان " . قلت : و هذا وهم محض , فلم يروه أحد من هؤلاء غير الترمذي . 2764 " إن الله يقول : أنا خير شريك , فمن أشرك بي أحدا فهو لشريكي ! يا أيها الناس ! أخلصوا الأعمال لله , فإن الله عز وجل لا يقبل من العمل إلا ما خلص له , و لا تقولوا : هذا لله و للرحم و ليس لله منه شيء ! و لا تقولوا : هذا لله و لوجوهكم , فإنه لوجوهكم , و ليس لله منه شيء " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 624 : أخرجه عبد الباقي بن قانع في ترجمة الضحاك بن قيس الفهري من " معجم الصحابة " , قال : حدثنا أحمد بن محمد بن إسحاق : أخبرنا سعيد بن سليمان عن عبيدة بن حميد عن عبد العزيز بن رفيع عن تميم بن سلمة عن # الضحاك بن قيس # قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره . قلت : و هذا إسناد صحيح , رجاله ثقات رجال " الصحيح " غير أحمد بن محمد بن إسحاق و هو أبو جعفر البجلي الحلواني , ترجمه الخطيب ( 5 / 212 ) و روى توثيقه عن جمع من الحفاظ , توفي سنة ( 296 ) . و سعيد بن سليمان هو أبو عثمان الواسطي الحافظ الثقة . و قد تابعه إبراهيم بن محشر : حدثنا عبيدة بن حميد به , إلا أنه قال : " تميم ابن طرفة " مكان " تميم بن سلمة " , لكن إبراهيم هذا فيه ضعف , قال ابن عدي في " الكامل " ( 1 / 272 - الفكر ) . " له منكرات من جهة الأسانيد غير محفوظة " . أخرجه البزار ( 4 / 217 - 218 / 3567 ) و البيهقي في " الشعب " ( 2 / 320 / 2 ) و قال الهيثمي في " مجمع الزوائد " ( 10 / 221 ) : " رواه البزار عن شيخه إبراهيم بن مجشر - بالجيم - وثقه ابن حبان و غيره , و فيه ضعف . و بقية رجاله رجال الصحيح " . قلت : ما رأيت أحدا ذكر توثيقه عن غير ابن حبان , و مع ذلك فقد قال فيه : " يخطىء " . فمثله لا يحتج به إذا تفرد , فكيف إذا خالف ? فالعمدة على سعيد بن سليمان الواسطي في صحة الحديث , و هي فائدة عزيزة استفدتها من " معجم ابن قانع " , و كنت لما ألفت " صحيح الترغيب و الترهيب " لم أورده فيه , على الرغم من قول المنذري فيه ( 1 / 24 ) : " رواه البزار بإسناد لا بأس به , لكن الضحاك بن قيس مختلف في صحبته " . لأنني عرفت بواسطة " المجمع " أن في سند البزار ذاك الشيخ الضعيف , و لم أكن وقفت على متابعة سعيد هذه القوية , و الحمد لله على توفيقه , و أسأله المزيد من فضله . و أما قوله : إن الضحاك بن قيس مختلف في صحبته , فلعله سبق قلم من المنذري , فإني لم أر أحدا ذكر الخلاف في صحبته , بل قال الحافظ في " الإصابة " بعد أن نقل قول البخاري في " التاريخ " ( 2 / 2 / 332 ) " له صحبة " : " و استبعد بعضهم صحة سماعه من النبي صلى الله عليه وسلم , و لا بعد فيه , فإن أقل ما قيل في سنه عند موت النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان ابن ثمان سنين " . ثم وجدت لسعيد بن سليمان الواسطي متابعا ثقة , و هو ( سريج بن يونس ) : أخبرنا عبيدة بن حميد به . أخرجه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " ( 8 / 410 ) . و لهذا نقل إلى " الصحيح " في آخر طبعته الثانية ( ص 530 ) . 2765 " ألق [ عنك ] ثيابك و اغتسل , و استنق ما استطعت , و ما كنت صانعا في حجتك , فاصنعه في عمرتك " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 626 : أخرجه الطبراني في " المعجم الأوسط " ( 1 / 98 / 2003 ) و ابن أبي حاتم في " تفسيره " , و ابن عبد البر في " التمهيد " ( 2 / 251 ) من طرق ثلاث عن محمد بن سابق قال : أخبرنا إبراهيم بن طهمان عن أبي الزبير عن عطاء بن أبي رباح عن # صفوان ابن أمية # قال : جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم متضمخ بالخلوق , عليه مقطعات قد أحرم بعمرة , فقال : كيف تأمرني يا رسول الله في عمرتي ? فأنزل الله عز وجل : *( و أتموا الحج و العمرة لله )* . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أين السائل عن العمرة ?! " . فقال : [ ها ] أنا [ ذا ] . فقال : فذكره . و قال ابن عبد البر : " هكذا جاء في هذا الحديث : " صفوان بن أمية " نسبة إلى جده , و هو صفوان بن يعلى بن أمية , رجل تميمي " . قلت : و هكذا على الجادة وقع عند الطبراني , و زاد : " عن أبيه " , و أظنها زيادة من بعض النساخ لمخالفتها لرواية الآخرين , و لقول الطبراني عقب الحديث : " و رواه مجاهد عن عطاء عن صفوان بن يعلى عن أبيه " . قلت : و هذه الزيادة : " عن أبيه " ثابتة في " الصحيحين " و غيرهما من طرق عن عطاء عن صفوان عن أبيه . و بذلك اتصل الإسناد و صح الحديث , و هو مخرج في " صحيح أبي داود " ( 1596 - 1599 ) , لكن ليس فيها نزول الآية *( و أتموا الحج و العمرة لله )* صراحة و كأن حديث الترجمة مبين لما أجمل في تلك الطرق و لهذا قال الحافظ في " الفتح " ( 3 / 614 ) : " لم أقف في شيء من الروايات على بيان المنزل حينئذ من القرآن و قد استدل به جماعة من العلماء على أن من الوحي ما لا يتلى , لكن وقع عند الطبراني في "الأوسط " من طريق أخرى أن المنزل حينئذ قوله تعالى : *( و أتموا الحج و العمرة لله )* و وجه الدلالة على المطلوب عموم الأمر بالإتمام , فإنه يتناول الهيئات و الصفات " . و كأنه سكت عن الإرسال الذي في الإسناد لاتصاله في الطرق الأخرى , و لما فيه من البيان الذي أشرت إليه , و الله أعلم . ( فائدة ) : قال في " الفتح " ( 3 / 394 ) : " قال ابن المنير في " الحاشية " : قوله : " و اصنع " معناه : اترك , لأن المراد بيان ما يجتنبه المحرم , فيؤخذ منه فائدة , و هي أن الترك فعل " . ( تنبيه ) : عزاه السيوطي في " الدر المنثور " ( 1 / 208 ) لابن أبي حاتم و أبي نعيم في " الدلائل " و ابن عبد البر في " التمهيد " عن يعلى بن أمية . فاعلم أنه عند ابن عبد البر عن صفوان بن يعلى مرسلا لم يذكر عن أبيه . و كذا هو عند ابن أبي حاتم كما في " تفسير ابن كثير " و استغربه . و أما " الدلائل " لأبي نعيم , فهو عنده ( ص 179 ) مسندا عن أبيه لكن من طريق أخرى كما هو عند الشيخين ليس فيه نزول الآية , فاقتضى التنبيه . 2766 " تصدقوا على أهل الأديان " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 628 : أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 3 / 177 ) : حدثنا جرير بن عبد الحميد عن أشعث عن جعفر عن # سعيد بن جبير # قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تصدقوا إلا على أهل دينكم " , فأنزل الله تعالى *( ليس عليك هداهم )* إلى قوله : *( و ما تنفقوا من خير يوف إليكم )* : قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره . قلت : و هذا إسناد مرسل كما في " نصب الراية " ( 4 / 398 ) و رجاله ثقات رجال الستة غير أشعث , و هو ابن إسحاق بن سعد بن مالك الأشعري القمي , و جعفر , و هو ابن أبي المغيرة الخزاعي القمي , و هو صدوق له أوهام كما في " الخلاصة " , و نحوه في " التقريب " , و الذي قبله ثقة , و الراوي عنه جرير بن عبد الحميد , مع كونه من رجال الستة كما ذكرنا فقد قال الحافظ في " التقريب " : " ثقة صحيح الكتاب , قيل : كان في آخر عمره يهم من حفظه " . و قد تابعه عبد الله بن سعد الدشتكي لكنه قال : حدثنا أشعث بن إسحاق عن جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم : أنه كان يأمر بأن لا يتصدق إلا على أهل الإسلام حتى نزلت هذه الآية : *( ليس عليك هداهم )* إلى آخرها , فأمر بالصدقة بعدها على كل من سألك <1>من كل دين . فأسنده بذكر ابن عباس . أخرجه ابن أبي حاتم في " التفسير " ( 1 / 211 / 2 ) قال : حدثنا أحمد بن القاسم بن عطية : حدثني أحمد بن عبد الرحمن - يعني : الدشتكي - : حدثني أبي عن أبيه به . قلت : و نقله ابن كثير في " تفسيره " , و سكت عنه , و إسناده حسن1> , رجاله كلهم من رجال " التهذيب " غير أحمد بن القاسم بن عطية , قال ابن أبي حاتم ( 1 / 67 ) : " هو المعروف بأبي بكر بن القاسم الحافظ . روى عن أبي الربيع الزهراني , و كتبنا عنه , و هو صدوق ثقة " . و تابع جعفر بن أبي المغيرة جعفر بن إياس عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : " كان ناس لهم أنسباء و قرابة من بني قريظة و النضير , و كانوا يتقون أن يتصدقوا عليهم و يريدونهم على الإسلام , فنزلت *( ليس عليك هداهم و لكن الله يهدي من يشاء , و ما تنفقوا من خير فلأنفسكم , و ما تنفقون إلا ابتغاء وجه الله و ما تنفقوا من خير يوف إليكم و أنتم لا تظلمون )* [ البقرة : 272 ] " . أخرجه أبو عبيد القاسم بن سلام في كتابه " الأموال " ( ص 616 / 1991 ) و ابن جرير في " التفسير " ( 3 / 63 ) من طريق سفيان عن الأعمش عنه . و كذلك رواه الحاكم ( 2 / 285 ) و عنه البيهقي ( 4 / 191 ) لكن سقط من روايته ( الأعمش ) , و زاد في آخره : " قال : فرخص لهم " . و قال الحاكم : " صحيح الإسناد " . و قال الذهبي : " ( خ م ) " . يعني أنه على شرط الشيخين , و هو كما قال بالنظر إلى رواية أبي عبيد و ابن جرير , و إلا ففي إسناد الحاكم محمد بن غالب , فإن فيه كلاما مع كونه ليس من رجال الشيخين , و لعل السقط المشار إليه منه . و يشهد للحديث ما أخرجه الشيخان و غيرهما من حديث أسماء بنت أبي بكر قالت : قدمت علي أمي و هي مشركة في عهد قريش إذ عاهدهم , فاستفتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم , فقلت : يا رسول الله ! قدمت علي أمي و هي راغبة , أفأصل أمي ? ( و في لفظ : أفأعطيتها ) . قال : " نعم , صلي أمك " . و هو مخرج في " صحيح أبي داود " ( 1468 ) و اللفظ الآخر للبيهقي ( 4 / 191 ) و ترجم له و لحديث الترجمة بقوله : " باب صدقة النافلة على المشرك و على من لا يحمد فعله " . هذا في صدقة النافلة , و أما الفريضة فلا تجوز لغير المسلم لحديث معاذ المعروف : " تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم " . متفق عليه , و هو مخرج في المصدر السابق برقم ( 1412 ) , و بأوسع منه في " إرواء الغليل " ( 782 ) . ----------------------------------------------------------- [1] هكذا الرواية بكاف الخطاب في " ابن أبي حاتم " , و " ابن كثير " , و السيوطي . اهـ . 2767 " إن من أشراط الساعة أن يفيض المال و يكثر الجهل و تظهر الفتن و تفشو التجارة [ و يظهر العلم ] " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 631 : أخرجه النسائي في " سننه " ( 2 / 212 ) و الحاكم في " مستدركه " ( 2 / 7 ) و اللفظ له , و الطيالسي ( 1171 ) و عنه ابن منده في " المعرفة " ( 2 / 59 / 2 ) و الخطابي في " غريب الحديث " ( 81 / 2 ) من طريق وهب بن جرير : حدثنا أبي قال : سمعت يونس بن عبيد يحدث عن # الحسن عن عمرو بن تغلب # قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره . و الزيادة للنسائي , و لها عنده تتمة و هي : " و يبيع الرجل البيع فيقول : لا حتى أستأمر تاجر بني فلان , و يلتمس في الحي العظيم الكاتب فلا يوجد " . و قال الحاكم : " صحيح على شرط الشيخين , إلا أن عمرو بن تغلب ليس به راو غير الحسن " . كذا قال ! و كأنه لم يقف على قول ابن أبي حاتم في كتابه ( 3 / 1 / 222 / 1235 ) و تبعه ابن عبد البر في " الاستيعاب " : " ... روى عنه الحسن البصري و الحكم بن الأعرج " . قلت : و قد روى البخاري في " صحيحه " ( 2927 و 3592 ) و ابن ماجه ( 4098 ) و أحمد ( 4 / 69 - 70 ) حديثا في أشراط الساعة في مقاتلة الترك , من طريق الحسن عن عمرو بن تغلب , لكن صرح فيه بالتحديث , و هذا شرط مهم بالنسبة لصحة الحديث بصورة عامة , و على شرط البخاري بصورة خاصة , لما هو معلوم عند المتمكنين في هذا العلم أن الحسن البصري مدلس , ففي ثبوت هذا الحديث توقف عن عمرو بن تغلب لعدم تصريحه بالسماع منه , لكن الحديث صحيح لما يأتي مما يقويه . و بالجملة , فعلة هذا الإسناد هي العنعنة , و ليس الإرسال كما توهم الدكتور فؤاد في تعليقه على " الحكم و الأمثال " للماوردي ( ص 100 ) , فقال بعد أن صرح بضعف الحديث و ذكر قول الحاكم : " ليس لعمرو بن تغلب راو غير الحسن " , و زاد عليه : " و هو البصري تابعي , و قد رفعه إلى الرسول مباشرة , فالحديث مرسل " ! قلت : و هذه الزيادة موصولة عنده بكلام الحاكم , بحيث أنه لا يمكن لأحد لم يكن قد اطلع على كلام الحاكم المتقدم أولا , أن يميزه عن ما بعده الذي هو من كلام الدكتور ثانيا ! إلا إذا تنبه لما فيه من الجهل بهذا العلم الذي يترفع عما دونه من كان دون الحاكم في العلم بمراحل !! و الله المستعان . و الحديث وقع في " الأمثال " : ( الهرج ) مكان ( الجهل ) , و ( الظلم ) مكان ( العلم ) , و أظنه تصحيفا . و لم ينبه على شيء من ذلك الدكتور فؤاد , بل عزا الحديث إلى الحاكم كما تقدم - على ما بين روايته و رواية " الأمثال " من الاختلاف !! - و لم أجد للفظ ( الظلم ) شاهدا بخلاف ( العلم ) , فقد رأيت الحديث في " الفتن " لأبي عمرو الداني ( ق 15 / 2 ) من طريق علي بن معبد قال : حدثنا عبد الله بن عصمة عن أبي حمزة عن الحسن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكر الحديث دون فقرتي الجهل و الفتن , و زاد : " قال ابن معبد : يعني الكتاب " . قلت : و عبد الله بن عصمة لم أعرفه . و أبو حمزة الظاهر أنه الذي في " كنى الدولابي " ( 1 / 156 ) : " و أبو حمزة إسحاق بن الربيع , يروي عن الحسن , بصري " . و في " المقتنى " للذهبي ( 26 / 1 ) : " أبو حمزة العطار : إسحاق بن الربيع " . و هو من رجال " التهذيب " , و في " التقريب " : " إسحاق بن الربيع البصري الأبلي - بضم الهمزة الموحدة و تشديد اللام - أبو حمزة العطار , صدوق تكلم فيه للقدر , من السابعة " . و بالجملة , ففي هذه الرواية مع الإرسال ضعف لا يعلل به الرواية المسندة التي قبلها , و إنما علتها العنعنة كما ذكرنا , و إنما ذكرت هذه المرسلة لنرجح لفظة ( العلم ) على لفظة ( الظلم ) . و قد وجدت لها شاهدا من حديث سيار عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم : " إن بين يدي الساعة تسليم الخاصة و فشو التجارة حتى تعين المرأة زوجها على التجارة و قطع الأرحام و شهادة الزور و كتمان شهادة الحق و ظهور القلم " . رواه البخاري في " الأدب المفرد " ( 1049 ) و أحمد ( 1 / 407 ) بإسناد صحيح , رجاله ثقات رجال مسلم غير سيار , و هو سيار أبو الحكم كما وقع في رواية البخاري , و كذا الطحاوي في " مشكل الآثار " ( 4 / 385 ) و أحمد في رواية ( 1 / 419 ) و كذا في رواية الحاكم لهذا الحديث ببعض اختصار في " المستدرك " ( 4 / 445 ) و في حديث آخر عند أحمد ( 1 / 389 ) و هو ثقة من رجال الشيخين , لكن قيل : إنه سيار أبو حمزة , و رجحه الحافظ في " التهذيب " , و رده الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على " المسند " ( 5 / 257 - 258 ) و ادعى أن أبا حمزة هذا لم توجد له ترجمة , مع أنه من رجال " التهذيب " , ذكره عقب ترجمة سيار أبي الحكم , و ذكر الحافظ المزي أنه ذكره ابن حبان في " الثقات " , فقال الحافظ ابن حجر : " و لم أجد لأبي حمزة ذكرا في " ثقات ابن حبان " , فينظر " . قلت : هو عنده في " أتباع التابعين " قبيل ترجمة سيار أبي الحكم ( 6 / 421 - هندية ) . و كذلك ترجمه البخاري في " التاريخ الكبير " ( 2 / 2 / 160 ) و ابن أبي حاتم ( 2 / 1 / 255 ) . و الأول ثقة من رجال الشيخين , و هذا لم يوثقه غير ابن حبان , و روى عنه جمع , و لكن لم نجد حجة لمن ادعى أنه هو راوي هذا الحديث مع تصريح الراوي عنه - و هو بشير بن سلمان - أنه سيار أبو الحكم , إلا مجرد ادعاء أنه أخطأ في ذلك و أن الصواب أنه سيار أبو حمزة . و لو سلمنا بذلك فالإسناد لا ينزل عن مرتبة الحسن لما سبق من توثيق ابن حبان إياه مع رواية جمع عنه . و الحديث أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " ( 7 / 329 ) برواية أحمد بتمامه , و البزار ببعضه ثم قال : " و رجالهما رجال الصحيح " . ( فائدة ) : وقع في " المجمع " ( العلم ) مكان ( القلم ) , و الظاهر أنه تحريف , و الصواب ما في " المسند " : ( القلم ) لمطابقته لما في " جامع المسانيد " ( 27 / 166 - 167 ) عنه , و لرواية " الأدب المفرد " من الطبعة السلفية , و الطبعة التازية و الطبعة الهندية , خلافا للطبعة الجيلانية , و لا ينافي ذلك زيادة النسائي و رواية الداني , لأنها بمعنى ( القلم ) أو قريبة منه , و لاسيما و قد فسرها علي بن معبد بقوله : " يعني الكتاب " أي الكتابة . قال العلامة أحمد شاكر : " يريد الكتابة " . قلت : ففي الحديث إشارة قوية إلى اهتمام الحكومات اليوم في أغلب البلاد بتعليم الناس القراءة و الكتابة , و القضاء على الأمية حتى صارت الحكومات تتباهى بذلك , فتعلن أن نسبة الأمية قد قلت عندها حتى كادت أن تمحى ! فالحديث علم من أعلام نبوته صلى الله عليه وسلم , بأبي هو و أمي . و لا يخالف ذلك - كما قد يتوهم البعض - ما صح عنه صلى الله عليه وسلم في غير ما حديث أن من أشراط الساعة أن يرفع العلم و يظهر الجهل لأن المقصود به العلم الشرعي الذي به يعرف الناس ربهم و يعبدونه حق عبادته , و ليس بالكتابة و محو الأمية كما يدل على ذلك المشاهدة اليوم , فإن كثيرا من الشعوب الإسلامية فضلا عن غيرها , لم تستفد من تعلمها القراءة و الكتابة على المناهج العصرية إلا الجهل و البعد عن الشريعة الإسلامية , إلا ما قل و ندر , و ذلك مما لا حكم له . و إن مما يدل على ما ذكرنا قوله صلى الله عليه وسلم : " إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد , و لكن يقبض العلم بقبض العلماء , حتى إذا لم يبق عالما اتخذ الناس رؤوسا جهالا فسئلوا , فأفتوا بغير علم فضلوا و أضلوا " . رواه الشيخان و غيرهما من حديث ابن عمرو و صدقته عائشة , و هو مخرج في " الروض النضير " ( رقم 579 ) . ثم بدا لي أن الحديث صحيح من جهة أخرى , و هي أنه وقع عند الطيالسي تماما لحديث البخاري الذي صرح فيه الحسن بالسماع . و الله تعالى أعلم . ( تنبيه ) : في حديث ابن مسعود من رواية " الأدب المفرد " زيادة هامة , يستفاد منها حكمان شرعيان هامان جدا , و قد بينتهما في كثير من مؤلفاتي من آخرها في التعليق على كتابي الجديد " صحيح الأدب المفرد " ( رقم 801 / 1049 ) و هو وشيك الانتهاء إن شاء الله تعالى . ثم طبع و صدر هو و قسيمه " ضعيف الأدب المفرد " , و الحمد لله على توفيقه . 2768 " ستخرج نار قبل يوم القيامة من بحر حضرموت تحشر الناس , قالوا : يا رسول لله ! فما تأمرنا ? قال : عليكم بالشام " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 636 : أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 15 / 78 ) : حدثنا أبو عامر العقدي عن علي بن المبارك عن يحيى قال : حدثني أبو قلابة قال : حدثني سالم بن عبد الله قال : حدثني # عبد الله بن عمر # قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره . قلت : و هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين , و قد أخرجه أحمد ( 2 / 99 ) : حدثنا يحيى بن إسحاق حدثنا أبان بن يزيد عن يحيى بن أبي كثير به , ببعض اختصار . و هذا إسناد صحيح أيضا على شرط مسلم . 2769 " كان أخوان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم , فكان أحدهما يأتي النبي صلى الله عليه وسلم ( و في رواية : يحضر حديث النبي صلى الله عليه وسلم و مجلسه ) و الآخر يحترف , فشكا المحترف أخاه إلى النبي صلى الله عليه وسلم , [ فقال : يا رسول الله ! [ إن هذا ] أخي لا يعينني بشيء ] , فقال صلى الله عليه وسلم : " لعلك ترزق له " " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 636 : أخرجه الترمذي ( 2346 ) و الحاكم ( 1 / 93 - 94 ) و الروياني في " مسنده " ( ق 241 / 1 ) و ابن عدي في " الكامل " ( 2 / 682 ) و ابن عبد البر في " جامع بيان العلم " ( 1 / 59 ) و الرواية الأخرى له و كذا الزيادة , و الضياء المقدسي في " المختارة " ( 1 / 512 - 513 ) كلهم من طريق أبي داود الطيالسي : حدثنا حماد ابن سلمة عن ثابت عن # أنس # قال : فذكره . و قال الترمذي : " حديث حسن صحيح غريب " . و قال الحاكم : " صحيح على شرط مسلم " . و وافقه الذهبي , و هو كما قالا . و أبو داود الطيالسي هو سليمان بن داود صاحب المسند المعروف به , و ليس الحديث فيه , و قد قرن به بشر بن السري في رواية الضياء , و أخرجه عنه وحده السهمي في " تاريخ جرجان " ( 497 ) و أبو نعيم في " الحلية " ( 8 / 302 ) و له الزيادة و ما فيها من الزيادة . و بشر هذا ثقة من رجال الشيخين , فهي متابعة قوية لأبي داود الطيالسي . 2770 " إن الله عز وجل لا يظلم المؤمن حسنة , يثاب عليها الرزق في الدنيا و يجزى بها في الآخرة , و أما الكافر فيعطى بحسناته [ ما عمل بها لله ] في الدنيا , فإذا لقي الله عز وجل يوم القيامة لم تكن له حسنة يعطى بها خيرا " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 637 : أخرجه أحمد ( 3 / 125 ) و السياق له , و مسلم ( 8 / 135 ) و الزيادة له , و كذا عبد ابن حميد في " المنتخب " ( ق 155 / 1 ) من طريق همام بن يحيى عن قتادة عن # أنس # أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فذكره . و في رواية لمسلم من طريق معتمر قال : سمعت أبي : حدثنا قتادة عن أنس بلفظ : " إن الكافر إذا عمل حسنة أطعم بها طعمة من الدنيا , و أما المؤمن فإن الله يدخر له حسناته في الآخرة , و يعقبه رزقا في الدنيا على طاعته " . و لقد تقدم حديث الترجمة في المجلد الأول برقم ( 53 ) مختصرا عما هنا تخريجا , و هناك قاعدة ينبغي الرجوع إليها . 2771 " *( علمها عند ربي لا يجليها لوقتها إلا هو )* و لكن أخبركم بمشاريطها , و ما يكون بين يديها : إن بين يديها فتنة و هرجا . قالوا : يا رسول الله ! الفتنة قد عرفناها فالهرج ما هو ? قال : بلسان الحبشة : القتل , و يلقى بين الناس التناكر فلا يكاد أحد أن يعرف أحدا " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 638 : أخرجه أحمد ( 5 / 389 ) عن # حذيفة # قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الساعة ? فقال : فذكره . قلت : و إسناده صحيح على شرط مسلم , و قال الهيثمي في " مجمع الزوائد " ( 7 / 309 ) : " رواه أحمد , و رجاله رجال الصحيح " . ثم ذكر له شاهدا ( 7 / 324 ) من رواية الطبراني , أي في " الكبير " , و قال : " و فيه راو لم يسم " . 2772 " لا تقوم الساعة حتى تظهر الفتن و يكثر الكذب و تتقارب الأسواق و يتقارب الزمان و يكثر الهرج . قيل : و ما الهرج ? قال : القتل " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 639 : أخرجه أحمد ( 2 / 519 ) عن سعيد بن سمعان عن # أبي هريرة # أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فذكره . قلت : و هذا إسناد صحيح , رجاله ثقات رجال الشيخين غير سعيد بن سمعان هذا , و هو ثقة كما قال الهيثمي في " المجمع " ( 7 / 327 ) و الحافظ في " التقريب " . 2773 " لا تقوم الساعة حتى يمطر الناس مطرا عاما , و لا تنبت الأرض شيئا " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 639 : أخرجه أحمد ( 3 / 140 ) و أبو يعلى ( 3 / 1072 ) و البخاري في " التاريخ " ( 4 / 1 / 362 ) تعليقا من طريق حسين بن واقد : حدثني معاذ بن حرملة الأزدي قال : سمعت # أنسا # يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره . قلت : و إسناده حسن في المتابعات و الشواهد , رجاله ثقات رجال مسلم غير معاذ هذا , و قد ذكره ابن حبان في " الثقات " ( 5 / 423 ) و لم يذكر هو و غيره راويا عنه غير حسين بن واقد . لكنه قد توبع , فرواه حماد عن ثابت عن أنس قال : كنا نتحدث أنه لا تقوم الساعة حتى تمطر السماء و لا تنبت الأرض .. الحديث ذكره حماد هكذا , و قد ذكر حماد أيضا عن ثابت عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم لا يشك , و قد قال أيضا عن ثابت عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما أحسب . أخرجه أحمد ( 3 / 286 ) و أبو يعلى ( 3 / 893 ) . و إسناده صحيح على شرط مسلم , و لا يضره شكه في رفعه , لأنه في حكم المرفوع كما هو ظاهر , و لاسيما و قد رفعه في الطريق الأولى . و الله تعالى أعلم . 2774 " أمر بعبد من عباد الله أن يضرب في قبره مائة جلدة , فلم يزل يسأل و يدعو حتى صارت جلدة واحدة , فجلد جلدة واحدة , فامتلأ قبره عليه نارا , فلما ارتفع عنه و أفاق قال : على ما جلدتموني ? قالوا : إنك صليت صلاة واحدة بغير طهور , و مررت على مظلوم فلم تنصره " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 640 : أخرجه الطحاوي في " مشكل الآثار " ( 4 / 231 ) : حدثنا فهد بن سليمان قال : حدثنا عمرو بن عون الواسطي قال : حدثنا جعفر بن سليمان عن عاصم عن شقيق عن # ابن مسعود # عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : فذكره . قلت : و هذا إسناد جيد رجاله كلهم ثقات من رجال " التهذيب " غير فهد هذا , و هو ثقة ثبت كما قال ابن يونس في " الغرباء " كما في " رجال معاني الآثار " ( 85 / 1 ) , و عاصم هو ابن أبي النجود و هو ابن بهدلة , قال الحافظ : " صدوق له أوهام , حجة في القراءة , و حديثه في الصحيحين " . و الحديث أورده المنذري في " الترغيب " ( 3 / 148 ) برواية أبي الشيخ ابن حيان في " كتاب التوبيخ " , و أشار إلى تضعيفه ! ففاته هذا المصدر العزيز بالسند الجيد . و ليس الحديث في الجزء المطبوع من " كتاب التوبيخ " . و للحديث شاهد من حديث ابن عمر نحوه مختصرا ليس فيه دعاء المضروب , و إسناده ضعيف كما هو مبين في الكتاب الآخر ( 2188 ) . من فقه الحديث : قال الطحاوي عقبه : " فيه ما قد دل أن تارك الصلاة لم يكن بذلك كافرا , لأنه لو كان كافرا لكان دعاؤه باطلا لقول الله تعالى : *( و ما دعاء الكافرين إلا في ضلال )* " . و نقله عنه ابن عبد البر في " التمهيد " ( 4 / 239 ) و أقره , بل و أيده بتأويل الأحاديث الواردة في تكفير تارك الصلاة على أن معناها : " من ترك الصلاة جاحدا لها معاندا مستكبرا غير مقر بفرضها . و ألزم من قال بكفره بها و قبلها على ظاهرها فيهم أن يكفر القاتل و الشاتم للمسلم , و أن يكفر الزاني و .. و .. إلى غير ذلك مما جاء في الأحاديث لا يخرج بها العلماء المؤمن من الإسلام , و إن كان بفعل ذلك فاسقا عندهم , فغير نكير أن تكون الآثار في تارك الصلاة كذلك " . قلت : و هذا هو الحق , و انظر الحديث الآتي ( 3054 ) فإنه نص قاطع . 2775 " كان يعوذ بهذه الكلمات : " [ اللهم رب الناس ] أذهب الباس , و اشف و أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقما " . فلما ثقل في مرضه الذي مات فيه أخذت بيده فجعلت أمسحه [ بها ] و أقولها , فنزع يده من يدي , و قال : " اللهم اغفر لي و ألحقني بالرفيق الأعلى " . قالت : فكان هذا آخر ما سمعت من كلامه صلى الله عليه وسلم " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 642 : أخرجه أبو بكر بن أبي شيبة في " مصنفه " ( 8 / 1 / 45 - 46 ) قال : حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن مسلم عن مسروق عن # عائشة # قالت : ... قلت : و هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين , و قد أخرجاه كما يأتي . و أخرجه مسلم ( 7 / 15 ) و ابن ماجه ( 1619 ) من طريق ابن أبي شيبة . و تابعه عند مسلم أبو كريب . و تابعهما الإمام أحمد ( 6 / 45 ) : حدثنا أبو معاوية به , و الزيادة الثانية له , و مسلم هو ابن صبيح أبو الضحى . و تابعه سفيان عن الأعمش دون قوله : فلما ثقل بلفظ : " كان يعوذ بعض أهله , يمسح بيده اليمنى و يقول " فذكره , و فيه الزيادة الأولى أخرجه البخاري ( 5743 و 5750 ) و مسلم , و النسائي في " عمل اليوم و الليلة " ( 1010 ) و أحمد ( 6 / 44 و 127 ) و قال في رواية : " .. ثم قال : أذهب البأس .. الحديث " . و شعبة عن الأعمش به . أخرجه مسلم و الطيالسي ( 1404 ) و أحمد ( 6 / 45 و 126 ) . و تابعه جرير عنه مثل رواية سفيان الثانية عند أحمد . أخرجه مسلم . و تابعه هشيم أيضا عنه . أخرجه مسلم , و أبو يعلى في " مسنده " ( 3 / 1100 ) و عنه ابن السني في " عمل اليوم " ( 545 ) به نحوه . و تابع الأعمش منصور عن أبي الضحى بلفظ : " كان إذا أتى المريض يدعو له قال : .. " فذكره . أخرجه مسلم و النسائي ( 1011 ) و ابن ماجه ( 3520 ) . و تابع أبا الضحى إبراهيم عن مسروق بلفظ : " كان إذا أتى مريضا أو أتي به إليه قال : .. " فذكره . أخرجه البخاري ( 5675 ) و مسلم و النسائي ( 1012 - 1014 ) و أحمد ( 6 / 109 و 278 ) و أبو يعلى ( 1178 ) . و له طريق أخرى من رواية هشام بن عروة قال : أخبرني أبي عن عائشة : " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرقي .. " فذكر الدعاء . أخرجه البخاري ( 5744 ) و مسلم أيضا , و النسائي ( 1019 و 1020 ) و أحمد ( 6 / 50 ) و عبد بن حميد في " مسنده " ( ق 193 / 1 ) . قلت : و في الحديث مشروعية ترقية المريض بهذا الدعاء الشريف , و ذلك من العمل بقوله صلى الله عليه وسلم : " من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل " . رواه مسلم , و قد مضى تخريجه برقم ( 473 ) و قد ترجم له البخاري بقوله : " باب رقية النبي صلى الله عليه وسلم " , و قال الحافظ في " الفتح " ( 10 / 207 ) : " و يؤخذ من هذا الحديث أن الإضافة في الترجمة للفاعل , و قد ورد ما يدل على أنها للمفعول , و ذلك فيما أخرجه مسلم [ 7 / 13 ] عن أبي سعيد الخدري أن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا محمد ! اشتكيت ? قال : نعم . قال : بسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك , من كل نفس أو عين حاسد , الله يشفيك " . ( تنبيه ) : قوله في الحديث : " يعوذ " أي : غيره , و إليه أشار البخاري في ترجمته , و شرحه الحافظ . و هكذا وقع في كل المصادر التي سبق ذكرها و منها " مصنف ابن أبي شيبة " الذي من طريقه تلقاه ابن ماجه كما تقدم , لكن وقع فيه بلفظ : " يتعوذ " , أي هو صلى الله عليه وسلم , فاختلف المعنى , و الصواب المحفوظ الأول , و يبدو أنه خطأ قديم , فإنه كذلك وقع في كل نسخ ابن ماجه التي وقفت عليها , مثل طبعة إحياء السنة - الهندية , و الطبعة التازية , و عبد الباقي , و الأعظمي , و لعل ذلك من بعض رواة كتاب ابن ماجه , أو من بعض النساخ . و الله أعلم . و وقعت هذه اللفظة في " رياض الصالحين " في النسخ المطبوعة التي وقفت عليها , منها طبعة المكتب الإسلامي التي حققت و بينت مراتب أحاديثها ( رقم 906 ) بلفظ " يعود " من عيادة المريض , و كذلك وقع في متن و شرح ابن علان ( 3 / 381 ) المسمى بـ " دليل الفالحين " , فتنبه و لا تكن من الغافلين . 2776 " ما من مسلم تدرك له ابنتان فيحسن إليهما ما صحبتاه أو صحبهما إلا أدخلتاه الجنة " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 644 : أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " ( ص 14 ) و ابن ماجه ( 2 / 391 ) و الحاكم ( 4 / 178 ) و أحمد ( رقم 2104 و 3424 ) و ابن حبان ( 2043 ) و الضياء في " المختارة " ( 61 / 266 / 2 - 267 / 1 ) من طريق شرحبيل بن سعد عن # ابن عباس # مرفوعا به . و قال الحاكم : " صحيح الإسناد " . و تعقبه الذهبي بقوله : " قلت : شرحبيل واه " . و هو كما قال الذهبي رحمه الله , فإن شرحبيل هذا تكلم فيه من وجهين : الاتهام , و الاختلاط . ففي " الميزان " : " عن ابن أبي ذئب قال : كان شرحبيل بن سعد متهما , و قال ابن معين : ضعيف , و عن مالك : ليس بثقة , و عن سفيان قال : لم يكن أحد أعلم بالبدريين منه , أصابته حاجة و كانوا يخافون إذا جاء إلى الرجل يطلب منه الشيء فلم يعطه أن يقول : " لم يشهد أبوك بدرا " ! و قال أبو زرعة : فيه لين , و قال ابن سعد : بقي حتى اختلط و احتاج , ليس يحتج به , و قال النسائي و الدارقطني : ضعيف . زاد الثاني : يعتبر به , و ذكره ابن حبان في " ثقاته " , و قال ابن عدي : عامة ما يرويه أنكار , و هو إلى الضعف أقرب " . و أورده ابن البرقي في " باب من كان الأغلب عليه الضعف " كما في " تهذيب التهذيب " . فاعجب بعد هذا لقول الشيخ أحمد محمد شاكر في تعليقه على المسند بعد أن ساق قول سفيان المتقدم : " فهذا هو السبب عندي في تضعيف من ضعفه فالإنصاف أن تعتبر رواياته فيما يتعلق بمثل هذا الذي اتهم به , و أما أن ترد رواياته كلها فلا , إذا كان صدوقا " ! و بناء على ذلك صرح بأن إسناد حديثه هذا صحيح ! و لا يخفى على اللبيب أن ما ذهب إليه من السبب إنما هي دعوى لا دليل عليها , ثم لو صحت , لكان هناك السبب الآخر لا يزال قائما و مانعا من الاحتجاج بحديثه ألا و هو الاختلاط , و كأنه لذلك وقعت في أحاديثه النكارة كما أشار إلى ذلك ابن عدي , و تصحيح حديثه و رواياته لازمه رد أقوال أولئك الأئمة الجارحين بسبب بين , و ذاك لا يجوز كما تقرر في مصطلح الحديث . إذا علمت هذا فلا تغتر بقول المنذري في " الترغيب " ( 3 / 83 ) : " رواه ابن ماجه بإسناد صحيح , و ابن حبان في صحيحه من رواية شرحبيل عنه " . و لهذا قال الحافظ الناجي في " عجالة الإملاء " ( ق 169 / 2 ) في رده عليه : " اغتر بابن حبان و الحاكم في تصحيح سنده , و فيه شرحبيل بن سعد المدني أبي سعد المدني , و هو صدوق اختلط بأخرة , و فيه كلام معروف , و قد ذكره المصنف في الرواة المختلف فيهم آخر هذا الكتاب و جرحه , و ذكر أن ابن حبان ذكره في " الثقات " , و أخرج له في صحيحه " غير ما حديث , و لعل هذا هو الذي غره " . فالحق أن الرجل ضعيف لا يحتج به , و لعله ممن يستشهد به . و أنا أرى أن حديثه هذا ليس بالمنكر , بل هو جيد لأن له شواهد كثيرة تقدم ذكر بعضها في المجلد الأول ( 294 - 297 ) , أقربها حديث مسلم " من عال جاريتين حتى تبلغا , جاء يوم القيامة أنا و هو , و ضم أصابعه " , و مضى برقم ( 297 ) و لفظه عند البخاري في " الأدب المفرد " ( 894 ) : " .. أنا و هو في الجنة كهاتين " . 2777 " إذا وقعت الملاحم بعث الله بعثا من الموالي [ من دمشق ] هم أكرم العرب فرسا و أجوده سلاحا , يؤيد الله بهم الدين " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 646 : أخرجه ابن ماجه ( 4090 ) و الحاكم ( 4 / 548 ) و ابن عساكر في " تاريخ دمشق " ( 1 / 258 - 260 ) من طريق عثمان بن أبي عاتكة : حدثنا سليمان بن حبيب المحاربي عن # أبي هريرة # رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : فذكره . و قال الحاكم : " صحيح على شرط البخاري " . قلت : و وافقه الذهبي , لكن وقع في " تلخيصه " ( م ) يعني على شرط مسلم ! و الأول أقرب إلى الصواب , لأن مسلما لم يخرج لعثمان هذا , و البخاري إنما أخرج له في " الأدب المفرد " . ثم إن إسناده غير قابل للصحة , و أما الحسن فمحتمل لأنه - أعني عثمان - مختلف فيه كما قال البوصيري في " الزوائد " ( 274 / 2 - مصورة المكتب ) و حسن إسناده ! و قال الذهبي في " الضعفاء " : " صويلح , ضعفه النسائي و غيره " . و في " الكاشف " : " ضعفه النسائي , و وثقه غيره " . و قال الحافظ في " التقريب " : " ضعفوه في روايته عن علي بن يزيد الألهاني " . قلت : فهو حسن الحديث في غير روايته عن الألهاني . و الله أعلم . 2778 " هلاك أمتي في الكتاب و اللبن . قالوا : يا رسول الله ما الكتاب و اللبن ? قال : يتعلمون القرآن فيتأولونه على غير ما أنزل الله عز وجل , و يحبون اللبن فيدعون الجماعات و الجمع , و يبدون " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 647 : أخرجه الإمام أحمد ( 4 / 155 ) : حدثنا أبو عبد الرحمن حدثنا ابن لهيعة عن أبي قبيل قال : لم أسمع من عقبة بن عامر إلا هذا الحديث , قال ابن لهيعة : و حدثنيه يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن # عقبة بن عامر الجهني # قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : فذكره . و أخرجه ابن عبد الحكم في " فتوح مصر " ( 293 ) : حدثناه المقرىء و أبو الأسود النضر بن عبد الجبار عن ابن لهيعة عن أبي قبيل وحده . قلت : و هذا الحديث من أحاديث ابن لهيعة الصحيحة , لأنه من رواية أبي عبد الرحمن عنه , و اسمه عبد الله بن يزيد المقرىء المكي , و هو ثقة من رجال الشيخين و من كبار شيوخ البخاري , و قد ذكروا أنه من العبادلة الذين رووا عن ابن لهيعة قبل احتراق كتبه و أنه صحيح الحديث فيما رووه عنه . و قد روى هذا بإسنادين : الأول : عن أبي قبيل عن عقبة . و الآخر : عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن عقبة . و هذا إسناد صحيح , لأن من فوق ابن لهيعة ثقتان من رجال الشيخين أيضا , و أبو الخير اسمه مرثد بن عبد الله اليزني . و أما إسناده الأول فحسن لأن أبا قبيل و اسمه حيي بن هاني المعافري وثقه جماعة منهم أحمد , و ضعفه بعضهم , و قال الحافظ في " التقريب " : " صدوق يهم " . فهو حسن الحديث على الأقل , و الله أعلم . و الحديث أخرجه الفسوي في " التاريخ " ( 2 / 507 ) و أبو يعلى في " مسنده " ( 2 / 284 رقم 1746 ط ) و الهروي في " ذم الكلام " ( 2 / 28 / 1 ) و ابن عبد البر في " جامع بيان العلم " ( 2 / 193 ) كلهم عن عبد الله بن يزيد به , إلا أن الهروي زاد في الإسناد بين ابن لهيعة و أبي قبيل : عقبة الحضرمي , و هي زيادة شاذة لتصريح الجماعة في روايتهم بسماع ابن لهيعة لهذا الحديث من أبي قبيل , و لو صحت لم تضر لأن عقبة هذا - و هو ابن مسلم التجيبي - ثقة بلا خلاف . ثم أخرجه أحمد ( 4 / 146 ) و الطبراني في " المعجم الكبير " ( 17 / 296 / 816 ) من طريقين آخرين عن ابن لهيعة به دون ذكر عقبة الحضرمي . و تابعه أبو السمح عند أحمد ( 4 / 156 ) و من طريق ابن عبد البر , و الطبراني ( 818 ) , و لفظه مخالف لحديث الترجمة , و لذلك خرجته في " الضعيفة " ( 1779 ) . و الليث - و هو ابن سعد - عند الطبراني ( 815 ) و ابن عبد البر . و مالك بن الخير الزيادي عند الطبراني ( 817 ) . فهذه المتابعات من هؤلاء لابن لهيعة تؤكد أنه قد حفظ هذا الحديث , فالحمد لله . ( فائدة ) : ترجم ابن عبد البر لهذا الحديث بقوله : " باب فيمن تأول القرآن أو تدبره و هو جاهل بالسنة " . ثم قال تحته : " أهل البدع أجمع أضربوا عن السنن , و تأولوا الكتاب على غير ما بينت السنة , فضلوا و أضلوا . نعوذ بالله من الخذلان , و نسأله التوفيق و العصمة " . قلت : و من ضلالهم تغافلهم عن قوله تعالى في كتابه موجها إلى نبيه صلى الله عليه وسلم : *( و أنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم )* . ثم إن الحديث عزاه السيوطي في " الجامع الكبير " لـ ( حم , هب , و أبو نصر السجزي في " الإبانة " عن عقبة بن عامر ) . و لم يورده في " الجامع الصغير " . ( تنبيه ) : وقع من بعضهم حول هذا الحديث أوهام لابد من بيانها : لقد ضعفه الهيثمي في " مجمع الزوائد " بقوله ( 8 / 104 - 105 ) : " رواه أحمد , و فيه ابن لهيعة و هو لين , و بقية رجاله ثقات " . قلت : فخفي عليه أمران : الأول : أن ابن لهيعة صحيح الحديث في رواية العبادلة عنه , و هذا من رواية أحدهم , و هو أبو عبد الرحمن المقرىء كما تقدم . و الآخر : أن ابن لهيعة لم يتفرد به بل تابعه الليث بن سعد و غيره كما سبق بيانه . و قلده في هذا كله المعلق على "مسند أبي يعلى " السيد حسين سليم أسد , فقال ( 3 / 285 ) : " إسناده ضعيف لضعف ابن لهيعة , و أبو عبد الرحمن هو عبد الله بن يزيد المقرىء " !! و قوله : ( يبدون ) أي يخرجون إلى البادية لطلب مواضع اللبن في المراعي , كما في " النهاية " . 2779 " احبس عليك مالك . قاله لمن أراد أن يتصدق بحلي أمه و لم توصه " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 650 : أخرجه الطبراني ( 17 / 281 / 773 ) من طريقين عن وهب بن جرير : حدثني أبي قال : سمعت يحيى بن أيوب يحدث عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير مرثد بن عبد الله اليزني عن # عقبة بن عامر # قال : أتى رجل النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إن أمي توفيت و تركت حليا و لم توص , فهل ينفعها إن تصدقت عنها ? فقال : فذكره . قلت : و هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين , و يحيى بن أيوب هو الغافقي , قال الحافظ : " صدوق ربما أخطأ " . و قد تابعه ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب به نحوه , و لفظه : " .. أفأتصدق به عنها ? قال : أمك أمرتك بذلك ? قال : لا . قال : فأمسك عليك حلي أمك " . أخرجه أحمد ( 4 / 157 ) . ثم أخرجه من طريق رشدين : حدثني عمرو بن الحارث و الحسن بن ثوبان عن يزيد بن أبي حبيب به مختصرا . قلت : و هذا الحديث من صحيح حديث ابن لهيعة أيضا للمتابعات المذكورة . من فقه الحديث : و اعلم أن ظاهر الحديث يدل أنه ليس للولد أن يتصدق عن أمه إذا لم توص . و قد جاءت أحاديث صريحة بخلافه , منها حديث ابن عباس : أن سعد بن عبادة قال : يا رسول الله ! إن أمي توفيت - و أنا غائب عنها - فهل ينفعها إن تصدقت بشيء عنها ? قال : نعم . و هو مخرج في " أحكام الجنائز " ( ص 172 ) و " صحيح أبي داود " ( 2566 ) و في معناه أحاديث أخرى مذكورة هناك . أقول : فلعل الجمع بينه و بينها أن يحمل على أن الرجل السائل كان فقيرا محتاجا , و لذلك أمره بأن يمسك ماله . و يؤيده أنه صلى الله عليه وسلم لم يجبه على سؤاله : فهل ينفعها إن تصدقت عنها ? بقوله مثلا : " لا " , و إنما قال له : " احبس عليك مالك " , أي لحاجته إليه . هذا ما بدا لي . و الله أعلم . 2780 " كنا إذا كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر , فقلنا : زالت الشمس , أو لم تزل صلى الظهر ثم ارتحل " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 652 : أخرجه الإمام أحمد ( 3 / 113 ) : حدثنا أبو معاوية حدثنا مسحاج الضبي قال : سمعت # أنس بن مالك # يقول : فذكره . قلت : و هذا إسناد صحيح ثلاثي من ثلاثيات أحمد رحمه الله تعالى , و أخرجه أبو داود عن طريق مسدد : حدثنا أبو معاوية به . و قد أوردته في " صحيح أبي داود " برقم ( 1087 ) منذ سنين , ثم وقفت على كلام لابن حبان يصرح فيه بإنكار الحديث , فرأيت أنه لابد من تحقيق الكلام عليه , فأقول : قال ابن حبان في ترجمة مسحاج بن موسى الضبي من كتابه " الضعفاء " ( 3 / 32 ) : " روى حديثا واحدا منكرا في تقديم صلاة الظهر قبل الوقت للمسافر - لا يجوز الاحتجاج به " ! ثم قال : " سمعت أحمد بن محمد بن الحسين : سمعت الحسن بن عيسى : قلت لابن المبارك : حدثنا أبو نعيم بحديث حسن . قال : ما هو ? قلت : حدثنا أبو نعيم عن مسحاج .. ( فذكر الحديث ) , فقال ابن المبارك : و ما حسن هذا الحديث ?! أنا أقول : كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي قبل الزوال و قبل الوقت ?! " . قلت : و هذا إن صح عن ابن المبارك , فهو عجيب من مثل هذا الإمام , فإن الحديث ليس فيه الإخبار عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي قبل الزوال .. و إنما فيه أن الصحابة أو بعضهم كانوا إذا صلى النبي صلى الله عليه وسلم الظهر , يشكون هل زالت الشمس أم لا , و ما ذلك إلا إشارة من أنس إلى أنه إلى أنه صلى الله عليه وسلم كان يصليها في أول وقتها بعد تحقق دخوله كما أفاده الشيخ السفاريني في " شرح ثلاثيات مسند أحمد " ( 2 / 196 ) و نحوه ما في " عون المعبود " ( 1 / 467 ) : " أي : لم يتيقن أنس و غيره بزوال الشمس و لا بعدمه , و أما النبي صلى الله عليه وسلم فكان أعرف الناس للأوقات , فلا يصلي الظهر إلا بعد الزوال , و فيه الدليل إلى مبادرة صلاة الظهر بعد الزوال معا من غير تأخير " . و قد بوب أبو داود للحديث بقوله : " باب المسافر يصلي و هو يشك في الوقت " , و علق عليه صاحب " العون " فقال : " هل جاء وقت الصلاة أم لا ? فلا اعتبار لشكه , و إنما الاعتماد في معرفة الأوقات على الإمام , فإن تيقن الإمام بمجيء الوقت , فلا يعتبر بشك بعض الأتباع " . و قوله : " على الإمام " , و أقول : أو على من أنابه الإمام من المؤذنين المؤتمنين الذين دعا لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمغفرة , و هو الذين يؤذنون لكل صلاة في وقتها , و قد أصبح هؤلاء في هذا الزمن أندر من الكبريت الأحمر , فقل منهم من يؤذن على التوقيت الشرعي , بل جمهورهم يؤذنون على التوقيت الفلكي المسطر على التقاويم و ( الروزنامات ) , و هو غير صحيح لمخالفته للواقع , و في هذا اليوم مثلا ( السبت 20 محرم سنة 1406 ) طلعت الشمس من على قمة الجبل في الساعة الخامسة و خمس و أربعين دقيقة , و في تقويم وزارة الأوقاف أنها تطلع في الساعة الخامسة و الدقيقة الثالثة و الثلاثين ! هذا و أنا على ( جبل هملان ) , فما بالك بالنسبة للذين هم في ( وسط عمان ) ? لا شك أنه يتأخر طلوعها عنهم أكثر من طلوعها على ( هملان ) . و مع الأسف فإنهم يؤذنون للفجر هنا قبل الوقت بفرق يتراوح ما بين عشرين دقيقة إلى ثلاثين , و بناء عليه ففي بعض المساجد يصلون الفجر ثم يخرجون من المسجد و لما يطلع الفجر بعد , و لقد عمت هذه المصيبة كثيرا من البلاد الإسلامية كالكويت و المغرب و الطائف و غيرها , و يؤذنون هنا للمغرب بعد غروب الشمس بفرق 5 - 10 دقائق . و لما اعتمرت في رمضان السنة الماضية صعدت في المدينة إلى الطابق الأعلى من البناية التي كنت زرت فيها أحد إخواننا لمراقبة غروب الشمس و أنا صائم , فما أذن إلا بعد غروبها بـ ( 13 دقيقة ) ! و أما في جدة فقد صعدت بناية هناك يسكن في شقة منها صهر لي , فما كادت الشمس أن تغرب إلا و سمعت الأذان . فحمدت الله على ذلك . هذا , و إذا عرفت معنى الحديث و أنه ليس فيه ما زعمه ابن حبان من تقديم صلاة الظهر قبل الوقت للمسافر , سقط قوله : أن الحديث منكر , و أن راويه مسحاج لا يحتج به , و لاسيما و قد وثقه من هو أعلى كعبا منه في هذا الفن , فقد ذكر ابن أبي حاتم في كتابه ( 4 / 1 / 430 ) أن يحيى بن معين قال فيه : ثقة . و قال أبو زرعة : لا بأس به , و في " الميزان " و " التهذيب " عن أبي داود أنه قال أيضا : ثقة . و إن مما يقرب لك معنى الحديث , و أنه لا نكارة فيه , علاوة على ما سبق من البيان ما رواه البخاري ( 1683 ) من طريق إسرائيل عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن ابن يزيد عن ابن مسعود أنه قدم ( جمعا ) .. فصلى الفجر حين طلع الفجر , قائل يقول : طلع الفجر , و قائل يقول : لم يطلع الفجر .. الحديث . و أبو إسحاق و إن كان اختلط , فهو شاهد جيد لما نحن فيه . و بعد , فإنما قلت في إسناد ابن حبان : " إن صح .. " , لأنني لم أعرف شيخه أحمد ابن محمد بن الحسين , و قد روى له في " صحيحه " , و رأيت له في " موارد الظمآن في زوائد ابن حبان " ثلاثة أحاديث ( 823 و 2327 و 2360 ) , و وصفه في الثاني منهما بـ " نافلة الحسين بن عيسى " , أي ولد ولده . فالله سبحانه و تعالى أعلم . ثم رأيت الذهبي قد ترجمه في " السير " ( 14 / 405 - 406 ) و وصفه بأنه " الماسرجسي , الإمام المحدث العالم الثقة .. سبط الحسن بن عيسى .. " . ( تنبيه ) : وقع الحديث في " الضعفاء " بلفظ : " صلاة الظهر " , مكان " صلى الظهر " , فقال محققه محمود إبراهيم زايد : " هكذا في المخطوطة , و لم أعثر عليه فيما لدي من المراجع , و يشبه أن يكون الأصل : فصلى صلاة الظهر " ! قلت : هكذا فليكن التحقيق ! أليس عندك " سنن أبي داود " على الأقل لتصحح عليه ?! و الصواب : " صلى الظهر " , و أنا أظن أن لفظة " صلى " تحرف على الناسخ إلى " صلاة " ! 2781 " كان يسمر مع أبي بكر في الأمر من أمر المسلمين , و أنا معهما . أي عمر " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 655 : أخرجه الترمذي ( رقم 169 ) و ابن حبان ( 276 ) و البيهقي ( 1 / 452 ) و أحمد ( 1 / 25 ) من طريق أبي معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن # عمر بن الخطاب # قال : فذكره . و قال الترمذي : " حديث حسن , و قد روى هذا الحديث الحسن بن عبيد الله عن إبراهيم عن علقمة عن رجل من جعفي يقال له : " قيس " أو " ابن قيس " عن عمر بن الخطاب عن النبي صلى الله عليه وسلم هذا الحديث في قصة طويلة " . قلت : وصله البيهقي من طريق عبد الواحد بن زياد : حدثنا الحسن بن عبيد الله به , قال : " فذكر القصة بمعناه , إلا أنه لم يذكر قصة السمر " . و كذلك وصله أحمد ( 1 / 38 ) من هذا الوجه . لكنه رواه من طريق أبي معاوية أيضا قال - عطفا على الرواية الأولى - : و حدثنا الأعمش عن خيثمة عن قيس بن مروان أنه - أي عمر رضي الله عنه - قال : .. فذكر القصة , و فيها حديث الترجمة . قلت : و هذا إسناد صحيح , رجاله كلهم ثقات من رجال " التهذيب " . و روى الحاكم ( 3 / 318 ) طرفا من القصة من طريق سفيان عن الأعمش مثل رواية أبي معاوية الأولى , و قال : " صحيح على شرط الشيخين " ! و وافقه الذهبي ! و لم يتنبها للانقطاع الذي بينته رواية الحسن بن عبيد الله . و للحديث شاهد من رواية كميل بن زياد عن علي رضي الله عنه بمعناه . أخرجه الحاكم ( 3 / 317 ) و صححه . و وافقه الذهبي . 2782 " يخرج من ( عدن أبين ) اثنا عشر ألفا ينصرون الله و رسوله , هم خير من بيني و بينهم " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 656 : أخرجه أحمد في " مسنده " ( 1 / 333 ) : حدثنا عبد الرزاق عن المنذر بن النعمان الأفطس قال : سمعت وهبا يحدث عن # ابن عباس # قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره . قال لي معمر : " اذهب فاسأله عن هذا الحديث " . و من طريق أحمد أخرجه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " ( 17 / 474 / 1 ) و الطبراني في " المعجم الكبير " ( 11 / 56 / 11029 ) من طريق عبد الرزاق , و كذا ابن أبي حاتم في ترجمة منذر بن النعمان ( 4 / 1 / 242 - 243 ) و روى عن ابن معين أنه قال : " ثقة " , لكن وقع الحديث عنده موقوفا ليس فيه " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " , فلا أدري أسقط ذلك من بعض النساخ , أو الرواية هكذا وقعت له , و على كل فالحديث مرفوع يقينا للمصادر التي رفعته , و لأنه في حكم المرفوع , فإنه من الأمور الغيبية التي لا مدخل للرأي فيها . و السند صحيح لأن رجاله ثقات رجال الشيخين غير المنذر هذا , و قد وثقه ابن معين كما رأيت , و ذكره ابن حبان في أتباع التابعين من " ثقاته " ( 7 / 481 ) , و قد وثقه الإمام أحمد أيضا , و هذا من النفائس التي وقفت عليها - بفضله تعالى - في بعض المخطوطات المحفوظة في المكتبة الظاهرية بدمشق الشام حرسها الله تعالى , فقد ذكر الحديث ابن قدامة في " المنتخب " ( 10 / 194 / 2 ) من طريق حنبل : حدثنا أبو عبد الله حدثنا عبد الرزاق .. إلخ . قال أبو عبد الله : " المنذر بن النعمان ثقة صنعاني , ليس في حديثه مسند غير هذا " . و هذه فائدة عزيزة , فشد يديك عليها . هذا , و لم يتفرد عبد الرزاق به , فقد تابعه معتمر بن سليمان عن المنذر به . أخرجه أبو يعلى في " المسند " ( 2 / 636 ) و الحسن بن علي الجوهري في " فوائد منتقاة " ( ق 28 / 2 ) , و زاد أبو يعلى : " قال المعتمر : أظنه قال : في الأعماق " . و تابعه أيضا محمد بن الحسن بن أتش الصنعاني : حدثنا منذر بن الأفطس . أخرجه ابن عدي في " الكامل " ( 6 / 2184 ) قال : حدثنا محمد بن الحسن بن محمد بن زياد حدثنا علي بن بحر البري حدثنا محمد بن الحسن بن أتش الصنعاني به . و من طريق ابن عدي أورده ابن الجوزي في " الأحاديث الواهية " , و تعلق بما لا يصلح له , فقال ( 1 / 306 - 307 ) : " هذا حديث لا يصح , فإن محمد بن الحسن بن أتش مجروح , قال : ابن حماد : هو متروك الحديث . و محمد بن الحسن بن محمد بن زياد قال فيه طلحة بن محمد بن جعفر : كان يكذب " . فأقول : هذا التجريح لا قيمة له البتة , و ذلك من وجهين : الأول : أنهما لم يتفردا بالحديث كما قدمنا , و من العجيب الغريب أن يخفى ذلك على ابن الجوزي أو على الأقل بعضه .. و هو في " مسند أحمد " بسند صحيح كما تقدم . و الآخر : أن ابن أتش لا يبلغ أمره أن يترك , فإنه قد وثقه جمع منهم أبو حاتم , و مخالفة ابن حماد - و هو الدولابي مؤلف الكنى - متكلم فيه , كما في " الميزان " و " اللسان " , فتجريحه لا ينهض لمعارضته توثيق أبي حاتم , و لاسيما و هذا معدود من المتشددين ! و كذلك يقال عن قول الأزدي فيه مثل قول الدولابي فإنه مطعون فيه . نعم قد وافقهما النسائي كما في " التهذيب " , لكن رد ذلك الحافظ أحمد بن صالح فقال : " هو ثقة , و كلام النسائي فيه غير مقبول " . قال الحافظ عقبه : " لأن أحمد و علي بن المديني لا يرويان إلا عن مقبول , مع قول أحمد بن صالح فيه " . و لذلك قال الحافظ في " التقريب " : " صدوق فيه لين " . و مثله محمد بن الحسن بن زياد , فقد قال فيه الذهبي و العسقلاني : " هو صدوق , أخطأ في حقه من كذبه , و لكن ما هو بعمدة " . قلت : و بالجملة لو أن الحديث لم يأت إلا من طريقهما لكان ضعيفا , أما و قد جاء من طريق بعض الثقات فحديثهما يصلح في الشواهد و المتابعات . و الله ولي التوفيق . 2783 " استتروا في صلاتكم ( و في رواية : ليستتر أحدكم في صلاته ) و لو بسهم " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 659 : أخرجه ابن خزيمة في " صحيحه " رقم ( 810 ) و أبو يعلى ( 2 / 239 / 941 ) و الحاكم ( 1 / 552 ) و البيهقي ( 2 / 270 ) و ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 1 / 278 ) و أحمد ( 3 / 404 ) و الطبراني في " المعجم الكبير " ( 7 / 133 - 134 ) و البغوي في " شرح السنة " ( 2 / 403 ) و حسنه عن جمع من الثقات : إبراهيم بن سعد و حرملة بن عبد العزيز و زيد بن الحباب و سبرة أخي حرملة و يعقوب بن إبراهيم , خمستهم عن عبد الملك بن الربيع بن # سبرة # عن أبيه عن جده قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره . و قال الحاكم : " صحيح على شرط مسلم " . و وافقه الذهبي . قلت : و فيه نظر من ناحيتين : الأولى : أن عبد الملك هذا قال أبو الحسن بن القطان : " لم تثبت عدالته ,و إن كان مسلم أخرج له , فغير محتج به " . قال الحافظ في " التهذيب " عقبه : " و مسلم إنما أخرج له حديثا واحدا في المتعة متابعة " . قلت : فليس هو على شرط مسلم إلا إن توبع . قال الحافظ أيضا : " قلت : وثقه العجلي , قال أبو خيثمة : سئل ابن معين عن أحاديث عبد الملك عن أبيه عن جده ? فقال : ضعاف " . قلت : و هذا الإطلاق غير مسلم له على إطلاقه على الأقل , فإن الإمام أحمد و الطبراني ساقا له مع هذا الحديث حديثين آخرين أحدهما في أمر الصبي بالصلاة و هو ابن سبع , و الآخر في النهي عن الصلاة في أعطان الإبل , و زاد الطبراني ثالثا في النهي عن متعة النساء , و هذا في صحيح مسلم من طريق آخر عن الربيع بن سبرة , و هو الذي أشار إليه الحافظ آنفا , و حديث الأعطان له شواهد مخرج بعضها في " صحيح أبي داود " ( 177 ), و حديث الصبي كذلك و هو مخرج في " الإرواء " ( 247 ) و " صحيح أبي داود " ( 508 ) و قد صححه جمع كالترمذي و الحاكم و ابن خزيمة و النووي و الذهبي , فكيف يصح أن يقال : " أحاديثه ضعاف " ?! فلم يبق النظر إلا في حديث الترجمة , - و هي الناحية الأخرى - و قد يبدو - بادي الرأي - أنه ضعيف من أجل ما قيل في عبد الملك هذا , و هو الذي كنت ذهبت إليه قديما , فأوردته في الكتاب الآخر برقم ( 2760 ) , ثم تنبهت لحقيقتين هامتين : الأولى : توثيق العجلي إياه , و هو و إن كان متساهلا في التوثيق في نقدي , فهو في ذلك كابن حبان عندي , إلا أنه قد اقترن معه تصحيح ابن خزيمة و الحاكم و الذهبي لهذا الحديث , و أقره على تصحيحه الإمام النووي في " المجموع " ( 3 / 248 - 249 ) و تصحيحهم جميعا و معهم الترمذي لحديث الصبي كما تقدم , و ذلك يعني أن عبد الملك ثقة عندهم كما هو ظاهر . و الأخرى : تصريح الإمام الذهبي بذلك , فقال في " الميزان " : " صدوق إن شاء الله , ضعفه يحيى بن معين فقط " . و قال في " الكاشف " : " ثقة " . فلم يعتد بتضعيف ابن معين , و لا بتجهيل ابن القطان . و وجهه عندي اعتداده برواية هؤلاء الثقات عنه , مع عدم وجود أي منكر في مروياته , فالنفس تطمئن - و الحالة هذه - لقبول ما تفرد به إلا إذا خالف الثقات , و هو في هذا الحديث لم يخالف , بل وافق ما هو مشهور من صلاته صلى الله عليه وسلم إلى الحربة , و هو مخرج في كتابي " إرواء الغليل " ( 504 ) . ثم إن للحديث شاهدا , و لكنه مما لا يفرح به لشدة ضعفه , لأنه يرويه محمد بن القاسم الأسدي : حدثنا ثور بن يزيد عن يزيد بن يزيد بن جابر عن مكحول عن يزيد ابن جابر عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ : " يجزىء من السترة مثل مؤخرة الرحل و لو بدق شعرة " . أخرجه ابن خزيمة ( 808 ) و الحاكم و قال : " صحيح على شرط الشيخين " ! و وافقه الذهبي ! و قال ابن خزيمة : " أخاف أن يكون محمد بن القاسم وهم في رفع هذا الخبر " . قلت : يشير إلى ما رواه عبد الرزاق في " المصنف " ( 2290 ) عن الثوري عن يزيد ابن يزيد بن جابر عن أبيه عن أبي هريرة قال : فذكره . ثم رواه عن معمر عن إسماعيل بن أمية رفع الحديث إلى أبي هريرة قال : فذكره موقوفا أيضا . قلت : و هذا متصل , و ما قبله معضل , لكن يزيد بن جابر , كأنه مجهول , فإن البخاري و ابن أبي حاتم لم يذكرا عنه راويا سوى مكحول , و مع ذلك ذكره ابن حبان في " الثقات " ( 5 / 535 ) ! و لذا قال ابن القطان : " لا يعرف " . و أما قول الحافظ العراقي كما نقله العسقلاني في " اللسان " : " هو معروف الحال " ! فهو غير واضح , ما دام أنه لا يعرف إلا بهذه الرواية المرفوعة و الموقوفة و قد أخرج الأولى منها ابن عدي أيضا في " الكامل " ( 6 / 2253 - 2254 ) و الطبراني في " مسند الشاميين " ( ص 123 - مصورة الجامعة الإسلامية ) , و وقع في مطبوعة " الكامل " : " و لو بدق شعره " ! و هذا من التحريفات الكثيرة التي وقعت في هذه المطبوعة بتحقيق لجنة من المختصين بإشراف الناشر ! و صلى الله على محمد القائل : " يسمونها بغير اسمها " ! ( تنبيه ) : سبق أن ذكرت أن الحاكم قال : " صحيح على شرط مسلم " , و قد سقطت هذه العبارة من مطبوعة " المستدرك " , فاستدركتها من " المجموع " للنووي , و قد بقي في " تلخيص المستدرك " ما يدل على أنها ثابتة في أصله : " المستدرك " و هو قوله : " على شرط " ! فسقط منه لفظة " مسلم " , و منه أخذت موافقة الذهبي على التصحيح . و الله سبحانه و تعالى أعلم . 2784 " كلوه - يعني الثوم - , فإني لست كأحدكم , إني أخاف أن أوذي صاحبي . [ يعني الملك ] " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 663 : أخرجه أحمد ( 6 / 433 و 462 ) و الحميدي ( 339 ) و ابن أبي شيبة ( 8 / 301 / 4530 ) و من طريقه ابن ماجه ( 3364 ) قالوا ثلاثتهم : حدثنا سفيان ابن عيينة : حدثنا عبيد الله بن أبي يزيد أخبره أبوه قال : نزلت على # أم أيوب # الذين نزل عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم , نزلت عليها فحدثتني بهذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنهم تكلفوا طعاما فيه بعض البقول , فقربوه , فكرهه , و قال لأصحابه : فذكره . و الزيادة لأحمد . و أخرجه الترمذي ( 6 / 107 / 1811 ) و الدارمي ( 2 / 102 ) و ابن خزيمة في " صحيحه " ( 1671 ) و من طريقه ابن حبان ( 3 / 264 / 2090 ) من طرق أخرى عن سفيان به . و قال الترمذي : " حديث حسن صحيح غريب , و أم أيوب هي امرأة أبي أيوب الأنصاري " . قلت : و رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي يزيد والد عبيد الله و هو المكي , لم يوثقه غير ابن حبان , لكنه لم يتفرد به , فقد صح عن أبي أيوب نحوه . رواه مسلم و غيره , و هو مخرج في " الإرواء " ( رقم 2511 ) . و يشهد له حديث جابر مرفوعا بلفظ : " من أكل من هذه الشجرة النتنة ( و في رواية : البصل و الثوم و الكراث ) فلا يقربن مسجدنا , فإن الملائكة تأذى مما يتأذى منه الإنس , و في رواية : بنو آدم " . أخرجه مسلم و غيره , و هو مخرج أيضا في المصدر السابق ( 547 ) . ثم روى مسلم نحوه من حديث أبي سعيد , و زاد فيه ابن خزيمة ( 1667 ) : " و إنه يأتيني [ من أناجي ] من الملائكة , فأكره أن يشموا ريحها " . و إسناده صحيح على شرط مسلم , و ما بين المعقوفتين في الأصل نقط .. و علق عليها محققه بقوله : " كلمة غير واضحة في المصورة لعلها مناجي " . و أقول : و لعل الأقرب ما أثبته . و الله أعلم . ( تنبيه ) الحديث عزاه الحافظ في " الفتح " ( 13 / 332 ) لمسلم و هو سبق ذهن أو قلم , فقد أحال بذلك إلى مكان تقدم , و هو هناك عزاه ( 2 / 342 ) لابن خزيمة و ابن حبان فأصاب , و لكنه قصر لعدم عزوه للسنن ! 2785 " من فارق الروح الجسد و هو بريء من ثلاث دخل الجنة : الكبر و الدين و الغلول " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 664 : هو من حديث قتادة عن سالم بن أبي الجعد عن معدان بن أبي طلحة عن # ثوبان # قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره . و قد رواه عنه جمع من الثقات هكذا , فلنذكر أسانيدهم : 1 و 2 - قال أحمد ( 5 / 276 و 282 ) : حدثنا عفان حدثنا همام و أبان قالا : حدثنا قتادة به . ثم رواه ( 5 / 277 ) : حدثنا يزيد عن همام به . 3 - سعيد بن أبي عروبة عن قتادة به . أخرجه أحمد ( 5 / 281 ) : حدثنا محمد بن بكر و عبد الوهاب قالا : حدثنا سعيد به . و أخرجه البيهقي ( 5 / 355 ) من طريق أخرى عن عبد الوهاب بن عطاء : أنبأنا سعيد به . و أخرجه الترمذي ( 1573 ) و الدارمي ( 2 / 262 ) و النسائي في " الكبرى " ( 5 / 232 / 8764 ) و ابن ماجه ( 2412 ) من طرق أخرى عن سعيد به . 4 - شعبة عن قتادة به . أخرجه ابن حبان ( 1676 ) , - ( 5 / 281 - 282 ) و ابن المظفر في " غرائب شعبة " ( ق 12 / 1 ) و ابن عساكر في " تاريخ دمشق " ( 2 / 18 / 1 ) من طرق عنه . 5 - أبو عوانة عن قتادة به . أخرجه الحاكم ( 2 / 26 ) من طريق أبي الوليد الطيالسي و عفان بن مسلم عنه . و البيهقي ( 9 / 101 - 102 ) من طريق أخرى عن أبي الوليد وحده , و قال الحاكم : " صحيح على شرط الشيخين " . و وافقه الذهبي . و خالفهما في الإسناد قتيبة بن سعيد فقال : حدثنا أبو عوانة .. فذكره , دون أن يذكر فيه معدان بن أبي طلحة . أخرجه الترمذي ( 1572 ) و قال : " و رواية سعيد أصح , يعني في الإسناد , لأنه زاد فيه رجلا و أسنده , و لم يسمع سالم من ثوبان " . قلت : و مما لا شك فيه أن رواية سعيد أصح من رواية أبي عوانة هذه لما ذكرنا لها من المتابعات , و لموافقة رواية الطيالسي و عفان عن أبي عوانة لها , و عليه فرواية قتيبة عنه شاذة . و اعلم أن كل هذه الروايات و الطرق في كل المصادر التي عزوناها إليها وقعت الخصلة الأولى من الثلاث فيه بلفظ : " الكبر " . إلا في رواية الترمذي وحده عن سعيد , فهي عنده بلفظ " الكنز " , و قال الترمذي عقبها : " قال أحمد : ( الكبر ) تصحيف , صحفه غندر محمد بن جعفر , حديث سعيد : " من فارق الروح منه الجسد .. " , و إنما هو الكنز " . فأقول : رواية محمد بن جعفر , إنما هي عن شعبة , و هي الطريق ( 4 ) عن قتادة , فأخشى أن يكون ما في " الترمذي " ( حديث سعيد ) محرفا من ( حديث شعبة ) . و حديث محمد بن جعفر عن شعبة هو في " المسند " في المكان المشار إليه هناك , و هو فيه مقرون برواية أحمد عن بهز عن شعبة , و قال في آخرها : " قال بهز : ( و الكبر ) " . و هذا القول إنما يقوله المحدثون حينما يكون هناك خلاف بين بعض الرواة في لفظ ما , و هذا من دقتهم في الرواية جزاهم الله خير الجزاء , و إذا كان ما ذكره الترمذي عن الإمام أحمد أن ابن جعفر تصحف عليه هذا اللفظ فقال : ( الكبر ) و إنما هو ( الكنز ) محفوظا , فأنا أتصور أن قول أحمد في آخر الحديث : " قال بهز : ( و الكبر ) " , أتصور أن هذا اللفظ فيه خطأ , و أن الصواب فيه ( و الكنز ) , لأن ابن جعفر هو الذي قال : ( و الكبر ) , و إن لم نقل هذا تناقض ما في " المسند " مع نقل الترمذي عن أحمد . و الله أعلم . و بالجملة فسواء كان هذا أو ذاك , فادعاء أن لفظة ( الكبر ) محرفة عن ( الكنز ) من محمد بن جعفر يدفعها الطرق الأخرى عن شعبة من جهة , و موافقتها للطرق الأخرى من جهة أخرى , فإنها كلها متفقة على اللفظ الأول ( الكبر ) , إلا إن قال قائل : إنها جميعها محرفة ! و هذا مما لا يتصور أن يصدر من عاقل . و لعله لما ذكرنا من التحقيق تتابع العلماء على إيراد الحديث بهذا اللفظ المحفوظ ( الكبر ) , فذكره البغوي في " شرح السنة " تعليقا ( 11 / 118 ) و المنذري في " الترغيب " ( 2 / 188 و 3 / 32 و 4 / 15 ) و قال : " و قد ضبطه بعض الحفاظ ( الكنز ) بالنون و الزاي , و ليس بمشهور " . و كذلك هو في " المشكاة " ( 2921 ) و " الزيادة على الجامع الصغير " ( صحيح الجامع 6287 ) و " الجامع الكبير " و غيرهم . 2786 " لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 667 : أخرجه الإسماعيلي في " المعجم " ( 112 / 2 ) عن شيخه العباس بن أحمد الوشا : حدثنا محمد بن الفرج , و البيهقي في " السنن " ( 4 / 316 ) من طريق محمد بن آدم المروزي , كلاهما عن سفيان بن عيينة عن جامع بن أبي شداد عن أبي وائل قال : قال # حذيفة # لعبد الله [ يعني ابن مسعود رضي الله عنه ] : [ قوم ] عكوف بين دارك و دار أبي موسى لا تغير ( و في رواية : لا تنهاهم ) ?! و قد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فذكره ?! فقال عبد الله : لعلك نسيت و حفظوا , أو أخطأت و أصابوا . قلت : و هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين , و قول ابن مسعود ليس نصا في تخطئته لحذيفة في روايته للفظ الحديث , بل لعله خطأه في استدلاله به على العكوف الذي أنكره حذيفة , لاحتمال أن يكون معنى الحديث عند ابن مسعود : لا اعتكاف كاملا , كقوله صلى الله عليه وسلم : " لا إيمان لمن لا أمانة له , و لا دين لمن لا عهد له " و الله أعلم . ثم رأيت الطحاوي قد أخرج الحديث في " المشكل " ( 4 / 20 ) من الوجه المذكور , و ادعى نسخه ! و كذلك رواه عبد الرزاق في " المصنف " ( 4 / 348 / 8016 ) و عنه الطبراني ( 9 / 350 / 9511 ) عن ابن عيينة به إلا أنه لم يصرح برفعه . و رواه سعيد ابن منصور : أخبرنا سفيان بن عيينة به , إلا أنه شك في رفعه و اختصره فقال : .. عن شقيق بن سلمة قال : قال حذيفة لعبد الله بن مسعود : قد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة , أو قال : مسجد جماعة " . ذكره عنه ابن حزم في " المحلى " ( 5 / 195 ) , ثم رد الحديث بهذا الشك . و هو معذور لأنه لم يقف على رواية الجماعة عن ابن عيينة مرفوعا دون أي شك , و هم : 1 - محمد بن الفرج , عند الإسماعيلي . 2 - محمود بن آدم المروزي , عند البيهقي . 3 - هشام بن عمار , عند الطحاوي . و كلهم ثقات , و هذه تراجمهم نقلا من " التقريب " : 1 - و هو القرشي مولاهم البغدادي , صدوق من شيوخ مسلم . 2 - صدوق من شيوخ البخاري فيما ذكر ابن عدي . 3 - صدوق مقرىء كبر فصار يتلقن , فحديثه القديم أصح , من شيوخ البخاري أيضا . قلت : فموافقته للثقتين اللذين قبله دليل على أنه قد حفظه , فلا يضرهم من تردد في رفعه أو أوقفه , لأن الرفع زيادة من ثقات يجب قبولها . ثم رأيت الفاكهي قد أخرجه في " أخبار مكة " ( 2 / 149 / 1334 ) : حدثنا سعيد بن عبد الرحمن و محمد بن أبي عمر قالا : حدثنا سفيان به . إلا أنهما لم يشكا , و هذه فائدة هامة . و هما ثقتان أيضا . و بالجملة , فاتفاق هؤلاء الثقات الخمسة على رفع الحديث دون أي تردد فيه لبرهان قاطع على أن الحديث من قوله صلى الله عليه وسلم , و أن تردد سعيد بن منصور في رفعه لا يؤثر في صحته , و لاسيما أن سياق القصة يؤكد ذلك عند إمعان النظر فيها , ذلك لأن حذيفة رضي الله عنه ما كان لينكر بمجرد رأيه على ابن مسعود رضي الله عنه سكوته عن أولئك المعتكفين في المساجد بين الدور , و هو يعلم فضله و فقهه رضي الله عنهما , فلولا أن الحديث عنده مرفوع لما تجرأ على الإنكار عليه بما لا تقوم الحجة به عليه , حتى رواية عبد الرزاق الموقوفة تؤيد ما ذكرته , فإنها بلفظ : " قوم عكوف بين دارك و دار أبي موسى لا تنهاهم ! فقال به عبد الله : فلعلهم أصابوا و أخطأت , و حفظوا و نسيت ! فقال : حذيفة : لا اعتكاف إلا في هذه المساجد الثلاثة .. " فذكرها . و مثلها رواية إبراهيم قال : " جاء حذيفة إلى عبد الله فقال : ألا أعجبك من قومك عكوف بين دارك و دار الأشعري , يعني المسجد ! قال عبد الله : و لعلهم أصابوا و أخطأت , فقال حذيفة : أما علمت أنه : لا اعتكاف إلا في ثلاثة مساجد . ( فذكرها ) , و ما أبالي أعتكف فيه أو في سوقكم هذه [ و كان الذين اعتكفوا - و عاب عليهم حذيفة - في مسجد الكوفة الأكبر ] " . أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 3 / 91 ) و السياق له , و كذا عبد الرزاق ( 4 / 347 - 348 ) و الزيادة له , و عنه الطبراني ( 9510 ) و رجاله ثقات رجال الشيخين غير أن إبراهيم - و هو النخعي - لم يدرك حذيفة . فاحتجاج حذيفة على ابن مسعود بهذه الجملة " لا اعتكاف " يشعر بأنها في موضع الحجة عنده , و إلا لم يقل له : " أما علمت.. " إلخ . و الله أعلم . و اعلم أن العلماء اختلفوا في شرطية المسجد للاعتكاف و صفته كما تراه مبسوطا في " المصنفين " المذكورين و " المحلى " و غيرهما , و ليس في ذلك ما يصح الاحتجاج به سوى قوله تعالى : *( و أنتم عاكفون في المساجد )* , و هذا الحديث الصحيح , و الآية عامة , و الحديث خاص , و مقتضى الأصول أن يحمل العام على الخاص , و عليه فالحديث مخصص للآية و مبين لها , و عليه يدل كلام حذيفة و حديثه , و الآثار في ذلك مختلفة أيضا , فالأولى الأخذ بما وافق الحديث منها كقول سعيد بن المسيب : لا اعتكاف إلا في مسجد نبي . أخرجه ابن أبي شيبة و ابن حزم بسند صحيح عنه . ثم رأيت الذهبي قد روى الحديث في " سير أعلام النبلاء " ( 15 / 80 ) من طريق محمود بن آدم المروزي : حدثنا سفيان به مرفوعا , و قال : " صحيح غريب عال " . و علق عليه الشيخ شعيب بعد ما عزاه للبيهقي و سعيد بن منصور بقوله : " و قد انفرد حذيفة بتخصيص الاعتكاف في المساجد الثلاثة " ! و هذا يبطله قول ابن المسيب المذكور , فتنبه . على أن قوله هذا يوهم أن الحديث موقوف على حذيفة , و ليس كذلك كما سبق تحقيقه , فلا تغتر بمن لا غيرة له على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يخالف , و الله عز وجل يقول : *( فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم )* . هذا , و قد كنت أوردت هذا الحديث في رسالتي " قيام رمضان " ( 36 ) و خرجته باختصار , مصرحا بصحة إسناده عن حذيفة رضي الله عنه , و أحلت في تفصيل ذلك إلى هذا الموضع من هذه السلسلة . ثم جاءني بعد سنين تحرير بتاريخ ( 13 / 7 / 1413 هـ ) - و هذا المجلد تحت الطبع - من أحد إخواننا المحبين في الله و في الغيب المشتغلين بهذا العلم الشريف كما بدا لي من خطابه , و فيه نقد منه لثلاثة أحاديث كنت صححتها في بعض مؤلفاتي منها هذا الحديث , فاهتبلتها فرصة لبيان أنه لم يصب كبد الحقيقة في إعلاله إياه من جميع طرقه , معترفا بأنه كان أديبا في كتابته , لطيفا في نقده , زد على ذلك أنه صرح في آخر رسالته أنه فعل ذلك للاستفادة مني و من بعض إخواني فجزاه الله خيرا على تواضعه , و إحسانه الظن بإخوانه . لقد تتبع الأخ - جزاه الله خيرا - طرق الحديث من مصادر كثيرة طالتها يده , و بين عللها , و سبق أن أشرت إلى بعضها , و لذلك فلن أطيل الكلام إلا في بعض النقاط الأساسية , لم يوفق هو للصواب في معالجتها , فكانت النتيجة - مع الأسف - تضعيف الحديث الصحيح , فأقول : النقطة الأولى : ضعف طريق البيهقي بمحمود بن آدم المروزي بقوله : " لم يوثقه غير ابن حبان , و ما ذكر أن البخاري أخرج له , فقد رده الحافظ في " هدي الساري " ( ص 239 ) " . و الرد على هذا من وجهين : الأول : أن رد تفرد ابن حبان بتوثيق راو ما , لا يعني أنه رد مقبول , خلافا لما يظنه أخونا هذا و غيره من الناشئين , و إنما ذلك إذا وثق مجهولا عند غيره , أو أنه لم يرو عنه إلا واحد أو اثنان , ففي هذه الحالة يتوقف عن قبول توثيقه , و إلا فهو في كثير من الأحيان يوثق شيوخا له يعرفهم مباشرة , أو شيخا من شيوخهم , فهو في هذه الحالة أو التي قبلها إنما يوثق على معرفة منه به , أو بواسطة شيوخه كما هو ظاهر , و محمود المروزي من هذا القبيل , فإن ابن حبان لما أورده في " الثقات " ( 9 / 202 - 203 ) قال : " حدثنا عنه المراوزة " . فقد روى عنه جمع , فإذا رجع الباحث إلى " التهذيب " وجد فيه أسماء عشرة من الذين رووا عن محمود هذا , أكثرهم من كبار الحفاظ الثقات طبعا , كالإمام البخاري كما تقدم و أحمد بن حمدون الأعمشي , و محمد بن حمدويه , و محمد بن عبد الرحمن الدغولي , و لما ترجمه أبو يعلى الخليلي القزويني في كتابه " الإرشاد في معرفة علماء الحديث " قال ( 3 / 900 ) : سمع منه أبو داود السجستاني و ابنه عبد الله , و آخر من روى عنه محمد بن حمدويه المروزي .. " . قلت : فهو إذن من علماء الحديث , و من شيوخ كبار الحفاظ , أفيقال في مثله : " لم يوثقه غير ابن حبان " ?! زاد على ذلك أن ابن أبي حاتم قال ( 4 / 1 / 291 ) : " كان ثقة صدوقا " . و إن مما يؤكد ما تقدم , و أنه ثقة يحتج به أمران اثنان : أحدهما : أن الحافظ الخليلي نفسه احتج لإثبات أن حديث " قبض العلم " المروي في " الصحيحين " , و المخرج عندي في " الروض " ( 579 ) من طرق عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن عمرو مرفوعا , احتج الحافظ على أن له أصلا محفوظا صحيحا من رواية هشام أيضا عن أبيه عن عائشة , ساقه من طريق المروزي هذا عن ابن عيينة عن هشام به . ثم قال الحافظ عقبه : " كلاهما محفوظان " . ذكره للحاكم أبي عبد الله بطلب منه , قال الخليلي : " فاستجاد الحاكم و استحسن " . و في ذلك دليل قوي على أن المروزي عندهما ثقة يحتج به , و لولا ذلك لنسباه إلى الوهم لأنه خالف الطرق بروايته هو عن ابن عيينة بسنده عن عروة عن عائشة رضي الله عنها . و إن مما يؤكد ذلك أنه قد جاء من طرق أخرى عن عروة عنها عند مسلم ( 8 / 60 - 61 ) و الطحاوي في " المشكل " ( 1 / 127 ) و البزار ( 1 / 123 / 233 ) و الخطيب في " التاريخ " ( 5 / 313 ) . هذا هو الأمر الأول الدال على أن المروزي هذا ثقة حجة . و أما الأمر الآخر : فهو أنني كنت ذكرت في خاتمة هذا التخريج أن الذهبي رحمه الله صحح إسناد الحديث من طريق المروزي هذا , و أخونا الذي أنا في صدد الرد عليه على علم بذلك , لأنه عزا الحديث إلى الذهبي في " السير " في نفس المجلد و الصفحة التي سبقت الإشارة إليها . فليت شعري ما الذي يحمل هؤلاء الشباب الناشئين و الباحثين على عدم الاعتداد بأحكام الحفاظ المخالفة لهم , طبعا لا أريد من هذا أن يقلدوهم , و إنما أن يقدروا جهودهم و علمهم و تمكنهم فيه , بحيث أنهم على الأقل لا يتسرعون في إصدار الأحكام المخالفة لهم . و هذه ذكرى و *( الذكرى تنفع المؤمنين )* . و هنا سؤال يطرح نفسه - كما يقولون اليوم - : لماذا كتم الأخ الفاضل تصحيح الذهبي المذكور ?! و هو يعلم من هو الذهبي حفظا و معرفة بالرجال , و الجرح و التعديل ? الوجه الآخر : قوله المتقدم : " و ما ذكر أن البخاري أخرج له فقد رده الحافظ .. " إلخ , ففيه نظر لأن الحافظ لم يتعرض في " هدي الساري " لذكر قول ابن عدي إطلاقا , فلا يجوز القول بأنه رده . و إنما قال الأخ ما قال لظنه التعارض بينهما و لا تعارض , لأن المثبت غير المنفي , فالذي أثبته ابن عدي يصدق على شيوخ البخاري خارج " الصحيح " , و ما نفاه الحافظ إنما هو فيما يتعلق بـ " الصحيح " , فلا تعارض و لا رد . هذا آخر ما يتعلق بالنقطة الأولى , و خلاصتها أن توثيق ابن حبان راوي حديث الترجمة توثيق صحيح لا وجه لرده , و أن حديثه صحيح كما قال الحافظ النقاد : الإمام الذهبي . النقطة الثانية : أن الأخ لم يكن دقيقا في نقده للحديث و بعض رواته , فقد عرفت من النقطة الأولى أنه لم يذكر تصحيح الذهبي للحديث , و أقول الآن : و كذلك لم يذكر قول الحافظ في راويه ( المروزي ) " صدوق " ! و على خلاف ذلك تبنى قول الحافظ هذا في متابعه محمد بن الفرج و هو القرشي الهاشمي مولاهم , و هو أقل ما قيل فيه , و إلا فقد وثقه الحضرمي و ابن أبي حاتم , و السراج و ابن حبان , و احتج به مسلم , و لذلك قال الذهبي في " الكاشف " : " ثقة " . و من الواضح جدا أن تجاهله لأقوال هؤلاء الأئمة , و تصحيح الذهبي لحديث المروزي , و عدم معرفته بكونه حجة عند الحافظ الخليلي و غيره , إنما هو توطئة منه لتوهين طريق المروزي بالجهالة , و طريق محمد بن الفرج بأنها حسنة فقط , و لم يقف عند هذا فقط , بل شكك في حسنه أيضا فقال : " لكن بقي النظر في السند من الإسماعيلي إليه , فإن كان منهم من تكلم فيه , و إلا فهو صدوق , و سنده حسن في الظاهر " ! فهذا منه صريح بأنه لم يقف على إسناد الإسماعيلي و إلا لنظر فيه , و لما تصور خلاف الواقع فيه , فظن أن بينه و بين محمد بن فرج جمع من الرواة , و الحقيقة أنه ليس بينهما إلا شيخه العباس بن أحمد الوشاء , و هو من الشيوخ الصالحين الدارسين للقرآن , روى عنه ثلاثة من الثقات الحفاظ الإسماعيلي هذا , و الخطبي , و أبو علي الصواف , كما في " تاريخ بغداد " ( 12 / 151 ) <1>. فالسند إذن صحيح , لأن رجاله كلهم ثقات كما هو مصرح في كتب القوم إلا الوشاء , و قد عرفت صلاحه و رواية الحفاظ عنه , ثم هو متابع فلا يتعلق به إلا من يجهل هذه الصناعة . النقطة الثالثة : و هي أغربها و أبعدها عن العلم , و ذلك لأنه رجح رواية سعيد ابن منصور مع شكه و تردده بين " المساجد الثلاثة " و " مسجد جماعة " , بحجة أن سعيدا أقوى من الثلاثة الذين جزموا بـ " المساجد الثلاثة " و لم يشكوا , يعني المروزي و ابن الفرج و هشام بن عمار <2>2>. و لم ينتبه أخونا المشار إليه أن الشك ليس علما , و أنه يجب أن يؤخذ من كلام الشاك ما وافق الثقات , لا أن يرد جزم الثقات بشك الأوثق , فيقال : وافق سعيد الثقات في طرف من طرفي الشك : " المساجد الثلاثة " فيؤخذ بموافقته , و يعرض عن شكه و هو قوله : " أو مسجد جماعة " , لأنه ليس علما , و لأنه خالف الثقات الذين جزموا و لم يشكوا . و هذا أمر واضح جدا , لا يشك فيه من أوتي علما و فقها . أرأيت أيها الأخ لو أن جماعة اتفقوا على إثبات حق على أحد من الناس لآخر , ثم اتفقوا على أن هذا الحق عدده مثلا خمسة , إلا أن أحدهم شك فقال : خمسة أو ستة . أفيقول عاقل بأن الحق غير ثابت بحجة أن الشاك أوثق من الذين لم يشكوا ?! لذلك فإني - ختاما - أقول لهذا الأخ المحب و لأمثاله من الأحبة : أرجو مخلصا أن لا تشغلوا أنفسكم بالكتابة في علم لم تنضجوا فيه بعد , و لا تشغلونا بالرد عليكم حين تكتبون ردا علي , و لو بطريق السؤال و الاستفادة , فإن ما أنا فيه من الاشتغال بالمشروع العظيم " تقريب السنة بين يدي الأمة " الذي يشغلني عنه في كثير من الأحيان ردود تنشر في رسائل و كتب و مجلات من بعض أعداء السنة من المتمذهبة و الأشاعرة و المتصوفة و غيرهم , ففي هذا الانشغال ما يغنيني عن الرد على المحبين الناشئين , فضلا عن غيرهم . و الله المستعان , و عليه التكلان . ----------------------------------------------------------- [1] و لم يقف عليه الدكتور زياد محمد منصور المعلق على " المعجم " ( 2 / 721 ) . [2] و خفي عليه الثقتان الآخران ( سعيد بن عبد الرحمن ) و هو المخزومي , و ( محمد بن أبي عمر ) و هو الحافظ العدني . اهـ . 2787 " من أصابته فاقة فأنزلها بالناس لم تسد فاقته , و من أنزلها بالله , أوشك الله له بالغنى , إما بموت عاجل أو غنى عاجل " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 676 : أخرجه الترمذي ( 2327 ) و الحاكم ( 1 / 408 ) و عنه البيهقي ( 4 / 196 ) و الطبري في " تهذيب الآثار " ( 1 / 13 / 12 و 13 ) و الدولابي في " الكنى " ( 1 / 96 ) و أبو يعلى في " مسنده " ( 3 / 1286 ) و البغوي في " شرح السنة " ( 14 / 301 / 4109 ) من طرق عن بشير بن سلمان عن سيار ( زاد البغوي : أبي الحكم ) عن طارق بن شهاب عن # عبد الله بن مسعود # مرفوعا به . و قال الترمذي : " حديث حسن صحيح غريب " . و قال الحاكم : " صحيح الإسناد " . و وافقه الذهبي . و قال البغوي : " حديث حسن غريب " . قلت : و رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين إن كان سيار هو أبا الحكم كما عند البغوي , و قد قيل : إنه سيار أبو حمزة , و هو ثقة عند ابن حبان , و قد روى عنه جمع من الثقات فهو صحيح على كل حال , و قد اختلفوا في تقييد اسمه على وجوه ثلاثة : الأول : ( سيار ) دون كنية كما في التخريج المذكور . الثاني : ( سيار أبي الحكم ) , أخرجه الطبري أيضا ( 1 / 11 / 11 ) و أبو يعلى ( 3 / 1308 ) عن محمد بن بشر العبدي , و أحمد ( 1 / 389 و 442 ) عن وكيع , و ( 1 / 407 ) عن أبي أحمد الزبيري , و الطبراني في " المعجم الكبير " ( 10 / 15 / 9785 ) و عنه أبو نعيم في " الحلية " ( 8 / 314 ) عن أبي نعيم , كلهم عن بشير بن سلمان عن سيار أبي الحكم عن طارق به . الثالث : ( سيار أبي حمزة ) , أخرجه أبو داود ( 1645 ) من طريق ابن المبارك عن بشير بن سلمان عن سيار أبي حمزة به . و تابعه سفيان الثوري عن بشير به . أخرجه أحمد ( 1 / 442 ) و من طريقه الدولابي ( 1 / 98 ) : حدثنا عبد الرزاق أخبرنا سفيان به . و قال أحمد عقبه : " و هو الصواب : ( سيار أبو حمزة ) , [ و ليس هو سيار أبو الحكم ] , و سيار أبو الحكم لم يحدث عن طارق بن شهاب بشيء " . و مثله في كتابه : " العلل " ( 1 / 97 ) و الزيادة منه . و تعقبه الشيخ أحمد شاكر رحمه الله في تعليقه على " المسند " ( 6 / 117 ) فقال : " نرى أن عبد الرزاق أخطأ في قوله : " عن سيار أبي حمزة , و أن صوابه عن سيار أبي الحكم خلافا لما رجحه الإمام أحمد هنا " . و ردنا لهذا التعقب من وجهين : أولا : أن عبد الرزاق لم يتفرد به , فقد قال الحافظ في " التهذيب " : " رواه عبد الرزاق و غيره " . و كأنه يشير إلى المعافى بن عمران , فقد أخرجه الدولابي ( 1 / 159 ) من طريق يحيى ابن مخلد : حدثنا معافى عن سفيان به , و لفظه : " بأجل عاجل , أو رزق حاضر " . و يحيى بن مخلد وثقه النسائي كما رواه الخطيب في " التاريخ " ( 14 / 207 - 208 ) لكن قد ساق الحافظ رواية المعافى هذه دون عزو بلفظ : " سيار أبي الحكم " , فلا أدري أهي المحرفة , أم رواية الدولابي المتقدمة ? و لعل الأرجح الأول , لأن الحافظ عقب بها رواية عبد الرزاق . و الله أعلم . ثانيا : أن الإمام أحمد ليس وحده في ترجيح أنه سيار أبو حمزة , بل وافقه على ذلك جماعة من أقرانه و غيرهم , ففي " التهذيب " عن أبي داود أنه قال عقب الحديث : " هو سيار أبو حمزة , و لكن بشير كان يقول : ( سيار أبو الحكم ) و هو خطأ " . و قال الدارقطني : " قول البخاري : " ( سيار أبو الحكم ) سمع طارق بن شهاب " وهم , منه و ممن تابعه , و الذي يروي عن طارق هو سيار أبو حمزة , قال ذلك أحمد و يحيى و غيرهما " . إلا أنه قد تبع البخاري في أنه يروي عن طارق - مسلم في " الكنى " و النسائي و الدولابي و غير واحد كما في " التهذيب " أيضا , و عقب عليه بقوله : " و هو وهم كما قال الدارقطني " . قلت : و هذا اختلاف شديد من هؤلاء الأئمة الفحول , لعل سببه اختلاف الرواة على الوجهين الأخيرين من الوجوه الثلاثة المتقدمة , فإن الأول منها لا يخالفهما , فإنه يحمل على أحدهما من باب حمل المطلق على المقيد , فالقولان يدوران عليهما , و من الصعب لأمثالنا أن يرجح أحدهما , لعدم وجود دليل ظاهر يساعد على ذلك , و مع هذا فإن النفس تميل إلى ترجيح قول الإمام البخاري و من معه , لأن رواة الوجه المؤيد له أكثر من رواة الوجه الآخر , كما هو ظاهر من تخريجهما . أقول هذا إذا كان الاختلاف من الرواة عن بشير بن سلمان , أما إذا كان الاختلاف منه نفسه كما يشير إلى ذلك أبو داود بقوله المتقدم : " .. و لكن بشير كان يقول : سيار أبو الحكم , و هو خطأ " . قلت : فإذا كان الخطأ من بشير نفسه فالأمر أشكل , لأن لقائل أن يقول : ما الدليل على أنه منه , و ليس هناك راو آخر سواه رواه عن سيار , فقال فيه : ( سيار أبو حمزة ) ? و بالجملة , فالأمر بعد يحتاج إلى مزيد من البحث و التحقيق لتحديد هوية الراوي , أهو أبو حمزة هذا أم أبو الحكم ? و لكننا نستطيع أن نقول جازمين أن ذلك لا يضر في صحة الإسناد لأنه تردد بين ثقتين كما تقدم , فلا ضير فيه سواء كان هذا أو ذاك . و الله أعلم . و أما قول المعلق على " شرح السنة " : " و إسناده صحيح قوي على مذهب البخاري و من تبعه كالترمذي و ابن حبان و الحاكم , و ضعيف على مذهب أحمد و الدارقطني و غيرهما " . فأقول : هذا كلام عار عن التحقيق لوجوه : الأول : أنه لم يبد فيه رأيه الخاص في إسناد الحديث و متنه , تصحيحا أو تضعيفا . الثاني : أنه لا يصح الجزم بصحة إسناده على مذهب البخاري , لأنه يستلزم أن يكون رواته جميعا ثقاتا عند البخاري و منهم بشير بن سلمان , فإنه و إن كان قد وثقه جماعة , فإنهم لم يذكروا البخاري معهم , و لا يلزم من سكوته عنه في " التاريخ " ( 1 / 2 / 99 ) و إخراجه له في " الأدب المفرد " أنه ثقة عنده كما لا يخفى على أهل العلم , خلافا لبعض ذوي الأهواء من الإباضية و غيرهم . الثالث : و على العكس من ذلك يقال فيما نسبه من الضعف على مذهب أحمد و .. فإن ذلك إنما يستقيم لو أنهما كانا يريان ضعف أو جهالة سيار أبي حمزة , و هيهات , فإنه لم ينقل شيء من ذلك عنهما . فتأمل . و هذا و ثمة اختلاف آخر بين الرواة يدور حول قوله في آخر الحديث : " إما بموت عاجل , أو غنى عاجل " . و ذلك على وجوه : الأول : ما في حديث الترجمة : " موت عاجل " , و هو رواية الحاكم و من بعده , و كذا أبي داود , و أحمد في رواية . الثاني : بلفظ : " موت آجل " , و هو لأحمد في رواية أخرى . الثالث : بلفظ : " أجل آجل " , و هو للطبراني و أبي نعيم . الرابع : بلفظ : " برزق عاجل أو آجل " و هو للترمذي . و هذا اللفظ الأخير مع تفرد الترمذي به , فهو مخالف لما قبله من الألفاظ , مع احتمال أن يكون حرف ( أو ) فيه شكا من الراوي , فلا يحتج به للشك أو المخالفة . و أما اللفظ الثاني و الثالث فهما و إن كانا في المعنى واحدا , إلا أن النفس لم تطمئن لهما لمخالفتهما اللفظ الأول , لأنه هو المحفوظ في رواية الأكثرين من الرواة و المخرجين , فهو الراجح إن شاء الله تعالى , و به التوفيق . و إذا كان الأمر كذلك فما معنى قوله : " إما بموت عاجل , أو غنى عاجل " ? فأقول : لم أقف على كلام شاف في ذلك لأحد من العلماء , و أجمع ما قيل فيه ما ذكره الشيخ محمود السبكي في " المنهل العذب " ( 9 / 283 ) قال : " إما بموت قريب له غني , فيرثه , أو بموت الشخص نفسه , فيستغني عن المال , أو بغنى و يسار يسوقه الله إليه من أي باب شاء , فهو أعم مما قبله , و مصداقه قوله تعالى : *( و من يتق الله يجعل له مخرجا و يرزقه من حيث لا يحتسب )* " . 2788 " *( و ما كان لنبي أن يغل )* قال : ما كان لنبي أن يتهمه أصحابه " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 682 : أخرجه البزار في " مسنده " ( 2197 - كشف الأستار ) : حدثنا محمد بن عبد الرحيم حدثنا عبد الوهاب بن عطاء حدثنا هارون القارىء عن الزبير بن الخريت عن عكرمة عن # ابن عباس # .. فذكره . قلت : و هذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات رجال البخاري غير عبد الوهاب بن عطاء , فهو من رجال مسلم . و قال الهيثمي في " مجمع الزوائد " ( 6 / 328 ) : " رواه البزار و رجاله رجال الصحيح " . قلت : و تابعه خصيف بن عبد الرحمن الحراني عن عكرمة به , و لفظه : " نزلت هذه الآية يوم بدر : *( و ما كان لنبي أن يغل )* , في قطيفة حمراء فقدت يوم بدر , فقال بعض الناس : لعل رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذها ! فأنزل الله عز وجل : *( و ما كان لنبي أن يغل )* " أخرجه الطبري في " التفسير " ( 4 / 102 ) و البزار ( 2198 ) و الطبراني في " المعجم الكبير " ( 11 / 364 / 12028 و 12029 ) من طرق عن خصيف به . و أخرجه أبو داود ( 3971 ) و الترمذي ( 3012 ) و الطبري من طريق عبد الواحد ابن زياد : حدثنا خصيف قال : حدثنا مقسم قال : حدثني ابن عباس به . و قال الترمذي : " حديث حسن غريب " . كذا قال ! و خصيف فيه ضعف من قبل حفظه , قال الحافظ في " التقريب " : " صدوق , سيىء الحفظ , خلط بآخره " . قلت : و روايته لهذا الحديث مما يؤكد ذلك , فإنه اضطرب في روايته , فمرة قال : " عن مقسم " , و أخرى : " عن عكرمة " كما تقدم . و قال زهير : حدثنا خصيف عن سعيد بن جبير و عكرمة في قوله تعالى : *( و ما كان لنبي أن يغل )* قالا : ( يغل ) قال : قال عكرمة أو غيره عن ابن عباس : فذكر نحوه . أخرجه الطبري . و تابعه حميد الأعرج عن سعيد بن جبير قال : فذكره مختصرا . أخرجه الطبري أيضا من طريق قزعة بن سويد الباهلي عنه . و حميد و قزعة كلاهما ضعيف . و للحديث طريق أخرى عن ابن عباس يتقوى الحديث بها , أخرجه الطبراني في " الكبير " ( 11174 ) و " الأوسط " ( 5446 - بترقيمي ) و " الصغير " ( رقم 441 - الروض النضير ) و من طريقه الخطيب في " تاريخ بغداد " ( 1 / 372 ) قال : نبأنا محمد بن أحمد بن يزيد النرسي البغدادي قال : نبأنا أبو عمر حفص بن عمر الدوري المقرىء عن أبي محمد اليزيدي عن أبي عمرو بن العلاء عن مجاهد عن ابن عباس : أنه كان ينكر على من يقرأ : *( و ما كان لنبي أن يغل )* , و يقول : كيف لا يكون له أن يغل و قد كان له أن يقتل ?! قال الله تعالى : *( و يقتلون الأنبياء بغير حق )* , و لكن المنافقين اتهموا النبي صلى الله عليه وسلم في شيء من الغنيمة , فأنزل الله : *( و ما كان لنبي أن يغل )* . و قال الطبراني : " لم يروه عن أبي عمرو إلا اليزيدي , تفرد به أبو عمر الدوري " . قلت : و هو ثقة من شيوخ أبي زرعة و غيره . و قال الحافظ في " التقريب " : " لا بأس به " . و شيخه أبو محمد اليزيدي اسمه يحيى بن المبارك له ترجمة في " تاريخ بغداد " ( 14 / 147 ) و وثقه , و بقية رجاله ثقات معروفون تكلمت عليهم في " الروض النضير " ( 441 ) غير النرسي هذا , فإني لم أجد له ترجمة تدل على حاله , و قد أورده الخطيب في " التاريخ " لهذا الحديث و لم يزد , الأمر الذي يشعر أنه من شيوخ الطبراني المجهولين , و هو قليل الحديث , فإن الطبراني لم يورد له في " المعجم الأوسط " إلا ثلاثة أحاديث , هذا أحدها , لكن يبدو من كلام الطبراني المتقدم أنه لم يتفرد به , و هو قوله : " تفرد به أبو عمر الدوري " . و على هذا فالإسناد جيد , و يزداد قوة بما قبله من الطرق , و بخاصة الطريق الأولى , فإنها صحيحة لذاتها كما تقدم . و إن كان متنها مختصرا , فهو في الطرق الأخرى أتم و أبين . ( تنبيه ) : قوله في الآية : *( يغل )* بفتح أوله و ضم ثانيه , و قيده الشيخ الأعظمي في " الكشف " بضم أوله و فتح ثانيه , و به قرأ بعضهم , لكن الصواب الأول كما بينه الإمام ابن جرير الطبري في " تفسيره " , فليراجعه من شاء . 2789 " اللهم إني أحبه , فأحبه . يعني الحسن بن علي " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 685 : أخرجه البخاري ( 3749 ) و مسلم ( 7 / 130 ) و أحمد ( 4 / 283 - 284 ) و كذا الطيالسي ( 732 ) و الطبراني في " المعجم الكبير " ( 2582 ) عن شعبة قال : أخبرني عدي قال : سمعت # البراء # رضي الله عنه قال : " رأيت النبي صلى الله عليه وسلم و الحسن بن علي على عاتقه يقول : ... " فذكره . و تابعه فضيل بن مرزوق عن عدي بن ثابت به . أخرجه الطبراني أيضا ( 258 ) من طريق أبي نعيم عنه . و خالفه أبو أسامة فقال : عن فضيل بن مرزوق به , إلا أنه قال : " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أبصر حسنا و حسينا فقال : اللهم إني أحبهما فأحبهما " . فذكر حسينا فيه , و هو شاذ لمخالفته لرواية أبي نعيم عنه , و لرواية شعبة عن عدي . و تابعه أشعث بن سوار عن عدي .. به . أخرجه الطبراني ( 2584 ) . لكن يبدو أن هذا اللفظ الشاذ في حديث البراء محفوظ من حديث غيره من الأصحاب : 1 - عن عطاء أن رجلا أخبره أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يضم إليه حسنا و حسينا يقول : " اللهم إني أحبهما , فأحبهما " . أخرجه أحمد ( 5 / 369 ) . قلت : و إسناده صحيح , و قال الهيثمي ( 9 / 179 ) : " و رجاله رجال الصحيح " . 2 - عن أبي حازم عن أبي هريرة مرفوعا به . أخرجه البزار ( 2626 ) . قلت : و إسناده حسن كما قال الهيثمي . و أخرجه الحاكم ( 3 / 177 ) من طريق أخرى عن أبي حازم به , لكنه لم يذكر حسنا فيه , و لفظه : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم و هو حامل الحسين بن علي و هو يقول : " اللهم إني أحبه فأحبه " . و قال : " صحيح الإسناد , و لم يخرجاه , و قد روي بإسناد في الحسن مثله , و كلاهما محفوظان " . فانظر الحديث الآتي ( 2807 ) . و في الباب عن جمع آخر من الأصحاب , فليرجع من شاء إلى " كشف الأستار " و " مجمع الزوائد " . ( تنبيه ) : من أوهام المعلق على " سنن الترمذي " أنه قال في حديث الترجمة ( 9 / 340 ) : " تفرد به الترمذي " ! و قد أخرجه الشيخان كما رأيت . و عكس ذلك , فقال في حديث الترمذي الشاذ من رواية فضيل بن مرزوق المتقدمة : " رواه البخاري في فضل الحسن , و مسلم في الفضائل " ! و الصواب العكس تماما . و الهادي هو الله . 2790 " عرض علي ما هو مفتوح لأمتي بعدي , فسرني , فأنزل الله تعالى : *( و للآخرة خير لك من الأولى )* إلى قوله *( فترضى )* . أعطاه الله في الجنة ألف قصر من لؤلؤ , ترابها المسك , في كل قصر ما ينبغي له " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 687 : أخرجه الطبراني في " المعجم الأوسط " ( 1 / 34 / 1 ) : حدثنا أحمد بن القاسم قال : حدثنا عمي عيسى بن المساور قال : حدثنا مروان بن معاوية الفزاري قال : حدثنا معاوية بن أبي العباس عن إسماعيل بن عبيد الله المخزومي عن علي بن # عبد الله ابن عباس # عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره . قلت : و هذا إسناد رجاله ثقات غير معاوية بن أبي العباس , قال الهيثمي في " مجمع الزوائد " ( 3 / 139 ) : " و لم أعرفه " . و تبعه المناوي في " الجامع الأزهر " ( 2 / 14 / 2 ) . قلت : و يحتمل عندي أنه معاوية بن أبي عياش الزرقي الأنصاري المدني المترجم في " التاريخ " ( 4 / 1 / 332 ) و " الجرح " ( 4 / 1 / 380 ) و ابن حبان في أتباع التابعين من " الثقات " ( 7 / 467 ) برواية ثقتين عنه , فإنه من هذه الطبقة , فتصحف على بعض الرواة ( عياش ) إلى ( العباس ) , و يحتمل أن ذلك من تدليس مروان الفزاري , فإنه مع كونه ثقة حافظا , فقد كان يدلس أسماء الشيوخ كما في " التقريب " و غيره , فإن كان هو ابن أبي عياش , فالإسناد حسن عندي , بل هو صحيح , فقد وجدت له متابعا ثقة حجة , ألا و هو الإمام الأوزاعي , وجدت له عنه طرقا ثلاثا : الأولى : عن سفيان عن الأوزاعي عن إسماعيل بن عبيد الله به . إلا أنه قال : " رأيت ما هو مفتوح على أمتي .. " إلخ . أخرجه البيهقي في " دلائل النبوة " ( 7 / 61 ) . قلت : و إسناده صحيح رجاله كلهم ثقات . الثانية : عمرو بن هاشم قال : سمعت الأوزاعي به نحوه , و زاد في آخره : " من الأزواج و الخدم " . أخرجه ابن جرير الطبري في " التفسير " ( 30 / 149 ) و الطبراني في " المعجم الكبير " ( 10 / 337 / 10650 ) و السكن بن جميع في " حديثه " , و كذا ابن أبي حاتم من طريق ابن جرير كما في " تفسير ابن كثير " ( 4 / 523 ) و قال : " و هذا إسناد صحيح " . و قال الهيثمي : " و إسناده حسن " . قلت : و هذا أقرب لأن عمرو بن هاشم - و هو البيروتي - فيه كلام , و لذا قال الحافظ في " التقريب " : " صدوق يخطىء " . نعم هو صحيح بما قبله و ما بعده . الثالثة : رواد بن الجراح عن الأوزاعي به . أخرجه ابن جرير , و الحاكم ( 2 / 526 ) , و قال : " صحيح الإسناد " . و رده الذهبي بقوله : " قلت : تفرد به عصام بن رواد عن أبيه و قد ضعف " . قلت : لم يتفرد به عصام , فقد تابعه محمد بن خلف العسقلاني , و هو صدوق كما قال العسقلاني . نعم رواد ضعيف لاختلاطه , لكن المتابعات المتقدمة تدل على أنه قد حفظه , فالحديث صحيح بلا ريب . 2791 " كانت لحفنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم نلبسها و نصلي فيها " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 689 : أخرجه الطبراني في " الأوسط " ( 1 / 335 / 563 ) : حدثنا أحمد بن القاسم قال : حدثنا عبيد الله بن عمر القواريري قال : حدثنا الحسن بن حبيب بن ندبة قال : حدثنا راشد أبو محمد الحماني قال : رأيت #أنس بن مالك # عليه فرو أحمر فقال : فذكره , و قال الطبراني : " لم يروه عن راشد إلا الحسن بن حبيب " . قلت : و هو ثقة كما قال الذهبي في " الكاشف " . و راشد هو ابن نجيح , قال الذهبي : " قال أبو حاتم : صالح الحديث " . و قال الحافظ : " صدوق ربما أخطأ " . قلت : و بقية رجاله ثقات , فالإسناد جيد . و أما قول الهيثمي في " الأوسط " عن أحمد بن القاسم , فإن كان هو الريان فهو ضعيف , و إن كان غيره فلم أعرفه , و بقية رجاله ثقات " . قلت : فهذه غفلة منه , تابعه عليها مقلده الدكتور محمود الطحان فلم يعلق عليه بشيء كعادته , فكل تعليقاته و تخريجاته نقول عنه لا تحقيق فيها , و إنما هو التقليد المحض . أقول هذا لأن أحمد بن القاسم هذا ليس هو الريان , و إنما هو أحمد بن القاسم بن مساور الجوهري , فإنه ساقه في جملة أحاديث ذكرها تحت ترجمته من الحديث ( 505 ) إلى ( 611 ) صرح في الأول و الأخير منها بقوله : " حدثنا أحمد بن القاسم بن مساور الجوهري .. " , و صرح في حديث آخر ( 513 ) بأنه ابن مساور . و هو ثقة له ترجمة في " تاريخ بغداد " ( 3 / 349 ) . و في الحديث جواز الصلاة في اللحاف الذي يتغطى به النائم . و يشهد له الأحاديث التي فيها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي و عليه مرط , و على بعض أزواجه منه و هي حائض , و بعضها مخرج في " صحيح أبي داود " ( 393 - 394 ) , و لا يخالفها حديث عائشة فيه ( 392 ) : " كان لا يصلي في ملاحفنا " لأنه محمول على الورع أو الاحتياط , خشية أن يكون فيها أذى لحديث معاوية رضي الله عنه أنه سأل أخته أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وسلم : هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في الثوب الذي يجامعها فيه ? فقالت : " نعم , إذا لم ير فيه أذى " . أخرجه أصحاب السنن إلا الترمذي , و إسناده صحيح , و هو مخرج في " صحيح أبي داود " ( 390 ) . 2792 " لعن الله الواشمات و المستوشمات [ و الواصلات ] و النامصات و المتنمصات و المتفلجات للحسن , المغيرات خلق الله " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 691 : أخرجه الشيخان و أصحاب السنن و غيرهم من حديث # ابن مسعود # رضي الله عنه . و هو مخرج في " آداب الزفاف " ( ص 203 - الطبعة الجديدة ) من مصادر مطبوعة و مخطوطة , فلا داعي لإعادة تخريجه هنا , و إنما أوردته لزيادة ( الواصلات ) , فقد خفيت على بعض المعاصرين , فرتب على ذلك حكما يخالف حكم الوشم و غيره من المقرونات معه كما يأتي بيانه . و الحديث عندهم جميعا من رواية علقمة عن ابن مسعود , و الزيادة المذكورة لأبي داود ( 4169 ) بسنده الصحيح عن جرير عن منصور عن إبراهيم عنه . و له متابع قوي , أخرجه البخاري ( 4887 ) من طريق سفيان ( هو الثوري ) قال : ذكرت لعبد الرحمن بن عابس حديث منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله رضي الله عنه قال : " لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الواصلة " , فقال : " سمعته من امرأة يقال لها أم يعقوب عن عبد الله مثل حديث منصور " . قلت : حديث منصور هو حديث الترجمة , فهذه طريق أخرى صحيحة إلى علقمة - غير طريق أبي داود - تقويها , و ترفع عنها احتمال قول بعض ذوي الأهواء بشذوذها . و يزيدها قوة رواية عبد الرحمن بن عابس عن أم يعقوب , قال الحافظ في " فتح الباري " ( 10 / 373 ) : " ( تنبيه ) : أم يعقوب هذه لا يعرف اسمها , و هي من بني أسد بن خزيمة , و لم أقف لها على ترجمة , و مراجعتها ابن مسعود تدل على أن لها إدراكا . و الله سبحانه و تعالى أعلم " . قلت : و قصة المراجعة كما في " الصحيحين " عقب الحديث : " قال : فبلغ ذلك امرأة من بني أسد يقال لها أم يعقوب , و كانت تقرأ القرآن , فأتته , فقالت : ما حديث بلغني عنك أنك لعنت الواشمات .. ( الحديث ) ? فقال عبد الله : و مالي لا ألعن من لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم و هو في كتاب الله ?! فقالت المرأة : لقد قرأت ما بين لوحي المصحف فما وجدته ! فقال : لئن كنت قرأتيه لقد وجدتيه , قال الله عز وجل : *( و ما آتاكم الرسول فخذوه و ما نهاكم عنه فانتهوا )* . فقالت المرأة : فإني أرى شيئا من هذا على امرأتك الآن , قال : اذهبي فانظري . قال : فدخلت على امراة عبد الله فلم تر شيئا , فجاءت إليه فقالت : ما رأيت شيئا , فقال : أما لو كان ذلك لم نجامعها " . ثم وجدت للزيادة طريقا ثالثا من طريق مسروق : أن امرأة أتت عبد الله بن مسعود , فقالت : إني امراة زعراء أيصلح أن أصل في شعري ? فقال : لا . قالت : أشيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم أو تجده في كتاب الله ? قال : لا , بل سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم , و أجده في كتاب الله , و ساق الحديث . أخرجه النسائي ( 2 / 281 ) هكذا , و أحمد ( 1 / 415 ) و الطبراني في " المعجم الكبير " ( 9 / 337 / 9468 ) بتمامه نحو حديث علقمة , و من الظاهر أن هذه المرأة هي أم يعقوب المذكورة في رواية علقمة , و كذلك هي هي في رواية قبيصة بن جابر ( و هو ثقة مخضرم ) قال : " كنا نشارك المرأة في السورة من القرآن نتعلمها , فانطلقت مع عجوز من بني أسد إلى ابن مسعود في بيته في ثلاث نفر , فرأى جبينها يبرق ! فقال : أتحلقينه ? فغضبت , و قالت : التي تحلق جبينها امرأتك . قال : فادخلي عليها , فإن كانت تفعله فهي مني بريئة , فانطلقت , ثم جاءت فقالت : لا والله ما رأيتها تفعله , فقال عبد الله بن مسعود : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره . رواه الهيثم بن كليب في " مسنده " بسند حسن كما في " آداب الزفاف " ( ص 203 و 204 - الطبعة الجديدة ) . ( فائدة ) : قال الحافظ في " الفتح " ( 10 / 372 - 373 ) : " قوله : " و المتفلجات للحسن " يفهم منه أن المذمومة من فعلت ذلك لأجل الحسن , فلو احتاجت إلى ذلك لمداواة مثلا جاز . قوله : " المغيرات خلق الله " هي صفة لازمة لمن يصنع الوشم و النمص و الفلج , و كذا الوصل على إحدى الروايات " . و قال العيني في " عمدة القارىء " ( 22 / 63 ) : " قوله : " المغيرات خلق الله تعالى " كالتعليل لوجوب اللعن " . فإذا عرفت ما سبق يتبين لك سقوط قول الشيخ الغماري في رسالته " تنوير البصيرة ببيان علامات الكبيرة " ( ص 30 ) : " قلت : تغيير خلق الله يكون فيما يبقى أثره كالوشم و الفلج , أو يزول ببطء كالتنميص , أما حلق اللحية فلا يكون تغييرا لخلق الله لأن الشعر يبدو ثاني يوم من حلقه .. " . أقول : فهذا كلام باطل من وجوه : الأول : أنه مجرد دعوى لا دليل عليها من كتاب أو سنة أو أثر , و قديما قالوا : و الدعاوي ما لم تقيموا عليها بينات أبناؤها أدعياء . الثاني : أنه خلاف ما يدل عليه زيادة " الواصلات " , فإن الوصل , ليس كالوشم و غيره مما لا يزول , أو يزول ببطء و لاسيما إذا كان من النوع الذي يعرف اليوم بـ ( الباروكة ) فإنه يمكن إزالتها بسرعة كالقلنسوة . الثالث : أن ابن مسعود رضي الله عنه أنكر حلق الجبين و احتج بالحديث كما تقدم في رواية الهيثم , فدل على أنه لا فرق بين الحلق و النتف من حيث أن كلا منهما تغيير لخلق الله . و فيه دليل أيضا على أن النتف ليس خاصا بالحاجب كما زعم بعضهم . فتأمل . الرابع : أنه مخالف لما فهمه العلماء المتقدمون , و قد مر بك قول الحافظ الصريح في إلحاق الوصل بالوشم و غيره . و أصرح من ذلك و أفيد , ما نقله ( 10 / 377 ) عن الإمام الطبري قال : " لا يجوز للمرأة تغيير شيء من خلقتها التي خلقها الله عليها بزيادة أو نقص التماس الحسن , لا للزوج و لا لغيره , لمن تكون مقرونة الحاجبين فتزيل ما بينهما توهم البلج , أو عكسه , و من تكون لها سن زائدة فتقلعها , أو طويلة فتقطع منها , أو لحية أو شارب أو عنفقة فتزيلها بالنتف , و من يكون شعرها قصيرا أو حقيرا فتطوله , أو تغزره بشعر غيرها , فكل ذلك داخل في النهي , و هو من تغيير خلق الله تعالى . قال : و يستثنى من ذلك ما يحصل به الضرر و الأذية كمن يكون لها سن زائدة , أو طويلة تعيقها في الأكل .. " إلخ . قلت : فتأمل قول الإمام : " أو عكسه " , و " أو لحية .. " , و قوله : " فكل ذلك داخل في النهي , و هو من تغيير خلق الله " . فإنك ستتأكد من بطلان قول الغماري المذكور , و الله تعالى هو الهادي . هذا و في رؤية ابن مسعود جبين العجوز يبرق دليل على أن " وجه المرأة ليس بعورة " , و الآثار في ذلك كثيرة قولا و فعلا , و قد سقت بعضها في " جلباب المرأة المسلمة " . و أما ما زعمه البعض بأنه لا دليل في هذه الرواية على ذلك , لأن العجوز من القواعد ! فهو مما لا دليل عليه , فلا يلزم من كونها عجوزا أن تكون قاعدة كما لا يخفى , و إنما ذكرنا ذلك استشهادا , و فيما ذكر هناك من الأدلة كفاية . 2793 " يا صفية إن أباك ألب علي العرب , و فعل و فعل , يعتذر لها " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 695 : أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 24 / 67 / 177 ) : حدثنا أبو زرعة عبد الرحمن بن عمرو الدمشقي حدثنا عفان حدثنا حماد بن سلمة عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن # ابن عمر # قال : كان بعيني صفية خضرة , فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم " ما هذه الخضرة بعينيك ? " . فقالت : قلت لزوجي , إني رأيت فيما يرى النائم قمرا وقع في حجري , فلطمني و قال : أتريدين ملك يثرب ?! قالت : و ما كان أبغض إلي من رسول الله , قتل أبي و زوجي , فما زال يعتذر إلي , فقال : فذكره , [ قالت : ] حتى ذهب ذاك من نفسي . قلت : و هذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات رجال مسلم غير أبي زرعة الدمشقي , و هو ثقة حافظ . و قال الهيثمي في " المجمع " ( 9 / 251 ) : " رواه الطبراني , و رجاله رجال الصحيح " . و أخرجه أبو يعلى في " مسنده " ( 4 / 1695 - 1697 ) من طريقين آخرين عن صفية مختصرا دون قصتها مع زوجها و الرؤيا . و ذكره ابن إسحاق في " السيرة " ( 3 / 388 ) بلاغا بتمامه , و ذكره ابن حجر في " الإصابة " من رواية يونس بن بكير عنه : حدثني والدي إسحاق بن يسار قال : فذكر القصة , لكن فيه : " فذكرت ذلك لأمها , فلطمت وجهها و قالت : .. " الحديث . قلت : و ما في " السيرة " هو المحفوظ لمطابقته لحديث الترجمة , و هو من الفوائد التي فاتت الحافظ في " الإصابة " , و من قبله الحافظ ابن كثير في " السيرة " ( 3 / 373 - 374 ) . 2794 " افترض الله على عباده صلوات خمسا , [ قالها ثلاثا ] , فحلف الرجل [ بالله ] لا يزيد عليه شيئا و لا ينقص منه شيئا , قال صلى الله عليه وسلم : إن صدق ليدخلن الجنة " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 696 : أخرجه النسائي ( 1 / 228 - 229 - القلم ) و ابن حبان ( 251 ) و الزيادة الثانية له , و أحمد ( 3 / 267 ) و له الزيادة الأولى , كلهم من طريق نوح بن قيس عن خالد ابن قيس عن قتادة عن # أنس # قال : سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ! كم افترض الله عز وجل على عباده من الصلوات ? قال : فذكره .. قال : يا رسول الله هل قبلهن أو بعدهن شيء ? قال : فذكره بالزيادة الأولى , فحلف الرجل .. قلت : و هذا إسناد صحيح على شرط مسلم . و للحديث شاهد من حديث طلحة بن عبيد الله أتم منه . رواه الشيخان و غيرهما , و هو مخرج في " صحيح أبي داود " ( 414 ) . ( تنبيه ) : في رواية لمسلم و النسائي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أفلح و أبيه إن صدق .. " . فزاد : و أبيه " , و هي شاذة كما حققته في " الضعيفة " ( 4992 ) . 2795 " صلى بنا بالمدينة ثمانيا و سبعا <1>1>: الظهر و العصر , و المغرب و العشاء " . ----------------------------------------------------------- [1] أي ثماني ركعات الظهر و العصر , و ( سبعا ) أي المغرب و العشاء . اهـ . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 697 : أخرجه الشيخان , و أبو عوانة في " صحاحهم " و غيرهم من طرق عديدة عن حماد ابن زيد عن عمرو بن دينار عن جابر بن زيد عن # ابن عباس # قال : فذكره مرفوعا . و هو مخرج في " إرواء الغليل " ( 3 / 36 ) و " صحيح أبي داود " ( 1099 ) , فليرجع إليهما من شاء . و الغرض هنا التنبيه على أمرين هامين من الأوهام : الأول : أن أبا النعمان خالف الطرق كلها فزاد في آخر الحديث : " فقال أيوب : لعله في ليلة مطيرة ? قال : عسى " . و هذه الزيادة شاذة عندي لتفرد أبي النعمان بها , و اسمه محمد بن الفضل السدوسي شيخ البخاري فيه , و كان تغير , لكن ذكر الحافظ في " مقدمة الفتح " أن البخاري سمع منه قبل اختلاطه بمدة , و لولا ذاك لقلت : إنها زيادة منكرة . و قد أعلها الحافظ بعلة أخرى , فقال في " الفتح " ( 2 / 23 - 24 ) : " و احتمال المطر قال به أيضا مالك عقب إخراجه لهذا الحديث عن أبي الزبير عن سعيد بن جبير عن ابن عباس نحوه . و قال بعد قوله : " بالمدينة , من غير خوف و لا سفر " , قال مالك : لعله كان في مطر . لكن رواه مسلم و أصحاب السنن من طريق حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير بلفظ : " من غير خوف و لا مطر " , فانتفى أن يكون الجمع المذكور للخوف أو السفر أو المطر " . قلت : و يؤكد ذلك رواية أبي الزبير عن سعيد , قال : فسألت سعيدا : لم فعل ذلك ? فقال : سألت ابن عباس كما سألتني , فقال : أراد أن لا يحرج أحدا من أمته " . رواه مسلم , و البيهقي . و يزيده قوة رواية عمرو بن هرم عن سعيد بلفظ : " أن ابن عباس جمع بين الظهر و العصر من شغل , و زعم ابن عباس .. " فذكر الحديث نحوه . رواه النسائي بسند صحيح . فقوله : " من شغل " دليل واضح على أن جمعه صلى الله عليه وسلم لم يكن للمطر , و إلا لم يحتج به ابن عباس كما هو ظاهر . و الله أعلم . و يمكن إعلال زيادة أبي النعمان بمخالفته أيضا لرواية سفيان بن عيينة , و هي الآتية : و الأمر الآخر : زاد سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن جابر بن زيد عن ابن عباس .. : " قلت : يا أبا الشعثاء ( كنية جابر ) ! أظنه أخر الظهر و عجل العصر , و أخر المغرب و عجل العشاء ? قال : و أنا أظن ذاك " . أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 2 / 456 ) و عنه مسلم : حدثنا ابن عيينة به . و تابعه علي بن عبد الله قال : حدثنا سفيان به . أخرجه البخاري ( 1174 ) . و خالفهما قتيبة قال : حدثنا سفيان به , إلا أنه قال : " .. أخر الظهر .. " إلخ , أدرجه في الحديث و جعله من كلام ابن عباس , و إنما هو من كلام أبي الشعثاء ظنا منه . أخرجه النسائي ( 1 / 98 ) . ( تنبيه ) : من التخريج السابق يتبين خطأ ما جاء في كتاب " منهاج المسلم " للشيخ أبي بكر الجزائري ( ص 248 - دار الفكر الثانية ) : " جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المغرب و العشاء في ليلة مطيرة . البخاري " , فهذا وهم جديد , فإنه أدرج في الحديث قول أيوب : لعله في ليلة مطيرة ? و جواب جابر ابن يزيد : عسى !! و الحقيقة أنني لا أعلم حديثا صريحا في الجمع في المطر إلا ما يستفاد من حديث مسلم المتقدم : " من غير خوف و لا مطر " , فإنه يفيد بأنه كان من المعهود في زمنه صلى الله عليه وسلم الجمع للمطر , و لذلك جرى عمل السلف بذلك , كما ورد في آثار كثيرة في " مصنف عبد الرزاق " و " ابن أبي شيبة " , منها عن نافع قال : " كانت أمراؤنا إذا كانت ليلة مطيرة أبطأوا بالمغرب , و عجلوا بالعشاء قبل أن يغيب الشفق , فكان ابن عمر يصلي معهم لا يرى بذلك بأسا . قال عبيد الله : و رأيت القاسم و سالما يصليان معهم في مثل تلك الليلة " . رواه ابن أبي شيبة بإسناد صحيح على شرط الشيخين . 2796 " لو قلت : " بسم الله " لطارت بك الملائكة و الناس ينظرون إليك . قاله لطلحة حين قطعت أصابعه فقال : حس " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 699 : أورده السيوطي في " الجامع الكبير " من رواية النسائي و الطبراني و البيهقي في " الدلائل " , و ابن عساكر عن جابر . و أبو نعيم , و [ ابن ] عساكر و الضياء عن طلحة , و الطبراني و ابن عساكر عن أنس , و ابن عساكر عن ابن شهاب مرسلا . و ها أنا أسوق ما وقفت عليه من هذه الروايات : أولا : حديث جابر , يرويه - أبو الزبير عنه قال : " لما كان يوم أحد و ولى الناس كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في ناحية في اثني عشر رجلا من الأنصار , و فيهم طلحة بن عبيد الله , فأدركهم المشركون , فالتفت رسول الله صلى الله عليه وسلم و قال : " من للقوم ? " . فقال طلحة : أنا . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كما أنت " . فقال رجل من الأنصار : أنا يا رسول الله ! فقال : " أنت " . فقاتل حتى قتل . ثم التفت فإذا المشركون , فقال : " من للقوم ? " . فقال طلحة : أنا . قال : " كما أنت " . فقال رجل من الأنصار : أنا . فقال : " أنت . فقاتل حتى قتل . ثم لم يزل يقول ذلك و يخرج إليهم رجل من الأنصار , فيقاتل قتال من قبله حتى يقتل , حتى بقي رسول الله صلى الله عليه وسلم و طلحة بن عبيد الله , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من للقوم ? " . فقال طلحة : أنا . فقاتل طلحة قتال الأحد عشر حتى ضربت يده فقطعت أصابعه فقال : " حس " , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( فذكر الحديث ) , ثم رد الله المشركين " . أخرجه النسائي ( رقم 3149 ) و البيهقي في " دلائل النبوة " ( 3 / 236 - 237 ) و أبو نعيم في " المعرفة " ( 24 / 2 ) و ابن عساكر في " التاريخ " ( 8 / 548 و 549 ) عن عمارة بن غزية عنه . قلت : و هذا إسناد على شرط مسلم , إلا أن فيه عنعنة أبي الزبير , و قد سكت عنه الحافظ ابن كثير في " البداية " ( 4 / 26 ) , لكن يقويه ما بعده . ثانيا - عن طلحة , يرويه سليمان بن أيوب : حدثنا أبي عن جدي عن موسى بن طلحة عن أبيه مختصرا بلفظ : لما كان يوم أحد أصابني السهم , فقلت : حس .. إلخ دون قوله : " ثم رد الله المشركين " . قال الهيثمي في " مجمع الزوائد " ( 9 / 149 ) : " رواه الطبراني , و فيه سليمان بن أيوب الطلحي , و قد وثق , و ضعفه جماعة , و فيه جماعة لم أعرفهم " . كذا قال : و ليس فيه من لا يعرف سوى جد سليمان بن أيوب , و اسمه سليمان بن عيسى ابن موسى بن طلحة , كما وقع في إسناد الحديث الأول فيما أسند طلحة من " المعجم الكبير " ( 1 / 75 / 214 ) , فإني لم أعرفه أيضا . و أما ابنه أيوب بن سليمان , فأورده ابن أبي حاتم ( 1 / 1 / 248 ) برواية ابنه سليمان عنه , و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا , و أظنه الذي أورده ابن حبان في " تبع أتباع التابعين " من " ثقاته " ( 8 / 127 ) : " أيوب بن سليمان القرشي , إمام مسجد سلمية , قرية بحمص , يروي عن حماد بن سلمة , روى عنه الحسن بن إسحاق التستري " . قلت : و طلحة بن عبيد الله جد هذا قرشي تيمي , فهو الذي في هذا الحديث و من طبقته , و لم يعرفه الهيثمي . و الله أعلم . و بقية الروايات التي ذكرها السيوطي لم يتيسر لي الوقوف عليها حتى الآن , لكن عزوه رواية أنس للطبراني في " الكبير " أخشى أن يكون خطأ منه أو من الناسخ , فإني لم أره فيه و لا في " المجمع " , و على العكس من ذلك لم يعز حديث طلحة إليه , أعني الطبراني , و هو فيه كما رأيت , و عزاه لأبي نعيم , يعني في كتاب " الحلية " و ليس فيه , فلعل الأصل عكس هذا كله , أي : " .. و الطبراني و ابن عساكر و الضياء عن طلحة . و أبو نعيم و ابن عساكر عن أنس " . و الله أعلم . و بالجملة , فحديث الترجمة حسن في أقل أحواله , و قد يرتقي إلى مرتبة الصحيح لو وقفنا على حديث أنس . انظر الاستدراك رقم ( 1 ) , و الحديث ( 2171 ) . ( تنبيه ) : ثم بدا لي أن عدم عزوه حديث طلحة للطبراني من السيوطي نفسه , و ذلك لأنني رأيت المناوي قد أورده في " الجامع الأزهر " , فإن من المفروض فيه أن لا يكرر ما في " الجامع الكبير " إلا لفائدة , فيظهر أنه لما رأى الحديث في " جامع السيوطي " غير معزو للطبراني , أورده هو معزوا إليه فقط . و الله أعلم . ثم إن المناوي ذكر عقب الحديث كلام الهيثمي الذي نقلته آنفا و تعقبته , ذكره هو مسلما به دون أن يعزوه إليه ! 2797 " الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله و ما والاه , أو عالما أو متعلما " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 703 : أخرجه الترمذي ( 2323 ) و ابن ماجه ( 4112 ) و الأصبهاني في " الترغيب " ( ق 223 / 2 ) من طريق ابن ثوبان عن عطاء بن قرة عن عبد الله بن ضمرة السلولي قال : حدثنا # أبو هريرة # قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : فذكره , و قال الترمذي : " حديث حسن غريب " . قلت : و هو كما قال أو قريب منه , و قد أقره المنذري في " الترغيب " ( 1 / 56 ) , فإن رجاله كلهم ثقات معروفون غير عطاء بن قرة , وثقه ابن حبان في " أتباع التابعين " ( 7 / 252 ) لكن قد ذكر في " التهذيب " أنه روى عنه جمع من الثقات , منهم الأوزاعي و الثوري , فكأنه لذلك قال في " التقريب " : " صدوق يخطىء " . فهو حسن الحديث إن شاء الله تعالى , و يؤيده قول الذهبي في " المغني " : " صدوق " . أخرجه الترمذي من طريق علي بن ثابت - و هو الجزري - و الآخران من طريق أبي خليد عتبة بن حماد , كلاهما عن ابن ثوبان - و هو عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان - به . و خالفهما أبو المطرف المغيرة بن المطرف قال : حدثنا ابن ثوبان عن عبدة بن أبي لبابة عن أبي وائل عن ابن مسعود مرفوعا به . أخرجه البزار ( 4 / 108 / 3310 ) و الطبراني في " الأوسط " ( رقم 4248 - نسختي ) و قال : " لم يروه عن ابن ثوبان عن عبدة إلا أبو المطرف .. و روى غيره عن ابن ثوبان عن عطاء بن قرة عن عبد الله بن ضمرة عن أبي هريرة " . قلت : و هذا أصح لاتفاق الصدوقين عليه , و لأن أبا المطرف هذا غير معروف في كتب الرجال , ثم رأيت الدارقطني قد سبقني إلى هذا , فقال في " العلل " ( 5 / 89 ) : " و هو الصحيح " . و قال الهيثمي ( 1 / 122 ) : " لم أر من ذكره " . قلت : أورده بحشل في " تاريخ واسط " ( 181 ) و ذكر له أثرا من رواية وهب بن بقية . و قال الذهبي في " المقتنى " : " واه " . و لفظ البزار : " إلا أمرا بمعروف أو نهيا عن المنكر " . و للحديث شاهد من حديث جابر مرفوعا به , إلا أنه قال : " .. إلا ما كان منها لله عز وجل " . أخرجه أبو نعيم في " الحلية " ( 3 / 157 و 7 / 91 ) و الأصبهاني ( ق 143 / 2 ) و البيهقي في " الشعب " ( 7 / 341 / 10512 ) من طريقين عن عبد الله بن الجراح : حدثنا عبد الملك بن عمرو العقدي حدثنا سفيان بن سعيد عن محمد [ بن المنكدر ] عنه , و قال أبو نعيم : " غريب من حديث محمد و الثوري تفرد به عبد الله بن الجراح " . قلت :: قال الذهبي في " الكاشف " : " ثقة " . و قال الحافظ في " التقريب " : " صدوق يخطىء " . و هذا أقرب إلى مجموع أقوال المتقدمين فيه , فهو حسن الحديث إن شاء الله تعالى , و ذكره ابن أبي حاتم في " العلل " ( 2 / 124 ) من طريقه , و قال عن أبيه : " هذا خطأ , إنما هو محمد بن المنكدر أن النبي صلى الله عليه وسلم " . يعني أنه مرسل . و لم يبين السبب , و على التسليم به هو شاهد حسن مسندا و مرسلا . و شاهد آخر , يرويه محمد بن وضاح : أخبرنا عبد الملك بن حبيب المصيصي أخبرنا ابن المبارك عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن أبي سعيد الخدري مرفوعا بلفظ : " .. إلا ما كان فيها من ذكر الله , أو آوى إلى ذكر الله , و العالم و المتعلم شريكان في الأجر , و سائر الناس همج لا خير فيه " . أخرجه ابن عبد البر في " جامع بيان العلم و فضله " ( 1 / 27 ) و أعله بالوقف فقال : " هكذا رواه عبد الملك بن حبيب المصيصي عن ابن المبارك مسندا , و رواه عبد الله ابن عثمان عن ابن المبارك عن ثور عن خالد بن معدان من قول أبي الدرداء " . ثم ساقه بإسناده إلى عبد الله بن عثمان به موقوفا . و تابعه عبد الرزاق عند البيهقي في " الشعب " ( 7 / 342 ) . قلت : و عبد الله بن عثمان هو الحافظ الثقة الملقب بـ ( عبدان ) , و قد تابعه الحسين المروزي فرواه في " الزهد " ( 191 / 543 ) : أخبرنا ابن المبارك به . و هذا أصح مما قبله , لأن المصيصي مع مخالفته لعبدان و الحسين المروزي فهو مجهول الحال لم يوثقه أحد , على أنه مع وقفه فهو منقطع بين خالد و أبي الدرداء . و قد جاءت هذه الزيادة " و العالم و المتعلم شريكان في الأجر .. " مرفوعة من طرق أخرى عن أبي الدرداء و غيره .. و لكنها واهية كما بينته في " إرواء الغليل " ( 414 ) . ( تنبيه ) : عزا السيوطي الحديث في " الجامعين " لابن ماجه فقط عن أبي هريرة , و " أوسط " الطبراني عن ابن مسعود . و لم يتكلم المناوي على إسناد أبي هريرة , و إنما على إسناد ابن مسعود , و لم يزد فيه على أن نقل عن الهيثمي قوله المتقدم في راويه أبي المطرف : " لم أر من ذكره " . هذا في " الفيض " , و أما في " التيسير " فقد زاد في توضيح الإيهام , فقال : " رمز المؤلف لصحته , و ليس كما قال , إذ فيه مجهول " ! قلت : و فيه ما يلي و إن أقرته لجنة " الجامع الكبير " ( 55 - 10703 ) ! أولا : أوهم أن المجهول في إسناد حديث أبي هريرة أيضا , و ليس كذلك كما سبق . ثانيا : أن رموز السيوطي في " الجامع الصغير " لا قيمة لها , كما نبهنا عليه مرارا , و شرحته في مقدمة " ضعيف الجامع " و " صحيح الجامع " , و قد نبه المناوي نفسه على شيء منه في مقدمة " الفيض " . ثالثا : أوهم أن الحديث ضعيف , و ليس كذلك بالنظر إلى طريق أبي هريرة , فهو حسن كما تقدم , و يزداد قوة بحديث جابر ! و الله أعلم . قلت : و من جناية ( الهدام ) على السنة تضعيفه لهذا الحديث , في تعليقه على " إغاثة اللهفان " , و تصدير تخريجه إياه بقوله ( 1 / 56 ) : " ضعيف : و لعله قول لبعض السلف " !! فيقال له : اجعل ( لعل ) عند ذاك الكوكب , فإن جل طرقه مرفوعة , و أولها حسن لذاته , و نحوه حديث جابر , و لكن الرجل مبتلى بالشذوذ العلمي ! 2798 " اجتنبوا الخمر , فإنها مفتاح كل شر " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 707 : أخرجه الحاكم ( 4 / 145 ) و عنه البيهقي في " شعب الإيمان " ( 2 / 150 / 2 ) من طريق نعيم بن حماد : حدثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن عمرو بن أبي عمرو عن عكرمة عن # ابن عباس # رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره , و قال : " صحيح الإسناد " . و وافقه الذهبي . قلت : نعيم بن حماد , أورده الذهبي نفسه في " الضعفاء و المتروكين " , و قال : " وثقه أحمد و جماعة , و قال النسائي و غيره : ليس بثقة . و قال الأزدي : قالوا : كان يضع الحديث , و قال ( د ) : عنده نحو عشرين حديثا ليس لها أصل , و قال الدارقطني : كثير الوهم " . و أما قول المناوي أنه من رجال الصحيح , فخطأ , لأن البخاري إنما روى عنه مقرونا , و مسلما روى له في " المقدمة " . و أعله أيضا بأن فيه محمد بن إسحاق , و هذا وهم أيضا , لأن ابن إسحاق لا وجود له في هذا الإسناد كما ترى . و للحديث شاهد من حديث أبي الدرداء مرفوعا بلفظ : " لا تشرك بالله شيئا .. و لا تشرب الخمر فإنها مفتاح كل شر " . و هو حديث صحيح خرجته في " الإرواء " ( 2086 ) . و وجدت للشطر الأول منه الشواهد التالية : الأول : عن عثمان رضي الله عنه مرفوعا بلفظ : " اجتنبوا أم الخبائث .. " الحديث . أخرجه ابن حبان في " صحيحه " ( 5324 - ترتيبه ) بإسناد فيه متكلم فيه , و قد خالفه الثقة , فأوقفه كما بينته في التعليق على " الأحاديث المختارة " ( رقم 320 ) . الثاني : عن عبد الله بن عمرو مرفوعا : " اجتنبوا كل ما أسكر " . أخرجه أبو داود ( 3701 ) و عنه البيهقي ( 8 / 310 ) و الدارقطني ( 4 / 258 ) و غيرهم , و قد سبق تخريجه مع شواهد أخرى في المجلد الثاني ( 886 ) , فلا داعي للتكرار . 2799 " لما نزلت هذه الآية التي في *( الفرقان )* : *( و الذين لا يدعون مع الله إلها آخر و لا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق )* عجبنا للينها , فلبثنا ستة أشهر , ثم نزلت التي في *( النساء )* : *( و من يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها و غضب الله عليه و لعنه )* حتى فرغ " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 708 : أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 5 / 150 / 4869 ) من طريق سعيد بن أبي هلال عن جهم بن أبي الجهم أن أبا الزناد أخبرهم أن خارجة بن زيد بن ثابت أخبره عن # زيد بن ثابت #قال : فذكره . قلت : و هذا إسناد حسن في المتابعات و الشواهد , رجاله ثقات رجال الشيخين غير جهم بن أبي الجهم , و يقال له : ابن الجهم , مولى الحارث بن حاطب القرشي الجمحي , ذكره ابن أبي حاتم ( 1 / 1 / 521 ) برواية اثنين عنه , و ابن حبان في " الثقات " ( 4 / 113 ) برواية أحدهما , و يستدرك سعيد بن أبي هلال , فهو ثالث . و تابعه موسى بن عقبة عن أبي الزناد به . أخرجه النسائي ( رقم 4007 ) و ابن جرير الطبري في " التفسير " ( 4 / 139 ) و الطبراني أيضا ( 4870 ) من طريق محمد بن عمرو عنه به . قلت : و هذا إسناد حسن . و في رواية للنسائي : عن محمد بن عمرو عن أبي الزناد .. به . لم يذكر بينهما موسى بن عقبة , و قال النسائي : " أدخل أبو الزناد بينه و بين خارجة مجالد بن عوف " ثم ساقه من طريق عبد الرحمن بن إسحاق عن أبي الزناد عن مجالد بن عوف قال : سمعت خارجة بن زيد به نحوه . و من هذا الوجه أخرجه أبو داود ( 4272 ) . قلت : و هذا إسناد حسن أيضا لولا أن مجالدا هذا لم يوثقه غير ابن حبان ( 7 / 296 ) و سماه " عوف بن مجالد " على القلب , لكن قال الحافظ في " التقريب " : " صدوق " . ( انظر تعليقي على هذه الترجمة من كتابي الجديد " تيسير انتفاع الخلان بكتاب ثقات ابن حبان " ) . و الظاهر أن مجالدا هذا هو الرجل الذي جاء ذكره في رواية ابن عيينة عن أبي الزناد قال : سمعت رجلا يحدث خارجة بن زيد بن ثابت قال : سمعت أباك في هذا المكان بمنى يقول : فذكره نحوه . و من الظاهر أيضا أن أبا الزناد بعد أن سمع الحديث من الرجل سمعه من خارجة مباشرة كما تدل عليه رواية الطبراني الأولى . و للحديث شاهد من حديث ابن عباس . أخرجه ابن جرير ( 5 / 138 - 139 ) من طريقين عنه يقوي أحدهما الآخر , فيرتقي الحديث بهما إلى مرتبة الصحيح . و يشهد له حديث القاسم بن أبي بزة عن سعيد بن جبير قال : قلت لابن عباس : هل لمن قتل مؤمنا متعمدا من توبة ? قال : لا , و قرأت عليه الآية التي في ( الفرقان ) .. و قال : " هذه آية مكية نسختها آية مدنية : *( و من يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم )* " أخرجه البخاري ( 4764 ) و النسائي ( 4001 ) و السياق له . ( تنبيهان ) : الأول : كل هذه الروايات المتقدمة صريحة في تأخر نزول آية ( النساء ) عن آية ( الفرقان ) , إلا رواية مجالد بن عوف عند النسائي فإنها بلفظ : " نزلت *( و من يقتل مؤمنا متعمدا .. )* أشفقنا منها , فنزلت الآية التي في ( الفرقان ) : *( و الذين لا يدعون .. )* " الآية . فهي رواية منكرة , لا أدري الخطأ ممن , فإنها عند النسائي كما عند أبي داود من طريق واحد : عن مسلم بن إبراهيم قال : حدثنا حماد بن سلمة عن عبد الرحمن بن إسحاق به , و لولا ذلك لكان من الواضح القول بأن الخطأ من مجالد بن عوف لما عرفت من جهالته . و الله أعلم . الثاني : في رواية البخاري المتقدمة عن ابن عباس أنه قال : لا توبة للقاتل عمدا , و هذا مشهور عنه , له طرق كثيرة كما قال ابن كثير و ابن حجر , و الجمهور على خلافه , و هو الصواب الذي لا ريب فيه , و آية ( الفرقان ) صريحة في ذلك , و لا تخالفها آية ( النساء ) لأن هذه في عقوبة القاتل و ليست في توبته , و هذا ظاهر جدا , و كأنه لذلك رجع إليه كما وقفت عليه في بعض الروايات عنه , رأيت أنه لابد من ذكرها لعزتها , و إغفال الحافظين لها : الأولى : ما رواه عطاء بن يسار عنه : أنه أتاه رجل , فقال : إني خطبت امرأة فأبت أن تنكحني , و خطبها غيري فأحبت أن تنكحه , فغرت عليها فقتلتها , فهل لي من توبة ? قال : أمك حية ? قال : لا . قال : " تب إلى الله عز وجل , و تقرب إليه ما استطعت " . فذهبت فسألت ابن عباس : لم سألته عن حياة أمه ? فقال : " إني لا أعلم عملا أقرب إلى الله عز وجل من بر الوالدة " . أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " ( رقم 4 ) بسند صحيح على شرط " الصحيحين " . الثانية : ما رواه سعيد عن ابن عباس في قوله : *( و من يقتل مؤمنا متعمدا )* , قال : ليس لقاتل توبة , إلا أن يستغفر الله . أخرجه ابن جرير ( 5 / 138 ) بسند جيد , و لعله يعني أنه لا يغفر له , على قوله الأول , ثم استدرك على نفسه فقال : " إلا أن يستغفر الله " . و الله أعلم . 2800 " ما حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم و لا تكذبوهم , و قولوا : آمنا بالله و كتبه و رسله , فإن كان حقا لم تكذبوهم و إن كان باطلا لم تصدقوهم " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 712 : أخرجه أبو داود ( 2 / 124 ) و عبد الرزاق في " المصنف " ( 20059 ) و ابن حبان ( 110 ) و الدولابي في " الكنى " ( 1 / 58 ) و البيهقي ( 2 / 10 ) و في " الشعب " ( 2 / 99 / 1 ) و أحمد ( 4 / 136 ) و ابن منده في " المعرفة " ( 2 / 266 / 2 ) من طريق الزهري : أخبرني #ابن أبي نملة عن أبيه #قال : كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ دخل عليه رجل من اليهود فقال : يا محمد أتكلم هذه الجنازة ? فقال النبي صلى الله عليه وسلم : الله أعلم , فقال اليهودي : أنا أشهد أنها تكلم , فقال النبي صلى الله عليه وسلم : فذكره . و إسناده ثقات رجال الشيخين غير ابن أبي نملة , قال البيهقي : هو نملة ابن أبي نملة الأنصاري . قلت : في " التقريب " : " إنه مقبول " . فهو في عداد المجهولين , فالإسناد على هذا ضعيف . و لفظ أحمد : " إذا حدثكم " . ثم ظهر لي أنني كنت مخطئا في اعتمادي على قول الحافظ : " مقبول " , الذي يعني أنه غير مقبول عند التفرد , و ذلك أنه هو نفسه قد ذكر في ترجمة ( نملة بن أبي نملة ) من " التهذيب " أنه : " روى عنه - غير الزهري - عاصم و يعقوب ابنا عمر بن قتادة , و ضمرة بن سعيد و مروان بن أبي سعيد , و ذكره ابن حبان في ( الثقات ) و أخرج حديثه في ( صحيحه ) " . قلت : فهؤلاء جمع - أكثرهم ثقات - مع كونه تابعيا يروي عن أبيه , و عهدي بالحافظ و من قبله الذهبي أنهم يقولون في مثله : " صدوق " . و أنهم يحسنون أو يجودون حديثه لغلبة الظن في صدقه , و سلامة حديثه من الخطأ . و الله سبحانه و تعالى أعلم . و إن مما يقوي الحديث أن له شاهدا يرويه الحارث بن عبيدة : حدثنا الزهري عن سالم عن أبيه عن عامر بن ربيعة قال : " كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فمر بجنازة , فقال رجل من اليهود : " يا محمد ! تكلم هذه الجنازة ? " , فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم , فقال : اليهودي : " أنا أشهد أنها تكلم " , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : .. " فذكره نحوه مختصرا إلى قوله : " و رسله " , و دون قوله : " فلا تصدقوهم و لا تكذبوهم " . أخرجه الحاكم ( 3 / 358 ) و قال : " هذا حديث يعرف بالحارث بن عبيدة الرهاوي " . قلت : و هو ضعيف كما قال الذهبي نفسه في " الضعفاء " تبعا للدارقطني , لكن يمكن أن يستشهد به لأنه ليس شديد الضعف , فقد قال أبو حاتم : " ليس بالقوي " . و ذكره ابن حبان في " الثقات " ( 6 / 176 ) و لكنه سرعان ما تناقض فذكره في " الضعفاء " أيضا ( 1 / 224 ) و قال : " لا يعجبني الاحتجاج بخبره إذا انفرد " . قلت : و هذا يعني أنه ليس شديد الضعف , فيجوز الاستشهاد به و الله تعالى أعلم . هذا , و قد زاد ابن حبان في آخر الحديث : " و قد زاد ابن حبان في آخر الحديث : " و قال : قاتل الله اليهود لقد أوتوا علما " . قلت : و تكلم الجنازة مما ينبغي أن يصدق به لثبوت ذلك في بعض الأحاديث الصحيحة , كقوله صلى الله عليه وسلم : " إذا وضعت الجنازة , و احتملها الرجال على أعناقهم , فإن كانت صالحة قالت : قدموني قدموني , و إن كانت غير صالحة قالت : يا ويلها أين يذهبون بها ?! يسمع صوتها كل شيء إلا الإنسان , و لو سمعه لصعق " . أخرجه البخاري و غيره , و هو مخرج في " أحكام الجنائز " ( ص 72 ) . فقوله صلى الله عليه وسلم جوابا عن سؤال اليهودي : " الله أعلم " , الظاهر أنه كان قبل أن يوحى إليه بهذا الحديث الصحيح الصريح في تكلم الجنازة و بصوت . و الله أعلم . ثم إن الحديث في " صحيح البخاري " من حديث أبي هريرة مرفوعا دون قوله : " فإن كان حقا .. " إلخ , و قد مضى برقم ( 422 ) . و قد التبس هذا بحديث الترجمة على شيخ الإسلام ابن تيمية , فانظر التعليق على " فضائل الشام " ( ص 55 - عمان ) .ش1>2>1>1>1>1>1>2>2>1>1>1>1>1>2>
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق