لسان العرب فصل الميم
== مأمأ: المَأْمَأَةُ: حِكايةُ صَوْتِ الشاةِ أَو الظَّبْي إِذَا وصَلَتْ صَوْتَها. متأ: مَتَأَه بالعَصا: ضَرَبه بِهَا. ومَتَأَ الحَبْلَ يَمْتَؤُه مَتْأً: مدَّه، لُغَةٌ فِي مَتَوْتُه. مرأ: المُرُوءَة: كَمالُ الرُّجُولِيَّة. مَرُؤَ الرجلُ يَمْرُؤُ مُرُوءَةً، فَهُوَ مَرِيءٌ، عَلَى فعيلٍ، وَتمَرَّأَ، عَلَى تَفَعَّلَ: صَارَ ذَا مُروءَةٍ. وتَمَرَّأَ: تَكَلَّفَ المُروءَة. وتَمَرَّأَ بِنَا أَي طَلَب بإِكْرامِنا اسْمَ المُروءَةِ. وَفُلَانٌ يَتَمَرَّأُ بِنَا أَي يَطْلُبُ المُروءَةَ بنَقْصِنا أَو عَيْبِنَا. والمُرُوءَة: الإِنسانية، وَلَكَ أَن تُشَدّد. الفرَّاءُ: يُقَالُ مِنَ المُرُوءَةِ مَرُؤَ الرجلُ يَمْرُؤُ مُرُوءَةً، (1/154) ومَرُؤَ الطعامُ يَمْرُؤُ مَراءَةً، وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ إِلَّا اخْتِلَافَ الْمَصْدَرَيْنِ. وكَتَب عمرُ بنُ الْخَطَّابِ إِلَى أَبي مُوسَى: خُذِ الناسَ بالعَرَبيَّةِ، فإِنه يَزيدُ فِي العَقْل ويُثْبِتُ المروءَةَ. وَقِيلَ للأَحْنَفِ: مَا المُرُوءَةُ؟ فَقَالَ: العِفَّةُ والحِرْفةُ. وَسُئِلَ آخَرُ عَنِ المُروءَة، فَقَالَ: المُرُوءَة أَن لَا تَفْعَلَ فِي السِّرِّ أَمراً وأَنت تَسْتَحْيِي أَن تَفْعَلَه جَهْراً. وطعامٌ مَريءٌ هَنِيءٌ: حَمِيدُ المَغَبَّةِ بَيِّنُ المَرْأَةِ، عَلَى مِثَالِ تَمْرةٍ. وَقَدْ مَرُؤَ الطعامُ، ومَرَأَ: صَارَ مَرِيئاً، وَكَذَلِكَ مَرِئَ الطعامُ كما تقول فَقُهَ وفَقِهَ، بِضَمِّ الْقَافِ وَكَسْرِهَا؛ واسْتَمْرَأَه. وَفِي حَدِيثِ الِاسْتِسْقَاءِ: اسقِنا غَيْثاً مَرِيئاً مَرِيعاً. يُقَالُ: مَرَأَني الطعامُ وأَمْرَأَني إِذَا لَمْ يَثْقُل عَلَى المَعِدة وانْحَدَر عَنْهَا طَيِّباً. وَفِي حَدِيثِ الشُّرْب: فإِنه أَهْنَأُ وأَمْرَأُ. وَقَالُوا: هَنِئَنِي الطَّعامُ «1» ومَرِئَني وهَنَأَنِي ومَرَأَنِي، عَلَى الإِتْباعِ، إِذَا أَتْبَعُوها هَنَأَنِي قَالُوا مَرَأَنِي، فَإِذَا أَفردوه عَنْ هَنَأَنِي قَالُوا أَمْرَأَنِي، وَلَا يُقَالُ أَهْنَأَنِي. قَالَ أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ أَمْرَأَنِي الطعامُ إِمْراءً، وَهُوَ طعامٌ مُمْرِئٌ، ومَرِئْتُ الطعامَ، بِالْكَسْرِ: اسْتَمْرأْتُه. وَمَا كَانَ مَرِيئاً وَلَقَدْ مَرُؤَ. وَهَذَا يُمْرِئُ الطعامَ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: مَا كَانَ الطعامُ مَرِيئاً وَلَقَدْ مَرَأَ، وَمَا كَانَ الرجلُ مَرِيئاً وَلَقَدْ مَرُؤَ. وَقَالَ شَمِرٌ عَنْ أَصحابه: يُقَالُ مَرِئَ لِي هَذَا الطعامُ مَراءَةً أَي اسْتَمْرَأْتُه، وهَنِئَ هَذَا الطعامُ، وأَكَلْنا مِنْ هَذَا الطَّعَامِ حَتَّى هَنِئْنا مِنْهُ أَي شَبِعْنا، ومَرِئْتُ الطعامَ واسْتَمْرَأْته، وقَلَّما يَمْرَأُ لَكَ الطعامُ. وَيُقَالُ: مَا لَكَ لَا تَمْرَأُ أَي مَا لَك لَا تَطْعَمُ، وَقَدْ مَرَأْتُ أَي طَعِمْتُ. والمَرءُ: الإِطعامُ عَلَى بِنَاءِ دَارٍ أَو تَزْوِيجٍ. وكَلأٌ مَرِيءٌ: غَيْرُ وَخِيمٍ. ومَرُؤَتِ الأَرضُ مَراءَةً، فَهِيَ مَرِيئةٌ: حَسُنَ هواءُها. والمَرِيءُ: مَجْرى الطَّعَامِ والشَّراب، وَهُوَ رأْس المَعدة والكَرِش اللاصقُ بالحُلْقُوم الَّذِي يَجْرِي فِيهِ الطَّعَامُ وَالشَّرَابُ وَيَدْخُلُ فِيهِ، وَالْجَمْعُ: أَمْرِئةٌ ومُرُؤٌ، مَهموزة بِوَزْنِ مُرُعٍ، مِثْلَ سَرِير وسُرُرٍ. أَبو عُبَيْدٍ: الشَّجْرُ مَا لَصِقَ بالحُلْقُوم، والمَرِيءُ، بِالْهَمْزِ غَيْرُ مُشدد. وَفِي حَدِيثِ الأَحنَف: يَأْتِينَا فِي مِثْلِ مَرِيءِ نَعامٍ «2» . المَرِيءُ: مَجْرى الطَّعام والشَّراب مِنَ الحَلْق، ضَرَبه مَثَلًا لِضيق العَيْشِ وَقِلَّةِ الطَّعَام، وَإِنَّمَا خَصَّ النَّعام لدقةِ عُنُقِه، ويُستدلُّ بِهِ عَلَى ضِيق مَريئه. وأَصلُ المَريءِ: رأْسُ المَعِدة المُتَّصِلُ بالحُلْقُوم وَبِهِ يَكُونُ اسْتِمْراءُ الطَّعَامِ. وَتَقُولُ: هُوَ مَرِيءُ الجَزُور وَالشَّاةِ لِلْمُتَّصِلِ بالحُلْقوم الَّذِي يَجْرِي فِيهِ الطعامُ والشرابُ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: أَقرأَني أَبو بكر الإِياديّ: المريءُ لأَبي عُبَيْدٍ، فَهَمَزَهُ بِلَا تَشْدِيدٍ. قَالَ: وأَقرأَني الْمُنْذِرِيُّ: المَريُّ لأَبي الْهَيْثَمِ، فَلَمْ يَهْمِزْهُ وشدَّد الياءَ. والمَرْءُ: الإِنسان. تَقُولُ: هَذَا مَرْءٌ، وَكَذَلِكَ فِي النَّصْبِ وَالْخَفْضِ تَفْتَحُ الْمِيمَ، هَذَا هُوَ الْقِيَاسُ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَضُمُّ الْمِيمَ فِي الرَّفْعِ وَيَفْتَحُهَا في النصب ويكسرها __________ (1) . قوله [هنئني الطعام إلخ] كذا رسم في النسخ وشرح القاموس أيضاً. (2) . قوله [يَأْتِينَا فِي مِثْلِ مَرِيءِ إلخ] كذا بالنسخ وهو لفظ النهاية والذي في الأساس يأتينا ما يَأْتِينَا فِي مِثْلِ مَرِيءِ النعامة. (1/155) فِي الْخَفْضِ، يُتْبِعُهَا الْهَمْزَ عَلَى حَدِّ مَا يُتْبِعُون الرَّاء إِيَّاهَا إِذَا أَدخلوا أَلف الْوَصْلِ فَقَالُوا امْرُؤٌ. وَقَوْلُ أَبي خِراش: جَمَعْتَ أُمُوراً، يُنْفِذُ المِرْءَ بَعْضُها، ... مِنَ الحِلْمِ والمَعْرُوفِ والحَسَبِ الضَّخْمِ هَكَذَا رَوَاهُ السُّكَّرِيُّ بِكَسْرِ الْمِيمِ، وَزَعْمَ أَن ذَلِكَ لُغَةُ هُذَيْلٍ. وَهُمَا مِرْآنِ صالِحان، وَلَا يُكَسَّرُ هَذَا الِاسْمُ وَلَا يُجْمَعُ عَلَى لَفْظِهِ، وَلَا يُجْمَع جَمْع السَّلامة، لَا يُقَالُ أَمْراءٌ وَلَا أَمْرُؤٌ وَلَا مَرْؤُونَ وَلَا أَمارِئُ. وَقَدْ وَرَدَ فِي حَدِيثِ الْحَسَنِ: أَحْسِنُوا ملأَكُمْ أَيها المَرْؤُونَ. قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ جَمْعُ المَرْءِ، وَهُوَ الرَّجل. وَمِنْهُ قَوْلُ رُؤْبةَ لِطائفةٍ رَآهم: أَيْنَ يُرِيد المَرْؤُونَ؟ وَقَدْ أَنَّثوا فَقَالُوا: مَرْأَةٌ، وخَفَّفوا التَّخْفِيفَ الْقِيَاسِيَّ فَقَالُوا: مَرَةٌ، بِتَرْكِ الْهَمْزِ وَفَتْحِ الراءِ، وَهَذَا مطَّرد. وَقَالَ سِيبَوَيْهِ: وَقَدْ قَالُوا: مَراةٌ، وَذَلِكَ قَلِيلٌ، وَنَظِيرُهُ كَمَاةٌ. قَالَ الْفَارِسِيُّ: وَلَيْسَ بمُطَّرِد كأَنهم تَوَهَّمُوا حَرَكَةُ الْهَمْزَةِ عَلَى الرَّاءِ، فَبَقِيَ مَرَأْةً، ثُمَّ خُفِّف عَلَى هَذَا اللَّفْظِ. وأَلحقوا أَلف الْوَصْلِ فِي المؤَنث أَيضاً، فَقَالُوا: امْرأَةٌ، فَإِذَا عرَّفوها قَالُوا: المَرأة. وَقَدْ حَكَى أَبو عَلِيٍّ: الامْرَأَة. اللَّيْثُ: امْرَأَةٌ تأْنيث امْرِئٍ. وَقَالَ ابْنُ الأَنباري: الأَلف فِي امْرأةٍ وامْرِئٍ أَلف وَصْلٍ. قَالَ: وَلِلْعَرَبِ فِي المَرأَةِ ثَلَاثُ لُغَاتٍ، يُقَالُ: هِيَ امْرَأَتُه وَهِيَ مَرْأَتُه وَهِيَ مَرَتُه. وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي: أَنه يُقَالُ للمرأَة إِنَّهَا لَامْرُؤُ صِدْقٍ كالرَّجل، قَالَ: وَهَذَا نَادِرٌ. وَفِي حَدِيثِ عليٍّ، كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ، لَمَّا تَزَوَّج فاطِمَة، رِضْوانُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا: قَالَ لَهُ يَهُودِيٌّ، أَراد أَن يَبْتَاعَ مِنْهُ ثِياباً، لَقَدْ تَزَوَّجْتَ امْرأَةً ، يُرِيد امْرَأَةً كامِلةً، كَمَا يُقَالُ فُلَانٌ رَجُلٌ، أَي كامِلٌ فِي الرِّجال. وَفِي الْحَدِيثِ: يَقْتُلُون كَلْبَ المُرَيْئةِ ؛ هِيَ تَصْغِيرُ المرأَة. وَفِي الصِّحَاحِ: إِنْ جِئْتَ بأَلف الْوَصْلِ كَانَ فِيهِ ثَلَاثُ لُغَاتٍ: فَتْحُ الراءِ عَلَى كُلِّ حَالٍ، حَكَاهَا الفرَّاءُ، وَضَمُّهَا عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَإِعْرَابُهَا عَلَى كُلِّ حَالٍ. تقول: هذا امْرُؤٌ ورأَيت امْرَأً وَمَرَرْتُ بامْرِئٍ، معرَباً مِنْ مَكَانَيْنِ، وَلَا جَمْعَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ. وَفِي التَّهْذِيبِ: فِي النَّصْبِ تَقُولُ: هذا امْرَؤٌ ورأَيت امْرَأً وَمَرَرْتُ بامْرَئٍ، وَفِي الرَّفْعِ تقول: هذا امْرُؤٌ ورأَيت امْرُأً وَمَرَرْتُ بامْرُئٍ، وَتَقُولُ: هَذِهِ امْرَأَةٌ، مَفْتُوحَةُ الراءِ عَلَى كُلِّ حَالٍ. قَالَ الْكِسَائِيُّ والفرَّاءُ: امْرُؤٌ مُعْرَبٌ مِنَ الراءِ وَالْهَمْزَةِ، وَإِنَّمَا أُعرب مِنْ مَكَانَيْنِ، والإِعراب الْوَاحِدُ يَكْفِي مِنَ الإِعرابين، أَن آخِرَهُ هَمْزَةٌ، وَالْهَمْزَةُ قَدْ تُتْرَكُ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْكَلَامِ، فَكَرِهُوا أَن يَفْتَحُوا الراءَ وَيَتْرُكُوا الْهَمْزَةَ، فَيَقُولُونَ: امْرَوْ، فَتَكُونُ الرَّاءُ مَفْتُوحَةً وَالْوَاوُ سَاكِنَةً، فَلَا يَكُونُ، فِي الْكَلِمَةِ، علامةٌ لِلرَّفْعِ، فَعَرَّبوه مِنَ الراءِ لِيَكُونُوا، إِذَا تَرَكُوا الْهَمْزَةَ، آمِنين مِنْ سُقوط الإِعْراب. قَالَ الفرَّاءُ: وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يُعْرِبُهُ مِنَ الْهَمْزِ وَحْدَه ويَدَعُ الراءَ مَفْتُوحَةً، فَيَقُولُ: قَامَ امرَؤٌ وَضَرَبْتُ امْرَأً وَمَرَرْتُ بامْرَئٍ، وأَنشد: بِأَبْيَ امْرَؤٌ، والشامُ بَيْنِي وبَينَه، ... أَتَتْنِي، بِبُشْرَى، بُرْدُه ورَسائِلُهْ وَقَالَ آخَرُ: أَنتَ امْرَؤٌ مِن خِيار الناسِ، قَدْ عَلِمُوا، ... يُعْطِي الجَزيلَ، ويُعْطَى الحَمْدَ بالثَّمنِ (1/156) هَكَذَا أَنشده بِأَبْيَ، بِإِسْكَانِ الْبَاءِ الثَّانِيَةِ وَفَتْحِ الْيَاءِ. وَالْبَصْرِيُّونَ يُنْشِدُونَهُ بِبَنْيَ امْرَؤٌ. قَالَ أَبو بَكْرٍ: فإِذا أَسقطت الْعَرَبُ مِنِ امرئٍ الأَلف فَلَهَا فِي تَعْرِيبِهِ مَذْهَبَانِ: أَحدهما التَّعْرِيبُ مِنْ مَكَانَيْنِ، وَالْآخَرُ التَّعْرِيبُ مِنْ مَكَانٍ وَاحِدٍ، فَإِذَا عَرَّبُوه مِنْ مَكَانَيْنِ قَالُوا: قَامَ مُرْءٌ وضربت مَرْءًا ومررت بمِرْءٍ؛ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: قام مَرءٌ وضربت مَرْءًا وَمَرَرْتُ بمَرْءٍ. قَالَ: ونَزَلَ القرآنُ بتعْريبِه مِنْ مَكَانٍ وَاحِدٍ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ ، عَلَى فَتْحِ الْمِيمِ. الْجَوْهَرِيُّ المرءُ: الرَّجُلُ، تَقُولُ: هَذَا مَرْءٌ صالحٌ، وَمَرَرْتُ بِمَرْءٍ صالحٍ ورأَيت مَرْءًا صَالِحًا. قَالَ: وَضَمُّ الْمِيمِ لُغَةٌ، تَقُولُ: هَذَا مُرْؤٌ ورأَيت مُرْءًا وَمَرَرْتُ بمُرْءٍ، وَتَقُولُ: هذا مُرْءٌ ورأَيت مَرْءًا وَمَرَرْتُ بِمِرْءٍ، مُعْرَباً مِنْ مَكَانَيْنِ. قَالَ: وَإِنْ صَغَّرْتَ أَسقطت أَلِف الْوَصْلِ فَقُلْتَ: مُرَيْءٌ ومُرَيْئةٌ، وَرُبَّمَا سَمَّوُا الذِّئْبَ امْرَأً، وَذَكَرَ يُونُسُ أَن قَوْلَ الشَّاعِرِ: وأَنتَ امْرُؤٌ تَعْدُو عَلَى كلِّ غِرَّةٍ، ... فتُخْطِئُ فِيهَا، مرَّةً، وتُصِيبُ يَعْنِي بِهِ الذِّئْبَ. وَقَالَتِ امرأَة مِنَ الْعَرَبِ: أَنا امْرُؤٌ لَا أُخْبِرُ السِّرَّ. وَالنِّسْبَةُ إِلَى امْرِئٍ مَرَئِيٌّ، بِفَتْحِ الرَّاءِ، وَمِنْهُ المَرَئِيُّ الشَّاعِرُ. وَكَذَلِكَ النِّسْبَةُ إِلَى امْرِئِ القَيْس، وإِن شِئْتَ امْرِئِيٌّ. وامْرؤُ الْقَيْسِ مِنْ أَسمائهم، وَقَدْ غَلَبَ عَلَى الْقَبِيلَةِ، والإِضافةُ إِلَيْهِ امْرِئيّ، وَهُوَ مِنَ الْقِسْمِ الَّذِي وَقَعَتْ فِيهِ الإِضافة إِلَى الأَول دُونَ الثَّانِي، لأَن امْرَأً لَمْ يُضَفْ إِلَى اسْمِ عَلَمٍ فِي كَلَامِهِمْ إِلَّا فِي قَوْلِهِمُ امرؤُ الْقَيْسِ. وأَما الَّذِينَ قَالُوا: مَرَئِيٌّ، فكأَنهم أَضافوا إِلَى مَرْءٍ، فَكَانَ قِيَاسُهُ عَلَى ذَلِكَ مَرْئِيٌّ، وَلَكِنَّهُ نادرٌ مَعْدُولُ النَّسَبِ. قَالَ ذُو الرُّمَّةِ: إِذَا المَرَئِيُّ شَبَّ لَهُ بناتٌ، ... عَقَدْنَ برأْسِه إبَةً وعارَا والمَرْآةُ: مَصْدَرُ الشَّيْءِ المَرْئِيِّ. التَّهْذِيبِ: وَجَمْعُ المَرْآةِ مَراءٍ، بِوَزْنِ مَراعٍ. قَالَ: والعوامُّ يَقُولُونَ فِي جَمْعِ المَرْآةِ مَرايا. قَالَ: وَهُوَ خطأٌ. ومَرْأَةُ: قَرْيَةٌ. قَالَ ذُو الرُّمَّةِ: فَلَمَّا دَخَلْنا جَوْفَ مَرْأَةَ غُلِّقَتْ ... دساكِرُ، لَمْ تُرْفَعْ، لخَيْرٍ، ظلالُها وَقَدْ قِيلَ: هِيَ قَرْيَةُ هِشَامٍ المَرئِيِّ. وأَما قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ: لَا يَتَمَرْأَى أَحدُكم فِي الدُّنْيَا ، أَي لَا يَنْظُرُ فِيهَا، وَهُوَ يَتَمَفْعَلُ مِنَ الرُّؤْية، وَالْمِيمُ زَائِدَةٌ. وَفِي رِوَايَةٍ: لَا يَتَمَرَّأُ أَحدُكم بِالدُّنْيَا، مِن الشَّيْءِ المَرِيءِ. مسأ: مَسَأَ يَمْسَأُ مَسْأً ومُسُوءًا: مَجَنَ، والماسِئُ: الماجِنُ. ومَسْءُ الطريقِ: وَسَطُه. ومَسَأَ مَسْأً: مَرَنَ عَلَى الشيءِ. ومَسَأَ: أَبْطَأَ. ومَسَأَ بَيْنَهُمْ مَسْأً ومُسُوءًا: حَرَّش. أَبو عُبَيْدٍ عَنِ الأَصمعي: الماسُ، خَفِيفٌ غَيْرُ مَهْمُوزٍ، وَهُوَ الَّذِي لَا يلتفِتُ إِلَى مَوْعِظةِ أَحد، وَلَا يَقبل قَوْلَه. يُقَالُ: رَجُلٌ ماسٌ، وَمَا أَمْساهُ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: كأَنه مَقْلُوبٌ، كَمَا قالوا هارٌ وهارٍ وهائرٌ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَيَحْتَمِلُ أَن يَكُونَ الماسُ فِي الأَصل ماسِئاً، وَهُوَ مَهْمُوزٌ في الأَصل. مطأ: ابْنُ الْفَرَجِ: سَمِعْتُ الباهِلِيِّين تَقُولُ: مَطا الرجُلُ المرأَةَ ومَطَأَها، بِالْهَمْزِ، أَي وَطِئَها. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وشَطَأَها، بِالشِّينِ، بِهَذَا الْمَعْنَى لغة. (1/157) مكأ: المَكْءُ: جُحْر الثَّعْلَب والأَرْنَب. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: هُوَ جُحْر الضَّبِّ. قَالَ الطِّرِمَّاح: كَمْ بِهِ مِنْ مَكْءِ وحْشِيَّةٍ، ... قِيضَ فِي مُنْتَثَلٍ أَو هَيامِ عَنَى بالوَحْشِيَّةِ هُنَا الضَّبَّةَ، لأَنه لَا يَبِيضُ الثَّعلب وَلَا الأَرنب. إِنما تَبِيض الضَّبَّة. وقِيضَ: حُفِرَ وشُقَّ، ومَن رَوَاهُ مِنْ مَكْن وَحْشِيَّةٍ، وَهُوَ البَيْضُ، فقِيضَ عِنْدَهُ كُسِرَ قَيْضُه، فأُخْرِجَ مَا فِيهِ. والمُنْتَثَلُ: مَا يُخْرَج مِنْهُ مِنْ التُّراب. والهَيامُ: التُّراب الَّذِي لَا يَتَماسَكُ أَن يَسِيلَ مِنَ الْيَدِ. ملأَ: مَلأَ الشيءَ يَمْلَؤُه مَلأً، فَهُوَ مَمْلُوءٌ، ومَلَّأَه فامْتَلأَ، وتَمَلَّأَ، وَإِنَّهُ لَحَسَنُ المِلأَةِ أَي المَلْءِ، لَا التَّمَلُّؤِ. وإِناءٌ مَلآنُ، والأُنثى مَلأَى ومَلآنةٌ، وَالْجَمْعُ مِلاءٌ؛ وَالْعَامَّةُ تَقُولُ: إِناءٌ مَلًا. أَبو حَاتِمٍ يُقَالُ: حُبٌّ مَلآنُ، وقِرْبةٌ مَلأَى، وحِبابٌ مِلاءٌ. قَالَ: وَإِنْ شِئْتَ خَفَّفْتَ الْهَمْزَةَ، فَقُلْتَ فِي الْمُذَكَّرِ مَلانُ، وَفِي المؤَنث مَلًا. ودَلْوٌ مَلًا، وَمِنْهُ قَوْلُهُ: حَبَّذا دَلْوُك إذْ جاءَت مَلا أَراد مَلأَى. وَيُقَالُ: مَلأْتُه مَلْأً، بِوَزْنِ مَلْعاً، فإِن خَفَّفْتَ قُلْتَ: مَلًا؛ وأَنشد شَمِرٌ فِي مَلًا، غَيْرَ مَهْمُوزٍ، بِمَعْنَى مَلْءٍ: وكائِنْ مَا تَرَى مِنْ مُهْوَئِنٍّ، ... مَلا عَيْنٍ وأَكْثِبةٍ وَقُورِ أَراد مَلْء عَيْنٍ، فَخَفَّفَ الْهَمْزَةَ. وَقَدِ امْتَلأَ الإِناءُ امْتِلاءً، وامْتَلأَ وتَمَلَّأَ، بِمَعْنًى. والمِلْءُ، بِالْكَسْرِ: اسْمٌ مَا يَأْخُذُهُ الإِناءُ إِذَا امْتَلأَ. يُقَالُ: أَعْطَى مِلأَه ومِلأَيْهِ وثلاثةَ أَمْلائه. وكوزٌ مَلآنُ؛ والعامَّةُ تَقُولُ: مَلًا مَاءً. وَفِي دُعَاءِ الصَّلَاةِ: لكَ الحمدُ مِلْءَ السمواتِ والأَرضِ. هَذَا تَمْثِيلٌ لأَنّ الكلامَ لَا يَسَعُ الأَماكِنَ، وَالْمُرَادُ بِهِ كَثْرَةُ الْعَدَدِ. يَقُولُ: لَوْ قُدِّر أَن تَكُونَ كلماتُ الحَمد أَجْساماً لبلَغت مِنْ كَثْرَتِهَا أَن تَمْلأَ السمواتِ والأَرضَ؛ وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ المرادُ بِهِ تَفْخِيمَ شأْنِ كَلِمَةِ الحَمد، وَيَجُوزُ أَن يرادَ بِهِ أَجْرُها وثَوابُها. وَمِنْهُ حَدِيثِ إِسلام أَبي ذَرٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قَالَ لَنَا كلِمَةً تَمْلأُ الفمَ أَي إِنها عَظِيمَةٌ شَنِيعةٌ، لَا يَجُوزُ أَن تُحْكَى وتُقالَ، فكأَنَّ الفَمَ مَلآنُ بِهَا لَا يَقْدِرُ عَلَى النُّطق. وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: امْلَؤُوا أَفْواهَكم مِنَ القُرْآنِ. وَفِي حَدِيثِ أُمّ زَرْعٍ: مِلْءُ كِسائها وغَيْظُ جارَتِها ؛ أَرادت أَنها سَمِينة، فَإِذَا تغطَّت بِكسائها مَلأَتْه. وَفِي حَدِيثِ عِمْرانَ ومَزادةِ الْمَاءِ: إِنَّهُ لَيُخَيَّلُ إِلينا أَنها أَشدُّ مِلأَةً مِنْهَا حِينَ ابْتُدِئَ فِيهَا ، أَي أَشدُّ امْتلاءً. يُقَالُ مَلأْتُ الإِناءَ أَمْلَؤُه مَلأً، والمِلْءُ الِاسْمُ، والمِلأَةُ أَخصُّ مِنْهُ. والمُلأَة، بِالضَّمِّ مِثَالُ المُتْعةِ، والمُلاءَةُ والمُلاءُ: الزُّكام يُصيب مِن امْتِلاءِ المَعِدة. وَقَدْ مَلُؤَ، فَهُوَ مَلِيءٌ، ومُلِئَ فُلَانٌ، وأَمْلأَه اللهُ إِمْلَاءً أَي أَزْكَمه، فَهُوَ مَمْلُوءٌ، عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، يُحمل عَلَى مُلِئَ. والمِلْءُ: الكِظَّة مِنْ كَثْرَةِ الأَكل. اللَّيْثُ: المُلأَةُ (1/158) ثِقَلٌ يَأْخُذُ فِي الرَّأْسِ كالزُّكام مِنَ امْتِلاءِ المَعِدة. وَقَدْ تَمَّلأَ مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ تَمَلُّؤاً، وتَمَلَّأَ غَيْظاً. ابْنُ السِّكِّيتِ: تَمَلَّأْتُ مِنَ الطَّعَامِ تَملُّؤاً، وَقَدْ تَملَّيْتُ العَيْشَ تَملِّياً إِذَا عِشْتَ مَلِيّاً أَي طَويلًا. والمُلْأَةُ: رَهَلٌ يُصِيبُ البعيرَ مِنْ طُول الحَبْسِ بَعْدَ السَّيْرِ. ومَلَّأَ فِي قَوْسِه: غَرَّقَ النُّشَّابَةَ والسَّهْمَ. وأَمْلَأْتُ النَّزْعَ فِي القَوْسِ إِذَا شَدَدْتَ النَّزْعَ فِيهَا. التَّهْذِيبُ، يُقَالُ: أَمْلَأَ فُلَانٌ فِي قَوْسِه إِذَا أَغْرَقَ فِي النَّزْعِ، ومَلَأَ فلانٌ فُرُوجَ فَرَسِه إِذَا حَمَله عَلَى أَشَدِّ الحُضْرِ. ورَجل مَلِيءٌ، مَهْمُوزٌ: كَثِيرُ المالِ، بَيِّن المَلاء، يَا هَذَا، وَالْجَمْعُ مِلاءٌ، وأَمْلِئاءُ، بِهَمْزَتَيْنِ، ومُلَآءُ، كِلَاهُمَا عَنِ اللِّحْيَانِي وَحْدَهُ، وَلِذَلِكَ أُتِيَ بِهِمَا آخِرًا. وَقَدْ مَلُؤَ الرَّجُلُ يَمْلُؤُ مَلاءَةً، فَهُوَ مَلِيءٌ: صَارَ مَلِيئاً أَي ثِقةً، فَهُوَ غَنِيٌّ مَلِيءٌ بَيِّن المَلاءِ والمَلاءَةِ، مَمْدُودَانِ. وَفِي حَدِيثِ الدَّيْنِ: إِذَا أُتْبِعَ أَحدُكم عَلَى مَلِيءٍ فلْيَتَّبِعْ. المَلِيءٌ، بِالْهَمْزِ: الثِّقةُ الغَنِيُّ، وَقَدْ أُولِعَ فِيهِ النَّاسُ بِتَرْكِ الْهَمْزِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ. وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: لَا مَلِيءٌ وَاللَّهِ بإصْدارِ مَا ورَدَ عَلَيْهِ. واسْتَمْلَأَ فِي الدَّيْنِ: جَعل دَيْنَه فِي مُلَآءَ. وَهَذَا الأَمر أَمْلَأُ بكَ أَي أَمْلَكُ. والمَلَأُ: الرُّؤَساءُ، سُمُّوا بِذَلِكَ لأَنهم مِلاءٌ بِمَا يُحتاج إِلَيْهِ. والمَلَأُ، مَهْمُوزٌ مَقْصُورٌ: الْجَمَاعَةُ، وَقِيلَ أَشْرافُ الْقَوْمِ ووجُوهُهم ورؤَساؤهم ومُقَدَّمُوهم، الَّذِينَ يُرْجَع إِلَى قَوْلِهِمْ. وَفِي الْحَدِيثِ: هَلْ تَدْرِي فِيمَ يَخْتصِمُ الملأُ الأَعْلى؟ يُرِيدُ الملائكةَ المُقَرَّبين. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ . وَفِيهِ أَيضاً: وَقالَ الْمَلَأُ* . وَيُرْوَى أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، سَمِعَ رَجُلًا مِنَ الأَنصار وَقَدْ رَجَعُوا مَن غَزْوةِ بَدْر يَقُولُ: مَا قَتَلْنا إِلَّا عجائزَ صُلْعاً، فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: أُولئِكَ المَلَأُ مِنْ قُرَيْشٍ، لَوْ حَضَرْتَ فِعالَهم لاحْتَقَرْتَ فِعْلَكَ ؛ أَي أَشْرافُ قُرَيْشٍ، وَالْجَمْعُ أَمْلاء. أَبو الْحَسَنِ: لَيْسَ المَلَأُ مِن بَابِ رَهْطٍ، وَإِنْ كَانَا اسْمَيْنِ لِلْجَمْعِ، لأَن رَهْطاً لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ، والمَلَأُ وإِن كَانَ لَمْ يُكسر مالِئٌ عَلَيْهِ، فإنَّ مالِئاً مَنْ لَفْظِهِ. حَكَى أَحمد بْنُ يَحْيَى: رَجُلٌ مالِئٌ جَلِيلٌ يَمْلَأُ الْعَيْنَ بِجُهْرَتِه، فَهُوَ كعَرَبٍ ورَوَحٍ. وشابٌّ مالِئُ الْعَيْنِ إِذَا كَانَ فَخْماً حَسَناً. قَالَ الرَّاجِزُ: بِهَجْمةٍ تَمْلَأُ عَيْنَ الحاسِدِ وَيُقَالُ: فُلَانٌ أَمْلَأُ لِعَيْنِي مِن فُلَانٍ، أَي أَتَمُّ فِي كُلِّ شَيْءٍ مَنْظَراً وحُسْناً. وَهُوَ رَجُلٌ مالِئُ الْعَيْنِ إِذَا أَعْجَبَك حُسْنُه وبَهْجَتُه. وحَكَى: مَلَأَهُ عَلَى الأَمْر يَمْلَؤُه ومالأَهُ «3» ، وَكَذَلِكَ المَلَأُ إِنَّمَا هُمُ القَوْم ذَوُو الشَّارَةِ والتَّجَمُّع للإِدارة، فَفَارَقَ بابَ رَهْط لِذَلِكَ، والمَلَأُ عَلَى هَذَا صِفَةٌ غَالِبَةٌ. وَقَدْ مَالَأْتُه عَلَى الأَمر مُمَالَأَةً: ساعَدْتُه عَلَيْهِ وشايَعْتُه. وتَمَالَأْنا عَلَيْهِ: اجْتَمَعْنا، وتَمالَؤُوا عَلَيْهِ: اجْتَمعوا عَلَيْهِ؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ: وتَحَدَّثُوا مَلَأً، لِتُصْبِحَ أُمّنا ... عَذْراءَ، لَا كَهْلٌ ولا مَوْلُودُ __________ (3) . قوله [وَحَكَى ملأَه عَلَى الأَمر إلخ] كذا في النسخ والمحكم بدون تعرض لمعنى ذلك وفي القاموس وملَأَه على الأَمر ساعده كمالأَه. (1/159) أَي تَشَاوَرُوا وتَحَدَّثُوا مُتَمالِئينَ عَلَى ذَلِكَ ليَقْتُلونا أَجمعين، فَتُصْبِحُ أُمنا كالعَذْراء الَّتِي لَا وَلَد لَهَا. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: يُقَالُ لِلْقَوْمِ إِذَا تَتابَعُوا برَأْيِهم عَلَى أَمر قد تَمالَؤُوا عَلَيْهِ. ابْنُ الأَعرابي: مَالَأَه إِذَا عاوَنَه، ومَالَأَه إِذَا صَحِبَه أَشْباهُه. وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: وَاللَّهِ مَا قَتَلْتُ عُثمانَ، وَلَا مَالَأْتُ عَلَى قَتْلِهِ ؛ أَي مَا ساعَدْتُ وَلَا عاوَنْتُ. وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنه قَتَل سبعةَ نَفَرٍ بِرَجُلٍ قَتَلُوه غِيلةً ، وَقَالَ: لَو تَمالأَ عَلَيْهِ أَهلُ صَنْعاء لأَقَدْتُهم بِهِ. وَفِي رِوَايَةٍ: لَقَتَلْتُهم. يَقُولُ: لَوْ تضافَرُوا عليه وتَعاوَنُوا وتَساعَدُوا. المَلَأُ، مَهْمُوزٌ مَقْصُورٌ: الخُلُقُ. وَفِي التَّهْذِيبِ: الخُلُقُ المَلِيءُ بِمَا يُحْتاجُ إِلَيْهِ. وَمَا أَحسن مَلَأَ بَنِي فُلَانٍ أَي أَخْلاقَهم وعِشْرَتَهم. قَالَ الجُهَنِيُّ: تَنادَوْا يَا لَبُهْثَةَ، إذْ رَأَوْنا، ... فَقُلْنا: أَحْسِني مَلَأً جُهَيْنا أَي أَحْسِنِي أَخْلاقاً يَا جُهَيْنةُ؛ وَالْجَمْعُ أَملاء. وَيُقَالُ: أَراد أَحْسِنِي ممالأَةً أَي مُعاوَنةً، مِنْ قَوْلِكَ مَالَأْتُ فُلاناً أَي عاوَنْتهُ وظاهَرْته. والمَلَأُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ: الخُلُقُ، يُقَالُ: أَحْسِنُوا أَمْلاءَكم أَي أَحْسِنُوا أَخْلاقَكم. وَفِي حَدِيثِ أَبي قَتادَة، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَن النبي، صلى الله عليه وَسَلَّمَ، لَمَّا تَكابُّوا عَلَى الْمَاءِ فِي تِلْكَ الغَزاةِ لِعَطَشٍ نالَهم؛ وَفِي طَرِيقٍ: لَمَّا ازدَحَمَ الناسُ عَلَى المِيضأَةِ، قَالَ لَهُمْ رسولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَحْسِنُوا المَلَأَ، فَكُلُّكُمْ سَيَرْوَى. قَالَ ابْنُ الأَثير: وأَكثر قُرّاء الحديث يَقْرَؤُونها أَحْسِنُوا المِلْءَ، بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ اللَّامِ مِنْ مَلْءِ الإَناء، قَالَ: وَلَيْسَ بِشَيْءٍ. وَفِي الْحَدِيثِ أَنه قَالَ لأَصحابه حِينَ ضَرَبُوا الأَعرابيَّ الَّذِي بَالَ فِي المَسجد: أَحسنوا أَمْلاءَكم، أَي أَخْلاقَكم. وَفِي غَرِيبِ أَبي عُبيدة: مَلَأً أَي غَلَبَةً «1» . وَفِي حَدِيثِ الْحَسَنِ أَنهم ازْدَحَمُوا عَلَيْهِ فَقَالَ: أَحْسِنُوا أَمْلاءَكم أَيها المَرْؤُون. والمَلَأُ: العِلْيةُ، وَالْجَمْعُ أَمْلاءٌ أَيضاً. وَمَا كَانَ هَذَا الأَمرُ عَنْ مَلإٍ منَّا أَي تشاوُرٍ وَاجْتِمَاعٍ. وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ، رَضي الله عَنْهُ، حِين طُعِنَ: أَكان هَذَا عَنْ مَلإِ مِنْكُمْ ، أَي مُشاوَرةٍ مِنْ أَشرافِكم وجَماعَتِكم. والمَلَأُ: الطَّمَعُ والظَّنُّ، عَنِ ابْنِ الأَعْرابي، وَبِهِ فَسَّرَ قَوْلُهُ وتحَدَّثُوا مَلَأً، الْبَيْتُ الَّذِي تَقَدَّم، وَبِهِ فُسِّرَ أَيضاً قَوْلُهُ: فَقُلْنا أَحْسِنِي مَلَأً جُهَيْنا أَي أَحْسِنِي ظَنّاً. والمُلاءَة، بِالضَّمِّ وَالْمَدِّ، الرَّيْطة، وَهِيَ المِلْحفةُ، وَالْجَمْعُ مُلاءٌ. وَفِي حَدِيثِ الاستسقاءِ: فرأَيت السَّحابَ يَتَمَزَّقُ كأَنه المُلاءُ حِينَ تُطْوَى. المُلاءُ، بِالضَّمِّ وَالْمَدِّ: جَمْعُ مُلاءةٍ، وَهِيَ الإِزارُ والرَّيْطة. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِن الْجَمْعَ مُلَأٌ، بِغَيْرِ مَدٍّ، وَالْوَاحِدُ مَمْدُودٌ، والأَول أَثبت. شبَّه تَفَرُّقَ الْغَيْمِ وَاجْتِمَاعُ بَعْضِهِ إِلَى بَعْضٍ فِي أَطراف السَّمَاءِ بالإِزار إِذَا جُمِعَتْ أَطرافُه وطُوِيَ. وَمِنْهُ حَدِيثُ قَيْلةَ: وَعَلَيْهِ أَسمالُ مُلَيَّتَيْنِ ، هُوَ تَصْغِيرُ مُلاءَة مُثَنَّاةُ الْمُخَفَّفَةِ الْهَمْزِ، وَقَوْلُ أَبي خِراش: كأَنَّ المُلاءَ المَحْضَ، خَلْفَ ذَراعِه، ... صُراحِيّةٌ والآخِنِيُّ المُتَحَّمُ عَنَى بالمَحْضِ هُنَا الغُبارَ الخالِصَ، شبَّهه بالمُلاءِ من الثياب. __________ (1) . قوله [ملأً أي غلبة] كذا هو في غير نسخة من النهاية. (1/160) منأ: المَنِيئَةُ، عَلَى فَعِيلةٍ: الجِلْدُ أَوَّلَ مَا يُدْبَغُ ثُمَّ هُوَ أَفِيقٌ ثُمَّ أَدِيمٌ. مَنَأَه يَمْنَؤُه مَنْأً إِذَا أَنْقَعه فِي الدِّباغِ. قَالَ حُمَيْدُ بْنُ ثَوْرٍ: إِذَا أَنتَ باكَرْتَ المَنِيئةَ باكَرَتْ ... مَداكاً لَها، مِنْ زَعْفَرانٍ وإثْمِدا ومَنأْتُه: وافَقْتُه، عَلَى مِثْلِ فَعَلْتُه. والمَنِيئةُ، عِنْدَ الفارِسيِّ، مَفْعِلةٌ مِنَ اللَّحم النِّيءِ، أَنْبأَ بِذَلِكَ عَنْهُ أَبُو العَلاء، ومَنَأَ تَأْبَى ذَلِكَ. والمَنِيئةُ: المَدْبَغةُ. والمَنِيئةُ: الجِلد مَا كَانَ فِي الدِّباغ. وبَعَثَتِ امرأَةٌ مِنَ الْعَرَبِ بِنْتًا لَهَا إِلَى جَارَتِهَا فَقَالَتْ: تَقُولُ لَكِ أُمّي أَعْطِيني نَفْساً أَو نَفْسَيْن أَمْعَسُ بِهِ مَنِيئَتِي، فإنِّي أَفِدةٌ. وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ، رَضِيَ الله عَنْهُ: وآدِمةٌ فِي المَنِيئةِ أَي فِي الدِّباغ. وَيُقَالُ لِلْجِلْدِ مَا دَامَ فِي الدِّباغ: مَنِيئةٌ. وَفِي حَدِيثِ أَسْماءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ: وَهِيَ تَمْعَسُ مَنِيئةً لَهَا. والمَمْنَأَةُ: الأَرض السَّوْداءُ، تُهْمَزُ وَلَا تُهْمَزُ. والمَنِيَّةُ، مِنَ المَوْت، معتل. موأ: ماءَ السِّنَّوْرُ يَمُوءُ مَوْءاً «2» كَمَأَى. قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: ماءَتِ الهرَّةُ تَمُوءُ مِثْلُ ماعَتْ تَمُوعُ، وَهُوَ الضُّغاء، إِذَا صَاحَتْ. وَقَالَ: هِرَّةٌ مَؤُوءٌ، عَلَى مَعُوعٍ، وصَوتُها المُواءُ، عَلَى فُعَال. أَبو عَمْرٍو: أَمْوَأَ السِّنَّوْرُ إِذَا صاحَ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: هِيَ المائِيَةُ، بِوَزْنِ الماعيَة، والمائِيّةُ، بِوَزْنِ الماعِيّةِ، يُقَالُ ذَلِكَ للسِّنَّوْر، وَاللَّهُ أَعلم. ( فهرس الكتاب - فهرس المحتويات ) لسان العرب فصل النون نأنأ: النَّأْنَأَةُ: العَجْزُ والضَّعْفُ. وَرَوَى عِكْرِمةُ عَنْ أَبي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنه قَالَ: طُوبَى لِمَنْ ماتَ فِي النَّأْنَأَةِ ، مَهْمُوزَةٌ، يَعْنِي أَوّل الإِسلام قَبْلَ أَن يَقْوَى ويكثُرَ أَهلُه وناصِرُه والدّاخِلُون فِيهِ، فَهُوَ عِنْدَ النَّاسِ ضَعِيفٌ. ونَأْنَأْتُ فِي الرأْي إِذَا خَلَّطْت فِيهِ تَخْلِيطاً وَلَمْ تُبْرِمْه. وَقَدْ تَنَأْنَأَ ونَأْنَأَ فِي رأْيه نَأْنَأَةً ومُنَأْنَأَةً: ضَعُفَ فِيهِ وَلَمْ يُبْرِمْه. قال عَبد هِنْد ابن زَيْدٍ التَّغْلبِيّ، جَاهِلِيٌّ: فَلَا أَسْمَعَنْ مِنْكُمْ بأَمرٍ مُنَأْنَإٍ، ... ضَعِيفٍ، وَلَا تَسْمَعْ بِهِ هامَتي بَعْدِي فإِنَّ السِّنانَ يَرْكَبُ المَرْءُ حَدَّه، ... مِن الخِزْي، أَو يَعْدُو عَلَى الأَسَدِ الوَرْدِ وتَنَأْنَأَ: ضَعُفَ واسْتَرْخَى. وَرَجُلٌ نَأْنَأٌ ونَأْنَاءٌ، بِالْمَدِّ وَالْقَصْرِ: عَاجِزٌ جَبانٌ ضَعِيفٌ. قَالَ امرؤُ الْقَيْسِ يَمْدَحُ سَعْدَ بْنَ الضَّبابِ الإِيادِيَّ: لعَمْرُكَ مَا سعْدٌ بِخُلّةِ آثِمٍ، ... وَلَا نَأْنَإٍ، عندَ الحِفاظِ، وَلَا حَصِرْ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، لسليمانَ بْنِ صُرَدٍ، وَكَانَ قَدْ تَخَلَّفَ عَنْهُ يَوْمَ الجَمَلِ ثُمَّ أَتاه، فَقَالَ لَهُ عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: تَنَأْنَأْتَ وتَراخَيْتَ، فَكَيْفَ رأَيتَ صُنْعَ اللَّهِ؟ قَوْلُهُ: تَنَأْنَأْتَ يُرِيدُ ضَعُفْتَ واسْتَرْخَيْتَ. الأُموي: نَأْنَأْتُ الرَّجُلَ نَأْنَأَةً إِذَا نَهْنَهْتَه عَمَّا يُرِيدُ وكَفَفْتَه، كأَنه يُرِيدُ إِنِّي حَمَلْتُه عَلَى أَن ضَعُفَ __________ (2) . قوله [يموء موءاً] الذي في المحكم والتكملة مواء أي بزنة غراب وهو القياس في الأَصوات. (1/161) عَمَّا أَراد وَتَرَاخَى. وَرَجُلٌ نَأْناءٌ: يُكثر تَقْلِيبَ حَدَقَتيه، والمعروف رَأْراءٌ. نبأ: النَّبَأُ: الْخَبَرُ، وَالْجَمْعُ أَنْبَاءٌ، وإنَّ لِفُلَانٍ نَبَأً أَي خَبَرًا. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: عَمَّ يَتَساءَلُونَ عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ . قِيلَ عَنِ الْقُرْآنِ، وَقِيلَ عَنِ البَعْث، وَقِيلَ عَنْ أَمْرِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَدْ أَنْبَأَه إِيّاه وَبِهِ، وَكَذَلِكَ نَبَّأَه، مُتَعَدِّيَةٌ بِحَرْفٍ وَغَيْرِ حَرْفٍ، أَي أَخبر. وَحَكَى سِيبَوَيْهِ: أَنا أَنْبُؤُك، عَلَى الإِتباع. وَقَوْلُهُ: إِلَى هِنْدٍ مَتَى تَسَلِي تُنْبَيْ أَبدل هَمْزَةَ تُنْبَئِي إِبدالًا صَحِيحًا حَتَّى صَارَتِ الْهَمْزَةُ حَرْفَ عِلَّةٍ، فَقَوْلُهُ تُنْبَيْ كَقَوْلِهِ تُقْضَيْ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَالْبَيْتُ هَكَذَا وُجِدَ، وَهُوَ لَا مَحَالَةَ نَاقِصٌ. واسْتَنْبأَ النَّبَأَ: بحَث عَنْهُ. ونَابَأْتُ الرجلَ ونابَأَنِي: أَنْبَأْته وأَنْبأَنِي. قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَهْجُو قَوْمًا: زُرْقُ العُيُونِ، إِذَا جاوَرْتَهُم سَرَقُوا ... مَا يَسْرِقُ العَبْدُ، أَو نَابَأْتَهُم كَذَبُوا وَقِيلَ: نَابَأْتَهم: تركْتَ جِوارَهم وتَباعَدْت عَنْهُمْ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْباءُ يَوْمَئِذٍ فَهُمْ لَا يَتَساءَلُونَ . قَالَ الفرَّاءُ: يَقُولُ الْقَائِلُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ*؛ كَيْفَ قَالَ هَهُنَا: فَهُمْ لَا يتساءَلُون؟ قَالَ أَهل التَّفْسِيرِ: إِنَّهُ يَقُولُ عَمِيتْ عَلَيْهِمُ الحُجَجُ يومئذٍ، فَسَكَتُوا، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى فَهُمْ لَا يَتَساءَلُونَ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: سمَّى الحُجَج أَنْبَاءً، وَهِيَ جَمْعُ النَّبَإِ، لأَنَّ الحُجَجَ أَنْبَاءٌ عَنِ اللَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ. الْجَوْهَرِيُّ: والنَبِيءُ: المُخْبِر عَنِ اللَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ، مَكِّيَّةٌ، لأَنه أَنْبَأَ عَنْهُ، وَهُوَ فَعِيلٌ بِمَعْنَى فاعِلٍ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُهُ أَن يَقُولَ فَعِيل بِمَعْنَى مُفْعِل مِثْلَ نَذِير بِمَعْنَى مُنْذِر وأَلِيمٍ بِمَعْنَى مُؤْلِمٍ. وَفِي النِّهَايَةِ: فَعِيل بِمَعْنَى فاعِل لِلْمُبَالَغَةِ مِنَ النَّبَإِ الخَبَر، لأَنه أَنْبَأَ عَنِ اللَّهِ أَي أَخْبَرَ. قَالَ: وَيَجُوزُ فِيهِ تَحْقِيقُ الْهَمْزِ وَتَخْفِيفُهُ. يُقَالُ نَبَأَ ونَبَّأَ وأَنْبَأَ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: لَيْسَ أَحد مِنَ الْعَرَبِ إِلَّا وَيَقُولُ تَنَبَّأَ مُسَيْلِمة، بِالْهَمْزِ، غَيْرَ أَنهم تَرَكُوا الْهَمْزَ فِي النبيِّ كَمَا تَرَكُوهُ فِي الذُرِّيَّةِ والبَرِيَّةِ والخابِيةِ، إِلَّا أَهلَ مَكَّةَ، فَإِنَّهُمْ يَهْمِزُونَ هَذِهِ الأَحرف وَلَا يَهْمِزُونَ غَيْرَهَا، ويُخالِفون الْعَرَبَ فِي ذَلِكَ. قَالَ: وَالْهَمْزُ فِي النَّبِيءِ لُغَةٌ رَدِيئَةٌ، يَعْنِي لِقِلَّةِ اسْتِعْمَالِهَا، لَا لأَنَّ الْقِيَاسَ يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ. أَلا تَرَى إِلَى قَوْلِ سيِّدِنا رسولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَقَدْ قِيلَ يَا نَبِيءَ اللَّهِ، فَقَالَ لَهُ: لَا تَنْبِر باسْمي، فَإِنَّمَا أَنا نَبِيُّ اللَّهِ. وَفِي رِوَايَةٍ: فَقَالَ لستُ بِنَبِيءِ اللَّهِ ولكنِّي نبيُّ اللَّهِ. وَذَلِكَ أَنه، عَلَيْهِ السَّلَامُ، أَنكر الْهَمْزَ فِي اسْمِهِ فرَدَّه عَلَى قَائِلِهِ لأَنه لَمْ يَدْرِ بِمَا سَمَّاهُ، فأَشْفَقَ أَن يُمْسِكَ عَلَى ذَلِكَ، وَفِيهِ شيءٌ يَتَعَلَّقُ بالشَّرْع، فَيَكُونَ بالإِمْساك عَنْهُ مُبِيحَ مَحْظُورٍ أَو حاظِرَ مُباحٍ. وَالْجَمْعُ: أَنْبِئَاءُ ونُبَآءُ. قَالَ العَبَّاسُ بْنُ مِرْداسٍ: يَا خاتِمَ النُّبَآءِ، إنَّكَ مُرْسَلٌ ... بالخَيْرِ، كلُّ هُدَى السَّبِيلِ هُداكا إنَّ الإِلهَ ثَنَى عَلَيْكَ مَحَبَّةً ... فِي خَلْقِه، ومُحَمَّداً سَمَّاكا قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: يُجْمع أَنْبِيَاء، لأَن الْهَمْزَ لَمَّا أُبْدِل وأُلْزِم الإِبْدالَ جُمِعَ جَمْعَ مَا أَصلُ لَامِهُ حَرْفُ (1/162) الْعِلَّةِ كَعِيد وأَعْياد، عَلَى مَا نَذْكُرُهُ فِي الْمُعْتَلِّ. قَالَ الفرَّاءُ: النبيُّ: هُوَ مَنْ أَنْبَأَ عَنِ اللَّهِ، فَتُرِك هَمزه. قال: وإن أُخِذَ مِنَ النَّبْوةِ والنَّباوةِ، وَهِيَ الِارْتِفَاعُ عَنِ الأَرض، أَي إِنه أَشْرَف عَلَى سَائِرِ الخَلْق، فأَصله غَيْرُ الْهَمْزِ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: القِرَاءَة الْمُجْمَعُ عَلَيْهَا، فِي النَّبِيِّين والأَنْبِياء، طَرْحُ الْهَمْزِ، وَقَدْ هَمَزَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهل الْمَدِينَةِ جَمِيعَ مَا فِي الْقُرْآنِ مِنْ هَذَا. وَاشْتِقَاقُهُ من نَبَأَ وأَنْبَأَ أَي أَخبر. قَالَ: والأَجود تَرْكُ الْهَمْزِ؛ وسيأْتي فِي الْمُعْتَلِّ. وَمِنْ غَيْرِ الْمَهْمُوزِ: حَدِيثُ البَراءِ. قُلْتُ: ورَسُولِكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ، فردَّ عَليَّ وَقَالَ: ونَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ. قَالَ ابْنُ الأَثير: إِنَّمَا ردَّ عَلَيْهِ ليَخْتَلِفَ اللَّفْظانِ، وَيَجْمَعَ لَهُ الثناءَ بَيْنَ مَعْنَى النُّبُوَّة والرِّسالة، وَيَكُونَ تَعْدِيدًا لِلنِّعْمَةِ فِي الحالَيْن، وَتَعْظِيمًا لِلمِنَّةِ عَلَى الْوَجْهَيْنِ. والرَّسولُ أَخصُّ مِنَ النَّبِيِّ، لأَنَّ كُلَّ رَسُولٍ نَبِيٌّ وَلَيْسَ كُلُّ نَبِيٍّ رَسُولًا. وَيُقَالُ: تَنَبَّى الكَذَّابُ إِذَا ادَّعَى النُّبُوّةَ. وتَنَبَّى كَمَا تَنَبَّى مُسَيْلِمةُ الكَذّابُ وغيرُه مِنَ الدَّجَّالِينَ المُتَنَبِّينَ. وَتَصْغِيرُ النَّبِيءِ: نُبَيِّئٌ، مثالُ نُبَيِّعٍ. وَتَصْغِيرُ النُّبُوءَة: نُبَيِّئَةٌ، مِثَالُ نُبَيِّعةٍ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: ذَكَرَ الْجَوْهَرِيُّ فِي تَصْغِيرِ النَّبِيءِ نُبَيِّئٌ، بِالْهَمْزِ عَلَى الْقَطْعِ بِذَلِكَ. قَالَ: وَلَيْسَ الأَمر كَمَا ذَكر، لأَن سِيبَوَيْهِ قَالَ: مَنْ جَمَعَ نَبِيئاً عَلَى نُبَآء قَالَ فِي تَصْغِيرِهِ نُبَيِّئ، بِالْهَمْزِ، وَمَنْ جَمَعَ نَبيئاً عَلَى أَنْبِياء قَالَ فِي تَصْغِيرِهِ نُبَيٌّ، بِغَيْرِ هَمْزٍ. يُرِيدُ: مَنْ لَزِمَ الْهَمْزَ فِي الْجَمْعِ لَزِمَهُ فِي التَّصْغِيرِ، وَمَنْ تَرَكَ الْهَمْزَ فِي الْجَمْعِ تَرَكَهُ فِي التَّصْغِيرِ. وَقِيلَ: النَّبيُّ مُشْتَقٌّ مِنَ النَّبَاوةِ، وَهِيَ الشيءُ المُرْتَفِعُ. وَتَقُولُ الْعَرَبُ فِي التَّصْغِيرِ: كَانَتْ نُبَيِّئةُ مُّسَيْلِمَة نُبَيِّئةَ سَوْءٍ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ الَّذِي ذكره سيبوبه: كَانَتْ نُبُوّةُ مُسَيْلِمَةَ نُبَيِّئةَ سَوْءٍ، فَذَكَرَ الأَول غَيْرَ مُصَغَّرٍ وَلَا مَهْمُوزٍ لِيُبَيِّنَ أَنهم قَدْ هَمَزُوهُ فِي التَّصْغِيرِ، وإِن لَمْ يَكُنْ مَهْمُوزًا فِي التَّكْبِيرِ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ . فَقَدَّمَهُ، عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، عَلَى نُوحٍ، عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، فِي أَخذ المِيثاق، فَإِنَّمَا ذَلِكَ لأَنّ الْوَاوَ مَعْنَاهَا الاجْتِماعُ، وَلَيْسَ فِيهَا دليلٌ أَن الْمَذْكُورَ أَوّلًا لَا يَسْتَقِيمُ أَن يَكُونَ مَعْنَاهُ التأْخير، فَالْمَعْنَى عَلَى مَذْهَبِ أَهل اللُّغَةِ: وَمِنْ نُوح وإِبراهيم ومُوسَى وَعِيسَى بنِ مريمَ ومِنْكَ. وَجَاءَ فِي التَّفْسِيرِ: إِنّي خُلِقْتُ قَبْلَ الأَنبياء وبُعِثْتُ بعدَهم. فَعَلَى هَذَا لَا تَقْدِيمَ وَلَا تأْخير فِي الْكَلَامِ، وَهُوَ عَلَى نَسَقِه. وأَخْذُ المِيثاقِ حِينَ أُخْرِجوا مِنْ صُلْب آدمَ كالذَّرّ، وَهِيَ النُّبُوءَةُ. وتَنَبَّأَ الرَّجل: ادّعَى النُّبُوءَةَ. ورَمَى فأَنْبَأَ أَي لَمْ يَشْرِمْ وَلَمْ يَخْدِشْ. ونَبَأْتُ عَلَى الْقَوْمِ أَنْبَأُ نَبْأً إِذَا طَلَعْتَ عَلَيْهِمْ. وَيُقَالُ نَبَأْتُ مِنَ الأَرض إِلَى أَرض أُخرى إِذَا خرجتَ مِنْهَا إِلَيْهَا. ونَبَأَ مِنْ بَلَدِ كَذَا يَنْبَأُ نَبْأً ونُبُوءاً: طَرأَ. والنابِئُ: الثَّوْرُ الَّذِي يَنْبَأُ مِنْ أَرض إِلَى أَرض أَي يَخْرُج. قَالَ عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ يَصِفُ فَرَسًا: ولَهُ النَّعْجةُ المَرِيُّ تُجاهَ الرَّكْبِ، ... عِدْلًا بالنَّابِئِ المِخْراقِ أَرادَ بالنَّابِئِ: الثَّوْرَ خَرَج مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ، يُقَالُ: نَبَأَ وطَرَأَ ونَشِطَ إِذَا خَرَجَ مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ. ونَبَأْتُ مِنْ أَرض إِلَى أَرض إِذَا خَرَجْتَ مِنْهَا إِلَى أُخرى. وسَيْلٌ نابِئٌ: جَاءَ مِنْ بَلَدٍ آخَر. وَرَجُلٌ (1/163) نابِئٌ. كَذَلِكَ قَالَ الأَخطل: أَلا فاسْقِياني وانْفِيا عَنِّيَ القَذَى، ... فليسَ القَذَى بالعُودِ يَسْقُطُ فِي الخَمْرِ وليسَ قَذاها بالَّذِي قَدْ يَريبُها، ... وَلَا بِذُبابٍ، نَزْعُه أَيْسَرُ الأَمْرِ «1» ولكِنْ قَذاها كُلُّ أَشْعَثَ نابِئٍ، ... أَتَتْنا بِه الأَقْدارُ مِنْ حَيْثُ لَا نَدْري وَيُرْوَى: قَدَاهَا، بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ. قَالَ: وَصَوَابُهُ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ. وَمِنْ هُنَا قَالَ الأَعرابي لَهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَا نَبِيءَ اللَّهِ، فهَمز، أَي يَا مَن خَرَج مِنْ مكةَ إِلَى الْمَدِينَةِ، فأَنكر عَلَيْهِ الْهَمْزَ، لأَنه لَيْسَ مِنْ لُغَةِ قُرَيْشٍ. ونَبَأَ عَلَيْهِمْ يَنْبَأُ نَبْأً ونُبُوءاً: هَجَم وطَلَع، وَكَذَلِكَ نَبَهَ ونَبَع، كِلَاهُمَا عَلَى الْبَدَلِ. ونَبَأَتْ بِهِ الأَرضُ: جاءَت بِهِ قَالَ حَنَشُ بْنُ مَالِكٍ: فَنَفْسَكَ أَحْرِزْ، فإِنَّ الحُتُوفَ ... يَنْبَأْنَ بالمَرْءِ فِي كلَّ وَادِ ونَبَأَ نَبْأً ونُبُوءاً: ارْتَفَعَ. والنَّبْأَةُ: النَّشْزُ، والنَبِيءُ: الطَّريقُ الواضِحُ. والنَّبْأَةُ: صوتُ الكِلاب، وَقِيلَ هِيَ الجَرْسُ أَيّاً كَانَ. وَقَدْ نَبَأَ نَبْأً. والنَّبْأَةُ: الصوتُ الخَفِيُّ. قَالَ ذُو الرُّمَّةِ: وَقَدْ تَوَجَّسَ رِكْزاً مُقْفِرٌ، نَدُسٌ، ... بِنَبْأَةِ الصَّوْتِ، مَا فِي سَمْعِه كَذِبُ الرِّكْزُ: الصوتُ. والمُقْفِرُ: أَخُو القَفْرةِ، يُرِيدُ الصَّائِدَ. والنَّدُسُ: الفَطِنُ. التَّهْذِيبُ: النَّبْأَةُ: الصوتُ لَيْسَ بِالشَّدِيدِ. قَالَ الشَّاعِرُ: آنَسَتْ نَبْأَةً، وأَفْزَعَها القَنَّاصُ ... قَصْراً، وقَدْ دَنا الإِمْساءُ أَرادَ صاحِبَ نَبْأَةٍ. نتأ: نَتَأَ الشيءُ يَنْتَأُ نَتْأً ونُتُوءاً: انْتَبَر وانْتَفَخَ. وكلُّ مَا ارْتَفَعَ مِنْ نَبْتٍ وَغَيْرِهِ، فَقَدْ نَتَأَ، وَهُوَ ناتِئٌ، وأَما قَوْلُ الشَّاعِرِ: قَدْ وَعَدَتْنِي أُمُّ عَمْرو أَنْ تَا ... تَمْسَحَ رَأْسِي، وتُفَلِّيني وَا وتَمْسَحَ القَنْفَاءَ، حَتَّى تَنْتا فَإِنَّهُ أرَاد حَتَّى تَنْتَأَ. فإِمَّا أَن يَكُونَ خَفَّفَ تَخْفِيفًا قِياسِيًّا، عَلَى مَا ذَهب إِلَيْهِ أَبو عُثْمَانَ فِي هَذَا النَّحْوِ، وإِما أَن يَكُونَ أَبدلَ إِبْدَالًا صَحِيحًا، عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الأَخفش. وَكُلُّ ذَلِكَ لِيُوَافِقَ قَوْلَهُ تَا مِنْ قَوْلِهِ: وَعَدَتْنِي أُمُّ عَمْرٍو أَن تَا ووَا مِنْ قَوْلِهِ: تَمْسَحَ رأْسي وتفلِّيني وَا وَلَوْ جَعَلَهَا بَيْنَ بَيْنَ لَكَانَتِ الْهَمْزَةُ الْخَفِيفَةُ فِي نِيَّةِ الْمُحَقَّقَةِ، حَتَّى كأَنه قَالَ: تَنْتَأُ، فَكَانَ يَكُونُ تَا تَنْتَأُ مُسْتَفْعِلُنْ. وَقَوْلُهُ: رَنَ أَن تَا: مَفْعُولُنْ. وَلِيَنِيَ وَا: مَفْعُولُنْ، وَمَفْعُولُنْ لَا يجيءُ مَعَ مُسْتَفْعِلُنْ، وَقَدْ أَكْفَأَ هَذَا الشَّاعِرُ بَيْنَ التاءِ وَالْوَاوِ، وأَراد أَن تَمْسَح وتُفَلِّيَنِي وتَمْسَحَ، وَهَذَا مِن أَقْبَحِ مَا جاءَ فِي الإِكْفَاءِ. وإِنما ذَهَبَ الأَخفش: أَن الرويَّ مِنْ تَا وَوَا التاءُ وَالْوَاوُ مِنْ قِبَل أَنَّ الأَلف فِيهِمَا إِنما هِيَ لإِشباع فتحة __________ (1) . [وليس قذاها إلخ] سيأتي هذا الشعر في ق ذ ي على غير هذا الوجه. (1/164) التاءِ وَالْوَاوِ، فَهِيَ مَدٌّ زَائِدٌ لإِشباع الْحَرَكَةِ الَّتِي قَبْلَهَا، فَهِيَ إِذًا كالأَلف وَالْيَاءِ وَالْوَاوِ فِي الجَرعا والأَيَّامِي والخِيامُو. ونَتَأَ مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ: ارْتَفَعَ. ونَتَأَ الشيءُ: خَرَج مِنْ مَوْضِعه مِنْ غَيْرِ أَن يَبِينَ، وَهُوَ النُّتُوءُ. ونَتَأَتِ القُرْحةُ: وَرِمَتْ. ونَتَأْتُ عَلَى الْقَوْمِ: اطَّلَعْتُ عَلَيْهِمْ، مِثْلُ نَبَأْت. ونَتَأَتِ الجارِيةُ: بَلَغَتْ وارْتَفَعَتْ. ونَتَأَ عَلَى الْقَوْمِ نَتْأً: ارْتَفَعَ. وكلُّ مَا ارْتَفَع فَهُوَ ناتِئٌ. وانْتَتَأَ إِذَا ارْتَفَعَ «1» . وأَنشد أَبو حَازِمٍ: فَلَمَّا انْتَتَأْتُ لِدِرِّيئِهِمْ، ... نَزَأْتُ عَلَيْهِ الْوَأَى أَهْذَؤُهْ لِدِرِّيئِهمْ أَي لعَرِيفِهم. نَزَأْتُ عَلَيْهِ أَي هَيَّجْتُ عَلَيْهِ ونَزَعْتُ الْوَأَى، وَهُوَ السَّيْف. أَهْذَؤُه: أَقْطَعُه. وَفِي الْمَثَلِ: تَحْقِرُه ويَنْتَأُ أَي يَرْتَفِعُ. يُقَالُ هَذَا لِلَّذِي لَيْسَ لَهُ شاهِدُ مَنْظَر وَلَهُ باطِنُ مَخْبَر، أَي تَزْدَرِيهِ لسُكُونه، وَهُوَ يُجاذِبُكَ. وَقِيلَ: مَعْنَاهُ تَسْتَصْغِرُه ويَعْظُمُ. وَقِيلَ: تَحْقِرُه ويَنْتُو، بِغَيْرِ هَمْزٍ، وسنذكره في موضعه. نجأ: نَجَأَ الشيءَ نَجْأَةً وانْتَجَأَه: أَصابَه بِالْعَيْنِ، الأَخيرة عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وتَنَجَّأَه أَي تَعَيَّنَه. وَرَجُلٌ نَجِئُ العَيْنِ، عَلَى فَعِلٍ، ونَجِيءُ الْعَيْنِ، عَلَى فَعِيلٍ، ونَجُؤُ العينِ، عَلَى فَعُلٍ، ونَجُوءُ العينِ، عَلَى فَعُولٍ: شَدِيدُ الإِصابة بِهَا خَبِيثُ الْعَيْنِ. ورُدَّ عَنْكَ نَجْأَةَ هَذَا الشَّيْءِ أَي شَهْوتَك إِيّاه، وَذَلِكَ إِذَا رأَيت شَيْئًا، فاشْتَهَيْتَه. التَّهْذِيبُ: يُقَالُ ادْفَعْ عَنْكَ نَجْأَةَ السَّائلِ أَي أَعْطِه شَيْئًا مِمَّا تأْكل لِتَدْفَعَ بِهِ عَنْكَ شدَّةَ نَظَرِه، وأَنشد: أَلا بِكَ النَّجْأَةُ يَا ردَّادُ الْكِسَائِيُّ: نَجَأْتُ الدابةَ وغيرَها: أَصَبْتُها بِعَيْنِي، وَالِاسْمُ النَّجْأَةُ. قَالَ: وأَما قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ: رُدُّوا نَجْأَةَ السَّائل باللُّقْمة، فَقَدْ تَكُونُ الشَّهوةَ، وَقَدْ تَكُونُ الإِصابةَ بِالْعَيْنِ. والنَّجْأَةُ: شِدَّةُ النظرِ؛ أَي إِذَا سَأَلَكُم عَنْ طَعام بَيْنَ أَيْدِيكم، فأَعْطُوه لِئَلَّا يُصِيبكم بِالْعَيْنِ، ورُدُّوا شِدَّة نَظَرِه إِلَى طَعَامِكُمْ بلُقْمةٍ تَدْفَعُونها إِلَيْهِ. قَالَ ابْنُ الأَثير: الْمَعْنَى: أَعْطِه اللُّقمة لِتَدْفَعَ بِهَا شِدَّةَ النَّظَرِ إِلَيْكَ. قَالَ: وَلَهُ مَعْنَيَانِ أَحدهما أَن تَقْضِيَ شَهْوَتَه وتَرُدَّ عَيْنَه مِنْ نَظَره إِلَى طَعامِك رِفْقاً بِهِ ورَحْمةً، وَالثَّانِي أَن تَحْذَرَ إِصابَتَه نِعْمَتَك بِعَيْنِهِ لِفَرْطِ تَحْدِيقهِ وحِرْصِه. ندأ: نَدَأَ اللحمَ يَنْدَؤُه نَدْءاً: أَلقاهُ فِي النَّارِ، أَو دَفَنَه فِيهَا. وَفِي التَّهْذِيبِ: نَدَأْتُه إِذَا مَلَلْتَه فِي المَلَّةِ والجَمْر. قَالَ: والنَّديءُ الِاسْمُ، وَهُوَ مِثْلُ الطَّبِيخِ، ولَحْمٌ نَدِيءٌ. ونَدَأَ المَلَّة يَنْدَؤُها: عَمِلَها. ونَدَأَ القُرْصَ فِي النَّارِ نَدْءاً: دَفَنَه فِي المَلَّة ليَنْضَجَ. وَكَذَلِكَ نَدَأَ اللحمَ فِي المَلَّة: دَفَنه حَتَّى يَنْضَج. ونَدَأَ الشيءَ: كَرِهَه. والنَّدْأَةُ والنُّدْأَةُ: الكَثْرةُ مِنَ الْمَالِ، مِثْلَ النَّدْهةِ والنُّدْهةِ. والنُّدْأَةُ والنَّدْأَةُ: دارةُ الْقَمَرِ وَالشَّمْسِ، __________ (1) . قوله [وانتتأ إذا ارتفع إلخ] كذا في النسخ والتهذيب. وعبارة التكملة انتتأ أي ارتفع، وانتتأ أيضاً انبرى وبكليهما فسر قول أبي حازم العكلي: فلما إلخ. (1/165) وَقِيلَ: هَمَا قَوْسُ قُزَحَ. والنَّدْأَةُ والنُّدْأَةُ والنَّدِيءُ، الأَخيرة عَنْ كُراع: الحُمْرة تَكُونُ فِي الغَيْم إِلَى غُروب الشمسِ أَوْ طُلُوعها. وَقَالَ مَرَّةً: النَّدْأَةُ والنُّدْأَةُ والنَّدِيءُ: الْحُمْرَةُ الَّتِي تَكُونُ إِلَى جَنْبِ الشَّمْسِ عِنْدَ طُلوعها وغُروبها. وَفِي التَّهْذِيبِ: إِلَى جانِب مَغْرِب الشمسِ، أَو مَطْلَعِها. والنُّدْأَةُ: طَريقةٌ فِي اللَّحم مُخالِفَةٌ لِلَوْنِه. وَفِي التَّهْذِيبِ: النُّدْأَةُ، فِي لَحْمِ الجَزُور، طَرِيقةٌ مُخالِفةٌ لِلَوْنِ اللَّحْمِ. والنُّدْأَتان: طَرِيقَتا لَحْمٍ فِي بَوَاطِنِ الْفَخْذَيْنِ، عَلَيْهِمَا بَيَاضٌ رَقِيقٌ مِنْ عَقَبٍ، كأَنه نَسْجُ العنْكبوت، تَفْصِل بَيْنَهُمَا مَضِيغة وَاحِدَةٌ، فَتَصِيرُ كأَنها مَضِيغتان. والنُّدَأُ: القِطَعُ المُتَفَرِّقة مِنَ النَّبْتِ، كالنُّفَإِ، وَاحِدَتُهَا نُدْأَةٌ ونُدَأَةٌ. ابْنُ الأَعرابي: النُّدْأَةُ: الدُّرْجَة الَّتِي يُحْشَى بِهَا خَوْرانُ الناقةِ ثُمَّ تُخَلَّلُ، إِذَا عُطِفَتْ عَلَى وَلَدِ غَيرها، أَو عَلَى بَوٍّ أُعِدَّ لَهَا. وَكَذَلِكَ قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ، وَيُقَالُ ندَأْتُه أَنْدَؤُهُ نَدْءاً، إذا ذَعَرْتَه. نزأ: نَزَأَ بَيْنَهُمْ يَنْزَأُ نَزْءاً ونُزُوءاً: حَرَّش وأَفْسَد بَيْنَهُمْ. وَكَذَلِكَ نَزَغَ بَيْنَهُمْ. ونزأَ الشيطانُ بَيْنَهُمْ: أَلْقَى الشَّرَّ والإِغْراءَ. والنَّزِيءُ، مِثَالُ فَعِيل، فاعِلُ ذَلِكَ. ونَزَأَه عَلَى صَاحِبِهِ: حَمَلَه عَلَيْهِ. ونَزَأَ عَلَيْهِ نَزْءاً: حَمَل. يُقَالُ: مَا نَزَأَك عَلَى هَذَا؟ أَي مَا حَمَلَك عَلَيْهِ. ونَزَأْتُ عَلَيْهِ: حَمَلْتُ عَلَيْهِ. ورَجُلٌ مَنْزُوءٌ بِكَذَا أَي مُولَعٌ بِهِ. ونَزَأَه عَنْ قَوْلِهِ نَزْءاً: ردَّه. وإذا كان الرجلُ عل طَرِيقةٍ حَسَنةٍ أَو سَيِّئةٍ، فَتَحَوَّلَ عَنْهَا إِلَى غَيْرِهَا، قُلْتُ مُخاطِباً لنفسِك: إِنَّكَ لَا تَدْري عَلامَ يَنْزَأُ هَرَمُك، وَلَا تَدْرِي بِمَ يُولَعُ هَرَمُكَ أَي نَفْسُك وعَقْلُك. مَعْنَاهُ: أَنك لَا تدري إلامَ يَؤُولُ حالُكَ. نسأ: نُسِئَتِ المرأَةُ تُنْسَأُ نَسْأً: تأَخَّر حَيْضُها عَنْ وقتِه، وبَدَأَ حَمْلُها، فَهِيَ نَسْءٌ ونَسِيءٌ، وَالْجَمْعُ أَنْسَاءٌ ونُسُوءٌ، وَقَدْ يُقَالُ: نِساءٌ نَسْءٌ، عَلَى الصِّفَةِ بِالْمَصْدَرِ. يُقَالُ للمرأَة أَوَّلَ مَا تَحْمِل: قَدْ نُسِئَتْ. ونَسَأَ الشيءَ يَنْسَؤُه نَسْأً وأَنْسَأَه: أَخَّره؛ فَعَلَ وأَفْعَلَ بِمَعْنًى، وَالِاسْمُ النَّسِيئةُ والنَّسِيءُ. ونَسَأَ اللهُ فِي أَجَلِه، وأَنْسَأَ أَجَلَه: أَخَّره. وَحَكَى ابْنُ دُرَيْدٍ: مَدَّ لَهُ فِي الأَجَلِ أَنْسَأَه فِيهِ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أَدري كَيْفَ هَذَا، وَالِاسْمُ النَّسَاءُ. وأَنسَأَه اللهُ أَجَلَه ونَسَأَه فِي أَجَلِه، بِمَعْنًى. وَفِي الصِّحَاحِ: ونَسَأَ فِي أَجَلِه، بِمَعْنًى. وَفِي الْحَدِيثِ عَنْ أَنس بْنِ مَالِكٍ: مَن أَحَبَّ أَن يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِه ويُنْسَأَ فِي أَجَلِه فَلْيَصِلْ رَحِمَه. النَّسْءُ: التأخيرُ يَكُونُ فِي العُمُرِ والدَّيْنِ. وَقَوْلُهُ يُنْسَأُ أَي يُؤَخَّر. وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: صِلةُ الرَّحِم مَثْراةٌ فِي المالِ مَنْسَأَةٌ في الأَثَر ؛ هي مَفْعَلَةٌ مِنْهُ أَي مَظِنَّةٌ لَهُ وَمَوْضِعٌ. وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَوْفٍ: وَكَانَ قَدْ أُنْسِئَ لَهُ فِي العُمُرِ. وَفِي الْحَدِيثِ: لَا تَسْتَنْسِئُوا الشيطانَ ، أَي إِذَا أَردتُمْ عَمَلًا صَالِحًا، فَلَا تُؤَخِّرُوه إِلَى غَدٍ، وَلَا تَسْتَمْهِلُوا الشيطانَ. يُرِيدُ: أَن ذَلِكَ مُهْلةٌ مُسَوَّلةٌ مِنَ الشَّيْطَانِ. والنُّسْأَة، بِالضَّمِّ مِثْلَ الكُلْأَةِ: التأْخيرُ. وَقَالَ فَقِيهُ الْعَرَبِ: مَنْ سَرَّه النَّساءُ وَلَا نَساء، فليُخَفِّفِ الرِّداءَ، ولْيُباكِر الغَداءَ، وليُقِلَّ غِشْيانَ النِّساءِ، وَفِي نُسْخَةٍ: وليُؤَخِّرْ غِشْيَانَ النساءِ؛ أَي (1/166) تَأَخُّرُ العُمُرِ والبَقَاء. وقرأَ أَبو عَمْرٍو: مَا نَنْسَخْ مِن آيةٍ أَو نَنْسَأْها، الْمَعْنَى: مَا نَنْسَخْ لَكَ مِنَ اللَّوْحِ المَحْفُوظ، أَو نَنْسَأْها: نُؤَخِّرْها وَلَا نُنْزِلْها. وَقَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: التأْويل أَنه نَسخَها بِغَيْرِهَا وأَقَرَّ خَطَّها، وَهَذَا عِنْدَهُمُ الأَكثر والأَجودُ. ونَسَأَ الشيءَ نَسْأً: بَاعَهُ بتأْخيرٍ، وَالِاسْمُ النَّسِيئةُ. تَقُولُ: نَسَأْتُه البيعَ وأَنْسَأْتُه وبِعْتُه بِنُسْأَةٍ وَبِعْتُهُ بِكُلْأَةٍ وَبِعْتُهُ بِنَسِيئةٍ أَي بأَخَرةٍ والنَّسِيءُ: شَهْرٌ كَانَتِ الْعَرَبُ تُؤَخِّره فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فنَهى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، عَنْهُ. وَقَوْلُهُ، عَزَّ وَجَلَّ: إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ . قَالَ الفرّاءُ: النَّسِيءُ الْمَصْدَرُ، وَيَكُونُ المَنْسُوءَ، مِثْلَ قَتِيلٍ ومَقْتولٍ، والنَّسِيءُ، فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ مِنَ قَوْلِكَ نَسَأتُ الشيءَ، فَهُوَ مَنْسُوءٌ إِذَا أَخَّرْته، ثُمَّ يُحَوَّل مَنْسُوءٌ إِلَى نَسيءٍ، كَمَا يُحَوَّل مَقْتول إِلَى قَتيل. وَرَجُلٌ ناسِئٌ وَقَوْمٌ نَسَأَةٌ، مِثْلَ فاسِقٍ وفَسَقةٍ، وَذَلِكَ أَن الْعَرَبَ كَانُوا إِذَا صَدَرُوا عَنْ مِنى يَقُومُ رَجُلٌ مِنْهُمْ مَنْ كِنَانَةَ فَيَقُولُ: أَنا الَّذِي لَا أُعابُ وَلَا أُجابُ وَلَا يُرَدُّ لِي قضاءٌ، فَيَقُولُونَ: صَدَقْتَ أَنْسِئْنا شَهْرًا أَي أَخِّرْ عنَّا حُرْمة المُحرَّم وَاجْعَلْهَا فِي صَفَر وأَحِلَّ المُحرَّمَ، لأَنهم كَانُوا يَكرهون أَن يَتوالى عَلَيْهِمْ ثلاثة أَشهر حُرُمٍ، لا يُغِيرُون فِيهَا لأَنَّ مَعاشَهم كَانَ مِنَ الْغَارَةِ، فيُحِلُّ لَهُمُ المحرَّم، فَذَلِكَ الإِنساءُ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: النَّسِيءُ فِي قَوْلِهِ، عَزَّ وَجَلَّ: إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ ؛ بِمَعْنَى الإِنْسَاءِ، اسْمٌ وُضِعَ مَوْضِعَ الْمَصْدَرَ الْحَقِيقِيِّ مِنَ أَنْسَأْتُ. وَقَدْ قَالَ بَعْضُهُمْ: نَسَأْتُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ بِمَعْنَى أَنْسَأْتُ. وَقَالَ عُمير بْنُ قَيْسِ بنِ جِذْلِ الطِّعان: أَلَسْنا النَّاسِئِينَ، عَلَى مَعَدٍّ، ... شُهُورَ الحِلِّ، نَجْعَلُها حَراما وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: كَانَتْ النُّسْأَةُ فِي كِنْدَةَ. النُسْأَةُ، بِالضَّمِّ وَسُكُونِ السِّينِ: النَّسِيءُ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ مِنْ تَأْخِيرِ الشُّهُورِ بَعْضِهَا إِلَى بَعْضٍ. وانْتَسَأْتُ عَنْهُ: تأَخَّرْتُ وتباعَدْتُ. وَكَذَلِكَ الإِبل إِذَا تَباعَدَتْ فِي الْمَرْعَى. وَيُقَالُ: إِنَّ لِي عَنْكَ لمُنْتَسَأً أَي مُنْتَأًى وسَعَةً. وأَنْسَأَه الدَّينَ والبَيْع: أَخَّرَه بِهِ أَي جَعَلَهُ مُؤَخراً، كأَنه جَعَلَهُ لَهُ بأَخَرةٍ. وَاسْمُ ذَلِكَ الدَّيْن: النَّسيئةُ. وَفِي الْحَدِيثِ: إِنَّمَا الرِّبا فِي النَّسِيئةِ هِيَ البَيْعُ إِلَى أَجل مَعْلُومٍ ، يُرِيدُ: أَنَّ بَيْعَ الرِّبَوِيّات بالتأْخِير مِنْ غَيْرِ تَقابُض هُوَ الرِّبا، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ زِيَادَةٍ. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَهَذَا مذهب ابن عباس، كان يَرَى بَيْعَ الرِّبَوِيَّاتِ مُتفاضِلة مَعَ التَّقابُض جَائِزًا، وأَن الرِّبا مَخْصُوصٌ بالنَّسِيئة. واسْتَنْسأَه: سأَله أَن يُنْسِئَه دَيْنَه. وأَنشد ثَعْلَبٌ: قَدِ اسْتَنْسَأَتْ حَقِّي رَبيعةُ لِلْحَيا، ... وعندَ الحَيا عارٌ عَلَيْكَ عَظيمُ وإنَّ قَضاءَ المَحْلِ أَهْوَنُ ضَيْعةً، ... مِنَ المُخِّ، فِي أَنْقاءِ كلِّ حَلِيم قَالَ: هَذَا رَجُلٌ كَانَ لَهُ عَلَى رَجُلٍ بَعِيرٌ طَلَب مِنْهُ حَقَّه. قَالَ: فأَنظِرني حَتَّى أُخْصِبَ. فَقَالَ: إِن أَعطيتني الْيَوْمَ جَمَلًا مَهْزُولًا كَانَ خَيْرًا لَكَ مِنْ أَن تُعْطِيَه إِذَا أَخْصَبَتْ إِبلُكَ. وَتَقُولُ: اسْتَنْسَأْتُه (1/167) الدَّينَ، فأَنْسَأَني، ونَسَأْت عَنْهُ دَيْنَه: أَخَّرْته نَساءً، بِالْمَدِّ. قَالَ: وَكَذَلِكَ النَّسَاءُ فِي العُمُر، مَمْدُودٌ. وَإِذَا أَخَّرْت الرَّجُلَ بدَيْنه قُلْتَ: أَنْسَأْتُه، فَإِذَا زِدتَ فِي الأَجل زِيادةً يَقَعُ عَلَيْهَا تأْخيرٌ قُلْتَ: قَدْ نَسَأْت فِي أَيامك، ونَسَأْت فِي أَجَلك. وَكَذَلِكَ تَقُولُ لِلرَّجُلِ: نَسَأَ اللَّهُ فِي أَجَلك، لأَنّ الأَجَلَ مَزِيدٌ فِيهِ، وَلِذَلِكَ قِيلَ للَّبنِ: النَّسيءُ لِزِيَادَةِ الْمَاءِ فِيهِ. وَكَذَلِكَ قِيلَ: نُسِئَتِ المرأَةُ إِذَا حَبِلَتْ، جُعلت زِيادةُ الْوَلَدِ فِيهَا كَزِيَادَةِ الْمَاءِ فِي اللَّبَنِ. وَيُقَالُ لِلنَّاقَةِ: نَسَأْتُها أَي زَجَرْتها لِيَزْدَادَ سَيْرُها. وَمَا لَه نَسَأَه اللَّهُ أَي أَخْزاه. وَيُقَالُ: أَخَّره اللَّهُ، وَإِذَا أَخَّره فَقَدْ أَخْزاه. ونُسِئَتِ المرأَةُ تُنْسَأُ نَسْأً، عَلَى مَا لَمْ يُسمَّ فاعِلُه، إِذَا كَانَتْ عِنْدَ أَوَّل حَبَلِها، وَذَلِكَ حِينَ يتأَخَّرُ حَيْضُها عَنْ وَقْتِهِ، فيُرْجَى أَنها حُبْلَى. وَهِيَ امرأَة نَسِيءٌ. وقال الأَصمعي: يُقَالُ للمرأَة أَوَّلَ مَا تَحْمِلُ قَدْ نُسِئَتْ. وَفِي الْحَدِيثِ: كَانَتْ زينبُ بنتُ رسولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، تحتَ أَبي العاصِ بْنِ الرَّبِيع، فَلَمَّا خَرَجَ رسولُ اللهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِلَى الْمَدِينَةِ أَرسَلَها إِلَى أَبيها، وَهِيَ نَسُوءٌ أَي مَظْنونٌ بِهَا الحَمْل. يُقَالُ: امرأَةٌ نَسْءٌ ونَسُوءٌ، ونِسْوةٌ نِساءٌ إِذَا تأَخَّر حَيْضُها، ورُجِي حَبَلُها، فَهُوَ مِنَ التأْخير، وَقِيلَ بِمَعْنَى الزِّيَادَةِ مِنْ نَسَأْتُ اللَّبنَ إِذَا جَعَلْت فِيهِ الْمَاءَ تُكَّثِّره بِهِ، والحَمْلُ زيادةٌ. قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: النَّسُوءُ، عَلَى فَعُول، والنَّسْءُ، عَلَى فَعْلٍ، وَرُوِيَ نُسُوءٌ، بِضَمِّ النُّونِ. فالنَّسُوءُ كالحَلُوبِ، والنُّسوءُ تَسْميةٌ بِالْمَصْدَرِ. وَفِي الْحَدِيثِ: أَنه دَخَلَ عَلَى أُمِّ عَامِرِ بْنِ رَبِيعةَ، وَهِيَ نَسُوءٌ، وَفِي رِوَايَةٍ نَسْءٌ، فَقَالَ لَهَا ابْشِري بعبدِ اللَّهِ خَلَفاً مِن عبدِ اللَّهِ، فولَدت غُلَامًا، فسمَّتْه عَبْدَ اللَّهِ. وأَنْسَأَ عَنْهُ: تأَخَّر وتباعَدَ، قَالَ مَالِكِ بْنِ زُغْبةَ الباهِليّ: إذا أَنْسَؤُوا فَوْتَ الرِّماحِ أَتَتْهُمُ ... عَوائِرُ نَبْلٍ، كالجَرادِ تُطِيرُها وَفِي رواية: إِذَا انْتَسَؤُوا فَوْت الرِّماح. وناساهُ إِذَا أَبعده، جاؤُوا بِهِ غَيْرَ مَهْمُوزٍ، وأَصله الْهَمْزُ. وعَوائرُ نَبْلٍ أَي جماعةُ سِهامٍ مُتَفَرِّقة لَا يُدْرَى مِنْ أَين أَتَتْ. وانْتَسَأَ القومُ إِذَا تباعَدُوا. وَفِي حَدِيثِ عُمَر، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: ارْمُوا فإِنَّ الرَّمْي جَلادةٌ، وَإِذَا رَمَيْتُم فانْتَسُوا عَنِ البُيُوت، أَي تأَخَّرُوا. قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا يُرْوَى بِلَا هَمْزٍ، وَالصَّوَابُ: فانْتَسِئُوا، بِالْهَمْزِ؛ وَيُرْوَى: فَبَنِّسُوا أَي تأَخَّروا. وَيُقَالُ: بَنَّسْتُ إِذَا تأَخَّرْت. وَقَوْلُهُمْ: أَنْسَأْتُ سُرْبَتِي أَي أَبْعَدْتُ مَذْهَبي. قَالَ الشَّنْفَرى يَصِفُ خُرُوجَه وأَصحابه إِلَى الغَزْو، وأَنهم أبْعَدُوا المَذْهَب: غَدوْنَ مِن الْوَادِي الَّذِي بيْنَ مِشْعَلٍ، ... وبَيْنَ الحَشا، هيْهاتَ أَنْسَأْتُ سُربَتِي وَيُرْوَى: أَنْشَأَتُ، بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ. فالسُّرْبةُ فِي رِوَايَتِهِ بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ: الْمَذْهَبُ، وَفِي رِوَايَتِهِ بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ: الْجَمَاعَةُ، وَهِيَ رِوَايَةُ الأَصمعي وَالْمُفَضَّلِ. وَالْمَعْنَى عِنْدَهُمَا: أَظْهَرْتُ جَماعَتِي مِنْ مَكَانٍ بعيدٍ لِمَغْزًى بَعيِد. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: أَورده الْجَوْهَرِيُّ: غَدَوْنَ مِنَ الْوَادِي، وَالصَّوَابُ غَدَوْنا. لأَنه يَصِفُ (1/168) أَنه خَرَجَ هُوَ وأَصحابه إِلَى الْغَزْوِ، وأَنهم أَبعدوا الْمَذْهَبَ. قَالَ: وَكَذَلِكَ أَنشده الْجَوْهَرِيُّ أَيضاً: غَدَوْنَا، فِي فَصْلِ سِرْبٍ. والسُّرْبة: الْمَذْهَبُ، فِي هَذَا الْبَيْتِ. ونَسَأَ الإِبلَ نَسْأً: زَادَ فِي وِرْدِها وأَخَّرها عَنْ وَقْتِهِ. ونَسَأَها: دَفَعها فِي السَّيْر وساقَها. ونَسَأْتُ فِي ظِمْءِ الإِبل أَنْسَؤُها نَسْأً إِذَا زِدْتَ فِي ظِمْئِها يَوْمًا أَو يَوْمَيْنِ أَو أَكثر مِنْ ذَلِكَ. ونَسَأْتها أَيضاً عَنِ الْحَوْضِ إِذَا أَخَّرْتها عَنْهُ. والمِنْسَأَةُ: العَصا، يُهْمَزُ وَلَا يُهْمَزُ، يُنْسَأُ بِهَا. وأَبدلوا إِبْدَالًا كُلِّيًّا فَقَالُوا: مِنْساة، وأَصلها الْهَمْزُ، وَلَكِنَّهَا بَدَلٌ لَازِمٌ، حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ. وَقَدْ قُرئَ بِهِمَا جَمِيعًا. قَالَ الفرَّاءُ فِي قَوْلِهِ، عَزَّ وَجَلَّ: تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ ، هِيَ الْعَصَا الْعَظِيمَةُ الَّتِي تَكُونُ مَعَ الرَّاعِي، يُقَالُ لَهَا المُنْسأَة، أُخذت مِنْ نَسَأْتُ الْبَعِيرَ أَي زَجَرْتُه لِيَزْداد سَيْرُه. قَالَ أَبو طَالِبٍ عمُّ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي الْهَمْزِ: أَمِنْ أَجْلِ حَبْلٍ، لَا أَباكَ، ضَرَبْتَه ... بِمِنْسَأَةٍ، قَدْ جَرَّ حَبْلُك أَحْبُلا هَكَذَا أَنشده الْجَوْهَرِيُّ مَنْصُوبًا. قَالَ: وَالصَّوَابُ قَدْ جاءَ حَبْلٌ بأَحْبُل، وَيُرْوَى وأَحبلُ، بِالرَّفْعِ، وَيُرْوَى قَدْ جَرَّ حَبْلَكَ أَحْبُلُ، بِتَقْدِيمِ الْمَفْعُولِ. وَبَعْدَهُ بأَبيات: هَلُمَّ إِلَى حُكْمِ ابْنِ صَخْرةَ إِنَّه ... سَيَحْكُم فِيمَا بَيْنَنا، ثمَّ يَعْدِلُ كَمَا كَانَ يَقْضي فِي أَمُورٍ تَنُوبُنا، ... فيَعْمِدُ للأَمْرِ الجَمِيل، ويَفْصِلُ وَقَالَ الشَّاعِرُ فِي تَرْكِ الْهَمْزِ: إِذَا دَبَبْتَ عَلَى المِنْسَاةِ مِنْ هَرَمٍ، ... فَقَدْ تَباعَدَ عَنْكَ اللَّهْوُ والغَزَلُ ونَسَأَ الدابةَ والنّاقَةَ والإِبلَ يَنْسَؤُها نَسْأً: زَجَرَها وساقَها. قَالَ: وعَنْسٍ، كأَلْواحِ الإِرانِ، نَسَأْتُها، ... إِذَا قِيلَ للمَشْبُوبَتَيْنِ: هُما هُما المَشْبُوبتان: الشِّعْرَيانِ. وَكَذَلِكَ نَسَّأَها تَنْسِئةً: زجَرها وساقَها. وأَنشد الأَعشى: وَمَا أُمُّ خِشْفٍ، بالعَلايَةِ، شادِنٍ، ... تُنَسِّئُ، فِي بَرْدِ الظِّلالِ، غَزالَها وَخَبَرُ مَا فِي الْبَيْتِ الَّذِي بَعْدَهُ: بِأَحْسَنَ مِنْهَا، يَوْمَ قامَ نَواعِمٌ، ... فَأَنْكَرْنَ، لَمَّا واجَهَتْهُنَّ، حالَها ونَسَأَتِ الدَّابَّةُ والماشِيةُ تَنْسَأُ نَسْأً: سَمِنَتْ، وَقِيلَ هُوَ بَدْءُ سِمَنِها حِينَ يَنْبُتُ وَبَرُها بَعْدَ تَساقُطِه. يُقَالُ: جَرَى النَّسْءُ فِي الدَّوابِّ يَعْنِي السِّمَنَ. قَالَ أَبو ذُؤَيْب يَصِفُ ظَبْيةً: بِهِ أَبَلَتْ شَهْرَيْ رَبِيعٍ كِلَيْهِما، ... فَقَدْ مارَ فِيهَا نَسْؤُها واقْتِرارُها أَبَلَتْ: جَزَأَتْ بالرُّطْبِ عَنِ الْمَاءِ. ومارَ: جَرَى. والنَّسْءُ: بَدْءُ السِّمَنِ. والاقْتِرَارُ: نِهايةُ سِمَنها عَنْ أَكل اليَبِيسِ. وكلُّ سَمِينٍ ناسِئٌ. والنَّسْءُ، بِالْهَمْزِ، والنَّسِيءُ: اللَّبَنُ الرَّقِيقُ الْكَثِيرُ الْمَاءِ. وَفِي التَّهْذِيبِ: المَمْذُوق بِالْمَاءِ. ونَسَأْتُه نَسْأً ونَسَأْتُه لَهُ ونَسَأْتُه إِيَّاهُ: خَلَطْته (1/169) لَهُ بِمَاءٍ، وَاسْمُهُ النَّسْءُ. قَالَ عُروةُ بْنُ الوَرْدِ العَبْسِيّ: سَقَوْنِي النَّسْءَ، ثُمَّ تَكَنَّفُوني، ... عُداةَ اللهِ، مِنْ كَذِبٍ وزُورِ وَقِيلَ: النَّسْءُ الشَّرابُ الَّذِي يُزيلُ الْعَقْلَ، وَبِهِ فَسَّرَ ابْنُ الأَعرابي النَّسْءَ ههنا. قَالَ: إِنَّمَا سَقَوْه الخَمْر، وَيُقَوِّي ذَلِكَ رِوَايَةُ سِيبَوَيْهِ: سَقَوْني الْخَمْرَ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي مَرَّةً: هُوَ النِّسِيءُ، بِالْكَسْرِ، وأَنشد: يَقُولُون لَا تَشْرَبْ نِسِيئاً، فإنَّه ... عَلَيْكَ، إِذَا مَا ذُقْتَه، لَوخِيمُ وَقَالَ غَيْرُهُ: النَّسِيءُ، بِالْفَتْحِ، وَهُوَ الصَّوَابُ. قَالَ: وَالَّذِي قَالَهُ ابْنُ الأَعرابي خطأٌ، لأَن فِعِيلًا لَيْسَ فِي الْكَلَامِ إِلَّا أَن يَكُونَ ثَانِي الْكَلِمَةِ أَحدَ حُروف الحَلْق، وَمَا أَطْرفَ قَوْلَه. وَلَا يُقَالُ نَسِيءٌ، بِالْفَتْحِ، مَعَ عِلْمِنَا أَنّ كلَّ فِعِيل بِالْكَسْرِ فَفَعِيلٌ بِالْفَتْحِ هِيَ اللُّغَةُ الْفَصِيحَةُ فِيهِ، فَهَذَا خَطأٌ مِنْ وَجْهَيْنِ، فصحَّ أَنَّ النَّسِيءَ، بِالْفَتْحِ، هُوَ الصَّحِيحُ. وَكَذَلِكَ رِوَايَةُ الْبَيْتِ: لَا تَشْرَبْ نَسِيئاً، بالفتح، والله أعلم. نشأ: أَنْشَأَه اللَّهُ: خَلَقَه. ونَشَأَ يَنْشَأُ نَشْأً ونُشُوءاً ونَشَاءً ونَشْأَةً ونَشَاءَةً: حَيِيَ، وأَنْشَأَ اللهُ الخَلْقَ أَي ابْتَدَأَ خَلْقَهم. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الْأُخْرى ؛ أَي البَعْثةَ. وقرأَ أَبو عَمْرٍو: النَّشاءةَ، بِالْمَدِّ. الفرّاءُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ ؛ القُرَّاءُ مُجْتَمِعُونَ عَلَى جَزْمِ الشِّينِ وقَصْرِها إِلَّا الحسنَ البَصْرِيَّ، فَإِنَّهُ مدَّها فِي كلِّ الْقُرْآنِ، فَقَالَ: النَّشاءَةَ مِثْلَ الرّأفةِ والرّآفةِ، والكَأْبةِ والكَآبة. وقرأَ ابْنُ كَثِيرٍ وأَبو عَمْرٍو: النَّشاءَةَ، مَمْدُودٌ، حَيْثُ وَقَعَتْ. وقرأَ عَاصِمٌ وَنَافِعٌ وَابْنُ عَامِرٍ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ النَّشْأَةَ ، بِوَزْنِ النَّشْعةِ حَيْثُ وَقَعَتْ. ونَشَأَ يَنْشَأُ نَشْأً ونُشُوءاً ونَشاءً: رَبا وشَبَّ. ونَشَأْتُ فِي بَنِي فُلَانٍ نَشْأً ونُشُوءاً: شَبَبْتُ فِيهِمْ. ونُشِّئَ وأُنْشِئَ، بِمَعْنًى. وقُرئَ: أَوَمنْ يُنَشَّأُ فِي الحِلْيَةِ. وَقِيلَ الناشِئُ فوَيْقَ المُحْتَلِمِ، وَقِيلَ: هُوَ الحَدَثُ الَّذِي جاوَزَ حَدَّ الصِّغَر، وَكَذَلِكَ الأُنثى ناشِئٌ، بِغَيْرِ هاءٍ أَيضاً، وَالْجَمْعُ مِنْهُمَا نَشَأٌ مِثْلَ طالِبٍ وطَلَبٍ، وَكَذَلِكَ النَشْءُ مِثْلَ صاحِبٍ وصَحْبٍ. قَالَ نُصَيْب فِي المؤَنث: ولَوْلا أَنْ يُقَالَ صَبا نُصَيْبٌ، ... لَقُلْتُ: بنَفْسِيَ النَّشَأُ الصِّغارُ وَفِي الْحَدِيثِ: نَشَأٌ يَتَّخِذُونَ القرآنَ مَزامِيرَ. يُرْوَى بِفَتْحِ الشِّينِ جَمْعُ ناشِئٍ كخادِمٍ وخَدَمٍ؛ يُرِيدُ: جَمَاعَةً أَحداثاً. وَقَالَ أَبو مُوسَى: المحفوظُ بِسُكُونِ الشِّينِ كأَنه تَسْمِيَةٌ بِالْمَصْدَرِ. وَفِي الْحَدِيثِ: ضُمُّوا نَواشِئَكم فِي ثَوْرةِ العِشَاءِ ؛ أَي صِبْيانَكم وأَحْداثَكُم. قَالَ ابْنُ الأَثير: كَذَا رَوَاهُ بَعْضُهُمْ، وَالْمَحْفُوظُ فَواشيَكُم، بِالْفَاءِ، وسيأْتي ذِكْرُهُ فِي الْمُعْتَلِّ. اللَّيْثُ: النَّشْءُ أَحْداثُ النَّاسِ، يُقَالُ لِلْوَاحِدِ أَيضاً هُوَ نَشْءُ سَوْءٍ، وَهَؤُلَاءِ نَشْءُ سَوْءٍ؛ والناشِئُ الشابُّ. يُقَالُ: فَتىً ناشِئٌ. قَالَ اللَّيْثُ: وَلَمْ أَسمع هَذَا النَّعْتَ فِي الْجَارِيَةِ. الفرّاءُ: الْعَرَبُ تَقُولُ هَؤُلَاءِ نَشْءُ صِدْقٍ، ورأَيت نَشْءَ صِدقٍ، وَمَرَرْتُ بِنَشْءِ صِدْقٍ، فإِذا طَرَحُوا الْهَمْزَ قَالُوا: هَؤُلَاءِ (1/170) نَشُو صِدْقٍ، وَرَأَيْتُ نَشا صِدقٍ، وَمَرَرْتُ بِنَشِي صِدقٍ. وأَجْود مِنْ ذَلِكَ حَذْفُ الْوَاوِ والأَلف وَالْيَاءِ، لأَن قَوْلَهُمْ يَسَلُ أَكثر مَنْ يَسأَلُ ومَسَلةٌ أَكثر مِنْ مَسْأَلة. أَبو عَمْرٍو: النَّشَأُ: أَحْداثُ النَّاسِ؛ غلامٌ ناشِئٌ وَجَارِيَةٌ ناشِئةٌ، وَالْجَمْعُ نَشَأٌ. وَقَالَ شَمِرٌ: نَشَأَ: ارْتَفَعَ. ابْنُ الأَعرابي: الناشِئُ: الْغُلَامُ الحَسَنُ الشابُّ. أَبو الْهَيْثَمِ: الناشئُ: الشابُّ حِينَ نَشَأَ أَي بَلَغَ قامةَ الرَّجُلِ. وَيُقَالُ للشابِّ والشابَّة إِذَا كَانُوا كَذَلِكَ: هُمُ النَّشَأُ، يَا هَذَا، والناشِئُونَ. وأَنشد بَيْتَ نُصَيْبٍ: لَقُلْتُ بنَفْسِيَ النَّشَأُ الصِّغارُ وَقَالَ بَعْدَهُ: فالنَّشَأُ قَدِ ارْتَفَعْنَ عَنْ حَدِّ الصِّبا إِلَى الإِدْراك أَو قَرُبْنَ مِنْهُ. نَشَأَتْ تَنْشَأُ نَشْأً، وأَنْشأَها اللهُ إنْشاءً. قَالَ: وناشِئٌ ونَشَأٌ: جَمَاعَةٌ مِثْلَ خادِم وخَدَمٍ. وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: النَّشَأُ الجوارِي الصِّغارُ فِي بَيْتِ نُصَيْب. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: أَوَمَنْ يُنَشَّؤُا فِي الْحِلْيَةِ . قَالَ الفرّاءُ: قرأَ أَصحاب عَبْدِ اللَّهِ يُنَشَّأُ، وقرأَ عَاصِمٌ وأَهل الحجاز يُنَشَّؤُا . قَالَ: وَمَعْنَاهُ أَنّ الْمُشْرِكِينَ قَالُوا إنَّ الملائكةَ بناتُ اللَّهِ، تَعَالَى اللهُ عَمّا افْتَرَوْا، فَقَالَ اللَّهُ، عَزَّ وَجَلَّ: أَخَصَصْتُم الرحمنَ بالبَناتِ وأَحَدُكم إِذَا وُلِدَ لَهُ بنتٌ يَسْوَدُّ وجهُه. قَالَ: وكأَنه قَالَ: أَوَمَن لَا يُنَشَّأُ إِلَّا فِي الحِلْيةِ، وَلَا بَيان لَهُ عِنْدَ الخِصام، يَعْنِي الْبَنَاتُ تجعلونَهنَّ لله وتَسْتَأْثِرُون بالبنين. والنَّشْئُ، بِسُكُونِ الشِّينِ: صِغار الإِبل، عَنْ كُرَاعٍ. وأَنْشَأَت الناقةُ، وهي مُنْشِءٌ: لَقِحَت، هُذَلِيَّةٌ. ونَشَأَ السحابُ نَشْأً ونُشُوءاً: ارْتَفَعَ وبَدَا، وَذَلِكَ فِي أَوّل مَا يَبْدأُ. وَلِهَذَا السَّحَابِ نَشْءٌ حَسَنٌ، يَعْنِي أَوَّل ظُهُورِهِ. الأَصمعي: خَرَجَ السحابُ لَهُ نَشْءٌ حَسَنٌ وخَرج لَهُ خُروجٌ حَسَنٌ، وَذَلِكَ أَوَّلَ مَا يَنْشَأُ، وأَنشد: إِذَا هَمَّ بالإِقْلاعِ هَمَّتْ بِهِ الصَّبا، ... فَعاقَبَ نَشْءٌ بَعْدَها وخُروجُ وَقِيلَ: النَّشْءُ أَن تَرى السَّحابَ كالمُلاء المَنْشُور. والنَّشْءُ والنَّشِيءُ: أَوَّلُ مَا يَنْشَأُ مِنَ السَّحَابِ ويَرْتَفِعُ، وَقَدْ أَنْشَأَه اللهُ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَيُنْشِئُ السَّحابَ الثِّقالَ . وَفِي الْحَدِيثِ: إِذَا نَشَأَتْ بَحْرِيَّةً ثُمَّ تَشاءَمَتْ فَتِلْكَ عَيْنٌ غُدَيْقةٌ. وَفِي الْحَدِيثِ: كَانَ إِذَا رَأَى ناشِئاً فِي أَفُقِ السماءِ ؛ أَي سَحاباً لَمْ يَتكامَلِ اجتماعُه واصطحابُه. وَمِنْهُ نَشَأَ الصبيُّ يَنْشَأُ، فَهُوَ ناشِئُ، إِذَا كَبِرَ وشَبَّ، وَلَمْ يَتكامَلْ. وأَنْشَا السَّحابُ يَمطُرُ: بَدَأَ. وأَنْشَأَ دَارًا: بَدَأَ بِناءَها. وَقَالَ ابْنُ جِنِّي فِي تأْدِيةِ الأَمْثالِ عَلَى مَا وُضِعَت عَلَيْهِ: يُؤَدَّى ذَلِكَ فِي كلِّ مَوْضِعٍ عَلَى صُورَتِهِ الَّتِي أُنْشِئَ فِي مَبْدَئِه عَلَيْهَا، فاسْتَعْمَلَ الإِنْشَاءَ فِي العَرَضِ الَّذِي هُوَ الْكَلَامُ. وأَنْشَأَ يَحْكِي حَدِيثًا: جَعَل. وأَنْشَأَ يَفْعَلُ كَذَا وَيَقُولُ كَذَا: ابتَدَأَ وأَقْبَلَ. وَفُلَانٌ يُنْشِئُ الأَحاديث أَي يضعُها. قَالَ اللَّيْثُ: أَنْشَأَ فُلَانٌ حَدِيثًا أَي ابْتَدأَ حَدِيثًا ورَفَعَه. ومنْ أَيْنَ أَنْشَأْتَ أَي خَرَجْتَ، عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وأَنْشَأَ فلانٌ: أَقْبلَ. وأَنشد قَوْلَ الرَّاجِزِ: مَكانَ مَنْ أَنْشَا عَلَى الرَّكائبِ أَراد أَنْشَأَ، فَلَمْ يَسْتَقِمْ لَهُ الشِّعرُ، فأَبدَل. ابْنُ (1/171) الأَعرابي: أَنْشَأَ إِذَا أَنشد شِعْراً أَو خَطَبَ خُطْبةً، فأَحْسَنَ فِيهِمَا. ابْنُ السِّكِّيتِ عَنْ أَبي عَمْرٍو: تَنَشَّأْتُ إِلَى حَاجَتِي: نَهَضْتُ إِلَيْهَا ومَشَيْتُ. وأَنشد: فلَمَّا أَنْ تَنَشَّأَ قامَ خِرْقٌ، ... مِنَ الفِتْيانِ، مُخْتَلَقٌ، هضُومُ «2» قَالَ: وَسَمِعْتُ غَيْرَ وَاحِدٍ مِنَ الأَعراب يَقُولُ: تَنَشَّأَ فُلَانٌ غَادِيًا إِذَا ذهَب لِحَاجَتِهِ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشاتٍ ؛ أَي ابْتَدَعَها وابْتَدَأَ خَلْقَها. وكلُّ مَنِ ابْتَدأَ شَيْئًا فَهُوَ أَنْشَأَه. والجَنَّاتُ: البَساتينُ. مَعْرُوشاتٍ: الكُروم. وَغَيْرَ مَعْرُوشاتٍ: النَّخْلُ والزَّرْعُ. ونَشَأَ الليلُ: ارتَفَع. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَأَقْوَمُ قِيلًا . قِيلَ: هِيَ أَوَّل ساعةٍ، وَقِيلَ: الناشِئةُ والنَّشِيئةُ إِذَا نِمْتَ مِنْ أوَّلِ الليلِ نَوْمةً ثمَّ قمتَ، وَمِنْهُ ناشِئةُ اللَّيْلِ. وَقِيلَ: مَا يَنْشَأُ فِي اللَّيْلِ مِنَ الطَّاعَاتِ. والناشِئةُ: أَوَّلُ النهارِ والليلِ. أَبو عُبَيْدَةَ: ناشِئةُ الليلِ ساعاتُه، وَهِيَ آناءُ الليلِ ناشِئةٌ بَعْدَ ناشِئةٍ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: ناشِئةٌ الليلِ ساعاتُ الليلِ كلُّها، مَا نَشَأَ مِنْهُ أَي مَا حَدَثَ، فَهُوَ ناشِئَةٌ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: ناشِئةُ الليلِ قِيامُ الليلِ، مَصْدَرٌ جاءَ عَلَى فاعِلةٍ، وَهُوَ بِمَعْنَى النَّشْء، مثلُ الْعَافِيَةِ بِمَعْنَى العَفْوِ. والعاقِبةِ بِمَعْنَى العَقْبِ، والخاتِمةِ بمعنى الخَتْمِ. وَقِيلَ: ناشِئةُ اللَّيْلِ أَوَّلُه، وَقِيلَ: كلُّه ناشئةٌ مَتَى قمتَ، فَقَدْ نَشَأْتَ. والنَّشِيئةُ: الرَّطْبُ مِنَ الطَّرِيفةِ، فإِذا يَبِسَ، فَهُوَ طَرِيفةٌ. والنَشِيئةُ أَيضاً: نَبْتُ النَّصِيِّ والصِّلِّيانِ. قَالَ: والقَوْلانِ مُقْتَرِبانِ. والنَّشِيئةُ أَيضاً: التَّفِرةُ إِذَا غَلُظَتْ قَلِيلًا وارْتَفَعَتْ وَهِيَ رَطْبةٌ، عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. وَقَالَ مُرَّةُ: النَّشِيئةُ والنَّشْأَةُ مِنْ كلِّ النباتِ: ناهِضُه الَّذِي لَمْ يَغْلُظْ بَعْدُ. وأَنشد لِابْنِ مَناذرَ فِي وَصْفِ حَمِيرِ وَحْشٍ: أَرناتٍ، صُفْرِ المَناخِرِ والأَشْداقِ، ... يَخْضِدْنَ نَشْأَةَ اليَعْضِيدِ ونَشِيئَةُ البِئْر: تُرابُها المُخْرَجُ مِنْهَا، ونَشِيئةُ الحَوْضِ: مَا وراءَ النَّصائِب مِنَ التُّرَابِ. وَقِيلَ: هُوَ الحَجَر الَّذِي يُجْعَلُ فِي أَسفل الحَوْضِ. وَقِيلَ: هِيَ أَعْضادُ الحَوض؛ والنَّصائبُ: مَا نُصِبَ حَوْلَه. وَقِيلَ: هُوَ أَوَّل مَا يُعْمَلُ مِنَ الحَوْضِ، يُقَالُ: هُوَ بادِي النَّشِيئةِ إِذَا جَفَّ عَنْهُ الماءُ وظَهَرت أَرْضُه. قَالَ ذُو الرُّمَّةِ: هَرَقْناهُ في بادِي النَّشِيئةِ، دائِرٍ، ... قَديمٍ بِعَهْدِ الماءِ، بُقْعٍ نَصائِبُهْ يَقُولُ: هَرَقْنا الماءَ فِي حوضٍ بادِي النَّشِيئةِ. والنَّصائبُ: حِجارة الحَوْضِ، وَاحِدَتُهَا نَصِيبةٌ. وَقَوْلُهُ: بُقْعٍ نَصائبُه: جَمْع بَقْعاء، وجَمَعَها بِذَلِكَ لِوُقُوع النَّظَرِ عَلَيْهَا. وَفِي الْحَدِيثِ: أَنه دَخَل عَلَى خَديجةَ خَطَبَها، ودَخَل عَلَيْهَا مُسْتَنْشِئةٌ مِنْ مُوَلَّداتِ قُرَيْشٍ. قَالَ الأَزهري: هِيَ اسْمُ تِلْكَ الكاهِنةِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: المُسْتَنْشِئةُ: الكاهِنةُ سُمّيت بِذَلِكَ لأَنها كَانَتْ تَسْتَنْشِئُ الأَخْبَارَ أَي تَبْحَثُ عَنْهَا وتَطْلُبها، مِنْ قَوْلِكَ رَجُلٌ نَشْيانُ للخَبَرِ. ومُسْتَنْشِئةٌ يُهْمَزُ وَلَا يهمز. والذِّئب __________ (2) . قوله [تنشأ] سيأتي في مادة خ ل ق عن ابن بري تنشى وهضيم بدل ما ترى وضبط مختلق في التكملة بفتح اللام وكسرها. (1/172) يَسْتَنْشِئُ الرِّيحَ، بِالْهَمْزِ. قَالَ: وإِنما هُوَ مِنَ نَشِيتُ الرِّيح، غَيْرَ مَهْمُوزٍ، أَي شَمِمْتُها. والاسْتِنْشاءُ، يُهْمَزُ وَلَا يُهْمَزُ، وَقِيلَ هُوَ مِنَ الإِنْشَاءِ: الابْتِداءِ. وَفِي خُطْبَةِ الْمُحْكَمِ: وَمِمَّا يُهْمَزُ مِمَّا لَيْسَ أَصله الْهَمْزَ مِنْ جِهَةِ الِاشْتِقَاقِ قَوْلُهُمُ: الذِّئْبُ يَسْتَنْشِئُ الرِّيحَ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنَ النَّشْوةِ؛ والكاهِنةُ تَسْتَحْدِثُ الأُمورَ وتُجَدِّدُ الأَخْبارَ. وَيُقَالُ: مِنْ أَيْنَ نَشِيتَ هَذَا الخَبَرَ، بِالْكَسْرِ مِنْ غَيْرِ هَمْزٍ، أَي مِنْ أَيْنَ عَلِمْتَه. قَالَ ابْنُ الأَثير وَقَالَ الأَزهريّ: مُسْتَنْشِئةُ اسْمُ عَلَم لتِلك الكاهِنةِ الَّتِي دَخَلت عَلَيْهَا، وَلَا يُنَوَّن لِلتَّعْرِيفِ والتأْنيث. وأَما قَوْلُ صَخْرِ الْغَيِّ: تَدَلَّى عَلَيْهِ، مِنْ بَشامٍ وأَيْكةٍ ... نَشاةِ فُرُوعٍ، مُرْثَعِنّ الذَّوائِبِ يَجُوزُ أَن يَكُونَ نَشْأَةٌ فَعْلَةً مِنْ نَشَأَ ثُمَّ يُخفَّفُ عَلَى حدِّ مَا حَكَاهُ صَاحِبُ الْكِتَابِ مِنْ قَوْلِهِمُ الكماةُ والمَراةُ، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ نَشاة فَعْلة فَتَكون نَشاة مِنْ أَنْشَأْتُ كطاعةٍ مِنْ أَطَعْتُ، إِلا أَنّ الْهَمْزَةَ عَلَى هَذَا أُبدِلت وَلَمْ تُخَفَّفْ. وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مِنَ نَشا يَنْشُو بمعنى نَشَأَ يَنْشَأُ، وَقَدْ حَكَاهُ قُطْرُبٌ، فَتَكُونُ فَعَلةً مِنْ هَذَا اللَّفْظِ، ومِنْ زائدةٌ، عَلَى مَذْهَبِ الأَخفش، أَي تَدَلَّى عَلَيْهِ بَشامٌ وأَيْكةٌ. قَالَ: وَقِيَاسُ قَوْلِ سِيبَوَيْهِ أَنْ يَكُونَ الْفَاعِلُ مُضْمَرًا يَدُلُّ عَلَيْهِ شَاهِدٌ فِي اللَّفْظِ؛ التَّعْلِيلُ لِابْنِ جِنِّي. ابْنُ الأَعرابي: النَّشِيءُ رِيح الخَمْر. قَالَ الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَلَهُ الْجَوارِ الْمُنْشَآتُ ، وقُرئَ المُنْشِئاتُ، قَالَ: وَمَعْنَى المُنْشَآتُ: السُّفُنُ المَرْفُوعةُ الشُّرُعِ. قَالَ: والمُنْشِئاتُ: الرَّافِعاتُ الشُرُعِ. وَقَالَ الفرّاءُ: مَنْ قرأَ المُنْشِئاتُ فَهُنَّ اللَّاتِي يُقْبِلْنَ ويُدْبِرْنَ، وَيُقَالُ المُنْشِئاتُ: المُبْتَدِئاتُ فِي الجَرْي. قَالَ: والمُنْشَآتُ أُقْبِلَ بِهنَّ وأُدْبِرَ. قَالَ الشَّمَّاخُ: عَلَيْها الدُّجَى مُسْتَنْشَآتٍ، كَأَنَّها ... هَوادِجُ، مَشْدُودٌ عَلَيْها الجَزاجِزُ يَعْنِي الزُّبَى المَرْفُوعات. والْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ . قَالَ: هِيَ السُّفُنُ الَّتِي رُفِعَ قَلْعُها، وَإِذَا لَمْ يُرفع قَلْعُها، فَلَيْسَتْ بِمُنْشآتٍ، والله أَعلم. نصأ: نَصَأَ الدابةَ والبَعِيرَ يَنْصَؤُها نَصْأً إِذَا زَجَرَها. ونَصَأَ الشيءَ نَصْأً، بِالْهَمْزِ رَفَعَه، لُغَةٌ فِي نَصَيْتُ. قَالَ طَرَفَةُ: أَمُونٍ، كأَلْواحِ الإِرانِ، نَصَأتُها ... عَلَى لاحِبٍ، كأَنَّه ظَهْرُ بُرْجُدِ نفأ: النُّفَأُ: القِطَعُ مِنَ النّباتِ المُتَفَرِّقةُ هُنا وَهُنَا. وَقِيلَ: هِيَ رِياضٌ مُجْتَمِعةٌ تَنْقَطِع مِنْ مُعْظَم الكَلإِ وتُرْبِي عَلَيْهِ. قَالَ الأَسود بْنُ يَعْفُرَ: جادَتْ سَواريه، وآزَرَ نَبْتَه ... نُفَأٌ مِنَ الصَّفْراءِ والزُّبَّاد فَهُمَا نَبْتانِ مِنَ العُشْب، وَاحِدَتُهُ نُفْأَةٌ مِثْلُ صُبْرةٍ وصُبَرٍ، ونُفَأَةٌ، بِالتَّحْرِيكِ، عَلَى فُعَلٍ. وَقَوْلُهُ: وآزَرَ نَبْتَه يُقَوِّي أَنَّ نُفَأَةً ونُفَأً مِنْ بَابِ عُشَرَةٍ وعُشَرٍ، إِذْ لَوْ كَانَ مُكَسَّرًا لاحْتالَ حَتَّى يُقولَ آزَرَتْ. نكأ: نَكَأَ القَرْحةَ يَنْكَؤُها نَكْأً: قَشَرَهَا قَبْلَ أَن تَبْرَأَ فَنَدِيَتْ. قَالَ مُتَمِّم بْنُ نُوَيْرَةَ: قَعِيدَكِ أَن لَا تُسْمِعِينِي مَلامةً، ... وَلَا تَنْكَئِي قَرْحَ الفُؤَادِ، فَيِيجَعا (1/173) وَمَعْنَى قَعِيدَكِ مِنْ قَوْلِهِمْ: قِعْدَكَ اللهَ إلَّا فَعَلْتَ، يُريدُون: نَشَدْتُك اللَّهَ إِلَّا فَعَلْتَ. ونَكَأْتُ العَدُوَّ أَنْكَؤُهم: لُغَةٌ فِي نَكَيْتُهم. التَّهْذِيبُ: نَكَأْتُ فِي العَدُوِّ نِكايةً. ابْنُ السِّكِّيتِ فِي بَابِ الحروف التي تهمز، فيكون لَهَا مَعْنًى، وَلَا تُهْمَزُ، فَيَكُونُ لَهَا مَعْنًى آخَرَ: نَكَأْتُ القُرْحةَ أَنْكَؤُها إِذَا قَرَفْتَها، وَقَدْ نَكَيْتُ فِي العَدُوِّ أَنْكِي نِكايةً أَي هَزَمْتُه وغَلَبْتُه، فنَكِيَ يَنْكَى نَكًى. ابْنُ شُمَيْلٍ: نَكَأْتُه حَقّه نَكْأً وزَكَأْتُه زَكْأً أَي قَضَيْتُه. وازْدَكَأْتُ مِنْهُ حَقِّي وانْتَكَأْتُه أَي أَخَذْتُه. ولَتَجِدَنَّه زُكَأَةً نُكَأَةً: يَقْضِي مَا عَلَيْهِ. وَقَوْلُهُمْ: هُنِّئْتَ وَلَا تُنْكَأْ أَي هَنَّأَكَ اللَّهُ بِمَا نِلْتَ وَلَا أَصابَكَ بوَجَعٍ. وَيُقَالُ: وَلَا تُنْكَهْ مِثْلُ أَراقَ وهَراقَ. وَفِي التَّهْذِيبِ: أَي أَصَبْتَ خَيْراً وَلَا أَصَابكَ الضُّرُّ، يَدْعُو لَهُ. وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: يُقَالُ فِي هَذَا الْمَثَلِ لَا تَنْكَهْ وَلَا تُنْكَهْ جَمِيعًا، مَنْ قَالَ لَا تَنْكَهْ، فالأَصل لَا تَنْكَ بِغَيْرِ هَاءٍ، فَإِذَا وَقَفْتَ عَلَى الْكَافِ اجْتَمَعَ سَاكِنَانِ فَحُرِّكَ الْكَافُ وَزِيدَتِ الهاءُ يَسْكُتُونَ عَلَيْهَا. قَالَ: وقولهم هُنِّئْتَ أَي ظَفِرت بِمَعْنَى الدعاءِ لَهُ، وَقَوْلُهُمْ لَا تُنْكَ أَي لَا نُكِيتَ أَي لَا جَعَلَك اللهُ مَنْكِيّاً مُنْهَزِماً مَغْلوباً. والنَّكَأَةُ: لُغَةٌ فِي النَّكَعَةِ، وَهُوَ نَبْتٌ شِبْهُ الطُّرْثُوثِ. وَاللَّهُ أَعلم. نمأ: النَّمْءُ والنَّمْوُ «1» : القَمْلُ الصِّغارُ، عن كراع. نهأ: النَّهِيءُ عَلَى مِثَالِ فَعيلٍ: اللَحْمُ الَّذِي لَمْ يَنْضَجْ. نَهِئَ اللَّحْمُ ونَهُؤَ نَهَأً، مَقْصُورٌ، يَنْهَأُ نَهْأً ونَهَأً ونَهَاءَةً، ممدود، عل فَعَالةٍ، ونُهُوءَةً «2» عَلَى فُعُولةٍ، ونُهُوءًا ونَهاوةً، الأَخيرة شَاذَّةٌ، فَهُوَ نَهِيءٌ، عَلَى فَعِيل: لَمْ يَنْضَجْ. وَهُوَ بَيِّنُ النُّهُوءِ، مَمْدُودٌ مَهْمُوزٌ، وبَيِّن النُّيُوءِ: مِثْلُ النُّيُوع. وأَنْهَأَه هُوَ إنْهاءً، فَهُوَ مُنْهَأٌ إِذَا لَمْ يُنْضِجْه. وأَنْهَأَ الأَمرَ: لَمْ يُبْرِمْه. وشَرِبَ فُلَانٌ حَتَّى نَهَأَ أَي امتلأَ. وَفِي الْمَثَلِ: مَا أُبالي مَا نَهِئَ مِنْ ضَبِّكَ. ابن لأَعرابي: الناهِئُ: الشَّبْعانُ والرَّيّانُ، وَاللَّهُ أَعلم. نوأ: ناءَ بِجِمْلِه يَنُوءُ نَوْءًا وتَنْوَاءً: نَهَضَ بجَهْد ومَشَقَّةٍ. وَقِيلَ: أُثْقِلَ فسقَطَ، فَهُوَ مِنَ الأَضداد. وَكَذَلِكَ نُؤْتُ بِهِ. وَيُقَالُ: ناءَ بالحِمْل إِذَا نَهَضَ بِهِ مُثْقَلًا. وناءَ بِهِ الحِملُ إِذَا أَثْقَلَه. والمرأَة تنُوءُ بِهَا عَجِيزَتُها أَي تُثْقِلُها، وَهِيَ تَنُوءُ بِعَجِيزَتِها أَي تَنْهَضُ بِهَا مُثْقلةً. وناءَ بِهِ الحِمْلُ وأَناءَه مِثْلُ أَناعَه: أَثْقَلَه وأَمالَه، كَمَا يُقَالُ ذهَبَ بِهِ وأَذْهَبَه، بِمَعْنًى. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: مَا إِنَّ مَفاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ . قَالَ: نُوْءُها بالعُصْبةِ أَنْ تُثْقِلَهم. وَالْمَعْنَى إنَّ مفاتِحَه لَتَنُوءُ بالعُصْبةِ أَي تُمِيلُهم مِن ثِقَلِها، فَإِذَا أَدخلت الباءَ قُلْتَ تَنُوءُ بِهِمْ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً. وَالْمَعْنَى ائْتُوني بقِطْرٍ أُفْرِغْ عَلَيْهِ، فَإِذَا حَذَفْتَ الباءَ زدْتَ عَلَى الْفِعْلِ فِي أَوله. قَالَ الفرّاءُ: وَقَدْ قَالَ رَجُلٌ مِنْ أَهل الْعَرَبِيَّةِ: __________ (1) . قوله [النمء والنموُ إلخ] كذا في النسخ والمحكم وقال في القاموس النَّمَأُ والنَّمْءُ كجَبَلٍ وحَبْلٍ وأورده المؤلف في المعتل كما هنا فلم يذكروا النَّمَأَ كجَبَلٍ، نعم هو في التكملة عن ابن الأَعرابي. (2) . قوله [ونُهُوءَةً إلخ] كذا ضبط في نسخة من التهذيب بالضم وكذا به أيضاً في قوله بين النُّهُوء وفي شرح القاموس كقبول. (1/174) مَا إنَّ العُصْبةَ لَتَنُوءُ بِمفاتِحِه، فَحُوِّلَ الفِعْلُ إِلَى المَفاتِحِ، كَمَا قَالَ الرَّاجِزُ: إِنَّ سِراجاً لَكَرِيمٌ مَفْخَرُهْ، ... تَحْلى بهِ العَيْنُ، إِذَا مَا تَجْهَرُهْ وَهُوَ الَّذِي يَحْلى بالعين، فإذا كَانَ سُمِعَ آتَوْا بِهَذَا، فَهُوَ وَجْه، وإلَّا فَإِنَّ الرجُلَ جَهِلَ الْمَعْنَى. قَالَ الأَزهري: وأَنشدني بَعْضُ الْعَرَبِ: حَتَّى إِذَا مَا التَأَمَتْ مَواصِلُهْ، ... وناءَ، فِي شِقِّ الشِّمالِ، كاهِلُهْ يَعْنِي الرَّامي لَمَّا أَخَذَ القَوْسَ ونَزَعَ مالَ عَلَيْها. قَالَ: وَنَرَى أَنَّ قَوْلَ الْعَرَبِ مَا ساءَكَ وناءَكَ: مِنْ ذَلِكَ، إِلَّا أَنه أَلقَى الأَلفَ لأَنه مُتْبَعٌ لِساءَكَ، كَمَا قَالَتِ الْعَرَبُ: أَكَلْتُ طَعاماً فهَنَأَني ومَرَأَني، مَعْنَاهُ إِذَا أُفْرِدَ أَمْرَأَني فَحُذِفَ مِنْهُ الأَلِف لَمَّا أُتْبِعَ مَا لَيْسَ فِيهِ الأَلِف، وَمَعْنَاهُ: مَا ساءَكَ وأَناءَكَ. وَكَذَلِكَ: إنِّي لآتِيهِ بالغَدايا والعَشايا، والغَداةُ لَا تُجمع عَلَى غَدايا. وَقَالَ الفرَّاءُ: لَتُنِيءُ بالعُصْبةِ: تُثْقِلُها، وَقَالَ: إنِّي، وَجَدِّك، لَا أَقْضِي الغَرِيمَ، وإِنْ ... حانَ القَضاءُ، وَمَا رَقَّتْ لَهُ كَبِدِي إلَّا عَصا أَرْزَنٍ، طارَتْ بُرايَتُها، ... تَنُوءُ ضَرْبَتُها بالكَفِّ والعَضُدِ أَي تُثْقِلُ ضَرْبَتُها الكَفَّ والعَضُدَ. وَقَالُوا: لَهُ عِنْدِي مَا سَاءَه وَناءَه أَي أَثْقَلَه وَمَا يَسُوءُه ويَنُوءُه. قَالَ بَعْضُهُمْ: أَراد ساءَه وناءَه وإِنما قَالَ ناءَه، وَهُوَ لَا يَتَعدَّى، لأَجل ساءَه، فَهُمْ إِذَا أَفردوا قَالُوا أَناءَه، لأَنهم إِنَّمَا قَالُوا ناءَه، وَهُوَ لَا يتعدَّى لِمَكَانِ سَاءَه ليَزْدَوِجَ الْكَلَامُ. والنَّوْءُ: النَّجْمُ إِذَا مَالَ للمَغِيب، وَالْجَمْعُ أَنْواءٌ ونُوآنٌ، حَكَاهُ ابْنُ جِنِّي، مِثْلُ عَبْد وعُبْدانٍ وبَطْنٍ وبُطْنانٍ. قَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: ويَثْرِبُ تَعْلَمُ أَنَّا بِها. ... إِذَا قَحَطَ الغَيْثُ، نُوآنُها وَقَدْ ناءَ نَوْءاً واسْتَناءَ واسْتَنْأَى، الأَخيرة عَلَى القَلْب. قَالَ: يَجُرُّ ويَسْتَنْئِي نَشاصاً، كأَنَّه ... بِغَيْقةَ، لَمَّا جَلْجَلَ الصَّوْتَ، جالِبُ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: اسْتَنْأَوُا الوَسْمِيَّ: نَظَرُوا إِلَيْهِ، وأَصله مِنَ النَّوْءِ، فقدَّم الهمزةَ. وَقَوْلُ ابْنِ أَحمر: الفاضِلُ، العادِلُ، الهادِي نَقِيبَتُه، ... والمُسْتَناءُ، إِذَا مَا يَقْحَطُ المَطَرُ المُسْتَنَاءُ: الَّذِي يُطْلَبُ نَوْءُه. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: مَعْنَاهُ الَّذِي يُطْلَبُ رِفْدُه. وَقِيلَ: مَعْنَى النَّوْءِ سُقوطُ نَجْمٍ مِنَ المَنازِل فِي الْمَغْرِبِ مَعَ الْفَجْرِ وطُلوعُ رَقِيبه، وَهُوَ نَجْمٌ آخَرُ يُقابِلُه، مِنْ سَاعَتِهِ فِي الْمَشْرِقِ، فِي كُلِّ لَيْلَةٍ إِلَى ثَلَاثَةَ عَشَرَ يَوْمًا. وَهَكَذَا كلُّ نَجْمٍ مِنْهَا إِلَى انْقِضَاءِ السَّنَةِ، مَا خَلَا الجَبْهةَ، فَإِنَّ لَهَا أَربعة عَشَرَ يَوْمًا، فتنقضِي جميعُها مَعَ انقضاءِ السَّنَةِ. قَالَ: وَإِنَّمَا سُمِّيَ نَوْءاً لأَنَّه إِذَا سَقَطَ الغارِبُ ناءَ الطالِعُ، وَذَلِكَ الطُّلوع هُوَ النَّوْءُ. وبعضُهم يَجْعَلُ النَّوْءَ السُّقُوطَ، كأَنه مِنَ الأَضداد. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَلَمْ يُسْمع فِي النَّوْءِ أَنه السُّقوط إِلَّا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، وَكَانَتِ الْعَرَبُ تُضِيفُ الأَمْطار والرِّياح والحرَّ وَالْبَرْدَ إِلَى السَّاقِطِ مِنْهَا. وَقَالَ (1/175) الأَصمعي: إِلَى الطَّالِعِ مِنْهَا فِي سُلْطَانِهِ، فَتَقُولُ مُطِرْنا بِنَوْءِ كَذَا، وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: نَوْءُ النَّجْمِ: هُوَ أَوَّل سُقُوطٍ يُدْرِكُه بالغَداة، إِذَا هَمَّت الكواكِبُ بالمُصُوحِ، وَذَلِكَ فِي بَيَاضِ الْفَجْرِ المُسْتَطِير. التَّهْذِيبِ: ناءَ النجمُ يَنْوءُ نَوْءاً إِذَا سقَطَ. وَفِي الْحَدِيثِ: ثلاثٌ مِنَ أَمْرِ الجاهِليَّةِ: الطَّعْنُ فِي الأَنْسَابِ والنِّياحةُ والأَنْواءُ. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الأَنواءُ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ نَجْمًا مَعْرُوفَةَ المَطالِع فِي أزْمِنةِ السَّنَةِ كُلِّهَا مِنَ الصَّيْفِ وَالشِّتَاءِ وَالرَّبِيعِ وَالْخَرِيفِ، يَسْقُطُ مِنْهَا فِي كُلِّ ثلاثَ عَشْرة لَيْلَةً نجمٌ فِي الْمَغْرِبِ مَعَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، ويَطْلُع آخَرُ يُقَابِلُهُ فِي الْمَشْرِقِ مِنْ سَاعَتِهِ، وَكِلَاهُمَا مَعْلُومٌ مُسَمًّى، وانقضاءُ هَذِهِ الثَّمَانِيَةِ وَعِشْرِينَ كُلِّهَا مَعَ انقضاءِ السَّنَةِ، ثُمَّ يَرْجِعُ الأَمر إِلَى النَّجْمِ الأَوّل مَعَ اسْتِئْنَافِ السَّنَةِ الْمُقْبِلَةِ. وَكَانَتِ الْعَرَبُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا سَقَطَ مِنْهَا نَجْمٌ وَطَلَعَ آخَرُ قَالُوا: لَا بُدَّ مِنْ أَن يَكُونَ عِنْدَ ذَلِكَ مَطَرٌ أَو رِيَاحٌ، فيَنْسِبُون كلَّ غَيْثٍ يَكُونُ عِنْدَ ذَلِكَ إِلَى ذَلِكَ النَّجْمِ، فَيَقُولُونَ: مُطِرْنا بِنَوْءِ الثُرَيَّا والدَّبَرانِ والسِّماكِ. والأَنْوَاءُ وَاحِدُهَا نَوْءٌ. قَالَ: وإِنما سُمِّيَ نَوْءاً لأَنه إِذَا سَقَط الساقِط مِنْهَا بِالْمَغْرِبِ ناءَ الطَّالِعُ بِالْمَشْرِقِ يَنُوءُ نَوْءاً أَي نَهَضَ وطَلَعَ، وَذَلِكَ النُّهُوض هُوَ النَّوْءُ، فَسُمِّيَ النَّجْمُ بِهِ، وَذَلِكَ كُلُّ نَاهِضٍ بِثِقَلٍ وإبْطَاءٍ، فَإِنَّهُ يَنُوءُ عِنْدَ نُهوضِه، وَقَدْ يَكُونُ النَّوْءُ السُّقُوطُ. قَالَ: وَلَمْ أَسْمَعْ أَنَّ النَّوْءَ السُّقُوطُ إِلَّا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ. قَالَ ذُو الرُّمَّةِ: تَنُوءُ بِأُخْراها، فَلأْياً قِيامُها؛ ... وتَمْشِي الهُوَيْنَى عَنْ قَرِيبٍ فَتَبْهَرُ مَعْنَاهُ: أَنَّ أُخْراها، وَهِيَ عَجِيزَتُها، تُنِيئُها إِلَى الأَرضِ لِضخَمِها وكَثْرة لَحْمِهَا فِي أَرْدافِها. قَالَ: وَهَذَا تَحْوِيلٌ لِلْفِعْلِ أَيضاً. وَقِيلَ: أَراد بالنَّوْءِ الغروبَ، وَهُوَ مِنَ الأَضْداد. قَالَ شَمِرٌ: هَذِهِ الثَّمَانِيَةُ وَعِشْرُونَ، الَّتِي أَراد أَبو عُبَيْدٍ، هِيَ مَنَازِلُ الْقَمَرِ، وَهِيَ مَعْرُوفَةٌ عِنْدَ الْعَرَبِ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الفُرْس وَالرُّومِ وَالْهِنْدِ لَمْ يَخْتَلِفُوا فِي أَنها ثَمَانِيَةُ وَعِشْرُونَ، يَنْزِلُ الْقَمَرُ كُلَّ لَيْلَةٍ فِي مَنْزِلَةٍ مِنْهَا. وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ. قَالَ شَمِرٌ: وَقَدْ رأَيتها بِالْهِنْدِيَّةِ وَالرُّومِيَّةِ وَالْفَارِسِيَّةِ مُتَرْجَمَةً. قَالَ: وَهِيَ بِالْعَرَبِيَّةِ فِيمَا أَخبرني بِهِ ابْنُ الأَعرابي: الشَّرَطانِ، والبَطِينُ، والنَّجْمُ، والدَّبَرانُ، والهَقْعَةُ، والهَنْعَةُ، والذِّراع، والنَّثْرَةُ، والطَّرْفُ، والجَبْهةُ، والخَراتانِ، والصَّرْفَةُ، والعَوَّاءُ، والسِّماكُ، والغَفْرُ، والزُّبانَى، والإِكْليلُ، والقَلْبُ، والشَّوْلةُ، والنَّعائمُ، والبَلْدَةُ، وسَعْدُ الذَّابِحِ، وسَعْدُ بُلَعَ، وسَعْدُ السُّعُود، وسَعْدُ الأَخْبِيَةِ، وفَرْغُ الدَّلْو المُقَدَّمُ، وفَرْغُ الدَّلْوِ المُؤَخَّرُ، والحُوتُ. قَالَ: وَلَا تَسْتَنِيءُ العَرَبُ بِهَا كُلِّها إِنَّمَا تَذْكُرُ بالأَنْواءِ بَعْضَها، وَهِيَ مَعْرُوفَةٌ فِي أَشعارهم وَكَلَامِهِمْ. وَكَانَ ابْنُ الأَعرابي يَقُولُ: لَا يَكُونُ نَوْءٌ حَتَّى يَكُونَ مَعَهُ مَطَر، وَإِلَّا فَلَا نَوْءَ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: أَول الْمَطَرِ: الوَسْمِيُّ، وأَنْواؤُه العَرْقُوتانِ المُؤَخَّرتانِ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: هُمَا الفَرْغُ المُؤَخَّر ثُمَّ الشَّرَطُ ثُمَّ الثُّرَيَّا ثُمَّ الشَّتَوِيُّ، وأَنْواؤُه الجَوْزاءُ، ثمَّ الذِّراعانِ، ونَثْرَتُهما، ثمَّ الجَبْهةُ، وَهِيَ آخِر الشَّتَوِيِّ، وأَوَّلُ الدَّفَئِيّ والصَّيْفِي، ثُمَّ الصَّيْفِيُّ، وأَنْواؤُه السِّماكانِ الأَوَّل الأَعْزَلُ، والآخرُ الرَّقيبُ، وَمَا بَيْنَ السِّماكَيْنِ صَيف، وَهُوَ نَحْوُ مِنْ أَربعين يَوْمًا، ثمَّ الحَمِيمُ، وَهُوَ نَحْوُ مِنْ عِشْرِينَ لَيْلَةً عِنْدَ طُلُوعِ (1/176) الدَّبَرانِ، وَهُوَ بَيْنَ الصيفِ والخَرِيفِ، وَلَيْسَ لَهُ نَوْءٌ، ثمَّ الخَرِيفِيُّ وأَنْواؤُه النَّسْرانِ، ثمَّ الأَخْضَرُ، ثُمَّ عَرْقُوتا الدَّلْوِ الأُولَيانِ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَهُمَا الفَرْغُ المُقَدَّمُ. قَالَ: وكلُّ مطَر مِنَ الوَسْمِيِّ إِلَى الدَّفَئِيِّ ربيعٌ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ فِي بَعْضٍ أَمالِيهِ وذَكر قَوْلَ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ قَالَ سُقِينا بالنَّجْمِ فَقَدْ آمَنَ بالنَّجْم وكَفَر باللهِ، وَمَنْ قَالَ سَقانا اللهُ فَقَدْ آمَنَ باللهِ وكَفَر بالنَّجْمِ. قَالَ: وَمَعْنَى مُطِرْنا بِنَوْءِ كَذَا، أَي مُطِرْنا بطُلوع نَجْمٍ وسُقُوط آخَر. قَالَ: والنَّوْءُ عَلَى الْحَقِيقَةِ سُقُوط نَجْمٍ فِي المَغْرِب وطُلوعُ آخَرَ فِي الْمَشْرِقِ، فالساقِطةُ فِي الْمَغْرِبِ هِيَ الأَنْواءُ، والطالِعةُ فِي الْمَشْرِقِ هِيَ البَوارِحُ. قَالَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: النَّوْءُ ارْتِفاعُ نَجْمٍ مِنَ الْمَشْرِقِ وَسُقُوطُ نَظِيرِهِ فِي الْمَغْرِبِ، وَهُوَ نَظِيرُ الْقَوْلِ الأَوَّل، فَإِذَا قَالَ الْقَائِلُ مُطِرْنا بِنَوْءِ الثرَيَّا، فإِنما تأْويله أَنَّه ارْتَفَعَ النَّجْمُ مِنَ الْمَشْرِقِ، وَسَقَطَ نَظِيرُهُ فِي الْمَغْرِبِ، أَي مُطِرْنا بِمَا ناءَ بِهِ هَذَا النَّجمُ. قَالَ: وإِنما غَلَّظَ النبيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِيهَا لأَنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ تَزْعُمُ أَن ذَلِكَ الْمَطَرَ الَّذِي جاءَ بسقوطِ نَجْمٍ هُوَ فِعْلُ النَّجْمِ، وَكَانَتْ تَنْسُبُ الْمَطَرَ إِلَيْهِ، وَلَا يَجْعَلُونَهُ سُقْيا مِنَ اللَّهِ، وَإِنْ وافَقَ سقُوطَ ذَلِكَ النَّجْمِ المطرُ يَجْعَلُونَ النجمَ هُوَ الْفَاعِلَ، لأَن فِي الْحَدِيثِ دَلِيلَ هَذَا، وَهُوَ قَوْلُهُ: مَن قَالَ سُقِينا بالنَّجْمِ فَقَدْ آمَنَ بالنَّجْم وكَفَرَ باللهِ. قَالَ أَبو إِسحاق: وأَما مَنْ قَالَ مُطِرْنا بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا وَلَمْ يُرِدْ ذَلِكَ الْمَعْنَى ومرادُه أَنَّا مُطِرْنا فِي هَذَا الْوَقْتِ، وَلِمَ يَقْصِدْ إِلَى فِعْل النَّجْمِ، فَذَلِكَ، وَاللَّهُ أَعلم، جَائِزٌ، كَمَا جاءَ عَنْ عُمَر، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّه اسْتَسْقَى بالمُصَلَّى ثُمَّ نادَى العباسَ: كَمْ بَقِيَ مِن نَوْءِ الثُرَيَّا؟ فَقَالَ: إنَّ العُلماءَ بِهَا يَزْعُمُونَ أَنها تَعْتَرِضُ فِي الأُفُقِ سَبْعاً بَعْدَ وقُوعِها، فواللهِ مَا مَضَتْ تِلْكَ السَّبْعُ حَتَّى غِيثَ الناسُ ، فَإِنَّمَا أَراد عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، كَمْ بَقِيَ مِنَ الْوَقْتِ الَّذِي جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ أنَّه إِذَا تَمَّ أَتَى اللهُ بِالْمَطَرِ. قَالَ ابْنُ الأَثير: أَمَّا مَنْ جَعلَ المَطَر مِنْ فِعْلِ اللهِ تَعَالَى، وأَراد بِقَوْلِهِ مُطِرْنا بِنَوْءِ كَذَا أَي فِي وَقْت كَذَا وَهُوَ هَذَا النَّوْءُ الْفُلَانِيُّ، فإِن ذَلِكَ جَائِزٌ أَي إِن اللهَ تَعَالَى قَدْ أَجْرَى الْعَادَةَ أَن يأْتِيَ المَطَرُ فِي هَذِهِ الأَوقات. قَالَ: ورَوى عَليٌّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّه قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ؛ قَالَ: يَقُولُونَ مُطِرْنا بنوءِ كَذَا وَكَذَا. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: مَعْنَاهُ: وتَجْعَلُون شُكْرَ رِزْقِكم، الَّذِي رَزَقَكُمُوه اللَّهُ، التَّكْذِيبَ أَنَّه مِنْ عندَ الرَّزَّاقِ، وَتَجْعَلُونَ الرِّزْقَ مِنْ عندِ غيرِ اللهِ، وَذَلِكَ كُفْرٌ؛ فأَمَّا مَنْ جَعَلَ الرِّزْقَ مِن عندِ اللهِ، عَزَّ وَجَلَّ، وجَعَل النجمَ وقْتاً وقَّتَه للغَيْثِ، وَلَمْ يَجعلْه المُغِيثَ الرَّزَّاقَ، رَجَوْتُ أَن لَا يَكُونُ مُكَذِّباً، وَاللَّهُ أَعلم. قَالَ: وَهُوَ مَعْنَى مَا قَالَهُ أَبو إِسحاق وَغَيْرُهُ مِنْ ذَوِي التَّمْيِيزِ. قَالَ أَبو زَيْدٍ: هَذِهِ الأَنْواءُ فِي غَيْبوبة هَذِهِ النُّجُومِ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وأَصل النَّوْءِ: المَيْلُ فِي شِقٍّ. وَقِيلَ لِمَنْ نَهَضَ بِحِمْلِهِ: ناءَ بِهِ، لأَنَّه إِذَا نَهَضَ بِهِ، وَهُوَ ثَقِيلٌ، أَناءَ الناهِضَ أَي أَماله. وَكَذَلِكَ النَّجْمُ، إِذَا سَقَطَ، مائلٌ نحوَ مَغِيبه الَّذِي يَغِيبُ فِيهِ، وَفِي بَعْضِ نُسَخِ الإِصلاح: مَا بِالبادِيَةِ أَنْوَأُ مِنْ فُلَانٍ، أَي أَعْلَمُ بأَنْواءِ النُّجوم مِنْهُ، وَلَا فِعْلَ لَهُ. وَهَذَا أَحد مَا جاءَ مِنْ هَذَا الضَّرْبِ مِنْ غَيْرِ أَن يَكُونَ لَهُ فِعْلٌ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ بَابِ أَحْنَكِ الشَّاتَيْنِ وأَحْنَكِ البَعِيرَيْنِ. (1/177) قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: سُئِلَ ابْنِ عبَّاس، رَضِيَ اللَّهُ عنهما، عَنْ رَجُلٍ جَعَلَ أَمْرَ امْرَأَتِه بِيَدِها، فَقَالَتْ لَهُ: أَنت طَالِقٌ ثَلَاثًا، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاس: خَطَّأَ اللهُ نَوْءَها أَلّا طَلَّقَتْ نَفْسها ثَلَاثًا. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: النَّوْءُ هُوَ النَّجْم الَّذِي يَكُونُ بِهِ الْمَطَرُ، فَمن هَمَز الْحَرْفَ أَرادَ الدُّعاءَ عَلَيْهَا أَي أَخْطَأَها المَطَرُ، وَمَنْ قَالَ خطَّ اللهُ نَوْءَها جَعَلَه مِنَ الخَطِيطَةِ. قَالَ أَبو سَعِيدٍ: مَعْنَى النَّوْءِ النُّهوضُ لَا نَوْءُ الْمَطَرِ، والنَّوْءُ نُهُوضُ الرَّجل إِلَى كلِّ شيءٍ يَطْلُبه، أَرَادَ: خَطَّأَ اللهُ مَنْهَضَها ونَوْءَها إِلَى كلِّ مَا تَنْوِيه، كَمَا تَقُولُ: لَا سَدّدَ اللهُ فُلَانًا لِمَا يَطْلُب، وَهِيَ امرأَة قَالَ لَهَا زَوْجُها: طَلِّقي نَفْسَكِ، فَقَالَتْ لَهُ: طَلَّقْتُكَ، فَلَمْ يَرَ ذَلِكَ شَيْئًا، وَلَوْ عَقَلَتْ لَقالَتْ: طَلَّقْتُ نَفْسِي. وَرَوَى ابْنُ الأَثير هَذَا الحديثَ عَنْ عُثمانَ، وَقَالَ فِيهِ: إنَّ اللهَ خَطَّأَ نَوْءَها أَلَّا طَلَّقَتْ نَفْسَها. وَقَالَ فِي شَرْحِهِ: قِيلَ هُوَ دُعاءٌ عَلَيْهَا، كَمَا يُقَالُ: لَا سَقاه اللَّهُ الغَيْثَ، وأَراد بالنَوْءِ الَّذِي يَجِيءُ فِيهِ المَطَر. وَقَالَ الْحَرْبِيُّ: هَذَا لَا يُشْبِهُ الدُّعاءَ إِنَّمَا هُوَ خَبَرٌ، وَالَّذِي يُشْبِهُ أَن يَكُونَ دُعاءً حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: خَطَّأَ اللهُ نَوْءَها ، وَالْمَعْنَى فِيهِمَا لَوْ طَلَّقَتْ نَفْسَها لَوَقَعَ الطَّلاق، فَحَيْثُ طَلَّقَتْ زوجَها لَمْ يَقَعِ الطَّلاقُ، وَكَانَتْ كَمَنْ يُخْطِئُه النَّوْءُ، فَلَا يُمْطَر. وناوَأْتُ الرَّجُلَ مُناوَأَةً ونِوَاءً: فاخَرْتُه وعادَيْتُه. يُقَالُ: إِذَا ناوَأْتَ الرجلَ فاصْبِرْ، وَرُبَّمَا لَمْ يُهمز وأَصله الْهَمْزُ، لأَنَّه مِنْ ناءَ إلَيْكَ ونُؤْتَ إِلَيْهِ أَي نَهَضَ إليكَ وَنهَضْتَ إِلَيْهِ. قَالَ الشَّاعِرُ: إِذَا أَنْتَ ناوَأْتَ الرِّجالَ، فَلَمْ تَنُؤْ ... بِقَرْنَيْنِ، غَرَّتْكَ القُرونُ الكَوامِلُ وَلَا يَسْتَوِي قَرْنُ النِّطاحِ، الَّذِي بِهِ ... تَنُوءُ، وقَرْنٌ كُلَّما نُؤتَ مائلُ والنَّوْءُ والمُناوَأَةُ: المُعاداةُ. وَفِي الْحَدِيثِ فِي الْخَيْلِ: ورجُلٌ رَبَطَها فَخْراً ورِياءً ونِوَاءً لأَهل الإِسلام ، أَي مُعاداةً لَهُمْ. وَفِي الْحَدِيثِ: لَا تَزالُ طائفةٌ مِنْ أُمّتي ظاهرينَ عَلَى مَن ناوَأَهم ؛ أَي ناهَضَهم وعاداهم. نيأ: ناءَ الرجلُ، مِثْلُ ناعَ، كَنَأَى، مَقْلُوبٌ مِنْهُ: إِذَا بَعُدَ، أَو لُغَةٌ فِيهِ. أَنشد يَعْقُوبُ: أَقولُ، وَقَدْ ناءَتْ بِهِمْ غُرْبةُ النَّوَى، ... نَوًى خَيْتَعُورٌ، لَا تَشِطُّ دِيارُكِ وَاسْتَشْهَدَ الْجَوْهَرِيُّ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ بِقَوْلِ سَهْمِ بْنِ حَنْظَلَةَ: مَنْ إنْ رآكَ غَنِيّاً لانَ جانِبُه؛ ... وإنْ رَآكَ فَقِيراً ناءَ، فاغْتَربا ورأَيت بِخَطِّ الشَّيْخِ الصَّلَاحِ الْمُحَدِّثِ، رَحِمَهُ اللَّهُ، أَنَّ الَّذِي أَنشده الأَصمعي لَيْسَ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ، وَإِنَّمَا هُوَ: إِذَا افْتَقَرْتَ نَأَى، واشْتَدَّ جانِبُه؛ ... وإنْ رَآَكَ غَنِيّاً لانَ، واقْتَرَبا وناءَ الشيءُ واللَّحْمُ يَنِيءُ نَيْئاً، بِوَزْنٍ ناعَ يَنِيعُ نَيْعاً، وأَنَأْتُه أَنا إِناءَةً إِذَا لَمْ تُنْضِجْه. وَكَذَلِكَ نَهِئَ اللحمُ، وَهُوَ لَحْمٌ بَيِّنُ النُّهُوءِ والنُّيُوءِ، بِوَزْنِ النُّيُوعِ، وَهُوَ بَيِّنُ النُّيُوءِ والنُّيُوءَةِ: لَمْ يَنْضَجْ. وَلَحْمٌ نِيءٌ، بِالْكَسْرِ، مِثْلُ نِيعٍ: لَمْ تَمْسَسْه نَارٌ؛ هَذَا هُوَ الأَصل. وَقَدْ يُترك الْهَمْزُ ويُقلب يَاءً فَيُقَالُ: نِيٌّ، مشدَّداً. قَالَ أَبو (1/178) ذُؤَيْبٍ: عُقارٌ كَماءِ النِّيِّ لَيْسَتْ بخَمْطةٍ؛ ... وَلَا خَلَّةٍ، يَكْوِي الشَّرُوبَ شِهابُها شِهابُها: نارُها وحِدَّتُها. وأَناءَ اللحمَ يُنيئُه إِناءَةً إِذَا لَمْ يُنْضِجْه. وَفِي الْحَدِيثِ: نَهَى عَنْ أَكل اللَّحْم النِّيءِ : هُوَ الَّذِي لَمْ يُطْبَخْ، أَو طُبِخَ أَدْنَى طَبْخ وَلَمْ يُنْضَجْ. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: لحمٌ نِيٌّ، فَيَحْذِفُونَ الْهَمْزَ وأَصله الْهَمْزُ. وَالْعَرَبُ تَقُولُ للبَن المَحْضِ: نِيءٌ، فَإِذَا حَمُضَ، فَهُوَ نَضِيج. وأَنشد الأَصمعي: إِذَا مَا شِئْتُ باكَرَني غُلامٌ ... بِزِقٍّ، فِيهِ نِيءٌ، أَو نَضِيجُ وَقَالَ: أَراد بالنِّيءِ خَمْراً لَمْ تَمَسَّها النارُ، وبالنَّضِيجِ المَطْبُوخَ. وَقَالَ شَمِرٌ: النِّيءُ مِنَ اللَّبَنِ ساعةَ يُحْلَبُ قَبْلَ أَن يُجْعَلَ فِي السِّقاءِ. قَالَ شَمِرٌ: وناءَ اللحمُ يَنُوءُ نَوْءاً ونِيّاً، لَمْ يَهْمِزْ نِيّاً، فَإِذَا قَالُوا النَّيُّ. بِفَتْحِ النُّونِ، فَهُوَ الشَّحْمُ دُونَ اللَّحْمِ. قَالَ الْهُذَلِيُّ: فظَلْتُ، وظَلَّ أَصْحابي، لَدَيْهِمْ ... غَريضُ اللَّحْم: نِيٌّ أو نَضِيجُ ( فهرس الكتاب - فهرس المحتويات ) لسان العرب فصل الهاء هأهأ: الهأْهاءُ: دُعاءُ الإِبل إِلَى العَلَفِ؛ وَهُوَ زجْر الْكَلْبِ وإشْلاؤُه؛ وَهُوَ الضَّحِكُ العالِي. وهَأْهَأَ إِذَا قَهْقَهَ وأَكثر المَدَّ. وأَنشد: أَهَأْ أَهَأْ، عِند زادِ القَوْمِ، ضِحْكُهُمُ، ... وأَنْتُمُ كُشُفٌ، عندَ اللِّقا، خُورُ؟ «3» الأَلف قَبْلَ الْهَاءِ، لِلْاسْتِفْهَامِ، مُسْتَنْكر. وهَأْهَأَ بالإِبِلِ هِئْهاءً وهَأْهاءً، الأَخيرة نادرةٌ: دَعَاهَا إِلَى العَلَفِ، فَقَالَ هِئْ هِئْ. وَجَارِيَةٌ هَأْهأَةٌ، مَقْصُورٌ: ضَحَّاكةٌ. وجَأْجَأْتُ بالإِبل: دَعَوْتُها للشُّرْب. وَالْاسْمُ الهِيءُ والجِيءُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ. الأَزهري: هاهَيْتُ بالإِبل: دَعَوْتُها. وهَأْهَأْتُ للْعَلَف، وجَأْجَأْتُ بالإِبل لِتَشْرَبَ. وَالْاسْمُ مِنْهُ: الهِيءُ والجِيءُ. وأَنشد لِمُعَاذِ بْنِ هَرَّاءٍ: وَمَا كانَ، عَلَى الهِيءِ، ... وَلَا الجِيءِ، امْتِداحِيكا رأَيت بِخَطِّ الشَّيْخِ شَرَفِ الدِّينِ المُرْسِي بْنِ أَبي الفَضْل: أَنَّ بِخَطِّ الأَزهري الهِيءِ والجِيءِ، بِالْكَسْرِ. قَالَ: وَكَذَلِكَ قيَّدهما فِي الْمَوْضِعَيْنِ مِنْ كِتَابِهِ. قَالَ: وَكَذَلِكَ فِي جَامِعِ اللِّحْيَانِيِّ: رجلٌ هَأْهَأٌ وهَأْهَاءٌ مِنَ الضَّحِكِ. وأَنشد: يَا رُبَّ بَيْضاءَ مِنَ العَواسِجِ، ... هَأْهَأَةٍ، ذاتِ جَبِينٍ سارج «4» هبأ: الهَبْءُ: حَيٌّ. هتأ: هَتَأَه بالعَصا هَتْأً: ضرَبَه. وتَهَتَّأَ الثوبُ: تَقَطَّعَ وبَلِيَ، بِالتَّاءِ بِاثْنَتَيْنِ. وَكَذَلِكَ تَهَمَّأَ، بِالْمِيمِ، وتَفَسَّأَ. وكلٌّ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. ومَضَى مِنَ اللَّيْلِ هَتْءٌ وهِتْءٌ وهِيتَأٌ وهِيتَاءٌ وهَزيعٌ أَي وَقْتٌ. أَبو الْهَيْثَمِ: جَاءَ بَعْدَ هَدْأَةٍ مِنَ اللَّيْلِ وهَتْأَةٍ. اللِّحْيَانِيُّ: جَاءَ بَعْدَ هَتِيءٍ، على فَعِيلٍ، __________ (3) . قوله [أهأ أهأ إلخ] هذا الْبَيْتُ أَوْرَدَهُ ابْنُ سِيدَهْ فِي الْمُعْتَلِّ فقال: أَهَا أَهَا، عِنْدَ زَادِ القوم، ضحكتهم . والوغى بدل اللقا. (4) . قوله [سارج] في التهذيب أي حسن، اشتقاقه من السراج، وفي التكملة السارج الواضح. (1/179) وهَتْءٍ، عَلَى فَعْلٍ، وهَتْيٍ، بِلَا هَمْزٍ، وهِتاءٍ وهِيتاءٍ، مَمْدُودَانِ. ابْنُ السِّكِّيتِ: ذهَب هِتْءٌ مِنَ اللَّيْلِ، وَمَا بقيَ إِلَّا هِتْءٌ، وَمَا بَقيَ مِنْ غَنَمِهِمْ إِلَّا هِتْءٌ، وَهُوَ أَقلُّ مِنَ الذَّاهبة. وَفِيهَا هَتَأٌ شَدِيدٌ، غَيْرُ مَمْدُودٍ، وهُتُوءٌ، يريدُ شَقٌّ وخَرْقٌ. هجأ: هَجِئَ الرَّجُل هَجَأً: التَهبَ جُوعُه، وهَجَأَ جُوعُه هَجْأً وهُجُوءاً: سَكَنَ وذهَب. وهَجَأَ غَرَثِي يَهْجَأُ هَجْأً: سَكَنَ وذهَب وانْقَطَع. وهَجَأَه الطعامُ يَهْجَؤُهُ هَجْأً: مَلَأَه، وهَجَأَ الطعامَ: أَكله. وأَهْجَأَ الطعامُ غَرَثِي: سكَّنه وقَطَعَه، إهْجاءً. قال: فأَخْزاهُمُ رَبِّي، ودَلَّ عَليْهِمُ، ... وأَطْعَمَهُم مِنْ مَطْعَمٍ غَيْرِ مُهْجِئِ وهَجَأَ الإِبلَ والغنمَ وأَهْجَأَها: كَفَّها لِتَرْعى. والهِجاءُ، مَمْدُودٌ: تَهْجِئَةُ الْحَرْفِ. وتَهَجَّأْت الْحَرْفَ وَتَهَجَّيْتُهُ، بِهَمْزٍ وَتَبْدِيلٍ. أَبو الْعَبَّاسِ: الهَجَأُ يُقصر وَيُهْمَزُ، وَهُوَ كلُّ مَا كُنْتَ فِيهِ، فانْقَطَع عَنْكَ. وَمِنْهُ قَوْلُ بَشَّارٍ، وقَصَره وَلَمْ يَهْمِزْ، والأَصل الْهَمْزُ: وقَضَيْتُ مِنْ وَرَقِ الشَّبابِ هَجاً، ... مِنْ كُلِّ أَحْوَزَ راجِحٍ قَصَبُهْ وأَهْجَأْتُه حَقَّه وأَهْجَيْتُه حَقَّه إِذَا أَدّيته إِلَيْهِ. هدأ: هَدَأَ يَهْدَأُ هَدْءاً وهُدُوءاً: سَكَن، يَكُونُ فِي سُكُونِ الْحَرَكَةِ والصّوْت وَغَيْرِهِمَا. قَالَ ابْنُ هَرْمةَ: لَيْتَ السِّباعَ لَنا كَانَتْ مُجاوِرةً، ... وأَنَّنا لَا نَرَى، مِمَّنْ نَرَى، أَحَدا إنَّ السِّباعَ لَتَهْدا عَنْ فَرائِسها، ... والناسُ لَيْسَ بهادٍ شَرُّهم أَبَدا أَراد لَتَهْدَأُ وبهادِئٍ، فأَبدل الْهَمْزَةَ إِبدالًا صَحِيحًا، وَذَلِكَ أَنَّه جَعَلَهَا يَاءً، فأَلحق هادِياً برامٍ وسامٍ، وَهَذَا عند سيبوبه إِنما يُؤْخَذُ سَمَاعًا لَا قِيَاسًا. وَلَوْ خَفَّفَهَا تَخْفِيفًا قِيَاسِيًّا لَجَعَلَهَا بَيْنَ بَيْنَ، فَكَانَ ذَلِكَ يَكْسِرُ الْبَيْتَ وَالْكَسْرُ لَا يَجُوزُ، وإِنما يَجُوزُ الزِّحافُ. وَالْاسْمُ: الهَدْأَةُ، عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وأَهْدَأَه: سَكَّنه. وهَدَأَ عَنْهُ: سَكَنَ. أَبو الْهَيْثَمِ يُقَالُ: نَظَرْتُ إِلَى هَدْئِه، بِالْهَمْزِ، وهَدْيِه. قَالَ: إِنما أَسقطوا الْهَمْزَةَ فَجَعَلُوا مَكَانَهَا الْيَاءَ، وأَصلها الْهَمْزُ، مِنْ هَدَأَ يَهْدَأُ إِذا سَكَنَ. وأَتانا وَقَدْ هَدَأَتِ الرِّجْلُ أَي بعدَ ما سكَنَ الناسُ بِاللَّيْلِ. وأَتانا بعدَ ما هَدَأَتِ الرِّجْلُ والعَيْنُ أَي سَكَنَتْ وسَكَنَ الناسُ بِاللَّيْلِ. وهَدَأَ بِالْمَكَانِ: أَقام فسَكَن. وَلَا أَهْدَأَه اللَّهُ: لَا أَسْكَنَ عَناءَهُ ونَصَبَه. وأَتانا وَقَدْ هَدَأَتِ العيونُ، وأَتانا هُدُوءاً إِذَا جاءَ بَعْدَ نَوْمةٍ. وأَتانا بعدَ هُدْءٍ مِنَ اللَّيْلِ وهَدْءٍ وهَدْأَةٍ وهَدِيءٍ، فَعِيلٍ، وهُدُوءٍ، فُعولٍ، أَي بَعْدِ هَزِيعٍ مِنَ اللَّيْلِ، وَيَكُونُ هَذَا الأَخير مَصْدَرًا وَجَمْعًا، أَي حِينَ سكَن الناسُ. وَقَدْ هَدَأَ الليلُ، عن سيبويه، وبعد ما هَدَأَ الناسُ أَي نَامُوا. وَقِيلَ: الهَدْءُ مِنْ أَوَّله إِلَى ثُلُثِهِ، وَذَلِكَ ابْتِداءُ سكُونه. وَفِي الْحَدِيثِ: إيَّاكُم والسَّمَرَ بَعْدَ هَدْأَةِ الرِّجْل. الهَدْأَةُ والهُدُوءُ: السُّكُونُ عَنِ الحركات، أَي بعد ما يَسْكُنُ الناسُ عَنِ المَشْي والاختِلافِ فِي الطُّرُقِ. وَفِي حَدِيثِ سَوادِ بْنِ قارِبٍ: جاءَني بَعْدَ هَدْءٍ مِنَ اللَّيْلِ أَي بَعْدَ طائفةٍ ذهَبَتْ مِنْهُ. (1/180) والهَدْأَةُ: مَوْضِعٌ بَيْنَ مَكَّةَ والطائِف، سُئل أَهلها لِمَ سُمِّيَتْ هَدْأَةً، فَقَالُوا: لأَن الْمَطَرَ يُصِيبها بَعْدَ هَدْأَةٍ مِنَ اللَّيْلِ. والنَّسَبُ إِلَيْهِ هَدَوِيٌّ، شاذٌّ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحدهما تَحْرِيكُ الدَّالِ، والآخَر قَلْبُ الْهَمْزَةِ وَاوًا. وَمَا لَهُ هِدْأَةُ ليلةٍ، عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، وَلَمْ يُفَسِّرْهُ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَن مَعْنَاهُ مَا يقُوتُه، فَيُسَكِّنُ جُوعَه أَوْ سَهَرَه أَو هَمَّه. وهَدَأَ الرَّجُلُ يَهْدَأُ هُدُوءاً: مَاتَ. وَفِي حَدِيثِ أُم سُلَيْمٍ قَالَتْ لأَبي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِهَا: هُوَ أَهْدَأُ مِمَّا كَانَ أَي أَسْكَنُ؛ كَنَتْ بِذَلِكَ عَنِ الْمَوْتِ تَطْيِيباً لِقَلْبِ أَبيِه. وهَدِئَ هَدَأً، فَهُوَ أَهْدَأُ: جَنِئَ. وأَهْدَأَه الضَرْبُ أَو الكِبَرُ. والهَدَأُ: صِغَرُ السَّنامِ يَعْتَرِي الإِبل مِنَ الحَمْلِ وَهُوَ دُونَ الجَبَبِ. والهَدْآءُ مِنَ الإِبل: الَّتِي هَدِئَ سَنامُها مِنَ الحَمْل ولَطَأَ عَلَيْهِ وبَرُه وَلَمْ يُجْرَحْ. والأَهْدَأُ مِنَ المَناكِب: الَّذِي دَرِمَ أَعْلاه واسْتَرْخَى حَبْلُه. وَقَدْ أَهْدَأَه اللَّهُ. ومَرَرْتُ بِرَجُلٍ هَدْئِك مِنْ رَجُلٍ، عَنِ الزَّجَّاجِيِّ، وَالْمَعْرُوفُ هَدِّكَ مِنْ رَجُلٍ. وأَهْدَأْتُ الصبيَّ إِذا جَعَلْتَ تَضْرِبُ عَلَيْهِ بكَفِّك وتُسَكِّنُه لِيَنامَ. قَالَ عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ: شَئِزٌ جَنْبِي كأَنِّي مُهْدَأ، ... جَعَلَ القَيْنُ عَلَى الدَّفِّ الإِبَرْ وأَهْدَأْتُه إِهْدَاءً. الأَزهري: أَهْدَأَتِ المرأَةُ صَبيَّها إِذَا قارَبَتْه وسَكَّنَتْه لِيَنام، فَهُوَ مُهْدَأ. وَابْنُ الأَعرابي يَرْوِي هَذَا الْبَيْتَ مُهْدَأ، وَهُوَ الصَّبِيُّ المُعَلَّلُ لِيَنامَ. وَرَوَاهُ غَيْرُهُ مَهْدَأً أَي بَعْدَ هَدْءٍ مِنَ اللَّيْلِ. وَيُقَالُ: تَرَكْتُ فُلَانًا عَلَى مُهَيْدِئَتِه أَي عَلَى حالَتِه الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا، تَصْغِيرُ المَهْدَأَةِ. وَرَجُلٌ أَهْدَأُ أَي أَحْدَبُ بَيِّنُ الهَدَإِ. قَالَ الرَّاجِزُ فِي صِفَةِ الرَّاعي: أَهْدَأُ، يَمْشِي مِشْيةَ الظَّلِيمِ الأَزهري عَنِ اللَّيْثِ وَغَيْرِهِ: الهَدَأُ مَصْدَرُ الأَهْدَإِ. رَجُلٌ أَهْدَأُ وامرأَة هَدْآءُ، وَذَلِكَ أَن يَكُونَ مَنْكِبه مُنْخَفِضًا مُسْتَوِيًا، أَو يَكُونُ مَائِلًا نَحْوَ الصَّدْرِ غَيْرَ مُنْتَصِبٍ. يُقَالُ مَنْكِبٌ أَهْدَأُ. وَقَالَ الأَصمعي: رَجُلٌ أَهْدَأُ إِذَا كَانَ فِيهِ انْحِناءٌ، وهَدِئَ وجَنِئَ إِذَا انحنى. هذأ: هَذَأَه بِالسَّيْفِ وَغَيْرَهُ يَهْذَؤُه هَذْءاً: قَطَعَه قَطْعاً أَوْحَى مِنَ الهَذِّ. وسَيْفٌ هَذَّاءٌ: قاطِعٌ. وهَذَأَ العَدُوَّ هَذْءاً: أَبارَهم وأَفناهم. وهَذَأَ الكلامَ إِذَا أَكثر مِنْهُ فِي خَطَإٍ. وهَذَأَه بِلِسَانِهِ هَذْءاً: آذَاهُ وأَسْمَعَه مَا يَكْرَه. وتَهَذَّأَتِ القَرْحةُ تَهَذُّؤاً وتَذَيَّأَتْ تَذَيُّؤاً: فَسَدَتْ وتَقَطَّعَت. وهَذَأْتُ اللَّحْمَ بالسِّكِّين هَذْءاً إِذا قَطَعْتَه به. هرأ: هَرَأَ فِي مَنْطِقِه يَهْرَأُ هَرْءاً: أَكثر، وَقِيلَ: أَكثر فِي خَطَإٍ أَو قَالَ الخَنا والقَبِيحَ. والهُراءُ، مَمْدُودٌ مَهْمُوزٌ: المَنْطِقُ الكَثِيرُ، وَقِيلَ: المَنْطِقُ الفاسِدُ الَّذِي لَا نِظامَ لَهُ. وقَوْلُ ذِي الرُّمَّة: لَها بَشَرٌ مِثْلُ الحَرِيرِ، ومَنْطِقٌ ... رَخِيمُ الحَواشِي، لَا هُراءٌ وَلَا نَزْرُ (1/181) يَحْتَمِلُهُمَا جَمِيعًا. وأَهْرَأَ الكلامَ إِذا أَكثره وَلَمْ يُصِب المَعْنَى. وإِنَّ مَنْطِقَه لغيرُ هُراءٍ. ورَجُلٌ هُراءٌ: كَثِيرُ الْكَلَامِ. وأَنشد ابْنُ الأَعرابي: شَمَرْدَلٍ، غَيْرِ هُراءٍ مَيْلَقِ وامْرأَةٌ هُراءَةٌ وقوم هُراؤُون. وهَرَأَه البَرْدُ يَهْرَؤُه هَرْءاً وهَراءَةً وأَهْرَأَه: اشْتَدَّ عَلَيْهِ حَتَّى كَادَ يَقْتُلُه، أَو قَتَلَه. وأَهْرَأَنا القُرُّ أَي قَتَلَنا. وأَهْرَأَ فُلَانٌ فُلَانًا إِذَا قَتَلَه. وهَرِئَ المالُ وهَرِئَ القومُ، بِالْفَتْحِ، فَهُم مَهْرُوءُونَ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الَّذِي حَكَاهُ أَبو عُبَيْدٍ عَنِ الْكِسَائِيِّ: هُرِئَ الْقَوْمُ، بِضَمِّ الهاءِ، فَهم مَهْرُوءُونَ، إِذَا قَتَلَهم البَرْدُ أَو الحَرُّ. قَالَ: وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ، لأَن قَوْلَهُ مَهْرُوءُونَ إِنما يَكُونُ جَارِيًا عَلَى هُرِئَ. قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ فِي المَهْرُوءِ، مَنْ هَرَأَه البَرْدُ، يَرْثِي عُثمانَ بْنِ عَفَّانَ، رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ: نَعاءٌ لِفَضْلِ العِلْمِ والحِلْمِ والتُّقَى، ... ومَأْوَى اليَتامَى الغُبْرِ، أَسْنَوْا، فأَجدَبُوا ومَلْجَإِ مَهْرُوئِينَ، يُلْفَى بِهِ الحَيا، ... إِذَا جَلَّفَتْ كَحْلٌ هُوَ الأُمُّ والأَبُ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ ومَلْجَأُ مَهْرُوئين، وَصَوَابُهُ ومَلْجَإِ، بِالْكَسْرِ، مَعْطُوفٌ عَلَى مَا قَبْلَهُ. وكَحْلُ: اسمٌ عَلَمٌ للسَّنةِ المُجْدِبة. وعَنَى بالحَيا الغَيْثَ والخِصْبَ. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: المَهْرُوءُ الَّذِي قَدْ أَنْضَجَه البَرْدُ. وهَرَأَ البَرْدُ الماشِيَةَ فَتَهرَّأَتْ: كسَرَها فتَكَسَّرَت. وقِرَّةٌ لَهَا هَرِيئةٌ، عَلَى فَعِيلة: يُصِيبُ الناسَ والمالَ مِنْهَا ضُرٌّ وسَقَطٌ أَي مَوْتٌ. وَقَدْ هُرِئَ القومُ والمالُ. وَالْهَرِيئَةُ أَيضاً: الْوَقْتُ الَّذِي يُصِيبهم فِيهِ البَرْدُ. والهَرِيئةُ: الْوَقْتُ الَّذِي يَشْتَدُّ فِيهِ البَرْدُ. وأَهْرَأْنا فِي الرَّواحِ أَي أَبْرَدْنا، وَذَلِكَ بالعشيِّ، وخصَّ بعضُهم بِهِ رَواحَ القَيْظ، وأَنشد لإِهابِ بْنِ عُمَيْرٍ يَصِفُ حُمُراً: حتَّى إِذَا أَهْرَأْنَ للأَصائِلِ ... «5» ، وفَارَقَتْها بُلَّةُ الأَوابِلِ قَالَ: أَهْرَأْنَ للأَصائِلِ: دَخَلْنَ فِي الأَصائِلِ، يَقُولُ: سِرْنَ فِي بَرْدِ الرَّواحِ إِلَى الماءِ. وبُلَّةُ الأَوابِلِ: بُلَّةُ الرُّطْبِ، والأَوابِلُ: الَّتِي أَبَلَتْ بالمكانِ أَي لَزِمَتْه، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي جَزَأَتْ بالرُّطْبِ عَنِ الماءِ. وأَهْرِئْ عَنْكَ مِنَ الظَّهِيرَةِ أَي أَقِمْ حَتَّى يَسْكُنَ حَرُّ النَّهَارِ ويَبْرُدَ. وأَهْرَأَ الرَّجُلَ: قَتَله. وهَرَأَ اللحمَ هَرْءاً وهَرَّأَه وأَهْرَأَه: أَنْضَجَه، فَتَهَرَّأَ حَتَّى سَقَطَ مِنَ الْعَظْمِ. وَهُوَ لَحْمٌ هَرِيءٌ. وأَهْرَأَ لَحْمَه إهْرَاءً إِذَا طَبَخَه حَتَّى يَتَفَسَّخَ. والمُهَرَّأُ والمُهَرَّدُ: المُنْضَجُ مِنَ اللَّحْمِ. وهَرَأَتِ الرِّيحُ: اشْتَدَّ بَرْدُها. الأَصمعي: يُقَالُ فِي صِغَارُ النَّخْلِ أَوَّلَ مَا يُقْلَعُ شيءٌ مِنْهَا مِنْ أُمِّه: فَهُوَ الجَثِيثُ والوَدِيُّ والهِرَاءُ والفَسِيل. والهِراءُ: __________ (5) . قوله [للأَصائل] بلام الجر، رواية ابن سيدة ورواية الجوهري بالأَصائل بالباء. (1/182) فَسِيلُ النَّخْلِ. قَالَ: أَبَعْدَ عَطِيَّتِي أَلْفاً جَمِيعاً، ... مِنَ المَرْجُوِّ، ثاقِبةَ الهِراءِ أَنشده أَبو حَنِيفَةَ قَالَ: وَمَعْنَى قَوْلِهِ ثاقِبةَ الهِراءِ: أَنّ النَّخْلَ إِذَا اسْتَفْحَل ثُقِبَ فِي أُصُوله. والهُرَاءُ «1» : اسْمُ شَيْطانٍ مُوَكَّل بِقَبِيح الأَحْلام. هزأ: الهُزْءُ والهُزُؤُ: السُّخْرِيةُ. هُزِئَ بِهِ وَمِنْهُ. وهَزَأَ يَهْزَأُ فِيهِمَا هُزْءاً وهُزُؤاً ومَهْزَأَةً، وتَهَزَّأَ واسْتَهْزَأَ بِهِ: سَخِرَ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ، اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ . قَالَ الزَّجَّاجُ: القِراءَةُ الجَيِّدة عَلَى التَّحْقِيقِ، فَإِذَا خَفَّفْتَ الْهَمْزَةُ جَعَلْتَ الهمزةَ بَيْنَ الْوَاوِ وَالْهَمْزَةِ، فقلت مُسْتَهْزِؤون، فَهَذَا الِاخْتِيَارُ بَعْدَ التَّحْقِيقِ، وَيَجُوزُ أَن يُبدل مِنْهَا ياءٌ فَتُقْرَأَ مُسْتَهْزِيُون؛ فأَما مُسْتَهْزُونَ، فَضَعِيفٌ لَا وَجْهَ لَهُ إِلَّا شَاذًّا، عَلَى قَوْلِ مَنْ أَبدل الْهَمْزَةَ يَاءً، فَقَالَ فِي اسْتَهْزَأْتُ اسْتَهْزَيْتُ، فَيَجِبُ عَلَى اسْتَهْزَيْتُ مُسْتَهْزُونَ. وَقَالَ: فِيهِ أَوجه مِنَ الجَواب؛ قِيلَ: مَعْنَى اسْتِهْزَاءِ اللَّهِ بِهِمْ أَن أَظهر لَهُمْ مِنْ أَحْكامه فِي الدُّنْيَا خَلافَ مَا لَهُمْ فِي الآخرةِ، كَمَا أَظْهَرُوا لِلْمُسْلِمِينَ فِي الدُّنْيَا خِلافَ مَا أَسَرُّوا. وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ اسْتِهْزَاؤُه بِهِمْ أَخْذَه إيَّاهم مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُون، كَمَا قَالَ، عَزَّ مِنْ قَائِلٍ: سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ*؛ وَيَجُوزُ، وَهُوَ الْوَجْهُ الْمُخْتَارُ عِنْدَ أَهل اللُّغَةِ، أَن يَكُونَ مَعْنَى يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ يُجازِيهم عَلَى هُزُئِهم بالعَذاب، فَسُمِّيَ جَزاءُ الذَّنْب بِاسْمِهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها؛ فَالثَّانِيَةُ لَيْسَتْ بِسَيِّئة فِي الْحَقِيقَةِ إِنما سُمِّيَتْ سَيِّئَةً لازْدِواجِ الْكَلَامِ، فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ أَوجه. ورجلٌ هُزَأَةٌ، بِالتَّحْرِيكِ، يَهْزَأُ بِالنَّاسِ. وهُزْأَةٌ، بِالتَّسْكِينِ: يُهْزَأُ بِهِ، وَقِيلَ يُهْزَأُ مِنْهُ. قَالَ يُونُسُ: إِذَا قَالَ الرجلُ هَزِئتُ مِنْكَ، فَقَدْ أَخْطأَ، إِنَّمَا هُوَ هَزِئتُ بِكَ. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: يُقَالُ سَخِرْتُ مِنْكَ، وَلَا يُقَالُ: سَخِرْتُ بِكَ. وهَزَأَ الشيءَ يَهْزَؤُه هَزْءاً: كَسَره. قَالَ يَصِفُ دِرْعاً: لهَا عُكَنٌ تَرُدُّ النَّبْلَ خُنْساً، ... وتَهْزَأُ بالمَعابِلِ والقِطاعِ عُكَنُ الدِّرْعِ: مَا تَثَنَّى مِنْهَا. والباءُ فِي قَوْلِهِ بالمَعابِل زَائِدَةٌ، هَذَا قَوْلُ أَهل اللُّغَةِ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهُوَ عِنْدِي خطأٌ، إِنَّمَا تَهْزَأُ هَهُنَا مِنَ الهُزْءِ الَّذِي هُوَ السُّخْرِيُّ، كأَنَّ هَذِهِ الدّرْعَ لمَّا رَدَّتِ النَّبْلَ خُنْساً جُعِلَتْ هازِئةً بِهَا. وهَزَأَ الرجلُ: ماتَ، عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وهَزَأَ الرجلُ إِبِلَه هَزْءاً، قَتَلَها بالبَرْدِ، وَالْمَعْرُوفَ هَرَأَها، وَالظَّاهِرُ أَن الزَّايَ تَصْحِيفٌ. ابْنُ الأَعرابي: أَهْزَأَه البَرْدُ وأَهْرَأَه إِذَا قَتَلَه. وَمِثْلُهُ: أَزْغَلَتْ وأَرْغَلَتْ فِيمَا يَتَعَاقَبُ فِيهِ الراءُ وَالزَّايُ. الأَصمعي وَغَيْرُهُ: نَزَأْتُ الرّاحِلةَ وهَزَأْتها إِذَا حَرَّكْتَها. همأ: هَمَأَ الثَّوْبَ يَهْمَؤُه هَمْأً: جَذَبَه فَانْخَرَقَ. وانْهَمَأَ ثَوْبُهُ وتَهَمَّأَ: انْقَطَعَ مِنَ البِلَى، وَرُبَّمَا قَالُوا تَهتَّأَ، بِالتَّاءِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ. والهِمْءُ: الثَّوْبُ الخَلَقُ، وَجَمْعُ الهِمْءِ أَهْمَاءٌ. __________ (1) . قوله [والهُرَاءُ اسم إلخ] ضبط الهراء في المحكم بالضم وبه في النهاية أيضاً في هـ ر ي من المعتل ولذلك ضبط الحديث في تلك المادة بالضم فانظره مع عطف القاموس له هنا على المكسور. (1/183) هنأ: الهَنِيءُ والمَهْنَأُ: مَا أَتاكَ بِلَا مَشَقَّةٍ، اسْمٌ كالمَشْتَى. وَقَدْ هَنِئَ الطَّعامُ وهَنُؤَ يَهْنَأُ هَنَاءَةً: صَارَ هَنِيئاً، مِثْلُ فَقِهَ وفَقُهَ. وهَنِئْتُ الطَّعامَ أَي تَهَنَّأْتُ بِهِ. وهَنَأَنِي الطَّعامُ وهَنَأَ لِي يَهْنِئُنِي ويَهْنَؤُنِي هَنْأً وهِنْأً، وَلَا نَظِيرَ لَهُ فِي الْمَهْمُوزِ. وَيُقَالُ: هَنَأَنِي خُبْزُ فُلان أَي كَانَ هَنِيئاً بِغَيْرِ تَعَبٍ وَلَا مَشَقَّةٍ. وَقَدْ هَنَأَنا اللهُ الطَّعامَ، وَكَانَ طَعاماً اسْتَهْنَأْناه أَي اسْتَمْرَأْناهُ. وَفِي حَدِيثِ سُجُود السَّهْوِ: فَهَنَّأَه ومَنَّاه ، أَي ذَكَّره المَهانِئَ والأَمانِي، وَالْمُرَادُ بِهِ مَا يَعْرِضُ للإِنسان فِي صَلاتِه مِنْ أَحاديثِ النَّفْس وتَسْوِيل الشَّيْطَانِ. وَلَكَ المَهْنَأُ والمَهْنا، وَالْجَمْعُ المَهانِئُ، هَذَا هُوَ الأَصل بِالْهَمْزِ، وَقَدْ يُخَفَّفُ، وَهُوَ فِي الْحَدِيثِ أَشْبه لأَجل مَنَّاه. وَفِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي إِجابةِ صَاحِبِ الرِّبا إِذَا دَعا إِنْسَانًا وأَكَل طَعامه، قَالَ: لَكَ المَهْنَأُ وَعَلَيْهِ الوِزْرُ أَي يَكُونُ أَكْلُكَ لَهُ هَنِيئاً لَا تُؤَاخَذُ بِهِ ووِزْرُه عَلَى مَنْ كَسَبَه. وَفِي حَدِيثِ النَّخَعِيِّ فِي طَعَامِ العُمَّالِ الظَّلَمةِ: لَهُمُ المَهْنَأُ وَعَلَيْهِمِ الوِزر. وهَنَأَتْنِيهِ العافِيةُ وَقَدْ تَهَنَّأْتُه وهَنِئْتُ الطعامَ، بِالْكَسْرِ، أَي تَهَنَّأْتُ بِهِ. فأَما مَا أَنشده سِيبَوَيْهِ مِنْ قَوْلِهِ: فَارْعَيْ فَزارةُ، لَا هَناكِ المَرْتَعُ فَعَلَى الْبَدَلِ لِلضَّرُورَةِ، وَلَيْسَ عَلَى التَّخْفِيفِ؛ وأَمّا مَا حَكَاهُ أَبو عُبَيْدٍ مِنْ قَوْلِ الْمُتَمَثِّلِ مِنَ الْعَرَبِ: حَنَّتْ ولاتَ هَنَّتْ وأَنَّى لكِ مَقْرُوع، فأَصله الْهَمْزُ، وَلَكِنَّ الْمَثَلَ يَجْرِي مَجْرى الشِّعر، فَلَمَّا احْتَاجَ إِلَى المُتابَعةِ أَزْوَجَها حَنَّتْ. يُضْرَبُ هَذَا الْمَثَلُ لِمَنْ يُتَّهَم فِي حَديثه وَلَا يُصَدَّقُ. قَالَهُ مازِنُ بْنِ مَالِكِ بْنِ عَمرو بْنِ تَمِيم لابنةِ أَخيه الهَيْجُمانة بنتِ العَنْبَرِ بْنِ عَمْرو بْنِ تَمِيم حِينَ قَالَتْ لأَبيها: إِنّ عبدَ شمس ابنَ سعدِ بْنِ زيْدِ مَناةَ يُرِيدُ أَن يُغِيرَ عَليهم، فاتَّهمها مازِنٌ لأَنَّ عبدَ شَمْسٍ كَانَ يَهْواها وَهِيَ تَهْواه، فَقَالَ هَذِهِ الْمَقَالَةَ. وَقَوْلُهُ: حَنَّتْ أَي حنَّت إِلَى عَبْدِ شَمْسٍ ونَزَعَتْ إِلَيْهِ. وَقَوْلُهُ: وَلَاتَ هَنَّتْ أَي لَيْسَ الأَمْر حَيْثُ ذَهَبَتْ. وأَنشد الأَصمعي: لاتَ هَنَّا ذِكْرَى جُبَيْرةَ، أَمْ مَنْ ... جاءَ مِنها بطائِفِ الأَهْوالِ يَقُولُ لَيْسَ جُبَيْرةُ حَيْثُ ذَهَبْتَ، ايأَسْ مِنْهَا لَيْسَ هَذَا موضِعَ ذِكْرِها. وَقَوْلُهُ: أَمْ مَنْ جاءَ مِنْهَا: يَسْتَفْهِمُ، يَقُولُ مَنْ ذَا الَّذِي دَلَّ عَلَيْنَا خَيالَها. قَالَ الرَّاعي: نَعَمْ لاتَ هَنَّا، إنَّ قَلْبَكَ مِتْيَحُ يَقُولُ: لَيْسَ الأَمْرُ حَيْثُ ذَهَبْتَ إِنما قَلْبُكَ مِتْيَحٌ فِي غَيْرِ ضَيْعةٍ. وَكَانَ ابْنُ الأَعرابي يَقُولُ: حَنَّتْ إِلَى عاشِقِها، وَلَيْسَ أَوانَ حَنِينٍ، وإِنما هُوَ وَلَا، والهاءُ: صِلةٌ جُعِلَتْ تَاءً، وَلَوْ وَقَفْتَ عَلَيْهَا لَقُلْتَ لَاهْ، فِي الْقِيَاسِ، وَلَكِنْ يَقِفُونَ عَلَيْهَا بِالتَّاءِ. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: سأَلت الكِسائي، فقلتُ: كَيْفَ تَقِف عَلَى بِنْتٍ؟ فَقَالَ: بالتاءِ إِتِّبَاعًا لِلْكِتَابِ، وَهِيَ فِي الأَصل هاءٌ. الأَزهريّ فِي قَوْلِهِ ولاتَ هَنَّتْ: كَانَتْ هاءَ الْوَقْفَةِ ثُمَّ صُيِّرت تَاءً ليُزاوِجُوا بِهِ حَنَّتْ، والأَصل فِيهِ هَنَّا، ثمَّ قِيلَ هَنَّهْ لِلْوَقْفِ. ثمَّ صُيِّرَتْ تَاءً كَمَا قَالُوا ذَيْتَ وذَيْتَ وكَيْتَ وكَيْتَ. وَمِنْهُ قَوْلُ الْعَجَّاجِ: وكانَتِ الحَياةُ حيِنَ حُبَّتِ، ... وذِكْرُها هَنَّتْ، ولاتَ هَنَّتِ (1/184) أَي لَيْسَ ذَا موضعَ ذَلِكَ وَلَا حِينَه، وَالْقَصِيدَةُ مَجْرُورَةٌ لَمَّا أَجْراها جَعَل هاءَ الْوَقْفَةِ تَاءً، وَكَانَتْ فِي الأَصل هَنَّهْ بِالْهَاءِ، كَمَا يُقَالُ أَنا وأَنَّهْ، والهاءُ تَصِيرُ تَاءً فِي الوصْل. وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَقْلِب هاءَ التأْنيث تَاءً إِذَا وَقَفَ عَلَيْهَا كَقَوْلِهِمْ: ولاتَ حِينَ مَناصٍ. وَهِيَ فِي الأَصل ولاةَ. ابْنُ شُمَيْلٍ عَنِ الْخَلِيلِ فِي قَوْلِهِ: لاتَ هَنَّا ذِكْرَى جُبَيْرَة أَمْ مَنْ يَقُولُ: لَا تُحْجِمُ عَنْ ذكْرها، لأَنه يَقُولُ قَدْ فَعَلَتْ وهُنِّيتُ، فيُحْجِمُ عَنْ شيءٍ، فَهُوَ مِنْ هُنِّيتُ وَلَيْسَ بأَمر، وَلَوْ كَانَ أَمْراً لَكَانَ جَزْمًا، وَلَكِنَّهُ خَبَرٌ يَقُولُ: أَنتَ لَا تَهْنَأُ ذِكْرَها. وطَعامٌ هَنِيءٌ: سَائِغٌ، وَمَا كَانَ هَنِيئاً، وَلَقَدْ هَنُؤَ هَناءَةً وهَنَأَةً وهِنْأً، عَلَى مِثَالِ فَعالةٍ وفَعَلة وفِعْلٍ. اللَّيْثُ: هَنُؤَ الطَّعامُ يَهْنُؤُ هَنَاءَةً، وَلُغَةٌ أَخرى هَنِيَ يَهْنَى، بِلَا هَمْزٍ. والتَّهْنِئةُ: خِلَافُ التَّعْزِية. يُقَالُ: هَنَأَهُ بالأَمْرِ وَالْوِلَايَةِ هَنْأً وهَنَّأَه تَهْنِئةً وتَهْنِيئاً إِذَا قُلْتَ لَهُ ليَهْنِئْكَ. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: ليَهْنِئْكَ الفارِسُ، بِجَزْمِ الْهَمْزَةِ، وليَهْنِيكَ الفارِسُ، بياءٍ سَاكِنَةٍ، وَلَا يَجُوزُ ليَهْنِكَ كَمَا تَقُولُ الْعَامَّةُ. وَقَوْلُهُ، عَزَّ وَجَلَّ: فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً . قَالَ الزُّجَاجُ تَقُولُ: هَنَأَنِي الطَّعامُ ومَرَأَني. فَإِذَا لَمْ يُذكَر هَنَأَنِي قُلْتَ أَمْرَأَني. وَفِي الْمَثَلِ: تَهَنَّأَ فُلَانٌ بِكَذَا وتَمَرَّأَ وتَغَبَّطَ وتَسَمَّنَ وتَخَيَّلَ وتَزَيَّنَ، بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَفِي الْحَدِيثِ: خَيْرُ الناسِ قَرْني ثمَّ الَّذِين يَلُونَهُمْ ثمَّ يَجِيءُ قَوْمٌ يَتَسَمَّنُونَ. مَعْنَاهُ: يَتَعَظَّمُونَ ويَتَشَرَّفُونَ ويَتَجَمَّلُون بِكَثْرَةِ الْمَالِ، فَيَجْمَعُونَهُ وَلَا يُنْفِقُونه. وَكُلُوهُ هَنِيئاً مَريئاً. وكلُّ أمْرٍ يأْتيكَ مِنْ غَيْر تَعَبٍ، فَهُوَ هَنِيءٌ. الأَصمعي: يُقَالُ فِي الدُّعاءِ للرَّجل هُنِّئْتَ وَلَا تُنْكَهْ أَي أَصَبْتَ خَيْراً وَلَا أَصابك الضُّرُّ، تدعُو لَهُ. أَبو الْهَيْثَمِ: فِي قَوْلِهِ هُنِّئْتَ، يُرِيدُ ظَفِرْتَ، عَلَى الدُّعاءِ لَهُ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: قَالُوا هَنِيئاً مَرِيئاً، وَهِيَ مِنَ الصِّفَاتِ الَّتِي أُجْرِيَتْ مُجْرى المَصادِر المَدْعُوِّ بِهَا فِي نَصْبها عَلَى الفِعْل غَير المُسْتَعْمَلِ إظْهارُه، وَاخْتِزَالُهُ لِدَلَالَتِهِ عَلَيْهِ، وانْتِصابه عَلَى فِعَلٍ مِنْ غَيْرِ لَفْظِهِ، كأَنَّه ثَبَتَ لَهُ مَا ذُكِرَ لَهُ هَنِيئاً. وأَنشد الأَخطل: إِلَى إِمامٍ، تُغادِينا فَواضِلُه، ... أَظْفَرَه اللَّهُ فَلْيَهْنِئْ لهُ الظَّفَرُ قَالَ الأَزهريُّ: وَقَالَ الْمُبَرِّدُ فِي قَوْلِ أَعْشَى باهِلةَ: أَصَبْتَ فِي حَرَمٍ مِنَّا أَخاً ثِقةً، ... هِنْدَ بْنَ أَسْماءَ لَا يَهْنِئْ لَكَ الظَّفَرُ قَالَ: يُقَالُ هَنَأَه ذَلِكَ وهَنَأَ لَهُ ذَلِكَ، كَمَا يقال هَنِيئاً له، وأَنشد بَيْتَ الأَخطَل. وهَنَأَ الرجلَ هَنْأً: أَطعَمَه. وهَنَأَه يَهْنَؤُه ويَهْنِئُه هَنْأً، وأَهْنَأَه: أَعْطاه، الأَخيرة عَنِ ابْنِ الأَعرابي. ومُهَنَّأٌ: اسْمُ رَجُلٍ. ابْنُ السِّكِّيتِ يُقَالُ: هَذَا مُهَنَّأٌ قَدْ جاءَ، بِالْهَمْزِ، وَهُوَ اسْمُ رَجُلٍ. وهُنَاءَةُ: اسْمٌ، وَهُوَ أَخو مُعاوية بْنِ عَمرو بْنِ مَالِكِ أَخي هُناءَةَ ونِواءٍ وفَراهِيدَ وجَذِيمةَ الأَبْرَشِ. وهانِئٌ: اسْمُ رَجُلٍ، وَفِي الْمَثَلِ: إِنما سُمِّيتَ هانِئاً لِتَهْنِئَ ولِتَهْنَأَ أَي لِتُعْطِي. والهِنْءُ: العَطِيَّةُ، (1/185) الاسم: الهِنْءُ، بِالْكَسْرِ، وَهُوَ العَطاء. ابْنُ الأَعرابي: تَهَنَّأَ فُلَانٌ إِذَا كَثُرَ عَطاؤُه، مأْخوذ مِنَ الهِنْءِ، وَهُوَ العَطاء الْكَثِيرُ. وَفِي الْحَدِيثِ أَنه قَالَ لأَبي الهَيثمِ بْنِ التَّيِّهانِ: لَا أَرَى لَكَ هانِئاً. قَالَ الْخَطَابِيُّ: الْمَشْهُورُ فِي الرِّوَايَةِ ماهِناً، وَهُوَ الخادِمُ، فَإِنْ صَحَّ، فَيَكُونُ اسمَ فاعِلٍ مَنْ هَنَأْتُ الرجلَ أَهْنَؤُه هَنْأً إِذَا أَعطَيْتَه. الفرَّاءُ يُقَالُ: إِنَّمَا سُمِّيتَ هانِئاً لِتَهْنِئَ ولِتَهْنَأَ أَي لِتُعطِيَ لُغَتَانِ. وهَنَأْتُ القَوْمَ إِذَا عُلْتَهم وكَفَيْتَهم وأَعْطَيْتَهم. يُقَالُ: هَنَأَهُم شَهْرَينِ يَهْنَؤُهم إِذَا عالَهم. وَمِنْهُ المثل: إنما سُمِّيتَ هانِئاً لِتَهْنَأَ أَي لِتَعُولَ وتَكْفِيَ، يُضْرَبُ لِمَنْ عُرِفَ بالإحسانِ، فَيُقَالُ لَهُ: أَجْر عَلَى عادَتِكَ وَلَا تَقْطَعْها. الْكِسَائِيُّ: لِتَهْنِئَ. وَقَالَ الأُمَوِيُّ: لِتَهْنِئَ، بِالْكَسْرِ، أَي لِتُمْرِئَ. ابْنُ السِّكِّيتِ: هَنَأَكَ اللَّهُ ومَرَأَكَ وَقَدْ هَنَأَنِي ومَرَأَنِي، بِغَيْرِ أَلف، إِذَا أَتبعوها هَنَأَنِي، فإِذا أَفْرَدُوها قَالُوا أَمْرَأَنِي. والهَنِيءُ والمَرِيءُ: نَهرانِ أَجراهما بعضُ الْمُلُوكِ. قَالَ جَريرٌ يَمْدَحُ بعضَ المَرْوانِيَّةِ: أُوتِيتَ مِنْ حَدَبِ الفُراتِ جَوارِياً، ... مِنْها الهَنِيءُ، وسائحٌ فِي قَرْقَرَى وقَرْقَرَى قَرْيةٌ باليَمامةِ فِيهَا سَيْحٌ لِبَعْضِ الْمُلُوكِ. واسْتَهْنَأَ الرجلَ: اسْتَعْطاه. وأَنشد ثَعْلَبٌ: نُحْسِنُ الهِنْءَ، إِذَا اسْتَهْنَأْتَنا، ... ودِفاعاً عَنْكَ بالأَيْدِي الكِبارِ يَعْنِي بالأَيْدِي الكِبارِ المِنَنَ. وَقَوْلُهُ أَنشده الطُّوسِي عَنِ ابْنِ الأَعرابي: وأَشْجَيْتُ عَنْكَ الخَصْمَ، حَتَّى تَفُوتَهُمْ ... مِنَ الحَقِّ، إِلَّا مَا اسْتَهانُوك نَائِلَا قَالَ: أَرَادَ اسْتَهْنَؤُوك، فقَلَب، وَأَرَى ذَلِكَ بَعْدَ أَن خفَّف الْهَمْزَةَ تَخْفِيفًا بَدَلِيًّا. وَمَعْنَى الْبَيْتِ أَنه أَراد: مَنَعْتُ خَصْمَكَ عَنْكَ حَتَّى فُتَّهم بحَقِّهم، فهَضَمْتَهُم إِيَّاه، إلَّا مَا سَمَحُوا لَك بِهِ مِنْ بعضِ حُقُوقِهم، فَتَرَكُوهُ عَلَيْكَ، فسُمِّيَ تَرْكُهم ذَلِكَ عَلَيْهِ اسْتِهْناءً؛ كلُّ ذَلِكَ مِنْ تَذْكِرَةِ أَبي عَلِيٍّ. وَيُقَالُ: اسْتَهْنَأَ فُلَانٌ بَنِي فُلَانٍ فَلَمْ يُهنِؤُوه أَي سأَلَهم، فَلَمْ يُعْطُوه. وَقَالَ عُرْوَةُ بْنُ الوَرْد: ومُسْتَهْنِئٍ، زَيْدٌ أَبُوه، فَلَمْ أَجِدْ ... لَه مَدْفَعاً، فاقْنَيْ حَيَاءَكِ واصْبِري وَيُقَالُ: مَا هَنِئَ لِي هَذَا الطَّعامُ أَي مَا اسْتَمْرَأْتُه. الأَزهري وَتَقُولُ: هَنأَنِي الطَّعام، وَهُوَ يَهْنَؤُني هَنْأً وهِنْاً، ويَهْنِئُني. وهَنَأَ الطَّعامَ هَنْأً وهِنْأً وهَناءَةً: أَصْلَحَه. والهِنَاءُ: ضَرْبٌ مِنَ القَطِران. وَقَدْ هَنَأَ الإِبِلَ يَهْنَؤُها ويَهْنِئُها ويَهْنُؤُها هَنْأً وهِنَاءً: طَلاها «2» بالهِناءِ. وَكَذَلِكَ: هَنَأَ البعيرَ. تَقُولُ: هَنَأْتُ البعيرَ، بِالْفَتْحِ، أَهْنَؤُه إِذَا طَلَيْتَه بالهِناءِ، وَهُوَ القَطِرانُ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: ولَم نَجِد فِيمَا لَامُهُ هَمْزَةٌ فَعَلْتُ أَفْعُلُ إلَّا هَنَأْتُ أَهْنُؤُ وقَرَأْتُ أَقْرُؤُ. وَالِاسْمُ: الهِنْءُ، وإبل مَهْنُوءةٌ. __________ (2) . قوله [هنأ وهناء طلاها] قال في التكملة والمصدر الهنء والهناء بالكسر والمد ولينظر من أين لشارح القاموس ضبط الثاني كجبل. (1/186) وَفِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لأَنْ أُزاحِمَ جَملًا قَدْ هُنِئَ بِقَطِران أَحَبُّ إليَّ مِن أَنْ أُزاحِمَ امْرأَةً عَطِرةً. الْكِسَائِيُّ: هُنِئَ: طُلِيَ، والهِنَاءُ الِاسْمُ، والهَنْءُ الْمَصْدَرُ. وَمِنْ أَمثالهم: لَيْسَ الهِنَاءُ بالدَّسِّ؛ الدَّسُّ أَن يَطْلِيَ الطَّالِيَ مَساعِرَ الْبَعِيرِ، وَهِيَ المَواضِعُ الَّتِي يُسْرِعُ إِلَيْهَا الجَرَبُ مِنَ الآباطِ والأَرْفاغِ وَنَحْوِهَا، فَيُقَالُ: دُسَّ البَعِيرُ، فَهُوَ مَدْسُوسٌ. وَمِنْهُ قَوْلُ ذِي الرمَّة: قَرِيعُ هِجانٍ دُسَّ مِنْهَا المَساعِرُ فإِذا عُمَّ جَسَدُ البعيرِ كلُّه بالهِناءِ، فَذَلِكَ التَّدْجِيلُ. يُضرب مَثَلًا لِلَّذِي لَا يُبالِغ فِي إِحكامِ الأَمْرِ، وَلَا يَسْتَوثِقُ مِنْهُ، ويَرْضَى باليَسِير مِنْهُ. وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عبَّاس، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فِي مَالِ اليَتِيم: إِنْ كنتَ تَهْنَأُ جَرْباها أَي تُعالِجُ جَرَبَ إِبِلِه بالقَطِران. وهَنِئَتِ الماشيةُ هَنَأً وهَنْأً: أَصابَتْ حَظًّا مِنَ البَقْل مِنْ غَيْرِ أَن تَشْبَعَ مِنْهُ. والهِناءُ: عِذْقُ النَّخلة عَنْ أَبي حَنِيفَةَ، لُغَةٌ فِي الإِهانِ. وهَنِئْتُ الطَّعامَ أَي تَهَنَّأْتُ بِهِ وهَنَأْتُه شَهْرًا أَهْنَؤُه أَي عُلْتُه. وهَنِئَتِ الإِبلُ مِنْ نَبْتٍ أَي شَبِعَتْ. وأَكلْنا مِنْ هَذَا الطَّعامِ حَتَّى هَنِئْنا مِنْهُ أَي شَبِعْنا. هوأ: هاءَ بِنَفْسِه إِلَى المَعالِي يَهُوءُ هَوْءاً: رَفَعَها وسَما بِهَا إِلَى المَعالِي. والهَوْءُ، الهِمَّةُ، وإِنَّه لبَعِيدُ الهَوْءِ، بِالْفَتْحِ، وبَعِيدُ الشَّأْوِ أَي بَعِيدُ الهمَّة. قَالَ الرَّاجِزُ: لَا عاجِزُ الهَوْءِ، وَلَا جَعْدُ القَدَمْ وَإِنَّهُ لَذُو هَوْءٍ إِذَا كَانَ صائبَ الرَّأْي ماضِياً. وَالْعَامَّةُ تَقُولُ: يَهْوِي بِنَفْسِه. وَفِي الْحَدِيثِ: إِذَا قامَ الرجلُ إِلَى الصلاةِ، فَكَانَ قَلْبُه وهَوْءُه إِلَى اللهِ انْصَرفَ كَمَا ولَدَتْه أُمُّه. الهَوْءُ، بِوَزْنِ الضَوْءِ: الهِمَّةُ. وَفُلَانٌ يَهُوءُ بنَفْسِه إِلَى المَعالِي أَي يرْفَعُها ويَهُمُّ بِهَا. وَمَا هُؤْتُ هَوْءَه أَي مَا شَعَرْتُ بِهِ وَلَا أَرَدْتُه. وهُؤْتُ بِهِ خَيْراً فأَنا أَهُوءُ بِهِ هَوْءاً: أَزْنَنْته بِهِ، وَالصَّحِيحُ هُوتُ، كَذَلِكَ حَكَاهُ يَعْقُوبُ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هُؤْته بِخَيْرٍ، وهُؤْتُه بِشَرٍّ، وهُؤْتُه بِمَالٍ كَثِيرٍ هَوْءاً أَي أَزْنَنْتُه بِهِ. ووَقَع ذَلِكَ فِي هَوْئي وهوئِي أَي ظَنِّي. قَالَ اللِّحْيَانِيُّ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنِّي لأَهُوءُ بِكَ عَنْ هَذَا الأَمْر أَي أَرْفَعُكَ عَنْهُ. أَبو عَمْرٍو: هُؤْتُ بِهِ وشُؤْتُ بِهِ أَي فَرِحْتُ بِهِ. ابْنُ الأَعرابي: هَأَى أَي ضَعُفَ، وأَهَى إِذَا قَهْقَهَ فِي ضَحِكه. وهَاوَأْتُ الرجلَ: فاخَرْتُه كَهاوَيْتُه. والمُهْوَأَنُّ، بِضَمِّ الْمِيمِ: الصَّحراءُ الْوَاسِعَةُ. قَالَ رُؤْبَةُ: جاؤُوا بِأُخْراهُمْ عَلَى خُنْشُوشِ، ... فِي مُهْوَأَنٍّ، بالدَّبَى مَدْبُوشِ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: جَعْلُ الجَوْهَريِّ مُهْوَأَنًّا، فِي فَصْلِ هَوَأَ، وَهَمٌ مِنْهُ، لأَنَّ مُهْوَأَنًّا وَزْنُهُ مُفْوَعَلٌّ. وَكَذَلِكَ ذَكَرَهُ ابْنُ جِنِّي، قَالَ: وَالْوَاوُ فِيهِ زَائِدَةٌ لأَن الْوَاوَ لَا تَكُونُ أَصلًا فِي بناتِ الأَربعة. والمَدْبُوشُ: الَّذِي أَكَل الجَرادُ نَبْتَه. وخُنْشُوشٌ: اسْمُ مَوْضِعٍ. وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ سِيدَهْ (1/187) المُهْوَأَنَّ فِي مَقْلُوبِ هَنَأَ قَالَ: المُهْوَأَنُّ: الْمَكَانُ البَعِيدُ. قَالَ: وَهُوَ مِثَالٌ لَمْ يَذْكُرْهُ سِيبَوَيْهِ. وهاءَ كَلِمَةٌ تُسْتَعَمَلُ عِنْدَ المُناولةِ تَقُولُ: هاءَ يَا رجلُ، وَفِيهِ لُغَاتٌ، تَقُولُ لِلْمُذَكَّرِ وَالْمُؤَنَّثِ هاءَ عَلَى لَفْظٍ وَاحِدٍ، وللمذكَّرَين هاءَا، وللمؤَنثتين هائِيا، وللمذكَّرِين هاؤُوا، وَلِجَمَاعَةِ المؤَنث هاؤُنَّ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: هاءِ لِلْمُذَكَّرِ، بِالْكَسْرِ مِثْلُ هاتِ، وللمؤَنث هائِي، بإِثبات الياءِ مِثْلُ هَاتِي، وللمذكَّرَيْنِ والمُؤَنَّثَيْنِ هائِيا مِثْلُ هاتِيا، وَلِجَمَاعَةِ الْمُذَكَّرِ هاؤُوا، وَلِجَمَاعَةِ المؤَنث هائِينَ مِثْلُ هاتِينَ، تُقِيمُ الْهَمْزَةَ، فِي جَمِيعِ هَذَا، مُقامَ التاءِ، ومنهم من يقول: هاءَ بِالْفَتْحِ، كأَنَّ مَعْنَاهُ هاكَ، وهاؤُما يَا رَجُلَانِ، وهاؤُمُوا يَا رِجال، وهاءِ يَا امْرَأَةُ، بِالْكَسْرِ بِلَا ياءٍ، مِثْلُ هاعِ. وهاؤُما وهاؤُمْنَ. وَفِي الصِّحَاحِ: وهاؤُنَّ، تُقِيمُ الْهَمْزَ، فِي ذَلِكَ كُلِّه، مُقام الْكَافِ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: هَأْ يَا رَجُل، بِهَمْزَةٍ سَاكِنَةٍ، مِثْلُ هَعْ، وأَصله هاءْ، أُسقطت الأَلف لِاجْتِمَاعِ السَّاكِنَيْنِ. وَلِلِاثْنَيْنِ هاءَا، وللجميع هاؤُوا، وللمرأَة هائِي، مِثْلُ هاعِي، وَلِلِاثْنَيْنِ هاءَا لِلرَّجُلَيْنِ وللمرأَتين،. مِثْلُ هَاعَا، وَلِلنِّسْوَةِ هَأْنَ، مِثْلُ هَعْنَ، بِالتَّسْكِينِ. وَحَدِيثُ الرِّبا: لَا تَبيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ إِلَّا هَاءَ ؛ وَهَاءَ نذكره في آخره الْكِتَابِ فِي بَابِ الْأَلِفِ اللَّيِّنَةِ، إِنْ شاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَإِذَا قِيلَ لَكَ: هاءَ بِالْفَتْحِ، قُلْتَ: مَا أهاءُ أَي مَا آخُذُ، وَمَا أَدري مَا أَهاءُ أَي مَا اعْطِي، وَمَا أُهاءُ عَلَى مَا لَمْ يُسمَّ فَاعِلُهُ، أَي مَا أُعْطَى. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ . وَسَيَأْتِي ذِكْرُهُ فِي تَرْجَمَةِ ها. وهاءَ، مَفْتُوحُ الْهَمْزَةِ مَمْدُودٌ: كَلِمَةٌ بِمَعْنَى التَّلْبِيةِ. هيأ: الهَيْئَةُ والهِيئةُ: حالُ الشيءِ وكَيْفِيَّتُه. وَرَجُلٌ هَيِّئٌ: حَسَنُ الهَيْئةِ. اللَّيْثُ: الهَيْئةُ للمُتَهَيِّئِ فِي مَلْبَسِه وَنَحْوِهُ. وَقَدْ هاءَ يَهاءُ هَيْئةً، ويَهِيءُ. قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: وَلَيْسَتِ الأَخيرة بِالْوَجْهِ. والهَيِّئُ، عَلَى مِثَالِ هَيِّعٍ: الحَسَن الهَيْئَةِ مِنْ كلِّ شيءٍ، ورجلٌ هَيِيءٌ، عَلَى مِثَالِ هَيِيعٍ، كهَيِّئٍ، عَنْهُ أَيضاً. وَقَدْ هَيُؤَ، بِضَمِّ الْيَاءِ، حَكَى ذَلِكَ ابْنُ جِنِّيٍّ عَنْ بَعْضِ الْكُوفِيِّينَ، قَالَ: وَوَجْهُهُ أَنه خرَج مَخْرَجَ الْمُبَالِغَةِ، فَلَحِقَ بِبَابِ قَوْلِهِمْ قَضُوَ الرَّجلُ إِذَا جادَ قَضاؤُه، ورَمُوَ إِذَا جَادَ رَمْيُه، فَكَمَا يُبْنَى فَعُلَ مِمَّا لَامَهُ ياءٌ كَذَلِكَ خَرَجَ هَذَا عَلَى أَصله فِي فَعُلَ مِمَّا عَيْنُهُ ياءٌ. وعلَّتُهما جَمِيعًا، يَعْنِي هَيُؤَ وقَضُوَ: أنَّ هَذَا بناءٌ لَا يتصرَّف لِمُضارَعَتِه مِمَّا فِيهِ مِنَ المُبالَغةِ لِبَابِ التَّعَجُّب ونِعْمَ وبِئْسَ. فَلَمَّا لَمْ يَتَصَرَّفْ احْتَمَلُوا فِيهِ خُروجَه فِي هَذَا الْمَوْضِعِ مُخَالِفًا لِلْبَابِ، أَلا تَرَاهُمْ إِنما تَحامَوْا أَن يَبْنُوا فَعُلَ مِمَّا عَيْنُهُ ياءٌ مَخَافَةَ انْتِقالهم مِنَ الأَثقل إِلَى مَا هُوَ أَثقلُ مِنْهُ، لأَنه كَانَ يَلْزَمُ أَن يَقُولُوا: بُعْت أَبُوعُ، وَهُوَ يَبوعُ، وأَنت أَو هِيَ تَبُوعُ، وبُوعا، وبُوعُوا، وبُوعِي. وَكَذَلِكَ جاءَ فَعُلَ مِمَّا لَامُهُ ياءٌ ممَّا هُوَ مُتَصَرِّفٌ أَثقلَ مِنَ الياءِ، وَهَذَا كَمَا صَحَّ: مَا أَطْوَلَه وأَبْيَعَه. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ عَنِ العامِرِيَّةِ: كَانَ لِي أَخٌ هَيِيٌّ عَليٌّ أَي يتأَنث لِلنِّسَاءِ، هَكَذَا حَكَاهُ هَيِيٌّ عَليٌّ، بِغَيْرِ هَمْزٍ، قَالَ: وأُرَى ذَلِكَ، إِنما هُوَ لِمَكَانِ عَليٍّ. وهاءَ للأَمر يَهَاءُ ويَهِيءُ، وتَهَيَّأَ: أَخَذَ لَهُ هَيْأَتَه. وهَيَّأَ الأَمرَ تَهْيِئةً وتَهْييئاً: أَصْلحه فَهُوَ مُهَيَّأٌ. وَفِي الْحَدِيثِ: أَقِيلُوا ذَوِي الهَيْئَاتِ عَثَراتِهم. قال: هم الذين لَا يُعْرَفُون بالشرِّ فَيَزِلُّ أَحدُهم (1/188) الزلَّةَ. الهَيْئَةُ: صورةُ الشيءِ وشَكْلُه وحالَتُه، يُرِيدُ بِهِ ذَوِي الهَيْئَاتِ الحَسَنةِ، الَّذِينَ يَلْزَمون هَيْئةً وَاحِدَةً وسَمْتاً وَاحِدًا، وَلَا تَخْتَلِفُ حالاتُهم بِالتَّنَقُّلِ مِنْ هَيْئةٍ إِلَى هَيْئةٍ. وَتَقُولُ: هِئْتُ للأَمر أَهِيءُ هَيْئةً، وتَهَيَّأْتُ تَهَيُّؤاً، بِمَعْنًى. وقُرئَ: وَقَالَتْ هِئْتُ لَكَ، بِالْكَسْرِ وَالْهَمْزِ مِثْلُ هِعْتُ، بِمَعْنَى تَهَيَّأْتُ لكَ. والهَيْئَةُ: الشارةُ. فُلَانٌ حَسَنُ الهَيْئةِ والهِيئةِ. وتَهايَؤُوا على كذا: تَمالَؤُوا. والمُهايَأَةُ: الأَمْرُ المُتَهايَأُ عَلَيْهِ. والمُهايَأَةُ: أَمرٌ يَتَهايَأُ الْقَوْمُ فيَتَراضَوْنَ بِهِ. وهاءَ إِلَى الأَمْر يَهَاءُ هِيئةً: اشتاقَ. والهَيْءُ والهِيءُ: الدُعاءُ إِلَى الطَّعامِ وَالشَّرَابِ، وَهُوَ أَيضاً دُعاءُ الإِبِل إِلَى الشُّرب، قَالَ الهَرَّاءُ: وَمَا كانَ عَلَى الجِيئِي، ... وَلَا الهِيءِ امْتِداحِيكا وهَيْءَ: كَلِمَةٌ مَعْنَاهَا الأَسَفُ عَلَى الشيءِ يَفُوتُ، وَقِيلَ هِيَ كَلِمَةُ التَّعَجُّبِ. وَقَوْلُهُمْ: لَوْ كَانَ ذَلِكَ فِي الهِيءِ والجِيءِ مَا نَفَعَه. الهِيءُ: الطَّعام، والجِيءُ: الشَّرابُ، وَهُمَا اسْمَانِ مِنْ قَوْلِكَ جَاْجَأْتُ بالإِبل دَعَوْتُها للشُّرْب، وهَأْهَأْتُ بِهَا دَعَوْتُها للعَلف. وَقَوْلُهُمْ: يَا هَيْءَ ما لي: كَلِمَةُ أَسَفٍ وتَلَهُّفٍ. قَالَ الجُمَيْح بْنُ الطَّمَّاح الأَسدي، ويروى لنافع ابن لَقِيط الأَسَدي: يَا هَيْءَ، مَا لِي؟ مَنْ يُعَمَّرْ يُفْنِهِ ... مَرُّ الزَّمانِ عَلَيْهِ، والتَّقْلِيبُ وَيُرْوَى: يَا شَيْءَ مَا لِي، ويا فَيْءَ ما لي، وكلُّه وَاحِدٌ. وَيُرْوَى: وَكَذَاكَ حَقّاً مَنْ يُعَمَّرْ يُبْلِه ... كَرُّ الزَّمانِ عَلَيْهِ والتَّقْلِيبُ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَذَكَرَ بَعْضِ أَهل اللُّغَةِ أَنَّ هَيْءَ اسْمٌ لِفِعْلِ أَمر، وَهُوَ تَنَبَّهْ واسْتَيْقِظْ، بِمَعْنَى صَهْ ومَهْ فِي كَوْنِهِمَا اسْمَيْنِ لاسْكُتْ واكْفُفْ، وَدَخَلَ حَرْفُ النداءِ عَلَيْهَا كَمَا دَخَلَ عَلَى فِعْلِ الأَمر فِي قَوْلِ الشَّمَّاخِ: أَلا يَا اسْقِياني قَبْلَ غارةِ سِنْجارِ وإِنما بُنِيت عَلَى حَرَكَةٍ بِخِلَافِ صَهْ ومَهْ لِئَلَّا يَلْتَقِيَ سَاكِنَانِ، وخُصت بِالْفَتْحَةِ طَلَبًا لِلْخِفَّةِ بِمَنْزِلَةِ أَيْنَ وكَيْفَ. وَقَوْلُهُ مَا لِي: بِمَعْنَى أَيُّ شيءٍ لِي، وَهَذَا يَقُولُهُ مَنْ تَغَيَّر عَمَّا كَانَ يَعْهَدُ، ثُمَّ اسْتَأْنَفَ، فأَخبر عَنْ تَغَيُّرِ حَالِهِ، فَقَالَ: مَنْ يُعَمَّرْ يُبْلِه مَرُّ الزَّمانِ عَلَيْهِ، والتَّغَيُّرُ مِنْ حالٍ إِلَى حَالٍ، وَاللَّهُ أَعلم. ( فهرس الكتاب - فهرس المحتويات ) لسان العرب فصل الواو وَبَأَ: الوَبَأُ: الطَّاعُونُ بِالْقَصْرِ وَالْمَدِّ وَالْهَمْزِ. وَقِيلَ هُوَ كلُّ مَرَضٍ عامٍّ، وَفِي الْحَدِيثِ: إِن هَذَا الوَبَاءَ رِجْزٌ. وجمعُ الممدود أَوْبِيةٌ وَجَمْعُ الْمَقْصُورِ أَوْباءٌ، وَقَدْ وَبِئَتِ الأَرضُ تَوْبَأُ وَبَأً. ووَبُؤَتْ وِبَاءً وَوِباءَةً «3» وإِباءَةً عَلَى الْبَدَلِ، وأَوْبَأَتْ إِيبَاءً ووُبِئَتْ تِيبَأُ وَبَاءً، وأَرضٌ وَبِيئةٌ عَلَى فَعيلةٍ ووَبِئةٌ عَلَى فَعِلةٍ ومَوْبُوءَةٌ ومُوبِئةٌ: كَثِيرَةُ الوَباء. والاسم البِئةُ إِذَا كَثُر مرَضُها. واسْتَوْبَأْتُ البلدَ والماءَ. __________ (3) . قوله [وِبَاءً ووِبَاءَةً إلخ] كذا ضبط في نسخة عتيقة من المحكم يوثق بضبطها وضبط في القاموس بفتح ذلك. (1/189) وَتَوَبَّأْتُه: اسْتَوخَمْتُه، وَهُوَ ماءٌ وَبِيءٌ عَلَى فَعِيلٍ. وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: وإِنَّ جُرْعَةَ شَرُوبٍ أَنْفَعُ مِن عَذْبٍ مُوبٍ أَي مُورِثٍ للوَباءِ. قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا رُوِيَ بِغَيْرِ هَمْزٍ، وإِنما تُرِكَ الهمزُ ليوازَنَ بِهِ الحَرفُ الَّذِي قَبْلَهُ، وَهُوَ الشَّرُوبُ، وَهَذَا مَثَل ضَرْبُهُ لِرَجُلَيْنِ: أَحدُهما أَرْفَعُ وأَضَرُّ، وَالْآخَرُ أَدْوَنُ وأَنْفَعُ. وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ، كرَّم اللَّهُ وَجْهَهُ: أَمَرَّ مِنْهَا جانِبٌ فأَوْبَأَ أَي صَارَ وَبِيئاً. واسْتَوْبَأَ الأَرضَ: اسْتَوْخَمَها ووجَدها وَبِئةً. والباطِل وَبيءٌ لَا تُحْمَدُ عاقِبَتُه. ابْنُ الأَعرابي: الوَبيءُ العَلِيلُ. ووَبَّأَ إِلَيْهِ وأَوْبَأَ، لُغَةٌ فِي وَمَأْتُ وأَوْمَأْتُ إِذَا أَشرتَ إِلَيْهِ. وَقِيلَ: الإِيماءُ أَن يكونَ أَمامَك فتُشِيرَ إِلَيْهِ بيدكَ، وتُقْبِلَ بأَصابِعك نَحْوَ راحَتِكَ تَأْمُرُه بالإِقْبالِ إلَيْكَ، وَهُوَ أَوْمَأْتُ إِلَيْهِ. والإِيبَاءُ: أَن يَكُونَ خَلْفَك فَتَفْتَح أَصابِعَك إِلَى ظَهْرِ يَدِكَ تأْمره بالتأَخُّر عَنْكَ، وَهُوَ أَوْبَأْتُ. قَالَ الْفَرَزْدَقُ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: تَرَى الناسَ إنْ سِرْنا يَسِيرُونَ خَلْفَنا، ... وإنْ نَحْنُ وَبَّأْنا إِلَى النَّاسِ وقَّفُوا وَيُرْوَى: أَوْبَأَنا. قَالَ: وأَرى ثَعْلَبًا حَكَى وبَأْتُ بِالتَّخْفِيفِ. قَالَ: وَلَسْتُ مِنْهُ عَلَى ثِقَةٍ. ابْنُ بُزُرْجَ: أَوْمَأْتُ بِالْحَاجِبَيْنِ وَالْعَيْنَيْنِ ووَبَأْتُ باليَدَيْنِ والثَوْبِ والرأْس. قَالَ: ووَبَأْتُ المَتاعَ وعَبَأْتُه بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَقَالَ الْكِسَائِيُّ: وَبَأْتُ إِلَيْهِ مِثل أَوْمَأْتُ. وماءٌ لَا يُوبِئُ مِثْلَ لَا يُؤْبي «1» . وَكَذَلِكَ المَرْعَى. ورَكِيَّةٌ لَا تُوبِئُ أَي لَا تَنْقَطِعُ؛ والله أَعلم. وثأ: الوَثْءُ والوَثاءَةُ: وَصْمٌ يُصِيبُ اللَّحْمَ، وَلَا يَبْلُغ العَظْمَ، فَيَرِمُ. وَقِيلَ: هُوَ تَوَجُّعٌ فِي العَظْمِ مِنْ غيرِ كَسْرٍ. وَقِيلَ: هُوَ الفَكُّ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: الوَثْءُ شِبْهُ الفَسْخِ فِي المَفْصِلِ، وَيَكُونُ فِي اللَّحْمِ كَالْكَسْرِ فِي الْعَظْمِ. ابْنُ الأَعرابي: مِنْ دُعائهم: اللهمَّ ثَأْ يَدَه. والوَثْءُ: كَسْرُ اللَّحْمِ لَا كَسْرُ الْعَظْمِ. قَالَ اللَّيْثُ: إِذا أَصابَ العظمَ وَصْمٌ لَا يَبْلُغ الْكَسْرَ قِيلَ أَصابَه وَثْءٌ ووَثْأَة، مَقْصُورٌ. والوَثْءُ: الضَّربُ حَتَّى يَرْهَصَ الجِلْدُ واللَّحْمُ ويَصِلَ الضَرْبُ إِلَى العَظْمِ مِنْ غَيْرِ أَن يَنْكَسِرَ. أَبو زَيْدٍ: وَثَأَتْ يَدُ الرَّجل وَثْأً وَقَدْ وَثِئَتْ يَدُه تَثَأُ وَثْأً ووَثَأً، فَهِيَ وَثِئَةٌ، عَلَى فَعِلةٍ، ووُثِئَتْ، عَلَى صِيغة مَا لَمْ يُسمَّ فَاعِلُهُ، فَهِيَ مَوْثُوءَةٌ ووَثِيئةٌ مِثْلُ فَعِيلةٍ، ووَثَأَها هُوَ وأَوْثَأَها اللهُ. والوَثيءُ: المكسورِ اليَدِ. قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: قِيلَ لأَبي الجَرَّاحِ: كَيْفَ أَصْبَحْتَ؟ قَالَ: أَصْبَحْتُ مَوْثُوءاً مَرْثُوءاً، وَفَسَّرَهُ فَقَالَ: كأَنما أَصابه وَثْءٌ، مِنْ قَوْلِهِمْ وُثِئَتْ يَدُه، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذكرُ مَرْثُوءٍ. الْجَوْهَرِيُّ: أَصابَه وَثْءٌ. وَالْعَامَّةُ تَقُولُ وَثْيٌ، وَهُوَ أَن يُصِيبَ العظمَ وَصْمٌ لَا يَبْلُغُ الكسر. وجأ: الوَجْءُ: اللَّكْزُ. ووَجَأَه بِالْيَدِ والسِّكِّينِ وَجْأً، مَقْصُورٌ: ضَربَه. وَوَجَأَ فِي عُنُقِه كَذَلِكَ. وَقَدْ تَوَجَّأْتُه بيَدي، ووُجِئَ، فَهُوَ مَوْجُوءٌ، ووَجَأْتُ عُنُقَه وَجْأً: ضَرَبْتُهُ. وَفِي حَدِيثِ أَبي رَاشِدٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: كنتُ فِي __________ (1) . قوله [مثل لا يؤبي] كذا ضبط في نسحة عتيقة من المحكم بالبناء للفاعل وَقَالَ فِي الْمُحْكَمِ فِي مادة أبي ولا تقل لا يؤبى أي مهموز الفاء والبناء للمفعول فما وقع في مادة أبي تحريف. (1/190) مَنائِحِ أَهْلي فَنَزَا مِنْهَا بَعِيرٌ فَوَجَأْتُه بحديدةٍ. يُقَالُ: وجَأْتُه بِالسِّكِّينِ وَغَيْرِهَا وَجْأً إِذَا ضَرَبْتَهُ بِهَا. وَفِي حَدِيثِ أَبي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَن قَتَلَ نفسَه بحديدةٍ فحديدتُه فِي يَدِه يَتَوَجَّأُ بِهَا فِي بطنِه فِي نَارِ جَهَنَّمَ. والوَجْءُ: أَن تُرَضَّ أُنْثَيا الفَحْلِ رَضّاً شَدِيدًا يُذْهِبُ شَهْوَة الْجِمَاعِ ويتَنَزَّلُ فِي قَطْعِه مَنْزِلةَ الخَصْي. وَقِيلَ: أَن تُوجَأَ العُروقُ والخُصْيَتان بِحَالِهِمَا. ووَجَأَ التَّيْسَ وَجْأً ووِجَاءً، فَهُوَ مَوْجُوءٌ ووَجِيءٌ، إِذَا دَقَّ عُروقَ خُصْيَتَيْه بَيْنَ حَجَرَيْنِ مِنْ غَيْرِ أَن يُخْرِجَهما. وَقِيلَ: هُوَ أَن تَرُضَّهما حَتَّى تَنْفَضِخَا، فَيَكُونَ شَبِيهاً بالخِصاءِ. وَقِيلَ: الوَجْءُ الْمَصْدَرُ، والوِجَاءُ الِاسْمُ. وَفِي الْحَدِيثِ: عَلَيْكُمْ بالبَاءَةِ فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بالصَّوْمِ فإِنه لَهُ وِجَاءٌ ، مَمْدُودٌ. فَإِنْ أَخْرَجَهما مِنْ غَيْرِ أَن يَرُضَّهما، فَهُوَ الخِصاءُ. تَقُولُ مِنْهُ: وَجَأْتُ الكَبْشَ. وَفِي الْحَدِيثِ: أَنه ضَحَّى بكَبْشَيْن مَوْجُوءَيْن ، أَي خَصِيَّيْنِ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَرْوِيهِ مُوْجَأَيْن بِوَزْنِ مُكْرَمَيْن، وَهُوَ خَطَأٌ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَرْوِيهِ مَوْجِيَّيْنِ، بِغَيْرِ هَمْزٍ عَلَى التَّخْفِيفِ، فَيَكُونُ مِنْ وَجَيْتُه وَجْياً، فَهُوَ مَوْجِيٌّ. أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ لِلْفَحْلِ إِذَا رُضَّتْ أُنْثَياه قَدْ وُجِئَ وِجَاءً، فأَراد أَنه يَقْطَعُ النِّكاحَ لأَن المَوْجُوءَ لَا يَضْرِبُ. أَراد أَن الصومَ يَقْطَعُ النِّكاحَ كَمَا يَقْطَعُه الوِجَاءُ، وَرُوِيَ وَجًى بِوَزْنِ عَصاً، يُرِيدُ التَّعَب والحَفَى، وَذَلِكَ بِعِيدٌ، إِلَّا أَن يُراد فِيهِ مَعْنَى الفُتُور لأَن مَنْ وَجِيَ فَتَرَ عَنِ المَشْي، فَشَبَّه الصَّوْمَ فِي بَابِ النِّكاحِ بالتَّعَبِ فِي بَابِ المَشْي. وَفِي الْحَدِيثِ: فلْيَأْخُذْ سَبْعَ تَمَراتٍ مِنْ عَجْوةِ الْمَدِينَةِ فَلْيَجَأْهُنَ أَي فلْيَدُقَّهُنَّ، وَبِهِ سُمِّيت الوَجِيئةُ، وَهِيَ تَمْر يُبَلُّ بلَبن أَو سَمْن ثُمَّ يُدَقُّ حَتَّى يَلْتَئِمَ. وَفِي الْحَدِيثِ: أَنه، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عادَ سَعْداً، فوَصَفَ لَهُ الوَجِيئةَ. فأَمَّا قَوْلُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَسَّانَ: فكنتَ أَذَلَّ مِنْ وَتِدٍ بِقاعٍ، ... يُشَجِّجُ رأْسَه، بالفِهْرِ، واجِي فَإِنَّمَا أَرادَ واجِئٌ، بِالْهَمْزِ، فَحَوَّلَ الهمزةَ يَاءً لِلْوَصْلِ وَلَمْ يَحْمِلْهَا عَلَى التَّخْفِيفِ الْقِيَاسِيِّ، لأَن الْهَمْزَ نَفْسَهُ لَا يكونُ وَصْلًا، وتَخْفِيفُه جارٍ مَجْرَى تَحْقِيقه، فَكَمَا لَا يَصِلُ بِالْهَمْزَةِ الْمُحَقَّقَةِ كَذَلِكَ لَمْ يَسْتَجِز الوَصْلَ بالهمزة المُخفَّفة إذ كَانَتِ المخففةُ كأَنها المُحقَّقةُ. ابْنُ الأَعرابي: الوَجِيئَةُ: البقَرةُ، والوَجِيئَة، فَعِيلةٌ: جَرادٌ يُدَقُّ ثُمَّ يُلَتُّ بِسَمْنٍ أَو زَيْتٍ ثُمَّ يُؤْكل. وَقِيلَ: الوَجِيئَةُ: التَّمْرُ يُدَقُّ حَتَّى يَخْرُجَ نَواه ثُمَّ يُبَلُّ بِلَبَنٍ أَو سَمْن حَتَّى يَتَّدِنَ ويلزَم بعضُه بَعْضًا ثُمَّ يؤْكل. قَالَ كُرَاعٌ: يقال الوَجِيَّةُ، بِغَيْرِ هَمْزٍ، فَإِنْ كَانَ هَذَا عَلَى تَخْفِيفِ الْهَمْزِ فَلَا فَائِدَةَ فِيهِ لأَن هَذَا مطَّرد فِي كُلِّ فَعيِلة كَانَتْ لَامُهُ هَمْزَةً، وإِن كَانَ وَصْفًا أَو بَدَلًا فَلَيْسَ هَذَا بَابَهُ. وأَوجَأَ: جاءَ فِي طَلَبِ حَاجَةٍ أَو صَيْدٍ فَلَمْ يُصِبْه. وأَوْجَأَتِ الرَّكِيَّةُ وأَوْجَت: انْقَطَع ماؤُها أَو لَمْ يَكُنْ فِيهَا ماءٌ. وأَوْجَأَ عَنْهُ: دَفَعَه ونَحَّاه. ودأ: وَدَّأَ الشيءَ: سَوّاه. وتَوَدَّأَتْ عَلَيْهِ الأَرضُ: اشْتَمَلَتْ، وَقِيلَ تَهَدَّمت وتَكَسَّرت. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: يُقَالُ تَوَدَّأَتْ عَلَى فُلَانٍ الأَرضُ وَهُوَ ذهابُ الرَّجلِ فِي أَباعد الأَرضِ حَتَّى (1/191) لَا تَدْرِي مَا صنَعَ. وَقَدْ تَوَدَّأَتْ عَلَيْهِ إِذَا ماتَ أَيضاً، وَإِنْ ماتَ فِي أَهْلِه. وأَنشد: فَما أَنا إِلا مِثْلُ مَنْ قَدْ تَوَدَّأَتْ ... عليهِ البِلادُ، غَيْرَ أَنْ لَمْ أَمُتْ بَعْدُ وتَوَدَّأَتْ عَلَيْهِ الأَرض: غَيَّبَتْه وذهَبَتْ بِهِ. وتَوَدَّأَتْ عَلَيْهِ الأَرضُ أَي اسْتَوَتْ عليه مثل ما تَسْتَوِي عَلَى المَيِّت. قَالَ الشَّاعِرُ: ولِلأَرْضِ كَمْ مِن صالِحٍ قَدْ تَوَدَّأَتْ ... عَلَيْهِ، فَوارَتْه بِلَمَّاعة قَفْرِ وَقَالَ الْكُمَيْتُ: إِذَا وَدَّأَتْنَا الأَرضُ، إِذْ هِيَ وَدَّأَتْ، ... وأَفْرَخَ مِنْ بَيْضِ الأُمورِ مَقُوبُها ودَّأَتْنَا الأَرضُ: غَيَّبَتْنا. يُقَالُ: تَوَدَّأَتْ عَلَيْهِ الأَرضُ، فَهِيَ مُوَدَّأَةٌ. قَالَ: وَهَذَا كَمَا قِيلَ أَحْصَنَ، فَهُوَ مُحْصَنٌ، وأَسْهَبَ، فَهُوَ مُسْهَبٌ، وأَلْفَجَ، فَهُوَ مُلْفَجٌ. قَالَ: وَلَيْسَ فِي الْكَلَامِ مثلُها. وودَّأْتُ عَلَيْهِ الأَرضَ تَوْدِيئاً: سَوَّيْتُها عَلَيْهِ. قَالَ زُهير بْنُ مَسْعُودٍ الضَّبِّي يَرْثي أَخاه أُبَيّاً: أَأُبَيُّ إِن تُصْبِحْ رَهِينَ مُوَدَّإِ، ... زَلْخِ الجَوانِبِ، قَعْرُه مَلْحُودُ وَجَوَابُ الشَّرْطِ فِي الْبَيْتِ الَّذِي بَعْدَهُ، وَهُوَ: فَلَرُبَّ مَكْرُوبٍ كَرَرْتَ ورَاءَه، ... فَطَعَنْتَه، وبَنُو أَبيه شُهُودُ أَبو عَمْرٍو: المُوَدَّأَةُ: المَهْلَكَةُ والمَفازَةُ، وَهِيَ فِي لَفْظِ المَفْعُول بِهِ. وأَنشد شَمِرٌ لِلرَّاعِي: كائِنْ قَطَعْنا إِلَيْكُمْ مِنْ مُوَدَّأَةٍ، ... كأَنَّ أَعْلامَها، فِي آلِهَا، القَزَعُ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: المُوَدَّأَةُ، حُفْرَةُ الميِّتِ، والتَّوْدِئَةُ: الدَّفْنُ. وأَنشد: لَوْ قَدْ ثَوَيْتَ مُوَدَّأً لرَهِينةٍ، ... زَلْجِ الجَوانِب، راكِدِ الأَحْجارِ والوَدَأُ: الهلاكُ، مَقْصُورٌ مَهْمُوزٌ. وتَوَدَّأَ عَلَيْهِ: أَهلكه. ووَدَّأَ فُلَانٌ بالقومِ تَوْدِئةً. وتَوَدَّأَتْ عليَّ وعنِّي الأَخبارُ: انْقَطَعَتْ وتَوارَتْ. التَّهْذِيبُ في ترجمة ود ي: ودَأَ الفرسُ يَدَأُ، بِوَزْنِ وَدَعَ يَدَعُ، إِذَا أَدْلى. قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: وَهَذَا وَهْمٌ لَيْسَ فِي وَدَى الفرسُ، إذا أَدْلَى، همز. وَقَالَ أَبو مَالِكٍ: تَوَدَّأْتُ عَلَى مَالِي أَي أَخذْتُه وأَحْرَزْتُه. وذأ: الوَذْءُ: الْمَكْرُوهُ مِنَ الْكَلَامِ شَتْماً كَانَ أَو غَيْرَهُ. ووذَأَه يَذَؤُه وَذْءاً: عابَه وزَجَرَه وحَقَرَه. وَقَدِ اتَّذَأَ. وأَنشد أَبو زَيْدٍ لأَبي سَلَمَةَ المُحارِبيِّ: ثَمَمْتُ حوائِجي، ووَذَأْتُ بِشْراً، ... فَبِئْسَ مُعَرَّسُ الرَّكْبِ السِّغابِ ثَمَمْتُ: أَصْلَحْتُ. قَالَ ابْنُ بَرِّي: وَفِي هَذَا الْبَيْتِ شَاهِدٌ عَلَى أَنَّ حَوائجَ جَمْعُ حاجةٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ جَمْعُ حائجةٍ لُغَةٌ فِي الحاجةِ. وَفِي حَدِيثِ عُثْمَانَ: أَنه بَيْنَمَا هُوَ يَخْطُبُ ذاتَ يَوْمٍ، فَقَامَ رَجُلٌ وَنَالَ مِنْهُ، ووَذَأَه ابْنُ سَلامٍ، فاتَّذَأَ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: لَا يَمنَعَنَّكَ مَكانُ ابْنِ سَلامٍ أَن تَسُبَّه، فَإِنَّهُ مِنْ شَيعتِه. قَالَ الأُموي: يُقَالُ وذَأْتُ الرجُلَ إِذَا زَجَرْتَه، فاتَّذَأَ أَي انْزَجَر. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وذَأَه أَي زَجَرَه وذَمَّه. قَالَ: وَهُوَ فِي (1/192) الأَصل العَيْبُ والحَقارة. وَقَالَ ساعدةُ بْنُ جُؤَيَّة: أَنِدُّ منَ القِلَى، وأَصُونُ عِرْضِي، ... وَلَا أَذَأُ الصَّدِيقَ بِمَا أَقولُ وَقَالَ أَبو مَالِكٍ: مَا بِهِ وَذْأَةٌ وَلَا ظَبْظَابٌ أَي لَا عِلَّةَ بِهِ، بِالْهَمْزِ. وَقَالَ الأَصمعي: مَا بِهِ وَذْيةٌ، وَسَنَذْكُرُهُ في المعتل. ورأ: ورَاءُ والوَرَاءُ، جَمِيعًا، يَكُونُ خَلْفَ وقُدَّامَ، وَتَصْغِيرُهَا، عِنْدَ سِيبَوَيْهِ، وُرَيِّئةٌ، وَالْهَمْزَةُ عِنْدَهُ أَصلية غَيْرُ مُنْقَلِبَةٌ عَنْ يَاءٍ. قَالَ ابْنُ بَرِّي: وَقَدْ ذَكَرَهَا الْجَوْهَرِيُّ فِي الْمُعْتَلِّ وَجَعَلَ هَمْزَتَهَا مُنْقَلِبَةٌ عَنْ يَاءٍ. قَالَ: وَهَذَا مَذْهَبُ الْكُوفِيِّينَ، وَتَصْغِيرُهَا عِنْدَهُمْ وُرَيَّةٌ، بِغَيْرِ هَمْزٍ، وَقَالَ ثَعْلَبٌ: الوَراءُ: الخَلْفُ، وَلَكِنْ إِذَا كَانَ مِمَّا تَمُرُّ عَلَيْهِ فَهُوَ قُدَّام. هَكَذَا حَكَّاهُ الوَرَاءُ بالأَلِف وَاللَّامِ، مِنْ كَلَامِهِ أُخذ. وَفِي التَّنْزِيلِ: مِنْ وَرائِهِ جَهَنَّمُ ؛ أَي بَيْنِ يَدَيْهِ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: ورَاءُ يكونُ لخَلْفٍ ولقُدّامٍ وَمَعْنَاهَا مَا تَوارَى عَنْكَ أَي مَا اسْتَتَر عَنْكَ. قَالَ: وَلَيْسَ مِنَ الْأَضْدَادِ كَمَا زَعَم بعضُ أَهل اللُّغَةِ، وأَما أَمام، فَلَا يَكُونُ إلَّا قُدَّام أَبداً. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَكانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً . قَالَ ابْنُ عبَّاس، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا كَانَ أَمامهم. قَالَ لبيد: أَلَيْسَ وَرائي، إنْ تَراخَتْ مَنِيَّتي، ... لُزُومُ العصَا تُحْنَى عَلَيْهَا الأَصابِعُ ابْنُ السكِّيت: الوَراءُ: الخَلْفُ. قَالَ: ووَراءُ وأَمامٌ وقُدامٌ يُؤَنَّثْنَ ويُذَكَّرْن، ويُصَغَّر أَمام فَيُقَالُ أُمَيِّمُ ذَلِكَ وأُمَيِّمةُ ذَلِكَ، وقُدَيْدِمُ ذَلِكَ وقُدَيْدِمةُ ذَلِكَ، وَهُوَ وُرَيِّئَ الحائطِ ووُرَيِّئَةَ الحائطِ. قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: الوَرَاءُ، مَمْدُودٌ: الخَلْفُ، وَيَكُونُ الأَمامَ. وَقَالَ الفرَّاءُ: لَا يجوزُ أَن يُقَالَ لِرَجُلٍ ورَاءَكَ: هُوَ بَيْنَ يَدَيْكَ، وَلَا لِرَجُلِ بينَ يدَيْكَ: هُوَ وَراءَكَ، إِنَّمَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي المَواقِيتِ مِنَ الليَّالي والأَيَّام والدَّهْرِ. تَقُولُ: وَراءَكَ بَرْدٌ شَدِيدٌ، وَبَيْنَ يَدَيْكَ بَرْد شَدِيدٌ، لأَنك أَنْتَ وَرَاءَه، فَجَازَ لأَنه شيءٌ يأْتي، فكأَنه إِذَا لَحِقَك صَارَ مِن وَرائِكَ، وكأَنه إِذَا بَلَغْتَه كَانَ بَيْنَ يَدَيْكَ، فَلِذَلِكَ جَازَ الوَجْهانِ. مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ، عَزَّ وَجَلَّ: وَكانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ ، أَي أَمامَهمْ. وَكَانَ كَقَوْلِهِ: مِنْ وَرائِهِ جَهَنَّمُ ؛ أَي أَنَّهَا بَيْنَ يَدَيْهِ. ابْنُ الأَعرابي فِي قَوْلِهِ، عَزَّ وَجَلَّ: بِما وَراءَهُ وَهُوَ الْحَقُ . أَي بِمَا سِواه. والوَرَاءُ: الخَلْفُ، والوَراءُ: القُدّامُ، والوَراءُ: ابنُ الابْنِ. وَقَوْلُهُ، عَزَّ وَجَلَّ: فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ* . أَي سِوَى ذَلِكَ. وَقَوْلُ ساعِدةَ بْنِ جُؤَيَّةَ: حَتَّى يُقالَ وَراءَ الدَارِ مُنْتَبِذاً، ... قُمْ، لَا أَبا لَكَ، سارَ النَّاسُ، فاحْتَزِمِ قَالَ الأَصمعي: قَالَ ورَاءَ الدَارِ لأَنه مُلْقىً، لَا يُحْتاجُ إِلَيْهِ، مُتَنَحٍّ مَعَ النساءِ مِنَ الكِبَرِ والهَرَمِ، قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: وراءُ مُؤَنَّثة، وَإِنْ ذُكِّرت جَازَ، قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَقَالُوا وَراءَكَ إِذَا قُلْتَ انْظُرْ لِما خَلْفَكَ. والوراءُ: ولَدُ الوَلَدِ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ . قَالَ الشَّعْبِيُّ: الوَراءُ: ولَدُ الوَلَدِ. ووَرَأْتُ الرَّجلَ: دَفَعْتُه. ووَرَأَ مِنَ الطَّعام: امْتَلأَ. والوَراءُ: الضَّخْمُ الغَلِيظُ الأَلواحِ، عَنِ الْفَارِسِيِّ. وَمَا أُورِئْتُ بالشيءِ أَي لَمْ أَشْعُرْ بِهِ. قَالَ: (1/193) مِنْ حَيْثُ زارَتْني ولَمْ أُورَ بِهَا اضْطُرَّ فأَبْدَلَ؛ وأَما قَوْلُ لَبِيدٌ: تَسْلُبُ الكانِسَ، لَمْ يُوأَرْ بِهَا، ... شُعْبةَ الساقِ، إِذَا الظِّلُّ عَقَلْ «1» قَالَ، وَقَدْ رُوِيَ: لَمْ يُورَأْ بِهَا. قَالَ: ورَيْتُه وأَوْرَأْتُه إِذَا أَعْلَمْتَه، وأَصله مِنْ وَرَى الزَّنْدُ إِذَا ظَهَرَتْ نَارُهُ، كأَنَّ ناقَته لَمْ تُضِئْ للظَّبْيِ الكانِس، وَلَمْ تَبِنْ لَهُ، فيشعر بها لِسُرْعَتها، حتى انْتَهَتْ إِلَى كِناسِه فنَدَّ مِنْهَا جافِلًا. قَالَ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ: دَعاني، فَلَمْ أَورَأْ بِهِ، فأَجَبْتُه، ... فمَدَّ بِثَدْيٍ بَيْنَنا، غَيْرِ أَقْطَعا أَي دَعاني وَلَمْ أَشْعُرْ بِهِ. الأَصمعي: اسْتَوْرَأَتِ الإِبلُ إِذَا تَرابَعتْ عَلَى نِفارٍ وَاحِدٍ. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: ذَلِكَ إِذَا نَفَرَت فصَعِدَتِ الجبلَ، فَإِذَا كَانَ نِفارُها فِي السَّهْل قِيلَ: استأْوَرَتْ. قَالَ: وَهَذَا كَلَامُ بَنِي عُقَيْلٍ. وزأ: وَزَأْتُ اللحمَ وَزْءاً: أَيْبَسْتُه، وَقِيلَ: شَوَيْتُه فأَيْبَسْتُه. والوَزَأُ، عَلَى فَعَل بِالتَّحْرِيكِ: الشديدُ الخَلْقِ. أَبو الْعَبَّاسِ: الوَزَأُ مِنَ الرجالِ، مَهْمُوزٌ، وأَنشد لِبَعْضٍ بَنِي أَسد: يَطُفْنَ حَوْلَ وَزَإٍ وَزْوازِ قَالَ: والوَزَأُ: الْقَصِيرُ السَّمِينُ الشديدُ الخَلْقِ. وَوَزَّأَتِ الفَرَسُ والناقةُ بِرَاكِبِهَا تَوْزِئةً: صَرَعَتْه. وَوَزَّأْتُ الوِعاءَ تَوْزِئةَ وتَوْزِيئاً إِذَا شَدَدْتَ كَنْزَه. ووَزَّأْتُ الإِناءَ: مَلأْتُه. وَوَزَأَ مِنَ الطَّعامِ: امْتَلأَ. وَتَوَزَّأْتُ: امْتَلأْتُ رِيًّا. وَوَزَّأْتُ القربةَ تَوْزِيئاً: مَلأْتُها. وَقَدْ وَزَّأْتُه: حَلَّفْتُه بيَمينٍ غَليظةٍ. وصأ: وَصِئَ الثَّوْبُ: اتَّسَخَ. وضأ: الوَضُوءُ، بِالْفَتْحِ: الْمَاءُ الَّذِي يُتَوَضَّأُ بِهِ، كالفَطُور والسَّحُور لِمَا يُفْطَرُ عَلَيْهِ ويُتَسَحَّرُ بِهِ. والوَضُوءُ أَيضاً: الْمَصْدَرُ مِنْ تَوَضَّأْتُ للصلاةِ، مِثْلُ الوَلُوعِ والقَبُولِ. وَقِيلَ: الوُضُوءُ، بِالضَّمِّ، الْمَصْدَرُ. وحُكيَ عَنْ أَبي عَمْرِو بْنِ العَلاء: القَبُولُ، بِالْفَتْحِ، مَصْدَرٌ لَمْ أَسْمَعْ غَيْرَهُ. وَذَكَرَ الأَخفش فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ*، فَقَالَ: الوَقُودُ، بِالْفَتْحِ: الحَطَبُ، والوُقُود، بِالضَّمِّ: الاتّقادُ، وَهُوَ الفعلُ. قَالَ: وَمِثْلُ ذَلِكَ الوَضُوءُ، وَهُوَ الْمَاءُ، والوُضُوءُ، وَهُوَ الفعلُ. ثُمَّ قَالَ: وَزَعَمُوا أَنهما لُغَتَانِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، يُقَالُ: الوَقُودُ والوُقُودُ، يَجُوزُ أَن يُعْنَى بِهِمَا الحَطَبُ، وَيَجُوزُ أَن يُعنى بِهِمَا الفعلُ. وَقَالَ غَيْرُهُ: القَبُولُ والوَلُوع، مفتوحانِ، وَهُمَا مَصْدَرَانِ شاذَّانِ، وَمَا سِوَاهُمَا مِنَ الْمَصَادِرِ فَمَبْنِيٌّ عَلَى الضَّمِّ. التَّهْذِيبُ: الوَضُوءُ: الْمَاءُ، والطَّهُور مِثْلُهُ. قَالَ: وَلَا يُقَالُ فِيهِمَا بِضَمِّ الْوَاوِ وَالطَّاءِ، لَا يُقَالُ الوُضُوءُ وَلَا الطُّهُور. قَالَ الأَصمعي، قُلْتُ لأَبي عَمْرٍو: مَا الوَضُوءُ؟ فَقَالَ: الماءُ الَّذِي يُتَوَضَّأُ بِهِ. قُلْتُ: فَمَا الوُضُوءُ، بِالضَّمِّ؟ قَالَ: لَا أَعرفه. وَقَالَ ابْنُ جَبَلَةَ: سَمِعْتُ أَبا عُبَيْدٍ يَقُولُ: لَا يَجُوزُ الوُضُوءُ إِنَّمَا هُوَ الوَضُوءُ. __________ (1) . قوله [شعبة] ضبط بالنصب في مادة وأ ر من الصحاح ووقع ضبطه بالرفع في مادة ور ي من اللسان. (1/194) وَقَالَ ثَعْلَبٌ: الوُضُوءُ: مَصْدَرٌ، والوَضُوءُ: مَا يُتَوَضَّأُ بِهِ، والسُّحُورُ: مَصْدَرٌ، والسَّحُورُ: مَا يُتَسَحَّر بِهِ. وتَوَضَّأْتُ وُضُوءاً حَسَناً. وَقَدْ تَوَضَّأَ بالماءِ، وَوَضَّأَ غَيْره. تَقُولُ: تَوَضَّأْتُ لِلصَّلَاةِ، وَلَا تَقُلْ تَوَضَّيْتُ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُهُ. قَالَ أَبو حَاتِمٍ: تَوَضَّأْتُ وُضُوءاً وتَطَهَّرْت طُهوراً. اللَّيْثُ: المِيضأَةُ مِطْهَرةٌ، وَهِيَ الَّتِي يُتَوَضَّأُ مِنْهَا أَو فِيهَا. وَيُقَالُ: تَوَضَّأْتُ أَتَوَضَّأُ تَوَضُّؤاً ووُضُوءاً، وأَصل الْكَلِمَةِ مِنَ الوضاءَة، وَهِيَ الحُسْنُ. قَالَ ابْنُ الأَثير: وُضُوءُ الصلاةِ مَعْرُوفٌ، قَالَ: وَقَدْ يُرَادُ بِهِ غَسْلُ بَعْضِ الأَعْضاء. والمِيضَأَةُ: الْمَوْضِعُ الَّذِي يُتَوَضَّأُ فِيهِ، عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وَفِي الْحَدِيثِ: تَوَضَّؤُوا مِمَّا غَيَّرَتِ النارُ. أَراد بِهِ غَسْلَ الأَيدِي والأَفْواهِ مِنَ الزُّهُومة، وَقِيلَ: أَراد بِهِ وُضُوءَ الصلاةِ، وذهبَ إِلَيْهِ قَوْمٌ مِنَ الفقهاءِ. وَقِيلَ: مَعْنَاهُ نَظِّفُوا أَبْدانَكم مِنَ الزُّهومة، وَكَانَ جَمَاعَةٌ مِنَ الأَعراب لَا يَغْسِلُونها، وَيَقُولُونَ فَقْدُها أَشدُّ مِنْ رِيحها. وَعَنْ قَتَادَةَ: مَنْ غَسَلَ يدَه فَقَدْ تَوَضَّأَ. وَعَنِ الْحَسَنِ: الوُضُوءُ قَبْلَ الطَّعَامِ يَنْفِي الفَقْرَ، والوُضُوءُ بعدَ الطعامِ يَنْفِي اللَّمَمَ. يَعْنِي بالوُضُوءِ التَّوَضُّؤَ. والوَضَاءَةُ: مصدرُ الوَضِيءِ، وَهُوَ الحَسَنُ النَّظِيفُ. والوَضاءَةُ: الحُسْنُ والنَّظافةُ. وَقَدْ وَضُؤَ يَوْضُؤُ وَضَاءَةً، بِالْفَتْحِ وَالْمَدِّ: صَارَ وَضِيئاً، فَهُوَ وَضِيءٌ مِنْ قَوْم أَوْضِياءَ، وَوِضَاءٍ ووُضَّاءٍ. قَالَ أَبو صَدَقة الدُّبَيْرِيُّ: والمرْءُ يُلْحِقُه، بِفِتْيانِ النَّدَى، ... خُلُقُ الكَريم، ولَيْسَ بالوُضَّاءِ «2» وَالْجَمْعُ: وُضَّاؤُون. وَحَكَى ابْنُ جِنِّي: وَضاضِئ، جاؤوا بِالْهَمْزَةِ فِي الْجَمْعِ لَمَّا كَانَتْ غَيْرَ مُنْقَلِبَةٍ بَلْ مَوْجُودَةٌ فِي وَضُؤْتُ. وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ: لَقَلَّما كانتِ امرأَةٌ وَضِيئةٌ عِنْدَ رَجُلٍ يُحِبُّها. الوَضَاءَة: الحُسْنُ والبَهْجةُ. يُقَالُ وَضُؤَتْ، فَهِيَ وَضِيئةٌ. وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، لِحَفْصةَ: لَا يَغُرّكِ أَن كانَتْ جارَتُكِ هِيَ أَوْضَأَ مِنْكِ أَي أَحْسَنَ. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: إِنَّهُ لوَضِيءٌ، فِي فِعْلِ الحالِ، وَمَا هُوَ بواضِئٍ، فِي المُسْتَقْبَلِ. وَقَوْلُ النَّابِغَةِ: فَهُنَّ إضاءٌ صافِياتُ الغَلائِلِ يَجُوزُ أَن يَكُونَ أَراد وِضَاءٌ أَي حِسانٌ نِقَاءٌ، فأَبدل الهمزة من الواو المكسورة، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. ووَاضَأْتُه فَوَضَأْتُه أَضَؤُه إِذَا فاخَرْتَه بالوَضاءَةِ فَغَلَبْتَه. وطأ: وَطِئَ الشيءَ يَطَؤُهُ وَطْأً: داسَه. قَالَ سِيبَوَيْهِ: أَمّا وَطِئَ يَطَأُ فَمِثْلُ وَرِمَ يَرِمُ وَلَكِنَّهُمْ فَتَحُوا يَفْعَلُ، وأَصله الْكَسْرُ، كَمَا قَالُوا قرَأَ يَقْرَأُ. وقرأَ بعضُهم: طَهْ مَا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى، بِتَسْكِينِ الْهَاءِ. وَقَالُوا أَراد: طَإِ الأَرضَ بِقَدَمَيْكَ __________ (2) . قوله [وليس بالوُضَّاءِ] ظاهره أنه جمع واستشهد به في الصحاح على قوله ورجل وُضاء بالضم أَي وضيء فمفاده أنه مفرد. (1/195) جَمِيعًا لأَنَّ النبيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ يَرْفَعُ إِحْدَى رِجْلَيْه فِي صَلاتِه. قَالَ ابْنُ جِنِّي: فَالْهَاءُ عَلَى هَذَا بَدَلٌ مِنْ هَمْزَةِ طَأْ. وتَوَطَّأَهُ ووَطَّأَهُ كَوَطِئَه. قَالَ: وَلَا تَقُلْ تَوَطَّيْتُه. أَنشد أَبو حَنِيفَةَ: يَأْكُلُ مِنْ خَضْبٍ سَيالٍ وسَلَمْ، ... وجِلَّةٍ لَمَّا تُوَطِّئْها قَدَمْ أَي تَطَأْها. وأَوْطَأَه غيرَه، وأَوْطَأَه فَرَسَه: حَمَلَه عَلَيْهِ حَتَّى وَطِئَه. وأَوْطَأْتُ فُلَانًا دابَّتي حَتَّى وَطِئَتْه. وَفِي الْحَدِيثِ: أَنّ رِعاءَ الإِبل ورِعاءَ الْغَنَمِ تَفاخَرُوا عِنْدَهُ فأَوْطَأَهم رِعاءَ الإِبل غَلَبَةً أَي غَلَبُوهُم وقَهَرُوهم بالحُجّة. وأَصله: أَنَّ مَنْ صارَعْتَه، أَو قاتَلْتَه، فَصَرَعْتَه، أَو أَثْبَتَّه، فَقَدْ وَطِئْتَه، وأَوْطَأْتَه غَيْرَك. وَالْمَعْنَى أَنه جعلهم يُوطَؤُونَ قَهْراً وغَلَبَةً. وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ، رَضِيَ الله عنه، لَمَّا خَرَجَ مُهاجِراً بَعْدَ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: فَجَعَلْتُ أَتَّبِعُ مآخِذَ رسولِ الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأَطَأُ ذِكْرَه حَتَّى انتَهْيتُ إِلَى العَرْجِ. أَراد: إِنِّي كنتُ أُغَطِّي خَبَره مِنْ أَوَّل خُروجِي إِلَى أَن بَلَغْتُ العَرْجَ، وَهُوَ مَوْضِعٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ، فَكَنَى عَنِ التَّغْطِيةِ وَالْإِيهَامِ بالوَطْءِ، الَّذِي هُوَ أَبلغ فِي الإِخْفاءِ والسَّتْر. وَقَدِ اسْتَوْطَأَ المَرْكَبَ أَي وجَده وَطِيئاً. والوَطْءُ بالقَدَمِ والقَوائمِ. يُقَالُ: وَطَّأْتُه بقَدَمِي إِذَا أَرَدْتَ بِهِ الكَثْرَة. وبَنُو فُلَانٍ يَطَؤُهم الطريقُ أَي أَهلُ الطَريقِ، حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ. قَالَ ابْنُ جِنِّي: فِيهِ مِن السَّعةِ إخْبارُكَ عَمَّا لَا يَصِحُّ وطْؤُه بِمَا يَصِحُّ وَطْؤُه، فَنَقُولُ قِياساً عَلَى هَذَا: أَخَذْنا عَلَى الطريقِ الواطِئِ لِبَنِي فُلَانٍ، ومَررْنا بِقَوْمٍ مَوْطُوئِين بالطَّريقِ، وَيَا طَريقُ طَأْ بِنَا بَنِي فُلَانٍ أَي أَدِّنا إِلَيْهِمْ. قَالَ: وَوَجْهُ التَّشْبِيهِ إخْبارُكَ عَنِ الطَّريق بِمَا تُخْبِرُ بِهِ عَنْ سَالِكِيهِ، فَشَبَّهْتَه بِهِمْ إذْ كَانَ المُؤَدِّيَ لَهُ، فَكأَنَّه هُمْ، وأَمَّا التوكيدُ فِلأَنَّك إِذَا أَخْبَرْتَ عَنْهُ بوَطْئِه إِيَّاهم كَانَ أَبلَغَ مِن وَطْءِ سالِكِيه لَهُمْ. وَذَلِكَ أَنّ الطَّريقَ مُقِيمٌ مُلازِمٌ، وأَفعالُه مُقِيمةٌ مَعَهُ وثابِتةٌ بِثَباتِه، وَلَيْسَ كَذَلِكَ أَهلُ الطَّرِيقِ لأَنهم قَدْ يَحْضُرُون فِيهِ وَقَدْ يَغِيبُون عَنْهُ، فأَفعالُهم أَيضاً حاضِرةٌ وقْتاً وغائبةٌ آخَرَ، فأَيْنَ هَذَا مِمَّا أَفْعالُه ثابِتةٌ مُسْتَمِرَّةٌ. ولمَّا كَانَ هَذَا كَلَامًا الغرضُ فِيهِ المدحُ والثَّنَاءُ اخْتارُوا لَهُ أَقْوى اللَّفْظَيْنِ لأَنه يُفِيد أَقْوَى المَعْنَيَيْن. اللَّيْثُ: المَوْطِئُ: الْمَوْضِعُ، وكلُّ شيءٍ يَكُونُ الفِعْلُ مِنْهُ عَلَى فَعِلَ يَفْعَلُ فالمَفْعَلُ مِنْهُ مَفْتُوحُ الْعَيْنِ، إِلَّا مَا كَانَ مِنْ بَنَاتِ الْوَاوِ عَلَى بناءِ وَطِئَ يَطَأُ وَطْأً؛ وَإِنَّمَا ذَهَبَتِ الْوَاوُ مِن يَطَأُ، فَلَمْ تَثْبُتْ، كَمَا تَثْبُتُ فِي وَجِل يَوْجَلُ، لأَن وَطِئَ يَطَأُ بُني عَلَى تَوَهُّم فَعِلَ يَفْعِلُ مِثْلُ وَرِمَ يَرِمُ؛ غَيْرَ أَنَّ الحرفَ الَّذِي يَكُونُ فِي مَوْضِعِ اللَّامِ مِنْ يَفْعَلُ فِي هَذَا الحدِّ، إِذَا كَانَ مِنْ حُرُوفِ الحَلْقِ السِّتَّةِ، فَإِنَّ أَكثر ذَلِكَ عِنْدَ الْعَرَبِ مَفْتُوحٌ، وَمِنْهُ مَا يُقَرُّ عَلَى أَصل تأْسيسه مِثْلَ وَرِمَ يَرِمُ. وأَمَّا وَسِعَ يَسَعُ ففُتحت لِتِلْكَ الْعِلَّةِ. والواطِئةُ الَّذِينَ فِي الْحَدِيثِ هُمُ السابِلَةُ، سُمُّوا بِذَلِكَ لوَطْئِهم الطريقَ. التَّهْذِيبُ: والوَطَأَةُ: هُمْ أَبْنَاءُ السَّبِيلِ مِنَ النَّاسِ، سُمُّوا وطَأَةً لأَنهم يَطَؤُون الأَرض. وَفِي الْحَدِيثِ: أَنه قَالَ للخُرَّاصِ احْتَاطوا لأَهْل الأَمْوالِ فِي النائِبة والواطِئةِ. الواطِئةُ: المارَّةُ والسَّابِلةُ. يَقُولُ: اسْتَظْهِرُوا لَهُمْ فِي الخَرْصِ لِما يَنُوبُهمْ ويَنْزِلُ (1/196) بِهِمْ مِنَ الضِّيفان. وَقِيلَ: الواطِئَةُ سُقاطةُ التَّمْرِ تَقَعُ فتُوطَأُ بالأَقْدام، فَهِيَ فاعِلةٌ بِمَعْنَى مَفْعُولةٍ. وَقِيلَ: هِيَ مِنَ الوَطايا جَمْعُ وَطِيئةٍ؛ وَهِيَ تَجْري مَجْرَى العَرِيَّة؛ سُمِّيت بِذَلِكَ لأَنَّ صاحِبَها وطَّأَها لأَهله أَي ذَلَّلَها ومَهَّدها، فَهِيَ لَا تَدْخُلُ فِي الخَرْص. وَمِنْهُ حَدِيثُ القَدَرِ: وآثارٍ مَوْطُوءَةٍ أَي مَسْلُوكٍ عَلَيْها بِمَا سَبَقَ بِهِ القَدَرُ مِنْ خَيْر أَو شرٍّ. وأَوطَأَه العَشْوةَ وعَشْوةً: أَرْكَبَه عَلَى غَيْرِ هُدًى. يُقَالُ: مَنْ أَوطأَكَ عَشْوةً. وأَوطَأْتُه الشيءَ فَوَطِئَه. ووَطِئْنا العَدُوَّ بالخَيل: دُسْناهم. وَوَطِئْنا العَدُوَّ وطْأَةً شَديدةً. والوَطْأَةُ: مَوْضِعُ القَدَم، وَهِيَ أَيضاً كالضَّغْطةِ. والوَطْأَةُ: الأَخْذَة الشَّديدةُ. وَفِي الْحَدِيثِ: اللَّهُمَّ اشْدُدْ وطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ أَي خُذْهم أَخْذاً شَديداً، وَذَلِكَ حِينَ كَذَّبوا النبيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَدَعا علَيهم، فأَخَذَهم اللهُ بالسِّنِين. وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ: ووَطِئْتَنا وَطْأً، عَلَى حَنَقٍ، ... وَطْءَ المُقَيَّدِ نابِتَ الهَرْمِ وَكَانَ حمّادُ بنُ سَلَمة يَرْوِي هَذَا الْحَدِيثَ: اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْدَتَكَ عَلَى مُضَر. والوَطْدُ: الإِثْباتُ والغَمْزُ فِي الأَرض. ووَطِئْتُهم وَطْأً ثَقِيلًا. وَيُقَالُ: ثَبَّتَ اللهُ وَطْأَتَه. وَفِي الْحَدِيثِ: زَعَمَتِ المرأَةُ الصالِحةُ، خَوْلةُ بنْتُ حَكِيمٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، خَرَجَ، وَهُوَ مُحْتَضِنٌ أَحَدَ ابْنَي ابْنَتِه، وَهُوَ يَقُولُ: إِنَّكُمْ لتُبَخِّلُون وتُجَبِّنُونَ، وإِنكم لَمِنْ رَيْحانِ اللَّهِ، وإنَّ آخِرَ وَطْأَةٍ وَطِئَها اللهُ بِوَجٍ ، أَي تَحْمِلُون عَلَى البُخْلِ والجُبْنِ والجَهْلِ، يَعْنِي الأَوْلاد، فإِنَّ الأَب يَبْخَل بإنْفاق مَالِهِ ليُخَلِّفَه لَهُمْ، ويَجْبُنُ عَنِ القِتال ليَعِيشَ لَهُمْ فيُرَبِّيَهُمْ، ويَجْهَلُ لأَجْلِهم فيُلاعِبُهمْ. ورَيْحانُ اللهِ: رِزْقُه وعَطاؤُه. ووَجٌّ: مِنَ الطائِف. والوَطْءُ، فِي الأَصْلِ: الدَّوْسُ بالقَدَمِ، فسَمَّى بِهِ الغَزْوَ والقَتْلَ، لأَن مَن يَطَأُ عَلَى الشيءِ بِرجله، فقَدِ اسْتَقْصى فِي هَلاكه وإِهانَتِه. وَالْمَعْنَى أَنَّ آخِرَ أَخْذةٍ ووقْعة أَوْقَعَها اللهُ بالكُفَّار كَانَتْ بِوَجٍّ، وَكَانَتْ غَزْوةُ الطائِف آخِرَ غَزَواتِ سَيِّدِنَا رَسولِ الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَغْزُ بعدَها إِلَّا غَزْوةَ تَبُوكَ، وَلَمْ يَكن فِيهَا قِتالٌ. قَالَ ابْنُ الأَثير: ووجهُ تَعَلُّقِ هَذَا الْقَوْلِ بِمَا قَبْلَه مِن ذِكر الأَولاد أَنه إِشارةٌ إِلَى تَقْلِيل مَا بَقِيَ مِنْ عُمُره، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَنَّى عَنْهُ بِذَلِكَ. ووَطِئَ المرأَةَ يَطَؤُها: نَكَحَها. ووَطَّأَ الشيءَ: هَيَّأَه. الجوهريُّ: وطِئْتُ الشيءَ بِرجْلي وَطْأً، ووَطِئَ الرجُلُ امْرَأَتَه يَطَأُ: فِيهِمَا سقَطَتِ الواوُ مِنْ يَطَأُ كَمَا سَقَطَتْ مَنْ يَسَعُ لتَعَدِّيهما، لأَن فَعِلَ يَفْعَلُ، مِمَّا اعتلَّ فاؤُه، لَا يَكُونُ إِلَّا لَازِمًا، فَلَمَّا جَاءَا مِنْ بَيْنِ أَخَواتِهما مُتَعَدِّيَيْنِ خُولِفَ بِهِمَا نَظائرُهما. وَقَدْ تَوَطَّأْتُه بِرجلي، وَلَا تَقُلْ تَوَطَّيْتُه. وَفِي الْحَدِيثِ: أَنَّ جِبْرِيلَ صلَّى بِيَ العِشاءَ حينَ غَابَ الشَّفَقُ واتَّطَأَ العِشاءُ ، وَهُوَ افْتَعَلَ مِنْ وَطَّأْتُه. يُقَالُ: وطَّأْتُ الشيءَ فاتَّطَأَ أَي هَيَّأْتُه فَتَهَيَّأَ. أَراد أَن الظَّلام كَمَلَ. (1/197) وواطَأَ بعضُه بَعْضاً أَي وافَقَ. قَالَ وَفِي الْفَائِقِ: حِينَ غابَ الشَّفَقُ وأْتَطَى العِشاءُ. قَالَ: وَهُوَ مِنْ قَوْلِ بَني قَيْسٍ لَمْ يَأْتَطِ الجِدَادُ، وَمَعْنَاهُ لَمْ يأْتِ حِينُه. وَقَدِ ائْتَطَى يأْتَطي كَأْتَلى يَأْتَلي، بِمَعْنَى المُوافَقةِ والمُساعَفةِ. قَالَ: وَفِيهِ وَجْهٌ آخَر أَنه افْتَعَلَ مِنَ الأَطِيطِ، لأَنّ العَتَمَةَ وقْتُ حَلْبِ الإِبل، وَهِيَ حِينَئِذٍ تَئِطُّ أَيْ تَحِنُّ إِلَى أَوْلادِها، فجعَل الفِعْلَ للعِشاءِ، وَهُوَ لَهَا اتِّساعاً. ووَطَأَ الفَرَسَ وَطْأً ووَطَّأَهُ: دَمَّثه. ووَطَّأَ الشيءَ: سَهَّلَه. وَلَا تَقُلْ وَطَّيْتُ. وَتَقُولُ: وطَّأْتُ لَكَ الأَمْرَ إِذَا هَيَّأْتَه. ووَطَّأْتُ لَكَ الفِراشَ ووَطَّأْتُ لَكَ المَجْلِس تَوْطِئةً. والوطيءُ مِنْ كلِّ شيءٍ: مَا سَهُلَ وَلَانَ، حَتَّى إِنَّهُمْ يَقولون رَجُلٌ وَطِيءٌ ودابَّةٌ وَطِيئةٌ بَيِّنة الوَطاءَة. وَفِي الْحَدِيثِ: أَلا أُخْبِرُكم بأَحَبِّكم إلَيَّ وأَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجالِسَ يومَ القيامةِ أُحاسِنُكم أَخْلاقاً المُوَطَّؤُونَ أَكْنافاً الذينَ يَأْلَفُون ويُؤْلَفون. قَالَ ابْنُ الأَثير: هَذَا مَثَلٌ وحَقيقَتُه مِنَ التَّوْطِئةِ، وَهِيَ التَّمهيِدُ والتَّذليلُ. وفِراشٌ وطِيءٌ: لَا يُؤْذي جَنْبَ النائِم. والأَكْنافُ: الجَوانِبُ. أَراد الَّذِينَ جوانِبُهم وَطِيئةٌ يَتَمَكَّن فِيهَا مَن يُصاحِبُهم وَلَا يَتَأَذَّى. وَفِي حَدِيثِ النِّساءِ: ولَكُم عَلَيهِنَّ أَنْ لَا يُوطِئْنَ فُرُشَكم أَحَداً تَكْرَهونه ؛ أَي لَا يَأْذَنَّ لأَحِدٍ مِنَ الرِّجال الأَجانِب أَن يَدْخُلَ عليهنَّ، فَيَتَحَدَّث إليهنَّ. وَكَانَ ذَلِكَ مِنْ عادةِ الْعَرَبِ لَا يَعُدُّونه رِيبَةً، وَلَا يَرَوْن بِهِ بأْساً، فلمَّا نَزَلَتْ آيةُ الحِجاب نُهُوا عَنْ ذَلِكَ. وشيءٌ وَطِيءٌ بَيِّنُ الوَطاءَةِ والطِّئَةِ والطَّأَةِ مِثْلُ الطِّعَةِ والطَّعَةِ، فالهاءُ عِوَضٌ مِنَ الْوَاوِ فِيهِمَا. وَكَذَلِكَ دابَّةٌ وَطِيئةٌ بَيِّنةُ الوَطاءَةِ والطَّأَةِ، بِوَزْنِ الطَّعَةِ أَيضاً. قَالَ الْكُمَيْتُ: أَغْشَى المَكارِهَ، أَحْياناً، ويَحْمِلُنِي ... مِنْهُ عَلَى طَأَةٍ، والدَّهْرُ ذُو نُوَبِ أَي عَلَى حالٍ لَيِّنةٍ. وَيُرْوَى عَلَى طِئَةٍ، وَهُمَا بِمَعْنًى. والوَطِيءُ: السَّهْلُ مِنَ الناسِ والدَّوابِّ والأَماكِنِ. وَقَدْ وَطُؤَ الموضعُ، بِالضَّمِّ، يَوْطُؤُ وطَاءَةً وَوُطُوءَةً وطِئةً: صَارَ وَطِيئاً. ووَطَّأْتُه أَنا تَوطِئةً، وَلَا تَقُلْ وَطَّيْته، وَالِاسْمُ الطَّأَة، مَهْمُوزٌ مَقْصُورٌ. قَالَ: وأَمَّا أَهل اللُّغَةِ، فَقَالُوا وَطِيءٌ بَيِّنُ الطَأَة والطِّئَةِ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: دابَّةٌ وَطِيءٌ بَيِّنُ الطَّأَةِ، بِالْفَتْحِ، ونَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ طِئةِ الذَّلِيلِ، وَلَمْ يُفَسِّرْهُ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: مَعْنَاهُ مِنْ أَن يَطَأَني ويَحْقِرَني، وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: وَطُؤَتِ الدابَّةُ وَطْأً، عَلَى مِثَالِ فَعْلٍ، ووَطَاءَةً وطِئةً حسَنةً. وَرَجُلٌ وَطِيءُ الخُلُقِ، عَلَى الْمَثَلِ، وَرَجُلٌ مُوَطَّأُ الأَكْنافِ إِذَا كَانَ سَهْلًا دَمِثاً كَريماً يَنْزِلُ بِهِ الأَضيافُ فيَقْرِيهم. ابْنُ الأَعرابي: الوَطِيئةُ: الحَيْسةُ، والوَطَاءُ والوِطَاءُ: مَا انْخَفَضَ مِنَ الأَرض بَيْنَ النّشازِ والإِشْرافِ، والمِيطَاءُ كَذَلِكَ. قَالَ غَيْلانُ الرَّبَعي يَصِفُ حَلْبَةً: أَمْسَوْا، فَقادُوهُنَّ نحوَ المِيطَاءْ، ... بِمائَتَيْنِ بِغلاءِ الغَلَّاءْ وَقَدْ وَطَّأَها اللهُ. وَيُقَالُ: هَذِهِ أَرضٌ مُسْتَوِيةٌ لَا رِباءَ فِيهَا وَلَا وِطَاءَ أَي لَا صُعُودَ فِيهَا وَلَا انْخفاضَ. (1/198) وواطَأَه عَلَى الأَمر مُواطأَةً: وافَقَه. وتَواطَأْنا عَلَيْهِ وتَوطَّأْنا: تَوافَقْنا. وَفُلَانٌ يُواطِئُ اسمُه اسْمِي. وتَواطَؤُوا عَلَيْهِ: تَوافَقُوا. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: لِيُواطِؤُا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ ؛ هُوَ مِنْ وَاطَأْتُ. وَمِثْلُهَا قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّ ناشِئةَ الليلِ هِيَ أَشَدُّ وطَاءً، بِالْمَدِّ: مُواطأَةً. قَالَ: وَهِيَ المُواتاةُ أَي مُواتاةُ السمعِ والبصرِ إيَّاه. وقُرئَ أَشَدُّ وَطْئاً أَي قِياماً. التَّهْذِيبُ: قرأَ أَبُو عَمْرٍو وَابْنُ عامرٍ وِطَاءً، بِكَسْرِ الْوَاوِ وَفَتْحِ الطَّاءِ وَالْمَدِّ وَالْهَمْزِ، مِنَ المُواطأَةِ والمُوافقةِ. وقرأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَنَافِعٌ وَعَاصِمٌ وَحَمْزَةُ والكسائي: وَطْئاً، بِفَتْحِ الْوَاوِ سَاكِنَةَ الطَّاءِ مَقْصُورَةً مَهْمُوزَةً، وَقَالَ الفرَّاءُ: معنى هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً ، يَقُولُ: هِيَ أَثْبَتُ قِياماً. قَالَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَشَدُّ وَطْئاً أَي أَشَدُّ عَلَى المُصَلِّي مِنْ صلاةِ النَّهَارِ، لأَنَّ الليلَ لِلنَّوْمِ، فَقَالَ هِيَ، وإِن كَانَتْ أَشَدَّ وَطْأً، فَهِيَ أَقْوَمُ قِيلًا. وقرأَ بعضُهم: هِيَ أَشَدُّ وِطَاءً، عَلَى فِعالٍ، يُرِيدُ أَشَدُّ عِلاجاً ومُواطَأَةً. وَاخْتَارَ أَبو حَاتِمٍ: أَشَدُّ وِطاءً، بِكَسْرِ الْوَاوِ وَالْمَدِّ. وَحَكَى الْمُنْذِرِيُّ: أَنَّ أَبا الْهَيْثَمِ اخْتَارَ هَذِهِ القراءَة وَقَالَ: مَعْنَاهُ أَنَّ سَمْعَه يُواطِئُ قَلْبَه وبَصَرَه، ولِسانُه يُواطِئُ قَلْبَه وِطاءً. يُقَالُ واطَأَني فُلَانٌ عَلَيَّ الأَمرِ إِذَا وافَقَكَ عَلَيْهِ لَا يَشْتَغِلُ القلبُ بِغَيْرِ مَا اشْتَغَلَ بِهِ السَّمْعُ، هَذَا واطأَ ذاكَ وذاكَ واطَأَ هَذَا؛ يُرِيدُ: قِيامَ الليلِ والقراءةَ فِيهِ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: هِيَ أَشدُّ وِطَاءً لِقِلَّةِ السَّمْعِ. ومنْ قَرأَ وَطْئاً فَمَعْنَاهُ هِيَ أَبْلغُ فِي القِيام وأَبْيَنُ فِي الْقَوْلِ. وَفِي حديثِ ليلةِ القَدْرِ: أَرَى رُؤْياكم قَدْ تَواطَتْ فِي العَشْرِ الأَواخِر. قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا رُوِيَ بِتَرْكِ الْهَمْزِ، وَهُوَ مِنَ المُواطأَةِ، وحقيقتُه كأَنّ كُلًا مِنْهُمَا وَطئَ مَا وَطِئَه الآخَرُ. وتَوَطَّأْتُهُ بقَدَمِي مِثْلُ وَطِئْتُه. وَهَذَا مَوْطِئُ قَدَمِك. وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لَا نَتَوَضَّأُ مِنْ مَوْطَإٍ أَي مَا يُوطَأُ مِنَ الأَذَى فِي الطَّرِيقِ، أَراد لَا نُعِيدُ الوُضوءَ مِنْهُ، لَا أَنهم كَانُوا لَا يَغْسِلُونه. والوِطاءُ: خلافُ الغِطاء. والوَطِيئَةُ: تَمْرٌ يُخْرَجُ نَواه ويُعْجَنُ بلَبَنٍ. والوَطِيئَةُ: الأَقِطُ بالسُّكَّرِ. وَفِي الصِّحَاحِ: الوَطِيئَةُ: ضَرْب مِنَ الطَّعام. التَّهْذِيبُ: والوَطِيئةُ: طَعَامٌ لِلْعَرَبِ يُتَّخَذُ مِنَ التَّمْرِ. وَقَالَ شِمْرٌ قَالَ أَبو أَسْلَمَ: الوَطِيئةُ: التَّمْرُ، وَهُوَ أَن يُجْعَلَ فِي بُرْمةٍ ويُصَبَّ عَلَيْهِ الماءُ والسَّمْنُ، إِنْ كَانَ، وَلَا يُخْلَطُ بِهِ أَقِطٌ، ثُمَّ يُشْرَبُ كَمَا تُشْرَبُ الحَسَيَّةُ. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: الوَطِيئةُ مِثْلُ الحَيْسِ: تَمرٌ وأَقِطٌ يُعْجنانِ بِالسَّمْنِ. الْمُفَضَّلُ: الوَطِيءُ والوَطيئةُ: العَصِيدةُ الناعِمةُ، فَإِذَا ثَخُنَتْ، فَهِيَ النَّفِيتةُ، فَإِذَا زَادَتْ قَلِيلًا، فَهِيَ النَّفِيثةُ بالثاءِ «3» ، فَإِذَا زَادَتْ، فَهِيَ اللَّفِيتةُ، فَإِذَا تَعَلَّكَتْ، فَهِيَ العَصِيدةُ. وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَتَيْناهُ بوَطِيئةٍ ، هِيَ طَعامٌ يُتَّخَذُ مِن التَّمْرِ كالحَيْسِ. يروى بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ، وَقِيلَ هُوَ تَصْحِيفٌ. والوَطِيئة، عَلَى فَعِيلةٍ: شيءٌ كالغِرارة. غَيْرُهُ: الوَطِيئةُ: الغِرارةُ يَكُونُ فِيهَا القَدِيدُ والكَعْكُ وغيرُه. وَفِي الْحَدِيثِ: فأَخْرَجَ إِلَيْنَا ثلاثَ أُكَلٍ مِنْ وَطِيئةٍ ؛ أَي ثلاثَ قُرَصٍ مِنْ غِرارةٍ. وَفِي حَدِيثِ عَمَّار أَنّ رَجُلًا وَشَى بِهِ إِلَى عُمَرَ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِن كَانَ كَذَبَ، فاجعلْهُ مُوَطَّأَ العَقِب __________ (3) . قوله [النفيثة بالثاء] كذا في النسخ وشرح القاموس بلا ضبط. (1/199) أَي كَثِيرَ الأَتْباعِ، دَعا عَلَيْهِ بأَن يَكُونَ سُلطاناً، ومُقَدَّماً، أَو ذَا مالٍ، فيَتْبَعُه الناسُ وَيَمْشُونَ وَراءَه. ووَاطأَ الشاعرُ فِي الشِّعر وأَوْطَأَ فِيهِ وأَوطَأَه إِذَا اتَّفقت لَهُ قافِيتانِ عَلَى كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ مَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ، فَإِنِ اتَّفَق اللفظُ واخْتَلف المَعنى، فَلَيْسَ بإيطاءٍ. وَقِيلَ: واطَأَ فِي الشِّعْر وأَوْطَأَ فِيهِ وأَوْطَأَه إِذَا لَمْ يُخالِفْ بَيْنَ القافِيتين لَفْظًا وَلَا مَعْنًى، فَإِنْ كَانَ الاتفاقُ بِاللَّفْظِ والاختلافُ بِالْمَعْنَى، فَلَيْسَ بِإيطاءٍ. وَقَالَ الأَخفش: الإِيطَاءُ رَدُّ كَلِمَةٍ قَدْ قَفَّيْتَ بِهَا مَرَّةً نَحْوُ قافيةٍ عَلَى رجُل وأُخرى عَلَى رجُل فِي قَصِيدَةٍ، فَهَذَا عَيْبٌ عِنْدَ الْعَرَبِ لَا يَخْتَلِفُونَ فِيهِ، وَقَدْ يَقُولُونَهُ مَعَ ذَلِكَ. قَالَ النَّابِغَةُ: أوْ أَضَعَ البيتَ فِي سَوْداءَ مُظْلِمةٍ، ... تُقَيِّدُ العَيْرَ، لَا يَسْري بِهَا السَّارِي ثُمَّ قَالَ: لَا يَخْفِضُ الرِّزَّ عَنْ أَرْضٍ أَلمَّ بِهَا، ... وَلَا يَضِلُّ عَلَى مِصْباحِه السَّارِي قَالَ ابْنُ جِنِّي: ووجْهُ اسْتِقْباحِ الْعَرَبِ الإِيطَاءَ أَنه دالٌّ عِنْدَهُمْ عَلَى قِلّة مَادَّةِ الشَّاعِرِ ونزَارة مَا عِنْدَهُ، حَتَّى يُضْطَرّ إِلَى إِعادةِ القافيةِ الْوَاحِدَةِ فِي الْقَصِيدَةِ بِلَفْظِهَا وَمَعْنَاهَا، فيَجْري هَذَا عِنْدَهُمْ، لِما ذَكَرْنَاهُ، مَجْرَى العِيِّ والحَصَرِ. وأَصله: أَن يَطَأَ الإِنسانُ فِي طَرِيقِهِ عَلَى أَثَرِ وَطْءٍ قَبْلَهُ، فيُعِيد الوَطْءَ عَلَى ذلِك الْمَوْضِعِ، وَكَذَلِكَ إعادةُ القافيةِ هِيَ مِن هَذَا. وَقَدْ أَوطَأَ ووَطَّأَ وأَطَّأَ فأَطَّأَ، عَلَى بَدَلَ الْهَمْزَةِ مِنَ الْوَاوِ كَوناةٍ وأَناةٍ وآطَأَ، عَلَى إِبْدَالِ الأَلف مِنَ الْوَاوِ كَياجَلُ فِي يَوْجَلُ، وغيرُ ذَلِكَ لَا نَظَرَ فِيهِ. قَالَ أَبو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ: الإِيطاءُ لَيْسَ بعَيْبٍ فِي الشِّعر عِنْدَ الْعَرَبِ، وَهُوَ إِعادة القافيةِ مَرَّتين. قَالَ اللَّيْثُ: أُخِذ مِنَ المُواطَأَةِ وَهِيَ المُوافَقةُ عَلَى شيءٍ وَاحِدٍ. وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ سَلام الجُمَحِيِّ أَنه قَالَ: إِذَا كثُر الإِيطاءُ فِي قَصِيدَةٍ مَرَّاتِ، فَهُوَ عَيْبٌ عِنْدَهُمْ. أَبو زَيْدٍ: ايتَطَأَ الشَّهْرُ، وَذَلِكَ قَبْلَ النِّصف بِيَوْمٍ وَبَعْدَهُ بيوم، بوزن ايتَطَعَ. وَكَأَ: تَوَكَّأَ عَلَى الشَّيْءِ واتَّكَأَ: تَحَمَّلَ واعتمَدَ، فَهُوَ مُتَّكِئٌ. والتُكأَةُ: العَصا يُتَّكَأُ عَلَيْهَا فِي الْمَشْيِ. وَفِي الصِّحَاحِ: مَا يُتَّكَأُ عَلَيْهِ. يُقَالُ: هُوَ يَتَوَكَّأُ عَلَى عَصَاهُ، ويَتَّكِئُ. أَبو زَيْدٍ: أَتْكَأْتُ الرجُلَ إِتْكاءً إِذَا وَسَّدْتَه حَتَّى يَتَّكِئَ. وَفِي الْحَدِيثِ: هَذَا الأَبيضُ المُتَّكِئُ المُرْتَفِقُ ؛ يُرِيدُ الجالِسَ المُتَمَكِّنَ فِي جُلُوسِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ: التُّكَأَةُ مِن النَّعْمةِ. التُكَأَةُ، بِوَزْنِ الهُمَزة: مَا يُتَّكَأُ عَلَيْهِ. وَرِجْلٌ تُكَأَةٌ: كَثِيرُ الاتِّكاءِ، والتاءُ بَدَلٌ مِنَ الْوَاوِ وَبَابُهَا هَذَا الْبَابُ، والموضعُ مُتَّكَأٌ. وأَتْكَأَ الرَّجُلَ: جَعل لَهُ مُتَّكَأً، وقُرئَ: وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً . وَقَالَ الزَّجَّاجُ: هُوَ مَا يُتَّكَأُ عَلَيْهِ لطَعام أَو شَرَابٍ أَو حَدِيثٍ. وَقَالَ الْمُفَسِّرُونَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً ، أَي طَعَامًا، وَقِيلَ للطَّعامِ مُتَّكَأٌ لأَنَّ القومَ إِذَا قَعَدوا عَلَى الطعام اتَّكَؤُوا، وَقَدْ نُهِيَتْ هَذِهِ الأُمَّةُ عَنْ ذَلِكَ. قَالَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: آكُلُ كَمَا يأَكُلُ العَبْدُ. وَفِي الْحَدِيثِ: لَا آكُلُ مُتَّكِئاً. المُتَّكِئُ فِي العَرَبِيَّةِ كُلُّ مَن اسْتَوَى قاعِداً عَلَى وِطاءٍ مُتَمَكِّناً، والعامّةُ لَا تَعْرِفُ المُتَّكِئَ إِلَّا مَنْ مالَ فِي قُعُودِه مُعْتَمِداً عَلَى أَحَدِ شِقَّيْه؛ والتاءُ فِيهِ بَدَلٌ مِنَ الْوَاوِ، وأَصله مِنَ الوِكاءِ، وَهُوَ (1/200) مَا يُشَدُّ بِهِ الكِيسُ وَغَيْرُهُ، كأَنه أَوْكَأَ مَقْعَدَتَه وشَدَّها بالقُعود عَلى الوِطاءِ الَّذِي تحْتَه. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَمَعْنَى الْحَدِيثِ: أَنِّي إِذَا أَكَلْتُ لَمْ أَقْعُدْ مُتَمَكِّناً فِعْلَ مَن يُريدُ الْاستِكْثارَ مِنْهُ، ولكِنْ آكُلُ بُلْغةً، فَيَكُونُ قُعُودي لَهُ مُسْتَوْفِزاً. قَالَ: ومَن حَمَل الاتِّكاءَ عَلَى المَيْلِ إِلَى أَحَد الشّقَيْنِ تأَوَّلَه عَلَى مَذْهَب الطِّبِّ، فإِنه لَا يَنْحَدِرُ فِي مَجاري الطعامِ سَهْلًا، وَلَا يُسِيغُه هَنِيئاً، ورُبَّما تأَذَّى بِهِ. وَقَالَ الأَخفش: مُتَّكَأً هُوَ فِي مَعْنَى مَجْلِسٍ. وَيُقَالُ: تَكِئَ الرجلُ يَتْكَأُ تَكَأً؛ والتُّكَأَةُ، بِوَزْنِ فُعَلةٍ، أَصله وُكَأَةٌ، وإنما مُتَّكَأٌ، أَصله مُوتَكَأٌ، مِثْلُ مُتَّفَقٍ، أَصله مُوتَفَقٌ. وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: تُكَأَةٌ، بِوَزْنِ فُعَلةٍ، وأَصلُهُ وُكَأَة، فَقُلِبت الْوَاوُ تَاءً فِي تُكَأَةٍ، كَمَا قَالُوا تُراثٌ، وأَصله وُراثٌ. واتَّكَأْتُ اتِّكَاءً، أَصله اوتَكَيْتُ، فأُدغمت الْوَاوُ فِي التاءِ وشُدّدت، وأَصل الْحَرْفِ وكَّأَ يُوَكِّئُ تَوْكِئةً. وَضَرَبَهُ فأَتْكَأَه، عَلَى أَفْعَله، أَي أَلقاه عَلَى هَيْئَةِ المُتَّكِئِ. وَقِيلَ: أَتْكَأَه أَلْقَاهُ عَلَى جَانِبِهِ الأَيسر. والتاءُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ مُبْدَلَةٌ مِنْ وَاوٍ. أَوْكَأَتُ فُلَانًا إِيكَاءً إِذَا نَصَبَتْ لَهُ مُتَّكَأً، وأَتْكَأْته إِذَا حَمَلْتَه عَلَى الاتِّكاءِ. وَرَجُلٌ تُكَأَةٌ، مِثْلُ هُمَزة: كَثِيرُ الاتِّكاءِ. اللَّيْثُ: تَوَكَّأَتِ الناقةُ، وَهُوَ تَصَلُّقُها عِنْدَ مَخاضِها. والتَّوَكُّؤُ: التَّحامُل عَلَى العَصا فِي المَشْي. وَفِي حَدِيثِ الاسْتِسْقاءِ قَالَ جابِرٌ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: رأُيتُ النبيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يُواكِئُ أَي يَتَحامَلُ عَلَى يَدَيْه إِذا رَفَعَهما وَمَدَّهُمَا فِي الدُّعاءِ. وَمِنْهُ التَوَكُّؤُ عَلَى العَصا، وَهُوَ التَّحامُلُ عَلَيْهَا. قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي مَعالِم السُّنَن، وَالَّذِي جاءَ فِي السُّنَن، عَلَى اختِلاف رواياتِها وَنَسْخِهَا، بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ. قَالَ: وَالصَّحِيحُ ما ذكره الخطابي. وَمَأَ: ومَأَ إِلَيْهِ يَمَأُ وَمْأً: أَشارَ مِثل أَوْمَأَ. أَنشد القَنانيُّ: فقُلْت السَّلامُ، فاتَّقَتْ مِنْ أَمِيرها، ... فَما كَانَ إِلَّا وَمْؤُها بالحَواجِبِ وَأَوْمَأَ كَوَمَأَ، وَلَا تَقُلْ أَوْمَيْتُ. اللَّيْثُ: الإِيماءُ أَن تُومِئَ برَأْسِكَ أَوْ بيَدِك كَمَا يُومِئُ المَرِيضُ برأْسه للرُّكُوعِ والسُّجُودِ، وَقَدْ تَقُولُ الْعَرَبُ: أَوْمَأَ برأْسِه أَي قَالَ لَا. قَالَ ذُو الرُّمَّةِ: قِياماً تَذُبُّ البَقَّ، عَنْ نُخَراتِها، ... بِنَهْزٍ، كإِيماءِ الرُّؤُوسِ المَوانِع وَقَوْلُهُ، أَنشده الأَخفش فِي كِتابه المَوْسُوم بِالْقَوَافِي: إِذَا قَلَّ مالُ المَرْءِ قَلَّ صَديقُه، ... وأَوْمَتْ إِلَيْهِ بالعُيُوبِ الأَصابِعُ إِنَّمَا أَراد أَوْمَأَتْ، فاحْتاجَ، فخَفَّف تَخْفِيف إِبْدالٍ، وَلَمْ يَجْعَلْها بَيْنَ بَيْنَ، إذْ لَوْ فَعَل ذَلِكَ لَانْكَسَرَ البيتُ، لأَنَّ المُخفَّفةَ تَخْفيفاً بَيْنَ بَيْنَ فِي حُكْمِ المُحقَّقةِ. وَوَقَعَ فِي وامِئةٍ أَيْ دَاهِيَةٍ وأُغْوِيَّة، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أُراه اسْمًا لأَني لَمْ أَسْمَعْ لَهُ فِعْلًا. وذهَبَ ثَوْبي فَمَا أَدْري مَا كانَتْ وامِئَتُه أَي لَا أَدْري مَنْ أَخَذَه، كَذَا حَكَاهُ يَعْقُوبُ فِي الجَحْدِ وَلَمْ يُفَسِّرْهُ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وعِنْدِي أَنَّ مَعْنَاهُ مَا كَانَتْ داهِيَتُه الَّتِي ذَهَبَتْ بِهِ. (1/201) وَقَالَ أَيضاً: مَا أَدْرِي مَنْ أَلْمَأَ عَلَيْهِ. قَالَ: وَهَذَا قَدْ يُتَكَلَّمُ بِهِ بِغَيْرِ حَرْف جَحْدٍ. وفلانٌ يُوامِئُ فُلَانًا كيُوائِمُه، إِما لُغَةٌ فِيهِ، أَو مَقْلُوبٌ عَنْهُ، مِنْ تَذْكِرَةِ أَبي عَلِيٍّ. وأَنشد ابْنُ شُمَيْلٍ: قد أَحْذَرُ مَا أَرَى، ... فأَنَا، الغَداةَ، مُوامِئُهْ «1» قَالَ النَّضْرُ: زَعم أَبو الخَطَّابِ مُوامِئُه مُعايِنُه. وَقَالَ الفرَّاءُ «2» : اسْتَولَى عَلَى الأَمْرِ واسْتَوْمَى إِذَا غَلَب عَلَيْهِ. وَيُقَالُ: وَمَى بِالشَّيْءِ إِذَا ذَهَب بِهِ. وَيُقَالُ: ذَهَب الشيءُ فَلَا أَدْرِي مَا كانَتْ وامِئَتُه، وَمَا أَلْمَأَ عَلَيْهِ. وَاللَّهُ تعالى أَعلم. ( فهرس الكتاب - فهرس المحتويات ) لسان العرب فصل الياء يَأْيَأَ: يَأْيَأْتُ الرِّجلَ يَأْيَأَةً ويَأْياءً: أَظْهَرْتُ إلطافَه. وَقِيلَ: إِنَّمَا هُوَ بَأْبَأَ؛ قَالَ: وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَقَدْ تقدَّم. ويَأْيَأَ بالإِبلِ إِذَا قَالَ لَهَا أَيْ ليُسَكِّنَها، مَقْلُوبٌ مِنْهُ. ويَأْيَأَ بالقَوْمِ دعَاهُم. واليُؤْيُؤُ طائرٌ يُشبِهُ الباشَقَ مِن الجَوارِحِ والجمع اليَآيِئُ، وجاءَ فِي الشِّعْرِ اليَآئِي. قال الحسن ابن هَانِئٍ فِي طَرْدِيَّاتِه: قَدْ أَغْتَدِي، والليلُ فِي دُجاهُ، ... كَطُرَّة البُرْدِ عَلى مَثْناهُ بِيُؤْيُؤٍ، يُعجِبُ مَنْ رَآهُ، ... مَا فِي اليَآئِي يُؤْيُؤٌ شَرْواهُ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: كأَنَّ قياسَهُ عنده اليَآيِئُ، إِلَّا أَنَّ الشاعرَ قَدَّمَ الْهَمْزَةَ عَلَى الياءِ. قَالَ: وَيُمْكِنُ أَن يَكُونَ هَذَا البيتُ لبعضِ العَرَب، فادَّعاه أَبو نُواسٍ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ مَكْرَمٍ: مَا أَعْلَمُ مُسْتَنَدَ الشيخِ أَبي مُحَمَّدِ بْنِ بَرِّيٍّ فِي قَوْلِهِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ هَانِئٍ، فِي هَذَا الْبَيْتِ. وَيُمْكِنُ أَن يَكُونَ هَذَا الْبَيْتُ لِبَعْضِ الْعَرَبِ، فادَّعاه أَبو نُوَاسٍ. وَهُوَ وَإِنْ لَمْ يَكُنِ اسْتُشْهِدَ بشِعره، لَا يُخْفَى عَنِ الشَّيْخِ أَبي مُحَمَّدٍ، وَلَا غَيْرِهِ، مكانَتُه مِن العِلم والنَّظْمِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِنَ البَدِيع الغَريبِ الحَسَنِ العَجِيبِ إِلَّا أَرْجُوزَتُه الَّتِي هِيَ: وبَلْدةٍ فِيهَا زَوَرْ لكانَ فِي ذَلِكَ أَدَلُّ دَلِيلٍ عَلَى نُبْلِه وفَضْلِه. وَقَدْ شَرَحَها ابْنُ جِنِّي رَحِمَهُ اللَّهُ. وَقَالَ، فِي شَرْحِهَا، مِنْ تَقْرِيظِ أَبي نُواس وتَفْضِيله ووَصْفِه بمَعْرِفةِ لُغات الْعَرَبِ وأَيَّامِها ومآثِرِها ومَثالِبِها ووقائعِها، وَتَفَرُّدِهِ بِفُنُونِ الشَّعْرِ الْعَشْرَةِ الْمُحْتَوِيَةِ عَلَى فُنُونِهِ، مَا لَمْ يَقُلْه فِي غيرِه. وَقَالَ فِي هَذَا الشَّرْحِ أَيضاً: لَوْلَا مَا غَلَبَ عَلَيْهِ مِنَ الهَزْل لاسْتُشْهِدَ بِكَلَامِهِ فِي التَّفْسِيرِ، اللَّهُمَّ إِلَّا إِنْ كَانَ الشَّيْخُ أَبو مُحَمَّدٍ قَالَ ذَلِكَ لِيَبْعَثَ عَلَى زِيادةِ الأُنس بالاسْتِشْهاد بِهِ، إِذَا وَقع الشكُّ فِيهِ أَنه لِبَعْضِ الْعَرَبِ، وأَبو نُواسٍ كَانَ فِي نَفْسِهِ وأَنْفُسِ الناسِ أَرْفَعَ مِنْ ذَلِكَ وأَصْلَفَ. أَبو عَمْرٍو: اليُؤْيُؤُ: رأْسُ المُكْحُلةِ. يَرْنَأَ: اليَرَنَّأُ «3» واليُرَنَّاءُ: مِثْلَ الحِنَّاء، قال دُكَيْنُ __________ (1) . قوله [قد أحذر إلخ] كذا بالنسخ ولا ريب أنه مكسور ولعله: قَدْ كُنْتُ أَحْذَرُ مَا أرى. (2) . قوله [وقال الفراء إلخ] ليس هُوَ مِنْ هَذَا الْبَابِ وَقَدِ أعاد المؤلف ذكره في المعتل. (3) . قوله [اليَرَنَّأُ إلخ] عبارة القاموس اليرنأ بضم الياء وفتحها مقصورة مشدّدة النون واليرناء بالضم والمد فيستفاد منه لغة ثالثة ويستفاد من آخر المادة هنا رابعة. (1/202) بْنُ رَجاء: كَأَنَّ، باليَرَنَّإِ المَعْلُولِ، ... حَبَّ الجَنَى مِنْ شُرَّعٍ نُزُولِ جادَ بِه، مِن قُلُتِ الثَّمِيلِ، ... ماءُ دَوالِي زَرَجُونٍ، مِيلِ الجَنَى: العِنَبُ وشُرَّعٍ نُزولِ: يُرِيدُ بِهِ مَا شَرَعَ مِنَ الكَرْم فِي الْمَاءِ. والقُلُتُ جَمْعُ قِلاتٍ، وقِلاتٌ جَمْعُ قَلْتٍ هي الصخرةُ الَّتِي يَكُونُ فِيهَا الْمَاءُ. والثَمِيلُ جَمْعُ ثَمِيلةٍ: هي بَقِيَّةُ الماء قي القَلْتِ أَعني النُّقْرةَ الَّتِي تُمْسَكُ الْمَاءَ فِي الجَبل. وَفِي حَدِيثِ فاطِمَةَ، رِضْوانُ اللهِ عَلَيْهَا: أَنها سأَلَتْ رسولَ اللَّهِ، صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنِ اليُرَنَّاء، فَقَالَ: مِمَّنْ سَمِعْتِ هَذِهِ الكلمةَ؟ فَقَالَتْ مِن خَنْساءَ قَالَ الْقُتِيبِيُّ: اليُرَنَّاء: الحِنَّاء؛ قَالَ وَلَا أَعرف لِهَذِهِ الْكَلِمَةِ فِي الأَبْنِية مَثلًا. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: إِذَا قُلْتَ اليَرَنَّأُ، بِالْفَتْحِ، هَمَزَتْ لَا غَيْرَ، وَإِذَا ضَمَمْتُ الْيَاءَ جَازَ الْهَمْزُ وَتَرْكُهُ. وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعلم. (1/203)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق