حذف 12. صفحة من مدونتي

12. صفحة تحذفهم با مفتري حسبي الله ونعم الوكيل

Translate

الاثنين، 4 مارس 2024

ج30.سلسلة الاحاديث الصحيحة[ الاحاديث من {2901 الي .3000.} والاخير

 

💦💦💦💦

ج30.سلسلة الاحاديث


 الصحيحة[ الاحاديث 


من {2901 الي .3000.} والاخير

الأحاديث من 2901 إلى 3000*

2901 " ألا ترين أني قد حلت بين الرجل و بينك . يعني أبا بكر الصديق و ابنته عائشة " قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 944 : أخرجه أحمد ( 4 / 271 - 272 ) قال : حدثنا وكيع عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن العيزار بن حريث عن # النعمان بن بشير # قال : جاء أبو بكر يستأذن على النبي صلى الله عليه وسلم , فسمع عائشة و هي رافعة صوتها على رسول الله صلى الله عليه وسلم ? فأذن له , فدخل , فقال : يا ابنة أم رومان - و تناولها - أترفعين صوتك على رسول الله صلى الله عليه وسلم ?! قال : فحال النبي بينه و بينها . قال : فلما خرج أبو بكر جعل النبي صلى الله عليه وسلم يقول لها - يترضاها - : فذكر الحديث . قال : ثم جاء أبو بكر فاستأذن عليه , فوجده يضاحكها , فأذن له , فدخل , فقال له أبو بكر : يا رسول الله ! أشركاني في سلمكما , كما أشركتماني في حربكما . قلت : و هذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين غير العيزار , فإنه من رجال مسلم وحده , و لولا أن أبا إسحاق كان اختلط , و هو إلى ذلك مدلس , و قد

عنعنه لجزمت بصحته , لكنه قد توبع كما يأتي , فهو بذلك صحيح , و اسمه عمرو بن

عبد الله السبيعي . و أخرجه أبو داود ( 4999 ) من طريق حجاج بن محمد : حدثنا

يونس بن أبي إسحاق عن أبي إسحاق به نحوه , و زاد في آخره : " فقال النبي صلى

الله عليه وسلم : قد فعلنا , قد فعلنا " . قلت : و رجاله ثقات أيضا , لكن حجاج

بن محمد - و هو الأعور المصيصي - كان اختلط في آخر عمره لما قدم بغداد قبل موته

, كما قال الحافظ في " التقريب " . فأقول : فأخشى أن يكون هذا مما حدث به في

بغداد , فإنه من رواية يحيى بن معين عنه , و يحيى بغدادي , لكن يحتمل أن يكون

سمعه منه قبل اختلاطه , فقد قيل : إنه كتب عنه نحوا من خمسين ألف حديث ! و إنما

قلت : " أخشى " , لأن ثقتين اتفاقا قد خالفاه في إسناده : أحدهما : عمرو بن

محمد العنقزي , فقال : أنبأنا يونس بن أبي إسحاق عن عيزار بن حريث به . لم يذكر

أبا إسحاق فيه . أخرجه النسائي في " السنن الكبرى " ( 5 / 365 / 9155 ) :

أخبرني عبدة بن عبد الرحيم المروزي قال : أخبرنا عمرو .. و المروزي هذا وثقه

النسائي و غيره , فالسند صحيح . و الآخر : أبو نعيم الفضل بن دكين , قال أحمد (

4 / 275 ) : حدثنا أبو نعيم : حدثنا يونس به مختصرا , و فيه : " فسمع صوت عائشة

عاليا و هي تقول : والله لقد عرفت أن عليا أحب إليك من أبي و مني ( مرتين أو

ثلاثا ) " . فقد ثبت برواية هذين الثقتين رواية يونس عن العيزار مباشرة دون

واسطة أبيه السبيعي , و بذلك صح السند كما قلنا , و الحمد لله تعالى . فإن كان

الحجاج المصيصي قد حفظ عن يونس روايته عن أبيه عن العيزار , فيكون يونس رواه

على الوجهين , تارة بواسطة أبيه , و تارة عن العيزار مباشرة . و إن مما يؤيد

ذلك أنه قد شارك أباه في كثير من شيوخه , و منهم العيزار كما جاء في ترجمة هذا

من " التهذيب " , و قد قال ابن سعد في ترجمة يونس ( 6 / 363 ) : " كانت له سن

<1> عالية , و قد روى عن عامة رجال أبيه " . ثم هو لم يرم بالتدليس , غاية ما

قيل فيه ما أجمله الحافظ بقوله في " التقريب " : " صدوق , يهم قليلا " .

 

-----------------------------------------------------------

[1] كذا وقع فيه , و في " التهذيب " ( 11 / 434 ) : " سنن " ! و لعل الصواب

الأول . اهـ .

2902 " صلاة هاهنا - يريد المدينة - خير من ألف صلاة هاهنا - يريد إيلياء - " .

 

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 946 :

 

أخرجه الطحاوي في " مشكل الآثار " ( 1 / 247 ) و الحاكم ( 3 / 504 ) و الطبراني

في " المعجم الكبير " ( 1 / 285 / 907 ) و من طريقه أبو نعيم في " المعرفة " (

2 / 381 / 1006 ) من طريق عطاف بن خالد عن عبد الله بن عثمان بن الأرقم [ عن

جده # الأرقم # ] أنه قال : جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم , فقال لي : أين

تريد ? فقلت : إلى بيت المقدس , فقال : إلى تجارة ? فقلت : لا , و لكن أردت أن

أصلي فيه . فقال : فذكره , و السياق للطحاوي , و الزيادة من الآخرين , و لفظهما

: " صلاة ههنا , خير من ألف صلاة ثم " . و أورده الهيثمي في " المجمع " ( 4 / 5

) بلفظ : " فالصلاة ههنا - و أومأ إلى مكة - خير من ألف صلاة - و أومأ بيده إلى

الشام - " . و قال الهيثمي : " رواه أحمد , و الطبراني في " الكبير " فقال : ..

" . قلت : فساق لفظ الطبراني المتقدم , و ليس فيه الإيماء الذي عزاه لرواية

أحمد , و قد بحثت عنها كثيرا في " مسنده " , و قد استعنت على ذلك بكل الفهارس

الموضوعة لـ " المسند " و المعروفة اليوم فلم أهتد إليه , و لقد افترضت أنه

أورده - لمناسبة ما في غير مسند صحابيه ( الأرقم ) , فراجعت كل أحاديث فضل

الصلاة في مسجده صلى الله عليه وسلم في مسانيد الصحابة الذين رووها مثل أبي

هريرة , و ابن عمر , و غيرهما , فلم أعثر عليه , فمن المحتمل أن يكون في بعض

نسخ " المسند " , فقد بلغني عن بعض إخواننا المشتغلين بهذا العلم الشريف أنه

عثر على قطعة منه غير مطبوعة , فلعل الحديث فيها , فإن وجد فغالب الظن أنه من

طريق عطاف هذا . ثم صدق ظني هذا , فقد أفادني هاتفيا الأخ علي الحلبي - جزاه

الله خيرا - أن الحديث أورده الحافظ ابن حجر في " أطراف المسند " ( 1 / 48 / 84

- تحقيق الأخ سمير ) : حدثنا عصام بن خالد عن العطاف بن خالد عن يحيى بن عمران

عن عبد الله بن عثمان بن الأرقم عن جده الأرقم به . و عن علي بن عياش عن عطاف

عن يحيى بن عمران عن عبد الله بن عثمان به <1> . قلت : و في هذا دلالة على

أمرين : الأول : أن الحديث فعلا مما سقط من " المسند " المطبوع . و الآخر : أنه

سقط من إسناد الأولين يحيى بن عمران بين العطاف و عبد الله بن عمران . و من

الظاهر أن ذلك من العطاف نفسه - و ليس من الرواة عنه لأنهم ثقات - , و قد

تكلموا فيه من قبل حفظه , كما أشار إلى ذلك الحافظ بقوله : " صدوق يهم " . و قد

تابعه على إثباته غير واحد , فقد أخرجه أبو نعيم ( رقم 1007 ) من طريق أبي مصعب

عن يحيى بن عمران بن عثمان بن الأرقم عن عمه عبد الله بن عثمان , و عن أهل بيته

, عن جده عثمان بن الأرقم عن الأرقم . و قال أبو نعيم : " و رواه محمد بن أبي

بكر المقدمي عن يحيى بن عمران مثله سواء " . و من وجوه الاختلاف على العطاف ما

رواه ابن أبي عاصم في " الآحاد و المثاني " ( 2 / 19 / 688 ) من طريق عبد الله

بن صالح : أخبرنا عطاف بن خالد المخزومي أخبرنا عبد الله ابن عثمان بن الأرقم

عن أبيه عثمان بن الأرقم قال : " جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم .. " الحديث

, فجعله من مسند عثمان بن الأرقم , قال الحافظ في " الإصابة " بعد أن أورده في

القسم الرابع , يعني الذين لم تثبت صحبتهم : " هكذا أورده , و هو خطأ من أبي

صالح أو غيره , و الصواب ما رواه أبو اليمان عن عطاف عن عبد الله بن عثمان بن

الأرقم عن أبيه , عن جده . أخرجه ابن منده و غيره , و هو الصواب " . قلت : كذا

وقع فيه : " عن أبيه " , و أظنه سبق قلم من الحافظ , أو مقحما من بعض النساخ ,

فإنه لم يذكر في كل المصادر المتقدمة , و إنما هو " عن عبد الله بن عثمان بن

الأرقم عن جده " . و هكذا هو في " التعجيل " قال : " روى عن جده , و له صحبة .

و عنه يحيى بن عمران , فيه نظر " . و يتلخص من هذا التخريج أن سند الحديث يدور

: أولا : على عبد الله بن عثمان بن الأرقم عن جده الأرقم . و ثانيا : أن العطاف

بن خالد رواه عنه تارة مباشرة بدون واسطة , و لكن معنعنا لم يذكر السماع , و

تارة رواه بواسطة يحيى بن عمران عنه . و قد توبع على هذه . و عليه فنستطيع أن

نقول : إن الحديث إنما هو من رواية يحيى بن عمران عن عبد الله ابن عثمان عن جده

الأرقم . و حينئذ يتحرر معنا أن في هذا الإسناد علتين : الأولى : عبد الله بن

عثمان هذا , لا يعرف إلا في هذه الرواية , و قد أورده البخاري و ابن أبي حاتم

في كتابيهما من رواية عطاف , و لم يذكرا فيه جرحا و لا تعديلا , لكن البخاري

ذكره على القلب : " عثمان بن عبد الله بن الأرقم " ! و هكذا وقع في رواية

الطبراني و الحاكم المتقدمة , و كذلك أعاده ابن أبي حاتم ! و هذا مما يؤكد أن

الرجل غير معروف , فمن المستغرب عدم ذكره في " الميزان " , و لا في " اللسان "

. و أغرب منه ذكر ابن حبان إياه في " الثقات " ( 7 / 198 ) كما ذكره البخاري ,

أي مقلوبا ! و لم يذكره في العبادلة كما فعل ابن أبي حاتم , و هو هو !! و العلة

الأخرى : يحيى بن عمران , و هو ابن عثمان بن الأرقم كما تقدم في إحدى روايتي

أبي نعيم , و هكذا أورده الشيخان في كتابيهما , و قال ابن أبي حاتم عن أبيه : "

شيخ مدني مجهول " . و أما ابن حبان فذكره أيضا في " الثقات " ( 9 / 253 ) . إذا

عرفت هذا يتبين لنا به أوهام بعض الحفاظ : الأول : قول الحاكم : " صحيح الإسناد

" ! و وافقه الذهبي ! الثاني : قول الهيثمي بعدما عزاه لأحمد و الطبراني : " و

رجال الطبراني ثقات " ! ذلك لأنه لا فرق بين رواية الطبراني و الحاكم من جهة ,

و رواية أحمد من جهة أخرى , إذ إن رواية الجميع تدور على عطاف بن خالد , و فيه

الضعف الذي سبق ذكره , و شيخه عندهم جميعا واحد , و هو عبد الله بن عثمان , في

رواية أحمد , و عثمان ابن عبد الله على القلب عند الآخرين , و هو هو كما سبق

تحقيقه , و أنه غير معروف . ثم إن عطافا قد اضطرب في إسناده , فأدخل بينه و بين

عبد الله بن عثمان يحيى بن عمران , و هو مجهول , فلا وجه إذن لتصحيح إسناده , و

لا للتفريق بين إسناد أحمد و الطبراني . الثالث : خلط الحافظ ابن حجر في "

التعجيل " في ترجمة عبد الله بن عثمان هذا و ترجمة أبيه عثمان , و عزوه لعطاف

من الحديث ما لم يروه , فقال فيها ( ص 228 ) : " و له في " المسند " حديث آخر

من طريق عطاف بن خالد عن عثمان المذكور ( ! ) عن أبيه عن جده ( ! ) في الذي

يتخطى الرقاب يوم الجمعة " . فأقول : ليس لعطاف علاقة بهذا الحديث , و إنما هو

عند أحمد ( 3 / 417 ) و غيره من حديث هشام بن زياد - و هو متروك - عن عثمان بن

الأرقم بن أبي الأرقم المخزومي عن أبيه - و كان من أصحاب النبي صلى الله عليه

وسلم - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : فذكره , و هو مخرج في " الضعيفة "

برقم ( 2811 ) . فأنت ترى أن عثمان المذكور ليس هو المترجم , و إنما ابنه , و

أن قوله : " عن جده " مقحم لا علاقة له بالحديث , فهو من هذه الحيثية كعطاف !!

و كعبد الله بن عثمان ! فلعل مثل هذا الخلط ( ! ) من النساخ , فإنه بعيد جدا

عما نعرف من علم الحافظ و دقته . و قد ذكره في " الإصابة " من رواية أحمد عن

عثمان بن الأرقم عن أبيه لم يجاوزه , و أعله بتفرد هشام بن زياد و قال : "

ضعفوه " . هذا و بعد أن انتهينا من تحقيق الكلام على إسناد حديث الترجمة , و

بيان ضعفه لجهالة بعض رواته , و بيان بعض أوهام العلماء التي وقعت حوله , بما

قد لا تراه في مكان آخر , بقي علي أن أحرر القول في متنه بعد أن عرفت مما سبق

أن الروايات اختلفت في تعيين المسجد المراد بتفضيل الصلاة فيه بألف , أهو مسجد

( المدينة ) كما في رواية الطحاوي , أم هو مسجد مكة كما في رواية أحمد , و كلتا

الروايتين مدارهما على العطاف . فوجدت للرواية الأولى ما يقويها من رواية يحيى

بن عمران عند أبي نعيم المخرجة آنفا , فإنها بلفظ : " صلاة في مسجدي هذا خير من

ألف صلاة فيما سواه , إلا المسجد الحرام " . و زاد : " قال : فجلس الأرقم و لم

يخرج " . قلت : فهذا مما يرجح أن المقصود إنما هو مسجد المدينة لا مكة . فإن

قيل : ما فائدة هذا التحقيق , سواء ما كان منه متعلقا بالإسناد أو المتن ما دام

أن السند ضعيف عندك ? و جوابا عليه أقول : لا تلازم بين الأمرين , فقد يكون

المتن صحيحا مع ضعف إسناده لوجود طريق آخر له , أو شاهد , و هو ما يعرف بالحديث

الحسن أو الصحيح لغيره , و هذا هو واقع هذا الحديث . فقد وجدت له شاهدا قويا من

حديث أبي سعيد الخدري قال : ودع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا فقال له : "

أين تريد ? " . قال : أريد بيت المقدس . فقال له النبي صلى الله عليه وسلم :

فذكر الحديث بلفظ يحيى بن عمران . أخرجه أحمد , و ابنه عبد الله في " زوائد

المسند " ( 3 / 77 ) قال : حدثني أبي : حدثنا عثمان بن محمد - و سمعته أنا من

عثمان بن محمد بن أبي شيبة - : حدثنا جرير عن مغيرة عن إبراهيم عن سهم عن قزعة

عن أبي سعيد الخدري به . قلت : و هذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين

غير سهم , و هو منجاب , و هو ثقة من رجال مسلم , و وقع في " المسند " ( إبراهيم

بن سهل ) ! و هو خطأ مطبعي . و إبراهيم هو ابن يزيد النخعي . و مغيرة هو ابن

مقسم الضبي . و جرير هو ابن عبد الحميد . ثم استدركت فقلت : لكن المغيرة مدلس ,

و لذلك أورده الذهبي في " المغني " و قال : " إمام ثقة , لكن لين أحمد بن حنبل

روايته عن إبراهيم فقط " . قلت : فحديثه و الحالة هذه حسن يصلح للشهادة فقط . و

الحديث أخرجه ابن حبان في " صحيحه " ( 3 / 73 / 1622 ) : أخبرنا عمران بن موسى

بن مجاشع : حدثنا عثمان بن أبي شيبة به , إلا أنه قال : " مائة " مكان " ألف "

. و هو شاذ لمخالفته لرواية أحمد و ابنه عبد الله المتقدمة من جهة , و لأحاديث

أخرى عن جمع آخر من الصحابة من جهة أخرى , و هي مخرجة في " الإرواء " ( 4 / 143

- 146 ) . ثم أخرجه ابن حبان ( 1621 ) , و أبو يعلى في " مسنده " ( 2 / 393 /

1165 ) و كذا البزار ( 1 / 215 / 429 - كشف الأستار ) من طرق أخرى عن جرير به ,

بلفظ " مائة " . إلا أن الهيثمي لم يسق لفظه في " الكشف " و إنما أحال به على

لفظ طريق أخرى قبل هذه بلفظ " ألف " قائلا : " قلت : فذكره نحوه " . فكأنه يعني

أنه بلفظ : " ألف " , و هذا ما صرح به في " مجمع الزوائد " , فإنه قال ( 4 / 6

) بعد أن ساقه بلفظ أبي يعلى : " رواه أبو يعلى و البزار بنحوه , إلا أنه قال :

" أفضل من ألف صلاة " , و رجال أبي يعلى رجال الصحيح " . فأقول : لا داعي

لتخصيص أبي يعلى بما ذكره , فإن البزار شيخه فيه يوسف بن موسى عن جرير , و يوسف

هذا هو أبو يعقوب الكوفي , و هو من شيوخ البخاري , فالصواب أن يقال : " و

رجالهما رجال الصحيح " . ثم إنه قد فاته عزوه لأحمد , و هو من شرطه ! و كذلك

فاته أن يذكره في كتابه الآخر : " غاية المقصد في زوائد المسند " ( ق 51 / 2 )

. و كذلك فات المعلق على مسند أبي يعلى أن يعزوه إلى أحمد , و لم يتنبه هو و لا

المعلق على " الإحسان " ( 4 / 504 / 1623 - 1624 ) لعلة التدليس التي تمنع من

التصحيح , و لا لشذوذ متنه المخالف لرواية أحمد و ابنه و البزار , و لسائر

الأحاديث , فالحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات . بقي الكلام على فضل الصلاة

في مسجد ( إيلياء ) : المسجد الأقصى , أعاده الله إلى المسلمين مع سائر بلاد

فلسطين , فإنه لم يرد له ذكر إلا في الطريق الأولى , و أصح ما جاء في فضل

الصلاة فيه حديث أبي ذر رضي الله عنه قال : تذاكرنا و نحن عند رسول الله صلى

الله عليه وسلم أيهما أفضل : مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم أو مسجد بيت

المقدس ? فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " صلاة في مسجدي هذا أفضل من

أربع صلوات فيه , و لنعم المصلى .. " الحديث . أخرجه الطحاوي في " مشكل الآثار

" ( 1 / 248 ) و الحاكم ( 4 / 509 ) و البيهقي في " الشعب " ( 3 / 486 / 4145 )

و الطبراني في " الأوسط " ( 2 / 220 / 1 / 8395 - بترقيمي ) و قال : " لم يروه

عن قتادة إلا الحجاج و سعيد بن بشير , تفرد به عن الحجاج إبراهيم بن طهمان , و

تفرد به عن سعيد محمد بن سليمان بن أبي داود " . قلت : قد تابعه آخران , أحدهما

: الوليد بن مسلم عند الطحاوي , و الآخر : محمد ابن بكار بن بلال عند البيهقي .

و الحجاج هو ابن الحجاج الباهلي , و هو ثقة من رجال الشيخين , و مثله إبراهيم

ابن طهمان , و لذلك قال الحاكم عقبه : " صحيح الإسناد " . و وافقه الذهبي . و

هو كما قالا . و قال الهيثمي في " المجمع " ( 4 / 7 ) : " رواه الطبراني في "

الأوسط " , و رجاله رجال الصحيح " . و لم يقف المنذري على رواية الطبراني هذه ,

و كذا رواية الحاكم , فقال في " الترغيب " ( 2 / 138 ) : " رواه البيهقي بإسناد

لا بأس به , و في متنه غرابة " ! كذا قال ! و كذلك لم يقف على رواية الحاكم هذه

الصحيحة المعلق على " مشكل الآثار " ( 2 / 68 - طبع المؤسسة ) , فصدر تخريجه

بتضعيف إسناده بسعيد بن بشير , و نقل قول الهيثمي المذكور , دون أن يدري أن

إسناده - كإسناد الحاكم - صحيح .

 

-----------------------------------------------------------

[1] ثم رأيت الهيثمي قد ساقه في " زوائد المسند " ( ق 51 / 2 ) و انظر

الاستدراك ( 2 ) .

2903 " ضعوا ما كان معكم من الأنفال " .

 

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 955 :

 

أخرجه الحاكم ( 3 / 504 ) و الطبراني في " المعجم الكبير " ( 1 / 285 - 286 /

909 ) و " الأوسط " ( 2 / 71 / 1 / 6173 ) و أبو نعيم في " المعرفة " ( 1 / 79

/ 1 ) من طريق أبي مصعب : حدثنا يحيى بن عمران بن عثمان عن جده عثمان بن #

الأرقم بن أبي الأرقم # عن أبيه رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله

عليه وسلم يوم بدر : فذكره , فرفع أبو أسيد الساعدي سيف ابن عائذ المرزبان ,

فعرفه الأرقم بن أبي الأرقم , فقال : هبه لي يا رسول الله ! فأعطاه إياه . و

قال الحاكم : " صحيح الإسناد " . و وافقه الذهبي . و قال الطبراني : " لا يروى

عن الأرقم بن أبي الأرقم إلا بهذا الإسناد , تفرد به أبو مصعب " . قلت : و اسمه

أحمد بن أبي بكر الزهري المدني , و هو ثقة من رجال الشيخين . و من فوقه على شرط

ابن حبان , فيحيى بن عمران بن عثمان ذكره في " ثقاته " , لكن صرح أبو حاتم

بجهالته كما تقدم في الحديث الذي قبله . و جده عثمان بن الأرقم , ذكره البخاري

في " التاريخ " ( 3 / 2 / 214 ) برواية حفيده يحيى عنه , و لم يذكر فيه جرحا و

لا تعديلا . و كذلك فعل ابن أبي حاتم ( 3 / 1 / 144 ) و لكنه ذكره من رواية

عطاف بن خالد و عمار بن سعد عنه . و أما ابن حبان فذكره في " الثقات " ( 5 /

157 ) و قال : " روى عنه أهل الحجاز و ابن ابنه يحيى بن عمران بن عثمان " . قلت

: فهو صدوق إن شاء الله تعالى . و قال الهيثمي بعد أن عزاه لمعجمي الطبراني ( 6

/ 52 ) : " و رجاله ثقات " . فأقول : فمثل هذا الإسناد يتقوى بالشواهد , و قد

وجدت لحديث الترجمة شاهدا في قصة تشبه هذه وقعت لسعد بن أبي وقاص , و فيه قوله

صلى الله عليه وسلم : " ضعه من حيث أخذته " . رواه مسلم , و أبو عوانة , و ابن

حبان , و هو مخرج في " صحيح أبي داود " ( 2446 ) .

2904 " تفل صلى الله عليه وسلم في رجل عمرو بن معاذ حين قطعت رجله , فبرأت " .

 

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 957 :

 

أخرجه ابن حبان في " صحيحه " ( 8 / 151 / 6475 - الإحسان ) و أبو نعيم في "

المعرفة " ( 2 / 94 / 1 ) من طريق الحسين بن حريث قال : حدثنا علي بن الحسين بن

واقد قال : حدثني أبي قال : حدثني عبد الله بن # بريدة # قال : سمعت أبي يقول :

فذكره . قلت : و هذا إسناد صحيح أو حسن على الأقل و هو على شرط مسلم , و في

بعضهم كلام لا يضر . و هو من الأحاديث الكثيرة التي صرح عبد الله بن بريدة

بسماعه من أبيه , فلا جرم أن احتج الشيخان بروايته عن أبيه فأخرجا له في "

الصحيحين " , ففيه رد صريح على من زعم من المعاصرين أنه لم يسمع هو و أخوه

سليمان من أبيهما , و قد ذكرت تفصيل القول في الرد عليه و إبطال زعمه في الحديث

الآتي برقم ( 2914 ) بما لا تراه في مكان آخر . فالحمد لله الذي بنعمته تتم

الصالحات . و الحديث عزاه الحافظ في " الإصابة " للضياء المقدسي أيضا في "

الأحاديث المختارة " .

2905 " نهى عن مجلسين و ملبسين , فأما المجلسان : فجلوس بين الظل و الشمس , و المجلس

الآخر : أن تحتبي في ثوب يفضي إلى عورتك , و الملبسان : أحدهما : أن تصلي في

ثوب و لا توشح به . و الآخر : أن تصلي في سراويل ليس عليك رداء " .

 

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 958 :

 

أخرجه الحاكم في " المستدرك " ( 4 / 272 ) و ابن عدي في " الكامل " ( 4 / 329 -

330 ) من طريق أبي ثميلة : حدثني أبو المنيب عبيد الله بن عبد الله العتكي

حدثني عبد الله بن # بريدة # عن أبيه رضي الله عنه قال : فذكره مرفوعا . أورده

ابن عدي في ترجمة أبي المنيب هذا , و ذكر الخلاف فيه , و ساق له أحاديث ثم قال

: " و له غير ما ذكرت , و هو عندي لا بأس به " . قلت : و هذا هو الذي يتخلص من

خلافهم فيه , أنه حسن الحديث إذا لم يخالف , صحيح الحديث إذا وافق الثقات , و

هو الذي يشير إليه قول الذهبي في " الكاشف " : " وثقه ابن معين و غيره , و قال

البخاري : عنده مناكير " . و زاد في " المغني " : " و أنكر أبو حاتم على

البخاري إدخاله في الضعفاء " . و قال الحافظ : " صدوق يخطىء " . و أما الحاكم

فسكت عنه , و لا أدري لم ? و أما الذهبي فقال عقبه : " قلت : أبو المنيب عبيد

الله قواه أبو حاتم , و احتج به النسائي " . و الحديث صحيح , فقد جاء مفرقا في

أحاديث : 1 - الجلوس بين الظل و الشمس . فيه أحاديث عن أبي هريرة و غيره خرجت

بعضها فيما تقدم ( 837 و 838 ) و ( 3110 ) . 2 - الاحتباء في ثوب .. فيه أحاديث

عن أبي سعيد و أبي هريرة , في " الصحيحين " , و عائشة عند ابن ماجه و غيره .

3 - الصلاة في ثوب لا يتوشح فيه . 4 - الصلاة في السراويل دون رداء . فيهما

حديث بريدة : " نهى أن يصلي في لحاف لا يتوشح به , و أن يصلي في سراويل ليس

عليه رداء " . و هذا القدر رواه أبو داود و غيره في حديث بريدة أيضا , و هو

مخرج في " صحيح أبي داود " ( 646 ) . و روى الخطيب ( 5 / 138 ) من طريق الحسين

بن واقد - الأصل : وردان ! - عن أبي الزبير عن جابر : أن النبي صلى الله عليه

وسلم نهى عن الصلاة في السراويل . و هو مخرج في " الضعيفة " ( 4721 ) . و روى

الخطيب عن أبي بكر النيسابوري أنه قال : " فقه هذا الحديث أن النبي صلى الله

عليه وسلم نهى عن الصلاة في السروال وحده " . قلت : فهو بمعنى قوله صلى الله

عليه وسلم : " إذا كان لأحدكم ثوبان فليصل فيهما , فإن لم يكن إلا ثوب واحد

فليتزر به , و لا يشتمل اشتمال اليهود " . أخرجه أبو داود و غيره بسند صحيح , و

هو مخرج في " صحيح أبي داود " ( 645 ) .

2906 " لا يأتي على الناس مائة سنة , و على الأرض عين تطرف ممن هو حي اليوم " .

 

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 960 :

 

أخرجه أحمد ( 1 / 93 ) و ابنه عبد الله ( 1 / 140 ) و من طريقه الضياء في "

الأحاديث المختارة " ( 2 / 378 / 760 ) و أبو يعلى ( 1 / 438 / 584 ) و

الطبراني في " المعجم الأوسط " ( 2 / 59 / 1 / 5988 ) من طرق عن منصور عن

المنهال بن عمرو عن نعيم ابن دجاجة أنه قال : دخل أبو مسعود عقبة بن عمرو

الأنصاري على #علي بن أبي طالب # , فقال له علي : أنت الذي تقول : لا يأتي على

الناس مائة سنة و على الأرض عين تطرف ?! إنما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

: .. ( فذكر الحديث ) , والله إن رجاء هذه الأمة بعد مائة عام . و تابعه مطرف

بن طريف عن المنهال بن عمرو به . أخرجه الطحاوي في " مشكل الآثار " ( 1 / 161 )

و أبو يعلى أيضا ( 1 / 360 / 467 ) و من طريقه الضياء أيضا ( 761 ) و الطبراني

في " المعجم الكبير " ( 17 / 248 / 693 ) . قلت : و هذا إسناد صحيح , المنهال

بن عمرو ثقة من رجال البخاري , و فيه كلام لا يضر . و نعيم بن دجاجة , ذكره ابن

أبي حاتم ( 4 / 1 / 461 ) برواية ثقتين آخرين عنه , و لم يذكر فيه جرحا و لا

تعديلا . و ذكره ابن حبان في كتابه في " ثقات التابعين " ( 5 / 478 ) و الظاهر

أنه كان حيا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم , و لذلك ألزم الحافظ من صنف في

الصحابة أن يذكروه فيهم . راجع كتابه " التهذيب " . و للحديث شواهد كثيرة في "

الصحيحين " و غيرهما , و خرجت طائفة منها في " الروض النضير " تحت حديث أبي

سعيد الخدري بمعناه ( 1100 ) , و هو في " صحيح مسلم " و " صحيح ابن حبان " . و

الحديث أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " ( 1 / 198 ) و قال : " رواه أحمد و

أبو يعلى و الطبراني في " الكبير " و " الأوسط " , و رجاله ثقات " . و معنى

الحديث أنه لا يعيش أحد ممن كان يؤمئذ حيا على وجه الأرض بعد مائة سنة . و ليس

فيه نفي حياة أحد يولد بعد ذلك . انظر " فتح الباري " ( 1 / 211 - 212 ) .

2907 " لو كان لابن آدم واديان من مال ( و في رواية : من ذهب ) لابتغى [ واديا ]

ثالثا , و لا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب , و يتوب الله على من تاب " .

 

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 961 :

 

أقول : هذا حديث صحيح متواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم , رواه عنه جماعة من

أصحابه بألفاظ متقاربة , و قد خرجته عن جماعة منهم في " تخريج أحاديث مشكلة

الفقر " ( 18 / 14 ) منهم # أنس # عند الشيخين , و قد أخرجاه عن #ابن عباس #

أيضا , و منهم #ابن الزبير # عند البخاري , و # أبو موسى #عند مسلم و غيره ,

و يأتي لفظه , و غيرهم , و عددهم نحو عشرة , و في الباب عن غيرهم تجد تخريجها

في " مجمع الزوائد " ( 7 / 140 - 141 و 10 / 243 - 245 ) و يأتي تخريج بعضها مع

سوق ألفاظها المناسبة لما أنا متوجه إليه الآن , و هو تحرير القول في الروايات

المختلفة في حديث الترجمة : هل هو حديث نبوي , أو حديث قدسي , أو قرآن منسوخ

التلاوة ? فأول ما يواجه الباحث و يلفت نظره للتحري ثلاثة أخبار عن الصحابة :

الأول : قول ابن عباس في رواية عنه عقب حديثه المشار ? إليه آنفا : " فلا أدري

من القرآن هو أم لا ? " . الثاني : قول أنس نحوه في رواية لمسلم و أحمد .

الثالث : قول أبي بن كعب من رواية أنس عنه قال : " كنا نرى هذا من القرآن حتى

نزلت *( ألهاكم التكاثر )* " . أخرجه البخاري ( 6440 ) و الطحاوي في " مشكل

الآثار " ( 2 / 420 ) . و لا يخفى على البصير أن القولين الأولين لا يدلان على

شيء مما سبقت الإشارة إليه , لأنه اعتراف صريح بعدم العلم , و لكنه مع ذلك فيه

إشعار قوي بأنه كان من المعلوم لدى الصحابة أن هناك شيئا من القرآن رفع و نسخ ,

و لذلك لم يكتب في المصحف المحفوظ , فتأمل هذا , فإنه يساعدك على فهم الحقيقة

الآتي بيانها . و أما قول أبي : " كنا نرى .. " , فهو يختلف عن القولين الأولين

, من جهة أنه كان الحديث المذكور أعلاه من القرآن , إما ظنا غالبا راجحا , و

إما اعتقادا جازما , ذلك ما يدل عليه قوله : " نرى " , قال الحافظ ( 11 / 257 )

: " بضم النون - أوله - أي نظن , و يجوز فتحها , من ( الرأي ) أي نعتقد " . قلت

: و الثاني هو الراجح عندي , بل الصواب الذي لا يجوز سواه لما سيأتي عنه و عن

غيره من الصحابة الجزم به . و لا ينافيه قوله : " حتى نزلت *( ألهاكم التكاثر

)* " , لأنه يعني : فنسخت هذه تلك . إذا عرفت هذا فإليك الآن الأحاديث المؤكدة

لما دل عليه حديث أبي هذا : أن قوله : " لو كان لابن آدم واديان .. " إلخ كان

قرآنا يتلى , ثم رفع و نسخ . الحديث الأول : عن أبي بن كعب أن رسول الله صلى

الله عليه وسلم قال له : " إن الله أمرني أن أقرأ عليك القرآن . فقرأ عليه : *(

لمن يكن الذين كفروا )* , و قرأ فيها : " إن ذات الدين الحنيفية المسلمة , لا

اليهودية , و لا النصرانية , و لا المجوسية , من يعمل خيرا فلن يكفره " . و قرأ

عليه : " لو أن لابن آدم واديا من مال لابتغى إليه ثانيا , و لو كان له ثانيا

لابتغى إليه ثالثا .. " إلخ [ قال : ثم ختمها بما بقي منها ] " .

2908 " إن الله أمرني أن أقرأ عليك القرآن . فقرأ عليه : *( لم يكن الذين كفروا )*

, و قرأ فيها : " إن ذات الدين الحنيفية المسلمة , لا اليهودية و لا النصرانية

و لا المجوسية , من يعمل خيرا فلن يكفره " . و قرأ عليه : " لو أن لابن آدم

واديا من مال لابتغى إليه ثانيا , و لو كان له ثانيا لابتغى إليه ثالثا .. "

إلخ [ قال : ثم ختمها بما بقي منها ] " .

 

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 963 :

 

أخرجه الترمذي ( 9 / 400 / 3894 ) و الحاكم ( 2 / 224 ) و الطيالسي ( رقم ( 539

) و أحمد ( 5 / 131 - 132 ) و عبد الله بن أحمد ( 5 / 132 ) و أبو نعيم في "

الحلية " ( 4 / 187 ) كلهم من طريق شعبة عن عاصم قال : سمعت زر بن حبيش يحدث عن

# أبي بن كعب # أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له : فذكره . و الزيادة

لعبد الله , و قال الترمذي : " حديث حسن صحيح " . و أقره ابن كثير في " التفسير

" . و قال الحاكم : " صحيح الإسناد " . و وافقه الذهبي , و أقره الحافظ في عدة

مواضع من " الفتح " ( 7 / 127 و 8 / 725 ) و قال ( 11 / 257 ) : " و سنده جيد "

. و أقول : الأصل في هذا الإسناد التحسين فقط للخلاف المعروف في عاصم - و هو

ابن أبي النجود - في الحديث , و لكن لما كان صدوقا في نفسه , و ثقة و إماما في

القراءة , و قرأ على شيخه في هذا الحديث - زر بن حبيش - و كان الحديث في

القراءة , فهو إذن يتعلق باختصاصه , فالنفس تطمئن لحفظه إياه جيدا أكثر من حفظه

للأحاديث الأخرى التي لا تتعلق بالقراءة , و هذا ظاهر جدا , و لذا أخرجه الضياء

في " المختارة " ( 3 / 368 - 369 ) . و لحديث الترجمة منه طريق أخرى عند

الطبراني في " المعجم الكبير " ( 1 / 170 / 542 ) بسند ضعيف عن الشعبي عن ابن

عباس عن أبي مرفوعا بلفظ : " لو كان للإنسان واديان من المال .. " . لكن له

إسناد صحيح عن ابن عباس , رواه الشيخان و غيرهما , و هو مخرج في " أحاديث

المشكلة " ( 18 / 14 ) و يأتي برواية أخرى بالرقم التالي . و جملة القراءة عليه

رضي الله عنه لها طريق آخر , يرويه عبد الله بن عبد الرحمن ابن أبزى عن أبيه عن

أبي مرفوعا بلفظ : " إن الله تعالى أمرني أن أعرض القرآن عليك " . قال : و

سماني لك ربي تبارك و تعالى ? قال : *( بفضل الله و برحمته فبذلك فلتفرحوا )* ,

هكذا قرأها أبي , و في رواية زاد : " فقلت له : يا أبا المنذر ! ففرحت بذلك ?

قال : و ما يمنعني ? والله تبارك و تعالى يقول : *( قل بفضل الله و برحمته

فبذلك فلتفرحوا هو خير مما يجمعون )* . قال مؤمل : قلت لسفيان : هذه القراءة في

الحديث ? قال : نعم " . و أخرجه أبو داود ( 3981 ) و ابن جرير في " التفسير " (

15 / 108 / 17687 و 17688 ) و الحاكم ( 2 / 240 - 241 ) و قال : " صحيح الإسناد

" . و وافقه الذهبي , و هو كما قالا إلا أنه وقع عنده فعل ( فليفرحوا ) و (

يجمعون ) بالمثناة التحتية فيهما . و كذا وقع الفعل الثاني في " المسند " , و

أظن ذلك كله خطأ من الناسخ أو الطابع , و الصواب فيهما بالتاء المثناة , فهي

قراءة أبي , و الأولى قراءة عامة القراء , كما قال ابن جرير . و للجملة

المذكورة شاهد من حديث أنس رضي الله عنه أخرجه الشيخان , و ابن حبان ( 9 / 139

/ 7100 ) و أحمد ( 3 / 130 و 185 و 218 و 233 و 273 و 284 ) و غيرهم .

الحديث الثاني : عن ابن عباس رضي الله عنه قال : " جاء رجل إلى عمر يسأله ,

فجعل ينظر إلى رأسه مرة , و إلى رجليه أخرى , هل يرى من البؤس شيئا ? ثم قال له

عمر : كم مالك ? قال : أربعون من الإبل ! قال ابن عباس : صدق الله و رسوله : "

لو كان لابن آدم واديان من ذهب .. " الحديث . فقال عمر : ما هذا ? فقلت : هكذا

أقرأنيها أبي . قال : فمر بنا إليه . قال : فجاء إلى أبي , فقال : ما يقول هذا

? قال أبي : هكذا أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم " .

2909 " جاء رجل إلى عمر يسأله , فجعل ينظر إلى رأسه مرة , و إلى رجليه أخرى هل يرى

من البؤس شيئا ? ثم قال له عمر : كم مالك ? قال : أربعون من الإبل ! قال ابن

عباس : صدق الله و رسوله : " لو كان لابن آدم واديان من ذهب .. " الحديث . فقال

عمر : ما هذا ? فقلت : هكذا أقرأنيها أبي . قال : فمر بنا إليه . قال : فجاء

إلى أبي , فقال : ما يقول هذا ? قال أبي : هكذا أقرأنيها رسول الله صلى الله

عليه وسلم " .

 

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 965 :

 

أخرجه أحمد ( 5 / 117 ) و ابن حبان في " صحيحه " ( 5 / 97 / 3226 ) من طريق أبي

معاوية عن أبي إسحاق الشيباني عن يزيد بن الأصم عن # ابن عباس # قال : فذكره .

قلت : و هذا إسناد صحيح على شرط مسلم . هذا هو الحديث الثاني الدال على قوله :

" لو كان لابن آدم .. "‏كان قرآنا يتلى , ثم رفع .

الحديث الثالث : عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال : " لقد كنا نقرأ على عهد

رسول الله صلى الله عليه وسلم : لو كان لابن آدم واديان من ذهب و فضة لابتغى

إليهما آخر , و لا يملأ بطن ابن آدم إلا التراب , و يتوب الله على من تاب " .

2910 " لقد كنا نقرأ على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم : لو كان لابن آدم واديان

من ذهب و فضة لابتغى إليهما آخر , و لا يملأ بطن ابن آدم إلا التراب , و يتوب

الله على من تاب " .

 

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 966 :

 

أخرجه أحمد ( 4 / 368 ) و السياق له , و البزار ( 4 / 246 / 3639 ) و الطبراني

في " المعجم الكبير " ( 5 / 207 / 5032 ) من طرق عن يوسف بن صهيب قال : حدثني

حبيب بن يسار عن # زيد بن أرقم # به . قلت : و هذا إسناد صحيح , و رجاله ثقات .

و قال الهيثمي في " المجمع " ( 10 / 243 ) : " رواه أحمد و الطبراني , و البزار

بنحوه , و رجالهم ثقات " .

الحديث الرابع : عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال : " سمعت النبي صلى الله

عليه وسلم يقرأ في الصلاة : لو أن لابن آدم واديا من ذهب لابتغى إليه ثانيا , و

لو أعطي ثانيا لابتغى إليه ثالثا , و لا يملأ جوف ابن آدم .. " الحديث .

2911 " سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الصلاة : لو أن لابن آدم واديا من ذهب

لابتغى إليه ثانيا , و لو أعطي ثانيا لابتغى إليه ثالثا , و لا يملأ جوف ابن

آدم .. " الحديث " .

 

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 967 :

 

أخرجه الطحاوي في " مشكل الآثار " ( 2 / 419 ) و البزار ( 4 / 244 / 3634 ) من

طريقين عن عبد العزيز بن مسلم : حدثنا صبيح أبو العلاء عن عبد الله بن # بريدة

# عن أبيه قال : فذكره . قلت : و هذا إسناد جيد , رجاله عند البزار كلهم رجال

البخاري غير صبيح أبي العلاء , و قد وثقه ابن حبان , ذكره في " ثقات التابعين "

( 4 / 385 ) بروايته عن أنس , و عنه حماد بن سلمة و عبد العزيز بن المختار هذا

, و في " ثقات أتباع التابعين " ( 6 / 478 ) بروايته عن شريح , و عنه مروان بن

معاوية الفزاري . قلت : فهؤلاء ثقات ثلاثة رووا عنه : عبد العزيز هذا , و مروان

بن معاوية , و حماد بن سلمة , و روايته في " تاريخ البخاري " . و ذكر له ابن

أبي حاتم راويا رابعا , و هو محمد بن جابر , و هو اليمامي , و هو صدوق سيىء

الحفظ . و عند البخاري خامس : عدي بن الفضل , و لكنه متروك . و قد فات هذا

التحقيق المعلق على " مشكل الآثار " ( 5 / 276 - 277 ) , فأعله بجهالة ( صبيح )

هذا , غافلا عن رواية هؤلاء الثقات الأربعة عنه , و عن توثيق ابن حبان إياه . و

أعله أيضا بالانقطاع بين ابن بريدة و أبيه ! و يأتي الجواب عنه . و الحديث قال

الهيثمي ( 10 / 244 ) : " رواه البزار , و رجاله رجال الصحيح غير صبيح أبي

العلاء , و هو ثقة " . قلت : و عبد الله بن بريدة ثقة احتج به الشيخان عن أبيه

و غيره , و قد سمع منه أحاديث كثيرة خلافا لأحد الجهلة , المتعدين على هذا

العلم فزعم أنه لم يسمع من أبيه , و سيأتي الرد عليه بتفصيل لا تجده في مكان

آخر , فراجع الحديث الآتي برقم ( 2914 ) , و لا أدري - والله - إذا كان هذا

الزاعم قلد المعلق المشار إليه آنفا في هذا الإعلال المرفوض , أم هو كما قيل :

( وافق شن طبقه ) , أم هو تلميذه فيه ?! و في الحديث شاهد قوي يؤيد أن الحديث

كان آية تتلى , و زاد عليها أنه صلى الله عليه وسلم كان يقرأ بها في الصلاة و

يؤيده :

الحديث الخامس عن أبي موسى الأشعري قال : " نزلت سورة فرفعت , و حفظت منها : "

لو أن لابن آدم واديين من مال لابتغى إليهما ثالثا , .. " الحديث " .

2912 " نزلت سورة فرفعت و حفظت منها : " لو أن لابن آدم واديين من مال لابتغى إليهما

ثالثا , .. " الحديث " .

 

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 968 :

 

أخرجه الطحاوي ( 2 / 418 - 419 ) : حدثنا أبو أمية حدثنا أحمد بن إسحاق الحضرمي

حدثنا حماد بن سلمة حدثنا داود بن أبي هند عن أبي حرب بن أبي الأسود الديلي عن

أبيه عن #أبي موسى الأشعري #قال : فذكره . قلت : و هذا إسناد جيد , رجاله

ثقات رجال مسلم غير أبي أمية , و اسمه محمد بن إبراهيم بن مسلم الخزاعي

الطرسوسي , و هو صدوق حافظ له أوهام , لكنه قد توبع . فقال الطحاوي : حدثنا

إبراهيم بن مرزوق حدثنا عفان بن مسلم حدثنا حماد بن سلمة حدثنا علي بن زيد عن

أبي حرب بن أبي الأسود به . و كذا رواه حجاج بن منهال , فقال أبو عبيدة في "

فضائل القرآن " ( ص 192 ) : حدثنا حجاج عن حماد بن سلمة به . و علي بن زيد - و

هو ابن جدعان - ضعيف , لكنه قد توبع من حماد بن سلمة كما تقدم من رواية أبي

أمية , و قد توبع من علي بن مسهر عن داود بن أبي هند عن أبي حرب بن أبي الأسود

عن أبيه قال : بعث أبو موسى الأشعري إلى قراء أهل البصرة , فدخل عليه ثلاثمائة

رجل , قد قرأوا القرآن , فقال : أنتم خيار أهل البصرة و قراؤهم , فاتلوه , و لا

يطولن عليكم الأمد فتقسوا قلوبكم كما قست قلوب من كان قبلكم , و إنا كنا نقرأ

سورة كنا نشبهها في الطول و الشدة ببراءة , فأنسيتها غير أني قد حفظت منها : "

لو كان لابن آدم واديان من مال .. " الحديث . أخرجه مسلم ( 3 / 100 ) و الطحاوي

( 2 / 419 ) و البيهقي في " دلائل النبوة " ( 7 / 156 ) من طريقين عن علي بن

مسهر . و أعله المعلق على " الطحاوي " ( 5 / 276 ) ببعض العلل التي لا أعرفها

منه , و إنما تمثل أسلوب ذاك الهدام للسنة المشار إليه آنفا في آخر الكلام على

حديث بريدة المتقدم ( 2911 ) , و ذكرت قبله إعلال المعلق لحديث بريدة بعلة

الهدام ! و كدت أن أقول إنه إعلال الهدام نفسه , و لكني دندنت حوله . و أما

الآن فإني أجزم بأن العلل المشار إليها إنما هي من ( الهدام ) , فإنها مما لا

يخفى بطلانها على المعلق إن شاء الله . فإن منها قوله : " و أبو حرب بن أبي

الأسود ليس له في صحيح مسلم غير هذا الحديث , و لم يوثقه غير ابن حبان " !! و

وجه بطلان هذا الإعلال ظاهر , فهب أن مسلما لم يخرج له مطلقا فهل يكون ذلك علة

في الراوي إذا كان ثقة ?! و قوله : " و لم يوثقه غير ابن حبان " كذب بلوناه منه

مرارا و تكرارا , فقد صرح بتوثيقه إمام النقاد الحافظ الذهبي , ثم الحافظ

العسقلاني , و دل عليه صنيع مسلم بإخراجه لحديثه , و قول ابن سعد من قبله : "

كان معروفا " . و قد روى عنه جماعة من الثقات , هذا إلى كونه تابعيا . و لذلك

فقد غلب على ظني أن هذا التعليق هو بقلم الهدام , و أن المعلق المشار إليه لا

علم عنده به , و إنما نسبت إليه تعليقات الكتاب لمشاركته في بعضها و لأسباب

أخرى يعرفها أهل العلم , و لسان الحال يقول : ( له الاسم و لغيره الرسم ) !! و

يستفاد من حديث أبي موسى هذا فائدة جديدة غير ما في الأحاديث المتقدمة , و هي

أن هذا النص كان من جملة ما يتلى في زمنه صلى الله عليه وسلم , ثم رفع و نسخ ,

و به أيد الحافظ الاحتمال الذي سبق أن رجحته في تفسير قول أبي المتقدم تحت

الحديث ( 2907 ) : " نرى " , فقال : ( 11 / 258 ) : " فهو مما نسخت تلاوته جزما

, و إن كان حكمه مستمرا " . قال : " و يؤيد هذا الاحتمال ما أخرج أبو عبيد في "

فضائل القرآن " من حديث أبي موسى قال : قرأت سورة نحو *( براءة )* , و حفظت

منها : " لو أن لابن آدم .. " ( الحديث ) , و من حديث جابر : " كنا نقرأ : لو

أن لابن آدم ملء واد مالا , لأحب إليه مثله " الحديث " . قلت : و لم أر حديث

جابر هذا في نسخة " الفضائل " المطبوعة في لبنان عن نسخة مخطوطة سيئة بتحقيق

وهبي الغاوجي , و هو خال من أي تحقيق علمي يذكر ! فإذا ثبت حديث جابر هذا فليضم

إلى الأحاديث الخمسة المتقدمة . و جملة القول : أن هذه الأحاديث عن هؤلاء

الصحابة الخمسة تلقي اليقين في النفس أن النص المذكور فيها كان قرآنا يتلى ,

حتى في الصلاة , ثم رفع . و قد جهل هذه الحقيقة ذاك المعلق في " مسند أبي يعلى

" ( 4 / 448 ) على قول ابن عباس الذي تردد فيه بين أن يكون قرآنا أو لا ? فقال

: " أقول : و قول ابن عباس و حديث أبي دفعا عشاق الناسخ و المنسوخ إلى أن

يقولوا : إن هذا الحديث كان قرآنا , ثم نسخ بسورة التكاثر , يقولون هذا مع

علمهم أن القرآن لا يثبت إلا بطريق التواتر .. " إلخ كلامه . و من الواضح أنه

لا يفرق بين القرآن المثبت بين الدفتين الذي يشترط فيه التواتر الذي ذكر , و

بين منسوخ التلاوة كهذا الذي نحن في صدد الكلام حوله , بل حكمه حكم الأحاديث

النبوية و الأحاديث القدسية , فإنه لا يشترط فيها التواتر , و إن كان فيها ما

هو متواتر , كهذا , فإنه رواه خمسة من الأصحاب أو أكثر كما سبق . ثم قال المومى

إليه : " و " نرى " , في الحديث - بضم النون - معناها نظن , و الظن عكس اليقين

, و قد يكون إياه بقرينة , و ليست موجودة هنا " . فأقول : هذا مبني على الشرط

الذي ذكره في منسوخ التلاوة , و هو باطل كما عرفت , و ما بني على باطل فهو باطل

. و مما سلف تعلم أن تأييده ما ذهب إليه بما نقله عن الحافظ من توجيهه لظنهم

المذكور - لا يفيده شيئا , لأن الحافظ ذكره في جملة ما ذكره من الاحتمالات في

توجيه بعض الأحاديث , و لم يعتمد عليه , بل اعتمد على الآخر الذي سبق نقله عنه

, و حط عليه بقوله : " فهو مما نسخت تلاوته جزما , و إن كان حكمه مستمرا " . و

أيده بحديث أبي موسى , و حديث جابر , فلا أدري كيف تجاهله هذا المومى إليه ,

فكيف و هناك الأحاديث الأخرى المتقدمة التي تلقي اليقين في النفس أن الحديث كان

من القرآن ثم نسخت تلاوته , و في ظني أنه لم يعلم بها , و إنه لو علم بها ما

قال ما قال , و إلا دل قوله على سوء الحال . نسأل الله السلامة . و هذا البحث

مما ساقني إلى تخريج حديث " الشيخ و الشيخة إذا زنيا " , لأنه من مشاهير منسوخ

التلاوة عند العلماء , و أتبع ذلك بما ذكره الحافظ عن الصحابة في منسوخ التلاوة

, ليعلم المومى إليه و غيره من المخرجين أن العلم و الفقه في الكتاب و السنة

شيء , و مهنة تخريج الأحاديث شيء آخر . و الله المستعان .

2913 " الشيخ و الشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة " .

 

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 972 :

 

ورد من حديث # عمر و زيد بن ثابت و أبي بن كعب و العجماء خالة أبي أمامة بن سهل

# . 1 - أما حديث عمر , فقال أبو بكر بن أبي شيبة في " المصنف " ( 10 / 75 - 76

) : حدثنا ابن عيينة عن الزهري عن عبيد الله عن ابن عباس قال : قال عمر : قد

خشيت أن يطول بالناس زمان حتى يقول القائل : ما نجد الرجم في كتاب الله فيضلوا

بترك فريضة أنزلها الله , ألا و إن الرجم حق إذا أحصن , أو قامت البينة , أو

كان حمل , أو اعتراف . و قد قرأتها : " الشيخ و الشيخة .. " الحديث , رجم رسول

الله صلى الله عليه وسلم , و رجمنا بعده . و أخرجه ابن ماجه ( 2553 ) من طريق

أبي بكر , و كذا مسلم ( 5 / 116 ) و لكنه لم يسق لفظه , و النسائي في " الكبرى

" ( 4 / 273 / 7156 ) و البيهقي ( 8 / 211 ) من طريقين آخرين عن سفيان بن عيينة

به . قلت : و هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين , و قد أخرجاه , البخاري ( رقم

6829 ) من طريق علي بن عبد الله , و مسلم من طريق أبي بكر - كما تقدم - كلاهما

عن سفيان به , إلا أنهما لم يقولا : " و قد قرأتها .. "‏إلخ , و مع ذلك فقد

عزاه البيهقي إليهما عقب روايته إياه , و كذلك فعل السيوطي في " الدر المنثور "

( 5 / 179 - 180 ) و إلى ذلك أشار الضياء المقدسي بعدم إيراده إياه في " مسند

عمر " من " الأحاديث المختارة " , و كنت تبعتهم في ذلك في كتابي " الإرواء " (

8 / 3 - 4 / 2338 ) حين عزوته فيه لجمع منهم الشيخان , و هذا مقبول بالنسبة

لمسلم , لأنه رواه من طريق ابن أبي شيبة كما تقدم و فيها الزيادة , و إن كان لم

يسق لفظه , بل أحال به على لفظ رواية يونس عن ابن شهاب قبله , و ليس فيه قوله

المذكور : " و قد قرأتها .. " . و أما بالنسبة للبخاري فرواه من طريق شيخه علي

بن المديني , و قد ذكر الحافظ في " الفتح " ( 12 / 143 ) أن الإسماعيلي أخرجه ,

يعني في " مستخرجه على البخاري " من طريق جعفر الفريابي عن علي بن المديني , و

فيه القول المذكور , و قال الحافظ عقبه : " و لعل البخاري هو الذي حذف ذلك عمدا

" . ثم استشهد على ذلك بقول النسائي عقب الحديث : " لا أعلم أحدا ذكر في هذا

الحديث : " الشيخ و الشيخة .. " غير سفيان , و ينبغي أنه وهم في ذلك " . قال

الحافظ : " و قد أخرج الأئمة هذا الحديث من رواية مالك و يونس و معمر و صالح بن

كيسان , و عقيل , و غيرهم من الحفاظ عن الزهري , فلم يذكروها , و قد وقعت هذه

الزيادة في هذا الحديث من رواية الموطأ عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب قال

: لما صدر عمر من الحج و قدم المدينة خطب الناس فقال : .. " , فذكر الخطبة و

فيها الزيادة , و هي في " حدود الموطأ " ( 3 / 42 - 43 ) . و أخرجها ابن سعد في

" الطبقات " ( 3 / 334 ) من طريق يزيد بن هارون : أخبرنا يحيى بن سعيد به . و

بهذا الإسناد روى أحمد ( 1 / 43 ) طرفا منه . و رواه ( 1 / 36 ) من طريق أخرى

عن يحيى . قلت : و هذا إسناد صحيح على الخلاف المعروف في سماع سعيد من عمر .

فهو شاهد قوي للزيادة التي تفرد بها ابن عيينة , ثم ذكر الحافظ لها شواهد أخرى

, و يأتي تخريجها إن شاء الله قريبا . 2 - و أما حديث زيد بن ثابت , فيرويه

شعبة عن قتادة , عن يونس بن جبير عن كثير ابن الصلت قال : كان ابن العاص و زيد

بن ثابت يكتبان المصاحف , فمروا على هذه الآية , فقال زيد : سمعت رسول الله صلى

الله عليه وسلم يقول : " الشيخ و الشيخة .. " الحديث . فقال عمر : لما أنزلت

هذه أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : أكتبنيها , - قال شعبة - فكأنه

كره ذلك . فقال عمر : ألا ترى أن الشيخ إذا لم يحصن جلد , و أن الشاب إذا زنى و

قد أحصن رجم ? أخرجه أحمد ( 5 / 183 ) و النسائي في " السنن الكبرى " ( 4 / 270

/ 7145 ) و الدارمي ( 2 / 179 ) المرفوع منه , و الحاكم ( 4 / 360 ) و البيهقي

( 8 / 211 ) و قال الحاكم : " صحيح الإسناد " . و وافقه الذهبي . و هو كما قالا

. و في رواية للنسائي رقم ( 7148 ) من طريق أخرى عن ابن عون عن محمد - هو ابن

سيرين - نبئت عن ابن أخي كثير بن الصلت قال : كنا عند مروان و فينا زيد بن ثابت

قال زيد : كنا نقرأ : " و الشيخ و الشيخة .. " , فقال مروان : أفلا نجعله في

المصحف ? قال : لا , ألا ترى أن الشابين الثيبين يرجمان ? قال : و قال : ذكروا

ذلك و فينا عمر بن الخطاب رضي الله عنه , قال : أنا أشفيكم من ذاك . قال : قلنا

: كيف ? قال : آتي النبي صلى الله عليه وسلم فأذكر كذا و كذا , فإذا ذكر الرجم

أقول : يا رسول الله ! أكتبني آية الرجم . قال : فأتيته فذكرته , قال : فذكر

آية الرجم . قال : فقال : يا رسول الله ! أكتبني آية الرجم . قال : " لا أستطيع

ذاك " . قلت : و رجاله ثقات غير شيخ محمد , فإنه لم يسم , و قد أشار إلى صحته

البيهقي بقوله عقبه : " في هذا و ما قبله دلالة على أن آية الرجم حكمها ثابت ,

و تلاوتها منسوخة , و هذا مما لا أعلم فيه خلافا " . و أورده السيوطي في " الدر

المنثور " من رواية النسائي و أبي يعلى نحوه ببعض اختصار بلفظ : " لا أستطيع

الآن " . 3 - و أما حديث أبي , فيرويه عاصم بن بهدلة عن زر قال : قال لي أبي بن

كعب : كائن تقرأ سورة ( الأحزاب ) , أو كائن تعدها ? قال : قلت : ثلاثا و سبعين

آية . قال : قط , لقد رأيتها و إنها لتعادل سورة ( البقرة ) , و لقد قرأنا فيها

: " الشيخ و الشيخة .. " , و زاد : " نكالا من الله , و الله عليم حكيم " .

أخرجه النسائي ( 7141 ) و ابن حبان ( 6 / 301 / 4411 و 4412 ) و الحاكم ( 2 /

415 و 4 / 359 ) و البيهقي أيضا , و عبد الرزاق في " المصنف " ( 3 / 365 / 5990

) و الطيالسي ( 540 ) و عبد الله بن أحمد ( 5 / 132 ) و الضياء في " المختارة "

( 3 / 370 - 371 ) و قال الحاكم : " صحيح الإسناد " . و وافقه الذهبي , و هو

كما قالا , على ما سبق بيانه تحت الحديث الأول رقم ( 2908 ) . و زاد الطيالسي

في آخر الحديث : " فرفع فيما رفع " . و في سندها ابن فضالة , و اسمه مبارك , و

هو مدلس , و قد عنعن . و قد توبع عاصم على أصل الحديث من يزيد بن أبي زياد عن

زر بن حبيش به . أخرجه عبد الله بن أحمد أيضا . و يزيد هو الهاشمي مولاهم , و

لا بأس به في المتابعات . 4 - و أما حديث العجماء , فيرويه الليث بن سعد عن

سعيد بن أبي هلال عن مروان بن عثمان عن أبي أمامة بن سهل أن خالته ( و قال

الطبراني : العجماء ) أخبرته قالت : لقد أقرأنا رسول الله صلى الله عليه وسلم

آية الرجم : " الشيخ و الشيخة فارجموهما البتة , بما قضيا من اللذة " . أخرجه

النسائي ( 7146 ) و الحاكم ( 4 / 359 ) و الطبراني في " المعجم الكبير " ( 24 /

350 / 867 ) و قال الحاكم : " صحيح الإسناد " . و وافقه الذهبي . و أقول :

رجاله ثقات رجال الشيخين غير مروان بن عثمان , و هو ابن أبي سعيد بن المعلى

الأنصاري الزرقي , غمزه النسائي , و قال أبو حاتم : ضعيف . و أما ابن حبان

فذكره في " الثقات " ( 7 / 482 ) ! و قال الذهبي في " الكاشف " : " مختلف في

توثيقه " ! قلت : فلم يصنع شيئا . و قد أورده في " المغني " , و ذكر تضعيف أبي

حاتم إياه , و غمز النسائي له , و لم يتعرض لذكر توثيق ابن حبان , و هو الصواب

هنا , و لذلك جزم الحافظ في " التقريب " بأنه " ضعيف " . و قال في " الإصابة "

: " متروك " . انظر " الضعيفة " ( 6371 ) . إذا علمت ما تقدم , فاتفاق هؤلاء

الصحابة رضي الله عنهم على رواية هذه الأحاديث الصريحة في رفع تلاوة بعض الآيات

القرآنية , هو من أكبر الأدلة على عدالتهم و أدائهم للأمانة العلمية , و تجردهم

عن الهوى , خلافا لأهل الأهواء الذين لا يستسلمون للنصوص الشرعية , و يسلطون

عليها تأويلاتهم العقلية , كما تقدم عن بعض المعلقين ! و لا ينافي تلك الأحاديث

قول ابن عباس لما سئل : أترك النبي صلى الله عليه وسلم من شيء ? فقال : " ما

ترك إلا ما بين الدفتين " . رواه البخاري ( 5019 ) . فإنه إنما أراد من القرآن

الذي يتلى , كما في " الفتح " , و من الدليل على ذلك أن ابن عباس من جملة من

روى شيئا من ذلك كما يدل عليه قوله في الحديث المتقدم ( 2909 ) : " صدق الله و

رسوله : لو كان .. " . ثم قال الحافظ ( 9 / 65 ) في آخر شرحه لحديث ابن عباس :

" و يؤيد ذلك ما ثبت عن جماعة من الصحابة من ذكر أشياء نزلت من القرآن فنسخت

تلاوتها , و بقي أمر حكمها أو لم يبق مثل حديث عمر : " الشيخ و الشيخة إذا زنيا

فارجموهما البتة " . و حديث أنس في قصة القراء الذين قتلوا في بئر معونة , قال

: فأنزل الله فيهم قرآنا : " بلغوا عنا قومنا أنا لقد لقينا ربنا " , و حديث

أبي بن كعب : " كانت الأحزاب قدر البقرة " . و حديث حذيفة : " ما يقرؤون ربعها

. يعني براءة " . و كلها أحاديث صحيحة . و قد أخرج ابن الضريس من حديث ابن عمر

أنه " كان يكره أن يقول الرجل : قرأت القرآن كله , و يقول : إن منه قرآنا قد

رفع , و ليس في شيء من ذلك ما يعارض حديث الباب لأن جميع ذلك مما نسخت تلاوته

في حياة النبي صلى الله عليه وسلم " .

2914 " خمس لا يعلمهن إلا الله : *( إن الله عنده علم الساعة و ينزل الغيث و يعلم ما

في الأرحام و ما تدري نفس ماذا تكسب غدا و ما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله

عليم خبير )* " .

 

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 978 :

 

أخرجه أحمد ( 5 / 353 ) و البزار ( 3 / 65 / 2249 ) عن زيد بن الحباب : حدثنا

حسين بن واقد حدثني عبد الله قال : سمعت # أبي بريدة # يقول : سمعت رسول الله

صلى الله عليه وسلم يقول : فذكره . قلت : و هذا إسناد جيد رجاله كلهم ثقات رجال

مسلم , مسلسل بالتحديث و السماع , و لذلك قال الحافظ ابن كثير في " التفسير " (

3 / 453 - 454 ) بعد أن ذكره بإسناد أحمد هذا : " صحيح إسناد , و لم يخرجوه " .

و عزاه السيوطي في " الدر المنثور " ( 5 / 169 ) لابن مردويه أيضا و الروياني و

الضياء , قال السيوطي : " بسند صحيح " . و أما عزو الحافظ إياه في " الفتح " (

8 / 514 ) لابن حبان و الحاكم , فما أظنه إلا وهما . و قال الهيثمي في " المجمع

" ( 7 / 89 ) : " رواه أحمد و البزار , و رجال أحمد رجال الصحيح " . و للحديث

شاهد صحيح من رواية أبي هريرة رضي الله عنه في قصة مجيء جبريل عليه السلام و

سؤاله عن الإيمان و الإسلام و الإحسان و الساعة . رواه الشيخان , و ابن حبان (

1 / 188 / 159 ) و غيرهم , و هو مخرج في " الإرواء " ( 1 / 32 / 3 ) . و شاهد

آخر من حديث عبد الله بن عمر بلفظ : " مفاتيح الغيب خمس .. " الحديث . أخرجه

البخاري ( 1039 ) و ابن حبان ( 1 / 144 / 70 و 7 / 647 / 6101 ) و أحمد ( 2 /

24 و 52 و 58 ) من طريق عبد الله بن دينار عنه . و تابعه سالم بن عبد الله عن

عبد الله به . أخرجه أحمد ( 2 / 122 ) . و سنده صحيح على شرط الشيخين . و هذا

الحديث عن ابن عمر , أورده الهيثمي في " موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان " (

434 / 1754 و 1755 ) , و ليس من شرطه كما ترى . ( تنبيه ) : في إسناد حديث

الترجمة الصحيح بشهادة أولئك الحفاظ : الضياء المقدسي و السيوطي و كذا ابن كثير

- رد صريح قوي على ذاك المتعالم الذي عاث في كتاب " رياض الصالحين " للنووي

فسادا , فغير فيه و بدل , و أخرج منه عشرات الأحاديث الصحيحة زاعما أنها ضعيفة

جعلها ذيلا لـ " رياضه " متشبثا بتعليلات هي أوهى من بيت العنكبوت , و من ذلك

أنه ضعف ( ص 560 ) حديثين صحيحين من رواية أحمد أيضا عن عبد الله بن بريدة عن

أبيه , بدعوى أنها منقطعة و أن عبد الله لم يسمع من أبيه شيئا ! و دعم ذلك -

بزعمه - بقول أحمد : " لا أدري أسمع من أبيه أم لا ? " , و بكلمة نقلها عن

البخاري في " تاريخه " ( 3 / 1 / 51 ) ليست صريحة في نفي السماع <1> , و لذلك

لم نر أحدا من الحفاظ المتأخرين , عرج على هذا النفي كالذهبي في " السير " ( 5

/ 50 ) و قال : " الحافظ الإمام .. حدث عن أبيه فأكثر .. " . و في " الكاشف "

جزم بروايته عن أبيه و غيره , و قال : " ثقة " . و كذلك قال الحافظ في "

التقريب " . و الحافظ العلائي لما أورده في كتابه " المراسيل " ( 252 / 338 )

لم يزد على قوله : " عن عمر رضي الله عنه . قال أبو زرعة : مرسل " . لقد ثبت

لدي يقينا أن هذا الرجل من أهل الأهواء في تضعيفه الأحاديث الصحيحة , خلافا

للعلماء المتخصصين في هذا المجال , هذا إذا كان على علم بأن ما تمسك به في نفي

السماع لا ينهض في إثبات الانقطاع الذي ادعاه , و بموقف الحفاظ المذكور منه , و

بحقائق أخرى تؤيدهم , و إلا فهو جاهل متعالم ! و إليك الآن ما تيسر لدي من

الحقائق : الأولى : أن إمام المحدثين البخاري الذي نسب إليه المتعالم نفيه

لسماع عبد الله من أبيه قد أخرج له في " صحيحه " محتجا به , و قد وقفت له فيه

على حديثين أخرجهما في " المغازي " : الأول : ( 8 / 66 / 4350 ) من طريق علي بن

سويد عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال : بعث النبي صلى الله عليه وسلم عليا

إلى خالد ليقبض الخمس .. الحديث . و أخرجه أحمد ( 5 / 350 ) من طريق أخرى عن

عبد الله بن بريدة : حدثني أبي بريدة . فصرح بسماعه من أبيه , و هذا منه كثير

كما يأتي , و إسناد هذا حسن . و الآخر : ( 8 / 153 / 4473 ) من طريق كهمس عن

ابن بريدة عن أبيه قال : غزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ست عشرة غزوة . و

شاركه في هذا مسلم ( 5 / 200 ) من هذا الوجه . ثم رواه من طريق حسين بن واقد عن

عبد الله بن بريدة نحوه . و من هذا الوجه أخرجه البيهقي في " دلائل النبوة " (

5 / 459 ) مصرحا بتحديث ابن بريدة عن أبيه . إذا عرفت هذا فقول الحافظ في "

مقدمة الفتح " ( 413 ) أن عبد الله بن بريدة ليس له في البخاري من روايته عن

أبيه سوى حديث واحد , و وافقه مسلم على إخراجه ! فهو سهو عن الحديث الأول , و

قد عزوته آنفا إلى الجزء و الصفحة و الرقم من شرحه - الطبعة السلفية . الحقيقة

الثانية : أن الإمام مسلما قد صحح جملة من أحاديث عبد الله بن بريدة عن أبيه في

مختلف أنواع أبواب الفقه , أخرجها في " صحيحه " , فمن شاء راجعها مستعينا على

ذلك بكتاب المزي : " تحفة الأشراف " , و هذه أرقامها : ( 1947 و 1963 و 1980 و

1989 و 1999 و 2001 ) . و الرقم الأول يشير إلى قصة ماعز و رجمه , و هو مخرج في

" إرواء الغليل " ( 7 / 356 - 357 ) و صححه الدارقطني أيضا . و الرقم الثاني

يشير إلى غزو بريدة معه صلى الله عليه وسلم تسع عشرة غزوة أخرجها بإسناد حديث

الترجمة , و صرح عبد الله بسماعه من أبيه في " الدلائل " كما تقدم . و الرقم

الثالث يشير إلى حديث المرأة التي تصدقت على أمها بجارية , و هو مخرج في "

الإرواء " ( 3 / 262 ) و " صحيح أبي داود " ( 1460 ) و استدركه الحاكم كما يأتي

, فوهم . و الرقم الرابع في النهي عن زيارة القبور , و لحوم الأضاحي و غيرها .

و هو مخرج في " أحكام الجنائز " ( ص 178 - 179 ) , و " الصحيحة " ( 2048 -

المجلد الخامس ) , و صححه الترمذي و ابن حبان . و الرقم الخامس في قوله صلى

الله عليه وسلم : أوتي مزمارا من مزامير آل داود . و هو مخرج في " صحيح أبي

داود " ( 1341 ) , و صححه ابن حبان أيضا . الثالثة : أن أحاديث مسلم التي

أخرجها من طريق سليمان بن بريدة عن أبيه أكثر و أطيب , و هذه أرقامها في "

التحفة " تيسيرا لمن أراد استخراجها منه : ( 1928 و 1929 و 1930 و 1931 - 1937

) . و الأول منها مخرج في " صحيح أبي داود " ( 164 ) و صححه أيضا أبو عوانة و

الترمذي و ابن حبان . و الحديث الثاني مخرج في " الإرواء " ( 5 / 86 / 1247 ) و

صححه أيضا أبو عوانة و ابن حبان و ابن الجارود . و الثالث مخرج في " أحكام

الجنائز " ( ص 189 - 190 ) , و صححه ابن حبان أيضا . و الرابع في " صحيح أبي

داود " ( 423 ) , و صححه أيضا أبو عوانة و ابن حبان و الترمذي . و الخامس في "

أحكام الجنائز " ( ص 178 ) , و صححه الترمذي أيضا و ابن حبان . و السادس : "

حرمة نساء المجاهدين .. " , مخرج في " صحيح أبي داود " ( 2255 ) و صححه أيضا

أبو عوانة و ابن حبان . و السابع : في قصة ماعز المتقدمة , فقد رواها مسلم و

غيره من حديث سليمان بن بريدة أيضا . و الثامن : " من لعب بالنردشير .. " , و

هو مخرج في " الإرواء " ( 8 / 286 - 287 ) , و صححه ابن حبان أيضا و البغوي . و

التاسع : " من دعا إلى الجمل الأحمر .. " , و صححه أيضا أبو عوانة و ابن حبان و

كذا ابن خزيمة ( 1301 ) . و العاشر : حديث المرأة التي تصدقت على أمها بجارية ,

المتقدم في ترجمة عبد الله بن بريدة , فقد رواه بعضهم عن أخيه سليمان . و تقدم

تخريجه . قلت : هذه الأحاديث الصحيحة كلها و غيرها كثير و كثير جدا , مما يعنيه

الرجل المتعالم بالإعلال الذي نقله عن الإمام البخاري و غيره بعدم سماع عبد

الله بن بريدة و أخيه سليمان من أبيهما ! و لم يتنبه الرجل لجهله بهذا العلم ,

و بالغ غفلته بعواقب ما ينقله عن بعض الأئمة من تضعيف لأحاديثهم التي صححها

الأئمة أنفسهم , و وافقهم جماهير العلماء و الحفاظ الذين جاؤوا من بعدهم . و من

تلك الغفلة أنه أورد في " رياضه " أربعة أحاديث رقم ( 434 و 436 و 1250 و 1296

) من تلك الأحاديث الصحيحة المتقدمة من رواية مسلم , مشيرا إلى أرقامها في "

مسلم " , و ذلك يعني - إن كان واعيا لما يشير - أنها من رواية سليمان بن بريدة

عن أبيه , و الأولى من الأربعة في الإذن بزيارة القبور , و الثاني في السلام

عليها , و الثالث في حرمة نساء المجاهدين , و الرابع : " من دعا إلى الجمل

الأحمر " . و قد يقال : لعله أوردها مع تسليمه بضعف إسنادها في قرارة نفسه ,

لشواهد لها عنده تقويها ! فأقول : هذا أولا غير معروف عنه , فكم من أحاديث

صحيحة بمجموع طرقها أوردها في " ضعيفته " متباهيا ! و ثانيا : لا يعرف لكثير من

تلك الأحاديث ما يقويها , مثل حديث : " حرمة نساء المجاهدين " . و ثالثا : كان

عليه أن ينبه القراء على أنه لا تلازم بين إعلال الحديث بالانقطاع - لو صح - و

بين ضعفه , لما ذكرته , لكي لا يدعهم في حيرة من أحاديث الابنين عن أبيهما

بريدة رضي الله عنه , و ليقطع بذلك دابر سوء ظنهم به , و لو بكلمة قصيرة عندما

ضعف الحديثين الصحيحين المشار إليهما فيما سبق بعلة الانقطاع , و إذ لم يفعل

فهو متهم بتضعيفه لكل الأحاديث الواردة من طريقهما عن أبيهما حتى يعلن رأيه

الصريح في كل الأحاديث التي صح السند بها إليهما عن أبيهما . فإن كان الجواب :

إنها صحيحة , فقد اهتدى و بطلت العلة المذكورة , و هذا هو المراد , و إن ظل

متشبثا بها , لزمه ما ألزمناه من تضعيفه لعشرات الأحاديث الصحيحة , مخالفا بذلك

( سبيل المؤمنين ) . و لتزداد يقينا - أيها القارىء الكريم - ببالغ خطورة

التشبث المذكور , ينبغي أن تعلم أن إعلاله المذكور يشمل عشرات الأحاديث الأخرى

المبثوثة في مختلف كتب السنن و المسانيد و المعاجم و الفوائد و غيرها مما يصعب

إحصاؤه و حصره , و لذلك فإني سأكتفي بذكر مواضع أحاديثهما عن أبيهما في كتابين

فقط من تلك الكتب التي التزم مؤلفوها الصحة , و هما " صحيح ابن حبان " و "

مستدرك الحاكم " . أولا : أحاديث بريدة من رواية ابنيه عنه بأرقامها في "

الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان " طبع دار الكتب العلمية , ذات السبعة مجلدات :

1 - " ليلة أسري بي .. " ( 1 / 1 / 12 / 47 ) و هو مخرج في " المشكاة " ( 5921

/ التحقيق الثاني ) و هو مما حسنه الترمذي , و صححه الحاكم و الذهبي .

2 - " أحساب أهل الدنيا .. " ( 2 / 42 / 697 و 698 ) و هو مخرج في " الإرواء "

( 6 / 271 - 272 ) و صححه الحاكم و الذهبي , و صرح عبد الله بن بريدة بالسماع

من أبيه !

3 - " لقد سألت الله بالاسم الذي إذا سئل به أعطى .. " ( 2 / 125 / 888 و 889 )

و هو مخرج في " صفة الصلاة " , و " صحيح أبي داود " ( 1341 ) , و صححه الحاكم و

الذهبي , و حسنه الترمذي .

4 - حديث السؤال عن المواقيت ( 3 / 24 / 1490 و 35 / 1523 ) و هو مخرج في

الحديث الرابع المشار إليه ( ص 983 ) من أحاديث مسلم المتقدمة .

5 - " في الإنسان ستون و ثلاثمائة مفصل .. " ( 3 / 79 / 1640 و 3 / 106 ) و هو

مخرج في " الإرواء " ( 2 / 213 ) من رواية جمع منهم أحمد و الطحاوي و صرحا فيه

بسماع عبد الله من أبيه بريدة و هي رواية ابن خزيمة في " صحيحه " ( 1226 ) .

6 - صلى الصلوات كلها بوضوء واحد ( 3 / 105 / 1703 و 1704 و 1705 ) رواه مسلم

أيضا , و صححه جمع , و هو الحديث الأول المشار إليه ( ص 982 ) .

7 - كان لا يخرج يوم الفطر حتى يطعم ( 4 / 206 / 2801 ) و هو مخرج في " المشكاة

" ( 1440 ) و صححه الحاكم أيضا و ابن القطان و الذهبي , و كذا ابن خزيمة ( 1426

) .

8 - " المؤمن يموت بعرق جبينه " ( 5 / 6 / 3000 ) , و هو مخرج في " أحكام

الجنائز " ( 35 ) و حسنه الترمذي , و صححه الحاكم و الذهبي .

9 - النهي عن زيارة القبور ( 5 / 67 / 3158 / 7 / 385 / 5376 ) و تقدم من رواية

مسلم , و هو الحديث الثالث .

10 - السلام على أهل القبور ( 4 / 69 / 3163 ) و هو الخامس عند مسلم .

11 - " من خبب زوجته .. " ( 6 / 279 / 4348 ) و هو مخرج في " الصحيحة " ( 94 و

325 ) , و صححه جمع منهم المنذري .

12 - حديث ضرب الجارية على الدف .. ( 6 / 286 - 287 ) و هو مخرج في " الصحيحة "

( 2261 ) , و صححه الترمذي أيضا .

13 - " حرمة نساء المجاهدين .. " ( 7 / 72 / 4615 ) و صححه جمع تقدم ذكرهم في

حديث مسلم السادس .

14 - " صاحب الدابة أحق .. " ( 7 / 114 / 4715 ) و هو مخرج في " صحيح أبي داود

" ( 2318 ) , و حسنه الترمذي , و صححه أيضا الحاكم و الذهبي , و صرح عبد الله

بن بريدة بسماعه من أبيه عند أحمد و غيره .

15 - " اغزوا بسم الله .. " ( 7 / 116 / 4719 ) و صححه جمع منهم مسلم , ذكروا

في حديثه الثاني .

16 - " مالي أجد منك ريح الأصنام .. " ( 7 / 411 / 5464 ) و هو مخرج في "

المشكاة " ( 4396 ) و " آداب الزفاف " ( 128 ) و سنده إلى عبد الله بن بريدة

ضعيف .

17 - كان لا يتطير من شيء .. ( 7 / 530 / 5797 ) و هو مخرج في " الصحيحة " (

762 ) , و صححه ابن القطان .

18 - إقبال الحسن و الحسين عليه و هو يخطب ( 7 / 612 و 613 ) , و هو مخرج في "

صحيح أبي داود " ( 1016 ) , و حسنه الترمذي , و صححه ابن خزيمة أيضا و الحاكم و

الذهبي , و صرح عبد الله بالسماع من أبيه عنده , أعني ابن حبان في روايته , و

كذا أحمد .

19 - تفله في رجل عمرو بن معاذ فبرأ ( 8 / 151 / 6475 ) و فيه تصريح عبد الله

بالسماع , و مضى تخريجه برقم ( 2904 ) .

20 - " من كنت وليه فعلي وليه " ( 9 / 42 / 6891 ) و هو مخرج في " الصحيحة " (

1750 ) و " الروض النضير " ( 171 ) , و قواه الحافظ في " الفتح " ( 8 / 67 ) و

صححه الحاكم و الذهبي , و صرح عنده عبد الله بلقائه لأبيه !

21 - " إنها صغيرة .. " . يعني فاطمة ( 9 / 51 / 6909 ) و صححه الحاكم أيضا , و

وافقه الذهبي .

22 - في فضل بلال و عمر رضي الله عنهما ( 9 / 108 / 7044 و 7045 ) و هو مخرج في

" التعليق الرغيب " ( 1 / 99 ) و صححه أيضا الترمذي و الحاكم و الذهبي , و صرح

عبد الله بسماعه من أبيه عند أحمد ( 5 / 354 ) .

23 - " أهل الجنة عشرون و مائة صف .. " ( 9 / 274 - 275 ) و هو مخرج في "

المشكاة " ( 5644 ) و حسنه الترمذي , و صححه الحاكم ( 1 / 82 ) .

ثانيا : أحاديث بريدة من رواية ابنيه عنه في " مستدرك الحاكم " مشيرا إلى أرقام

صفحاتها فيه و مجلداتها من الطبعة الهندية التي لم يصدر غيرها حتى الآن فيما

علمت , و سأخرج ما تيسر لي منها .

1 - " أهل الجنة .. " الحديث المذكور آنفا ( 1 / 82 ) و أقره الذهبي .

2 - " كنا لا نرفع رؤوسنا إعظاما له " ( 1 / 120 - 121 ) و صححه و أقره الذهبي

. 3 - إقبال الحسن و الحسين .. المتقدم آنفا برقم ( 18 ) ( 1 / 287 / 4 / 189 )

, و أقره الذهبي .

4 - الخروج يوم الفطر المتقدم برقم ( 7 ) ( 1 / 294 ) و صححه هو و الذهبي .

5 - " الوتر حق .. " ( 1 / 305 ) و صححه , و تعقبه الذهبي بمن دون عبد الله , و

هو مخرج في " الإرواء " ( 417 ) و غيره .

6 - لما أخذوا في غسله صلى الله عليه وسلم ( 1 / 354 ) و صححه و وافقه الذهبي .

7 - " المؤمن يموت بعرق الجبين " ( 1 / 361 ) و صححه هو و الذهبي , و تقدم .

8 - زيارته صلى الله عليه وسلم لقبر أمه ( 1 / 375 و 2 / 605 ) و صححاه .

9 - " إني استأذنت ربي في الاستغفار لأمي .. " ( 1 / 376 ) و صححاه .

10 - " كان يتعهد الأنصار و يعودهم .. " ( 1 / 384 ) و صححاه , و هو مخرج في "

أحكام الجنائز " ( 164 - 165 ) .

11 - " من استعملناه على عمل .. " ( 1 / 406 ) و صححاه , و هو مخرج في " غاية

المرام " ( 460 ) .

12 - حديث التوسل باسم الله الأعظم ( 1 / 504 ) و قد تقدم , و صححاه .

13 - " اللهم أنت ربي .. " ( 1 / 564 - 565 ) و صححاه , و رواه ابن حبان أيضا (

1032 ) و هو مما فاتنا ذكره في أحاديثه المتقدمة , و هو مخرج في " الصحيحة " (

4 / 328 ) .

14 - " بسم الله , اللهم إني أسألك خير هذه السوق .. " ( 1 / 539 ) , و ضعفه

الذهبي بمن دون سليمان بن بريدة . و هو مخرج في " الكلم الطيب " ( حديث رقم 231

) .

15 - " يجيء يوم القيامة القرآن كالرجل .. " ( 1 / 556 ) و صححه , و سكت عنه

الذهبي , و في الطريق إلى عبد الله بن بريدة كلام , لكن له شاهد تقدم تخريجه

برقم ( 2829 ) .

16 - " تعلموا سورة البقرة و آل عمران .. " ( 1 / 560 ) و صححاه , و هو مخرج في

" التعليق الرغيب " ( 2 / 219 ) .

17 - " من قرأ القرآن و تعلمه .. " ( 1 / 567 - 568 ) و صححاه , و هو مخرج في "

التعليق الرغيب " ( 2 / 210 ) و انظر الحديث المتقدم ( 2829 ) .

18 - مجيء سلمان إليه صلى الله عليه وسلم بصدقة ثم بهدية .. ( 2 / 16 ) و صححاه

, و هو مخرج في " مختصر الشمائل " ( رقم 18 ) و صرح عبد الله بسماعه من أبيه

عند أحمد ( 5 / 354 ) .

19 - " من أنظر معسرا .. " ( 2 / 29 ) و صححاه , و هو مخرج في " الصحيحة " ( 86

) و " الإرواء " ( 5 / 263 / 1438 ) .

20 - " صاحب الدابة أحق .. " ( 2 / 64 ) و تقدم , و صححاه .

21 - " من كنت وليه .. " ( 2 / 129 - 130 ) و تقدم , و فيه أن عبد الله بن

بريدة كان يمشي مع أبيه , و صححاه .

22 - " أحساب أهل الدنيا .. " ( 2 / 163 ) و تقدم , و صححاه .

23 - " .. إنها صغيرة .. " ( 2 / 167 - 168 ) و تقدم , و صححاه .

24 - " يا علي لا تتبع النظرة .. " ( 2 / 194 ) و صححاه و فيه نظر , و هو مخرج

في " الجلباب " ( ص 77 / الطبعة الجديدة ) .

25 - " لما انتهينا إلى بيت المقدس .. " ( رقم 1 ) ( 2 / 360 ) و تقدم , و

صححاه .

26 - قول عمر : " لا تباع أم حر " , و فيه قصة ( 2 / 458 ) و صححاه .

27 - بعثه صلى الله عليه وسلم عمرو بن العاص في غزوة السلاسل ( 3 / 42 - 43 ) و

صححاه .

28 - في إسلام أبي ذر و ابن عمر .. ( 3 / 112 ) و صححاه .

29 - في فضل بلال و عمر .. ( 3 / 285 ) و تقدم ( 22 ) و صححاه .

30 - " القضاة ثلاثة .. " ( 4 / 90 ) و هو مخرج في " الإرواء " ( 8 / 235 /

2614 ) و صححاه , و فيه نظر بينته هناك .

31 - " ادع تلك الشجرة .. " ( 4 / 172 ) . صححه الحاكم , و وهاه الذهبي بمن دون

عبد الله بن بريدة . لكن القصة لها شواهد .

32 - " كنا في الجاهلية إذا ولد لنا غلام .. " ( 4 / 238 ) و صححاه . و هو مخرج

في " الإرواء " ( 4 / 388 - 389 ) و صرح عبد الله بن بريدة بسماعه من أبيه عند

البيهقي .

33 - " نهى عن مجلسين و ملبسين .. " ( 4 / 272 ) و سكت عنه , و قواه الذهبي كما

تقدم بيانه برقم ( 2905 ) .

34 - " ليس منا من حلف بالأمانة .. " ( 4 / 298 ) و صححاه , و هو مخرج في "

الصحيحة " ( 94 ) و صححه ابن حبان أيضا , و هو في الحديث المتقدم برقم ( 11 ) ,

و هو أحد الحديثين اللذين جنى عليهما المردود عليه , كما سبقت الإشارة إلى ذلك

في أول هذا البحث .

35 - " من قال : أنا بريء من الإسلام .. " ( 4 / 298 أيضا ) و صححه هو و الذهبي

, و هو مخرج في " الإرواء " ( 2576 ) و هو الحديث الآخر من الحديثين اللذين

ضعفهما المومى إليه , و لم يعزه في " ضعيفته " ( 560 / 120 ) لأحمد لأنه صرح في

روايته بسماع عبد الله بن بريدة من أبيه !

36 - " إذا قال الرجل للمنافق .. " ( 4 / 311 ) و صححه الحاكم , و ضعفه الذهبي

بمن دون عبد الله , و لكنه متابع , و هو مخرج في " الصحيحة " ( 371 و 1389 ) .

37 - حديث المرأة التي تصدقت على أمها بجارية ( 4 / 347 ) و قال : " صحيح

الإسناد و لم يخرجاه " ! و قد وهم في استدراكه إياه على مسلم كما تقدم التنبيه

عليه ( ص 982 ) .

38 - قصة ماعز و الغامدية ( 4 / 363 ) و سكت عنه هو و الذهبي , و هو المتقدم

عند مسلم ( ص 982 ) .

39 - " إن لله ريحا يبعثها على رأس مائة سنة .. " ( 4 / 457 ) و صححاه و فيه

ضعف و مخالفة ممن دون عبد الله بن بريدة. و قد بينت ذلك في " الضعيفة " ( 2576

) .

40 - يجيء قوم صغار العيون .. " الحديث ( 4 / 474 ) و صححاه , و دون عبد الله

ممن تكلم فيه . هذا ما تيسر لي ذكره من أحاديث عبد الله و سليمان ابني بريدة بن

الحصيب رضي الله عنه من صحيح البخاري و مسلم و ابن حبان و الحاكم , و لابد أنه

قد ذهب عني بعض أحاديث الأخيرين , و لكن فيما ذكر كفاية للدلالة على ما قصدت

إليه من بيان جهل هذا الرجل أو تجاهله , لاتفاق العلماء على تصحيح أحاديث

الابنين الكريمين , فصدق فيه قول ربنا تبارك و تعالى : *( و من يشاقق الرسول من

بعدما تبين له الهدى و يتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى و نصله جهنم و ساءت

مصيرا )* , لأنه إن كان جاهلا فقد خالف نصوصا كثيرة تأمره و أمثاله بسؤال

العلماء , و إن كان جاهلا فقد خالف نصوصا كثيرة تأمره و أمثاله بسؤال العلماء ,

و إن كان متجاهلا فالأمر أوضح من أن يحتاج إلى بيان بعد هذه العشرات من

الأحاديث التي صححها الشيخان و غيرهما , و في بعضها تصريح عبد الله بسماعه من

أبيه و بلقائه إياه كما تقدم , مع تصحيح أولئك الأئمة لأحاديثهما , و ما أحسن

ما قيل : و ليس يصح في الأذهان شيء إذا احتاج النهار إلى دليل .

 

-----------------------------------------------------------

[1] نعم , ما نقله عن إبراهيم الحربي صريح في النفي , لكنه معارض بما سيأتي من

الحقائق , و لاسيما أنه تفرد بقرن سلمان مع أخيه عبد الله في نفي سماعهما من

أبيهما !! . اهـ .

2915 " المسلمون عند شروطهم " .

 

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 992 :

 

حديث صحيح بمجموع طرقه , كنت خرجته في " إرواء الغليل " ( 5 / 142 - 146 ) من

حديث جماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم , لا تجدها مجموعة في كتاب , من

حديث # أبي هريرة و عائشة و أنس بن مالك و عمرو بن عوف و رافع بن خديج و عبد

الله بن عمر #, فأغنى ذلك عن إعادة تخريجه هنا . و لكني وقفت على فوائد جديدة

حوله , فأحببت أن أزفها إلى القراء الكرام , تقوية للحديث علاوة على ما هناك ,

و ردا لتضعيف بعض أهل الأهواء إياه . فأقول : لقد وقفت على شاهده المرسل القوي

في " مصنف ابن أبي شيبة " قال ( 6 / 568 / 2064 ) : حدثنا يحيى بن أبي زائدة عن

عبد الملك عن عطاء قال : بلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : فذكره . قلت

: و هذا بلاغ مرسل صحيح , رجاله كلهم ثقات رجال مسلم , عبد الملك هو ابن أبي

سليمان العرزمي أحد الأئمة , و عطاء هو ابن أبي رباح التابعي الجليل , من

المكثرين عن ابن عباس و جابر و ابن عمر و غيرهم من أصحاب رسول الله صلى الله

عليه وسلم . فهو من أقوى المراسيل التي يستشهد بها كل العلماء محدثين و فقهاء ,

كما هو مبسوط في محله . و قال شيخ الإسلام ابن تيمية في " إبطال التحليل " ( ص

30 ) : " و المرسل صالح للاعتضاد باتفاق الفقهاء " . و لذلك علق الحديث الإمام

البخاري في " صحيحه " بصيغة الجزم , فقال ( 4 / 451 ) : " و قال النبي صلى الله

عليه وسلم : المسلمون عند شروطهم " . و خرجه الحافظ في " الفتح " عن بعض

المذكورين , و كذلك جزم بنسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم ابن عبد البر في "

التمهيد " ( 7 / 117 ) و ابن القيم أيضا في " الإغاثة " ( 2 / 21 و 55 ) و حسن

إسناد أبي هريرة النووي في " المجموع " ( 9 / 376 ) و قواه ابن دقيق العيد في "

الإلمام " ( 906 و 907 ) , و حسنه الشوكاني في " نيل الأوطار " ( 5 / 216 ) .

إذا عرفت هذا , فقد شذ عن هؤلاء الأئمة جميعا , و عن القوة التي يأخذها الحديث

من مجموع طرقه - و بخاصة المرسل الصحيح منها - المدعو ( حسان عبد المنان ) في

تعليقه على " إغاثة اللهفان " لابن القيم , فجزم بضعفه , غير مبال بمخالفته

سبيل المؤمنين , فقال ( 2 / 21 ) : " حديث ضعيف علقه البخاري في " صحيحه " ( 4

/ 451 ) ! هكذا قال ! ثم خرج بعض الطرق المشار إليها , و كاتما أقوال الأئمة

الذين قووه و احتجوا به , بل إنه أوهم القراء أن البخاري ضعفه بتعليقه إياه , و

كتم عنهم أنه جزم بنسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم , فما حكم من يفعل ذلك

معشر القراء الكرام ?!

2916 " لأن أقعد مع قوم يذكرون الله تعالى من صلاة الغداة حتى تطلع الشمس أحب إلي من

أن أعتق أربعة من ولد إسماعيل . و لأن أقعد مع قوم يذكرون الله من صلاة العصر

إلى أن تغرب الشمس أحب إلي من أعتق أربعة " .

 

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 994 :

 

أخرجه أبو داود ( 3667 ) و الطبراني في " الدعاء " ( 3 / 1638 / 1878 ) و

البيهقي في " شعب الإيمان " ( 1 / 409 / 561 و 562 ) من طريق موسى بن خلف عن

قتادة عن # أنس # قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره . قلت : و

هذا إسناد حسن كما قال الحافظ العراقي في " تخريج الإحياء " ( 1 / 32 ) و رجاله

ثقات , و في موسى بن خلف كلام , و قال الحافظ في " التقريب " : " صدوق عابد له

أوهام " . و يشهد له حديث علي بن زيد عن أبي طالب الضبعي عن أبي أمامة مرفوعا

به . أخرجه أحمد ( 5 / 254 ) و الطبراني في " الدعاء " ( 1882 ) و في " المعجم

الكبير " ( 8 / 317 / 8028 ) و أبو نعيم في " الحلية " ( 2 / 284 ) و قال

الهيثمي بعدما عزاه لأحمد و " المعجم " ( 10 / 104 ) : " و أسانيده حسنة " !

كذا قال , و لعله يعني في الشواهد , فإن علي بن زيد - و هو ابن جدعان - ضعيف

يستشهد به . و حديث الترجمة أخرجه أبو يعلى في " مسنده " ( 6 / 119 / 3392 ) من

طريق أبي عبيدة [ الحداد ] عن محتسب عن ثابت عن أنس به , و زاد في الشطرين : "

دية كل رجل منهم اثنا عشر ألفا " . و من طريق أبي يعلى و غيره أخرجه ابن عدي في

" الكامل " ( 6 / 466 ) في ترجمة ( محتسب ) هذا , و هو ابن عبد الرحمن البصري

أبو عائذ , و قال : " يروي عن ثابت أحاديث ليس محفوظة " . و قال الذهبي في "

المغني " : " له مناكير " . قلت : كهذه الزيادة , فإنها منكرة . و زادها أيضا

يزيد الرقاشي في الشطر الأول منه من طريق ( معلى بن زياد ) عنه . رواه أبو يعلى

( 7 / 128 - 129 و 154 ) و عنه ابن السني و عن غيره ( 216 / 664 ) و الطبراني

في " الدعاء " ( 1879 ) و البيهقي ( 563 ) , و تحرف ( المعلى ) في الموضع الأول

من " أبي يعلى " إلى ( الهقل ) , و هو خطأ ظنه المعلق عليه صوابا ! و يزيد هو

ابن أبان , ضعيف . و للشطر الأول منه طريق أخرى , يرويها عبد المؤمن بن سالم :

حدثنا سليمان التيمي عن أنس به . أخرجه أبو نعيم في " الحلية " ( 3 / 35 ) , و

" أخبار أصبهان " ( 1 / 200 ) . لكن عبد المؤمن هذا قال العقيلي ( 3 / 93 ) :

" لا يتابع على حديثه " . لكن له شاهد يرويه شعبة عن عبد الملك بن ميسرة قال :

سمعت كردوسا يقول : سمعت رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من أهل بدر

يقول : إنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " لأن أجلس في هذا المجلس

أحب إلي من أن أعتق أربع رقاب " . قال : قلت : أي مجلس تعني ? قال : مجلس الذكر

. أخرجه الدارمي ( 2 / 319 ) و البيهقي في " الشعب " ( 564 ) و السياق له , و

في " السنن " ( 10 / 88 - 89 ) و أحمد ( 3 / 474 ) و قال في رواية هاشم عن شعبة

: " قال شعبة : فقلت أي مجلس تعني ? قال : كان قاصا " . و قال في الإسناد : "

سمعت كردوس بن قيس , و كان قاص العامة بالكوفة " . قلت : و من هذا الوجه هو في

" السنن " لكن وقع في الموضعين منه : " قاضي العامة " , " كان قاضيا " . و ذكره

في " كتاب آداب القاضي " ! و أنا أظنه محرفا , بدليل روايته الصريحة أنه يعني "

مجلس الذكر " , و نحوه رواية أحمد . و كذلك وقع في " تاريخ البخاري " ( 4 / 1 /

243 ) : عن ابن عون قال : " رأيت ( كردوسا التغلبي ) و كان قاص الجماعة " . و

عن أبي وائل عن " كردوس بن عمرو , و كان يقرأ الكتب " . و كذا في " ثقات ابن

حبان " ( 5 / 342 ) , و زاد : " و يحكي عن الإنجيل و التوراة " . فهذا كله يؤكد

أنه كان قاصا واعظا . فمثله لا يصلح أن يكون قاضيا , و لذلك لم يورده ( وكيع )

في كتابه " أخبار القضاة " , و ترجم الدارمي بقوله : " باب في الرخصة في القصص

" , و قال عقبه : " قال أبو محمد - هو الدارمي - : الرجل من أصحاب بدر هو علي "

. قلت : و كذا وقع في رواية البزار في " البحر الزخار " ( 3 / 130 ) من طريق

روح بن عبادة قال : أخبرنا شعبة قال : أخبرنا عبد الملك بن ميسرة قال : سمعت

كردوس بن عمرو قال : سمعت رجلا من أهل بدر - قال شعبة : أراه علي بن أبي طالب -

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لأن تفصل المفصل أحب إلي من كذا بابا

" . قال شعبة : فقلت لعبد الملك : أي مفصل ? قال : القصص . و قال البزار : " و

لا نعلم روى كردوس بن عمرو عن علي إلا هذا الحديث " . و قال الهيثمي في "

المجمع " ( 1 / 161 ) : " رواه البزار و فيه ( كردوس ) وثقه ابن حبان , و قال

أبو حاتم : " فيه نظر " . و بقية رجاله رجال الصحيح " . كذا قال , و أقره

الحافظ في " مختصر الزوائد " ( 1 / 134 ) !

2917 " إنا كنا نرد السلام في صلاتنا , فنهينا عن ذلك " .

 

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 997 :

 

أخرجه الطحاوي في " شرح المعاني " ( 1 / 263 ) و البزار في " مسنده " ( 1 / 268

/ 554 - كشف الأستار ) و الطبراني في " المعجم الأوسط " ( 2 / 246 / 1 / 8795 )

من طرق عن عبد الله بن صالح : حدثني الليث حدثني محمد بن عجلان عن زيد بن أسلم

عن عطاء بن يسار عن # أبي سعيد الخدري # : أن رجلا سلم على رسول الله صلى الله

عليه وسلم و هو في الصلاة , فرد النبي صلى الله عليه وسلم بإشارة , فلما سلم

قال له النبي صلى الله عليه وسلم : فذكره . و قال الطبراني : " لم يروه عن ابن

عجلان إلا الليث " . قلت : و هو ابن سعد الإمام المصري الحجة , فالسند حسن

للخلاف المعروف في محمد ابن عجلان . و أعله الهيثمي بـ ( عبد الله بن صالح )

فقال ( 2 / 81 ) : " رواه البزار , و فيه عبد الله بن صالح كاتب الليث , وثقه

عبد الملك بن شعيب ابن الليث , فقال : " ثقة مأمون " , و ضعفه أحمد و غيره " .

و توسط الحافظ فيه فذهب إلى أنه ثقة في رواية الأئمة الكبار عنه كالبخاري و أبي

حاتم و نحوهما . انظر ترجمته في " مقدمة الفتح " . و من الظاهر أنه لم يعزه

للطبراني - و هو على شرطه - , فإما أن يكون سقط منه - و له أمثلة - و إما من

الناسخ , و يرجح الأول أنه لم يورده أيضا في " مجمع البحرين " ( 2 / 176 ) و هو

من أصوله كما هو معلوم عند العارفين بـ " المجمعين " . ثم إن الرجل الذي سلم

على النبي صلى الله عليه وسلم هو عبد الله بن مسعود كما روى أبو هريرة عنه قال

: " مررت برسول الله صلى الله عليه وسلم , و هو يصلي , فسلمت عليه فأشار إلي "

. أخرجه الطبراني بسند صحيح عنه , و هو مخرج في " الروض النضير " ( 637 ) و كان

ذلك عند قدومه من هجرته رضي الله عنه من الحبشة , صح ذلك عنه من غير ما طريق ,

و تقدم تخريجه في المجلد الخامس رقم ( 2380 ) و في " الروض " أيضا ( 605 ) .

من فقه الحديث : و في الحديث دلالة صريحة على أن رد السلام من المصلي لفظا كان

مشروعا في أول الإسلام في مكة , ثم نسخ إلى رده بالإشارة في المدينة . و إذا

كان ذلك كذلك , ففيه استحباب إلقاء السلام على المصلي , لإقراره صلى الله عليه

وسلم ابن مسعود على " إلقائه " , كما أقر على ذلك غيره ممن كانوا يسلمون عليه و

هو يصلي , و في ذلك أحاديث كثيرة معروفة من طرق مختلفة , و هي مخرجة في غير ما

موضع . و على ذلك فعلى أنصار السنة التمسك بها , و التلطف في تبليغها و تطبيقها

, فإن الناس أعداء لما جهلوا , و لاسيما أهل الأهواء و البدع منهم .

2918 " يا شيطان اخرج من صدر عثمان ! [ فعل ذلك ثلاث مرات ] " .

 

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 999 :

 

هو من حديث # عثمان بن أبي العاص الثقفي # رضي الله عنه , و له عنه طرق أربعة :

الأولى : عن عبد الأعلى : حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن الطائفي عن عبد الله بن

الحكم عن عثمان بن بشر قال : سمعت عثمان بن أبي العاص يقول : شكوت إلى رسول

الله صلى الله عليه وسلم نسيان القرآن , فضرب صدري بيده فقال : فذكره . قال

عثمان : " فما نسيت منه شيئا بعد , أحببت أن أذكره " . أخرجه الطبراني في "

المعجم الكبير " ( 9 / 37 / 8347 ) و قال الهيثمي في " المجمع " ( 9 / 3 ) : "

رواه الطبراني و فيه عثمان بن بشر , و لم أعرفه , و بقية رجاله ثقات " . فأقول

: بلى هو معروف , فقد ترجمه البحاري في " التاريخ " , و ابن أبي حاتم , و روى

عن ابن معين أنه قال : " عثمان بن بشر الثقفي - ثقة " . و بقية رجال الإسناد

ثقات رجال مسلم على ضعف يسير في الطائفي , و غير عبد الله بن الحكم , و الظاهر

أنه البلوي المترجم في " التاريخ " , و " ثقات ابن حبان " ( 7 / 30 ) , فإنه من

هذه الطبقة , فالإسناد حسن . و لعبد الله الطائفي هذا إسناد آخر أصح من هذا , و

هو الطريق : الثانية : يرويه معتمر بن سليمان قال : سمعت عبد الله بن عبد

الرحمن الطائفي يحدث عن عمه عمرو بن أويس عن عثمان بن أبي العاص قال : استعملني

رسول الله صلى الله عليه وسلم و أنا أصغر الستة الذين وفدوا عليه من ثقيف , و

ذلك أني كنت قرأت سورة *( البقرة )* , فقلت : يا رسول الله ! إن القرآن ينفلت

مني , فوضع يده على صدري و قال : " يا شيطان ! اخرج من صدر عثمان " . فما نسيت

شيئا أريد حفظه . أخرجه البيهقي في " دلائل النبوة " ( 5 / 308 ) . و إسناده

صحيح . الثالثة : يرويه الحسن عنه , قال : شكوت إلى النبي صلى الله عليه وسلم

سوء حفظي للقرآن , فقال : " ذاك شيطان يقال له : ( خنزب ) , ادن مني يا عثمان !

" . ثم وضع يده على صدري , فوجدت بردها بين كتفي , ثم قال : ( فذكره ) . فما

سمعت بعد ذلك شيئا إلا حفظته . أخرجه أبو نعيم في " الدلائل " ( ص 400 - 401 )

, و كذا البيهقي من طريق عثمان بن عبد الوهاب الثقفي : حدثنا أبي عن يونس و

عنبسة عنه . قلت : و هذا إسناد صحيح لولا عنعنة ( الحسن ) , و هو البصري , فإنه

كان يدلس , و رجاله ثقات رجال الشيخين غير عثمان بن عبد الوهاب , وثقه ابن حبان

( 8 / 453 ) . و أصل الحديث في " صحيح مسلم " بلفظ آخر , و هو في " صفة الصلاة

" . الرابعة : يرويه عيينة بن عبد الرحمن : حدثني أبي عن عثمان بن أبي العاص

قال : لما استعملني رسول الله صلى الله عليه وسلم على الطائف , جعل يعرض لي شيء

في صلاتي , حتى ما أدري ما أصلي ! فلما رأيت ذلك رحلت إلى رسول الله صلى الله

عليه وسلم , فقال : " ابن العاص ? " . قلت : نعم يا رسول الله ! قال : " ما جاء

بك ? " . قلت : يا رسول الله ! عرض لي شيء في صلاتي حتى ما أدري ما أصلي ! قال

: " ذاك الشيطان , ادنه " . فدنوت منه , فجلست على صدور قدمي , قال : فضرب صدري

بيده , و تفل في فمي و قال : " اخرج عدو الله ! " . ففعل ذلك ثلاث مرات , ثم

قال : " الحق بعملك " . أخرجه ابن ماجه ( 3548 ) و الروياني في " مسنده " ( ق

148 / 1 - 2 ) كلاهما بإسناد واحد عنه . و هو إسناد صحيح . و في الحديث دلالة

صريحة على أن الشيطان قد يتلبس الإنسان و يدخل فيه و لو كان مؤمنا صالحا , و في

ذلك أحاديث كثيرة , و قد كنت خرجت أحدها فيما تقدم برقم ( 485 ) من حديث يعلى

بن مرة قال : " سافرت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأيت منه شيئا عجبا ..

" و فيه : " و أتته امرأة فقالت : إن ابني هذا به لمم منذ سبع سنين , يأخذه كل

يوم مرتين , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أدنيه " , فأدنته منه ,

فتفل في فيه , و قال : اخرج عدو الله ! أنا رسول الله " . رواه الحاكم و صححه .

و وافقه الذهبي , و هو منقطع . ثم خرجته من طرق أخرى عن يعلى , جود المنذري

أحدها ! ثم ختمت التخريج بقولي : " و بالجملة فالحديث بهذه المتابعات جيد <1> .

و الله أعلم " . ثم وقفت على كتاب عجيب من غرائب ما طبع في العصر الحاضر بعنوان

( طليعة " استحالة دخول الجان بدن الإنسان " ) ! لمؤلفه ( أبو عبد الرحمن إيهاب

بن حسين الأثري ) - كذا الأثري موضة العصر ! - و هذا العنوان وحده يغني القارئ

اللبيب عن الاطلاع على ما في الكتاب من الجهل و الضلال , و الانحراف عن الكتاب

و السنة , باسم الكتاب و السنة و وجوب الرجوع إليهما , فقد عقد فصلا في ذلك , و

فصلا آخر في البدعة و ذمها و أنها على عمومها , بحيث يظن من لم يتتبع كلامه و

ما ينقله عن العلماء في تأييد ما ذهب إليه من الاستحالة أنه سلفي أو أثري - كما

انتسب - مائة في المائة ! و الواقع الذي يشهد به كتابه أنه خلفي معتزلي من أهل

الأهواء , يضاف إلى ذلك أنه جاهل بالسنة و الأحاديث , إلى ضعف شديد باللغة

العربية و آدابها , حتى كأنه شبه عامي , و مع ذلك فهو مغرور بعلمه , معجب بنفسه

, لا يقيم وزنا لأئمة السلف الذين قالوا بخلاف عنوانه كالإمام أحمد و ابن تيمية

و ابن القيم , و الطبري و ابن كثير و القرطبي , و الإمام الشوكاني و صديق حسن

خان القنوجي , و يرميهم بالتقليد ! على قاعدة ( رمتني بدائها و انسلت ) , الأمر

الذي أكد لي أننا في زمان تجلت فيه بعض أشراط الساعة التي منها قوله صلى الله

عليه وسلم : " و ينطق فيها الرويبضة . قيل : و ما الرويبضة ? قال : الرجل

التافه يتكلم في أمر العامة " <2> . و نحوه قول عمر رضي الله عنه : " فساد

الدين إذا جاء العلم من الصغير , استعصى عليه الكبير , و صلاح الناس إذا جاء

العلم من قبل الكبير , تابعه عليه الصغير " <3> . و ما أكثر هؤلاء ( الصغار )

الذين يتكلمون في أمر المسلمين بجهل بالغ , و ما العهد عنا ببعيد ذاك المصري

الآخر الذي ألف في تحريم النقاب على المسلمة ! و ثالث أردني ألف في تضعيف قوله

صلى الله عليه وسلم : " عليكم بسنتي و سنة الخلفاء الراشدين " , و في حديث

تحريم المعازف , المجمع على صحتهما عند المحدثين , و غيرهم و غيرهم كثير و كثير

!! و إن من جهل هذا ( الأثري ) المزعوم و غباوته أنه رغم تقريره ( ص 71 و 138 )

أن : " منهج أهل السنة و الجماعة التوقف في المسائل الغيبية عندما ثبت عن رسول

الله صلى الله عليه وسلم , و أنه ليس لأحد مهما كان شأنه أن يضيف تفصيلا , أو

أن ينقص ما ثبت بالدليل , أو أن يفسر ظاهر الآيات وفق هواه , أو بلا دليل " .

أقول : إنه رغم تقريره لهذا المنهج الحق الأبلج , فإنه لم يقف في هذه المسألة

الغيبية عند حديث الترجمة الصحيح . بل خالفه مخالفة صريحة لا تحتاج إلى بيان ,

و كنت أظن أنه على جهل به , حتى رأيته قد ذكره نقلا عن غيره ( ص 4 ) من الملحق

بآخر كتابه , فعرفت أنه تجاهله , و لم يخرجه مع حديث يعلى و غيره مما سبقت

الإشارة إليه ( ص 1002 ) . و كذلك لم يقدم أي دليل من الكتاب و السنة على ما

زعمه من الاستحالة , بل توجه بكليته إلى تأويل قوله تعالى المؤيد للدخول الذي

نفاه : *( الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من

المس )* تأويلا ينتهي به إلى إنكار ( المس ) - الذي فسره العلماء بالجنون - و

إلى موافقة بعض الأشاعرة و المعتزلة ! الذين فسروا ( المس ) بوسوسة الشيطان

المؤذية ! و هذا تفسير بالمجاز , و هو خلاف الأصل , و لذلك أنكره أهل السنة كما

سيأتي , و هو ما صرح به نقلا عن الفخر الرازي الأشعري ( ص 76 و 78 ) : " كأن

الشيطان يمس الإنسان فيجن " ! و نقل ( ص 89 ) عن غيره أنه قال : " كأن الجن مسه

" ! و عليه خص المس هذا بمن خالف شرع الله , فقال ( ص 22 ) : " و ما كان ليمس

أحد ( كذا غير منصوب ! ) <4> إلا بالابتعاد عن النهج المرسوم " ! و لو سلمنا

جدلا أن الأمر كما قال , فلا يلزم منه عند العلماء ثبوت دعوى النفي , لإمكان

وجود دليل آخر على الدخول كما في هذا الحديث الصحيح , بينما توهم الرجل أنه

برده دلالة الآية على الدخول ثبت نفيه إياه , و ليس الأمر كذلك لو سلمنا برده ,

فكيف و هو مردود عليه بهذا الحديث الصحيح , و بحديث يعلى المتقدم و بهما تفسر

الآية , و يبطل تفسيره إياها بالمجاز . و من جهل الرجل و تناقضه أنه بعد أن فسر

الآية بالمجاز الذي يعني أنه لا ( مس ) حقيقة , عاد ليقول ( ص 93 ) : " و اللغة

أجمعت على أن المس : الجنون " . و لكنه فسره على هواه فقال : أي من الخارج لا

من الداخل , قال : " ألا ترى مثلا إلى الكهرباء و كيف تصعق المماس لها من

الخارج ... " إلخ هرائه . فإنه دخل في تفاصيل تتعلق بأمر غيبي قياسا على أمور

مشاهدة مادية , و هذا خلاف المنهج السلفي الذي تقدم نقله عنه , و مع ذلك فقد

تعامى عما هو معروف في علم الطب أن هناك جراثيم تفتك من الداخل كجرثومة ( كوخ )

في مرحلته الثالثة ! فلا مانع عقلا أن تدخل الجان من الخارج إلى بدن الإنسان ,

و تعمل عملها و أذاها فيه من الداخل , كما لا مانع من خروجها منه بسبب أو آخر ,

و قد ثبت كل من الأمرين في الحديث فآمنا به , و لم نضربه كما فعل المعتزلة و

أمثالهم من أهل الأهواء , و هذا المؤلف ( الأثري ) - زعم - منهم . كيف لا و قد

تعامى عن حديث الترجمة , فلم يخرجه البتة في جملة الأحاديث الأخرى التي خرجها و

ساق ألفاظها من ( ص 111 ) إلى ( ص 126 ) - و هو صحيح جدا - كما رأيت , و هو إلى

ذلك لم يأخذ من مجموع تلك الأحاديث ما دل عليه هذا الحديث من إخراجه صلى الله

عليه وسلم للشيطان - من ذاك المجنون - , و هي معجزة عظيمة من معجزاته صلى الله

عليه وسلم , بل نصب خلافا بين رواية " اخرج عدو الله " و رواية " اخسأ عدو الله

" , فقد أورد على نفسه ( ص 124 ) قول بعضهم : " إن الإمام الألباني قد صحح

الحديث " , فعقب بقوله : " فهذا كذب مفترى , انظر إلى ما قاله الشيخ الألباني

لتعلم الكذب : المجلد الأول من سلسلته الصحيحة ص 795 ح 485 " . ثم ساق كلامي

فيه , و نص ما في آخره كما تقدم : " و بالجملة فالحديث بهذه المتابعات جيد . و

الله أعلم " . قلت : فتكذيبه المذكور غير وارد إذن , و لعل العكس هو الصواب ! و

قد صرح هو بأنه ضعيف دون أي تفصيل ( ص 22 ) , و اغتر به البعض ! نعم , لقد شكك

في دلالة الحديث على الدخول بإشارته إلى الخلاف الواقع في الروايات , و قد ذكرت

لفظين منها آنفا . و لكن ليس يخفى على طلاب هذا العلم المخلصين أنه ليس من

العلم في شيء أن تضرب الروايات المختلفة بعضها ببعض , و إنما علينا أن نأخذ

منها ما اتفق عليه الأكثر , و إن مما لا شك فيه أن اللفظ الأول : " اخرج " أصح

من الآخر " اخسأ " , لأنه جاء في خمس روايات من الأحاديث التي ساقها , و اللفظ

الآخر جاء في روايتين منها فقط ! على أني لا أرى بينهما خلافا كبيرا في المعنى

, فكلاهما يخاطب بهما شخص , أحدهما صريح في أن المخاطب داخل المجنون , و الآخر

يدل عليه ضمنا . و إن مما يؤكد أن الأول هو الأصح صراحة حديث الترجمة الذي

سيكون القاضي بإذن الله على كتاب " الاستحالة " المزعومة , مع ما تقدم من

البيان أنها مجرد دعوى في أمر غيبي مخالفة للمنهج الذي سبق ذكره . و لابد لي

قبل ختم الكلام على هذا الموضوع أن أقدم إلى القراء الكرام و لو مثالا واحد على

الجهل بالسنة الذي وصفت به الرجل فيما تقدم , و لو أنه فيما سلف كفاية للدلالة

على ذلك ! لقد ذكر الحديث المشهور في النهي عن اتباع سنن الكفار بلفظ لا أصل له

رواية و لا دراية , فقال ( ص 27 ) : " و صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ

يقول : " لتتبعن من قبلكم من الأمم حذاء القذة بالقذة , حتى لو دخلوا جحر ضب

لدخلتموه وراءهم . قالوا : اليهود و النصارى يا رسول الله ? قال : فمن ? " . أو

كما قال صلى الله عليه وسلم " ! و مجال نقده في سياقه للحديث هكذا واسع جدا , و

إنما أردت نقده في حرف واحد منه أفسد به معنى الحديث بقوله ( حذاء ) , فإن هذا

تحريف قبيح للحديث لا يخفى على أقل الناس ثقافة , و الصواب ( حذو ) . و ليس هو

خطأ مطبعيا كما قد يتبادر لأذهان البعض , فقد أعاده في مكان آخر . فقال ( ص 34

) مقرونا بخطأ آخر : " حذاء القذة بالقذة " ! كذا ضبطه بفتح القاف ! و إنما هو

بالضم <5> . و نحو ذلك مما يدل على جهله بالسنة قوله ( ص 240 ) : " يقول السلف

: ليس الخبر كالمعاينة " . و هذا حديث مرفوع رواه جماعة من الأئمة منهم أحمد عن

ابن عباس مرفوعا , و فيه قصة . و هو مخرج في " صحيح الجامع الصغير " ( 5250 ) .

و من أمثلة جهله بما يقتضيه المنهج السلفي أنه حشر ( ص 74 ) في زمرة التفاسير

المعتبرة " تفسير الكشاف " , و " تفسير الفخر الرازي " , فهل رأيت أو سمعت

أثريا يقول مثل هذا , فلا غرابة بعد هذا أن ينحرف عن السنة , متأثرا بهما و

يفسر آية الربا تفسيرا مجازيا ! و أما أخطاؤه الإملائية الدالة على أنه ( شبه

أمي ) فلا تكاد تحصى , فهو يقول في أكثر من موضع : " تعالى معي " ! و قال ( ص

131 ) : " ثم تعالى لقوله تعالى " , و ذكر آية . و في ( ص 129 ) : " فمن

المستحيل أن تفوت هذه المسألة هذان الإمامان الجليلان " ! و ( ص 130 ) . " أضف

إلى ذلك أن الإمامين ليسا طبيبان " ! فهو يرفع المنصوب مرارا و تكرارا . و في

الختام أقول : ليس غرضي مما تقدم إلا إثبات ما أثبته الشرع من الأمور الغيبية ,

و الرد على من ينكرها . و لكنني من جانب آخر أنكر أشد الإنكار على الذين

يستغلون هذه العقيدة , و يتخذون استحضار الجن و مخاطبتهم مهنة لمعالجة المجانين

و المصابين بالصرع , و يتخذون في ذلك من الوسائل التي تزيد على مجرد تلاوة

القرآن مما لم ينزل الله به سلطانا , كالضرب الشديد الذي قد يترتب عليه أحيانا

قتل المصاب , كما وقع هنا في عمان , و في مصر , مما صار حديث الجرائد و المجالس

. لقد كان الذين يتولون القراءة على المصروعين أفرادا قليلين صالحين فيما مضى ,

فصاروا اليوم بالمئات , و فيهم بعض النسوة المتبرجات , فخرج الأمر عن كونه

وسيلة شرعية لا يقوم بها إلا الأطباء عادة , إلى أمور و وسائل أخرى لا يعرفها

الشرع و لا الطب معا , فهي - عندي - نوع من الدجل و الوساوس يوحي بها الشيطان

إلى عدوه الإنسان *( و كذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس و الجن يوحي بعضهم

إلى بعض زخرف القول غرورا )* , و هو نوع من الاستعاذة بالجن التي كان عليها

المشركون في الجاهلية المذكورة في قوله تعالى : *( و أنه كان رجال من الإنس

يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا )* . فمن استعان بهم على فك سحر - زعموا -

أو معرفة هوية الجني المتلبس بالإنسي أذكر هو أم أنثى ? مسلم أم كافر ? و صدقه

المستعين به ثم صدق هذا الحاضرون عنده , فقد شملهم جميعا وعيد قوله صلى الله

عليه وسلم : " من أتى عرافا أو كاهنا فصدقه بما يقول , فقد كفر بما أنزل على

محمد " , و في حديث آخر : " .. لم تقبل له صلاة أربعين ليلة " <6> . فينبغي

الانتباه لهذا , فقد علمت أن كثيرا ممن ابتلوا بهذه المهنة هم من الغافلين عن

هذه الحقيقة , فأنصحهم - إن استمروا في مهنتهم - أن لا يزيدوا في مخاطبتهم على

قول النبي صلى الله عليه وسلم : " اخرج عدو الله " , مذكرا لهم بقوله تعالى *(

فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم )* . و الله

المستعان و لا حول و لا قوة إلا بالله .

 

-----------------------------------------------------------

[1] و له شواهد كثيرة يزداد بها قوة , قد ساقها المؤلف الآتي ذكره , و سلم

بصحته في الجملة , و لكنه ناقش في دلالته , و يأتي الرد عليه .

[2] حديث صحيح مخرج من طرق فيما تقدم برقم ( 1887 و 2238 و 2253 ) .

[3] رواه قاسم بن أصبغ بسند صحيح كما في " الفتح " ( 13 / 301 ) .

[4] قلت : و مثله كثير , انظر بعض الأمثلة في آخرها هذا التخريج .

[5] و هو مخرج في " الصحيحة " من طرق بألفاظ متقاربة ( 3312 ) .

[6] رواه مسلم و غيره , و هو مخرج في " غاية المرام " ( رقم 284 ) و رواه

الطبراني من طريق أخرى بقيد : " غير مصدق لم تقبل ... " , و هو منكر بهذه

الزيادة , و لذلك خرجته في " الضعيفة " ( 6555 ) . و الحديث الذي قبله صحيح

أيضا , و هو مخرج في " الإرواء " برقم ( 2006 ) و في غيره . اهـ .

2919 " خفف الصلاة على الناس , حتى وقت *( سبح اسم ربك الأعلى )* و *( اقرأ باسم ربك

الذي خلق )* , و أشباهها من القرآن " .

 

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1010 :

 

أخرجه أحمد ( 4 / 218 ) و الطبراني في " المعجم الكبير " ( 9 / 38 - 39 ) من

طريق ابن خثيم : أنبأنا داود بن أبي عاصم الثقفي عن # عثمان بن أبي العاص # قال

: آخر كلام كلمني رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ استعملني على الطائف , قال :

فذكره . قلت : و إسناده صحيح , رجاله كلهم ثقات . و إنما أخرجته لتوقيت السور

المذكورة , و إلا فأصل الحديث في " صحيح مسلم " و غيره , و بأتم منه , و هو

مخرج في " صحيح أبي داود " تحت الحديث ( 541 ) .

2920 " كان لا يدع ركعتين قبل الفجر , و ركعتين بعد العصر " .

 

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1010 :

 

أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 2 / 352 ) : حدثنا عفان قال : أخبرنا أبو

عوانة قال : حدثنا إبراهيم بن محمد بن المنتشر عن أبيه : أنه كان يصلي بعد

العصر ركعتين , فقيل له ? فقال : لو لم أصلهما إلا أني رأيت مسروقا يصليهما

لكان ثقة , و لكني سألت # عائشة # ? فقالت : فذكره . قلت : و هذا إسناد صحيح

غاية على شرط الشيخين , و أبو عوانة اسمه الوضاح اليشكري , و هو ثقة ثبت كما

قال الحافظ في " التقريب " . و قد خالفه شعبة في متنه فرواه عن إبراهيم به ,

إلا أنه قال : " .. أربعا قبل الظهر " , مكان الركعتين بعد العصر . أخرجه

البخاري و غيره , و هو مخرج في " صحيح أبي داود " رقم ( 1139 ) . و يظهر لي - و

الله أعلم - أن كلا من الروايتين محفوظ لثقة رواتهما و حفظهما , و لأن للركعتين

طرقا كثيرة عن عائشة يأتي ذكر بعضها بإذن الله تعالى . و قد أخرجه الطحاوي في "

شرح المعاني " ( 1 / 177 ) من طريق هلال بن يحيى قال : حدثنا أبو عوانة به ,

إلا أنه أدخل بين محمد بن المنتشر و عائشة - مسروقا . و هلال هذا ضعيف . قال

ابن حبان في " الضعفاء " ( 3 / 88 ) : " كان يخطىء كثيرا على قلة روايته " .

نعم لحديث مسروق أصل صحيح برواية أخرى , فكأنها اختلطت عليه بهذه , فقال الإمام

أحمد ( 6 / 241 ) : حدثنا إسحاق بن يوسف قال : حدثنا مسعر عن عمرو بن مرة عن

أبي الضحى عن مسروق قال : حدثتني الصديقة بنت الصديق حبيبة حبيب الله المبرأة :

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي ركعتين بعد العصر . و هذا إسناد صحيح

أيضا على شرط الشيخين , و قد أخرجاه من طريق أخرى عن مسروق مقرونا مع الأسود

بلفظ : " ما من يوم يأتي علي النبي صلى الله عليه وسلم إلا صلى بعد العصر

ركعتين " . و في رواية بلفظ : " ركعتان لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم

يدعهما سرا و لا علانية : ركعتان قبل صلاة الصبح , و ركعتان بعد العصر " . و هو

مخرج في " الإرواء " ( 2 / 188 - 189 ) و الذي قبله في " صحيح أبي داود " (

1160 ) و قد تابع إسحاق بن يوسف - و هو الأزرق - جعفر بن عون , إلا أنه خالفه

في إسناده فقال : عن مسعر عن حبيب بن أبي ثابت عن أبي الضحى به . أخرجه ابن أبي

شيبة ( 2 / 353 ) و أبو العباس السراج في " مسنده " ( ق 132 / 1 ) و جعفر بن

عون صدوق من رجال الشيخين , فإن كان حفظه فيكون لمسعر فيه شيخان , و إلا فرواية

الأزرق أصح . هذا و قد روى ابن أبي شيبة عن جماعة من السلف أنهم كانوا يصلون

هاتين الركعتين بعد العصر , منهم أبو بردة بن أبي موسى و أبو الشعثاء و عمرو بن

ميمون و الأسود ابن يزيد و أبو وائل , رواه بالسند الصحيح عنهم , و منهم محمد

بن المنتشر و مسروق كما تقدم آنفا . و أما ضرب عمر من يصليهما , فهو من

اجتهاداته القائمة على باب سد الذريعة , كما يشعر بذلك روايتان ذكرهما الحافظ

في " الفتح " ( 2 / 65 ) : إحداهما في " مصنف عبد الرزاق " ( 2 / 431 - 432 ) و

" مسند أحمد " ( 4 / 155 ) و الطبراني ( 5 / 260 ) و حسنه الهيثمي ( 2 / 223 )

. و الأخرى عند أحمد ( 4 / 102 ) أيضا , و الطبراني في " المعجم الكبير " ( 2 /

58 - 59 ) , و " الأوسط " ( 8848 - بترقيمي ) . و قد وقفت على رواية ثالثة تشد

من عضدهما , و هي من رواية إسرائيل عن المقدام ابن شريح عن أبيه قال : سألت

عائشة عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف كان يصلي ? [ قالت : ] " كان

يصلي الهجير ثم يصلي بعدها ركعتين , ثم يصلي العصر ثم يصلي بعدها ركعتين . فقلت

: فقد كان [ عمر ] يضرب عليهما و ينهى عنهما ? فقالت : قد كان عمر يصليهما , و

قد علم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم [ كان ] يصليهما , و لكن قومك أهل

الدين قوم طغام , يصلون الظهر , ثم يصلون ما بين الظهر و العصر , و يصلون العصر

ثم يصلون ما بين العصر و المغرب , فضربهم عمر , و قد أحسن " . أخرجه أبو العباس

السراج في " مسنده " ( ق 132 / 1 ) . قلت : و إسناده صحيح , و هو شاهد قوي

للأثرين المشار إليهما آنفا , و هو نص صريح أن نهي عمر رضي الله عنه عن

الركعتين ليس لذاتهما كما يتوهم الكثيرون , و إنما هو خشية الاستمرار في الصلاة

بعدهما , أو تأخيرهما إلى وقت الكراهة و هو اصفرار الشمس , و هذا الوقت هو

المراد بالنهي عن الصلاة بعد العصر الذي صح في أحاديث كما سبق بيانه تحت

الحديثين المتقدمين برقم ( 200 و 314 ) . و يتلخص مما سبق أن الركعتين بعد

العصر سنة إذا صليت العصر معها قبل اصفرار الشمس , و أن ضرب عمر عليها إنما هو

اجتهاد منه وافقه عليه بعض الصحابة , و خالفه آخرون , و على رأسهم أم المؤمنين

رضي الله عنها , و لكل من الفريقين موافقون , فوجب الرجوع إلى السنة , و هي

ثابتة صحيحة برواية أم المؤمنين , دون دليل يعارضه إلا العموم المخصص بحديث علي

و أنس المشار إلى أرقامهما آنفا . و يبدو أن هذا هو مذهب ابن عمر أيضا , فقد

روى البخاري ( 589 ) عنه قال : " أصلي كما رأيت أصحابي يصلون , لا أنهى أحدا

يصلي بليل و لا نهار ما شاء , غير أن لا تحروا طلوع الشمس و لا غروبها " . و

هذا مذهب أبي أيوب الأنصاري أيضا , فقد روى عبد الرزاق عنه ( 2 / 433 ) بسند

صحيح عن ابن طاووس عن أبيه : أن أبا أيوب الأنصاري كان يصلي قبل خلافة عمر

ركعتين بعد العصر , فلما استخلف عمر تركهما , فلما توفي ركعهما , فقيل له : ما

هذا ? فقال : إن عمر كان يضرب الناس عليهما . قال ابن طاووس : و كان أبي لا

يدعهما . و هنا ينبغي أن نذكر أهل السنة الحريصين على إحياء السنن و إماتة

البدع أن يصلوا هاتين الركعتين كلما صلوا العصر في وقتها المشروع , لقوله صلى

الله عليه وسلم : " من سن في الإسلام سنة حسنة .. " . و بالله التوفيق .

2921 " إذا زنت الأمة فاجلدوها , فإن زنت فاجلدوها , فإن زنت فاجلدوها , فإن زنت

فاجلدوها , ثم بيعوها و لو بضفير " .

 

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1014 :

 

أخرجه ابن ماجه ( 2 / 119 ) و أحمد ( 6 / 65 ) من طريق عمار بن أبي فروة أن

محمد ابن مسلم حدثه أن عروة حدثه أن عمرة بنت عبد الرحمن حدثته أن #عائشة #

حدثتها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( فذكره ) . قلت : و هذا إسناد

رجاله ثقات رجال الشيخين غير عمار - و يقال : عمارة - ابن أبي فروة , قال

البوصيري في " الزوائد " ( 159 / 1 ) : " قال البخاري : لا يتابع في حديثه . و

ذكره العقيلي و ابن الجارود في " الضعفاء " , و ذكره ابن حبان في " الثقات "

فما أجاد " . قلت : و ذلك لأنه لم يرو عنه غير يزيد بن أبي حبيب , و قد انفرد

به هكذا . و خالفه مالك و سفيان و غيرهما فقالوا : عن الزهري عن عبيد الله بن

عبد الله عن أبي هريرة و زيد بن خالد الجهني مرفوعا به نحوه . أخرجاه في "

الصحيحين " و غيرهما , و قد خرجته في " الإرواء " ( 2326 ) , فالحديث متنه صحيح

. و الله أعلم . ( تنبيه ) : ليس في رواية أحمد : " فإن زنت فاجلدوها " في

المرة الرابعة , و الظاهر أنها زيادة صحيحة , ففي حديث " الصحيحين " المشار

إليه آنفا : " قال ابن شهاب : لا أدري أبعد الثالثة أو الرابعة " . لكن في

رواية لأحمد ( 2 / 376 و 422 ) من طريق سعيد بن أبي سعيد ( زاد في رواية : عن

أبيه ) عن أبي هريرة , و زاد : " فإن عادت في الرابعة فليبعها و لو بحبل من شعر

, أو ضفير من شعر " . و سنده صحيح على شرط الشيخين , و هو في " مسلم " ( 5 /

123 - 124 ) دون الزيادة . و الله أعلم .

2922 " لا تبيعوا القينات و لا تشتروهن , و لا تعلموهن , و لا خير في تجارة فيهن , و

ثمنهن حرام , و في مثل هذا أنزلت هذه الآية : *( و من الناس من يشتري لهو

الحديث ليضل عن سبيل الله )* إلى آخر الآية " .

 

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1015 :

 

أخرجه الترمذي ( 1282 و 3193 ) و ابن جرير الطبري في " التفسير " ( 21 / 39 ) و

أحمد ( 5 / 252 و 264 ) و الحميدي ( 910 ) و ابن أبي الدنيا في " ذم الملاهي "

( ق 5 / 1 ) و البيهقي في " السنن " ( 6 / 14 ) و الثعلبي في " تفسيره " ( 3 /

75 / 1 ) و عنه البغوي في " تفسيره " ( 6 / 284 ) و الواحدي في " الوسيط " ( 3

/ 190 / 2 ) من طرق عن عبيد الله بن زحر عن علي بن يزيد عن القاسم بن عبد

الرحمن عن # أبي أمامة # عن رسول الله صلى الله عليه وسلم به . و كذا رواه

الطبراني في " المعجم الكبير " ( 8 / 7805 و 7825 و 7855 و 7861 و 7862 ) و قال

الترمذي : " حديث غريب , إنما يروى من حديث القاسم عن أبي أمامة , و القاسم ثقة

, و علي ابن يزيد يضعف في الحديث , قاله محمد بن إسماعيل " . و نقل البيهقي عن

الترمذي أنه قال : " سألت البخاري عن إسناد هذا الحديث ? فقال : علي بن يزيد

ذاهب الحديث , و وثق عبيد الله بن زحر , و القاسم بن عبد الرحمن " . قلت : و قد

تابعه الفرج بن فضالة الحمصي عن علي بن يزيد به دون ذكر الآية . أخرجه أحمد ( 5

/ 257 و 268 ) و الطيالسي أيضا ( 1134 ) . و أخرجه ابن ماجه ( 2168 ) و ابن

عساكر ( 2 / 425 / 1 ) عن أبي المهلب عن عبيد الله الأفريقي عن أبي أمامة قال :

" نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع المغنيات و عن شرائهن و عن كسبهن و

عن أكل أثمانهن " . و أبو المهلب هذا اسمه مطرح بن يزيد الكوفي , و هو ضعيف .

و الأفريقي هو عبيد الله بن زحر نفسه , فكأن أبا المهلب أسقط شيخه علي بن يزيد

الألهاني , و هذا يدل على ضعفه . و وجدت للألهاني متابعا قويا , فقال الوليد بن

الوليد : حدثنا ابن ثوبان عن يحيى بن الحارث عن القاسم به . أخرجه الطبراني ( 8

/ 212 / 7749 ) من طريقين عنه . قلت : و هذا إسناد حسن , الوليد بن الوليد هو

العنسي القلانسي الدمشقي , قال ابن أبي حاتم ( 4 / 2 / 19 ) عن أبيه : " صدوق ,

ما بحديثه بأس , حديثه صحيح " . و من فوقه معروفون من رجال التهذيب على كلام في

بعضهم . و لنزول الآية شاهد من حديث ابن مسعود أنه سئل عن هذه الآية : *( و من

الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم )* ? فقال : " هو الغناء

والذي لا إله إلا هو , يرددها ثلاث مرات " . أخرجه ابن جرير , و ابن أبي شيبة

في " المصنف " ( 6 / 309 ) و الحاكم ( 2 / 411 ) و البيهقي ( 10 / 223 ) و قال

الحاكم : " صحيح الإسناد " . و وافقه الذهبي . و هو كما قالا . و مثله ما عند

ابن أبي شيبة ( 6 / 310 ) و البخاري في " الأدب المفرد " ( 1265 ) و ابن جرير (

21 / 4 ) و ابن أبي الدنيا ( ق 4 / 1 - 2 ) و البيهقي ( 10 / 221 ) من طريق

منصور بن أبي الأسود عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في هذه

الآية : *( من يشتري لهو الحديث )* . قال : " نزلت في الغناء و أشباهه " . قلت

: و رجاله ثقات , فهو صحيح الإسناد لولا أن ابن السائب كان اختلط , فهو شاهد

جيد على الأقل . و في الباب عن جمع آخر من الصحابة , لكن أسانيد بعضها شديد

الضعف , فمن شاء الوقوف عليها فليرجع إلى " مجمع الزوائد " ( 4 / 91 ) و "

تخريج الكشاف " للحافظ العسقلاني ( 4 / 129 - 130 ) . ثم وقفت على ترجمة الوليد

بن الوليد العنسي في " الميزان " و " اللسان " , فوجدت فيه جرحا شديدا من غير

واحد من الحفاظ , فقال الدارقطني و غيره : " متروك " , و قال ابن حبان في "

الضعفاء " ( 3 / 81 ) : " يروي عن ابن ثوبان و ثابت بن يزيد العجائب " . ثم ساق

له حديث " مكارم الأخلاق عشرة ... " <1> , و قال عقبه : " و هذا ما لا أصل له

من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم " . و جرح هؤلاء مقدم على تعديل أبي حاتم

إياه , لأنه جرح مفسر كما هو ظاهر , و يستغرب خفاء ذلك على أبي حاتم الإمام

الحافظ النقاد المعروف بأنه من المتشددين في الجرح , و المعصوم من عصمه الله .

و لذلك فقد رجعت عن الاستشهاد بحديث الوليد هذا , و بقي الحديث على ضعفه , إلا

ما يتعلق منه بنزول الآية في الغناء , للشواهد الصحيحة المذكورة عن ابن مسعود

و غيره , فإنها في حكم المرفوع عند الحاكم و غيره , لاسيما و قد حلف ابن مسعود

ثلاث مرات على نزولها في الغناء , و قد صححه ابن القيم في " إغاثة اللهفان " (

1 / 240 ) عن ابن عباس و ابن مسعود , ثم تتابعت الآثار بذلك عن التابعين و

غيرهم , و منهم الحسن البصري , فقد جزم بأنها نزلت في الغناء و المزامير . كما

أخرجه ابن أبي حاتم عنه كما في " الدر المنثور " ( 5 / 159 ) . و لا ينافي ذلك

ما استصوبه ابن جرير ( 21 / 4 ) أن الآية عامة تعني كل ما كان من الحديث ملهيا

عن سبيل الله مما نهى الله عن استماعه و رسوله . قال : " و الغناء و الشرك من

ذلك " . و مال إلى هذا ابن كثير في " تفسيره " , و ابن القيم في " الإغاثة " (

1 / 240 - 241 ) . و فيما تقدم رد قوي على ابن حزم في قوله في " رسالة الملاهي

" ( ص 97 ) : أنه لم يثبت عن أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم تفسير

الآية بأنه الغناء ! قال : " و إنما هو قول بعض المفسرين ممن لا تقوم بقوله حجة

" ! و مع سقوط كلامه هذا بما سبق , فيخالفه صنيعه في " المحلى " , فقد ساق فيه

الروايات المتقدمة عن ابن مسعود و ابن عباس , و عن غيرهما من التابعين , و لم

يضعفها , و إنما قال : " لا حجة لأحد دون رسول الله صلى الله عليه وسلم " !

فنقول : كلمة حق أريد بها باطل , لأنه لم يذكر عنه صلى الله عليه وسلم ما يخالف

تفسيرهم . ثم زعم أنه قد خالفهم غيرهم من الصحابة و التابعين ! و هذا كالذي

قبله , فإنه لم يذكر و لا رواية واحدة مخالفة , و لو كان لديه لسارع إلى بيانها

. ثم احتج بأن الآية فيها صفة من فعلها كان كافرا . فنقول : هذا حق , و لكن ذلك

لا ينفي أن يؤاخذ المسلم بقدر ما قام فيه من تلك الصفة , كالالتهاء بالأغاني عن

القرآن . و تفصيل هذا في " إغاثة اللهفان " .

 

-----------------------------------------------------------

[1] تقدم تخريجه في " الضعيفة " ( 720 ) . اهـ .

2923 " من لقي الله لا يشرك به شيئا لم يتند بدم حرام , دخل الجنة " .

 

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1020 :

 

أخرجه أحمد ( 4 / 152 ) : حدثنا وكيع عن ابن أبي خالد عن عبد الرحمن بن عائذ عن

#عقبة بن عامر الجهني #قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره . و

بهذا الإسناد رواه ابن أبي شيبة في " مسنده " كما في " زوائد ابن ماجه " ( ق

162 / 2 ) للبوصيري , و ابن ماجه ( 2618 ) و الحاكم ( 4 / 351 ) من طريقين

آخرين عن وكيع به . و صححه الحاكم . و وافقه الذهبي , و هو كما قالا , فإن

رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير ابن عائذ هذا , و قد وثقه النسائي و ابن حبان

. و أعله البوصيري بالانقطاع فقال : " هذا إسناد صحيح إن كان عبد الرحمن بن

عائذ الأزدي سمع من عقبة بن عامر فقد قيل : إن روايته عنه مرسلة " . كذا قال ,

و ما علمت ذكر ذلك أحد قبله , و ظني أنه شبه له , فقد ذكر الحافظ أنه روى عن

جمع من الصحابة منهم عمر و علي و معاذ و عقبة و غيرهم , ثم قال : " و قد قيل :

إنه أدرك عليا . و قال أبو زرعة : حديثه عن علي مرسل , و لم يدرك معاذا , و قال

ابن أبي حاتم : روى عن عمر مرسلا " . فهذا كل ما ذكروه في ترجمته من الانقطاع ,

فالظاهر أنه التبس عليه عقبة بمعاذ , و شتان ما بين وفاتيهما , فإن معاذا توفي

سنة ( 18 ) , و عقبة سنة ( 60 ) ! فقد أدركه يقينا , و قد أشار إلى هذا الحافظ

بقوله في " التقريب " : " ثقة , من الثالثة , و وهم من ذكره في الصحابة , قال

أبو زرعة : لم يدرك معاذا " . ثم إن وكيعا قد توبع , فقال أحمد ( 4 / 148 ) :

حدثنا يزيد بن هارون : أنبأنا إسماعيل - يعني ابن أبي خالد - عن عبد الرحمن بن

عائذ - رجل من أهل الشام - قال : انطلق عقبة بن عامر الجهني إلى المسجد الأقصى

ليصلي فيه , فاتبعه ناس , فقال : ما جاء بكم ? قالوا : صحبتك رسول الله صلى

الله عليه وسلم , أحببنا أن نسير معك و نسلم عليك , قال : انزلوا فصلوا ,

فنزلوا , فصلى , و صلوا معه , فقال حين سلم : سمعت رسول الله صلى الله عليه

وسلم يقول : " ليس من عبد يلقى الله عز وجل لا يشرك به شيئا , لم يتند بدم حرام

, إلا دخل من أي أبواب الجنة شاء " . و هذه متابعة قوية من يزيد بن هارون الثقة

الحافظ لوكيع بن الجراح , و قد خالفهما القاسم بن الوليد الهمداني في إسناده

فقال : حدثنا إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عن جرير بن عبد الله رضي

الله عنه مرفوعا بنحو لفظ يزيد . أخرجه الحاكم , و أشار إلى أن الراجح الأول ,

و تبعه الذهبي فقال : " قلت : الأول أصح " . و ذلك لمخالفة القاسم بن الوليد

لوكيع و يزيد , و هو دونهما حفظا و ضبطا , و قد قال الحافظ فيه : " صدوق يغرب "

. و الحديث عند البخاري في " العلم " من حديث أنس مرفوعا به دون قوله : " لم

يتند بدم حرام " , انظر " مختصر البخاري " ( 85 ) . و كذلك رواه أحمد ( 2 / 361

- 362 و 421 - 422 ) من حديث أبي هريرة بزيادة , و أحمد أيضا ( 4 / 260 و 5 /

285 ) من حديث سلمة بن نعيم , و زاد : " و إن زنى و إن سرق " . و هي صحيحة . و

الأحاديث بهذا المعنى كثيرة صحيحة معروفة في " الصحيحين " و غيرهما , و إنما

خرجت هذا لما فيه من الزيادة عليها , و للتنبيه على وهم البوصيري في إعلاله

إياه بالانقطاع . و الله أعلم .

2924 " إني لم أبعث باليهودية و لا بالنصرانية , و لكني بعثت بالحنيفية السمحة ,

والذي نفسي بيده لغدوة أو روحة في سبيل الله خير من الدنيا و ما فيها , و لمقام

أحدكم في الصف خير من صلاته ستين سنة " .

 

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1022 :

 

أخرجه أحمد ( 5 / 266 ) و الطبراني في " الكبير " ( 7868 ) و ابن عساكر في "

الأربعين في الجهاد " ( الحديث 15 ) من طريق معان بن رفاعة : حدثني علي بن يزيد

عن القاسم عن # أبي أمامة # قال : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في

سرية من سراياه , قال : فمر رجل بغار فيه شيء من ماء , قال : فحدث نفسه بأن

يقيم في ذلك الغار فيقوته ما كان فيه من ماء , و يصيب ما حوله من البقل , و

يتخلى من الدنيا ! ثم قال : لو أني أتيت نبي الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك

له , فإن أذن لي فعلت , و إلا لم أفعل . فأتاه فقال : يا نبي الله ! إني مررت

بغار فيه ما يقوتني من الماء و البقل , فحدثتني نفسي بأن أقيم فيه و أتخلى من

الدنيا . قال فقال النبي صلى الله عليه وسلم : فذكره . قلت : و هذا إسناد ضعيف

: 1 - القاسم - و هو ابن عبد الرحمن صاحب أبي أمامة - مختلف فيه , و المتقرر

فيه أنه حسن الحديث إذا لم يخالف . 2 - علي بن يزيد - و هو الألهاني - ضعيف كما

في " التقريب " , و لكنه لم يترك كما قال الذهبي في " الكاشف " . 3 - معان بن

رفاعة , لين الحديث كما قال الحافظ . و يبدو من هذه التراجم الموجزة أن السند

ليس شديد الضعف , فيمكن الاستشهاد به , فقد جاء الحديث مفرقا عن جمع من الصحابة

إلا الفقرة الأولى , فلم أجد ما يشهد لها في السنة فيما يحضرني الآن . و لكن

حسبك القرآن شهادة . ألا و هو قوله تعالى : *( و لن ترضى عنك اليهود و لا

النصارى حتى تتبع ملتهم قل إن هدى الله هو الهدى و لئن اتبعت أهواءهم بعد الذي

جاءك من العلم ما لك من الله من ولي و لا نصير )* ( البقرة : 120 ) . و قوله :

*( ما كان إبراهيم يهوديا و لا نصرانيا , و لكن كان حنيفا مسلما و ما كان من

المشركين )* ( آل عمران : 67 ) . و قوله : *( إن أولى الناس بإبراهيم للذين

اتبعوه و هذا النبي و الذين آمنوا و الله ولي المؤمنين )* ( آل عمران : 68 ) .

و أما الفقرة الثانية , فقد رويت من حديث عائشة , و جابر , و حبيب بن أبي ثابت

, و ابن عباس . أما حديث عائشة , فيرويه عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه قال

: قال لي عروة : إن عائشة قالت يومئذ - يعني يوم لعب الحبشة في المسجد , و نظرت

عائشة إليهم - : " لتعلم يهود أن في ديننا فسحة , إني أرسلت بحنيفية سمحة " .

أخرجه أحمد ( 6 / 116 / 233 ) و الديلمي في " مسند الفردوس " ( 2 / 1 / 4 ) .

قلت : و هذا إسناد حسن في المتابعات و الشواهد على الأقل , فإن عبد الرحمن بن

أبي الزناد مختلف فيه , و المتقرر أنه حسن الحديث إذا لم يخالف , و قد جاءت قصة

الحبشة هذه من طرق عن عائشة في " الصحيحين " و غيرهما , و قد خرجتها في " آداب

الزفاف " , و جمعت فيه الزيادات و جعلتها بين المعقوفات [ ] , و ليس منها : "

إني أرسلت بحنيفية سمحة " , لأنه صار في نفسي يومئذ شك في ثبوتها لمخالفتها لكل

الطرق المشار إليها . بل و لعدم ورودها في طريق أخرى عنها عند الحميدي ( رقم

254 ) , مع أنه ورد فيها الزيادة التي قبلها : " لتعلم يهود أن في ديننا فسحة "

, فهذا كله جعلني يومئذ أعرض عنها و لا أعتمدها , فلما وقفت على حديث الترجمة

و شواهده اطمأننت لثبوتها , فالحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات . أما حديثا

جابر و حبيب بن أبي ثابت , فهما ضعيفان , و كنت خرجتهما و كشفت عن علتهما في "

غاية المرام " ( رقم 8 ) تحت الحديث " بعثت بالحنيفية السمحة " , و كنت ضعفته

للسبب الذي ذكرته آنفا . و أما حديث ابن عباس , فلفظه يخالف هذا , قال ابن عباس

: قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم : أي الأديان أحب إلى الله ? قال : "

الحنيفية السمحة " . و قد خرجته هناك و بينت أن فيه عنعنة ابن إسحاق و غيرها ,

و أنكرت على الحافظ ابن حجر تحسينه لإسناده ! و لكني حسنت متنه لبعض الشواهد

ذكرتها له في " تمام المنة في التعليق على فقه السنة " , و لذلك أوردته في "

الصحيحة " برقم ( 881 ) و أشرت إلى شواهده محيلا بها على " تمام المنة " , ثم

أوردته في " صحيح الجامع " ( 158 ) . و لقد كنت ذكرت في تخريج حديث حبيب بن أبي

ثابت أن فيه بردا الحريري , و أني لم أعرفه . فأقول الآن : بأني وجدته في "

التاريخ الكبير " للبخاري ( 1 / 2 / 134 ) و " الجرح و التعديل " لابن أبي حاتم

( 1 / 1 / 422 ) و " الثقات " لابن حبان ( 6 / 114 - 115 ) كلهم ذكروه من رواية

محمد بن عبيد الطنافسي عنه . لكن ابن أبي حاتم قرن معه أخاه يعلى بن عبيد ,

فخرج بذلك عن الجهالة العينية , و لاسيما و قد ذكر له عنه راويا ثالثا , و لكنه

شك أن يكون هو بردا هذا أو غيره . و الله أعلم . و يعود السبب في كتابة هذا

التخريج إلى أخينا الفاضل الأستاذ محمد شقرة , فقد لفت نظري - جزاه الله خيرا -

إلى أن الشيخ شعيب الأرناؤط قد قوى حديث " بعثت بالحنيفية السمحة " في تعليقه

على " العواصم " ( ص 175 ) , و رد فيه عليك تضعيفك إياه في " غاية المرام " , و

بعد الاطلاع على التعليق المشار إليه وجدت الحق معه , فأخبرت الأستاذ بذلك ,

فشكر و أثنى خيرا . و لكن المومى إليه لم يكن منصفا في سائر كتابته حول هذا

الحديث - كما هي عادته كلما سنحت له الفرصة لانتقادي - فإنه هداني الله تعالى و

إياه أخذ تخريج أكثر الأحاديث التي ذكرها شاهدا للحديث هذا من كتابي المذكور :

" غاية المرام " دون أن يشير إلى ذلك أدنى إشارة ! هذا أولا . و ثانيا : فإنه

حذف من تخريجي المذكور ما فيه من البيان لعلل تلك الشواهد , و منها حديث ابن

عباس , بل إنه نقل تحسين الحافظ لإسناده و أقره , و هو يعلم أن فيه عنعنة ابن

إسحاق ! و أنها علة الحديث , فلم سكت عنه ?! و ثالثا : أنه أوهم القراء بأنني

ضعفت حديث ابن عباس المشار إليه , و ليس كذلك , فإني قد حسنته لشواهد خرجتها في

" تمام المنة في التعليق على فقه السنة " , و قد أشرت إليها في " الصحيحة " رقم

( 881 ) و لذلك أوردته في " صحيح الجامع " ( 158 ) كما تقدم , فكان على الشيخ

شعيب أن يشير إلى ذلك كما تقتضيه الأمانة العلمية . و لكن .. و لا يقال : لعله

لا يعلم ذلك ! فنقول : ذلك بعيد جدا عن مثله , و كتبي من مراجعه الأولى في

مكتبته التي في المؤسسة التي يعمل فيها , كما أخبرني أحد الإخوان الذين كانوا

ابتلوا بالعمل معه !! ثم رأيت ابن كثير قد أشار إلى تقوية هذه الفقرة لورودها

من طرق , فانظر تفسير آية *( الذين يتبعون الرسول النبي الأمي .. )* ( 2 / 252

) . و أما الفقرة الثالثة : فقرة الغدوة , فلها شواهد كثيرة من حديث أنس و سهل

و أبي أيوب في " الصحيحين " و غيرهما , و هي مخرجة في " الترغيب " ( 2 / 164 -

165 ) . و أما الفقرة الرابعة و الأخيرة , فلها شاهد من حديث أبي هريرة , و آخر

من حديث عمران بن حصين , و قد سبق تخريجهما برقم ( 902 ) . ثم وجدت للفقرة

الثانية شاهدا من حديث أحمد بن يحيى الحلواني : حدثنا محرز بن عون حدثنا حسان

بن إبراهيم عن عبد العزيز بن أبي رواد عن نافع عن ابن عمر مرفوعا بلفظ : " إن

دين الله الحنيفية السمحة " . أخرجه الطبراني في " الأوسط " ( 1 / 45 / 2 / 783

- بترقيمي ) و أبو نعيم في " الحلية " ( 8 / 203 ) و القضاعي في " مسند الشهاب

" ( 2 / 104 / 977 ) من طريقين عن الحلواني به . و قال أبو نعيم : " غريب تفرد

به حسان بن إبراهيم , لم نكتبه إلا من حديث محرز " . قلت : و هو ثقة من رجال

مسلم , و كذا من فوقه , على ضعف في حسان من قبل حفظه , و الحلواني من شيوخ

الطبراني الثقات له ترجمة في " تاريخ بغداد " , فالإسناد حسن .

2925 " كان ينام و هو ساجد , فما يعرف نومه إلا بنفخه , ثم يقوم فيمضي في صلاته " .

 

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1027 :

 

أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 1 / 133 ) و من طريقه البغوي في " شرح

السنة " ( 1 / 338 ) : حدثنا إسحاق بن منصور عن منصور بن أبي الأسود عن الأعمش

عن إبراهيم عن علقمة عن # عبد الله # قال : فذكره مرفوعا . و رواه الطبراني في

" الكبير " ( 9995 ) من طريق آخر عن ابن أبي الأسود . قلت : و هذا إسناد صحيح

رجاله ثقات رجال الشيخين غير منصور بن أبي الأسود , و هو ثقة على تشيع فيه . و

قد أرسله بعضهم , فقال ابن أبي شيبة : حدثنا هشيم عن مغيرة عن إبراهيم : أن

النبي صلى الله عليه وسلم نام في المسجد حتى نفخ , ثم قام فصلى و لم يتوضأ ,

كان النبي صلى الله عليه وسلم تنام عيناه و لا ينام قلبه . ثم قال ابن أبي شيبة

, و أحمد أيضا ( 6 / 135 ) : حدثنا وكيع عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن

عائشة قالت : " كان النبي صلى الله عليه وسلم ينام حتى ينفخ , ثم يقوم فيصلي و

لا يتوضأ " . و هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين . و للحديث شاهد من حديث ابن

عباس مرفوعا نحوه . أخرجه أبو داود و غيره بإسناد ضعيف , و فيه زيادة منكرة

بلفظ : " إنما الوضوء على من نام مضطجعا .. " . و لذلك خرجته في " ضعيف أبي

داود " ( 25 ) و هو في " الصحيحين " بغير هذه الزيادة نحوه , و هو مخرج في "

صحيح أبي داود " ( 1224 - 1229 ) . و أما زيادة مرسل إبراهيم : " كان تنام

عيناه و لا ينام قلبه " . فهي صحيحة جاءت موصولة في " الصحيحين " و غيرهما , و

هو مخرج في " صحيح أبي داود " ( 1212 ) , و من حديث أبي هريرة و غيره . انظر "

صحيح الجامع الصغير " ( 2997 ) . قلت : و هذه الزيادة صريحة في أن النوم لا

ينقض وضوءه صلى الله عليه وسلم , و أن ذلك من خصوصياته . و قد اختلف العلماء في

نوم الجالس المتمكن في جلوسه , و الراجح أنه ناقض كما بينته في " تمام المنة "

, فليراجعه من شاء .

2926 " حدثوا عن بني إسرائيل و لا حرج , فإنه كانت فيهم الأعاجيب " . ثم أنشأ يحدث

قال : " خرجت طائفة من بني إسرائيل حتى أتوا مقبرة لهم من مقابرهم , فقالوا :

لو صلينا ركعتين , و دعونا الله عز وجل أن يخرج لنا رجلا ممن قد مات نسأله عن

الموت , قال : ففعلوا . فبينما هم كذلك إذ أطلع رجل رأسه من قبر من تلك المقابر

, خلاسي , بين عينيه أثر السجود , فقال : يا هؤلاء ما أردتم إلي ? فقد مت منذ

مائة سنة , فما سكنت عني حرارة الموت حتى كان الآن فادعوا الله عز وجل لي

يعيدني كما كنت " .

 

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1029 :

 

أخرجه أحمد في " الزهد " ( 16 - 17 ) و ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 9 / 62 )

دون القصة , و كذا البزار في " مسنده " ( 1 / 108 / 192 - كشف الأستار ) عن

الربيع ابن سعد الجعفي سمعه من عبد الرحمن بن سابط عن # جابر بن عبد الله # قال

: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : .. فذكره . قلت : و هذا إسناد رجاله ثقات

على خلاف في سماع ابن سابط من جابر , فقد سئل ابن معين : سمع عبد الرحمن بن

سابط من جابر ? فقال : لا . لكن أثبت سماعه منه ابن أبي حاتم , فقال في " الجرح

و التعديل " ( 2 / 2 / 240 ) : " روى عن عمر , مرسل , و عن جابر , متصل " . و

هذا خلاف ما حكاه في " المراسيل " ( ص 84 ) , و هذا أرجح لما يأتي . و الحديث

أخرجه عبد بن حميد في " المنتخب من المسند " ( ق 152 / 1 ) بتمامه , و كذا وكيع

في " الزهد " ( 1 / 280 / 56 ) و ابن أبي داود في " البعث " ( 30 / 5 ) و فيه

تصريح ابن سابط بالتحديث , فصح الحديث و اتصل الإسناد و الحمد لله . و للجملة

الأولى منه شاهد من حديث أبي هريرة مرفوعا . أخرجه أبو داود ( 2 / 126 ) و

الطحاوي في " مشكل الآثار " ( 1 / 40 - 41 ) و ابن حبان ( 109 - موارد ) و زاد

: " و حدثوا عني , و لا تكذبوا علي " . و إسناده جيد . و له شاهد آخر من حديث

ابن عمرو , رواه البخاري و غيره , و هو مخرج في " الروض النضير " ( 582 ) . (

تنبيه ) : لقد أعل الحديث المعلق على " البعث " , و المعلق على " زهد وكيع "

بقول الذهبي في راويه الربيع بن سعد الجعفي : " لا يكاد يعرف " . كذا قال , و

خفي عليه قول أبي حاتم فيه : " لا بأس به " . و وثقه غيره كما ذكرت في " تيسير

الانتفاع " , و قد روى عنه خمسة من الثقات , فمثله يحتج به , و تطمئن النفس

لحديثه , و بخاصة أنه من أتباع التابعين . قوله : ( خلاسي ) : أي أسمر اللون ,

يقال ولد خلاسي , ولد بين أبوين أبيض و أسود .

2927 " لا , إنه كان يعطي للدنيا و ذكرها و حمدها , و لم يقل يوما قط : رب اغفر لي

خطيئتي يوم الدين " .

 

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1030 :

 

أخرجه أبو يعلى في " مسنده " ( 6965 ) و الطبراني في " المعجم الكبير " ( 23 /

279 / 606 و 391 / 932 ) من طرق عن منصور عن مجاهد عن # أم سلمة # قالت : قلت

للنبي صلى الله عليه وسلم : هشام بن المغيرة كان يصل الرحم و يقري الضيف و يفك

العناة و يطعم الطعام , و لو أدرك أسلم , هل ذلك نافعه ? قال : فذكره . قلت : و

هذا إسناد صحيح , رجاله رجال الشيخين . و قال الهيثمي في " المجمع " ( 1 / 118

) : " رواه الطبراني في " الكبير " , و أبو يعلى , و رجاله رجال الصحيح " . قلت

: له طريق أخرى , يرويه عمرو بن ثابت عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن أبي بكر

بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن أم سلمة : أن الحارث بن هشام أتى النبي صلى

الله عليه وسلم عام حجة الوداع فقال : يا رسول الله ! إنك تحث على صلة الرحم ,

و الإحسان إلى الجار , و إيواء اليتيم و إطعام الضيف و إطعام المساكين , و كل

هذا كان هشام بن المغيرة يفعله , فما ظنك به يا رسول الله ! فقال رسول الله صلى

الله عليه وسلم : " كل قبر لا يشهد صاحبه أن لا إله إلا الله فهو جذوة من النار

, و قد وجدت عمي أبا طالب في طمطام من النار , فأخرجه الله لمكانه مني و إحسانه

إلي , فجعله في ضحضاح من النار " . أخرجه الطبراني في " الكبير " ( 23 / 405 /

972 ) و في " المعجم الأوسط " ( 2 / 165 / 2 / 7523 ) و قال : لا يروى عن أم

سلمة إلا بهذا الإسناد " . قلت : الظاهر أنه يعني بهذا التمام , و إلا فالطريق

التي قبلها بغير هذا الإسناد كما رأيت . ثم إن الهيثمي أعله بقوله : " و فيه

عبد الله بن محمد بن عقيل , و هو منكر الحديث لا يحتجون بحديثه , و قد وثق " .

قلت : هو إلى التوثيق أقرب , و الحق أنه وسط حسن الحديث , فقد كان أحمد و إسحاق

و الحميدي يحتجون بحديثه , و قال الحافظ في " التقريب " : " صدوق في حديثه لين

, و يقال : تغير بأخرة " . قلت : فالأولى إعلاله بالراوي عنه : عمرو بن ثابت ,

فإنه ضعيف باتفاقهم , و إن كان أبو داود قال فيه : " أحاديثه مستقيمة " . و

الحديث له شاهد من حديث عائشة رضي الله عنها , و له طرق : الأولى : عن مسروق

عنها قالت : قلت : يا رسول الله ! ابن جدعان كان في الجاهلية يصل الرحم و يطعم

المسكين , فهل ذاك نافعه ? قال : " لا ينفعه , إنه لم يقل يوما : رب اغفر لي

خطيئتي يوم الدين " . أخرجه مسلم ( 1 / 136 ) و أبو عوانة ( 1 / 99 - 100 ) و

أحمد ( 6 / 63 ) . الثانية : عن عبيد بن عمير عنها به أتم منه . أخرجه أبو

عوانة , و ابن حبان في " صحيحه " ( رقم 330 - الإحسان / الرسالة ) و أحمد ( 6 /

120 ) و أبو يعلى ( 4672 ) و أبو نعيم في " الحلية " ( 3 / 278 ) و قال أحمد و

الأول في رواية له : " عبد الله بن جدعان " . الثالثة : عن أبي سلمة عنها .

أخرجه الحاكم ( 2 / 405 ) و سماه " عبد الله بن جدعان " , و قال : " صحيح

الإسناد " . و وافقه الذهبي .

2928 " من استطاع منكم أن لا يموت إلا بالمدينة فليمت بها , فإنه من يمت بها يشفع له

, أو يشهد له " .

 

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1033 :

 

أخرجه ابن حبان في " صحيحه " ( 1032 - موارد ) و الطبراني في " المعجم الكبير "

( 24 / 331 / 824 ) و البيهقي في " الشعب " ( 2 / 1 / 83 / 1 ) من طريق يونس عن

ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن # الصميتة # - امرأة من بني ليث

- سمعها تحدث صفية بنت أبي عبيد أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :

فذكره . قلت : و هذا إسناد صحيح رجاله ثقات , و في إسناده اختلاف يسير لا يضر

إن شاء الله تعالى , ذكره البيهقي و الحافظ في " الإصابة / ترجمة الصميتة " . و

من ذلك ما رواه الطبراني ( 24 / 294 / 747 ) و البيهقي من طريق عبد العزيز بن

محمد الدراوردي عن أسامة بن زيد عن عبد الله بن عكرمة عن عبد الله بن عبد الله

ابن عمر بن الخطاب عن أبيه عن سبيعة الأسلمية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم

قال : فذكره . إلا أنه قال : " إلا كنت له شفيعا أو شهيدا يوم القيامة " . و

قال البيهقي : " هذا خطأ , إنما هو عن صميتة " . و أقره المنذري في " الترغيب "

( 2 / 143 ) . و في رواية للطبراني ( 825 ) من طريق ابن أبي فديك عن ابن أبي

ذئب عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر ( ! ) عن امرأة يتيمة كانت

عند رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فذكره نحو لفظ رواية أسامة . كذا وقع

فيه ( ابن عمر ) , و في " تحفة الأشراف " للحافظ المزي ( 11 / 346 ) من هذه

الطريق : ( ابن عتبة ) , و لعله أصح . ثم إنه لا منافاة بين هذه الرواية و

الرواية الأولى , لأنه وقع عند النسائي في " الكبرى / الحج " من طريق القاسم بن

مبرور عن يونس بسنده المتقدم قال : " أن الصميتة - امرأة من بني ليث بن بكر

كانت في حجر النبي صلى الله عليه وسلم .. " . فقد بينت هذه الرواية أن اليتيمة

هي الصميتة نفسها . و الله أعلم . و قد حسن المنذري إسناد الطبراني عن اليتيمة

, و هي صحيحة بما قبلها . و يزيده قوة أن له شاهدا من حديث ابن عمرو مرفوعا

بلفظ : " من استطاع أن يموت بالمدينة فليفعل , فإني أشفع لمن مات بها " . أخرجه

أحمد ( 2 / 74 ) و غيره , و سنده صحيح على شرط الشيخين , و قد صححه الترمذي و

ابن حبان . ( تنبيه ) : أورد البيهقي هنا في " الشعب " ( 2 / 1 / 82 / 2 )

بإسناده عن أبي يزيد الرقاشي عن محمد بن روح بن يزيد البصري : حدثني أيوب

الهلالي قال : " حج أعرابي , فلما جاء إلى باب مسجد رسول الله صلى الله عليه

وسلم أناخ راحلته فعقلها , ثم دخل المسجد حتى أتى القبر و وقف بحذاء وجه رسول

الله صلى الله عليه وسلم فقال : بأبي أنت و أمي يا رسول الله ! جئتك مثقلا

بالذنوب و الخطايا , أستشفع بك على ربك لأنه قال في محكم كتابه : *( و لو أنهم

إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله و استغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا

رحيما )* .. ثم أقبل في عرض الناس و هو يقول :

يا خير من دفنت في الترب أعظمه فطاب من طيبهن القاع و الأكم

نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه فيه العفاف و فيه الجود و الكرم .

قلت : و هذا إسناد ضعيف مظلم , لم أعرف أيوب الهلالي و لا من دونه . و أبو يزيد

الرقاشي , أورده الذهبي في " المقتنى في سرد الكنى " ( 2 / 155 ) و لم يسمه , و

أشار إلى أنه لا يعرف بقوله : " حكى شيئا " . و أرى أنه يشير إلى هذه الحكاية .

و هي منكرة ظاهرة النكارة , و حسبك أنها تعود إلى أعرابي مجهول الهوية ! و قد

ذكرها - مع الأسف - الحافظ ابن كثير عند تفسيره لهذه الآية : *( و لو أنهم إذ

ظلموا أنفسهم .. )* و تلقفها منه كثير من أهل الأهواء و المبتدعة , مثل الشيخ

الصابوني , فذكرها برمتها في " مختصره " ! ( 1 / 410 ) و فيها زيادة في آخرها :

" ثم انصرف الأعرابي , فغلبتني عيني , فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم

, فقال : يا عتبي ! الحق الأعرابي فبشره أن الله قد غفر له " . و هي في " ابن

كثير " غير معزوة لأحد من المعروفين من أهل الحديث , بل علقها على " العتبي " ,

و هو غير معروف إلا في هذه الحكاية , و يمكن أن يكون هو أيوب الهلالي في إسناد

البيهقي . و هي حكاية مستنكرة , بل باطلة , لمخالفتها الكتاب و السنة , و لذلك

يلهج بها المبتدعة , لأنها تجيز الاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلم , و طلب

الشفاعة منه بعد وفاته , و هذا من أبطل الباطل , كما هو معلوم , و قد تولى بيان

ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في كتبه و بخاصة في " التوسل و الوسيلة " , و قد

تعرض لحكاية العتبي هذه بالإنكار , فليراجعه من شاء المزيد من المعرفة و العلم

.

2929 " لقد خرج أبو بكر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم تاجرا إلى بصرى , لم

يمنع أبا بكر الضن برسول الله صلى الله عليه وسلم شحه على نصيبه من الشخوص

للتجارة , و ذلك كان لإعجابهم كسب التجارة , و حبهم للتجارة , و لم يمنع رسول

الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر من الشخوص في تجارته لحبه صحبته و ضنه بأبي

بكر , - فقد كان بصحبته معجبا - لاستحسان ( و في رواية : لاستحباب ) رسول الله

صلى الله عليه وسلم للتجارة و إعجابه بها " .

 

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1036 :

 

أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 23 / 300 / 674 ) : حدثنا الحسين بن

إسحاق : حدثنا أبو المعافى الحراني حدثنا محمد بن سلمة عن أبي عبد الرحيم عن

زيد بن أبي أنيسة عن الزهري عن عبد الله أخي أم سلمة قال : سمعت #أم سلمة #

تقول فذكره . قلت : و هذا إسناد جيد , رجاله ثقات معروفون من رجال " التهذيب "

غير الحسين ابن إسحاق , و هو التستري , قال الذهبي في " سير أعلام النبلاء " (

14 / 57 ) : " كان من الحفاظ الرحلة , أكثر عنه أبو القاسم الطبراني " . قلت :

له حديث واحد في " المعجم الصغير " , و خمسة أحاديث في " المعجم الأوسط " ( 1 /

198 / 1 - 2 / 2617 - 2621 ) . و للحديث إسناد آخر , فقال الطبراني في " الأوسط

" ( 2 / 95 / 2 / 6524 ) : حدثنا محمد بن عمرو حدثنا أبي عن موسى بن أعين عن

إسحاق بن راشد عن الزهري عن عبد الله بن زمعة قال : سمعت أم سلمة تقول : فذكره

, و قال : " لم يروه عن الزهري إلا إسحاق بن راشد , تفرد به موسى بن أعين " .

قلت : هو ثقة من رجال الشيخين . و كذا شيخه إسحاق ثقة من رجال البخاري , لكن

قال الحافظ في " التقريب " : " في حديثه عن الزهري بعض الوهم " . قلت : فيخشى

أن يكون وهم في قوله : " عبد الله بن زمعة " مكان : " عبد الله أخي أم سلمة " ,

و كلاهما صحابي , فهو وهم غير ضار إن شاء الله تبارك و تعالى . و لعله من أجله

فاوت الهيثمي بين إسنادي الطبراني , فوثق رجال الأول دون الثاني فقال ( 3 / 63

) : " رواه الطبراني في " الكبير " و " الأوسط " بنحوه , و رجال " الكبير "

ثقات " .

2930 " مروها فلتركب و لتختمر [ و لتحج ] , [ و لتهد هديا ] " .

 

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1037 :

 

أخرجه الطحاوي في " شرح المعاني " ( 2 / 74 ) و الطبراني في " المعجم الكبير "

( 17 / 320 / 886 ) و الزيادة له من طرق عن عبد العزيز بن مسلم قال : حدثنا

يزيد بن أبي منصور عن دخين الحجري عن #عقبة بن عامر الجهني # قال : نذرت أختي

أن تمشي إلى الكعبة حافية حاسرة , فأتى عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم

فقال : " ما بال هذه ? " . قالوا : نذرت أن تمشي إلى الكعبة حافية حاسرة ! فقال

: فذكره . قلت : و هذا إسناد صحيح رجاله ثقات كما تقدم بيانه تحت حديث آخر برقم

( 492 ) . و تابعه الحسن عن عقبة أنه قال : يا رسول الله ! إن أختي نذرت أن تحج

ماشية و تنشر شعرها , فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " إن الله لغني عن نذر

أختك , مروها فلتركب و لتهد هديا , و أحسبه قال : و تغطي شعرها " . أخرجه

الروياني في " مسنده " ( 19 / 6 / 1 - 2 ) و رجاله ثقات . و تابعه ابن عباس رضي

الله عنهما عن عقبة بن عامر به نحوه , و قال : " و لتهد هديا " مكان الزيادة .

أخرجه الطحاوي ( 2 / 75 ) بإسناد صحيح , و قد رواه غيره بنحوه , و صححه الحافظ

, و هو مخرج في " الإرواء " ( 8 / 219 ) . و تابعه أبو عبد الرحمن الحبلي عن

عقبة بن عامر به , إلا أنه قال : " و لتصم ثلاثة أيام " مكان الزيادة . أخرجه

الطحاوي أيضا , و في " مشكل الآثار " ( 3 / 38 ) و الروياني في " مسنده " ( 19

/ 5 / 1 ) من طريق حيي ( الأصل : يحيى ) بن عبد الله المعافري عنه . قلت : و

إسناده بما قبله جيد . و تابعه عبد الله بن مالك عن عقبة مثل الذي قبله . و في

سنده ضعف بينته في المصدر المذكور آنفا مع تخريجه , و قد حسنه الترمذي . و

أخرجه أيضا عبد الرزاق في " المصنف " ( 8 / 450 / 15871 ) و أبو يعلى في "

مسنده " ( 3 / 291 / 1753 ) و الروياني في " مسنده " ( 19 / 55 / 1 - 2 ) و

الطبراني في " الكبير " ( 17 / 323 / 893 و 894 ) . و رواه الشيخان , و غيرهما

من طريق أخرى : عن أبي الخير عن عقبة به مختصرا جدا بلفظ : " لتمش و لتركب " .

و هو مخرج هناك أيضا , ليس فيه الاختمار و لا الصيام الذي في رواية أبي يعلى

هذه , و لذلك فقد وهم المعلق عليه وهما فاحشا في تخريجها , إذ لم ينبه على هذا

الذي ذكرته من الاختصار , فأوهم القراء أن الحديث بتمامه عند الشيخين حين عزاه

إليهما ! و في الحديث فوائد هامة منها : أن نذر المعصية لا يجوز الوفاء به . و

فيه أحاديث كثيرة صحيحة معروفة . و منها : أن إحرام المرأة في وجهها , فلا يجوز

لها أن تضرب بخمارها عليه , و إنما على الرأس و الصدر , فهو كحديث : " لا تنتقب

المرأة المحرمة , و لا تلبس القفازين " . أخرجه الشيخان . و منها : أن ( الخمار

) إذا أطلق , فهو غطاء الرأس و أنه لا يدخل في مسماه تغطية الوجه , و الأدلة

على ذلك كثيرة من الكتاب و السنة و آثار السلف كما كنت بينته في كتابي " جلباب

المرأة المسلمة " , و قد طبع مرات , و زدت ذلك بيانا في ردي على بعض العلماء

النجديين الذين ادعوا أن الخمار غطاء الوجه أيضا في مقدمتي الضافية للطبعة

الجديدة من كتابي المذكور , نشر المكتبة الإسلامية / عمان .

2931 " إذا سمعتم بالطاعون في أرض فلا تدخلوها , و إذا وقع بأرض و أنتم بها فلا

تخرجوا منها [ فرارا منه ] . و في رواية : " إن هذا الوجع أو السقم رجز عذب به

بعض الأمم قبلكم , [ أو طائفة من بني إسرائيل ] , ثم بقي بعد بالأرض , فيذهب

المرة , و يأتي الأخرى , فمن سمع به في أرض فلا يقدمن عليه , و من وقع بأرض و

هو بها فلا يخرجنه الفرار منه " .

 

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1040 :

 

حديث صحيح غاية , جاء من حديث # أسامة بن زيد و سعد بن أبي وقاص و عبد الرحمن

بن عوف , و غيرهم # . 1 - أما حديث أسامة , فله عنه طرق : الأولى : عن عامر بن

سعد بن أبي وقاص عنه بالرواية الثانية . أخرجه البخاري ( 6974 ) و مسلم ( 7 /

26 - 30 ) و سياقها مع الزيادة له , و مالك أيضا ( 3 / 91 ) و عنه الشيخان , و

كذا أبو عمرو الداني في " الفتن " ( ق 43 / 1 ) و النسائي في " السنن الكبرى "

( 4 / 362 / 7524 ) و عبد الرزاق في " المصنف " ( 11 / 146 / 20158 ) و عنه

أحمد ( 5 / 207 ) و الحميدي في " مسنده " ( 249 / 544 ) و أحمد أيضا ( 5 / 200

- 201 و 202 و 208 ) و كذا الداني ( ق 42 / 2 ) و الطبراني في " المعجم الكبير

" ( 1 / 92 - 94 و 124 ) من طرق عنه . و زاد الحميدي : " قال عمرو بن دينار :

فلعله لقوم عذاب أو رجز , و لقوم شهادة . قال سفيان : فأعجبني قول عمرو هذا " .

الثانية : عن إبراهيم بن سعد قال : سمعت أسامة بن زيد به . أخرجه البخاري (

5728 ) - و السياق له بالرواية الأولى -‏و مسلم ( 7 / 28 ) و أحمد ( 1 / 178 و

5 / 206 و 209 و 210 ) و الداني ( 42 / 1 - 2 ) من طرق عنه . و زاد حبيب بن أبي

ثابت سماعا من إبراهيم عن سعد بن مالك , و خزيمة بن ثابت , و أسامة بن زيد ,

قالوا : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره بنحوه . أخرجه مسلم , و

النسائي ( 7523 ) و أحمد ( 1 / 182 ) . 2 - و أما حديث سعد بن أبي وقاص , فتقدم

آنفا في رواية حبيب من طريق إبراهيم ابن سعد عنه . و أخرجه أحمد أيضا ( 1 / 173

و 175 و 180 و 186 ) و الطبراني ( 1 / 109 / 330 ) من طرق أخرى عن سعد وحده .

3 - و أما حديث عبد الرحمن بن عوف , فيرويه عنه عبد الله بن عباس و غيره : أن

عمر بن الخطاب خرج إلى الشام حتى إذا كان بـ ( سرغ ) لقيه أمراء الأجناد : أبو

عبيدة بن الجراح و أصحابه , فأخبروه : أن الوباء قد وقع بأرض الشام . قال ابن

عباس : فقال عمر بن الخطاب : ادع لي المهاجرين الأولين , فدعاهم , فاستشارهم و

أخبرهم أن الوباء قد وقع بالشام , فاختلفوا , فقال بعضهم : قد خرجت لأمر , و لا

نرى أن ترجع عنه . و قال بعضهم : معك بقية الناس , و أصحاب رسول الله صلى الله

عليه وسلم , و لا نرى أن تقدمهم على هذا الوباء . فقال عمر : ارتفعوا عني . ثم

قال : ادع لي الأنصار . فدعوهم , فاستشارهم , فسلكوا سبيل المهاجرين و اختلفوا

كاختلافهم , فقال : ارتفعوا عني . ثم قال : ادع لي من كان ههنا من مشيخة قريش

من مهاجرة الفتح . فلم يختلف عليه منهم رجلان , فقالوا : نرى أن ترجع بالناس و

لا تقدمهم على هذا الوباء . فنادى عمر في الناس : إني مصبح على ظهر , فأصبحوا

عليه . فقال أبو عبيدة : أفرارا من قدر الله ?! فقال عمر : لو غيرك قالها يا

أبا عبيدة ! نعم , نفر من قدر الله إلى قدر الله , أرأيت لو كان لك إبل فهبطت

واديا له عدوتان , إحداهما مخصبة , و الأخرى جدبة , أليس إن رعيت المخصبة

رعيتها بقدر الله , و إن رعيت الجدبة رعيتها بقدر الله ? فجاء عبد الرحمن بن

عوف - و كان غائبا في بعض حاجته - فقال : إن عندي من هذا علما , سمعت رسول الله

صلى الله عليه وسلم يقول : فذكره بالرواية الأولى . أخرجه مالك في " الموطأ " (

3 / 89 - 91 ) و عنه و عن غيره البخاري مطولا و مختصرا ( 2729 و 2730 و 6973 )

و مسلم ( 7 / 29 - 30 ) و النسائي ( 7521 - 7523 ) و عبد الرزاق ( 20159 ) و

أحمد ( 1 / 193 - 194 ) و أبو يعلى ( 837 و 848 ) و أبو عمرو الداني ( ق 42 / 2

- 43 / 1 ) و الطبراني ( 1 / 90 - 94 ) من طرق عنه , و السياق لمالك . و قد قال

ابن عبد البر في " التمهيد " ( 10 / 65 ) مشيرا إلى هذه الأحاديث و الطرق : " و

الحديث ثابت متصل , صحيح من وجوه من حديث مالك و غيره " . ( فائدة ) : قول عمرو

بن دينار المتقدم في الطاعون : " ... و لقوم شهادة " , إنما يعني به المؤمنين

الصابرين عليه , و قد جاءت فيه أحاديث صحيحة كقوله صلى الله عليه وسلم : "

الطاعون شهادة لكل مسلم " . رواه الشيخان و غيرهما , و هو مخرج في " أحكام

الجنائز " ( ص 52 / 1 ) و في الباب أحاديث أخرى , فراجعها إن شئت هناك ( ص 52 -

55 ) و " الصحيحة " ( 1928 ) و " الإرواء " ( 1637 ) .

2932 " عمل هذا قليلا , و أجر كثيرا " .

 

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1042 :

 

أخرجه البخاري ( 2808 ) , و أحمد ( 4 / 291 و 293 ) من طريق إسرائيل عن أبي

إسحاق قال : سمعت # البراء # رضي الله عنه يقول : أتى النبي صلى الله عليه وسلم

رجل [ من الأنصار ] مقنع بالحديد , فقال : يا رسول الله ! أقاتل أو أسلم ? قال

: " [ لا , بل ] أسلم ثم قاتل " , فأسلم ثم قاتل فقتل , فقال رسول الله صلى

الله عليه وسلم : فذكره . و السياق للبخاري , و ليس عنده : " هذا " , و هي

لأحمد مع الزيادتين الأخريين , و الأولى منهما عند مسلم ( 6 / 43 - 44 ) من

طريق زكريا عن أبي إسحاق بلفظ : " جاء رجل من بني النبيت - قبيل من الأنصار -

فقال : أشهد أن لا إله إلا الله , و أنك عبده و رسوله , ثم تقدم , فقاتل حتى

قتل , فقال النبي صلى الله عليه وسلم : فذكره إلا أنه قال : " يسيرا " مكان "

قليلا " . و أخرجه الطيالسي في " مسنده " ( 724 ) و من طريقه الروياني في "

مسنده " ( 21 / 2 / 1 - 2 ) : حدثنا أبو وكيع [ الجراح بن مليح ] عن أبي إسحاق

بلفظ : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقاتل العدو , فجاء رجل مقنع في

الحديد , فعرض عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم الإسلام , فأسلم . فقال : أي

عمل أفضل كي أعمله ? فقال : " تقاتل قوما جئت من عندهم " . فقاتل حتى قتل ,

فقال : رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره . ثم أخرجه الروياني ( 20 / 13 /

1 - 2 ) و كذا سعيد بن منصور في " السنن " ( 3 / 2 / 230 ) من طريق حديج بن

معاوية : حدثنا أبو إسحاق عن البراء بن عازب نحوه , إلا أنه زاد : " قال : و إن

لم أصل لله صلاة ? قال : نعم . قال : فحمل فقاتل فقتل .. " . قلت : و أبو إسحاق

هو عمرو بن عبد الله السبيعي , و مدار الطرق الأربعة - كما ترى - عليه . و قد

كان اختلط , و إسرائيل - و هو ابن يونس بن أبي إسحاق السبيعي - , و زكريا - و

هو ابن أبي زائدة - , كلاهما سمعا منه في اختلاطه , و الآخران : الجراح بن مليح

, و حديج بن معاوية في حكم الأولين , و ذلك لأنهما لا يعلم أسمعا منه قبل

الاختلاط أو بعده , مع ضعف فيهما . فلعل الشيخين ثبت لديهما من طرق أخرى أنه

حدث به قبل الاختلاط , أو أنهما كانا لا يريان أنه اختلط اختلاطا شديدا يضعف به

حديثه . و الله أعلم .

2933 " *( و من يطع الله و الرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين و

الصديقين و الشهداء و الصالحين و حسن أولئك رفيقا )* " .

 

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1044 :

 

أخرجه الطبراني في " المعجم الأوسط " ( 1 / 29 / 1 - 2 ) , و " الصغير " ( ص 12

- هندية ) : حدثنا أحمد بن عمرو الخلال المكي أبو عبد الله : حدثنا عبد الله بن

عمران العابدي : حدثنا فضيل بن عياض عن منصور عن إبراهيم عن الأسود عن # عائشة

# قالت : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ! إنك لأحب

إلي من نفسي , و إنك لأحب إلي من أهلي , و أحب إلي من ولدي , و إني لأكون في

البيت فأذكرك فما أصبر حتى آتيك , فأنظر إليك , و إذا ذكرت موتي و موتك عرفت

أنك إذا دخلت الجنة رفعت مع النبيين , و إني إذا دخلت الجنة خشيت أن لا أراك ?

فلم يرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم شيئا حتى نزل جبريل عليه السلام بهذه

الآية . فذكرها . و قال : " لم يروه عن منصور عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة

إلا فضيل , تفرد به عبد الله ابن عمران " . قلت : و هو صدوق كما قال أبو حاتم ,

و ذكره ابن حبان في " الثقات " ( 8 / 363 ) و قال : " يخطىء و يخالف " . قلت :

فهو حسن الحديث إن شاء الله تعالى , و إلى هذا يشير الحافظ المقدسي بقوله عقبه

في " صفة الجنة " - و قد رواه من طريق الطبراني - : " لا أرى بإسناده بأسا " .

كما في " تفسير ابن كثير " ( 1 / 523 ) . و فيه أنه رواه ابن مردويه من طريق

أخرى عن عبد الله بن عمران به . و قال الهيثمي في " المجمع " ( 7 / 7 ) : "

رواه الطبراني في " الصغير " و " الأوسط " , و رجاله رجال ( الصحيح ) غير عبد

الله بن عمران العابدي , و هو ثقة " . قلت : و يقويه أن له شواهد مرسلة في "

تفسير ابن جرير " ( 5 / 104 ) عن جماعة منهم قتادة , و إسناده صحيح . و آخر من

رواية عطاء بن السائب عن الشعبي عن ابن عباس أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه

وسلم فقال : فذكره . أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 12 / 86 / 12559 )

من طريق ثابت بن عباس أبي بكر الأحدب : حدثنا خالد بن عبد الله عن عطاء بن

السائب .. و عطاء كان اختلط , و به أعله الهيثمي . لكن ثابت بن عباس هذا لم أجد

له ترجمة فيما عندي من المصادر , و لا ذكره أصحاب " الكنى " .

2934 " أنذركم الدجال , أنذركم الدجال , أنذركم الدجال , فإنه لم يكن نبي إلا و قد

أنذره أمته , و إنه فيكم أيتها الأمة و إنه جعد آدم , ممسوح العين اليسرى , و

إن معه جنة و نارا , فناره جنة و جنته نار , و إن معه نهر ماء و جبل خبز , و

إنه يسلط على نفس فيقتلها ثم يحييها , لا يسلط على غيرها , و إنه يمطر السماء و

لا تنبت الأرض , و إنه يلبث في الأرض أربعين صباحا حتى يبلغ منها كل منهل , و

إنه لا يقرب أربعة مساجد : مسجد الحرام و مسجد الرسول و مسجد المقدس و الطور ,

و ما شبه عليكم من الأشياء , فإن الله ليس بأعور ( مرتين ) " .

 

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1046 :

 

أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 15 / 147 - 148 ) من طريق زائدة عن منصور ,

و أحمد ( 5 / 435 ) و في " السنة " ( رقم 1016 ) من طريق سفيان عن الأعمش و

منصور , كلاهما عن مجاهد قال : حدثنا جنادة بن أبي أمية الدوسي قال : دخلت أنا

و صاحب لي على رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا : حدثنا ما

سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم , و لا تحدثنا عن غيره و إن كان عندك

مصدقا . قال : نعم , قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال :

فذكره . و السياق لابن أبي شيبة . و قال أحمد : " الأزدي " مكان " الدوسي " . و

تابعه شعبة عن سليمان وحده , و هو الأعمش . أخرجه أحمد أيضا ( 5 / 434 ) و في "

السنة " ( 1232 ) , و تابعه ابن عون عن مجاهد به نحوه . أخرجه أحمد أيضا . قلت

: و إسناده صحيح رجاله كلهم ثقات مشهورون من رجال " التهذيب " , و جنادة بن أبي

أمية الأزدي الدوسي تابعي كبير ثقة , وثقه ابن حبان ( 4 / 103 ) و غيره , و روى

عنه جمع منهم مجاهد كما في هذا الحديث , و كما ذكر ابن عساكر في " تاريخ دمشق "

( 4 / 28 ) و قد قيل بصحبته , فلا أدري لماذا لم يصححه الحافظ , فقال في "

الفتح " ( 13 / 105 ) : " أخرجه أحمد , و رجاله ثقات " . و نحوه قول شيخه

الهيثمي في " المجمع " ( 7 / 343 ) : " رواه أحمد , و رجاله رجال ( الصحيح ) "

. و هذا أقرب , و إن كان لا يفيد الصحة ! انظر الاستدراك رقم ( 3 ) .

 

2935 " إن امرأة كانت فيه ( يعني بيتا في المدينة ) , فخرجت في سرية من المسلمين , و

تركت ثنتي عشرة عنزا لها و صيصتها , كانت تنسج بها , قال : ففقدت عنزا من غنمها

و صيصتها , فقالت : يا رب ! إنك قد ضمنت لمن خرج في سبيلك أن تحفظ عليه , و إني

قد فقدت عنزا من غنمي و صيصتي , و إني أنشدك عنزي و صيصتي , قال : فجعل رسول

الله صلى الله عليه وسلم يذكر شدة مناشدتها لربها تبارك و تعالى . قال رسول

الله صلى الله عليه وسلم : فأصبحت عنزها و مثلها , و صيصتها و مثلها , و هاتيك

فائتها فاسألها إن شئت " .

 

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1047 :

 

أخرجه أحمد في " مسنده " ( 5 / 67 ) قال : حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث

أخبرنا سليمان ( يعني ابن المغيرة ) عن حميد ( يعني ابن هلال ) قال : كان رجل

من الطفاوة طريقه علينا , فأتى على الحي فحدثهم قال : قدمت المدينة في عير لنا

, فبعنا بضاعتنا ( الأصل : بياعتنا ) <1> ثم قلت : لأنطلقن إلى هذا الرجل ,

فلآتين من بعدي بخبره , قال : فانتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم , فإذا

هو يريني بيتا . قال : فذكره . قلت : و هذا إسناد صحيح , رجاله كلهم ثقات رجال

الشيخين غير الرجل الطفاوي , فإنه لم يسم , و لا يضر لأنه صحابي , و الصحابة

كلهم عدول . و قال الهيثمي ( 5 / 277 ) : " رواه أحمد , و رجاله رجال الصحيح "

. قوله : ( صيصتها ) هي الصنارة التي يغزل بها و ينسج كما في " النهاية " .

 

-----------------------------------------------------------

 

[1] و التصحيح من " المجمع " , و المعنى قريب . اهـ .

2936 " [ يا أبا هريرة ] خذهن ( يعني تمرات دعا فيهن صلى الله عليه وسلم بالبركة )

فاجمعهن في مزودك هذا , أو في هذا المزود , كلما أردت أن تأخذ منه شيئا , فأدخل

يدك فيه فخذه و لا تنثره نثرا " .

 

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1048 :

 

أخرجه الترمذي ( 3838 ) و ابن حبان ( 2150 ) و البيهقي في " الدلائل " ( 6 /

109 ) و أحمد ( 2 / 352 ) من طرق عن حماد بن زيد : حدثنا المهاجر عن أبي

العالية الرياحي عن # أبي هريرة # قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم بتمرات

فقلت : يا رسول الله ! ادع الله فيهن بالبركة , فضمهن ( و في رواية : فصفهن بين

يديه ) , ثم دعا لي فيهن بالبركة , فقال لي : ( فذكر الحديث ) , فقد حملت من

هذا التمر كذا و كذا من وسق ( و في طريق : خمسين وسقا ) في سبيل الله , و كنا

نأكل منه و نطعم , و كان لا يفارق حقوي حتى كان يوم قتل عثمان , فإنه انقطع [

عن حقوي فسقط ] . و قال الترمذي - و السياق له - : " حديث حسن غريب من هذا

الوجه " . قلت : و سقط التحسين من بعض نسخ " الترمذي " , فحملني ذلك لما علقت

على " المشكاة " ( 5933 ) على تفسير قوله : " غريب " بالتضعيف . و لم يتنبه

لذلك بعض من انتقدني من المعاصرين النجديين - و قد بلغني وفاته رحمه الله -

فقال : " لم يضعفه الترمذي بل قال : حسن غريب من هذا الوجه " . و الآن و قد

تيسر لي تخريج الحديث تخريجا علميا , فقد ترجح عندي أمران : الأول : أن تحسين

الترمذي ثابت عنه لأنه نقله حافظان جليلان : ابن كثير في " تاريخه " ( 6 / 117

) و الحافظ ابن حجر في " فتحه " ( 11 / 281 ) . و الآخر : أن الحديث صحيح

بمجموع طرقه , و هي ثلاث : الأولى : هذه المتقدمة عن أبي العالية عن أبي هريرة

, و قلت : إن السياق للترمذي , و الرواية الأولى و الزيادة الأخيرة لأحمد . و

السند رجاله ثقات رجال الشيخين غير المهاجر , و هو ابن مخلد أبو مخلد , قال

الحافظ في " التقريب " : " مقبول " . أي عند المتابعة , و قد توبع كما يأتي .

الثانية : عن سهل بن زياد أبي زياد : حدثنا أيوب السختياني عن محمد بن سيرين عن

أبي هريرة به نحوه , و لفظه أتم , و فيه الزيادة الأولى . أخرجه البيهقي . و

إسناده جيد , رجاله كلهم ثقات معروفون غير سهل بن زياد , أورده الذهبي في "

الميزان " و قال : " ما ضعفوه , و له ترجمة في ( تاريخ الإسلام ) " . قلت : و

قد وثقه ابن حبان ( 8 / 291 ) , و روى عنه جمع من الثقات كما بينته في " تيسير

انتفاع الخلان " , فهو صدوق يحتج به , و لعله لذلك سكت الحافظان ابن كثير و ابن

حجر عن إسناده , فلا يلتفت إذن إلى ما ذكر في " اللسان " أن الأزدي قال فيه : "

منكر الحديث " . و من الغريب أن الشيخ النجدي المشار إليه آنفا مع تصريحه بأن

إسناده صحيح , و ترجمته للرواة الذين دون سهل بن زياد إلى شيخ البيهقي , فإنه

لم يتعرض لترجمته البتة , مع أنه أولى بها من الآخرين الذين ترجم لهم , لما

ذكرته آنفا في ترجمة سهل , و أنه لم يوثقه غير ابن حبان , و الغالب أن من تفرد

هو بتوثيقه يكون مجهولا , لكني قد بينت أنه خرج عن الجهالة برواية أولئك الثقات

عنه . فلهذا كان أولى بترجمته و بيان حاله من الرواة الذين ترجم لهم ! ثم وقفت

على توثيق البزار و غيره إياه , و ألحقت ذلك بـ " التيسير " فالسند صحيح .

الثالثة : عن سهل بن أسلم العدوي عن يزيد ( الأصل : زيد ) بن أبي منصور عن أبيه

عن أبي هريرة نحوه . قلت : أخرجه أبو نعيم في " الدلائل " ( ص 372 ) و البيهقي

من طريقين عن سهل ابن أسلم , و هو ثقة كما قال أبو داود الطيالسي , و مثله يزيد

بن أبي منصور . و أما أبوه : أبو منصور , و هو الأزدي , فلم أجد له ترجمة إلا

في " المقتنى في سرد الكنى " للذهبي , فإنه قال : " أبو يزيد الأزدي عن أبي

هريرة , و عنه سلام بن مسكين " . فيحتمل أنه هو , و مع ذلك فلا أعرف حاله .

2937 " لو تركها لدارت أو طحنت إلى يوم القيامة " .

 

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1051 :

 

أخرجه الطبراني في " الأوسط " ( 2 / 41 / 2 ) و البيهقي في " الدلائل " ( 6 /

105 ) من طريق أحمد بن عبد الله بن يونس : حدثنا أبو بكر بن عياش عن هشام بن

حسان عن محمد بن سيرين عن # أبي هريرة # قال : أصاب رجلا حاجة فخرج إلى البرية

, فقالت امرأته : اللهم ارزقنا ما نعتجن و ما نختبز , فجاء الرجل و الجفنة ملأى

عجينا , و في التنور حبوب الشواء , و الرحى تطحن , فقال : من أين هذا ? قالت :

من رزق الله , فكنس ما حول الرحى , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره

, و السياق للطبراني , و قال : " لم يروه عن محمد بن سيرين إلا هشام , و لا عنه

إلا أبو بكر , تفرد به أحمد " . قلت : و هو ثقة من رجال الشيخين , و كذلك من

فوقه , سوى أبي بكر بن عياش , فمن رجال البخاري , و فيه كلام يسير لا يسقط

حديثه عن مرتبة الحسن , و لاسيما و له طريق أخرى كما يأتي . و من هذا الوجه

أخرجه البزار في " مسنده " ( 4 / 267 / 3687 ) و قال : " لا نعلم رواه عن هشام

إلا أبو بكر بن عياش " . قلت : و هذا أدق تعبيرا من قول الطبراني المتقدم لأنه

لا يرد عليه ما يرد على قول الطبراني : أنه تفرد به أحمد بن يونس , فقال الإمام

أحمد في " المسند " ( 2 / 513 ) : حدثنا ابن عامر : أنبأنا أبو بكر عن هشام به

نحوه . و ابن عامر هو ( أسود بن عامر ) كما في أحاديث قبله , و هو ثقة من رجال

الشيخين أيضا . و قال الهيثمي في " المجمع " ( 10 / 257 ) بعد أن ساقه برواية

أحمد : " رواه أحمد و البزار و الطبراني في " الأوسط " بنحوه , و رجالهم رجال

الصحيح غير شيخ البزار , و شيخ الطبراني , و هما ثقتان " . و للحديث طريق ثان

يرويه أبو صالح عبد الله بن صالح : حدثنا الليث بن سعد عن سعيد بن أبي سعيد

المقبري عن أبي هريرة أن رجلا من الأنصار كان ذا حاجة .. الحديث نحوه أتم منه .

أخرجه البيهقي . و أبو صالح فيه ضعف . و له طريق ثالث عن شهر بن حوشب قال : قال

أبو هريرة : بينما رجل و امرأته في السلف الخالي لا يقدران على شيء , فجاء

الرجل من سفره فدخل على امرأته جائعا قد أصابته مسغبة شديدة , فقال لامرأته :

أعندك ? قالت : نعم .. الحديث نحوه . أخرجه أحمد ( 2 / 421 ) و شهر بن حوشب

ضعيف , و في حديثه زيادات منكرة , و الله أعلم .

2938 " لا يحل لأحد يحمل فيها السلاح لقتال . يعني المدينة " .

 

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1052 :

 

أخرجه أحمد في " المسند " ( 3 / 347 ) : حدثنا موسى : حدثنا ابن لهيعة عن أبي

الزبير أن # جابرا # أخبره أنه قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول :

فذكره , و زاد في آخره : " فقال قتيبة : يعني المدينة " . قلت : و قد توبع على

هذه الزيادة , فقال أحمد ( 3 / 393 ) : حدثنا حسن حدثنا ابن لهيعة أنبأنا أبو

الزبير قال : و أخبرني جابر أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " مثل

المدينة كالكير , و حرم إبراهيم مكة , و أنا أحرم المدينة , و هي كمكة , حرام

ما بين حرتيها و حماها كلها , لا يقطع منها شجرة , إلا أن يعلف رجل منها , و لا

يقربها إن شاء الله الطاعون , و لا الدجال , و الملائكة يحرسونها على أنقابها و

أبوابها " . قال : و إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " و لا يحل

لأحد يحمل فيها سلاحا لقتال " . قلت : و رجال إسناده ثقات رجال مسلم غير ابن

لهيعة , و هو ثقة , لكنه سيىء الحفظ , و قال الهيثمي في " المجمع " ( 3 / 304 )

: " رواه أحمد , و فيه ابن لهيعة , و حديثه حسن , و فيه كلام " . قلت : و لحديث

الترجمة متابع بسند صحيح عنه , و هو معقل بن عبيد الله الجزري عن أبي الزبير عن

جابر مرفوعا بلفظ : " لا يحل لأحد أن يحمل بمكة السلاح " . أخرجه مسلم ( 4 /

111 ) و من طريقه البغوي في " شرح السنة " ( 7 / 302 ) و ابن حبان ( 3706 -

الإحسان ) . و معقل هذا فيه كلام من قبل حفظه , قال الحافظ في " التقريب " : "

صدوق يخطىء " . فقد خالف ابن لهيعة في قوله : " عن أبي الزبير أخبره جابر " , و

قوله : " المدينة " مكان " مكة " . و من الصعب ترجيح أحد القولين على الآخر , و

لعل الراجح الجمع بينهما , أما قول ابن لهيعة : " المدينة " , فلأن له شاهدين :

أحدهما : من حديث أنس بن مالك بلفظ : " المدينة حرم من كذا إلى كذا , من أحدث

فيها حدثا , أو آوى محدثا , فعليه لعنة الله و الملائكة و الناس أجمعين , لا

يقبل الله منه صرفا و لا عدلا , لا يحمل فيها سلاح لقتال " . أخرجه أحمد ( 3 /

242 ) و رجاله ثقات رجال مسلم غير مؤمل , و هو ابن إسماعيل , قال الهيثمي ( 3 /

302 ) : " و هو موثق , و فيه كلام " . و الآخر : من حديث علي نحو حديث حسن عن

ابن لهيعة , و فيه : " .. و لا يحمل فيها السلاح لقتال " . أخرجه أحمد و غيره

بسند صحيح , و هو مخرج في " الإرواء " ( 4 / 250 - 251 ) و قواه الحافظ في "

الفتح " ( 4 / 85 ) . و أما قول معقل , فيشهد له حديث ابن عباس مرفوعا : " إن

الله عز وجل حرم مكة , فلم تحل لأحد قبلي , و لا تحل لأحد بعدي .. " الحديث .

رواه البخاري و غيره , و هو مخرج هناك ( 4 / 248 - 249 ) و مثله حديث أبي هريرة

عند الشيخين . و لكن من الظاهر أن هذه الشواهد إنما تنهى عن حمل السلاح في مكة

لقتال , فعلى ضوئها يجب أن يفسر حديث جابر إن ثبت , فإنه مطلق فليتقيد بها , و

لعل هذا هو المراد بقول البخاري في " الصحيح " ( 13 / العيدين 9 - باب ما يكره

من حمل السلاح في العيد و الحرم ) , و قال الحسن : " نهوا أن يحملوا السلاح يوم

عيد إلا أن يخافوا عدوا " . و قد ساق الحافظ تحته في " الفتح " ( 2 / 455 )

حديث مسلم عن معقل .. و لكنه ذكره بالمعنى , فقال : " نهى رسول الله صلى الله

عليه وسلم أن يحمل السلاح في مكة " . و حاصل ما تقدم من الروايات أن يحرم حمل

السلاح في مكة و المدينة لقتال , و مفهومه أنه يجوز حمله لخوف عدو أو فتنة . و

الله أعلم .

2939 " إن أحب الكلام إلى الله أن يقول العبد : سبحانك اللهم و بحمدك , و تبارك اسمك

, و تعالى جدك , و لا إله غيرك , و إن أبغض الكلام إلى الله أن يقول الرجل

للرجل : اتق الله , فيقول : عليك نفسك " .

 

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1055 :

 

أخرجه النسائي في " عمل اليوم و الليلة " ( 488 / 849 ) و ابن منده في "

التوحيد " ( ق 123 / 2 - الظاهرية ) و البيهقي في " الشعب " ( 1 / 359 - هندية

) و " الدعوات الكبير " ( 102 / 136 ) من طريق محمد بن سعيد بن الأصبهاني قال :

حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم التيمي عن الحارث بن سويد عن # عبد الله

# قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره . قلت : و هذا إسناد صحيح ,

رجاله ثقات رجال الشيخين غير ابن الأصبهاني و هو ثقة ثبت من شيوخ البخاري . و

قد خالفه ابن أبي شيبة فرواه في " المصنف " ( 1 / 232 ) عن أبي معاوية و ابن

فضيل عن الأعمش به موقوفا . و تابعه محمد بن العلاء عن أبي معاوية وحده به .

أخرجه النسائي ( 489 / 850 ) . و تابعه عنده ( 851 و 852 ) داود و أبو الأحوص

عن الأعمش به موقوفا أيضا . و إن مما لا شك فيه أن الوقف أصح من حيث الرواية ,

لكنه من حيث المعنى في حكم المرفوع , لأنه لا يقال من قبل الرأي كما هو ظاهر .

و من الغريب أن تخفى على الحافظ ابن حجر هذه المصادر , و بخاصة منها كتاب

النسائي الذي رواه مرفوعا و موقوفا , فإنه عزاه في تخريج " الكشاف " ( 7 / 43 )

لابن أبي شيبة وحده موقوفا ! و لطرفه الأخير طريق آخر , يرويه سفيان عن أبي

إسحاق عن سعيد بن وهب عن عبد الله قال : " إن من أكبر الذنب أن يقول الرجل

لأخيه : ( اتق الله ) , فيقول : عليك نفسك , أنت تأمرني ?! " . أخرجه الطبراني

في " المعجم الكبير " ( 9 / 119 / 8587 ) . قلت : و رجاله ثقات إن كان سعيد (

الأصل : سعد ) بن وهب هو الهمداني الخيواني الذي أخرج له مسلم , فقد فرقوا بين

هذا و بين الهمداني الثوري , و لم يذكروا في هذا الثاني توثيقا , خلافا لابن

حبان , فإنه لم يذكر في " ثقاته " ( 4 / 291 ) سوى الأول . و كلاهما روى عنه

أبو إسحاق السبيعي . و الله أعلم . على أن السبيعي مدلس , و قد عنعنه . و سفيان

هو الثوري , و قد خالفه في إسناده شعبة , فقال : عن أبي إسحاق عن زيد ابن وهب

عن عبد الله قال : " كفى بالمرء إثما إذا قيل له : ( اتق الله ) غضب " ! أخرجه

الطبراني ( 8588 ) . و قال الهيثمي في كل من الروايتين ( 7 / 271 ) : " و رجاله

رجال الصحيح " . فأنت ترى أن شعبة قال : " زيد بن وهب " , مكان " سعيد بن وهب "

, فلا أدري الراجح منهما . ( تنبيه ) : تقدم هذا الحديث برقم ( 2598 ) من رواية

ابن منده و الأصبهاني في " الترغيب " , و وقع هنا بزيادة كبيرة في التخريج و

التحقيق فاحتفظت به , و الله ولي التوفيق .

2940 " لا بأس بذلك . يعني المسح على الخفين " .

 

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1057 :

 

أخرجه ابن حبان في " صحيحه " ( 172 - موارد ) من طريق فضيل بن سليمان : حدثنا

موسى بن عقبة عن أبي حازم عن # أبي هريرة # أن رسول الله صلى الله عليه وسلم

سئل فقيل : يا رسول الله ! أرأيت الرجل يحدث فيتوضأ و يمسح على خفيه , أيصلي ?

قال : فذكره . قلت : و هذا إسناد جيد رجاله ثقات رجال الشيخين , لولا ضعف في

الفضيل هذا من قبل حفظه , و قد أورده الحافظ في " مقدمة الفتح " ( ص 435 ) , و

قال ما خلاصته : " كان صدوقا , و عنده مناكير , روى له الجماعة , و ليس له في "

البخاري " سوى أحاديث توبع عليها " . فأقول : و لحديثه شاهد يدل على أنه حديث

محفوظ غير منكر , يرويه أبو سلمة عن سعد بن أبي وقاص عن رسول الله صلى الله

عليه وسلم في المسح على الخفين أنه لا بأس به . أخرجه النسائي ( 1 / 31 ) و

أحمد ( 1 / 169 و 169 - 170 ) و ابن عساكر في " تاريخ دمشق " ( 7 / 168 ) من

طريق موسى بن عقبة عن أبي النضر عنه . قلت : و هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين

, و أخرجه البيهقي ( 1 / 269 - 270 ) و لكنه أدخل عبد الله بن عمر بين أبي سلمة

و سعد , و زاد في متنه قصة ابن عمر مع أبيه و سعد , و هي عند البخاري ( 202 )

من طريق عمرو ( و هو ابن الحارث ) : حدثني أبو النضر عن أبي سلمة بن عبد الرحمن

عن عبد الله بن عمر عن سعد بن أبي وقاص عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه مسح

على الخفين , و أن عبد الله بن عمر سأل عمر عن ذلك ? فقال : نعم , إذا حدثك

شيئا سعد عن النبي صلى الله عليه وسلم فلا تسأل عنه غيره . و قال موسى بن عقبة

: أخبرني أبو النضر أن أبا سلمة أخبره أن سعدا .. فقال عمر لعبد الله .. نحوه .

كذا علقه البخاري عن موسى و لم يسق لفظه , و كذلك فعل الحافظ في " شرحه " ( 1 /

305 ) و لم يوصله خلافا لعادته ! و لما وصله و خرجه في " تغليق التعليق " ( 2 /

132 - 133 ) و عزاه للنسائي لم يسق لفظه !! و كذلك فعل المعلق على " الإحسان "

( 4 / 163 - طبع المؤسسة ) بحديث الترجمة , فإنه لم يزد فيه على تضعيفه لفضيل

ابن سليمان و قوله : " و هو صحيح بشواهده " ! و يعني غير حديث سعد مما صح عنه

صلى الله عليه وسلم فعلا و قولا في المسح على الخفين ! و كان عليه أن يخرجه و

أن يتوسع في تخريجه كما هي عادته , و لكن الفهارس لم تساعده على ذلك !! و اعلم

أن الأحاديث في المسح على الخفين متواترة , كما صرح بذلك غير ما واحد من أئمة

الحديث و السنة , و الآثار بعمل الصحابة و السلف بها كثيرة جدا مشهورة , و ما

روي عن بعضهم من الإنكار , فذلك قبل أن تصل بذلك إليهم الأخبار , كما هو شأن

كثير من المسائل الفقهية , و لذلك عادوا إلى القول و العمل بها لما وصلتهم , و

ذلك مطابق لقراءة الجر في قوله تعالى في آية الوضوء : *( و أرجلكم إلى الكعبين

)* . فبقاء بعض الفرق الإسلامية على إنكار هذه السنة كالرافضة و الخوارج و منهم

الإباضية مما يؤكد أنهم من أهل الأهواء المتوعدين بقوله تعالى : *( و من يشاقق

الرسول من بعد ما تبين له الهدى و يتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى و نصله

جهنم و ساءت مصيرا )* . و إن تعجب فالعجب من الشيخ عبد الله بن حميد السالمي

الإباضي أن يصر إصرار هؤلاء على المشاققة للرسول و اتباع غير سبيل المؤمنين , و

يتمسك في ذلك بالآثار الواهية رواية و دراية التي ذكرها إمامهم المزعوم الربيع

بن حبيب في " المسند " المنسوب إليه ! ( 1 / 35 - 36 ) و مدارها على شيخه أبي

عبيدة المجهول عنده , و غير معروف عندهم في الرواية بالضبط و الحفظ و الإتقان !

ثم يعرض في شرحه إياه ( 1 / 177 - 179 ) عن تلك الأحاديث الصحيحة المتواترة , و

الآثار الكثيرة الثابتة المشهورة , و يضعفها تعصبا لإباضيته بشطبة قلم , فيقول

: " و قد عرفت أن السنة لم تثبت في ذلك " !! و هو غير صادق فيما قال لوجهين :

الأول : أنه جحد التواتر , فصدق في مثله قوله تعالى : *( و جحدوا بها و

استيقنتها أنفسهم )* . و الآخر : قوله : " قد عرفت ..‏" , إذ لا يمكن معرفة

صحة الدعوى إلا بتقديم الحجة و البرهان كما هو مستقر بداهة في الأذهان , و هو

لم يفعل شيئا من ذلك مطلقا إلا مجرد الدعوى , و هذا شأن عالمهم الذي زعم بعض

الكتاب أنه معتدل غير متعصب , وايم الحق إن من بلغ به التعصب من أهل الأهواء

إلى رد أخبار التواتر التي عني بها أهل الحديث عناية لا قبل لأهل الأهواء

بمثلها , لحري به أن يعجز عن إقامة البرهان على صحة مذهبهم الذي شذوا فيه عن

أهل السنة و الحديث . فهذا الحق ليس به خفاء فدعني من بنيات الطريق . و قبل أن

أمسك القلم أقول : لقد اعتاد الرجل السالمي أن يسوق كلامه على عواهنه مؤيدا به

مذهبه و هواه , من ذلك أنه قرن مع الشيعة و الخوارج بعض علماء السنة من

الظاهرية , فقال ( ص 178 ) عطفا على المذكورين : " و أبو بكر بن داود الظاهري "

. فأقول : أبو بكر هذا هو محمد بن داود بن علي الظاهري , ترجمه الحافظ الذهبي

في " السير " ( 13 / 109 ) : " حدث عن أبيه , و عباس الدوري .. و له بصر تام

بالحديث و بأقوال الصحابة , و كان يجتهد و لا يقلد أحدا " . فأقول : فيستبعد

جدا من مثله أن يخالف الحديث و الصحابة , و أن يوافق الخوارج في إنكار سنة

المسح على الخفين , لاسيما و هو قد تفقه على أبيه داود , و هذا مع أئمة الفقه و

الحديث في القول بالمسح على الخفين كما ذكر ذلك الإمام ابن حزم في " المحلى " (

2 / 89 ) فمن أين جاء السالمي بما عزاه لأبي بكر الظاهري ?! و ما أحسن ما قيل :

و الدعاوي ما لم تقيموا عليها بينات أبناؤها أدعياء !

2941 " جاءنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجدنا بـ ( قباء ) , فجئت و أنا غلام

[ حدث ] حتى جلست عن يمينه , [ و جلس أبو بكر عن يساره ] ثم دعا بشراب فشرب منه

, ثم أعطانيه , و أنا عن يمينه , فشربت منه , ثم قام يصلي , فرأيته يصلي في

نعليه " .

 

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1061 :

 

أخرجه أحمد ( 4 / 221 ) و ابن أبي عاصم في " الوحدان " ( 4 / 167 / 2148 ) من

طريق مجمع بن يعقوب : أخبرنا محمد بن إسماعيل قال : قيل # لعبد الله بن أبي

حبيبة # رضي الله عنه : هل أدركت من رسول الله صلى الله عليه وسلم ? قال :

فذكره . قلت : و هذا إسناد حسن إن شاء الله تعالى , محمد بن إسماعيل هذا روى

عنه أيضا عاصم بن سويد إمام مسجد قباء كما في " الجرح و التعديل " , و ذكره ابن

حبان في " الثقات " ( 7 / 394 ) في أتباع التابعين , و كذلك ذكر فيهم الراويين

المذكورين عنه : مجمع بن يعقوب و عاصم بن سويد , و هذا مستغرب منه , لأن الظاهر

أن محمد بن إسماعيل تابعي أدرك جده من قبل أم عبد الله بن أبي حبيبة هذا . و

لذلك قال ابن السكن في ترجمته , أعني عبد الله هذا كما في " الإصابة " : "

إسناد حديثه صالح " . ثم ساق له هذا الحديث , و عزاه لابن أبي شيبة أيضا و

البغوي و الطبراني . و يؤيد ما ذكرت إخراج الضياء المقدسي للحديث في " المختارة

" ( ج 56 / 136 / 2 - 137 / 1 ) من طريق أحمد و الطبراني - و منه استفدت

الزيادتين بين المعقوفتين . و هذا كله يدل على أن محمدا هذا تابعي , و أن

الإسناد متصل . ثم رأيت الحديث في " معجم الطبراني الكبير " ( 191 / 449 ) قطعة

من الجزء ( 13 ) طبع حديثا بتحقيق الأخ حمدي السلفي جزاه الله خيرا . و للحديث

شاهد مختصر يرويه الصلت بن غالب الهجيمي عن مسلم به بديل عن أبي هريرة قال :

رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يشرب على راحلته , ثم ناول الذي عن يمينه . ذكره

ابن حبان في ترجمة مسلم هذا من " ثقاته " ( 5 / 400 ) و أفاد أنه روى عنه غير

الصلت هذا , فقال : " و هو الذي روى عنه عبد الله بن عون حديث الطفيل بن عمرو

الدوسي " . و حديث ابن عون هذا أخرجه ابن حبان في " صحيحه " ( 2 / 162 / 976 )

بسنده الصحيح عن ابن عون عن مسلم بن بديل عن أبي هريرة قال : جاء رجل إلى رسول

الله صلى الله عليه وسلم فذكر دوسا , فقال : إنهم ... ( بياض في الأصل ) فذكر

رجالهم و نساءهم , فرفع النبي صلى الله عليه وسلم يديه , فقال الرجل : *( إنا

لله و إنا إليه راجعون )* هلكت دوس و رب الكعبة , فرفع النبي صلى الله عليه

وسلم يديه و قال : " اللهم اهد دوسا " . و قد تابع مسلما على هذا أبو سلمة عن

أبي هريرة بأتم منه قال : قدم الطفيل بن عمرو الدوسي و أصحابه , فقالوا : يا

رسول الله ! إن دوسا قد عصت و أبت , فادع الله عليها , قال أبو هريرة : فرفع

رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه , فقلت : هلكت دوس , فقال : " اللهم اهد

دوسا , و ائت بها " . أخرجه أحمد ( 2 / 502 ) : حدثنا يزيد أنبأنا محمد بن عمرو

عن أبي سلمة به . قلت : و هذا إسناد جيد رجاله ثقات رجال الشيخين , إلا أنهما

أخرجا لمحمد بن عمرو - و هو ابن علقمة - في الشواهد و المتابعات لضعف فيه يسير

. و قد توبع , فقال سفيان - و هو ابن عيينة - : حدثنا أبو الزناد عن الأعرج عن

أبي هريرة به , إلا أنه قال مكان الرفع : " فظن الناس أنه يدعو عليهم " . أخرجه

البخاري ( 6397 ) : حدثنا علي : حدثنا سفيان به . و بهذا الإسناد أخرجه في "

الأدب المفرد " ( 611 ) , لكنه زاد قبيل جملة الظن هذه : " فاستقبل رسول الله

صلى الله عليه وسلم القبلة و رفع يديه " . و هذه الزيادة قد توبع عليها علي -

شيخ البخاري و هو ابن المديني - , فقال أحمد ( 2 / 243 ) و الحميدي في " مسنده

" ( 1050 ) : حدثنا سفيان به . و أخرجها البيهقي في " دلائل النبوة " ( 5 / 359

) من طريق سعدان بن نصر : حدثنا سفيان به . و قال : " رواه البخاري في " الصحيح

" عن علي بن عبد الله عن سفيان " ! كذا قال , و هو يعني أصل الحديث - و هي عادة

له في كتبه و منها " السنن " , فقد عرفت أن هذه الزيادة ليست في " الصحيح " , و

قد صرح بذلك الحافظ في " الفتح " ( 11 / 142 ) . و قد تابع سفيان بن عيينة

سفيان الثوري فرواه البخاري ( 4392 ) : حدثنا أبو نعيم حدثنا سفيان عن ابن

ذكوان به مختصرا . و ابن ذكوان اسمه عبد الله , و هو أبو الزناد . و كذلك أخرجه

ابن حبان في " صحيحه " ( 2 / 162 / 975 ) من طريق أخرى عن أبي نعيم , و أحمد (

2 / 448 ) : حدثنا وكيع عن سفيان به . و تابعه المغيرة بن عبد الرحمن عن أبي

الزناد به , إلا أنه زاد بعد قوله : " فادع الله عليها " : " فقيل : هلكت دوس "

. أخرجه مسلم ( 7 / 180 ) . لقد ابتعدت كثيرا عن حديث الترجمة في صدد الكلام

على راوي شاهده المختصر , لأقول الآن : إن له شاهدا آخر أصح منه و أتم من حديث

أنس . و فيه قوله صلى الله عليه وسلم : " الأيمن فالأيمن " . رواه الشيخان و

غيرهما , و قد سبق تخريجه برقم ( 1771 ) . ففي هذا نص على أن الساقي يبدأ بمن

عن يمينه , و ليس بكبير القوم , أو أعلمهم , أو أفضلهم , و على ذلك جرى السلف

الصالح كما تراه في " مصنف ابن أبي شيبة " ( 8 / 223 ) . و قد روى هو و مسلم و

عبد الرزاق و الحميدي في حديث أنس المشار إليه : أن النبي صلى الله عليه وسلم

لما شرب : كان عن يمينه أعرابي و عن يساره أبو بكر , و عمر تجاهه , فقال : يا

رسول الله ! أعط أبا بكر , و خشي أن يعطي الأعرابي , فأبى صلى الله عليه وسلم و

أعطى الأعرابي , و قال : الحديث . و في رواية لمسلم : و قال رسول الله صلى الله

عليه وسلم : " الأيمنون , الأيمنون , الأيمنون " . قال أنس : فهي سنة , فهي سنة

, و هي سنة . فأقول : فمن الغرائب أن يصر كثير من الأفاضل على مخالفة هذه السنة

, بل هذا الأدب الاجتماعي الذي تفرد الإسلام به - في مجالسهم الخاصة - , حيث لا

يخشى أن يقع أي محظور في العمل بها سوى مخالفة عادة الآباء و الأجداد ! و لقد

كان إعراضهم عن هذه السنة الصحيحة اعتمادا منهم على تلك الفلسفة التي نفيتها

آنفا - سببا لمخالفتهم هم أنفسهم إياها , حين لم يلتزموها عمليا , فصار الساقي

يبدأ - على علم منهم - بأكابرهم و أمرائهم , و لو كانت فلسفتهم لا تنطبق عليهم

! و أنا حين أقول هذا - أعلم أنهم إنما يصرون على هذه المخالفة من باب الحكمة و

السياسة و المداراة , و أنهم لا يملكون غير ذلك لفساد النفوس و الأخلاق . و

لكني أقول : لو أنهم التزموا العمل بهذه السنة في مجالسهم الخاصة , و حضرها أحد

أولئك الأمراء لانقلب الأمر و لاضطر هؤلاء إلى أن يسايسوا أهل المجلس , و

لاسيما و هم من الساسة ! و لما طمعوا أن يعاملوا بخلاف السنة , ثم لانتشرت هذه

إلى مجالس الساسة الخاصة ! و يشبه هذه المسألة إيجابا و سلبا مسألة القيام

للداخل , فلما تركت هذه السنة بدعوى الاحترام و الإكرام لأهل العلم و الفضل ,

تحول ذلك مع الزمن إلى القيام لمن ليس في العير و لا النفير كما يقال , بل إلى

القيام للفساق و الفجار . بل و لأعداء الله ! فهل من معتبر ?! أما صلاته صلى

الله عليه وسلم في نعليه الوارد في آخر حديث الترجمة فله شواهد كثيرة تبلغ مبلغ

التواتر في " الصحيحين " , و غيرهما , و بعضها مخرج في " صحيح أبي داود " ( 657

و 658 و 659 و 660 ) .

2942 " قال الله عز وجل : أنا عند ظن عبدي , و أنا معه إذا دعاني " .

 

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1066 :

 

أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " ( 616 ) : حدثنا خليفة بن خياط قال : حدثنا

كثير بن هشام : حدثنا جعفر عن يزيد بن الأصم عن # أبي هريرة # عن رسول الله صلى

الله عليه وسلم قال : فذكره . قلت : و هذا إسناد صحيح , رجاله كلهم رجال الصحيح

, و قد أخرجه مسلم ( 8 / 66 ) من طريق وكيع عن جعفر بن برقان به . و له طريق

أخرى بزيادة في متنه بلفظ : " .. عبدي عند ظنه بي , و أنا معه إذا دعاني , فإن

ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي , و إن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم و أطيب

, و إن تقرب مني شبرا تقربت منه ذراعا , و إن تقرب مني ذراعا تقربت منه باعا ,

و إن أتاني يمشي أتيته هرولة " . أخرجه أحمد ( 2 / 480 ) : حدثنا محمد بن جعفر

قال : حدثنا شعبة عن سليمان عن ذكوان عن أبي هريرة به . و هذا إسناد صحيح على

شرط الشيخين . و من هذا الوجه أخرجه ابن حبان ( 2 / 91 / 809 ) إلى قوله : " و

أطيب " . و هو في " الصحيحين " من طريق أخرى عن سليمان - و هو الأعمش - بلفظ :

" .. و أنا معه إذا ذكرني .. " , و هو رواية لابن حبان ( 808 ) , و هو مما تقدم

تخريجه تحت الرقم ( 2011 ) , و ذكرت هناك لحديث الترجمة شاهدا من حديث أنس رضي

الله عنه بسند صحيح .

2943 " ذهبت بي أمي إلى النبي صلى الله عليه وسلم [ و أنا غلام ] فمسح على رأسي , و

دعا لي بالرزق , [ و في رواية : بالبركة ] " .

 

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1067 :

 

أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " ( 164 / 632 ) قال : حدثنا أبو نمير حدثنا

أبو اليمان قال : حدثنا إسماعيل بن أبي خالد قال : سمعت # عمرو بن حريث #يقول

: فذكره . قلت : و هذا إسناد رجاله ثقات غير أبي نمير هذا فلم أعرفه , و ليس في

الرواة من يكنى بهذه الكنية سوى واحد فوق هذه الطبقة , و لم يذكر الحافظ الذهبي

سواه في " كناه " . و في الإسناد إشكال ثان , و هو أن أبا اليمان - و اسمه

الحكم بن نافع البهراني - و هو من شيوخ المؤلف هنا , و في " الصحيح " , روى عنه

مباشرة هنا نحو خمسة عشر حديثا , و لم يذكروا أنه يروي عنه بالواسطة , و بخاصة

لأبي نمير هذا المجهول . و ثمة إشكال ثالث , و هو تصريح أبي اليمان بتحديث

إسماعيل بن أبي خالد إياه , فإن هذا مستبعد جدا بالنظر إلى تاريخ الولادة و

الوفاة , فقد ذكروا في ترجمة أبي اليمان أنه ولد سنة ( 138 ) , و في ترجمة

إسماعيل أنه مات سنة ( 146 ) , فيكون عمر أبي اليمان ( 8 ) سنوات حين وفاة

إسماعيل , و لذلك لم يذكروا له رواية عنه . و لعله لما ذكرت من الإشكال ذهب

الشيخ الجيلاني في شرحه على " الأدب " , إلى أن الصواب في اسم شيخ المؤلف : "

ابن نمير " , ثم قال ( 2 / 89 ) : " لعله انقلب السند , و الصحيح : حدثنا أبو

اليمان حدثنا ابن نمير , أي : عبد الله بن نمير , و كان في المطبوعة : حدثنا

أبو نمير " . فأقول : هذا احتمال قوي , فقد ذكروا لابن نمير هذا رواية عن

إسماعيل بن أبي خالد , و وجدت تصريحه بتحديث إسماعيل إياه في " سنن ابن ماجه "

( رقم 817 ) بحديث القراءة في صلاة الفجر , لكنه أدخل بينه و بين عمرو بن حريث

( أصبغ مولى عمرو بن حريث ) , فإذا صح هذا الاحتمال , فالإسناد صحيح لتصريح

إسماعيل فيه بسماعه إياه من عمرو بن حريث . و إن مما يؤكد ذلك أنني وجدت تصريح

إسماعيل بالسماع في هذا الحديث نفسه من طريق أخرى عنه , فقال أبو يعلى في "

مسنده " ( 3 / 41 / 1456 ) : حدثنا محمد بن عبد الله ابن نمير : حدثنا يحيى بن

يمان حدثنا إسماعيل قال : سمعت عمرو بن حريث به . قلت : و هذا إسناد لا بأس به

في المتابعات و الشواهد , رجاله ثقات رجال الشيخين غير يحيى هذا , و هو صدوق

يخطىء كثيرا , و كان تغير كما في " التقريب " , و أما قول المعلق على " مسند

أبي يعلى " : " و قد صحح مسلم حديثه في الزهد رقم ( 2972 ) " . ففيه تدليس لعله

غير مقصود , لأن مسلما لم يحتج به و إنما قرنه بـ " عبدة بن سليمان " و هو

الكلابي ثقة ثبت , فتصحيح مسلم لحديثه , و ليس لحديث يحيى كما زعم , فكان الحق

أن يقال روى له مقرونا . و من الغريب أن فؤاد عبد الباقي قد لفت نظر القراء في

الحاشية إلى هذا المعنى , و مع ذلك لم يتنبه له المعلق المشار إليه , أو أنه لم

يأخذ به , لأنه رأى المترجمين له قد رمزوا له بأنه من رجال مسلم كالحافظ في

كتابيه , و كأبي نصر الكلاباذي في " الجمع بين رجال الصحيحين " أطلقوا و لم

يقيدوا بأنه مقرون عنده , و لكن هذا إن صح , فما كان ينبغي للمومى إليه أن يقول

ما قال , لأن ذلك لا يصدق على الحديث الذي أشار إليه , لما ذكرت أنه مقرون , و

الكلاباذي قد أشار إليه أيضا و لم يزد ! فتنبه , فإنه من خفايا هذا العلم

الشريف . و مع الضعف المشار إليه , فقد خالفه في إسناده محمد بن يزيد - و هو

الواسطي الثقة - فقال : عن إسماعيل بن أبي خالد عن مولى عمرو بن حريث عن عمرو

بن حريث .. فذكر حديث القراءة المشار إليه آنفا , و زاد عقبه : " و قال : ذهبت

بي أمي أو أبي إليه , فدعا لي بالرزق " . أخرجه أبو يعلى ( 1469 ) . قلت : فزاد

الواسطي في الإسناد مولى عمرو بن حريث , فزيادته مقبولة لثقته و حفظه . و

الظاهر أن هذا المولى هو ( أصبغ ) المذكور في إسناد حديث ابن ماجه المتقدم , و

هو ثقة , إلا أنه كان تغير كما في " التقريب " , و يحتمل عندي أن يكون هو

الوليد بن سريع , فإنه مولى عمرو بن حريث أيضا , و شارك ( أصبغ ) في رواية حديث

القراءة عن مولاه عمرو عند مسلم و غيره كأبي يعلى ( 1457 ) و هو مخرج في "

الإرواء " ( 2 / 63 ) , فيحتمل عندي أيضا أن يكون هو ( أصبغ ) نفسه , و يكون

هذا لقبا له . و الله سبحانه و تعالى أعلم . و حديث عمرو هذا أورده الهيثمي في

" المجمع " ( 9 / 405 ) بروايتيه , أعني عن أصبغ و عن الوليد , و قال : "

رواهما أبو يعلى و الطبراني بأسانيد , و رجال أبي يعلى و بعض أسانيد الطبراني

رجال الصحيح " . ثم وجدت للحديث طريقا أخرى عن عمرو بن حريث يزداد بها قوة ,

فقال البخاري في " التاريخ الكبير " ( 1 / 2 / 190 ) : قال أبو نعيم : حدثنا

فطر عن أبيه : سمع عمرو ابن حريث قال : انطلق بي أبي إلى النبي صلى الله عليه

وسلم , و أنا غلام , فدعا لي بالبركة , و مسح على رأسي . و هذا إسناد حسن في

الشواهد و المتابعات , رجاله رجال البخاري غير والد فطر , و هو خليفة مولى عمرو

بن حريث , أورده ابن حبان في " الثقات " ( 4 / 209 ) برواية أبيه هذه , و قال

ابن القطان : " مجهول الحال " . و قال الحافظ في " التقريب " : " لين الحديث "

. أي عند التفرد , و إلا فهو مقبول الحديث عند المتابعة كما هنا . و لعله لذلك

جزم ابن عبد البر بالحديث , فقال في ترجمة عمرو بن حريث من " الاستيعاب " : "

رأى النبي صلى الله عليه وسلم و سمع منه , و مسح برأسه و دعا له بالبركة , و خط

له بالمدينة دارا بقوس " . و ذكر هذا بتمامه الذهبي في " السير " ( 3 / 418 -

419 ) من طريق فطر بن خليفة عن أبيه , دون أن يعزوه لأحد . أما المعلق عليه

فعزاه لأبي داود برقم ( 3060 ) ! و هذا العزو خطأ , لأنه يوهم القراء أن الحديث

بتمامه عند أبي داود , و ليس كذلك , و إنما عنده و بالرقم الذي أشار إليه جملة

الدار منه , و للضعف الذي في خليفة و لعدم وجود المتابع له أو الشاهد لهذه

الجملة , أوردتها في " ضعيف أبي داود " برقم ( 545 ) . و الله الموفق لا رب

غيره , و لا معبود بحق سواه .

2944 " كان من دعائه صلى الله عليه وسلم : اللهم اغفر لي ما قدمت و ما أخرت , و ما

أسررت و ما أعلنت , و ما أنت أعلم به مني , إنك أنت المقدم و المؤخر , لا إله

إلا أنت " .

 

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1071 :

 

أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " ( 174 / 673 ) و أحمد ( 2 / 291 و 514 و 526

) من طرق عن عبد الرحمن المسعودي عن علقمة بن مرثد عن أبي الربيع عن # أبي

هريرة # قال : فذكره . قلت : و هذا إسناد جيد رجاله كلهم ثقات معروفون , و أبو

الربيع هو المدني , روى عنه أيضا سماك بن حرب و يزيد بن أبي زياد , و قال أبو

حاتم : " صالح الحديث " . و ذكره ابن حبان في " الثقات " ( 5 / 582 ) , و حسن

له الترمذي , و قال الذهبي : " صدوق " . و أما اقتصار الحافظ فيه على قوله : "

مقبول " . فهو غير مقبول . و الحق في أمثاله ما قاله الذهبي : " صدوق " , و

كثيرا ما أرى الحافظ يوافقه . و الله الهادي . و أما المسعودي فهو و إن كان قد

اختلط , فهو صحيح الحديث إذا حدث قبل الاختلاط , و طريق معرفة ذلك النظر في

الراوي عنه , فإذا كان بصريا أو كوفيا , كان صحيحا حديثه لأنهم حدثوا عنه قبل

الاختلاط , و منهم خالد بن الحارث كما في كتاب " ابن الكيال " مع كون خالد هذا

ثقة ثبتا , و هو بصري . و للحديث شواهد كثيرة أقربها إليه حديث أبي موسى

الأشعري عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يدعو بهذا الدعاء : " اللهم اغفر لي

خطيئتي و جهلي .. " الحديث بطوله , و فيه هذا , و زاد في آخره : " و أنت على كل

شيء قدير " . أخرجه البخاري ( 6398 و 6399 ) و مسلم ( 8 / 81 ) و البخاري في "

الأدب المفرد " أيضا ( 177 / 688 ) و الزيادة في " المستدرك " ( 1 / 511 ) من

طريق أخرى عنه نحوه . و صححه على شرطهما , و وافقه الذهبي ,‏و من شواهده حديث

علي الطويل في دعاء الاستفتاح , و في آخره : " ثم يكون من آخر ما يقول بين

التشهد و التسليم .. " فذكره بتمامه . و هو مخرج في " صحيح أبي داود " ( 738 )

برواية مسلم و غيره . و له شاهد آخر عن ابن عباس فيما كان رسول الله صلى الله

عليه وسلم يقول إذا قام إلى الصلاة من جوف الليل , فذكره في آخره , و لكن ليس

فيه : " و ما أنت أعلم به مني " . اللهم إلا في رواية للبخاري برقم ( 7442 ) و

كذا ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 10 / 259 - 260 ) .

2945 " لا تصم يوم الجمعة إلا في أيام هو أحدها , و أما أن لا تكلم أحدا , فلعمري

لأن تكلم بمعروف , و تنهى عن منكر خير من أن تسكت " .

 

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1073 :

 

أخرجه أحمد ( 5 / 224 - 225 ) و الطبراني في " المعجم الكبير " ( 2 / 31 / 1232

) و البيهقي في " السنن " ( 10 / 75 - 76 ) من طرق عن عبيد الله بن إياد بن

لقيط قال : سمعت ليلى - امرأة بشير - قالت : أخبرني # بشير # أنه سأل رسول الله

صلى الله عليه وسلم قال : أصوم يوم الجمعة , و لا أكلم ذلك اليوم أحدا ? قال :

فذكره . و من هذا الوجه أخرجه البيهقي في " الشعب " أيضا ( 6 / 92 / 7578 ) و

ابن عساكر في " تاريخ دمشق " ( 3 / 382 ) . قلت : و هذا إسناد صحيح , و رجاله

ثقات , و ليلى هذه صحابية على الراجح . و بشير هو ابن الخصاصية , و في مسنده

أورده الإمام أحمد . ثم روى هو و الطبراني ( 1230 ) , و كذا البخاري في " الأدب

" ( 830 ) بالسند نفسه عنه قال : " و كان قد أتى النبي صلى الله عليه وسلم ,

قال : اسمه " زحم " , فسماه النبي صلى الله عليه وسلم : بشيرا " . و لهذا طريق

آخر مخرج في " الجنائز " ( 136 - 137 ) و " الإرواء " ( رقم 760 ) . و الشطر

الأول من الحديث عزاه الحافظ في " الفتح " ( 4 / 234 ) لأحمد , و سكت عنه مشيرا

إلى تقويته إياه . و له شواهد تقدم بعضها برقم ( 980 و 981 و 1014 ) و هو صريح

الدلالة أنه لا يجوز صيامه وحده و لو صادف يوم فضيلة كعاشوراء و عرفة خلافا

للحافظ , و قد بسطت القول في ذلك فيما تقدم , و انظر الحديث ( 2398 ) .

2946 " لا تجمعوا بين اسمي و كنيتي , [ أنا أبو القاسم , و الله يعطي , و أنا أقسم ]

" .

 

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1074 :

 

أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " و الترمذي ( 2843 ) و ابن حبان ( 5784 -

الإحسان ) و أحمد ( 2 / 433 ) و ابن سعد في " الطبقات " ( 1 / 106 و 107 ) و

الدولابي في " الكنى " ( 1 / 5 ) و أبو نعيم في " الحلية " ( 7 / 91 ) و

البيهقي في " الدلائل " ( 1 / 163 ) كلهم من طريق ابن عجلان عن أبيه عن # أبي

هريرة # مرفوعا . و الزيادة للبخاري , و ابن حبان في رواية ( 5787 ) و أحمد و

البيهقي , و كذا ابن حبان في رواية ( 5785 ) و الترمذي , لكن مختصرا بلفظ : " و

يسمي : محمدا أبا القاسم " . و قال : " حديث حسن صحيح " . قلت : و هو كما قال ,

فإن إسناده حسن , و له شاهد من حديث سفيان عن عبد الكريم الجزري عن عبد الرحمن

بن أبي عمرة عن عمه مرفوعا به . دون الزيادة . أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف

" ( 8 / 672 / 5979 ) و أحمد ( 3 / 450 و 5 / 363 - 364 ) و ابن سعد أيضا ,‏لكن

سقط منه أو من أحد رواته قوله : " عن عمه " , فصار مرسلا ! و إسنادهم صحيح .

فهو شاهد قوي للحديث . و هو بمعنى اللفظ الآخر عن أبي هريرة : " تسموا ( أو

سموا ) باسمي , و لا تكنوا بكنيتي " . أخرجه البخاري ( 6188 ) و في " الأدب

المفرد " ( 836 ) و مسلم ( 6 / 171 ) و أبو داود ( 4965 ) و ابن ماجه ( 3735 )

و ابن حبان ( 5782 ) و أحمد ( 2 / 457 و 461 ) و البيهقي ( 9 / 308 ) و في "

الدلائل " ( 1 / 162 ) من طرق عنه و أخرجه الشيخان و غيرهما من حديث سالم بن

أبي الجعد عن جابر بن عبد الله مرفوعا به . و خالفه أبو الزبير فقال : عن جابر

أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من تسمى باسمي فلا يكتني بكنيتي , و من

تكنى بكنيتي فلا يتسمى باسمي " . أخرجه أبو داود ( 4966 ) و الترمذي ( 2845 ) و

ابن حبان ( 5786 ) و البيهقي ( 9 / 309 ) و في " الشعب " ( 6 / 393 / 8634 ) و

أحمد ( 3 / 313 ) و اللفظ لهما و لأبي داود , و لفظ ابن حبان : " إذا كنيتم فلا

تسموا بي , و إذا سميتم بي فلا تكنوا بي " . و كذا لفظ الترمذي إلا أنه لم يسق

الشطر الأول منه , و كأنه فعل ذلك عمدا لمخالفته الطرق الصحيحة عن أبي هريرة

كما تقدم , و قال عقبه : " حديث حسن غريب من هذا الوجه " . و لعله لم يصححه

لعنعنة أبي الزبير , فإنه كان مدلسا , و لذلك فلم يصب البيهقي في قوله عقبه في

" الشعب " : " هذا إسناد صحيح " ! و كذلك أخطأ المعلق على " الإحسان " ( 13 /

133 - المؤسسة ) في قوله : " حديث صحيح على شرط مسلم " . فإنه تجاهل تفريق

الحفاظ النقاد بين ما أخرجه مسلم من طريق الليث عن أبي الزبير عن جابر , فهو

صحيح لأنه لم يرو عنه إلا ما صرح بسماعه من جابر , و بين ما رواه عنه غيره

بالعنعنة . كما أنه تجاهل أو أنه لم يتنبه لكونه زاد على سالم بن أبي الجعد و

غيره أيضا تلك الزيادة المخالفة للأحاديث الصحيحة : " .. و إذا سميتم فلا تكنوا

بكنيتي " . و على إنكارها يفسر حديث الترجمة الناهي عن الجمع بين الاسم و

الكنية , و يؤيد ذلك تلك الزيادة الصحيحة : " أنا أبو القاسم .. " , فإنها تشعر

باختصاصه صلى الله عليه وسلم بهذه الكنية مطلقا كما هو ظاهر . هذا , و قد أصاب

حديث أبي هريرة من بعض رواته المعروفين بسوء الحفظ ما أصاب حديث جابر من

الزيادة المنكرة , فقال شريك عن سلم بن عبد الرحمن النخعي عن أبي زرعة عن أبي

هريرة مرفوعا بلفظ أبي الزبير عن جابر . أخرجه أحمد ( 2 / 312 و 454 - 455 و

457 و 461 ) . و شريك هو ابن عبد الله النخعي القاضي صدوق يخطىء كثيرا , و قد

خالفه شعبة فرواه عن عبد الله بن يزيد النخعي قال : سمعت أبا زرعة يحدث عن أبي

هريرة به مختصرا بلفظ : " تسموا باسمي و لا تكنوا بكنيتي " . أخرجه أحمد ( 2 /

457 و 461 ) . و هو لفظ الجماعة عن أبي هريرة كما تقدم , و هو المحفوظ عنه في

هذا الحديث و عن جابر و غيره . و قد أشار إلى هذا البيهقي بقوله عقب حديث أبي

الزبير عن جابر المتقدم , قال في " السنن " : " و روي ذلك أيضا من وجه آخر عن

أبي هريرة رضي الله عنه , و اختلف عليه فيها , و أحاديث النهي على الإطلاق أكثر

و أصح " . و إن مما يؤكد خطأ رواية شريك عن .. أبي هريرة , و رواية أبي الزبير

عن جابر سبب ورود الحديث , من رواية محمد بن المنكدر عنه . فقال ابن أبي شيبة (

8 / 672 / 5980 ) و أحمد ( 3 / 307 ) و الحميدي ( 1232 ) , قالوا : حدثنا سفيان

عن ابن المنكدر سمع جابر بن عبد الله يقول : ولد لرجل منا غلام , فأسماه القاسم

, فقلنا : لا نكنيك أبا القاسم , و لا ننعمك عينا , فأتى النبي صلى الله عليه

وسلم فذكر ذلك له , فقال : " أسم ابنك عبد الرحمن " . و إسناده ثلاثي صحيح على

شرط الشيخين , و قد أخرجاه البخاري ( 6186 و 6189 ) و مسلم ( 6 / 171 ) و

غيرهما من طرق عن سفيان بن عيينة به . و تابعه سالم بن أبي الجعد عن جابر به ,

إلا أنه قال : " تسموا باسمي و لا تكنوا بكنيتي " . أخرجه البخاري ( 3114 و

6187 ) و " الأدب المفرد " ( 842 ) . و زاد : " أحسنت الأنصار , تسموا .. "

الحديث . و هي عند مسلم أيضا ( 6 / 170 - 171 ) إلا أنه قال : " فسماه محمدا ,

فقلنا : لا نكنيك برسول الله صلى الله عليه وسلم .. " . و رواية البخاري أرجح

عندي لموافقتها لرواية ابن المنكدر المتفق عليها أولا , و لأنه لو كان سماه

محمدا لم يأمره صلى الله عليه وسلم بأن يسميه عبد الرحمن كما هو ظاهر و المقصود

أن حديث جابر هذا صريح الدلالة في أنه صلى الله عليه وسلم لم يرض للأنصاري أن

يكتني بكنيته صلى الله عليه وسلم , و استحسن إنكار الأنصار عليه , فبطل ما

أفاده حديث أبي الزبير و شريك من جواز الاكتناء بكنيته صلى الله عليه وسلم

وحدها غير مقرون باسمه . و قد وقفت على حديث آخر , لكن في إسناده نظر أسوقه

لبيان حاله , فقال يعقوب بن محمد الزهري : حدثنا إدريس بن محمد بن يونس بن محمد

بن أنس بن فضالة الأنصاري ثم الظفري قال : حدثني جدي عن أبيه قال : قدم النبي

صلى الله عليه وسلم المدينة و أنا ابن أسبوعين , فأتي بي إليه , فمسح على رأسي

و قال : " سموه باسمي و لا تكنوه بكنيتي " . قال : و حج بي معه حجة الوداع , و

أنا ابن عشر سنين و لي ذؤابة . قال يونس بن محمد : فلقد عمر أبي حتى شاب رأسه

كله و ما شاب موضع يد رسول الله صلى الله عليه وسلم من رأسه . أخرجه البخاري في

" التاريخ " ( 1 / 16 ) و الدولابي في " الكنى " ( 1 / 5 ) و الطبراني في "

المعجم الكبير " ( 19 / 244 / 547 ) . قلت : و هذا إسناد ضعيف , يعقوب هذا قال

الحافظ : " صدوق كثير الوهم و الرواية عن الضعفاء " . و شيخه إدريس بن محمد

ذكره ابن أبي حاتم في " الجرح " بهذه الرواية , و برواية ابن أبي فديك عنه . و

أما ابن حبان فذكره في " ثقاته " ( 8 / 132 ) بهذه الرواية فقط ! و أما جده

يونس بن محمد , فذكره في " الجرح " بهذه الرواية فقط , أي برواية حفيده إدريس

بن محمد . و كذلك البخاري في " التاريخ " , و تبعهما ابن حبان في " الثقات " (

5 / 555 ) ذكره في التابعين هكذا : " يونس بن محمد بن فضالة الظفري الأنصاري "

. و هكذا هو في " الجرح " , لكنه زاد في النسب فقال : " .. فضالة بن أنس الظفري

" و هذا على القلب مما في إسناد الحديث - و سياقه للدولابي - فإنه فيه " يونس

بن محمد بن أنس بن فضالة الأنصاري " كما تقدم . و لعل هذا هو الصواب , فإنه

المثبت في " الإصابة " . و إن من غرائب ابن حبان أنه ذكره قبل الترجمة السابقة

بترجمة على الصواب , لكنه لم يذكر : " ابن فضالة " , و قال : " و عنه فضيل بن

سليمان " <1> . و كذلك ذكره البخاري في " التاريخ " ( 4 / 2 / 410 ) لكنه لم

يذكر له راويا غير إدريس بن محمد كما تقدم , و هو الصواب . ثم زاد ابن حبان

إغرابا فذكره في " أتباع التابعين " أيضا ! فقال ( 7 / 647 ) : " يونس بن محمد

بن فضالة بن أنس الظفري أبو محمد المدني . روى عن جماعة من التابعين . و عنه

أهل المدينة . مات سنة ست <2> و خمسين و مائة , و هو ابن خمس و ثمانين سنة " .

فهذا خلاف كل ما تقدم , فإنه سمى جد يونس الأعلى ( أنسا ) , و هو جده الأدنى

عكس ما في " الإصابة " ! و هذا الاختلاف في نسب يونس هذا إنما يدل على أنه غير

مشهور , و مع ذلك مشى ابن حبان على ما وقع له من الاختلاف و جعلها ثلاث تراجم و

هي لراو واحد ! و كذلك ذكرها الهيثمي في " ترتيب الثقات " على نسق واحد . و

الله أعلم . و جملة القول أن إسناد هذا الحديث ضعيف لجهالة بعض رواته , و أما

الهيثمي فقال في " مجمع الزوائد " : " رواه الطبراني , و فيه يعقوب بن محمد

الزهري , وثقه ابن حبان و غيره , و ضعفه جماعة , و بقية رجاله ثقات " ! و مثله

ما رواه محمد بن إسحاق عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه

عن جده قال : كنت أتكنى بأبي القاسم , فجئت أخوالي من بني ساعدة , فسمعوني و

أنا أتكنى بها , فنهوني و قالوا : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من

تسمى باسمي فلا يتكن بكنيتي " . فحولت كنيتي , فتكنيت بأبي عبد الملك . أخرجه

الدولابي بإسناد رجاله كلهم ثقات معروفون من رجال " التهذيب " , فهو حسن لولا

عنعنة ابن إسحاق . بعد هذا التخريج و التحقيق , و تمييز الصحيح من الضعيف من

أحاديث الباب , يحق لي أن أنتقل إلى الثمرة المقصودة من ذلك و هي الناحية

الفقهية فأقول : لقد اختلف العلماء في مسألة التكني بأبي القاسم على مذاهب

ثلاثة , حكاها الحافظ في " الفتح " , و استدل لها , و ناقشها , و بين ما لها و

ما عليها , و لست أشك بعد ذلك أن الصواب إنما هو المنع مطلقا , و سواء كان اسمه

محمدا أم لا , لسلامة الأحاديث الصحيحة الصريحة في النهي عن المعارض الناهض كما

تقدم , و هو الثابت عن الإمام الشافعي رحمه الله , فقد روى البيهقي ( 9 / 309 )

بالسند الصحيح عنه أنه قال : " لا يحل لأحد أن يكتني بأبي القاسم كان اسمه

محمدا أو غيره " . قال البيهقي : " و روينا معنى هذا عن طاووس اليماني رحمه

الله " . و يؤكد ما تقدم حديث علي رضي الله عنه أنه قال : يا رسول الله ! أرأيت

إن ولد لي بعدك , أسميه محمدا و أكنيه بكنيتك ? قال : " نعم " . قال : فكانت

رخصة لي . أخرجه الترمذي ( 2846 ) و قال : " حديث صحيح " . و قواه الحافظ في "

الفتح " ( 10 / 573 ) و هو مخرج في " المشكاة " ( 4772 / التحقيق الثاني ) .

 

-----------------------------------------------------------

[1] قد خرجت رواية فضيل هذا عن يونس في " الضعيفة " ( 6356 ) .

[2] الأصل " خمس " , و أفاد محققه أن النسخ مختلفة , و أن في بعضها ما أثبت

أعلاه , و لما كان هو المطابق لكتاب " ترتيب الثقات " رجحته . اهـ .

2947 " من بنى بناء فليدعمه حائط جاره . و في لفظ : من سأله جاره أن يدعم على حائطه

فليدعه " .

 

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1082 :

 

أخرجه ابن ماجه ( 2337 ) و ابن جرير الطبري في " تهذيب الآثار " ( 2 / 1 / 772

- 774 و 777 ) و الطحاوي في " مشكل الآثار " ( 3 / 150 ) و البيهقي ( 6 / 69 )

و أحمد ( 1 / 235 و 255 و 303 و 317 ) و الطبراني ( 11 / 11736 ) من طرق عن

عكرمة عن # ابن عباس # مرفوعا بألفاظ متقاربة , و اللفظان لأحمد , و لابن جرير

و الطبراني الثاني , و له شاهد من حديث أبي هريرة , رواه مسلم و غيره , و هو

مخرج في " الإرواء " ( 5 / 255 ) و أصله متفق عليه , و نحوه لفظ ابن ماجه , و

رواية لأحمد بلفظ : " لا يمنع أحدكم جاؤه أن يغرز خشبة على جداره " . و لفظ

أحمد : " .. أخاه مرفقه أن يضعه على جداره " . و إسنادهما صحيح . و من هذا

الوجه أخرجه الطبراني ( 11502 ) و قال الهيثمي ( 4 / 160 ) : " رواه الطبراني

في " الكبير " , و فيه ابن لهيعة , و حديثه حسن , و بقية رجاله رجال الصحيح " .

و خفي عليه أنه ليس من شرط " زوائده " لأنه عند ابن ماجه كما تقدم , كما أنه

قصر في عدم عزوه إياه لأحمد . و كذلك وهم البوصيري في " زوائده " حيث قال : "

في إسناده ابن لهيعة , و هو ضعيف " . فلم يتنبه أنه عند ابن ماجه من رواية عبد

الله بن وهب عن ابن لهيعة , و حديث ابن وهب عنه صحيح كما تقدم التنبيه عليه

مرارا , و تابعه قتيبة بن سعيد عنه , و هو صحيح الحديث أيضا عنه , كما كنت

نقلته عن الذهبي . و قال ابن جرير بعد ما رواه من طرق عن سماك بن حرب عن عكرمة

عن ابن عباس : " و هذا خبر عندنا صحيح سنده , و قد يجب أن يكون على مذهب

الآخرين سقيما غير صحيح , لعلل .. " . ثم ذكرها . و هي مما لا قيمة لها إلا

الأخيرة منها , و هي أن بعض الثقات خالفوا سماكا فرووه عن عكرمة عن أبي هريرة ,

و هذا لا يقدح في رواية تلك الطرق المشار إليها في أول التخريج عن عكرمة ,

لاحتمال أن يكون هذا رواه عن كل من ابن عباس و أبي هريرة , فالحديث صحيح عنهما

كليهما , و هو عن أبي هريرة أصح لاتفاق الشيخين عليه كما تقدم . هذا , و قد

اختلف العلماء في الأمر المذكور في الحديث هل هو للوجوب أو الندب , و قد أطال

الكلام فيه كثير من العلماء كأبي جعفر الطحاوي و ابن جرير الطبري و ابن حجر

العسقلاني و غيرهم , و ذهب إلى الوجوب الإمام أحمد و غيره , و مذهب الجمهور

الاستحباب و إلى هذا مال الطبري في أول بحثه , و أطال النفس و المناقشة فيه . و

لكنه انتهى في آخره إلى أنه ليس للجار أن يمنع جاره من الوضع , قال ( ص 796 -

797 ) : " فهو بتقدمه على ما نهاه عنه عليه السلام من ذلك لله عاص , و لنهي

نبيه صلى الله عليه وسلم مخالف , من غير أن يكون ذلك لجاره الممنوع منه حقا

يلزم الحكام الحكم به على المانع , أحب المانع ذلك أو سخط " . فأقول : و هذا

الذي انتهى إليه الإمام الطبري هو الصواب إن شاء الله تعالى , إلا ما ذكره في

الحكام , فأرى أن يترك ذلك للقضاء الشرعي يحكم بما يناسب الحال و الزمان , فقد

وصل الحال ببعض الناس إلى وضع لا يطاق من الأنانية و الاستبداد و منع الارتفاق

, بسبب القوانين الوضعية القائمة على المصالح المادية دون المبادىء الخلقية ,

فقد حدثني ثقة أنه لما استعد لبناء داره في أرضه رمى مواد البناء في أرض بوار

بجانبه , فمنعه من ذلك صاحبها , و ساعده القانون على ذلك و لم يتمكن من متابعة

البناء إلا بعد أن دفع لهذا الظالم الجشع من الدنانير ما أسكته , و أسقط الدعوى

التي كان أقامها على الباني ! مع أنه من كبار الأغنياء , و صدق الله : *( كلا

إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى )* , و لا ينفع في مثل هذا الطاغي إلا مثل ما

فعل الأنصار في مثله , و هو ما رواه البيهقي في " سننه " ( 6 / 69 ) من طريق

إسحاق بن إبراهيم الحنظلي بإسناده الصحيح إلى يحيى بن جعدة - و هو تابعي ثقة -

قال : أراد رجل بالمدينة أن يضع خشبة على جدار صاحبه بغير إذنه فمنعه , فإذا من

شئت من الأنصار يحدثون عن رسول الله أنه نهاه أن يمنعه , فجبر على ذلك . و في

الطريق إلى إسحاق - و هو ابن راهويه - شيخ البيهقي أبو عبد الرحمن السلمي , و

فيه كلام كثير , فإن كان قد توبع فالأثر صحيح , و هو الظاهر من صنيع الحافظ ,

فقد عزاه في " الفتح " ( 5 / 111 ) لإسحاق في " مسنده " , و البيهقي , و سكت

عنه . فإن " مسند إسحاق " الذي طبع حديثا بعض مجلداته ليس من رواية السلمي هذا

. و الله أعلم .

2948 " يا فاطمة ! ألا ترضين أن تكوني سيدة نساء المؤمنين , أو سيدة نساء هذه الأمة

" .

 

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1085 :

 

أخرجه البخاري ( 6286 ) و مسلم ( 7 / 142 - 144 ) و النسائي في " الكبرى " ( 5

/ 96 ) و ابن ماجه ( 1621 ) و الطحاوي في " مشكل الآثار " ( 48 - 49 ) و ابن

سعد ( 8 / 26 - 27 ) و أحمد ( 6 / 282 ) من طرق عن فراس عن عامر عن مسروق :

حدثتني # عائشة # أم المؤمنين قالت : إنا كنا أزواج النبي صلى الله عليه وسلم

عنده جميعا لم تغادر منا واحدة , فأقبلت فاطمة عليها السلام تمشي , و لا والله

ما تخفى مشيتها مشية رسول الله صلى الله عليه وسلم , فلما رآها رحب بها , قال :

" مرحبا بابنتي " . ثم أجلسها عن يمينه , أو عن شماله , ثم سارها , فبكت بكاء

شديدا , فلما رأى حزنها سارها الثانية , فإذا هي تضحك , فقلت لها - أنا من بين

نسائه - : خصك رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسر من بيننا ثم أنت تبكين !

فلما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم سألتها : عما سارك ? قالت : ما كنت

لأفشي على رسول الله صلى الله عليه وسلم سره . فلما توفي قلت لها : عزمت عليك -

بما لي عليك من الحق - لما أخبرتني . قالت : أما الآن فنعم , فأخبرتني , قالت :

أما حين سارني في الأمر الأول , فإنه أخبرني أن جبريل كان يعارضه بالقرآن كل

سنة مرة , و إنه قد عارضني به العام مرتين , و لا أرى الأجل إلا قد اقترب ,

فاتقي الله و اصبري , فإني نعم السلف أنا لك . قلت : فبكيت بكائي الذي رأيت ,

فلما رأى جزعي سارني الثانية قال : ( فذكر الحديث ) [ فضحكت ضحكي الذي رأيت ] .

و السياق للبخاري , و الزيادة لمسلم , و لمن دونه نحوه . و زاد مسلم في رواية

بعد قولها : " فإذا هي تضحك " : " فقلت : ما رأيت كاليوم فرحا أقرب من حزن " .

و هو رواية للبخاري ( 3623 ) و في " الأدب المفرد " ( 1030 ) بعضه . ثم أخرجه

هو , و مسلم , و ابن حبان ( 6915 ) و النسائي و غيرهم من طرق أخرى مختصرا ليس

فيها ذكر للكلمتين و لا لفضل فاطمة , إلا في رواية للنسائي , و ابن حبان ( 6913

) من طريق محمد بن عمرو عن أبي سلمة عنها مختصرا و في آخره : " فأخبرني أني أول

أهله لحوقا به , و أني سيدة نساء أهل الجنة إلا مريم بنت عمران , فضحكت " . و

إسناده حسن , و لهذه الزيادة شاهد من حديث أبي سعيد الخدري تقدم تخريجه برقم (

796 ) . و لكلمة " السلف " من قوله صلى الله عليه وسلم شاهد من رواية ابن إسحاق

عن عبد الله بن رافع عن أم سلمة قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على

هذا المنبر يقول : " إني لكم سلف على الكوثر " . و رجاله ثقات , إلا أن ابن

إسحاق مدلس و قد عنعنه , و مع هذا فقد خالفه القاسم ابن عباس الهاشمي عن عبد

الله بن رافع به , فقال : " فرط " مكان " سلف " . أخرجه مسلم ( 7 / 67 ) و

للحديث عنده تتمة . أخرجه هو و غيره من حديث أبي هريرة بتمامه و بأتم منه فيه

السلام على قبور المؤمنين , و هو مخرج في " الإرواء " ( 776 ) و " أحكام

الجنائز " ( 190 ) . ثم رأيت حديث ابن إسحاق في " معجم الطبراني الكبير " ( 23

/ 413 / 996 ) بلفظ : " إني سابقكم على الكوثر , فبينما أنا عليه .. " الحديث .

أخرجه من طريق ابن أبي شيبة بهذا اللفظ , فلا أدري إذا كان محفوظا هو و الذي

قبله عن ابن أبي شيبة , أو أحدهما خطأ عليه , كما يبدو أن كلمة " السلف " في

حديث ابن إسحاق - إن كانت هي المحفوظة في رواية ابن أبي شيبة - فليست محفوظة في

رواية شيخ ابن إسحاق عبد الله بن رافع , لمخالفة القاسم بن عباس إياه كما تقدم

, و قد أخرجها الطبراني أيضا ( رقم 661 ) . و إن مما يؤيد هذه المخالفة , و

يؤكد شذوذ لفظ ابن إسحاق أن الحديث جاء عن جمع من الصحابة بلفظ : " أنا فرطكم

على الحوض " . و قد أخرج ابن أبي عاصم في " السنة " روايات الكثيرين منهم

بأسانيد كثيرة خرجتها في " ظلال الجنة " ( 2 / 242 - 246 ) .

2949 " لا شيء في الهام , و العين حق , و أصدق الطير الفأل " .

 

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1088 :

 

أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " ( 914 ) و " التاريخ " ( 2 / 1 / 107 - 108

) و الترمذي ( 2 / 6 ) و أحمد ( 4 / 67 و 5 / 70 و 379 ) و ابن سعد ( 7 / 66 )

و أبو يعلى في " مسنده " ( 582 ) و في " المفاريد " ( 2 / 13 / 2 ) و الطبراني

( 1 / 175 / 2 ) من طرق عن يحيى بن أبي كثير : حدثني حية بن #حابس التميمي # :

حدثني أبي مرفوعا . و قال الترمذي : " حديث غريب . و روى شيبان عن يحيى بن أبي

كثير عن حية بن حابس عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم . و علي

بن المبارك و حرب بن شداد لا يذكران فيه : عن أبي هريرة " . قلت : و إنما

استغربه الترمذي لأن حية بن حابس غير مشهور بالعدالة , بل لم يرو عنه غير يحيى

بن أبي كثير كما في " الميزان " . و في " التقريب " : " مقبول " . يعني عند

المتابعة , و إلا فلين الحديث . ثم قال : " و وهم من زعم أن له صحبة " . لكن

لغالب الحديث شاهد , يرويه أبو معشر عن محمد بن قيس عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ :

" أصدق الطيرة الفأل , و العين حق " . أخرجه أحمد ( 2 / 289 ) . و إسناده حسن

في الشواهد , أبو معشر اسمه نجيح بن عبد الرحمن السندي , و هو ضعيف من قبل حفظه

. و الشطر الأول منه رواه عبد الرزاق ( 10 / 406 ) عن الأعمش مرفوعا . و رجاله

ثقات إلا أنه معضل . و جملة " العين حق " متفق عليها من حديث أبي هريرة , و قد

سبق تخريجها ( 1248 ) و صحت من حديث ابن عباس أيضا , و قد مضى ( 1250 و 1251 )

. ثم وقفت على شاهد للجملة الأولى , و لكنه مما لا يفرح به , لأنه يرويه عفير

بن معدان عن سليم بن عامر عن أبي أمامة مرفوعا بلفظ حديث الترجمة . أخرجه

الطبراني في " المعجم الكبير " ( 8 / 192 / 7686 ) . قلت : و رجاله ثقات غير

عفير بن معدان , فهو متروك , و قد تقدمت له عدة أحاديث موضوعة تدل على حاله ,

فراجع فهارس المجلدات الأربعة المطبوعة . ثم استدركت فقلت : إن قوله : " لا شيء

في الهام " . هو في المعنى مثل قوله صلى الله عليه وسلم : " لا هامة " , و هذا

قد ثبت في جملة من الأحاديث الصحيحة عند الشيخين و غيرهما من حديث أبي هريرة و

غيره , و قد سبق تخريجها بالأرقام التالية ( 780 و 782 و 783 و 785 و 789 ) و

في بعضها بلفظ : " .. و لا هام " . و إذا كان الأمر كذلك , فقد قررت إيراد

الحديث في هذه السلسلة الصحيحة لمجموع هذه الشواهد بعد أن كنت أوردته في " ضعيف

الجامع الصغير " ( 6309 - الطبعة الأولى الشرعية ) . و لذلك حولته إلى " صحيح

الجامع " , كما أوردته في كتابي الجديد من مشروع تقريب السنة بين يدي الأمة : "

صحيح الأدب المفرد " تحت ( 355 - باب الفأل - 411 ) , و أنا على وشك الانتهاء

منه إن شاء الله تعالى . ثم انتهيت منه , و صدر هو و قسيمه " ضعيف الأدب المفرد

" . و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات . و اعلم أن ( هام ) هو جمع ( هامة )

, قال ابن الأثير في " النهاية " : " الهامة : الرأس , و اسم طائر , و هو

المراد في الحديث . و ذلك أنهم كانوا يتشاءمون بها , و هي من طير الليل . و قيل

: هي البومة . و قيل : كانت العرب تزعم أن روح القتيل الذي لا يدرك بثأره تصير

هامة , فتقول : اسقوني , فإذا أدرك بثأره طارت .. " . و بهذه المناسبة لابد لي

من التنبيه على خطأين فاحشين وقعا في هذه اللفظة ( هام ) من بعض الناس أحدهم من

أهل العلم , و هو الشيخ فضل الله الجيلاني في شرحه لكتاب " الأدب المفرد "

للإمام البخاري , فقد تحرفت في متنه إلى ( الهوام ) ! و هو في ذلك تبع لنسخة

الطبعة الهندية سنة ( 1306 هـ ) ( ص 131 ) , ثم اشتط الشيخ الجيلاني في الخطأ

حين فسره بقوله ( 2 / 367 ) : " ( الهوام ) جمع هام اسم طير من طير الليل .. "

!! و الصواب : أن ( هام ) هو الجمع , مفرده ( هامة ) كما في " القاموس " و غيره

. و أما ( الهوام ) فهو جمع ( الهامة ) و هي الدابة , و كل ذي سم يقتل سمه كما

في كتب اللغة . و أما الخطأ الآخر , فهو ما صدر من زهير الشاويش صاحب المكتب

الإسلامي , فإنه أعاد طبع كتابي المذكور آنفا " ضعيف الجامع الصغير " طبعة

ثانية دون إذني و علمي , فوقعت له فيه أمور عجيبة , و تصرفات غريبة , و تعليقات

و حواش تنبئ عن اعتداء صارخ على مؤلفه و ادعاء للعلم مهلك , و حسبي الآن مثال

واحد , و هو ما أنا في صدده , فقد وقع الحديث في طبعته هذه المتوجة بإشرافه

كعادته : " لا شيء في البهائم " ! نعم هكذا تحرف عليه لفظ ( الهام ) في الحديث

إلى ( البهائم ) ! و ليس هذا خطأ مطبعيا حتى يغتفر كما زعم بعض الجهلة , لأن

الطابع أعاده على عجره و بجره في تعليق له على طبعته الجديدة أيضا - و دون إذني

أيضا - لكتابي " صحيح الجامع " ( 2 / 1248 ) على هذا الحديث قال : " أوله : لا

شيء في البهائم " .. " ! فهذا إن دل على شيء فهو يدل - كما يقال اليوم - على أن

الرجل يهرف بما لا يعرف , و ينقل الخطأ الذي وقع فيه أولا , ينقله بأمانة ثانيا

! و الله المستعان .

2950 " السلام عليكم يا صبيان ! " .

 

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1091 :

 

أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 8 / 633 / 5826 ) و أحمد ( 3 / 183 ) قالا

: حدثنا وكيع عن حبيب بن حجر العبسي عن ثابت عن # أنس # قال : مر علينا رسول

الله صلى الله عليه وسلم و نحن صبيان , فقال : فذكره . و أخرجه ابن السني في "

عمل اليوم و الليلة " ( 77 / 223 ) و أبو نعيم في " الحلية " ( 8 / 378 ) من

طريقين آخرين عن وكيع به . قلت : و هذا إسناد صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين غير

حبيب هذا , روى عنه جمع آخر من الثقات غير وكيع , و قد ذكره ابن حبان في موضعين

من " أتباع التابعين " من " الثقات " , قال في الأول منهما ( 6 / 179 ) : "

حبيب بن حجر , شيخ يروي عن ثابت البناني . روى عنه روح بن عبادة " . و قال في

الموضع الآخر ( 6 / 249 ) : " حبيب بن حجر أبو يحيى العبسي البصري , يروي عن

الأزرق بن قيس عن ابن عمر . روى عنه موسى بن إسماعيل " . فأقول : فرق ابن حبان

بينهما و هو واحد , كما يدل عليه صنيع المتقدمين كالبخاري ( 1 / 2 / 316 ) و

ابن أبي حاتم ( 1 / 2 / 308 ) و المتأخرين كالحسيني , و العسقلاني في " التعجيل

" ( 5 / 180 ) . ثم إنهم اختلفوا في ضبط ( حبيب ) هل هو على الجادة بالتخفيف ,

أم هو ( حبيب ) بالتشديد , حكى الحافظ القولين دون أن يرجح . لكنه قال : " و

ذكره البخاري في آخر من اسمه ( حبيب ) بالتخفيف " . قلت : و فاته أن يذكر أن

ابن أبي حاتم ذكره بالتشديد . ثم انتبهت لأمر كنت غافلا عنه تبعا للحافظ , ألا

و هو أن البخاري هو سلف ابن أبي حاتم , فقد أورده - أعني البخاري - في آخر حرف

( الحاء ) في " باب حبيب " بالتشديد , فهو سلف ابن حبان أيضا في التفريق بين

هذا و بين الذي قبله ( حبيب ) بالتخفيف , لكن ابن حبان لم يقيد , و إنما أشار

إلى ذلك إشارة لم أتنبه لها , و لا نبه المحقق عليه , و هو أنه أورده فريدا بين

أمثاله من الأسماء المفردة ! و بالجملة , فالتفريق المذكور بين الترجمتين

للاختلاف في ضبط الاسم غير ظاهر , شأنه في ذلك شأن نسبته : ( العبسي ) , فإنه

هكذا وقع في إسناد الحديث - و السياق لابن أبي شيبة - , و كذلك وقع في ترجمة (

حبيب ) من " الثقات " , خلافا لكتاب ابن السني , و لـ ( الكتابين ) , أعني "

التاريخ " و " الجرح " و توابعهما , مثل " التعجيل " و غيره , فقالوا : "

القيسي " و هو الراجح . و الله أعلم . و قد تحرفت هذه النسبة في " المسند " ,

فصار شيخا لـ " حبيب " هكذا : " حبيب عن قيس عن ثابت " ! ( تنبيه ) لقد وهم

الحافظ في هذا الحديث حين قال في " الفتح " ( 10 / 33 ) : " و وقع لابن السني و

أبي نعيم في " عمل اليوم و الليلة " من طريق عثمان بن مطر عن ثابت بلفظ : (

فذكر الحديث , و قال : ) و عثمان واه " . ذكره عقب حديث جعفر بن سليمان عن ثابت

- يعني عن أنس - بسياق أتم من هذا , لكن ليس فيه لفظ السلام . و هو مخرج فيما

تقدم تحت الحديث ( 1278 ) , ثم قال الحافظ عقب ما نقلته عنه : " و عثمان واه "

. قلت : و وهم الحافظ من ناحيتين : الأولى : أن عثمان هذا ليس في إسناد ابن

السني . و الأخرى : نزوله في تخريج الحديث إلى هذا و أبي نعيم ! و إهماله عزوه

إياه إلى ابن أبي شيبة و أحمد مع سلامة إسنادهما من الضعف , الأمر الذي لا يليق

بـ ( الحافظ ) ! ثم إن الحديث من شرط " مجمع الزوائد " للهيثمي , و لكنه لم

يورده , و لعل السبب أن أصله في " الصحيحين " من طريق أخرى عن ثابت عن أنس , و

ما أظن هذا يشفع له في تركه إياه . و الله أعلم .

2951 " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نبيذ الجر " .

 

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1093 :

 

أخرجه النسائي في " السنن الكبرى " ( 4 / 189 / 6836 ) و أحمد ( 3 / 66 ) و

الطبراني في " المعجم الأوسط " ( 1 / 112 / 1 / 2246 ) من طرق عن هشام بن حسان

عن ابن سيرين عن أبي العالية قال : سئل أبو ( و في رواية : سألت أبا ) سعيد

الخدري عن نبيذ الجر ? قال : فذكره . قلت : و هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين ,

و الرواية الأخرى لأحمد , و زاد : " قال : قلت : فالجف ? قال : ذاك أشر و أشر "

. و خالف الطرق المشار إليها في تابعي الحديث عاصم - و هو الأحول - فقال :

حدثنا محمد عن أبي العلانية قال : " أتيت أبا سعيد الخدري , فسلمت , فلم يؤذن

لي .. " الحديث , فذكر قصة و فيه : " فسألته عن الأوعية ? فلم أسأله عن شيء إلا

قال : حرام , حتى سألته عن الجف ? فقال : حرام . قال محمد : يتخذ على رأسه أدم

فيوكأ " . أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " ( 1077 ) . قلت : و رجاله رجال

الشيخين , لكن قوله في الإسناد المتقدم : " أبو العلانية " . خطأ أشار إليه

النسائي بقوله عقب الإسناد المتقدم : " أبو العالية : الصواب , و الذي قبله خطأ

" . قلت : و فيه إشارة إلى أن قبل هذا الإسناد إسنادا آخر فيه الخطأ , و هو غير

موجود في مطبوعة " كبرى النسائي " و لا في المصورة , و لعلها أصل المطبوعة , و

قد وقفت على الساقط بواسطة " تحفة المزي " في موضعين منه ( 3 / 353 / 451 ) ,

فقال في الموضع الثاني : " س في الوليمة عن عمرو بن علي عن يحيى عن هشام عن

محمد عن أبي العلانية . تابعه يزيد بن هارون عن هشام . و رواه مخلد بن يزيد عن

هشام عن محمد بن سيرين فقال : عن أبي العالية , و قد مضى . قال ( س ) في حديث

يحيى ( ! ) هذا الصواب و الذي قبله خطأ . و الله أعلم " . قلت : و رواية عمرو

بن علي .. عن أبي العلانية .. و متابعة يزيد بن هارون لم أرها في " وليمة

النسائي الكبرى " , و لا في غيره من مظان وجودها , بخلاف رواية مخلد فهي في "

الأشربة " منه , من المطبوعة , و المصورة التي عندي , لكن وقع فيها " أبو

العالية " , و لذلك قال النسائي عقبها : " أبو العالية الصواب , و الذي قبله

خطأ " . قلت : و لم يتقدم في المطبوعة ما يخالف الصواب المذكور , فالظاهر أن

فيها سقطا يدل عليه ما تقدم . ثم إنه يبدو أن قوله في المطبوعة " أبو العالية "

خطأ من الطابع أو الناسخ في السند و تعقيب النسائي عليه , و أن الصواب في

الموضعين : أبو العلانية " , و بذلك يلتقي مع كلام المزي المتقدم , و يتفق مع

كلام الحافظ العسقلاني في ترجمة أبي العلانية : " و قيل عن محمد عن أبي العالية

عن أبي سعيد . قال النسائي : و هو خطأ " . و يبدو أيضا أن الخطأ المذكور قديم ,

فقد قال المزي عقب كلامه السابق : " وقع في بعض النسخ : " عن أبي العالية " في

الحديثين جميعا , و كذلك ذكرهما أبو القاسم ( يعني ابن عساكر ) , و هو وهم ,

فإن النسائي قد نبه على الخلاف في موضعين . و الله أعلم " . و على هذا , فما في

المصدرين المقرونين في أول التخريج مع النسائي : أحمد و الطبراني خطأ أيضا , و

يؤيده بالنسبة لرواية أحمد أن المزي رواه بإسناده عن أحمد بسنده في " المسند "

فقال : " أبو العلانية " , و بالنسبة للطبراني الذي رواه من طريق فهد بن عوف

أبي ربيعة قال : أخبرنا حماد بن سلمة عن أيوب السختياني , و عاصم الأحول , و

هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن أبي العالية .. فالجواب سهل , و هو أن فهدا

هذا غير ثقة فلا يعتد بروايته فكيف بمخالفته ?! فقد تركه مسلم و غيره , و كذبه

ابن المديني . أما بالنسبة لهشام , فقد تبين مما تقدم . و أما بالنسبة لعاصم

الأحول , فقد خالفه عبد الواحد بن زياد , فقال البخاري في " الأدب المفرد " (

1077 ) : حدثنا موسى بن إسماعيل : قال : حدثنا عبد الواحد قال : حدثنا عاصم

حدثنا محمد عن أبي العلانية قال : فذكره بنحوه . و فيه قصة و هذا إسناد صحيح

كما تقدم . و أما بالنسبة لروايته عن حماد عن أيوب , فالأمر مختلف , فقد وجدت

له متابعا قويا , فقال عبد الرزاق في " المصنف " ( 9 / 206 / 16947 ) : عن معمر

عن أيوب عن ابن سيرين عن أبي العالية , فهل هذا أيضا من بعض النساخ , ذلك مما

يصعب القطع به إلا بعد الوقوف على نسخة أخرى عتيقة من " المصنف " غير التي طبع

عليها , أو ما يؤيد ذلك من طرق أخرى عن أيوب . و الله سبحانه و تعالى أعلم . ثم

إن الحديث قد توبع عليه أبو العالية أو أبو العلانية , فقال قتادة : حدثني

أربعة رجال عن أبي سعيد الخدري : فذكره . أخرجه أحمد ( 3 / 78 ) بسند صحيح , و

من هؤلاء الأربعة أبو نضرة . رواه مسلم ( 6 / 94 ) و أحمد ( 3 / 3 ) . و له

شاهد من حديث عبد الله بن أبي أوفى . رواه البخاري ( 5596 ) و ابن حبان ( 5378

) و من حديث ابن عمر من طرق عند مسلم ( 6 / 95 - 97 ) و ابن حبان ( 5379 و 5387

) و عنده عن أبي هريرة ( 5380 ) و من طريق أخرى عنه نحوه ( 5377 ) . و الحديث

ظاهر في تحريم نبيذ الجر , و قد صرح بالتحريم ابن عمر في رواية لمسلم عنه , و

فيه تصديق ابن عباس إياه , و قال : " الجر : كل شيء يصنع من المدر " . و (

المدر ) : التراب . و قال ابن الأثير في " النهاية " : " و هو الإناء المعروف

من الفخار , و أراد بالنهي : عن الجرار المدهونة لأنها أسرع في الشدة و التخمير

" . و قد اختلف العلماء في حكم الانتباذ في الجرار على مذاهب ذكرها الحافظ في "

الفتح " ( 10 / 58 - 62 ) , فمن شاء الوقوف عليها رجع إليه . و الذي يبدو لي -

و الله أعلم - أن النهي معلل بخشية تحول النبيذ في الجرار إلى مسكر دون أن يشعر

المنتبذ , فإذا وجدت الخشية بالنسبة لبعض الناس , أو في بعض البلاد وجد المنع ,

و إلا جاز , و في هذه الحالة يأتي قوله صلى الله عليه وسلم : " .. و نهيتكم عن

الأشربة ألا تشربوا إلا في ظروف الأدم , فاشربوا في كل وعاء , غير أن لا تشربوا

مسكرا " . رواه مسلم و غيره , و هو مخرج في " أحكام الجنائز " ( ص 178 - 179 )

و غيره .

2952 " كيف أصبحت يا فلان ? قال : أحمد الله إليك يا رسول الله ! فقال رسول الله صلى

الله عليه وسلم : هذا الذي أردت منك " .

 

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1097 :

 

أخرجه الطبراني في " المعجم الأوسط " ( 1 / 265 / 1 / 4538 ) من طريق محمد بن

أبي السري العسقلاني قال : أخبرنا رشدين بن سعد عن زهرة بن معبد عن أبي عبد

الرحمن الحبلي عن # عبد الله بن عمرو # قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم

لرجل .. فذكره , و قال : " لا يروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بهذا

الإسناد , تفرد به محمد بن أبي السري " . قلت : هو محمد بن المتوكل بن عبد

الرحمن الهاشمي مولاهم العسقلاني المعروف بابن أبي السري , قال الحافظ الذهبي :

" حافظ وثق , و لينه أبو حاتم " . و قال الحافظ العسقلاني في " التقريب " : "

صدوق عارف , له أوهام كثيرة " . قلت : فمثله يستشهد به . و مثله شيخه رشدين بن

سعد , و به أعله الحافظ العراقي , فقال في " تخريج الإحياء " ( 4 / 84 ) : "

ضعفه الجمهور لسوء حفظه " . و تبعه تلميذه الهيثمي , فقال في " المجمع " ( 8 /

46 ) : " رواه الطبراني في " الأوسط " , و فيه رشدين بن سعد , و هو ضعيف " . و

قال في موضع آخر ( 10 / 140 ) : " رواه الطبراني , و إسناده حسن " ! كذا قال :

و فيه نظر من وجهين : الأول : أنه أطلق العزو للطبراني , و هو يعني أنه في "

المعجم الكبير " , و في الموضع الأول عزاه إلى " الأوسط " , و كذلك أطلق العزو

للطبراني شيخه العراقي , و من المؤسف أن مسند عبد الله بن عمرو من " المعجم

الكبير " لم يطبع بعد حتى نتمكن من الجزم بأن عزوه إليه وهم . و الله أعلم <1>

. و الوجه الآخر : تحسينه لإسناده , مع تضعيفه لراويه رشدين في الموضع الأول .

نعم هو حسن ببعض الشواهد التي سأذكرها . فروى الفضيل بن عمرو قال : لقي النبي

صلى الله عليه وسلم رجلا من أصحابه فقال : كيف أنت ? قال : صالح . قال : كيف

أنت ? قال : بخير أحمد الله تعالى . قال : " هذا الذي أردت منك " . أخرجه

الطبراني في " الدعاء " ( 3 / 1668 / 1939 ) بإسناد رجاله كلهم ثقات , فهو صحيح

لولا أن الفضيل هذا من أتباع التابعين , و في " ثقاتهم " أورده ابن حبان ( 7 /

314 ) و قال : " يروي المقاطيع " . و هو من رجال مسلم . و قد صح موقوفا على عمر

, فالظاهر أنه تلقاه من النبي صلى الله عليه وسلم , فقال مالك في " الموطأ " (

3 / 133 ) عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك أنه سمع عمر بن

الخطاب , و سلم عليه رجل فرد عليه السلام , ثم سأل عمر الرجل : كيف أنت ? فقال

: أحمد الله إليك . فقال عمر : ذلك الذي أردت منك . و إسناده صحيح , و كذلك قال

الحافظ العراقي . و من طريق مالك أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " ( 1132 ) و

البيهقي في " الشعب " ( 4 / 109 / 4450 ) . و قد روي مرفوعا من طريق همام بن

يحيى و حماد بن سلمة كلاهما عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة : أن رجلا كان

يأتي النبي صلى الله عليه وسلم فيسلم عليه , فيقول النبي صلى الله عليه وسلم :

" كيف أصبحت ? " . فيقول : أحمد إليك الله , و أحمد الله إليك . فكان النبي صلى

الله عليه وسلم يدعو له . فجاء يوما , فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : "

كيف أنت يا فلان ? " . قال : بخير إن شكرت ! فسكت النبي صلى الله عليه وسلم ,

فقال الرجل : يا نبي الله ! كنت تسألني فتدعو لي , و إنك سألتني اليوم فلم تدع

لي ? قال : " إني كنت أسألك فتشكر الله , و إني سألتك اليوم فشككت في الشكر " .

أخرجه ابن أبي الدنيا في " الشكر " ( 28 / 38 ) و من طريقه البيهقي في " الشعب

" ( 4 / 109 / 4449 ) عن همام , و ابن السني في " عمل اليوم و الليلة " ( 65 /

184 ) عن حماد . و قد روي مسندا , فقال أحمد ( 3 / 241 ) : أخبرنا مؤمل حدثنا

حماد يعني ابن سلمة : حدثنا إسحاق بن عبد الله عن أنس بن مالك : أن النبي صلى

الله عليه وسلم كان يلقى رجلا .. الحديث نحوه , و زاد في آخره : " .. فسكت عنك

" . و هذا إسناد رجاله ثقات رجال مسلم غير مؤمل , و فيه ضعف و لاسيما إذا خالف

الثقات , قال الحافظ : " صدوق سيىء الحفظ " . و قال الهيثمي في " المجمع " ( 8

/ 183 ) : " رواه أحمد و رجاله رجال الصحيح غير مؤمل بن إسماعيل , و هو ثقة , و

فيه ضعف " . هذا , و قد رويت أحاديث كثيرة عن جمع من الصحابة , و في مناسبات

عديدة في قوله صلى الله عليه وسلم : " كيف أصبحت " . من طرق مختلفة لا تخلو من

مقال , لا داعي لإخراجها , ففي ما تقدم كفاية , و لكن من المفيد أن أشير إلى

مصادرها : " مصنف ابن أبي شيبة " ( 11 / 42 و 43 ) , " السنة " لابن أبي عاصم (

1 / 180 / 415 ) , " عمل اليوم و الليلة " ( 180 - 183 ) , " المعجم الكبير " (

5 / 156 / 4887 ) , " الحلية " ( 1 / 242 ) , و غيرهم . و عمل بذلك السلف كما

يدل على ذلك توارد الآثار بذلك , و قد أخرج طائفة منها الإمام البخاري في "

الأدب المفرد " ( 1134 و 1135 ) و فيه ( 1133 ) حديث مرفوع في إجابة الرسول صلى

الله عليه وسلم لمن قال له : " كيف أصبحت ? " من رواية جابر رضي الله عنه , كنت

أوردته فيما ضعفته من " سنن ابن ماجه " , ثم وجدت له شاهدا من حديث أبي هريرة

فحسنته به , و بناء عليه جعلته في " صحيح الأدب المفرد " ( 878 / 1133 ) الذي

أنا وشيك الانتهاء منه إن شاء الله تعالى . ثم صدر و الحمد لله تعالى كما تقدم

.

 

-----------------------------------------------------------

[1] ثم طبع جزء من " معجم عبد الله بن عمرو " , و إذا الحديث فيه ( 21 / 37 )

بإسناده في " الأوسط " , فصح العزو إلى " المعجم الكبير " أيضا , و لم يصح

تحسينه لإسناده ! . اهـ .

2953 " كان إذا أعجبه نحو الرجل أمره بالصلاة " .

 

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1102 :

 

أخرجه البخاري في " التاريخ " ( 1 / 1 / 180 ) و البزار ( 1 / 453 / 716 ) و

أبو نعيم في " الحلية " ( 1 / 343 ) و الخطيب ( 4 / 360 ) من طريق يحيى بن عباد

أبي عباد : حدثنا محمد بن عثمان عن ثابت عن #أنس #مرفوعا . قلت : و هذا إسناد

رجاله ثقات غير محمد بن عثمان و هو الواسطي , و في ترجمته أورده البخاري , و

قال : " سمع ثابتا البناني عن أنس بن مالك , قاله عبد الملك الجدي عنسعيدبن

خالد عن محمد " . قلت : و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا . و في " الميزان " : "

قال الأزدي : ضعيف " . و أما ابن حبان فذكره في " الثقات " ( 7 / 438 ) و قال :

" يروي عن ثابت البناني . روى عنه أبو عوانة " . قلت : فقد روى عنه ثلاثة :

يحيى بن عباد , و أبو عوانة , و اسمه الوضاح اليشكري , و كلاهما ثقة من رجال

الشيخين , و سعيد بن خالد و هو الخزاعي , و هو ضعيف . و من طبقته محمد بن عثمان

بن سيار القرشي البصري , سكن واسط , فقد ذكروا أنه روى عن ثابت البناني و ذيال

بن عبيد بن حنظلة و غيرهما . و عنه جماعة منهم محمد بن أبي بكر المقدمي كما

يأتي في الحديث بعده , و أبو عباد يحيى بن عباد المذكور في إسناد هذا الحديث .

فيحتمل عندي أن يكون هو هذا , فإن كان كذلك فالحديث صحيح , و إلا فهو حسن . و

الله سبحانه و تعالى أعلم . و الحديث قال الهيثمي في " مجمع الزوائد " ( 2 /

251 - 252 ) : " رواه البزار , و فيه يحيى بن عثمان القرشي البصري و لم أعرفه ,

روى عن أنس ن و بقية رجاله رجال الصحيح . قلت : ذكر ابن حبان في " الثقات "

يحيى بن عثمان القرشي , و لكنه ذكره في الطبقة الثالثة " . و أقول : هذه لخبطة

عجيبة - كما يقال في دمشق - من الهيثمي , فقد عرفت من إسناد الحديث أنه ليس فيه

يحيى بن عثمان , لأنه من رواية يحيى بن [ عباد أبو عباد : حدثنا محمد بن ]

عثمان [ عن ثابت ] عن أنس , كما تقدم . هكذا أورده هو نفسه في الموضع المشار

إليه من " كشف الأستار " , فلما نقل الحديث إلى " المجمع " سقط من بصره كل ما

حصرته بين الأقواس فنتج منه أن قام في ذهنه ما لا وجود له في الإسناد " يحيى بن

عثمان القرشي البصري " ! و هذا أعجب ما مر بي من السقط من مثل هذا الحافظ ! و

إن من تمام ( اللخبطة ! ) وصفه ليحيى بن عثمان بـ " القرشي البصري " , فإن هذا

الوصف لم يذكر في إسناد البزار أو غيره , و إنما هو وصف " محمد بن عثمان بن

سيار القرشي البصري " الذي هو من طبقة محمد بن عثمان الواسطي كما ذكرته احتمالا

آنفا . فكأنه دار في ذهن الهيثمي هذا الاحتمال , فسجله في كتابه على أنه حقيقة

واقعة في هذا الإسناد , و هو خيال في خيال . و سبحان الله . و من ذلك قوله بعد

أن صرح بأنه لم يعرفه : " قلت : ذكره ابن حبان في " الثقات " .. " إلخ , فإن

هذا لا يلتقي مع ما قبله . و أنا أظن أنه استدراك عليه من بعض العلماء - و لعله

ابن حجر - كتبه على الحاشية , فظن الطابع أنه من كلام الهيثمي فطبعه فيه غير

ملاحظ تدافعه مع الذي قبله , و كذلك لم يلاحظ ذلك الشيخ الأعظمي في تعليقه على

هذا المكان من " الكشف " ! ( تنبيه ) : قوله : " نحو الرجل " , الذي أفهمه من

هذه الكلمة أنه يعني قصده و اتجاهه , أي إلى الخير و العبادة ( أمره بالصلاة )

أي النافلة . و قد أشار إلى ذلك الهيثمي بإيراده الحديث في " باب في صلاة الليل

" , و خفي ذلك على بعض المعلقين و الكاتبين , فجاء في حاشية " تاريخ بغداد " :

" كذا الأصل " ! و قارب الصواب المعلق على " الحلية " , فقال : " كذا في

الأصلين , و لعله يريد قصد الرجل " . و كان أبعدهم عن الصواب مؤلف " موسوعة

أطراف الحديث النبوي " , فإنه طبعه في مكانين مختلفين ( 6 / 38 ) هكذا " بخور "

بباء ثم خاء ! معزوا لأربعة مصادر مما تقدم : البخاري و الحلية و المجمع و

الخطيب , و هو فيها على الصواب ! فحرفه هو إلى " بخور " مشعرا بأنه الصواب !!

ثم إنني لم أر الحديث في " مختصر زوائد البزار " للحافظ الذي طبع حديثا , و لا

في المصورة التي عندي , لنرى إذا ما استدرك شيئا على كلام شيخه الهيثمي المتقدم

, فلا أدري أهو مما فاته , أو أنه سقط من الناسخ أو الطابع .

2954 " كان إذا صلى الفجر تربع في مجلسه حتى تطلع الشمس " .

 

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1104 :

 

أخرجه أبو داود ( 4850 ) من طريق أبي داود الحضري : حدثنا سفيان الثوري عن سماك

بن حرب عن # جابر بن سمرة # قال : فذكره . قلت : و هذا إسناد صحيح على شرط مسلم

, و أبو داود الحضري اسمه عمر بن سعد . و قد تابعه أبو نعيم عن سفيان به , إلا

أنه لم يذكر التربع . أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 2 / 249 / 1885 )

. و أخرجه مسلم و غيره من طرق أخرى عن سماك بألفاظ و زيادات متعددة دون التربع

, و هو مخرج في " صحيح أبي داود " ( 1171 ) , و هذه " السلسلة " ( 434 ) . و

للتربع شاهد من حديث حنظلة بن حذيم قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم ,

فرأيته جالسا متربعا . أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " ( 1179 ) و من طريقه

المزي في " التهذيب " ( 7 / 435 ) و الطبراني في " المعجم الكبير " ( 4 / 15 /

3498 ) من طريق محمد بن أبي بكر قال : حدثنا محمد بن عثمان القرشي قال : حدثنا

ذيال بن عبيد بن حنظلة : حدثني جدي حنظلة بن حذيم . قلت : و هذا إسناد حسن

لذاته على الأقل لما عرفت في الحديث الذي قبله من حال محمد بن عثمان هذا , و

بقية رجاله ثقات .

2955 " لا , لا , لا , الصدقة خمس , و إلا فعشر , و إلا فخمس عشرة , و إلا فعشرون ,

و إلا فخمس و عشرون , و إلا فثلاثون , و إلا فخمس و ثلاثون , فإن كثرت فأربعون

" .

 

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1105 :

 

أخرجه أحمد ( 5 / 67 - 68 ) : حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم : حدثنا ذيال بن

عتبة ابن حنظلة قال : سمعت حنظلة بن حذيم <1> - جدي - أن جده حنيفة قال لحذيم :

اجمع لي بني فإني أريد أن أوصي , فجمعهم , فقال : إن أول ما أوصي أن ليتيمي هذا

الذي في حجري مائة من الإبل التي كنا نسميها في الجاهلية ( المطيبة ) . فقال

حذيم , يا أبت إني سمعت بنيك يقولون : إنما نقر بهذا عند ( في المجمع : عين )

أبينا , فإذا مات رجعنا فيه ! قال : فبيني و بينكم رسول الله صلى الله عليه

وسلم . فقال حذيم : رضينا . فارتفع حذيم و حنيفة , و حنظلة معهم غلام , و هو

رديف لحذيم , فلما أتوا النبي صلى الله عليه وسلم سلموا عليه , فقال النبي صلى

الله عليه وسلم : " و ما رفعك يا أبا حذيم ? " . قال : هذا . و ضرب بيده على

فخذ حذيم , فقال : إني خشيت أن يفجأني الكبر أو الموت , فأردت أن أوصي أن

ليتيمي هذا الذي في حجري مائة من الإبل كنا نسميها في الجاهلية ( المطيبة ) ,

فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى رأينا الغضب في وجهه , و كان قاعدا فجثا

على ركبتيه , و قال : ( فذكر الحديث ) قال : فودعوه , و مع اليتيم عصا , و هو

يضرب جملا , فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " عظمت ! هذه هراوة يتيم ! " .

قال حنظلة : فدنا أبي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إن لي بنين ذوي لحى

و دون ذلك , و إن ذا أصغرهم فادع الله له , فمسح رأسه و قال : " بارك الله فيك

, أو بورك فيك " . قال ذيال : فلقد رأيت حنظلة يؤتى بالإنسان الوارم وجهه , أو

البهيمة الوارمة الضرع فيتفل على يديه و يقول : بسم الله , و يضع يده على رأسه

, و يقول : على موضع كف رسول الله صلى الله عليه وسلم فيمسحه عليه . قال ذيال :

فيذهب الورم . قلت : و هذا إسناد ثلاثي صحيح , و قال الهيثمي ( 4 / 210 - 211 )

: " رواه أحمد , و رجاله ثقات " . فأقول حنظلة صحابي صغير دعا له الرسول صلى

الله عليه وسلم كما ترى , و ذيال وثقه ابن معين و ابن حبان , و قول الأزدي : "

فيه نظر " , مما لا يجوز الالتفات إليه هنا على الأقل . و أبو سعيد مولى بني

هاشم اسمه عبد الرحمن بن عبد البصري , ثقة من رجال البخاري و قد تابعه محمد بن

عثمان : حدثنا ذيال بن عبيد به مع اختصار الطرف الأول من القصة . أخرجه

الطبراني في " المعجم الكبير " ( 4 / 15 / 3499 و 3500 ) . و رجاله ثقات أيضا

غير محمد بن عثمان و هو القرشي , و قد عرفت حاله مما سبق بيانه في الحديث الذي

قبله .

 

-----------------------------------------------------------

[1] الأصل هنا و فيما يأتي ( جذيم ) بالجيم , خطأ , و التصحيح من " المجمع "

و " التقريب " و كتب الرجال . اهـ .

2956 " من بات و في يده غمر <1> , فأصابه شيء فلا يلومن إلا نفسه " .

 

-----------------------------------------------------------

 

[1] في " القاموس " : " بالتحريك : زنخ اللحم " . اهـ .

 

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1107 :

 

هو من حديث # ابن عباس # رضي الله عنهما , و له عنه طريقان : أحدهما : من رواية

الليث عن محمد بن عمرو بن عطاء عنه . أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " ( 1219

) و الطبراني في " المعجم الأوسط " ( 1 / 185 / 2 / 3407 ) من طريق محمد بن

فضيل عنه . و قال الطبراني : " لم يروه عن محمد بن عمرو إلا ليث , تفرد به محمد

" . قلت : و هو ثقة , و كذلك سائر رواته غير ليث , و هو ابن أبي سليم الحمصي ,

و هو ضعيف . و الطريق الآخر : يرويه الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة

عن ابن عباس به . و يرويه عن الزهري جمع : الأول : سفيان بن عيينة . أخرجه

الطبراني في " الأوسط " ( 1 / 30 / 2 / 494 - بترقيمي ) من طريق الزبير بن بكار

, و أبو نعيم في " أخبار أصبهان " ( 2 / 348 ) من طريق أبي إسحاق عبد الوهاب بن

فليح المقرىء و محمد بن ميمون الخياط , ثلاثتهم عن سفيان به . و قال الطبراني :

" لم يروه عن سفيان عن الزهري عن عبيد الله , إلا الزبير بن بكار " ! كذا قال ّ

و طريقا أبي نعيم يبطلانه , و خفي ذلك على المنذري , فقال في " الترغيب " ( 3 /

130 ) : " رواه البزار و الطبراني بأسانيد رجال أحدها رجال الصحيح , إلا الزبير

بن بكار , و قد تفرد به كما قال الطبراني , و لا يضر تفرده , فإنه ثقة إمام " .

و نحوه في " المجمع " ( 5 / 30 ) ! قلت : فقد عرفت أنه قد توبع من ابن فليح , و

ابن ميمون , و هما ثقتان أيضا , فالإسناد صحيح غاية .. و قد وهم المنذري في

إطلاقه العزو للطبراني , فإنه لم يروه إلا في " الأوسط " , و إليه عزاه الهيثمي

. الثاني : صالح بن أبي الأخضر عن الزهري به . أخرجه البزار ( 3 / 337 / 2886 )

و قال : " قد اختلف فيه عن الزهري , فقال ابن عيينة : عن الزهري عن عبيد الله

مرسلا . و قال عقيل : عن الزهري عن عبيد الله عن أبي سعيد الخدري ( الأصل : أبي

سعيد بن المسيب عن أبي هريرة ) . و قال سفيان بن حسين : عن الزهري عن عروة عن

عائشة " . قلت : و مرسل عبيد الله لم أقف عليه <1> , فإن صح السند به إليه

فيكون الصحيح عنه عن ابن عباس لرواية الثقات الثلاثة عنه , و من الظاهر أن

البزار لم يصل ذلك إليه . و صالح بن أبي الأخضر ضعيف , يعتبر به إذا لم يخالف .

الثالث : عقيل عن ابن شهاب عن عبيد الله عن أبي سعيد الخدري مرفوعا بلفظ : " من

بات و في يده ريح غمر , فأصابه وضح فلا يلومن إلا نفسه " . علقه البزار كما

تقدم , و وصله الطبراني في " المعجم الكبير " ( 6 / 43 / 5435 ) و البيهقي ( 5

/ 70 / 5812 ) من طريق عبد الله بن صالح : حدثني نافع بن يزيد عن عقيل به . قلت

: عبد الله بن صالح فيه ضعف معروف . فلا تحتمل مخالفته في الإسناد و في المتن

أيضا , فإنه ذكر فيه " الريح " و " الوضح " و هو " البرص " , و مع ذلك قال

المنذري ( 3 / 130 ) و تبعه الهيثمي : " رواه الطبراني بإسناد حسن " ! الرابع :

سفيان بن حسين عن الزهري عن عروة عن عائشة به , إلا أنه قال : " ريح غمر " .

علقه البزار كما سبق , و وصله الطبراني في " المعجم الصغير " ( ص 168 - هندية )

من طريق عمر بن علي المقدمي عن سفيان بن حسين به . قلت : و هذه مخالفة واهية

لأمرين : أحدهما : أن سفيان بن حسين ضعفوه في روايته عن الزهري خاصة . و الآخر

: أن عمر بن علي المقدمي كان يدلس تدليسا غريبا بحيث أنه لو صرح بالتحديث شك في

سماعه كما هو مبين في ترجمته من " التهذيب " . و حديث عائشة هذا من شرط الهيثمي

في " مجمعه " , و مع ذلك , فهو مما فاته , فلم يورده فيه . و جملة القول أن أصح

هذه الطرق : طريق ابن عيينة عن الزهري عن عبيد الله عن ابن عباس . و الطريق

الأولى عنه شاهد لا بأس به . و له شاهد من حديث أبي هريرة في السنن و غيرها مثل

" الأدب المفرد " ( 1220 ) و " صحيح ابن حبان " ( 5496 ) و سنده صحيح على شرط

مسلم كما قال الحافظ في " الفتح " ( 9 / 579 ) و قد خرجته قديما في " الروض

النضير " ( 823 ) تحت حديث عائشة . ثم وقفت له على طريقين آخرين : الأول :

يرويه أبو جعفر محمد بن جعفر المدني : حدثنا منصور بن أبي الأسود عن الأعمش عن

أبي صالح عن أبي هريرة به . أخرجه الحاكم ( 4 / 137 ) و صححه , و وافقه الذهبي

. قلت : و إسناده جيد , و رجاله ثقات رجال مسلم غير منصور هذا , و هو صدوق . و

الآخر : يرويه معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة به . أخرجه

البيهقي ( 7 / 276 ) , و في " الشعب " ( 5 / 70 / 5813 و 5814 ) . قلت : و هذا

إسناد آخر للزهري صحيح .

 

-----------------------------------------------------------

[1] ثم رأيته في " شعب الإيمان " ( 5 / 70 / 5811 ) بسند صحيح عنه . اهـ .

2957 " [ وراءك ] يا بني ! إنه قد حدث أمر , فلا تدخل علي إلا بإذن . قاله لخادمه

أنس بن مالك " .

 

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1111 :

 

أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " ( 807 ) و الطحاوي في " شرح المعاني " ( 2 /

393 ) و أحمد ( 3 / 199 و 209 ) و من طريقه الحافظ المزي في " تهذيب الكمال " (

11 / 239 ) و البيهقي في " الشعب " ( 6 / 164 - 165 ) من رواية جرير بن حازم عن

سلم العلوي عن # أنس بن مالك # قال : كنت أخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم ,

فكنت أدخل عليه بغير إذن , فجئت ذات يوم فدخلت عليه , فقال : فذكره دون الزيادة

. لكن تابعه حماد بن زيد : حدثنا سلم العلوي .. بلفظ : لما نزلت آية الحجاب

ذهبت أدخل كما كنت أدخل , فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم : " وراءك يا بني !

" . أخرجه أحمد ( 3 / 227 و 238 ) و أبو يعلى ( 4276 ) و عنه ابن السني ( 317 )

, و الطحاوي أيضا , و ابن عدي في " الكامل " ( 3 / 329 ) . قلت : و إسناده ضعيف

, رجاله ثقات , غير سلم العلوي , فإنه ضعيف عند النسائي و غيره , و ليس لتهمة

في صدقه , و إنما لقلة حديثه , فإنها لا تساعد على الحكم عليه بتوثيق أو تضعيف

كما أفصح عن ذلك ابن عدي في آخر ترجمته , ثم روى بسنده الصحيح عن ابن معين أنه

سئل عنه ? فقال : " ثقة " . و قد خرجت له حديثا في " الضعيفة " ( 4255 ) , و

إنما أوردت حديثه هذا هنا في " الصحيحة " , لأنه قد تبين لي أنه حفظه , بمجيئه

من غير طريقه . فقد روى أبو عوانة عن الجعد أبي عثمان عن أنس بن مالك قال : قال

لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا بني ! " . أخرجه مسلم ( 6 / 177 ) و

أبو داود ( 4964 ) و الترمذي ( 2833 ) و ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 9 / 83 /

6608 ) و ابن سعد في " الطبقات " ( 7 / 20 ) و أحمد ( 3 / 285 ) و البيهقي ( 10

/ 200 ) . و قد روى الجعد هذا عن أنس قصة بنائه صلى الله عليه وسلم , و نزول

آية الحجاب : *( يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم ..

)* الآية , و في آخرها : " قال الجعد : قال أنس بن مالك : أنا أحدث الناس عهدا

بهذه الآيات , و حجبن نساء النبي صلى الله عليه وسلم " . أخرجه مسلم ( 4 / 151

) . قلت : فهذا مع ما قبله من حديث الجعد : " يا بني " , يشهد لحديث سلم العلوي

, و يبين أن ( الحدث ) الذي فيه إنما هو نزول آية الحجاب المصرح به في بعض

الطرق عن سلم كما تقدم , و أنه بهذه المناسبة قيل له : " لا تدخل إلا بإذن " .

و يؤكد ذلك ما جاء في رواية أخرى لمسلم ( 4 / 149 ) عن ثابت و غيره في هذه

القصة , قال : " فانطلق حتى دخل البيت , فذهبت أدخل معه , فألقى الستر بيني و

بينه , و نزل الحجاب " . ثم وجدت له طريقا أخرى , يرويه صالح بن كيسان عن

الزهري عن أنس مختصرا بلفظ : أنا أول الناس علم بآية الحجاب , لما نزلت قال لي

رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تدخل على النساء " . فما مر علي يوم كان

أشد منه . ( انظر الاستدراك 4 ) .

 

2958 " كأني أنظر إلى موسى بن عمران منهبطا من ثنية هرشى ماشيا " .

 

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1113 :

 

أخرجه ابن حبان في " صحيحه " ( 7 / 27 / 3747 ) : أخبرنا المفضل <1> بن محمد

الجندي - بمكة - حدثنا علي بن زياد اللحجي <2> : حدثنا أبو قرة عن ابن جريج قال

: حدثني يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب عن # أبي هريرة # أن رسول الله صلى

الله عليه وسلم قال : فذكره . قلت : و هذا إسناد صحيح , رجاله ثقات , من ابن

جريج فصاعدا من رجال الشيخين . و أما أبو قرة - و اسمه موسى بن طارق اليماني -

فهو ثقة من رجال النسائي . و علي بن زياد اللحجي , وثقه ابن حبان ( 8 / 470 ) و

قال : " مستقيم الحديث " . و روى عنه جمع من الثقات كما في كتاب " تيسير

الانتفاع " , يسر الله لي إكماله بفضله و كرمه . و المفضل بن محمد الجندي , فهو

محدث مكة , وثقه الحافظ أبو علي النيسابوري كما في " سير أعلام النبلاء " ( 14

/ 258 ) . و للحديث شواهد بعضها في " صحيح مسلم " و ابن خزيمة و ابن حبان و

الحاكم عن ابن عباس , و قد سبق تخريجها ( 2023 ) , و إنما خرجته هنا من حديث

أبي هريرة لعزته .

 

-----------------------------------------------------------

[ 1 , 2 ] الأصل " الفضل " و " اللخمي " , و التصحيح من كتب الرجال . اهـ .

2959 " أنت سفينة " .

 

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1114 :

 

أخرجه الحاكم ( 3 / 606 ) و أحمد ( 5 / 220 و 221 و 222 ) و البزار ( 3 / 270 -

271 ) و الروياني ( ق 126 / 2 ) و ابن عدي ( 3 / 401 ) و الطبراني في " المعجم

الكبير " ( 7 / 96 - 97 ) و أبو نعيم في " الحلية " ( 1 / 369 ) و في " المعرفة

" ( 1 / 300 / 2 ) من طرق عن سعيد بن جمهان عن # سفينة # قال : كنا [ مع رسول

الله صلى الله عليه وسلم ] في سفر , قال : فكان كلما أعيا رجل ألقى علي ثيابه ,

ترسا أو سيفا , حتى حملت من ذلك شيئا كثيرا , قال : فقال النبي صلى الله عليه

وسلم : فذكره . و قال الحاكم : " صحيح الإسناد " . و وافقه الذهبي . قلت : و هو

كما قالا أو قريبا منه , فإن سعيدا هذا فيه كلام يسير , لكنه قد توبع , فقال

شريك : عن عمران النخلي عن مولى لأم سلمة قال : كنت مع النبي صلى الله عليه

وسلم في سفر , فانتهينا إلى واد , قال : فجعلت أعبر الناس أو أحملهم , قال :

فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما كنت اليوم إلا سفينة , أو ما أنت

إلا سفينة " . قيل لشريك : هو سفينة مولى أم سلمة رضي الله عنها ? هكذا هو في "

المسند " لم يقع فيه جواب شريك , و هو سؤال تقرير . أخرجه أحمد ( 5 / 221 ) و

الروياني ( 128 / 1 ) . و شريك هو ابن عبد الله القاضي , و هو حسن الحديث في

الشواهد . و عمران النخلي , وثقه ابن حبان ( 5 / 223 ) و روى عنه أيضا ابنه

حماد بن عمران , و أبو نعيم كما في " الجرح " ( 3 / 1 / 300 ) , و سمى أباه عبد

الله بن كيسان . و في ذكره أبا نعيم في الرواة عنه وقفة عندي , لأن البخاري لم

يشاركه في هذا أولا , ثم هو إنما ذكره راويا عن ابنه حماد ثانيا . و وافقه ابن

أبي حاتم على هذا ثالثا . و الله أعلم . ( تنبيه ) : ( النخلي ) نسبة إلى (

النخلة ) , و وقع في المسند : ( البجلي ) , و في " الروياني " : ( النخعي ) , و

التصحيح من " تاريخ البخاري " و " جرح الرازي " و " أنساب السمعاني " . و ما في

" المسند " كأنه خطأ قديم فقد وقع كذلك في " مجمع الزوائد " ( 9 / 366 ) و قال

عقب حديثه : " رواه أحمد بإسنادين , و رجال أحدهما ثقات " . كذا قال : "

بإسنادين " , و لم يظهر لي صوابه . و الله أعلم . و الحديث رواه المزي في ترجمة

" سفينة " من " تهذيبه " ( 11 / 205 - 206 ) و الذهبي في " سيره " ( 13 / 179 )

, في ترجمة أبي قلابة الرقاشي بسنده عن سعيد بن جمهان به . و قال الذهبي : "

هذا حديث حسن من العوالي , بل هو أعلى ما وقع لأبي قلابة " . و أقول : بل هو

صحيح بمتابعة عمران النخلي لسعيد . و الله سبحانه و تعالى أعلم .

2960 " انزل عن القبر , لا تؤذ صاحب هذا القبر " .

 

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1116 :

 

أخرجه أحمد ( ق 222 / 2 - أطراف " المسند " ) و أبو نعيم في " معرفة الصحابة "

( 2 / 81 / 1 ) و ابن الأثير في " أسد الغابة " ( 3 / 712 ) و ابن عساكر في "

التاريخ " ( 13 / 422 ) من طرق عن عبد الله بن وهب : حدثني عمرو بن الحارث عن

بكر ابن سوادة أن زياد بن نعيم حدثه أن # عمرو بن حزم # قال : رآني رسول الله

صلى الله عليه وسلم على قبر فقال : فذكره . قلت : و هذا إسناد صحيح رجاله ثقات

رجال مسلم غير زياد - و هو ابن ربيعة بن نعيم الحضرمي - و هو ثقة بلا خلاف . و

تابعه ابن لهيعة عن بكر بن سوادة به . أخرجه أحمد , و أبو نعيم . لكن ابن لهيعة

فيه ضعف من قبل حفظه , و قد اضطرب في إسناده , فرواه مرة هكذا وفق الرواية

الصحيحة هذه , و مرة قال : عن بكر بن سوادة عن زياد بن نعيم عن عمارة بن حزم

قال : فذكره , فقال : " عمارة " مكان " عمرو " , و زاد : " و لا يؤذيك " .

أخرجه أحمد ( ق 212 / 1 ) و أبو نعيم ( 102 / 2 ) و ابن منده في " المعرفة " (

2 / 75 / 1 ) و الحاكم ( 3 / 590 ) , و سكت عنه هو و الذهبي , و لعل ذلك لحال

ابن لهيعة . و قال في موضع آخر : عن زياد بن نعيم أن ابن حزم - إما عمرو , و

إما عمارة - قال : فذكره . أخرجه أحمد . و ثمة اختلاف آخر , بسند مخالف لكل ما

تقدم , فقال يحيى بن عبد الله بن بكير عنه عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي بكر بن

محمد بن عمرو بن حزم عن النضر بن عبد الله السلمي ثم الأنصاري عن عمرو بن حزم

قال : رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم على قبر فقال : فذكره مع الزيادة .

أخرجه الطحاوي في " شرح المعاني " ( 1 / 296 ) . لكنه قد توبع على هذا الإسناد

من عمرو بن الحارث عن ابن أبي هلال عن أبي بكر بن حزم به مختصرا بلفظ : " لا

تقعدوا على القبور " . أخرجه ابن عساكر أيضا . و تابعه ابن وهب أيضا عن سعيد بن

أبي هلال به . أخرجه أحمد أيضا . و تابعه خالد - و هو ابن يزيد المصري - عن ابن

أبي هلال به . أخرجه النسائي ( 1 / 287 ) و في " الكبرى " ( 1 / 658 ) . قلت :

فهو بهذه المتابعات صحيح , لولا أن النضر هذا مجهول لا يعرف كما قال الذهبي , و

كذا العسقلاني في " التقريب " , و إن كان تعقبه في " التهذيب " بما لا طائل

تحته ! لكن الحديث صحيح بالطريق الأولى , و متنه أصرح في الدلالة على تحريم

الجلوس من هذا صراحة لا تقبل التأويل , بخلاف هذا , فقد تأوله الطحاوي و غيره

بالجلوس للغائط أو البول ! و حكايته تغني عن الرد عليه , و هذا المتن يبطله ,

و انظر " أحكام الجنائز " ( ص 210 ) . ( تنبيه ) : يرى القراء الكرام أنني عزوت

الحديث لأحمد بواسطة " أطراف المسند " للحافظ ابن حجر العسقلاني , و هذا خلاف

ما جريت عليه دائما من العزو للمسند مباشرة مع ذكر الجزء و الصفحة من الطبعة

القديمة , أو الرقم أحيانا من الطبعة الجديدة بتحقيق أحمد شاكر رحمه الله تعالى

, فقد يقول قائل : فما عدا عما بدا ? و الجواب : أن الحديث ليس في " المسند "

المطبوع بأي رواية من الروايات المنقولة عن " الأطراف " , مع أنه قد عزاه إليه

جمع من الحفاظ , منهم المجد ابن تيمية في " المنتقي " , و الخطيب التبريزي في "

المشكاة " ( 1721 ) , و الحافظ في " الإصابة " , و في " الفتح " أيضا ( 3 / 224

- 225 ) باللفظ , و قال : " إسناده صحيح " , و باللفظ الآخر أيضا الذي عند

النسائي , و لم يعزه إليه ! و لذلك كنت علقت على " المشكاة " بقولي : " لم أجده

في " المسند " , بل أجزم أنه ليس فيه , فإن الهيثمي لم يورده في " المجمع " , و

كذا المنذري في " الترغيب " , ثم الشيخ البنا في " الفتح الرباني " , بل إن

عمرو بن حزم ليس له في " مسند أحمد " شيء مطلقا . نعم أورد المنذري ( 4 / 190 )

, ثم الهيثمي ( 3 / 61 ) نحوه من حديث عمارة بن حزم برواية الطبراني في "

الكبير " , و فيه ابن لهيعة , و هو ضعيف " . قلت : و بهذا التتبع و التخريج

تبينت لي حقيقتان هامتان : الأولى : أن الحديث صحيح بمتابعة عمرو بن الحارث

لابن لهيعة . و الأخرى : أن " مسند أحمد " المطبوع فيه خرم , بدليل عزو الحافظ

و غيره لهذا الحديث إليه , مما يجعلني أظن أن له رواية أخرى أوسع مادة من رواية

المطبوع , فيكون أمره من هذه الحيثية كأمر " مسند أبي يعلى " المطبوع , فإن له

رواية أخرى أوسع منه , و هي التي يعتمد عليها الحافظ في " المطالب العالية "

خلافا لشيخه الهيثمي , فإنه اقتصر على الرواية المختصرة كما نص عليه هو في

المقدمة . و الله أعلم . ( تنبيه ثان ) : لقد ذكر الحافظ الحديث بلفظ النسائي :

( القعود ) في ترجمة راويه نضر بن عبد الله السلمي من " التهذيب " , ثم قال :

" قلت : قرأت بخط الذهبي : " لا يعرف " . و هذا كلام مستروح , إذا لم يجد المزي

قد ذكر للرجل إلا راويا واحدا جعله مجهولا , و ليس هذا بمطرد " ! فأقول : هذه

قعقعة لا مفعول لها ! لأنه يوهم أن له راويا آخر غير أبي بكر بن أبي حزم , فهو

غير مجهول , و ليس كذلك , لأنه لم يذكر له غيره كما يأتي , غاية ما في الأمر

أنه اختلف عليه في اسمه , فقال بعضهم عنه : عبد الله بن النضر " فقلبه ! و لذلك

لم يسع الحافظ حين اختصر ترجمته من " التهذيب " إلا أن يقول في " التقريب " : "

مجهول " ! و هذا هو الصواب . و لكن ليس هذا هو المقصود بالتنبيه هنا , و إنما

هو قوله عقب ما نقلته عنه آنفا : " لكن هذه الترجمة من حقها أن يعتنى بها ,

فالظاهر أنها من قسم المقلوب , فإن الحديث رواه مالك عن أبي بكر بن محمد بن

عمرو بن حزم عن عبد الله بن النضر عن النبي صلى الله عليه وسلم , و قال بعض

رواة مالك : عن أبي النضر .. " . و يؤسفني أن أقول : ( أسمع جعجعة و لا أرى

طحنا ) , فإن الحافظ رحمه الله لم يذكر في عنايته هذه ما يستفاد منه زيادة

تعريف بالنضر بن عبد الله ردا على تجهيل الذهبي إياه سوى أنه اختلف على مالك في

اسمه , فأي عناية في هذا ?! و لو أنه تنبه لما ذكرته فيما تقدم من اتفاق يزيد

بن أبي حبيب و سعيد بن أبي هلال - و هما ثقتان - على تسميته بالنضر بن عبد الله

في رواية أبي بكر بن حزم عنه , لأفاد أن هذا هو الراجح على اضطراب الرواة على

مالك في اسمه , و إلا فأي فائدة في حكاية الاضطراب دون ترجيح للصواب ?! و

لاسيما و هو في صدد الرد على الذهبي تجهيله إياه , و بخاصة أنه ختمها بقوله : "

قال ابن عبد البر : لا أعرف في رواة الموطأ مجهولا غيره " ! و الخلاصة أن

الحافظ - عفا الله عنا و عنه - لم يصنع شيئا في هذه العناية التي ادعاها سوى

أنه انتهى إلى أن النضر هذا مجهول , لتفرد أبي بكر بن حزم بالرواية عنه , و إن

اختلف الرواة عن مالك في اسمه . و مما يحسن ذكره أن ما ذكره من الاختلاف

استفاده من كتاب " التمهيد " للحافظ ابن عبد البر , و هو في المجلد ( 13 / 86 -

87 ) . هذا كله استطراد جرنا إليه ادعاء الحافظ المشار إليه , و رده على الذهبي

تجهيله للنضر الذي وافقه عليه , و إلا فالتنبيه الذي هو بيت القصيد - كما يقال

- إنما هو قوله المتقدم : " فإن الحديث رواه مالك عن أبي بكر بن محمد بن عمرو

بن حزم .. " إلخ . لا يمكن أن يفهم منه إلا أنه عنى الحديث الذي كان ذكره قبل

سطور في ترجمة راويه النضر , و هو حديث القعود على القبر كما تقدمت الإشارة إلى

ذلك , و هذا لم يروه مالك البتة , و إنما روى بسنده الذي ذكره الحافظ عن أبي

النضر السلمي مرفوعا حديثا آخر بلفظ : " لا يموت لأحد من المسلمين ثلاثة من

الولد .. " الحديث . انظر " الموطأ " آخر " الجنائز " ( 1 / 235 ) و هو في "

صحيح مسلم " و غيره من حديث أبي هريرة و نحوه , و قد مضى برقم ( 2302 ) . و

تنبيه أخير : جاء في فهرس " المسند " لأخينا الفاضل حمدي السلفي ( 3 / 336 ) ما

نصه : " ... - لا تقعدوا على القبور . عن أبي مرثد ( 4 / 135 مرتين ) " . فأقول

: الحديث في المكان المشار إليه بلفظ : " لا تجلسوا " , و ليس له ذكر في "

المسند " المطبوع باللفظ الذي ذكره , كما تقدم التنبيه عليه . ثم قال في

التعليق : " .. و انظر التعليق على حديث : لا تؤذ صاحب القبر " . فطلبته في

محله فإذا هو تعليق على حديث آخر ! و فيه يشير إلى خطأ من عزاه لمسند أحمد , و

ينفي أن يكون فيه !! على نحو ما كنت ذكرت في " المشكاة " , و قد تجلت الحقيقة ,

و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات .

2961 " أوتر صلى الله عليه وسلم بخمس , و أوتر بسبع " .

 

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1122 :

 

أخرجه ابن نصر المروزي في " قيام الليل " ( ص 121 - هند ) : حدثنا إسحاق و محمد

ابن بشار قالا : حدثنا وهب بن جرير حدثنا شعبة عن هشام بن عروة عن أبيه عن #

عائشة # أن النبي صلى الله عليه وسلم أوتر .. و هكذا أخرجه ابن حبان في " صحيحه

" ( 4 / 71 / 2429 ) من طريق شيخه عبد الله بن محمد الأزدي : حدثنا إسحاق بن

إبراهيم : أخبرنا وهب بن جرير حدثنا سعيد عن هشام به . كذا وقع فيه " سعيد "

مكان " شعبة " . فلا أدري أهكذا وقعت الرواية له , أم هو تحريف من بعض النساخ ,

كما يغلب على الظن , لأنهم لم يذكروا في ترجمته - و هو سعيد بن عبد الرحمن

الجمحي - أنه روى عنه جرير - و هو ابن حازم - و إنما ذكروه في الرواة عن شعبة .

و على هذا فالإسناد صحيح على شرط الشيخين . و أما على احتمال أنه سعيد بن عبد

الرحمن الجمحي , فهو إسناد حسن لأن الجمحي هذا و إن كان من رجال مسلم فقد تكلم

فيه من قبل حفظه , قال الحافظ : " صدوق له أوهام , و أفرط ابن حبان في تضعيفه "

. و للحديث شاهد من حديث أم سلمة قالت : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم

يوتر بخمس أو سبع , لا يفصل بينهن بكلام , و لا بتسليم " . أخرجه عبد الرزاق في

" المصنف " ( 3 / 27 / 4668 ) عن الثوري عن منصور عن الحكم عن مقسم عنها . و

هذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين غير مقسم , فهو من رجال البخاري , و لكنه لم

يسمع من أم سلمة , كما قال هو و غيره من الأئمة . لكن صح حديثها من حديث عائشة

من طريق آخر عن هشام بن عروة عن أبيه عنها أتم منه , لكن ليس فيه : " أو سبع "

. و كذلك رواه مسلم ( 2 / 166 ) مختصرا . انظر " صلاة التراويح " ( ص 104 ) .

( تنبيه ) : علق محقق " الإحسان " طبع الرسالة ( 6 / 193 ) على قوله في إسناد

الحديث : " سعيد " بقوله : " كذا الأصل , و لم أتبينه , و يغلب على ظني أنه

محرف عن " شعبة " . و لم أجد الحديث بهذا السند عند غير المؤلف " . قلت : فقد

أوجدناكه - و الفضل لله وحده - , و به ترجح لدي صواب الظن الذي ذكره . و الله

الموفق .

2962 " كان يوتر بركعة , و كان يتكلم بين الركعتين و الركعة " .

 

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1123 :

 

أخرجه ابن أبي شيبة ( 2 / 291 ) : حدثنا شبابة بن سوار قال : حدثنا ابن أبي ذئب

عن الزهري عن عروة عن # عائشة # مرفوعا . قلت : و هذا إسناد عزيز صحيح على شرط

الشيخين , و أصله في " صحيح مسلم " ( 2 / 165 ) من طريق أخرى عن الزهري به أتم

منه دون قوله : " و كان يتكلم .. " . و كذلك رواه ابن حبان ( 4 / 69 / 2422 ) ,

و غيره , و هو مخرج في " صلاة التراويح " ( ص 106 ) . و روى ابن حبان ( 4 / 66

و 67 و 668 ) من طريق ابن أبي ذئب و غيره الطرف الأول منه . و الحديث شاهد قوي

لما رواه نافع : أن عبد الله بن عمر كان يسلم بين الركعة و الركعتين في الوتر

حتى يأمر ببعض حاجته . أخرجه البخاري ( 991 ) .

2963 " صلوا على أنبياء الله و رسله , فإن الله بعثهم كما بعثني " .

 

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1124 :

 

أخرجه عبد الرزاق في " المصنف " ( 2 / 216 / 3118 ) و إسماعيل القاضي ( 18 / 45

) و البيهقي في " الشعب " ( 1 / 148 / 131 ) و الخطيب في " التاريخ " ( 8 / 105

) و كذا أبو الحسن الهاشمي في " الفوائد المنتقاة " ( ق 104 / 1 ) و الديباجي

أيضا ( 2 / 81 / 1 ) و أبو القاسم الشهرزوري في " الأمالي " ( ق 179 / 1 ) و

ابن المظفر في " المنتقى من حديث هشام بن عمار " ( 4 / 2 ) و أبو إسحاق

الطرسوسي في " مشيخته " ( 35 - 36 ) , و كذا علي بن حرب في " حديث ابن عيينة "

( 2 / 100 / 2 ) من طرق عن موسى بن عبيدة عن محمد بن ثابت عن # أبي هريرة #

مرفوعا . و قال الطرسوسي : " حديث غريب , و موسى ضعفوه , و شيخه محمد مجهول " .

قلت : تقدم الكلام على موسى و ضعفه في ما سبق . و أما محمد بن ثابت هذا فلم

ينسب , و هو من رجال الترمذي و ابن ماجه , و هو مجهول كما قال الطرسوسي تبعا

لابن معين و غيره , و تبعهم الذهبي و العسقلاني , و لذلك لما عزاه في " الفتح "

( 11 / 169 ) لإسماعيل القاضي جزم بضعف سنده . و الحديث أورده الحافظ في "

المطالب العالية " ( 3 / 225 ) من رواية ابن أبي عمر , و سكت عنه , و أعله

البوصيري بضعف موسى بن عبيدة . و له شاهد واه من رواية الحسن بن علي المعروف بـ

( الطوابيقي ) : حدثنا علي بن أحمد البصري - جار حميد الطويل - قال : حدثنا

حميد الطويل عن أنس بن مالك مرفوعا . أخرجه الخطيب في " التاريخ " ( 7 / 380 -

381 ) في ترجمة الطوابيقي هذا , و قال : " حدث عن علي بن أحمد البصري شيخ له

مجهول . روى عنه يوسف القواس " . ثم ساق له هذا الحديث و لم يزد , و ذلك يعني

أنه مجهول أيضا , و هو مما يستدرك على " الميزان " و " اللسان " , و كذلك شيخه

! و له شاهد آخر بمعناه في قصة , يرويه محمد بن حجر بن عبد الجبار بن وائل بن

حجر قال : حدثني سعيد بن عبد الجبار بن وائل بن حجر عن أمه عن وائل بن حجر قال

: بلغنا ظهور رسول الله صلى الله عليه وسلم و أنا في ملك عظيم و طائفة , فنهضت

راغبا في الله عز وجل و رسوله صلى الله عليه وسلم , و رفضت ما كنت فيه حتى قدمت

المدينة .. الحديث , و فيه القصة . أخرجه العقيلي في " الضعفاء " ( 4 / 59 /

1610 ) في ترجمة محمد بن حجر هذا , و روي عن البخاري أنه قال : " فيه بعض النظر

" <1> . ثم ساق له هذا الحديث , و قال : " لا يعرف إلا به " . و قد رواه

الطبراني من هذا الوجه في " المعجم الكبير " ( 22 / 46 - 49 ) و أيضا في "

المعجم الصغير " ( رقم 895 - الروض ) أخرجه مطولا جدا , و ليس فيه موضع الشاهد

, و روى البزار في " مسنده " ( 3 / 277 - الكشف ) طرفا منه , و فيه : " فرفع

صلى الله عليه وسلم يديه فحمد الله و أثنى عليه , و صلى على النبيين , و اجتمع

الناس إليه .. " الحديث . و قال الهيثمي في " المجمع " ( 9 / 373 ) : " رواه

البزار , و فيه محمد بن حجر , و هو ضعيف " . و كذا قال ( 9 / 376 ) في رواية

المعجمين الطويلة جدا : " و فيه محمد بن حجر , و هو ضعيف " . ثم وقفت على طريق

أخرى للحديث عن أنس هي خير من طريق الخطيب , رواه إبراهيم بن أيوب قال : حدثنا

النعمان عن أبي العوام عن قتادة عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "

إذا سلمتم علي فسلموا على المرسلين , فإنما أنا رسول من المرسلين " . أخرجه أبو

الشيخ في " طبقات الأصبهانيين " ( 1 / 167 ) و أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (

2 / 335 ) من طريقين عن إبراهيم بن أيوب به . قلت : و هذا إسناد حسن لولا أن

إبراهيم هذا ذكره ابن أبي حاتم في " الجرح " ( 1 / 1 / 89 ) و قال : " سألت أبي

عنه ? فقال : لا أعرفه " . و ذكر أنه روى عنه النضر بن هشام الأصبهاني و عبد

الرزاق بن بكر الأصبهاني . قلت : فهو على شرط ابن حبان في " الثقات " , لأنه

يورد عادة له فيه من روى عنه و لو واحد , فكيف و قد روى عنه اثنان كما رأيت ,

كيف و قد روى عنه ثالث هو : عبد الله بن داود بن الهذيل , كما ذكر الحافظ في "

اللسان " , و إن كنت لم أعرفه الآن , بخلاف الأولين فهما صدوقان , مترجمان في "

الجرح " . ثم هو مترجم في " الطبقات " ( 1 / 190 - 191 ) و في " الأخبار " ( 1

/ 172 - 173 ) بما يدل على صلاحه , فذكرا - و تبعهما الحافظ - : " كان صاحب

تهجد و عبادة , لم يعرف له فراش أربعين سنة , كان يخضب رأسه و لحيته " . على

أنه قد توبع , فقال أحمد بن سليمان بن يوسف العقيلي : حدثنا أبي حدثنا النعمان

بن عبد السلام : حدثنا أبو العوام به . أخرجه أبو نعيم أيضا ( 1 / 113 ) في

ترجمة أحمد بن سليمان العقيلي , و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا , لكنه ساق له

ثلاثة أحاديث من رواية ثلاثة شيوخ عنه , و كلهم ثقات : 1 - محمد بن أحمد بن

إبراهيم أبو أحمد القاضي العسال راوي الحديث عنه . 2 - سليمان بن أحمد الطبراني

الحافظ صاحب المعاجم الثلاثة . 3 - عبد الله بن محمد بن جعفر , و هو أبو الشيخ

مؤلف " الطبقات " , و قد ترجم فيه للعسال ترجمة حسنة ( 2 / 355 ) . فرواية

هؤلاء الحفاظ عنه يلقي الاطمئنان في النفس أنه صدوق إن شاء الله تعالى . و أما

أبوه سليمان بن يوسف العقيلي , فقد ترجمه أبو نعيم في " الأخبار " ( 1 / 334 )

برواية ابنه عنه عن النعمان بن عبد السلام بسند آخر له عن ابن مسعود مرفوعا : "

خير أمتي قرني .. " الحديث . و قال : " توفي سنة إحدى و أربعين و مائتين " . و

لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا . فهو على الستر , فيمكن الاستشهاد به . و الله

سبحانه و تعالى أعلم . و على هذا فالحديث بهذه المتابعة من سليمان بن يوسف

العقيلي لإبراهيم بن أيوب , يرتقي إلى مرتبة الحسن , فإن أبا العوام و هو عمران

بن داود القطان قال الحافظ : " صدوق يهم " . ثم هو بمجموع حديث أبي هريرة , و

حديث حميد الطويل عن أنس , و حديث وائل بن حجر يرتقي إلى مرتبة الصحيح , لأنه

ليس فيها متهم . ثم رأيت الحافظ السخاوي في" القول البديع " قال عقب حديث أنس

من الطريق الأولى ( ص 39 - 40 ) : " و ذكر المجد اللغوي أن إسناده صحيح محتج

برجاله في " الصحيحين " , و الله أعلم , و رواه أبو نعيم في ( الأحمدين ) من "

تاريخ أصبهان " ( يعني طريق العقيلي ) , و عن قتادة عن النبي صلى الله عليه

وسلم أنه قال : " إذا صليتم على المرسلين فصلوا علي معهم , فإني رسول من

المرسلين " . رواه ابن أبي عاصم , و إسناده حسن جيد , لكنه مرسل " . اهـ . ثم

ذكره من حديث أبي هريرة و أعله بـ ( موسى بن عبيدة الربذي ) , لكنه قال : " و

هو و إن كان ضعيفا فحديثه يستأنس به " . قلت : و فيه إشعار إلى أنه يميل إلى

تقوية الحديث . و الله أعلم . ( تنبيهان ) : الأول : علق محققا " طبقات

المحدثين " على ترجمة إبراهيم بن أيوب الفرساني ( 1 / 190 ) بقولهما : " ذكره

ابن أبي حاتم في " الجرح و التعديل " ( 2 / 50 ) قال : سألت أبي عنه , فقال :

صالح محله الصدق " ! فأقول : لا أدري ما هي الطبعة التي يشير إلى جزئها و

صفحتها بالرقمين المذكورين , فإن الطبعة الأصلية التي أنقل منها ليس المترجم في

المكان المشار إليه بالرقمين المذكورين , و إنما فيه : " الحسين بن حفص

الأصبهاني .. سألت أبي عنه ? فقال : صالح محله الصدق " . فهذا وهم عجيب لا أذكر

أنه مر علي مثله , فالذي يقع من بعض الكاتبين أو المؤلفين عادة أن ينتقل بصره

من ترجمة إلى أخرى فوقها أو تحتها في نفس الصحيفة أو في التي تقابلها , أما أن

ينتقل من جزء و صفحة إلى جزء آخر و صفحة أخرى فهذا غريب جدا . و قد عرفت مما

نقلته ( ص 1127 ) عن ابن أبي حاتم أنه قال عن أبيه : " لا أعرفه " ! و الآخر :

أن في " اللسان " قبل ترجمة إبراهيم بن أيوب الفرساني هذا ترجمة ( إبراهيم بن

أيوب الجرجاني .. ) اختلطت بترجمة الفرساني هذا , جاء في أول هذه و آخر تلك لفظ

: " حدثنا " , فصارت هذه عقب تلك هكذا : " حدثنا إبراهيم بن أيوب الفرساني .. "

إلخ . و إن مما لا شك فيه أن اللفظ المذكور زيادة مقحمة من بعض النساخ لم يتنبه

لها المعلق أو المصحح , فألحق هذه بتلك طباعة , و أعطاهما رقما واحدا هو ( 70 )

, و نتج من وراء ذلك أن التضعيف الوارد في الترجمة الأولى تعدى إلى الأخرى ,

فيرجى الانتباه لهذا . ثم رأيت الحديث باللفظ الذي رواه ابن أبي عاصم الذي

نقلته آنفا عن السخاوي - في " مسند الديلمي " ( 1 / 32 / 1 ) من طريق ابن أبي

عاصم عن محمد بن أزهر عن سليمان ابن عبد الرحمن عن شعيب بن إسحاق عن سعيد بن

أبي عروبة عن قتادة عن أنس مرفوعا . كذا وقع فيه " عن أنس " مسندا , و في نقل

السخاوي المشار إليه : " عن قتادة " مرسلا . و لعل هذا هو المحفوظ عن ابن أبي

عاصم , فإن في الطريق إليه عند الديلمي عبد الرحمن بن محمد بن أحمد المعدل و هو

الأصبهاني الذكواني , أورده الذهبي في " الميزان " و قال : " قال يحيى بن منده

: تكلموا في سماعه لأنه ألحق سماعه بسماع جماعة , و عامة سماعه بخط والده " . و

كذا في " سير أعلام النبلاء " ( 17 / 608 - 609 ) . و شيخه فيه عبد الله بن

محمد بن فورك الراوي عن ابن أبي عاصم لم أجد له ترجمة , و هو غير محمد بن الحسن

بن فورك الأصبهاني الأشعري المتكلم المترجم في " السير " ( 17 / 214 - 216 ) .

فألقي في نفسي أن هذا الإسناد لعله الذي قال فيه المجد اللغوي : " إسناده صحيح

, محتج برجاله في الصحيحين " . لكن شيخ ابن أبي عاصم فيه " محمد بن أزهر " ليس

من رجالهما , و هو الجوزجاني . قال ابن حبان في " الثقات " ( 9 / 123 ) : " شيخ

.. روى عنه أحمد بن سيار ( و في " اللسان " : سنان ) , كثير الحديث , يتعاطى

الحفظ , من جلساء أحمد بن حنبل " . ثم رأيت الحديث في " الجامع الكبير " بلفظ

ابن أبي عاصم , و قال : " رواه الديلمي عن أنس , و رواه ابن أبي عاصم عن قتادة

مرسلا , و سنده حسن " . انظر الاستدراك رقم ( 5 ) .

 

-----------------------------------------------------------

[1] كذا فيه , و في " تاريخ البخاري ( 1 / 1 / 69 ) : " فيه نظر "‏دون لفظ

"‏بعض " . اهـ .

2964 " كم من عذق دواح لأبي الدحداح في الجنة - مرارا " .

 

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1131 :

 

أخرجه أحمد ( 3 / 146 ) و ابن حبان ( 2271 - موارد ) و الطبراني في " المعجم

الكبير " ( 22 / 300 / 763 ) و الحاكم ( 2 / 20 ) و من طريقه البيهقي ( 3 / 249

/ 3451 ) و الضياء المقدسي في " المختارة " ( 1 / 515 ) من طرق عن حماد بن سلمة

: حدثنا ثابت البناني عن # أنس بن مالك # : أن رجلا قال : يا رسول الله ! إن

لفلان نخلة , و أنا أقيم نخلي بها , فمره أن يعطيني [ إياها ] [ حتى ] أقيم

حائطي بها . فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : " أعطها إياه بنخلة في الجنة "

. فأبى , و أتاه أبو الدحداح فقال : بعني نخلك بحائطي . قال : ففعل . قال :

فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ! إني قد ابتعت النخلة

بحائطي , فاجعلها له , فقال النبي صلى الله عليه وسلم : فذكره . فأتى امرأته

فقال : يا أم الدحداح ! اخرجي من الحائط , فإني بعته بنخلة في الجنة . فقالت :

قد ربحت البيع . أو كلمة نحوها . و قال الحاكم : " صحيح على شرط مسلم " . و

وافقه الذهبي . و هو كما قالا . و لحديث الترجمة شاهد من حديث جابر بن سمرة

مرفوعا نحوه . أخرجه مسلم , و ابن حبان ( 9 / 144 / 7113 و 7114 ) و غيرهما , و

صححه الترمذي , و هو مخرج في " أحكام الجنائز " ( 75 ) . و شاهد آخر من رواية

عبد الرزاق : أخبرنا معمر عن زيد بن أسلم قال : " لما نزلت *( من ذا الذي يقرض

الله قرضا حسنا .. )* جاء ابن ( ! ) الدحداح .. " الحديث نحوه ليس فيه قصة

الرجل , و شراء أبي الدحداح منه النخلة , و فيه حديث الترجمة . أخرجه ابن جرير

في " التفسير " , و إسناده مرسل صحيح . و قد روي موصولا من طريق عبد الرحمن بن

زيد بن أسلم عن أبيه عن جده عمر بن الخطاب . و عبد الرحمن هذا ضعيف جدا متهم .

أخرجه الطبراني في " المعجم الأوسط " ( 1 / 101 / 1 / 2052 - بترقيمي ) . و روي

من حديث عبد الله بن مسعود , و فيه ضعيفان , و هو مخرج في " تخريج مشكلة الفقر

" ( 76 - 120 ) و وقع مصدرا فيه بـ " صحيح " , و هو خطأ مطبعي , أو سبق قلم ,

فإنه مناقض لحال إسناده و ليس له شاهد معتبر يقويه مطولا , بخلاف حديث الترجمة

فهو صحيح كما تقدم . غريب الحديث : ( دواح ) : الدواح : العظيم الشديد العلو ,

و كل شجرة عظيمة : دوحة . و ( العذق ) بالفتح : النخلة . نهاية .

( تنبيه ) : حديث عبد الرزاق الذي عند ابن جرير , قد أخرجه عبد الرزاق في "

المصنف " ( 5 / 406 - 407 ) عن معمر , لكن وقع فيه : أخبرني الزهري قال :

أخبرني كعب بن مالك قال : أول أمر عتب على أبي لبابة أنه كان بينه و بين يتيم

عذق , فاختصما إلى النبي صلى الله عليه وسلم , فقضى النبي صلى الله عليه وسلم

لأبي لبابة , فبكى اليتيم , فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " دعه له " , فأبى

, قال : " فأعطه إياه و لك مثله في الجنة " , فأبى فانطلق ابن الدحداحة فقال

لأبي لبابة : بعني العذق بحديقتين . قال : نعم . ثم انطلق إلى النبي صلى الله

عليه وسلم فقال : يا رسول الله ! أرأيت إن أعطيت هذا اليتيم هذا العذق , ألي

مثله في الجنة ? قال : نعم , فأعطاه إياه , قال : فكان النبي صلى الله عليه

وسلم يقول : فذكر حديث الترجمة نحوه . قلت : كعب بن مالك صحابي معروف و لم

يدركه الزهري , و لذلك قال الشيخ الأعظمي - رحمه الله - في التعليق عليه : " و

لعل الصواب : عبد الرحمن بن كعب بن مالك " . أي فهو مرسل أيضا . و الله أعلم .

و حديث الترجمة قال فيه الهيثمي ( 9 / 324 ) : " رواه أحمد و الطبراني , و

رجالهما رجال الصحيح " . ثم ذكر له شاهدا من حديث عبد الرحمن بن أبزى باختصار

القصة , لكن سقط من الناسخ أو الطابع تخريج الحديث و الكلام عليه . و الله

سبحانه و تعالى أعلم .

2965 " خرج صلى الله عليه وسلم [ إلى خيبر ] حين استخلف سباع بن عرفطة على المدينة ,

قال أبو هريرة : قدمت المدينة مهاجرا فصليت الصبح وراء سباع , [ فقرأ في الركعة

الأولى *( كهيعص )* ] , و قرأ في الركعة الثانية *( ويل للمطففين )* , قال أبو

هريرة : فأقول في الصلاة : ويل لأبي فلان ! له مكيالان , إذا اكتال اكتال

بالوافي , و إذا كال كال بالناقص , فلما فرغنا من صلاتنا أتينا سباعا فزودنا

شيئا حتى قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم و قد افتتح خيبر , فكلم

المسلمين , فأشركونا في سهمانهم " .

 

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1134 :

 

أخرجه البخاري في " التاريخ الصغير " ( ص 11 - 12 ) و ابن حبان ( 467 ) و ابن

سعد ( 4 / 327 - 328 ) و أحمد ( 2 / 345 - 346 ) و البزار ( 3 / 79 / 2281 ) و

الفسوي في " المعرفة " ( 3 / 160 ) و الحاكم ( 3 / 36 ) و البيهقي في " دلائل

النبوة " ( 4 / 198 - 199 ) , من طريق عراك بن مالك عن # أبي هريرة # قال :

فذكره . و السياق للفسوي , و هو للبخاري و البزار و الحاكم مختصر , و الزيادة

لأحمد و ابن سعد و البيهقي , و قال الحاكم : " صحيح " . و وافقه الذهبي , و

عزاه الحافظ ( 7 / 489 ) لابن خزيمة أيضا و أقره .

2966 " كان يسجد على أليتي الكف " .

 

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1135 :

 

أخرجه ابن خزيمة في " صحيحه " ( 1 / 323 / 639 ) و من طريقه ابن حبان ( 490 -

موارد ) و الحاكم ( 1 / 227 ) و عنه البيهقي ( 2 / 107 ) و أحمد ( 4 / 295 ) من

طرق عن الحسين بن واقد : حدثني أبو إسحاق قال : سمعت # البراء بن عازب # قال :

فذكره مرفوعا . و قال الحاكم : " صحيح على شرطهما " ! و وافقه الذهبي ! كذا

قالا , و الحسين بن واقد إنما أخرج له البخاري تعليقا , فهو على شرط مسلم وحده

, و أبو إسحاق هو عمرو بن عبد الله السبيعي , و يخشى جانبه - مع ثقته - من جهة

تدليسه و اختلاطه . أما تدليسه , فقد أمناه بتصريحه بالسماع . و أما الاختلاط ,

فلا أدري إذا كان الحسين سمع منه قبل الاختلاط أم لا , إلا أن البيهقي قد روى

بسنده عن جمع قالوا : حدثنا شعبة قال : أنبأني أبو إسحاق عن البراء قال : " إذا

سجد أحدكم فليسجد على ألية الكف " . و قال ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 1 /

261 ) : حدثنا وكيع عن شعبة به . و شعبة سمع من أبي إسحاق قبل الاختلاط , فصح

الإسناد و الحمد لله . لا يقال : هذا موقوف , لأننا نقول : هو في حكم المرفوع ,

لأن مثله لا يقال بالرأي كسائر هيئات الصلاة , فإنها عبادة محضة , و لاسيما و

قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم الأمر بوضع الكفين في السجود و الادعام

عليهما , و هو مخرج في " صفة الصلاة " , و ذلك يستلزم السجود على أليتي الكف

كما هو ظاهر . قال ابن الأثير في " النهاية " : " أرد ألية الإبهام و ضرة

الخنصر فغلب , كالعمرين و القمرين " .

2967 " لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات , أو ليختمن الله على قلوبهم , ثم ليكونن من

الغافلين " .

 

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1136 :

 

أخرجه مسلم ( 3 / 10 ) و الطحاوي في " مشكل الآثار " ( 4 / 232 ) و البيهقي في

" السنن الكبرى " ( 3 / 171 ) و ابن عساكر في " تاريخ دمشق " ( 5 / 229 ) من

طرق عن أبي توبة : حدثنا معاوية - و هو ابن سلام - عن زيد - يعني أخاه - أنه

سمع أبا سلام قال : حدثني الحكم بن ميناء أن # عبد الله بن عمرو و أبا هريرة #

أنهما سمعا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على أعواد منبره : فذكره . و من

هذا الوجه أخرجه ابن خزيمة في " صحيحه " ( 3 / 175 / 1855 ) و من طريقه ابن

عساكر أيضا , لكن وقع عندهما مخالفتان في السند : إحداهما : حدثنا الربيع بن

نافع عن أبي توبة ! و الربيع هذا هو نفسه أبو توبة ! فالظاهر أن حرف ( عن )

مقحم من بعض النساخ , و من الظاهر أنه قديم حتى وصل إلى ابن عساكر هكذا

بالإقحام ! و الأخرى : أنهما ذكرا ( أبا سعيد ) مكان ( ابن عمر ) , و لا أدري

ممن الوهم ? و قد تابعه يحيى بن حسان عند الدارمي ( 1 / 368 ) و ابن شعيب عند

ابن عساكر كلاهما عن معاوية بن سلام به مثل رواية مسلم و الجماعة . و ابن حسان

من رجال الشيخين . و ابن شعيب اسمه محمد بن شعيب بن شابور , و هو ثقة , فهي

متابعة قوية . و خالفهم الوليد فقال : أخبرنا معاوية بن سلام عن أبي سلام

الأسود به . فلم يذكر بينهما زيد بن سلام . أخرجه ابن عساكر أيضا . و لا ضير من

هذه المخالفة لأن الوليد - و هو ابن مسلم - معروف بأنه كان يدلس تدليس التسوية

, فمن المحتمل أن يكون إسقاطه إياه من بينهما من تدليسه . و يحتمل أنه لم يحفظه

, و من حفظ حجة على من لم يحفظ , و لاسيما و المخالفون له ثلاثة ثقات . و قد

توبع معاوية بن سلام , فقال الطيالسي في " مسنده " ( 263 / 1952 و 357 / 2735 )

: حدثنا هشام عن يحيى بن أبي كثير , أن أبا سلام حدث أن الحكم بن ميناء حدث أن

عبد الله بن عمر و عبد الله بن عباس حدثا أنهما سمعا رسول الله صلى الله عليه

وسلم يقول على أعواد منبره : فذكره . و من هذا الوجه أخرجه ابن أبي شيبة في "

المصنف " ( 2 / 154 ) و أحمد ( 1 / 239 و 335 و 2 / 84 ) و ابن عساكر ( 5 / 230

) و كذا أبو يعلى ( 10 / 110 - 111 ) و عنه ابن حبان ( 4 / 197 - 198 ) . و هذا

إسناد رجاله ثقات , رجال مسلم , لكن ظاهره الانقطاع بين يحيى بن أبي كثير و أبي

سلام , و اسمه ممطور . و قد أدخل بعضهم بينهما زيد بن سلام , فقال أحمد ( 1 /

254 ) : حدثنا عفان حدثنا أبان العطار حدثنا يحيى بن أبي كثير عن زيد عن أبي

سلام عن الحكم بن ميناء به . و هذا إسناد ظاهره الاتصال , لكن أخرجه ابن عساكر

من طريق أحمد بإسناده المذكور , لكنه قال : " .. عن زيد بن سلام عن الحكم .. "

, فانقطع بين زيد و الحكم ! و كذلك أخرجه ابن عساكر من طريق أبي يعلى بسنده عن

عفان به . و هكذا هو في " مسند أبي يعلى " ( 10 / 143 - 144 ) , لكن وقع فيه :

" زيد أبي سلام " ! و هذا خطأ بلا شك , لأن زيدا لا يعرف بهذه الكنية : " أبي

سلام " , و إنما هي كنية جده ممطور كما تقدم , فلا أدري إذا كان الصواب ما في

رواية ابن عساكر عن أبي يعلى : " زيد بن سلام " , أم ما في " مسند أحمد " : "

زيد عن أبي سلام " ? و الكل محتمل . و الله أعلم بالصواب , فالإسناد جد مضطرب

من رواية هشام - و هو الدستوائي - , و قد بين ذلك الحافظ ابن عساكر , و المعتمد

رواية معاوية بن سلام كما يأتي . و من ذلك ما رواه النسائي ( 1 / 202 ) و

الطحاوي أيضا , و البيهقي ( 3 / 171 - 172 ) من طرق أخرى عن أبان العطار عن

يحيى بن أبي كثير عن زيد بن سلام عن الحضرمي بن لاحق عن الحكم بن ميناء به . و

ثمة بعض الوجوه الأخرى من الاختلاف على يحيى بن أبي كثير , من الصعب المراجحة

بينها , و من شاء الوقوف عليها رجع إلى ابن عساكر , و " مصنف عبد الرزاق " ( 3

/ 166 / 5168 ) و هي مع ذلك تدل على أن للحديث أصلا أصيلا عن الحكم بن ميناء

تقوي رواية معاوية بن سلام المذكورة في أول التخريج , و عليها اعتمد مسلم , و

رجحها البيهقي , فقال عقب رواية أبان و هشام المتقدمتين : " و رواية معاوية بن

سلام عن أخيه زيد أولى أن تكون محفوظة . و الله أعلم " . و قد وجدت لحديث ابن

عمر طريقا أخرى , يرويه فرج بن فضالة عن يحيى بن سعيد عن نافع عنه قال : سمعت

النبي صلى الله عليه وسلم يخطب على هذا المنبر و هو يقول : فذكره . أخرجه أبو

نعيم في " أخبار أصبهان " ( 2 / 213 ) . و فرج بن فضالة ضعيف . و شاهدا يرويه

إسماعيل بن عياش عن عبد العزيز بن عبيد الله عن محمد بن عمرو بن عطاء عن عبد

الله بن كعب بن مالك عن أبيه مرفوعا . أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (

19 / 99 / 197 ) . و عبد العزيز بن عبيد الله , و هو الحمصي , قال الحافظ : "

ضعيف لم يرو عنه غير إسماعيل بن عياش " .

2968 " كان يخرج يوم الأضحى و يوم الفطر فيبدأ بالصلاة , فإذا صلى صلاته و سلم قام [

قائما ] [ على رجليه ] , فأقبل على الناس [ بوجهه ] و هم جلوس في مصلاهم , فإن

كان له حاجة ببعث ذكره للناس , أو كانت له حاجة بغير ذلك أمرهم بها , و كان

يقول : " تصدقوا تصدقوا تصدقوا " . و كان أكثر من يتصدق النساء , ثم ينصرف " .

 

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1139 :

 

أخرجه مسلم ( 3 / 20 ) - و السياق له - , و النسائي في " الصغرى " و " الكبرى "

أيضا ( 1 / 549 / 1785 ) - و الزيادة الثالثة له - , و ابن ماجه ( 1288 ) و

الزيادة الثانية له , و ابن خزيمة في " صحيحه " ( 1449 ) و الزيادة الثالثة له

أيضا , و ابن حبان ( 3311 ) و البيهقي ( 3 / 297 ) و لهما الزيادة الأولى , و

عبد الرزاق في " المصنف " ( 3 / 280 / 5634 ) و عنه أحمد ( 3 / 54 ) و ابن أبي

شيبة في " مصنفه " ( 2 / 188 و 3 / 110 - 111 ) و أحمد أيضا ( 3 / 36 و 42 و 54

) و أبو يعلى في " مسنده " ( 2 / 498 / 1343 ) من طرق عن داود بن قيس عن عياض

بن عبد الله بن سعد عن # أبي سعيد الخدري # مرفوعا . و تابعه زيد بن أسلم عن

عياض بن عبد الله به مع بعض الاختصار . أخرجه البخاري ( 956 ) و البيهقي ( 3 /

280 ) , و قد سقت لفظه في " الإرواء " ( 3 / 98 / 630 ) و للحديث تتمة من

الوجهين تراها هناك . هذا , و اعلم أن زيادة " على رجليه " مع صحة سندها عند

ابن ماجه من روايته عن أبي أسامة عن داود بن قيس - و اسمه حماد بن أسامة - و هو

ثقة ثبت , و صرح بالتحديث , فإن سياق الحديث يؤكدها و يدل عليها كما هو ظاهر

ظهورا جليا , و مع ذلك فقد توبع أبو أسامة عليها , فقال الإمام أحمد ( 3 / 31 )

: حدثنا وكيع : حدثنا داود بن قيس به مختصر جدا بلفظ : " خطب قائما على رجليه "

. و بهذا الإسناد و الاختصار أخرجه ابن أبي شيبة أيضا في " المصنف " ( 2 / 189

) لكن بلفظ : " خطب يوم عيد على راحلته " . كذا وقع فيه : " راحلته " , و ترجم

له بقوله : " الخطبة يوم العيد على البعير " ! و لست أدري - والله - كيف وقع له

هذا , و لكني أعلم أن مثل هذا التحريف أو التصحيف وقع فيه كثير من الحفاظ , و

في ذلك ألف أبو أحمد العسكري كتابه القيم : " تصحيفات المحدثين " , فراجعه

لتتيقن أنه " ما يسلم أحد من زلة و لا خطأ إلا من عصم الله " كما قال العسكري

في خطبة كتابه . و من الغرائب أن هذا التصحيف تسرب إلى مصادر حديثية أخرى تلي "

المصنف " في الطبقة بدرجة أو أكثر , مثل " مسند أبي يعلى " ( 2 / 402 / 1182 )

و " صحيح ابن خزيمة " ( 2 / 348 / 1445 ) و " صحيح ابن حبان - الإحسان " ( 4 /

210 / 2814 ) و كذا في " موارد الظمآن " ( 151 / 575 ) و " أحكام العيدين "

للفريابي ( 139 / 101 ) و " مجمع الزوائد " ( 2 / 205 ) برواية أبي يعلى . و لم

يتنبه لهذا المعلقون على بعض هذه المصادر , مثل المعلق على " الإحسان " طبع

المؤسسة ( 7 / 65 ) و المعلق على " مسند أبي يعلى " ( 2 / 402 ) مع أنهما عزياه

لـ " صحيح ابن خزيمة " بالرقم المذكور , و فيه ما ينبه المتيقظ على أنه خطأ من

الناسخ , و أن اللفظ عنده وقع على الصواب : " رجليه " , لأنه ترجم له بما يدل

عليه بخلاف ما تقدم عن ابن أبي شيبة , فقال ابن خزيمة : " باب الخطبة قائما على

الأرض إذا لم يكن بالمصلى منبر " . ثم قال عقب الحديث : " هذه اللفظة ( يعني "

رجليه " و لابد ) تحتمل معنيين : أحدهما : أنه خطب قائما لا جالسا . و الثاني :

أنه خطب على الأرض " . و أقول : بل هو يحتملهما معا , كما يدل عليه سياق الحديث

. و لذلك قال الحافظ في شرح قول أبي سعيد في سياق البخاري المشار إليه آنفا : "

.. ثم ينصرف فيقوم مقابل الناس " ( 2 / 449 ) : " في رواية ابن حبان من طريق

داود بن قيس عن عياض : " فينصرف إلى الناس قائما في مصلاه " , و لابن خزيمة في

رواية مختصرة : " خطب يوم عيد على رجليه " . و هذا مشعر بأنه لم يكن بالمصلى في

زمانه صلى الله عليه وسلم منبر " . تنبيه على أوهام : أولا : ساق ابن القيم

رحمه الله في " هديه صلى الله عليه وسلم في العيدين " من كتابه القيم : " زاد

المعاد " حديث الترجمة بتمامه , لكن بلفظ : " فيقف على راحلته " ! و لم يعزه

لأحد , و مع ذلك زعم المعلقان عليه ( 1 / 445 ) : " إسناده صحيح , و سيذكر

المصنف رجال السند بعد قليل " ! كذا قالا ! و ليس فيه ذكر للفظ الراحلة كما

يأتي . و أنا أرى - و الله أعلم - أن السياق الذي في " الزاد " هو لابن ماجه ,

لا يختلف عنه إلا في أحرف يسيرة , لأن لفظه في النسخ المطبوعة هو باللفظ

المذكور إلا " الراحلة " , فهو فيها " رجليه " , فالظاهر أن نسخة ابن ماجه عند

ابن القيم وقع فيها بلفظ " راحلته " ! و لذلك عقب عليه ابن القيم رحمه الله

بقوله : " و قد كان يقع لي أن هذا وهم , فإن النبي صلى الله عليه وسلم إنما كان

يخرج إلى العيد ماشيا و العنزة بين يديه , و إنما خطب عل راحلته يوم النحر بمنى

, إلى أن رأيت بقي ابن مخلد الحافظ قد ذكر هذا الحديث في " مسنده " عن أبي بكر

بن أبي شيبة : حدثنا عبد الله بن نمير : حدثنا داود بن قيس .. " . قلت : فساق

الحديث بتمامه , و لقد أبعد النجعة , فالحديث عند ابن أبي شيبة في " المصنف "

كما تقدم في تخريجه , و هو من رواية بقي بن مخلد عنه . ثم ساق من رواية أبي بكر

بن خلاد : حدثنا أبو عامر : حدثنا داود .. و هذا في " مسند أحمد " ( 3 / 36 ) و

ليس فيه كسابقه ذكر الراحلة , و السياق يباينها كما تقدم مني بيانه , و لذلك

ختم ابن القيم كلامه بقوله : " و لعله : " يقوم على رجليه " كما قال جابر : "

قام متوكئا على بلال " , فتصحف على الكاتب : " براحلته " . و الله أعلم " . فمن

غرائب المعلقين المشار إليهما , أنهما لما خرجا حديث داود هذا عزياه لبعض من

تقدم ذكرهم في التخريج , و منهم ابن ماجه بالرقم المذكور ثمة دون أن يذكرا أن

الحديث فيه باللفظ المحفوظ : " رجليه " , و لا هما عزياه لأحمد بهذا اللفظ

المؤيد لما دندن حوله ابن القيم استنباطا منه من سياق الروايتين عنده , فكأن

المقصود هو تزيين الكتاب بالتخريج دون التحقيق . و الله المستعان . ثانيا : من

التحقيق المتقدم يتبين خطأ الحافظ ابن حجر في " التلخيص الحبير " ( 2 / 86 ) في

عزوه لرواية ابن حبان المختصرة الشاذة - للنسائي و ابن ماجه و أحمد , كما أنه

لم ينبه على شذوذها و مخالفتها لرواية ابن خزيمة التي اعتمدها في " الفتح " , و

لرواية مسلم و الجماعة المبينة أنه صلى الله عليه وسلم خطب قائما . و قد قلده

في ذلك كله الشوكاني في " نيل الأوطار " ( 3 / 260 ) و الصنعاني في " سبل

السلام " ( 2 / 79 ) في سكوته عن رواية ابن حبان الشاذة ! ثالثا : استدل

الشيرازي في " المهذب بهذا الحديث الشاذ على أنه يجوز أن يخطب من قعود ! و إذا

عرفت أن الحديث ضعيف لشذوذه لم يجز الاستدلال به , و بخاصة أن الأحاديث الأخرى

صريحة في خطبته صلى الله عليه وسلم قائما في المصلى . و من الغريب أن النووي

سكت عن الحديث فلم يخرجه في " المجموع " ( 5 / 22 - 23 ) خلافا لعادته ! كما

أنه وافقه على القول بالجواز ! مع أنه مخالف للدليل الذي استدل به على رد القول

بالاعتداد بالخطبة قبل صلاة العيد , فقال عقبه ( 5 / 25 ) : " و الصحيح بل

الصواب أنه لا يعتد بها لقوله صلى الله عليه وسلم : و صلوا كما رأيتموني أصلي "

. فيا سبحان الله ! ما الفرق بين الخطبة قبل الصلاة , و بين القعود فيها , و

كلاهما مخالف للسنة ?! رابعا : أورد الشيخ أحمد البنا رحمه الله حديث أحمد

المختصر : " خطب قائما على رجليه " في " أبواب صلاة الجمعة " من كتابه الكبير "

الفتح الرباني في ترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني " ( 6 / 88 ) لأنه

قال في تخريجه : " لم أقف عليه لغير الإمام أحمد , و سنده جيد " . و لقد كان

حقه أن يورده في " العيدين " لو أنه استحضر بعض الروايات المتقدمة , و بخاصة ما

كان منها في " مسند الإمام أحمد " الذي رتبه على الأبواب الفقهية , فإن من

المفروض أن يكون مستحضرا لها , و لكن صدق الله : *( و ما تشاؤون إلا أن يشاء

الله رب العالمين )* .

2969 " كان قد نهانا عن أن نأكل لحوم نسكنا فوق ثلاث , ( قال ) : فخرجت في سفر , ثم

قدمت على أهلي , و ذلك بعد الأضحى بأيام , ( قال ) : فأتتني صاحبتي بسلق قد

جعلت فيه قديدا , فقلت لها : أنى لك هذا القديد ? فقالت : من ضحايانا , ( قال :

) فقلت : لها : أو لم ينهنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أن نأكلها فوق

ثلاث , قال : فقالت : إنه قد رخص للناس بعد ذلك , قال : فلم أصدقها حتى بعثت

إلى أخي قتادة بن النعمان - و كان بدريا - أسأله عن ذلك ? قال : فبعث إلي : أن

كل طعامك فقد صدقت , قد أرخص رسول الله صلى الله عليه وسلم للمسلمين في ذلك " .

 

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1144 :

 

أخرجه أحمد ( 4 / 15 ) عن محمد بن إسحاق قال : حدثني محمد بن علي بن حسين بن (

! ) جعفر , و أبي إسحاق بن يسار عن عبد الله بن خباب - مولى بني عدي بن النجار

- عن # أبي سعيد الخدري # فذكره . قلت : و هذا إسناد جيد صرح فيه ابن إسحاق

بالتحديث , رواه عن شيخيه أحدهما أبوه إسحاق بن يسار , و الآخر محمد بن علي بن

حسين , و هو ابن علي بن أبي طالب , و هو ثقة فاضل يكنى بأبي جعفر , فالظاهر أن

أداة الكنية ( أبو ) تحرفت في السند إلى ( ابن ) ! <1> . و الحديث سكت عنه

الحافظ في " الفتح " ( 10 / 25 ) , ففيه إشارة إلى تقويته إياه . و قال الهيثمي

في " المجمع " ( 4 / 26 ) : " رواه أحمد , و رجاله ثقات " . و قد توبع أبو جعفر

و قرينه إسحاق بن يسار , فقال يحيى بن سعيد - و هو الأنصاري القاضي - عن القاسم

بن محمد عن ابن خباب - هو عبد الله بن خباب - أن أبا سعيد بن مالك الخدري رضي

الله عنه قدم من سفر , و في رواية : عن القاسم أن ابن خباب أخبره أنه سمع أبا

سعيد يحدث أنه كان غائبا فقدم .. الحديث نحوه مختصرا دون قصة المرأة . أخرجه

البخاري ( 3997 و 5568 ) و الرواية الأخرى له , و النسائي ( 2 / 208 - 209 ) و

البيهقي ( 9 / 292 ) .

و ليحيى بن سعيد <2> فيه إسناد آخر , فقال : حدثنا سعد بن إسحاق قال : حدثتني

زينب بنت كعب عن أبي سعيد : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن لحوم

الأضاحي فوق ثلاثة أيام , ثم رخص أن نأكل و ندخر . قال : فقدم قتادة بن النعمان

- أخو أبي سعيد - فقدموا إليه من قديد الأضاحي . الحديث نحو روايته السابقة و

دون قصة المرأة , لكنه قلب المتن جعل راوي الرخصة أبا سعيد , و الممتنع قتادة

بن النعمان ! و المحفوظ الأول كما قال المزي .

أخرجه النسائي أيضا , و أحمد ( 3 / 23 ) و أبو يعلى ( 2 / 281 / 997 ) و عنه

ابن حبان ( 7 / 567 / 8596 ) من طرق عن يحيى به . و خالفهم في المتن أنيس بن

عمران عن سعد بن إسحاق .. بسنده المذكور عن أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه

وسلم .. فذكره مختصرا دون قصة قتادة ! أخرجه الطحاوي ( 2 / 308 ) . لكن أنيس

هذا ليس بالمشهور , قال ابن أبي حاتم ( 1 / 1 / 335 ) : " سألت أبي عنه ? فقال

: هو شيخ " . و قال : " مصري , روى عنه أبو عبد الرحمن المقرىء " . قلت : و روى

عنه أيضا يونس بن عبد الأعلى الصدفي المصري , شيخ الطحاوي في هذا الحديث . و قد

وقع في اسم والد أنيس خطأ مطبعي في كتاب الطحاوي : " عياض " <3> , فصححته من "

الجرح " و " الثقات " ( 8 / 134 ) , و وقع في هذا أخطاء مطبعية و علمية أخرى

نبهت عليها في كتابي " تيسير الانتفاع " , كما أن اسمه " أنيس " وقع في ترجمة

يونس المترجم في " تهذيب المزي " ( أنس ) مكبرا , و هو خطأ لعله مطبعي . هذا و

لعل القلب الواقع في رواية يحيى القطان إنما هو من زينب بنت كعب , فإنها ليست

بالمشهورة , و لم يوثقها غير ابن حبان , فلا شك أن رواية عبد الله بن خباب هي

التي ينبغي الاعتماد عليها كما أشار إلى ذلك الحافظ المزي فيما تقدم , و نحوه

قول الحافظ في " الفتح " ( 10 / 25 ) : " و ما في " الصحيحين " أصح " . لكن

قوله : " الصحيحين " , لعله سبق قلم أو خطأ مطبعي , لأن مسلما لم يخرجه إلا من

طريق أخرى ليس فيها قصة قتادة , يرويه الجريري عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري

: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " يا أهل المدينة ! لا تأكلوا لحوم

الأضاحي فوق ثلاثة أيام " . قال : فشكوا إليه أن لهم عيالا و خدما , فقال : "

كلوا , و أطعموا , و احبسوا " . أخرجه مسلم ( 6 / 81 ) و أحمد ( 3 / 85 ) و أبو

يعلى ( 1196 ) و عنه ابن حبان ( 5898 ) . و تابعه ابن سيرين عن أبي سعيد به

مختصرا . أخرجه النسائي ( 2 / 209 ) . و ربيعة بن أبي عبد الرحمن عنه مثل رواية

عبد الله بن خباب , إلا أنه لم يسم قتادة بن النعمان . أخرجه مالك ( 2 / 36 -

37 ) عنه . و السند صحيح إن كان ربيعة سمعه من أبي سعيد , فقد صرح ابن عبد البر

في " التمهيد " ( 3 / 214 ) أنه لم يسمع منه . و تابعه زبيد أيضا أن أبا سعيد

الخدري أخبره أنه أتى أهله فوجد عندهم قصعة ثريد و لحم من لحم الأضاحي ..

الحديث , مثل رواية عبد الله بن خباب .. أخرجه الطحاوي ( 2 / 307 ) من طريق

عمرو بن خالد قال : أخبرنا ابن لهيعة عن أبي الزبير عن زبيد .. و رجاله ثقات ,

لكن ابن لهيعة سيىء الحفظ , لكنه قد توبع , فقال ابن جريج : قال سليمان بن موسى

: أخبرني زبيد أن أبا سعيد أتى أهله .. الحديث . أخرجه أحمد ( 4 / 15 ) . و ابن

جريج مدلس , و قد رواه بصيغة التعليق ( قال ) ! لكنه قال في رواية أخرى عند

أحمد : أخبرني أبو الزبير عن جابر نحو حديث زبيد هذا عن أبي سعيد , لم يبلغ كل

ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم . ( تنبيه ) : هذه الروايات كلها ما صح منها و

ما ضعف تدل على أن أبا سعيد رضي الله عنه لم يسمع الرخصة بالادخار من رسول الله

صلى الله عليه وسلم , و إنما تلقاها من أخيه قتادة بن النعمان كما في حديث

الترجمة , فهو من مراسيل الصحابة . فما في " المسند " ( 3 / 63 و 66 ) من رواية

فليح عن محمد بن عمرو بن ثابت عن أبيه عن أبي سعيد أنه سمع ذلك من النبي صلى

الله عليه وسلم , فهو منكر , و علته محمد بن عمرو هذا - و هو العتواري - لا

يعرف إلا بهذه الرواية . و أما ابن حبان فذكره في " الثقات " ( 7 / 374 و 422 )

, فمثله لا يحتج به , و بخاصة عند المخالفة .

 

-----------------------------------------------------------

[1] ثم رأيت البيهقي قد روى الحديث ( 9 / 292 ) مثل رواية أحمد لكن قال : " أبو

جعفر " .

[2] لكن يحتمل أنه ليس هو الأنصاري , و إنما القطان التميمي , و به جزم المزي

في " التحفة " ( 8 / 278 ) .

[3] و لم يتنبه لذلك المعلق على " مسند أبي يعلى " فنقله ( 2 / 282 ) كما هو !

و كذلك فعل المعلق على " الإحسان " ( 13 / 249 ) , بل زاد - ضغثا على إبالة -

فقال : " و قد تحرف ( أنس ) إلى ( أنيس ) " اغترارا منه بخطئه في " تهذيب المزي

" !! . اهـ .

2970 " إن أمة من بني إسرائيل مسخت , و أنا أخشى أن تكون هذه . يعني الضباب " .

 

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1149 :

 

أخرجه ابن حبان ( 1070 - موارد ) و الطحاوي في " شرح المعاني " ( 2 / 314 ) و "

مشكل الآثار " ( 4 / 278 ) و البيهقي ( 9 / 325 ) و ابن أبي شيبة في " المصنف "

( 8 / 266 ) و أحمد ( 4 / 196 ) و أبو يعلى ( 2 / 231 / 931 ) و البزار ( 2 /

66 / 1217 ) من طرق عن الأعمش عن زيد بن وهب عن # عبد الرحمن بن حسنة # قال :

كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر , فأصبنا ضبابا , فكانت القدور

تغلي , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره . قال : " فأكفأناها و إنا

لجياع " . و السياق لابن أبي شيبة . و زاد أحمد في رواية : " فأكفئوها .

فأكفأناها " . و لفظ أبي يعلى , و من طريقه ابن حبان : " فأمر فكفأناها و إنا

لجياع " . و قال البزار : " لا نعلم روى ابن حسنة إلا هذا و آخر , و قد خالف

حصين الأعمش , فقال : عن زيد ابن وهب عن حذيفة " . و قال في حديث حذيفة : "

هكذا رواه حصين عن زيد , و خالفه الأعمش و الحكم بن عتيبة و عدي بن ثابت , خالف

كل واحد منهم صاحبه " . قلت : و بيان هذا الذي أجمله البزار فيما يلي : أولا :

حديث الأعمش بسنده المذكور عن عبد الرحمن بن حسنة هذا , قد صرح الأعمش بالتحديث

في رواية للطحاوي , فالسند صحيح . و أما حديثه الآخر الذي أشار إليه البزار ,

فهو في " سنن أبي داود " و غيره بإسناد الأعمش هذا عنه في الاحتراز من البول ,

و قد صححه ابن حبان أيضا , و الحاكم و الذهبي . و هو مخرج في " صحيح أبي داود "

( 16 ) و غيره . ثانيا : حديث عدي بن ثابت , يرويه شعبة عنه عن زيد بن وهب عن

ثابت بن وداعة عن النبي صلى الله عليه وسلم به مختصرا ليس في الإكفاء . رواه

النسائي ( 2 / 199 ) و أحمد ( 4 / 320 ) و الطبراني في " المعجم الكبير " ( 2 /

74 / 1365 ) نحوه . و تابعه حصين - و هو ابن عبد الرحمن السلمي - عن زيد بن وهب

به . أخرجه النسائي ( 2 / 198 - 199 ) و كذا أبو داود ( 3795 ) و البخاري في "

التاريخ " ( 1 / 2 / 170 - 171 ) و ابن ماجه ( 3238 ) و الطحاوي كلاهما من طريق

ابن أبي شيبة , و هذا في " المصنف " ( 8 / 273 / 4415 ) و أحمد أيضا , و

الطبراني ( 1366 و 1367 ) من طرق عنه , و زاد النسائي و غيره : " قلت : يا رسول

الله ! إن الناس قد أكلوا منها ? قال : فما أمر بأكلها , و لا نهى " . و هذا

إسناد صحيح كما قال الحافظ في " الفتح " ( 9 / 663 ) بعد أن عزاه لأبي داود و

النسائي . و تابعه أيضا يزيد بن أبي زياد : سمعت زيد بن وهب الجهني به مختصرا .

أخرجه الطيالسي ( 1222 ) : حدثنا شعبة قال : أخبرني زياد بن أبي زياد به . قلت

: و زياد هذا هو الهاشمي مولاهم , لا بأس به في المتابعات و الشواهد . ثالثا :

و خالفهم الحكم بن عتيبة , فقال : عن زيد بن وهب عن البراء بن عازب عن ثابت بن

وديعة , فزاد في السند البراء بلفظ : أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم بضب

, فقال : " إن أمة مسخت , و الله أعلم " . أخرجه النسائي و البخاري أيضا , و

الدارمي ( 2 / 92 ) و ابن أبي شيبة ( 8 / 267 ) و البيهقي و الطيالسي ( 1220 )

و أحمد أيضا كلهم من طرق عن شعبة عنه . و خالفهم عبيد الله بن موسى , فقال :

حدثنا شعبة عن حصين عن زيد بن وهب عن حذيفة مرفوعا بلفظ : " إن الضب أمة مسخت

دواب في الأرض " . أخرجه البزار ( 1215 ) : حدثنا أحمد بن يحيى حدثنا عبيد الله

بن موسى . و قد تبين لنا من هذه الروايات أن مدارها على زيد بن وهب رحمه الله ,

و أن الرواة اختلفوا عليه في إسناده , و في بعض ألفاظه . أما الاختلاف في

الإسناد فيتلخص في الوجوه الأربعة التالية : 1 - الأعمش عن زيد بن وهب عن عبد

الرحمن بن حسنة رضي الله عنه . 2 - عدي بن ثابت عن زيد بن وهب عن ثابت بن وداعة

أو وديعة رضي الله عنه . 3 - الحكم عن زيد بن وهب عن البراء بن عازب عن ثابت .

4 - الحكم عن حصين عن زيد بن وهب عن حذيفة . و يبدو لي - و الله أعلم - أن هذا

الاختلاف هو من باب اختلاف التنوع لا التضاد , و أن هذه كلها صحيحة ثابتة عن

زيد بن وهب , و ذلك لأن كل رواته من الثقات الحفاظ لا مطعن فيهم و لا مغمز , و

لأن زيدا هذا من كبار التابعين المخضرمين , و قد ذكروا أنه رحل إلى النبي صلى

الله عليه وسلم , فقبض و هو في الطريق , و هو إلى ذلك ثقة جليل , حتى قال

الأعمش راوي الوجه الأول عنه : " إذا حدثك زيد بن وهب عن أحد فكأنك سمعته من

الذي حدثك عنه " . و قد لقي جماعة من كبار الصحابة و روى عنهم مثل عمر رضي الله

عنه , فلا يستبعد عن مثله أن يكون سمع الحديث من الصحابة الثلاثة المذكورين في

تلك الوجوه : عبد الرحمن بن حسنة . ثابت بن وداعة . تارة عنه مباشرة , و تارة

بواسطة البراء . حذيفة بن اليمان . و كثيرا ما يحدث الراوي الحافظ بالواسطة عن

شيخ له , ثم يتيسر له الاتصال بشيخه , و السماع منه مباشرة لما كان سمعه من قبل

بالواسطة عنه . و هذا أمر معروف عند المشتغلين بهذا العلم الشريف . و القول

بصحة هذه الوجوه أولى عندي من ترجيح وجه منها على وجه , لعدم وجود المرجح على

افتراض التعارض , مثل قول البخاري رحمه الله عقب الحديث : " و حديث ثابت أصح ,

و في نفس الحديث نظر , قال ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم : لا آكله و لا

أحرمه " . و أقول : حديث ابن عمر هذا صحيح متفق عليه بين الشيخين , و رواه مسلم

من حديث أبي سعيد كما يأتي , و لكنه يتعارض مع حديث الترجمة , و بخاصة مع الوجه

المذكور عن ثابت بن وداعة الذي رجحه البخاري رحمه الله , فإن فيه قوله عن النبي

صلى الله عليه وسلم : " فما أمرنا بأكلها , و لا نهى " , بل مطابق لحديث ابن

عمر تمام المطابقة . نعم , هو يتعارض - فيما يبدو - مع الأمر بإكفاء القدور ,

المروي في بعض الطرق عن الأعمش كما تقدم , فإنه يستلزم النهي عن أكله , و

لاسيما و فيه أنهم كانوا جياعا . و قد أجاب عنه ابن حبان بقوله عقب الحديث ( 7

/ 340 - الإحسان ) : " أن النبي صلى الله عليه وسلم قصد به الزجر عن أكل الضباب

, و العلة المضمرة هي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعافها , لا أن أكلها

محرم " . هذا تفصيل الإجمال المتعلق بالإسناد . و أما الاختلاف في الألفاظ ,

فهو ظاهر مما سبق ذكره من بعض الروايات طولا و قصرا , و الخطب في مثل هذا سهل و

مغتفر , لقاعدة زيادة الثقة مقبولة . لكن المهم من ذلك ما سبق الإشارة إليه

آنفا من الأمر بإكفاء القدور , فإنه يبدو أنه لا مجال لإدخالها في القاعدة

المذكورة للأسباب الآتية : الأول : عدم اتفاق الرواة لحديث الأعمش عليه .

الثاني : أنه لم يذكر مطلقا في الطرق الأخرى عن زيد بن وهب , بل في بعضها ما هو

معارض له , أعني طريق حصين بن عبد الرحمن السلمي التي رجحها البخاري , و صرح

الحافظ بصحتها ففيها : " فما أمر بأكلها , و لا نهى " . الثالث : الأحاديث

الأخرى التي ساقها الهيثمي في " المجمع " ( 4 / 36 - 37 ) مثل حديث الترجمة ,

ليس فيها الأمر المذكور , و هي و إن كانت لا تخلو من ضعف , فبعضها يقوي بعضا ,

فيستشهد بها . و يزيدها قوة حديث أبي سعيد الخدري : أن أعرابيا أتى رسول الله

صلى الله عليه وسلم فقال : إني في غائط مضبة , و إنه عامة طعام أهلي ? قال :

فلم يجبه . فقلنا : عاوده , فعاوده , فلم يجبه ( ثلاثا ) . ثم ناداه رسول الله

صلى الله عليه وسلم في الثالثة فقال : " يا أعرابي ! إن الله لعن أو غضب على

سبط من بني إسرائيل فمسخهم دواب يدبون في الأرض , فلا أدري لعل هذا منها , فلست

آكلها , و لا أنهى عنها " . أخرجه مسلم ( 6 / 70 ) و الطحاوي ( 4 / 279 ) من

طريق أبي عقيل بشير بن عقبة : حدثنا أبو نضرة عنه . و تابعه داود بن أبي هند عن

أبي نضرة به نحوه , و قال : " فلم يأمر , و لم ينه , قال أبو سعيد : فلما كان

بعد ذلك قال عمر : إن الله عز وجل لينفع به غير واحد , و إنه لطعام عامة هذه

الرعاء , و لو كان عندي لطعمته ! إنما عافه رسول الله صلى الله عليه وسلم " .

أخرجه مسلم أيضا , و اللفظ له , و ابن ماجه ( 3240 ) و أحمد ( 3 / 5 و 19 و 66

) . و تابعه بشر بن حرب عن أبي سعيد مختصرا . أخرجه أحمد ( 3 / 41 و 42 ) .

2971 " نهى عن ثمن الكلب و السنور " .

 

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1155 :

 

هو من حديث # جابر بن عبد الله الأنصاري # , و له عنه ثلاث طرق : الأولى : أبو

الزبير , و رواه عنه أربعة من الثقات على ضعف في حفظهم : الأول : معقل بن

عبيد الله الجزري عنه قال : سألت جابرا عن ثمن الكلب و السنور ? قال : " زجر

النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك " . أخرجه مسلم ( 5 / 35 ) و البيهقي ( 6 / 10

) .

الثاني : ابن لهيعة : حدثنا أبو الزبير قال : سألت جابرا عن ثمن الكلب و السنور

.. الحديث مثله . أخرجه أحمد ( 3 / 386 ) و هذا لفظه , و ابن ماجه ( 2161 )

مختصرا , و لم يذكر الكلب . لكن ذكره أحمد في رواية أخرى ( 3 / 339 ) و كذا

الطحاوي في " شرحه " ( 2 / 226 ) . الثالث : حماد بن سلمة عنه بلفظ : " نهى عن

ثمن السنور و الكلب , إلا كلب الصيد " . أخرجه النسائي ( 2 / 196 ) و قال عقبه

: " ليس هو بصحيح " . قلت : كأن النسائي يعني زيادة " كلب الصيد " , لتفرد حماد

بن سلمة , و مخالفته للطرق المتقدمة و لغيرها مما يأتي , و للأحاديث الأخرى

المحرمة لثمن الكلب تحريما مطلقا , مثل حديث أبي مسعود البدري , و هو مخرج في "

الإرواء " ( 1291 ) . لكن معنى الاستثناء صحيح دراية , للأحاديث الصحيحة التي

تبيح اقتناء كلب الصيد , و ما كان كذلك حل بيعه , و حل ثمنه كسائر الأشياء

المباحة كما حققه الإمام أبو جعفر الطحاوي في " شرح المعاني " ( 2 / 225 - 229

) , فراجعه فإنه مهم , و لعله من أجل ذلك سكت - أعني الطحاوي - عن حديث حماد

هذا , و قد رواه بإسناده عنه , و لا أراه جيدا , لأنه لا تلازم بين ثبوت الحديث

دراية و ثبوته رواية , فقد ينفك أحدهما عن الآخر , كمثل هذا , فإنه لم يثبت

مبناه , و لكنه ثبت معناه بدليل خارج عنه , و على العكس من ذلك , فقد يكون

الحديث صحيحا إسناده لا شك في ثبوته عن النبي صلى الله عليه وسلم , لكن يكون

منسوخا كحديث : " إنما الماء من الماء " . و ما في معناه . فتنبه لهذا فإنه هام

جدا . و إن مما يؤيد قول النسائي في زيادة حماد هذه , أن حمادا مع جلالة قدره و

إمامته في السنة , فقد تكلم بعضهم فيما يرويه عن غير ثابت , هذا مع أن أبا

الزبير مدلس , و قد عنعن الحديث في رواية حماد عنه كما رأيت , و الله أعلم .

على أنه قد تابعه على هذه الزيادة الحسن بن أبي جعفر عن أبي الزبير به . أخرجه

أحمد ( 3 / 317 ) و أبو يعلى ( 3 / 427 ) و الدارقطني ( 3 / 73 ) لكن الحسن هذا

ضعيف <1> . الرابع : عمر بن زيد الصنعاني أنه سمع أبا الزبير المكي عن جابر أن

النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الهر . و في رواية : أكل الهر و ثمنه .

هكذا مختصرا رواه عبد الرزاق : حدثنا عمر .. به . و من طريق عبد الرزاق أخرجه

أحمد , و ابنه عبد الله في " زوائد المسند " ( 3 / 297 ) و أبو داود ( 3480 ) و

الترمذي ( 1280 ) و الحاكم ( 2 / 34 ) و البيهقي أيضا , و قال الترمذي : " حديث

غريب , و عمر بن زيد , لا نعرف كبير أحد روى عنه غير عبد الرزاق " . و أما

الحاكم فسكت عنه , و تعقبه الذهبي بقوله : " عمر واه " . و قال ابن حبان في "

الضعفاء " ( 2 / 82 ) : " ينفرد بالمناكير عن المشاهير على قلة روايته , حتى

خرج بها عن حد الاحتجاج به فيما لم يوافق الثقات " . ثم ساق له حديثين منكرين

هذا أحدهما , و الآخر مخرج في " الضعيفة " ( 4379 ) , و " الإرواء " ( 1257 ) .

و بكلام الترمذي و ابن حبان أعله ابن الجوزي في " العلل " ( 2 / 106 ) و لم يزد

. الطريق الثانية : يرويه الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قال : " نهى رسول الله

صلى الله عليه وسلم عن ثمن الكلب و السنور " . أخرجه أبو داود ( 3479 ) و ابن

الجارود في " المنتقى " ( 201 / 580 ) و الطحاوي أيضا في " الشرح " , و " مشكل

الآثار " ( 3 / 273 ) و الحاكم أيضا , و البيهقي , و قال الحاكم : " صحيح على

شرط مسلم " . و وافقه الذهبي , و هو كما قالا . و لا يلتفت إلى قول ابن عبد

البر في " التمهيد " ( 8 / 403 ) : " و حديث أبي سفيان عن جابر لا يصح لأنها

صحيفة , و رواية الأعمش في ذلك عندهم ضعيفة " . و لذلك قال البيهقي عقب الحديث

: " و هذا حديث صحيح على شرط مسلم دون البخاري , فإن البخاري لا يحتج برواية

أبي الزبير ( يعني من رواية معقل المتقدمة ) , و لا برواية أبي سفيان [ هذه ] ,

و لعل مسلما إنما لم يخرجه في " الصحيح " لأن وكيع بن الجراح رواه عن الأعمش

قال : قال جابر بن عبد الله , فذكره . ثم قال : قال الأعمش : أرى أبا سفيان

ذكره <2> . فالأعمش كان يشك في وصل الحديث , فصارت بذلك رواية أبي سفيان ضعيفة

. و قد حمله بعض أهل العلم على الهر إذا توحش فلم يقدر على تسليمه , و منهم من

زعم أن ذلك كان في ابتداء الإسلام حين كان محكوما بنجاسته , ثم حين صار محكوما

بطهارة سؤره حل ثمنه , و ليس على هذين القولين دلالة بينة . و الله أعلم " .

الطريق الثالثة : يرويه ابن لهيعة أيضا عن خير بن نعيم عن عطاء عن جابر : أن

النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الكلب , و نهى عن ثمن السنور . أخرجه أحمد

( 3 / 339 ) : حدثنا إسحاق بن عيسى حدثنا ابن لهيعة . قلت : و رجاله ثقات رجال

مسلم غير ابن لهيعة , و هو سيىء الحفظ , يستشهد به . لكن ذكر عبد الله بن أحمد

عن أبيه في " العلل " ( 1 / 237 / 1490 ) أن إسحاق بن عيسى لقي ابن لهيعة قبل

احتراق كتبه . و عليه فالسند جيد . و قد تابعه حيوة بن شريح : أخبرنا خير بن

نعيم الحضرمي . أخرجه الدارقطني ( 3 / 72 / 272 ) . و حيوة ثقة , لكن الراوي

عنه وهب الله أبو زرعة الحجري متكلم فيه . و عطاء هو ابن أبي رباح , و قد رواه

عنه قيس بن سعد عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ : " إن مهر البغي , و ثمن الكلب و

السنور , و كسب الحجام من السحت " . أخرجه ابن حبان ( 1118 ) من طريق حماد بن

سلمة عن قيس بن سلمة به . و هذا إسناد جيد , رجاله ثقات كلهم رجال مسلم غير شيخ

ابن حبان طبعا . فهو شاهد قوي لحديث ابن لهيعة أنه قد حفظه . ثم وجدت له طريقا

رابعا , يرويه أبو أويس : حدثني شرحبيل عن جابر مرفوعا بلفظ : " نهى عن ثمن

الكلب , و قال : طعمة جاهلية " . أخرجه أحمد . و قال الهيثمي ( 4 / 91 ) : " و

رجاله ثقات " . قلت : و شرحبيل - و هو ابن سعد - كان اختلط . و له شاهدان من

حديث ميمونة بنت سعد , و عبادة بن الصامت . أما حديث ميمونة , فترويه آمنة بنت

عمر بن عبد العزيز عنها أنها قالت : يا رسول الله ! أفتنا عن الكلب ? فقال : "

طعمة جاهلية , و قد أغنى الله عنها " . أخرجه الطبراني في " الكبير " ( 25 / 36

/ 63 ) من طريق إسحاق بن زريق الرسعني ( الأصل : الراسبي ) : حدثنا عثمان بن

عبد الرحمن عن عبد الحميد بن يزيد عنها . قال الهيثمي : " و إسناده ضعيف , و

فيه من لا يعرف " . قلت : كلهم معرفون عندي غير آمنة بنت عمر بن عبد العزيز ,

فإني لم أجد لها ترجمة , و ما أظن أن لها رواية أو لقاء مع أحد الأصحاب , فإن

أباها عمر رضي الله عنه لم يذكروا له رواية عنهم إلا عن أنس لتأخر وفاته رضي

الله عنه و عن سائر الصحابة , ففي السند انقطاع أيضا . و أما عبد الحميد بن

يزيد , فهو مجهول , و هو عبد الحميد بن سلمة بن يزيد الأنصاري كما في " التقريب

" . و عثمان بن عبد الرحمن الراوي عنه , فهو الطرائفي . قال الحافظ : " صدوق ,

أكثر الرواية عن الضعفاء و المجاهيل فضعف بسبب ذلك , حتى نسبه ابن نمير إلى

الكذب , و قد وثقه ابن معين " . و أما إسحاق بن زريق الرسعني , فذكره ابن حبان

في " الثقات " ( 8 / 121 ) و قال : " يروي عن أبي نعيم , و كان راويا لإبراهيم

بن خالد , حدثنا عنه أبو عروبة . مات سنة ( 259 ) " . و أما حديث عبادة فهو نحو

حديث ميمونة . قال الهيثمي : " رواه الطبراني في " الكبير " من رواية إسحاق بن

يحيى عن عبادة , و إسحاق لم يدركه " .

 

-----------------------------------------------------------

[1] ثم وجدت له بعض الشواهد الأخرى فخرجته فيما يأتي برقم ( 2990 ) , فثبت

الاستثناء رواية أيضا . و الحمد لله .

[2] كذا في " مصنف ابن أبي شيبة " ( 6 / 414 / 1550 ) . اهـ .

2972 " إن الرقى و التمائم و التولة شرك " .

 

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1161 :

 

أخرجه الحاكم ( 4 / 217 ) قال : حدثنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الزاهد

الأصبهاني حدثنا أحمد بن مهران حدثنا عبيد الله بن موسى حدثنا إسرائيل عن ميسرة

بن حبيب عن المنهال بن عمرو عن قيس بن السكن الأسدي قال : دخل # عبد الله بن

مسعود # رضي الله عنه على امرأته فرأى عليها حرزا من الحمرة , فقطعه قطعا عنيفا

, ثم قال : إن آل عبد الله عن الشرك أغنياء . و قال : كان مما حفظنا عن النبي

صلى الله عليه وسلم : فذكر الحديث . و قال : " صحيح الإسناد " . و وافقه الذهبي

. قلت : و هو كما قالا إن شاء الله تعالى , فإن رجاله إلى عبيد الله بن موسى

رجال الصحيح غير ميسرة بن حبيب , و هو ثقة . و قد خولف في إسناده و متنه ممن لا

تضر مخالفته كما يأتي بيانه إن شاء الله تعالى . و أما أحمد بن مهران , فهو أبو

جعفر اليزدي , وثقه ابن حبان ( 8 / 48 و 52 ) و روى عنه جمع ,‏غير أبي عبد الله

الزاهد هذا , و له ترجمة في " أنساب السمعاني " ( 3 / 599 ) و " اللسان " ( 1 /

316 ) . و أما أبو عبد الله محمد بن عبد الله الزاهد , فله ترجمة جيدة في " سير

أعلام النبلاء " ( 17 / 437 - 438 ) و وصفه بـ " الشيخ الإمام المحدث القدوة ..

" , و ذكر عن الحاكم أنه قال فيه : " هو محدث عصره , كان مجاب الدعوة " . و قد

ذكرت آنفا أن ميسرة قد خولف , فأقول : خالفه المسعودي برواية عاصم بن علي :

حدثنا المسعودي عن المنهال بن عمرو عن أبي عبيدة عن عبد الله : أنه رأى في عنق

امرأة من أهله سيرا فيه تمائم .. الحديث نحوه أتم منه موقوفا كله , و زاد : "

إن الشيطان يأتي إحداكن <1> فيخش في رأسها , فإذا استرقت خنس , و إذا لم تسترق

نخس ! فلو أن إحداكن تدعو بماء فتنضحه في رأسها و وجهها ثم تقول : بسم الله

الرحمن الرحيم . ثم تقرأ *( قل هو الله أحد )* , و *( قل أعوذ برب الفلق )* و

*( قل أعوذ برب الناس )* نفعها ذلك إن شاء الله " . أخرجه الطبراني في " المعجم

الكبير " ( 9 / 193 - 194 ) . و المسعودي كان اختلط , فلا قيمة لمخالفته لميسرة

الثقة في إسناده و متنه . على أن أحد الضعفاء قد رواه عن ميسرة عن المنهال بن

عمرو عن أبي عبيدة به مختصرا مثل حديث الترجمة , لكنه أوقفه . أخرجه الطبراني (

8862 ) من طريق أبي إسرائيل الملائي عن ميسرة به . قلت : و اسم أبي إسرائيل

إسماعيل بن خليفة العبسي , و هو سيىء الحفظ , فلا يعارض بمثله رواية إسرائيل

بإسناده المتقدم عن ابن مسعود مرفوعا . و هو إسرائيل ابن يونس بن أبي إسحاق

السبيعي , و هو ثقة كما تقدم . على أنه من المحتمل أن يكون أبو عبيدة قد روى

أيضا الحديث أو شيئا من قصة أبيه ابن مسعود , ففي رواية للطبراني ( 8861 ) من

طريق معمر عن عبد الكريم الجزري عن زياد بن أبي مريم أو عن أبي عبيدة - شك معمر

- قال : رأى ابن مسعود في عنق امرأته خرزا - كذا , و لعل الصواب : حرزا - قد

تعلقته من الحمرة فقطعه , و قال : " إن آل عبد الله لأغنياء عن الشرك " . هكذا

رواه مختصرا . و للحديث طريقان آخران عن ابن مسعود , أحدهما أوهى من الآخر :

الأول : يرويه السري بن إسماعيل عن أبي الضحى عن أم ناجية قالت : دخلت على زينب

امرأة عبد الله أعودها من حمرة ظهرت في وجهها و هي معلقة بحرز , فإني لجالسة

دخل عبد الله .. الحديث نحوه , و فيه المرفوع , و زاد : " فقالت أم ناجية : يا

أبا عبد الرحمن ! أما الرقى و التمائم فقد عرفنا , فما ( التولة ) ? قال :

التولة ما يهيج النساء " . أخرجه الحاكم ( 4 / 216 - 217 ) ساكتا عنه هو و

الذهبي ! و لعل ذلك لظهور ضعفه , فإن السري بن إسماعيل قال الذهبي نفسه في "

الكاشف " : " تركوه " . و فصل أقوال الأئمة حوله في " المغني " . و الطريق

الآخر , كنت قد خرجته في " الصحيحة " ( 331 ) مع طريق قيس بن السكن المتقدمة ,

برواية أبي داود و ابن ماجه و ابن حبان و أحمد بلفظ حديث الترجمة دون القصة و

الروايات الأخرى , و الآن حدث ما يقتضي تفصيل القول فيه هنا , فأقول : مدار هذا

الطريق على يحيى بن الجزار عن ابن أخي زينب امرأة عبد الله عن زينب امرأة عبد

الله عن عبد الله .. و قد اختلفوا عليه في إسناده و متنه . أما الإسناد , فقال

أبو معاوية : حدثنا الأعمش عن عمرو بن مرة عن يحيى بن الجزار به . هكذا أخرجه

أحمد , و أبو داود , و من طريقه البيهقي ( 9 / 350 ) و كذا البغوي في " شرح

السنة " ( 12 / 156 - 157 ) من طريق أخرى عن أبي معاوية به . و خالفه عبد الله

بن بشر , فقال في إسناده : عن ابن أخت زينب . مكان " ابن أخي زينب " ! و هي

رواية ابن ماجه . و خالفهما محمد بن مسلمة الكوفي , فجعل عبد الله بن عتبة بن

مسعود , مكان ابن أخي أو أخت زينب . أخرجه الحاكم ( 4 / 417 - 418 ) و قال : "

صحيح الإسناد على شرط الشيخين " ! و وافقه الذهبي ! و هذا من أوهامهما , فإن

يحيى بن الجزار ليس من رجال البخاري مطلقا , و محمد بن مسلمة الكوفي لم نجد له

ذكرا في كتب الرجال , بل و لم يذكره المزي في الرواة عن الأعمش , و لا في شيوخ

الراوي عنه : موسى بن أعين , فكيف يكون إسناده على شرط الشيخين , بل كيف يكون

صحيحا ?! بل إن إسناده منكر لمخالفته لأبي معاوية و عبد الله بن بشر , و هما

ثقتان على خلاف في ابن بشر يأتي بيانه إن شاء الله تعالى . و ثمة اختلاف آخر في

الإسناد , فضيل بن عمرو عن يحيى بن الجزار قال : دخل عبد الله على امرأة و في

عنقها شيء معقود , فجذبه فقطعه ثم قال .. فذكر القصة مختصرة و حديث الترجمة . و

هو رواية ابن حبان من طريق ابن فضيل عن العلاء بن المسيب عنه . و هذا مرسل كما

ترى , فإن ابن الجزار تابعي أسقط الراوي الواسطة بينه و بين ابن مسعود التي

اتفقت الروايات السابقة على إثباتها على ما بينها من الاختلاف . و كنت خشيت في

"‏الصحيحة " أن تكون الواسطة سقطت من الناسخ , فتساءلت هناك قائلا : " قلت : و

سقط ذكره من كتاب ابن حبان , فلا أدري أكذلك الرواية عنده أم سقط من الناسخ ? "

. و الآن تبين لي أن لا سقط من الناسخ , و أن الرواية هكذا وقعت لابن حبان ,

فإنها كذلك هي في " الإحسان " , و بخاصة أن ابن فضيل قد تابعه النضر بن محمد عن

العلاء بن المسيب به . أخرجه الطبراني ( 10 / 262 / 10503 ) . و الخلاصة : أن

الرواة قد اختلفوا على يحيى بن الجزار على ثلاثة وجوه : الأول : عنه عن ابن أخي

زينب . الثاني : عنه عن ابن أخت زينب . الثالث : عنه مرسلا دون ذكر الابن . و

الأكثر على إثباته كما رأيت , فهو علة الإسناد , لأنه مجهول كما قال المنذري في

" الترغيب " ( 4 / 158 ) و " مختصر السنن " ( 5 / 363 ) . فمن الغرائب قول

الحافظ في " التقريب " : " كأنه صحابي , و لم أره مسمى " ! كذا قال , و كنت

نقلته عنه قديما في " الصحيحة " , دون أن يفتح لي بشيء عليه , و الآن أقول :

إنه مجرد ظن منه لا دليل عليه , فإني أقول : ألا يحتمل أن يكون ابن صحابي ? بل

لعل هذا أولى . ذاك هو وجه الاختلاف في الإسناد على يحيى بن الجزار . و أما

الاختلاف عليه في متنه فهو واسع , و لكني اقتصر الآن على ما لابد لي من بيانه ,

فأقول : هي في الجملة تختلف طولا و قصرا , فأطولها رواية أبي معاوية عند أحمد و

البغوي , و اختصر بعضها أبو داود , و نحوها في الطول رواية عبد الله بن بشر عند

ابن ماجه . و في الروايتين أن زينب امرأة ابن مسعود رضي الله عنهما كانت تختلف

إلى رجل يهودي فيرقيها ! و هذا مستنكر جدا عندي أن تذهب صحابية جليلة كزينب هذه

إلى يهودي تطلب منه أن يرقيها !! إنها والله لإحدى الكبر . فالحمد لله الذي لم

يصح السند بذلك إليها . و نحوها في النكارة : ما جاء في آخر رواية ابن بشر أن

ابن مسعود رضي الله عنه قال لزينب : " لو فعلت كما فعل رسول الله صلى الله عليه

وسلم كان خيرا لك و أجدر أن تشفين : تنضحين في عينيك الماء , و تقولين : أذهب

البأس رب الناس .. " إلخ الدعاء المعروف . فذكر النضح , إنما تفرد به عبد الله

بن بشر دون أبي معاوية , و هذا أوثق منه و أحفظ , و لاسيما و هو مختلف فيه ,

فقال الحافظ في " التقريب " : " اختلف فيه قول ابن معين و ابن حبان , و قال أبو

زرعة : لا بأس به .. و حكى البزار أنه ضعيف في الزهري خاصة " . قلت : فمثله

إنما يكون حديثه حسنا فقط إذا لم يخالف , أما مع المخالفة فلا , فكيف و فوقه

ذاك المجهول الذي لم يعرف حتى في اسمه , و عليه دارت أكثر طرق الحديث , و بعضهم

أسقطه سهوا أو عمدا لجهالته . و أخيرا أقول : العمدة في تصحيح حديث الترجمة

إنما هو طريق قيس بن السكن الأسدي الذي صدرنا به هذا التخريج . و الله الموفق .

( تنبيه ) : على ضوء هذا البيان و التحقيق و التفصيل أرجو من إخواني الكرام

الذين قد يجدون في بعض مؤلفاتي القديمة ما قد يخالف ما هنا أن يعدلوه و يصوبوه

على وفق ما هنا كمثل ما في " غاية المرام " من تصحيح حديث ابن ماجه الذي فيه ما

سبق بيانه من تلكم الزيادتين المنكرتين . و شكرا . ثم وقفت على ما هو أنكر عندي

من استرقاء امرأة ابن مسعود باليهودي , و هو ما روى يحيى بن سعيد عن عمرة بنت

عبد الرحمن أن أبا بكر الصديق دخل على عائشة و هي تشتكي , و يهودية ترقيها ,

فقال أبو بكر : " ارقيها بكتاب الله " . أخرجه مالك في " الموطأ " ( 3 / 121 )

و ابن أبي شيبة ( 8 / 50 / 3663 ) و الخرائطي في " مكارم الأخلاق " ( 2 / 977 /

1105 ) و البيهقي ( 9 / 349 ) من طرق عنه . قلت : و هذا إسناد رواته ثقات لكنه

منقطع , فإن عمرة هذه لم تدرك أبا بكر رضي الله عنه , فإنها ولدت بعد وفاته

بثلاث عشرة سنة . نعم في رواية للبيهقي من طريق محمد بن يوسف قال : ذكر سفيان

عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة رضي الله عنها قالت : دخل أبو بكر و عندها

يهودية .. إلخ . كذا قال : " عن عائشة " , فوصله عنها , و أظن أنه من محمد بن

يوسف , و هو الفريابي . و هو ثقة فاضل ملازم لسفيان , و هو الثوري , و مع ذلك

فقد تكلم ابن عدي و غيره في بعض حديثه عنه , فأخشى أن يكون وصله لهذا الإسناد

مما تكلموا فيه , فيكون شاذا لمخالفته لتلك الطرق التي أرسلته , أو يكون الخطأ

ممن دونه , فإنهم دونه في الرواية . بعد هذا البيان و التحقيق لا أرى من الصواب

قول ابن عبد البر في " التمهيد " ( 5 / 278 ) جازما بنسبته إلى الصديق : " و قد

جاء عن أبي بكر الصديق كراهية الرقية بغير كتاب الله , و على ذلك العلماء , و

أباح لليهودية أن ترقي عائشة بكتاب الله " ! ثم إنه من غير المعقول أن يطلب

الصديق من يهودية أن ترقي عائشة , كما لا يعقل أن يطلب منها الدعاء لها , و

الرقية من الدعاء بلا شك , فإن الله عز وجل يقول : *( و ما دعاء الكافرين إلا

في ضلال )* . و يزداد الأمر نكارة إذا لوحظ أن المقصود بـ " كتاب الله " القرآن

الكريم , فإنها لا تؤمن به و لا بأدعيته . و إن كان المقصود التوراة , فذلك مما

لا يصدر من الصديق , لأنه يعلم يقينا أن اليهود قد حرفوا فيه , و غيروا و بدلوا

.

 

-----------------------------------------------------------

[1] الأصل : " أحدكم " . اهـ .

2973 " كان إذا أراد أن يزوج بنتا من بناته جلس إلى خدرها , فقال : إن فلانا يذكر

فلانة - يسميها , و يسمي الرجل الذي يذكرها - فإن هي سكتت , زوجها , أو كرهت

نقرت الستر , فإذا نقرته لم يزوجها " .

 

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1168 :

 

روي من حديث # عائشة و أبي هريرة و أنس بن مالك # . 1 - أما حديث عائشة , فله

عنها طريقان : الأول : عن أيوب بن عتبة عن يحيى عن أبي سلمة عنها قالت : فذكره

. أخرجه أحمد ( 6 / 78 ) . قلت : و رجاله ثقات رجال الشيخين غير أيوب بن عتبة ,

فإنه ضعيف كما في " التقريب " . و الآخر : يرويه فضيل أبو معاذ عن أبي حريز عن

الشعبي عن عائشة به مختصرا دون قوله : " فإن هي سكتت .. " إلخ . أخرجه ابن عدي

في " الكامل " ( 4 / 160 ) و أبي يعلى ( 8 / 4883 ) و علقه البيهقي ( 7 / 123 )

. قلت : و إسناده حسن و لاسيما في المتابعات , رجاله كلهم ثقات غير أن أبا حريز

, و اسمه عبد الله بن حسين البصري كان يخطىء كما في " التقريب " . 2 - و أما

حديث أبي هريرة , فله طريقان أيضا : الأولى : عن أبي الأسباط عن يحيى بن أبي

كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه , و عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله

عنه قالا : فذكره نحو حديث الترجمة أخرجه البيهقي في " السنن " ( 7 / 123 ) و

قال : " كذا رواه أبو الأسباط الحارثي , و ليس بمحفوظ , و المحفوظ من حديث يحيى

مرسل " . ثم ساقه هو و عبد الرزاق في " المصنف " ( 6 / 141 - 142 ) من طريقين

عن يحيى بن أبي كثير عن المهاجر بن عكرمة المخزومي قال : فذكره . و هذا بلا شك

أصح مرسلا , و المهاجر مجهول الحال . لكن قد جاء مسندا عن أبي هريرة بطريق أخرى

خير من هذه , فإن أبا الأسباط الحارثي - و اسمه بشر بن رافع - ضعيف . و من

طريقه أخرجه الطبراني أيضا كما سيأتي قريبا بإذن الله تعالى . و الأخرى : قال

البزار في " مسنده " ( 2 / 160 / 1421 - كشف الأستار ) : حدثنا زكريا بن يحيى

حدثنا شبابة حدثنا المغيرة بن مسلم عن هشام عن محمد بن سيرين عنه به مثل حديث

الترجمة دون جملة النقر . و هذا إسناد حسن رجاله كلهم ثقات من رجال " التهذيب "

غير زكريا بن يحيى , و هو ابن أيوب , أبو علي الضرير , له ترجمة في " تاريخ

بغداد " ( 8 / 457 ) برواية جمع من الثقات الحفاظ غير البزار , فمثله يمشي

الحفاظ النقاد حديثه , و بخاصة في الشواهد و المتابعات , و لعله لذلك قال

الهيثمي في " المجمع " ( 4 / 278 ) : " رواه البزار , و رجاله ثقات " . و أقره

الحافظ في " مختصر زوائد مسند البزار " ( 1 / 575 / 1019 ) . 3 - و أما حديث

ابن عباس , فله أيضا طريقان : أما الأول , فيرويه أبو الأسباط عن يحيى بن أبي

كثير عن عكرمة عنه . أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 11 / 355 / 11999 )

من طريق يحيى الحماني : حدثنا حاتم بن إسماعيل عنه . و قال الهيثمي ( 4 / 278 )

: " رواه الطبراني , و فيه يحيى بن عبد الحميد الحماني , و قد وثق , و فيه ضعف

" . قلت : قد تابعه هشام بن بهرام , و هو ثقة عند البيهقي في حديث أبي هريرة

المتقدم / الطريق الأول , و إنما علة هذا الإسناد ضعف أبي الأسباط هذا كما تقدم

هناك . و الطريق الآخر , يرويه بقية بن الوليد : أخبرنا إبراهيم بن أدهم حدثني

أبي أدهم ابن منصور عن سعيد بن جبير عنه به مختصرا نحوه دون قوله : " يسميها ..

" إلخ . أخرجه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " ( 4 / 574 ) . و أدهم بن منصور لم

أجد من ترجمه , و سائر رواته موثقون . 4 - و أما حديث أنس , فيرويه عثمان بن

عبد الرحمن الطرائفي عن عبد العزيز بن الحصين عن ثابت البناني عنه نحوه . أخرجه

الطبراني في " المعجم الأوسط " ( 2 / 146 / 1 / 7255 ) و قال : " لم يروه عن

ثابت إلا عبد العزيز بن الحصين , تفرد به عثمان بن عبد الرحمن " . قلت : قال

الحافظ : " صدوق , أكثر الرواية عن الضعفاء و المجاهيل فضعف بسبب ذلك , حتى

نسبه ابن نمير إلى الكذب , و قد وثقه ابن معين " . و عبد العزيز بن الحصين من

أولئك الضعفاء المشار إليهم , و قد أجمعوا على تضعيفه . و خالف الحاكم فأخرج له

في " المستدرك " , و قال : " إنه ثقة " , و كذلك تعجب منه الحافظ في " اللسان "

. و قال الهيثمي : " رواه الطبراني في " الأوسط " , و فيه عبد العزيز بن الحصين

, و هو ضعيف " . و الخلاصة : إن الحديث صحيح بمجموع طرقه , و بخاصة أن الطريق

الثاني لحديث أبي هريرة حسن لذاته كما تقدم فهو بها صحيح . و الله أعلم . و في

الباب عن عمر , لكن في متنه نكارة , فإن فيه : " يا بنية إن فلانا قد خطبك ,

فإن كرهته فقولي : " لا " , فإنه لا يستحي أحد أن يقول : " لا " , و إن أحببت

فإن سكوتك , إقرار " . و لذلك خرجته في الكتاب الآخر " الضعيفة " ( 4166 ) .

2974 " أمرنا بأربع , و نهانا عن خمس : 1 - إذا رقدت فأغلق بابك , 2 - و أوك سقاءك ,

3 - و خمر إناءك , 4 - و أطف مصباحك , فإن الشيطان لا يفتح بابا , و لا يحل

وكاء , و لا يكشف غطاء , و إن الفأرة الفويسقة تحرق على أهل البيت بيتهم . 1 -

و لا تأكل بشمالك , 2 - و لا تشرب بشمالك , 3 - و لا تمش في نعل واحدة , 4 - و

لا تشتمل الصماء , 5 - و لا تحتب في الإزار مفضيا " .

 

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1172 :

 

أخرجه بهذا التمام ابن حبان ( 1342 - موارد ) : أخبرنا عبد الله بن أحمد بن

موسى - عبدان - : حدثنا محمد بن معمر حدثنا أبو عاصم عن ابن جريج عن أبي الزبير

عن # جابر # قال : فذكره مرفوعا . قلت : و هذا إسناد صحيح , رجاله كلهم ثقات

على شرط مسلم , و قد صرح ابن جريج و أبو الزبير بالتحديث كما يأتي , غير شيخ

ابن حبان : عبدان , و هو الأهوازي , و هو حافظ حجة , له ترجمة جيدة في " تذكرة

الحفاظ " و " السير " ( 14 / 168 - 172 ) . و أخرجه أبو عوانة في " صحيحه " ( 5

/ 508 ) و أحمد ( 3 / 297 - 298 و 322 ) و كذا مسلم ( 6 / 154 ) من طرق عن ابن

جريج : أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله .. فذكر المناهي الخمس دون

النهي عن الشرب , و ذكر مكانها : " و لا تضع إحدى رجليك على الأخرى إذا استلقيت

" . و زاد أحمد : " قلت لأبي الزبير : أوضعه رجله على الركبة مستلقيا ? قال :

نعم . قال : أما ( الصماء ) - فهي إحدى اللبستين - : تجعل داخلة إزارك و خارجته

على إحدى عاتقيك . قلت لأبي الزبير : فإنهم يقولون " لا يحتبي في إزار واحد

مفضيا ? قال : كذلك سمعت جابرا يقول : لا يحتبي في إزار واحد . قال حجاج عن ابن

جريج : قال : عمر ولى <1> مفضيا " . ثم روى مسلم و أبو عوانة و غيرهما من طرق

أخرى عن أبي الزبير النواهي الأربع , و في رواية لهما : " و أن يحتبي في ثوب

واحد كاشفا عن فرجه " . زاد أبو عوانة في رواية له : " مفضيا إلى السماء " .

و أخرجه أحمد ( 3 / 362 ) من طريق حماد : أنبأنا أبو الزبير به , فذكر الحديث

بتمامه بأوامره و نواهيه , مع اختصار بعض الخصال , و زاد : " و أن نكف فواشينا

حتى تذهب فحمة العشاء " . و تابعه الليث بن سعد عن أبي الزبير بالشطر الأول من

الحديث دون النواهي و دون الكف . أخرجه مسلم ( 6 / 105 ) و غيره . و هو مخرج في

" الإرواء " ( 39 ) و رواه عطاء بن أبي رباح عن جابر عند الشيخين , و قد سقت

لفظه و خرجته هناك . بقي شيء واحد , و هو أنني في كل الطرق المتقدمة و من

المصادر المختلفة , لم أجد الخصلة الثانية من النواهي الخمس : " و لا تشرب

بشمالك " , فأخشى أن تكون وهما من بعض الرواة , دخل عليه حديث في حديث كما يقع

ذلك من بعضهم أحيانا , فإن هذه الخصلة ثابتة في أحاديث أخرى منها حديث ابن عمر

بلفظ : " لا يأكلن أحد منكم بشماله , و لا يشربن بها , فإن الشيطان يأكل بشماله

, و يشرب بها " . و هو مخرج فيما تقدم مع غيره مما هو بمعناه ( 1236 ) . (

تنبيه على أمور ) : الأول : وقعت الجملة الأخيرة من النواهي في " الموارد "

هكذا : " و لا تحتب و الإزار مفضي " . و في " الإحسان " ( 4 / 89 / 1273 /

المؤسسة ) : " و لا تحتب في الدار مفضيا " . و زاد تحريفا في الطبعة الأخرى (

رقم 1270 ) : " و لا تخبب في الدار مفضيا " !! و شرحه الجاهل في التعليق عليه

بقوله : " الخبب ضرب من العدو . النهاية 2 / 3 " ! فأقول : نعم هذا هو معنى "

الخبب " , و لكن ما علاقته بهذه الفقرة هنا , و ما معناها ?! أهكذا يكون ضبط

النص من القائم على " مركز الخدمات و الأبحاث العامة " ?! أم الأمر كما قال صلى

الله عليه وسلم : " من تشبع بما لم يعط فهو كلابس ثوبي زور " ?! الثاني : لقد

أطال المعلق على طبعة المؤسسة من " الإحسان " في تخريج الحديث , و عزاه لجمع من

المؤلفين منهم مسلم دون أن ينبه على الفرق بين رواية ابن حبان , و رواية مسلم و

غيره التي ليس فيها جملة : " و لا تشرب بشمالك " , و لا لفظة " الإفضاء " ,

فضلا عن قوله في أول الحديث : " أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بأربع , و

نهانا عن خمس " , فأوهم القراء أن الحديث عند مسلم و الآخرين بهذا التمام ,

أفهكذا يكون التحقيق ?! الثالث : تفسير أبي الزبير للفظ " الصماء " بأن يجعل

داخلة إزاره و خارجته على عاتقه . أقول : لعل هذا يرجح تفسير الفقهاء لـ "

الصماء " , و هو قولهم : أن يتغطى بثوب واحد ليس عليه غيره , ثم يرفعه من أحد

جانبيه فيضعه على منكبه فتنكشف عورته , و ذلك لأن راوي الحديث أدرى بمرويه من

غيره , و لاسيما إذا كان تابعيا كأبي الزبير , لأنه في هذه الحالة يغلب على

الظن أنه تلقاه من صحابي الحديث , و هو جابر رضي الله عنه . و الله سبحانه و

تعالى أعلم .

 

-----------------------------------------------------------

[1] كذا الأصل و لم أفهمه . و لعل الصواب " قال ( عمرو ) لي : " , و عمرو هو

ابن دينار . اهـ .

2975 " لا ألبسه أبدا . يعني خاتم الذهب " .

 

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1176 :

 

أخرجه ابن حبان في " صحيحه " ( 7 / 412 / 5468 - الإحسان ) : أخبرنا عبد الله

بن محمد الأزدي قال : حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال : حدثنا عبد الله بن الحارث

المخزومي قال : حدثنا ابن جريج قال : حدثني زياد بن سعد , أن ابن شهاب أخبره أن

# أنس بن مالك # أخبره : أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في يده يوما

خاتما من ذهب , فاضطرب الناس الخواتيم <1> , فرمى به و قال : فذكره . قلت : و

هذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير المخزومي فهو من رجال مسلم ,

و غير الأزدي شيخ ابن حبان , و هو حافظ ثقة مترجم في " السير " ( 14 / 166 ) و

" الشذرات " ( 2 / 246 ) و غيرهما . و لهذا الإسناد علتان غريبتان , إحداهما

الاختلاف على عبد الله بن الحارث المخزومي . و الأخرى شذوذ ابن شهاب الزهري عن

الأحاديث الأخرى . أما العلة الأولى , فقال أحمد ( 3 / 206 ) : حدثنا روح حدثنا

ابن جريج , و عبد الله بن الحارث عن ابن جريج قال : أخبرني زياد بن سعد به إلى

قوله : " فطرح النبي صلى الله عليه وسلم خاتمه فطرح الناس خواتيمهم " . لم يذكر

حديث الترجمة : " لا ألبسه أبدا " , و قال : " من ورق " . فهذا اختلاف ظاهر بين

إسحاق بن إبراهيم - و هو ابن راهويه - , و بين أحمد بن حنبل , على المخزومي

شيخهما , فالأول ذكر حديث الترجمة بخلاف الآخر , و كلاهما إمام ثقة حافظ حجة .

و العلة الأخرى - و هي أهم من الأولى - أن في حديث ابن راهويه : " خاتما من ذهب

" , و في حديث أحمد : " خاتما من ورق " , أي فضة , و يبدو جليا لكل باحث أن هذا

هو الأرجح المحفوظ عن ابن جريج لمتابعة روح - و هو ابن عبادة , شيخ أحمد أيضا -

للمخزومي عنده . و قد أخرج هذه الرواية مسلم أيضا ( 6 / 152 ) من طريق ابن نمير

: حدثنا روح به . و تابعه عنده أبو عاصم عن ابن جريج به . و هشام بن سليمان عند

أبي الشيخ في " أخلاقه " ( 114 ) . و تابع ابن جريج إبراهيم بن سعد عن ابن شهاب

به . أخرجه مسلم , و أبو داود ( 4221 ) و أحمد ( 3 / 160 و 223 ) و علقه

البخاري - كما يأتي - , و ابن حبان ( 5466 ) و أبو يعلى ( 3538 ) . و يونس بن

يزيد الأيلي عن ابن شهاب به . أخرجه البخاري ( 5868 ) و قال : " تابعه إبراهيم

بن سعد و زياد و شعيب , عن الزهري , و قال ابن مسافر : عن الزهري : أرى خاتما

من ورق " . و رواية شعيب وصلها الإسماعيلي كما قال الحافظ في " الفتح " ( 10 /

321 ) و فاته أنه وصلها أحمد أيضا ( 3 / 225 ) . و رواية ابن مسافر - و هو عبد

الرحمن بن خالد بن مسافر , و هو ثقة من رجال الشيخين - وصلها الإسماعيلي أيضا

من طريق سعيد بن عفير عن الليث عنه , قال الحافظ : " و ليس فيه لفظ : " أرى " ,

فكأنها من البخاري " . قلت : أستبعد جدا أن تكون زيادة منه , بل هي الرواية

وقعت هكذا لابن مسافر أو من دونه , لأنه لا يجوز الزيادة في الرواية بالرأي دون

بيانها , و إلا كان ذلك سببا لإسقاط الثقة بأحاديث الثقات كما لا يخفى . و هناك

متابعات أخرى نكتفي منها بما قدمنا , و كلها متفقة على أن المحفوظ عن الزهري في

حديثه عن أنس إنما هو بلفظ : " خاتم من ورق " , و هذا مشكل , لأن المحفوظ في

هذه القصة من حديث ابن عمر , من رواية نافع و عبد الله بن دينار عنه أن الخاتم

المطروح من النبي صلى الله عليه وسلم و من الناس إنما هو خاتم الذهب , و هو

الذي قال فيه : " لا ألبسه أبدا " . رواه الشيخان و غيرهما , و هو مخرج في "

مختصر الشمائل " ( 63 / 84 ) . و لذلك قال ابن عبد البر في " التمهيد " ( 17 /

100 ) عقب حديث الزهري هذا : " و هذا غلط عند أهل العلم , و المعروف أنه إنما

نبذ خاتما من ذهب لا من ورق " , ثم قال : " المحفوظ في هذا الباب عن أنس غير ما

قال ابن شهاب من رواية جماعة من أصحابه عنه , قد ذكرنا بعضهم " . و ذكر الحافظ

نحوه في " الفتح " ( 10 / 320 ) و قال : " قال النووي تبعا لعياض : قال جميع

أهل الحديث : هذا وهم من ابن شهاب , لأن المطروح ما كان إلا خاتم الذهب , و

منهم من تأوله كما سيأتي " . ثم ذكر بعض التأويلات التكلف فيها ظاهر , و لا

عصمة لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم , و ما دام أن أهل الحديث حكموا

بوهم ابن شهاب , فلا مسوغ للتأويل . و الخلاصة : أن حديث الترجمة شاذ عن الزهري

عن أنس , و المحفوظ عنه حديث آخر , و فيه أن الخاتم " من ورق " , و لذلك لم

يخرجه مسلم , و إنما أخرجه هو و البخاري من حديث ابن عمر . و لهذا فقد أخطأ

المعلق على " الإحسان " ( 12 / 305 ) بعزوه إياه لمسلم .

 

-----------------------------------------------------------

[1] أي : اصطنعوها , في " النهاية " : اضطرب خاتما من ذهب " , أي أمر أن يضرب

أو يصاغ , و هو افتعل من ( الضرب ) : الصياغة , و الطاء بدل التاء " . اهـ .

2976 " إذا صلى أحدكم فأحدث , فليمسك على أنفه , ثم لينصرف " .

 

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1179 :

 

أخرجه ابن ماجه ( 1222 ) عن عمر بن علي المقدمي عن هشام بن عروة عن أبيه عن #

عائشة # عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : فذكره . و من طريق عمر بن قيس عن

هشام بن عروة به . قلت : و هذا إسناد ضعيف من الوجهين , و رجال الأول ثقات كلهم

, إلا أن المقدمي يدلس تدليسا سيئا , قال الذهبي : " ثقة شهير , لكنه رجل مدلس

, قال ابن سعد : ثقة يدلس تدليسا شديدا , يقول : " سمعت " و " حدثنا " ثم يسكت

, ثم يقول : " هشام بن عروة " , و " الأعمش " , و قال ابن معين : ما به بأس , و

قال أبو حاتم : لا يحتج به . و قال : لولا تدليسه لحكمنا له إذا جاء بزيادة ,

غير أنا نخاف أن يكون أخذها عن غير ثقة " . و رجال الوجه الآخر ثقات أيضا غير

عمر بن قيس , و هو المكي المعروف بـ ( سندل ) , و هو متروك كما في " التقريب "

, فأخشى أن يكون مدار الحديث عليه , و أن يكون المقدمي تلقاه عنه , ثم دلسه . و

الله أعلم . ثم وقفت على متابعين له ثقات , فصح الحديث بذلك و الحمد لله , و

خرجتهم في " صحيح أبي داود " ( 1020 ) .

2977 " ألق عنك شعر الكفر , و اختتن . قاله لرجل أسلم " .

 

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1180 :

 

أخرجه عبد الرزاق في " المصنف " ( 6 / 10 / 9835 ) و من طريقه أحمد ( 3 / 415 )

و أبو داود ( 356 ) و من طريقه البيهقي ( 1 / 172 ) و الطبراني في " المعجم

الكبير " ( 22 / 395 - 396 ) كلهم من طريق عبد الرزاق : أخبرنا ابن جريج قال :

أخبرت عن عثيم بن كليب عن أبيه عن جده : أنه جاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال

: " قد أسلمت " , فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : " ألق عنك شعر الكفر ,

يقول : احلق " . قال : و أخبرني آخر عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لآخر

: فذكره . قلت : و هذا إسناد مجهول , لجهالة شيخ ابن جريج الذي لم يسم , و كذا

عثيم و من فوقه , و في إسناده خلاف ذكرته في " صحيح أبي داود " ( 382 ) . و

أريد أن أنبه هنا أن ابن حبان أورد عثيما هذا في " ثقاته " ( 7 / 303 ) , مع

أنه ذكر أنه روى عنه ابن جريج عن رجل عنه يشير إلى هذه الرواية , فهذا ينافي

بعض الشروط التي وضعها لرواة كتابه هذا في مقدمته ( 1 / 11 - 13 ) و شروط رواة

أحاديث كتابه " الصحيح " التي ذكرها في مقدمته أيضا ( 1 / 83 - 84 ) . فراجع إن

شئت . لكن هذا الحديث حسن المتن عندي تبعا لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله

كما كنت ذكرت في " صحيح أبي داود " , لحديث قتادة أبي هشام قال : " أتيت رسول

الله صلى الله عليه وسلم فقال لي : " يا قتادة اغتسل بماء و سدر , و احلق عنك

شعر الكفر " . و كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر من أسلم أن يختتن , و

إن كان ابن ثمانين " . و قلت هناك : " قال الهيثمي ( 1 / 283 ) : " رواه

الطبراني في " الكبير " , و رجاله ثقات " كذا قال , و أما الحافظ فقال في "

التلخيص " ( 4 / 618 ) : " و إسناده ضعيف " . قلت : و على كل حال يعطي الحديث

قوة , و لعله من أجل ذلك جزم بنسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم شيخ الإسلام

ابن تيمية رحمه الله في " الفتاوى " ( 1 / 44 ) .. " . ثم طبع المعجم الذي فيه

هذا الحديث , فرأيته فيه ( 19 / 14 / 20 ) من طريق قتادة بن الفضل بن قتادة

الرهاوي عن أبيه : حدثني عم أبي هاشم بن قتادة الرهاوي عن أبيه . فتبين لي صواب

تضعيف الحافظ لإسناده , و خطأ توثيق شيخه الهيثمي لرجاله , لأن عمدته في ذلك

على ابن حبان , فقد أورد كلا من ( هاشم بن قتادة الرهاوي ) و ( الفضل بن قتادة

الرهاوي ) في " ثقاته " ( 5 / 503 ) و ( 7 / 317 ) , من المعروف تساهل ابن حبان

في التوثيق , و لاسيما و الرجلان لا يعرفان إلا بهذا الإسناد , و له حديث آخر

كنت خرجته في " الضعيفة " ( 5941 ) لتجرده عن شاهد , بخلاف هذا , فشاهده حديث

الترجمة . و له شاهد مختصر جدا في الختان من رواية الزهري قال : قال رسول الله

صلى الله عليه وسلم : " من أسلم فليختتن و لو كان كبيرا " . رواه حرب بن

إسماعيل كما قال الحافظ في " التلخيص " ( 4 / 82 / 1806 - تعليق اليماني المدني

) و عزاه السيوطي في " الدر المنثور " ( 1 / 114 ) للبيهقي , أطلقه , و ذلك

يعني " السنن الكبرى " له , و لم أره فيه , و قد أبعد النجعة , فقد أخرجه

الإمام البخاري في " الأدب المفرد " ( 322 / 1252 ) : حدثنا عبد العزيز بن عبد

الله الأويسي قال : حدثني سليمان بن بلال عن يونس عن ابن شهاب قال : " كان

الرجل إذا أسلم أمر بالاختتان و إن كان كبيرا " . و هذا إسناد صحيح مقطوع أو

موقوف , فإن الظاهر أن الإمام الزهري لا يعني أن ذلك كان في عهد النبي صلى الله

عليه وسلم , و لصحة إسناده عنه أوردته في كتابي الجديد " صحيح الأدب المفرد " (

484 / 948 / 1252 ) . و الله سبحانه و تعالى أعلم . و ترجم له البخاري فيه بـ "

باب اختتان الكبير " , و ساق تحته حديث أبي هريرة : " اختتن إبراهيم صلى الله

عليه وسلم , و هو ابن عشرين و مئة " , و هو موقوف , و الصحيح مرفوع بلفظ : " ..

بعد ثمانين سنة " , و قد رواه فيه قبل أبواب برقم ( 1244 ) و هو مخرج في "

الإرواء " ( 78 ) و قد احتج به أحمد لختان الكبير , فروى الخلال في " الوقوف و

الترجل " ( 146 / 183 ) عن حنبل أنه سأل أبا عبد الله عن الذمي إذا أسلم ? قلت

له : ترى أن يطهر بالختانة ? قال : " لابد له من ذلك " . قلت : فإن كان كبيرا

أو كبيرة ? قال : أحب إلي أن يتطهر , لأن الحديث : " اختتن إبراهيم و هو ابن

ثمانين سنة " , قال الله : *( ملة أبيكم إبراهيم )* . قيل له : فإن كان يخاف

عليه ? قال : و إن كان يخاف عليه , كذلك يرجى له السلامة . و في رواية : لابد

له من الطهارة , هذه نجاسة يعني : الأقلف . ثم روى الخلال عن الإمام أحمد أنه

سئل عن حج الأقلف ? فقال : ابن عباس كان يشدد في أمره , روي عنه أنه لا حج و لا

صلاة له . قيل له : فما تقول ? قال : يختتن ثم يحج . ثم ذكر عنه رواية أخرى

فيها التسهيل في أمر الأقلف . و الظاهر أن ذلك إذا خاف على نفسه . و الله أعلم

. ( تنبيه ) : انقلب على الشوكاني حديث الزهري المتقدم ( ص 1181 ) , فجعله في

كتابه " نيل الأوطار " ( 1 / 98 ) من حديث أبي هريرة , و قال عقبه : " و قد

ذكره الحافظ في " التلخيص " و لم يضعفه " ! و قلده على هذا الوهم المعلق على "

كتاب الوقوف و الترجل " ( ص 148 ) و الحافظ إنما ذكره من حديث الزهري كما سبق .

و تنبيه آخر : و هو أن أخانا الفاضل حمدي السلفي قال بعد أن بين ضعف إسناد حديث

الترجمة : " لكن للحديث شاهدان من حديث واثلة بن الأسقع , و قتادة أبي هشام " .

فأقول : حديث قتادة هذا تقدم . و أما حديث واثلة , فهو شاهد قاصر لأنه ليس فيه

: " و اختتن " , و هو مخرج عندي في " صحيح أبي داود " تحت حديث الترجمة , و في

" الروض النضير " برقم ( 893 ) .

2978 " يا فاطمة ! ( هي بنت قيس ) إن الحق [ عز وجل ] لم يبق لك شيئا . قاله صلى

الله عليه وسلم لها حين قالت : خذ من طوقي الذهبي ما فرض الله " .

 

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1183 :

 

أخرجه أبو الشيخ في جزئه " انتقاء ابن مردويه " ( 83 / 30 - طبع الرشد ) , قال

: حدثنا إبراهيم بن محمد بن الحارث حدثنا محمد بن المغيرة حدثنا النعمان حدثنا

أبو بكر : أخبرني شعيب بن الحباب عن الشعبي قال : سمعت # فاطمة بنت قيس # رضي

الله عنها تقول : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم بطوق فيه سبعون مثقالا من ذهب

, فقلت : يا رسول الله ! خذ منه الفريضة التي جعل الله فيه . قالت : فأخذ رسول

الله صلى الله عليه وسلم مثقالا و ثلاثة أرباع مثقال , فوجهه . قالت : فقلت :

يا رسول الله ! خذ منه الذي جعل الله فيه . قالت : فقسم رسول الله على هذه

الأصناف الستة , و على غيرهم , فقال : فذكره . [ قالت : ] قلت : يا رسول الله !

رضيت لنفسي ما رضي الله عز وجل به و رسوله . قلت : و هذا إسناد صحيح , رجاله

كلهم ثقات من رجال " التهذيب " إلى ( النعمان ) و هو ابن عبد السلام الأصبهاني

. و أما الراوي عنه محمد بن المغيرة فهو الأصبهاني صاحب النعمان , ترجمه أبو

الشيخ في " طبقات الأصبهانيين " ( 1 / 243 - 244 ) و أبو نعيم في " أخبار

أصبهان " ( 2 / 185 - 186 ) برواية جمع من الثقات عنه , و ذكرا أنه كان صاحب

عبادة و تهجد , صحب النعمان , و سمع عامة أصوله , توفي سنة ( 231 ) , و ذكره

ابن حبان في " الثقات " ( 6 / 105 ) . و أما شيخ أبي الشيخ ( إبراهيم بن محمد

بن الحارث ) , فقد ترجمه أبو الشيخ في " الطبقات " أيضا ( 2 / 136 ) و كذا أبو

نعيم ( 1 / 188 - 189 ) , حدث عنه أبو بكر البرذعي و محمد بن يحيى بن منده ,

سمع من سعيد بن منصور و ذهب سماعه , و كان عنده كتب النعمان عن محمد بن المغيرة

. قال أبو الشيخ : " و حضرت مجلسه فجاء أبو بكر البزار , فأخرج إليه كتب

النعمان , فانتخب عليه , و كتب عنه عن أبيه " . قال : " و كتبنا عنه من الغرائب

ما لم نكتب إلا عنه " . ثم ساق له حديثا واحدا , و هو أبو إسحاق , يعرف بـ (

ابن نائلة ) , من أهل المدينة , و ( نائلة ) أمه , و ساق له أبو نعيم أحاديث

أخرى , عن شيوخ سبعة له عنه , منهم الطبراني , و له في " المعجم الأوسط " أربعة

أحاديث ( 3081 - 3084 - بترقيمي ) و آخر في " المعجم الصغير " رقم ( 275 -

الروض النضير ) . توفي سنة ( 291 ) . قلت : و في الحديث دلالة صريحة على أنه

كان معروفا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وجوب الزكاة على حلي النساء , و

ذلك بعد أن أمر صلى الله عليه وسلم بها في غير ما حديث صحيح كنت ذكرت بعضها في

" آداب الزفاف " , و لذلك جاءت فاطمة بنت قيس رضي الله عنها بطوقها إلى النبي

صلى الله عليه وسلم ليأخذ زكاتها منه , فليضم هذا الحديث إلى تلك , لعل في ذلك

ما يقنع الذين لا يزالون يفتون بعدم وجوب الزكاة على الحلي , فيحرمون بذلك

الفقراء من بعض حقهم في أموال زكاة الأغنياء ! و قد يحتج به بعضهم على جواز

الذهب المحلق للنساء , و الجواب هو الجواب المذكور في الأحاديث المشار إليها

آنفا , فراجعه إن شئت في " الآداب " . على أن هذا ليس فيه أنها تطوق به , بخلاف

بعض تلك الأحاديث , فيحتمل أن فاطمة رضي الله عنها كان قد بلغها الحكمان :

النهي عن طوق الذهب , فانتهت منه , و وجوب الزكاة , فبادرت إلى النبي صلى الله

عليه وسلم ليأخذ منه الزكاة , و هذا هو اللائق بها و بدينها رضي الله عنها .

2979 " إن الشيطان قعد لابن آدم بأطرقه , فقعد له بطريق الإسلام , فقال : تسلم و تذر

دينك و دين آبائك و آباء أبيك ?! فعصاه فأسلم , ثم قعد له بطريق الهجرة , فقال

: تهاجر و تدع أرضك و سماءك , و إنما مثل المهاجر كمثل الفرس في الطول ?! فعصاه

فهاجر , ثم قعد له بطريق الجهاد , فقال : تجاهد فهو جهد النفس و المال , فتقاتل

فتقتل , فتنكح المرأة , و يقسم المال ?! فعصاه فجاهد . فقال رسول الله صلى الله

عليه وسلم : فمن فعل ذلك كان حقا على الله عز وجل أن يدخله الجنة . و من قتل

كان حقا على الله أن يدخله الجنة . و إن غرق كان حقا على الله أن يدخله الجنة ,

أو وقصته دابته كان حقا على الله أن يدخله الجنة " .

 

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1186 :

 

أخرجه البخاري في " التاريخ الكبير " ( 2 / 2 / 187 - 188 ) و النسائي ( 2 / 58

) و ابن حبان ( 385 / 1601 - الموارد ) و البيهقي في " شعب الإيمان " ( 4 / 21

/ 4246 ) و ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 5 / 293 ) و من طريقه الطبراني في "

المعجم الكبير " ( 7 / 138 ) و أحمد ( 3 / 483 ) من طريق أبي عقيل عبد الله بن

عقيل قال : حدثنا موسى بن المسيب عن سالم بن أبي الجعد عن # سبرة بن أبي فاكه #

قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : فذكره . قلت : و هذا إسناد جيد

رجاله كلهم ثقات , و في بعضهم كلام لا يضر , و لذلك قال الحافظ العراقي في "

تخريج الإحياء " ( 3 / 29 ) : " أخرجه النسائي من حديث سبرة بن أبي فاكه بإسناد

صحيح " . و أقره الزبيدي في شرحه على " الإحياء " ( 7 / 270 ) كما أقر المنذري

في " الترغيب " ( 2 / 173 ) ابن حبان على تصحيحه , و كذلك قواه الحافظ , و لكنه

أشار إلى أن فيه علة , و لكنها غير قادحة , فقال في ترجمة ( سبرة ) من "

الإصابة " : " له حديث عند النسائي بإسناد حسن , إلا أن في إسناده اختلافا " .

قلت : هو اختلاف مرجوح لا يؤثر , و قد أشار إليه الحافظ المزي في ترجمة ( سبرة

) من " التهذيب " , فإنه ساقه من طريق أحمد , و قال عقبه : " تابعه محمد بن

فضيل عن موسى بن المسيب . و رواه طارق بن عبد العزيز عن محمد ابن عجلان عن موسى

بن المسيب عن سالم بن أبي الجعد عن جابر بن أبي سبرة عن النبي صلى الله عليه

وسلم " . و ذكر مثله في " تحفة الأشراف " ( 3 / 264 ) . قلت آنفا : إن هذا

الخلاف لا يؤثر , و ذلك لأن محمد بن عجلان لا يعارض به الثقتان عبد الله بن

عقيل و متابعة محمد بن فضيل , لاسيما و ابن عجلان فيه كلام معروف , و هذا يقال

لو صحت المخالفة عنه , فإن الراوي عنه طارق بن عبد العزيز فيه كلام أيضا , و هو

طارق بن عبد العزيز بن طارق الربعي , هكذا نسبه في " الجرح " , و قال عن أبيه :

" ما رأيت بحديثه بأسا في مقدار ما رأيت من حديثه " . و نسبه في " الثقات " ( 8

---------

/ 327 ) إلى جده , فقال : " طارق بن طارق المكي " , و قال : " ربما خالف

الأثبات في الروايات " . و كذا في " ترتيب الثقات " لابن قطلوبغا ( 1 / 303 / 2

) و في " لسان الميزان " أيضا , لكن تحرف فيه اسم الأب إلى ( بارق ) و هو من

الطابع فيما أظن . و الله أعلم . و قد وصله عنه البيهقي في " الشعب " ( رقم

4247 ) من طريق أبي عبد الله , و هو الحاكم , و ليس هو في " المستدرك " ,

فالظاهر أنه في كتابه : " التاريخ " , و قال البيهقي عقبه : " هكذا في كتابي (

جابر بن [ أبي ] سبرة ) , و كذلك رواه أبو مصعب أحمد بن أبي بكر الزهري عن أبيه

عن ابن عجلان ... و هو في الثاني و السبعين من ( التاريخ ) " . و كأنه يعني

تاريخ شيخه الحاكم . و والد أحمد بن أبي بكر اسمه ( القاسم بن الحارث بن زرارة

.. ) كما في ترجمة ( أحمد ) , و لم أجد له ترجمة , و لا ذكروه في ترجمة ابنه .

و الله سبحانه و تعالى أعلم . ثم رأيت أبا نعيم قد وصله أيضا في " معرفة

الصحابة " ( 1 / 125 / 1 ) من طرق عن طارق بن عبد العزيز بن طارق به . و قال :

" و هذا مما وهم فيه طارق , تفرد بذكر جابر . و رواه ابن فضيل عن موسى أبي جعفر

عن سالم عن سبرة بن أبي فاكه , و [ هو ] المشهور " . و رواية ابن فضيل هذه

وصلها أبو نعيم في ترجمة ( سبرة بن الفاكه ) من طرق عنه . و ذكر الحافظ في

ترجمة ( جابر ) حديثه هذا , و قال : " قال ابن منده : غريب تفرد به ( طارق ) ,

و المحفوظ في هذا عن سالم بن أبي الجعد عن سبرة بن أبي فاكه " . و جملة القول

أن الحديث صحيح من رواية سالم عن سبرة رضي الله عنه , و قد صححه من تقدم ذكرهم

, و احتج به ابن كثير في " التفسير " ( 2 / 204 ) و ساقه ابن القيم في " إغاثة

اللهفان " مساق المسلمات . و أما المعلق عليه ( ابن عبد المنان ) , المتخصص في

تضعيف الأحاديث الصحيحة , فقد جزم في تعليقه عليه ( 1 / 134 ) بأن إسناده ضعيف

مخالفا في ذلك كل من ذكرنا من المصححين له و المحتجين به , معللا إياه بأن سالم

بن أبي الجعد لم يصرح بالسماع من سبرة . متشبثا في ذلك بما ذهب إليه البخاري و

غيره أنه لا يكفي في الحديث أو الإسناد المعنعن لإثبات اتصاله المعاصرة , بل

لابد من ثبوت اللقاء و لو مرة , خلافا لمسلم و غيره ممن يكتفي بالمعاصرة . و

الحقيقة أن هذه المسألة من المعضلات , و لذلك تضاربت فيها أقوال العلماء , بل

العالم الواحد , فبعضهم مع البخاري , و بعضهم مع مسلم . و قد أبان هذا عن وجهة

نظره , و بسط الكلام بسطا وافيا مع الرد على مخالفه , بحيث لا يدع مجالا للشك

في صحة مذهبه , و ذلك في مقدمة كتابه " الصحيح " , و كما اختلف هو مع شيخه في

المسألة , اختلف العلماء فيها من بعدهما , فمن مؤيد و معارض , كما تراه مشروحا

في كتب علم المصطلح , في بحث ( الإسناد المعنعن ) . و لدقة المسألة رأيت الإمام

النووي الذي انتصر في مقدمة شرحه على " مسلم " لرأي الإمام البخاري , قد تبنى

مذهب الإمام مسلم في بعض كتبه في " المصطلح " , فقال في بيان الإسناد المعنعن

في كتابه " التقريب " : " .. و هو فلان عن فلان , قيل : إنه مرسل . و الصحيح

الذي عليه العمل , و قاله الجماهير من أصحاب الحديث و الفقه و الأصول أنه متصل

بشرط أن لا يكون المعنعن مدلسا , و بشرط إمكان لقاء بعضهم بعضا , و في اشتراط

ثبوت اللقاء , و طول الصحبة و معرفته بالرواية عنه خلاف .. " . و نحوه في كتابه

" إرشاد طلاب الحقائق " ( 1 / 185 - 189 ) . 1 - و هذا الذي صححه النووي في

كتابيه المذكورين , هو الذي تبناه جمع من الحفاظ و المؤلفين في الأصول و

المصطلح , فمنهم : الطيبي في كتابه " الخلاصة في أصول الحديث " ( ص 47 ) , و

العلائي في " التحصيل " ( ص 210 ) . 2 - و الذهبي في رسالته اللطيفة المفيدة :

" الموقظة " , فإنه و إن كان ذكر فيها القولين : اللقاء و المعاصرة , فإنه أقر

مسلما على رده على مخالفه , هذا من جهة . و من جهة أخرى فقد أشار في ترجمته في

" سير النبلاء " ( 12 / 573 ) إلى صواب مذهبه و قوته , في الوقت الذي صرح بأن

مذهب البخاري أقوى , فهذا شيء , و كونه شرط صحة شيء آخر كما هو ظاهر بأدنى نظر

. 3 - و الحافظ ابن كثير في " اختصار علوم الحديث " . 4 - و ابن الملقن في "

المقنع في علم الحديث " ( 1 / 148 ) و في رسالته اللطيفة " التذكرة " ( 16 / 11

) . 5 - و الحافظ ابن حجر , فإنه رجح شرط البخاري على نحو ما تقدم عن الذهبي ,

فإنه سلم بصحة مذهب مسلم , فقال في " النكت على ابن الصلاح " ( 1 / 289 ) مدللا

على الترجيح : " لأنا و إن سلمنا ما ذكره مسلم من الحكم بالاتصال , فلا يخفى أن

شرط البخاري أوضح في الاتصال " . و كذا قال في " مقدمة فتح الباري " ( ص 12 ) و

نحوه في رسالته " نزهة النظر في توضيح نخبة الفكر " ( ص 171 / 61 - بنكت الأخ

الحلبي عليه ) . قلت : و كونه أوضح مما لا شك فيه , و كذلك كونه أقوى , كما نص

على ذلك الإمام الذهبي كما تقدم , فهو كسائر الصفات التي تميز بها " صحيح

البخاري " على " صحيح مسلم " كما هو مسلم به عند جمهور العلماء , فهو شرط كمال

و ليس شرط صحة عندهم . 6 - الإمام الصنعاني , فإنه ناقش الحافظ ابن حجر فيما

استدل به لشرط البخاري في بحوث ثلاثة ذكرها في كتابه " توضيح الأفكار " , و

ألزمه القول بصحة مذهب مسلم , و إن كان شرط البخاري أقوى . و قد كنت ألزمته

بذلك في تعليق لي موجز , كنت علقته على " نزهته " , نقله عني الأخ الحلبي في "

النكت عليه " ( ص 88 ) , فليراجعه من شاء . و لقوة الإلزام المذكور , فقد

التزمه الحافظ رحمه الله كما تقدم نقله عنه آنفا , و الحمد لله . ثم قال

الصنعاني رحمه الله تعالى ( 1 / 234 ) : " و إذا عرفت هذا فمذهب مسلم لا يخلو

عن القوة لمن أنصف , و قد قال أبو محمد بن حزم في " كتاب " الإحكام " : <1>

7 - اعلم أن العدل إذا روى عمن أدركه من العدول فهو على اللقاء و السماع سواء

قال : " أخبرنا " أو " حدثنا " , أو " عن فلان " أو " قال فلان " , فكل ذلك

محمول على السماع منه . انتهى . قلت : و لا يخفى أنا قد قدمنا عنه خلاف هذا في

حديث ( المعازف ) فتذكره " . هذا و إن مما يسترعي الانتباه و يلفت النظر - أن

المذكورين من الحفاظ و العلماء جروا فيما كتبوا في " علم المصطلح " على نحو مما

جرى عليه سلفهم في التأليف , أعني به ابن الصلاح في " مقدمته " , و قلما

يخالفونه , و إنما هم ما بين مختصر و ملخص و مقيد و شارح , كما يعلم ذلك الدارس

لمؤلفاتهم فيه , و هذه المسألة مما خالفوه فيها , فإن عبارة النووي المتقدمة في

الاكتفاء بالمعاصرة و إمكانية اللقاء هي منه تعديل لعبارة ابن الصلاح المصرحة

بشرطية ثبوت اللقاء , و على هذا التعديل جرى المذكورون آنفا , و أكدوا ذلك

علميا في تصحيحهم للأحاديث المروية بأسانيد لا يمكن التحقق من ثبوت التلاقي بين

الرواة في كل الطبقات , هذا يكاد يكون مستحيلا , يعرف ذلك من مارس فن التخريج ,

و لم يكن من أهل الأهواء , و ها هو المثال بين يديك , فهذا الحديث من رواية

سالم بن أبي الجعد عن سبرة رضي الله عنه , فقد صححه من تقدم ذكرهم , و منهم

الحافظ العراقي الذي أقر في شرحه على " المقدمة " ابن الصلاح على شرطية اللقاء

, و لم أجد له قولا يوافق الذين اكتفوا بالمعاصرة , و مع ذلك فقد وافقهم عمليا

حين صحح إسناد هذا الحديث , فإن سالما هذا لم نر من صرح بلقائه لسبرة , و لكنه

مقطوع بتابعيته و معاصرته للصحابة , بل و روايته عن جمع منهم , و نصوا أنه لم

سمع من بعضهم , و ليس منهم ( سبرة ) , هذا , و مع ذلك فقد تشبث مضعف الأحاديث

الصحيحة , و مخرب كتب الأئمة بالتعليق عليها - بشرطية اللقاء , فقال في تعليقه

على كتاب ابن القيم " إغاثة اللهفان " ( 1 / 134 ) : " إسناده ضعيف , فإن سالما

لم يرو عن سبرة غير هذا الحديث , و لم يصرح بالسماع منه , و هو معروف بالإرسال

عن جمع من الصحابة , فلا يثبت له الحديث إلا إذا صرح بالسماع منه .. " ! فيقال

له : أثبت العرش ثم انقش ! فإن الشرط المذكور ليس لك عليه دليل إلا التقليد , و

أنت تتظاهر بأنك لا تقلد , و هذا أمر واجب لو كنت من أهل العلم بالكتاب و السنة

, و أصول الحديث و الفقه , و لا نرى أثرا لذلك في كل ما تكتب , إلا التحويش دون

أي تحقيق أو تفتيش , و لذلك فالواجب عليك إنما هو الاتباع , فهو خير لك بلا شك

من التخريب و التضعيف لمئات الأحاديث الصحيحة عند العلماء , و قد تبلغ الألوف

إذا مضيت في مخالفتك لـ *( سبيل المؤمنين )* . و أنا على مثل اليقين أن الرجل

صاحب هوى و غرض - الله أعلم به - دلنا على ذلك أسلوبه في تخريج الأحاديث , فإنه

ينشط جدا , و يتوسع ما وسعه التوسع في التضعيف المذكور , و يتتبع الأقوال

المرجوحة التي تساعده على ذلك , مع التمويه على القراء بإعراضه عن ذكر الأقوال

المعارضة له , و بالإحالة إلى بعض البحوث التي تخالف قوله !! و أما إذا كان

الحديث قويا , و لا يجد سبيلا إلى تضعيفه و نسفه , انقلب ذلك النشاط إلى فتور و

خمول , و اختصر الكلام عليه في بيان مرتبته اختصارا مخلا دون بيان السبب ,

كقوله مثلا ( 1 / 130 ) : " حديث حسن إن شاء الله " ! ثم يسود خمسة أسطر في

تخريجه دون فائدة تذكر , موهما قراءه بأنه بحاثة محقق ! مع أنهم لا يدرون ما

مقصوده من تعليق التحسين بالمشيئة الإلهية , أهو للتشكيك أم التحقيق ?! و الأول

هو اللائق بالمضعف للصحيحة ! و له أحاديث أخرى من هذا النوع ( ص 220 و 292 و

294 ) و انظر ( ص 183 و 212 و 224 و 272 و 277 و 297 ) ثم إن قوله عن سالم بن

أبي الجعد أنه أرسل عن جمع من الصحابة , فهو لا يفيد انقطاعا هنا , لأنهم نصوا

على أنه لم يدركهم , أو لم يسمع منهم , و ليس سالم منهم , و حينئذ وجب حمله على

الاتصال على مذهب الجمهور , و هو الراجح كما سبق تحقيقه . و مثال ثان لما ذكرت

آنفا , كان الإمام مسلم قد ضربه مثلا في أنواع أخرى لما نحن فيه , و احتج بها

أهل العلم و صححوها , حديثان من رواية ربعي بن حراش عن عمران , أحدهما في إسلام

حصين والد عمران , و فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له قبل أن يسلم و بعد

أن أسلم : " قل : اللهم قني شر نفسي , و اعزم لي على أرشد أمري " . قال النووي

عقبه في شرحه لمقدمة مسلم : " إسناده صحيح " . و كذا قال الحافظ في " الإصابة /

ترجمة ( حصين ) " . و يبدو للناظر المنصف أهمية هذا المثال , و خاصة بالنسبة

للنووي , فإنه كان قبل هذا التصحيح بصفحات قد رد على الإمام مسلم مذهبه , فإذا

به يجد نفسه لا يسعه إلا أن يوافقه , و ما ذلك إلا لقوته في واقع الأمر . و هذا

عين ما أصاب مضعف الأحاديث الصحيحة , فإنه لما جاء إلى هذا الحديث ( 1 / 107 )

و خرجه , جود إسناده ! فلا أدري أهو من الغفلة و قلة التحقيق , أم هو اللعب على

الحبلين , أو الهوى , و إلا لزمه أن يضعفه كما فعل بحديث الترجمة لاشتراكهما في

العلة عنده , و هي عدم تحقق شرط اللقاء , أو أن يصححهما معا , اكتفاء بالمعاصرة

, و هو الصواب . و قد أشار الحافظ إلى هذا الاكتفاء في آخر ترجمة ( ربعي ) ,

فإنه لما نقل عن ابن عساكر أن ربعيا لم يسمع من أبي ذر تعقبه بقوله : " و إذا

ثبت سماعه من عمر , فلا يمتنع سماعه من أبي ذر " . فهذا مما يؤكد أنه يتبنى

الاكتفاء بالمعاصرة . و يحضرني مثال ثالث , و هو حديث محمد بن عبد الله بن

الحسن العلوي , المعروف بـ ( النفس الزكية ) , رواه عن أبي الزناد عن الأعرج عن

أبي هريرة مرفوعا : " إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير , و ليضع يديه

قبل ركبتيه " <2> . لقد صحح هذا الحديث جمع من الحفاظ , منهم عبد الحق الإشبيلي

, و الشيخ النووي , و قواه الحافظ في " الفتح " ( 2 / 291 ) و في " بلوغ المرام

" , و هم يعلمون أن اللقاء بين النفس الزكية و أبي الزناد غير معروف , كما أشار

إلى ذلك الإمام البخاري بقوله في ترجمة ( النفس الزكية ) من " التاريخ الكبير "

( 1 / 1 / 139 ) : " لا أدري سمع من أبي الزناد أم لا ? " . قلت : و هكذا يجد

الباحث في كتب تخريج الأحاديث عشرات بل مئات الأحاديث قد صححها الحفاظ و

العلماء مكتفين في ذلك بالمعاصرة , غير ملتزمين فيها شرط اللقاء , و ما ذاك إلا

عن قناعة منهم بأن هذا الشرط إنما هو شرط الكمال , و ليس شرط صحة , فإن تحقق

فبها و نعمت , و إلا ففي المعاصرة بركة و كفاية , على هذا جرى السلف , كما شرح

ذلك الإمام مسلم في " مقدمته " , و تبعهم على ذلك الخلف من الحفاظ الذين سمينا

بعضهم , و اشتد إنكار مسلم على مخالفيهم غيرة منه على السنة المطهرة , و خوفا

منه أن يهدر منها شيء , و ما قدمنا من الأمثلة يؤيد ما ذهب إليه رحمه الله . و

بالله التوفيق .

 

-----------------------------------------------------------

[1] قلت : ذكر ذلك في بحث له في المدلس ( 1 / 141 - 142 ) و هو من حجتنا على

ابن حزم و من قلده من الغابرين و المعاصرين في إعلال حديث ( المعازف ) الذي

رواه البخاري معلقا على هشام بن عمار بالانقطاع بينهما . و قد فصلت القول في

الرد عليه تفصيلا في كتاب خاص سيصدر قريبا إن شاء الله تعالى .

[2] تنبيه : لقد وقفت على رسالة لأحد متعصبة الحنابلة المعاصرين في تضعيف هذا

الحديث الصحيح , جاء فيها تجاهلات و مكابرات عجيبة , أذكر ما تيسر منها :

1 - جعل قول البخاري الآتي معارضا لمن وثق النفس الزكية ! 2 - تجاهل بروك الجمل

على ركبتيه اللتين في مقدمتيه كما هو الثابت في كتب اللغة , و في أثر عمر الذي

ذكره ( ص 42 ) محتجا به و هو عليه : أنه كان يخر في صلاته بعد الركوع على

ركبتيه كما يخر البعير : يضع ركبتيه قبل يديه ! هذا هو بروك البعير أن يضع

ركبتيه قبل يديه . و بذلك يكون قد هدم كل ما بنى , على أنه كان على شفا جرف هار

! . اهـ .

2980 " هكذا الوضوء , فمن زاد على هذا , فقد أساء و تعدى و ظلم . يعني الوضوء ثلاثا

ثلاثا " .

 

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1196 :

 

أخرجه النسائي ( 1 / 33 ) و ابن ماجه ( 1 / 163 - 164 ) من طريق يعلى قال :

حدثنا سفيان عن موسى بن أبي عائشة عن # عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده # قال :

جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله عن الوضوء ? فأراه الوضوء ثلاثا

ثلاثا , ثم قال : فذكره . قلت : و هذا إسناد حسن على الخلاف المعروف في

الاحتجاج برواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده , و الذي استقر عليه عمل الحفاظ

المتقدمين و المتأخرين الاحتجاج بها , و حسب القارىء أن يعلم قول الحافظ الذهبي

فيه في كتابه " المغني " : " مختلف فيه , و حديثه حسن , و فوق الحسن , قال يحيى

القطان : إذا روى عنه ثقة فهو حجة , و قال أحمد : ربما احتججنا به . و قال

البخاري : رأيت أحمد و إسحاق و أبا عبيد , و عامة أصحابنا يحتجون به , فمن

الناس بعدهم ?! " . و قد بسط الكلام في الخلاف المشار إليه الحافظ ابن حجر , و

ذكر أقوال الأئمة فيه , و هي جد متعارضة تعارضا لا يستطيع الخروج منه بخلاصة

صحيحة إلا من كان مثله في المعرفة بهذا العلم الشريف و التحقيق فيه , ثم ختم

ذلك بقوله ( 8 / 48 - 55 ) : " فإذا شهد له ابن معين أن أحاديثه صحاح غير أنه

لم يسمعها , أو صح سماعه لبعضها , فغاية الباقي أن يكون وجادة صحيحة , و هو أحد

وجوه التحمل . و الله أعلم " . و قد كنت ذكرت شيئا من هذا الخلاف و الترجيح في

تخريجي لهذا الحديث في " صحيح أبي داود " ( رقم 124 ) و نقلت عن ابن القيم أنه

قال : " و قد احتج الأئمة الأربعة الفقهاء قاطبة بصحيفة عمرو بن شعيب عن أبيه

عن جده , و لا يعرف في أئمة الفتوى إلا من احتاج إليها و احتج بها , و إنما طعن

فيها من لم يتحمل أعباء الفقه كأبي حاتم البستي و ابن حزم و غيرهما " . و على

ذلك حسنت الحديث هناك , و صححته بشاهد له من حديث ابن عباس , مرجحا به رواية

سفيان لحديث الترجمة على رواية أبي عوانة التي فيها زيادة بلفظ : " فمن زاد أو

نقص " , فزاد على سفيان : " أو نقص " , و سفيان - و هو الثوري - أحفظ من أبي

عوانة . ثم وقفت بعد سنين على رواية أخرى لسفيان , فيها الزيادة المذكورة ,

فكان هذا من البواعث على إعادة النظر في الترجيح المذكور , و النظر فيها , فقال

ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 1 / 8 - 9 ) : حدثنا أبو أسامة عن سفيان به . قلت

: و هذا إسناد ظاهره الصحة , و لكن له علة , و هي عنعنة أبي أسامة - و هو حماد

بن أسامة - فإنه مع ثقته قال الحافظ فيه : " ربما دلس , و كان بأخرة يحدث من

كتب غيره " . و إذا كان الأمر كذلك , فلا تترجح روايته على رواية ( يعلى )

لحديث الترجمة , و إن كان يعلى ( و هو ابن عبيد الطنافسي ) تكلم فيه بعضهم في

روايته عن سفيان خاصة , إلا أنه قد توبع من ثقة لا خلاف فيه , فقال ابن خزيمة

في " صحيحه " ( 1 / 89 / 174 ) و ابن الجارود في " المنتقى " ( 35 / 75 ) :

أخبرنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي : حدثنا الأشجعي عن سفيان به . و هذا إسناد

صحيح غاية , فإن الدورقي ثقة حافظ . و الأشجعي - و اسمه عبيد الله بن عبيد

الرحمن - ثقة مأمون , أثبت الناس كتابا في الثوري كما في " التقريب " , و قال

الذهبي في " الكاشف " : " إمام ثبت كتب عن الثوري ثلاثين ألفا " . و على هذا

فرواية ( يعلى ) أرجح من رواية أبي أسامة كما هو ظاهر . و قد يخدج على هذا

الترجيح , ما رواه أبو عبيد في كتابه " الطهور " عن الحكم بن بشير بن سليمان عن

موسى بن أبي موسى بلفظ : " الوضوء ثلاث , فمن زاد أو نقص .. " الحديث . فأقول :

لا , و إن سكت عنه ابن الملقن في " البدر المنير " ( 3 / 336 ) و ما ينبغي له ,

فإن الحكم هذا لا يقاوم الثوري في الثقة و الحفظ , فإنه لم يوثقه غير ابن حبان

, و قال أبو حاتم : " صدوق " . ثم هو إلى ذلك قد خالفه في موضع آخر كما خالف

فيه أبا عوانة أيضا , و هو جعله وضوءه صلى الله عليه وسلم ثلاثا من قوله صلى

الله عليه وسلم , فدل على أنه لم يحفظ , فروايته مرجوحة أيضا , فبقي حديث

الترجمة هو المحفوظ دون الزيادة , و هو الذي جزم بصحته ابن القيم في " إغاثة

اللهفان " . هذا , و ثمة باعث آخر على تخريج الحديث هنا , و هو الرد على عدو

السنة و مضعف الأحاديث الصحيحة , فقد رأيته شرع في توجيه ضربات تخريبية أخرى ,

متظاهرا بتعليق و تحقيق بعض الكتب لأئمة مشهورين , و تضعيف أحاديثهم التي

أقاموا عليها بحوثهم , فقد خرب من قبل كتاب النووي " رياض الصالحين " كما هو

معروف , و الآن طلع على الناس بطبعة جديدة لكتاب " الإغاثة " المذكور , فعلق

عليه بتعليقات سيئة جدا , أفسد بها كثيرا من بحوثه القيمة بتضعيفه - بجهله أو

تجاهله البالغ - لأحاديثها الصحيحة , منها هذا الحديث , فإن ابن القيم ساقه ردا

على الموسوسين في الطهارة , المخالفين لما صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه توضأ

مرة مرة , و لم يزد على ثلاث , و قال ابن القيم : " بل أخبر أن من زاد عليها

فقد أساء و تعدى و ظلم " . فعلق المأفون عليه بعد تخريجه بقوله ( 1 / 180 ) : "

و لفظ أبي داود : " فمن زاد على هذا أو نقص .. " . قلت : و قد اختلف في رواية

عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده , و أميل إلى تضعيفها , و لم يرها من باب الصحيح

البخاري و مسلم و ابن حبان " ! . قلت : هكذا يضلل الرجل قراءه بمثل هذا الكلام

الواهي الذي يعرف جوابه المبتدئون في هذا العلم , و هو أنه لا يلزم من عدم

إخراج هؤلاء أو أحدهم للحديث أن يكون ضعيفا , فكم من حديث صحيح لم يخرجه هؤلاء

البتة , و كم من حديث أخرجه الشيخان و لم يخرجه ابن حبان , فضلا عن أحاديث

أخرجها هو دون الشيخين , بل كم من حديث رواه البخاري لم يروه مسلم , و على

العكس , هذا أولا . و ثانيا : لقد ذكر هو اختلاف العلماء في رواية عمرو هذه ,

فما فائدة تعقيبه عليه بذكر الذين لم يصححوها - و هم طرف في الخلاف - سوى

التضليل ?! هذا مع أن نفي الصحة لا يستلزم نفي الحسن كما هو معروف عند أهل

العلم . و ثالثا : لقد غش القراء بذكر البخاري معهم , فإنه لابد أنه رأى بعينه

في ترجمة ( عمرو ) من " التهذيب " قول البخاري : " رأيت أحمد بن حنبل , و علي

بن المديني , و إسحاق بن راهويه , و أبا عبيد , و عامة أصحابنا يحتجون بحديث

عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده , ما تركه أحد من المسلمين . قال البخاري : من

الناس بعدهم ?! " . و هذا مما يؤكد لكل قارىء لبيب منصف أن الرجل من أهل

الأهواء , فإن من علاماتهم أنهم يذكرون ما لهم , و يكتمون ما عليهم . و رابعا :

مما يؤكد أنه منهم , أنه إذا كان الحديث لا يخالف هواه قواه و لو كان من هذه

الرواية , فقد خرج حديثا آخر من هذا الوجه , ثم قال : ( 1 / 93 ) : " و قال

الترمذي : " حسن غريب " . و هو كما قال " ! و لقد كان الأولى به - لو كان عنده

شيء من هذا العلم بعيدا عن الغرضية و المخالفة و الهوى - أن يبادر إلى بيان

شذوذ زيادة : " أو نقص " لمباينتها لرواية سفيان المحفوظة , و لشاهدها من حديث

ابن عباس , و للسنة العملية التي جرى عليها النبي صلى الله عليه وسلم من

الاقتصار أحيانا على دون الثلاث كما تقدم , و لكن أنى له ذلك و قد أوقف نفسه

لهدم السنة و تضعيفها ?! و الله المستعان .

2981 " تخصر بهذه حتى تلقاني , و أقل الناس المتخصرون . قاله لعبد الله بن أنيس

الجهني " .

 

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1200 :

 

أخرجه أبو نعيم في " الحلية " ( 2 / 5 - 6 ) و " أخبار أصبهان " ( 1 / 189 -

190 ) : حدثنا القاضي أبو أحمد محمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم حدثنا إبراهيم

بن محمد بن الحسن حدثنا محمد بن يحيى بن أبي عمر حدثنا عبد العزيز بن محمد عن

يزيد بن عبد الله بن الهاد عن محمد بن كعب عن # عبد الله بن أنيس الجهني # أن

رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من لي بخالد بن نبيح ? " . رجل من هذيل ,

و هو يومئذ قبل ( عرفة ) بـ ( عرنة ) , قال عبد الله بن أنيس : أنا يا رسول

الله ! انعته لي , قال : " إذا رأيته هبته " . قال : يا رسول الله ! والذي بعثك

بالحق ما هبت شيئا قط . قال : فخرج عبد الله بن أنيس حتى أتى جبال ( عرفة ) قبل

أن تغيب الشمس , قال عبد الله : فلقيت رجلا , فرعبت منه حين رأيته , فعرفت حين

رعبت منه أنه ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم , فقال لي : من الرجل ? فقلت

: باغي حاجة , هل من مبيت ? قال : نعم , فالحق , فرحت في أثره فصليت العصر

ركعتين خفيفتين , و أشفقت أن يراني , ثم لحقته , فضربته بالسيف , ثم خرجت ,

فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم , فأخبرته . قال محمد بن كعب : فأعطاه رسول

الله صلى الله عليه وسلم مخصرة , فقال : ( فذكره ) . قال محمد بن كعب : فلما

توفي عبد الله بن أنيس أمر بها فوضعت على بطنه و كفن , و دفن و دفنت معه . قلت

: و هذا إسناد جيد , ذكره أبو نعيم في ترجمة ( إبراهيم بن محمد بن الحسن ) من "

الأخبار " , و قال : " يعرف بـ ( ابن متويه ) ... كان من العباد و الفضلاء ,

يصوم الدهر " . و أورده الذهبي في " تذكرة الحفاظ " ( 2 / 740 ) و وصفه بـ : "

الحافظ القدوة .. و قال أبو الشيخ : كان من معادن الصدق " . و له ترجمة في "

السير " أيضا ( 14 / 142 - 143 ) . و القاضي أبو أحمد محمد بن أحمد بن إبراهيم

هو الحافظ العسال , ترجمه أبو نعيم في " الأخبار " بقوله ( 2 / 283 ) : " مقبول

القول , من كبار الناس في المعرفة و الإتقان و الحفظ , صنف الشيوخ و التاريخ و

التفسير و عامة المسند " . و له ترجمة حافلة في " التذكرة " ( 3 / 886 - 889 )

و وصفه بـ " الحافظ العلامة .. قال ابن مردويه : و هو أحد الأئمة في علم الحديث

فهما و إتقانا و أمانة " . و توسع في ترجمته في " السير " ( 16 / 6 - 15 ) و

ذكر فيها عن أبي بكر بن أبي علي الذكواني القاضي أنه قال فيه : " الثقة المأمون

الكبير في الحفظ و الإتقان " . و الحديث أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " ( 6

/ 203 - 204 ) و قال : " رواه الطبراني و رجاله ثقات " .

2982 " إن من أصحابي من لا يراني بعد أن أفارقه " .

 

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1202 :

 

أخرجه أحمد ( 6 / 290 ) و البزار ( 3 / 172 / 2496 ) و الطبراني في " المعجم

الكبير " ( 23 / 319 / 724 و 394 / 941 ) من طريق أبي معاوية قال : حدثنا

الأعمش عن شقيق عن # أم سلمة # قالت : دخل عليها عبد الرحمن بن عوف فقال : يا

أمة ! قد خفت أن يهلكني كثرة مالي , أنا أكثر قريش مالا ? قالت : يا بني !

فأنفق , فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( فذكر الحديث ) , فخرج

فلقي عمر , فأخبره , فجاء عمر فدخل عليها , فقال : بالله منهم أنا ? فقالت : لا

, و لن أبلي أحدا بعدك . و قال البزار : " رواه الأعمش و غيره عن أبي وائل عن

أم سلمة , و أبو وائل روى عنها ثلاثة أحاديث , و أدخل بعض الناس بينه و بينها

مسروقا " . قلت : و هذا إسناد صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين , و المتابع الذي

أشار إليه البزار للأعمش , لم أعرفه , و إنما توبع أبو معاوية , فأخرجه أحمد (

6 / 307 و 317 ) و إسحاق بن راهويه في " مسنده " ( 4 / 215 / 1 ) و أبو يعلى (

12 / 436 / 7003 ) و إبراهيم بن طهمان في " مشيخته " ( 189 / 143 ) و الطبراني

أيضا ( 23 / 319 / 724 ) من طرق عن الأعمش به . و رواية مسروق , يرويها شريك عن

عاصم عن أبي وائل عنه قال : " دخل عبد الرحمن على أم سلمة , فقالت : سمعت رسول

الله صلى الله عليه وسلم .. " الحديث , ليس فيه قصة عبد الرحمن مع المال .

أخرجه أحمد ( 6 / 312 ) و الطبراني ( 23 / 317 - 318 ) . قلت : و عاصم - و هو

ابن بهدلة - و هو حسن الحديث إذا لم يخالف , و قد خالفه الأعمش , و هو أوثق منه

, لكن فيه تدليس , و قد عنعنه , و قد ذكروا عاصما هذا في شيوخه , فإن كان سمعه

منه فالحديث حسن , و إلا فهو صحيح كما تقدم . و شريك - و هو ابن عبد الله

القاضي - سيىء الحفظ , لكن تابعه عند الطبراني عمرو بن أبي قيس , و هو صدوق له

أوهام كما في " التقريب " . و الحديث أورده الهيثمي في موضعين من " المجمع " (

1 / 112 و 9 / 72 ) , ساقه أولا بالرواية المختصرة - رواية شريك - و قال : "

رواه أحمد و أبو يعلى و الطبراني في " الكبير " , و في رواية أخرى لأبي يعلى و

أحمد عنها . ( فذكر الرواية التامة - رواية الأعمش ) و فيه عاصم بن بهدلة , و

هو ثقة يخطىء " ! ثم ساقه ثانيا - أعني في الموضع الآخر - بلفظ الرواية التامة

, و قال : " رواه البزار , و رجاله رجال الصحيح " ! و في هذا السياق و التخريج

أوهام في العزو لا تخفى على اللبيب , منها مثلا اقتصاره أخيرا في العزو على

البزار , و سياقه عند أحمد أيضا و الطبراني كما رأيت . و قال الحافظ في " مختصر

زوائد مسند البزار " ( 2 / 294 ) عقب قول البزار المتقدم : " صحيح " . و الظاهر

أنه يعني صحيح الإسناد . و الله أعلم .

2983 " هلم إلى الغداء المبارك . يعني السحور " .

 

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1204 :

 

أخرجه النسائي في " السنن الصغرى " ( 1 / 304 ) و في " الكبرى " ( 2 / 80 /

2475 ) من طريق # خالد بن معدان # قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

فذكره . قلت : و هذا إسناد صحيح مرسل , و له شواهد كثيرة مسندة في " السنن " و

غيرها , و صحح بعضها ابن خزيمة و ابن حبان و غيرهما , و قد كنت ذكرت بعضها في "

صحيح أبي داود " برقم ( 2030 ) , و منها عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه , فوقفت

الآن على إسناده في " المعجم الأوسط " للطبراني , فأحببت أن أخرجه هنا , قال

رحمه الله ( 1 / 30 / 2 / 497 - بترقيمي ) : حدثنا أحمد بن القاسم بن مساور

الجوهري , قال : حدثنا محمد بن إبراهيم - أخو أبي معمر - قال : حدثنا سفيان بن

عيينة عن إبراهيم بن ميسرة عن طاووس عن ابن عباس قال : أرسل إلي عمر بن الخطاب

يدعوني إلى السحور , و قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم سماه الغداء

المبارك . و قال الطبراني : " لا يروى عن عمر إلا من هذا الوجه , و لا نعلم

رواه عن ابن عيينة إلا محمد بن إبراهيم أخو أبي معمر " . قلت : ترجم له الخطيب

في " التاريخ " ( 1 / 387 ) و ساق له هذا الحديث من طريق الطبراني , و روى عن

يحيى بن معين أنه سئل عن أبي معمر ? فقال : " مثل أبي معمر لا يسأل عنه , هو و

أخوه من أهل الحديث " . ثم روى عن الحافظ موسى بن هارون قال : " محمد بن

إبراهيم أخو أبي معمر صدوق لا بأس به " . قلت : و من فوقه ثقات من رجال الشيخين

. و ابن مساور الجوهري من شيوخ الطبراني الثقات , عند الخطيب ( 4 / 349 ) و

الذهبي في " السير " ( 13 / 59 - 60 ) , فالإسناد صحيح . و مع كثرة شواهد هذا

الحديث و تصحيح جمع من الأئمة له , فقد أقدم المغرور المعجب بنفسه المعروف بـ (

حسان بن عبد المنان ) على تضعيفه من طرقه الثلاثة التي خرجها في تعليقه على

كتاب ابن القيم : " إغاثة اللهفان " ( 1 / 528 ) عن ثلاثة من الصحابة , و كتم

شواهد أخرى كهذين الشاهدين القويين , فضلا عن مثل قوله صلى الله عليه وسلم : "

تسحروا فإن في السحور بركة " . متفق عليه , و هو مخرج في " الروض النضير " ( 49

و 1089 ) . و له من مثل هذا التضعيف الجائر الخاطئ في تعليقه على هذا الكتاب و

غيره مئات الأحاديث الصحيحة يضعفها هو بجرأة عجيبة و قد صححها العلماء ! و أنا

الآن في صدد تتبعها في هذا الكتاب و غيره - إن تيسر لي ذلك - . و قد فرغت من

أحاديث الجزء الأول منه , فبلغت المائة تزيد قليلا أو تنقص . و الله المستعان .

2984 " ما من أحد من ولد آدم إلا قد أخطأ , أو هم بخطيئة , ليس يحيى بن زكريا " .

 

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1206 :

 

روي عن # عبد الله بن عباس و عبد الله بن عمرو بن العاص أو عن أبيه عمرو و أبي

هريرة و الحسن البصري مرسلا و يحيى بن جعدة مرسلا # . 1 - أما حديث ابن عباس ,

فله عنه طريقان : الأولى : عن حماد بن سلمة قال : أنبأنا علي بن زيد عن يوسف بن

مهران عنه مرفوعا به .‏أخرجه الحاكم ( 2 / 591 ) و البيهقي ( 10 / 186 ) و ابن

أبي شيبة في " المصنف " ( 11 / 562 ) و أحمد ( 1 / 254 و 292 و 295 و 301 و 320

) و أبو يعلى ( 4 / 418 / 2544 ) و الطبراني في " المعجم الكبير " ( 12 / 216 /

12933 ) و ابن عساكر في " تاريخ دمشق " ( 18 / 93 ) . قلت : و هذا إسناد ضعيف ,

و قد بينه الهيثمي في " مجمع الزوائد " , فقال ( 8 / 209 ) : " رواه أحمد و أبو

يعلى و البزار و الطبراني , و فيه علي بن زيد , و ضعفه الجمهور , و قد وثق , و

بقية رجال أحمد رجال الصحيح " . قلت : كذا قال . و قد سئل النووي عن الحديث : "

هل هو صحيح , و من رواه من أصحاب الكتب ? " . فأجاب : " هذا حديث ضعيف لا يجوز

الاحتجاج به , رواه أبو يعلى في " مسنده " عن زهير عن عفان عن حماد بن سلمة ..

و هذا الإسناد ضعيف , لأن علي بن زيد بن جدعان فيه ضعف , و يوسف بن مهران مختلف

في جرحه . و الله أعلم " . كذا في " الفتاوى " له ( ص 120 - 121 ) . قلت : و في

هذين النقلين نظر , بيانه فيما يأتي : أولا : لا يلزم من ضعف إسناد الحديث ضعف

متنه , لشواهده التي أشرت إليها أعلاه , و الآتي تخريجها , و هي خالية عن الضعف

الشديد بل إن أسانيد بعضها صحيح كما يأتي . ثانيا : لقد قصر النووي جدا في عزوه

إياه لأبي يعلى وحده , و قد رواه من هو أعلى طبقة منه كابن أبي شيبة و أحمد .

ثالثا : تخصيص الهيثمي أحمد بالذكر بكون رجاله رجال الصحيح , مع أن رجال أبي

يعلى كذلك . رابعا : قوله : " رجاله رجال الصحيح " وهم , أو أنه ظن أن ( يوسف

بن مهران ) هذا هو ( يوسف بن ماهك بن مهران ) المخرج له في " الصحيحين " , و هو

قول لبعضهم , لكن الصحيح أنه ليس به كما جزم به الحافظ المزي و الذهبي و

العسقلاني , و قد وثقه أبو زرعة و غيره . خامسا : حشره البزار مع أحمد و أبي

يعلى يشعر بأنه عنده من هذا الوجه , و ليس كذلك , و إنما رواه من الطريق

التالية , و لم يتنبه لذلك المعلق أو المعلقان على " مسند أبي يعلى " ! مغترين

بتعليق الشيخ الأعظمي الآتي ! الطريق الثانية : عن محمد بن عون الخراساني عن

عكرمة عن ابن عباس . أخرجه البزار ( 3 / 109 / 2359 ) و ابن عساكر ( 18 / 93 )

. قلت : و الخراساني هذا متروك الحديث , فيخشى أن يكون وهم في إسناده . و قد ظن

الشيخ الأعظمي أنه سقط من إسناده ابن جدعان متأثرا بحشر الهيثمي المذكور آنفا ,

فقال في تعليقه على " كشف الأستار " عقب عبارته المتقدمة : " قلت : ليس في

الأصل ( علي بن زيد ) في إسناد حديث عكرمة عن ابن عباس " . قلت : و لا ينبغي أن

يكون , فإنه ليس له رواية عن عكرمة , بخلاف محمد بن عون الخراساني , فقد ذكروه

في الرواة عنه . الطريق الثالثة : عن موسى بن إبراهيم بن جعفر بن مهران السباك

: أخبرنا أبي إبراهيم ابن جعفر بن مهران أخبرنا سليمان بن حرب أخبرنا شعبة عن

حبيب بن أبي ثابت عن سعيد ابن جبير عنه به . أخرجه ابن عساكر أيضا . قلت : و

موسى بن إبراهيم السباك و أبوه لم أعرفهما , و من فوقه من رجال الشيخين , غير

أن ابن أبي ثابت مدلس . 2 - عبد الله بن عمرو بن العاص أو أبوه عمرو , يرويه

يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب عنه . أخرجه الطبري في " التفسير " ( 3 / 174 )

و البزار ( 2360 ) و ابن عساكر ( 18 / 82 ) من طرق عن يحيى به . بعضهم قال : عن

ابن عمرو , و بعضهم : عن عمرو , و أحدهم : عن ابن العاص , و بعضهم أوقفه , و كل

ذلك لا يضر , فإنه في حكم المرفوع , لاسيما و زيادة الثقة مقبولة , و سواء كان

المسند ابن عمرو أو أباه , فهو انتقال من صحابي إلى صحابي , و كلهم عدول , و

الأرجح أنه عن ابن عمرو , فإن سعيدا معروف بالرواية عنه . و زاد الطبري و ابن

عساكر : قال : ثم دلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يده إلى الأرض , و أخذ عودا

صغيرا ثم قال : " و ذلك أنه لم يكن له ما للرجل إلا مثل هذا العود , و لذلك

سماه الله *( سيدا و حصورا و نبيا من الصالحين )* . و إسنادها حسن , و أخرجها

ابن أبي حاتم في " تفسيره " ( 2 / 2 / 1 ) من طريق أخرى عن يحيى بن سعيد به ,

إلا أنه قال : " عن ابن العاص , لا يدرى : عبد الله بن عمرو , أو عمرو " . و

إسناده صحيح , و استغربه ابن كثير ( 1 / 361 ) و لا أرى له وجها , فإنه لم يقف

على الطريق الأخرى عند الطبري و ابن عساكر . و قال الهيثمي في رواية البزار : "

و رجاله ثقات " . و أقول : إسناده صحيح , رجاله كلهم ثقات رجال البخاري غير

شيخه محمد بن الوليد - و هو البغدادي - قال الذهبي : " ثقة " . و قال الحافظ :

" صدوق " . و لفظ حديثه : " لا ينبغي لأحد [ أن ] يقول : أنا خير من يحيى بن

زكريا , ما هم بخطيئة , أحسبه قال : و لا عملها " . 3 - أبو هريرة , يرويه أبو

الأزهر حجاج بن سليمان عن الليث بن سعد عن محمد بن عجلان عن القعقاع عن أبي

صالح عنه مرفوعا بلفظ : " كل ابن آدم يلقى الله بذنب قد أذنبه يعذبه عليه إن

شاء أو يرحمه , إلا يحيى ابن زكريا كان *( سيدا و حصورا و نبيا من الصالحين )*

" . ثم أهوى النبي صلى الله عليه وسلم إلى قذاة من الأرض , و قال : " كان ذكره

مثل هذه القذاة " . أخرجه ابن أبي حاتم ( 2 / 23 / 2 ) و ابن عدي ( 2 / 234 ) و

الطبراني في " المعجم الأوسط " ( 2 / 8 - 1 / 6700 - بترقيمي ) و ابن عساكر (

18 / 93 - 94 ) من طريقين عن الحجاج به . و قال ابن أبي حاتم : " قال أبي : لم

يكن هذا الحديث عند أحد غير الحجاج , و لم يكن في كتاب ( الليث ) , و حجاج هذا

شيخ معروف " . و كذا قال في " الجرح و التعديل " , و ذكره ابن حبان في " الثقات

" ( 8 / 202 ) و قال : " يعتبر حديثه إذا روى عن الثقات " . و نحوه قول ابن عدي

في آخر ترجمته : " إذا روى عن غير ابن لهيعة , فهو مستقيم إن شاء الله تعالى "

. و في " الميزان " و " اللسان " : " قال ابن يونس : في حديثه مناكير , و قال

أبو زرعة : منكر الحديث . و مشاه ابن عدي " . 4 - الحسن البصري مرفوعا مثل حديث

ابن مهران عن ابن عباس . رواه حماد بن سلمة أيضا عن حبيب بن الشهيد و يونس بن

عبيد و حميد عنه . أخرجه الحاكم أيضا , و كذا البيهقي , و ابن عساكر , ثلاثتهم

مع حديث يوسف بن مهران عن ابن عباس , و بيض له الحاكم , و قال الذهبي في "

التلخيص " : " قلت : إسناده جيد " . كذا قال , و النقد العلمي - فيما أعلم - لا

يساعد على ذلك , أما بالنسبة لحديث ابن عباس فلما عرفت من حال ابن مهران و ابن

جدعان , و أما بالنسبة لحديث الحسن فلإرساله , فلعله يريد أنه جيد بمجموع

الإسنادين . و الله أعلم . 5 - يحيى بن جعدة : قال رسول الله صلى الله عليه

وسلم : " لا ينبغي لأحد أن يقول : أنا خير من يحيى بن زكريا , ما هم بخطيئة , و

لا حاكت في صدره امرأة " . أخرجه ابن عساكر ( 18 / 92 ) من طريق أبي الموجه

محمد بن عمرو بن الموجه بن إبراهيم بن غزوان : صدقة بن الفضل : أخبرنا ابن

عيينة عن عمرو عن يحيى بن جعدة به . و عزاه السيوطي في " الدر المنثور " ( 4 /

262 ) لأحمد أيضا في " الزهد " , و ليس هو في القطعة المطبوعة منه . و الله

أعلم . و السند الصحيح , و لكنه مرسل أيضا , رجاله كلهم ثقات رجال البخاري ,

غير أبي الموجه محمد بن عمرو و هو من الحفاظ الثقات المترجمين في " تذكرة

الحفاظ " , و في " السير " ( 13 / 347 - 348 ) و قد ذكر السمعاني في ترجمة

الراوي عنه ( أبو محمد الحسن بن محمد بن حليم الحليمي ) أنه حدث بـ " مسند أبي

الموجه .. " , و هذه فائدة لم يذكرها الذهبي أن له ( مسندا ) , و لا يبعد أن

يكون هذا الحديث فيه مع غيره مما في معناه . و هناك حديث آخر عند ابن عساكر (

18 / 94 ) من حديث معاذ بن جبل أعرضت عن ذكره , لأن فيه ( إسحاق بن بشر ) , و

كنيته أبو حذيفة , متهم بالكذب . و بعد , فإني أستدرك و أقول : لقد أخرج البزار

أيضا حديث ابن عباس من الطريق الأولى أيضا , لكن مطولا , و جاء هذا المتن في

آخره رقم ( 2358 ) و هو رواية للطبراني ( 12 / 218 / 12938 ) و قال البزار : "

لا نعلم حدث به بهذا اللفظ إلا يوسف , و لا عنه إلا علي بن زيد وحده " . قلت :

و هو ضعيف كما تقدم . و عزاه السيوطي في " الدر " لابن المنذر أيضا , و ابن أبي

حاتم و ابن مردويه و ابن خزيمة , و الدارقطني في " الأفراد " , و أبي نصر

السجزي , و سكت عنه كغالب عادته , و ما أظنه إلا من هذا الوجه , و يؤيده أن

الحافظ ابن كثير ذكره في " التاريخ " ( 2 / 51 ) برواية ابن خزيمة و الدارقطني

من هذا الوجه , و قال : " ثم قال ابن خزيمة : و ليس على شرطنا " . قلت : و قال

في ابن جدعان : " لا أحتج به لسوء حفظه " . و خلاصة القول في هذا الحديث أنه

صحيح بلا ريب , على الأقل بمجموع طرقه , لأن أكثرها ليست شديدة الضعف , بل إن

بعضها صحيح لذاته عند البزار و غيره عن ابن عمرو , فتضعيف النووي إياه مردود ,

و كذا إعلال ابن كثير لبعض طرقه في " التاريخ " و " التفسير " ( 1 / 361 و 3 /

113 - 114 ) , فإنه لم يقف على أكثر الطرق التي ذكرتها , و بخاصة طريق البزار .

و لذلك فلا ينبغي أن يلتفت إلى ما ذكره عن القاضي عياض في تفسير قوله تعالى في

يحيى عليه السلام : *( و حصورا )* , مما يشعر رده لهذا الحديث . و الله سبحانه

و تعالى أعلم . و زيادة في الفائدة أقول : و أما حديث أبي أمامة مرفوعا بلفظ :

" أربعة لعنوا في الدنيا و الآخرة .. " , فذكرهم , و رابعهم : " و رجل حصور , و

لم يجعل الله له حصورا إلا يحيى بن زكريا " . فهو حديث منكر ضعيف الإسناد جدا ,

و قد خرجته في " غاية المرام " برقم ( 89 ) , و سكت عنه الآلوسي في " تفسيره "

( 2 / 148 ) , فما أحسن .

2985 " نهى أن نأكل طعام ( و في رواية : هدية ) الأعراب " .

 

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1213 :

 

أخرجه الحاكم ( 4 / 128 ) و أحمد ( 6 / 133 ) و البزار ( 2 / 395 ) من طرق عن

عبد الرحمن بن حرملة الأسلمي قال : سمعت عبد الله بن دينار الأسلمي يحدث عن

عروة عن # عائشة # قالت : أهدت أم سنبلة لرسول الله صلى الله عليه وسلم لبنا ,

فدخلت علي به , فلم تجده , فقلت لها : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نهى

أن نأكل طعام الأعراب , فدخل النبي صلى الله عليه وسلم و أبو بكر , فقال النبي

صلى الله عليه وسلم : " يا أم سنبلة ! ما هذا معك ? " . قالت : لبن يا رسول

الله , أهديته لك , قال : " اسكبي أم سنبلة , ناولي أبا بكر " . ثم قال : "

اسكبي أم سنبلة , ناولي عائشة " . ثم قال : " اسكبي أم سنبلة " . فناولته النبي

صلى الله عليه وسلم فشرب , قالت : فقلت : يا بردها على الكبد ! يا رسول الله !

قد كنت نهيت عن طعام الأعراب ? قال : " يا عائشة ! إنهم ليسوا بأعراب , هم أهل

باديتنا , و نحن أهل حاضرتهم , و إذا دعوا أجابوا , فليسوا بأعراب " . و السياق

للبزار , و قال الحاكم : " صحيح الإسناد " . و وافقه الذهبي , و هو كما قالا .

و قال الهيثمي في " المجمع " ( 4 / 149 ) : " رواه أحمد و أبو يعلى و البزار ,

و رجاله رجال الصحيح " . قلت : و كذلك رجال البزار في إحدى روايتيه ( 1941 ) و

هو عنده في الرواية الأولى من طريق بشر بن معاذ العقدي : حدثنا عبد الله بن

جعفر : حدثنا عبد الرحمن بن حرملة .. و قد أخرجه ابن سعد في " الطبقات " ( 8 /

294 ) : أخبرنا محمد بن عمر : حدثني عبد الله بن جعفر به أتم منه بلفظ : "

نهانا أن نقبل هدية من أعرابي " , فقال : " هدية " مكان " الطعام " . لكن محمد

بن عمر - و هو الواقدي - متروك , و سكت عنه الحافظ في " الإصابة " , و لعل ذلك

لرواية ابن منده من طريق أبي أويس عن عبد الرحمن بن حرملة بلفظ : " نهى أن نأكل

ما تهديه الأعراب " . و أبو أويس اسمه عبد الله بن عبد الله بن أويس الأصبحي

المدني , و هو صدوق يهم , روى له مسلم في الشواهد . و يشهد له رواية أبي يعلى

في " مسنده " ( 8 / 209 / 4773 ) من طريق محمد بن إسحاق عن صالح بن كيسان عن

عروة عن عائشة قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " لا أقبل هدية

من أعرابي " . فجاءته أم سنبلة الأسلمية بوطب لبن أهدته له .. الحديث نحوه . و

عزاه الحافظ لأبي نعيم , و سكت عنه . و ابن إسحاق مدلس , و قد عنعنه . و أخرجه

الطبراني في " المعجم الكبير " ( 25 / 163 - 164 ) من طريق أخرى عن أم سنبلة

نفسها بزيادة و نقص . و في إسناده من لا يعرف .

2986 " اجلدوه ضرب مائة سوط , قالوا : يا نبي الله ! هو أضعف من ذلك , لو ضربناه

مائة سوط مات ? قال : فخذوا له عثكالا فيه مائة شمراخ فاضربوه ضربة واحدة " .

 

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1215 :

 

أخرجه النسائي في " السنن الكبرى " ( 4 / 313 / 7309 ) و ابن ماجه ( 2574 ) و

البيهقي ( 8 / 230 ) و البغوي في " شرح السنة " ( 10 / 303 / 2591 ) و أحمد ( 5

/ 222 ) و الطبراني في " المعجم الكبير " ( 6 / 77 / 5521 و 5522 ) <1> كلهم من

طريق محمد بن إسحاق عن يعقوب بن عبد الله بن الأشج عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف

عن # سعيد بن سعد بن عبادة # قال : كان بين أبياتنا رجل مخدج ضعيف , فلم يرع

إلا و هو على أمة من إماء الدار يخبث بها , فرفع شأنه سعد بن عبادة إلى رسول

الله صلى الله عليه وسلم , فقال : فذكره . قلت : و هذا إسناد رجاله ثقات , لكن

ابن إسحاق مدلس , و قد عنعنه عندهم جميعا , و على ضعف يسير في حفظه , و قد

خالفه ابن عجلان فقال : حدثني يعقوب بن عبد الله بن الأشج عن أبي أمامة بن سهل

بن حنيف أن امرأة حملت .. الحديث . نحوه , لم يذكر في إسناده ( سعيد بن سعد بن

عبادة ) , فأرسله , و هذا هو الصحيح أو الأصح , فقد أخرجه النسائي ( 7301 -

7308 ) و البيهقي أيضا , و كذا البغوي , و الطبراني في " المعجم الأوسط " ( 1 /

38 / 2 / 652 ) من طرق كثيرة عن أبي أمامة بن سهل به مرسلا . و خالفهم جماعة ,

فرواه يونس عن ابن شهاب قال : أخبرني أبو أمامة بن سهل بن حنيف أنه أخبره بعض

أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأنصار أنه .. فذكر الحديث بنحوه .

أخرجه أبو داود ( 4472 ) و ابن الجارود في " المنتقى " ( 277 / 817 ) من طريقين

عنه . قلت : و هذا إسناد صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين لولا المخالفة . و أما

قول الحافظ في " بلوغ المرام " ( 4 / 16 - 17 - سبل السلام ) : " رواه أحمد و

النسائي و ابن ماجه , و إسناده حسن , لكن اختلفوا في وصله و إرساله " . فهو

يعني الطريق الأولى , و حينئذ ففي تحسينه نظر لعنعنة ابن إسحاق عند الثلاثة

الذين ذكرهم , و الثلاثة الآخرين الذين ذكرتهم كما سبق . و أما إسناد أبي داود

فهو صحيح مع التحفظ المذكور , و أما جهالة اسم الصحابة فلا تضر , على أنه قد

جاء مسمى على وجوه ثلاثة : الأول : سهل بن حنيف , يرويه أبو الزناد عن أبي

أمامة بن سهل بن حنيف عن أبيه قال : فذكره . أخرجه الدارقطني ( 3 / 100 رقم 67

) , و الطبراني ( رقم 5565 ) بسندين ضعيفين عنه و تابعه الزهري عن أبي أمامة به

. أخرجه النسائي ( رقم 7308 ) <2> , و الطبراني ( 5568 و 5587 ) من طريق إسحاق

بن راشد عن الزهري . لكن إسحاق هذا قال الدارقطني : " تكلموا في سماعه من

الزهري " . الثاني : أبو سعيد الخدري , يرويه سفيان بن عيينة عن أبي الزناد و

يحيى بن سعيد عن أبي أمامة بن سهل عنه به مختصرا . أخرجه الطبراني ( 5446 ) , و

الدارقطني ( 65 / 66 ) بإسنادين صحيحين عن سفيان به , و هما عمرو بن عون

الواسطي , و داود بن مهران . لكن قد رواه النسائي ( 7302 - 7304 ) و البيهقي ,

و البغوي من طرق أخرى و جمع ثقات أيضا عن سفيان به مرسلا دون ( أبي سعيد ) , و

تابعه هشيم و ابن أبي هلال عن يحيى بن سعيد وحده عن أبي أمامة مرسلا . و قال

البيهقي عقبه : " هذا هو المحفوظ عن سفيان مرسلا " . ثم أشار إلى الموصولات

المتقدمة . الثالث : سهل بن سعد , يرويه فليح عن أبي حازم عنه . أخرجه المحاملي

في " الأمالي " ( 1 / 117 / 77 ) و من طريقه الدارقطني رقم ( 64 ) , و البيهقي

, و قالا : " كذا قال , و الصواب : عن أبي حازم عن أبي أمامة بن سهل عن النبي

صلى الله عليه وسلم " . قلت : فليح هو ابن سليمان أبو يحيى المدني , مع كونه من

رجال الشيخين ففيه كلام من قبل حفظه , و قال الحافظ : " صدوق كثير الخطأ " .

لكنه لم يتفرد به , فقد تابعه أبو بكر بن أبي سبرة قال : حدثني أبو حازم به

مختصرا . أخرجه الطبراني ( 6 / 188 / 5820 ) , لكن ابن أبي سبرة هذا متروك كما

قال الهيثمي ( 6 / 252 ) إلا أنه قد تابعه الثقة المحتج به في " الصحيحين " زيد

بن أبي أنيسة , إلا أنه قد اختلف عليه , فقال عبيد الله بن عمرو عنه عن أبي

حازم عن سهل به . أخرجه النسائي في " الكبرى " ( رقم 7299 ) من طريقين عنه , و

إسناده صحيح . و قال أبو عبد الرحيم : حدثني زيد به , إلا أنه لم يذكر سهلا

فأرسله . أخرجه النسائي رقم ( 7301 ) , و إسناده صحيح أيضا , فإن ( أبا عبد

الرحيم ) - و اسمه خالد بن أبي يزيد بن سماك الحراني - ثقة من رجال مسلم , و

كذلك مخالفه عبيد الله بن عمرو - و هو الرقي - ثقة من رجال الشيخين , و روايته

أرجح عندي لأسباب وجيهة : الأول : لأن البخاري احتج به , و لم يحتج بأبي عبد

الرحيم كما سبق . الثاني : و لأنه ألصق و أحفظ لحديث شيخه زيد بن أبي أنيسة ,

كما يشعر بذلك قول ابن حبان في ترجمته في " الثقات " ( 7 / 149 ) : " كان راويا

لزيد بن أبي أنيسة " . الثالث : أن له متابعا , و هو فليح بن سليمان كما تقدم .

و لا يعكر على ترجيحي هذا رواية الطبراني في " الأوسط " برقم ( 652 ) من طريق

معلل بن نفيل الحراني قال : أخبرنا عبيد الله بن عمرو الرقي عن زيد به , إلا

أنه أرسله فلم يذكر فيه ( سهلا ) . فأقول : لا يعكر هذا على ما ذكرت , لأن (

معللا ) غير مشهور , و لم يترجم له أحد فيما علمت , غير أن ابن حبان ذكره في "

الثقات " ( 9 / 201 ) , أضف إلى ذلك أنه خالف الطريقين المشار إليهما في رواية

النسائي المتقدمة . و ختاما أقول : إن هذا الاختلاف الواقع في أسانيد الحديث عن

أبي أمامة بن سهل ابن حنيف هو من أغرب ما وقفت عليه من الاختلاف , فإنه ما يكاد

الباحث يقف على رواية ثقة و يقول في نفسه هذه هي المرجحة , حتى يقف على رواية

أخرى , فإذا هي تحول بينه و بين الترجيح , و هذا واضح جدا - و الحمد لله - في

هذا التخريج دون سواه , و لتجلي ذلك في ذهن الحافظ ابن حجر رحمه الله , لم يجزم

بترجيح رواية على أخرى , فإنه لما خرج الحديث في " التلخيص " ( 4 / 50 - 51 )

تخريجا مجملا ليس فيه التفصيل المتقدم , فقال في عقبه و بعد ما أقر تصويب

الدارقطني و البيهقي لإرساله : " فإن كانت الطرق كلها محفوظة فيكون أبو أمامة

قد حمله عن جماعة من الصحابة , و أرسله مرة " . و أقول : أما أن تكون الطرق

كلها محفوظة , فهو بعيد جدا , كما يتبين من هذا التحقيق الذي أجريته , ففي

رواية أبي أمامة عن سعيد بن سعد بن عبادة عنعنة ابن إسحاق , و الطرق عنه عن

أبيه ضعيفة , و لا يبقى لدينا مما يمكن القول بأنه محفوظ عنه إلا روايته عن أبي

سعيد الخدري , لكثرة الطرق عنه به , لكن الطرق عنه مرسلا أكثر , و لذلك جزم

البيهقي بأنه المحفوظ , و وافقه الحافظ , و يليها في الصحة عندي رواية ابن شهاب

عنه عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم , و كأنه لذلك صححها و انتقاها ابن

الجارود كما تقدم , و يكون هذا ( البعض ) سهل بن سعد , كما في رواية أبي حازم

عنه , و عليه يكون أبو حازم متابعا قويا لأبي أمامة في إسناده كما ترجح عندي

بمتابعة زيد بن أبي أنيسة لفليح . و لقد لفت نظري أن الحافظ رحمه الله لم يقف

على هذه المتابعة , و إلا لتعقب بها توهيم الدارقطني لفليح , و لترجح عنده أن

الحديث مسند صحيح , و لجزم دون ما تردد بأن أبا أمامة كان يسنده أحيانا كما في

رواية " المنتقى " , و لم يذكرها أيضا . و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات

. ( تنبيهات ) . الأول : حديث أبي أمامة عن أبيه ذكر الشيخ أبو الطيب في تعليقه

على " الدارقطني " ( 3 / 100 ) أن في إسناده عند النسائي عبد الأعلى بن عامر ..

و هذا وهم محض , فإنه ليس عنده إلا طريق إسحاق بن راشد المتقدمة . و لم يذكر

المزي في " التحفة " غيرها . الثاني : عزا أبو الطيب في التعليق المذكور قول

الحافظ المتقدم : " إن كانت الطرق كلها محفوظة .. " للطبراني ! و هذا وهم أيضا

, أو سوء حفظ , و هو الراجح عند التأمل . الثالث : لقد لخص المتعالم المدعو (

حسان عبد المنان ) في تعليقه على كتاب ابن القيم " إغاثة اللهفان " ( 2 / 114 -

115 ) تخريج الحافظ ابن حجر للحديث الذي أخذ من كتابه المطبوع أربعة عشر سطرا ,

لخص ذلك كله في أربعة أسطر ! ثلاثة منها في سرد أرقام مواضع الحديث في المصادر

السبعة التي عزاه إليها !! الأمر الذي لا يعجز عنه كاتب ! و أتبعها بقوله : "

.. بأسانيد و طرق مختلفة عن أبي أمامة بن سهل , يرسله و يوصله إلى غير واحد . و

يغلب عليه الصحة . انظر " تلخيص الحبير " ( 4 / 59 ) " . و فيه على إيجازه

جهالات : الأولى : إحالته إلى " التلخيص " موهما أنه صححه , أو أنه يمكن أن

يؤخذ منه الصحة , و ليس كذلك , و قد نقلت لك آنفا كلامه الذي يصوب الإرسال , و

الذي يشك فيه أن تكون الطرق كلها محفوظة , و بينت ما يرد عليه . الثانية : أن

قوله المذكور ليس فيه إلا حكاية واقع تلك الأسانيد , و ما هو الراجح منها و ما

هو المرجوح . الثالثة : قوله : " و يغلب عليه الصحة " كلام عشوائي مرتجل , ليس

عليه أثارة من علم , و لا هو من عبارات أهل العلم . الرابعة : لم يذكر متابعة

أبي حازم القوية لرواية أبي أمامة عن سهل بن سعد , التي بها رجحنا رواية أبي

أمامة هذه , و بها صح الحديث كما ذكرنا , و كل هذا يدل على أن الرجل ( يهرف بما

لا يعرف ) . و الله المستعان . و الحديث احتج به الإمام أحمد كما ذكر ذلك ابن

القيم في " الإغاثة " .

 

-----------------------------------------------------------

 

[1] ثم رأيته في " غريب الحديث " لأبي عبيد ( 1 / 291 ) من هذا الوجه .

[2] سقط منه " عن أبيه " , فصححته من " تحفة المزي " ( 4 / 98 / 4659 ) , و

يؤيده أنه عنده كالطبراني من طريق أحمد بن أبي شبيب عن موسى بن أعين عن إسحاق

. اهـ .

2987 " إن الجنة لا تدخلها عجوز " .

 

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1221 :

 

أخرجه الترمذي في " الشمائل " ( 2 / 39 - بشرحه ) و عنه البغوي في " التفسير "

( 8 / 14 ) و أبو الشيخ في " أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم " ( 78 / 182 -

بترقيمي ) <1> , و البيهقي في " البعث " ( 2 / 68 / 1 ) و البغوي في " الأنوار

" ( 1 / 258 / 220 ) من طريق مبارك بن فضالة عن # الحسن # قال : أتت عجوز إلى

النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله ! ادع الله أن يدخلني الجنة .

فقال : " يا أم فلان ! إن الجنة لا تدخلها عجوز " . قال : فولت تبكي . فقال : "

أخبروها أنها لا تدخلها و هي عجوز , إن الله تعالى يقول : *( إنا أنشأناهن

إنشاء . فجعلناهن أبكارا , عربا أترابا )* " . قلت : و هذا إسناد ضعيف مرسل ,

الحسن هو البصري , و المبارك بن فضالة ثقة , و لكنه مدلس و قد عنعنه . و

بالإرسال أعله الحافظ العراقي في " تخريج الأحياء " ( 3 / 129 ) و لكنه عقب

عليه فقال : " و أسنده ابن الجوزي في " الوفاء " من حديث أنس بسند ضعيف " . و

أقول : هو في النسخة المطبوعة من " الوفاء " ( 2 / 445 - تحقيق مصطفى عبد

الواحد ) بدون إسناد , و قد جاء في مقدمته قول المؤلف : " و لا أطرق الأحاديث

خوفا على السامع من ملالته " , و لذلك قال المحقق في مقدمته ( صفحة ص ) : " و

قد آثر ابن الجوزي حذف الأسانيد من أخباره رغبة في الإيجاز " . قلت : و ليته لم

يفعل , لأن قيمة الكتاب بأسانيده كما لا يخفى على المحققين حقا , و لكني في شك

كبير من كون ابن الجوزي هو الذي حذف الأسانيد , لتخريج الحافظ العراقي المذكور

, لكن عبارة ابن الجوزي في مقدمته تشعر بأن ذلك من عمله , فإن صح ذلك , فيكون

له كتابان بالاسم المذكور , أحدهما مسند , و هو الذي عزا إليه العراقي , و

الآخر هذا المختصر . و الله أعلم . و كنت أود منه أن يمدنا من حفظه ما يأخذ

بعضد هذا الإسناد المرسل ما نقوي به متنه علاوة على حديث أنس الذي ضعف إسناده ,

و لا ندري ما نسبة الضعف فيه , لنعلم هل يصلح للاعتضاد به أم لا ? و قد وقفت

على شاهد له من حديث عائشة رضي الله عنها , من طريقين عنها , أحدهما يصلح

للاستشهاد و التقوي به , يرويه ليث عن مجاهد عنها قالت : فذكره , و فيه : أن

العجوز إحدى خالات عائشة رضي الله عنها . أخرجه البيهقي في " البعث " <2> أيضا

( 2 / 67 / 2 ) و كذا أبو الشيخ في " الأخلاق " ( رقم 184 ) , لكن سقط من

الراوي أو الطابع أو الناسخ ذكر عائشة فصار مرسلا . و أما الطريق الأخرى ,

فيرويها الطبراني في " المعجم الأوسط " قال ( 2 / 39 / 5675 ) : حدثنا محمد بن

عثمان بن أبي شيبة قال : حدثنا أحمد بن طارق الواشي قال : حدثنا مسعدة بن اليسع

, قال : حدثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن عائشة به . و

قال : " لم يروه عن قتادة إلا سعيد بن أبي عروبة " . قلت : و هؤلاء ثقات , و

لكن النظر إنما هو فيمن هم دونهم , و هم : أولا : مسعدة ابن اليسع , و به أعله

الهيثمي , فقال في " المجمع " ( 10 / 419 ) : " رواه الطبراني في " الأوسط " ,

و فيه مسعدة بن اليسع , و هو ضعيف " ! كذا قال ! و فيه تساهل ظاهر , فإن هذا

التضعيف إنما يقوله الحفاظ المتأخرون الذين يعتمدون في الجرح و التعديل على

أقوال الحفاظ المتقدمين , إذا كانوا مسبوقين بالتضعيف من أحد هؤلاء المتقدمين ,

و لو كان قوله مرجوحا بالنسبة لأقوال الآخرين منهم , أقول : لا بأس أن يذكره

المتأخر لرأي رآه خطأ كان أو صوابا , أما أن يقتصر عليه و ليس له سلف من الحفاظ

المتقدمين , فلا شك أنه في هذه الحالة يكون تساهلا مردودا كما هو الشأن هنا ,

فإن مسعدة هذا قال الذهبي في " الميزان " , و وافقه العسقلاني في " اللسان " :

" هالك , كذبه أبو داود , و قال أحمد : حرقنا حديثه منذ دهر " . فمثل هذا

بالكاد أن يقال فيه : " متروك " , و أما أن يقال فيه : " ضعيف " فلا . ثانيا :

أحمد بن طارق الواشي لم أعرفه , و هذه النسبة لم يذكرها السمعاني و ابن الأثير

. ثالثا : محمد بن عثمان بن أبي شيبة , قال الحافظ في " المغني " : " وثقه جزرة

, و كذبه عبد الله بن أحمد " . هذا و يشهد لمعنى حديث الترجمة عموم قوله صلى

الله عليه وسلم : " يدخل أهل الجنة الجنة جردا مردا مكحلين , بني ثلاث و ثلاثين

" . حسنه الترمذي , و هو صحيح بمجموع طرقه و شواهده , و قد بينت ذلك في "

التعليق الرغيب " ( 4 / 245 ) و تقدم بعضها برقم ( 2512 ) .

( تنبيه ) : كنت خرجت الحديث في بعض مؤلفاتي مثل " غاية المرام " ( ص 215 - 216

) محسنا إياه , و الآن فقد ازداد قوة بهذا الحديث الصحيح , مع ما جاء في تفسير

*( إنا أنشأناهن إنشاء )* . و رغم ذلك كله , فقد أقدم ( هدام السنة ) المشهور

على تجاهل رواية البيهقي لحديث عائشة السالمة من مسعدة ( الهالك ) , و إنما قلت

: " تجاهل " - و لم أقل " جهل " كما تقتضيه قاعدة حسن الظن بالمسلم , و لو أنه

لم يبق مجالا لحسن الظن به لكثرة تجاوزاته و مخالفاته - لم أقل " جهل " , و

إنما " تجاهل " لأنه على علم برواية البيهقي , لأنه لم ينقل رواية الطبراني

مباشرة من " معجمه " , و إنما بواسطة الدر " المنثور " كما ذكر ذلك بالجزء و

الصفحة , و هو فيه معزو للبيهقي أيضا , فتعامى عنها , و هكذا فليكن التدليس و

الإخلال بالأمانة العلمية . و قد يقال : إنه لم يعزه للبيهقي لأنه لم يقف على

إسناده , و أنه مغاير لإسناد الطبراني . قلت : هذا ممكن , فإن كان كذلك فهو عذر

أقبح من ذنب , لأن من كان ناصحا لنفسه أولا , ثم لقرائه ثانيا لا يتجرأ على

تضعيف حديث رواه بعض الأئمة و لم يقف المضعف على إسناده , لاحتمال أن يتغير

الحكم على الحديث كما هو الشأن هنا , حتى و لو كان هو قد لا يرى ذلك , و لكن لا

غرابة في كتمانه لهذا الشاهد , فقد كتم ما هو أقوى منه في عشرات الأحاديث , كما

سبق بيانه في مناسبات كثيرة , و بخاصة فيما أنا فيه الآن من تتبعي لتضعيفاته

الكثيرة جدا لأحاديث " الإغاثة " الصحيحة . و الله المستعان .

 

-----------------------------------------------------------

 

[1] لكن سقط منه إسناده , و أدرج في آخر حديث أنس الصحيح في قوله صلى الله عليه

وسلم : " و هل تلد الإبل إلا النوق ? " . و هو مخرج في " مختصر الشمائل " ( رقم

205 ) .

[2] وقع في " الدر المنثور " ( 6 / 158 ) : " الشعب " , و كذلك وقع في بعض

تأليفي نقلا عنه , و يبدو لي أنه خطأ مطبعي . اهـ .

2988 " يا جد ! هل لك في جلاد بني الأصفر ? " .

 

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1225 :

 

أخرجه ابن أبي حاتم في " التفسير " ( 4 / 51 / 1 ) من طريق محمد بن إسحاق :

أخبرني سعيد بن عبد الرحمن بن حسان بن ثابت عن # جابر بن عبد الله # قال : سمعت

رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : فذكره , قال جد : أو تأذن لي يا رسول الله

, فإني رجل أحب النساء , و إني أخشى إن أنا رأيت بنات بني الأصفر أن أفتن ?

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم - و هو معرض عنه - : " قد أذنت لك " . فعند

ذلك أنزل الله : *( و منهم من يقول ائذن لي و لا تفتني ألا في الفتنة سقطوا )*

. قلت : و هذا إسناد حسن , رجاله ثقات معروفون من رجال " التهذيب " غير سعيد بن

عبد الرحمن هذا , فأورده ابن أبي حاتم في " الجرح و التعديل " ( 2 / 1 / 39 )

برواية ابن إسحاق هذا , و بيض له , و ذكره ابن حبان في " الثقات " ( 6 / 249 )

و قال : " روى عنه أهل المدينة , و كان شاعرا " . قلت : فهو إذن معروف و تابعي

, و لذلك حسنته , و قد ذكره ابن إسحاق في " السيرة " ( 4 / 169 - 170 ) بأتم

منه من تحديثه عن الزهري و يزيد بن رومان و عبد الله بن أبي بكر و عاصم بن عمر

بن قتادة و غيرهم من العلماء , الأمر الذي يشعر بأن الحديث كان مشهورا عندهم .

و من طريق ابن إسحاق أخرجه الطبري في " التفسير " ( 10 / 104 ) و البيهقي في "

دلائل النبوة " ( 5 / 213 - 214 ) . و له شاهد من حديث ابن عباس , و مرسل مجاهد

. أما حديث ابن عباس , فله طريقان : أحدهما : يرويه بشر بن عمارة عن أبي ورق عن

الضحاك بن مزاحم عنه قال : لما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة ( تبوك

) , قال لجد بن قيس : " هل لك في بنات الأصفر ? " . فقال : ائذن لي و لا تفتني

! فأنزل الله عز وجل : *( و منهم من يقول ائذن لي و لا تفتني )* . أخرجه

الطبراني في " المعجم الكبير " ( 2 / 308 / 2154 و 12 / 122 / 12954 ) و "

الأوسط " ( 2 / 42 / 2 / 5734 - بترقيمي ) من طريق يحيى بن عبد الحميد : حدثنا

بشر بن عمارة به . و قال : " لم يروه عن أبي روق إلا بشر بن عمارة " . قلت : و

هو ضعيف كما في " التقريب " , و نحوه الراوي عنه يحيى بن عبد الحميد , و هو

الحماني , و به فقط أعله الهيثمي فقال في " المجمع " ( 7 / 30 ) : " رواه

الطبراني في " الكبير " و " الأوسط " , و فيه يحيى الحماني , و هو ضعيف " . و

قلده مضعف الأحاديث الصحيحة في تعليقه على " إغاثة اللهفان " ( 2 / 195 ) و لا

وجه لإعلاله به , لأنه لم يتفرد به , كما أشار إلى ذلك الطبراني في قوله

المذكور , فقد تابعه محمد بن عمران عند أبي نعيم في " المعرفة " ( 1 / 142 / 1

) . و ابن عمران هو ابن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري , و هو ثقة .

و فيه علة أخرى و هي الانقطاع بين الضحاك و ابن عباس , فإنه لم يلقه . لكن يشهد

له الطريق الآتية , و لاسيما و قد قال فيه الذهبي في " المغني " : " و هو قوي

في التفسير " . و الطريق الآخر : يرويه جبارة بن المغلس : حدثنا أبو شيبة

إبراهيم بن عثمان عن الحكم عن مجاهد عن ابن عباس مرفوعا : " اغزوا تغنموا بنات

الأصفر " . فقال ناس من المنافقين : إنه ليفتنكم بالنساء ! فأنزل الله عز وجل

*( و منهم من يقول ائذن لي و لا تفتني )* . أخرجه الطبراني أيضا في " الكبير "

( 11 / 63 / 11052 ) , و أعله الهيثمي بقوله : " و فيه أبو شيبة إبراهيم بن

عثمان , و هو ضعيف " . قلت : و قلده الهدام , و هذا منه على خلاف عادته و هدمه

, فإنه ينطلق فيه إلى تبني أسوأ ما قيل في الراوي , و لو كان مرجوحا , و ما هنا

على العكس تماما , فإن الراجح في أبي شيبة هذا أنه متروك , كما في " الكاشف " و

" التقريب " و غيرهما , فما هو السبب يا ترى ? و الجواب : هو التقليد حين لا

يهمه الأمر , و إلا اجتهد , و لو خالف الأئمة الأوتاد ! و إن مما يؤكد ما ذكرت

أنه فاته أن الراوي عنه جبارة بن المغلس ضعيف أيضا كما قال الذهبي و العسقلاني

, بل كذبه بعضهم . فالإسناد شديد الضعف لا يستشهد به . و إن مما يؤكد ذلك أن

المحفوظ عن مجاهد مرسل , أخرجه ابن جرير في " تفسيره " ( 10 / 104 ) من طريق

عيسى عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قول الله : *( ائذن لي و لا تفتني )* . قال :

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اغزوا تبوك تغنموا بنات الأصفر و نساء

الروم " . فقال الجد : ائذن لنا , و لا تفتنا بالنساء . قلت : و هذا إسناد صحيح

مرسل عن مجاهد , و هو شاهد قوي لحديث ابن عباس , فإنه من تلامذته , ممن تلقوا

التفسير عنه , و ابن أبي نجيح اسمه عبد الله , قال الذهبي في " الميزان " : "

صاحب التفسير , أخذ عن مجاهد و عطاء , و هو من الأئمة الأثبات . و قال يحيى

القطان : لم يسمع التفسير كله من مجاهد , بل كله عن القاسم بن أبي بزة " . قلت

: و القاسم هذا ثقة احتج به الشيخان . و ذكر المزي في ترجمة ابن أبي نجيح أن

الشيخين أخرجا له عن مجاهد . و تابعه ابن جريج عن مجاهد . أخرجه ابن جرير أيضا

. و هو في " تفسير مجاهد " المطبوع على نفقة الشيخ خليفة أمير دولة قطر ( ص 281

) من الطريق الأولى عن مجاهد , لكن في السند إليه متهم فهو - ككتاب - بحاجة إلى

دعم , لكن هذا الحديث منه مدعم برواية ابن جرير هذه , فتنبه . ( تنبيه ) : أخرج

عبد الرزاق في " تفسيره " ( 1 / 2 / 277 ) من طريق الكلبي في تفسير الآية

المتقدمة *( ائذن لي .. )* نحو حديث الضحاك عن ابن عباس , و الكلبي متهم بالكذب

, و ما كنت لأذكره هنا إلا لأنبه على مصيبة من المصائب التي لا يعرفها المسلمون

, و بخاصة المثقفين منهم , و ذلك لغلبة المادة عليهم سمعة أو مالا أو نحو ذلك ,

فقد علق على هذا الحديث محققه الدكتور ( مصطفى مسلم محمد ) , فقال , و بئس ما

قال : " رواه أحمد ج6 ص 22 , ج5 ص 25 , و ابن ماجه في الفتن 25 " ! و هذا

التخريج لا يصلح لهذا الحديث البتة , و إنما هو لحديث آخر من رواية عوف ابن

مالك رضي الله عنه في أشراط الساعة , و فيه قوله صلى الله عليه وسلم : " ثم

يأتيكم بنو الأصفر .. " ! فكيف وقع هذا الخلط من مثل هذا الدكتور ? و ليس هذا

خطأ مطبعيا كما يقع أحيانا , و إنما هو - و الله أعلم - أن الدكتور رجع إلى بعض

الفهارس الحديثة , فوجد فيه لفظ " الأصفر " معزوا إلى أحمد و ابن ماجه , فعزاه

إليهما ! و هذه والله مصيبة الدهر , و مما زاد في الطين بلة أن الرقم الثاني (

5 / 25 ) ليس فيه حتى هذا اللفظ ! و هذا مما يؤكد أنه نقله من ( الفهرس ) كما

وجده , و لم يكلف نفسه أن يرجع إلى مكان الحديث المشار إليه بالرقم : هل هو

الحديث الذي أشير إليه بالرقم الأول , أم غيره ? و الله المستعان , و إنا لله و

إنا إليه راجعون . ثم رأيت الحافظ في " الإصابة " عزا حديث الضحاك لأبي نعيم و

ابن مردويه , ثم قال : " و رواه ابن مردويه من حديث عائشة بسند ضعيف أيضا , و

من حديث جابر بسند فيه مبهم " . قلت : فالظاهر أن إسناده عن جابر غير إسناده

عند ابن أبي حاتم , لأنه ليس فيه - كما رأيت - المبهم . و الله أعلم .

2989 " كان [ يعلمنا ] إذا أصبح [ أحدنا أن ] يقول : أصبحنا على فطرة الإسلام , و

كلمة الإخلاص , و دين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم , و ملة أبينا إبراهيم

حنيفا [ مسلما ] و ما كان من المشركين " .

 

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1230 :

 

أخرجه النسائي في " عمل اليوم و الليلة " ( 133 / 1 ) و كذا ابن السني ( 12 /

32 ) و الدارمي ( 2 / 292 ) و الطبراني في " الدعاء " ( 2 / 926 / 294 ) و ابن

أبي شيبة في " المصنف " ( 9 / 71 / 6591 ) و أحمد ( 3 / 407 ) من طرق كثيرة

صحيحة عن يحيى بن سعيد عن سفيان قال : حدثني سلمة بن كهيل عن عبد الله بن # عبد

الرحمن ابن أبزي # عن أبيه قال : فذكره . و الزيادتان الأوليان للطبراني , و

الأخيرة للجميع إلا أحمد . و في رواية له قال : حدثنا وكيع عن سفيان .. بلفظ :

" كان يقول إذا أصبح و إذا أمسى : أصبحنا .. " الحديث , فزاد : " و إذا أمسى "

. و عندي وقفة في ثبوت هذه الزيادة لمخالفة وكيع ليحيى بن سعيد , و هو القطان

الحافظ الكبير , و وكيع أيضا حافظ مثله أو قريب منه , و قد أثنى عليه الإمام

أحمد ثناء بالغا , كما ترى في ترجمته من " التهذيب " , و لكنه قال في ترجمة

يحيى بن سعيد : " إنه أثبت من هؤلاء . يعني ابن مهدي و وكيعا و غيرهما " . يضاف

إلى ذلك أن الزيادة المذكورة لم ترد في رواية شعبة الآتية , و لا في رواية ثقات

آخرين عن سفيان عند النسائي ( 290 / 343 و 344 ) و البيهقي في " الدعوات الكبير

" ( 19 / 26 ) . و قد خالف تلك الطرق الكثيرة عن يحيى و معه وكيع محمد بن بشار

فقال : حدثنا يحيى عن سفيان عن سلمة بن كهيل عن ذر , عن ابن عبد الرحمن بن أبزي

عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : أصبحنا .. الحديث . فأبهم التابعي و

لم يسمه , و أدخل بينه و بين سلمة ( ذرا ) . أخرجه النسائي ( 134 / 2 ) و لا

أشك في شذوذها لمخالفتها الجماعة . و هكذا رواه شعبة عن سلمة بالزيادة و

الإبهام . أخرجه النسائي رقم ( 3 و 345 ) و أحمد ( 3 / 406 و 407 ) لكنه سمى

المبهم ( سعيد بن عبد الرحمن ) , و البيهقي ( رقم 27 ) . قلت : و مخالفة شعبة

لسفيان - و هو الثوري - تعتبر شاذة , لأنه أحفظ منه باعتراف شعبة نفسه كما يأتي

. و لكن من الممكن أن يقال : إن سلمة ثقة ثبت , و كان يرويه على الوجهين : مرة

عن عبد الله بن عبد الرحمن , فحفظه سفيان , و مرة عن ذر عن سعيد بن عبد الرحمن

, فحفظه شعبة . و إن مما يقرب ذلك أن ( عبد الله ) و ( سعيدا ) أخوان . قال

الأثرم : قلت لأحمد : سعيد و عبد الله أخوان ? قال : نعم . قلت : فأيهما أحب

إليك ? قال : " كلاهما عندي حسن الحديث " . قلت : فلا يبعد أن يكون كل منهما

سمع الحديث من أبيهما عبد الرحمن , فرواه سلمة عن عبد الله مباشرة , و عن سعيد

بواسطة ( ذر ) , فروى عنه كل من سفيان و شعبة ما سمع , و كلاهما ثقة حافظ , و

لعل هذا الجمع أولى من تخطئة شعبة . و الله أعلم و على كل حال فالحديث صحيح ,

فإن الأخوين ثقتان , و إن كان سعيد أوثق , فقد احتج به الشيخان . و أما عبد

الله , فقد ذكره ابن حبان في " الثقات " ( 7 / 9 ) , و كذا ابن خلفون , و صحح

له الحاكم ( 2 / 240 - 241 ) و الذهبي , و روى عنه جمع من الثقات , فقول الحافظ

في " التقريب " : " مقبول " . فهو غير مقبول , و الأقرب قوله في " نتائج

الأفكار " ( 2 / 380 ) : " و هو حسن الحديث كما قاله الإمام أحمد " . فالإسناد

جيد , و بخاصة على الجمع المذكور بين روايتي سفيان و شعبة . و قد تابعه من لا

يفرح بمتابعته , و هو يحيى بن سلمة بن كهيل , و لكنه خالفه في صحابي الحديث ,

فقال : عن أبيه عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه عن أبي بن كعب .

هكذا أخرجه الطبراني ( رقم 293 ) من طريقين عنه . و خالفهما إسماعيل بن يحيى بن

سلمة بن كهيل , فقال : عن أبيه عن سلمة عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى به , زاد

في آخره : " و إذا أمسينا مثل ذلك " . أخرجه عبد الله بن أحمد في زوائد "

المسند " ( 5 / 123 ) قال : حدثني إبراهيم بن إسماعيل بن يحيى بن سلمة بن كهيل

: حدثني أبي . قلت : هذا إسناد ضعيف بمرة , إبراهيم هذا ضعيف , و أبوه إسماعيل

بن يحيى و جده متروكان , كما في " التقريب " , لكن الأب قد توبع كما تقدم ,

فالآفة يحيى بن سلمة . و الحديث أورده الهيثمي في " المجمع " ( 10 / 116 )

بزيادة وكيع , و قال : " رواه أحمد و الطبراني , و رجالهما رجال الصحيح " . و

عزاه النووي في " الأذكار " لابن السني فقط , و قال : " إسناده صحيح " , فما

أبعد , و تبعه الحافظ العراقي في " تخريج الإحياء " ( 1 / 327 ) و عزاه للنسائي

. و خالفه الحافظ في " تخريج الأذكار " , قال ( 2 / 379 ) : " حديث حسن " ! ثم

ذكر الخلاف بين سفيان و شعبة , ثم قال : " و مع هذا الاختلاف لا يتأتى الحكم

بصحته . و الله المستعان " . و أقول : ليس كل اختلاف له حظ من النظر , فإن

الراجح يقينا رواية سفيان على رواية شعبة , و مثل هذا لا يخفى على مثل الحافظ ,

فالظاهر أنه لم يتيسر له إمعان النظر في روايتيهما , كيف لا , و هو الذي ذكر في

ترجمة ( سفيان ) عن شعبة أنه قال : " سفيان أحفظ مني " . و بذلك جزم جماعة من

الحفاظ كأبي حاتم و أبي زرعة و ابن معين و صالح جزرة و غيرهم . و قال يحيى

القطان : " ليس أحد أحب إلي من شعبة , و لا يعدله أحد عندي , و إذا خالفه سفيان

أخذت بقول سفيان " , انظر " السير " ( 7 / 237 ) . و هنا تنبيهات على أوهام :

أولا : لقد ذكر الحديث ابن القيم رحمه الله في " إغاثة اللهفان " بلفظ : " كان

النبي صلى الله عليه وسلم يوصي أصحابه إذا أصبحوا أن يقولوا : أصبحنا .. " .

فلما أخرجه ( الهدام ) في تعليقه عليه ( 2 / 239 ) تخريجا مجملا , لبيان الخلاف

المتقدم في إسناده بين سفيان و شعبة ليختمه بقوله : " و الذي يظهر أن رواية

شعبة أقرب إلى الصواب , و إسناده صحيح " . فأقول : عليه مؤاخذات : الأولى : أنه

لم يبين للقراء وجه ما استظهره ! و هذا شأن العاجز أو الجاهل . و كثيرا ما يفعل

ذلك . الثانية : أن استظهاره باطل ما دام أنه سلك طريق الترجيح , لأنه خلاف قول

شعبة نفسه و أقوال الحفاظ الذين جاؤوا من بعده و شهدوا بشهادته أن رواية سفيان

عند الاختلاف أرجح من روايته كما تقدم , و هذا من الأدلة الكثيرة على أنه يركب

رأسه , و يخالف أئمته , و لا يبالي بهم أية مبالاة ! و قد يكون الذي حمله على

مخالفتهم أنه رأى رواية ابن بشار عن يحيى عن سفيان موافقة لرواية شعبة ,

فاعتبرها مرجحة لها , جاهلا أو متجاهلا أنها خطأ لمخالفتها لرواية الجماعة عن

يحيى عن سفيان , و لرواية الثقات الآخرين عن سفيان ! الثالثة : على ترجيحه

لرواية شعبة , فهو لم يخرج الحديث باللفظ الذي ذكره ابن القيم , لأنه ليس فيها

الوصية المذكورة فيه ! و التي هي معنى الزيادة التي أودعتها في حديث الترجمة ,

و قد أورده ابن أبي العز في " شرح الطحاوية " ( ص 96 - 97 / التاسعة ) بلفظ

أقرب إليها : " كان صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه إذا أصبحوا أن يقولوا .. "

. فهذا اللفظ إنما هو في حديث سفيان , و في رواية الطبراني كما تقدم , و عليه

يكون عنده مرجوحا لا يصح ! فيتأمل القراء نتيجة من يتكلم في علم لا يحسنه , و

مع ذلك فهو يخالف و يرد على كبار العلماء سلفا و خلفا ! نعوذ بالله من العجب و

الغرور و الخذلان . و اعلم أخي القارىء أن هذه الزيادة تتفق تماما مع قوله صلى

الله عليه وسلم في الحديث : " و دين نبينا محمد " , فإنه من المستبعد جدا أن

يذكر صلى الله عليه وسلم لفظا " نبينا " في دعائه لنفسه بهذا الورد , و إنما

تعليما لأمته صلى الله عليه وسلم , و لذلك لما لم يطلع الإمام النووي على هذه

الزيادة أجاب بجواب غير مقنع , فقال عقب الحديث : " قلت : كذا وقع في كتابه : "

و دين نبينا محمد , و هو غير ممتنع , و لعله صلى الله عليه وسلم قال ذلك جهرا

ليسمعه غيره فيتعلمه . و الله أعلم " . و من الغرائب أن يمر عليه ابن علان في

شرحه ( 3 / 126 ) فلا يعلق عليه بشيء , و كذلك الشوكاني في " تحفة الذاكرين " (

ص 66 ) ! المؤاخذة الرابعة على ( الهدام ) : أنه عزاه لأحمد . و الصواب : عبد

الله بن أحمد في " زوائد المسند " كما تقدم , و لعله لا يعلم أن في " المسند "

مئات الأحاديث هي من رواية عبد الله عن شيوخه كما هو معروف عند العلماء بهذا

الفن الشريف , بخلاف عبيد الفهارس ! و قد شاركه في هذا الجهل الدكتور المعلق

على كتاب " الدعاء " , فقال ( 2 / 926 ) تعليقا على حديث يحيى بن سلمة المتقدم

: " و قال في " المجمع " ( 10 / 166 ) : رواه عبد الله ( كذا ) و فيه إسماعيل

بن يحيى بن سلمة بن كهيل , و هو متروك " . فقوله : " كذا " فيه إشارة قوية إلى

استنكاره عزوه لـ ( عبد الله ) , و أكدها في الصفحة المقابلة , فعزاه لأحمد ( 5

/ 123 ) كما فعل الهدام تماما , و لعل هذا سرق هذا العزو منه , فإنه متأخر في

التأليف عنه , و هو مشهور - عند العارفين به - بالسرقة , و لاسيما من كتبي !

ثانيا : إعلال الهيثمي لرواية عبد الله بن أحمد بإسماعيل بن يحيى بن سلمة فقط ,

كما نقله الدكتور المشار إليه آنفا و أقره عليه , تقصير واضح أو غفلة , لأن

أباه يحيى بن سلمة متروك أيضا مثل ابنه كما تقدم بيانه في ( ص 1233 ) , و يظهر

أهمية هذه الغفلة إذا تذكرت أن إسماعيل قد توبع من طريقين كما تقدم من رواية

الطبراني . ثالثا : و بمناسبة طريقي الطبراني , فلابد الآن من بيانهما للفت

النظر إلى خطأ آخر وقع فيه الدكتور المشار إليه آنفا , فإنه عند الطبراني من

طريق محمد بن عبد الوهاب الحارثي و يحيى بن عبد الحميد الحماني قالا : حدثنا

يحيى بن سلمة .. فأعله الدكتور بيحيى بن سلمة , و قال : " و يحيى الحماني متكلم

فيه " ! فغفل عن متابعة محمد بن عبد الوهاب الحارثي , أو أنه لم يعرفه فسكت عنه

, و هو ثقة , ترجمه الخطيب ( 2 / 390 ) , و روى عن صالح جزرة أنه قال : ثقة .

مات سنة ( 229 ) , و وثقه ابن حبان أيضا , و البزار , انظر " الصحيحة " ( 3038

و 3040 ) . رابعا : غفل الأخ بدر البدر في تعليقه على " الزهد " عن شذوذ رواية

محمد بن بشار , و مخالفته لرواية الجماعة عن يحيى عن سفيان , فاعتبر رواية

سفيان الشاذة متابعة لرواية شعبة الشاذة !! فقال ( 2 / 19 و 20 ) : " و

الإسنادان ثابتان لا علة فيهما .. و تابع شعبة عليه سفيان الثوري عند النسائي (

2 ) " ! و هذا كله غفلة عن التحقيق السابق , و عن تسمية رواية أحمد <1> عن شعبة

لابن عبد الرحمن بن أبزى بـ ( سعيد ) الأمر الذي يؤكد أن الخلاف لا يزال قائما

بين الحافظين , فهذا يسميه بخلاف تسمية ذاك بـ ( عبد الله ) كما تقدم ,

فالمتابعة غير ثابتة حتى لو سلمنا بثبوت رواية ابن بشار كما هو ظاهر . فالصواب

ترجيح رواية سفيان على رواية شعبة , أو الجمع بينهما بأن كلا منهما حفظ ما سمع

كما تقدم بيانه . و قد كنت أشرت ( ص 1235 ) حين الرد على الهدام ترجيحه لرواية

شعبة على رواية سفيان , و تضعيفه لهذه أنه لعله اعتمد في ذلك على رواية ابن

بشار , فقد التقى مع الأخ بدر في الاعتماد , و لكن خالفه في التضعيف المذكور ,

فكان أبعد منه عن الصواب , و هذا كله - فيما أظن - من باب خالف تعرف , و لكي لا

يقال : إنه مقلد !! خامسا : وقع الحديث في عدة نسخ من " أذكار النووي " من مسند

( عبد الله بن أبزى ) , و كذلك هو في " شرح ابن علان " إياه ( 3 / 126 ) و هو

خطأ فاحش , و الصواب - كما عرفت - ( عبد الرحمن بن أبزى ) , و هو صحابي صغير ,

مثل ( محمود بن لبيد ) الذي ضعف حديثه ( الهدام ) ( 2 / 214 ) بحجة أنه مرسل !

بينما تراه هنا صحح حديث عبد الرحمن هذا ! و هكذا تراه يكيل بكيلين , و يزن

بميزانين . و الله المستعان , و لا حول و لا قوة إلا بالله .

 

-----------------------------------------------------------

[1] لما عزاه الأخ بدر إليه عزاه برقم ( 2 : 407 * ) هكذا بنجمة فلم أفهم أي

طبعة عنى , أو ماذا أراد ! . اهـ .

2990 " ثلاثة كلهن سحت : كسب الحجام , و مهر البغي , و ثمن الكلب , إلا الكلب الضاري

" .

 

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1238 :

 

أخرجه الدارقطني ( 3 / 72 ) من طريق محمد بن مصعب القرقساني : أخبرنا نافع بن

عمر عن الوليد بن عبيد الله بن أبي رباح عن عمه عطاء عن # أبي هريرة # عن النبي

صلى الله عليه وسلم .. و قال : " الوليد بن عبيد الله ضعيف " . قلت : و كذا قال

البيهقي في " السنن " ( 6 / 6 ) بعد أن ذكره معلقا . و محمد بن مصعب القرقساني

صدوق كثير الغلط , كما في " التقريب " , لكني أرى - و العلم عند الله - أن

الحديث صحيح لطرقه و شواهده , إلا جملة الاستثناء , فهي حسنة , و قد تصح للسبب

نفسه , فلننظر . أما الأول , فله طريق آخر , يرويه قيس بن سعد عن عطاء به نحوه

دون الاستثناء , و تقدم لفظه تحت الحديث ( 2971 ) . أخرجه ابن حبان ( 1118 )

بسند جيد . و تابعه الحجاج عن عطاء به نحوه . أخرجه أحمد ( 2 / 500 ) بسند

رجاله ثقات رجال الشيخين غير الحجاج , و هو ابن أرطاة , و هو ثقة , لكنه مدلس ,

و قد عنعنه . و له شاهد من حديث رافع بن خديج مرفوعا نحوه . أخرجه مسلم ( 5 /

35 ) و الترمذي ( 1275 ) <1> , و قال : " حديث حسن صحيح , و العمل على هذا عند

أكثر أهل العلم , كرهوا ثمن الكلب , و هو قول الشافعي و أحمد و إسحاق . و قد

رخص بعض أهل العلم في ثمن كلب الصيد " . قلت : و لهذا البعض هذا الحديث و ما

يشهد له : فأقول : له طريق أخرى , أو للوليد بن عبيد الله بن أبي رباح متابع

على جملة الاستثناء , فقال محمد بن سلمة : عن المثنى عن عطاء به . أخرجه

الدارقطني ( 3 / 73 / 275 ) و قال : " المثنى ضعيف " . قلت : هو ابن الصباح

اليماني , و ليس شديد الضعف , و قد وثقه ابن معين في رواية , و ضعفه الجمهور ,

و أبو حاتم الرازي مع تشدده المعروف في جرح الرواة ألان القول فيه , فقال : "

لين الحديث " . و اعتمده الذهبي في " الكاشف " , و قال في " المغني " : " و

مشاه بعضهم " . فكأنه يشير إلى ما تقدم , و قال الحافظ : " ضعيف اختلط بأخرة ,

و كان عابدا " . فكأنه يشير إلى أنه أدركته غفلة الصالحين , فمثله يستشهد به إن

شاء الله تعالى . و للاستثناء عن أبي هريرة طريق أخرى , يرويها حماد بن سلمة عن

أبي المهزم عنه قال : " نهي عن ثمن الكلب , إلا كلب الصيد " . أخرجه الترمذي (

1281 ) و قال : " لا يصح من هذا الوجه , و أبو المهزم اسمه يزيد بن سفيان , و

تكلم فيه شعبة و ضعفه . و قد روي عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو هذا

, و لا يصح إسناده أيضا " . و أبو المهزم متروك كما في " التقريب " , فلا

يستشهد به , و اقتصر في " التلخيص " على قوله فيه ( 3 / 4 ) : " و هو ضعيف " .

قلت : و لحماد بن سلمة إسناد آخر يرويه عن أبي الزبير عن جابر مرفوعا مثله . و

هو الذي أشار إليه الترمذي و ضعفه . و هو مخرج تحت الحديث الصحيح المتقدم برقم

( 2971 ) برواية النسائي , و ضعفه أيضا . و هو كما قال الحافظ : " رجاله ثقات "

, و فيه عنعنة أبي الزبير كما ترى . و قد اختلف في إسناده على حماد رفعا و وقفا

و إرسالا , و قال الدارقطني : " و الموقوف أصح " . و لم أجد ما يؤيده , لاسيما

و قد رواه الحسن بن أبي جعفر عن أبي الزبير عن جابر مرفوعا . أخرجه الدارقطني (

274 ) , و علقه البيهقي , و قال : " الحسن بن أبي جعفر ليس بالقوي " . و قال

الذهبي في " الكاشف " : " صالح , خير , ضعفوه " . و قال الحافظ : " ضعيف الحديث

مع عبادته و فضله " . قلت : فمثله يستشهد به إن شاء الله تعالى . فالراجح - و

الله أعلم - أن المرفوع المسند صحيح , لولا عنعنة أبي الزبير , و لذلك فما

استظهره ابن التركماني في " الجوهر النقي " ( 6 / 7 ) أن الحديث بهذا الاستثناء

صحيح , غير بعيد , قال : " و الاستثناء زيادة على أحاديث النهي عن ثمن الكلب ,

فوجب قبولها . و الله أعلم " . قلت : و قد جاءت آثار عن إبراهيم و عطاء و

غيرهما أنه لا بأس بثمن كلب الصيد , عند ابن أبي شيبة ( 6 / 246 - 248 ) . و

أما حديث " نهى عن ثمن الكلب , و إن كان ضاريا " , فهو منكر , تفرد به ابن

لهيعة , و لذلك كنت أوردته في " الضعيفة " ( 5790 ) . و جملة القول : أنني

بعدما وقفت على حديث الترجمة و بعض طرقه و شواهده وجب الرجوع عما كنت ذكرته تحت

الحديث ( 2971 ) مما ينافي ما جاء هنا من التحقيق , و الله ولي التوفيق . (

تنبيه ) : تقدم في أول هذا التخريج أن راوي الحديث ( الوليد بن عبيد الله بن

أبي رباح ) ضعفه الدارقطني . و قد نقله الذهبي عنه في " الميزان " و سكت و

استدرك عليه في " اللسان " , فقال : " و ذكره ابن حبان في " الثقات " , و أخرج

له ابن خزيمة في ( صحيحه ) " . قلت : أورده في طبقة ( أتباع التابعين ) ( 7 /

549 ) , برواية حفص بن غياث عنه , و قد روى عنه معقل بن عبيد الله أيضا كما في

" الجرح و التعديل " ( 4 / 2 / 9 ) و روى توثيقه عن ابن معين , و قد وقعت هذه

الرواية نفسها في الترجمة التي قبلها ( الوليد بن عبد الله بن أبي مغيث مولى

بني عبد الدار ) , و كذلك هي في " تاريخ الدارمي " ( ص 140 ) عن ابن معين ,

لكنه لم يقل ( ابن أبي مغيث .. ) , فالظاهر أنها مقحمة في ترجمة ( الوليد بن

عبيد الله ) في طبقة " الجرح و التعديل " . و روى عنه أيضا ( نافع بن عمر ) كما

تقدم في حديث الترجمة . فهؤلاء ثلاثة من الثقات رووا عنه , فهو صدوق لولا أن

الدارقطني ضعفه , و أقره الذهبي كما تقدم . و الله سبحانه و تعالى أعلم . و

بهذه المناسبة أقول : أخرج له ابن حبان في " صحيحه " ( 201 - الموارد ) حديث

صاحب الشجة الذي أجنب في شتاء بارد فأفتوه أنه لابد له من الغسل , فاغتسل فمات

, فقال صلى الله عليه وسلم : " قتلوه قتلهم الله .. " الحديث . أخرجه من طريق

ابن خزيمة , و هذا في " صحيحه " كما تقدم عن الحافظ , و أخرجه ابن الجارود

و الحاكم , و صححه هو و الذهبي , و قواه جمع منهم ابن القيم في " إغاثة اللهفان

" , أما المعلق عليه ( الهدام ) ابن عبد المنان , فضعفه كعادته في معاكسته

لأئمة السنة , و لما خرجه كتم عن قرائه هذا الإسناد الذي أقل ما يقال فيه - مع

تصحيح المذكورين إياه - أنه يستشهد به , كما كتم تصحيحهم , و كم له من مثل هذا

الجور في التضعيف و الكتمان , عليه من الله ما يستحق . انظر التفصيل في ردي

عليه رقم ( 3 ) يسر الله لي إتمامه .

 

-----------------------------------------------------------

[1] و استدركه الحاكم ( 2 / 42 ) , و قال : " صحيح على شرط الشيخين " . فوهم

على مسلم . اهـ .

2991 " سبحان الله ! لا من الله استحيوا , و لا من رسول الله استتروا . قاله في فئة

عراة " .

 

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1243 :

 

أخرجه أحمد و ابنه عبد الله ( 4 / 191 ) و أبو يعلى ( 3 / 109 - 110 ) و البزار

( 2 / 429 - 430 ) من طريقين عن سليمان بن زياد الحضرمي أن # عبد الله بن

الحارث بن جزء الزبيدي # حدثه : أنه مر و صاحب له بـ ( أيمن ) و فئة من قريش قد

حلوا أزرهم فجعلوها مخاريق يجتلدون بها و هم عراة , قال عبد الله : فلما مررنا

بهم قالوا : إن هؤلاء قسيسون فدعوهم . ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج

عليهم , فلما أبصروه تبددوا , فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم مغضبا حتى دخل

, و كنت وراء الحجرة فسمعته يقول : ( فذكره ) , و أم أيمن عنده تقول : استغفر

لهم يا رسول الله ! قال عبد الله : فبلأي ما استغفر لهم . قلت : و هذا إسناد

صحيح رجاله ثقات . و قال الهيثمي ( 8 / 27 ) : " رواه أحمد و أبو يعلى و البزار

و الطبراني , و أحد إسنادي الطبراني ثقات " . قلت : و فاته عزوه لعبد الله بن

أحمد , و قلده المعلق على " مسند أبي يعلى " , و المعلق على " المقصد العلي " (

3 / 50 ) مع أنهما عزواه لأحمد بنفس الجزء و الصفحة , و لكنهما لم ينتبها لما

في آخر الحديث : " قال عبد الله : و سمعته أنا من هارون " . قلت : و هارون هو

شيخ أبيه أحمد فيه , و هو هارون بن معروف المروزي , ثقة من رجال الشيخين .

غريب الحديث . 1 - قوله : ( بأيمن ) كذا في " المسند " و " جامع المسانيد " ( 7

/ 409 - 410 ) و " أطراف المسند " ( 2 / 699 ) و في " مسند أبي يعلى " : " بأم

أيمن " ! و في " البزار " " بناس " ! و هما محرفان - و الله أعلم - من الأول ,

و الثلاثة سقطوا من " مجمع الزوائد " و " المعجم الكبير " الذي فيه مسند ( عبد

الله بن الحارث ) لم يطبع بعد لنستعين به على التحقيق . و ( أيمن ) هو ابن ( أم

أيمن ) , له ذكر في الصحابة . 2 - ( مخاريق ) جمع ( مخراق ) : ثوب يلف , و يضرب

به الصبيان بعضهم بعضا . 3 - ( قسيسون ) . قلت : هو جمع ( قسيس ) , و هو العالم

العابد من رؤوس النصارى , كما في " المفردات " للراغب الأصبهاني و غيره .

فكأنهم يعنون أنهم متعبدون متشددون , كما يسمي اليهود و أذنابهم المتمسكين

بدينهم من المسلمين بـ ( المتطرفين ) ! *( تشابهت قلوبهم )* ! 4 - ( فبلأي )

كذا في " المسند " . و في " أبي يعلى " : " فبأبي " , و كذا عزاه إليه الهيثمي

, لكن وقع فيه ( فتابي ) , و هو خطأ مطبعي ظاهر , و الصواب ما في " المسند " ,

فقد أورده ابن الأثير ( لأي ) , و قال : " أي بعد مشقة و جهد و إبطاء " . يعني

أن النبي صلى الله عليه وسلم مع ذلك ما استغفر لهم . ( تنبيه على وهم نبيه ) :

لما ساق الحافظ ابن حجر في " أطرافه " الطرف الأول من رواية أحمد , أتبعه بطرفه

الآخر : " .. و لا من رسوله استتروا " , مشيرا بذلك إلى انتهاء روايته إلى هنا

لما يأتي , و قال عقبه : " حدثنا هارون .. عنه به . و رواه أبو يعلى عن هارون

به , و زاد : و أم أيمن عنده .. ما استغفر له " . كذا قال ! و لم يتنبه لكون

هذه الزيادة عند أحمد أيضا - و السياق الذي سقته هو له - , فالظاهر أنه التبس

عليه سياقه بسياق البزار فهو الذي ليس عنده الزيادة المذكورة . و نحو ذلك ما

وقع للدكتور المعلق عليه , فقال تعليقا على قول الحافظ " و زاد " : " و هذه

الزيادة وردت أيضا في رواية هارون " ! أراد أن يقول : " ... أحمد " , فقال : "

هارون " !

2992 " إذا أقيمت صلاة الصبح فطوفي على بعيرك و الناس يصلون . قاله لأم سلمة " .

 

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1245 :

 

أخرجه البخاري ( 1626 ) من طريق أبي مروان يحيى بن أبي زكريا الغساني عن هشام

عن عروة عن # أم سلمة # رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم : أن رسول

الله صلى الله عليه وسلم قال - و هو بمكة و أراد الخروج و لم تكن أم سلمة طافت

بالبيت و أرادت الخروج - فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( فذكره ) ,

ففعلت ذلك , فلم تصل حتى خرجت . قلت : يحيى هذا مع إخراج البخاري إياه لم يوثقه

كثير أحد , بل قال أبو داود : " ضعيف " . و قال ابن حبان في " الضعفاء " ( 3 /

126 ) : " لا يجوز الرواية عنه لما أكثر من مخالفة الثقات , فيما يروي عن

الأثبات " . لكني رأيت البزار قال ( 4 / 23 - كشف الأستار ) : " ليس به بأس ,

روى عنه الناس " . و ذكر ابن طاهر المقدسي في " رجال الصحيحين " ( 2 / 568 /

2209 ) أن البخاري روى له في آخر " الاعتصام " مفردا , و في سائر المواضع

مقرونا " . و أشار الحافظ في ترجمته من " التهذيب " أن هذا الحديث عند البخاري

متابعة . و كذلك ذكر في " التقريب " , لكن نصه فيه يخالف ما تقدم عن ابن طاهر ,

فإنه قال : " ضعيف , ما له في البخاري سوى موضع واحد متابعة " . و هذا يخالف

أيضا قوله في ترجمته في " مقدمة فتح الباري " ( ص 451 ) : " أخرج له البخاري

حديثا واحدا عن هشام عن أبيه عن عائشة في ( الهدية ) , و قد توبع عليه عنده " .

و حديث ( الهدية ) هذا لم أعرفه , لكنه داخل في " سائر المواضيع " التي أشار

إليها , و مناف للواقع , فقد رأيت الحديث في آخر " الاعتصام " برقم ( 717 )

بإسناده المتقدم , لكن قال : " عن عائشة " مكان " عن أم سلمة " , و هو قطعة من

حديث الإفك , و لم يتكلم الحافظ في " الفتح " ( 13 / 343 ) إلا على شيخ البخاري

فيه الراوي له عن يحيى , و كان الأولى به أن يبين حال يحيى هذا ! و لكنه لم

يفعل لا هنا , و لا في الموضع الأول , و كأنه لكونه متابعا . و لعله من أجل ذلك

أورده الذهبي في " الرواة المتكلم فيهم بما لا يوجب الرد " ( 187 / 365 ) , مع

أنه لم يزد على الإشارة إلى أنه من رجال البخاري مع قوله : " ضعفه أبو داود " .

و الحافظ يشير بالمتابعة إلى قوله في " الفتح " ( 3 / 487 ) : " و قد أخرج

الإسماعيلي من طريق حسان بن إبراهيم , و علي بن هاشم و محاضر بن المودع , و هو

و النسائي عن عبدة بن سليمان كلهم عن هشام عن أبيه عن أم سلمة . و هذا هو

المحفوظ , و سماع عروة من أم سلمة ممكن , فإنه أدرك من حياتها نيفا و ثلاثين

سنة , و هو معها في بلد واحد " . و في هذا إشارة قوية إلى الانتصار لمذهب

الإمام مسلم في الاكتفاء بالمعاصرة مع إمكان اللقاء , و أنه يكفي في إثبات

الاتصال , و إن كان اشتراط البخاري ثبوت اللقاء و لو مرة واحدة أقوى , و لكنه

شرط كمال و ليس شرط صحة كما حققته في غير موضع واحد , منها ما تقدم تحت الحديث

( 2979 ) . هذا , و لفظ عبدة عند النسائي ( 2 / 37 ) : عن أم سلمة قالت : يا

رسول الله ! ما طفت طواف الخروج , فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " إذا أقيمت

الصلاة ( و في رواية : صلى الناس الصبح ) فطوفي على بعيرك من وراء الناس " . و

أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 23 / 266 / 571 و 408 / 981 ) من طرق

أخرى عن هشام بن عروة به , و الرواية الأخرى رواية له رحمه الله . و قد ظن بعض

المتقدمين أن هذا الحديث مخالف سندا و متنا لرواية مالك بسنده عن عروة بن

الزبير عن زينب بنت أبي سلمة عن أم سلمة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه

وسلم قالت : شكوت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أني أشتكي , فقال : " طوفي

من وراء الناس و أنت راكبة " . فطفت و رسول الله صلى الله عليه وسلم حينئذ يصلي

إلى جنب البيت , و هو يقرأ *( و الطور و كتاب مسطور )* . متفق عليه <1> . قلت :

فمن الملاحظ أن في هذا المتن ما ليس في الأول , و أن في إسناده زيادة ( زينب

بنت أبي سلمة ) بين عروة و أم سلمة مما ليس في الأول , الأمر الذي حمل

الدارقطني على إعلال هذا بالانقطاع و قوله : " لم يسمعه عروة من أم سلمة " <2>

و لكن الحافظ رده بأمور , منها ما تقدم ذكره عنه أنه متصل , و منها اختلاف

المتنين , مما يدل على أنهما حديثان , الأول في طواف الوداع , و الآخر في طواف

الإفاضة يوم النحر . و غير ذلك . فراجعه إن شئت المزيد .

 

-----------------------------------------------------------

[1] و هو مخرج في " صحيح أبي داود " ( 1644 ) .

[2] و كذلك قال النسائي عقب رواية عبدة المتقدمة . اهـ .

2993 " يذهب الصالحون , الأول فالأول , و يبقى حفالة كحفالة الشعير و التمر , لا

يباليهم الله بالة " .

 

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1248 :

 

أخرجه البخاري ( 6434 ) و في " التاريخ " ( 4 / 1 / 434 ) و الدارمي ( 2 / 301

) و البيهقي ( 10 / 122 ) و " الزهد " ( رقم 210 ) و أحمد ( 4 / 193 ) عن قيس

ابن أبي حازم عن # مرداس الأسلمي # قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : فذكره

. و صرح قيس بسماعه من مرداس في رواية لأحمد , لكنه أوقفه . و كذا هو في رواية

للبخاري ( 4156 ) , و هو الأصح , و لاسيما أنه في حكم المرفوع , و له شواهد

تقدم ذكرها برقم ( 1781 ) . ( فائدة ) : مرداس هذا هو ابن مالك الأسلمي , و كان

من أصحاب الشجرة كما صرح قيس في الرواية الموقوفة , و تفرد بالرواية عنه قيس ,

و قرن معه المزي ( زياد ابن علاقة ) , و تبعه الذهبي في " الكاشف " , لكنهما

خولفا في ذلك , فذكره ابن الصلاح فيمن تفرد بروايته عنه قيس عند البخاري , و

تبعه الحافظ ابن كثير في " اختصار علوم الحديث " ( ص 109 ) , و لذلك قال الحافظ

ابن حجر تعقيبا على الحافظ المزي ( 10 / 86 ) : " قلت : مرداس الذي روى عنه

زياد بن علاقة , إنما هو ( مرداس بن عروة ) صحابي آخر , ذكره البخاري و أبو

حاتم و ابن حبان و ابن منده و غير واحد , و صرح مسلم و أبو الفتح الأزدي و

جماعة أن ( قيس بن أبي حازم ) تفرد بالرواية عن مرداس بن مالك الأسلمي , و هو

الصواب " . قلت : و قد صرح بذلك الإمام الدارقطني أيضا , كما قال للحاكم , و

كتبه له بخطه كما في " المستدرك " ( 4 / 401 ) في آخرين انفردوا بالرواية عن

بعض الصحابة سماهم .

2994 " فما عدلت بينهما . أي بين الابن و البنت في التقبيل " .

 

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1249 :

 

أخرجه ابن عدي في " الكامل " ( 4 / 239 ) و من طريقه البيهقي في " الشعب " ( 6

/ 410 / 8700 ) - قال : القاسم بن مهدي : حدثنا يعقوب بن كاسب : حدثنا عبد الله

ابن معاذ عن معمر عن الزهري عن # أنس # : أن رجلا كان جالسا مع النبي صلى الله

عليه وسلم , فجاء بني له فأخذه فقبله و أجلسه في حجره , ثم جاءت بنية له فأخذها

فأجلسها إلى جنبه , فقال النبي صلى الله عليه وسلم : فذكره , و قال ابن عدي : "

لا أعلم يرويه عن معمر بهذا الإسناد غير عبد الله بن معاذ , حدثنا محمد بن سعيد

بن مهران الأيلي <1> : حدثنا عباس العنبري : حدثنا يعقوب بن كاسب بهذا الحديث

بعينه " . أورده في ترجمة ( عبد الله بن معاذ ) هذا الصنعاني , و روى عن

البخاري أنه قال : " غمزه عبد الرزاق , و قال هشام بن يوسف : هو صدوق " . و عن

ابن معين أنه ثقة . ثم ساق له أحاديث أخرى , و قال : " و له أحاديث حسان غير ما

ذكرت , و أرجو أنه لا بأس به " . قلت : و وثقه مسلم أيضا , و لما حكى أبو زرعة

تكذيب عبد الرزاق إياه تعقبه بقوله : " و أنا أقول هو أوثق من عبد الرزاق " . و

لذلك قال الذهبي و الحافظ فيه : " صدوق " . زاد الحافظ : " تحامل عليه عبد

الرزاق " . قلت : و من فوقه ثقات على ضعف يسير في ( يعقوب ) , و هو ابن حميد بن

كاسب , فالإسناد حسن كما أشار إلى ذلك ابن عدي , بل هو صحيح فقد توبع كما تقدم

برقم ( 2883 ) , و قدر إعادة تخريجه هنا لفائدة ظاهرة .

 

-----------------------------------------------------------

[1] الأصل ( الأبلي ) بالباء الموحدة . و في الطبعة الأولى ( 4 / 1553 ) (

الأيلي ) بالمثناة التحتية , و لعله الصواب لموافقته للمصورة التي عندي . و لم

أجد له الآن ترجمة . اهـ .

2995 " جاءت الشياطين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأودية , و تحدرت عليه

من الجبال , و فيهم شيطان معه شعلة من نار يريد أن يحرق بها رسول الله صلى الله

عليه وسلم , قال : فرعب , قال جعفر : أحسبه قال : جعل يتأخر . قال : و جاء

جبريل عليه السلام فقال : يا محمد قل . قال : ما أقول ? قال : قل : " أعوذ

بكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن بر و لا فاجر , من شر ما خلق و ذرأ و برأ

, و من شر ما ينزل من السماء , و من شر ما يعرج فيها , و من شر ما ذرأ في الأرض

, و من شر ما يخرج منها , و من شر فتن الليل و النهار , و من شر كل طارق إلا

طارقا يطرق بخير يا رحمن ! " فطفئت نار الشياطين , و هزمهم الله عز وجل " .

 

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1251 :

 

أخرجه أحمد ( 3 / 419 ) و أبو يعلى ( 12 / 237 ) و عنه ابن السني ( 631 ) و أبو

نعيم في " الدلائل " ( ص 148 ) و " المعرفة " ( 2 / 49 / 2 ) و البيهقي في "

دلائل النبوة " ( 7 / 95 ) من طرق عن جعفر بن سليمان : حدثنا أبو التياح قال :

سأل # رجل عبد الرحمن بن خنبش # : كيف صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين

كادته الشياطين ? قال : فذكره . و في رواية لأحمد , و من طريقه أبو نعيم في "

المعرفة " : حدثنا سيار بن حاتم أبو سلمة العنزي قال : حدثنا جعفر : قال :

حدثنا أبو التياح قال : قلت لعبد الرحمن بن خنبش التميمي - و كان كبيرا - :

أدركت رسول الله صلى الله عليه وسلم ? قال : نعم . قال : قلت : كيف صنع رسول

الله صلى الله عليه وسلم .. الحديث . قلت : و هذا إسناد حسن من هذا الوجه ,

سيار هذا صدوق كما قال الذهبي , و فيه كلام يسير , أشار إليه الحافظ بقوله : "

صدوق له أوهام " <1> . و الحديث من الطرق الأخرى عن جعفر صحيح , لولا أن قول

أبي التياح فيها : " سأل رجل عبد الرحمن بن خنبش .. " , فهذا صورته في نقدي

صورة المرسل , بخلاف قول سيار , فهو متصل , و لعله لذلك قال البخاري بعد أن

ذكره في " الصحابة " : " في إسناده نظر " . كما في " الإصابة " لابن حجر , و

لذلك فإنه لم يحسن حين ساق إسناد ( سيار ) قارنا إليه ( جعفرا ) موهما أن

إسنادهما واحد , و الواقع خلافه , ذاك إسناده مسند , و هذا إسناده مرسل , كما

بينت . و من هنا يتضح خطأ قول المعلق على " مسند أبي يعلى " ( 12 / 238 ) : "

إسناده صحيح إلى عبد الرحمن بن خنبش , و هو موقوف عليه " ! و الصواب في إسناد

أبي التياح أنه مرسل كما سبق بيانه . و قوله : " و هو موقوف عليه " . من أدلة

حداثته في هذا العلم , فالقضية من أولها إلى آخرها تتعلق بالنبي صلى الله عليه

وسلم , من محاولة الشيطان حرقه صلى الله عليه وسلم , و صرف الله ذلك عنه , بعد

أن أصابه شيء من الرعب , و جعل يتأخر , و قوله لجبريل : " ما أقول ? " . كيف

يقال في مثل هذا : " موقوف " ?!! و قلده في التصحيح المعلق على " المقصد العلي

" ( 4 / 338 - 339 ) , و هو ممن لا علم عنده , بل هو له في الغالب إمعة ! و

لذلك فقد أعجبني منه أنه لم يقلده في الوقف ! و كذلك صحح إسناده المعلق على "

مجمع البحرين " ( 8 / 55 ) و زاد في الدلالة على الحداثة أن أتبع ذلك بقوله : "

و عزاه الهيثمي في " المجمع " ( 10 / 127 ) إلى " الكبير " أيضا , و صححه " ! و

الواقع أنه لم يصححه لأنه لم يقل كما قال هؤلاء المحدثون : إسناده صحيح , و

إنما قال : " رجاله رجال الصحيح " . و شتان ما بينهما , كما لا يخفى على أهل

العلم , و قد نبهت على ذلك مرارا . و للحديث شاهد من حديث ابن مسعود , فقال

الطبراني : حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة الدمشقي : حدثني أبي عن أبيه عن

أبي عمرو الأوزاعي عن إبراهيم بن طريف عن يحيى بن سعيد عن عبد الرحمن بن أبي

يعلى عنه به نحوه . أخرجه الطبراني في " الدعاء " ( 2 / 1293 / 1058 ) , و في "

المعجم الأوسط " ( 1 / 4 / 1 / 43 ) و عنه أبو نعيم في " دلائل النبوة " ( ص

149 ) و قال الطبراني : " لم يروه عن الأوزاعي إلا يحيى بن حمزة , تفرد به ولده

عنه " . و قال الهيثمي في " المجمع " ( 10 / 128 ) : " رواه الطبراني في "

الصغير " , و فيه من لم أعرفه " ! كذا وقع فيه " الصغير " و هو خطأ مطبعي ,

صوابه " الأوسط " , و قد تجاهل هذا الخطأ أحد الأحداث المشار إليهم , فأوهم أن

لا خطأ في المطبوعة , لأنه لم يذكر إلا قوله : " و فيه من لم أعرفه " ! و أقره

! و الظاهر أن الهيثمي يعني شيخ الطبراني ( أحمد بن محمد بن يحيى الدمشقي ) و

أباه . و هذه غفلة عجيبة منه , فإن أباه ( محمد بن يحيى بن حمزة الدمشقي ) قد

ترجمه ابن حبان في " الثقات " ( 9 / 74 ) , و غمز فيها ابنه أحمد هذا , فقال

فيها : " يروي عن أبيه , روى عنه أهل الشام , ثقة في نفسه يتقى ما روى عنه (

أحمد بن محمد بن حمزة ) و أخوه ( عبيد ) , فإنهما كان يدخلان عليه كل شيء " . و

من المعروف عند المشتغلين بهذا العلم أن الهيثمي كان له الفضل الأول في تيسير

الانتفاع بـ " ثقات ابن حبان " بترتيبه على الحروف , و هذه الترجمة فيه ,

فسبحان الله *( لا يضل ربي و لا ينسى )* . و قد نقلها الحافظ في " اللسان " ( 5

/ 422 - 423 ) , لكنه قال عقبها : " و قد تقدم في ترجمة ( أحمد ) أن ( محمدا )

هذا كان قد اختلط " ! و الذي في ترجمة ( أحمد ) قوله : " و قال الحاكم أبو أحمد

: الغالب علي أنني سمعت أبا الجهم , و سألته عن حال ( أحمد بن محمد ) ? فقال :

قد كان كبر فكان يلقن ما ليس من حديثه فيتلقن . مات سنة تسع و ثمانين و مائتين

" . قلت : فالظاهر أن الحافظ سبقه القلم , فكتب ( محمد ) مكان ( أحمد ) . و

الله أعلم . ثم إن ( أحمد ) هذا مترجم في " الميزان " للذهبي , فقال : " له

مناكير , قال أبو أحمد الحاكم : فيه نظر , و حدث عنه أبو الجهم الشعراني

ببواطيل .. " . ثم ذكر له حديثين . فالعجب أيضا كيف خفي هذا على الهيثمي ?! و

سائر الرواة ثقات رجال الشيخين غير ( إبراهيم بن طريف ) , فهو مجهول كما قال

الحافظ , و انظر " تيسير الانتفاع " . ( تنبيه ) : تقدم هذا الحديث في المجلد

الثاني برقم ( 840 ) باختصار في التخريج و التحقيق , و دون الفوائد المذكورة

هنا , و هذا هو المعتمد .

 

-----------------------------------------------------------

[1] و أما قول الهدام : " متهم بالكذب " ! فمن اختلاقه في تعليقه على " الإغاثة

" , و بينته في " الرد عليه " رقم ( 27 ) . اهـ .

2996 " كان إذا استفتح الصلاة قال : سبحانك اللهم و بحمدك , و تبارك اسمك , و تعالى

جدك , و لا إله غيرك " .

 

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1255 :

 

أخرجه الطبراني في " الدعاء " ( 2 / 1034 / 506 ) : حدثنا محمود بن محمد

الواسطي : حدثنا زكريا بن يحيى , زحمويه : حدثنا الفضل بن موسى السيناني , عن

حميد الطويل عن # أنس بن مالك # رضي الله عنه قال : فذكره . قلت : و هذا إسناد

صحيح , رجاله كلهم ثقات معروفون غير محمود بن محمد الواسطي , و هو ( ابن منويه

- بنون - ) الحافظ المفيد العالم , كما في " سير الذهبي " ( 14 / 242 ) و هو من

شيوخ الطبراني المعروفين , فقد روى له في " المعجم الأوسط " ( 2 / 192 / 2 -

198 / 2 ) أكثر من مائة حديث , و هذه أرقامها من نسختي المصورة و المرقمة

بترقيمي ( 7945 - 8047 ) , على أنه لم يتفرد به كما يأتي . و شيخه زكريا بن

يحيى , و ( زحمويه ) لقبه كما في " التبصير " ( 2 / 595 ) للحافظ , و ذكر في "

اللسان " أنه ثقة , روى عنه أبو زرعة و أبو يعلى .. و أخرج له ابن حبان في "

صحيحه " . قلت : و فاته أنه ذكره في " الثقات " ( 8 / 253 ) و قال : " كان من

المتقنين " . و قد أكثر عنه في " صحيحه " , فانظر أرقام أحاديثه في " فهرس

المؤسسة " ( 18 / 132 ) . و كذلك أكثر عنه بحشل في " تاريخ واسط " , و ترجم له

ترجمة مختصرة , و كناه بأبي محمد , و قال ( ص 197 ) : " كان أبيض الرأس و

اللحية " . و قال عنه : " ولد سنة ( 185 ) " . و توفي سنة ( 235 ) . و من فوقه

من رجال الشيخين . و قد تابع الفضل بن موسى أبو خالد , أخرجه الدارقطني في "

سننه " ( 1 / 300 / 12 ) , و ابن أبي حاتم في " العلل " ( 1 / 135 / 374 )

معلقا من طريق محمد بن الصلت : حدثنا أبو خالد به . و ذكر الزيلعي في " نصب

الراية " ( 1 / 320 ) عن الدارقطني أنه قال : " إسناده كلهم ثقات " . قلت :

محمد بن الصلت هذا هو أبو جعفر الكوفي الأصم , ثقة بلا خلاف و من شيوخ البخاري

, و لولا أن الراوي عنه ( الحسين بن علي بن الأسود العجلي ) في رواية الدارقطني

فيه ضعف لقويت إسناده , فلعله هو الذي حمل أبا حاتم أن يقول عقب الحديث : " هذا

كذب لا أصل له , و محمد بن الصلت , لا بأس به , كتبت عنه " . و قال فيه فيما

رواه عنه ابنه في " الجرح " ( 2 / 1 / 56 ) : " صدوق " . و لكن لم يتبين لي وجه

تكذيبه الحديث مع سلامة إسناده من كذاب , أنا أدري أنه كما أن الكذوب قد يصدق ,

كما في الحديث المعروف , فكذلك الصدوق قد يكذب كما في حديث أبي السنابل , بمعنى

أنه قد يقول خطأ الكذب المخالف للواقع , و لكني والله لا أدري - و لا أحسب أنه

يمكنني يوما أن أدري - أنه يمكن أن يقال في حديث الصدوق : " كذب لا أصل له " ,

و ليس في متنه ما يستنكر فضلا عن أن يكذب , و له من الطرق و الشواهد و جريان

عمل السلف عليه , ما يقطع الواقف على ذلك أن الحديث صحيح له أصل أصيل , و لذلك

قال الترمذي في " سننه " ( 1 / 325 ) بعد أن ساق بعض شواهده : " و هكذا روي عن

عمر بن الخطاب و عبد الله بن مسعود , و العمل على هذا عند أكثر أهل العلم من

التابعين و غيرهم " . فالذي يبدو لي - و الله أعلم - أن ذلك زلة من زلات

العلماء - إن لم يكن سبق قلم - فيجب أن يتقى . و لقد بلغ اهتمام عمر الفاروق

بإذاعة هذا الحديث و تبليغه إلى الناس إلى درجة أنه كان يرفع صوته بما فيه

ليتعلمه الناس , كما رواه الأئمة الحفاظ و صححوه كما تراه مخرجا في " إرواء

الغليل " ( 2 / 52 ) , و هو يعلم أن السنة الإسرار بدعاء الاستفتاح حرصا منه

على تعليمهم , و عملا بالسنة الأخرى الثابتة في " الصحيح " أنه كان يسمعهم

الآية أحيانا في صلاة الظهر و العصر . و من طرق الحديث عن أنس ما رواه مخلد بن

يزيد عن عائذ بن شريح عنه بلفظ : " كان إذا استفتح الصلاة يكبر ثم يقول .. "

فذكره . أخرجه الطبراني في " الدعاء " ( 505 ) و في " الأوسط " ( 1 / 171 /

3190 ) , و قال في " الأوسط " : " لا يروى عن أنس إلا بهذا الإسناد , تفرد به

مخلد بن يزيد " . كذا قال : و لم يتذكر الطريق الأولى , و قال الهيثمي في هذه (

2 / 107 ) : " رواه الطبراني في " الأوسط " , و رجاله موثوقون " . كذا قال ! (

عائذ بن شريح ) و ما علمت أحدا وثقه , حتى و لا ابن حبان , و قد قال الذهبي في

" المغني " : " لم أر لهم تضعيفا و لا توثيقا , إلا قول أبي حاتم : " في حديثه

ضعف " . قلت : و ما هو بحجة " . قلت : و قد روى عنه جماعة كما في " الجرح " ( 3

/ 2 / 16 ) , فمن الممكن الاستشهاد به , على أن الحجة قائمة برواية الثقتين أبي

خالد - و هو الأحمر - سليمان الأحمر , و الفضل بن موسى المتابع له عن حميد عن

أنس . و قد قال الحافظ في " الدراية " ( 2 / 129 ) : " و هذه متابعة جيدة

لرواية أبي خالد الأحمر . و الله أعلم " . و فيه إشارة قوية إلى رد قول أبي

حاتم المتقدم , و هو حري بذلك لما سبق بيانه , و قد أشار إشارة لطيفة إلى رفضه

إياه , بقوله في " التلخيص " فيه ( 1 / 230 ) : " و ضعفها " . فلم ينشرح لنقل

نص قوله المذكور , لشدته و بعده عن الصواب , و لكنه مع ذلك فقد خلط بين طريق و

طريق , فقال بعد أن خرج الحديث من رواية أصحاب السنن و غيرهم عن أبي سعيد و

غيره : " و عن أنس نحوه . رواه الدارقطني , و فيه الحسين بن علي بن الأسود و

فيه مقال . و له طريق أخرى ذكرها ابن أبي حاتم في " العلل " عن أبيه و ضعفها "

. قلت : و قد عرفت من تخريجنا هذا أن طريق أبي حاتم هي طريق الدارقطني كلاهما

أخرجه من طريق محمد بن الصلت , فتنبه . و بمناسبة ذكر حديث أبي سعيد الخدري

أقول : قد عزاه الحافظ في " الفتح " ( 2 / 230 ) لـ " صحيح ابن حبان " , و هو

وهم , و إنما أخرجه من حديث جبير بن مطعم نحوه برقم ( 443 - موارد ) , و لذلك

لم يعزه في " بلوغ المرام " إلا للخمسة , يعني أصحاب السنن الأربعة و أحمد , و

هو و حديث جبير بن مطعم , من الشواهد التي سبقت الإشارة إليها , و هي مخرجة في

" الإرواء " مع حديث عمر الفاروق في الموضع الذي سبقت الإشارة إليه , و مع هذه

الطرق و الشواهد فقد تجاسر المدعو ( حسان بن عبد المنان ) على تضعيف الحديث ,

فتكلم على بعض طرقه معللا إياها في تعليقه على " إغاثة اللهفان " لابن قيم

الجوزية , و دلس على القراء فكتم عنهم حديث عمر هذا و حديث أنس بطريقيه , و قد

كنت صرحت هناك في " الإرواء " بصحة إسناده , فلم يتعرض له بذكر , و لا لحديث

عمر ! فجحد و استكبر , فمن شاء فليعتبر .

2997 " لا تنسوا , كتكبير الجنائز . و أشار بأصابعه , و قبض إبهامه . يعني في صلاة

العيد " .

 

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1259 :

 

أخرجه الطحاوي في " شرح المعاني " ( 4 / 345 - طبع مصر ) من طريقين عن عبد الله

ابن يوسف عن يحيى بن حمزة قال : حدثني الوضين بن عطاء أن القاسم أبا عبد الرحمن

حدثه قال : حدثني بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " صلى بنا

النبي صلى الله عليه وسلم يوم عيد , فكبر أربعا أربعا , ثم أقبل علينا بوجهه

حين انصرف , قال .. " فذكره . و قال : " هذا حديث حسن الإسناد , و عبد الله بن

يوسف و يحيى بن حمزة و الوضين و القاسم كلهم أهل رواية , معروفون بصحة الرواية

" . قلت : و هو كما قال رحمه الله تعالى , فإن القاسم هذا هو ابن عبد الرحمن

الدمشقي أبو عبد الرحمن صاحب أبي أمامة , و هو صدوق حسن الحديث . و الوضين بن

عطاء , أورده ابن أبي حاتم برواية جمع من الثقات عنه , و روى عن ابن معين أنه

قال فيه : " لا بأس به " . و عن أحمد : " ثقة ليس به بأس " . و عن أبي حاتم : "

نعرف و ننكر " . قلت : فمثله لا ينزل حديثه عن مرتبة الحسن . و سكت عنه البخاري

في " التاريخ الكبير " , و من دونه ثقتان مشهوران من رجال البخاري . فالحديث

شاهد قوي بهذا الإسناد لما أخرجه أبو داود و غيره بإسناد حسن عن أبي عائشة جليس

لأبي هريرة : أن سعيد بن العاص سأل أبا موسى الأشعري و حذيفة بن اليمان : كيف

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبر في الأضحى و الفطر ? فقال أبو موسى :

كان يكبر أربعا تكبيره على الجنائز . فقال حذيفة : صدق . فقال أبو موسى : كذلك

كنت أكبر في البصرة حيث كنت عليهم . فقال أبو عائشة : و أنا حاضر سعيد بن العاص

. لكن أبو عائشة هذا غير معروف كما قال الذهبي , و قال الحافظ : " مقبول " .

يعني عند المتابعة . و على هذا ينبغي أن يكون هذا الحديث مقبولا عند الحافظ ,

لأنه قد تابعه القاسم أبو عبد الرحمن في رواية الطحاوي , و هو و إن لم يسم

الصحابي فإنه لا يضر عند أهل السنة , لأن الصحابة كلهم عدول مع احتمال أن يكون

هو أبا موسى الذي في هذه الطريق الأخرى , ثم كيف لا يكون الحديث مقبولا و هو

حسن الإسناد من الرواية الأولى . و هي في الحقيقة رواية عزيزة جيدة , مما حفظه

لنا الإمام الطحاوي رحمه الله , و لست أدري لم لم يتعرض لها بذكر كل الذين

أخرجوه من الطريق الأخرى من الذين تكلموا عليه بالتضعيف كالنووي و العسقلاني ,

بل و الزيلعي , هو أحوج ما يكون إليه لدعم مذهبه الحنفي ! و قد استدركه عليه

المحشي الفاضل , و نقل عن الحافظ في " الفتح " أنه قال : " إسناده قوي " . و لم

أقف عليه الآن في مظانه من " الفتح " . و الله أعلم . و يزداد قوة بما رواه عبد

الرزاق ( 5686 ) عن الثوري عن أبي إسحاق عن علقمة و الأسود بن يزيد : أن ابن

مسعود كان يكبر في العيدين تسعا , تسعا , أربعا قبل القراءة ثم كبر فركع , و في

الثانية يقرأ فإذا فرغ كبر أربعا ثم ركع . و إسناده صحيح كما قال ابن حزم و

غيره . و أخرجه ابن أبي شيبة ( 2 / 173 ) و الطحاوي في " شرح المعاني " ( 4 /

348 ) عن سفيان عن أبي إسحاق عن عبد الله بن أبي موسى , و عن حماد عن إبراهيم :

أن أميرا من أمراء الكوفة - قال سفيان : أحدهما سعيد بن العاصي , و قال الآخر :

الوليد بن عقبة - بعث إلى عبد الله بن مسعود و حذيفة بن اليمان و عبد الله بن

قيس ( يعني أبا موسى ) فقال : إن هذا العيد قد حضر فما ترون ? فأسندوا أمرهم

إلى عبد الله , فقال : يكبر تسعا : تكبيرة يفتتح بها الصلاة , ثم يكبر ثلاثا ,

ثم يقرأ سورة , ثم يكبر , ثم يركع . ثم يقوم فيقرأ سورة , ثم يكبر أربعا يركع

بإحداهن . و هو من طريق عبد الله بن أبي موسى صحيح , و هو حمصي مخضرم ثقة . و

كذلك هو من طريق إبراهيم , و هو ابن يزيد النخعي , و هو و إن كان لم يسمع من

ابن مسعود فمن المعروف من ترجمته أن ما أرسله عنه فهو صحيح . و رواه الطحاوي من

طريق زهير بن معاوية عن أبي إسحاق عن إبراهيم بن عبد الله بن قيس عن أبيه أن

سعيد بن العاص دعاهم يوم عيد .. الحديث نحوه , فأدخل بين أبي إسحاق و عبد الله

بن قيس - إبراهيم بن عبد الله هذا , و من الظاهر أنه ابن عبد الله بن أبي موسى

الذي في الإسناد الذي قبله , فإنه يقال : عبد الله بن أبي موسى , و عبد الله بن

قيس , و عبد الله بن أبي قيس كما في " التقريب " , فإن كان كذلك فإني لم أعرف

إبراهيم هذا . و من طبقته إبراهيم بن أبي موسى الأشعري وثقه العجلي , فيحتمل

على بعد أنه هو . و الله أعلم . و له طريق أخرى عند ابن أبي شيبة ( 2 / 174 ) ,

و البيهقي ( 3 / 291 ) عن معبد بن خالد عن كردوس قال : قدم سعيد بن العاص قبل

الأضحى فأرسل إلى عبد الله بن مسعود و إلى أبي موسى و إلى أبي مسعود الأنصاري ,

فسألهم عن التكبير ? قال : فقذفوا بالمقاليد إلى عبد الله , فقال عبد الله :

تقوم فتكبر أربع تكبيرات ثم تقرأ , ثم تركع في الخامسة , ثم تقوم فتقرأ ثم تكبر

أربع تكبيرات , فتركع بالرابعة . و إسناده صحيح إلى كردوس , و أما هذا , فقد

وثقه ابن حبان ( 3 / 228 ) , و روى عنه جمع من الثقات كما في " الجرح و التعديل

" ( 7 / 175 ) و " التهذيب " لكن اختلفوا في اسم أبيه , و هل هو واحد أو أكثر ,

فمثله إن لم يحتج به , فلا أقل من أن يستشهد به , و قد أشار إلى هذا الحافظ

بقوله في " التهذيب " : " مقبول " . و يشهد له ما روى عبد الله بن الحارث قال :

" صلى بنا ابن عباس يوم عيد فكبر تسع تكبيرات , خمسا في الأولى , و أربعا في

الأخرى , والى بين القراءتين " . أخرجه ابن أبي شيبة . و إسناده صحيح على شرط

الشيخين , و عبد الله بن الحارث هو الأنصاري أبو الوليد البصري نسيب ابن سيرين

و ختنه . قلت : فهذه آثار كثيرة قوية تشهد لحديث الترجمة , و هي و إن كانت

موقوفة , فهي في حكم المرفوع , لأنه يبعد عادة أن يتفق جماعة منهم على مثله دون

توقيف , و لو جاء مثله غير مرفوع لكان حجة , فكيف و قد جاء مرفوعا من وجهين

أحدهما حديث الترجمة , و الآخر شاهده المذكور عن أبي عائشة , و أما إعلال

البيهقي إياه بمخالفته للذين رووه عن ابن مسعود موقوفا , فكان يمكن الاعتداد به

, لولا الطريق الأولى , و هي مما فات البيهقي فلم يتعرض لها بذكر , و لهذا قال

عقب أثر كردوس المتقدم و غيره : " و هذا رأي من جهة عبد الله رضي الله عنه , و

الحديث المسند مع ما عليه عمل المسلمين أولى " . و قد تعقبه ابن التركماني

بقوله : " قلت : هذا لا يثبت بالرأي . قال أبو عمر في " التمهيد " : مثل هذا لا

يكون رأيا , و لا يكون إلا توقيفا , لأنه لا فرق بين سبع و أقل و أكثر من جهة

الرأي و القياس , و قال ابن رشد في " القواعد " : معلوم أن فعل الصحابة في ذلك

توقيف , إذ لا يدخل القياس في ذلك , و قد وافق ابن مسعود على ذلك جماعة من

الصحابة و التابعين , أما الصحابة فقد قدمنا ذكرهم , و أما التابعون فقد ذكرهم

ابن أبي شيبة في ( مصنفه ) " . قلت : أفليس هؤلاء من المسلمين ?! و الحق أن

الأمر واسع في تكبيرات العيدين , فمن شاء كبر أربعا أربعا بناء على هذا الحديث

و الآثار التي معه , و من شاء كبر سبعا في الأولى , و خمسا في الثانية بناء على

الحديث المسند الذي أشار إليه البيهقي , و قد جاء عن جمع من الصحابة , يرتقي

بمجموعها إلى درجة الصحة , كما حققته في " إرواء الغليل " رقم ( 639 ) . فتضعيف

الطحاوي لها مما لا وجه له , كتضعيف مخالفيه لأدلته هذه , و الحق أن كل ذلك

جائز , فبأيهما فعل فقد أدى السنة , و لا داعي للتعصب و الفرقة , و إن كان

السبع و الخمس أحب إلي لأنه أكثر .

2998 " إن كنتم تحبون أن يحبكم الله و رسوله فحافظوا على ثلاث خصال : صدق الحديث , و

أداء الأمانة , و حسن الجوار " .

 

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1264 :

 

رواه الخلعي في " الفوائد " ( 18 / 73 / 1 ) عن أبي الدرداء هاشم بن محمد

الأنصاري قال : أخبرنا عمرو بن بكر السكسكي عن ابن جابر عن # أنس بن مالك # قال

: نزل بالنبي صلى الله عليه وسلم أضياف من البحرين فدعا النبي بوضوئه , فتوضأ ,

فبادروا إلى وضوئه فشربوا ما أدركوه منه . و ما انصب منه في الأرض فمسحوا به

وجوههم و رءوسهم و صدورهم , فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم ما دعاكم إلى

ذلك ? قالوا : حبا لك , لعل الله يحبنا يا رسول الله . فقال رسول الله صلى الله

عليه وسلم فذكره , و زاد في آخره : " فإن أذى الجار يمحو الحسنات كما تمحو

الشمس الجليد " . قلت : و هذا سند ضعيف جدا , عمروا بن بكر السكسكي متروك كما

في " التقريب " . لكن الحديث قد روي جله من وجوه أخرى يدل مجموعها على أن له

أصلا ثابتا . أولا : خرج ابن وهب في جماعة من حديث يونس بن يزيد عن ابن شهاب

قال : حدثني رجل من الأنصار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا توضأ أو

تنخم ابتدر من حوله من المسلمين وضوءه و نخامته , فشربوه , و مسحوا به جلودهم ,

فلما رآهم يصنعون ذلك سألهم : لم تفعلون هذا ? قالوا : نلتمس الطهور و البركة

بذلك , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من كان منكم يحب أن يحبه الله و

رسوله فليصدق الحديث , و ليؤد الأمانة و لا يؤذ جاره " . ذكره الإمام الشاطبي

في كتابه القيم " الاعتصام " ( 2 / 139 - المنار ) , و رواه عبد الرزاق في "

المصنف " ( 11 / 7 / 19748 ) عن معمر عن الزهري به . قلت : و هذا الإسناد رجاله

ثقات غير الرجل الأنصاري , فإن كان تابعيا , فهو مرسل , و لا بأس به في الشواهد

, و إن كان صحابيا , فهو مسند صحيح لأن جهالة اسم الصحابي لا تضر , كما هو مقرر

في علم الحديث , و يغلب على الظن أنه أنس بن مالك رضي الله عنه الذي في الطريق

الأولى فإنه أنصاري , و يروي عنه الإمام الزهري كثيرا . و يشهد له ما قبله على

ضعفه . و الله أعلم . ثانيا : ما رواه الطبراني في " الأوسط " ( 1 / 152 / 1 )

: حدثنا محمد بن زريق : حدثنا محمد بن هشام السدوسي حدثنا عبيد بن واقد القيسي

: حدثنا يحيى بن أبي عطاء عن عمير بن يزيد عن عبد الرحمن بن الحارث عن أبي قراد

السلمي قال : كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعا بطهور قمس <1> يده فيه

, ثم توضأ , فتتبعناه فحسوناه , فقال صلى الله عليه وسلم : " ما حملكم على ما

صنعتم ? قلنا : حب الله و رسوله , قال : فإن أحببتم أن يحبكم الله و رسوله ,

فأدوا إذ ائتمنتم , و اصدقوا إذا حدثتم , و أحسنوا جوار من جاوركم " . و قال :

" لا يروى عن أبي قراد إلا بهذا الإسناد . تفرد به عبيد " . قلت : و هو ضعيف

كما قال الهيثمي ( 4 / 145 ) , و الحافظ في " التقريب " . و من هذا الوجه أخرجه

في " المعجم الكبير " أيضا ( ق 47 / 1 - مجموع 6 ) , و عنه ابن منده في "

المعرفة " ( 2 / 259 / 2 ) . و خالفه في إسناده الحسن بن أبي جعفر , فقال : عن

أبي جعفر الأنصاري ( و هو عمير بن يزيد ) عن الحارث بن فضيل عن عبد الرحمن بن

أبي قراد أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ يوما .. الحديث . أخرجه ابن منده (

2 / 21 / 1 ) و كذا أبو نعيم في " فوائد ميمونة " كما في " الإصابة " . قلت :

فاختلف عبيد بن واقد و الحسن بن أبي جعفر في إسناده , فالأول سمى الصحابي أبا

قراد , و الراوي عنه عبد الرحمن بن الحارث , و الآخر عن الحارث بن فضيل عن عبد

الرحمن بن أبي قراد , فسماه عبد الرحمن بن أبي قراد , و هو ضعيف أيضا أعني

الحسن بن أبي جعفر , و لذلك لا يمكن ترجيح إحدى الروايتين على الأخرى . و

بالجملة , فالحديث عندي حسن على الأقل بمجموع هذه الطرق . و الله أعلم . (

تنبيه ) : أورده المنذري في " الترغيب " ( 4 / 26 ) من رواية الطبراني عن عبد

الرحمن بن الحارث بن أبي قراد السلمي رضي الله عنه قال : كنا عند النبي صلى

الله عليه وسلم ... الحديث , هكذا وقع فيه " ابن أبي قراد " , و الظاهر أنه

تحرف عليه لفظة " ابن " و الصواب " عن " كما تقدم . ثم إن فيه إشارة إلى أن

الحديث عنده حسن أو قريب منه كما نص عليه في المقدمة .

 

-----------------------------------------------------------

[1] و في " المجمع " : " غمس " , و المعنى واحد . اهـ .

2999 " تعالوا بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئا , و لا تسرقوا , و لا تزنوا , و

لا تقتلوا أولادكم , و لا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم و أرجلكم , و لا

تعصوني في معروف , فمن وفى منكم فأجره على الله , و من أصاب من ذلك شيئا فعوقب

به في الدنيا فهو كفارة له , و من أصاب من ذلك شيئا فستره الله فأمره إلى الله

, إن شاء عاقبه , و إن شاء عفا عنه " .

 

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1267 :

 

هذا من حديث # عبادة بن الصامت # رضي الله عنه , و له عنه ثلاث طرق : الأولى :

و هي الأشهر : عن أبي إدريس عائذ الله بن عبد الله الخولاني أن عبادة ابن

الصامت - من الذين شهدوا بدرا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم و من أصحابه

ليلة العقبة - أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال - و حوله عصابة من

أصحابه - : ( فذكر الحديث ) قال : فبايعته على ذلك . أخرجه البخاري ( 1 / 54 -

58 و 7 / 176 و 8 / 518 و 12 / 69 - 70 و 13 / 173 ) و السياق له في رواية , و

مسلم ( 5 / 127 ) و الترمذي ( 1439 ) و النسائي ( 2 / 182 و 183 ) و الدارمي (

2 / 220 ) و أحمد ( 5 / 314 و 340 ) و زاد في رواية بعد قوله : و لا تقتلوا

أولادكم : " قرأ الآية التي أخذت على النساء : *( إذا جاءك المؤمنات )* " . و

هي رواية لمسلم . الطريق الثانية : عن الصنابحي عن عبادة به مختصرا , و زاد فيه

: " و لا تنتهب " . أخرجه البخاري ( 7 / 176 - 178 ) و مسلم , و أحمد ( 5 / 321

) . الثالثة : عن أبي الأشعث الصنعاني عنه قال : " أخذ علينا رسول الله صلى

الله عليه وسلم كما أخذ على النساء : أن لا نشرك بالله شيئا , و لا نسرق , و لا

نزني , و لا نقتل أولادنا , و لا يعضه بعضنا بعضا , [ و لا نعصيه في معروف ]

فمن وفي منكم .. " الحديث . أخرجه مسلم , و أحمد ( 5 / 320 ) و ابن ماجه ( 2 /

129 ) طرفه الأخير . و في الحديث رد كما قال العلماء على الخوارج الذين يكفرون

بالذنوب , و على المعتزلة الذين يوجبون تعذيب الفاسق إذا مات بلا توبة , لأن

النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بأنه تحت المشيئة , و لم يقل لابد أن يعذبه .

قلت : و مثله قوله تعالى : *( إن الله لا يغفر أن يشرك به , و يغفر ما دون ذلك

لمن يشاء )* . فقد فرق تعالى بين الشرك و بين غيره من الذنوب , فأخبر أن الشرك

لا يغفره , و أن غيره تحت مشيئته , فإن شاء عذبه و إن شاء غفر له , و لابد من

حمل الآية و الحديث على من لم يتب , و إلا فالتائب من الشرك مغفور له , فغيره

أولى , و الآية قد فرقت بينهما , و بهذا احتججت على نابتة نبتت في العصر الحاضر

, يرون تكفير المسلمين بالكبائر تارة , و تارة يجزمون بأنها ليست تحت مشيئة

الله تعالى و أنها لا تغفر إلا بالتوبة , فسووا بينها و بين الشرك فخالفوا

الكتاب و السنة , و لما أقمت عليهم الحجة بذلك في ساعات , بل جلسات عديدة , رجع

بعضهم إلى الصواب , و صاروا من خيار الشباب السلفيين , هدى الله الباقين . قوله

: ( و لا يعضه ) : أي لا يرميه بـ ( العضيهة ) , و هي البهتان و الكذب .

3000=" لا يزني الزاني حين يزني و هو مؤمن , و لا يشرب الخمر حين يشرب و هو مؤمن , و

لا يسرق حين يسرق و هو مؤمن , و لا ينتهب نهبة يرفع الناس إليه أبصارهم و هو

مؤمن " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1269 : أخرجه البخاري و مسلم , و غيرهما من حديث # أبي هريرة # , و له عنه طرق : الأولى : عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عنه . أخرجه البخاري ( 5

/ 90 و 12 / 48 ) و مسلم ( 1 / 54 ) و النسائي ( 2 / 330 ) و ابن ماجه ( 2 /

460 - 461 ) من طرق عن الزهري عنه به . و إسناد البخاري في الموضع الأول :

حدثنا سعيد بن عفير قال : حدثني الليث : حدثنا عقيل عن ابن شهاب ... و إسناده

في الموضع الآخر : حدثني يحيى بن بكير : حدثنا الليث به . و هو عند الآخرين من

طرق أخرى عن الليث به . و تابعه يونس عن ابن شهاب الزهري به . أخرجه مسلم , و

كذا البخاري . الثانية و الثالثة : قال ابن شهاب : و عن سعيد و أبي سلمة عن أبي

هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله , إلا النهبة . أخرجه البخاري ( 5 / 91

و 10 / 28 ) و مسلم من طريق يونس عنه به . و تابعه الأوزاعي عن الزهري به , إلا

أنه قرن معهما أبا بكر بن عبد الرحمن . أخرجه مسلم , و النسائي . و أخرجه

الدارمي ( 2 / 115 ) عن أبي سلمة وحده , و كذا رواه ابن أبي شيبة في " الإيمان

" رقم ( 38 - بتحقيقي ) . الرابعة : عن ذكوان عن أبي هريرة به , دون النهبة , و

زاد : " و التوبة معروضة بعد " . أخرجه البخاري ( 12 / 67 و 95 ) و مسلم و

النسائي ( 2 / 254 ) و كذا أبو داود ( 2 / 270 ) و الترمذي ( 2627 ) و أحمد ( 2

/ 376 - 377 و 479 ) كلهم عن الأعمش عنه به . و تابعه القعقاع و يزيد بن أبي

زياد عن أبي صالح به دون الزيادة , إلا أن الأول منهما ذكر النهبة , و أشار

الأول إليها بقوله : " و ذكر رابعة فنسيتها " , و زاد : " فإذا فعل ذلك خلع ربقة الإسلام من عنقه , فإن تاب تاب الله عليه " . و هذه زيادة منكرة تفرد بها

يزيد هذا , و هو الهاشمي مولاهم , و فيه ضعف لسوء حفظه . الخامسة : عن همام عنه

به نحوه , إلا أنه قال : " و لا ينتهب أحدكم نهبة ذات شرف يرفع إليه المؤمنون

أعينهم فيها و هو حين ينتهبها مؤمن , و لا يغل أحدكم حين يغل و هو مؤمن ,

فإياكم إياكم " . أخرجه مسلم , و أحمد ( 2 / 317 ) . السادسة و السابعة :

يرويهما صفوان بن سليم عن عطاء بن يسار - مولى ميمونة - و حميد بن عبد الرحمن

عنه . أخرجه مسلم , و أحمد من طريق آخر عن عطاء وحده كما يأتي قريبا . الثامنة

: عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عنه . أخرجه مسلم . التاسعة : عن قتادة عن

الحسن و عطاء عنه . أخرجه أحمد ( 2 / 386 ) , و أخرجه مسلم من طريق آخر عن عطاء

كما سبق قريبا . العاشرة : عن الأعرج عنه . دون الزيادات . أخرجه أحمد ( 2 /

243 ) , و سنده صحيح على شرط الشيخين , و قال الترمذي عقب الحديث : " و في

الباب عن ابن عباس و عائشة و عبد الله بن أبي أوفى , ( و قال : ) حديث أبي

هريرة حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه " . قلت : أما حديث ابن عباس , فأخرجه

البخاري ( 12 / 67 و 65 ) و النسائي ( 2 / 254 ) من طريق الفضيل بن غزوان عن

عكرمة عنه دون الزيادات المتقدمة , إلا أنه زاد في آخره : " و لا يقتل و هو

مؤمن " . زاد البخاري في إحدى روايتيه : " قال عكرمة : قلت لابن عباس : كيف

ينزع الإيمان منه ?! قال : هكذا - و شبك بين أصابعه ثم أخرجها - فإن تاب عاد

إليه هكذا . و شبك بين أصابعه " . و أما حديث عائشة , فأخرجه أحمد ( 6 / 139 )

و ابن أبي شيبة ( رقم 39 ) , بإسناد رجاله ثقات , لولا عنعنة ابن إسحاق . و أما

حديث ابن أبي أوفى , فأخرجه ابن أبي شيبة ( 40 و 41 ) بسند حسن كما بينته في

التعليق عليه , و أخرجه أحمد ( 4 / 352 - 353 ) أيضا . و روي من حديث ابن عمر

أيضا , فقال ابن لهيعة : عن أبي الزبير قال : سألت جابرا : أسمعت رسول الله صلى

الله عليه وسلم يقول : ( فذكر فقرة الزنى و السرقة فقط ) ? قال جابر : لم أسمعه

. قال جابر : و أخبرني ابن عمر , و أنه قد سمعه . أخرجه أحمد ( 3 / 3446 ) , و

رجاله ثقات لولا ضعف ابن لهيعة , و قد أورده الهيثمي في " المجمع " ( 1 / 100 )

عن ابن عمر مرفوعا بالفقرات الأربع , و قال : " رواه الطبراني في " الكبير "

بطوله , و البزار , و روى أحمد منه : لا يزني الزاني و لا يسرق فقط , و في

إسناد أحمد ابن لهيعة , و في إسناد الطبراني معلى ابن مهدي , قال أبو حاتم :

يحدث أحيانا بالحديث المنكر , و ذكره ابن حبان في ( الثقات ) " . ثم ذكر لهما

شاهدين آخرين من رواية الطبراني من حديث عبد الله بن مغفل و أبي سعيد الخدري ,

فليراجعهما من شاء . و اعلم أن الداعي إلى تخريج هذا الحديث المجمع على صحته

عند أئمة الحديث من الشيخين و غيرهما أنني رأيت الشيخ زاهد الكوثري المعروف

بعدائه الشديد لأهل السنة و الحديث , قد علق عليه في حاشيته على كتاب " التنبيه

" بما يشعر القارىء العادي أنه حديث ضعيف لا تقوم به حجة , فرأيت من الضروري

القيام بهذا التخريج الذي يمكن به لكل قارىء أن يكشف ما في تعليقه عليه من

تضليل القراء , بإفهامه إياهم خلاف الحقيقة من نواح يأتي بيانها , فقد قال في

التعليق المشار إليه ( ص 154 ) بعد أن ذكر حديثين آخرين صحيحين أحدهما حديث

عبادة المتقدم آنفا , و الآخر حديث أبي ذر المتقدم برقم ( 826 ) : " و إن سرق و

إن زنى " , قال : " و أما حديث " لا يزني الزاني حين يزني و هو مؤمن " فأحط

منهما في الصحة ( ! ) بل أنكر بعض أهل العلم صحته بالمرة كما حكى ابن جرير , و

في سنده يحيى بن عبد الله بن بكير , و هو ممن لا يحتج به أبو حاتم , و قد ضعفه

النسائي , لكن مشاه الجمهور و أولوا الحديث لمخالفة ظاهر معناه الكتاب و السنة

و الإجماع - راجع فتح الباري ( 12 - 47 ) " . و الرد عليه من وجوه : الأول :

أنه ليس أحط منهما في الصحة , بل هو أعلى منهما فيها , كيف لا و هو قد رواه

سبعة من الصحابة و هم أبو هريرة و لحديثه وحده عشرة طرق عنه كما تقدم بيانه ! و

ابن عباس , و عائشة , و ابن أبي أوفى , و ابن عمر , و عبد الله بن مغفل , و أبو

سعيد الخدري . و أما حديث أبي ذر , فله عنه ثلاث طرق فقط , و له شاهد من حديث

أبي الدرداء ضعفه البخاري , و آخر من حديث سلمة بن نعيم عند الإمام أحمد . و

أما حديث عبادة , فله عنه ثلاث طرق أيضا , و لم أجد له شاهدا في المصادر

المتوفرة لدي الآن . إذا عرفت هذا أيها القارىء الكريم يتبين لك بجلاء لا غموض

فيه بطلان قول الكوثري إن حديث الترجمة أحط من الحديثين المشار إليهما في الصحة

! إذ كيف يعقل ذلك و قد عرفت أنه أكثر منهما طرقا و شواهد ? و هذا القول منه في

الحقيقة مما يؤكد أن الرجل - مع علمه - لا يوثق بأقواله , لأنه يتبع هواه

فيدفعه إلى أن يهرف بما لا يعرف , أو إلى أن ينحرف عما يعرف , فيجعل المرجوح

راجحا , أو المفضول فاضلا , و بالعكس , نسأل الله العافية . الثاني : هب أنه

أحط منهما في الصحة , فذلك مما لا يقدح فيه عند أهل المعرفة بهذا العلم الشريف

, ألا ترى أن الحديث الحسن لغيره أحط في الثبوت من الحسن لذاته , و هذا أحط في

الصحة من الصحيح لغيره , و هذا أحط من الصحيح لذاته , و هكذا يقال في المشهور و

المستفيض مع المتواتر كما هو ظاهر , و الكوثري لا يخفى عليه هذا , و لكنها

المكابرة و اتباع الهوى الذي يحمله على الغمز في الحديث الصحيح لمخالفته لمذهبه

, بل لهواه , كما يأتي بيانه ! الثالث : قوله : بل أنكر بعض أهل العلم صحته

بالمرة كما حكى ابن جرير . فأقول : فيه تحريف خبيث لغاية في نفسه من المبالغة

في تعظيم المنكر لصحة هذا الحديث , فإن نص كلام ابن جرير كما حكاه الحافظ عنه

في المكان الذي أشار إليه الكوثري نفسه : " و أنكر بعضهم أن يكون صلى الله عليه

وسلم قاله " . فقوله : " بعضهم " شرحه الكوثري بقوله : " بعض أهل العلم " . و

هذا مما لا دليل عليه , فقد يكون المنكر الذي أشار إليه ابن جرير ليس عنده من

أهل العلم الذين يستحقون أن يحشروا في زمرتهم , بل هو عنده من أهل الأهواء و

البدع كالمرجئة و نحوهم , كما هو شأن الكوثري عندي , فتأمل كيف حرف هذا النقل

عن ابن جرير لتضخيم شأن المنكر , مما يؤكد أنه لا يوثق بنقله عن العلماء , و كم

له من مثله مما لا مجال الآن للإفاضة فيه . الرابع : قوله : و في سنده يحيى بن

عبد الله بن بكير , و هو ممن لا يحتج به أبو حاتم ... إلخ . قلت : و هذا أسوأ

ما في هذا التعليق من الجور و الطعن في الراوي الثقة , و في حديثه بدون حجة و

لا بينه , و إليك البيان : أولا : لقد اعتمد في الطعن في ابن بكير على كلام أبي

حاتم و النسائي , و هو يعلم أنه طعن غير مفسر , و أن مثله لا يقبل , لاسيما إذا

كان وثقه الجمهور , و احتج به الشيخان , و لذلك قال الذهبي : " ثقة صاحب حديث و

معرفة , يحتج به في " الصحيحين " ( ثم ذكر كلام أبي حاتم و النسائي فيه ثم قال

: ) و وثقه غير واحد " . ثانيا : هب أن جرح من جرحه مقدم على توثيق من وثقه ,

فلا يلزم أن يكون مجروحا في كل من روى عنهم , كما أن العكس غير لازم أيضا , أي

لا يلزم من كون الراوي ثقة أن يكون ثقة في كل من روى عنهم , كما هو معلوم عند

المشتغلين بهذا العلم , فقد يكون المجروح له نوع اختصاص ببعض الرواة و الحفظ

لحديثهم فيكون ثقة في مثلهم , و هذا الحديث قد رواه ابن بكير عن الليث كما تقدم

في أول هذا التخريج , و قد قال ابن عدي فيه : " كان جار الليث بن سعد , و هو

أثبت الناس فيه , و عنده عن الليث ما ليس عند أحد " . و قد لاحظ الحافظ ابن حجر

اختصاصه المذكور بالليث , فقال في " التقريب " : " ثقة في الليث , و تكلموا في

سماعه من مالك " . فتأمل أيها القارىء الكريم كيف كتم الكوثري الاختصاص المذكور

الذي لا يسمح مطلقا بجرح ابن بكير في روايته عن الليث خاصة , فما أجرأه على

كتمان الحق , و التدليس على الناس . ثالثا : هب أنه مجروح مطلقا حتى في روايته

عن الليث , فجرحه ليس لتهمة في نفسه , و إنما لضعف في حفظه يخشى أن يعرض له في

بعض حديثه , و هذه الخشية منفية هنا , لأنه قد تابعه سعيد بن عفير قال : حدثني

الليث به كما تقدم أيضا من رواية البخاري . و تابعه آخرون عند مسلم و غيره كما

سبقت الإشارة إلى ذلك في مطلع هذا التخريج , فماذا يقال عن هذا الكوثري الذي

تجاهل هذه المتابعات كلها و هي بين يديه و على مرأى منه , ثم كيف تجاهل الطرق

الأخرى عن سائر الصحابة الذين تابعوا أبا هريرة رضي الله عنهم جميعا , لقد

تجاهل الكوثري كل هذه الحقائق , ليوهم القارىء أن الحديث تفرد به ابن بكير و

أنه متكلم فيه , و أن الحديث ضعيف , و هو صحيح مستفيض , إن لم نقل إنه متواتر .

فالله تعالى يعامله بما يستحق , فما رأيت له شبها في قلب الحقائق و كتمانها إلا

السقاف و الهدام ! رابعا : و لا يفيده شيء قوله : " لكن مشاه الجمهور " , لأنه

من قبيل التضليل و التغطية لعورته ! لأنه إن كان معهم في تمشية حاله و الاحتجاج

بحديثه , فلماذا نقل تضعيفه عن أبي حاتم و النسائي ?! و ما المراد من التعليق

كله حينئذ ?! و لكن الحقيقة أن الكوثري يماري و يداري , و يتخذ لنفسه خط الرجعة

إذا ما رد عليه أحد من أهل العلم ! خامسا : قوله : و أولوا الحديث ... إلخ .

قلت : و ماذا في التأويل إذا كان المقصود منه التوفيق بين نصوص الشريعة , و هل

هو أول حديث صحيح يؤول ?! فماذا يفعل الكوثري بقوله صلى الله عليه وسلم : " لا

يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه " ? متفق عليه . و قد مضى تخريجه رقم (

73 ) و قوله : " والله لا يؤمن , والله لا يؤمن , والله لا يؤمن , الذي لا يأمن

جاره بوائقه " . رواه البخاري . و الحقيقة أن الحديث و إن كان مؤولا , فهو حجة

على الحنفية الذين لا يزالون مصرين على مخالفة السلف في قولهم بأن الإيمان لا

يزيد و لا ينقص , فالإيمان عندهم مرتبة واحدة , فهم لا يتصورون إيمانا ناقصا ,

و لذلك يحاول الكوثري رد هذا الحديث , لأنه بعد تأويله على الوجه الصحيح يصير

حجة عليهم , فإن معناه : " و هو مؤمن إيمانا كاملا " . قال ابن بطال : " و حمل

أهل السنة الإيمان هنا على الكامل , لأن العاصي يصير أنقص حالا في الإيمان ممن

لا يعصي " . ذكره الحافظ ( 10 / 28 ) . و مثله ما نقله ( 12 / 49 ) عن الإمام

النووي قال : " و الصحيح الذي قاله المحققون أن معناه : لا يفعل هذه المعاصي و

هو كامل الإيمان , هذا من الألفاظ التي تطلق على نفي الشيء , و المراد نفي

كماله , كما يقال : لا علم إلا ما نفع , و لا مال إلا ما نيل , و لا عيش إلا

عيش الآخرة " . ثم أيده الحافظ في بحث طويل ممتع , فراجعه . و من الغرائب أن

الشيخ القارىء مع كونه حنفيا متعصبا فسر الحديث بمثل ما تقدم عن ابن بطال و

النووي , فقال في " المرقاة " ( 1 / 105 ) : " و أصحابنا تأولوه بأن المراد

المؤمن الكامل .. " , ثم قال : " على أن الإيمان هو التصديق , و الأعمال خارجة

عنه " ! فهذا يناقض ذاك التأويل . فتأمل .=

قلت المدون تم بحمد الله وفضله ثم قلت: اللهم فكما ألهمت بإنشائه وأعنت على إنهائه فاجعله نافعاً في الدنيا وذخيرة صالحة في الأخرة واختم بالسعادة آجالنا وحقق بالزيادة آمالنا واقرن بالعافية غدونا وآصالنا واجعل إلى حصنك مصيرنا ومآلنا وتقبل بفضلك أعمالنا إنك مجيب الدعوات ومفيض الخيرات والحمد الله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد خاتم النبيين وعلى آله وصحبه أجمعين وسلم إلى يوم الدين اللهم لنا جميعا يا رب العالمين .وسبحان الله وبحمده  عدد خلقه وزنة عرشه  ورضا نفسه ومداد كلماته}أقولها ما حييت وبعد موتي  والي يوم الحساب وارحم  واغفر اللهم لوالديَّ ومن مات من اخوتي واهلي والمؤمنين منذ خَلَقْتَ الخلق الي يوم الحساب آمين وفرِّجِ كربي وردَّ اليَّ عافيتي وارضي عني وأعتقني في الدارين  واعِنِّي علي أن اُنْفِق حياتي وعافيتي في سبيلك خالصا لوجهك يا ربي اللهم فرِّج كربي واكفني همي واكشف البأساء والضراء عني وعنا.. وردَّ إليَّ عافيتي وثبتني علي دينك الحق ولا تُزِغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب اللهم وآتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار وتوفنا مع الأبرار وألِّفْ بين قلوبنا اجمعين.يا عزيز يا غفار ... اللهم واشفني شفاءاً  لا يُغَادر سقما واعفو عني وعافني وارحمني وفرج كربي واكفني همي واعتقني مما أصابني من مكروه أنت تعلمه واعتقني من النار وقني عذاب القبر وعذاب جهنم وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات ومن شر فتنة المسيح الدجال وأعوذ بك من المأثم والمغرم ومن غلبة الدين وقهر الرجال اللهم آمين /اللهم ربي اشرح لي صدري ويسر لي أمري وأحلل عُقَدة من لساني يفقهوا قولي واغنني بك عمن سواك ياربي . والحمد الله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد خاتم النبيين وعلى آله وصحبه أجمعين وسلم إلى يوم الدين آمين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مناظرة ابن تيمية العلنية لدجاجلة البطائحية الرفاعية

  مناظرة ابن تيمية العلنية لدجاجلة البطائحية الرفاعية ( وهي من أعظم ما تصدى له وقام به شيخ الإسلام تقي الدين أحمد بن تيمية قدس الله روحه م...