ج3وج4. وج5. تصحيح لسان العرب
تصحيح لسان
العرب حاشيتان على موضِعين فِي الْقسم الأول من هَذِه الرسَالَة (مَادَّة - س ن د)
كتبنَا على هَذِه الْمَادَّة فِي الْقسم الأول (ص 14) أَن قَوْله " والسند مثقل سنود
الْقَوْم فِي الْجَبَل) الخ أَن الْمَعْرُوف فِي المثقل أَنه المشدد وَلَيْسَ فِي
لفظ (السَّنَد) حرف مشدد إِلَّا السِّين وَهِي لَا تكون إِلَّا مُشَدّدَة مَتى سبقتها
أَدَاة التَّعْرِيف لِأَنَّهَا من الْحُرُوف الشمسية وَحكمهَا مَعْلُوم وَلَا نرى
أحدا يعْنى بِالنَّصِّ على مثلهَا بل أجر بِأَن يكون النَّص هُنَا مدعاة للاضطراب
فِي ضبط الْكَلِمَة إِذْ قد يتَبَادَر أَن التَّشْدِيد فِي غير هَذَا الْحَرْف فَيَقَع
الْإِشْكَال. هَذَا مَا كتبناه هُنَاكَ وَلم يكن مَقْصُودا بالذكور وَلكنه شئ عرض
أثْنَاء كلامنا على مَا فِي هَذِه الْمَادَّة من الْخَطَأ المطبعي فَقُلْنَا فِيهِ
بِمَا ظهر لنا. وَبعد طبع الْقسم الأول كتب إِلَيْنَا أحد الْفُضَلَاء يرجح أَن
المُرَاد بقوله " السَّنَد مثقل
" التحريك أَي كَونه بِفتْحَتَيْنِ وَاسْتدلَّ
بقوله فِي مَادَّة (أذن - ج 16 ص 149 س 16) " وَالْأُذن وَالْأُذن يُخَفف
ويثقل " لِأَنَّهُ عبر بالتثقيل عَن خلاف التسكين وَبقول أقرب الْمَوَارِد
" السَّنَد محركة " قَالَ وَهُوَ دَلِيل صَرِيح على أَن صَاحب اللِّسَان
أَرَادَ بالتثقيل فِي (السَّنَد) التحريك. فأجبناه وقتئذ بِأَن الْمَعْرُوف عِنْد
النُّحَاة أَن الْفَتْح والسكون خفيفان بِخِلَاف الضَّم وَالْكَسْر فَإِنَّهُمَا
ثقيلان وَالضَّم أثقل من الْكسر واستشهدنا بقول صَاحب كشاف اصْطِلَاحَات الْفُنُون
" التثقيل هُوَ تَشْدِيد الْحَرْف وَمِنْه أَن المثقلة وَالنُّون الثَّقِيلَة.
وَقد يُطلق على الضَّم أَيْضا فَفِي فتح الْبَارِي شرح صَحِيح (1/127) البُخَارِيّ
فِي بَاب مَا جَاءَ فِي صفة الْجنَّة من كتاب بَدْء الْحلق المُرَاد بالتثقيل
هَهُنَا الضَّم وبالتخفيف الإسكان انْتهى ". وَهُوَ مَا جعلنَا نصرف لفظ
(المثقل) إِلَى إِرَادَة التَّشْدِيد.
ولكننا وقفنا بعد ذَلِك على عِبَارَات لَهُم تدل على
صِحَة مَا ذهب إِلَيْهِ هَذَا الْفَاضِل مِنْهَا قَول رُؤْيَة الْوَارِد فِي
مَادَّة (م ل ق - ج 12 ص 226) من اللِّسَان: (معتزم التجليح ملاخ الملق ... يرْمى
الجلاميد يجلملود مدق) ثمَّ قَول الْمُؤلف بعده " أَرَادَ الملق فثقله "
وَمثله فِي مَادَّة (ح ر ب - ج 1 2942 س 22) " وَقَالَ ثَعْلَب لما مَاتَ حَرْب بن
أُميَّة بِالْمَدِينَةِ قَالُوا واحرباه ثمَّ ثقلوها فَقَالُوا واحربا قَالَ ابْن سَيّده
وَلَا يعبجني " وَنَحْوه فِي الْقَامُوس. وَلَا خلاف فِي أَن المُرَاد
بالتثقيل فِي الْمَوْضِعَيْنِ التحريك بِالْفَتْح وَكَأَنَّهُم لما عبروا بِهِ عَن
ضم السَّاكِن جَعَلُوهُ أَيْضا لكل مَا خَالفه وَلَو كَانَ فتحا وَلَا يخفى أَنه
تساهل من اللغويين غير أَنه لَيْسَ بمطرد فِي تعبيراته كَمَا روى الْمُؤلف فِي
مَادَّة (ش ر م - ج 15 ص 214) لعَمْرو ذِي الْكَلْب: (فَقلت خُذْهَا لَا شوى وَلَا شرم ... ) ثمَّ قَالَ
" أَرَادَ وَلَا شرم فحرك للضَّرُورَة " فتراه عبر هُنَا بِالتَّحْرِيكِ
وَلم يقل فثقل للضَّرُورَة (مَادَّة ع ر ر) كتبنَا على هَذِه الْمَادَّة (ص 30) من الْقسم
الأول من هَذِه الرسَالَة بِأَن ضبط اسْم عرار بن عَمْرو بن شأس بِفَتْح أَوله خطأ
وَالصَّوَاب كَسره لنَصّ الإِمَام التبريزي فِي شرح الحماسة بِأَنَّهُ مَنْقُول من
مصدر (عَار الظليم يعار عراراً إِذا صَاح) وَإِن نَص شَارِح الْقَامُوس فِي
الْمُسْتَدْرك على (ع ر ر) بِأَنَّهُ كسحاب زِيّ بِالْفَتْح رُبمَا كَانَ لتوهمه
أَنه مَنْقُول من العرار وَهُوَ بهار الْبر ثمَّ (1/128) نقلنا قَول الْعَلامَة الشَّيْخ
حَمْزَة فتح الله فِي الْمَوَاهِب الفتحية " وعرار بِكَسْر الْعين كَمَا
ضبطناه وَإِن كرر ضَبطه فِي اللِّسَان بِفَتْحِهَا وَكَأَنَّهُ اعْتِمَادًا على
شَارِح الْقَامُوس إِذْ ضَبطه كَذَلِك بالعبارة حَيْثُ قَالَ وعرار كسحاب ابْن
عَمْرو الخ وَهُوَ هطأ فليتنبه لَهُ وَالله أعلم ". ثمَّ وقفنا بعد طبع الْقسم
الأول على تَرْجَمَة عَمْرو بن شأس فِي حَاشِيَة البغددي على شرح ابْن هِشَام على
بنت سعاد فرأيناه ينص فِيهَا على ضبط اسْم ابْنه عرار بِفَتْح ابْن سعيد
الْحِمْيَرِي نَص فِي شمس الْعُلُوم على أَنه بِالْكَسْرِ فَقَالَ فِي مَادَّة (ع
ر ر) " وفعال بِكَسْر الْفَاء عرار من أَسمَاء الرِّجَال وعرار لقب روح بن
زنباع الجذامي " وَالله أعلم.
(1/129) ========= ( فهرس الكتاب - فهرس المحتويات ) تصحيح لسان
العرب ثَلَاث حواش على مَا كتبه الْأُسْتَاذ الْعَلامَة لليازجي عَن أغلاط
اللِّسَان فِي مجلة الضياء (روى فِي مَادَّة - ر ز م - ج 15 ص 130) قَول الشَّاعِر: (أيا بنى عبد
منَاف الرزام ... أَنْتُم حماةٌ وأبوكم حام) وَكتب الْأُسْتَاذ فِي الضياء (ج 6 ص
354) مَا نَصه " ضبط منَاف بِكَسْر الْفَاء وَالْوَجْه فتحهَا لِأَنَّهُ لما
منع التَّنْوِين لأجل الْوَزْن تبعه الْكسر ضَرُورَة فَوَجَبَ جَرّه بالفتحة الحاقاً
لَهُ بِمَا لَا ينْصَرف على حد قَول الآخر وَهُوَ من شَوَاهِد النُّحَاة: (طلب الأزراق
بِالْكَتَائِبِ إِذْ هوت ... بشبيب غائلة النُّفُوس غدور) انْتهى. (قُلْنَا) تَحْقِيق ذَلِك أَن
صرف الْمَمْنُوع جَائِز فِي الشّعْر للضَّرُورَة لَا خلاف فِيهِ بَين النُّحَاة
وَإِنَّمَا الْخلاف فِي منع المصروف إِذا اضْطر إِلَيْهِ الشَّاعِر كَمَا فِي لفظ
(منَاف) الْوَاقِع فِي الْبَيْت فمذهب الْكُوفِيّين وَبَعض الْبَصرِيين جَوَازه
وَاخْتَارَهُ ابْن مَالك لِكَثْرَة وُرُوده فِي الشّعْر الْقَدِيم والْحَدِيث
وَإِلَيْهِ ذهب الْأُسْتَاذ اليازجي هُنَا وَهُوَ الْمَذْهَب المقبول المستحسن
عِنْد الكثيرين من الْعلمَاء. وَلم يجزه سَائِر البصرتين فَإِذا عرض لَهُم مثل هَذَا
أبقوه على كَسرته لِأَنَّهُ عِنْدهم مَصْرُوف وحذفوا تنوينه فَقَط للضَّرُورَة
كَمَا فعل الْمُصَحح فِي ضبط (منَاف) وَقد أنكر أَصْحَاب هَذَا الْمَذْهَب منع
(وَحشِي) فِي قَول سيدنَا حسان:
(1/130) (مَا لشهيد بَين أرماحكم ... شلت يدا وَحشِي من
قَاتل) وَقَالُوا هُوَ مَصْرُوف يجر بالكسرة ويحذف تنوينه للضَّرُورَة قَالَ الْعَلامَة
الْبَغْدَادِيّ عَن هَذَا الْبَيْت فِي شرحة لشواهد التُّحْفَة الوردية (وَكَذَا
رَأَيْته أَنا فِي نُسْخَة قديمَة تاريخها تِسْعمائَة سنة مُنْذُ كتبت بكسرة تَحت
الْيَاء مَكْتُوب عَلَيْهَا صَحَّ انْتهى) . وَكَانَ أَبُو الْعَلَاء يستحسن
الْمَذْهَب الأول فقد قَالَ فِي عَبث الْوَلِيد عِنْد كَلَامه على قَول البحتري فِي
وصف فرس: (هرج الصهيل كَأَن فِي نغماته ... نبرات معبد فِي الثقيل الأول) مَا نَصه "
الَّذِي يُوجِبهُ أهل الْبَصْرَة كسر الدَّال فِي معبد وَيجوز الْفَتْح على
مَذْهَب أهل الْكُوفَة " إِلَى أَن قَالَ " وَحذف التَّنْوِين فِي
الرّفْع وَالنّصب أحسن مِنْهُ فِي الْخَفْض لِأَن الكسرة إِذا حصلت فِي آخر الإسم
طلبت التَّنْوِين إِذْ كَانَ مَا لَا ينْصَرف لَا يكسر " انْتهى. فَيعلم من ذَلِك أَن ضبط (منَاف) فِي
الْبَيْت بِكَسْر الْفَاء لَا يعد خطأ وَإِن كَانَ مُخَالفا للمستحسن عِنْد
طَائِفَة من الْعلمَاء. (وَفِي مَادَّة - ع ن ن - ج 17 ص 169 س 2) ضبط اسْم
(الْقطَامِي) الشَّاعِر بِفَتْح الْقَاف وَكتب الْأُسْتَاذ فِي الضياء (ج 6 ص 357)
أَن الصَّوَاب الضَّم كَمَا صرح بِهِ الْمُؤلف فِي مَوْضِعه. (قُلْنَا) يُرِيد
قَول الْمُؤلف (فِي مَادَّة ق ط م - ج 15 ص 391) " والقطامى بِالضَّمِّ من شعرائهم
من تغلب واسْمه عُمَيْر بن شييم " وَلَا يخفى أَنه علم مَنْقُول وَأَصله اسْم
للصقر وَهُوَ بِضَم أَوله وفتحه وَنَصّ صَاحب اللِّسَان على الضَّم فَقَط فِي اسْم
الشَّاعِر يُفِيد أَنهم اقتصروا فِيهِ عَلَيْهِ بعد النَّقْل وَهُوَ أَمر جَائِز
لَوْلَا مَا يُؤْخَذ من قَول غَيره بِجَوَاز الضبطين فِي اسْم الشَّاعِر أَيْضا
فَفِي الْقَامُوس " والقطامي وَيضم الصَّقْر ... وشاعر كلبى اسْمه الْحصين بن
جمال أَبُو الشَّرْقِي وَآخر تغلبي واسْمه عُمَيْر بن شييم " وَلم (1/131) يتَعَرَّض
شَارِحه لشئ فِي ضَبطه. وَفِي أمالي ابْن الشجرى فِي كَلَامه على (ذِي الكلاع)
" وروى فِي كَاف ذِي الكلاع الضَّم وَالْفَتْح كَمَا قَالُوا سيان وسُفْيَان
فضموا سينه وفتحوها وكما قَالُوا الْقطَامِي والقطامى بِفَتْح الْقَاف وَضمّهَا
" فَيُؤْخَذ من العبارتين جَوَاز الضبطين فِي اسْم الشَّاعِر بل قد صرح بِهِ
صَاحب معاهد التَّنْصِيص (ص 87 من طبعة بولاق) فَقَالَ " والقطامى بِفَتْح
الْقَاف وَضمّهَا اسْمه عُمَيْر بن شييم والقطامي لقب غلب عَلَيْهِ ". (وَفِي
مَادَّة - م ن ى - ج 20 ص 162 س 23) روى للمجاج (قواطناً مَكَّة من ورق الْحمى ... ) وَكتب
الْأُسْتَاذ فِي الضياء (ج 6 ص 419) " رسم الْحمى هَكَذَا بِالْيَاءِ مَعَ
كسر أَوله وَصَوَابه الحما بِالْألف الملساء وَفتح أَوله أَرَادَ الْحمام فَحذف
آخِره ضَرُورَة كَمَا صرح بِهِ المُصَنّف وَهُوَ الشَّاهِد فِي هَذَا الشّطْر
" (قُلْنَا) الْحمى هُنَا ضبط بِفَتْح أَوله وَكسر الْمِيم لَا بِكَسْر أَوله
كَمَا ذكر الْأُسْتَاذ اليازجي وَالَّذِي صَححهُ بِهِ هُوَ الْمُتَبَادر وَلَكِن
الصَّوَاب مَا جَاءَ بِالْأَصْلِ أَي بِفَتْح فَكسر وبالياء فِي آخِره على مَا
فِيهِ من الشذوذ لِأَن الأرجوزة مَكْسُورَة الروى فاضطر الشَّاعِر إِلَى هَذَا
التَّغْيِير فِي لفظ (الْحمام) للتوافق. قَالَ الْمُؤلف فِي (ح م م - ج 15 ص 48) مَا
نَصه " وَأما قَول العجاج: (وَرب هَذَا الْبَلَد الْمحرم ... والقاطنات الْبَيْت غير الريم) (قواطناً مَكَّة
من ورق الْحمى ... ) قَائِما أَرَادَ المام فَحذف الْمِيم وقلب الْألف يَاء قَالَ
أَبُو إِسْحَاق هَذَا الْحَذف شَاذ لَا يجوز أَن يُقَال فِي الْحمار الْحمى تُرِيدُ
الْحمار فَأَما الْحمام هُنَا قَائِما حذف مِنْهَا الْألف فَبَقيت الحمم فَاجْتمع
حرفان من جنس وَاحِد فَلَزِمَهُ التَّضْعِيف فأبدل من (1/132) الْمِيم يَاء كَمَا تَقول فِي
تظننت تضنيت وَذَلِكَ لثقل التَّضْعِيف وَالْمِيم أَيْضا تزيد فِي الثّقل على
حُرُوف كَثِيرَة " انْتهى. وَقد صرح الْمُؤلف فِي مَادَّة (م ن ي) على أَن
مثله ضَرُورَة قبيحة. وَمِمَّا يُؤَيّد هَذَا الضَّبْط أَيْضا قَول السيرافي فِي شرح
كتاب سِيبَوَيْهٍ عَن بَيت العجاج الْمَذْكُور (يُرِيد الْحمام فرخمها وَفِي كَيْفيَّة
ترخيمها ثَلَاث أوجه يجوز أَن يكون حذف الْألف وَالْمِيم من الْحمام للترخيم
الَّذِي ذَكرْنَاهُ فَبَقيَ الحم فخفضه وَأطْلقهُ للقافية. وَالْوَجْه الثَّانِي أَن يكون حذف
الْألف فَبَقيَ الحمم فأبدل من الْمِيم الثَّانِيَة يَاء استثقالاً للتضعيف كَمَا
قَالُوا فِي تظننت تظنيت وَفِي أما أَيّمَا. وَيحْتَمل أَن يكون حذف الْمِيم وأبدل
من الْألف يَاء كَمَا تبدل من الْيَاء الْألف كَقَوْلِهِم فِي مداري وَفِي عذارى
" انْتهى.
================= ( فهرس الكتاب - فهرس المحتويات ) تصحيح لسان
العرب الخاتمة فِي أَوْهَام للْمُصَنف أفردناها بِالذكر لخروجها عَن أغلاط
الطَّبْع الَّتِي قصدنا التَّنْبِيه عَلَيْهَا فِي الرسَالَة. وَلَا يخفى أَن المُصَنّف
ناقل لَيْسَ لَهُ فِي كِتَابه إِلَّا الْجمع وَالتَّرْتِيب كَمَا صرح بذلك فِي
مقدمته فَمَا وَقع فِيهِ من تِلْكَ الأوهام يرجع فِي الْحَقِيقَة إِلَى مصنفي
الْكتب الْخَمْسَة الَّتِي جمعه مِنْهَا وَإِنَّمَا أسندناها إِلَيْهِ لنعذر
أرجاعها إِلَى قائليها فِي الْغَالِب.
(فَمن ذَلِك فِي مَادَّة - هـ ب ب - ج 2 ص 277 س 12)
" وثوب هبايب وخبايب بِلَا همز فيهمَا إِذا كَانَ متقطعاً " بِالنَّصِّ
على ترك الْهَمْز فيهمَا وَقد رويا فِي مَادَّة (خَ ب ب ج 1 ص 332 س 4) بِالْهَمْز
كَمَا هُوَ الْقيَاس وَلم نقف فِي كتب اللُّغَة الَّتِي أطْلعنَا عَلَيْهَا على
مَا يُوَافق هَذَا النَّص إِلَّا فِي تَاج الْعَرُوس وَمَا فِيهِ مَنْقُول بِلَا
ريب عَن اللِّسَان. وَكُنَّا نشرنا هَذَا الْوَهم فِي مجلة الضياء وطلبنا من
صَاحبهَا الْعَلامَة اليازجي بَيَان رَأْيه فِيهِ فعلق عَلَيْهِ بِمَا نَصه "
قُلْنَا أننا نشكر حَضْرَة إِلَيْك لما تفضل بِهِ من مجاملة هَذَا الْعَاجِز على
أَنه لَا حكم إِلَّا مَا حكم بِهِ إِذا الْقيَاس الْهَمْز وَلَا وَجه لغيره. وَقد
راجعنا فِي تَاج الْعَرُوس فوجدناه يَقُول " وَفِي الصِّحَاح عَن الْأَصْمَعِي
يُقَال ثوب هبايب وخبايب أَي بِلَا همز فيهمَا الخ " وَعبارَة الصِّحَاح
" وَقل الْأَصْمَعِي يُقَال ثوب هبئب إِذا كَانَ متقطعاً " اهـ ورسم
اللفظان هُنَاكَ بِالْهَمْز. فَقَوْل صَاحب تَاج الْعَرُوس " أَي بِلَا همز
" زِيَادَة قلد بهَا لِسَان الْعَرَب كَمَا يُشِير إِلَى ذَلِك قَوْله "
أَي " فِي أول الْعبارَة فَإِن هَذَا يدل على أَنَّهَا لَا وجود لَهَا فِي
الصِّحَاح وَلكنهَا مِمَّا اقْتَضَاهُ تَمام (1/134) النَّص فِي اعْتِقَاده فزادها
نقلا عَن اللِّسَان. على أننا بحثنا فِي كل مَا بَين يدينا من كتب اللُّغَة فَلم
نجد أحدا نبه على شذوذ هَاتين اللَّفْظَيْنِ عَن قِيَاس أمثالهما فبقى أَن هَذِه
الزِّيَادَة سبق فَلم من صَاحب اللِّسَان أَو غلط فِي نسخه الصِّحَاح الَّتِي
كَانَت عِنْده أَن كَانَ قد أَخذ عَنهُ كَمَا فعل صَاحب التَّاج وَالله أعلم
" انْتهى. (وَفِي مَادَّة س م ح - ج 3 ص 319) روى لجرير: (غلب المساميح
الْوَلِيد سماحة ... وَكفى قُرَيْش المعصلات وسادها) وَالْبَيْت لَيْسَ لجرير بل هُوَ من
قصيدة طَوِيلَة لعدي بن الرّقاع أنشدها فِي مجْلِس الْوَلِيد بن عبد الْملك
وَجَرِير والفرزدق حاضران وَلَهُمَا نادرة فِي بَيت مِنْهَا ذَكرنَاهَا فِي ص (32)
من الْقسم الأول من هَذِه الرسَالَة. وَقد قلد شَارِح الْقَامُوس اللِّسَان فِي
هَذَا الْوَهم كعادته فِي نقل كل مَا فِيهِ كَمَا هُوَ. (وَفِي مَادَّة - خَ ف ف - ج 10 ص 428
س 18) روى للبيد: (خف القطين فراحوا مِنْك أَو بَكرُوا ... ) وَالْبَيْت مطلع قصيدة للأخطل لَا
للبيد وَهِي رائيته الْمَشْهُورَة فِي مدح بني أُميَّة أما بَيت لبيد فَهُوَ: (رَاح القطين
بهجر بعد مَا ابتكروا ... فَمَا تواصله سلمى وَمَا تذر) فَاشْتَبَهَ البيتان على المُصَنّف أَو
من نقل عَنهُ لن كليهمَا فِيهِ قطعين ورواح وبكور مَعَ الِاتِّحَاد الْوَزْن
والقافية. وَخلف شَارِح الْقَامُوس هُنَا فنسب الْبَيْت للأعشى وَالصَّوَاب مَا
ذَكرْنَاهُ. (وَفِي مَادَّة - أس م - ج 14 ص 283) روى لزهير يمدح هرم بن سِنَان: (ولأنت أَشْجَع
من أُسَامَة إِذْ ... دعيت نزال ولجٌ فِي الذعر) (1/135) وَرِوَايَة الْبَيْت هَكَذَا
وهم قديم لصَاحب الصِّحَاح قَلّدهُ فِيهِ بعض المصنفين فِي الْعرُوض وَغَيره وبهذه
الرِّوَايَة رَوَاهُ أَيْضا الْعَلامَة ابْن الطّيب فِي شَرحه لكفاية المتحفظ فِي
بَاب السبَاع. وَالْبَيْت مركب من بَيْتَيْنِ أَحدهمَا لزهير وَالثَّانِي
للمسيب ابْن علس على مَا حَقَّقَهُ الْمُحَقِّقُونَ. قَالَ الْعَلامَة
الْبَغْدَادِيّ فِي خزانَة الْأَدَب " هُوَ مركب من بَيْتَيْنِ فَإِن
الْبَيْت الَّذِي فِيهِ دعيت تزَال وَهُوَ لزهير بن أبي سلمى صَدره كَذَا: (ولنعم حَشْو
الدرْع أَنْت إِذا ... دعيت نزال ولج فِي الذعر) وَقَوله: " ولأنت أَشْجَع من أُسَامَة
إِذْ " إِنَّمَا هُوَ صدر بَيت للمسيب بن علس وعجزه: " يَقع الصُّرَاخ
ولج فِي الذعر " وَهَذَا لَيْسَ فِيهِ دعيت نزال وَالْبَيْت الشَّاهِد كَمَا
ذَكرْنَاهُ هُوَ رِوَايَة سِيبَوَيْهٍ وَسَائِر النَّحْوِيين وَبَيت الْمسيب بن
علس على مَا رتبناه هُوَ رِوَايَة الجاحظ فِي كتاب الْبَيَان والتبين وَقد رَأَيْت
فِي ديوانيهما كَذَلِك " انْتهى.
قُلْنَا ذكر سِيبَوَيْهٍ بَيت زُهَيْر ولنعم حَشْو
الدرْع الخ فِي بَاب مَا جَاءَ معدولاً عَن حَده من الْمُؤَنَّث من كِتَابه وبهذه
الرِّوَايَة رَوَاهُ صَاحب اللِّسَان فِي موضِعين من مَادَّة (ن ز ل - ج 14 ص 180
و 181) مَنْسُوبا فِي أَحدهمَا لزهير. وَمِمَّنْ رَوَاهُ بالرواية المركبة صَاحب
الْكَافِي فِي الْعرُوض والقوافي وَكَأن الْعَلامَة الدمنهوري لم يقف على مَا
فِيهِ من التَّرْكِيب فَقَالَ فِي حَاشِيَته الْكُبْرَى على الْكَافِي " وَهَذَا
الْبَيْت ذكره العينى فِي الشواهد بِلَفْظ ولنعم حَشْو الدرْع أَنْت إِذا دعيت الخ
وَلَعَلَّهُمَا رِوَايَتَانِ
". (تَتِمَّة) صدر بَيت الْمسيب بن علس وَقع فِي
شعر آخر لرجل من غنى يُخَاطب بِهِ عجوزاً من بني إِنْسَان وهم حَيّ من جشم وَكَانَ
لَجأ إِلَى منزلهَا فَارًّا من قوم قتل رجَالًا مِنْهُم فَقلت لَهُ لَا تَبْرَح
حَتَّى يأي بني فيأسروك فَأخذ سكيناً (1/136)
فَقطع بِهِ عصيني يَديهَا وَقيل أَخذ حجرا فشدخ بِهِ
رَأسهَا ثمَّ أنشأ يَقُول (ولأنت أَشْجَع من أُسَامَة أَو ... منى غَدَاة وقفت للخيل) (عدل الْحصين لَدَى
الْحصين كَمَا ... عدل الرجازة جَانب الْميل) (وَإِذا أنهضها لأفتلها ... جَاشَتْ
ليلغب قَوْلهَا قولي) وتفصيل الْخَبَر فِي الأغاني (ج 10 ص 15 - 16 من طبعة بولاق)
والرجازة بِكَسْر الأول كسَاء فِيهِ حجر يعلق بِأحد جَانِبي الهودج ليعدله إِذا مَال. (وَفِي مَادَّة -
م ط ر ن - ح 17 ص 296) روى للأخطل:
(وَلها بالماطرون إِذا ... أكل النَّمْل الَّذِي جمعا) وَالْبَيْت
ليزِيد بن مُعَاوِيَة على الصَّحِيح لَا للأخطل. وَفِي الْكَامِل للمبرد نقلا عَن
أبي عُبَيْدَة أَنه مُخْتَلف فِيهِ فبعضهم ينْسبهُ للأحوص وَبَعْضهمْ ينْسبهُ
ليزِيد وَقَالَ شَارِحه أَبُو الْحسن الصَّحِيح أَنه ليزِيد بن مُعَاوِيَة.
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ لَهُ ياقوت فِي مُعْجم الْبلدَانِ فِي الْكَلَام على (أندرين)
ثمَّ أعَاد رِوَايَته لَهُ مَعَ سَائِر الْقطعَة فِي الْكَلَام على (الماطرون) .
وَذكر الجاحظ فِي أَوَائِل الْجُزْء الرَّابِع من الْحَيَوَان الْقطعَة الَّتِي
مِنْهَا الْبَيْت وَلم يذكرهُ مَعهَا ونسبها لأبي دهبل وَذكر الثعالبي الْبَيْت
دون الْقطعَة فِي ثمار الْقُلُوب فِي الْمُضَاف والمنسوب وَنسبه للجهمي ورأيته كَذَلِك
فِي نسختين مِنْهُ إِحْدَاهمَا مخطوطه. وَأَبُو دهبل كنية شاعرين من الْعَرَب
أَحدهمَا جمحى وَالْآخر دبيري فَإِن كَانَ مُرَاد الجاحظ الجمحى مِنْهُمَا وَكَانَ
الجهمي محرفاً عَنهُ فِي نُسْخَتي ثمار الْقُلُوب فقد اتّفق الشَّيْخَانِ فِي
نسبتها لأبي دهبل. إِلَّا ان الْمُحَقِّقين على الشّعْر ليزِيد كَمَا قدمنَا. وَبَقِيَّة
الأبيات على مَا رَوَاهَا الْبَغْدَادِيّ فِي الخزانة وَذكر أَنه تعزل بهَا فِي
نَصْرَانِيَّة قد ترهبت فِي دير خرب عِنْد الماطرون وَهُوَ بُسْتَان بِظَاهِر دمشق: (1/137) (آب
هَذَا اللَّيْل فاكتنعا ... وامر النّوم فامتنعا) (رَاعيا للنجم أرقبه ... فَإِذا مَا
كَوْكَب طلعاً) (حَال حَتَّى أنني لأرى ... أَنه بالفور قد رجعا) (وَلها بالماطرون
إِذا ... أكل النَّمْل الَّذِي جمعا)
(خرقةٌ حَتَّى إِذا ارتبعت ... سكنت من جلق بيعا) (فِي قباب حول
دسكرة ... حولهَا الزَّيْتُون قد ينعا)
(تتمه) يزِيد بن معوية مِمَّن يحْتَج بِكَلَامِهِ فِي
الْعَرَبيَّة وبيته الْمَذْكُور من شَوَاهِد النَّحْو وشعره يعد فِي الطَّبَقَة
الْعَالِيَة إِلَّا أَن ديوانه مَفْقُود الْآن وَلَا يُوجد من شعره إِلَّا
الْقَلِيل أَو المنحل الَّذِي لَا تثبت نسبته لَهُ. وَالظَّاهِر أَن بغض النَّاس
لَهُ لما وَقع فِي أَيَّامه من الكوائن كَانَت سَببا لإهمال شعره فَذهب فِيمَا ذهب.
قَالَ ابْن خلكان فِي تَرْجَمَة مُحَمَّد بن عمرَان المرزباني مَا نَصه "
وَهُوَ أول من جمع ديوَان يزِيد بن مُعَاوِيَة ابْن أبي سُفْيَان الْأمَوِي واعتنى
بِهِ وَهُوَ صَغِير الحجم يدْخل فِي مِقْدَار ثَلَاث كراريس وَقد جمعه من بعده
جمَاعَة وَزَادُوا فِيهِ أَشْيَاء كَثِيرَة لَيست لَهُ وَشعر يزِيد مَعَ قلته فِي
نِهَايَة الْحسن وَمن أطايب شعره الأبيات العينية الَّتِي مِنْهَا: (إِذا رمت من
ليلى على الْبعد نظرة ... لتطفى جوى بَين الحسا والأضالع) (تَقول نسَاء الْحَيّ تطمع أَن ترى ...
محَاسِن ليلى مت بداء المطامع)
(وَكَيف ترى ليلى بِعَين ترى بهَا ... سواهَا وَمَا
طهرتها بالمدامع) (وتلتذ مِنْهَا بِالْحَدِيثِ وَقد جرى ... حَدِيث سواهَا فِي
خروق المسامع) (أَجلك يَا ليلى عَن الْعين إِنَّمَا ... أَرَاك بقلب خاشع لَك
خاضع) (1/138) وَكنت حفظت جَمِيع ديوَان يزِيد لشدَّة غرامى بِهِ وَذَلِكَ
سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة بِمَدِينَة دمشق وَعرفت صَحِيحه من
الْمَنْسُوب إِلَيْهِ الَّذِي لَيْسَ لَهُ وتتبعته حَتَّى ظَفرت بِصَاحِب كل
الأبيات وَلَوْلَا خوف الإطالة لبينت ذَلِك " انْتهى كَلَامه وَقبل هَذِه
الأبيات: (وسرب كعين الرمل ميلٍ إِلَى الصِّبَا ... رواعف بالجادي حور المدامع) (سمعن غناء بعد
مَا نمن نومَة ... من اللَّيْل فأقلولين فَوق الْمضَاجِع) (أيا دهر هَل شرخ الشيبة رَاجع ...
مَعَ الخفرات الْبيض أَو غير رَاجع)
(قنعت بضرور من خيال بعثنه ... وَكنت يُوصل مِنْهُم غير
طامع) (إِذا رمت من ليلى ... )
. الأبيات وَبعدهَا: (وَمَا سر ليلى مَا حييت بذائع ...
وَمَا عهد ليلى إِن تناءت بضائع)
ويروى عوج إِلَى الصِّبَا بدل ميل. وَالْكَلَام على شعر
يزِيد مَا ثَبت مِنْهُ وَمَا لم يثبت لَيْسَ هَذَا مَوْضِعه. (وَفِي مَادَّة - أد و - ج 18 ص 27 س
17) وأدية أَبُو مردس الحروري أما أَن يكون تَصْغِير أدوة وَهِي الخدعة هَذَا قَول
ابْن الْأَعرَابِي وَأما أَن يكون تَصْغِير أَدَاة " وَالصَّوَاب أَن أدية
جدة مرداس وَقيل أَنَّهَا أمة وَهُوَ أحد من اشْتهر بِالنِّسْبَةِ لغير أَبِيه
قَالَ الشَّيْخ أَحْمد بن خَلِيل اللبودي فِي تذكرة الطَّالِب النبيه بِمن نسب
إِلَى أمه دون أَبِيه مَا نَصه " ابْن أدية مرداس وكنينته أَبُو بِلَال ذكر
الإِمَام سعيد بن عقبَة فِي سيرته من خُرُوج على يزِيد بن مُعَاوِيَة فعد فيهم
مرداس ابْن أدية هَذَا وَقَالَ أدية أمة وَاسم أبيَّة حذير. وَقَالَ الْمبرد فِي الْكَامِل
فِي أول أَخْبَار الْخَوَارِج أدية جدته وَذكر بعد ذَلِك بأوراق أَخَاهُ عُرْوَة
ابْن أدية. وَعُرْوَة كَانَ مَعَ عَليّ فِي صفّين وَهُوَ أول من سل سَيْفا من
الْخَوَارِج سَله على الْأَشْعَث (1/139)
والأشعث مول فَأصَاب عجز بغلته فشبت وَكَانَ قَالَ لَهُ
هَذَا الدنية يَا أَشْعَث وَمَا هَذَا التَّحْكِيم أشرطٌ أوثق من شَرط الله
تَعَالَى ثمَّ ضربه " انْتهى. ثمَّ أعقب ذَلِك بتنبيه قَالَ فِيهِ "
عُرْوَة بن أذينة الشَّاعِر الْمَكِّيّ غير هَذَا وَفِي النَّاس من يزْعم أَنه
عُرْوَة ابْن أدية ويخطئ من يَقُول أذينة وَالصَّوَاب مَا ذكرت. وَعُرْوَة بن
أذينة فَقِيه مُحدث شَاعِر روى عَن مَالك ابْن أنس رَضِي الله عَنهُ وأذينة لقب أَبِيه
واسْمه يحيى بن مك كَمَا قَالَه هِشَام بن الْكَلْبِيّ فِي الجمهرة وَالله أعلم ". (1/140) ==
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق