لسان العرب فصل الثاء المثلثة
== ثلث: الثَّلاثة: مِن الْعَدَدِ، فِي
عَدَدِ الْمُذَكَّرِ، مَعْرُوفٌ، والمؤَنث ثَلَاثٌ. وثَلَثَ الاثنينِ يَثْلِثُهما
ثَلْثاً: صَارَ لَهُمَا ثَالِثًا. وَفِي التَّهْذِيبِ: ثَلَثْتُ القومَ أَثْلِثُهم
إِذا كنتَ ثالِثَهم. وكَمَّلْتَهم ثَلَاثَةً بِنَفْسِكَ، وَكَذَلِكَ إِلى الْعَشَرَةِ،
إِلَّا أَنك تَفْتَحُ أَرْبَعُهم وأَسْبَعُهم وأَتْسَعُهم فِيهَا جَمِيعًا،
لِمَكَانِ الْعَيْنِ، وَتَقُولُ: كَانُوا تِسْعَةً وَعِشْرِينَ فثَلَثْتُهم أَي
صِرْتُ بِهِمْ تمامَ ثَلَاثِينَ، وَكَانُوا تِسْعَةً وَثَلَاثِينَ فربَعْتُهم،
مِثْلَ لَفْظِ الثَّلَاثَةِ والأَربعة، كَذَلِكَ إِلى الْمِائَةِ. وأَثْلَثَ
القومُ: صَارُوا ثَلَاثَةً؛ وَكَانُوا ثَلَاثَةً فأَرْبَعُوا؛ كَذَلِكَ إِلى
الْعَشَرَةِ. ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ هُوَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ، مُضَافٌ إِلى الْعَشَرَةِ، وَلَا يُنَوَّنُ،
فإِن اخْتَلَفَا، فإِن شِئْتَ نوَّنت، وإِن شِئْتَ أَضفت، قُلْتُ: هُوَ رابعُ
ثلاثةٍ، ورابعٌ ثَلَاثَةً، كَمَا تَقُولُ: ضاربُ زيدٍ، وضاربٌ زَيْدًا، لأَن
مَعْنَاهُ الْوُقُوعُ أَي كَمَّلَهم بِنَفْسِهِ أَربعة؛ وإِذا اتَّفَقَا فالإِضافة
لَا غَيْرُ لأَنه فِي مَذْهَبِ الأَسماء، لأَنك لَمْ ترِد مَعْنَى الْفِعْلِ،
وإِنما أَردت: هُوَ أَحد الثَّلَاثَةِ وبعضُ الثَّلَاثَةِ، وَهَذَا مَا لَا
يَكُونُ إِلا مُضَافًا، وَتَقُولُ: هَذَا ثالثُ اثْنَيْنِ، وثالثٌ اثْنَيْنِ،
بِمَعْنَى هَذَا ثَلَّثَ اثْنَيْنِ أَي صَيَّرهما ثَلَاثَةً بِنَفْسِهِ؛
وَكَذَلِكَ هُوَ ثالثُ عَشَر، وثالثَ عَشَرَ، بِالرَّفْعِ وَالنَّصْبِ إِلى
تِسْعَةَ عَشَرَ، فَمَنْ رَفَعَ، قَالَ: أَردتُ ثالثٌ ثَلَاثَةَ عَشر؛ فحذفتُ الثَّلَاثَةَ،
وتركتُ ثَالِثًا عَلَى إِعرابه؛ وَمَنْ نَصَبَ قَالَ: أَردت ثالثٌ ثلاثةَ عَشَر،
فَلَمَّا أَسقطتُ مِنْهَا الثَّلَاثَةَ أَلزمت إِعرابها الأَوّل ليُعْلَم أَن
هَاهُنَا شَيْئًا مَحْذُوفًا. وَتَقُولُ: هَذَا الْحَادِي عَشَرَ، وَالثَّانِي عَشَرَ، إِلى الْعِشْرِينَ
مَفْتُوحٌ كُلُّهُ، لِما ذَكَرْنَاهُ. وَفِي المؤَنث: هَذِهِ الحاديةَ عَشْرَة، وَكَذَلِكَ
إِلى الْعِشْرِينَ، تَدْخُلُ الْهَاءُ فِيهِمَا جَمِيعًا، وأَهل الْحِجَازِ
يَقُولُونَ: أَتَوْني ثلاثَتَهم وأَرْبَعَتَهم إِلى الْعَشَرَةِ، فَيَنْصِبُونَ
عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَكَذَلِكَ الْمُؤَنَّثُ أَتَيْنَني ثلاثَهنَّ وأَرْبَعَهنَّ؛
وغيرُهم يُعْربه بِالْحَرَكَاتِ الثَّلَاثِ، يَجْعَلُهُ مثلَ كُلّهم، فإِذا جاوزتَ
العشرةَ لَمْ يَكُنْ إِلا النصبَ، تَقُولُ: أَتوني أَحَدَ عَشرَهُم، وتسعةَ
عشرَهُم، وَلِلنِّسَاءِ أَتَيْنَني إِحدى عَشْرَتَهنَّ، وثمانيَ عَشْرَتَهنَّ.
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ، رَحِمَهُ اللَّهُ: قَوْلُ الْجَوْهَرِيِّ آنِفًا: هَذَا ثالثُ
اثْنين، وثالثٌ اثْنَيْنِ، وَالْمَعْنَى هَذَا ثَلَّثَ اثْنَيْنِ أَي صَيَّرهما ثَلَاثَةً
بِنَفْسِهِ؛ وَقَوْلُهُ أَيضاً: هَذَا ثالثُ عَشَر وثالثَ عَشَر، بِضَمِّ الثَّاءِ
وَفَتْحِهَا، إِلى تِسْعَةَ عَشَرَ وَهَمٌ، وَالصَّوَابُ: ثالثُ اثنينِ،
بِالرَّفْعِ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: ثَلَّثَ اثْنين وَهَمٌ، وَصَوَابُهُ: ثَلَثَ،
بِتَخْفِيفِ اللَّامِ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: هُوَ ثالثُ عَشَر، بِضَمِّ الثَّاءِ،
وَهَمٌ لَا يُجيزه الْبَصْرِيُّونَ إِلَّا بِالْفَتْحِ، لأَنه مُرَكَّبٌ؛ وأَهل
الْكُوفَةِ يُجيزونه، وَهُوَ عِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ غَلَطٌ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ وأَما
قَوْلُ الشَّاعِرِ: يَفْديكِ يَا زُرْعَ أَبي وَخَالِي، ... قَدْ مَرَّ يومانِ، وَهَذَا الثَّالِي
وأَنتِ بالهِجْرانِ لَا تُبالي فإِنه أَراد الثَّالِثَ، فأَبدل الْيَاءَ مِنَ
الثَّاءِ. وأَثْلَثَ القومُ: صَارُوا ثَلَاثَةً، عَنْ ثَعْلَبٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
(2/121) دِيةُ شِبْهِ العَمْد
أَثلاثاً ؛ أَي ثلاثٌ وَثَلَاثُونَ حُقَّةً، وثلاثٌ وَثَلَاثُونَ جَذَعَةً، وأربعٌ
وَثَلَاثُونَ ثَنِيَّةً. وَفِي الْحَدِيثِ: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحد، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنها
لَتَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ ؛ جَعَلَهَا تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ، لأَن
الْقُرْآنَ الْعَزِيزَ لَا يَتَجاوز ثلاثةَ أَقسام، وَهِيَ: الإِرْشاد إِلى
مَعْرِفَةِ ذَاتِ اللَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ، وَتَقْدِيسِهِ أَو مَعْرِفَةِ صِفَاتِهِ
وأَسمائه، أَو مَعْرِفَةِ أَفعاله، وسُنَّته فِي عِبَادِهِ، وَلَمَّا اشْتَمَلَتْ
سُورَةُ الإِخلاص عَلَى أَحد هَذِهِ الأَقسام الثَّلَاثَةِ، وَهُوَ التَّقْدِيسُ، وازَنَها
سيدُنا رسولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بثُلُثِ الْقُرْآنِ،
لأَن مُنْتَهى التَّقْدِيسِ أَن يَكُونَ وَاحِدًا فِي ثَلَاثَةِ أُمور، لَا
يَكُونُ حَاصِلًا مِنْهُ مَنْ هُوَ مِنْ نَوْعِهِ وشِبْهه، ودَلَّ عَلَيْهِ قولُه:
لَمْ يَلِدْ؛ وَلَا يَكُونُ هُوَ حَاصِلًا مِمَّنْ هُوَ نَظِيرُهُ وشبهه، ودلَّ
عليه قوله: وَلَمْ يُولَدْ؛ وَلَا يَكُونُ فِي دَرَجَتِهِ وإِن لَمْ يَكُنْ أَصلًا
لَهُ وَلَا فَرْعًا مَن هُوَ مِثْلُهُ، وَدَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: وَلَمْ يَكُنْ
لَهُ كُفُواً أَحَدٌ. وَيَجْمَعُ جَمِيعَ ذَلِكَ قَوْلُهُ: قُلْ هُوَ اللَّهُ
أَحَدٌ؛ وجُمْلَتُه تفصيلُ قَوْلِكَ: لَا إِله إِلا اللَّهُ؛ فَهَذِهِ أَسرار الْقُرْآنِ،
وَلَا تَتناهَى أَمثالُها فِيهِ، فَلَا رَطْب وَلَا يَابِسَ إِلا فِي كِتَابٍ
مُبِينٍ. وَقَوْلُهُمْ: فُلَانٌ لَا يَثْني وَلَا يَثْلِثُ أَي هُوَ رَجُلٌ
كَبِيرٌ، فإِذا أَراد النُّهوضَ لَمْ يَقْدِرْ فِي مرَّة، وَلَا مَرَّتَيْنِ،
وَلَا فِي ثَلَاثٍ. وَالثَّلَاثُونَ مِنَ الْعَدَدِ: لَيْسَ عَلَى تَضْعِيفِ
الثَّلَاثَةِ، وَلَكِنْ عَلَى تَضْعِيفِ الْعَشَرَةِ، وَلِذَلِكَ إِذا سَمَّيْتَ
رَجُلًا ثَلَاثِينَ، لَمْ تَقُلْ ثُلَيِّثُون، وَلَكِنْ ثُلَيْثُونَ؛ عَلَّل
ذَلِكَ سِيبَوَيْهِ. وَقَالُوا: كَانُوا تِسْعَةً وَعِشْرِينَ فثَلَثْتُهم أَثْلِثُهم أَي صِرْتُ
لَهُمْ مَقام الثَّلَاثِينَ. وأَثْلَثوا: صَارُوا ثَلَاثِينَ، كُلُّ ذَلِكَ عَلَى لَفْظِ
الثَّلَاثَةِ، وَكَذَلِكَ جميعُ العُقود إِلى الْمِائَةِ، تصريفُ فِعْلِهَا
كَتَصْرِيفِ الْآحَادِ. والثَّلاثاء: مِنَ الأَيام؛ كَانَ حَقُّه الثَّالِثَ،
ولكنَّه صِيغَ لَهُ هَذَا الْبِنَاءُ ليَتَفَرَّد بِهِ، كَمَا فُعِلَ ذَلِكَ
بالدَّبَرانِ. وَحُكِيَ عَنْ ثَعْلَبٍ: مَضَت الثَّلاثاءُ بِمَا فِيهَا فأَنَّث.
وَكَانَ أَبو الْجَرَّاحِ يَقُولُ: مَضَت الثلاثاءُ بِمَا فِيهِنَّ، يُخْرِجُها
مُخْرَج الْعَدَدِ، وَالْجَمْعُ ثَلاثاواتُ وأَثالِثُ؛ حَكَى الأَخيرَة
المُطَرِّزِيُّ، عَنْ ثَعْلَبٍ. وَحَكَى ثَعْلَبٌ عَنِ ابْنِ الأَعرابي: لَا
تَكُنْ ثَلاثاوِيّاً أَي مِمَّنْ يَصُومُ الثَّلاثاءَ وَحْدَهُ. التَّهْذِيبِ:
والثَّلاثاء لمَّا جُعِلَ اسْمًا، جُعلت الْهَاءُ الَّتِي كَانَتْ فِي الْعَدَدِ
مَدَّة فَرْقًا بَيْنَ الْحَالَيْنِ، وَكَذَلِكَ الأَرْبِعاء مِنَ الأَرْبعة؛
فَهَذِهِ الأَسماء جُعلت بِالْمَدِّ تَوْكِيدًا لِلِاسْمِ، كَمَا قَالُوا: حَسَنةٌ
وحَسْناء، وقَصَبة وقَصْباء، حَيْثُ أَلْزَمُوا النعتَ إِلزام الِاسْمِ، وَكَذَلِكَ
الشَّجْراء والطَّرْفاء، والواحدُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ بِوَزْنِ فَعَلَةٍ. وَقَوْلُ
الشَّاعِرِ، أَنشده ابْنُ الأَعرابي؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَهُوَ لِعَبْدِ
اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ يَهْجُو طَيِّئاً: فإِنْ تَثْلِثُوا نَرْبَعْ، وإِن يَكُ خامِسٌ، ... يكنْ سادِسٌ،
حَتَّى يُبِيرَكم القَتْلُ أَراد بِقَوْلِهِ: تَثْلِثُوا أَي تَقْتُلوا ثَالِثًا؛
وَبَعْدَهُ: وإِن تَسْبَعُوا نَثْمِنْ، وإِن يَكُ تاسِعٌ، ... يكنْ عاشرٌ، حَتَّى
يكونَ لَنَا الفَضْلُ يَقُولُ: إِن صرْتم ثَلَاثَةً صِرْنا أَربعة، وإِن صِرْتم
أَربعةً صِرْنا خَمْسَةً، فَلَا نَبْرَحُ نَزيد عَلَيْكُمْ أَبداً. وَيُقَالُ:
فلانٌ ثالثُ ثلاثةٍ، مُضَافٌ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: لَقَدْ كَفَرَ
الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ . قَالَ الْفَرَّاءُ: لَا يَكُونُ إِلا مُضَافًا، وَلَا يَجُوزُ التَّنْوِينُ
فِي ثَالِثٍ، فَتُنْصَبُ الثلاثةَ؛ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: ثانيَ اثْنَين، لَا يَكُونُ إِلا مُضَافًا، لأَنه فِي مَذْهَبِ (2/122)
الِاسْمِ، كأَنك
قُلْتَ وَاحِدٌ مِنِ اثْنَيْنِ، وَوَاحِدٌ مِنْ ثَلَاثَةٍ، أَلا تَرَى أَنه لَا
يَكُونُ ثَانِيًا لِنَفْسِهِ، وَلَا ثَالِثًا لِنَفْسِهِ؟ وَلَوْ قُلْتَ: أَنت
ثالثُ اثْنَيْنِ، جَازَ أَن يُقَالَ ثالثٌ اثْنَيْنِ، بالإِضافة وَالتَّنْوِينِ
ونَصْب الِاثْنَيْنِ؛ وَكَذَلِكَ لَوْ قُلْتَ: أَنت رابعُ ثلاثةٍ، ورابعٌ
ثَلَاثَةً، جَازَ ذَلِكَ لأَنه فِعْلٌ وَاقِعٌ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ. كَانُوا
اثْنَيْنِ فثَلَثْتُهما، قَالَ: وَهَذَا مِمَّا كَانَ النَّحْوِيُّونَ يَخْتارونه.
وَكَانُوا أَحد عَشَرَ فثَنَيْتُهم، وَمَعِي عشرةٌ فأَحِّدْهُنَّ لِيَهْ،
واثْنِيهِنَّ، واثْلِثْهُنَّ؛ هَذَا فِيمَا بَيْنَ اثْنَيْ عَشَرَ إِلى
الْعِشْرِينَ. ابْنُ السِّكِّيتِ: تَقُولُ هُوَ ثالثُ ثلاثةٍ، وَهِيَ ثالثةُ ثلاثٍ،
فإِذا كَانَ فِيهِ مُذَكَّرٌ، قُلْتَ: هِيَ ثالثُ ثلاثةٍ، فيَغْلِبُ المذكرُ المؤَنثَ.
وَتَقُولُ: هُوَ ثالثُ ثلاثةَ عَشَرَ؛ يَعْنِي هُوَ أَحدهم، وَفِي المؤَنث: هُوَ
ثالثُ ثلاثَ عَشْرَة لَا غَيْرُ، الرَّفْعُ فِي الأَوّل. وأَرضٌ مُثَلَّثة: لَهَا
ثلاثةُ أَطرافٍ؛ فَمِنْهَا المُثَلَّثُ الحادُّ، وَمِنْهَا المُثَلَّثُ
الْقَائِمُ. وَشَيْءٌ مُثَلَّثٌ: مَوْضُوعٌ عَلَى ثلاثِ طاقاتٍ. ومَثْلُوثٌ:
مَفْتُولٌ عَلَى ثلاثِ قُوًى؛ وَكَذَلِكَ فِي جَمِيعِ مَا بَيْنَ الثَّلَاثَةِ
إِلى الْعَشَرَةِ، إِلا الثَّمَانِيَةَ وَالْعَشَرَةَ. الْجَوْهَرِيُّ: شَيْءٌ
مُثَلَّث أَي ذُو أَركان ثَلَاثَةٍ. اللَّيْثُ: المُثَلَّثُ مَا كَانَ مِنَ
الأَشياء عَلَى ثلاثةِ أَثْناءٍ. والمَثْلُوثُ مِنَ الْحِبَالِ: مَا فُتِلَ عَلَى
ثلاثِ قُوًى، وَكَذَلِكَ مَا يُنْسَجُ أَو يُضْفَر. وإِذا أَرْسَلْتَ الخيلَ فِي الرِّهان،
فالأَوّل: السابقُ، وَالثَّانِي: المُصَلِّي، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ: ثِلْثٌ،
ورِبْعٌ، وخِمْسٌ. ابْنُ سِيدَهْ: وثَلَّثَ الفرسُ: جَاءَ بَعْدَ المُصَلِّي،
ثُمَّ رَبَّعَ، ثُمَّ خَمَّسَ. وَقَالَ عَلِيِّ بْنِ أَبي طَالِبٍ، عَلَيْهِ
السَّلَامُ: سَبَقَ رسولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وثَنَّى
أَبو بَكْرٍ، وثَلَّثَ عمرُ، وخَبَطَتْنا فتنةٌ مِمَّا شَاءَ اللَّهُ.
قَالَ أَبو عُبَيْدٍ:
وَلَمْ أَسمع فِي سَوَابِقِ الْخَيْلِ مِمَّنْ يُوثَقُ بِعِلْمِهِ اسْمًا لِشَيْءٍ
مِنْهَا، إِلَّا الثانيَ والعاشِرَ، فإِن الثانيَ اسْمُهُ المُصَلِّي، والعاشرَ
السُّكَيْتُ، وَمَا سِوَى ذَيْنِكَ إِنما يُقَالُ: الثالثُ والرابعُ وَكَذَلِكَ
إِلى التَّاسِعِ. وَقَالَ ابْنُ الأَنباري: أَسماءُ السُّبَّقِ مِنَ الْخَيْلِ:
المُجَلِّي، والمُصَلِّي، والمُسَلِّي، وَالتَّالِي، والحَظِيُّ، والمُؤمِّلُ، والمُرْتاحُ،
والعاطِفُ، واللَّطِيمُ، والسُّكَيْتُ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَلَمْ أَحفظها عَنْ ثِقَةٍ، وَقَدْ ذَكَرَهَا ابْنُ الأَنباري،
وَلَمْ يَنْسُبْهَا إِلى أَحد؛ قَالَ: فَلَا أَدري أَحَفِظَها لِثِقةٍ أَم لَا؟ والتَّثْلِيثُ:
أَنْ تَسْقِيَ الزَّرْعَ سَقْيةً أُخْرى، بَعْدَ الثُّنْيا. والثُّلاثيُّ: منسوب إِلى الثَّلاثة عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ.
التَّهْذِيبِ: الثُّلاثيُّ يُنْسَبُ إِلى ثَلَاثَةِ أَشياء، أَو كَانَ طُولُه ثلاثةَ
أَذْرُع: ثوبٌ ثُلاثيٌّ ورُباعِيٌّ، وَكَذَلِكَ الْغُلَامُ، يُقَالُ:
غُلَامٌ خُماسِيٌّ،
وَلَا يُقَالُ سُداسِيٌّ، لأَنه إِذا تَمَّتْ لَهُ خَمْسٌ، صَارَ رَجُلًا.
والحروفُ الثُّلاثيَّة: الَّتِيِ اجْتَمَعَ فِيهَا ثَلَاثَةُ أَحرف. وَنَاقَةٌ
ثَلُوثٌ: يَبِسَتْ ثلاثةٌ مِنْ أَخْلافها، وَذَلِكَ أَن تُكْوَى بِنَارٍ حَتَّى
يَنْقَطِعَ خِلْفُها وَيَكُونُ وَسْماً لَهَا، هَذِهِ عَنِ ابْنِ الأَعرابي.
وَيُقَالُ: رَمَاهُ اللهُ بثالِثةِ الأَثافي، وَهِيَ الداهيةُ الْعَظِيمَةُ،
والأَمْرُ الْعَظِيمُ، وأَصلُها أَن الرَّجُلَ إِذا وَجَدَ أُثْفِيَّتَيْن
لقِدْرهِ، وَلَمْ يَجِدِ الثالثةَ، جَعَلَ رُكْنَ الْجَبَلِ ثالثةَ
الأُثْفِيَّتَيْن. وثالثةُ الأَثافي: الحَيْدُ النادِرُ مِنَ الْجَبَلِ، يُجْمَعُ إِليه صَخْرتان،
ثُمَّ يُنْصَبُ عَلَيْهَا القِدْرُ. والثَّلُوثُ مِنَ النُّوق:
الَّتِي تَمْلأُ
ثلاثةَ أَقداح إِذا حُلِبَتْ، وَلَا يَكُونُ أَكثر مِنْ ذَلِكَ، عَنِ ابْنِ
الأَعرابي؛ يَعْنِي لَا يَكُونُ المَلْءُ أَكثَر مِنْ ثَلَاثَةٍ.
(2/123) وَيُقَالُ
لِلنَّاقَةِ الَّتِي صُرِمَ خِلْفٌ مِنْ أَخْلافها، وتَحْلُب مِنْ ثَلَاثَةِ
أَخْلافٍ: ثَلُوثٌ أَيضاً؛ وأَنشد الهُذَلي: أَلا قُولا لعَبدِ الجَهْل: إِنَّ الصَّحِيحةَ ... لَا تُحالِبها الثَّلُوثُ
وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: الصَّحِيحَةُ الَّتِي لَهَا أَربعة أَخْلاف؛ والثَّلُوث:
الَّتِي لَهَا ثَلاثةُ أَخْلاف. وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: نَاقَةٌ ثَلُوثُ إِذا أَصاب أَحد أَخْلافها شيءٌ فيَبِسَ، وأَنشد
بَيْتَ الْهُذَلِيِّ أَيضاً. والمُثَلَّثُ مِنَ الشَّرَابِ: الَّذِي طُبِخَ حَتَّى
ذَهَبَ ثُلُثاه؛ وَكَذَلِكَ أَيضاً ثَلَّثَ بِنَاقَتِهِ إِذا صَرَّ مِنْهَا ثلاثةَ
أَخْلاف؛ فإِن صَرَّ خِلْفين، قِيلَ: شَطَّرَ بِهَا؛ فإِن صَرَّ خِلْفاً وَاحِدًا،
قِيلَ: خَلَّفَ بِهَا؛ فإِن صَرَّ أَخلافَها جُمَعَ، قِيلَ: أَجْمَعَ بِنَاقَتِهِ
وأَكْمَش. التَّهْذِيبِ: النَّاقَةُ إِذا يَبِسَ ثلاثةُ أَخلافٍ مِنْهَا، فَهِيَ
ثَلُوثٌ. وناقةٌ مُثَلَّثَة: لَهَا ثَلَاثَةُ أَخْلافٍ؛ قَالَ الشَّاعِرُ: فتَقْنَعُ بِالْقَلِيلِ، تَراه غُنْماً، ... وتَكْفيكَ المُثَلَّثَةُ الرَّغُوثُ
ومَزادة مَثْلُوثة: مِنْ ثَلَاثَةِ آدِمةٍ؛ الْجَوْهَرِيُّ: المَثْلُوثة مَزادة
تَكُونُ مِنْ ثَلَاثَةِ جُلُودٍ. ابْنُ الأَعرابي: إِذا مَلأَتِ الناقةُ ثلاثةَ
آنيةٍ، فَهِيَ ثَلُوثٌ. وجاؤُوا ثُلاثَ ثُلاثَ، ومَثْلَثَ مَثْلَثَ أَي ثَلاثةً
ثَلَاثَةً. والثُّلاثةُ، بِالضَّمِّ: الثَّلاثة؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
فَمَا حَلَبَتْ إِلّا
الثُّلاثةَ والثُّنَى، ... ولا قُيِّلَتْ إِلَّا قَريباً مَقالُها هَكَذَا أَنشده
بِضَمِّ الثَّاءِ: الثُّلاثة، وَفَسَّرَهُ بأَنه ثَلاثةُ آنيةٍ، وَكَذَلِكَ
رَوَاهُ قُيِّلَتْ، بِضَمِّ الْقَافِ، وَلَمْ يُفَسِّرْهُ؛ وَقَالَ ثَعْلَبٌ:
إِنما هُوَ قَيَّلَتْ، بِفَتْحِهَا، وَفَسَّرَهُ بأَنها الَّتِي تُقَيِّلُ الناسَ
أَي تَسْقيهم لبنَ القَيل، وَهُوَ شُرْبُ النَّهَارِ فَالْمَفْعُولُ، عَلَى هَذَا
مَحْذُوفٌ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَانْكِحُوا مَا طابَ
لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ ؛ مَعْنَاهُ: اثْنَيْنِ
اثْنَيْنِ، وثَلاثاً ثَلاثاً، إِلا أَنه لَمْ يَنْصَرِفْ لِجِهَتَيْنِ، وَذَلِكَ
أَنه اجْتَمَعَ عِلَّتَانِ: إِحداهما أَنه مَعْدُولٌ عَنِ اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ،
وثَلاثٍ ثَلاثٍ، وَالثَّانِيَةُ أَنه عُدِلَ عَنْ تأْنيثٍ. الْجَوْهَرِيُّ:
وثُلاثُ ومَثْلَثُ غَيْرُ مَصْرُوفٍ لِلْعَدْلِ وَالصِّفَةِ، لأَنه عُدِلَ مِنْ
ثلاثةٍ إِلى ثُلاثَ ومَثْلَث، وَهُوَ صِفَةٌ، لأَنك تَقُولُ: مَرَرْتُ بِقَوْمٍ
مَثْنَى وثُلاثَ. قَالَ تَعَالَى: أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ ؛
فوُصِفَ بِهِ؛ وَهَذَا قَوْلُ سِيبَوَيْهِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: إِنما لَمْ يَنْصرِفْ
لتَكَرُّر العَدْل فِيهِ فِي اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى، لأَنه عُدِلَ عَنْ لَفْظِ
اثْنَيْنِ إِلى لَفْظِ مَثْنى وثُناء، عَنْ مَعْنَى اثْنَيْنِ إِلى مَعْنَى
اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ، إِذا قُلْتَ جَاءَتِ الخيلُ مَثْنَى؛ فَالْمَعْنَى اثنين
اثنين أَي جاؤُوا مُزدَوجِين؛ وَكَذَلِكَ جميعُ معدولِ العددِ، فإِن صَغَّرته
صَرَفْته فَقُلْتَ: أَحَيِّدٌ وثُنَيٌّ وثُلَيِّثٌ ورُبَيِّعٌ، لأَنه مثلُ
حَمَيِّرٍ، فَخَرَجَ إِلى مِثَالِ مَا يَنْصَرِفُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ أَحمد
وأَحْسَن، لأَنه لَا يَخْرُجُ بِالتَّصْغِيرِ عَنْ وَزْنِ الْفِعْلِ، لأَنهم قَدْ
قَالُوا فِي التَّعَجُّبِ: مَا أُمَيْلِحَ زَيْدًا وَمَا أُحَيْسِنَهُ وَفِي الْحَدِيثِ:
لَكِنِ اشْرَبُوا
مَثْنَى وثُلاثَ، وسَمُّوا اللَّهَ تَعَالَى. يُقَالُ: فَعَلْتُ الشَّيْءَ مَثْنَى وثُلاثَ ورُباعَ، غَيْرُ مَصْرُوفَاتٍ،
إِذا فَعَلْتَهُ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ، وَثَلَاثًا ثَلَاثًا، وأَربعاً أَربعاً.
والمُثَلِّثُ: السَّاعِي بأَخيه. وَفِي حَدِيثِ كَعْبٍ أَنه قَالَ لِعُمَرَ:
أَنْبِئْني مَا المُثَلِّثُ؟ فَقَالَ: وَمَا المُثَلِّثُ؟ لَا أَبا لكَ فَقَالَ:
شَرُّ الناسِ المُثَلِّثُ ؛ (2/124) يَعْنِي السَّاعِي بأَخيه إِلى السُّلْطَانِ يُهْلِك ثَلَاثَةً:
نفسَه، وأَخاه، وإِمامه بِالسَّعْيِ فِيهِ إِليه. وَفِي حَدِيثِ أَبي هُرَيْرَةَ؛
دَعَاهُ عمرُ إِلى الْعَمَلِ بَعْدَ أَن كَانَ عَزَلَه، فَقَالَ: إِني أَخاف
ثَلَاثًا وَاثْنَتَيْنِ. قَالَ: أَفلا تَقُولُ خَمْسًا؟ قَالَ: أَخاف أَن أَقولَ
بِغَيْرِ حُكم، وأَقْضِيَ بِغَيْرِ عِلْم، وأَخافُ أَن يُضْربَ ظَهْري، وأَن
يُشْتَم عِرْضي، وأَن يُؤْخَذَ مَالِي، الثَّلاثُ وَالِاثْنَتَانِ ؛ هَذِهِ
الْخِلَالُ الَّتِي ذَكَرَهَا، وإِنما لَمْ يَقُلْ خَمْسًا، لأَن الخَلَّتين
الأَوَّلَتَين مِنَ الحقِّ عَلَيْهِ، فَخَافَ أَن يُضِيعَه، والخِلالُ الثلاثُ
مِنَ الحَقِّ لَهُ، فَخاف أَن يُظْلَم، فَلِذَلِكَ فَرَّقَها. وثِلْثُ الناقةِ:
وَلدُها الثالثُ، وأَطْرَده ثَعْلَبُ فِي وَلَد كُلِّ أُنثى. وَقَدْ أَثْلَثَتْ،
فَهِيَ مُثْلِثٌ، وَلَا يُقَالُ: ناقةٌ ثِلْث. والثُّلُثُ والثَّلِيثُ مِنَ الأَجزاء: مَعْرُوفٌ،
يَطَّرِدُ ذَلِكَ، عِنْدَ بَعْضِهِمْ، فِي هَذِهِ الْكُسُورِ، وجمعُها أَثلاثٌ.
الأَصمعي: الثَّلِيثُ
بِمَعْنَى الثُّلُثِ، وَلَمْ يَعْرِفْه أَبو زَيْدٍ؛ وأَنشد شِمْرٌ:
تُوفي الثَّلِيثَ،
إِذا مَا كانَ فِي رَجَبٍ، ... والحَيُّ فِي خاثِرٍ مِنْهَا، وإِيقَاعِ قَالَ:
ومَثْلَثَ مَثْلَثَ، ومَوْحَدَ مَوْحَدَ، ومَثْنَى مَثْنى، مِثْلُ ثُلاثَ ثُلاثَ.
الْجَوْهَرِيُّ: الثُّلُثُ سَهْمٌ مِنْ ثَلاثةٍ، فإِذا فَتَحْتَ الثَّاءَ زَادَتْ
يَاءٌ، فَقُلْتَ: ثَلِيث مثلُ ثَمِين وسَبيع وسَدِيسٍ وخَمِيسٍ ونَصِيفٍ؛ وأَنكر
أَبو زَيْدٍ مِنْهَا خَمِيساً وثَلِيثاً. وثَلَثَهم يَثْلُثهم ثَلْثاً: أَخَذَ
ثُلُثَ أَموالِهم، وَكَذَلِكَ جميعٌ الْكُسُورِ إِلى العَشْرِ. والمَثْلُوثُ: مَا
أُخِذَ ثُلُثه؛ وكلُّ مَثْلُوثٍ مَنْهُوك؛ وَقِيلَ: المَثْلُوثُ مَا أُخِذَ ثُلُثه،
والمَنْهوكُ مَا أُخِذَ ثُلُثاه، وَهُوَ رَأْيُ العَروضِيِّين فِي الرَّجَزِ
وَالْمُنْسَرِحِ. والمَثْلُوثُ مِنَ الشِّعْرِ: الَّذِي ذَهَبَ جُزْآنِ مِنْ
سِتَّةِ أَجزائه. والمِثْلاثُ مِنَ الثُّلُثِ: كالمِرْباع مِنَ الرُّبُع.
وأَثْلَثَ الكَرْمُ: فَضَلَ ثُلُثُه، وأُكِلَ ثُلُثاه. وثَلَّثَ البُسْرُ: أَرْطَبَ ثُلُثه. وإِناءٌ ثَلْثانُ: بَلَغ الكيلُ ثُلُثَه،
وَكَذَلِكَ هُوَ فِي الشَّرَابِ وَغَيْرِهِ. والثَّلِثانُ: شَجَرَةُ عِنبِ الثَّعْلب. الْفَرَّاءُ: كِساءٌ مَثْلُوثٌ مَنْسُوجٌ
مِنْ صُوف وَوَبَرٍ وشَعَرٍ؛ وأَنشد: مَدْرَعَةٌ كِساؤُها مَثْلُوثُ وَيُقَالُ لوَضِين البَعير: ذُو
ثُلاثٍ؛ قَالَ: وَقَدْ ضُمِّرَتْ، حَتَّى انْطَوَى ذُو ثَلاثِها، ... إِلى أَبْهَرَيْ
دَرْماءِ شَعْبِ السَّناسِنِ وَيُقَالُ ذُو ثُلاثها: بَطْنُها والجِلدتانِ
العُلْيا والجِلدة الَّتِي تُقْشَر بَعْدَ السَّلْخ. الْجَوْهَرِيُّ: والثِّلْثُ،
بِالْكَسْرِ، مِنْ قَوْلِهِمْ: هُوَ يَسْقِي نَخْله الثِّلْثَ؛ وَلَا يُستعمل
الثِّلْثُ إِلَّا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ؛ وَلَيْسَ فِي الوِرْدِ ثِلْثٌ لأَن
أَقصَرَ الوِرْدِ الرِّفْهُ، وَهُوَ أَن تَشْربَ الإِبلُ كلَّ يَوْمٍ؛ ثُمَّ الغِبُّ،
وَهُوَ أَن تَرِدَ يَوْمًا وتَدعَ يَوْمًا؛ فإِذا ارْتَفَعَ مِنَ الغِبّ
فالظِّمْءُ الرِّبْعُ ثُمَّ الخِمْسُ، وَكَذَلِكَ إِلى العِشْر؛ قَالَهُ الأَصمعي.
وتَثْلِيثُ: اسْمُ مَوْضِعٍ؛ وَقِيلَ: تَثْلِيثُ وادٍ عظيمٌ مَشْهُورٌ؛ قَالَ
الأَعشى: كخَذُولٍ تَرْعَى النَّواصِفَ، مِن تَثْلِيثَ، ... قَفْراً خَلا لَها الأَسْلاقُ
ثوث: بُرْدٌ ثُوثِيٌّ: كَفُوفيٍّ، وَحَكَى يَعْقُوبُ أَن ثَاءَهُ بدل.
(2/125) ( فهرس الكتاب - فهرس
المحتويات ) لسان العرب فصل الجيم جأث: جَئِثَ الرجلُ جَأَثاً: ثَقُلَ عِنْدَ
الْقِيَامِ أَو حَمْلِ شَيْءٍ ثَقِيلٍ، وأَجْأَثَهُ الحِمْلُ. اللَّيْثُ: الجَأْثُ
ثِقَلُ المَشْي؛ يُقَالُ: أَثْقَلَه الحِمْلَ حَتَّى جَأَثَ. غَيْرُهُ: الجَأَثانُ
ضَرْبٌ مِنَ المَشْي؛ وأَنشد: عَفَنْجَجٌ، فِي أَهله، جَأْآثُ وجَأَثَ البعيرُ بحملِه يَجْأَثُ:
مَرَّ بِهِ مُثقَلًا؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. أَبو زَيْدٍ: جأَثَ البعيرُ جَأْثاً،
وَهُوَ مِشْيَتُه مُوقَراً حَمْلًا. وجُئِثَ جَأْثاً: فَزِعَ. وَقَدْ جُئِثَ إِذا
أُفْزِعَ، فهو مَجْؤُوثٌ أَي مَذْعُور. وَفِي حَدِيثِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنه رأَى حبريلَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: فجُئِثْتُ
مِنْهُ فَرَقاً حِينَ رأَيتُه أَي ذُعِرْتُ وخِفْتُ. الأَصمعي: جَأَثَ يَجْأَثُ جَأْثاً إِذا نَقَلَ الأَخبار؛ وأَنشد:
جَأْآثُ أَخْبارٍ،
لَهَا، نَبَّاثُ ورجلٌ جَأْآثٌ: سَيِءُ الخُلُقِ. وانْجَأَثَ النخلُ: انْصَرَع.
وجُؤْثة: قَبِيلَةٌ، إِليها نُسِبَ تَمِيمٌ. وجُؤَاثَى: مَوْضِعٌ؛ قَالَ إمرؤُ الْقَيْسِ:
ورُحْنا، كأَني مِنْ
جُؤَاثَى، عَشِيَّةً، ... نُعالي النِّعاجَ بَيْنَ عِدْلٍ ومُحْقِبِ وَضَبَطَهُ
عليُّ بْنُ حَمْزة فِي كِتَابِ النَّبَاتِ جُواثَى، بِغَيْرِ هَمْزٍ، فإِما أَن
يَكُونَ عَلَى تَخْفِيفِ الْهَمْزِ، وإِما أَن يَكُونَ أَصله ذَلِكَ. وَقِيلَ: جُواثَى
قَرْيَةٌ بالبحرين معروفة. جبقث: الجُنْبَقْثَةُ: نَعْتُ سَوْءٍ للمرأَة. والجُنْبَقْثةُ:
المرأَة السَّوْدَاءُ؛ رُبَاعِيٌّ لأَنه لَيْسَ فِي الْكَلَامِ مثل جُرْدَحْلٍ.
جثث: الجَثُّ:
القَطْعُ؛ وَقِيلَ: قَطْعُ الشَّيْءِ مِنْ أَصله؛ وَقِيلَ: انتزاعُ الشَّجَرِ مِنْ أُصوله؛ والاجْتثاث أَوْحى مِنْهُ؛ يُقَالُ:
جَثَثْتُه،
واجْتَثَثْتُه، فانجَثَّ. ابْنُ سِيدَهْ: جَثَّه يَجُثُّه جَثّاً، واجْتَثَّه
فانجَثَّ، واجْتَثَّ. وَشَجَرَةٌ مُجْتَثَّة: لَيْسَ لَهَا أَصل فِي الأَرض. وَفِي
التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ فِي الشَّجَرَةِ الْخَبِيثَةِ: اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ
الْأَرْضِ مَا لَها مِنْ قَرارٍ ؛ فُسِّرَتْ بأَنها المُنْتزَعة المُقْتَلَعة،
قَالَ الزَّجَّاجُ: أَي اسْتُؤْصِلَتْ مِنْ فَوْقِ الأَرض. وَمَعْنَى اجْتُثَّ
الشيءُ فِي اللُّغَةِ: أُخِذَتْ جُثَّتُه بِكَمَالِهَا. وجَثَّه: قَلَعه.
واجْتَثَّه: اقْتَلَعه. وَفِي حَدِيثِ أَبي هُرَيْرَةَ: قَالَ رَجُلٌ لِلنَّبِيِّ،
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَمَا نُرى هَذِهِ الكَمْأَة إِلّا الشجَرة
الَّتِي اجْتُثَّتْ مِنْ فوق الأَرض؟ فقال: بَلْ هِيَ مِنَ المَنّ.
اجْتُثَّتْ:
قُطِعَتْ. والمُجْتَثُّ: ضَرْبٌ مِنَ الْعُرُوضِ، عَلَى التَّشْبِيهِ بِذَلِكَ،
كأَنه اجْتُثَّ مِنَ الْخَفِيفِ أَي قُطع؛ وَقَالَ أَبو إِسحاق: سُمِّيَ
مُجْتَثّاً، لأَنك اجْتَثَثْتَ أَصلَ الجُزء الثَّالِثِ وَهُوَ [مَفْ] فَوَقَعَ
ابْتِدَاءُ الْبَيْتِ مِنْ [عُولَاتٍ مُسْ] . الأَصمعي: صِغارُ النخلِ أَوّلَ مَا
يُقْلَعُ مِنْهَا شَيْءٌ مِنْ أُمه، فَهُوَ الجَثيثُ، والوَدِيُّ والهِراء
والفَسِيل. أَبو عَمْرٍو: الجَثِيثةُ النَّخْلَةُ الَّتِي كَانَتْ نَواةً، فحُفِرَ لَهَا
وحُمِلَتْ بجُرْثُومَتها، وَقَدْ جُثَّتْ جَثّاً. أَبو (2/126) الْخَطَّابِ: الجَثِيثةُ مَا تَساقط مِنْ أُصول النَّخْلِ.
الْجَوْهَرِيُّ: والجَثِيثُ مِنَ النَّخْلِ الفَسيل، والجَثيثة الْفَسِيلَةُ؛ وَلَا
تَزالُ جَثيثة حَتَّى تُطْعِم، ثُمَّ هِيَ نَخْلَةٌ. ابْنُ سِيدَهْ: والجَثيثُ أَولُ
مَا يُقْلَعُ مِنَ الفَسيل مِنْ أُمه، واحدتُه جَثيثة؛ قَالَ: أَقْسَمْتُ لَا يَذْهَبُ عنِّي بَعْلُها، ... أَو يَسْتَوِي جثِيثُها وجَعْلُها
البَعْلُ مِنَ النَّخْلِ: مَا اكْتَفَى بِمَاءِ السَّمَاءِ. والجَعْلُ: مَا نَالَتْهُ
اليَدُ مِنَ النَّخْلِ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الجَثيثُ مَا غُرِسَ مِنْ فِراخِ النَّخْل،
وَلَمْ يُغْرَسْ مِنَ النَّوى. الْجَوْهَرِيُّ: المِجَثَّة والمِجْثاثُ حَدِيدَةٌ يُقْلَع بِهَا الْفَسِيلُ.
ابْنُ سِيدَهْ: المِجَثُّ والمِجْثاثُ مَا جُثَّ بِهِ الجَثِيثُ. والجَثِيثُ: مَا
يَسْقُط مِنَ الْعِنَبِ فِي أُصول الْكَرْمِ. والجُثَّةُ: شَخْصُ الإِنسان، قَاعِدًا أَو نَائِمًا؛ وَقِيلَ جُثَّةُ
الإِنسان شخصُه، مُتَّكِئاً أَو مُضْطَجعاً؛ وَقِيلَ: لَا يُقَالُ لَهُ جُثَّة،
إِلّا أَن يَكُونَ قَاعِدًا أَو نَائِمًا، فأَما الْقَائِمُ فَلَا يُقَالُ
جُثَّتُه، إِنما يُقَالُ قِمَّتُه؛ وَقِيلَ: لَا يُقَالُ جُثَّةٌ إِلّا أَن
يَكُونَ عَلَى سرْج أَو رَحْل مُعْتَمّاً، حَكَاهُ ابْنُ دُرَيْدٍ عَنْ أَبي
الْخَطَّابِ الأَخْفَشِ؛ قَالَ: وَهَذَا شَيْءٌ لَمْ يُسْمَعْ مِنْ غَيْرِهِ،
وَجَمْعُهَا جُثَثٌ وأَجْثاثٌ، الأَخيرة عَلَى طَرْحِ الزَّائِدِ، كأَنه جمعُ
جُثٍّ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي: فأَصْبَحَتْ مُلْقِيةَ الأَجْثاث قَالَ: وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ
أَجْثاثٌ جمعَ جُثَثٍ الَّذِي هُوَ جمعُ جُثَّة، فَيَكُونَ عَلَى هَذَا جمعَ جمعٍ.
وَفِي حَدِيثِ أَنس: اللهمَّ جافِ الأَرضَ عَنْ جُثَّتِه أَي جَسَدِه. والجُثُّ:
مَا أَشرف مِنَ الأَرض فَصَارَ لَهُ شَخْصٌ؛ وَقِيلَ: هُوَ مَا ارْتَفَعَ مِنَ
الأَرض حَتَّى يَكُونَ لَهُ شَخْصٌ مِثْلُ الأَكَمَة الصَّغِيرَةِ؛ قَالَ:
وأَوْفَى عَلَى
جُثٍّ، ولِلَّيْلِ طُرَّةٌ ... عَلَى الأُفْقِ، لَمْ يَهْتِكْ جَوانِبَها الفَجْرُ
والجَثُّ: خِرْشاءُ الْعَسَلِ، وَهُوَ مَا كَانَ عَلَيْهَا مِنْ فِرَاخِهَا أَو
أَجْنِحَتِها. ابْنُ الأَعرابي: جَثَّ المُشْتارُ إِذا أَخذَ العَسلَ بجثِّه
ومَحارينِه، وَهُوَ مَا مَاتَ مِنَ النَّحْلِ فِي الْعَسَلِ. وَقَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤَيَّةَ الْهُذَلِيُّ يَذْكُرُ المُشْتارَ تَدَلَّى
بحِباله للعسَل: فَمَا بَرِحَ الأَسْبابُ، حَتَّى وَضَعْنَهُ ... لَدَى الثَّوْلِ،
يَنْفِي جَثَّها، ويَؤُومُها يَصِفُ مُشْتارَ عَسَلٍ رَبَطه أَصحابه بالأَسْباب،
وَهِيَ الحبالُ، ودَلَّوْه مِنْ أَعلى الْجَبَلِ إِلى مَوْضِعِ خَلايا النَّحْلِ.
وقوله يَؤُومُها أَي يُدَخِّنُ عَلَيْهَا بالأُيام، والأُيامُ: الدُّخانُ.
والثَّوْلُ:
جَمَاعَةُ النَّحْلِ. الْجَوْهَرِيُّ: الجَثُّ، بِالْفَتْحِ، الشَّمَعُ «9» ؛
وَيُقَالُ: هُوَ كلُّ قَذى خالَطَ الْعَسَلَ مِن أَجنحة النَّحْل وأَبدانها.
والجُثُّ: غِلافُ التَّمْرة. وجَثُّ الجرادِ: مَيِّتُه؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. الْكِسَائِيُّ: جُئِثَ الرجلُ
جَأْثاً، وجُثَّ جَثّاً، فهو مَجْؤُوثٌ ومَجْثُوث إِذا فَزِعَ وخافَ. وَفِي
حَدِيثِ بدءِ الوَحْي: فَرَفَعْتُ رأْسي فإِذا المَلَك الَّذِي جاءَني بحِراءٍ، فجُثِثْتُ
مِنْهُ أَي فَزعْتُ مِنْهُ وخِفْتُ؛ وَقِيلَ: مَعْنَاهُ قُلِعْتُ مِنْ مَكَانِي؛ مِنْ
قَوْلِهِ تَعَالَى: اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ ؛ وقال __________
(9) . قوله [الجث، بالفتح،
الشمع إلخ] بعد تصريح الجوهري بالفتح فلا يعول على مقتضى عبارة القاموس أنه بالضم.
وقوله والجث غلاف التمرة بضم الجيم اتفاقاً، غير أَن في القاموس غلاف الثمرة
المثلثة، والذي في اللسان كالمحكم التمرة بالمثناة الفوقية. (2/127) الحَرْبيُّ: أَراد جُئِثْتُ، فَجَعَلَ مَكَانَ الْهَمْزَةِ ثَاءً،
وَقَدْ تقدَّم. وتَجَثْجَثَ الشَّعَرُ: كثُرَ. وشَعَرٌ جَثْجاثٌ وجُثاجِثٌ.
والجَثْجاثُ: نَبات
سُهْليٌّ رَبيعي إِذا أَحَسَّ بِالصَّيْفِ وَلَّى وجَفَّ؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ:
الجَثْجاثُ مِنْ أَحرار الشَّجَرِ، وَهُوَ أَخضر، يَنْبُتُ بالقَيْظ، لَهُ
زَهْرَةٌ صَفْراء كأَنها زَهْرةُ عَرْفَجةٍ طيبةُ الرِّيحِ تأْكله الإِبل إِذا
لَمْ تَجِدْ غَيْرَهُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ: فَمَا رَوْضَةٌ بالحَزْن طَيِّبةُ الثَّرى، ... يَمُجُّ النَّدَى جَثْجاثُها
وعَرارُها، بأَطْيَبَ مِنْ فِيهَا، إِذا جِئْتَ طارِقاً، ... وقَدْ أُوقِدَتْ بالمِجْمرِ
اللَّدْنِ نارُها واحدتُه جَثْجاثَةٌ. وَفِي حَدِيثِ قُسِّ بْنِ سَاعِدَةَ:
وعَرَصاتِ جَثْجاثٍ ، الجَثْجاثُ: شَجر أَصفرُ مُرٌّ طَيِّبُ الرِّيحِ،
تَسْتَطِيبُه العربُ وَتُكْثِرُ ذِكْرَهُ فِي أَشعارها. وجَثْجَتَ البعيرُ: أَكل
الجَثْجاثَ. وَبَعِيرٌ جُثاجِثٌ أَي ضَخْم. وشَعَرٌ جُثاجثٌ، بِالضَّمِّ، وَنَبْتٌ
جُثاجث أَي مُلْتَفٌّ. جدث: الجَدَثُ: القَبْر. وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ
وَجْهَهُ: فِي جَدَثٍ يَنْقَطِعُ فِي ظُلْمته آثارُها أَي فِي قَبْرٍ، وَالْجَمْعُ
أَجْداثٌ. وَفِي الْحَدِيثِ: نُبَوِّئهم أَجْداثَهم أَي نُنْزِلُهم قبورَهم؛ وَقَدْ قَالُوا:
جَدَفٌ، فَالْفَاءُ بَدَلٌ مِنَ الثَّاءِ، لأَنهم قَدْ أَجمعوا فِي الْجَمْعِ
عَلَى أَجْداثٍ، وَلَمْ يَقُولُوا أَجْداف. وأَجْدُثٌ: موضِع؛ قَالَ المُتَنَخِّلُ
الهذَليُّ: عَرَفْتُ بأَجْدُثٍ، فنِعافِ عِرْقٍ، ... علاماتٍ، كتَحْبير النِّماطِ
ابْنُ سِيدَهْ: وَقَدْ نَفَى سِيبَوَيْهِ أَن يَكُونَ أَفْعُلٌ مِنْ أَبنية الْوَاحِدِ،
فَيَجِبُ أَن يُعَدَّ هَذَا فِيمَا فَاتَهُ مِنْ أَبنية كَلَامِ الْعَرَبِ، إِلا
أَن يَكُونَ جَمَعَ الجَدَثَ الَّذِي هُوَ الْقَبْرُ عَلَى أَجْدُثٍ، ثُمَّ سَمَّى
بِهِ الْمَوْضِعَ. وَيُرْوَى: أَجْدُف، بِالْفَاءِ. وَحَكَى الْجَوْهَرِيُّ فِي جَمْعِ الجَدَث
القبرِ: أَجْدُث. وأَنشد بين الْمُتَنَخِّلَ شَاهِدًا عَلَيْهِ. واجْتَدَثَ:
اتخذ جَدَثاً. جرث: الجِرِّيثُ، بِالتَّشْدِيدِ: ضَرْبٌ مِنَ السَّمَكِ مَعْرُوفٌ، وَيُقَالُ
لَهُ: الجِرِّيُّ. رُوِيَ أَن ابْنَ عَبَّاسٍ سُئِلَ عَنِ الجِرِّيِّ فَقَالَ: لَا
بأْس، إِنما هُوَ شيءٌ حرَّمه الْيَهُودُ. وَرُوِيَ عَنْ عَمّار: لَا تأْكلوا الصِّلَّوْرَ والأَنْقَلِيسَ.
قَالَ أَحمدُ بنُ الحَريش:
قَالَ النَّضْر الصِّلَّوْرُ الجِرِّيثُ، والأَنْقَلِيسُ المارْماهي. وَرُوِيَ عَنْ
عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: أَنه أَباحَ أَكْلَ الجِرِّيث ؛ وَفِي رِوَايَةٍ:
أَنه كَانَ يَنْهَى
عَنْهُ ، وَهُوَ نَوْعٌ مِنَ السَّمَكِ يُشْبه الحَيّاتِ، وَيُقَالُ له بالفارسية:
المارْماهِي.
جنث: الجِنْثُ: أَصلُ
الشَّيْءِ، والجمعُ أَجناثٌ وجُنُوثٌ. الْجَوْهَرِيُّ: يُقَالُ فُلَانٌ مِنْ جِنْثِك وجِنْسِك أَي مِنْ
أَصلك، لُغَةٌ أَو لَثْغة. والجُنْثِيُّ والجِنْثِيُّ: الزَّرَّادُ؛ وَقِيلَ:
الحَدَّاد،
وَالْجَمْعُ أَجْناثٌ، عَلَى حَذْفِ الزَّائِدِ. والجِنْثِيُّ والجُنْثِيُّ:
السيفُ؛ قَالَ: ولكِنَّها سُوقٌ، يكونُ بِياعُها ... بجُنْثِيَّةٍ، قد أَخْلَصَتْها الصَّياقِلُ
وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: يَعْنِي بِهِ السُّيوف أَو الدُّرُوعَ.
والجُنْثِيُّ
والجِنْثِيُّ، بِالْكَسْرِ وَالضَّمِّ: مِنْ أَجود الْحَدِيدِ؛ الأَصمعي عَنْ
خَلَفٍ قَالَ: سَمِعْتُ الْعَرَبَ (2/128) تُنْشِدُ بَيْتَ لَبيد: أَحْكَمَ الجُنْثِيُّ، مِنْ عَوْراتِها، ... كلَّ حِرْباءٍ، إِذا
أُكْرِه صَلْ قال: الجُنْثِيُّ [الجِنْثِيُ] السيفُ بِعَيْنِهِ. أَحْكَمَ أَي
رَدَّ الحِرْباءَ، وَهُوَ المسمارُ. مِنْ عَوْراتها، السيفُ «1» ؛ وأَنشد:
وليستْ بأَسْواقٍ،
يكونُ بِياعُها ... بِبِيضٍ، تُشافُ بالجِيادِ المَناقِلِ ولكنَّها سُوقٌ، يكونُ
بِياعُها ... بجِنْثِيَّةٍ، قد أَخْلَصَتْها الصَّياقِلُ قَالَ: مَنْ رَوَى
أَحْكَمَ الجِنْثِيُّ مِنْ عَوْراتها كلَّ حِرْبَاءَ، قَالَ: الجنْثِيُّ الحدَّاد
إِذا أَحْكَم عَوْرات الدُّروع لَمْ يَدَعْ فِيهَا فَتْقاً، وَلَا مَكَانًا
ضَعيفاً. والجِنْثُ: أَصلُ الشَّجَرَةِ، وَهُوَ العِرْق المستقيمُ أَرومَتُه فِي
الأَرض؛ وَيُقَالُ: بَلْ هُوَ مِنْ ساقِ الشَّجَرَةِ مَا كَانَ فِي الأَرض فوقَ
العُروق. الأَصمعي: جِنْثُ الإِنسان أَصلهُ؛ وإِنه لَيَرْجِعُ إِلى جِنْثِ صِدْقٍ.
ابْنُ الأَعرابي: التَّجَنُّثُ أَن يَدَّعِيَ الرجلُ غير أَصله. جهث: جَهَثَ الرجلُ يَجْهَثُ جَهْثاً: استخفَّه الفزعُ أَو الغَضَبُ؛
عَنْ أَبي مَالِكٍ. جوث: الجَوَثُ: اسْتِرخاءُ أَسفلِ البَطْنِ. وَرَجُلٌ أَجْوَثُ.
والجَوْثاءُ،
بِالْجِيمِ: الْعَظِيمَةُ البَطْن عِنْدَ السُّرَّة؛ وَيُقَالُ: بَلْ هُوَ
كَبَطْنِ الحُبْلى. اللَّيْثُ: الجَوَثُ عِظَمٌ فِي أَعلى البَطْن كأَنه بَطْنُ
الحُبْلى؛ والنَّعْتُ: أَجْوَثُ وجَوْثاءُ. والجَوْثُ والجَوْثاءُ: القِبَةُ؛ قَالَ: إِنَّا وَجَدْنا زادَهم رَدِيَّا: ... الكِرْشَ، والجَوْثاءَ،
والمَرِيَّا وَقِيلَ: هِيَ الحَوْثاء، بالحاءِ الْمُهْمَلَةِ. وجُوثةُ: حَيٌّ أَو مَوْضِعٌ،
وَتَمِيمُ جُوثة مَنْسُوبُونَ إِليهم. الْجَوْهَرِيُّ: جُوَاثَى:
اسْمُ حِصْن
بِالْبَحْرِينِ. وَفِي الْحَدِيثِ: أَوَّلُ جُمْعَةٍ جُمِّعَتْ بَعْدَ الْمَدِينَةِ بجُوَاثَى ؛ هُوَ
اسْمُ حِصْنٍ بِالْبَحْرِينِ. وَفِي حَدِيثِ الثَّلِبِ: أَصابَ النبيَّ، صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، جُوثَةٌ. هَكَذَا جَاءَ فِي رِوَايَتِهِ؛ قَالُوا: وَالصَّوَابُ حُوبَةٌ، وهي الفاقَةُ.
( فهرس الكتاب - فهرس
المحتويات ) لسان العرب فصل الحاء المهملة حتث: التَحْتِيثُ: التَّكَسُّرُ
والضَّعْفُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. حثث: الحَثُّ: الإِعْجالُ فِي اتِّصالٍ؛ وَقِيلَ: هَوَ الاستعجالُ مَا
كَانَ. حَثَّهُ يَحُثُّهُ حَثّاً. واسْتَحَثَّه واحْتَثَّه، والمُطاوع مِنْ كُلِّ
ذَلِكَ احْتَثَّ. والحِثِّيثَى: الاسْمُ نَفْسُه؛ يُقَالُ: اقْبَلُوا دِلِّيلى رَبِّكُمْ وحِثِّيثاهُ إِياكم. وَيُقَالُ:
حَثَثْتُ فُلَانًا، فاحْتَثَّ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الحِثِّيثَى الحَثُّ، وَكَذَلِكَ
الحُثْحُوثُ. وحَثْحَثَه كحَثَّه، وحَثَّثَه أَي حَضَّه؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: أَما
قَوْلِ مَنْ قَالَ فِي قَوْلِ تأَبط شَرًّا: كأَنما حَثْحَثُوا حُصّاً قَوادِمُه، ... أَو أُمَّ خِشْفٍ بِذِي
شَثٍّ وطُبّاقِ إِنه أَراد حَثَّثُوا، فأَبدل مِنَ الثَّاءِ الوُسْطَى حَاءً،
فمردودٌ عِنْدَنَا؛ قَالَ: وإِنما ذَهَبَ إِلى هَذَا الْبَغْدَادِيُّونَ، قَالَ:
وسأَلت أَبا عَلِيٍّ
عَنْ فسادِه، فَقَالَ: الْعِلَّةُ أَن أَصل الْبَدَلِ فِي الْحُرُوفِ إِنما هُوَ
فِيمَا تَقَارَبَ مِنْهَا، وَذَلِكَ نَحْوُ الدَّالِ وَالطَّاءِ، وَالتَّاءِ
وَالظَّاءِ، وَالذَّالِ وَالثَّاءِ، وَالْهَاءِ وَالْهَمْزَةِ، وَالْمِيمِ
وَالنُّونِ، وَغَيْرِ ذلك مما __________ (1) .
هكذا في الأَصل،
والظاهر أَن في الكلام تحريفاً. (2/129) تَدَانَتْ مَخَارِجُهُ. وأَما الْحَاءُ فَبَعِيدَةٌ مِنَ الثَّاءِ، وَبَيْنَهُمَا
تَفَاوُتٌ يَمْنَعُ مِنْ قَلْبِ إِحداهما إِلى أُختها. وحَثَّثَهُ تَحْثِيثاً، وحَثْحَثَه، بِمَعْنًى. وَولَّى حَثِيثاً أَي مُسْرِعاً
حَريصاً. وَلَا يَتَحاثُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ أَي لَا يَتَحاضُّون.
وَرَجُلٌ حَثيثٌ ومَحْثُوثٌ: حادٌّ سَريعٌ فِي أَمره كأَنَّ نَفْسَه تَحُثُّه.
وَقَوْمٌ حِثاثٌ، وامرأَة حَثِيثة فِي موضعِ حاثَّةٍ، وحَثِيثٌ فِي موضعِ
مَحْثُوثةٍ؛ قَالَ الأَعشى: تَدَلَّى حَثِيثاً، كأَنَّ الصُّوارَ ... يَتْبَعُه أَزْرَقِيٌّ
لَحِمْ شبَّه الْفَرَسَ فِي السُّرْعة بِالْبَازِي. والطائرُ يَحُثُّ جَناحَيْه فِي
الطَّيَران: يُحَرِّكُهما؛ قَالَ أَبو خِراشٍ: يُبادِرُ جُنْحَ اللَّيْلِ، فَهُوَ
مُهابِدٌ، يَحُثُّ الجَناحَ بالتَّبَسُّطِ والقَبْضِ وَمَا ذُقْتُ حَثاثاً وَلَا
حِثاثاً أَي مَا ذُقْتُ نَوْماً. وَمَا اكْتَحَلْتُ حَثاثاً وحِثاثاً،
بِالْكَسْرِ، أَي نَوْمًا. قَالَ أَبو عُبيد: وَهُوَ بِالْفَتْحِ أَصحُّ؛ أَنشد
ثَعْلَبٌ: وللهِ مَا ذاقَتْ حَثَاثاً مَطِيَّتي، ... وَلَا ذُقْتُه، حَتَّى بَدا
وَضَح الفَجْر وَقَدْ يُوصَفُ بِهِ فَيُقَالُ: نَوْمٌ حِثاثٌ أَي قليلٌ، كَمَا
يُقَالُ: نومٌ غِرارٌ. وَمَا كُحِلَتْ عَيْنِي بِحَثاث أَي بنَوْم. وَقَالَ الزُّبَيْر:
الحَثْحاثُ والحُثْحُوثُ: النَّوْمُ: وأَنشد: مَا نِمْتُ حُثْحُوثاً، وَلَا أَنامُه ... إِلا عَلَى مُطَرَّدٍ
زِمامُه وَقَالَ زَيْدُ بْنُ كَثْوَةَ: مَا جَعَلْتُ فِي عَيْني حِثَاثاً؛ عِنْدَ تأْكيد
السَّهَرِ. وحَثَّثَ الرجلُ إِذا نَامَ. والحِثاثَةُ، بِالْكَسْرِ:
الحَرُّ والخُشُونة
يَجدُها الإِنسانُ فِي عَيْنَيْه. قَالَ راويةُ أَمالي ثَعْلَب: لَمْ يَعْرِفها
أَبو الْعَبَّاسِ. والحُثُّ: الرَّمْلُ الغَلِيظُ اليابِسُ الخَشِنُ؛ قَالَ:
حَتَّى يُرَى فِي يابِس
الثَّرْياء حُثّ، ... يَعْجِزُ عَنْ رِيِّ الطُّلَيِّ المُرْتَغِثْ أَنشده ابْنُ
دُرَيْدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَمِّهِ الأَصمعي.
وسَوِيقٌ حُثٌّ: لَيْسَ بدَقِيقِ الطَّحْنِ، وَقِيلَ: غيرُ مَلْتُوتٍ؛ وكُحْلٌ حُثٌّ، مِثلُه؛ وَكَذَلِكَ مِسْكٌ حُثٌّ؛
أَنشد ابْنُ الأَعرابي: إِنّ بأَعْلاكَ لَمِسْكاً حُثَّا، ... وغَلَبَ الأَسْفَلُ إِلَّا
خُبْثا عَدَّى غَلَبَ هُنَا، لأَن فِيهِ مَعْنَى أَبى. وَمَعْنَاهُ: أَنه كَانَ إِذا
أَخَذَه وحَمله سَلَحَ عَلَيْهِ. والحُثُّ، بِالضَّمِّ: حُطامُ التِّبْنِ، والرملُ
الخَشِنُ، والخُبْزُ القَفارُ. وتَمْرٌ حُثٌّ: لَا يَلْزَقُ بَعْضُه بِبَعْضٍ،
عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ قَالَ: وَجَاءَنَا بتَمْرٍ فَذٍّ، فَضٍّ، وحُثٍّ أَي لَا
يَلْزَقُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ. والحَثْحَثَةُ: الاضطرابُ؛ وخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ اضطرابَ البَرْق
فِي السَّحاب، وانْتِخالَ الْمَطَرِ وَالْبَرَدِ وَالثَّلْجِ مِنْ غَيْرِ انْهِمار.
وخِمْسٌ حَثْحاثٌ، وحَذْحاذ، وقَسْقاسٌ، كلُّ ذَلِكَ: السَّيْرُ الَّذِي لَا
وَتِيرة فِيهِ. وقَرَبٌ حَثْحاث، وثَحْثاحٌ، وحَذْحاذٌ، ومُنَحِّبٌ أَي شَدِيدٌ.
وقَرَبٌ حَثْحاثٌ أَي سَرِيعٌ، لَيْسَ فِيهِ فُتُور. وخِمْس قَعْقاع وحَثْحاث إِذا
كَانَ بَعِيدًا والسيرُ فِيهِ (2/130) مُتْعِباً لَا وَتِيرَةَ فِيهِ أَي لَا فُتُور فِيهِ. وَفَرَسٌ جَوادُ
المَحَثَّة أَي إِذا حُثَّ جَاءَهُ جَريٌ بَعْدَ جَرْيٍ. والحَثْحَثَة:
الْحَرَكَةُ
المُتَداركة. وحَثْحَثَ المِيلَ فِي الْعَيْنِ: حَرَّكه؛ يُقَالُ: حَثْحَثوا
ذَلِكَ الأَمْرَ ثُمَّ تَركُوه أَي حَرَّكُوه. وحَيَّة حَثْحاثٌ ونَضْناضٌ: ذُو
حَرَكَةٍ دَائِمَةٍ. وَفِي حَدِيثِ سَطِيح: كأَنما حُثْحِثَ مِنْ حِضْنَيْ ثَكَن أَي
حُثَّ وأُسْرِعَ. يُقَالُ: حَثَّه عَلَى الشيءِ وحَثْحَثَه، بِمَعْنًى.
وَقِيلَ: الْحَاءُ
الثَّانِيَةُ بَدَلٌ مِنْ إِحدى الثاءَين. والحُثْحُوث: الدَّاعِي بسُرْعة، وَهُوَ أَيضاً السَّرِيعُ مَا كَانَ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ:
والحُثْحُوثُ الكَتيبة. أُرَى: والحُثُّ المَدْقُوق مِنْ كُلِّ شَيْءٍ.
حدث: الحَدِيثُ:
نقيضُ الْقَدِيمِ. والحُدُوث: نقيضُ القُدْمةِ. حَدَثَ الشيءُ يَحْدُثُ حُدُوثاً
وحَداثةً، وأَحْدَثه هُوَ، فَهُوَ مُحْدَثٌ وحَديث، وَكَذَلِكَ اسْتَحدثه. وأَخذني
مِنْ ذَلِكَ مَا قَدُمَ وحَدُث؛ وَلَا يُقَالُ حَدُث، بِالضَّمِّ، إِلَّا مَعَ
قَدُم، كأَنه إِتباع، وَمِثْلُهُ كَثِيرٌ. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: لَا يُضَمُّ
حَدُثَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْكَلَامِ إِلا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، وَذَلِكَ
لِمَكَانِ قَدُمَ عَلَى الازْدواج. وَفِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ: أَنه سَلَّمَ
عَلَيْهِ، وَهُوَ يُصَلِّي، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ السلامَ، قَالَ: فأَخذني مَا
قَدُمَ وَمَا حَدُث ، يعْني هُمُومَهُ وأَفكارَه القديمةَ والحديثةَ. يُقَالُ:
حَدَثَ الشيءُ، فإِذا قُرِن بقَدُم ضُمَّ، للازْدواج. والحُدُوثُ: كونُ شَيْءٍ
لَمْ يَكُنْ. وأَحْدَثَه اللهُ فَحَدَثَ. وحَدَثَ أَمرٌ أَي وَقَع. ومُحْدَثاتُ الأُمور:
مَا ابتدَعه أَهلُ الأَهْواء مِنَ الأَشياء الَّتِي كَانَ السَّلَف الصالحُ عَلَى
غَيْرِهَا. وَفِي الْحَدِيثِ: إِياكم ومُحْدَثاتِ الأُمور ، جمعُ مُحْدَثَةٍ بِالْفَتْحِ، وَهِيَ
مَا لَمْ يَكُنْ مَعْرُوفاً فِي كِتَابٍ، وَلَا سُنَّة، وَلَا إِجماع. وَفِي
حَدِيثِ بَنِي قُرَيظَة: لَمْ يَقْتُلْ مِنْ نِسَائِهِمْ إِلا امْرأَةً وَاحِدَةً كانتْ
أَحْدَثَتْ حَدَثاً ؛ قِيلَ: حَدَثُها أَنها سَمَّتِ النبيَّ، صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ وَقَالَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
كلُّ مُحْدَثَةٍ
بدْعَةٌ، وكلُّ بِدْعةٍ ضَلالةٌ. وَفِي حَدِيثِ الْمَدِينَةِ: مَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثاً، أَو آوَى مُحْدِثاً ؛ الحَدَثُ:
الأَمْرُ الحادِثُ المُنْكَرُ الَّذِي لَيْسَ بمعتادٍ، وَلَا مَعْرُوفٍ فِي
السُّنَّة، والمُحْدِثُ: يُروى بِكَسْرِ الدَّالِ وَفَتْحِهَا عَلَى الْفَاعِلِ
وَالْمَفْعُولِ، فَمَعْنَى الْكَسْرِ مَن نَصَرَ جَانِيًا، وَآوَاهُ وأَجاره مِنْ
خَصْمه، وَحَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَن يَقْتَصَّ مِنْهُ؛ وَبِالْفَتْحِ، هُوَ
الأَمْرُ المُبْتَدَعُ نَفْسُه، وَيَكُونُ مَعْنَى الإِيواء فِيهِ الرِّضَا بِهِ،
وَالصَّبْرَ عَلَيْهِ، فإِنه إِذا رَضِيَ بالبِدْعة، وأَقرّ فاعلَها وَلَمْ
يُنْكِرْهَا عَلَيْهِ، فَقَدْ آوَاهُ. واسْتَحْدَثْتُ خَبَراً أَي وَجَدْتُ
خَبَراً جَدِيدًا؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ: أَسْتَحْدَثَ الرَّكْبُ عَنْ أَشْياعهم خَبَراً، ... أَم راجَعَ
القَلْبَ، مِنْ أَطْرابه، طَرَبُ؟ وَكَانَ ذَلِكَ فِي حِدْثانِ أَمْرِ كَذَا أَي
فِي حُدُوثه. وأَخذَ الأَمْر بحِدْثانِه وحَدَاثَته أَي بأَوّله وَابْتِدَائِهِ.
وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ، رَضِيَ الله عنها: لَوْلَا حِدْثانُ قَوْمِك بالكُفْر، لَهَدَمْتُ
الكعبةَ وبَنَيْتُها. حِدْثانُ الشَّيْءِ، بِالْكَسْرِ: أَوّلهُ، وَهُوَ مَصْدَرُ حَدَثَ يَحْدُثُ
حُدُوثاً وحِدْثاناً؛ وَالْمُرَادُ بِهِ قُرْبُ عَهْدِهِمْ بِالْكُفْرِ
وَالْخُرُوجِ مِنْهُ، والدُّخولِ فِي الإِسلام، وأَنه لَمْ يَتَمَكَّنِ الدينُ
مِنْ قُلُوبِهِمْ، فَلَوْ هَدَمْتُ الْكَعْبَةَ (2/131) وغَيَّرْتُها، رُبَّمَا نَفَرُوا مِنْ ذَلِكَ. وَفِي حَدِيثِ حُنَين:
إِني لأُعْطِي
رِجَالًا حَديثِي عَهْدٍ بِكُفْرٍ أَتَأَلَّفُهم ، وَهُوَ جمعُ صحةٍ لحديثٍ،
وَهُوَ فَعِيلٌ بِمَعْنَى فَاعِلٍ. وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: أُناسٌ حَديثةٌ أَسنانُهم ؛ حَداثةُ السِّنِّ: كِنَايَةٌ عَنِ
الشَّباب وأَوّلِ الْعُمُرِ؛ وَمِنْهُ حديثُ أُم الفَضْل: زَعَمَت امرأَتي الأُولى
أَنها أَرْضَعَت امرأَتي الحُدْثى ؛ هِيَ تأْنيثُ الأَحْدَث، يُرِيدُ المرأَة
الَّتِي تَزَوَّجَها بَعْدَ الأُولى. وحَدَثانُ الدَّهْر «2» وحَوادِثُه: نُوَبُه،
وَمَا يَحْدُث مِنْهُ، واحدُها حادِثٌ؛ وَكَذَلِكَ أَحْداثُه، واحِدُها حَدَثٌ.
الأَزهري: الحَدَثُ مِنْ أَحْداثِ الدَّهْرِ: شِبْهُ النَّازِلَةِ. والأَحْداثُ:
الأَمْطارُ الحادثةُ
فِي أَوّل السَّنَةِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ: تَرَوَّى مِنَ الأَحْداثِ، حَتَّى تَلاحَقَتْ ... طَرائقُه، واهتَزَّ بالشِّرْشِرِ
المَكْرُ أَي مَعَ الشِّرْشِر؛ فأَما قَوْلُ الأَعشى: فإِمَّا تَرَيْني ولِي لِمَّةٌ، ... فإِنَّ الحَوادث أَوْدى بِهَا فإِنه
حَذْفٌ لِلضَّرُورَةِ، وَذَلِكَ لمَكان الْحَاجَةِ إِلى الرِّدْف؛ وأَما أَبو
عَلِيٍّ الْفَارِسِيُّ فَذَهَبَ إِلى أَنه وَضَعَ الحَوادِثَ مَوْضِعَ الحَدَثانِ،
كَمَا وَضَع الآخرُ الحَدَثانَ موضعَ الْحَوَادِثِ فِي قَوْلِهِ:
أَلا هَلَكَ
الشِّهابُ المُسْتَنِيرُ، ... ومِدْرَهُنا الكَمِيُّ، إِذا نُغِيرُ ووَهَّابُ
المِئِينَ، إِذا أَلَمَّتْ ... بِنَا الحَدَثانُ، وَالْحَامِي النَّصُورُ الأَزهري:
وَرُبَّمَا أَنَّثت العربُ الحَدَثانَ، يَذْهَبُونَ بِهِ إِلى الحَوادث، وأَنشد
الفراءُ هَذَيْنِ الْبَيْتَيْنِ أَيضاً، وَقَالَ عِوَضَ قَوْلِهِ ووهَّابُ
المِئين: وحَمَّالُ المِئين، قَالَ: وَقَالَ الفراءُ: تَقُولُ الْعَرَبُ أَهلكتْنا الحَدَثانُ؛ قَالَ: وأَما حِدْثانُ
الشَّباب، فَبِكَسْرِ الحاءِ وَسُكُونِ الدَّالِ. قَالَ أَبو عَمْرٍو الشَّيباني:
تَقُولُ أَتيته فِي
رُبَّى شَبابه، ورُبَّانِ شَبابه، وحُدْثى شَبَابِهِ، وحديثِ شَبَابِهِ، وحِدْثان
شَبَابِهِ، بِمَعْنًى وَاحِدٍ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الحَدَثُ والحُدْثى
والحادِثَةُ والحَدَثانُ، كُلُّهُ بِمَعْنًى. والحَدَثان: الفَأْسُ، عَلَى
التَّشْبِيهِ بحَدَثان الدَّهْر؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ؛
أَنشد أَبو حَنِيفَةَ: وجَوْنٌ تَزْلَقُ الحَدَثانُ فِيهِ، ... إِذا أُجَراؤُه نَحَطُوا،
أَجابا الأَزهري: أَراد بِجَوْنٍ جَبَلًا. وَقَوْلُهُ أَجابا: يَعْنِي صَدى الجَبل
يَسْمَعُه. والحَدَثانُ: الفأْس الَّتِي لَهَا رأْس واحدة. وَسَمَّى سِيبَوَيْهِ
المَصْدَر حَدَثاً، لأَن المصادرَ كلَّها أَعراضٌ حادِثة، وكَسَّره عَلَى
أَحْداثٍ، قَالَ: وأَما الأَفْعال فأَمثلةٌ أُخِذَتْ مِنْ أَحْداثِ الأَسماء.
الأَزهري: شابٌّ حَدَث فَتِيُّ السِّنِّ. ابْنُ سِيدَهْ: وَرَجُلٌ حَدَثُ السِّنِّ
وحَديثُها: بيِّن الحَداثة والحُدُوثة. وَرِجَالٌ أَحْداثُ السِّنِّ، وحُدْثانُها [حِدْثانُها] ، وحُدَثاؤُها.
وَيُقَالُ: هؤُلاء
قومٌ حُدْثانٌ [حِدْثانٌ] ، جمعُ حَدَثٍ، وَهُوَ الفَتِيُّ السِّنِّ.
الْجَوْهَرِيُّ: ورجلٌ حَدَثٌ أَي __________ (2) .
قوله [وحدثان الدهر
إلخ] كذا ضبط بفتحات في الصحاح والمحكم والتهذيب والتكملة والنهاية وصرح به صاحب
المختار. فقول المجد: ومن الدهر نوبه، صوابه: والحدثان، بفتحات، من الدهر نوبه إلخ
ليوافق أصوله، ولكن نشأ له ذلك من الاختصار، ويؤيد ما قلناه أَنَّهُ قَالَ فِي
آخِرِ المادة. وأوس بن الحدثان محركة صحابي. فقال شارحه: منقول من حدثان الدهر أَي
صروفه ونوائبه نعوذ بالله منها. (2/132) شابٌّ، فإِن ذَكَرْتَ السِّنَّ قُلْتَ: حَدِيثُ السِّنِّ، وهؤلاءِ
غلمانٌ حُدْثانٌ أَي أَحْداثٌ. وكلُّ فَتِيٍّ مِنَ النَّاسِ والدوابِّ والإِبل:
حَدَثٌ، والأُنثى
حَدَثةٌ. وَاسْتَعْمَلَ ابْنُ الأَعرابي الحَدَثَ فِي الوَعِل، فَقَالَ: إِذا
كَانَ الوَعِلُ حَدَثاً، فَهُوَ صَدَعٌ. والحديثُ: الجديدُ مِنَ الأَشياء. وَالْحَدِيثُ: الخَبَرُ يأْتي عَلَى
الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ، وَالْجَمْعُ: أَحاديثُ، كَقَطِيعٍ وأَقاطِيعَ، وَهُوَ
شاذٌّ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، وَقَدْ قَالُوا فِي جَمْعِهِ: حِدْثانٌ وحُدْثانٌ، وَهُوَ
قَلِيلٌ؛ أَنشد الأَصمعي: تُلَهِّي المَرْءَ بالحِدْثانِ لَهْواً، ... وتَحْدِجُه، كَمَا حُدِجَ
المُطِيقُ وبالحُدْثانِ أَيضاً؛ وَرَوَاهُ ابْنُ الأَعرابي: بالحَدَثانِ، وَفَسَّرَهُ،
فَقَالَ: إِذَا أَصابه حَدَثانُ الدَّهْرِ مِنْ مَصائِبه ومَرازِئه، أَلْهَتْه
بدَلِّها وحَدِيثها عَنْ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ تَعَالَى: إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً ؛ عَنَى بِالْحَدِيثِ
الْقُرْآنَ؛ عَنِ الزَّجَّاجِ. والحديثُ: مَا يُحَدِّثُ بِهِ المُحَدِّثُ تَحْديثاً؛
وَقَدْ حَدَّثه الحديثَ وحَدَّثَه بِهِ. الْجَوْهَرِيُّ: المُحادثة والتَّحادُث
والتَّحَدُّثُ والتَّحْديثُ: مَعْرُوفَاتٌ. ابْنُ سِيدَهْ: وَقَوْلُ سِيبَوَيْهِ فِي تَعْلِيلِ قَوْلِهِمْ:
لَا تأْتيني فتُحَدِّثَني، قَالَ: كأَنك قُلْتَ لَيْسَ يكونُ مِنْكَ إِتيانٌ
فحديثٌ، إِنما أَراد فتَحْديثٌ، فوَضَع الِاسْمَ مَوْضِعَ الْمَصْدَرِ، لأَن
مَصْدَرَ حَدَّث إِنما هُوَ التحديثُ، فأَما الحديثُ فَلَيْسَ بِمَصْدَرٍ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ؛ أَي بَلِّغْ مَا
أُرْسِلْتَ بِهِ، وحَدِّث بِالنُّبُوَّةِ الَّتِي آتَاكَ اللهُ، وَهِيَ أَجلُّ
النِّعَم. وَسَمِعْتُ حِدِّيثى حَسنَةً، مثل خِطِّيبيى، أَي حَديثاً.
والأُحْدُوثةُ: مَا حُدِّثَ بِهِ. الْجَوْهَرِيُّ: قَالَ الفراءُ: نُرى أَن وَاحِدَ الأَحاديث أُحْدُوثة، ثُمَّ
جَعَلُوهُ جَمْعًا للحَديث؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: لَيْسَ الأَمر كَمَا زَعَمَ الفراءُ،
لأَن الأُحْدُوثةَ بِمَعْنَى الأُعْجوبة، يُقَالُ: قَدْ صَارَ فلانٌ أُحْدُوثةً.
فأَما أَحاديث النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَا يَكُونُ
وَاحِدُهَا إِلا حَديثاً، وَلَا يَكُونُ أُحْدوثةً، قَالَ: وَكَذَلِكَ ذَكَرَهُ
سِيبَوَيْهِ فِي بَابِ مَا جاءَ جَمْعُهُ عَلَى غَيْرِ وَاحِدِهِ الْمُسْتَعْمَلِ،
كعَرُوض وأَعاريضَ، وَبَاطِلٍ وأَباطِيل. وَفِي حَدِيثِ فَاطِمَةَ، عَلَيْهَا
السَّلَامُ: أَنها جاءَت إِلى النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
فوَجَدَتْ عِنْدَهُ حُدّاثاً أَي جَمَاعَةً يَتَحَدَّثُون؛ وَهُوَ جَمْعٌ عَلَى
غَيْرِ قِيَاسٍ، حَمْلًا عَلَى نَظِيرِهِ، نَحْوَ سامِرٍ وسُمَّارٍ فإِن
السُّمّارَ المُحَدِّثون. وَفِي الْحَدِيثِ: يَبْعَثُ اللهُ السَّحابَ فيَضْحَكُ أَحْسَنَ الضَّحِكِ ويَتَحَدَّث أَحْسَن
الحَديث. قَالَ ابْنُ الأَثير: جاءَ فِي الْخَبَرِ أَن حَديثَه الرَّعْدُ،
وضَحِكَه البَرْقُ ، وشَبَّهه بِالْحَدِيثِ لأَنه يُخْبِر عَنِ الْمَطَرِ وقُرْبِ
مَجِيئِهِ، فَصَارَ كالمُحَدِّث بِهِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ نُصَيْب:
فعاجُوا، فأَثْنَوْا
بِالَّذِي أَنتَ أَهْلُه، ... وَلَوْ سَكَتُوا، أَثْنَتْ عليكَ الحَقائبُ وَهُوَ
كَثِيرٌ فِي كَلَامِهِمْ. وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ أَراد بِالضَّحِكِ:
افْتِرارَ الأَرض
بِالنَّبَاتِ وَظُهُورَ الأَزْهار، وَبِالْحَدِيثِ: مَا يَتَحدَّثُ بِهِ الناسُ
فِي صِفَةِ النَّبَاتِ وذِكْرِه؛ وَيُسَمَّى هَذَا النوعُ فِي عِلْمِ الْبَيَانِ:
المجازَ التَّعْليقِيَّ، وَهُوَ مِنْ أَحْسَن أَنواعه. وَرَجُلٌ حَدِثٌ وحَدُثٌ
وحِدْثٌ وحِدِّيثٌ ومُحَدِّثٌ، بِمَعْنًى وَاحِدٍ: كثيرُ الحَديثِ، حَسَنُ
السِّياق لَهُ؛ كلُّ هَذَا عَلَى النَّسَب وَنَحْوِهِ. والأَحاديثُ، فِي الْفِقْهِ
وَغَيْرِهِ، مَعْرُوفَةٌ. (2/133) وَيُقَالُ: صَارَ فلانٌ أُحْدُوثةً أَي أَكثروا فِيهِ الأَحاديثَ.
وفلانٌ حِدْثُك أَي مُحَدِّثُك، والقومُ يَتحادَثُون ويَتَحَدَّثُون، وَتَرَكْتُ البلادَ
تَحَدَّثُ أَي تَسْمَعُ فِيهَا دَويّاً؛ حَكَاهُ ابْنُ سِيدَهْ عَنْ ثَعْلَبٍ.
وَرَجُلٌ حِدِّيثٌ، مِثَالُ فِسِّيق أَي كثيرُ الحَديث. وَرَجُلٌ حِدْثُ مُلوك، بِكَسْرِ الحاءِ، إِذا كَانَ صاحبَ حَدِيثهم وسَمَرِهِم؛
وحِدْثُ نساءٍ: يَتَحَدَّثُ إِليهنّ، كَقَوْلِكَ: تِبْعُ نساءٍ، وزيرُ نساءٍ.
وَتَقُولُ: افْعَلْ ذَلِكَ الأَمْر بحِدْثانِه وبحَدَثانه أَي أَوّله وطَراءَته.
وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ الصَّادِقِ الظَّنِّ: مُحَدَّثٌ، بِفَتْحِ الدَّالِ مشدَّدة.
وَفِي الْحَدِيثِ: قَدْ كَانَ فِي الأُمم مُحَدَّثون، فإِن يَكُنْ فِي أُمتي أَحَدٌ،
فعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ؛ جاءَ فِي الْحَدِيثِ: تَفْسِيرُهُ أَنهم المُلْهَمُون ؛ والمُلْهَم: هُوَ الَّذِي يُلْقَى
فِي نَفْسِهِ الشيءُ، فيُخْبِرُ بِهِ حَدْساً وفِراسةً، وَهُوَ نوعٌ يَخُصُّ اللهُ
بِهِ مَن يشاءُ مِنْ عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى مِثْلِ عُمر، كأَنهم حُدِّثوا
بشيءٍ فَقَالُوهُ. ومُحادَثةُ السَّيْفِ: جِلاؤُه. وأَحْدَثَ الرجلُ سَيْفَه، وحادَثَه
إِذا جَلاه. وَفِي حَدِيثِ الْحَسَنِ: حادِثُوا هَذِهِ القُلوبَ بِذِكْرِ اللَّهِ،
فإِنها سريعةُ الدُّثورِ ؛ مَعْنَاهُ: اجْلُوها بالمَواعظ، واغْسِلُوا الدَّرَنَ
عَنْهَا، وشَوِّقُوها حَتَّى تَنْفُوا عَنْهَا الطَّبَع والصَّدَأَ الَّذِي
تَراكَبَ عَلَيْهَا مِنَ الذُّنُوبِ، وتَعاهَدُوها بِذَلِكَ، كَمَا يُحادَثُ
السيفُ بالصِّقالِ؛ قَالَ لَبِيدٌ: كنَصْلِ السَّيْف، حُودِث بالصِّقال والحَدَثُ: الإِبْداءُ؛ وَقَدْ
أَحْدَث: منَ الحَدَثِ. وَيُقَالُ: أَحْدَثَ الرجلُ إِذا صَلَّعَ، أَو فَصَّعَ،
وخَضَفَ، أَيَّ ذَلِكَ فَعَلَ فَهُوَ مُحْدِثٌ؛ قَالَ: وأَحْدَثَ الرجلُ
وأَحْدَثَتِ المرأَةُ إِذا زَنَيا؛ يُكنى بالإِحْداثِ عَنِ الزِّنَا. والحَدَثُ
مِثْل الوَليِّ، وأَرضٌ مَحْدُوثة: أَصابها الحَدَثُ. والحَدَثُ: مَوْضِعٌ
مُتَّصِلٌ ببلاد الرُّوم، مؤَنثة. حرث: الحَرْثُ والحِراثَةُ: العَمل فِي الأَرض زَرْعاً كَانَ أَو
غَرْساً، وقد يكون الحَرْثُ نفسَ الزَّرْع، وَبِهِ فَسَّر الزجاجُ قَوْلَهُ تعالى:
صابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ
ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ . حَرَثَ يَحْرُثُ حَرْثاً. الأَزهري: الحَرْثُ قَذْفُكَ الحَبَّ فِي الأَرض
لازْدِراعٍ، والحَرْثُ: الزَّرْع. والحَرَّاثُ: الزَّرَّاعُ. وَقَدْ حَرَث
واحْتَرثَ، مِثْلُ زَرَعَ وازْدَرَع. والحَرْثُ: الكَسْبُ، والفعلُ كَالْفِعْلِ،
وَالْمَصْدَرُ كَالْمَصْدَرِ، وَهُوَ أَيضاً الاحْتِراثُ. وَفِي الْحَدِيثِ: أَصْدَقُ الأَسماءِ الحارِثُ ؛ لأَن الحارِثَ هُوَ الكاسِبُ.
واحْتَرَثَ المالَ: كَسَبه؛ والإِنسانُ لَا يَخْلُو مِنَ الكَسْب طَبْعًا
واخْتياراً. الأَزهري: والاحْتِراثُ كَسْبُ الْمَالِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ يُخَاطِبُ
ذِئْبًا: وَمَنْ يَحْتَرِثْ حَرْثي وحَرْثَكَ يُهْزَلِ والحَرْثُ: العَمَلُ
لِلدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. وَفِي الْحَدِيثِ: احْرُثْ لدُنْياك كأَنك تَعيش أَبداً، واعْمل لِآخِرَتِكَ كأَنك
تَموتُ غَداً ؛ أَي اعْمَلْ لدُنْياك، فخالَفَ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير:
وَالظَّاهِرُ مِنْ لَفْظِ هَذَا الْحَدِيثِ: أَمّا فِي الدُّنْيَا فالحَثُّ عَلَى
عِمَارَتِهَا، وَبَقَاءِ النَّاسِ فِيهَا حَتَّى يَسْكُنَ فِيهَا، ويَنْتَفِع
بِهَا مَنْ يجيءُ بَعْدَكَ كَمَا انْتَفَعْتَ أَنتَ بِعَمَلِ مَن كَانَ (2/134)
قَبْلَكَ وسَكَنْتَ
فِيمَا عَمَر، فإِن الإِنسان إِذا عَلِمَ أَنه يَطُول عُمْرُه أَحْكَم مَا
يَعْمله، وحَرَصَ عَلَى مَا يَكْتَسبه؛ وأَما فِي جَانِبِ الْآخِرَةِ، فإِنه حَثٌّ
عَلَى الإِخلاص فِي الْعَمَلِ، وَحُضُورِ النيَّة وَالْقَلْبِ فِي الْعِبَادَاتِ
وَالطَّاعَاتِ، والإِكثار مِنْهَا، فإِن مَنْ يَعْلَمُ أَنه يَمُوتُ غَدًا، يُكثر
مِنْ عِبَادَتِهِ، ويُخْلِصُ فِي طَاعَتِهِ، كَقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ:
صَلِّ صلاةَ مُودِّع ؛
وَقَالَ بعضُ أَهل الْعِلْمِ: الْمُرَادُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ غيرُ السَّابِقِ
إِلى الْفَهْمِ مِنْ ظَاهِرِهِ، لأَنه، عَلَيْهِ السَّلَامُ، إِنما نَدَبَ إِلى
الزُّهْد فِي الدُّنْيَا، وَالتَّقْلِيلِ مِنْهَا، ومِن الِانْهِمَاكِ فِيهَا،
وَالِاسْتِمْتَاعِ بِلَذَّاتِهَا، وَهُوَ الْغَالِبُ عَلَى أَوامره وَنَوَاهِيهِ،
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالدُّنْيَا، فَكَيْفَ
يَحُثُّ عَلَى عِمارتها وَالِاسْتِكْثَارِ مِنْهَا؟ وإِنما أَراد، وَاللَّهُ
أَعلم، أَن الإِنسان إِذا عَلِمَ أَنه يَعِيشُ أَبداً، قَلَّ حِرْصُه، وَعَلِمَ
أَن مَا يُرِيدُهُ لَا يَفُوته تَحْصِيلُه بِتَرْكِ الحِرْص عَلَيْهِ والمُبادرةِ إِليه،
فإِنه يَقُولُ: إِن فَاتَنِي اليومَ أَدركته غَداً، فإِني أَعيش أَبداً، فَقَالَ
عَلَيْهِ السَّلَامُ: اعْمَلْ عَمَلَ مَنْ يَظُنُّ أَنه يُخَلَّد، فَلَا تَحْرِصْ
فِي الْعَمَلِ؛ فَيَكُونُ حَثّاً لَهُ عَلَى التَّرْكِ، وَالتَّقْلِيلِ بِطَرِيقٍ
أَنيقةٍ مِنَ الإِشارة وَالتَّنْبِيهِ، وَيَكُونُ أَمره لِعَمَلِ الْآخِرَةِ عَلَى
ظَاهِرِهِ، فيَجْمَع بالأَمرين حَالَةً وَاحِدَةً، وَهُوَ الزهدُ وَالتَّقْلِيلُ، لَكِنْ
بِلَفْظَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ؛ قَالَ: وَقَدِ اخْتَصَرَ الأَزهري هَذَا الْمَعْنَى
فَقَالَ: مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ تقديمُ أَمر الْآخِرَةِ وأَعمالها، حِذارَ
الْمَوْتِ بالفَوْت، عَلَى عَمل الدُّنْيَا، وتأْخيرُ أَمر الدُّنْيَا، كراهيةَ
الاشْتغال بِهَا عَنْ عَمَلِ الْآخِرَةِ. والحَرْثُ: كَسْبُ الْمَالِ وجَمْعُه.
والمرأَةُ حَرْثُ الرَّجُلِ أَي يَكُونُ وَلَدُه مِنْهَا، كأَنه يَحْرُثُ
ليَزْرَعَ وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ، فَأْتُوا
حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ . قَالَ الزَّجَّاجُ: زَعَمَ أَبو عُبَيْدَةَ أَنه كِنَايَةٌ؛ قَالَ:
وَالْقَوْلُ عِنْدِي
فِيهِ أَن مَعْنَى حَرْثٌ لَكُمْ: فيهنَّ تَحْرُثُون الوَلَد واللِّدَة، فَأْتُوا
حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ أَي ائْتُوا مواضعَ حَرْثِكم، كَيْفَ شِئْتُم،
مُقْبِلةً ومُدْبرةً. الأَزهري: حَرَثَ الرجلُ إِذا جَمَع بَيْنَ أَربع نِسْوَةٍ. وحَرَثَ
أَيضاً إِذا تَفَقَّه وفَتَّشَ. وحَرَثَ إِذا اكْتَسَبَ لِعِيَالِهِ واجْتَهَدَ لَهُمْ،
يُقَالُ: هُوَ يَحْرُث لِعِيَالِهِ ويَحْتَرثُ أَي يَكْتَسِب. ابن الأَعرابي:
الحَرْثُ الْجِمَاعُ الْكَثِيرُ. وحَرْثُ الرَّجُلُ: امرأَتُه؛ وأَنشد المُبَرّد:
إِذا أَكلَ الجَرادُ
حُروثَ قَوْمٍ، ... فَحَرْثي هَمُّه أَكلُ الجَرادِ والحَرْثُ: مَتاعُ الدُّنْيَا.
وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا ؛ أَي مَنْ
كَانَ يُرِيدُ كَسْبَ الدُّنْيَا. والحَرْثُ: الثَّوابُ والنَّصِيبُ. وَفِي
التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي
حَرْثِهِ . وحَرَثْتُ النَّارَ: حَرَّكْتها. والمِحْراثُ: خَشبة تُحَرَّك بِهَا النارُ
فِي التَّنُّور. والحَرْثُ: إِشْعالُ النَّارِ، ومِحْراثُ النَّارِ:
مِسْحَاتُها الَّتِي
تُحَرَّك بِهَا النَّارُ. ومِحْراثُ الحَرْب: مَا يُهَيِّجها. وحَرَثَ الأَمْرَ:
تَذَكَّره واهْتاجَ لَهُ؛ قَالَ رؤْبة: والقَوْلُ مَنْسِيٌّ إِذا لَمْ يُحْرَثِ والحَرَّاثُ: الْكَثِيرُ
الأَكل؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وحَرَثَ الإِبلَ والخَيْلَ، وأَحرَثَها: أَهْزَلها.
وحَرَثَ ناقتَه حَرْثاً وأَحْرَثَها إِذا سَارَ عَلَيْهَا حَتَّى تُهْزَلَ.
(2/135) وَفِي حَدِيثِ بَدْرٍ:
اخْرُجُوا إِلى
مَعايشكم وحَرائِثكم ، واحدُها حَريثةٌ؛ قَالَ الْخَطَّابِيُّ: الحَرائِثُ
أَنْضاءُ الإِبل؛ قَالَ: وأَصله فِي الْخَيْلِ إِذا هُزِلَتْ، فَاسْتُعِيرَ
للإِبل؛ قَالَ: وإِنما يُقَالُ فِي الإِبل أَحْرَفْناها، بِالْفَاءِ؛ يُقَالُ:
نَاقَةٌ حَرْفٌ أَي هَزيلةٌ؛ قَالَ: وَقَدْ يُرَادُ بالحرائثِ المَكاسِبُ، مِنَ الاحْتراثِ
الِاكْتِسَابِ؛ وَيُرْوَى حَرَائبكم، بِالْحَاءِ وَالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ، جمعُ
حَريبةٍ، وَهُوَ مالُ الرَّجُلِ الَّذِي يَقُومُ بأَمره، وَقَدْ تقدَّم،
وَالْمَعْرُوفُ بِالثَّاءِ. وَفِي حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ أَنه قَالَ للأَنصار: مَا
فَعَلَتْ نواضِحُكم؟ قَالُوا: حَرَثْناها يَوْمَ بَدْرٍ ؛ أَي أَهْزَلناها؛ يُقَالُ: حَرَثْتُ
الدابةَ وأَحْرَثْتُها أَي أَهْزَلْتها، قَالَ ابْنُ الأَثير: وَهَذَا يُخَالِفُ
قَوْلَ الْخَطَّابِيِّ، وأَراد مُعَاوِيَةُ بِذِكْرِ النَّواضِح تَقْريعاً لَهُمْ وَتَعْرِيضًا،
لأَنهم كَانُوا أَهل زَرْع وسَقْيٍ، فأَجابوه بِمَا أَسْكتَه، تَعْرِيضًا بِقَتْلِ
أَشياخه يَوْمَ بَدْر. الأَزهري: أَرض مَحْروثة ومُحْرَثة: وَطِئَها الناسُ حَتَّى
أَحْرَثُوها وحَرَثُوها، ووُطِئَتْ حَتَّى أَثاروها، وَهُوَ فسادٌ إِذا وُطِئَتْ،
فَهِيَ مُحْرَثة ومَحْروثة تُقْلَبُ للزَرْع، وَكِلَاهُمَا يُقَالُ بَعْدُ.
والحَرْثُ: المَحَجَّةُ المَكْدُودة بِالْحَوَافِرِ. والحُرْثةُ: الفُرضةُ الَّتِي
فِي طَرَف القَوْس للوَتر. وَيُقَالُ: هُوَ حَرْثُ القَوْسِ والكُظْرة، وَهُوَ فُرْضٌ،
وَهِيَ مِنَ الْقَوْسِ حَرْثٌ. وَقَدْ حَرَثْتُ القَوسَ أَحْرُثُها إِذا هيَّأْتَ
مَوْضِعاً لعُرْوة الوَتَر؛ قَالَ: والزَّنْدة تُحْرَثُ ثُمَّ تُكْظَرُ بَعْدَ
الحَرْثِ، فَهُوَ حَرْثٌ مَا لَمْ يُنْفَذ، فإِذا أُنْفِذَ، فَهُوَ كُظْر. ابْنُ
سِيدَهْ: والحَرَاثُ مَجْرى الوَتَر فِي الْقَوْسِ، وَجَمْعُهُ أَحْرِثة.
وَيُقَالُ: احْرُثِ الْقُرْآنَ أَي ادْرُسْه وحَرَثْتُ الْقُرْآنَ أَحْرُثُه إِذا
أَطَلْتَ دِراستَه وتَدَبَّرْتَه. والحَرْثُ: تَفْتِيشُ الْكِتَابِ وتَدبُّره؛
وَمِنْهُ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ: احْرُثُوا هَذَا الْقُرْآنَ أَي فَتِّشُوه
وثَوِّروه. والحَرْثُ: التَّفْتِيش. والحُرْثَةُ: مَا بَيْنَ مُنْتَهى الكَمَرة
ومَجْرَى الخِتان. والحُرْثَة أَيضاً: المَنْبِتُ، عن ثعلب؛ الأَزهري: الحَرْثُ
أَصلُ جُرْدانِ الْحِمَارِ؛ والحِرَاثُ: السَّهم قَبْلَ أَن يُراش، وَالْجَمْعُ
أَحْرِثة؛ الأَزهري الحُرْثة: عِرقٌ فِي أَصل أُدافِ الرَّجل. والحارِثُ: اسْمٌ؛
قَالَ سِيبَوَيْهِ: قَالَ الْخَلِيلُ إِن الذين قالوا الحَرث، إِنما أَرادوا أَن
يَجْعَلُوا الرَّجُلَ هُوَ الشَّيْءَ بِعَيْنِهِ، وَلَمْ يَجْعَلُوهُ سُمِّيَ
بِهِ، وَلَكِنَّهُمْ جَعَلُوهُ كأَنه وَصفٌ لَهُ غَلَب عَلَيْهِ؛ قَالَ: وَمَنْ قَالَ
حارِثٌ، بِغَيْرِ أَلف وَلَامٍ، فَهُوَ يُجْريه مُجْرى زيدٍ، وَقَدْ ذَكَرْنَا
مِثْلَ ذَلِكَ فِي الْحَسَنِ اسْمَ رَجُلٍ؛ قَالَ ابْنُ جِنِّيٍّ: إِنما تَعَرَّفَ
الحَرثُ ونحوُه مِنَ الأَوْصاف الْغَالِبَةِ بالوَضْع دُونَ اللَّامِ، وإِنما
أُقِرَّتِ اللامُ فِيهَا بَعْدَ النَّقْل وَكَوْنُهَا أَعلاماً، مُرَاعَاةً
لِمَذْهَبِ الْوَصْفِ فِيهَا قَبْلَ النَّقْلِ، وَجَمْعُ الأَول: الحُرَّثُ
والحُرَّاثُ، وَجَمْعُ حارِث حُرَّثٌ وحَوارِثُ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَمَنْ قَالَ
حَارِثٌ، قَالَ فِي جَمْعِهِ: حَوارِث، حَيْثُ كَانَ اسْمًا خَاصًّا، كزَيْد،
فَافْهَمْ. وحُوَيْرِثٌ، وحُرَيثٌ وحُرْثانُ، وحارِثةُ، وحَرَّاثٌ، ومُحَرَّثٌ:
أَسماءٌ؛ قَالَ ابْنُ
الأَعرابي: هُوَ اسْمُ جَدِّ صَفْوانَ بْنِ أُمية بْنِ مُحَرَّثٍ، وصَفوانُ هَذَا
أَحدُ حُكَّامِ كِنانَة، وأَبو الْحَارِثِ: كنيةُ الأَسَد. والحارثُ: قُلَّة مِنْ قُلَلِ الجَوْلانِ، وَهُوَ
جَبَلٌ بالشأْم فِي قَوْلِ النَّابِغَةِ الذبْياني يَرْثِي النُّعمان (2/136)
ابن الْمُنْذِرِ:
بكَى حارِثُ
الجَوْلانِ مِنْ فَقْدِ رَبِّه، ... وحَوْرانُ مِنْهُ خائفٌ مُتضَائِلُ قَوْلُهُ:
مِنْ فَقْد رَبِّه، يَعْنِي النُّعْمَانَ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ وَقَوْلُهُ:
وحَوْرانُ مِنْهُ
خائفٌ مُتَضائل كَقَوْلِ جَرِيرٍ: لَمَّا أَتَى خَبَرُ الزُّبَيْرِ، تَوَاضَعَتْ ... سُورُ
الْمَدِينَةِ، والجِبالُ الخُشَّعُ وَالْحَارِثَانِ: الحارثُ بْنُ ظَالِمِ بْنِ
حَذيمةَ بْنِ يَرْبُوع بْنِ غَيْظِ بنِ مُرَّة، والحارثُ بْنُ عوفِ بْنِ أَبي
حارثة ابن مُرَّة بْنِ نُشْبَة بْنِ غَيْظِ بنِ مرَّة، صَاحِبُ الحَمَالة. قَالَ
ابْنُ بَرِّيٍّ: ذَكَرَ الْجَوْهَرِيُّ فِي الْحَارِثَيْنِ الحارِثَ بن ظالم بن حَذيمة
بِالْحَاءِ غَيْرِ الْمُعْجَمَةِ. ابْنَ يَرْبُوع قَالَ: وَالْمَعْرُوفُ عِنْدَ
أَهل اللُّغَةِ جَذيمة، بِالْجِيمِ. والحارِثان فِي بَاهِلَةَ:
الحارِثُ بْنُ
قُتَيْبة، والحارثُ بْنُ سَهْم بْنِ عَمْرو بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ غَنْم بْنِ
قُتَيْبة. وَقَوْلُهُمْ: بَلْحَرث، لبَني الحرث بْنِ كَعْب، مِن شواذِّ الإِدغام،
لأَن النُّونَ وَاللَّامَ قَرِيبَا المَخْرَج، فَلَمَّا لَمْ يُمْكِنْهُمُ
الإِدغامُ بِسُكُونِ اللَّامِ، حَذَفُوا النُّونَ كَمَا قَالُوا: مَسْتُ وظَلْتُ،
وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ بِكُلِّ قَبِيلَةٍ تَظْهَر فِيهَا لَامُ الْمَعْرِفَةِ،
مِثْلُ بَلْعنبر وبَلْهُجَيم، فأَما إِذا لَمْ تَظْهَر اللامُ، فَلَا يَكُونُ
ذَلِكَ. وَفِي الْحَدِيثِ: وَعَلَيْهِ خَمِيصَةٌ حُرَيْثِيَّة ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا
جاءَ فِي بَعْضِ طُرُق الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ؛ قِيلَ: هِيَ مَنْسُوبَةٌ إِلَى
حُرَيْثٍ، رجلٍ مِنْ قُضاعة؛ قَالَ: وَالْمَعْرُوفُ جُونِيَّةٌ، وَهُوَ مَذْكُورٌ
فِي مَوْضِعِهِ. حربث: الحُثْرُبُ والحُرْبُثُ، بِالضَّمِّ: نَبْتٌ؛ وَفِي الْمُحْكَمِ:
نَبات سُهْلِيٌّ؛
وَقِيلَ: لَا يَنْبُتُ إِلا فِي جَلَدٍ، وَهُوَ أَسود، وزَهْرته بَيْضَاءُ، وَهُوَ
يتَسَطَّحُ قُضْباناً؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي: غَرَّكَ مِنِّي شَعَثِي ولَبَثِي، ... ولِمَمٌ حَوْلَكَ، مِثْلُ
الحُرْبُثِ قَالَ: شَبَّه لِمَمَ الصِّبيانِ فِي سَوادها بالحُرْبُث. والحُرْبُثُ:
بَقْلَةٌ نَحْوُ
الأَيْهُقانِ صَفراء غَبْرَاء تُعْجِبُ المالَ، وَهِيَ مِنْ نَبات السَّهْل؛
وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الحُرْبُث نَبْتٌ يَنْبَسِطُ عَلَى الأَرض، لَهُ وَرَق
طوالٌ، وَبَيْنَ ذَلِكَ الطُّوَال وَرَقٌ صغارٌ؛ وَقَالَ أَبو زِيَادٍ: الحُرْبُثُ
عُشْبٌ مِنْ أَحْرار البَقل؛ الأَزهري: الحُرْبُثُ مِنْ أَطْيَب الْمَرَاعِي؛ وَيُقَالُ: أَطْيَبُ الغَنم
لَبَنًا مَا أَكلَ الحُرْبُثَ والسَّعْدانَ. حفث: الحَفِثَة والحِفْثُ والحَفِثُ: ذاتُ الطَّرَائِقِ مِنَ الكَرش؛
زَادَ الأَزهري: كأَنها أَطْباقُ الفَرْثِ؛ وأَنشد اللَّيْثُ: لَا تُكْرِبَنَّ بَعْدَهَا خُرْسِيَّا، ... إِنَّا وجَدْنا لَحْمَهَا رَدِيّا:
الكِرْشَ،
والحِفْثَةَ، والمَرِيَّا وَقِيلَ: هِيَ هَنةٌ ذاتُ أَطْباقٍ، أَسْفَلَ الكَرِشِ إِلى
جَنْبها، لا يَخْرُجُ مِنْهَا الفَرْثُ أَبداً، يَكُونُ للإِبل وَالشَّاءِ
وَالْبَقَرِ؛ وخَصَّ ابنُ الأَعرابي بِهِ الشَّاءَ وَحْدَها، دُونَ سَائِرِ هَذِهِ
الأَنواع، والجمعُ أَحْفاثٌ: الْجَوْهَرِيُّ: الحَفِثُ، بِكَسْرِ الْفَاءِ، الكَرِشُ،
وَهِيَ القِبَةُ؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: الحَفِثُ والفَحِثُ الَّذِي يَكُونُ مَعَ
الْكِرْشِ، وَهُوَ يُشْبهها؛ وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: الفَحِثُ ذَاتُ الطَّرَائِقِ، والقِبَة الأُخرَى إِلى جَنْبه وَلَيْسَ
فِيهَا طَرائق؛ قَالَ: وَفِيهَا لُغَاتٌ: حَفِثٌ، وحَثِفٌ، وحِفْثٌ، وحِثْفٌ؛ (2/137)
وَقِيلَ: فِثْحٌ
وثِحْف، ويُجْمَعُ الأَحْثافَ، والأَفْثاحَ، والأَثْحافَ، كلٌّ قَدْ قِيلَ.
والحَفِثُ: حَيَّة عَظِيمَةٌ كالحِرابِ. والحُفَّاثُ: حَيَّة كأَعْظَم مَا يَكُونُ مِنَ الحَيَّات، أَرْقَشُ أَبْرَشُ،
يأْكل الحشيشَ، يَتَهَدَّدُ وَلَا يَضُرُّ أَحداً؛ الْجَوْهَرِيُّ: الحُفَّاثُ حَيَّة
تَنفُخُ وَلَا تُؤْذِي؛ قَالَ جَرِير: أَيُفايِشُونَ، وَقَدْ رَأَوْا حُفَّاثَهم ... قَدْ عَضَّه، فقَضَى عَلَيْهِ
الأَشْجَعُ؟ الأَزهري، شَمِرٌ: الحُفَّاثُ حَيَّة ضَّخْمٌ، عظيمُ الرأْس، أَرْقَشُ
أَخْمَرُ أَكْدَرُ، يُشْبهُ الأَسْودَ وَلَيْسَ بِهِ، إِذا حَرَّبْتَه انْتَفَخَ
وَريدُه؛ قَالَ: وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ هُوَ أَكْبَرُ مِنَ الأَرْقَم، ورَقَشُه
مثلُ رَقَش الأَرْقَم، لَا يَضُرُّ أَحداً، وجمعُه حَفافِيثُ؛ وَقَالَ جَرِيرٌ:
إِنَّ الحَفافِيثَ
عِندي، يَا بَنِي لَجَإٍ، ... يُطْرِقْنَ، حينَ يَصُولُ الحَيَّةُ الذَّكَرُ وَيُقَالُ
للغَضْبان إِذا انْتَفَخَتْ أَوْداجُه: قَدِ احْرَنفشَ حُفَّاثُه، عَلَى
الْمَثَلِ. وَفِي النَّوَادِرِ: افْتَحَثْتُ مَا عِنْدَ فُلَانٍ، وابْتَحَثْتُ،
بمعنى واحد. حلتث: الحِلْتِيثُ: لُغَةٌ فِي الحِلْتِيت، عَنْ أَبي حَنِيفَةَ.
حنث: الحِنْثُ:
الخُلْفُ فِي الْيَمِينِ. حَنِثَ فِي يَمِينِهِ حِنْثاً وحَنَثاً: لَمْ يَبَرَّ
فِيهَا، وأَحْنَثه هُوَ. تَقُولُ: أَحْنَثْتُ الرجلَ فِي يَمِينِهِ فَحَنِثَ إِذا
لَمْ يَبَرَّ فِيهَا. وَفِي الْحَدِيثِ: الْيَمِينُ حِنْثٌ أَو مَنْدَمَة ؛ الحِنْثُ فِي الْيَمِينِ: نَقْضُها
والنَّكْثُ فِيهَا، وَهُوَ مِنَ الحِنْثِ: الْإِثْمُ؛ يَقُولُ: إِما أَنْ يَنْدَمَ
عَلَى مَا حَلَفَ عَلَيْهِ، أَو يَحْنَثَ فتلزمَه الكفارةُ. وحَنِثَ فِي يَمِينِهِ
أَي أَثِمَ. وَقَالَ خَالِدُ بْنُ جَنْبةَ: الحِنْثُ أَن يَقُولَ الإِنسانُ غَيْرَ
الْحَقِّ؛ وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: عَلَى فلانٍ يَمينٌ قَدْ حَنِثَ فِيهَا،
وَعَلَيْهِ أَحْناثٌ كَثِيرَةٌ؛ وَقَالَ: فإِنما اليمينُ حِنْثٌ أَو نَدَم.
والحِنْثُ: حِنْثُ الْيَمِينِ إِذا لَمْ تَبَرَّ. والمَحانِثُ:
مَوَاقِعُ الحِنْث.
والحِنْث: الذَّنْبُ العَظيم والإِثْمُ؛ وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَكانُوا
يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ ؛ يُصِرُّونَ أَي يدُومُون؛ وَقِيلَ: هُوَ
الشِّرْكُ، وَقَدْ فُسِّرت بِهِ هَذِهِ الْآيَةُ أَيضاً؛ قَالَ:
مَنْ يَتَشاءَمْ
بالهُدَى، فالحِنْثُ شَرٌّ أَي الشِّرْك شَرٌّ. وتَحَنَّثَ: تَعَبَّد واعْتَزَل
الأَصنامَ، مِثْلَ تَحَنَّف. وبَلَغ الغلامُ الحِنْثَ أَي الإِدْراك وَالْبُلُوغَ؛
وَقِيلَ إِذا بَلَغَ مَبْلَغاً جَرَى عَلَيْهِ القَلَم بِالطَّاعَةِ والمعصِية؛ وَفِي
الْحَدِيثِ: مَنْ ماتَ له ثلاثةٌ مِنَ الْوَلَدِ، لَمْ يَبْلُغوا الحِنْثَ، دَخَلَ
مِنْ أَيِّ أَبواب الْجَنَّةِ شاءَ ؛ أَي لَمْ يَبْلُغوا مَبْلَغَ الرِّجَالِ،
وَيَجْرِي عَلَيْهِمُ القَلَم فيُكْتَبُ عَلَيْهِمُ الحِنْثُ والطاعةُ: يُقَالُ:
بَلَغَ الغلامُ الحِنثَ أَي المعصِيةَ والطاعةَ. والحِنْثُ: الإثْمُ؛ وَقِيلَ:
الحِنْثُ الحُلُم. وَفِي الْحَدِيثِ: أَن رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ،
قَبْلَ أَن يُوحَى إِليه، يأْتي حِراءً، وَهُوَ جبلٌ بِمَكَّةَ فِيهِ غَارٌ، وكان يَتَحَنَّثُ
فيه اللَّيَالِي أَي يَتعَبَّد. وَفِي رِوَايَةِ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهَا: كَانَ يَخْلُو بغارِ حِرَاءٍ، فيَتَحَنَّثُ فِيهِ ؛ وَهُوَ التَّعَبُّدُ
اللَّيَالِيَ ذواتِ العَدد؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذَا عِنْدِي عَلَى السَّلْب، (2/138) كأَنه يَنْفِي بِذَلِكَ الحِنْثَ الَّذِي هُوَ الْإِثْمُ، عَنْ
نَفْسِهِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ،
أَي انْفِ الهُجودَ عَنْ عَيْنك؛ ونظيرُه: تَأَثَّم وتَحَوَّب أَي نَفَى الإثمَ
والحُوبَ؛ وَقَدْ يَجُوزُ أَن تَكُونَ ثَاءُ يَتَحَنَّثُ بَدَلًا مِنْ فَاءِ
يَتَحَنَّف. وَفُلَانٌ يَتَحَنَّثُ مِنْ كَذَا أَي يَتَأَثَّم مِنْهُ؛ ابْنُ
الأَعرابي: قَوْلُهُ يَتَحَنَّثُ أَي يَفْعَلُ فِعْلًا يَخْرُج بِهِ مِنَ الحِنْث،
وَهُوَ الْإِثْمُ والحَرَجُ؛ وَيُقَالُ: هُوَ يَتَحَنَّثُ أَي يَتَعَبَّدُ
لِلَّهِ؛ قَالَ: وَلِلْعَرَبِ أَفعال تُخالِفُ مَعَانِيهَا أَلفاظَها، يُقَالُ:
فُلَانٌ يَتَنَجَّس إِذا فَعَلَ فِعْلًا يَخْرُج بِهِ مِنَ النَّجَاسَةِ، كَمَا
يُقَالُ: فُلَانٌ يَتَأَثَّم ويَتَحَرَّج إِذا فَعَلَ فِعْلًا يَخْرُجُ بِهِ مِنَ
الإِثم والحَرَج. وَرُوِيَ عَنْ حَكِيم بْنِ حِزامٍ أَنه قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ،
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَرأَيْتَ أُمُوراً كُنْتُ أَتَحَنَّثُ بِهَا
فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ صلَةِ رحِمٍ وصَدَقةٍ، هَلْ لِي فِيهَا مِنْ أَجْر؟ فَقَالَ
لَهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَسْلمْتَ عَلَى مَا سَلَفَ لَكَ مِنْ
خَيْر ؛ أَي أَتَقَرَّب إِلى اللَّهِ بأَفعال فِي الْجَاهِلِيَّةِ؛ يُرِيدُ بِقَوْلِهِ:
كنتُ أَتَحَنَّثُ أَي أَتَعَبَّدُ وأُلقي بِهَا الحِنْثَ أَي الإِثم عَنْ نَفْسِي.
وَيُقَالُ لِلشَّيْءِ الَّذِي يَخْتَلِفُ الناسُ فِيهِ فَيَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ:
مُحْلِفٌ، ومُحْنِثٌ. والحِنْثُ: الرجوعُ فِي الْيَمِينِ. والحِنْثُ: المَيْلُ
مِنْ بَاطِلٍ إِلى حقٍّ، وَمِنْ حَقٍّ إِلى بَاطِلٍ. يُقَالُ: قَدْ حَنِثْتُ أَي
مِلْتُ إِلى هَواكَ عَليَّ، وَقَدْ حَنِثْتُ معَ الْحَقِّ عَلَى هَوَاكَ؛ وَفِي
حَدِيثِ عَائِشَةَ: وَلَا أَتَحَنَّثُ إِلى نَذْرِي أَي لَا أَكْتَسِبُ الحِنْثَ،
وَهُوَ الذَّنْبُ، وَهَذَا بِعَكْسِ الأَول؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
يَكْثُر فِيهِمْ
أَولادُ الحِنْثِ أَي أَولادُ الزِّنَا، مِنَ الحِنْث الْمَعْصِيَةُ، وَيُرْوَى
بالخاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ. حنبث: حَنْبَثٌ: اسم. حوث: حَوْثُ: لُغَةٌ فِي حَيْثُ، إِما لُغَةُ طَيِّئٍ وإِما لُغَةُ تَمِيمٍ؛
وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هِيَ لُغَةُ طَيِّئٍ فَقَطْ، يَقُولُونَ حَوْثُ عبدُ
اللهِ زيدٌ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقَدْ أَعلمتك أَن أَصل حَيْثُ؛ إِنما هُوَ
حَوْثُ، عَلَى مَا سَنَذْكُرُهُ فِي تَرْجَمَةِ حَيْثُ؛ وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ
يَقُولُ حَوْثَ فَيَفْتَحُ، رَوَاهُ اللِّحْيَانِيُّ عَنِ الْكِسَائِيِّ، كَمَا
أَن مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: حَيْثَ. رَوَى الأَزهري بإِسناده عَنِ الأَسود قَالَ: سأَل رَجُلٌ
ابنَ عُمَرَ: كَيْفَ أَضَعُ يَدَيَّ إِذا سَجَدْتُ؟ قَالَ: ارْمِ بِهِمَا حَوْثُ
وقَعَتا ؛ قَالَ الأَزهري: كَذَا رَوَاهُ لَنَا، وَهِيَ لُغَةٌ صَحِيحَةٌ. حَيْثُ وحَوْثُ:
لُغَتَانِ جَيِّدَتَانِ، وَالْقُرْآنُ نَزَلَ بِالْيَاءِ، وَهِيَ أَفصح
اللُّغَتَيْنِ. والحَوْثاءُ: الكَبِدُ، وَقِيلَ: الكَبِدُ وَمَا يَلِيهَا؛ قَالَ
الرَّاجِزُ: إِنَّا وجَدْنا لَحْمها طَرِيَّا: ... الكِرْشَ، والحَوْثاء،
والمَرِيَّا وامرأَة حَوْثاء: سَمِينَةٌ تارَّة. وأَحاثَهُ: حَرَّكَه وفَرَّقه؛
عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ دُرَيْدٍ: بحيثُ ناصَى اللِّمَمَ الكِثاثا، ... مَوْرُ الكَثِيبِ، فَجَرى
وَحَاثَا قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: لَمْ يُفَسِّرْهُ، قَالَ: وَعِنْدِي أَنه أَراد وأَحاثا
أَي فَرَّقَ وحَرَّكَ، فَاحْتَاجَ إِلى حَذْفِ الْهَمْزَةِ فَحَذَفَهَا؛ قَالَ:
وَقَدْ يَجُوزُ أَن يُرِيدَ وحَثَا، فقَلَبَ. وأَوقع بِهِمْ فلانٌ فَتركهم حَوْثاً
بَوثاً أَي فَرَّقهم؛ وَتَرَكَهُمْ حَوْثاً بَوْثاً أَي مُخْتَلِفِينَ. وحاثِ
باثِ، مَبْنِيَّانِ عَلَى الْكَسْرِ: قُماشُ النَّاسِ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: تركتُه حاثِ باثِ، وَلَمْ يُفَسِّرْهُ؛
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وإِنما قَضَيْنَا عَلَى أَلف حاثِ أَنها مُنْقَلِبَةٌ عَنِ
الْوَاوِ، وإِن لَمْ يَكُنْ هُنَالِكَ (2/139) مَا اشْتُقَّتْ مِنْهُ، لأَن انْقِلَابَ الأَلف إِذا كَانَتْ عَيْنًا
عَنِ الْوَاوِ، أَكثر مِنِ انْقِلَابِهَا عَنِ الْيَاءِ. الْجَوْهَرِيُّ:
يُقَالُ تركتُهم
حَوْثاً بَوْثاً، وحَوْثَ بَوْثَ، وحَيْثَ بَيْثَ، وحاثِ باثِ، وحاثَ باثَ إِذا
فَرَّقهم وبَدَّدهم؛ وَرَوَى الأَزهري عَنِ الْفَرَّاءِ قَالَ: مَعْنَى هَذِهِ
الْكَلِمَاتِ إِذا أَذْلَلْتَهم ودقَقْتَهم؛ وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: مَعْنَاهَا
إِذا تَرَكْتَه مُخْتَلِطَ الأَمرِ؛ فأَما حاثِ باثِ فإِنه خَرَجَ مَخْرَجَ
قَطَامِ وحَذَامِ، وأَما حِيثَ بِيثَ فإِنه خَرَجَ مَخْرَجَ حِيصَ بِيصَ. ابْنُ الأَعرابي:
يُقَالُ تركتُهم حاثِ باثِ إِذا تفَرَّقوا؛ قَالَ: وَمِثْلُهُمَا فِي الْكَلَامِ مُزْدَوِجاً: خاقِ باقِ، وَهُوَ صوتُ
حركةِ أَبي عُمَيْر فِي زَرْنَبِ الفَلْهم، قَالَ: وخاشِ ماشِ: قماشُ البيت، وخازِ
بازِ: ورَمٌ، وَهُوَ أَيضاً صوتُ الذُّبَابِ. وتركتُ الأَرضَ حاثِ باثِ إِذا
دَقَّتْها الخيلُ، وَقَدْ أَحاثَتْها الخيلُ. وأَحَثْتُ الأَرضَ وأَبَثْتُها.
الْفَرَّاءُ: أَحثَيْتُ الأَرضَ وأَبْثَيْتُها، فَهِيَ مُحْثاةٌ ومُبْثاة. وَقَالَ
غَيْرُهُ: أَحَثْتُ الأَرضَ وأَبَثْتُها، فَهِيَ مُحَاثة ومُبَاثةٌ. والإِحاثةُ،
والاسْتِحاثةُ، والإِباثةُ، والاستِباثة، واحدٌ. الْفَرَّاءُ: تركتُ البلادَ
حَوْثا بَوْثاً، وحاثِ باثِ، وحَيْثَ بَيْثَ، لَا يُجْرَيانِ إِذا دَقَّقُوها.
والاسْتِحاثةُ مثلُ الاسْتِباثة: وَهِيَ الِاسْتِخْرَاجُ. تَقُولُ: استَحَثْتُ
الشيءَ إِذا ضاعَ فِي التراب فَطلبْتَه. حَيْثُ: حَيْثُ: ظَرْفٌ مُبْهم مِنَ الأَمْكِنةِ، مَضموم، وَبَعْضُ الْعَرَبِ
يَفْتَحُهُ، وَزَعَمُوا أَن أَصلها الْوَاوُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وإِنما
قَلَبُوا الْوَاوَ يَاءً طلبَ الخِفَّةِ، قَالَ: وَهَذَا غَيْرُ قَوِيٍّ. وَقَالَ
بَعْضُهُمْ: أَجمعت العربُ عَلَى رَفْعِ حيثُ فِي كُلِّ وَجْهٍ، وَذَلِكَ أَن
أَصلها حَوْثُ، فَقُلِبَتِ الْوَاوُ يَاءً لِكَثْرَةِ دُخُولِ الْيَاءِ عَلَى
الْوَاوِ، فَقِيلَ: حَيْثُ، ثُمَّ بُنِيَتْ عَلَى الضَّمِّ، لِالْتِقَاءِ
السَّاكِنَيْنِ، وَاخْتِيرَ لَهَا الضَّمُّ لِيُشْعِرَ ذَلِكَ بأَن أَصلها
الْوَاوُ، وَذَلِكَ لأَن الضَّمَّةَ مجانسةٌ لِلْوَاوِ، فكأَنهم أَتْبَعُوا
الضَّمَّ الضَّمَّ. قَالَ الْكِسَائِيُّ: وَقَدْ يكونُ فِيهَا النصبُ، يَحْفِزُها مَا قَبْلَهَا
إِلى الْفَتْحِ؛ قَالَ الْكِسَائِيُّ: سَمِعْتُ فِي بَنِي تَمِيمٍ مِنْ بَنِي
يَرْبُوع وطُهَيَّةَ مَنْ يَنْصِبُ الثَّاءَ، عَلَى كُلِّ حَالٍ فِي الْخَفْضِ
وَالنَّصْبِ وَالرَّفْعِ، فَيَقُولُ: حَيْثَ التَقَيْنا، وَمِنْ حيثَ لَا
يَعْلَمُونَ، وَلَا يُصيبه الرفعُ فِي لُغَتِهِمْ. قَالَ: وَسَمِعْتُ فِي بَنِي
أَسد بْنِ الْحَارِثِ بْنِ ثَعْلَبَةَ، وَفِي بَنِي فَقْعَس كلِّها يَخْفِضُونَهَا
فِي مَوْضِعِ الْخَفْضِ، وَيَنْصِبُونَهَا فِي مَوْضِعِ النَّصْبِ، فَيَقُولُ مِنْ
حيثِ لَا يَعْلَمُونَ، وَكَانَ ذَلِكَ حيثَ التَقَيْنا. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ عَنِ
الْكِسَائِيِّ أَيضاً أَن مِنْهُمْ مَنْ يخفضُ بِحَيْثُ؛ وأَنشد:
أَما تَرَى حَيْثَ
سُهَيْلٍ طالِعا؟ قَالَ: وَلَيْسَ بِالْوَجْهِ؛ قَالَ: وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ
دُرَيْدٍ: بحيثُ ناصَى اللِّمَمَ الكِثَاثَا، ... مَوْرُ الكَثِيبِ، فَجَرى
وَحَاثَا قَالَ: يَجُوزُ أَن يَكُونَ أَراد وحَثَا فقَلَب. الأَزهري عَنِ
اللَّيْثِ: لِلْعَرَبِ فِي حَيْثُ لُغَتَانِ: فَاللُّغَةُ الْعَالِيَةُ حيثُ، الثَّاءُ
مَضْمُومَةٌ، وَهُوَ أَداةٌ لِلرَّفْعِ يَرْفَعُ الِاسْمَ بَعْدَهُ، وَلُغَةٌ
أُخرى: حَوْثُ، رِوَايَةً عَنِ الْعَرَبِ لِبَنِي تَمِيمٍ، يَظُنُّونَ حَيْثُ فِي
مَوْضِعِ نَصْبٍ، يَقُولُونَ: الْقَهْ حيثُ لَقِيتَه، وَنَحْوُ ذَلِكَ كَذَلِكَ. وَقَالَ
ابْنُ كَيْسانَ: حيثُ حَرْفٌ مبنيٌّ عَلَى الضَّمِّ، وَمَا بَعْدَهُ صِلَةٌ لَهُ
يَرْتَفِعُ الِاسْمُ بَعْدَهُ عَلَى الِابْتِدَاءِ، كَقَوْلِكَ: قُمْتُ حيثُ زيدٌ
قائمٌ. وأَهلُ الْكُوفَةِ يُجيزون حَذْفَ قَائِمٍ، وَيَرْفَعُونَ زَيْدًا بحيثُ،
وَهُوَ صِلَةٌ لَهَا، فإِذا أَظْهَروا قَائِمًا بَعْدَ زيدٍ، أَجازوا فِيهِ الْوَجْهَيْنِ:
الرفعَ، والنصبَ، فَيَرْفَعُونَ الِاسْمَ أَيضاً (2/140) وَلَيْسَ بِصِلَةٍ لَهَا، ويَنْصِبُونَ خَبَرَه وَيَرْفَعُونَهُ، فَيَقُولُونَ:
قامتْ مقامَ صِفَتَيْنِ؛ وَالْمَعْنَى زيدٌ فِي مَوْضِعٍ فِيهِ عَمْرٌو، فَعَمْرٌو
مُرْتَفِعٌ بِفِيهِ، وَهُوَ صِلَةٌ لِلْمَوْضِعِ، وزيدٌ مرتفعٌ بِفِي الأُولى،
وَهِيَ خَبره وَلَيْسَتْ بِصِلَةٍ لِشَيْءٍ؛ قَالَ: وأَهل الْبَصْرَةِ يَقُولُونَ
حيثُ مُضافةٌ إِلى جُمْلَةٍ، فَلِذَلِكَ لَمْ تُخْفَضْ؛ وأَنشد الْفَرَّاءُ
بَيْتًا أَجاز فِيهِ الْخَفْضَ، وَهُوَ قَوْلُهُ: أَما تَرَى حيثَ سُهَيْلٍ طالِعا؟ فَلَمَّا أَضافها فَتَحَهَا، كَمَا
يَفْعَلُ بِعِنْد وخَلْف، وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: حَيْثُ ظرفٌ مِنَ الظُّرُوفِ،
يَحْتاجُ إِلى اسْمٍ وَخَبَرٍ، وَهِيَ تَجْمَعُ مَعْنَى ظَرْفَيْنِ كَقَوْلِكَ:
حيثُ عبدُ اللَّهِ قاعدٌ، زيدٌ قائمٌ؛ الْمَعْنَى: الموضعُ الَّذِي فِيهِ عبدُ
اللَّهِ قاعدٌ زيدٌ قائمُ. قَالَ: وحيثُ مِنْ حُرُوفِ الْمَوَاضِعِ لَا مِنْ
حُرُوفِ الْمَعَانِي، وإِنما ضُمَّت، لأَنها ضُمِّنَتِ الِاسْمَ الَّذِي كَانَتْ تَسْتَحِقُّ
إِضافَتَها إِليه؛ قَالَ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ إِنما ضُمَّتْ لأَن أَصلَها حَوْثُ،
فَلَمَّا قَلَبُوا وَاوَهَا يَاءً، ضَمُّوا آخرَها؛ قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ:
وَهَذَا خطأٌ، لأَنهم إِنما يُعْقِبون فِي الْحَرْفِ ضَمَّةً دالَّةً عَلَى وَاوٍ
سَاقِطَةٍ. الْجَوْهَرِيُّ: حَيْثُ كلمةٌ تدلُّ عَلَى الْمَكَانِ، لأَنه ظرفٌ فِي
الأَمكنة، بِمَنْزِلَةِ حِينَ فِي الأَزمنة، وَهُوَ اسمٌ مبنيٌّ، وإِنما حُرِّك
آخِرُهُ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ؛ فَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَبْنِيهَا عَلَى الضَّمِّ
تَشْبِيهًا بِالْغَايَاتِ، لأَنها لَمْ تجئْ إِلَّا مُضَافَةً إِلى جُمْلَةٍ،
كَقَوْلِكَ أَقومُ حيثُ يَقُومُ زيدٌ، وَلَمْ تَقُلْ حيثُ زيدٍ؛ وَتَقُولُ حيثُ
تَكُونُ أَكون؛ وَمِنْهُمْ مَن يَبْنِيهَا عَلَى الْفَتْحِ مِثْلَ كَيْفَ،
اسْتِثْقَالًا لِلضَّمِّ مَعَ الْيَاءِ وَهِيَ مِنَ الظُّرُوفِ الَّتِي لَا
يُجازَى بِهَا إِلا مَعَ مَا، تَقُولُ حَيْثُمَا تجلسْ أَجْلِسْ، فِي مَعْنَى
أَينما؛ وقولُه تَعَالَى: وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتى ؛ وَفِي حِرَفِ
ابْنِ مَسْعُودٍ: أَينَ أَتى. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: جئتُ مِنْ أَيْنَ لَا تَعْلَمُ
أَي مِنْ حَيْثُ لَا تَعْلَم. قَالَ الأَصمعي: وَمِمَّا تُخْطئُ فِيهِ العامَّةُ والخاصَّة بَابُ حِينَ وحيثُ،
غَلِطَ فِيهِ العلماءُ مِثْلُ أَبي عُبَيْدَةَ وَسِيبَوَيْهِ. قَالَ أَبو حَاتِمٍ:
رأَيت فِي كِتَابِ
سِيبَوَيْهِ أَشياء كَثِيرَةً يَجْعَلُ حِينَ حَيْثُ، وَكَذَلِكَ فِي كِتَابِ أَبي
عُبَيْدَةَ بِخَطِّهِ، قَالَ أَبو حَاتِمٍ: وَاعْلَمْ أَن حِين وحَيْثُ ظرفانِ، فَحِينَ ظَرْفٌ مِنَ الزَّمَانِ، وَحَيْثُ
ظَرْفٌ مِنَ الْمَكَانِ، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حدٌّ لَا يُجَاوِزُهُ،
والأَكثر مِنَ النَّاسِ جَعَلُوهُمَا مَعًا حَيْثُ، قَالَ: وَالصَّوَابُ أَن تَقُولَ رأَيتُك حيثُ كنتَ أَي فِي الْمَوْضِعِ
الَّذِي كُنْتَ فِيهِ، وَاذْهَبْ حيثُ شئتَ أَي إِلى أَيّ موضعٍ شئتَ؛ وَقَالَ اللَّهُ
عَزَّ وَجَلَّ: فَكُلا مِنْ حَيْثُ شِئْتُما . وَيُقَالُ: رأَيتُكَ حِينَ خَرَجَ الحاجُّ أَي فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، فَهَذَا
ظَرْفٌ مِنَ الزَّمَانِ، وَلَا يَجُوزُ حيثُ خَرَجَ الحاجُّ؛ وَتَقُولُ: ائتِني
حينَ يَقْدَمُ الحاجُّ، وَلَا يَجُوزُ حيثُ يَقْدَمُ الحاجُّ، وَقَدْ صَيَّر
الناسُ هَذَا كلَّه حَيْثُ، فَلْيَتَعَهَّدِ الرجلُ كلامَهُ. فإِذا كَانَ موضعٌ
يَحْسُنُ فيه أَيْنَ وأَيَّ موضعٍ فَهُوَ حيثُ، لأَن أَيْنَ مَعْنَاهُ حَيْثُ؛
وَقَوْلُهُمْ حيثُ كَانُوا، وأَيْنَ كَانُوا، مَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ، وَلَكِنْ
أَجازوا الجمعَ بَيْنَهُمَا لِاخْتِلَافِ اللَّفْظَيْنِ. وَاعْلَمْ أَنه يَحْسُنُ
فِي مَوْضِعِ حِينَ: لَمَّا، وإِذ، وإِذا، ووقتٌ، ويومٌ، وساعةٌ، ومَتَى. تَقُولُ:
رأَيتُكَ لَمَّا جِئْتَ، وَحِينَ جِئْتَ. وإِذ جِئْتَ. وَيُقَالُ: سأُعْطيك إِذ جئتَ،
ومتى جئتَ. ==
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق