ج25وج26.الأحاديث
من 2501 إلى 2600* 2501*
" إياكم و الجلوس في الصعدات ( و في رواية : الطرق ) فإن كنتم لابد فاعلين , فأعطوا الطريق حقه . قيل : و ما حقه ? قال : غض البصر و رد السلام و إرشاد الضال " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 9 : أخرجه الطحاوي في " مشكل الآثار " ( 1 / 58 ) و البزار في " مسنده " ( 2 / 425 / 2018 ) - كشف الأستار من طريق محمد بن المثنى و يزيد بن سنان قالا : حدثنا عبد الله بن سنان : حدثنا عبد الله بن المبارك عن جرير بن حازم عن إسحاق ابن سويد عن ابن حجيرة عن # عمر # أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فذكره , و قال البزار : " لا نعلم أسنده إلا جرير , و لا عنه إلا ابن المبارك . و رواه حماد بن زيد عن إسحاق بن سويد مرسلا " . كذا وقع فيه و قد وصله الطحاوي من طريق حجاج بن منهال : حدثنا حماد بن سلمة عن إسحاق بن سويد عن يحيى بن يعمر أن النبي صلى الله عليه وسلم , فذكر الحديث و قال الطحاوى : " منقطع الإسناد " . قلت : يعني أنه مرسل و هو أشبه بالصواب كما قال الدارقطني في " العلل " ( 2 / 251 ) و إسحاق بن سويد يروي عنه كل من الحمادين , فمن الممكن أن يكون كلاهما قد روياه عنه مرسلا , ثم لينظر هل سقط من رواية " كشف الأستار " أو ناسخه ذكر يحيى بن يعمر ? <1>ثم إن عبد الله بن سنان - و هو الهروي - قد توبع , فقال أبو داود في 1>" سننه " ( 4817 ) : حدثنا الحسن بن عيسى النيسابوري : أخبرنا ابن المبارك بإسناده عن ابن حجير العدوي قال : سمعت عمر بن الخطاب به . قلت : كذا وقع في " السنن " ( ابن حجير ) و كذا في " تهذيب الكمال " و فروعه و في رواية البزار و الطحاوي ( ابن حجيرة ) و كذا في ترجمة إسحاق من " الجرح و التعديل " و جزم المعلق على " التهذيب " بأنه مصحف , و ما أرى ذلك بصواب لأن الرجل مجهول كما جزم به المنذري في " مختصر السنن " ( 7 / 181 ) و هو معنى قول الحافظ فيه : " مستور " . قلت فهو غير مشهور و لا يعرف إلا فى هذا الحديث , فليس من الممكن إذن ترجيح رواية على أخرى ! و قد أخطأ في هذا الحديث الحافظ الهيثمي مرتين : الأولى : إيراده إياه و هو في " السنن " . و الأخرى : قوله ( 8 / 62 ) : " رواه البزار و رجاله رجال الصحيح غير عبد الله بن سنان الهروي و هو ثقة " ذلك أن ابن حجيرة ليس من رجال ( الصحيح ) بل هو مجهول كما تقدم . و في ظني أنه توهم أنه عبد الرحمن بن حجيرة الخولاني أبو عبد الله المصري , فإنه من رجال مسلم و لكنه ليس به كما سبق , و لا ذكروا له رواية عن عمر و لا في الرواة عنه إسحاق بن سويد . و كأنه اغتر به أو اتفق أن وافقه على هذا الخطأ المعلق على " مشكل الآثار " - الطبعة الهندية , فإنه قال : " في الخلاصة هو عبد الرحمن بن حجيرة - بضم أوله و فتح الجيم - الأكبر أبو عبد الله الخولاني قاضى مصر " . و فيه خطأ آخر و هو نسبته هذا التفسير لـ " الخلاصة " و ليس فيه إلا قوله : " عبد الرحمن بن حجيرة .. " ! و الخلاصة أن علة هذا الإسناد جهالة ابن حجير هذا . لكن الحديث صحيح , فإنه في " الصحيحين " , و " الأدب المفرد " ( 1150 ) و أبي داود ( 4815 ) و ابن حبان ( 594 - الإحسان ) و الطحاوي أيضا , و أحمد ( 3 / 36 ) من حديث أبي سعيد الخدري مرفوعا نحوه , و مسلم ( 7 / 2 ) من حديث أبي طلحة رضي الله عنه دون قوله : " و إرشاد الضال " . و زاد أبو سعيد : " و كف الأذى , و الأمر بالمعروف , و النهي عن المنكر " . و في رواية لأحمد ( 3 / 61 ) من طريق عبد الرزاق و هذا في " المصنف " ( 11 / 20 / 19786 ) من طريق رجل عن أبي سعيد به , لكنه ذكر مكان " كف الأذى " : " و أرشدوا السائل " . و هو بمعنى " إرشاد الضال " . و لفظ أبي طلحة : [ " غض البصر و رد السلام و حسن الكلام " ] . و قد جاء المعنى المشار إليه في أحاديث أخرى عن أبي هريرة و البراء بن عازب و عبد الله بن عباس و سهل بن حنيف . 1 - أما حديث أبي هريرة , فله طريقان : الأولى : عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عنه : فذكره نحوه بلفظ : " إدلال السائل و رد السلام و غض الأبصار و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر " . أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " ( 1049 ) . قلت : و إسناده صحيح على شرط مسلم . و الأخرى : عن عبد الرحمن بن إسحاق عن سعيد المقبري عنه بلفظ : " غض البصر و إرشاد ابن السبيل و تشميت العاطس إذا حمد الله , و رد التحية " . أخرجه البخاري أيضا ( 1014 ) و أبو داود ( 4816 ) و ابن حبان ( 595 ) . و إسناده جيد على شرط مسلم . 2 - و أما حديث البراء فيرويه شعبة و غيره عن أبى إسحاق عنه - و لم يسمعه منه - نحوه بلفظ : " فردوا السلام و أعينوا المظلوم و اهدوا السبيل " . أخرجه الترمذي ( 2727 ) و الدارمي ( 2 / 282 ) و ابن حبان ( 596 ) و الطحاوي أيضا , و أحمد ( 4 / 282 و 291 و 393 و 304 ) . و قال الترمذي : " حديث حسن " . قلت : بل هو صحيح لشواهده المتقدمة , و جملة : " و أعينوا المظلوم " جاءت في " الصحيحين " من طريق أخرى عن البراء في حديث آخر له بلفظ : " أمرنا بسبع .. " الحديث , فذكرها فيهن . و ذكر مسلم ( 6 / 135 ) في رواية له : " و إنشاد الضال " . كذا فيه , و لعله : " و إرشاد " . 3 - و أما حديث ابن عباس فيرويه ابن أبي ليلى عن داود بن علي عن أبيه عن جده عبد الله بن عباس به , و لفظه : " فردوا السلام و غضوا البصر و اهدوا السبيل و أعينوا على الحمولة " . أخرجه البزار ( 2019 ) و قال : " لا نعلم لابن عباس غير هذا الطريق , و روي عن غيره بألفاظ , و لا نعلم في حديث " و أعينوا على الحمولة " إلا في هذا , و داود ليس بالقوي في الحديث , و لا يتوهم عليه إلا الصدق , و إنما يكتب من حديثه ما لم يروه غيره " . قلت : و ابن أبي ليلى - و هو محمد بن عبد الرحمن - سيىء الحفظ , و به أعله الهيثمي . و هو ما قاله - عقب ما سبق - الحافظ ابن حجر في " زوائد البزار " ( 2 / 211 ) . 4 - و أما حديث سهل فيرويه أبو معشر : حدثنا أبو بكر بن عبد الرحمن الأنصاري عنه نحوه بلفظ : " قالوا : و ما حق المجالس ? قال : ذكر الله كثيرا , و أرشدوا السبيل و غضوا الأبصار " . أخرجه الطبراني في " الكبير " ( 6 / 105 / 5592 ) . و أعله الهيثمي بأبي بكر هذا فقط , فقال : " تابعي , لم أعرفه , و بقية رجاله وثقوا " . و كأنه يشير إلى ضعف في أبي معشر من قبل حفظه , و اسمه نجيح . 5 - و أما حديث وحشي فيرويه وحشي بن حرب بن وحشي عن أبيه عن جده بلفظ : " فردوا السلام و غضوا من أبصاركم و اهدوا الأعمى <2>2>, و أعينوا المظلوم " أخرجه الطبراني أيضا ( 22 / 138 / 367 ) . قال الهيثمي : " و رجاله ثقات , و في بعضهم ضعف " . قلت : حرب بن وحشي لم يوثقه غير ابن حبان ( 4 / 173 ) و فيه جهالة كما بينته في " تيسير الانتفاع " . و اعلم أن في هذه الأحاديث مجموعة طيبة من الآداب الإسلامية الهامة بأدب الجلوس في الطرق و أفنية الدور , ينبغي على المسلمين الاهتمام بها , و لاسيما ما كان منها من الواجبات مثل غض البصر عن النساء المأمور به في كثير من الأحاديث الأخرى , و في قول ربنا تبارك و تعالى : *( قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم و يحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون )* ( النور : 30 ) . فإذا كان هذا الأمر الإلهي قد وجه مباشرة إلى ذاك الجيل الأول الأطهر الأنور و لم يكن يومئذ ما يمكن أن يرى من النساء إلا الوجه و الكفان و من بعضهن , كما تواترت الأحاديث بذلك كحديث الخثعمية , و حديث بنت هبيرة و غيرهما مما هو مذكور في " جلباب المرأة " و " آداب الزفاف " . أقول : إذا لم يكن إلا هذا مما يمكن أن يرى من النساء يومئذ , فإن مما لا شك فيه أنه يتأكد الأمر بغض النظر في هذا الزمن الذي وجدت فيه " النساء الكاسيات العاريات " اللاتي قال فيهن النبي صلى الله عليه وسلم : " صنفان من أهل النار لم أرهما بعد .. " الحديث , و فيه : " و نساء كاسيات عاريات , مميلات مائلات , رؤوسهن كأسنمة البخت , لا يدخلن الجنة .. " الحديث . و قد مضى بتمامه مع تخريجه برقم ( 1326 ) . فالواجب على كل مسلم - و بخاصة الشباب منهم - أن يغضوا من أبصارهم , و عن النظر إلى الصور الخليعة المهيجة لنفوسهم , و المحركة لكامن شهواتهم , و أن يبادروا إلى الزواج المبكر إحصانا لها , فإن لم يستطيعوا , فعليهم بالصوم فإنه وجاء كما قال عليه الصلاة والسلام , و هو حديث صحيح مخرج في " الإرواء " ( 1781 ) , و لا يركنوا إلى الإستمناء ( العادة السرية ) مكان الصيام <3>3>, فيكونوا كالذين قال الله فيهم من المغضوب عليهم : *( أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير )* ?! ( البقرة : 61 ) . أسأل الله تعالى أن يستعملنا و المسلمين في طاعته , و أن يصرفنا عما لا يرضيه من معصيته , إنه سميع مجيب . ----------------------------------------------------------- [1] ثم طبع أصل الكشف , أعني " مسند البزار " المعروف بـ " البحر الزخار " , فإذا هو كما في " الكشف " ليس فيه يحيى بن يعمر . [2] كذا الأصل , و مطابق لنقل " المجمع " . و وقع في " الفتح " ( 12 / 11 ) " الأغبياء " , و هو الأقرب لمعنى سائر الأحاديث . و الله أعلم . [3] انظر ما سبق برقم ( 1830 ) . اهـ . 2502 " إن شئت دعوت الله لك فشفاك , و إن شئت صبرت و لا حساب عليك " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 16 : أخرجه ابن حبان ( 708 - موارد ) و البزار ( 83 - زوائده ) و الأصبهاني في " الترغيب " ( 59 / 1 ) و البغوي في " شرح السنة " ( رقم 1424 ) من طرق عن محمد ابن عمرو عن أبي سلمة عن #أبي هريرة # قال : جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم و بها لمم , فقالت : يا رسول الله ! ادع الله أن يشفيني , قال : فذكره . فقالت : بل أصبر و لا حساب علي . قلت : و هذا إسناد حسن . و سكت عنه الحافظ ( 10 / 115 ) . و له شاهد من حديث ابن عباس نحوه , و زاد : " فقالت : إني أتكشف , فادع الله لي أن لا أتكشف . فدعا لها " . أخرجه الشيخان و غيرهما كابن أبي الدنيا في " المرض و الكفارات " ( 87 / 1 ) و البغوي في " شرح السنة " ( 1423 ) . و للحديث طريق أخرى عن أبي هريرة قال : جاءت الحمى إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : ابعثني إلى آثر أهلك عندك , فبعثها إلى الأنصار , فبقيت عليهم ستة أيام و لياليهن , فاشتد ذلك عليهم , فأتاهم في ديارهم , فشكوا ذلك إليه , فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يدخل دارا دارا , و بيتا بيتا , يدعو لهم بالعافية . فلما رجع تبعته امرأة منهم , فقالت : والذي بعثك بالحق إني لمن الأنصار , و إن أبي لمن الأنصار , فادع الله لي كما دعوت للأنصار , قال : " ما شئت , إن شئت دعوت الله أن يعافيك , و إن شئت صبرت و لك الجنة " . قالت : بل أصبر , و لا أجعل الجنة خطرا . أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " ( 132 / 502 ) من طريق عطاء بن أبي رباح عنه , و إسناده صحيح . و يبدو أن هذه قصة أخرى غير الأولى لاختلاف المرض فيها , ففي هذه الحمى , و في تلك اللمم و هو الجنون , و يحتمل أن تكونا واحدة , و تكون الحمى شديدة تشبه في شدتها اللمم . و الله أعلم . 2503 " ما يصيب المؤمن من وصب و لا نصب و لا سقم و لا حزن حتى الهم يهمه إلا كفر به من سيئاته " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 17 : أخرجه مسلم ( 8 / 16 ) و الترمذي ( 1 / 181 ) و ابن أبي الدنيا في " الكفارات " ( 69 / 1 و 76 / 1 ) و أحمد ( 3 / 4 و 24 و 61 و 81 ) من طرق عن محمد بن عمرو بن عطاء عن عطاء بن يسار عن #أبي سعيد و أبي هريرة #أنهما سمعا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : فذكره , و السياق لمسلم , و ابن أبي الدنيا في رواية , و لم يذكر الآخرون أبا هريرة في إسناده , و قال الترمذي : " إلا يكفر الله به عنه سيئاته " , فلم يقل : " من " , و هو شاذ , تفرد به أسامة بن زيد دون سائر الطرق , على أنه عند أحمد من طريقه بلفظ : " من خطاياه " . و هو المحفوظ . و كذلك أخرجه البخاري في " المرض " ( 10 / 91 - فتح ) من الوجه المذكور عنهما معا , إلا أنه لم يذكر ( السقم ) , و قال مكانه : " هم و لا غم , حتى الشوكة يشاكها , إلا كفر الله بها من خطاياه " , و هو رواية لأحمد ( 2 / 202 و 335 و 3 / 18 و 48 ) . و للحديث طريق أخرى بلفظ مختصر مضى برقم ( 2410 ) . و في رواية لابن أبي الدنيا من طريق عبيد الله بن عبد الله بن موهب : سمعت أبا هريرة يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما من مؤمن يشاك شوكة في الدنيا و يحتسبها إلا قص بها من خطاياه يوم القيامة " قلت : و عبيد الله هذا قال أحمد : " أحاديثه مناكير , و لا يعرف لا هو و لا أبوه " . لكن له شاهد من حديث جابر مرفوعا بلفظ : " ما من مؤمن و لا مؤمنة , و لا مسلم و لا مسلمة يمرض مرضا , إلا قص الله عنه من خطاياه " . أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " ( 508 ) و ابن أبي الدنيا ( ق 87 - 88 ) و البزار ( 758 - كشف ) بإسناد صحيح رجاله ثقات رجال مسلم غير شيخه إسحاق بن إسماعيل , و هو ثقة من شيوخ أبي داود , و قد توبع عند أحمد ( 3 / 386 و 400 ) بلفظ : " حط الله " . و كذلك أخرجه أبو يعلى ( 2 / 611 ) . و هو كذلك عند أحمد ( 3 / 346 ) من طريق أبي الزبير عن جابر به , إلا أنه قال : " حط عنه خطيئته " . لم يقل : " من " . و كذلك رواه ابن حبان ( 696 ) من هذا الوجه , و زاد : " كما تنحط الورقة عن الشجرة " . و أبو الزبير مدلس . و شاهد ثان من حديث عائشة بلفظ : " لا يصيب عبدا شوكة فما فوقها إلا قاص الله عز وجل بها من خطاياه " . أخرجه أحمد ( 6 / 185 ) بإسناد صحيح على شرط مسلم , و قد أخرجه في " صحيحه " ( 8 / 15 ) من طريق أخرى عنها بلفظ : " إلا قص بها من خطاياه , أو كفر بها من خطاياه " , و الشك من يزيد بن خصيفة أحد رواته . 2504 " من عاد مريضا لم يزل يخوض في الرحمة حتى يجلس , فإذا جلس اغتمس فيها " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 19 : أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 3 / 234 ) و أحمد ( 3 / 304 ) و ابن أبي الدنيا في " الكفارات " ( 73 / 1 ) و البيهقي ( 3 / 380 ) و ابن حبان في " صحيحه " ( 711 ) من طريق هشيم : حدثنا عبد الحميد بن جعفر عن عمر بن الحكم بن ثوبان عن # جابر بن عبد الله # قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره . قلت : و هذا إسناد صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الحميد بن جعفر , فهو على شرط مسلم وحده . و من طريقه أخرجه البزار أيضا ( 1 / 368 / 775 - الكشف ) . و خالفه أبو معشر فقال : عن عبد الرحمن بن عبد الله الأنصارى قال : دخل أبو بكر ابن محمد بن عمرو بن حزن على عمر بن الحكم بن ثوبان فقال : يا أبا حفص حدثنا حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس فيه اختلاف , قال : حدثني كعب بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم , فذكره نحوه . أخرجه أحمد ( 3 / 460 ) و ابن أبي الدنيا ( 85 / 2 ) إلا أنه وقع عنده : " عبد الله بن عبد الرحمن " على القلب . و أبو معشر اسمه نجيح السندي , و هو ضعيف , و سائر رواته ثقات . و من هذا تعلم أن قول الهيثمي ( 2 / 297 ) تبعا للمنذري ( 4 / 164 ) : " رواه أحمد و الطبراني في " الكبير " و " الأوسط " , و إسناده حسن " . قلت : فهو غير حسن لما علمت من ضعف أبي معشر مع مخالفته في إسناده . و قالا في حديث جابر , و قد عزواه للبزار أيضا - و لم أجده في زوائده - : " و رجال أحمد رجال الصحيح " . و للحديث شاهد من رواية أبي عمارة قيس مولى سودة بنت عمرو بن حزم عن أبيه عن جده مرفوعا به , و زاد : " ثم إذا قام من عنده فلا يزال يخوض فيها حتى يرجع " . أخرجه ابن أبي الدنيا ( 86 / 2 - 87 / 1 ) و العقيلي في " الضعفاء " ( ص 358 ) . و أبو عمارة هذا ضعفه البخاري جدا فقال : " فيه نظر " . و أما ابن حبان فذكره في " الثقات " , و لعله معتمد الهيثمي في قوله بعد أن ساق الحديث ( 2 / 297 ) : " رواه الطبرانى في " الكبير " و " الأوسط " , و رجاله موثقون " ! و أما المنذري فقال : " و إسناده إلى الحسن أقرب " ! و الحديث أخرجه ابن عبد البر أيضا في " التمهيد " ( 24 / 273 ) و صححه من طريق هشيم و غيره عن عبد الحميد بن جعفر , و خالفه خالد بن الحارث عنه في مخالفة لا تضر في صحة متنه كما تقدم بيانه برقم ( 1929 ) , و قد قدر إعادة تخريجه هنا , و لا يخلو من فائدة . 2505 " إن الرجل يشفع للرجلين و للثلاثة و الرجل للرجل " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 21 : أخرجه ابن خزيمة في " التوحيد " ( ص 205 ) : حدثنا إسحاق بن منصور قال : حدثنا عبد الرزاق عن معمر قال : أخبرني ثابت البناني أنه سمع #أنس بن مالك #يقول : قال النبي صلى الله عليه وسلم ... فذكره . و أخرجه البزار ( 3473 - كشف ) من طريقين آخرين عن عبد الرزاق دون الجملة الأخيرة . قلت : و هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين . و أورده المنذري في " الترغيب " ( 4 / 220 ) , ثم الهيثمي في " المجمع " ( 10 / 382 ) من رواية البزار ( 3473 - كشف الأستار ) , و قالا : " و رجاله رجال الصحيح " . قلت : و له شاهد يرويه عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري مرفوعا به . أخرجه ابن خزيمة ( ص 670 ) و أحمد ( 3 / 20 و 63 ) . و عطية ضعيف كما هو معلوم . 2506 " ما استجار عبد من النار سبع مرات في يوم إلا قالت النار : يا رب إن عبدك فلانا قد استجارك مني فأجره , و لا يسأل الله عبد الجنة في يوم سبع مرات إلا قالت الجنة : يا رب ! إن عبدك فلانا سألني فأدخله الجنة " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 22 : أخرجه أبو يعلى في " مسنده " ( 4 / 1472 - 1473 ) و الضياء أيضا في " صفة الجنة " ( 3 / 89 / 1 ) : حدثنا أبو خيثمة أخبرنا جرير عن يونس عن أبي حازم عن #أبي هريرة #قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره . و قال الضياء : " هذا الحديث عندي على شرط الصحيحين " . و كذا قال المنذري قبله في " الترغيب " ( 4 / 222 ) و تبعهما ابن القيم في " حادي الأرواح " ( 1 / 148 ) و هو كما قالوا , و بيان ذلك : 1 - أبو حازم هو سلمان الأشجعي الكوفي , و هو ثقة بلا خلاف , قيل : إنه مات في خلافة عمر بن عبد العزيز . 2 - يونس هو ابن يزيد الأيلي , قال الذهبي : " ثقة حجة شذ ابن سعد في قوله : ليس بحجة ... " . و قال الحافظ : " ثقة إلا أن في روايته عن الزهري وهما قليلا , و في غير الزهري خطأ " . 3 - جرير هو ابن حازم الأزدي البصري , قال الذهبي : " أحد الأئمة الكبار الثقات , و لولا ذكر ابن عدي له لما أوردته " . و قال الحافظ : " ثقة , لكن فى حديثه عن قتادة ضعف , و له أوهام إذا حدث من حفظه " . قلت : و ليس هذا من حديثه عنه , و إنما عن يونس الأيلي , و قد ذكروه في شيوخه . 4 - أبو خيثمة هو زهير بن حرب الحرشي النسائي , ثقة اتفاقا . و قال الحافظ : " ثقة ثبت , روى عنه مسلم أكثر من ألف حديث " . و بالجملة , فالحديث صحيح بلا ريب , و ما في بعض رواته من الكلام فهو يسير لا يضر في صحته - كما هو ظاهر - و الله أعلم . ( فائدة ) : لقد اعتاد بعض الناس في دمشق و غيرها التسبيع المذكور في هذا الحديث جهرا و بصوت واحد عقب صلاة الفجر , و ذلك مما لا أعلم له أصلا في السنة المطهرة , و لا يصلح مستندا لهم هذا الحديث لأنه مطلق , ليس مقيدا بصلاة الفجر أولا , و لا بالجماعة , و لا يجوز تقييد ما أطلقه الشارع الحكيم , كما لا يجوز إطلاق ما قيده , إذ كل ذلك شرع يختص به العليم الحكيم . فمن أراد العمل بهذا الحديث , فليعمل به في أي ساعة من ليل أو نهار , قبل الصلاة , أو بعدها . و ذلك هو محض الاتباع , و الإخلاص فيه . رزقنا الله تبارك و تعالى إياه . و أما حديث : " إذا صليت الصبح فقل قبل أن تتكلم : " اللهم أجرني من النار " سبع مرات .. " الحديث , فهو ضعيف كما تراه محققا في " الضعيفة " ( 1624 ) فلا تغتر بمن حسنه , فإنها زلة عالم , و لا بمن قلده , فإنه لا علم عنده . ثم طبع " مسند أبي يعلى " بتحقيق الأخ حسين سليم أسد , فإذا به يضيف حديث الترجمة ! و يقول في التعليق عليه : " إسناده ضعيف , يونس هو ابن خباب , قال يحيى بن سعيد : كان كذابا .. " . ثم أفاض في نقل أقوال الأئمة في تضعيف يونس هذا , ثم نقل عن " مجمع الزوائد " ( 10 / 171 ) أنه قال : " رواه البزار , و فيه يونس بن خباب , و هو ضعيف " . قلت : أصاب البزار , و أخطأ المعلق المشار إليه خطأ فاحشا , و خلط خلطا قبيحا بين راويين , أحدهما ثقة , و هو يونس بن يزيد الأيلي في إسناد أبي يعلى , و الآخر واه , و هو يونس بن خباب , و ذلك لمجرد التقائهما في الاسم و الطبقة , و إن اختلف شيوخهما و الرواة عنهما ! و الواجب في مثل هذا التأني و التحري في شأنهما حتى يتمكن من التعرف على شخصيتهما , و إلا وقع في الخطأ و لابد , كما حصل للمشار إليه ذلك لأن البزار رحمه الله قد ساق الحديث بأسانيد له عن يونس بن خباب كما في " كشف الأستار " ( 4 / 51 ) منها قوله : و حدثنا يوسف بن موسى : حدثنا جرير بن عبد الحميد عن ليث عن يونس بن خباب عن أبي علقمة عن أبي هريرة به . و من هذا الوجه أخرجه أبو نعيم في " صفة الجنة " ( 1 / 9 / 68 ) من طريق أخرى عن جرير به , إلا أنه وقع فيه : " أبي حازم بن يونس " . و أظن أن قوله : " ابن يونس " خطأ من الناسخ أو الطابع , فإنه في " حادي الأرواح " على الصواب من الطريق نفسها . على أن قول يونس بن خباب : " عن أبي حازم " غير محفوظ عن يونس و الظاهر أنه من تخاليط ليث , و هو ابن أبي سليم , كان تارة يرويه هكذا , و تارة عن أبي علقمة , كما في رواية البزار , و هو الصواب عن يونس , لأنه كذلك هو في الطرق و الأسانيد المشار إليها عند البزار . و يؤيده طريق أخرى عند الطيالسي في " مسنده " قال ( 2579 ) : حدثنا شعبة عن يعلى بن عطاء قال : سمعت أبا علقمة - قال شعبة : حدثني يونس بن خباب سمع أبا علقمة عن أبي هريرة - و لم يرفعه يعلى إلى أبي هريرة قال : قال : " من سأل الله الجنة سبعا قالت الجنة .. " الحديث . فقد دارت الطرق الصحيحة على يونس بن خباب عن أبي علقمة عن أبي هريرة , بينما طريق أبي يعلى تدور على جرير بن حازم الذي لم يذكر في تلك الطرق عن يونس , فتبادر في ذهن ذلك المعلق أن يونس في هذه الطريق هو يونس بن خباب في تلك الطرق , و ليس كذلك , لاحتمال أن يكون راويا آخر متابع , و هذا هو الراجح , لأن جرير ابن حازم من المعروف من ترجمته أنه يروي عن يونس بن يزيد الأيلي كما تقدم , فهذا هو ملحظ أولئك الحفاظ الذين صرحوا بصحة الحديث , و أنه على شرط الصحيحين . فهل خفي هذا على ذاك المعلق فوقع في الخطأ , أم أصابه غرور بعض الشباب بما عندهم من علم ضحل بهذا الفن الشريف ?! ذلك ما لا أدريه , و لكنني فوجئت بمعلق آخر اطلع على تصحيح الحفاظ المشار إليهم , و هم ضياء الدين المقدسي , و المنذري , و ابن القيم , بل و أضاف إليهم رابعا , و هو الحافظ ابن كثير ! ثم أخذ يرد عليهم بأن يونس بن خباب ليس من رجال الشيخين , و بأنه متكلم فيه , قال : " فالإسناد ضعيف واه " ! ذلك هو المعلق على كتاب أبي نعيم المتقدم ذكره : " صفة الجنة " . لقد كان يكفي لردع هذا الشاب عن تسرعه في الرد على أولئك الحفاظ و تخطئتهم , أن يفكر قليلا في السبب الذي حملهم على تصحيح الحديث , إنه لو فعل ذلك لوجد أن الصواب معهم , و أنه هو المخطىء في مخالفتهم , و لكن المصيبة إنما هي التزبب قبل التحصرم . و الله المستعان , و لا حول و لا قوة إلا بالله . 2507 " أما بعد يا عائشة ! فإنه قد بلغني عنك كذا و كذا , [ إنما أنت من بنات آدم ] , فإن كنت بريئة فسيبرئك الله , و إن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله و توبي إليه , فإن العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب إلى الله تاب الله عليه . و في رواية : فإن التوبة من الذنب الندم " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 26 : أخرجه البخاري ( 8 / 363 - 364 - فتح ) و مسلم ( 8 / 116 ) و أحمد ( 6 / 196 ) و الرواية الأخرى له ( 6 / 364 ) و أبو يعلى ( 3 / 1208 و 1218 ) و الطبري في " التفسير " ( 18 / 73 و 75 ) و البغوي ( 6 / 74 ) من حديث #عائشة #رضي الله عنها , في حديثها الطويل عن قصة الإفك , و نزول الوحي القرآني ببراءتها في آيات من سورة النور : *( إن الذين جاؤا بالإفك عصبة منكم ... )* الآيات ( 11 - 20 ) , و الزيادة التي بين المعقوفتين هي لأبي عوانة في " صحيحه " , و الطبراني في " معجمه " كما في " الفتح " ( 8 / 344 و 364 ) . و قوله : " ألممت " . قال الحافظ : أي وقع منك على خلاف العادة , و هذا حقيقة الإلمام , و منه : ألمت بنا و الليل مرخ مستورة . قال الداوودي : " أمرها بالاعتراف , و لم يندبها إلى الكتمان , للفرق بين أزواج النبي صلى الله عليه وسلم و غيرهن , فيجب على أزواجه الاعتراف بما يقع منهن و لا يكتمنه إياه , لأنه لا يحل لنبي إمساك من يقع منها ذلك بخلاف نساء الناس , فإنهن ندبن إلى الستر " . ثم تعقبه الحافظ نقلا عن القاضي عياض فيما ادعاه من الأمر بالاعتراف , فليراجعه من شاء , لكنهم سلموا له قوله : إنه لا يحل لنبي إمساك من يقع منها ذلك . و ذلك غيرة من الله تعالى على نبيه صلى الله عليه وسلم , و لكنه سبحانه صان السيدة عائشة رضي الله عنها و سائر أمهات المؤمنين من ذلك كما عرف ذلك من تاريخ حياتهن , و نزول التبرئة بخصوص السيدة عائشة رضي الله عنها , و إن كان وقوع ذلك ممكنا من الناحية النظرية لعدم وجود نص باستحالة ذلك منهن , و لهذا كان موقف النبي صلى الله عليه وسلم في القصة موقف المتريث المترقب نزول الوحي القاطع للشك في ذلك الذي ينبئ عنه قوله صلى الله عليه وسلم في حديث الترجمة : " إنما أنت من بنات آدم , فإن كنت بريئة فسيبرئك الله , و إن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله .. " , و لذلك قال الحافظ في صدد بيان ما في الحديث من الفوائد : " و فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يحكم لنفسه إلا بعد نزول الوحي . نبه عليه الشيخ أبو محمد بن أبي جمرة نفع الله به " . يعني أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقطع ببراءة عائشة رضي الله عنها إلا بعد نزول الوحي . ففيه إشعار قوي بأن الأمر في حد نفسه ممكن الوقوع , و هو ما يدندن حوله كل حوادث القصة و كلام الشراح عليها , و لا ينافي ذلك قول الحافظ ابن كثير ( 8 / 418 ) في تفسير قوله تعالى : *( ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح و امرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئا و قيل ادخلا النار مع الداخلين )* ( التحريم : 10 ) . " و ليس المراد بقوله : *( فخانتاهما )* في فاحشة , بل في الدين , فإن نساء الأنبياء معصومات عن الوقوع في الفاحشة لحرمة الأنبياء كما قدمنا في سورة النور " . و قال هناك ( 6 / 81 ) : " ثم قال تعالى : *( و تحسبونه هينا و هو عند الله عظيم )* , أي : تقولون ما تقولون في شأن أم المؤمنين , و تحسبون ذلك يسيرا سهلا , و لو لم تكن زوجة النبي صلى الله عليه وسلم لما كان هينا , فكيف و هي زوجة النبي صلى الله عليه وسلم الأمي خاتم الأنبياء و سيد المرسلين , فعظيم عند الله أن يقال في زوجة نبيه و رسوله ما قيل , فإن الله سبحانه و تعالى يغار لهذا , و هو سبحانه لا <1>يقدر على زوجة نبي من الأنبياء ذلك , حاشا و كلا , و لما لم يكن ذلك , فكيف يكون هذا في سيدة نساء الأنبياء زوجة سيد ولد آدم على الإطلاق في الدنيا و الآخرة , و لهذا قال تعالى : *( و تحسبونه هينا و هو عند الله عظيم 1>)* " . أقول : فلا ينافي هذا ما ذكرنا من الإمكان , لأن المقصود بـ " العصمة " الواردة في كلامه رحمه الله و ما في معناها إنما هي العصمة التي دل عليها الوحي الذي لولاه لوجب البقاء على الأصل , و هو الإمكان المشار إليه , فهي بالمعنى الذي أراده النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : " فالمعصوم من عصمه الله " في حديث أخرجه البخاري و غيره , و ليس المراد بها العصمة الخاصة بالأنبياء عليهم الصلاة و السلام , و هي التي تنافي الإمكان المذكور , فالقول بهذه في غير الأنبياء إنما هو من القول على الله بغير علم , و هذا ما صرح به أبو بكر الصديق نفسه في هذه القصة خلافا لهواه كأب , فقد أخرج البزار بسند صحيح عن عائشة رضي الله عنها أنه لما نزل عذرها قبل أبو بكر رضي الله عنها رأسها , فقالت : ألا عذرتني ? فقال : أي سماء تظلني , و أي أرض تقلني إن قلت ما لا أعلم ?! <2>2>و هذا هو الموقف الذي يجب على كل مسلم أن يقفه تجاه كل مسألة لم يأت الشرع الحنيف بما يوافق هوى الرجل , و لا يتخذ إلهه هواه . و اعلم أن الذي دعاني إلى كتابة ما تقدم , أن رجلا عاش برهة طويلة مع إخواننا السلفيين في حلب , بل إنه كان رئيسا عليهم بعض الوقت , ثم أحدث فيهم حدثا دون برهان من الله و رسوله , و هو أن دعاهم إلى القول بعصمة نساء النبي صلى الله عليه وسلم و أهل بيته و ذريته من الوقوع في الفاحشة , و لما ناقشه في ذلك أحد إخوانه هناك , و قال له : لعلك تعني عصمتهن التي دل عليها تاريخ حياتهن , فهن في ذلك كالخلفاء الأربعة و غيرهم من الصحابة المشهورين , المنزهين منها و من غيرها من الكبائر ? فقال : لا , إنما أريد شيئا زائدا على ذلك و هو عصمتهن التي دل عليها الشرع , و أخبر عنها دون غيرها مما يشترك فيها كل صالح و صالحة , أي العصمة التي تعني مقدما استحالة الوقوع ! و لما قيل له : هذا أمر غيبي لا يجوز القول به إلا بدليل , بل هو مخالف لما دلت عليه قصة الإفك , و موقف الرسول و أبي بكر الصديق فيها , فإنه يدل دلالة صريحة أنه صلى الله عليه وسلم كان لا يعتقد في عائشة العصمة المذكورة , كيف و هو يقول لها : إنما أنت من بنات آدم , فإن كنت بريئة فسيبرئك الله , و إن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله ... الحديث : فأجاب بأن ذلك كان من قبل نزول آية الأحزاب 33 : *( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرا )* ! جاهلا أو متجاهلا أن الآية المذكورة نزلت قبل قصة الإفك , بدليل قول السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها عن صفوان بن المعطل السلمي : " فعرفني حين رآني , و كان يراني قبل الحجاب " , و فيه أنها احتجبت منه . و دليل آخر , و هو ما بينه الحافظ رحمه الله بقوله ( 8 / 351 ) : " و لا خلاف أن آية الحجاب نزلت حين دخوله صلى الله عليه وسلم بزينب بنت جحش , و في حديث الإفك : أن النبي صلى الله عليه وسلم سأل زينب عنها . فثبت أن الحجاب كان قبل قصة الإفك " . ثم اشتدت المجادلة بينهما في ذلك حتى أرسل إلي أحد الإخوان الغيورين الحريصين على وحدة الصف خطابا يشرح لي الأمر , و يستعجلني بالسفر إليهم , قبل أن يتفاقم الأمر , و ينفرط عقد الجماعة . فسافرت بالطائرة - و لأول مرة - إلى حلب , و معي اثنان من الإخوان , و أتينا الرجل في منزله , و اقترحت عليهما أن يكون الغداء عنده تألفا له , فاستحسنا ذلك . و بعد الغداء بدأنا بمناقشته فيما أحدثه من القول , و استمر النقاش معه إلى ما بعد صلاة العشاء , و لكن عبثا , فقد كان مستسلما لرأيه , شأنه في ذلك شأن المتعصبة الذين يدافعون عن آرائهم دون أي اهتمام للأدلة المخالفة لهم , بل لقد زاد هذا عليهم فصرح في المجلس بتكفير من يخالفه في قوله المذكور , إلا أنه تنازل - بعد جهد جهيد - عن التكفير المشار إليه , و اكتفى بالتصريح بتضليل المخالف أيا كان ! و لما يئسنا منه قلنا له : إن فرضك على غيرك أن يتبنى رأيك و هو غير مقتنع به , ينافي أصلا من أصول الدعوة السلفية , و هو أن الحاكمية لله وحده , و ذكرناه بقوله تعالى في النصارى : *( اتخذوا أحبارهم و رهبانهم أربابا من دون الله )* , و لهذا فحسبك أن يظل كل منكما عند رأيه , ما دام أن أحدكما لم يقنع برأي الآخر , و لا تضلله , كما هو لا يضللك , و بذلك يمكنك أن تستمر في التعاون معه فيما أنتما متفقان عليه من أصول الدعوة و فروعها . فأصر على فرض رأيه عليه و إلا فلا تعاون , علما بأن هذا الذي يريد أن يفرض عليه رأيه هو أعرف منه و أفقه بالدعوة السلفية أصولا و فروعا , و إن كان ذاك أكثر ثقافة عامة منه . و صباح اليوم التالي بلغنا إخوانه المقربين إليه بخلاصة المناقشة , و أن الرجل لا يزال مصرا على التضليل و عدم التعاون إلا بالخضوع لرأيه . فأجمعوا أمرهم على عزله , و لكن بعد مناقشته أيضا , فذهبوا إليه في بيته - بعد استئذانه طبعا - و أنا معهم , و صاحباي فطلبوا منه التنازل عن إصراره و أن يدع الرجل على رأيه , و أن يستمر معهم في التعاون , فرفض ذلك , و بعد مناقشة شديدة بينه و بين مخالفه في الرأي و غيره من إخوانه , خرج فيها الرجل عن طوره حتى قال لمخالفه لما ذكره بالله : أنا لا أريد أن تذكرني أنت بالله ! إلى غير ذلك من الأمور التي لا مجال لذكرها الآن , و على ضوء ما سمعوا من إصراره , و رأوا من سوء تصرفه مع ضيوفه اتفقوا على عزله , و نصبوا غيره رئيسا عليهم . ثم أخذت الأيام تمضي , و الأخبار عنه تترى بأنه ينال من خصمه و يصفه بما ليس فيه , فلما تيقنت إصراره على رأيه و تقوله عليه , و هو يعرف نزاهته و إخلاصه قرابة ثلاثين سنة , أعلنت مقاطعته حتى يعود إلى رشده , فكان كلما لقيني و هش إلي و بش أعرضت عنه . و يحكي للناس شاكيا إعراضي عنه متجاهلا فعلته , و أكثر الناس لا يعلمون بها , في الوقت الذي يتظاهر فيه بمدحي و الثناء علي و أنه تلميذي ! إلى أن فوجئت به في منزل أحد السلفيين في عمان في دعوة غداء في منتصف جمادى الأولى لسنة ( 1396 ) فسارع إلى استقبالي كعادته , فأعرضت عنه كعادتي , و على المائدة حاول أن يستدرجني إلى مكالمته بسؤاله إياي عن بعض الشخصيات العلمية التي لقيتها في سفري إلى ( المغرب ) , و كنت حديث عهد بالرجوع منه , فقلت له : لا كلام بيني و بينك حتى تنهي مشكلتك ! قال : أي مشكلة ? قلت : أنت أدرى بها , فلم يستطع أن يكمل طعامه . فقصصت على الإخوان الحاضرين قصته , و تعصبه لرأيه , و ظلمه لأخيه المخالف له , و اقترحت عقد جلسة خاصة ليسمعوا من الطرفين . و كان ذلك بعد يومين من ذلك اللقاء , فبعد أن انصرف الناس جميعا من الندوة التي كنت عقدتها في دار أحدهم في ( جبل النصر ) و بقي بعض الخاصة من الإخوان , بدأ النقاش , فإذا بهم يسمعون منه كلاما عجبا , و تناقضا غريبا , فهو من جهة يشكوني إليهم لمقاطعتي إياه , و أنه يهش إلي و يبش , و يتفاخر في المجالس بأني شيخه , و من جهة أخرى لما يجري البحث العلمي بيني و بينه يصرح بتضليلي أيضا و بمقاطعتي ! فيقول له الإخوان : كيف هذا , و أنت تشكو مقاطعته إياك ?! فلا يجيب على سؤالهم , و إنما يخوض في جانب آخر من الموضوع . و باختصار فقد انكشف للحاضرين إعجابه برأيه و إصراره عليه , و تعديه على من يزعم أنه شيخه و جزمه بضلاله , و الله المستعان . فإذا قيل له : رأيك هذا هو وحي السماء , ألا يمكن أن يكون خطأ ? قال : بلى , فإذا قيل له : فكيف تجزم بضلال مخالفك مع احتمال أن يكون الصواب معه ? لم يحر جوابا , و إنما يعود ليجادل بصوت مرتفع , فإذا ذكر بذلك قال : عدم المؤاخذة , لقد قلت لكم : هذه عادتي ! فلا تؤاخذوني ! فطالبه بعض الحاضرين بالدليل على العصمة التي يزعمها , فتلى آية التطهير : *( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرا )* , فقيل له : الإرادة في هذه الآية شرعية أم كونية , فأجاب : كونية ! فقيل له : هذا يستلزم أن أولاد فاطمة أيضا معصومون ! قال : نعم . قيل و أولاد أولادها ? فصاح و فر من الجواب . و واضح من كلامه أنه يقول بعصمة أهل البيت جميعا إلى يوم يبعثون , و لكنه لا يفصح بذلك لقبحه . فقام صاحب الدار و أتى برسالة لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله , و قرأ منها فصلا هاما في بيان الفرق بين الإرادة الشرعية و الإرادة الكونية , فالأولى محبته تعالى و رضاه لما أراده من الإيمان و العمل الصالح , و لا تستلزم وقوع المراد , بخلاف الإرادة الكونية , فهي تستلزم وقوع ما أراده تعالى , و لكنها عامة تشمل الخير و الشر , كما في قوله تعالى : *( إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون )* ( يس : 82 ) , فعلى هذا , فإذا كانت الإرادة في آية التطهير إرادة شرعية فهي لا تستلزم وقوع المراد من التطهير , و إنما محبته تعالى لأهل البيت أن يتطهروا , بخلاف ما لو كانت إرادة كونية فمعنى ذلك أن تطهيرهم أمر كائن لابد منه , و هو متمسك الشيعة في قولهم بعصمة أهل البيت , و قد بين شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى ضلالهم في ذلك بيانا شافيا في مواطن عديدة من كتابه " منهاج السنة " , فلا بأس من أن أنقل إلى القراء الكرام طرفا منه لصلته الوثيقة بما نحن فيه , فقال في صدد رده على الشيعي المدعي عصمة علي رضي الله عنه بالآية السابقة : " و أما آية ( الأحزاب 33 ) : *( و يطهركم تطهيرا )* فليس فيها إخبار بذهاب الرجس و بالطهارة , بل فيها الأمر لهم بما يوجبهما , و ذلك كقوله تعالى ( المائدة 6 ) : *( ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج و لكن يريد ليطهركم )* , و النساء : 26 ) : *( يريد الله ليبين لكم و يهديكم )* , و ( النساء : 28 ) : *( يريد الله أن يخفف عنكم )* . فالإرادة هنا متضمنة للأمر و المحبة و الرضا ليست هي الملتزمة لوقوع المراد , و لو كان كذلك لتطهر كل من أراد الله طهارته . و هذا على قول شيعة زماننا أوجه , فإنهم معتزلة يقولون : إن الله يريد ما لا يكون , فقوله تعالى : *( يريد الله ليذهب عنكم الرجس )* إذا كان بفعل المأمور و ترك المحظور , كان ذلك متعلقا بإرادتهم و بأفعالهم , فإن فعلوا ما أمروا به طهروا . و مما يبين أن ذلك مما أمروا به لا مما أخبر بوقوعه أن النبي صلى الله عليه وسلم أدار الكساء على علي و فاطمة و الحسن و الحسين ثم قال : " اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا " . رواه مسلم من حديث عائشة . و رواه أهل السنن من حديث أم سلمة , و فيه دليل على أنه تعالى قادرا على إذهاب الرجس و التطهير , و أنه خالق أفعال العباد , ردا على المعتزلي . و مما يبين أن الآية متضمنة للأمر و النهي قوله في سياق الكلام : *( يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينه - إلى قوله - و لا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى , و أقمن الصلاة و آتين الزكاة و أطعن الله و رسوله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرا . و اذكرن ما يتلى في بيوتكن )* ( الأحزاب 30 - 34 ) , فهذا السياق يدل على أن ذلك أمر و نهي , و أن الزوجات من أهل البيت , فإن السياق إنما هو في مخاطبتهن و يدل الضمير المذكر على أنه عم غير زوجاته كعلي و فاطمة و ابنيهما " <3>. 3>و قال في " مجموعة الفتاوى " ( 11 / 267 ) عقب آية التطهير : " و المعنى أنه أمركم بما يذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرا , فمن أطاع أمره كان مطهرا قد أذهب عنه الرجس بخلاف من عصاه " . و قال المحقق الآلوسي في تفسير الآية المذكورة بعد أن ذكر معنى ما تقدم عن ابن تيمية ( 7 / 47 - بولاق ) : " و بالجملة لو كانت إفادة معنى العصمة مقصودة لقيل هكذا : إن الله أذهب عنكم الرجس أهل البيت و طهركم تطهيرا . و أيضا لو كانت مفيدة للعصمة ينبغي أن يكون الصحابة لاسيما الحاضرين في غزوة بدر قاطبة معصومين لقوله تعالى فيهم : *( و لكن يريد ليطهركم و ليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون )* , بل لعل هذا أفيد لما فيه من قوله سبحانه : *( و ليتم نعمته عليكم )* , فإن وقوع هذا الإتمام لا يتصور بدون الحفظ عن المعاصي و شر الشيطان " . و للبحث عنده تتمة لا يخرج مضمونه عما تقدم , و لكن فيه تأكيد له , فمن شاء فليراجعه . فأقول : لقد أطلت الكلام في مسألة العصمة المزعومة , لأهميتها و لصلتها الوثقى بحديث عائشة رضي الله عنها . و تذكيرا للأخر المشار إليه لعله يجد فيما كتبت ما ينير له سبيل الهداية , و العودة لمواصلة أخيه , راجعا عن إضلاله , و للتاريخ و العبرة أخيرا . ثم توفي الرجل بعد كتابه هذا بسنين طويلة إلى رحمة الله و مغفرته , و معذرة إلى بعض الإخوان الذين قد يرون في هذا النقد العلمي و فيما يأتي ما لا يروق لهم , فأذكرهم بأن العلم الذي عشته دهري هو الذي لا يسعني مخالفته , و ما قول البخاري و سليمان بن حرب الآتي تحت رقم 2630 في ( حرب بن ميمون ) : " هو أكذب الخلق " - و ذلك بعد موته - عنهم ببعيد . ----------------------------------------------------------- [1] كذا الأصل , و لعل الصواب " لم " كما يدل عليه قوله الآتي : " و لما لم يكن ذلك ... " . [2] كذا في " روح المعاني " للآلوسي ( 6 / 38 ) و عزاه الحافظ في " الفتح " ( 8 / 366 ) للطبري و أبي عوانة . [3] " المنتقى من منهاج الاعتدال في نقض كلام أهل الرفض و الاعتزال " ( ص 168 ) , و راجع منه ( ص 84 , 427 - 428 و 446 - 448 و 473 و 551 ) . اهـ . 2508 " إن فرعون أوتد لامرأته أربعة أوتاد في يديها و رجليها , فكان إذا تفرقوا عنها ظللتها الملائكة , فقالت : *( رب ابن لي عندك بيتا في الجنة و نجني من فرعون و عمله و نجني من القوم الظالمين )* , فكشف لها عن بيتها في الجنة " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 35 : أخرجه أبو يعلى في " مسنده " ( 4 / 1521 - 1522 ) : حدثنا هدبة أخبرنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أبي رافع عن #أبي هريرة #أن فرعون ... إلخ . هكذا وقع فيه موقوفا عليه غير مرفوع , و هو في حكم المرفوع , لأنه لا يقال بمجرد الرأي , مع احتمال كونه من الإسرائيليات . قلت : و إسناده صحيح على شرط مسلم , و قد أورده السيوطي في " الدر المنثور " ( 6 / 245 ) موقوفا أيضا , و قال : " أخرجه أبو يعلى و البيهقي بسند صحيح عن أبي هريرة " . ثم عزاه لعبد بن حميد عن أبي هريرة موقوفا أيضا نحوه . و قال الحافظ ابن حجر في " المطالب العالية " ( 3 / 390 ) : " صحيح موقوف " . و قال الهيثمي ( 9 / 218 ) : " و رجاله رجال الصحيح " . و له شاهد من حديث سلمان رضي الله عنه قال : كانت امرأة فرعون تعذب بالشمس , فإذا انصرفوا عنها أظلتها الملائكة بأجنحتها , و كانت ترى بيتها في الجنة . أخرجه الطبري في " تفسيره " ( 28 / 110 ) و الحاكم ( 2 / 496 ) و قال : " صحيح على شرط الشيخين " . و وافقه الذهبي , و هو كما قالا . و عزاه السيوطي لابن أبي شيبة أيضا و عبد بن حميد و ابن المنذر و البيهقي في " شعب الإيمان " . قلت : ثم طبع " شعب الإيمان " هذا , فرأيته قد أخرجه ( 2 / 244 / 1637 ) من طريقين عن يزيد بن هارون : أنبأنا سليمان التيمي عن أبي عثمان عن سلمان به موقوفا أيضا . و إسناده صحيح . ثم أخرج ( 1638 ) من طريق معمر عن ثابت عن أبي رافع قال : " وتد فرعون لامرأته أربعة أوتاد . ثم حمل على بطنها رحى عظيمة حتى ماتت " . و هذا صحيح . لكنه مع وقفه مرسل . 2509 " لو كان في هذا المسجد مائة [ ألف ] أو يزيدون , و فيه رجل من أهل النار فتنفس فأصابهم نفسه لاحترق المسجد و من فيه " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 37 : أخرجه البزار ( 3499 ) و أبو يعلى في " المسند " ( 4 / 1573 - 1574 ) و ابن أبي الدنيا في " صفة النار " ( ق 8 / 2 ) و أبو نعيم في " الحلية " ( 4 / 307 ) و السياق له من طريق إسحاق بن أبي إسرائيل : قال : حدثنا أبو عبيدة الحداد : قال : حدثنا هشام بن حسان عن محمد بن شبيب عن جعفر بن أبي وحشية عن سعيد بن جبير عن # أبي هريرة #قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم , فذكره . و قال أبو نعيم : " غريب من حديث سعيد , تفرد به أبو عبيدة عن هشام " . قلت : و إسناده صحيح رجاله كلهم ثقات من رجال " التهذيب " غير محمد بن شبيب , و هو الزهراني , ترجمه ابن أبي حاتم , فقال ( 3 / 2 / 285 ) : " روى عن الحسن و عبد الملك بن عمير , روى عنه هشام الدستوائي و هشام بن حسان و حماد بن زيد , ذكر أبي عن إسحاق بن منصور عن يحيى بن معين أنه قال : محمد بن شبيب الزهراني ثقة " . و سمع منه شعبة أيضا كما في " تاريخ البخاري " ( 1 / 1 / 114 ) . و جهله ابن الجوزي و غيره , فأورده الذهبي في " الميزان " , فقال : " محمد بن شبيب قال ابن الجوزي : مجهول . ثم ساق له في " الواهيات " حديثا , و هو : هشام بن حسان عن محمد بن شبيب ... ( فذكره ) . قال أحمد بن حنبل : هذا حديث منكر " . قلت : و من الغريب أن الذهبي لم يتنبه أنه الزهراني المترجم عند البخاري و ابن أبي حاتم , و قد يقال أنه تنبه لذلك و لكنه يرى أنه غيره . فأقول : فكان الواجب الذي يقتضيه هذا العلم أن ينبه على ذلك , على النحو الذي صنعه الحافظ ابن حجر , و لو أنه لم يصب الهدف , فإنه عقب عليه في " اللسان " بقوله : " و محمد بن شبيب المذكور هو محمد بن عيسى بن شبيب النهدي , فنسب إلى جده , و له ترجمة في ( الكامل ) " . قلت : ففاته أيضا أنه الزهراني , أو أن ينبه أنه غيره على الأقل . على أنني لم أجد في ترجمة من اسمه ( محمد ) من " الكامل " لابن عدي من اسم جده " شبيب النهدي " . و الله أعلم . و الحديث قال المنذري ( 4 / 227 ) : " رواه أبو يعلى و إسناده حسن , و في متنه نكارة , و رواه البزار و لفظه .. " . و قال الهيثمي ( 10 / 391 ) : " رواه أبو يعلى عن شيخه إسحاق , و لم ينسبه , فإن كان ابن راهويه فرجاله رجال الصحيح , و إن كان غيره فلم أعرفه " . قلت : بل هو غيره قطعا , فقد ساق له حديثا قبل هذا , و حديثا آخر قبلهما , و قد سماه فيه فقال : حدثنا إسحاق بن أبي إسرائيل : حدثني ... فإذا قال بعده : حدثنا إسحاق ... و لم ينسبه فهو الذى قبله يقينا , فلا أدري كيف لم يتنبه الهيثمي لهذا , فإن مثله لا يخفى عليه مثله ! و قد ازددت بذلك يقينا حين رأيت أبا نعيم قد نسبه في روايته كما سبق , و سماه ابن أبي الدنيا إسحاق بن إبراهيم , و هو هو و كنيته أبو يعقوب المروزي , و هو ثقة . و أما قوله : " فرجاله رجال الصحيح " , فوهم أيضا لما عرفت من ترجمة محمد بن شبيب , و أنه ليس من رجال " التهذيب " , و لعله توهم أنه محمد بن سيرين , فقد وقع كذلك عند البزار في " مسنده " ( ص 315 - زوائده ) من طريق عبد الرحيم بن هارون الغساني عن هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن جعفر بن أبي وحشية به نحوه و عبد الرحيم هذا ضعيف كذبه الدارقطني كما في " التقريب "و قوله : . " محمد بن سيرين " يحتمل أنه فيه فيدل على ضعفه لمخالفته أبا عبيدة الحداد الثقة , و يحتمل أنه من الناسخ , و يؤيد الأول قول الهيثمي : " رواه البزار , و فيه عبد الرحيم بن هارون , و هو ضعيف , و ذكره ابن حبان في " الثقات " , و قال : يعتبر حديثه إذا حدث من كتابه , فإن في حديثه من حفظه بعض مناكير , و بقية رجاله رجال الصحيح " . فإن قوله : " ... رجال الصحيح " , يشعر بأنه وقع في نسخته أيضا : محمد بن سيرين . لكن يحتمل أنه وهم فيه أيضا كما وهم في إسناد أبي يعلى . فالله سبحانه و تعالى أعلم . هذا و لم يتبين لي وجه النكارة التي ذكر المنذري , و حكاها ابن الجوزي عن الإمام أحمد , و نحن على الصحة التي تقتضيها صحة الإسناد , لا نخرج عنها إلا بحجة بينة , و يعجبني بهذه المناسبة كلمة رائعة وقفت عليها في " سير أعلام النبلاء " للذهبي ( 9 / 188 ) : " قال يحيى بن سعيد ( و هو القطان الإمام ) : لا تنظروا إلى الحديث , و لكن انظروا إلى الإسناد , فإن صح الإسناد , و إلا فلا تغتروا بالحديث إذا لم يصح الإسناد " . و الله تعالى هو الموفق . 2510 " إنكم اليوم في زمان كثير علماؤه قليل خطباؤه من ترك عشر ما يعرف فقد هوى , و يأتي من بعد زمان كثير خطباؤه قليل علماؤه من استمسك بعشر ما يعرف فقد نجا " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 40 : أخرجه الهروي في " ذم الكلام " ( 1 / 14 - 15 ) من طريقين عن محمد بن طفر بن منصور حدثنا محمد بن معاذ حدثنا علي بن خشرم حدثنا عيسى بن يونس عن الحجاج بن أبي زياد عن أبي الصديق أو أبي نضرة - شك الحجاج - عن #أبي ذر #مرفوعا به . قلت : و هذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات رجال مسلم غير محمد بن طفر هذا , فإني لم أجد له حتى الآن ترجمة , و هو الذي كان حال بيني و بين تصحيح الحديث لما خرجت حديث أبي هريرة بنحوه في " الضعيفة " ( 684 ) , ثم وجدت أنه لم يتفرد به , فلم أر من الأمانة العلمية إلا تصحيحه , فقد قال البخاري في ترجمة الحجاج ابن أبي زياد الأسود ( 1 / 2 / 374 ) : " قال إبراهيم بن موسى : أخبرنا عيسى بن يونس ... ( قلت : فساق إسناده مثله و الطرف الأول من متنه , ثم قال : ) و قال إسحاق : حدثنا المؤمل سمع حماد بن سلمة سمع حجاج الأسود يحدث ثابتا عن أبي الصديق عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إنكم في زمان من ترك - نحوه " . قلت : و هذا وصله أحمد في " المسند " ( 5 / 155 ) : حدثنا مؤمل : حدثنا حماد : حدثنا حجاج الأسود - قال مؤمل : و كان رجلا صالحا - قال : سمعت أبا الصديق يحدث ثابتا البناني عن رجل عن أبي ذر به . قلت : فزاد أحمد في إسناده : " عن رجل " , فأفسده , و به أعله الهيثمي ( 1 / 127 ) , فقال : " رواه أحمد , و فيه رجل لم يسم " . قلت : و عندي أن هذه الزيادة هي من مؤمل , و هو ابن إسماعيل البصري , فإنه سيىء الحفظ كما في " التقريب " , فكان يضطرب فيها , فيذكرها تارة فحفظها عن أحمد , و لا يذكرها تارة كما في رواية إسحاق المتقدمة عنه , و إسحاق هو ابن راهويه الإمام , و هذا هو الصواب لموافقتها لرواية عيسى بن يونس , و لا اختلاف فيها كما رأيت , فقد اتفق عليها علي بن خشرم و إبراهيم بن موسى - و هو أبو إسحاق الفراء - و كلاهما ثقة من رجال الشيخين , و من ذلك يتبين أن الحديث صحيح الإسناد رجاله كلهم ثقات غير الحجاج بن أبي زياد , و هو ثقة كما قال أحمد و ابن معين , ثم الذهبي في " تلخيص المستدرك " ( 4 / 332 ) و ترجم له في " الميزان " ترجمة مختصرة مخلة , خلافا للحافظ في " اللسان " , فراجعه , و هو راوي حديث " الأنبياء أحياء في قبورهم " المتقدم ( 621 ) , فانظر ترجمته ثم . و أما تردد الحجاج بين أبي نضرة و أبي الصديق , فمما لا يضر في صحة السند لأنه تردد بين ثقتين , فتنبه . و قد روي الحديث بنحوه من حديث عبد الله بن سيد مرفوعا بسند ضعيف , و من حديث عبد الله بن مسعود موقوفا بسند صحيح , و سيأتي تخريجه برقم ( 3189 ) . 2511 " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لجبريل عليه السلام : ما لي لم أر ميكائيل ضاحكا قط ? قال : ما ضحك ميكائيل منذ خلقت النار " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 739 : أخرجه الروياني في " مسنده " ( ق 247 / 2 ) : أخبرنا محمد بن بشار أخبرنا يحيى بن سعيد القطان أخبرنا ثور بن يزيد عن عبد الرحمن بن عائذ عن مجاهد عن # ابن عمر # عن النبي صلى الله عليه وسلم - و ربما لم يرفعه - قال : فذكره . قلت : و هذا إسناد صحيح , رجاله ثقات رجال البخاري غير عبد الرحمن بن عائذ , و هو ثقة كما في " التقريب " . و الحديث أخرجه الحاكم ( 2 / 80 - 81 ) و عنه البيهقي ( 9 / 149 ) من طريق مسدد : حدثنا يحيى بن سعيد به إلا أنه لم يقل : " و ربما لم يرفعه " . و قال الحاكم : " صحيح على شرط البخاري " ! و وافقه الذهبي ! و ذلك من أوهامهما لما تقدم من الاستثناء , و قد أقره المنذري أيضا ( 2 / 154 ) ! ثم قال الحاكم : " و قد أوقفه وكيع بن الجراح عن ثور , و في يحيى بن سعيد قدوة " . قلت : و هو كما قال , لكن يحيى قد ذكر أن الراوي - و لعله ابن عمر أو من دونه - كان ربما لم يرفعه , و ذلك مما لا يضر لأن الراوي قد لا ينشط أحيانا فيوقفه , و لأنه لا يقال من قبل الرأي كما هو ظاهر . ( تنبيه ) : " حارس الحرس " كذا وقع في " المسند " و في المصدرين الآخرين : " حارس حرس " و لعله الصواب , فإنه كذلك في " مصنف ابن أبي شيبة " ( 5 / 296 ) : حدثنا وكيع أخبرنا ثور به موقوفا . و كذا هو في " الترغيب " . و الله أعلم . 2512 " ما من أحد يموت سقطا و لا هرما - و إنما الناس فيما بين ذلك - إلا بعث ابن ثلاثين سنة , فإن كان من أهل الجنة كان على نسحة آدم , و صورة يوسف , و قلب أيوب , و من كان من أهل النار عظموا , أو فخموا كالجبال " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 740 : أخرجه الطبراني في " الأوسط " ( 2 / 302 / 1 ) : حدثنا هيثم بن خالد حدثنا عبد الكبير بن المعافى : حدثنا هشيم عن عبيدة عن إبراهيم عن عبد الله بن عبيد الله الهاشمي عن # عبد الله بن عكيم # قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره . و قال : " لم يروه عن عبيدة إلا هشيم , تفرد به عبد الكبير به المعافى " . قلت : قال ابن أبي حاتم ( 3 / 1 / 63 ) : " سمع منه أبي و روى عنه و قال : و كان ثقة رضا , كان يعد من الأبدال " . قلت : و إنما العلة ممن فوقه , فهشيم - و هو ابن بشير الواسطي - مع كونه ثقة ثبتا , فهو كثير التدليس كما في " التقريب " . و شيخه عبيدة - و هو ابن معتب الضبي - , قال الذهبي في " الضعفاء " : " قال أحمد : تركوا حديثه " . و قال الهيثمي في " مجمع الزوائد " ( 1 / 218 ) : " و فيه عبيدة بن معتب و قد أجمعوا على ضعفه " . و عبد الله بن عبيد الله الهاشمي هو من طبقة عبد الله بن عبيد الله بن عباس بن عبد المطلب الهاشمي و هو ثقة من رجال الشيخين , لكنهم لم يذكروا له رواية عن عبد الله بن عكيم و لا ذكروا إبراهيم - و هو النخعي - في الرواة عنه . و هيثم بن خالد و هو المصيصي أورده الذهبي في " الضعفاء " و قال : " قال الدارقطني : ضعيف " . و أقره الحافظ في " التهذيب " و جزم بضعفه في " التقريب " . لكن قد رواه شبيب بن سعيد عن شعبة عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عبد الله بن عكيم قال : جاءنا كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم و نحن في أرض جهينة : " إني كنت رخصت لكم في إهاب الميتة و عصبها , فلا تنتفعوا بعصب و لا إهاب " . أخرجه ابن عدي في ترجمة شبيب هذا من " الكامل " ( 4 / 1347 ) و الطبراني أيضا كما في " التلخيص الحبير " ( 1 / 47 ) و قال : " إسناده ثقات , و تابعه فضالة بن المفضل عند الطبراني في ( الأوسط ) " . قلت : فضالة لفظ حديثه يختلف عن هذا فإنه بلفظ : " إني كنت رخصت لكم في جلود الميتة , فلا تنتفعوا من الميتة بجلد و لا عصب " . فذكر الجلد في الموضعين مكان الإهاب و المحفوظ ( الإهاب ) و هو الجلد قبل الدبغ , هكذا رواه جماعة عن شعبة به , و هو مخرج في " الإرواء " ( رقم 38 ) . و فضالة بن مفضل قال ابن أبي حاتم ( 3 / 2 / 79 ) عن أبيه : " لم يكن بأهل أن يكتب عنه العلم , سألت عنه سعيد بن عيسى بن تليد ? فثبطني عنه , و قال : الحديث الذي يحدث به موضوع أو نحو هذا " . و اعلم أن حديث ابن عكيم هذا قد اختلف العلماء فيه رواية و دراية : و أما رواية , فقد أعله بعضهم بالإرسال و الاضطراب , و هو مردود لأنه إن سلم به بالنظر لبعض الطرق , فهو غير مسلم بالنسبة للطرق الأخرى كما كنت بينته في المصدر المذكور آنفا و لذلك قواه بعض المتقدمين و منهم الإمام أحمد رحمه الله تعالى , فقال ابنه صالح في " مسائله " ( ص 160 ) : " قال أبي : الله قد حرم الميتة , فالجلد هو من الميتة , و أذهب إلى حديث ابن عكيم , أرجو أن يكون صحيحا : لا تنتفعوا من الميتة بإهاب و لا عصب " . قال أحمد : " و ليس عندي في دباغ الميتة حديث صحيح , و حديث ابن عكيم هو أصحها " ! كذا قال رحمه الله , مع أنه قد ورد في الدباغ خمسة عشر حديثا ساقها الشوكاني في " نيل الأوطار " ( 1 / 54 ) بعضها في " الصحيحين " و هي مخرجة في " غاية المرام " ( 25 - 29 ) . و أما الدراية فقد اختلف العلماء في كون الدباغ مطهرا أم لا ? و الجمهور على الأول , و اختلفوا في الجواب عن حديث الترجمة , و أصح ما قيل إن الإهاب هو الجلد الذي لم يدبغ , فهو المنهي عنه , فإذا دبغ فقد طهر . و من شاء التفصيل فليراجع " نيل الأوطار " و غيره . 2513 " أعطيت الكوثر , فإذا هو نهر يجري [ كذا على وجه الأرض ] و لم يشق شقا , فإذا حافتاه قباب الؤلؤ , فضربت بيدي إلى تربته , فإذا هو مسكة ذفرة , و إذا حصاه اللؤلؤ " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 47 : أخرجه أحمد ( 3 / 152 ) : حدثنا عبد الصمد , و الزيادة له , و ( 3 / 247 ) : حدثنا عفان و السياق له , قالا : حدثنا حماد : أنبأنا ثابت عن #أنس بن مالك # أنه قرأ هذه الآية : *( إنا أعطيناك الكوثر )* قال : قال : رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره . و أخرجه ابن حبان في " صحيحه " ( 7 / 133 / 6437 ) من طريق هدبة بن خالد : حدثنا حماد بن سلمة به , و البزار ( 4 / 179 / 3488 ) من طريق روح : حدثنا حماد به . قلت : و هذا إسناد صحيح على شرط مسلم . و عزاه السيوطي في " الدر المنثور " ( 6 / 401 ) لابن المنذر أيضا و ابن مردويه عن أنس . و قال ابن القيم في " حادي الأرواح " ( 1 / 286 ) : " و قال أبو خيثمة : حدثنا عفان . حدثنا حماد بن سلمة ... و قال ابن أبي الدنيا : حدثنا يعقوب بن عبيد ( الأصل : عبيدة و هو خطأ ) حدثنا يزيد بن هارون حدثنا الجريري عن معاوية بن قرة عن أنس بن مالك قال : أظنكم تظنون أن أنهار الجنة أخدود في الأرض ! لا والله , إنها لسائحة على وجه الأرض , إحدى حافتيها اللؤلؤ , و الأخرى الياقوت , و طينها المسك الأذفر . قال : قلت : ما الأذفر ? قال : الذي لا خلط له . و رواه ابن مردويه في " تفسيره " عن محمد بن أحمد : حدثنا محمد بن أحمد بن يحيى حدثنا مهدي بن حكيم حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا الجريري عن معاوية بن قرة عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره هكذا مرفوعا " . قلت : و إسناد ابن أبي الدنيا صحيح , رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير يعقوب ابن عبيد - و هو النهرتيري - قال ابن أبي حاتم ( 4 / 2 / 210 ) : " سمعت منه مع أبي , و هو صدوق " . و له ترجمة في " تاريخ بغداد " ( 14 / 280 ) : و قد خالفه مهدي بن حكيم فرواه عن يزيد بن هارون به مرفوعا عند ابن مردويه , و مهدي هذا لم أجد له ترجمة , و لكن الموقوف صحيح كما رأيت , و هو في حكم المرفوع لأنه لا يقال من قبل الرأي , لاسيما و قد صح مرفوعا من الطريق الأولى . و نحوه ما روى سفيان الثوري عن عمرو بن مرة عن أبي عبيدة عن مسروق في قوله تعالى : *( و ماء مسكوب )* قال : إنها تجري في غير أخدود . ذكره ابن القيم . و إسناده مقطوع صحيح . قلت : و فيما تقدم دليل على بطلان ما أخرج ابن مردويه في " الدر المنثور " ( 6 / 402 ) عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : *( إنا أعطيناك الكوثر )* قال : " نهر في الجنة عمقه [ في الأرض ] سبعون ألف فرسخ " . و عزاه المنذري ( 4 / 254 - 255 ) لابن أبي الدنيا و عنده الزيادة , و أشار إلى تضعيفه , بل هو عندي منكر لمخالفته لحديث أنس هذا . و الله أعلم . ( تنبيه ) : أورد المنذري حديث أنس الموقوف الذي سبق نقله عن ابن القيم , و قال عقبه ( 4 / 255 ) : " رواه ابن أبي الدنيا موقوفا , و رواه غيره مرفوعا , و الموقوف أشبه بالصواب " . قلت : و كأنه يشير بالمرفوع إلى رواية ابن مردويه المتقدمة , و هذا التصويب صحيح , كما يتبين لك مما سبق من التحقيق , لكن الذي يبدو لي أن المنذري لم يطلع على الطريق الأخرى المرفوعة عند الإمام أحمد , و إلا لما أغفلها مع صحة إسنادها , فالصواب أن كلا من الموقوف و المرفوع صحيح . و لا منافاة بينهما كما هو ظاهر . و الله أعلم . 2514 " ذاك نهر أعطانيه الله - يعني - في الجنة , أشد بياضا من اللبن و أحلى من العسل فيه طير أعناقها كأعناق الجزر . قال عمر : إن هذه لناعمة : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أكلتها أنعم منها " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 49 : أخرجه الترمذي ( 2 / 88 ) و ابن جرير في " التفسير " ( 30 / 209 ) و أحمد ( 3 / 237 ) و المقدسي في " صفة الجنة " ( 3 / 3 / 85 / 1 ) من طرق عن محمد بن عبد الله ابن مسلم عن أبيه عن # أنس بن مالك # قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما الكوثر ? قال آ فذكره . و قال الترمذي : " هذا حديث حسن غريب , و محمد بن عبد الله بن مسلم هو ابن أخي ابن شهاب الزهري , و عبد الله بن مسلم هو أخو الزهري محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزهري " . قلت : و قد تابعه ابن شهاب الزهري نفسه و غيره , فقال أبو أويس : أخبرني ابن شهاب أن أخاه أخبر أن أنس بن مالك الأنصاري أخبره به . أخرجه أحمد ( 3 / 236 و 237 ) و ابن جرير و الحاكم ( 2 / 537 ) و تابعه عبد الوهاب بن أبي بكر عن عبد الله بن مسلم بن شهاب به . أخرجه ابن جرير , و أحمد ( 3 / 220 ) . قلت : فهذه ثلاث طرق عن عبد الله بن مسلم بن شهاب , و هو ثقة من رجال مسلم , فهو مشهور عنه , و ليس مشهورا عن ابنه محمد فقط كما يوهم كلام الحاكم عليه , لكنه من طريق ابنه حسن كما قال الترمذي , لأن فيه كلاما من قبل حفظه , لكن متابعة عمه الزهري إياه , و كذا عبد الوهاب بن أبي بكر المدني - و هو ثقة أيضا - يجعل حديثه صحيحا . و لعل الترمذي لم يقف على هذه المتابعات , و إلا لكان حقه أن يصححه . و الله أعلم . و للحديث طريق أخرى بنحوه . فقال أحمد ( 3 / 221 ) : حدثنا سيار بن حاتم حدثنا جعفر بن سليمان الضبعي حدثنا ثابت عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن طير الجنة كأمثال البخت ترعى في شجر الجنة . فقال أبو بكر : يا رسول الله إن هذه لطير ناعمة ! فقال : أكلتها أنعم منها ( قالها ثلاثا ) , و إني لأرجو أن تكون ممن يأكل منها يا أبا بكر ! " . و هذا إسناد على شرط مسلم , غير سيار بن حاتم , و هو صدوق له أوهام كما في " التقريب " , و فيه نكارة ظاهرة , و لا يقويه ما ذكره ابن القيم في " حادي الأرواح " ( 1 / 295 ) من رواية الحاكم من طريق الفضل بن المختار عن عبيد الله بن موهب عن عصمة بن مالك الخطمي عن حذيفة مرفوعا مثل حديث سيار . قلت : لا يقويه , لأن الفضل هذا ضعيف جدا , قال أبو حاتم : " أحاديثه منكرة , يحدث بالأباطيل " . و قد ساق له الذهبي طائفة من أحاديثه , و قال عقبها : " فهذه أباطيل و عجائب " . و قد ساقها ابن عدي أيضا في " الكامل " ( ق 323 / 2 ) و منها هذا الحديث , و لكنه لم يذكر في إسناده حذيفة و قال عقبها : " لا يرويها غير الفضل بن المختار , و به تعرف , و عامتها مما لا يتابع عليه " و مثله ما أخرجه المقدسي ( 3 / 85 / 1 - 2 ) من طريق عبد الله بن زياد عن زرعة عن نافع عن ابن عمر قال : ذكرت عند النبي صلى الله عليه وسلم طوبى , فقال النبي صلى الله عليه وسلم : يا أبا بكر هل بلغك ما طوبى ? قال : الله و رسوله أعلم . قال : طوبى شجرة في الجنة لا يعلم طولها إلا الله عز وجل , يسير الراكب تحت غصن من أغصانها سبعين خريفا , ورقها الحلل , يقع عليها الطير كأمثال البخت . فقال أبو بكر : إن هناك لطيرا ناعما . قال : أنعم منه من يأكله , و أنت منهم إن شاء الله تعالى " . سكت عنه ابن كثير في " تفسيره " ( 8 / 184 - منار ) و لعل ذلك لظهور علته , فإن عبد الله بن زياد و هو الفلسطيني . تكلم فيه ابن حبان , و ساق له حديثا آخر و قال : " ليس هذا من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم " . و ساق له الحافظ في " اللسان " حديثا ثالثا من طريق أبي نعيم بإسناده عنه به , و قال : " قال أبو نعيم : الحمل فيه على عبد الله بن زياد " . و لجملة الطير و أنها أمثال البخت , شاهدان من مرسل يحيى الجزار و الحسن البصري أخرجهما ابن أبي شيبة ( 13 / 102 - 103 ) بإسنادين صحيحين عنهما . 2515 " إذا رميت الجمار كان لك نورا يوم القيامة " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 52 : أخرجه البزار ( ص 113 - زوائده ) : حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري حدثنا سعيد بن عبد الحميد بن جعفر حدثنا ابن أبي الزناد عن موسى بن عقبة عن صالح مولى التوأمة عن #ابن عباس #قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره , و قال : " لا نعلمه متصلا عن ابن عباس إلا من هذا الطريق " . قلت : قال الحافظ عقبه : " قلت : إسناده حسن , لأن سماع موسى من صالح قبل الاختلاط " . قلت : و هذه فائدة هامة لا توجد هكذا في كتب الرجال , فقد ذكروا فيها أن صالحا كان اختلط , و أن ابن أبي ذئب و ابن جريج و زياد بن سعد سمعوا منه قبل الاختلاط , و لم يذكروا معهم موسى بن عقبة هذا , و هو حري بذلك , فقد كانت وفاته سنة ( 141 ) , فهو متقدم الوفاة عليهم بنحو عشر سنين , و أكثر من ذلك بالنسبة لبعضهم . و قد غفل عن هذه الفائدة الحافظ المنذري فأشار في " الترغيب " ( 2 / 131 ) إلى إعلاله بصالح مولى التوأمة , و صرح بذلك الهيثمي , فقال في " مجمع الزوائد " ( 3 / 260 ) : " رواه البزار , و فيه صالح مولى التوأمة , و هو ضعيف " ! 2516 " لا ينقع بول في طست في البيت , فإن الملائكة لا تدخل بيتا فيه بول , و لا يبولن في مغتسل " . قال الألباني في "السلسلة الصحيحة " 6 / 53 : أخرجه الطبراني في " الأوسط " ( ص 34 - مجمع البحرين نسخة الحرم المكي ) حدثنا أحمد حدثنا إسحاق بن إبراهيم البغوي حدثنا يحيى بن عباد أبو عباد حدثنا يونس بن أبي إسحاق عن بكر بن ماعز : سمعت #عبد الله بن يزيد #يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم , فذكره : و قال : " لا يروى عن عبد الله بن يزيد إلا بهذا الإسناد , تفرد به يحيى " . قلت : و هو ثقة من رجال الشيخين , و هو الضبعي البصري نزيل بغداد , و كذلك سائر رجاله ثقات من رجال التهذيب غير من دونه , أما البغوي فترجم له الخطيب ( 6 / 370 - 371 ) و غيره , و هو ثقة مأمون . و أما شيخ الطبراني : أحمد , فلم أعرفه , فإن الأحمدين في شيوخ الطبراني كثيرون كما يتبين من " معجمه الصغير " , و من أشهرهم أحمد بن علي الأبار , و هو ثقة حافظ , ترجم له الخطيب أيضا ( 4 / 306 ) فلعله هو , فقد قوى إسناده جماعة من الحفاظ , فقال المنذري ( 1 / 84 ) : " رواه الطبراني في " الأوسط " بإسناد حسن , و الحاكم , و قال : صحيح الإسناد " و كذا قال الهيثمي ( 1 / 204 ) إلا أنه لم يعزه للحاكم , و لم أره في " مستدركه " بعد مراجعته في مواطن منه مثل " الطهارة " و " المعرفة " و " اللباس " . و نقل السيوطي في حاشيته على " النسائي " ( 1 / 14 ) عن الحافظ ولي الدين العراقي أنه قال : " رواه الطبراني في " الأوسط " بإسناد جيد " . ذكره في صدد التوفيق بينه و بين حديث أميمة بنت رقيقة قالت : " كان للنبي صلى الله عليه وسلم قدح من عيدان تحت سريره يبول فيه بالليل " . أخرجه أبو داود و غيره و هو مخرج في " صحيح أبي داود " ( 19 ) . و التوفيق بأن يحمل حديث الترجمة على أن المراد بانتفاعه طول مكثه , فلا يعارض حديث أميمة , لأن ما يجعل في الإناء لا يطول مكثه غالبا . و الله أعلم . و روى ابن أبي شيبة في " المصنف " كتاب " الطهارة " ( 1 / 175 - طبعة العزيزية - هند ) عن سفيان عن أبي إسحاق عن بكر بن ماعز عن أبي بريدة - يحسبه - عن أبيه قال : " لا تبول في طست في بيت تصلي فيه , و لا تبول في مغتسلك " . قلت : و رجاله إلى بكر ثقات رجال الشيخين غير أبي بريدة فإني لم أعرفه , و من المحتمل أن يكون محرفا عن أبي بردة , و هو ابن أبي موسى الأشعري , فإنه يروي عن أبيه , و عنه أبو إسحاق و هو السبيعي , و كلاهما ثقة من رجال الشيخين غير أن السبيعي مدلس , و كان اختلط , لكن روى عنه سفيان - و هو الثوري - قبل الاختلاط . و الله أعلم . ثم رأيت الحديث في " المعجم الأوسط " للطبراني برقم ( 2270 - بترقيمي ) أورده في ترجمة أحمد بن زهير التستري , و قد روى له فيه ( 1 / 111 / 1 - 121 / 1 ) أكثر من خمسين و مائة حديث ( 2229 - 2384 ) , فهو من شيوخه المشهورين , و لكني لم أجد له ترجمة . ثم رأيته مترجما في " تذكرة الحفاظ " للذهبي , و وصفه بـ " الحافظ الحجة أحد الأعلام .. " . و ( زهير ) جده , و اسم أبيه يحيى . و بذلك يتبين أن السند صحيح لما عرفت من أن من فوقه من الرواة ثقات , و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات . 2517 " عليكم بالسواك فإنه مطيبة للفم و مرضاة للرب " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 55 : أخرجه أحمد ( 2 / 108 ) : حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا ابن لهيعة عن عبيد الله بن أبي جعفر عن نافع عن #ابن عمر #أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : فذكره . قلت : و رجاله ثقات رجال الشيخين غير ابن لهيعة , فهو سيىء الحفظ , و به أعله المنذري ( 1 / 101 ) , ثم الهيثمي ( 1 / 220 ) و عزاه للطبراني أيضا في " الأوسط " . ثم استدركت فقلت : بل هو إسناد جيد , لأن قتيبة أحاديثه عن ابن لهيعة صحيحة كما قرره الذهبي في " سير أعلام النبلاء " ( 8 / 15 ) و قد رواه عن قتيبة ابن عساكر أيضا ( 2 / 472 ) , ثم أخرجه هو و الطبراني ( 1 / 177 / 1 / 3265 ) . ثم وجدت له شاهدا من حديث حماد بن سلمة عن عبيد الله بن عمر عن المقبري عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره , إلا أنه قال : " مطهرة للفم " , و الباقي مثله سواء . أخرجه ابن حبان ( 144 ) . و هذا إسناد جيد , رجاله كلهم ثقات رجال " الصحيح " , و في حماد بن سلمة كلام إذا روى عن غير ثابت , و لكنه لا يضر , فالحديث صحيح . و الله الموفق . ثم رأيت الحافظ في " التلخيص " ( 1 / 60 ) قد أعل هذا المتن عن أبي هريرة بالشذوذ , فالعمدة على حديث ابن عمر . على أنه قد أخرجه البيهقي في " الشعب " ( 3 / 27 / 2776 ) من حديث ابن عباس , و إسناده ضعيف . و قد صح الحديث دون قوله : " عليكم " عن جمع من الصحابة , أسانيد بعضهم صحيحة , و هو مخرج في " الإرواء " ( 1 / 105 / 66 ) . 2518 " لا يسمع النداء أحد في مسجدي هذا , ثم يخرج منه - إلا لحاجة - ثم لا يرجع إلا منافق " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 56 : أخرجه الطبراني في " الأوسط " ( 1 / 27 / 1 ) و من طريقه أبو نعيم في " صفة النفاق " ( 29 / 1 ) : حدثنا علي بن سعيد الرازي حدثنا أبو مصعب حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم : حدثني أبي و صفوان بن سليم عن سعيد بن المسيب عن #أبي هريرة # قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره , و قال : " تفرد به أبو مصعب , و لم يروه موصولا عن أبي هريرة غير صفوان و أبي حازم " . قلت : و جميعهم ثقات من رجال الشيخين غير الرازي , و هو حافظ حسن الحديث , قال الدارقطني : ليس بذاك . و قال مسلمة : كان ثقة عالما بالحديث . و أبو مصعب اسمه أحمد بن أبي بكر . و قال المنذري ( 1 / 115 ) و تبعه الهيثمي ( 2 / 5 ) : " رواه الطبراني في " الأوسط " , و رواته محتج بهم في ( الصحيح ) " . قلت : و في هذا الإطلاق نظر ظاهر , لأن الرازي ليس من رجال " الصحيح " , و كثيرا ما يطلقان مثله , فكن على انتباه . و للحديث طريق أخرى عن أبي هريرة نحوه , عند الطيالسي و أحمد في " مسنديهما " , و في إسناده كلام ذكرته في " التعليق الرغيب " . و الحديث رواه أبو داود في " مراسيله " ( 84 / 25 ) و الدارمي ( 1 / 118 ) عن الأوزاعي , و البيهقي في " سننه " ( 3 / 56 ) عن سفيان , كلاهما عن عبد الرحمن بن حرملة الأسلمي عن سعيد بن المسيب مرسلا . و إسناده صحيح , و لا ينافي الموصول , لأن الذين وصلوه ثقات , إلا أن يكون الوهم من الرازى . و على كل حال فالحديث صحيح بالطريق الأخرى . و اعلم أن الحديث ظاهر لفظه اختصاص الحكم المذكور فيه بمسجد الرسول صلى الله عليه وسلم , و لكنه من حيث المعنى عام لكل المساجد , للأحاديث الكثيرة الدالة على وجوب صلاة الجماعة . و الخروج من المسجد يفوت عليه الواجب . فتنبه . و يؤيد ذلك ما روى أبو الشعثاء قال : كنا مع أبي هريرة في المسجد فخرج رجل حين أذن المؤذن للعصر , فقال أبو هريرة : " أما هذا فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم " . أخرجه مسلم و غيره , و هو مخرج في " الإرواء " ( 1 / 263 / 245 ) و " صحيح أبي داود " ( 547 ) . تنبيهان : الأول : لقد فات المعلق على " مراسيل أبي داود " تقوية مرسله بحديث الترجمة المتصل عن سعيد عن أبي هريرة . و الآخر : أنه أعل المرسل بتدليس الوليد - و هو ابن مسلم - , و فاته أنه قد تابعه أبو المغيرة عند الدارمي , كما فاتته متابعة سفيان المذكورة - و هو ابن عيينة - عند البيهقي . و لفظ رواية أبي المغيرة .. عن عبد الرحمن بن حرملة قال : جاء رجل إلى سعيد بن المسيب يودعه بحج أو عمرة , فقال له : لا تبرح حتى تصلي فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( فذكر الحديث ) فقال : إن أصحابي بالحرة ! قال : فخرج . قال : فلم يزل سعيد يولع بذكره حتى أخبر أنه وقع من راحلته فانكسرت فخذه . قلت : و إسناده مرسل صحيح . 2519 " كذبت لا يدخلها ( يعني النار ) , فإنه شهد بدرا و الحديبية . يعني حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 58 : أخرجه مسلم ( 7 / 169 ) و ابن حبان ( 9 / 125 / 6076 ) و أحمد ( 3 / 349 ) من طريق الليث بن سعد عن أبي الزبير عن #جابر #: أن عبدا لحاطب جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم يشكو حاطبا , فقال : يا رسول الله ليدخلن حاطب النار ! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره . و تابعه ابن جريج : أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابرا يقول : فذكره . أخرجه أحمد ( 3 / 325 ) : حدثنا حجاج حدثنا ابن جريج به . ( تنبيه ) : أورد الإمام ابن الوزير اليماني في كتابه القيم " الروض الباسم في الذب عن سنة أبي القاسم " ( ص 64 - الطبعة المنيرية ) هذا الحديث بالمعنى فقال : " و قد ثبت في " صحيح مسلم " مرفوعا أن حاطبا يدخل الجنة " . فأشكل ذلك على بعض الطلاب المغاربة , و كأنه فتش عنه في " صحيح مسلم " فلم يجده . فسألني عنه في سفرتي الأولى إلى المغرب سنة 1396 . و كونه رواية بالمعنى ظاهر جدا , لأن شهادة النبي صلى الله عليه وسلم لحاطب بأنه لا يدخل النار , تستلزم دخوله الجنة و لابد , إذ إنه لا منزلة بين المنزلتين ! . 2520 " يبعث مناد عند حضرة كل صلاة فيقول : يا بني آدم قوموا فأطفئوا عنكم ما أوقدتم على أنفسكم . فيقومون فيتطهرون فتسقط خطاياهم من أعينهم , و يصلون فيغفر لهم ما بينهما , ثم توقدون فيما بين ذلك , فإذا كان عند صلاة الأولى نادى : يا بني آدم قوموا فأطفئوا ما أوقدتم على أنفسكم , فيقومون فيتطهرون و يصلون فيغفر لهم ما بينهما , فإذا حضرت العصر فمثل ذلك , فإذا حضرت المغرب فمثل ذلك , فإذا حضرت العتمة فمثل ذلك , فينامون و قد غفر لهم , ثم قال : فمدلج في خير و مدلج في شر " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 59 : أخرجه الطبراني في " الكبير " ( 3 / 69 / 2 ) و عنه أبو نعيم في " الحلية " ( 4 / 189 ) : حدثنا الحسن بن علي المعمري أخبرنا محمد بن الخليل الخشني أخبرنا أيوب بن حسان الجرشي عن هشام بن الغار عن أبان - يعني العطار - عن عاصم بن بهدلة عن زر ابن حبيش أنه حدثه عن #عبد الله بن مسعود #عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فذكره . ثم رواه الطبراني من طريق عبد ربه بن ميمون النحاس عن الربيع بن حظيان عن عاصم به نحوه . قلت : و لم يسق لفظه . و الإسناد الأول حسن , رجاله كلهم ثقات معروفون من رجال " التهذيب " غير أيوب ابن حسان الجرشي , و هو صالح الحديث كما قال ابن أبي حاتم ( 1 / 1 / 244 ) عن أبيه . و غير المعمري , و هو صدوق حافظ مترجم له في " الميزان " و " اللسان " و غيرهما . و عاصم بن بهدلة - و هو ابن أبي النجود - فيه كلام معروف لا ينزل به حديثه عن مرتبة الحسن . و أبان هو ابن يزيد العطار الثقة احتج به الشيخان , و قد وهم فيه الهيثمي وهما فاحشا , فقال ( 2 / 299 ) : " رواه الطبراني في " الكبير " و فيه أبان بن أبي عياش , وثقه أيوب و سلم العلوي , و ضعفه شعبة و أحمد و ابن معين و أبو حاتم " . و بيانه من وجهين : الأول : أنه لم يتنبه لما في الإسناد نفسه من بيان أن أبان هو العطار , ففسره من عنده بأنه أبان بن أبي عياش , و هذا متروك عند الحافظ , فصار الحديث بذلك واهيا ! و قد كنت اغتررت به في بعض مؤلفاتي , فلتصحح . و الآخر : أنه غفل عن متابعة الربيع بن حظيان لأبان التي ساقها الطبراني عقب الحديث كما رأيت , و هي متابعة لا بأس بها فإن الربيع هذا أورده ابن أبي حاتم ( 1 / 2 / 459 ) من رواية ثقتين عنه . و له راو ثالث و هو عبد ربه الراوي لهذا الحديث عنه , ترجمه ابن أبي حاتم ( 3 / 1 / 44 ) من رواية ثقتين عنه , و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا , و الربيع قال فيه أبو زرعة : منكر الحديث . و ذكره ابن حبان في " الثقات " و قال : " مستقيم الحديث " . و تابعه أيضا حماد بن سلمة عن عاصم به نحوه , و حسن إسناده المنذري ( 1 / 138 ) و تبعه الهيثمي ( 1 / 299 ) و هو مخرج في " الروض النضير " رقم ( 611 ) . 2521 " كان يأمرها ( يعني عائشة ) أن تسترقي من العين " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 61 : أخرجه مسلم ( 7 / 17 ) و أحمد ( 6 / 63 ) من طريق مسعر : حدثنا معبد بن خالد عن عبد الله بن شداد عن #عائشة #أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ... فذكره . و رواه سفيان عن معبد بلفظ : " كان يأمرني أن أسترقي من العين " . أخرجه مسلم . و رواه ابن ماجه ( 2 / 356 ) و الحاكم ( 4 / 412 ) و أحمد ( 6 / 63 و 138 ) من هذا الوجه نحوه . و قال الحاكم : " صحيح على شرط الشيخين , و لم يخرجاه " . و وافقه الذهبي , و قد وهما في استدراكهما على مسلم , و كذا في استدراكهما على البخاري , فقد وجدته عنده أيضا من هذا الوجه ( 10 / 164 ) . 2522 " كان يؤمر العائن فيتوضأ ثم يغتسل منه المعين " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 61 : أخرجه أبو داود ( 2 / 153 ) و عنه البيهقي ( 9 / 351 ) : حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا جرير عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن #عائشة #رضي الله عنها قالت : فذكره . و هذا سند صحيح على شرط الشيخين , و سكت عليه الحافظ في " الفتح " ( 10 / 164 ) . و تابعه سفيان عن الأعمش به نحوه . أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 8 / 59 ) . 2523 " إن خير نساء ركبن أعجاز الإبل صالح نساء قريش , أخشاه على ولد في صغر و أرعاه على بعل بذات يد " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 62 : أخرجه أحمد ( 1 / 318 - 319 ) من طريق عبد الحميد : حدثنا شهر حدثني # ابن عباس #: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب امرأة من قوم يقال لها سودة , و كانت مصبية كان لها خمسة صبية أو ستة من بعل لها مات , فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما يمنعك مني ? قالت : والله يا نبي الله ما يمنعني منك أن لا تكون أحب البرية إلي , و لكني أكرمك أن يضغوا هؤلاء الصبية عند رأسك بكرة و عشية , قال : فهل منعك مني شيء غير ذلك ? قالت : لا والله . قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يرحمك الله , إن خير .. " الحديث . قال الحافظ في " الفتح " ( 9 / 422 ) : " و سنده حسن , و له طريق أخرى أخرجها قاسم بن ثابت في " الدلائل " من طريق الحكم بن أبان عن عكرمة عن ابن عباس باختصار القصة " . قلت : الحكم بن أبان صدوق له أوهام , و شهر في الطريق الأولى هو ابن حوشب , صدوق كثير الإرسال و الأوهام كما قال الحافظ في " التقريب " , فلعل تحسين الحافظ للحديث من طريقه إنما هو تحسين لغيره . و الله أعلم . و للحديث شاهدان أحدهما من حديث أبي هريرة بلفظ : " خير نساء ركبن الإبل " . و قد مضى برقم ( 1052 ) , و الآخر من حديث معاوية الآتي بعده . ثم إن الحديث أخرجه ابن سعد ( 8 / 108 ) من طريق عامر قال : خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم أم هانىء فقالت يا رسول الله لأنت أحب إلي من سمعي و بصري , و حق الزوج عظيم , فأخشى إن أقبلت على زوجي أن أضيع بعض شأني و ولدي . و إن أقبلت على ولدي أن أضيع حق الزوج . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره . و إسناده صحيح لكنه مرسل ,عامر هو الشعبي . و هذا هو الصحيح أن صاحبة القصة هي أم هانىء بنت أبي طالب ليست هي سودة , و هذا من أوهام شهر بن حوشب , و قد رواه على الصحيح مسلم و غيره من حديث أبي هريرة المشار إليه آنفا فراجعه . 2524 " اللهم لا مانع لما أعطيت و لا معطي لما منعت و لا ينفع ذا الجد منك الجد , من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 63 : أخرجه مالك ( 3 / 94 ) و أحمد ( 4 / 92 - 93 و 95 و 98 ) و الطحاوي في " المشكل " ( 2 / 278 - 279 ) و ابن عبد البر في " الجامع " ( 1 / 19 - 20 ) من طرق عن محمد بن كعب القرظي قال : قال #معاوية #على المنبر : اللهم .. إلخ . سمعت هؤلاء الكلمات من رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذا المنبر . و السياق لأحمد . و إسناده صحيح على شرط مسلم . و له عنده ( 4 / 101 ) طريق أخرى بزيادة : " و خير نسوة ركبن الإبل صالح نساء قريش , أرعاه على زوج في ذات يده و أحناه على ولد في صغره " . و إسناده هكذا : حدثنا أبو نعيم قال : حدثنا عبد الله بن مبشر مولى أم حبيبة عن زيد بن أبي عتاب عن معاوية مرفوعا به . و هذا سند صحيح رجاله رجال البخاري , غير عبد الله بن مبشر , و قد وثقه ابن معين كما في " التعجيل " . و قد علق هذه الزيادة البخاري في " صحيحه " ( 193 ) و قال الحافظ : " وصله أحمد و الطبراني من طريق ابن مبشر هذا , و رجاله موثقون , و في بعضهم مقال لا يقدح " . اهـ . مجموعا من " الشرح " و " التعجيل " . قلت : و هذا البعض الذي فيه المقال لم يتبين لي من هو من بين هؤلاء الثلاثة , فأبو نعيم و هو الفضل بن دكين ثقة ثبت كما قال الحافظ نفسه في " التقريب " , و كذلك زيد بن أبي عتاب ثقة عنده , فلم يبق إلا ابن مبشر هذا , و قد وثقه ابن معين كما سبق , و لم يحك الحافظ فيه أي خلاف في " التعجيل " . و الله أعلم . و لهذه الزيادة شاهد من حديث أبي هريرة سبق بلفظ : " خير نساء ركبن الإبل " , فراجعه برقم ( 1052 ) . 2525 " إن الله عز وجل يضحك من رجلين يقتل أحدهما الآخر فيدخلهما الله الجنة , يكون أحدهما كافرا فيقتل الآخر , ثم يسلم فيغزو في سبيل الله فيقتل " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 65 : أخرجه أحمد ( 2 / 511 ) : حدثنا روح حدثنا محمد بن أبي حفصة حدثنا ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن #أبي هريرة #مرفوعا به , و فيه زيادة : " قيل كيف يكون ذاك ? قال : يكون أحدهما " إلخ . و هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين . و له طريق أخرى بنحوه أخرجه النسائي ( 2 / 63 ) و أحمد ( 2 / 244 ) عن سفيان بن عيينة عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة مرفوعا . و هذا صحيح أيضا على شرطهما . و قد أخرجاه من هذا الوجه بلفظ : " يضحك الله إلى رجلين " , و سيأتي بإذن الله تعالى . و له في " المسند " ( 3 / 318 ) طريق ثالث : حدثنا عبد الرزاق حدثنا معمر عن همام بن منبه عنه . و هذا إسناد صحيح على شرطهما أيضا . و قد أخرجه مسلم ( 6 / 40 ) و البيهقي في " الأسماء و الصفات " ( ص 468 ) و أخرجه الشيخان من طريق الأعرج عنه به نحوه , و قد مضى برقم ( 1074 ) . 2526 " المسلمون كرجل واحد إن اشتكى عينه اشتكى كله و إن اشتكى رأسه اشتكى كله " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 66 : رواه مسلم ( 8 / 20 ) و أحمد ( 4 / 271 و 276 ) عن الأعمش عن خيثمة عن #النعمان بن بشير #مرفوعا به , و قال أحمد : " المؤمنون " . و أخرجه البخاري ( 7 / 77 - 78 ) و مسلم أيضا , و أحمد ( 4 / 70 ) و الطيالسي رقم ( 790 ) من حديث الشعبي عن النعمان به مرفوعا بلفظ : " مثل المؤمنين في توادهم و تراحمهم و تعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر و الحمى " . ثم أخرجه الطيالسي رقم ( 793 ) و أحمد ( 4 / 274 ) من طريق حماد بن سلمة عن سماك بن حرب قال : سمعت النعمان بن بشير به مختصرا . و إسناده صحيح على شرط مسلم . و له شاهد من حديث سهل بن سعد مرفوعا بلفظ : " إن المؤمن من أهل الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد , يألم المؤمن لأهل الإيمان كما يألم الجسد لما في الرأس " . أخرجه أحمد ( 5 / 340 ) : حدثنا أحمد بن الحجاج حدثنا عبد الله أخبرنا مصعب بن ثابت حدثني أبو حازم قال : سمعت سهل بن سعد الساعدي . و هذا إسناد لا بأس به في الشواهد , رجاله ثقات رجال البخاري غير مصعب بن ثابت , و هو لين الحديث , و كان عابدا كما في " التقريب " . و الحديث أورده الهيثمي في " المجمع " ( 8 / 87 ) , و قال : " رواه أحمد , و رجاله رجال الصحيح غير سوار بن عمارة و هو ثقة " . كذا قال . و أنت ترى أنه ليس في إسناده سوار هذا , و لم أجد له طريقا في " المسند " غير التي ذكرتها . و الله أعلم . ثم رأيت الهيثمي قد أعاد ذكره في مكان آخر ( 8 / 187 ) و قال : " رواه أحمد و الطبراني في " الكبير " و " الأوسط " , و رجال أحمد رجال الصحيح " . قلت : هو عند " كبير الطبراني " ( 6 / 160 - 161 ) من طريق أحمد بن الحجاج , و في " الأوسط " ( 1 / 288 / 2 / 4832 بترقيمي ) من طريق سوار بن عمارة الرملي أخبرنا زهير ابن محمد عن أبي حازم به . قلت : و سوار هذا وثقه ابن معين و ابن حبان ( 8 / 302 ) . و قال أبو زرعة الدمشقي في " تاريخه " ( 1 / 285 و 709 ) : " رأيت يحيى بن معين يكتب بين يدي سوار بن عمارة الرملي , و هو يملي عليه علمه في سنة أربع عشرة و مائتين , و مات [ سوار ] بعد ذلك بيسير " . و زهير بن محمد هو أبو المنذر الخراساني الشامي , و رواية الشاميين عنه فيها ضعف . و عبد الله في إسناد أحمد هو ابن المبارك الإمام , و قد أخرجه في كتابه " الزهد " ( 241 / 693 ) . 2527 " المملوك أخوك , فإذا صنع لك طعاما فأجلسه معك , فإن أبى فأطعمه و لا تضربوا وجوههم " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 67 : أخرجه الطيالسي ( ص 312 رقم 2369 ) و أحمد ( 2 / 505 ) من طريق ابن أبي ذئب عن عجلان عن #أبي هريرة #به مرفوعا . و هذا سند حسن أو صحيح , رجاله رجال الستة غير عجلان , و هو مولى المشعل . قال النسائي : " ليس به بأس " , و وثقه ابن حبان , و في " التقريب " : " لا بأس به " . و الحديث صحيح متواتر عن أبي هريرة بألفاظ متقاربة , سبق ذكرها في : " إذا أتى أحدكم خادمه " . 2528 " أتى جبريل النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ما تعدون أهل بدر فيكم ? قال : من أفضل المسلمين . قال : و كذلك من شهد فينا من الملائكة " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 68 : أخرجه ابن أبي خيثمة في " التاريخ " ( 230 ) : حدثنا أبي قال : أخبرنا جرير عن يحيى ابن سعيد الأنصاري عن #معاذ بن رفاعة بن رافع الزرقي عن أبيه #- و كان أبوه من أهل بدر و جده من أهل العقبة - قال : ... فذكره . و قال : " سئل يحيى بن معين عن هذا الحديث ? فقال : ليس بشيء باطل " . كذا قال , و لا وجه له فيما نرى , فالإسناد صحيح متصل على شرط البخاري , فقد أخرجه في " صحيحه " ( 3992 - فتح ) : حدثني إسحاق بن إبراهيم : أخبرنا جرير به , ثم رواه ( 3993 ) من طريق حماد ( و هو ابن زيد ) عن يحيى به نحوه . ثم ساقه ( 3994 ) من طريق يزيد : أخبرنا يحيى سمع معاذ بن رفاعة : أن ملكا سأل النبي صلى الله عليه وسلم . فهذا ظاهره الإرسال , فلعله وجه قول ابن معين المتقدم , لكن اتفاق جرير و حماد على وصله يرفعه و يرجح وصله , و الله أعلم . و راجع له " فتح الباري " ( 7 / 312 ) و للحديث شاهد من رواية يحيى بن سعيد عن عباية بن رفاعة عن جده رافع بن خديج قال : فذكره . أخرجه أحمد ( 3 / 465 ) . و إسناده صحيح على شرط الشيخين , و يحيى بن سعيد هذا هو ابن حيان التميمي , ثقة احتج به الشيخان , و هو غير الأنصاري المتقدم . 2529 " يا أبا ذر ! أتاني ملكان و أنا ببعض بطحاء مكة , فوقع أحدهما على الأرض و كان الآخر بين السماء و الأرض , فقال أحدهما لصحابه : أهو هو ? قال : نعم , قال : فزنه برجل فوزنت به , فوزنته , ثم قال : فزنه بعشرة , فوزنت بهم , فرجحتهم , ثم قال : زنه بمائة فوزنت بهم , فرجحتهم , ثم قال : زنه بألف فوزنت بهم , فرجحتهم , كأني أنظر إليهم ينتثرون علي من خفة الميزان , قال : فقال أحدهما لصاحبه : لو وزنته بأمة لرجحها " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 69 : أخرجه الدارمي ( 1 / 9 ) : حدثنا عبد الله بن عمران حدثنا أبو داود حدثنا جعفر بن عثمان القرشي عن عثمان بن عروة بن الزبير عن أبيه عن #أبي ذر الغفاري #قال : قلت : يا رسول الله ! كيف علمت أنك نبي حين استنبئت ? فقال : يا أبا ذر أتاني .. إلخ . و هذا إسناد جيد رجاله كلهم ثقات معروفون , و في جعفر بن عثمان - و هو ابن عبد الله بن عثمان - كلام لا يضر إن شاء الله تعالى , و قد وثقه أبو حاتم , و أبو داود في الإسناد هو الطيالسي , و من طريقه رواه ابن عساكر أيضا كما في " البداية " ( 2 / 276 ) و العقيلي كما في " الميزان " ( 1 / 190 ) . و للحديث شواهد كثيرة , فانظر ( أنا دعوة أبي إبراهيم ) , رقم ( 1545 و 1546 ) و الحديث عند ابن عساكر أتم منه , ففيه ذكر شق صدره , و خياطته , و جعل الخاتم بين كتفيه . قال : " فما هو إلا أن وليا عني , فكأنما أعاين الأمر معاينة " . 2530 " إنكم ستحرصون على الإمارة و ستكون ندامة [ و حسرة ] يوم القيامة , فنعم المرضعة و بئست الفاطمة " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 70 : أخرجه البخاري ( 13 / 107 - فتح ) و النسائي ( 2 / 187 - 188 و 304 ) و أحمد ( 2 / 476 ) من طرق عن ابن أبي ذئب عن سعيد المقبري عن #أبي هريرة #عن النبي صلى الله عليه وسلم , و السياق للبخاري دون الزيادة , و هي عند الآخرين , و قالا : " فنعمت المرضعة ... " , و هي كذلك في رواية أخرى لأحمد ( 2 / 448 ) : حدثنا يزيد ابن هارون قال : أنبأنا ابن أبي ذئب به , إلا أنه قال : " فبئست المرضعة . و نعمت الفاطمة " , فانقلبت عليه , أعني يزيد بن هارون مع ثقته و إتقانه ! قال أبو الحسن السندي رحمه الله تعالى : " ( فنعمت المرضعة ) أى الحالة الموصلة إلى الإمارة , و هي الحياة . ( و بئست الفاطمة ) أي الحالة القاطعة عن الإمارة , و هي الموت , أي فنعمت حياتهم , و بئس موتهم . و الله تعالى أعلم " . ثم إن الحديث أخرجه البخاري معلقا من طريق أخرى عن أبي هريرة قوله . لكن في إسناده عبد الله بن حمران , و هو صدوق , لكن قال فيه ابن حبان في " الثقات " : " يخطىء " , فلا يعتد بمخالفته , لاسيما و زيادة الثقة مقبولة . 2531 " ألا أخبركم بأسرع كرة و أعظم غنيمة من هذا البعث ? رجل توضأ في بيته فأحسن وضوءه , ثم تحمل إلى المسجد فصلى فيه الغداة , ثم عقب بصلاة الضحى , فقد أسرع الكرة و أعظم الغنيمة " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 71 : أخرجه أبو يعلى في " مسنده " ( 4 / 1530 - 1531 ) و من طريقه ابن حبان ( 629 ) : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا حاتم بن إسماعيل عن حميد بن صخر عن المقبري عن #أبي هريرة # قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثا , فأعظموا الغنيمة , و أسرعوا الكرة , فقال رجل : يا رسول الله ! ما رأينا بعث قوم بأسرع كرة و أعظم غنيمة من هذا البعث , فقال : فذكره . و أخرجه ابن عدي في " الكامل " ( 2 / 275 ) من طريقين آخرين عن حاتم به . قلت : و هذا إسناد جيد , و رجاله ثقات رجال مسلم على ضعف في حميد بن صخر لا يضر حديثه , و قال المنذري ( 1 / 235 ) : " رواه أبو يعلى , و رجال إسناده رجال الصحيح " . و للحديث شاهد قاصر من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه . أخرجه الترمذي و غيره , و فيه ضعف بينته في " التعليق الرغيب " ( 1 / 166 ) لكن يقويه حديث أبي هريرة هذا , و قد رواه عنه البزار في " مسنده " ( ص 300 ) من طريق زيد بن الحباب : حدثني حميد مولى بني عبدة ( لعله : ابن علقمة ) عن عطاء ابن أبي رباح عنه . و قال البزار : " لا نعلم رواه عن عطاء عن أبي هريرة غير حميد , و هو ضعيف " . قلت : و هو حميد المكي مولى ابن علقمة , و هو غير ابن قيس الأعرج المكي كما في " التهذيب " , و هو مجهول كما صرح في " التقريب " . و له شاهد آخر , يرويه ابن لهيعة : حدثني حيي بن عبد الله أن أبا عبد الرحمن الحبلي حدثه عن عبد الله بن عمرو بن العاصي قال : " بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية فغنموا و أسرعوا الرجعة ... " الحديث أخرجه أحمد ( 2 / 175 ) . قلت : و إسناده جيد , فإن رجاله ثقات على ضعف في ابن لهيعة , لكن تابعه ابن وهب عند الطبراني في " الكبير " كما في " المجمع " ( 2 / 235 ) و لذلك قال المنذري ( 1 / 235 ) : " رواه أحمد من رواية ابن لهيعة , و الطبراني بإسناد جيد " . 2532 " إن الله و ملائكته يصلون على الذين يصلون الصفوف , و من سد فرجة رفعه الله بها درجة " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 72 : أخرجه ابن ماجه ( 995 ) و أحمد ( 6 / 89 ) من طريق إسماعيل بن عياش عن هشام بن عروة عن أبيه عن #عائشة #قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره . قلت : و هذا إسناد رجاله ثقات , إلا أن ابن عياش قد ضعفوه في روايته عن المدنيين , و هذه منها . لكنه قد توبع . فقد أخرجه أحمد ( 6 / 67 و 160 ) و ابن خزيمة ( 1550 ) و ابن حبان ( 1511 ) و عبد بن حميد ( 394 ) و الحاكم ( 1 / 214 ) من طريق أسامة بن زيد عن عثمان بن عروة بن الزبير عن أبيه به , دون قوله : " و من سد ... " . و قال الحاكم : " صحيح على شرط مسلم " . و وافقه الذهبي , و أقره المنذري ( 1 / 174 ) . و قد توبع ابن عياش على الزيادة المذكورة . فروى الطبراني في " الأوسط " ( 1 / 32 / 2 ) من طريق أحمد بن محمد بن القواس : حدثنا مسلم بن خالد الزنجي عن ابن أبي ذئب عن سعيد المقبري عن عروة عن عائشة مرفوعا بلفظ : " من سد فرجة في صف رفعه الله بها درجة , و بنى له بيتا في الجنة " . و قال الطبراني : " لم يروه عن المقبري إلا ابن أبي ذئب , و لا عنه إلا الزنجي , تفرد به القواس " . قلت : و لم أعرفه , لكن شيخه الزنجي فيه ضعف , و من فوقه ثقات . إلا أن الزنجي قد تابعه وكيع كما تقدم برقم ( 1892 ) . فصح الحديث و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات <1>1>. و له شاهد من حديث أبي هريرة مرفوعا به , إلا أنه قال : " ... و لا يصل عبد صفا إلا رفعه الله به درجة , و ذرت عليه الملائكة من البر " أخرجه الطبراني أيضا من طريق إسماعيل بن عبد الله بن خالد بن سعيد بن أبي مريم عن أبيه عن جده عن غانم بن الأحوص أنه سمع أبا صالح السمان يقول : سمعت أبا هريرة يقول : فذكره بتمامه مرفوعا . و قال : " لم يرو غانم ابن الأحوص عن أبي صالح غير هذا الحديث " . قلت : و غانم هذا ليس بالقوي كما قال الدارقطني . و إسماعيل بن عبد الله بن خالد بن سعيد بن أبي مريم و جده ذكرهما ابن حبان في " الثقات " , و خالفه غيره . و أما أبوه عبد الله بن خالد , فقال الأزدي : " لا يكتب حديثه " . قال الذهبي : " و هو مجهول مع ضعفه " . قلت : و مع هذه العلل قال المنذري ( 1 / 175 ) : " رواه الطبراني في " الأوسط " , و لا بأس بإسناده " ! و بالجملة فالحديث بمجموع طرقه ثابت صحيح . و بالله التوفيق . ----------------------------------------------------------- [1] ثم عرفت القواس ذكره ابن حبان في " الثقات " ( 8 / 10 ) و قال : " ربما خالف " . و له ترجمة في " التهذيب " ( 1 / 79 - 80 ) . اهـ . 2533 " خياركم ألينكم مناكب في الصلاة , و ما من خطوة أعظم أجرا من خطوة مشاها رجل إلى فرجة في الصف فسدها " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 74 : أخرجه الطبراني في " الأوسط " ( 1 / 32 / 2 ) من طريق ليث بن حماد : حدثنا حماد بن زيد عن ليث عن مجاهد عن #عبد الله بن عمر #مرفوعا به , و قال : " لم يروه عن حماد بن زيد إلا ليث " . قلت : و قد ضعفه الدارقطني . و به أعله الهيثمي ( 2 / 90 ) . و ليث الذي فوقه هو ابن أبي سليم , و كان اختلط . و من طريقه أخرج الشطر الثاني من الحديث الديلمي في " مسند الفردوس " ( 4 / 24 - ترتيبه ) و أخرج الشطر الأول منه البزار ( 58 - زوائده ) من طريق محمد بن الفضل : حدثنا حماد عن ليث عن نافع عن ابن عمر به . و قال : " لا نعلم رواه عن نافع إلا ليث " . لكن الحديث صحيح , لأنه جاء من طرق أخرى مفرقا : أما الشطر الأول فأخرجه أبو داود , و ابن خزيمة ( 1566 ) و ابن حبان ( 397 ) من حديث ابن عباس مرفوعا و في إسناده جهالة بينته في " التعليق الرغيب " ( 1 / 173 ) لكن له شواهد كثيرة أشرت إلى بعضها هناك , و خرجت بعضها في " صحيح أبي داود " ( 676 ) . و أما الشطر الثاني منه , فله شاهد من حديث البراء بن عازب , أخرجه أبو داود , و فيه شيخ كوفي لم يسم , أخرجته من أجله في " ضعيف أبي داود " رقم ( 85 ) . و آخر من حديث معاذ أخرجه البيهقي و غيره , و قد تكلمت على إسناده في " التعليق الرغيب " أيضا ( 1 / 175 ) . ( تنبيه ) : أورد الحديث بتمامه عن ابن عمر مرفوعا المنذري , ثم قال ( 1 / 175 ) : " رواه البزار بإسناد حسن , و ابن حبان في " صحيحه " كلاهما بالشطر الأول . و رواه بتمامه الطبراني في " ( الأوسط ) " . قلت : و فيه مؤاخذات : الأولى : أن إسناد البزار فيه ليث بن أبي سليم ضعيف كما سبق . الثانية : أنه عند ابن حبان إنما هو من حديث ابن عباس , و ليس عن ابن عمر , و قد تقدم آنفا . الثالثة : أن إسناد الطبراني فيه الليثان , و كلاهما ضعيف . ( فائدة ) : قال الخطابي في " معالم السنن " ( 1 / 334 ) : " قلت : معنى " لين المنكب " : لزوم السكينة في الصلاة و الطمأنينة فيها , لا يلتفت و لا يحاك بمنكبه منكب صاحبه , و قد يكون فيه وجه آخر , و هو أن لا يمتنع على من يريد الدخول بين الصفوف ليسد الخلل أو لضيق المكان . بل يمكنه من ذلك , و لا يدفعه بمنكبه لتتراص الصفوف , و يتكاتف الجموع " . قلت : هذا المعنى الثاني هو المتبادر من الحديث , و المعنى الأول بعيد كل البعد عن سياقه لمن تأمله . و إن مما يؤيد ذلك لفظ حديث ابن عمر عند أبي داود ( 666 ) مرفوعا : " أقيموا الصفوف . و حاذوا بالمناكب و سدوا الخلل و لينوا بأيدي إخوانكم , و لا تذروا فرجات للشيطان , و من وصل صفا وصله الله و من قطع صفا قطعه الله " . و إسناده صحيح كما قال النووي <1>1>, فإنه يوضح أن الأمر باللين إنما هو لسد الفرج , و وصل الصفوف , و لذلك قال أبو داود عقبه : " و معنى " لينوا بأيدي إخوانكم " : إذا جاء رجل إلى الصف فذهب يدخل فيه فينبغي أن يلين له كل رجل منكبه حتى يدخل في الصف " . و لذلك استدل به النووي في " المجموع " ( 4 / 301 ) على أنه " يستحب أن يفسح لمن يريد الدخول إلى الصف .. " . و ليس يخفى على كل محب للسنة عارف بها أن قول الخطابي : " و لا يحاك منكبه بمنكب صاحبه " مخالف لما كان يفعله أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم حين يصلون خلفه , و ذلك تنفيذا منهم لقوله صلى الله عليه وسلم : " أقيموا صفوفكم , فإني أراكم من ورائي " . رواه البخاري ( 725 ) عن أنس , قال أنس : " و كان أحدنا يلزق منكبه بمنكب صاحبه , و قدمه بقدمه " . و له شاهد من حديث النعمان بن بشير , و هما مخرجان في " صحيح أبي داود " ( 668 ) . و قد أنكر بعض الكاتبين في العصر الحاضر هذا الإلزاق , و زعم أنه هيئة زائدة على الوارد , فيها إيغال في تطبيق السنة ! و زعم أن المراد بالإلزاق الحث على سد الخلل لا حقيقة الإلزاق , و هذا تعطيل للأحكام العملية , يشبه تماما تعطيل الصفات الإلهية , بل هذا أسوأ منه لأن الراوي يتحدث عن أمر مشهود رآه بعينه و هو الإلزاق . و مع ذلك قال : ليس المراد حقيقة الإلزاق ! فالله المستعان . و أسوأ منه ما صنع مضعف مئات الأحاديث الصحيحة المدعو ( حسان عبد المنان ) , فإنه تعمد إسقاط رواية البخاري المذكورة عن أنس .. من طبعته لـ " رياض الصالحين " ( ص 306 / 836 ) و ليس هذا فقط , بل دلس على القراء , فأحال ما أبقي من حديث البخاري المرفوع إلى البخاري برقم ( 723 ) حتى إذا رجع القراء إليه لم يجدوا قول أنس المذكور ! و الرقم الصحيح هو المتقدم مني ( 725 ) , و له من مثل هذا الكتم للعلم ما لا يعد و لا يحصى , و قد نبهت على شيء من ذلك في غير ما مناسبة , فانظر على سبيل المثال الاستدراك رقم ( 13 ) من المجلد الأول من هذه السلسلة , الطبعة الجديدة . ----------------------------------------------------------- [1] و هو مخرج في " صحيح أبي داود " ( 672 ) . اهـ . 2534 " إذا قرأ الإمام : *( غير المغضوب عليهم و لا الضالين )* , فأمن الإمام فأمنوا , فإن الملائكة تؤمن على دعائه , فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 78: أخرجه أبو يعلى ( 4 / 1408 ) : حدثنا عمرو الناقد أخبرنا سفيان عن الزهري عن سعيد عن # أبي هريرة #قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره . قلت : و هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين , و عمرو هو ابن محمد بن بكير الناقد أبو عثمان البغدادي , ثقة حافظ , احتج به الشيخان و غيرهما . و قد أخرجاه و غيرهما , و هو مخرج في " الإرواء " ( 344 ) بلفظ : " إذا أمن الإمام فأمنوا , فإنه من وافق .. " إلخ . و إنما أخرجته بلفظ الترجمة لما فيه من الزيادة , و هي قوله بعد *( و لا الضالين )* : " فأمن الإمام فأمنوا " , فإنها صريحة بأمرين اثنين : الأول : أن الإمام يؤمن بعد ختمه الفاتحة , و الآخر : أن المأموم يؤمن بعد فراغ الإمام من التأمين . و قد قيل في تفسير رواية الشيخين أقوال كثيرة ذكرها الحافظ في " الفتح " ( 2 / 218 - 219 ) , منها أن معنى قوله : إذا أمن , بلغ موضع التأمين , كما يقال : أنجد إذا بلغ نجدا , و إن لم يبلغها . قال ابن العربي : " هذا بعيد لغة و شرعا " . و قال ابن دقيق العيد : " و هذا مجاز , فإن وجد دليل يرجحه عمل به , و إلا فالأصل عدمه " . قال الحافظ : " استدلوا له برواية أبي صالح عن أبي هريرة بلفظ : إذا قال الإمام : *( و لا الضالين )* فقولوا : ( آمين ) , قالوا : فالجمع بين الروايتين يقتضي حمل قوله : إذا أمن على المجاز " . و أقول : يمكن الجمع بطريقة أخرى , و هي أن يؤخذ بالزائد من الروايتين فيضم إلى الأخرى , و هو قوله في رواية سعيد : " إذا أمن الإمام فأمنوا " , فتضم الزيادة إلى رواية أبي صالح فيصير الحديث هكذا : " إذا قال الإمام : *( و لا الضالين )* آمين , فقولوا آمين " . و هذا الجمع أولى من الجمع المذكور , و ذلك لوجوه . الأول : أنه مطابق لرواية أبي يعلى هذه , الصريحة بذلك . الثاني : أنه موافق للقواعد الحديثية من وجوب الأخذ بالزيادة من الثقة . الثالث : أنه يغنينا عن مخالفة الأصل الذي أشار إليه ابن دقيق العيد . الرابع : أنه على وزن قوله صلى الله عليه وسلم : " إذا قال الإمام سمع الله لمن حمده , فقولوا : اللهم ربنا لك الحمد , فإنه من وافق قوله قول الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه " . أخرجه الشيخان و غيرهما من حديث أبي هريرة أيضا . و هو مخرج في " صحيح أبي داود " ( 794 ) . فكما أن هذا نص في أن المقتدي يقول التحميد بعد تسميع الإمام , فمثله إذا أمن فأمنوا , فهو نص على أن تأمين المقتدي بعد تأمين الإمام . الخامس : أنه هو الموافق لنظام الاقتداء بالإمام المستفاد من مثل قوله صلى الله عليه وسلم : " إنما جعل الإمام ليؤتم به , فإذا كبر كبروا [ و لا تكبروا حتى يكبر ] و إذا ركع فاركعوا و إذا قال سمع الله لمن حمده , فقولوا : ... " الحديث . أخرجه الشيخان و غيرهما من حديث عائشة و أبي هريرة و غيرهما , و هو مخرج في المصدر السابق ( 614 و 618 ) , و الزيادة لأبي داود . فكما دل الحديث أن من مقتضى الائتمام بالإمام عدم مقارنته بالتكبير , و ما ذكر معه , فمن ذلك عدم مقارنته بالتأمين . و إخراج التأمين من هذا النظام يحتاج إلى دليل صريح , و هو مفقود , إذ غاية ما عند المخالفين إنما هو حديث أبي صالح المتقدم , و ليس صريحا في ذلك , بل الصحيح أنه محمول على رواية سعيد هذه لاسيما على لفظ أبي يعلى المذكور أعلاه . السادس : أن مقارنة الإمام بالتأمين تحتاج إلى دقة و عناية خاصة من المؤتمين , و إلا وقعوا في مخالفة صريحة و هي مسابقته بالتأمين , و هذا مما ابتلي به جماهير المصلين , فقد راقبتهم في جميع البلاد التي طفتها , فوجدتهم يبادرون إلى التأمين , و لما ينته الإمام من قوله : *( و لا الضالين )* , لاسيما إذا كان يمدها ست حركات , و يسكت بقدر ما يتراد إليه نفسه , ثم يقول : آمين فيقع تأمينه بعد تأمينهم ! و لا يخفى أن باب سد الذريعة يقتضي ترجيح عدم مشروعية المقارنة خشية المسابقة , و هذا ما دلت عليه الوجوه المتقدمة . و هو الصواب إن شاء الله تعالى , و إن كان القائلون به قلة , فلا يضرنا ذلك , فإن الحق لا يعرف بالرجال , فاعرف الحق تعرف الرجال . ذلك ما اقتضاه التمسك بالأصل بعد النظر و الاعتبار , و هو ما كنت أعمل به و أذكر به مدة من الزمن . ثم رأيت ما أخرجه البيهقي ( 2 / 59 ) عن أبي رافع أن أبا هريرة كان يؤذن لمروان بن الحكم , فاشترط أن لا يسبقه بـ *( الضالين )* حتى يعلم أنه دخل الصف , و كان إذا قال مروان : *( و لا الضالين )* قال أبو هريرة : " آمين " , يمد بها صوته , و قال : إذا وافق تأمين أهل الأرض أهل السماء غفر لهم . و سنده صحيح . قلت : فهذا صريح في أن أبا هريرة رضي الله عنه كان يؤمن بعد قول الإمام : *( و لا الضالين )* . و لما كان من المقرر أن راوي الحديث أعلم بمرويه من غيره , فقد اعتبرت عمل أبي هريرة هذا تفسيرا لحديث الترجمة , و مبينا أن معنى " إذا أمن الإمام فأمنوا .. " , أي : إذا بلغ موضع التأمين كما تقدم عن الحافظ , و هو و إن كان استبعده ابن العربي , فلابد من الاعتماد عليه لهذا الأثر . و عليه فإني أكرر تنبيه جماهير المصلين بأن ينتبهوا لهذه السنة , و لا يقعوا من أجلها في مسابقة الإمام بالتأمين , بل عليهم أن يتريثوا حتى إذا سمعوا نطقه بألف ( آمين ) قالوها معه . و الله تعالى نسأل أن يوفقنا لاتباع الحق حيثما كان إنه سميع مجيب . و في هذا الأثر فائدة أخرى و هي جهر المؤتمين بـ ( آمين ) , و ذلك مما ملت إليه في الكتاب الآخر لمطابقته لأثر آخر صحيح عن ابن الزبير , و حديث لأبي هريرة مرفوع تكلمت على إسناده هناك ( 956 ) فراجعه . 2535 " إن الرجل ليصلي ستين سنة و ما تقبل له صلاة و لعله يتم الركوع و لا يتم السجود و يتم السجود و لا يتم الركوع " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 81 : أخرجه الأصبهاني في " الترغيب " ( ق 236 / 2 ) من طريق أبي الشيخ عن عبد الله بن أحمد بن حنبل : حدثنا أبو الشعثاء حدثنا عبدة عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن #أبي هريرة #مرفوعا به . قلت : و هذا إسناد حسن , رجاله كلهم ثقات , على ضعف يسير في محمد بن عمرو , و المعتمد فيه أنه حسن الحديث . و عبدة هو ابن سليمان الكلابي أبو محمد الكوفي , و هو من رجال الشيخين . و أبو الشعثاء اسمه علي بن الحسن بن سليمان الحضرمي , و هو ثقة من شيوخ مسلم . و لم يستحضر الحافظ المنذري حال إسناده , فقال في " الترغيب " ( 1 / 182 ) : " رواه أبو القاسم الأصبهاني , و ينظر في إسناده " . و أخرجه ابن عدي في " الكامل " ( 7 / 256 ) بإسناد واه عن عبدة به 0 فالعمدة على رواية أبي الشعثاء . 2536 " لا ينظر الله عز وجل إلى صلاة عبد لا يقيم فيها صلبه بين ركوعها و سجودها " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 82 : أخرجه الإمام أحمد ( 4 / 22 ) : حدثنا وكيع قال : حدثنا عكرمة بن عمار عن عبد الله بن زيد - أو بدر , أنا أشك - عن #طلق بن علي الحنفي # قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره . قلت : و هذا إسناد جيد , رجاله ثقات رجال مسلم غير عبد الله بن زيد أو بدر - شك عكرمة - فإن كان ابن زيد , فلم أعرفه , و إن كان ابن بدر - و هو الراجح - فهو ثقة بلا خلاف بينهم , و هو عبد الله بن بدر بن عميرة الحنفي اليمامي . روى عن جمع من الصحابة منهم طلق بن علي , و عنه جمع من أتباع التابعين , منهم عكرمة هذا , و أيوب بن عتبة و غيرهما . و قد تابعه أيوب بن عتبة في روايته لهذا الحديث عنه , و لكنه خالفه في إسناده , فقال أحمد : حدثنا أبو النضر قال : حدثنا أيوب بن عتبة حدثنا عبد الله بن بدر عن عبد الرحمن بن علي بن شيبان عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فذكره . ساقه أحمد عقب الرواية السابقة , و كأنه فعل ذلك للإشارة إلى مخالفة أيوب لعكرمة , و لا شك أن مخالفته مردودة لأنه ضعيف لسوء حفظه , حتى قال ابن حبان : " كان يخطىء كثيرا و يهم حتى فحش الخطأ منه " . فعكرمة خير منه , و إن تكلم فيه , و يكفيه أن مسلما احتج به . لكن تابعه ملازم بن عمرو فقال : حدثنا عبد الله بن بدر أن عبد الرحمن بن علي حدثه أن أباه علي بن شيبان حدثه : أنه خرج وافدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم , قال : فصلينا خلف النبي صلى الله عليه وسلم فلمح بمؤخر عينيه إلى رجل لا يقيم صلبه في الركوع و السجود , فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " يا معشر المسلمين ! إنه لا صلاة لمن لا يقيم صلبه في الركوع و السجود " . أخرجه أحمد و ابن ماجه و ابن خزيمة ( 593 ) و ابن حبان ( 500 ) . و ملازم هذا ثقة بلا خلاف يذكر , فروايته أرجح من رواية عكرمة بن عمار , لاسيما و قد قال أحمد : كان يحيى بن سعيد يختاره على عكرمة بن عمار و يقول : هو أثبت حديثا منه . إلا أنه من الممكن أن يقال : يحتمل أن يكون لعبد الله بن بدر في الحديث إسنادان , أحدهما عن طلق بن علي , و الآخر عن عبد الرحمن بن علي بن شيبان عن أبيه . فروى عكرمة عنه الأول , و ملازم عنه الآخر . و الله أعلم . و خالفهم جميعا عامر بن يساف فقال : حدثنا يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن بدر الحنفي عن أبي هريرة مرفوعا به نحو حديث الترجمة . أخرجه أحمد ( 2 / 525 ) . قلت : و رجاله ثقات غير عامر بن يساف , ففيه ضعف . قال ابن عدي : " هو منكر الحديث عن الثقات , و مع ضعفه يكتب حديثه " . و قال أبو داود : " ليس به بأس , رجل صالح " . و قال العجلي : " يكتب حديثه , و فيه ضعف " . و أعله الحافظ في " التعجيل " بالانقطاع بين الحنفي و أبي هريرة , و مما سبق يتبين خطأ قول المنذري ( 1 / 183 ) : " رواه أحمد بإسناد جيد " . و مثله قول العراقي في " تخريج الإحياء " ( 1 / 132 ) : " إسناده صحيح " . و قال الهيثمي في " مجمع الزوائد " ( 2 / 120 ) : " رواه أحمد من رواية عبد الله بن زيد الحنفي عن أبي هريرة , و لم أجد من ترجمه " . قلت : الذي في " المسند " : " عبد الله بن بدر " كما تقدم , و كذلك نقله الحافظ عن " المسند " , فالظاهر أنه تصحف على الهيثمي , أو وقع له ذلك في نسخته من " المسند " . و الله أعلم . و بالجملة , فالأصح في الحديث أنه من رواية عبد الله بن بدر عن عبد الرحمن بن علي بن شيبان عن أبيه مرفوعا بلفظ : " لا صلاة لمن لا يقيم صلبه في الركوع و السجود " . لكن لحديث الترجمة شاهد من رواية علي بن زيد عن سعيد بن المسيب عن أنس مرفوعا في حديث . أخرجه أبو يعلى ( 3 / 914 - 916 ) . و علي بن زيد - هو ابن جدعان - لا بأس به في الشواهد . 2537 " الصلاة ثلاثة أثلاث : الطهور ثلث و الركوع ثلث و السجود ثلث , فمن أداها بحقها قبلت منه و قبل منه سائر عمله و من ردت عليه صلاته رد عليه سائر عمله " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 85 : أخرجه البزار في " مسنده " ( 1 / 177 / 349 ) : حدثنا زكريا بن يحيى الضرير حدثنا شبابة بن سوار حدثنا مغيرة بن مسلم عن الأعمش عن أبي صالح عن # أبي هريرة # قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره , و قال : " لا نعلمه مرفوعا إلا عن المغيرة , و لم يتابع عليه , و إنما يحفظ عن أبي صالح عن كعب قوله " . قلت : المغيرة بن مسلم ثقة كما قال الهيثمي ( 2 / 147 ) و لم يضعفه أحد , و لذا قال الحافظ : " صدوق " . و سائر رجاله ثقات رجال الشيخين غير يحيى بن زكريا الضرير , و قد ترجمه الخطيب ( 8 / 457 - 458 ) برواية جمع من الحفاظ عنه , و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا , فمثله يحتج به و لو في مرتبة الحسن , و لذلك قال المنذري ( 1 / 185 ) و تبعه الهيثمي : " و إسناده حسن " . قلت : و هو كما قالا , إلا أن يثبت بإسناد أصح من هذا عن أبي صالح عن كعب من قوله كما تقدم عن البزار , و لكنه لم يذكر إسناده بذلك لننظر فيه . و للشطر الأخير من الحديث شاهد عن أنس , تقدم برقم ( 1358 ) . ثم وجدت للمغيرة متابعا يرويه أبو فروة قال : حدثني أبي عن أبيه : حدثنا سليمان الأعمش به . أخرجه ابن جميع في " معجم الشيوخ " . قلت : و أبو فروة هذا هو يزيد بن محمد بن يزيد بن سنان الرهاوي . ذكره ابن أبي حاتم ( 4 / 2 / 288 ) بروايته عن جمع , منهم أبو محمد , ثم قال : " كتب إلى أبي و إلي " . و ذكره ابن حبان في " الثقات " ( 9 / 276 ) و قال : " حدثنا عنه أبو عروبة , مات بـ ( الرها ) سنة تسع و ستين و مئتين " . و ابنه محمد بن يزيد بن سنان ليس بالقوي كما في " التقريب " . و يزيد بن سنان ضعيف . 2538 " سألت ربي مسألة و ودت أني لم أسأله , قلت : يا رب ! كانت قبلي رسل منهم من سخرت له الرياح و منهم من كان يحيي الموتى , [ و كلمت موسى ] . قال : ألم أجدك يتيما فآويتك ? ألم أجدك ضالا فهديتك ? ألم أجدك عائلا فأغنيتك ? ألم أشرح لك صدرك و وضعت عنك وزرك ? قال : فقلت بلى يا رب ! [ فوددت أن لم أسأله ] " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 86 : أخرجه الحاكم ( 2 / 526 ) و الزيادتان له , و البيهقي في " دلائل النبوة " ( ج 2 - مخطوط ) و الطبراني في " المعجم الكبير " ( 3 / 155 / 2 خط و 11 / 455 / 12289 - ط ) و " المعجم الأوسط " ( 1 / 210 / 3394 بترقيمي ) و ابن أبي حاتم كما في " تفسير ابن كثير " , و الضياء المقدسي في " المختارة " ( ق 248 / 2 ) من طرق عن حماد بن زيد عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن #ابن عباس # رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره . و قال الطبراني : " لم يرفعه عن حماد بن زيد إلا أبو الربيع الزهراني , و سليمان بن أيوب صاحب البصري " . كذا قال : و فاته أنه تابعهما أبو النعمان عنده في " كبيره " , و البيهقي أيضا و قرن معه سليمان بن حرب , و عبد الله بن الجراح عند الحاكم , و قال : " صحيح الإسناد " . و وافقه الذهبي . و هو كما قالا , فإن عطاء بن السائب , و إن كان اختلط , فإن حماد بن زيد سمع منه قبل الاختلاط كما في " تهذيب التهذيب " , و قال النسائي فيه : " ثقة في حديثه القديم , إلا أنه تغير , و رواية حماد بن زيد و شعبة و سفيان عنه جيدة " . و عليه فقول الهيثمي ( 8 / 254 ) : " رواه الطبراني في " الكبير " و " الأوسط " , و فيه عطاء بن السائب , و قد اختلط " ! فهو غير جيد . لأنه يشعر بأنه معلول بالاختلاط , و قد عرفت أنه ليس بصواب . و كذلك ذكره الحافظ في آخر ترجمته أن رواية ابن زيد عنه صحيحة . و قد تبع الهيثمي في ذهوله عن هذه الحقيقة جمع , منهم المناوي في " الجامع الأزهر " , و صاحبنا السلفي في تعليقه على الطبراني ! ( تنبيه ) : قد أورد السيوطي الحديث في " الجامع الكبير " ( 6 - 14517 ) بتخريج : " ق في (1) , كر عن ابن عباس " . فقالت اللجنة في التعليق عليه : " بياض في الأصل في جميع النسخ " . فأقول : من المعلوم من مقدمة السيوطي في " الجامع " في أثناء تحدثه عن رموزه قوله : " و للبيهقي ( ق ) , فإن كان في " السنن " أطلقت , و إلا بينته " . فالبياض المشار إليه سواء كان من المؤلف - كما هو الظاهر - أو من النساخ , فصوابه : " الدلائل " كما يفهم من التخريج السابق . و قد أزيل هذا البياض من بعض مخطوطات " الجامع " لكن بقي حرف ( في ) ! و عليه جرى صاحب " كنز العمال " ( 11 / 456 ) لكنه حذف ( في ) ! فصار المعنى : " .. البيهقي في السنن " ! و هذا غير صحيح ! و بعد كتابة ما تقدم رأيت ابن الجزري قد قوى الحديث في كتابه الفريد " النشر في القراءات العشر " , فقال ( 2 / 391 ) : " روى ابن أبي حاتم بإسناد جيد عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم .. " فذكر الحديث . 2539 " من بات طاهرا بات في شعاره ملك لا يستيقظ ساعة من الليل إلا قال الملك : اللهم اغفر لعبدك فلانا , فإنه بات طاهرا " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 89 : أخرجه عبد الله بن المبارك في " حديثه " ( 2 / 101 / 2 ) و في " الزهد " ( ق 216 / 1 و رقم 1244 - ط ) و ابن عدي ( ق 89 / 1 ) و ابن حبان ( 167 - موارد ) و ابن شاهين في " الترغيب " ( ق 313 / 2 ) كلهم عن ابن المبارك : أخبرنا الحسن ابن ذكوان عن سليمان الأحول عن عطاء عن #أبي هريرة #أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : فذكره , لكن وقع في " الموارد " : " ابن عمر " مكان أبي هريرة و لعله سبق قلم من الناسخ , نعم قد روي عن ابن عمر من طريق أخرى كما يأتي . قلت : و هذا إسناد حسن , رجاله ثقات رجال البخاري , على ضعف في ابن ذكوان , لكن لا ينزل به حديثه عن مرتبة الحسن , و قد قال فيه ابن عدي : " أرجو أنه لا بأس به " . و قال الذهبي : " و هو صالح الحديث " . و قال الحافظ : " صدوق يخطىء , و كان يدلس " . و خالف ابن المبارك ميمون بن زيد فقال : حدثنا الحسن بن ذكوان عن سليمان الأحول عن عطاء عن ابن عمر به . أخرجه الطبراني في " الكبير " ( 3 / 209 / 1 ) و البزار ( 1 / 149 / 288 - زوائده ) و قال : " لا نعلمه عن ابن عمر إلا من هذا الوجه , و الحسن روى عنه جماعة ثقات " . قلت : لكن ميمون بن زيد لينه أبو حاتم , و ذكره ابن حبان في " الثقات " . ثم أخرجه الطبراني و ابن شاهين و العقيلي في " الضعفاء " ( ص 33 ) من طريق إسماعيل بن عياش عن العباس بن عتبة عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عمر به . أورده العقيلي في ترجمة العباس هذا , و قال : " لا يصح حديثه " . ثم قال : " و قد روي بغير هذا الإسناد , بإسناد لين أيضا " . قلت : و كأنه يشير إلى إسناد ميمون بن زيد المذكور . و الذهبي نقل كلام العقيلي : " لا يصح حديثه " , و أقره . و زاد الحافظ عليه في ترجمة العباس , فقال : " و قد ذكره ابن حبان في " الثقات " لكنه سماه ( عياشا ) بالياء المثناة من تحت , و بالشين المعجمة " . قلت : و لفظ حديثه : " طهروا هذه الأجساد طهركم الله , فإنه ليس عبد يبيت طاهرا إلا بات معه ملك في شعاره , لا ينقلب ساعة من الليل إلا قال : اللهم اغفر لعبدك , فإنه بات طاهرا " و بهذا اللفظ أورده المنذري في " الترغيب " ( 1 / 207 ) و الهيثمي في " المجمع " ( 10 / 128 ) و الحافظ ابن حجر في " الفتح " ( 11 / 93 ) لكنهم جميعا جعلوه من حديث ابن عباس , و قالوا : " رواه الطبراني في " الأوسط " بإسناد جيد " . إلا أن الهيثمي قال : " و إسناده حسن " . لكنه في مكان آخر لما أورده من حديث ابن عمر بلفظ حديث الترجمة , قال ( 1 / 226 ) : " رواه البزار و الطبراني في " الكبير " , و فيه ميمون بن زيد , قال الذهبي : لينه أبو حاتم , و في إسناد الطبراني العباس بن عتبة , قال الذهبي : يروي عن عطاء - و ساق له هذا الحديث , و قال : - لا يصح حديثه . قلت : قد رواه سليمان الأحول عن عطاء , و هو من رجال الصحيح . كذلك هو عند البزار , و أرجو أنه حسن الإسناد . و لفظ الطبراني : طهروا هذه الأجساد ... " . قلت : فساق لفظه كما تقدم آنفا . فهذا يشعر أنه من حديث ابن عمر أيضا فهو مخالف لتصريحه في المكان المشار إليه آنفا أنه من حديث ابن عباس : فالله أعلم بسبب هذا التناقض . ثم إن في كلامه السابق ما يقتضي التنبيه عليه , و هو أنه يشعر أن الطبراني لم يروه من طريق ميمون بن زيد , و لا من طريق سليمان الأحول , و الأمر بخلافه كما يتبين لك من مراجعة تخريجي لرواية ميمون هذا , كما يشعر أيضا أن رواية البزار ليست من رواية ميمون , و هو خلاف الواقع أيضا , و قد نبه على هذا الأمر الأخير في هامش " المجمع " , و أظنه بقلم الحافظ ابن حجر رحمه الله . و جملة القول أن الحديث حسن الإسناد لولا عنعنة ابن ذكوان , فهو حسن برواية العباس بن عتبة . و الله أعلم . و أما قول المعلق على " موارد الظمآن " ( 1 / 287 - دمشق ) : " و يشهد له حديث معاذ عند أحمد ( 5 / 235 ) .. " إلخ , فهو خطأ , لأنه ليس فيه منه إلا فضل من بات طاهرا , دون قوله : " بات في شعاره ملك .. " إلخ , فهو شاهد قاصر جدا , و هذا مما يقع فيه كثيرا المشار إليه و أمثاله ممن لا فقه عندهم , و لا معرفة بالمعاني و المتون من المشتغلين بهذا العلم الشريف . و قد وقع له خطأ آخر في تخريجه لحديث معاذ , فحسنه من حديث شهر بن حوشب عند أبي داود و غيره , و غفل عن متابعة ثابت البناني إياه عند أبي داود و غيره . انظر تخريجي للحديث فيما يأتي برقم ( 3288 ) . ثم انكشف لي سبب التناقض المتقدم ذكره , و هو أن الطبراني في " الأوسط " لما أخرج الحديث فيه ( 2 / 9 / 2 / 5219 - بترقيمي ) أخرجه من طريق إسماعيل بن عياش المتقدمة من روايته في " المعجم الكبير " و غيره عن العباس بن عتبة عن عطاء بن أبي رباح .. فقال : ( عن ابن عباس ) مكان ( عن ابن عمر ) , و هذا من العباس هذا أو إسماعيل بن عياش . و الله أعلم . ثم رأيت الحافظ قد أورد حديث ابن حبان برواية ابن حبان , ثم قال ( 11 / 109 ) : " و أخرج الطبراني في " الأوسط " من حديث ابن عباس نحوه بسند جيد " . 2540 " يدخل أهل الجنة الجنة , فيبقى منها ما شاء الله عز وجل , فينشئ الله تعالى لها ـ يعني خلقا ـ حتى يملأها " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 92 : أخرجه الإمام أحمد ( 3 / 152 ) : حدثنا عبد الصمد حدثنا حماد عن ثابت عن #أنس #قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره . قلت : و هذا إسناد صحيح على شرط مسلم , و قد أخرجه هو ( 8 / 152 ) و أبو يعلى ( 3 / 892 ) من طريق عفان : حدثنا حماد به . و تابعه قتادة عن أنس به . أخرجه البخاري ( 7384 ) و مسلم و أحمد ( 3 / 134 و 141 و 231 ) . و له شاهد من حديث أبي هريرة . أخرجه الشيخان و غيرهما , و هو مخرج في الكتاب الآخر , تحت الحديث ( 6199 ) . و قد وقع في رواية للبخاري ( 7449 ) من طريق الأعرج عن أبي هريرة بلفظ : " .. و ينشئ للنار ... " , مكان " .. الجنة " . و هي بلا شك رواية شاذة لمخالفتها للطريق الأولى عن أبي هريرة و لحديث أنس , و قد أشار إلى ذلك الحافظ أبو الحسن القابسي ( علي بن محمد بن خلف القيرواني ت 403 ) , و قال جماعة من الأئمة : إنه من المقلوب , و جزم ابن القيم بأنه غلط , و احتج بأن الله أخبر بأن جهنم تمتلئ من إبليس و أتباعه , و أنكرها الإمام البلقيني , و احتج بقوله تعالى : *( و لا يظلم ربك أحدا )* . ذكره الحافظ في " الفتح " ( 13 / 437 ) . فأقول : هذا الشذوذ في هذا الحديث مثال من عشرات الأمثلة التي تدل على جهل بعض الناشئين الذي يتعصبون لـ " صحيح البخاري " , و كذا لـ " صحيح مسلم " تعصبا أعمى , و يقطعون بأن كل ما فيهما صحيح ! و يقابل هؤلاء بعض الكتاب الذين لا يقيمون لـ " الصحيحين " وزنا , فيردون من أحاديثهما ما لا يوافق عقولهم و أهواءهم , مثل ( السقاف ) و ( حسان ) و ( الغزالي ) و غيرهم . و قد رددت على هؤلاء و هؤلاء في غير ما موضع . 2541 " اللهم أكثر ماله و ولده و أطل عمره و اغفر له . يعني أنسا رضي الله عنه " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 94 : أخرجه أبو يعلى في " مسنده " ( 3 / 1048 ) : حدثنا أبو الربيع الزهراني أخبرنا حماد ابن زيد عن سنان بن ربيعة عن # أنس بن مالك # قال : انطلقت بي أمي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله ! خويدمك فادع الله له . فقال : ( فذكره ) قال : فكثر مالي , و طال عمري حتى قد استحييت من أهلي , و أينعت ثماري ( ! ) , و أما الرابعة يعني المغفرة . قلت : و هذا إسناد جيد , رجاله ثقات رجال الشيخين غير سنان بن ربيعة , فأخرج له البخاري مقرونا بغيره , و قال الحافظ : " صدوق فيه لين " . و أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " ( 653 ) من طريق سعيد بن زيد عن سنان به نحوه , و فيه أنه قال : " فدعا لي بثلاث , فدفنت مائة و ثلاثة , و إن ثمرتي لتطعم في السنة مرتين , و طالت حياتي حتى استحييت من الناس , و أرجو المغفرة " . و ترجم له بـ " باب من دعا بطول العمر " . و أصله في " صحيح البخاري " ( 11 / 122 - فتح ) و مسلم ( 2 / 128 ) من طريقين آخرين عن أنس دون ذكر العمر , و قد وهم مخرج " الأدب المفرد " حيث عزاه لمسلم دون البخاري , و دون أن ينبه على أن العمر ليس عندهما , و تقدم تخريجه برقم ( 140 و 141 ) و مع ذلك فقد ترجم له البخاري في " الصحيح " بقوله : " باب دعوة النبي صلى الله عليه وسلم لخادمه بطول العمر و بكثرة ماله " . فذكر الحافظ أن البخاري أشار بذلك إلى طريق سنان هذه . 2542 " يا سعد ! اتق أن تجيء يوم القيامة ببعير تحمله له رغاء " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 95 : أخرجه البزار في " مسنده " ( ص 92 - زوائده ) : حدثنا سعيد بن يحيى بن سعيد الأموي حدثنا أبي حدثنا يحيى بن سعيد الأنصاري عن نافع عن # ابن عمر #قال : " بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سعد بن عبادة مصدقا , فقال : ( فذكره ) . قال : لا آخذه , اعفني : فأعفاه " , و قال : " ما رواه هكذا إلا يحيى الأموي " . قلت : و هو ثقة من رجال الشيخين , و كذلك سائر الرواة , و لذلك قال الحافظ عقبه : " إسناده صحيح , و له شاهد من حديث ابن المسيب عن سعد نفسه " . و قال الهيثمي في " المجمع " ( 3 / 86 ) : " رواه البزار , و رجاله رجال الصحيح " . و الشاهد المشار إليه أخرجه أحمد ( 5 / 285 ) بإسناد رجاله ثقات رجال البخاري , إلا أن سعيد بن المسيب لم يدرك سعدا . و له شاهد آخر من حديث قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه ساعيا , فقال أبوه : لا تخرج حتى تحدث رسول الله صلى الله عليه وسلم عهدا , فلما أراد الخروج أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم , فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا قيس لا تأتي يوم القيامة على رقبتك بعير له رغاء , أو بقرة لها خوار , أو شاة لها يعار , و لا تكن كأبي رغال " الحديث . أخرجه البيهقي ( 4 / 157 ) عن هشام بن سعد بسنده عن قيس . قلت : و هذا إسناد حسن , للخلاف المعروف في هشام , و قد جعل قيسا في القصة مكان أبيه سعد , فإن كان حفظه , و إلا فالصواب ما في الروايتين السابقتين أنه سعد . 2543 " لا يفتح الإنسان على نفسه باب مسألة إلا فتح الله عليه باب فقر , يأخذ الرجل حبله فيعمد إلى الجبل فيحتطب على ظهره فيأكل به خير له من أن يسأل الناس معطى أو ممنوعا " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 96 : أخرجه أحمد ( 2 / 418 ) : حدثنا قتيبة قال : حدثنا عبد العزيز بن محمد عن العلاء - يعني - ابن عبد الرحمن عن أبيه عن # أبي هريرة # أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فذكره . قلت : و هذا إسناد صحيح على شرط مسلم , و صححه ابن حبان ( 3378 - الإحسان ) . و عبد العزيز بن محمد هو الدراوردي فيه كلام لا يضر , و قد تابعه على الجملة الأولى منه محمد بن عبد الرحمن بن مجبر عن العلاء به . أخرجه أبو يعلى ( 6691 ) و ابن عدي ( 299 / 2 ) و قال : " و ابن مجبر مع ضعفه يكتب حديثه " . قلت : لكن كذبه مسلمة بن قاسم و الخطيب , فلا قيمة لمتابعته , فالعمدة على رواية الدراوردي . ثم وجدت له متابعا قويا من رواية محمد بن جعفر عن العلاء به . أخرجه الطبري في " التهذيب " ( مسند عمر - 19 / 25 ) , فصح الحديث و الحمد لله . و للطرف الأول منه طريق آخر يرويه الطبري ( 20 / 26 ) و الأصبهاني ( 72 / 2 ) عن ابن عجلان : حدثني سعيد عن أبي هريرة مرفوعا . و للشطر الثاني من الحديث طريق أخرى عن أبي هريرة نحوه . أخرجه الشيخان و غيرهما , و شاهد من حديث الزبير بن العوام . أخرجه البخاري و غيره , و هو مخرج في " تخريج الحلال " ( 157 ) . و للجملة الأولى شواهد من حديث عبد الرحمن بن عوف نفسه عند أحمد ( 1 / 193 ) و من حديث أبي كبشة الأنماري عنده أيضا ( 4 / 231 ) و الترمذي و صححه , و هو مخرج في " المشكاة " ( 5287 ) و من حديث أم سلمة , و فيه يونس ابن خباب , و هو ضعيف . و هو مخرج في " الروض النضير " ( 1192 ) . 2544 " بقي كلها غير كتفها " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 97 : أخرجه الترمذي ( 2 / 77 ) و أحمد ( 6 / 50 ) عن يحيى بن سعيد عن سفيان عن أبي إسحاق عن أبي ميسرة عن #عائشة # : أنهم ذبحوا شاة , فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ما بقي منها ? قالت : ما بقي منها إلا كتفها . قال : ... فذكره . و قال الترمذي : حديث صحيح , و أبو ميسرة هو الهمداني , اسمه عمرو بن شرحبيل " . قلت : هو ثقة عابد مخضرم من رجال الشيخين , و كذلك سائر رجاله ثقات من رجال الشيخين , و أبو إسحاق هو عمرو بن عبد الله السبيعي , و هو و إن كان رمي بالتدليس و الاختلاط , فإن سفيان - و هو الثوري - سمع منه قبل الاختلاط , و لعله كان لا يروي عنه إلا ما صرح بالتحديث كشعبة , فقد قالوا : الثوري أثبت الناس فيه . و للحديث طريق أخرى , و شاهد من حديث أبي هريرة . أما الطريق , فأخرجه أبو نعيم في " الحلية " ( 5 / 23 ) : حدثنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم حدثنا موسى بن إسحاق القاضي الأنصاري حدثنا عيسى بن عثمان حدثنا عمي يحيى بن عيسى حدثنا الأعمش عن طلحة عن مسروق عنها قالت : أهدي لنا شاة مشوية , فقسمتها إلا كتفها , فلما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكرت له . فقال : " بقي لكم إلا كتفها " , و قال : " غريب من حديث الأعمش عن طلحة , تفرد به يحيى بن عيسى " . قلت : و هو النهشلي الفاخوري , و هو صدوق يخطىء , و احتج به مسلم . و عيسى بن عثمان هو النهشلي الكسائي , و هو صدوق من شيوخ الترمذي . و موسى بن إسحاق الأنصاري القاضي , قال ابن أبي حاتم ( 4 / 1 / 135 ) : " سمعت عنه , و هو ثقة صدوق " . قلت : فالسند حسن لولا أنني لم أجد لشيخ أبي نعيم ترجمة الآن . و أما الشاهد , فقال البزار ( ص 99 - مختصر الزوائد ) : حدثنا علي بن محمد حدثنا عمرو بن العباس : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن معاوية بن صالح عن أبي مريم عن أبي هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أن تذبح شاة فيقسمها بين الجيران , قال : فذبحتها , فقسمتها بين الجيران , و رفعت الذراع إلى النبي صلى الله عليه وسلم , و كان أحب الشاة إليه الذراع , فلما جاء النبي صلى الله عليه وسلم قالت عائشة : ما بقي عندنا منها إلا الذراع . قال : " كلها بقي إلا الذراع " . و قال المختصر و هو ابن حجر : " إسناده حسن " . و قال الهيثمي في " المجمع " ( 3 / 109 ) : " رواه البزار , و رجاله ثقات " . قلت : و رجاله كلهم ثقات معروفون من رجال " التهذيب " غير علي بن محمد , فلم أعرفه الآن . ثم رأيت حديث الترجمة في " المستدرك " ( 4 / 136 ) مختصرا من طريق إسرائيل عن أبي إسحاق به عن عائشة قالت : " كانت لنا شاة فخشينا أن تموت , فقتلناها و قسمناها إلا كتفها " . و قال : " صحيح الإسناد " . و وافقه الذهبي . 2545 " إن الله تبارك و تعالى لا يقبل توبة عبد كفر بعد إسلامه " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 99 : أخرجه أحمد ( 4 / 446 و 5 / 2 و 3 ) من طريق أبي قزعة الباهلي عن #حكيم بن معاوية عن أبيه #قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : فذكره . قلت : و هذا إسناد صحيح , رجاله كلهم ثقات , و اسم أبي قزعة سويد بن حجير . و في لفظ له : " لا يقبل الله عز وجل من أحد توبة أشرك بعد إسلامه " . و تابعه عليه بهز بن حكيم عن أبيه به , إلا أنه قال : " عملا " مكان : " توبة " . أخرجه أحمد ( 5 / 5 ) . قلت : و بهز ثقة حجة , لاسيما في روايته عن أبيه , و فيها ما يفسر رواية أبي قزعة , و يزيل الإشكال الوارد على ظاهرها , فهي في ذلك كقوله تعالى : *( إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرا لن تقبل توبتهم )* ( آل عمران : 90 ) و لذلك أشكلت على كثير من المفسرين , لأنها بظاهرها مخالفة لما هو معلوم من الدين بالضرورة من قبول توبة الكافر , و من الأدلة على ذلك قوله تعالى قبل الآية المذكورة : *( كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم )* إلى قوله : *( أولئك جزاؤهم أن عليهم لعنة الله و الملائكة و الناس أجمعين . خالدين فيها ... )* إلى قوله : *( إلا الذين تابوا من بعد ذلك و أصلحوا فإن الله غفور رحيم )* ( آل عمران : 86 - 89 ) فاضطربت أقوال المفسرين في التوفيق بين الآيتين , و إزالة الإشكال على أقوال كثيرة لا مجال لذكرها الآن , و إنما أذكر منها ما تأيد برواية بهز هذه , فإنها كما فسرت رواية أبي قزعة فهي أيضا تفسر الآية و تزيل الإشكال عنها . فكما أن معنى قوله في الحديث : " لا يقبل توبة عبد كفر بعد إسلامه " , أي توبته من ذنب في أثناء كفره , لأن التوبة من الذنب عمل , و الشرك يحبطه كما قال تعالى : *( لئن أشركت ليحبطن عملك )* ( الزمر : 65 ) فكذلك قوله تعالى في الآية : *( لن تقبل توبتهم )* , أي من ذنوبهم , و ليس من كفرهم . و بهذا فسرها بعض السلف , فجاء في " تفسير روح المعاني " للعلامة الآلوسي ( 1 / 624 ) ما نصه بعد أن ذكر بعض الأقوال المشار إليها : " و قيل : إن هذه التوبة لم تكن عن الكفر , و إنما هي عن ذنوب كانوا يفعلونها معه , فتابوا عنها مع إصرارهم على الكفر , فردت عليهم لذلك , و يؤيده ما أخرجه ابن جرير <1>عن أبي العالية قال : هؤلاء اليهود و النصارى كفروا بعد إيمانهم , ثم ازدادوا كفرا بذنوب أذنبوها , ثم ذهبوا يتوبون من تلك الذنوب في كفرهم , فلم تقبل توبتهم , و لو كانوا على الهدى قبلت , و لكنهم على ضلالة " . قلت : و هذا هو الذي اختاره إمام المفسرين ابن جرير رحمه الله تعالى , فليراجع كلامه من أراد زيادة تبصر و بيان1> . ----------------------------------------------------------- [1] أخرجه في تفسيره ( 6 / 579 رقم 7376 - 7381 ) من طرق عن داود بن أبي هند عن أبي العالية بنحوه , و السياق المذكور لفقه الآلوسي من مجموع الطرق , فتنبه . اهـ . 2546 " اشووا لنا منه , فقد بلغ محله " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 101 : أخرجه أبو يعلى ( 2 / 796 ) و من طريقه الضياء في " الأحاديث المختارة " ( ق 194 / 2 ) : حدثنا محمد بن يحيى بن أبي سمينة السامي أخبرنا وكيع عن شعبة عن قتادة عن #أنس #: أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل بيت عائشة فرأى لحما , فقال : اشووا لنا منه . فقالوا يا رسول الله ! إنها صدقة . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ... " فذكره . قلت : و هذا إسناد صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين غير ابن أبي سمينة و هو التمار البغدادي , ثقة . و لكني لم أجد من قال فيه ( السامي ) <1>. 1>و الله أعلم ثم رواه ( 2 / 823 ) من طريق أبي داود قال : أنبأنا شعبة به نحوه بلفظ : " هو عليها صدقة , و لنا هدية " . و هو بهذا اللفظ في " الصحيحين " و غيرهما . ----------------------------------------------------------- [1] و وقع في " مسند أبي يعلى " ( 3078 ) المطبوع : " الشامي " ! و هو بغدادي ! . اهـ . 2547 " إن الله إذا استودع شيئا حفظه " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 102 : أخرجه النسائي في " عمل اليوم " ( 509 ) و ابن حبان ( 2376 - الموارد ) و البيهقي ( 9 / 173 ) و الطبراني ( 3 / 206 / 2 ) و علي بن المفضل المقدسي في " الأربعين في فضل الدعاء و الداعين " ( 5 / 250 / 1 ) عن محمد بن عائذ الدمشقي : أخبرنا الهيثم بن حميد عن المطعم بن المقدام عن مجاهد قال : خرجت إلى العراق , و شيعنا #عبد الله بن عمر # , فلما فارقنا قال : إني ليس عندي شيء أعطيكم , و لكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( فذكره ) , و إني أستودع الله دينكم و أمانتكم و خواتيم أعمالكم . قلت : و هذا إسناد جيد , رجاله كلهم ثقات , على ضعف يسير في الهيثم بن حميد . و له شاهد من حديث عمر رضي الله عنه , أخرجه عبد الوهاب بن أحمد أبو الحسين في " حديث أبي بكر بن أبي الحديد " ( ق 191 / 2 ) عن نهشل الضبي عن أبي غالب أو أبي قزعة أو عن كلاهما عنه مرفوعا . قلت : هكذا وجدته بخطي عن المصدر المذكور , و يبدو أن فيه سقطا و زيادة فقد أخرجه الإمام أحمد ( 2 / 87 ) من طريق سفيان عن نهشل بن مجمع عن قزعة عن ابن عمر قال : " إن لقمان الحكيم كان يقول : ( فذكر حديث الترجمة ) و قال مرة نهشل عن قزعة أو عن أبي غالب " . ثم أخرجه أحمد من طريق أخرى عن سفيان : أخبرني نهشل بن مجمع الضبي - قال : و كان مرضيا - عن قزعة قال : أنبأنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لقمان ... الحديث . قلت : و هذا سند صحيح لولا أن نهشلا تردد بين قزعة و أبي غالب , و قزعة ثقة , و أبو غالب مجهول , و لا يجوز ترجيح أحد طرفي التردد على الآخر إلا بمرجح , و هذا ما لم نجده حتى الآن , و لذلك كنت أوردته في " الضعيفة " ( 3191 ) و أوضحت السبب هناك . و أزيد هنا فأقول : إن في رواية نهشل هذه أن الحديث هو من قول لقمان الحكيم , و هذه زيادة على رواية مجاهد التي ظاهرها أنها من قوله صلى الله عليه وسلم , و الزيادة على الثقة لا تقبل إلا من ثقة مثله و هذا معدوم هنا . فتنبه . و في معنا الحديث ما أخرجه النسائي في " عمل اليوم و الليلة " ( 508 ) و كذا ابن السني من طريق الليث بن سعد و سعيد بن أبي أيوب عن الحسن بن ثوبان أنه سمع موسى بن وردان يقول : أتيت أبا هريرة أودعه لسفر أردته فقال أبو هريرة رضي الله عنه : ألا أعلمك يا ابن أخي شيئا علمنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم أقوله عند الوداع ? قلت : بلى . قال : قل : أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه . قلت : و هذا إسناد حسن . و أخرجه أحمد ( 2 / 403 ) لكنه لم يذكر سعيد ابن أبي أيوب في إسناده . و تابعهما ابن لهيعة عن الحسن بن ثوبان به , إلا أنه قال : " ألا أعلمك كلمات علمنيهن رسول الله صلى الله عليه وسلم , إذا أردت سفرا أو تخرج مكانا , تقول لأهلك .. " , فذكره . أخرجه ابن السني ( 501 ) و ابن ماجه ( 2825 ) مختصرا , و أحمد ( 2 / 358 ) بلفظ : " أستودع الله دينك و أمانتك و خواتيم عملك " . و ابن لهيعة سيىء الحفظ فلا يحتج به إلا فيما وافق الثقات و اللفظ الذي قبله أصح . انظر الحديث المتقدم ( 16 ) . 2548 " ما من ذي رحم يأتي رحمه فيسأله فضلا أعطاه الله إياه فيبخل عليه إلا أخرج له يوم القيامة من جهنم حية يقال لها : شجاع , يتلمظ , فيطوق به " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 104 : أخرجه الطبراني في " الكبير " ( 1 / 235 / 2 - النسخة العتيقة ) و " الأوسط " ( 2 / 42 / 1 / 5723 ) عن عبد الله بن أبي زياد القطواني : أخبرنا إسحاق بن الربيع العصفري عن داود بن أبي هند عن عامر الشعبي عن # جرير بن عبد الله #عن النبي صلى الله عليه وسلم . قلت : و هذا إسناد حسن , رجاله ثقات غير العصفري , و قد روى عنه جمع آخر من الثقات غير القطواني , قال الذهبي : " ذكره ابن عدي , و ساق له حديثين غريبين , متن الواحد : " كل معروف صدقة " . رواه عنه أحمد بن بديل , و إسحاق صدوق إن شاء الله " . و أقره الحافظ في " التهذيب " . و أما في " التقريب " فقال : " مقبول " . و قال المنذري ( 2 / 33 ) , ثم الهيثمي ( 8 / 154 ) : " رواه الطبراني في " الأوسط " و " الكبير " بإسناد جيد " . و للحديث شواهد عند المنذري أحدها في " سنن أبي داود " تقدم تخريجه برقم ( 2438 ) . 2549 " أحسن ابن الخطاب " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 105 : أخرجه أحمد ( 5 / 368 ) : حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن الأزرقبن قيس عن عبد الله بن رباح عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى العصر , فقام رجل يصلي , فرآه عمر , فقال له : اجلس , فإنما هلك أهل الكتاب أنه لم يكن لصلاتهم فصل . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره . قلت : و هذا إسناد صحيح رجاله ثقات رجال البخاري , و جهالة الصحابي لا تضر , و هو أبو رمثة كما في رواية أبي داود ( 1007 ) من طريق المنهال بن خليفة عن الأزرق بن قيس به نحوه . و المنهال ضعيف . و للحديث شاهد من حديث معاوية رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أن لا توصل صلاة بصلاة حتى يتكلم أو يخرج . رواه مسلم و غيره , و هو مخرج في " صحيح أبي داود " ( 1034 ) . و الحديث نص صريح في تحريم المبادرة إلى صلاة السنة بعد الفريضة دون تكلم أو خروج , كما يفعله كثير من الأعاجم و بخاصة منهم الأتراك , فإننا نراهم في الحرمين الشريفين لا يكاد الإمام يسلم من الفريضة إلا بادر هؤلاء من هنا و هناك قياما إلى السنة ! و في الحديث فائدة أخرى هامة , و هي جواز الصلاة بعد العصر , لأنه لو كان غير جائز , لأنكر ذلك على الرجل أيضا كما هو ظاهر , و هو مطابق لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي بعد العصر ركعتين , و يدل على أن ذلك ليس من خصوصياته صلى الله عليه وسلم , و ما صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : " لا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس " محمول على ما إذا كانت الشمس مصفرة , لأحاديث صحت مقيدة بذلك . و قد سبق تخريج بعضها مع الكلام عليها من الناحية الفقهية تحت الحديث ( 200 و 314 ) . 2550 " يا أيها الناس ! لا ترفعوني فوق قدري , فإن الله اتخذني عبدا قبل أن يتخذني نبيا " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 106 : أخرجه الحاكم ( 3 / 179 ) من طريق علي بن قادم : حدثنا عبد السلام بن حرب عن يحيى ابن سعيد قال : كنا عند علي بن # الحسين # فجاء قوم من الكوفيين , فقال علي : يا أهل العراق أحبونا حب الإسلام , سمعت أبي يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره . فذكرته لسعيد بن المسيب , فقال : و بعدما اتخذه نبيا . و قال : " صحيح الإسناد " . و وافقه الذهبي . قلت : و هو كما قالا . 2551 " ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة و إنه ليدنو , ثم يباهي بهم الملائكة , فيقول : ما أراد هؤلاء ? " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 106 : أخرجه مسلم ( 4 / 107 ) و النسائي ( 2 / 44 ) و في " الكبرى " أيضا ( ق 83 / 1 ) و ابن ماجه ( 3014 ) و الدارقطني في " سننه " ( ص 289 ) و كذا البيهقي ( 5 / 118 ) و ابن عساكر في جزء " فضل عرفة " ( ق 2 / 2 ) كلهم من طريق مخرمة بن بكير عن أبيه قال : سمعت يونس بن يوسف يحدث عن سعيد بن المسيب عن #عائشة #أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فذكره . ( تنبيه ) : قد وقع لبعض العلماء بعض الأوهام في متن الحديث , فوجب بيانها ليكون القراء على حذر منها : أولا : قال المنذري في " الترغيب " ( 2 / 129 ) بعدما عزاه لمسلم و النسائي و ابن ماجه : " و زاد رزين في " جامعه " فيه : اشهدوا ملائكتي ! أني قد غفرت لهم " . فأقول : هذه الزيادة لا أصل لها في شيء من روايات الحديث التى وقفت عليها , و قد ذكرت آنفا مخرجيها , و إنما رويت هذه الزيادة من حديث جابر رضي الله عنه , لكن فيه عنعنة أبي الزبير , مع الاختلاف عليه في لفظه , و لذلك أوردته في الكتاب الآخر ( 679 ) و هو شاهد قوي لحديث الترجمة , دون قوله : " فيقول : ما أراد هؤلاء ? " , و فيه : " ينزل الله إلى السماء الدنيا " , بدل قوله : " و إنه ليدنو " . و إنا لنعهد من رزين أنه كثيرا ما يخلط بين حديث و حديث يختلفان في المخرج , فيسوق أحدهما ثم يضم إليه زيادة من حديث آخر , دون أن يشير إلى ذلك , و قد تكون زيادة لا أصل لها في شيء من طرق الحديث . و الله أعلم . ثانيا : أورد السيوطي حديث الترجمة في " الجامع الكبير " من رواية مسلم و النسائي و ابن ماجه أيضا بلفظ : " عبدا أو أمة " . فهذه الزيادة " أو أمة " لا أصل لها أيضا عندهم , و لا عند غيرهم ممن أخرج الحديث . و انطلى أمرها على صاحب " الفتح الكبير في ضم الزيادة إلى الجامع الصغير " , و علي أيضا حينما جعلت " الفتح " قسمين : " صحيح الجامع الصغير و زيادته " و " ضعيف الجامع الصغير و زيادته " , فأوردت الحديث في القسم الأول برقم ( 5672 ) , فمن كان عنده فليعلق عليه بما يدل على أن هذه الزيادة لا أصل لها . ثالثا : جاء الحديث في " الترغيب " ( 2 / 129 - الطبعة المنيرية ) برواية الثلاثة المذكورين أيضا بلفظ " عبيدا " بصيغة الجمع , و كذلك وقع في سائر النسخ المطبوعة , منها مطبوعة مصطفى عمارة , و يظهر أنه خطأ قديم لعله من المؤلف نفسه , فقد جاء كذلك في مخطوطة الظاهرية ( ق 139 / 1 ) , و نبه عليه الحافظ الناجي , فقال في " العجالة " ( 133 / 2 ) : " كذا وجد في أكثر نسخنا , و إنما هو " عبدا " بالإفراد " . رابعا : وقع في " الترغيب " أيضا بلفظ : " ليدنو يتجلى " بهذه الزيادة : " يتجلى " . و كذلك وقع فيما سبقت الإشارة إليه من الطبعات و النسخ , و هي زيادة منكرة لا أصل لها أيضا في شيء من طرق الحديث و رواياته , و لا أدري إذا مر عليه الناجي فلم يعلق عليه بشيء , أو أنها لم تقع في نسخته من " الترغيب " , غالب الظن الأول , و ليس كتابه في متناول يدي الآن , لترجيح أحد الاحتمالين . و هذا الخطأ عندي أسوأ من الذي قبله لأنه مغير لمعنى الحديث , لأنه تفسير للدنو بالتجلي , و هذا إنما يجري على قاعدة الخلف و علماء الكلام في تأويل أحاديث الصفات , خلافا لطريقة السلف رضي الله عنهم , كما خالفوهم في تأويل أحاديث نزول الله تعالى إلى السماء الدنيا <1>بأن المعنى نزول رحمته . و هذا كله مخالف لما كان عليه السلف من تفسير النصوص على ظاهرها دون تأويل أو تشبيه كما قال تعالى : *( ليس كمثله شيء و هو السميع البصير1> )* ( الشورى : 11 ) , فنزوله نزول حقيقي يليق بجلاله لا يشبه نزول المخلوقين , و كذلك دنوه عز وجل دنو حقيقي يليق بعظمته , و خاص بعباده المتقربين إليه بطاعته , و وقوفهم بعرفة تلبية لدعوته عز وجل . فهذا هو مذهب السلف في النزول و الدنو , فكن على علم بذلك حتى لا تنحرف مع المنحرفين عن مذهبهم . و تجد تفصيل هذا الإجمال و تحقيق القول فيه في كتب شيخ الإسلام ابن تيمية , و بخاصة منها " مجموعة الفتاوى " , فراجع مثلا ( ج 5 / 464 - 478 ) . و قد أورد الحديث على الصواب فيها ( ص 373 ) و استدل به على نزوله تعالى بذاته عشية عرفة , و بحديث جابر المشار إليه آنفا . ----------------------------------------------------------- [1] و هي أحاديث كثيرة متواترة , خرجت طائفة كبيرة منها في " الإرواء " ( 449 ) , و في " تخريج السنة " لابن أبي عاصم ( 492 - 513 ) . اهـ . 2552 " إن الله عز وجل أنزل : *( و من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون )* و *( أولئك هم الظالمون )* و *( أولئك هم الفاسقون )* . قال ابن عباس : أنزلها الله في الطائفتين من اليهود , و كانت إحداهما قد قهرت الأخرى في الجاهلية حتى ارتضوا و اصطلحوا على أن كل قتيل قتله ( العزيزة ) من ( الذليلة ) فديته خمسون وسقا , و كل قتيل قتله ( الذليلة ) من ( العزيزة ) فديته مائة وسق , فكانوا على ذلك , حتى قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة , فذلت الطائفتان كلتاهما لمقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم , و يؤمئذ لم يظهر و لم يوطئهما عليه <1>و هو في الصلح , فقتلت الذليلة من العزيزة قتيلا , فأرسلت ( العزيزة ) إلى1> ( الذليلة ) أن ابعثوا إلينا بمائة وسق , فقالت ( الذليلة ) : و هل كان هذا في حيين قط دينهما واحد , و نسبهما واحد , و بلدهما واحد , دية بعضهم نصف دية بعض ? ! إنا إنما أعطيناكم هذا ضيما منكم لنا , و فرقا منكم , فأما إذ قدم محمد فلا نعطيكم ذلك , فكادت الحرب تهيج بينهما , ثم ارتضوا على أن يجعلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما , ثم ذكرت ( العزيزة ) فقالت : والله ما محمد بمعطيكم منهم ضعف ما يعطيهم منكم , و لقد صدقوا , ما أعطونا هذا إلا ضيما منا و قهرا لهم , فدسوا إلى محمد من يخبر لكم رأيه , إن أعطاكم ما تريدون حكمتموه و إن لم يعطكم حذرتم فلم تحكموه . فدسوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ناسا من المنافقين ليخبروا لهم رأي رسول الله صلى الله عليه وسلم , فلما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبر الله رسوله بأمرهم كله و ما أرادوا , فأنزل الله عز وجل : *( يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر من الذين قالوا : آمنا )* إلى قوله : *( و من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون )* , ثم قال : فيهما والله نزلت , و إياهما عنى الله عز وجل " . ----------------------------------------------------------- [1] لفظ الطبراني : " و رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤمئذ لم يظهر عليهم و لم يوطئهما , و هو الصلح " . اهـ . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 110 : أخرجه أحمد ( 1 / 246 ) و الطبراني في " المعجم الكبير " ( 3 / 95 / 1 ) من طريق عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن #ابن عباس # قال : فذكره . و عزاه السيوطي في " الدر المنثور " ( 2 / 281 ) لأبي داود أيضا و ابن جرير و ابن المنذر و أبي الشيخ و ابن مردويه عن ابن عباس , و هو عند ابن جرير في " التفسير " ( 12037 ج 10 / 352 ) من هذا الوجه , لكنه لم يذكر في إسناده ابن عباس . و عند أبي داود ( 3576 ) نزول الآيات الثلاث في اليهود خاصة في قريظة و النضير . فقط خلافا لما يوهمه قول ابن كثير في " التفسير " ( 6 / 160 ) بعد ما ساق رواية أحمد هذه المطولة : " و رواه أبو داود من حديث ابن أبي الزناد عن أبيه نحوه " ! و قد نقل عنه صاحب " الروض الباسم في الذب عن سنة أبي القاسم " أنه حسن إسناده . و لم أر هذا في كتابه : " التفسير " , فلعله في بعض كتبه الأخرى . و تحسين هذا الإسناد هو الذي تقتضيه قواعد هذا العلم الشريف , فإن مداره على عبد الرحمن بن أبي الزناد , و هو كما قال الحافظ : " صدوق , تغير حفظه لما قدم بغداد , و كان فقيها " . فقول الهيثمي ( 7 / 16 ) : " رواه أحمد و الطبراني بنحوه , و فيه عبد الرحمن بن أبي الزناد , و هو ضعيف , و قد وثق , و بقية رجال أحمد ثقات " . قلت : فقوله فيه : " ضعيف , و قد وثق " ليس بجيد لأنه يرجح قول من ضعفه على قول من وثقه , و الحق أنه وسط حسن الحديث , إلا أن يخالف و هذا مما لا يستفاد من قوله المذكور فيه . و الله أعلم . ( فائدة هامة ) : إذا علمت أن الآيات الثلاث : *( و من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون )* , *( فأولئك هم الظالمون )* , *( فأولئك هم الفاسقون )* نزلت في اليهود و قولهم في حكمه صلى الله عليه وسلم : " إن أعطاكم ما تريدون حكمتموه , و إن لم يعطكم حذرتم فلم تحكموه " , و قد أشار القرآن إلى قولهم هذا قبل هذه الآيات فقال : *( يقولون إن أوتيتم هذا فخذوه , و إن لم تؤتوه فاحذروا )* , إذا عرفت هذا , فلا يجوز حمل هذه الآيات على بعض الحكام المسلمين و قضاتهم الذين يحكمون بغير ما أنزل الله من القوانين الأرضية , أقول : لا يجوز تكفيرهم بذلك , و إخراجهم من الملة إذا كانوا مؤمنين بالله و رسوله , و إن كانوا مجرمين بحكمهم بغير ما أنزل الله , لا يجوز ذلك , لأنهم و إن كانوا كاليهود من جهة حكمهم المذكور , فهم مخالفون لهم من جهة أخرى , ألا و هي إيمانهم و تصديقهم بما أنزل الله , بخلاف اليهود الكفار , فإنهم كانوا جاحدين له كما يدل عليه قولهم المتقدم : " ... و إن لم يعطكم حذرتموه فلم تحكموه " , بالإضافة إلى أنهم ليسوا مسلمين أصلا , و سر هذا أن الكفر قسمان : اعتقادي و عملي . فالاعتقادي مقره القلب . و العملي محله الجوارح . فمن كان عمله كفرا لمخالفته للشرع , و كان مطابقا لما وقر في قلبه من الكفر به , فهو الكفر الاعتقادي , و هو الكفر الذي لا يغفره الله , و يخلد صاحبه في النار أبدا . و أما إذا كان مخالفا لما وقر في قلبه , فهو مؤمن بحكم ربه , و لكنه يخالفه بعمله , فكفره كفر عملي فقط , و ليس كفرا اعتقاديا , فهو تحت مشيئة الله تعالى إن شاء عذبه , و إن شاء غفر له , و على هذا النوع من الكفر تحمل الأحاديث التي فيها إطلاق الكفر على من فعل شيئا من المعاصي من المسلمين , و لا بأس من ذكر بعضها : 1 - اثنتان في الناس هما بهم كفر , الطعن في الأنساب و النياحة على الميت . رواه مسلم . <1>2 - 1>الجدال في القرآن كفر . <2>3 - 2>سباب المسلم فسوق , و قتاله كفر . رواه مسلم . <3>4 - 3>كفر بالله تبرؤ من نسب و إن دق . <4>5 - 4>التحدث بنعمة الله شكر , و تركها كفر . <5>6 - 5>لا ترجعوا بعدي كفارا , يضرب بعضكم رقاب بعض . متفق عليه . <6>6>إلى غير ذلك من الأحاديث الكثيرة التي لا مجال الآن لاستقصائها . فمن قام من المسلمين بشيء من هذه المعاصي , فكفره كفر عملي , أي إنه يعمل عمل الكفار , إلا أن يستحلها , و لا يرى كونها معصية فهو حينئذ كافر حلال الدم , لأنه شارك الكفار في عقيدتهم أيضا , و الحكم بغير ما أنزل الله , لا يخرج عن هذه القاعدة أبدا , و قد جاء عن السلف ما يدعمها , و هو قولهم في تفسير الآية : " كفر دون كفر " , صح ذلك عن ترجمان القرآن عبد الله بن عباس رضي الله عنه , ثم تلقاه عنه بعض التابعين و غيرهم , و لابد من ذكر ما تيسر لي عنهم لعل في ذلك إنارة للسبيل أمام من ضل اليوم في هذه المسألة الخطيرة , و نحا نحو الخوارج الذين يكفرون المسلمين بارتكابهم المعاصي , و إن كانوا يصلون و يصومون ! 1 - روى ابن جرير الطبري ( 10 / 355 / 12053 ) بإسناد صحيح عن ابن عباس : *( و من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون )* قال : هي به كفر , و ليس كفرا بالله و ملائكته و كتبه و رسله . 2 - و في رواية عنه في هذه الآية : إنه ليس بالكفر الذي يذهبون إليه <7>7>, إنه ليس كفرا ينقل عن الملة , كفر دون كفر . أخرجه الحاكم ( 2 / 313 ) و قال : " صحيح الإسناد " . و وافقه الذهبي , و حقهما أن يقولا : على شرط الشيخين . فإن إسناده كذلك . ثم رأيت الحافظ ابن كثير نقل في " تفسيره " ( 6 / 163 ) عن الحاكم أنه قال : " صحيح على شرط الشيخين " , فالظاهر أن في نسخة " المستدرك " المطبوعة سقطا , و عزاه ابن كثير لابن أبي حاتم أيضا ببعض اختصار . 3 - و في أخرى عنه من رواية علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال : من جحد ما أنزل الله فقد كفر , و من أقر به و لم يحكم فهو ظالم فاسق . أخرجه ابن جرير ( 12063 ) . قلت : و ابن أبي طلحة لم يسمع من ابن عباس , لكنه جيد في الشواهد . 4 - ثم روى ( 12047 - 12051 ) عن عطاء بن أبي رباح قوله : ( و ذكر الآيات الثلاث ) : كفر دون كفر , و فسق دون فسق , و ظلم دون ظلم . و إسناده صحيح . 5 - ثم روى ( 12052 ) عن سعيد المكي عن طاووس ( و ذكر الآية ) قال : ليس بكفر ينقل عن الملة . و إسناده صحيح , و سعيد هذا هو ابن زياد الشيباني المكي , وثقه ابن معين و العجلي و ابن حبان و غيرهم , و روى عنه جمع . 6 - و روى ( 12025 و 12026 ) من طريقين عن عمران بن حدير قال : أتى أبا مجلز <8>ناس من بني عمرو بن سدوس ( و في الطريق الأخرى : نفر من الإباضية8> ) <9>9>فقالوا : أرأيت قول الله : *( و من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون )* أحق هو ? قال : نعم . قالوا : *( و من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون )* أحق هو ? قال : نعم . قالوا : *( و من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون )* أحق هو ? قال : نعم . قال : فقالوا : يا أبا مجلز فيحكم هؤلاء بما أنزل الله ? قال : هو دينهم الذي يدينون به , و به يقولون و إليه يدعون - [ يعني الأمراء ] - فإن هم تركوا شيئا منه عرفوا أنهم أصابوا ذنبا . فقالوا : لا والله , و لكنك تفرق <10>10>. قال : أنتم أولى بهذا مني ! لا أرى , و إنكم أنتم ترون هذا و لا تحرجون , و لكنها أنزلت في اليهود و النصارى و أهل الشرك . أو نحوا من هذا , و إسناده صحيح . و قد اختلف العلماء في تفسير الكفر في الآية الأولى على خمسة أقوال ساقها ابن جرير ( 10 / 346 - 357 ) بأسانيده إلى قائليها , ثم ختم ذلك بقوله ( 10 / 358 ): " و أولى هذه الأقوال عندي بالصواب قول من قال : نزلت هذه الآيات في كفار أهل الكتاب , لأن ما قبلها و ما بعدها من الآيات ففيهم نزلت , و هم المعنيون بها , و هذه الآيات سياق الخبر عنهم , فكونها خبرا عنهم أولى . فإن قال قائل : فإن الله تعالى ذكره قد عم بالخبر بذلك عن جميع من لم يحكم بما أنزل الله , فكيف جعلته خاصا ? قيل : إن الله تعالى عم بالخبر بذلك عن قوم كانوا بحكم الله الذي حكم به في كتابه جاحدين , فأخبر عنهم أنهم بتركهم الحكم - على سبيل ما تركوه - كافرون . و كذلك القول في كل من لم يحكم بما أنزل الله جاحدا به هو بالله كافر , كما قال ابن عباس , لأنه بجحوده حكم الله بعد علمه أنه أنزله في كتابه , نظير جحوده نبوة نبيه بعد علمه أنه نبي " . و جملة القول أن الآية نزلت في اليهود الجاحدين لما أنزل الله , فمن شاركهم في الجحد , فهو كافر كفرا اعتقاديا , و من لم يشاركهم في الجحد فكفره عملي لأنه عمل عملهم , فهو بذلك مجرم آثم , و لكن لا يخرج بذلك عن الملة كما تقدم عن ابن عباس رضي الله عنه . و قد شرح هذه و زاده بيانا الإمام الحافظ أبو عبيد القاسم ابن سلام في " كتاب الإيمان " " باب الخروج من الإيمان بالمعاصي " ( ص 84 - 87 - بتحقيقي ) , فليراجعه من شاء المزيد من التحقيق . و بعد كتابة ما سبق , رأيت شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يقول في تفسير آية الحكم المتقدمة في " مجموع الفتاوي " ( 3 / 268 ) : " أي هو المستحل للحكم بغير ما أنزل الله " . ثم ذكر ( 7 / 254 ) أن الإمام أحمد سئل عن الكفر المذكور فيها ? فقال : كفر لا ينقل عن الإيمان , مثل الإيمان بعضه دون بعض , فكذلك الكفر , حتى يجيء من ذلك أمر لا يختلف فيه . و قال ( 7 / 312 ) : " و إذا كان من قول السلف أن الإنسان يكون فيه إيمان و نفاق , فكذلك في قولهم أنه يكون فيه إيمان و كفر , و ليس هو الكفر الذي ينقل عن الملة , كما قال ابن عباس و أصحابه في قوله تعالى : *( و من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون )* , قالوا : كفرا لا ينقل عن الملة . و قد اتبعهم على ذلك أحمد و غيره من أئمة السنة " . ----------------------------------------------------------- [1] تخريج " الطحاوية " ( ص 298 ) . [2] " صحيح الجامع الصغير " ( 3 / 83 / 3101 ) . [3] تخريج " الإيمان " لأبي عبيد ( ص 86 ) , و تخريج " الحلال " ( رقم 341 ) . [4] " الروض النضير " ( رقم 587 ) . [5] " الأحاديث الصحيحة " ( رقم 667 ) [6] " الروض النضير " ( رقم 797 ) , و " الأحاديث الصحيحة " رقم ( 1974 ) . [7] كأنه يشير إلى الخوارج الذين خرجوا على علي رضي الله عنه . [8] من كبار ثقات التابعين و اسمه لاحق بن حميد البصري . [9] طائفة من الخوارج . [10] أي : تجزع و تخاف . 2553 " من خرج حاجا فمات كتب الله له أجر الحاج إلى يوم القيامة , و من خرج معتمرا فمات كتب الله له أجر المعتمر إلى يوم القيامة , و من خرج غازيا في سبيل الله فمات كتب الله له أجر الغازي إلى يوم القيامة " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 116 : أخرجه أبو يعلى في " مسنده " ( 4 / 1505 ) : حدثنا إبراهيم بن زياد - سبلان - : أخبرنا أبو معاوية أخبرنا محمد بن إسحاق عن جميل بن أبي ميمونة عن عطاء بن يزيد الليثي عن #أبي هريرة #قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره . و تابع أبا يعلى , الحافظ الطبراني في " الأوسط " ( 2 / 24 / 2 / 5454 ) : حدثنا محمد ابن السري قال : أخبرنا إبراهيم بن زياد - سبلان - به . و قال : " تفرد به أبو معاوية " . و من طريقه أخرجه ابن أبي حاتم في " العلل " ( 1 / 326 - 327 ) و البيهقي في " الشعب " ( 3 / 474 ) . قلت : و هذا إسناد فيه علتان : الأولى : جهالة حال جميل بن أبي ميمونة , فقد أورده ابن أبي حاتم عن أبيه من روايته عن ابن أبي زكريا الخزاعي . و عنه محمد بن إسحاق ثم قال : " و روى عن سعيد بن المسيب . روى عنه الليث بن سعد " . و به أعله الهيثمي , فقال ( 3 / 209 ) : " رواه الطبراني في " الأوسط " , و فيه جميل بن أبي ميمونة , و قد ذكره ابن أبي حاتم , و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا , و ذكره ابن حبان في ( الثقات ) " . و الأخرى : عنعنة ابن إسحاق , و بها أعله المنذري تلميحا , فقال ( 2 / 166 ) : " رواه أبو يعلى من رواية محمد بن إسحاق , و بقية إسناده ثقات " . قلت : و قد وجدت له إسنادا آخر عن الليثي , فقال يحيى بن صاعد في " مجلسان من الأمالي " ( ق 51 / 2 ) : حدثنا عمرو بن علي قال : أخبرنا أبو معاوية الضرير قال : حدثنا هلال بن ميمون الفلسطيني عن عطاء بن يزيد الليثي به . و أخرجه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " ( 2 / 21 ) من طريق ابن صاعد به , لكنه قال : " الواسطي " بدل " الفلسطيني " , و هو خطأ من الناسخ أو الطابع . قلت : و هذا إسناد جيد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير هلال بن ميمون الفلسطيني , وثقه ابن معين و ابن حبان , و قال النسائي : ليس به بأس . و أما أبو حاتم فقال : " ليس بالقوي , يكتب حديثه " . و قد أخرج له ابن حبان عدة أحاديث في " صحيحه " , و هذه أرقامها ( 1160 و 1746 و 2053 - و هو مكرر الذي قبله , 3183 - الإحسان ) و الأخيران رقمهما في " موارد الظمآن " ( 357 و 431 ) و أما حديث الرقم الأول فقد سقط منه , و قد استدركته في كتابي الجديد " صحيح موارد الظمآن " , و هو على وشك التمام إن شاء الله تعالى . بل هو تحت الطبع الآن يسر الله صدوره قريبا إن شاء الله . ( تنبيه ) : شيخ الطبراني المتابع لأبي يعلى هو محمد بن السري بن مهران الناقد البغدادي , ترجمه الخطيب ( 5 / 318 - 319 ) و وثقه . و قد ساق له الطبراني قبل هذا الحديث خمسة أحاديث أخرى نسبه فيها إلى جده ( مهران ) إلا في هذا , فكان ذلك سببا لوهم المعلق على " مجمع البحرين " , فإنه فسره ( 3 / 186 ) على أنه ( محمد بن السري بن سهل أبو بكر البزار ) الموثق عند الخطيب أيضا و غيره , و في ذلك دليل على أنه غير متقن لهذا العلم , لأن سبب وهمه أنه لم يتنبه أن الطبراني في " الأوسط " قد أورد حديثه هذا في آخر أحاديثه كما تقدم , و هو قد عزاه لـ " الأوسط " ! هذا أولا . و ثانيا : أنه لما رأى الخطيب قد ذكر في ترجمة ابن سهل هذا أنه من شيوخ الطبراني , تسرع فحكم بأنه هو , و لو أنه صبر و تابع البحث لوجد ما يحول بينه و بين الوهم . فإن الخطيب بعد ترجمة واحدة فقط ترجم لابن مهران هذا , و ذكر في شيوخه ( سبلان ) صاحب هذا الحديث . و عنه الطبراني !! 2554 " ما خالط قلب امرئ مسلم رهج <1>في سبيل الله إلا حرم الله عليه النار1> " . ----------------------------------------------------------- [1] أي : الغبار . اهـ . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 119 : أخرجه أحمد ( 6 / 85 ) : حدثنا أبو اليمان قال : حدثنا إسماعيل بن عياش عن الأوزاعي عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن # عائشة #: أن مكاتبا لها دخل عليها ببقية مكاتبته , فقالت له : أنت غير داخل علي غير مرتك هذه , فعليك بالجهاد في سبيل الله , فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : فذكره . قلت : و هذا إسناد صحيح , رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير إسماعيل بن عياش و هو ثقة في روايته عن الشاميين , و هذه منها . و قال المنذري ( 2 / 168 ) و تبعه الهيثمي ( 5 / 276 ) : " رواه أحمد , و رواته ثقات " . قلت : و أخرجه ابن أبي عاصم ( ق 84 / 2 ) من طريق سويد بن عبد العزيز : حدثنا الأوزاعي به . قلت : و قد وجدت له طريقا أخرى قد يعتضد به و يقوى , فقال الطبراني في " الأوسط " ( 2 / 124 - 125 - مصورة الجامعة الإسلامية ) : حدثنا هشيم بن خلف حدثنا محمد ابن عمار الموصلي حدثنا القاسم بن يزيد الجرمي عن صدقة بن عبد الله الدمشقي عن ابن جريج عن محمد بن زياد المدني عن فرات مولى عائشة قال : قالت عائشة : فذكره مرفوعا نحوه . قلت : و هذا إسناد ضعيف , صدقة بن عبد الله الدمشقي ضعيف كما قال الحافظ . و فرات مولى عائشة لم أعرفه , و لعل اسمه أصابه تحريف . و له طريق ثالث , فقال ابن أبي عاصم : حدثنا عمر بن يحيى الأيلي حدثنا حفص بن جميع عن المغيرة عن الحكم عن عطاء عنها , رفعت الحديث نحوه . قلت و حفص بن جميع ضعيف كما في " التقريب " . 2555 " من رمى بسهم في سبيل الله كان له نورا يوم القيامة " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 120 : أخرجه البزار في " مسنده " ( ص 183 - زوائده ) : حدثنا عبد الرحمن بن الفضل بن موفق حدثنا زيد بن الحباب حدثنا حميد المكي - مولى لابن علقمة - عن عطاء - يعني ابن أبي رباح - عن #أبي هريرة # قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره , و قال : " تفرد به عن حميد زيد " . قلت : و هو صدوق من رجال مسلم , لكن شيخه المكي مولى ابن علقمة - و هو غير ابن قيس الأعرج المكي - مجهول كما قال الحافظ , و هو أصغر من الأعرج كما قال الذهبي , و يبدو أن الهيثمي توهم أنه ابن قيس المخرج له في " الصحيحين " , فإنه قال في " المجمع " ( 5 / 270 ) : " رواه البزار عن شيخه عبد الرحمن بن الفضل بن موفق , و لم أعرفه و بقية رجاله رجال الصحيح " ! و من العجيب أن الحافظ ابن حجر أقره على ذلك , فإنه قال عقب قول البزار المتقدم : " قال الشيخ : رجاله رجال الصحيح غير عبد الرحمن , و هو ثقة " ! قلت : و أنا أظن أنه يعني بـ ( الشيخ ) شيخه الهيثمي , و حينئذ يشكل قوله عنه في عبد الرحمن : " و هو ثقة " ! و الهيثمي قد قال فيه كما سبق : " لم أعرفه " . و قد ذكره ابن حبان في " الثقات " ( 8 / 382 ) و قال : " روى عنه الحضرمي و أهل العراق " . و جملة القول أن إسناد الحديث ضعيف , لما عرفت من جهالة حميد المكي , فلا يغتر بقول المنذري ( 2 / 172 ) : " رواه البزار بإسناد حسن " . فإن الظاهر أنه وهم في حميد أيضا . لكن للحديث شاهد قوي من حديث أبي نجيح السلمي مرفوعا بلفظ : " من شاب شيبة في سبيل الله كانت له نورا يوم القيامة , و من رمى بسهم كان له نورا يوم القيامة .. " الحديث . أخرجه البيهقي في " سننه " ( 9 / 161 ) بإسناد صحيح . و الشطر الأول منه عند النسائي ( 2 / 59 ) من طريقين آخرين , و كذا أحمد ( 4 / 113 ) و أحد إسناديه صحيح أيضا . ثم طبع " ثقات ابن حبان " فرأيته قد أورد فيه عبد الرحمن بن الفضل بن الموفق ( 8 / 382 ) و ذكر أنه روى عنه الحضرمي و أهل العراق , و رواية الحضرمي - و هو من شيوخ الطبراني - في " المعجم الأوسط " كما في كتابي " تيسير انتفاع الخلان " يسر الله إتمامه . 2556 " من جرح جرحا في سبيل الله جاء يوم القيامة ريحه ريح المسك و لونه لون الزعفران عليه طابع الشهداء و من سأل الله الشهادة مخلصا أعطاه الله أجر شهيد و إن مات على فراشه " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 121 : أخرجه ابن حبان ( 1615 - موارد ) من طريق ابن ثوبان عن أبيه عن مكحول عن كثير ابن مرة عن مالك بن يخامر السكسكي أن # معاذ بن جبل #قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره . قلت : و هذا إسناد حسن , و أخرجه أبو داود ( 2541 ) من هذا الوجه نحوه دون قوله : " و إن مات على فراشه " . و كذلك أخرجه النسائي ( 2 / 59 ) من طريق سليمان بن موسى قال : حدثنا مالك بن يخامر أن معاذ بن جبل حدثهم به دون ذكر الفراش . و في أوله زيادة بلفظ : " من قاتل في سبيل الله عز وجل من رجل مسلم فواق ناقة قد وجبت له الجنة " . و هكذا أخرجه أحمد ( 5 / 230 - 231 ) و الترمذي ( 1 / 311 ) بتمامه , و الحاكم ( 2 / 77 ) ببعضه , و صححه هو و الترمذي . و للجملة الأخيرة منه شاهد من حديث سهل بن حنيف مرفوعا بلفظ : " من سأل الله الشهادة صادقا من قلبه بلغه الله منازل الشهداء , و إن مات على فراشه " . أخرجه الدارمي ( 2 / 205 ) و الحاكم ( 2 / 77 ) و قال : " صحيح على شرط الشيخين " . و وافقه الذهبي , و هو كما قالا . و للشطر الأول منه شاهد من حديث أبي الدرداء عند أحمد , و رجاله ثقات , لكن فيه انقطاع بينته في " التعليق الرغيب " ( 2 / 167 ) . 2557 " ما من قوم اجتمعوا في مجلس , فتفرقوا و لم يذكروا الله إلا كان ذلك المجلس حسرة عليهم يوم القيامة " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 122 : أخرجه الطبراني في " الأوسط " ( مصورة الجامعة الإسلامية 4 / 434 ) و البيهقي في " الشعب " ( 1 / 400 / 533 ) من طريق شداد بن سعيد الراسبي : حدثنا جابر بن عمرو الراسبي عن #عبد الله بن مغفل # قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره , و قال : " لا يروى عن عبد الله بن مغفل إلا بهذا الإسناد " . قلت : و هو حسن في الشواهد و المتابعات , فإن جابر بن عمرو , و شداد بن سعيد , و إن كانا من رجال مسلم ففيهما ضعف من قبل حفظهما , و قال المنذري في " الترغيب " ( 2 / 236 ) : " رواه الطبراني في " الكبير " و " الأوسط " , و البيهقي , و رواة الطبراني محتج بهم في ( الصحيح ) " . و قال الهيثمي ( 10 / 80 ) : " رواه الطبراني في " الأوسط " و " الكبير " , و رجالهما رجال ( الصحيح ) " . قلت : و قد تقدمت بعض شواهده من حديث أبي هريرة و غيره , فراجع الأرقام ( 74 - 80 ) . 2558 " أفضل الجهاد عند الله يوم القيامة الذين يلقون في الصف الأول فلا يلفتون وجوههم حتى يقتلوا , أولئك يتلبطون في الغرف العلى من الجنة ينظر إليهم ربك , إن ربك إذا ضحك إلى قوم فلا حساب عليهم " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 123 : أخرجه الطبراني في " الأوسط " ( 2 / 227 - مصورة الجامعة ) قال : حدثنا علي بن سعيد حدثنا سعيد بن يحيى بن سعيد الأموي حدثنا عمي عنبسة بن سعيد حدثنا عبد الله بن المبارك عن الأوزاعي عن عروة بن رويم عن قزعة بن يحيى عن #أبي سعيد الخدري #مرفوعا , و قال : " لم يروه عن الأوزاعي إلا ابن المبارك , و لا عنه إلا عنبسه , تفرد به سعيد بن يحيى " . قلت : هو سعيد بن يحيى بن سعيد بن أبان الأموي البغدادي , و هو ثقة من رجال الشيخين . و عمه عنبسة بن سعيد , وثقه الدارقطني , و ذكره ابن حبان في " الثقات " , و من فوقه ثقات من رجال الشيخين غير عروة بن رويم , و هو ثقة . و علي بن سعيد و هو الرازي الحافظ مختلف فيه , و الذي يتلخص من كلامهم فيه أنه حسن الحديث , إلا أن يخالف , و لذلك قال المنذري في " الترغيب " ( 2 / 194 ) : " رواه الطبراني بإسناد حسن " . و قال الهيثمي في " مجمع الزوائد " ( 5 / 292 ) : " رواه الطبراني في " الأوسط " من طريق عنبسة بن سعيد بن أبان , وثقه الدارقطني كما نقل الذهبي , و لم يضعفه أحد , و بقية رجاله رجال الصحيح " . كذا قال , و عروة بن رويم ليس من رجال الصحيح كما سبق . و للحديث شاهد من حديث نعيم بن همار مرفوعا مثله . أخرجه أحمد ( 5 / 287 ) و كذا سعيد بن منصور في " سننه " ( 2566 ) و البخاري في " التاريخ الكبير " ( 4 / 2 / 95 ) و البيهقي في " الأسماء و الصفات " ( 472 ) و أبو يعلى ( 4 / 1626 ) و أبو العباس المقدسي في " فضل الجهاد " ( ق 115 / 2 ) و ابن أبي عاصم في " الجهاد " ( 94 / 1 ) و الطبراني في " مسند الشاميين " ( ص 234 و 235 ) من طريق إسماعيل بن عياش عن بحير بن سعد عن خالد بن معدان عن كثير بن مرة عنه . قلت : و هذا إسناد شامي متصل صحيح . و قال المنذري ( 2 / 193 ) و تبعه الهيثمي ( 5 / 292 ) : " رواه أحمد و أبو يعلى , و رواتهما ثقات " . قال الهيثمي : " و رواه الطبراني في " الكبير " و " الأوسط " بنحوه " . و هو في " أوسط الطبراني " ( 2 / 227 - مجمع البحرين - مصورة الجامعة الإسلامية ) من طريق ابن لهيعة عن علي بن دينار الهذلي عن نعيم بن همار به . و قال الدمياطي في " المتجر الرابح " ( ص 383 ) : " رواه أحمد و أبو يعلى بإسنادين جيدين " . و رواه ابن أبي شيبة ( 7 / 147 / 2 ) عن يحيى بن أبي كثير مرسلا . 2559 " أول ثلة <1>يدخلون الجنة الفقراء المهاجرون الذين تتقى بهم المكاره , إذا أمروا سمعوا و أطاعوا و إن كانت للرجل منهم حاجة إلى السلطان لم تقض له حتى يموت و هي في صدره , و إن الله عز وجل ليدعو يوم القيامة الجنة فتأتي بزخرفها و زينتها فيقول : أين عبادي الذين قاتلوا في سبيلي و قوتلوا و أوذوا في سبيلي و جاهدوا في سبيلي , ادخلوا الجنة , فيدخلونها بغير حساب . و تأتي الملائكة فيسجدون , فيقولون : ربنا نحن نسبح بحمدك الليل و النهار و نقدس لك , من هؤلاء الذين آثرتهم علينا ? فيقول الرب عز وجل : هؤلاء عبادي الذين قاتلوا في سبيلي و أوذوا في سبيلي , فتدخل عليهم الملائكة من كل باب *( سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار )* [ الرعد : 241> ] " . ----------------------------------------------------------- [1] الأصل : ثلاثة , و التصحيح من " المستدرك " و " المسند " . اهـ . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 125 : أخرجه الأصفهاني في " الترغيب و الترهيب " ( ص 213 - مصورة الجامعة ) : أخبرنا أبو عمرو عبد الوهاب بن محمد بن إسحاق : أنبأنا والدي أنبأنا أبو طاهر أحمد بن عمرو المصري - بها - حدثنا يونس بن عبد الأعلى أخبرنا ابن وهب أخبرني عمرو بن الحارث أن أبا عشانة حدثه قال : سمعت # عبد الله بن عمرو # رضي الله عنه يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : فذكره . قلت : و هذا إسناد صحيح , أبو الطاهر فمن فوقه ثقات من رجال مسلم غير أبي عشانة و اسمه حي بن يومن المصري , و هو ثقة كما قال الحافظ في " التقريب " . و عبد الوهاب بن محمد بن إسحاق هو الحافظ ابن الحافظ ابن منده , و هما ثقتان مشهوران من الحفاظ الذين ترجمهم الحافظ الذهبي في " التذكرة " , فالإسناد صحيح , فقول المنذري ( 2 / 194 ) : " رواه الأصبهاني بإسناد حسن , و متنه غريب " . قلت : ففيه تقصير ظاهر , و أما استغرابه إياه , فلعله لما رواه معروف بن سويد الجذامي عن أبي عشانة به مرفوعا نحوه , ليس فيه : " أين عبادي الذين ... في سبيلي " . أخرجه أحمد ( 2 / 168 ) و ابن حبان ( 2565 ) و البزار ( 4 / 256 - 257 / كشف الأستار ) . فأقول : معروف هذا وثقه ابن حبان , و روى عنه جماعة من الثقات , و عمرو بن الحارث أوثق منه و أشهر , فلا ضير في مخالفة الجذامي إياه في بعض ألفاظه . و أخرجه الحاكم ( 2 / 71 ) و من طريقه البيهقي في " الشعب " ( 4 / 27 - 28 ) من طريق أخرى عن ابن وهب به و قال : " صحيح الإسناد " . و وافقه الذهبي . ثم وجدت له متابعا , فقال أحمد في الموضع المشار إليه : حدثنا حسن حدثنا ابن لهيعة حدثنا أبو عشانة به مثل رواية عمرو بن الحارث : فالحديث صحيح عندي لا غبار عليه . و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات . 2560 " أين ذهبتم ?! إنما هي يا أيها الذين آمنوا لا يضركم من ضل - من الكفار - إذا اهتديتم " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 127 : أخرجه أحمد ( 4 / 129 و 201 - 202 ) من طريق علي بن مدرك عن #أبي عامر الأشعري #قال : كان رجل قتل منهم بـ ( أوطاس ) , فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : يا أبا عامر ألا غيرت ? <1>1>فتلا هذه الآية : *( يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم )* [ المائدة : 105 ] , فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم و قال : فذكره . و رواه الطبراني و لفظه : عن أبي عامر أنه كان فيهم شيء فاحتبس عن النبي صلى الله عليه وسلم , فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ما حبسك ? قال : قرأت هذه الآية : *( يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم )* , فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : " لا يضركم من ضل من الكفار إذا اهتديتم " . قال الهيثمي في " المجمع " ( 7 / 19 ) : " و رجالهما ثقات , إلا أني لم أجد لعلي بن مدرك سماعا من أحد من الصحابة " . قلت : خفي عليه أن ابن حبان أورده في " ثقات التابعين " , و قال ( 3 / 180 ) : " سمع أبا مسعود صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم , روى عنه شعبة بن الحجاج , مات سنة عشرين و مائة " . قلت : و أبو مسعود مات سنة أربعين , و أبو عامر الأشعري مات في خلافة عبد الملك ابن مروان , و كانت خلافته سنة 65 , و قيل سنة 73 , فهو بإمكانه أن يسمع منه من باب أولى , لأنه تأخر وفاته عن وفاة أبي مسعود بعشرين سنة أو أكثر . و لذلك ذكر الحافظ في " التقريب " أنه ثقة من الرابعة . مات سنة عشرين و مائة . و جملة القول : إن الحديث صحيح الإسناد , و رجاله كلهم ثقات , و هو يلتقي في الجملة مع الأحاديث الكثيرة التي توجب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر , و هي كثيرة معروفة . ----------------------------------------------------------- [1] أي : لو أخذت الدية . اهـ . 2561 " من لم يغز أو يجهز غازيا أو يخلف غازيا في أهله بخير أصابه الله سبحانه بقارعة قبل يوم القيامة " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 128 : أخرجه أبو داود ( 2503 ) و عنه البيهقي ( 9 / 48 ) و الدارمي ( 2 / 209 ) و ابن ماجه ( 2762 ) و ابن أبي عاصم في " الجهاد " ( 83 / 1 ) و الطبراني في " مسند الشاميين " ( ص 176 ) و في " المعجم الكبير " ( 8 / 211 / 7747 ) و أبو العباس المقدسي في " فضل الجهاد " ( ق 120 / 2 ) من طرق عن الوليد بن مسلم : حدثنا يحيى ابن الحارث الذماري عن القاسم عن #أبي أمامة #عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : فذكره . قلت : و هذا إسناد حسن إن شاء الله تعالى , رجاله ثقات , على خلاف في القاسم و هو ابن عبد الرحمن أبو عبد الرحمن صاحب أبي أمامة , و المتقرر فيه أنه حسن الحديث , و الوليد بن مسلم , و إن كان يخشى منه تدليس التسوية , فالقاسم مشهور الرواية عن أبي أمامة , و كذا الذماري عنه . و في " مسند الروياني " ( 30 / 217 / 2 ) و من طريقه ابن عساكر في " الأربعين في الحث على الجهاد " ( ص 84 ) التصريح بالتحديث مكان ( عن ) في سائر المواضع . و تابعه مسلمة بن علي الخشني عن الذماري به . أخرجه الطبراني في " الشاميين " ( ص 175 ) . و له شاهد من حديث واثلة بن الأسقع مرفوعا به . قال الهيثمي ( 5 / 284 ) : " رواه الطبراني في " الأوسط " , و فيه سويد بن عبد العزيز , و هو ضعيف " . و روى نجدة بن نفيع عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استنفر حيا من العرب , فتثاقلوا , فنزلت : *( إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما )* , قال : كان عذابهم : حبس المطر عنهم . أخرجه البيهقي , و نجدة مجهول كما في " التقريب " . ثم رأيت الحديث في " مسند الشاميين " للطبراني , أخرجه ( ص 53 ) من طريق علي بن بحر : حدثنا الوليد بن مسلم عن سعيد بن عبد العزيز عن مكحول عن أبي هريرة مرفوعا به . قلت : و هذا إسناد آخر للوليد بن مسلم مخالف للطريق الأولى التي تقدمت من رواية الطرق , و راويه عنه علي بن بحر ثقة , فإن كان حفظه فيكون للوليد بن مسلم إسنادان . و قد تابعه عمر بن سعيد الدمشقي قال : حدثنا سعيد بن عبد العزيز التنوخي . أخرجه عبد بن حميد في " المنتخب " ( 1432 ) . و يؤيده أنه رواه أبو حلبس عن عبد الملك بن مروان عن أبي هريرة به . أخرجه في " مسند الشاميين " ( ص 157 ) . و أبو حلبس مجهول , و انظر ( ص 159 ) . ثم وقفت على الشاهد عند الطبراني في " الأوسط " ( 4 / 226 / 8497 ) , فإذا هو يرويه من طريق عمرو بن الحصين العقيلي : حدثنا محمد بن عبد الله بن علاثة حدثنا سويد بن عبد العزيز عن مكحول عن واثلة به . و قال : " لم يروه عن سعيد ( ! ) بن عبد العزيز إلا ابن علاثة , تفرد به عمرو بن الحصين " . قلت : هو متروك متهم كما تقدم مرارا . فلا قيمة حينئذ لحديثه كشاهد . و قريب منه سويد بن عبد العزيز , لكني أخشى أن يكون تحرف اسم ( سويد ) في السند من " سعيد " , فإنه هكذا وقع في تذييل الطبراني عليه , و هو الراجح عندي لأنه هو المعروف بالرواية عن مكحول بخلاف سويد , و سعيد ثقة , لكنه كان اختلط . 2562 " إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا . قال : و ما رياض الجنة ? قال : حلق الذكر " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 130 : أخرجه الترمذي ( 2 / 265 ) و البيهقي في " شعب الإيمان " ( 1 / 322 ) عن محمد بن ثابت البناني قال : حدثني أبي عن #أنس بن مالك #رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فذكره . و قال الترمذي : " حديث حسن غريب من هذا الوجه " . و أقول : هذا من تساهل الترمذي رحمه الله , فإن محمد بن ثابت هذا متفق على تضعيفه , و إن كان بعضهم أشار إلى أنه صدوق في نفسه , و الضعف من قبل حفظه , و قد أخرج حديثه هذا ابن عدي في " الكامل " ( ق 290 / 1 ) في جملة أحاديث ساقها له , ثم قال : " و هذه الأحاديث مع غيرها مما لم أذكره عامتها مما لا يتابع محمد بن ثابت عليه " . نعم لو أن الترمذي قال : " حديث حسن " لأصاب , فقد وجدت له متابعا و شاهدا . أما المتابع , فهو زائدة بن أبي الرقاد قال : حدثنا زياد النميري عن أنس به . أخرجه أبو نعيم في " الحلية " ( 6 / 268 ) . و زياد و زائدة ضعيفان وثقا , و قد حسن لهما الهيثمي ( 10 / 77 ) حديثا آخر لهما عن أنس , فقال : " و إسناده حسن " . أقول : فلا أقل من أن يستشهد بهما . و أما الشاهد , فيرويه محمد بن عبد الله بن عامر : حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا مالك عن نافع عن سالم عن ابن عمر مرفوعا به . أخرجه أبو نعيم ( 6 / 354 ) و قال : " غريب من حديث مالك , لم نكتبه إلا من حديث محمد بن عبد الله بن عامر " . قلت : و لم أعرفه , و يحتمل أن ( عامر ) محرف ( نمير ) , فإن كان كذلك فهو ثقة . ثم رأيت ما يرجح أنه هو , فقد ذكره المزي في الرواة عن قتيبة , و من فوقه ثقات من رجال الشيخين , فالإسناد صحيح , إن كان شيخ أبي نعيم ( أبو الحسن علي ابن أحمد بن عبد الله المقدسي ) ثقة , أو متابعا , فإني لم أجد له ترجمة و لا في " تاريخ ابن عساكر " , على أن أبا نعيم في استغرابه المتقدم قد أشار إلى أنه قد توبع . و الله أعلم . و روى زيد بن الحباب أن حميدا المكي مولى ابن علقمة حدثه أن عطاء بن أبي رباح حدثه عن أبي هريرة مرفوعا به , إلا أنه قال بدل " حلق الذكر " : " المساجد " . قلت : و ما الرتع يا رسول الله ! قال : " سبحان الله , و الحمد لله , و لا إله إلا الله , و الله أكبر " . أخرجه الترمذي أيضا , و قال : " حديث حسن غريب " . قلت : حميد المكي مجهول كما قال الحافظ , فالإسناد ضعيف , فقول الحافظ المنذري ( 2 / 251 ) : " رواه الترمذي و قال : " حديث غريب " , و قال الحافظ : و هو مع غرابته حسن الإسناد " . قلت : فهذا من تساهل المنذري . كيف لا , و حميد هذا لم يوثقه أحد , و لا روى عنه غير زيد بن الحباب , و قال البخاري في حديثه هذا : " لا يتابع عليه " . ثم إن هناك تغايرا بين ما نقلته عن الترمذي , و ما نقله المنذري عنه , و الأليق بحال الإسناد و حسن الظن بالترمذي - على تساهله - ما نقله هو عنه : " حديث غريب " , دون قوله : " حسن " . و الله أعلم . و له شاهد آخر من حديث جابر مرفوعا نحوه في حديث له . أخرجه الحاكم ( 1 / 494 - 495 ) و غيره من طريق عمر بن عبد الله مولى غفرة قال : سمعت أيوب بن خالد بن صفوان الأنصاري عنه . و قال : " صحيح الإسناد " . و رده الذهبي بقوله : " قلت : عمر ضعيف " . قلت : و شيخه أيوب نحوه في الضعف و إن روى له مسلم , فقد قال الحافظ : " فيه لين " . و لم يوثقه غير ابن حبان , فقول المنذري ( 2 / 234 ) بعد أن أشار إلى الكلام الذي في عمر : " و بقية رجاله ثقات مشهورون محتج بهم , فالحديث حسن . و الله أعلم " ! تساهل ظاهر . و قد خرجته في " الضعيفة " ( 6205 ) , نعم يمكن القول بتحسين الحديث بهذا الشاهد و نحوه . و من أجل ذلك أوردته هنا , و كنت خرجت حديث الترمذي عن أبي هريرة في " الضعيفة " ( 1150 ) لتفرده بتفسير الرتع , فلينتبه لهذا إخوتي القراء قبل أن يفاجئهم من اعتاد أن يدعي " التناقضات " فيما لا يفهمه , أو يفهمه , و لكن زين له أن يدس السم في الدسم , و لا أدل على ذلك من تأليفه الذي نشره باسم " صحيح صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم من التكبير إلى التسليم كأنك تنظر إليها " ! ! و هو في الحقيقة , إنما فيه ما يدل على تعصبه لمذهب الشافعية - و لا أقول الشافعي - على السنة المحمدية , حتى وصل به الأمر أن يبطل صلاة من قرأ سورة *( إذا السماء انشقت )* , و سجد فيها , مع علمه بأن الحديث متفق على صحته , و لذلك لم يورده في " صحيحه " المزعوم لأنه مخالف لمذهبه , كما أنه لما ساق حديث أبي سعيد من رواية مسلم فيما كان صلى الله عليه وسلم يقرؤه في صلاة الظهر لم يذكره بتمامه , بل بتر منه ما كان صلى الله عليه وسلم يقرؤه في الركعتين الآخيرتين من الظهر , لأنه مخالف لمذهبه , و الأدهى و الأمر أن الإمام الشافعي قد قال في كتابه " الأم " بهذا الذي بتره من الحديث تعصبا منه للشافعية ! و أعجب من هذا كله لقد خالفهم جميعا انتصارا منه للبدعة , و متابعة منه للعوام , فكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم حين صرح بأن التلفظ بالنية في الصلاة سنة ! مع أن الإمامين الرافعي و النووي صرحا بأنه ليس بشيء , فمثل هذا الدعي الذي يخالف السنة و الأئمة انتصارا لهواه و البدعة , لا يستغرب منه أن ينتصب لمحاربة من نذر نفسه لخدمة السنة , و نشرها بين المسلمين , بالافتراء عليه و نسبة " التناقضات " إليه . فالله حسيبه . 2563 " من قال حين يصبح : لا إله إلا الله وحده لا شريك له , له الملك و له الحمد يحيي و يميت و هو على كل شيء قدير - عشر مرات , كتب الله له بكل واحدة قالها عشر حسنات و حط عنه بها عشر سيئات و رفعه الله بها عشر درجات و كن له كعشر رقاب و كن له مسلحة من أول النهار إلى آخره , و لم يعمل يؤمئذ عملا يقهرهن , فإن قالها حين يمسي , فكذلك " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 134 : أخرجه أحمد ( 5 / 420 ) و الطبراني ( 4 / 151 / 3883 ) عن إسماعيل بن عياش عن صفوان بن عمرو عن خالد بن معدان عن أبي رهم السمعي عن #أبي أيوب الأنصاري #عن النبي صلى الله عليه وسلم به . قلت : و هذا إسناد صحيح شامي رجاله كلهم ثقات , و أبو رهم اسمه أحزاب , و قد قيل بصحبته . و رواه ابن لهيعة : حدثني الحارث بن يزيد عن ربيعة بن مطير عن أبي رهم به . أخرجه الطبراني رقم ( 3884 ) . و ربيعة بن مطير لم أعرفه , و على الهامش : " ابن قيصر , صح " , و لم أعرفه أيضا . و في الرواة عن أبي رهم ( و اسمه أحزاب ) ربيعة بن قيصر , و يقال : ابن مصبر الحضرمي المصري كما في " تهذيب المزي " , و في " ثقات ابن حبان " ( 4 / 230 ) : " ربيعة بن يورا المصري " , و هو مجهول . انظر " تيسير الانتفاع " . و قد وجدت له طرقا أخرى , فرواه أبو الورد عن أبي محمد الحضرمي عن أبي أيوب مرفوعا به . أخرجه أحمد ( 5 / 414 - 415 ) و الطبراني ( 4 / 221 / 4089 ) . قلت : و أبو محمد الحضرمي لا يعرف كما قال الذهبي , و علق حديثه هذا البخاري في " صحيحه " ( 11 / 171 - فتح ) لكن بلفظ : " كان كمن أعتق رقبة من ولد إسماعيل " . و هو شاذ أيضا . و تابعه القاسم أبو عبد الرحمن عن أبي أيوب به نحوه . أخرجه الطبراني ( 1 / 205 / 1 - 2 ) . قلت : و سنده حسن في المتابعات و الشواهد . و تابعه عبد الله بن يعيش عن أبي أيوب به نحوه , إلا أنه قال : " من قال إذا صلى الصبح : لا إله إلا الله ... و إذا قالها بعد المغرب فمثل ذلك " . أخرجه ابن حبان ( 2341 ) و أحمد ( 5 / 415 ) و الطبراني ( 4 / 222 / 223 ) و سنده حسن كما قال الحافظ . و تابعه أبو الورد بن أبي بردة عن غلام أبي أيوب عن أبي أيوب به , و فيه قصة . أخرجه الطبراني ( 1 / 199 / 1 ) . و غلام أبي أيوب اسمه أفلح , و هو ثقة . و الراوي عنه أبو الورد بن أبي بردة جزم الحافظ بأنه أبو الورد بن ثمامة بن حزن القشيري , يعني المتقدم من روايته عن أبي محمد الحضرمي . و أن قوله هنا ابن أبي بردة وهم . قلت : و يحتمل أن كنية ثمامة والد أبي الورد : " أبو بردة " , فلا ضرورة للتوهيم حينئذ . و الله أعلم . و ابن ثمامة مقبول عند الحافظ . و الله أعلم . و للحديث شاهد من حديث أبي هريرة مرفوعا بلفظ : " من قال : لا إله إلا الله ... بعد ما يصلي الغداة عشر مرات ... " الحديث , إلا أنه قال : " و كن له بعدل عتق رقبتين من ولد إسماعيل " . أخرجه الخطيب في " التاريخ " ( 12 / 389 و 472 ) من طريق الحسن بن عرفة : حدثنا قران بن تمام الأسدي عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عنه . قلت : و هذا إسناد صحيح , و هو في " جزء الحسن بن عرفة " المشهور ( رقم : 18 ) , و قال الناجي في " العجالة " ( 70 ) : " و إسناده على شرط مسلم , لكن لم يخرجوه " . و أقول : قران بن تمام لم يخرج له مسلم شيئا , فهو صحيح فقط كما ذكرنا . و قد سبق تخريجه برقم ( 113 ) . و أخرجه أحمد ( 2 / 360 ) و ابن منده في " التوحيد " ( ق 59 / 2 ) و البيهقي ( 1 / 345 ) من طريق سمي عن أبي صالح به نحوه , لكنه قال : " حين يصبح " و " حين يمسي " . و إسناده صحيح على شرط الشيخين . و رواه أبو بكر بن أبي سبرة عن عبد المجيد بن سهيل بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه عن جده مرفوعا مثله في الصباح و المساء , و الباقي نحوه , و قال : " يحيي و يميت , و هو حي لا يموت , بيده الخير , و هو على كل شيء قدير . غفرت له ذنوبه و إن كانت أكثر من زبد البحر " . أخرجه البزار في " مسنده " ( 3 / 260 / 1051 - البحر الزخار ) : حدثنا بعض أصحابنا قال : أخبرنا محمد بن سليمان بن مسمول قال : أخبرنا أبو بكر بن أبي سبرة . قلت : و هذا إسناد ضعيف جدا , أبو بكر هذا متروك متهم . و به أعله الهيثمي ( 10 / 113 و 114 ) . ( تنبيه ) : سبق تخريج حديث الترجمة في المجلد الأول برقم ( 114 ) , ثم قدر الله إعادة تخريجه هنا من مصادر جديدة , و فوائد عديدة , و له الحمد و المنة . 2564 " إن أولادكم هبة الله لكم *( يهب لمن يشاء إناثا و يهب لمن يشاء الذكور )* <1>, 1>فهم و أموالهم لكم إذا احتجتم إليها " . ----------------------------------------------------------- [1] الشورى : 49 . اهـ . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 137 : أخرجه الحاكم ( 2 / 284 ) و عنه البيهقي ( 7 / 480 ) من طريق محمد بن علي بن الحسن بن شقيق قال : سمعت أبي يقول : أنبأ أبو حمزة عن إبراهيم الصائغ عن حماد عن إبراهيم عن الأسود عن #عائشة #رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره , و قال : " صحيح على شرط الشيخين , و لم يخرجاه هكذا , و إنما اتفقا على حديث عائشة : أطيب ما أكل الرجل من كسبه , و ولده من كسبه " . قلت : و فيه وهمان . الأول : قوله : صحيح على شرط الشيخين , و إن وافقه الذهبي , فإن إبراهيم الصائغ - هو ابن ميمون - و محمد بن علي بن الحسن بن شقيق لم يخرج لهما الشيخان شيئا . و حماد - و هو ابن أبي سليمان - لم يخرج له البخاري في " صحيحه " أصلا , و إنما في " الأدب المفرد " , فهو صحيح فقط . و الآخر : أن الشيخين لم يخرجا أصلا حديث عائشة الآخر : " أطيب ما أكل الرجل ... " الحديث , و إنما أخرجه بعض أصحاب السنن , و قد خرجته في " إرواء الغليل " ( رقم 830 و 1626 ) . و في الحديث فائدة فقهية هامة قد لا تجدها في غيره , و هي أنه يبين أن الحديث المشهور : " أنت و مالك لأبيك " ( الإرواء 838 ) ليس على إطلاقه , بحيث أن الأب يأخذ من مال ابنه ما يشاء , كلا , و إنما يأخذ ما هو بحاجة إليه . 2565 " من صام يوما في سبيل الله باعد الله منه جهنم مسيرة مائة عام " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 138 : أخرجه النسائي ( 2 / 314 ) و ابن أبي عاصم في " الجهاد " ( رقم 1 / 88 / 2 ) و الطبراني في " الكبير " ( 17 / 335 رقم 927 ) عن يحيى بن الحارث عن القاسم عن #عقبة بن عامر #أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فذكره . قلت : و هذا إسناد جيد , رجاله ثقات , و في القاسم - و هو ابن عبد الرحمن صاحب أبي أمامة - كلام لا ينزل به حديثه عن مرتبة الحسن . و للحديث شاهد من رواية زبان عن فائد عن سهل بن معاذ عن أبيه مرفوعا به , و زاد : " سير المضمر المجتهد " . أخرجه أبو يعلى في " مسنده " ( 1486 ) . قلت : و زبان فيه ضعف . و شاهد آخر من حديث عمرو بن عبسة مرفوعا به نحوه دون الزيادة . قال المنذري ( 2 / 62 ) : " رواه الطبراني في " الكبير " و " الأوسط " بإسناد لا بأس به " . و قال الهيثمي ( 3 / 194 ) : " رواه الطبراني في " الكبير " و " الأوسط " , و رجاله موثقون " . أقول : لكن رواه البخاري في " التاريخ " ( 1 / 2 / 234 ) و ابن أبي عاصم ( ق 89 / 1 ) من طريق جنادة بن أبي خالد عن أبي شيبة عن عمرو بن عبسة بلفظ : " سبعين خريفا " . و أبو شيبة هذا - و هو المهري - ترجمه ابن أبي حاتم ( 4 / 2 / 390 ) برواية بليح أيضا عنه , و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا , و ذكره ابن حبان في " الثقات " . و جنادة ترجمه ابن أبي حاتم أيضا ( 1 / 1 / 515 ) برواية زيد بن أبي أنيسة , و هو الراوي عنه لهذا الحديث , و في ترجمته ذكره البخاري , و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا , و هو في " ثقات ابن حبان " ( 6 / 150 ) و صرح الذهبي في " الميزان ( 1 / 424 ) بجهالته . 2566 " من سمع الناس بعمله سمع الله به مسامع خلقه يوم القيامة و حقره و صغره " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 140 : أخرجه ابن المبارك في " الزهد " ( رقم 141 ) و أحمد في " مسنده " ( رقم 6509 و 6986 و 7085 ) و الطبراني في " الأوسط " ( 4 / 484 - مصورة الجامعة الإسلامية ) و أبو نعيم في " الحلية " ( 4 / 124 ) و ( 5 / 99 ) من طرق عن عمرو بن مرة عن خيثمة عن #عبد الله بن عمرو #مرفوعا . ثم أخرجه الطبراني من طريق محمد بن سليمان بن أبي داود : حدثنا أبي عن عبد الكريم بن مالك عن سعيد بن المسيب قال : سمعت عبد الله بن عمرو , فذكر نحوه , و قال : " لم يروه عن سعيد إلا عبد الكريم " . قلت : و هو الجزري أبو سعيد الحراني , و هو ثقة من رجال الشيخين . لكن الراوي عنه سليمان بن أبي داود - و هو الحراني - ضعفه أبو حاتم و غيره . و أما ابنه محمد فثقة . إلا أن الإسناد الأول صحيح على شرط الشيخين , فالعمدة عليه . و إليه أشار الحافظ المنذري بقوله في " الترغيب " ( 1 / 31 ) : " رواه الطبراني في "الكبير " بأسانيد أحدها صحيح , و البيهقي " . 2567 " حبذا المتخللون من أمتي " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 140 : أخرجه الطبراني في " الأوسط " ( 1 / 39 - مصورة الجامعة الإسلامية ) قال : حدثنا أحمد : حدثنا محمد بن عمار الموصلي حدثنا عفيف بن سالم عن محمد بن أبي حفص الأنصاري عن رقبة بن مصقلة عن #أنس بن مالك #مرفوعا , و قال : " لم يروه عن رقبة إلا محمد , و لا عنه إلا عفيف , تفرد به ابن عمار " . قلت : و أعله الهيثمي بمحمد بن أبي حفص الأنصاري قال : " لم أجد من ترجمه " . و تبعه محقق " مجمع البحرين " ( 1 / 338 - مكتبة الرشد ) ! قلت : أورده الحافظ المزي في شيوخ عفيف بن سالم كما وقع هنا , و في الرواة عن رقبة بن مصقلة : محمد بن أبي حفص العطار . ثم رجعت إلى " الميزان " , فوجدت فيه : " محمد بن أبي حفص الكوفي العطار . روى عن السدي : قال الأزدي : " يتكلمون فيه " , فقال الحافظ في " اللسان " : " قال النباتي : هو محمد بن عمر الأنصاري الآتي ذكره " . فرجعت إلى المكان المشار إليه فرأيت فيه : " محمد بن عمر الأنصاري عن كثير النواء بخبر منكر , ضعفه الأزدي . انتهى . و في " الثقات " لابن حبان : محمد بن عمر بن علي الأنصاري يروي عن أسامة بن زيد الليثي , و عنه الحضرمي . فيحتمل أن يكون هو هذا " . ثم رجعت إلى " الجرح و التعديل " لابن أبي حاتم , فإذا فيه ( 4 / 1 / 19 ) : " محمد بن عمر , و هو ابن أبي حفص الأنصاري العطار , روى عن السدي , روى عنه أبو نعيم " . أقول : فقد تبين أن محمد بن أبي حفص الأنصاري هو محمد بن عمر الأنصاري العطار , و أنه معروف برواية ثلاثة من الثقات عنه : الأول : عفيف بن سالم . الثاني : الحضرمي . الثالث : أبو نعيم . قلت : و هؤلاء كلهم ثقات , ثم رأيت في " اللسان " : " محمد بن عمر بن أبي حفص العطار الأنصاري , يروي عنه عفيف بن سالم و أبو غسان , كان ممن يخطىء . قاله ابن حبان في ( الثقات ) " . فهذا راو رابع عنه , و هو أبو غسان , و اسمه مالك بن إسماعيل النهدي الكوفي , لكن قوله : " ابن أبي حفص " إن لم يكن خطأ , ففيه فائدة جديدة , و هي أن أبا حفص جد محمد بن عمر , و ليس كنية أبيه كما هو صريح كلام ابن أبي حاتم المتقدم . و الله أعلم . و جملة القول : أن محمد بن أبي حفص الأنصاري هذا معروف برواية هؤلاء الثقات الأربعة عنه , فمثله يستشهد به , بل كان يمكن القول بأنه يحتج به في مرتبة من يحسن حديثه , لولا قول ابن حبان فيه : " كان ممن يخطىء " , فالحديث عندي حسن لغيره لأن له شاهدا من حديث أبي أيوب الأنصاري به أتم منه , رواه أحمد و غيره , و قد خرجته في " إرواء الغليل " ( 1975 ) كما ذكرت لحديث الترجمة هناك مصادر أخرى , وقع فيها اسم الأنصاري هكذا : " محمد بن أبي جعفر " , فذهب وهلي إلى أنه غير الذي ترجمته هنا , و كان ذلك مني خطأ على خطأ بعض الرواة , فالاعتماد على ما ذكرت هنا , و هو مما لم أسبق إليه فيما علمت , فإن أصبت فمن الله , و له الحمد و المنة , و إن أخطأت فمني , و الله أسأل أن يعفو عني , و يغفر لي ذنبي . 2568 " إذا أعطى الله أحدكم خيرا فليبدأ بنفسه و أهل بيته " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 143 : أخرجه مسلم ( 6 / 4 ) و أبو عوانة في " صحيحه " ( 4 / 400 ) و أحمد ( 4 / 86 و 87 - 88 و 89 ) و من طريقه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 1803 ) من طرق عن المهاجر بن مسمار عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن #جابر بن سمرة #مرفوعا و في رواية للطبراني و من طريقه الخطيب في " تاريخه " ( 10 / 38 ) من طريق حاتم بن إسماعيل عن المهاجر بن مسمار به بلفظ : " إذا أنعم الله عز وجل على عبد [ نعمة ] فليبدأ ... " الحديث . ( تنبيه ) : سقطت من مطبوعة الطبراني لفظة " نعمة " , و هي ثابتة في مخطوطة الظاهرية ( 1 / 191 / 1 ) و كذا في " تاريخ بغداد " . 2569 " إذا صنع خادم أحدكم طعاما فولي حره و مشقته فليدعه فليأكل معه , فإن لم يدعه فليناوله منه " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 143 : أخرجه أحمد ( 2 / 483 ) : حدثنا سريج قال : حدثنا فليح عن أيوب بن عبد الرحمن بن صعصعة الأنصاري عن يعقوب بن أبي يعقوب عن #أبي هريرة #مرفوعا . و هذا سند حسن رجاله موثقون كلهم على ضعف في فليح , و قد صح من طرق أخرى بنحوه فانظر : " إذا أتى أحدكم خادمه .. " رقم ( 1285 ) و من ألفاظه : " إذا صنع لأحدكم خادمه طعاما ثم جاءه به و قد ولي حره و دخانه فليقعده معه فليأكل , فإن كان الطعام مشفوها قليلا فليضع في يده منه أكلة أو أكلتين " . أخرجه مسلم ( 5 / 94 ) و أبو داود ( 2 / 149 ) و أحمد ( 2 / 277 ) عن داود بن قيس عن موسى بن يسار عن أبي هريرة مرفوعا . ( مشفوها ) فسره ما بعده ( قليلا ) قال في " النهاية " : " المشفوه : القليل , و أصله الماء الذي كثرت عليه الشفاه حتى قل " . و له شاهد من حديث جابر يرويه أبو الزبير أنه سأل جابرا عن خادم الرجل إذا كفاه المشقة و الحر , فقال : أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن ندعوه فإن كره أحد أن يطعم معه فليطعمه أكلة في يده . أخرجه أحمد ( 3 / 346 ) : حدثنا موسى حدثنا ابن لهيعة عن أبي الزبير به . قال الحافظ في " الفتح " ( 9 / 478 ) بعد أن عزاه لأحمد : " و إسناده حسن " . قلت : ابن لهيعة سيىء الحفظ , و قد توبع , فأخرجه البخاري في " الأدب المفرد " ( 30 ) : حدثنا محمد بن سلام قال : أخبرنا مخلد بن يزيد قال : أنبأنا ابن جريج قال : حدثني أبو الزبير به . و هذا سند صحيح على شرطه في الصحيح . و ابن جريج و ابن الزبير مدلسان , لكنهما قد صرحا بالتحديث . 2570 " إذا لبست نعليك فابدأ باليمنى و إذا خلعت فابدأ باليسرى و ليكن اليمنى أول ما تنتعل , و اليسرى آخر ما تحفى , و لا تمش في نعل واحد , اخلعهما جميعا أو البسهما جميعا " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 144 : رواه أبو عمر بن منده في " المنتخب من الفوائد " ( 265 / 2 ) عن عتاب بن بشير عن خصيف عن محمد بن عجلان , قال عتاب : ثم لقيت محمد بن عجلان فحدثني به عن أبي الزناد عن الأعرج عن #أبي هريرة #مرفوعا . قلت : و هذا سند حسن في الشواهد , خصيف - و هو ابن عبد الرحمن الجزري - ضعفه أحمد و غيره , و عتاب بن بشير و محمد بن عجلان ثقتان , في حفظهما ضعف لا ينزل حديثهما عن رتبة الحسن إن شاء الله تعالى . و قد توبع , فقال أحمد ( 2 / 245 ) : حدثنا سفيان عن أبي الزناد به . و هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين . و تابعه مالك في " الموطأ " ( 3 / 105 ) عن أبي الزناد به . و من طريقه أخرجه ابن حبان ( 5431 - الإحسان ) و كذا البخاري و مسلم ( 6 / 153 ) و له طرق أخرى عن أبي هريرة نحوه , تقدم أحدها برقم ( 1117 ) . و اعلم أن ما في هذا الحديث من الأدب في الانتعال , و التفريق بين البدء به و الخلع , هو مما غفل عنه أكثر المسلمين في هذا الزمان لغلبة الجهل بالسنة , و فقدان المربين للناس عليها , و فيهم بعض من يزعم أنه من الدعاة إلى الإسلام , بل و فيهم من يقول في هذا الأدب : إنه من القشور , و توافه الأمور ! فلا تغتر بهم أيها المسلم , فإنهم - والله - بالإسلام جاهلون , و له معادون من حيث يشعرون أو لا يشعرون , و قديما قيل : من جهل شيئا عاداه . و من عجيب أمرهم أنهم يطنطنون في خطبهم و محاضراتهم بوجوب تبني الإسلام كلا لا يتجزأ , فإذا بهم أول من يكفر بما إليه يدعون , و إن ذلك لبين في أعمالهم و أزيائهم , فتراهم أو ترى الأكثرين منهم لا يهتمون بالتزيي بزي نبيهم صلى الله عليه وسلم , و إنما بالتشبه بحسن البنا و أمثاله : لحية قصيرة , و كرافيت ( عقدة العنق ) , و بعضهم تكاد لحيتهم تكون على مذهب العوام في بعض البلاد : " خير الذقون إشارة تكون " ! مع تزييه بلباس أهل العلم , العمامة و الجبة , و قد تكون كالخرج , و طويلة الذيل كلباس النساء ! فإنا لله و إنا إليه راجعون . 2571 " إذا ملك الرجل المرأة لم تجز عطيتها إلا بإذنه " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 146 : أخرجه الطيالسي ( ص 299 رقم 2667 ) : حدثنا حماد حدثنا حبيب المعلم عن عمرو ابن شعيب عن أبيه عن #عبد الله بن عمرو # مرفوعا , و هذا سند حسن . و ورد بلفظ : " لا يجوز لامرأة " , و قد مضى برقم ( 825 ) مع بعض الشواهد . ثم وجدت له شاهدا قويا آخر , و كان ذلك من دواعي إعادته هنا , و هو ما أخرجه عبد الرزاق في " مصنفه " ( 9 / 125 / 16607 ) عن معمر عن ابن طاووس عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يجوز لامرأة شيء في مالها إلا بإذن زوجها إذا هو ملك عصمتها " . قلت : و هذا إسناد صحيح مرسل , فهو شاهد قوي لأحاديث الباب الموصولة . ثم رواه عن رجل عن عكرمة مرسلا نحوه . و اعلم أن هذا الحديث قد عمل به قوم من السلف كما حكاه الطحاوي في " شرح المعاني " ( 2 / 403 ) و رواه ابن حزم في " المحلى " ( 8 / 310 - 311 ) عن أنس بن مالك و أبي هريرة و طاووس و الحسن و مجاهد , قال : " و هو قول الليث بن سعد , فلم يجز لذات الزوج عتقا , و لا حكما في صداقها , و لا غيره إلا بإذن زوجها , إلا الشيء اليسير الذي لابد لها منه في صلة رحم , أو ما يتقرب به إلى الله عز وجل " . ثم ذكر أقوال العلماء الآخرين مع مناقشة أدلتهم , و اختار هو جواز تصرف المرأة في مالها دون إذن زوجها . و ساق في تأييد ذلك بعض الأحاديث الصحيحة كحديث ابن عباس الذي فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر النساء في خطبة العيد بالصدقة , فجعلت المرأة تلقي الخاتم و الخرص و الشيء . و لا حجة في شيء من ذلك , لأنها وقائع أعيان يحتمل كل منها وجها لا يتعارض مع حديث الترجمة , و ما في معناه عند إمعان النظر , فتأمل معي إلى حديث ابن عباس هذا مثلا , فإن فيه التصريح بأن تصدقهن كان تنفيذا لأمر النبي صلى الله عليه وسلم , فلو فرض أنهن لم يكن مأذونا لهن بالتصدق من أزواجهن , بل فرض نهيهم إياهن عن الصدقة , ثم أمرهم صلى الله عليه وسلم بها , فهل من قائل بأن نهيهم مقدم على أمره صلى الله عليه وسلم , مع أنه لا نهي منهم , كل ما في الأمر أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى النساء أن يتصدقن بغير إذن أزواجهن , فإذا أمرهن بالتصدق في مناسبة ما , فلا شك حينئذ أن هذا الأمر يكون مخصصا لنهيهم , هذا لو فرض تقدمه على الأمر و لا دليل على ذلك . و الحقيقة أن ابن حزم معذور فيما ذهب إليه لأنه هو الأصل الذي تدل عليه النصوص التي ذكرها , و لو أن حديث الترجمة و ما في معناه صح عنده لبادر إلى العمل بها لأنها تضمنت زيادة حكم على الأصل المشار إليه . و لكنه رحمه الله أعل الحديث بأنه صحيفة منقطعة . و هذا خلاف ما عليه جماهير علماء الحديث , و في مقدمتهم الإمام أحمد من الاحتجاج بصحيفة عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده , و أنه موصول , و أما جوابه عنه بأنه لو صح منسوخ فقد عرفت الجواب عنه , ثم كيف ينسخ الجزء الكل , أي الخاص العام ?! ثم إن هذا الحديث جهله و تجاهله جل الدعاة اليوم الذين يتحدثون عن حقوق المرأة في الإسلام , ليس لأنه ترجح لديهم مذهب المخالفين له , بل لأن هذا المذهب يوافق ما عليه الكفار , فيريدون تقريب الإسلام إليهم بأنه جاء بما يوافقهم في تصرف المرأة في مالها , و هم يعلمون أن ذلك لا ينفعهم فتيلا , لأنهم يسمحون لها أن تتصرف أيضا في غير مالها , فهي تزوج نفسها بنفسها , بل و أن تتخذ أخدانا لها !! و صدق الله العظيم إذ يقول : *( و لن ترضى عنك اليهود و لا النصارى حتى تتبع ملتهم )* ( البقرة : 120 ) . 2572 " إذا رأى أحدكم من أخيه و من نفسه و من ماله ما يعجبه فليبركه , فإن العين حق " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 148 : أخرجه الحاكم ( 4 / 215 ) و أحمد ( 3 / 447 ) من طريق وكيع بن الجراح بن مليح : حدثنا أبي عن عبد الله بن عيسى عن أمية بن هند بن سهل بن حنيف عن عبد الله بن عامر قال : انطلق عامر بن ربيعة و سهل بن حنيف يريدان الغسل قال : فانطلقا يلتمسان الخمر , قال : فوضع عامر ( كذا في " المسند " و في " المستدرك " : " سهل " و هو الصواب ) جبة كانت عليه من صوف فنظرت إليه , فأصبته بعيني , فنزل الماء يغتسل , قال , فسمعت له في الماء قرقعة , فأتيته فناديته ثلاثا فلم يجبني , فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته , فجاء يمشي فخاض الماء كأني أنظر إلى بياض ساقيه , قال : فضرب صدره بيده ثم قال : " اللهم أذهب عنه حرها و بردها و وصبها " . قال : فقام , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره . و قال الحاكم : " صحيح الإسناد " . و وافقه الذهبي . و فيه نظر , فإن أمية بن هند أورده الذهبي في " الميزان " , و قال : " قال ابن معين : لا أعرفه , قلت : روى عنه سعيد بن أبي هلال و غيره " . و لم يذكر توثيقه عن أحد , و قد وثقه ابن حبان ( 4 / 41 و 6 / 70 ) , فهو مجهول الحال , و لذلك قال الحافظ في " التقريب " : " إنه مقبول " . يعني لين الحديث إلا إذا توبع , و لم أجد له متابعا في هذا الحديث . و قد أخرجه الحاكم أيضا , و النسائي في " اليوم و الليلة " ( 211 و 1033 ) و عنه ابن السني ( 202 ) و ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 8 / 57 / 3646 ) و عنه أبو يعلى ( 13 / 152 / 7195 ) من طريق عمار بن رزيق عن عبد الله بن عيسى . لكن الحديث صحيح , فقد وجدت له طريقا أخرى , أخرجه ابن قانع في ترجمة سهل بن حنيف من كتابه " معجم الصحابة " , و ابن السني أيضا ( 201 ) كلاهما من طريق يحيى بن عبد الحميد الحماني : حدثنا عبد الرحمن بن سليمان بن الغسيل حدثنا مسلمة بن خالد الأنصاري عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن أبيه مرفوعا بلفظ : " ما يمنع أحدكم إذا رأى .. " الحديث . و مسلمة هذا مجهول كما قال الذهبي في " الميزان " , و بقية رجاله رجال مسلم على ضعف في الحماني . و أخرجه الإمام مالك ( 3 / 118 - 119 ) و عنه ابن حبان في " صحيحه " ( 1424 - موارد ) عن محمد بن أبي أمامة بن سهل بن حنيف أنه سمع أباه يقول : اغتسل أبي سهل بن حنيف بـ ( الخرار ) فنزع جبة كانت عليه , و عامر بن ربيعة ينظر , و كان سهل رجلا أبيض حسن الجلد , قال : فقال له عامر بن ربيعة : ما رأيت كاليوم و لا جلد عذراء ! قال : فوعك سهل مكانه , و اشتد وعكه فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبر أن سهلا وعك , و أنه غير رائح معك يا رسول الله , فأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبر سهل بالذي كان من أمر عامر , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " علام يقتل أحدكم أخاه ! ألا بركت ? إن العين حق , توضأ له " , فتوضأ له عامر , فراح سهل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس به بأس . و هذا إسناد صحيح . ثم أخرجه هو و ابن ماجه ( 2 / 356 ) و أحمد ( 3 / 487 ) من طريق الزهري عن أبي أمامة به نحوه , و ليس فيه : إن العين حق . و فيه بيان صفة اغتسال عامر , و عند أحمد صفة الصب على سهل . و هو صحيح أيضا و قد روى التبريك من فعله عليه السلام فانظر : ( كان إذا خاف ) , و الجملة الأخيرة من الحديث متفق عليه من حديث أبي هريرة , و لها شواهد كثيرة تقدم بعضها برقم ( 1248 - 1251 ) , و انظر الحديث الآتي ( 2576 ) . و الحديث أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 6 / 94 - 101 ) من طرق عن ابن شهاب الزهري به . و له عنده طريقان آخران عن أبي أمامة , أحدهما من طريق مسلمة المتقدمة عند أبي يعلى . 2573 " ارملوا بالبيت ليرى المشركون قوتكم " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 150 : أخرجه أحمد ( 1 / 373 ) : حدثنا روح حدثنا حماد - يعني ابن سلمة - عن أيوب بن جبير عن #ابن عباس #: أن قريشا قالت : إن محمدا و أصحابه قد وهنتهم حمى يثرب , فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم العام الذي اعتمر فيه قال لأصحابه : فذكره , فلما رملوا قالت قريش : ما وهنتهم . هذا سند صحيح على شرط مسلم . و قد علقه البخاري في " صحيحه " ( 5 / 86 ) عن حماد بن سلمة به نحوه , و تابعه حماد بن زيد عن أيوب به نحوه , و لفظه : " و أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يرملوا ثلاثة أشواط , و يمشوا ما بين الركنين ليري المشركين جلدهم , فقال المشركون : هؤلاء الذين زعمتم أن الحمى قد وهنتهم , هؤلاء أجلد من كذا و كذا ! " . و في " المسند " ( 1 / 305 ) طريق آخر رواه عن أبي الطفيل عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزل ( مر الظهران ) في عمرته بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن قريشا تقول : ما يتباعثون من العجف ! فقال أصحابه : لو انتحرنا من ظهرنا فأكلنا من لحمه و حسونا من مرقه أصبحنا غدا حين ندخل على القوم و بنا جمامة , قال : " لا تفعلوا و لكن اجمعوا إلي من أزوادكم " , فجمعوا له و بسطوا الأنطاع فأكلوا حتى تولوا <1>1>, و حثا كل واحد منهم في جراب , ثم أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى دخل المسجد - و قعدت قريش نحو الحجر - فاضطبع بردائه ثم قال : " لا يرى القوم فيكم غمزة " , فاستلم الركن ثم دخل حتى إذا تغيب عن الركن اليماني مشى إلى الركن الأسود , فقالت قريش : ما يرضون بالمشي , إنهم لينقزون نقز الظباء , ففعل ذلك ثلاثة أطواف فكانت سنة , قال أبو الطفيل : و أخبرني ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك في حجة الوداع . و سنده صحيح على شرط مسلم أيضا . و أخرجه البيهقي في " دلائل النبوة " ( 3 / 3 / 1 ) من الوجهين . و رواه مسلم ( 4 / 64 ) من طريق الجريري عن أبي الطفيل نحوه . و هو مخرج في " الإرواء " ( 4 / 315 ) . ثم روى من طريق عطاء عن ابن عباس قال : " إنما سعى رسول الله صلى الله عليه وسلم و رمل بالبيت ليري المشركين قوته " . ( فائدة ) : قد يقول قائل : إذا كان علة شرعية الرمل إنما هي إراءة المشركين قوة المسلمين , أفلا يقال : قد زالت العلة فيزول شرعية الرمل ? و الجواب : لا , لأن النبي صلى الله عليه وسلم رمل بعد ذلك في حجة الوداع كما جاء في حديث جابر الطويل و غيره مثل حديث ابن عباس هذا في رواية أبي الطفيل المتقدمة . و لذلك قال ابن حبان في " صحيحه " ( 6 / 47 - الإحسان ) : " فارتفعت هذه العلة , و بقي الرمل فرضا على أمة المصطفى صلى الله عليه وسلم إلى يوم القيامة " . ----------------------------------------------------------- [1] كذا الأصل , و كذا في " جامع المسانيد " ( 31 / 32 ) و " مجمع الزوائد " ( 3 / 278 ) و الظاهر أن المراد : انصرفوا و قد شبعوا , و زاد حتى حثها كل واحد . اهـ . 2574 " استعينوا بالنسل , فإنه يقطع عنكم الأرض و تخفون له " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 152 : أخرجه ابن خزيمة في " صحيحه " ( 1 / 255 / 1 ) : حدثنا محمد بن بشار حدثنا عبد الوهاب بن عبد المجيد حدثنا جعفر بن محمد عن أبيه عن #جابر #: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج عام الفتح , ثم اجتمع إليه المشاة من أصحابه و صفوا له , و قالوا : نتعرض لدعوات رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : اشتد علينا السفر . و طالت الشقة , فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره . ففعلنا ذلك و خفنا له , و ذهب ما كنا نجد " . قلت : و هذا سند صحيح على شرط مسلم , و قد أخرجه أبو يعلى في " مسنده " ( 3 / 400 / 1880 ) من طريق أخرى عن عبد الوهاب به . ثم رواه من طريق ابن جريج : أخبرني جعفر بن محمد به نحوه , و لفظه : " عليكم بالنسلان " . قال : فنسلنا فوجدناه أخف علينا . و هو صحيح أيضا , و قد مضى بتخريج آخر ( 465 ) . و قد وجدت له شاهدا بإسناد لا بأس به في الشواهد من حديث عبد الله بن عمرو مختصرا بلفظ : " اشتدوا " . رواه محمد بن مخلد العطار في " المنتقى من حديثه " ( 2 / 15 / 2 ) عن إسماعيل بن مسلم عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : " شكونا إلى النبي صلى الله عليه وسلم العيا , فقال : " فذكره . و قد روي الحديث من طريق أخرى عن أبي سعيد الخدري مرفوعا بلفظ : " اربطوا أوساطكم بأرديتكم , و عليكم بالهرولة " . و هو مخرج في الكتاب الآخر ( 2734 ) . و ( النسل ) و ( النسل ) و ( النسلان ) : الإسراع في المشي . 2575 " اشربوا فإني أيسركم , قاله للصائمين في السفر " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 153 : أخرجه أبو يعلى في " مسنده " ( ق 70 / 2 ) : حدثنا وهب بن بقية : أنبأنا خالد عن الجريري عن أبي نضرة عن #أبي سعيد #قال : " مر النبي صلى الله عليه وسلم على نهر من ماء و هو على بغل , و الناس صيام , و المشاة كثير , فقال : " اشربوا " , فجعلوا ينظرون إليه , فقال : فذكره , فجعلوا ينظرون إليه , فحول وركه , فشرب و شرب الناس " . ثم رواه ( 78 / 2 ) : حدثنا زهير حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث : حدثني أبي حدثنا الجريري به بلفظ : " قام رسول الله صلى الله عليه وسلم على نهر من ماء السماء , و الناس صيام في يوم صائف , و هم مشاة و رسول الله صلى الله عليه وسلم على بغلته , فقال : " اشربوا أيها الناس " , قالوا : نشرب يا رسول الله ? ! قال : فقال : " إني لست مثلكم , إني أيسر منكم , إني راكب " . فأبوا , فثنى نبي الله صلى الله عليه وسلم فخذه , فنزل فشرب و شرب الناس , و ما كان يريد أن يشربه . قلت : و إسناده صحيح من الوجهين , و الجريري هو أبو مسعود سعيد بن إياس البصري , ثقة من رجال الشيخين , و كان قد اختلط , لكن لم يكن اختلاطه فاحشا كما قال ابن حبان , و لعله لذلك أخرج له الشيخان . و الحديث أخرجه أحمد في " مسنده " ( 3 / 21 ) : حدثنا يزيد : أنبأنا أبو مسعود الجريري به نحوه . و يزيد هذا هو ابن هارون الواسطي , و هو ثقة أيضا من رجال الشيخين , لكن قول المعلق على " مسند أبي يعلى " ( 2 / 338 ) : إنه قديم السماع من الجريري , وهم محض , لمخالفته لما في " التهذيب " عن العجلي : " روى عنه في الاختلاط يزيد بن هارون و ابن المبارك .. و .. " إلخ . و إنما صححنا حديثه لما ذكرته آنفا . و الله أعلم . 2576 " أصدق الطيرة الفأل , و العين حق " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 154 : أخرجه أحمد ( 2 / 289 ) : حدثنا خلف بن الوليد حدثنا أبو معشر عن محمد بن قيس قال : سئل #أبو هريرة #: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم , الطيرة في ثلاث : في المسكن و الفرس و المرأة ? قال : إذا أقول على رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ما لم يقل ?! و لكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ] , يقول : فذكره . و هذا إسناد ضعيف لضعف أبي معشر و شيخه محمد بن قيس . كما في " التقريب " . و الزيادة من " المسند " تحقيق أحمد شاكر ( 14 / 266 - 267 ) . لكن للحديث طريق أخرى , يرويه شيبان عن يحيى بن أبي كثير عن حية حدثه عن أبيه عن أبي هريرة به نحوه . أخرجه أحمد أيضا ( 5 / 70 ) و في إسناده جهالة و اضطراب بينته في " الضعيفة " ( 4804 ) .و في " الصحيحين " و " المسند " ( 2 / 266 ) من طريق أخرى عن أبي هريرة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " لا طيرة , و خيرها الفأل . قيل : يا رسول الله : و ما الفأل ? قال : الكلمة الصالحة يسمعها أحدكم " . و لهذا شاهد من حديث أنس عند الشيخين تقدم تخريجه برقم ( 786 ) . و أما جملة " العين حق " فهي مستفيضة إن لم تكن متواترة , و قد تقدم تخريج الكثير الطيب من طرقها , فانظر الأحاديث ( 781 و 1248 - 1251 ) . و للجملة الأولى شاهد يرويه ابن السني في " عمل اليوم و الليلة " ( 97 / 288 ) بسند صحيح عن الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن عقبة بن عامر الجهني قال : سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الطيرة ? قال : " أصدقها الفأل , و لا ترد مسلما .. " الحديث . و حبيب بن أبي ثابت مدلس , و نحوه الأعمش , لكن تابعه سفيان عن حبيب , لكنه قال : عن عروة بن عامر . أخرجه أبو داود ( 3919 ) و البيهقي ( 8 / 139 ) . قلت : و عروة بن عامر هو القرشي , و يقال الجهني المكي , مختلف في صحبته , و قوله في " عمل اليوم " : ( عقبة ) أظنه محرفا من بعض النساخ . و على الصواب ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية في آخر كتابه " الكلم الطيب " دون أن يعزوه لأحمد , و كنت عزوته في التعليق عليه لأبي داود , و الأولى أن يعزى لابن السني لأن لفظه مطابق للفظه . و الله أعلم . و أخرجه عبد الرزاق ( 10 / 406 / 19512 ) عن معمر عن الأعمش أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فذكره . و هذا صحيح معضل . 2577 " أفما يسرك إذا أدخلك الله الجنة أن تجده على باب من أبوابها فيفتحه لك . يعني ابنه الصغير " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 156 : رواه ابن سعد ( 7 / 32 - 33 ) : أخبرنا عبد الله بن جعفر الرقي قال : حدثنا عبيد الله بن عمرو عن عبد الملك بن عمير عن #معاوية بن قرة عن عمه #أنه كان يأتي النبي بابنه فيجلسه بين يديه , فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : " تحبه ? " قال : نعم حبا شديدا , قال : ثم إن الغلام مات , فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : " كأنك حزنت عليه ? " قال : أجل يا رسول الله , قال : فذكره . قال : بلى , قال : " فإنه كذلك إن شاء الله " . قلت : و هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين , لكن رابني منه قوله : " عن عمه " , و قد تبادر لذهني أول الأمر أنه لعله محرف من " عن أبيه " , فإنه هكذا في " المسند " و " سنن النسائي " بإسنادين عن معاوية بن قرة , و كلاهما أصح من هذا . و لكن يبدو أنه لا تحريف , فإن ابن سعد أورده في ترجمة ( أخو قرة بن إياس ) فالظاهر أنه وهم من بعض رواته , و هو من أحد العبدين : ابن جعفر , أو ابن عمير , فإن كلاهما كان تغير حفظه . ثم إن لفظ الحديث عند النسائي في إحدى روايتيه أتم , فراجعه إن شئت في " أحكام الجنائز " ( ص 162 ) . 2578 " ألا أخبرك بأفضل أو أكثر من ذكرك الليل مع النهار و النهار مع الليل ? أن تقول : سبحان الله عدد ما خلق , سبحان الله ملء ما خلق , سبحان الله عدد ما في الأرض و السماء , سبحان الله ملء ما في السماء و الأرض , سبحان الله ملء ما خلق , سبحان الله عدد ما أحصى كتابه , و سبحان الله ملء كل شيء , و تقول : الحمد لله , مثل ذلك " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 157 : هذا الحديث من رواية # أبي أمامة الباهلي : صدي بن عجلان #مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم , و له عنه طرق . الأولى : عن ابن عجلان عن مصعب بن محمد بن شرحبيل عن محمد بن سعد بن زرارة عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم مر به و هو يحرك شفتيه فقال : " ماذا تقول يا أبا أمامة ? " قال : أذكر ربي . قال : ... فذكره . أخرجه النسائي في " عمل اليوم و الليلة " ( رقم 166 ) و ابن حبان في " صحيحه " ( 2331 - مواد الظمآن ) و الروياني في " مسنده " ( 30 / 221 / 1 ) و الطبراني في " المعجم الكبير " ( 8122 ) لكن في إسناده خلط ! قلت : و هذا إسناد حسن رجاله ثقات على الخلاف المعروف في محمد بن عجلان . الثانية : عن سالم بن أبي الجعد قال : حدثني أبو أمامة به نحوه . أخرجه الحاكم ( 1 / 513 ) و من طريقه البيهقي في " الدعوات " ( رقم 132 ) و أحمد ( 5 / 249 ) و قال الحاكم : " صحيح على شرط الشيخين " . و وافقه الذهبي , و هو كما قالا . الثالثة : عن مجاهد بن رومي مثل الرواية الأولى . أخرجه الأصبهاني في " الترغيب و الترهيب " ( ق 78 / 1 ) و السهمي في " تاريخ جرجان " ( ص 117 ) و في " فوائده " ( ق 166 / 1 ) و الطبراني في " الدعاء " ( 1743 ) . قلت : و إسناده صحيح رجاله كلهم ثقات , رجال الشيخين غير مجاهد هذا , و قد وثقه ابن معين و ذكره ابن حبان في " الثقات " ( 7 / 499 ) . الطريق الرابعة : عن المعتمر بن سليمان : سمعت ليثا عن عبد الكريم بن أبي المخارق عن أبي عبد الرحمن القاسم عن أبي أمامة مرفوعا نحوه , إلا أنه قال : ( الحمد لله ) مكان ( سبحان الله ) . أخرجه الروياني ( 30 / 220 / 2 ) و الطبراني في " الكبير " ( 7930 ) و في " الدعاء " ( 1744 ) و زاد في آخره : " تعلمهن و علمهن عقبك من بعدك " . و كذلك رواه ابن عساكر ( 8 / 150 / 1 ) إلا أنه ذكر في آخره التسبيح أيضا . و ليث هو ابن أبي سليم , و هو ضعيف كان قد اختلط , و قول الهيثمي في " المجمع " ( 10 / 93 ) أنه مدلس فمن أوهامه . و ابن أبي المخارق ضعيف . و خالف معتمر أبو إسرائيل فقال : عن ليث عن يزيد بن الأصم عن أم الدرداء عن أبي الدرداء ... فخالف في الإسناد , و جعله من مسند أبي الدرداء . و أبو إسرائيل ضعيف و اسمه ( إسماعيل بن خليفة الملائي ) . الطريق الخامسة : عن الحسن بن أبي جعفر عن محمد بن جحادة عن الوليد ابن العيزار عن أبي أمامة به مطولا , ذكر فيه التسبيح و التحميد و التكبير و التهليل و ختمهن بقوله : " قلهن يا أبا أمامة و علمهن عقبك , فإنهن أفضل من ذكرك الليل مع النهار و ذكرك النهار مع الليل " . أخرجه البيهقي برقم ( 131 ) . و الحسن بن أبي جعفر ضعيف كما قال الحافظ في " التقريب " . و الحديث أورده المنذري في " الترغيب " بنحو حديث الترجمة و أتم منه , و قال : ( 2 / 253 ) : " رواه أحمد و ابن أبي الدنيا و اللفظ له , و النسائي , و ابن خزيمة و ابن حبان في " صحيحيهما " باختصار , و الحاكم , و قال : صحيح على شرط الشيخين , و رواه الطبراني بإسنادين أحدهما حسن .. " . 2579 " أفي القوم أبي ? ". قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 159 : رواه الحربي في " الغريب " ( 5 / 184 / 2 ) : حدثنا أحمد بن جعفر حدثنا وكيع عن سفيان عن سلمة عن ذر عن # ابن أبزى عن أبيه # أن النبي صلى الله عليه وسلم أغفل آية , فلما صلى قال : أفي القوم أبي ? فقال أبي : آية كذا نسخت أم نستها ? قال : " بل أنسيتها " . قلت : و هذا سند صحيح رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير أحمد بن جعفر - و هو الضرير الوكيعي - و هو حافظ ثقة له ترجمة في " تاريخ بغداد " ( 4 / 58 - 59 ) . و رواه أئمة آخرون , و هو مخرج في " صفة الصلاة " , و إنما أخرجته هنا لعزة هذا المصدر . و في الحديث دلالة واضحة على جواز الفتح على الإمام إذا ارتج عليه في القراءة , و ما في بعض المذاهب أن المقتدي إذا أراد أن يفتح على إمامه ينبغي عليه أن ينوي القراءة ! فهو رأي يغني حكايته عن رده ! 2580 " أقبلت مع سادتي نريد الهجرة , حتى دنونا من المدينة , قال : فدخلوا المدينة و خلفوني في ظهرهم , قال : فأصابني مجاعة شديدة , قال : فمر بي بعض من يخرج من المدينة فقالوا لي : لو دخلت المدينة فأصبت من ثمر حوائطها , فدخلت حائطا فقطعت منه قنوين , فأتاني صاحب الحائط , فأتى بي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم و أخبره خبري , و علي ثوبان , فقال لي : " أيهما أفضل ? " , فأشرت له إلى أحدهما , فقال : " خذه " , و أعطى صاحب الحائط الآخر و خلى سبيلي " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 160 : أخرجه أحمد ( 5 / 223 ) : حدثنا ربعي بن إبراهيم حدثنا عبد الرحمن - يعني ابن إسحاق - : حدثنا أبي , عن عمه و عن أبي بكر بن زيد بن المهاجر أنهما سمعا #عميرا مولى أبي اللحم #قال : فذكره . قلت : و هذا إسناد حسن رجاله كلهم ثقات معروفون غير عم إسحاق , و هو إسحاق بن عبد الله بن الحارث بن كنانة العامري , فلم أعرفه , و لا يخدج ذلك في السند , لأنه مقرون بأبي بكر بن زيد بن المهاجر , و هذا ثقة من رجال مسلم , و اسمه محمد , و كنيته أبو بكر كما جزم بذلك الحافظ ابن حجر في " تعجيل المنفعة " ( ص 469 ) خلافا لابن أبي حاتم , فإنه ذكر في " الجرح و التعديل " ( 4 / 2 / 342 ) عن أبيه أن محمد بن زيد بن المهاجر هو أخو أبي بكر هذا . و الله أعلم . و الحديث أخرجه البيهقي ( 10 / 3 ) من طريق أخرى عن عبد الرحمن بن إسحاق عن أبيه عن عمير , فأسقط من السند أبا بكر هذا و قرينه عم إسحاق بن عبد الله . و أخرجه الحاكم ( 4 / 132 ) من طريق ثالثة عن عبد الله موصولا , لكن وقع في سنده شيء من التحريف , لا أدري هو من الطابع أم من بعض الرواة , و قال : " صحيح الإسناد " . و وافقه الذهبي . قلت : و لولا أن في عبد الرحمن هذا بعض الضعف من قبل حفظه لحكمت على الحديث بالصحة , فهو حسن فقط . و الله أعلم . من فقه الحديث : فيه دليل على جواز الأكل من مال الغير بغير إذنه عند الضرورة , مع وجوب البدل . أفاده البيهقي . قال الشوكاني ( 8 / 128 ) : " فيه دليل على تغريم السارق قيمة ما أخذه مما لا يجب فيه الحد , و على أن الحاجة لا تبيح الإقدام على مال الغير مع وجود ما يمكن الانتفاع به أو بقيمته , و لو كان مما تدعو حاجة الإنسان إليه , فإنه هنا أخذ أحد ثوبيه و دفعه إلى صاحب النخل " . و من هنا يتبين خطأ الشيخ تقي الدين النبهاني في كتابه " النظام الاقتصادي في الإسلام " , فإنه أباح فيه ( ص 20 - 21 ) للفرد إذا تعذر عليه العمل و لم تقم الجماعة الإسلامية بأوده " أن يأخذ ما يقيم به أوده من أي مكان يجده , سواء كان ملك الأفراد أو ملك الدولة , و يكون ملكا حلالا له , و يجوز أن يحصل عليه بالقوة , و إذا أخذ الجائع طعاما يأكله أصبح هذا الطعام ملكا له " ! و وجه الخطأ واضح جدا , و ذلك من عدة نواح , أهمها معارضته للحديث , فإنه لم يملك الجائع ما أخذه من الطعام ما دام يجد بدله . و منها أن المحتاج له طرق مشروعة لابد له من سلوكها كالاستقراض دون فائدة , و سؤال الناس ما يغنيه شرعا , و نحو ذلك من الوسائل الممكنة . فما بال الشيخ - عفا الله عنه - صرف النظر عنها , و أباح للفرد أخذ المال بالقوة دون أن يشترط عليه سلوك هذه الطرق المشروعة ? ! و لست أشك أنه لو انتشر بين الناس رأي الشيخ هذا لأدى إلى مفاسد لا يعلم عواقبها إلا الله تعالى . 2581 " اقرأ القرآن على سبعة أحرف كلها شاف كاف " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 162 : رواه الحربي في " غريب الحديث " ( 5 / 142 / 2 ) : حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن حميد عن #أنس #مرفوعا . قلت : و هذا سند صحيح على شرط البخاري , و مسدد هو ابن مسرهد , و قد خولف في إسناده بحيث يتبين أنه من مراسيل أنس رضي الله عنه , لكن مراسيل الصحابة صحيحة كما هو مقرر في علم المصطلح , و بخاصة أنه قد ثبت أنه تلقاه عن أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم , فقال الإمام أحمد ( 5 / 114 ) : حدثنا يحيى بن سعيد به .. عن أنس أن أبيا قال : " ما حك في صدري شيء منذ أسلمت إلا أني قرأت آية .. " فذكر الحديث . قلت : و تمامه كما في النسائي ( 1 / 150 ) من طريق آخر عن يحيى : و قرأها آخر غير قراءتي , فقلت : أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم , و قال الآخر : أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ! فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت : يا نبي الله ! أقرأتني آية كذا و كذا ? قال : نعم , و قال الآخر : ألم تقرئني آية كذا و كذا ? قال : " نعم , إن جبريل و ميكائيل عليهما السلام أتياني , فقعد جبريل عن يميني , و ميكائيل عن يساري , فقال جبريل عليه السلام : اقرأ القرآن على حرف , فقال ميكائيل : استزده استزده , حتى بلغ سبعة أحرف , فكل حرف شاف كاف " . و قد سبق تخريجه برقم ( 843 ) , و قد رواه الإمام ابن جرير الطبري أيضا في مقدمة " تفسيره " ( رقم 26 و 27 ) من طرق أخرى عن حميد الطويل به . و رواه هو و أحمد من طريق حماد بن سلمة عن حميد به , إلا أنه أدخل بين أنس و أبي عبادة بن الصامت ! و أظن أن ذلك من أوهام ابن سلمة لمخالفته لرواية الثقات المتقدمة عن حميد . و له شاهد من رواية علي بن زيد عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه نحوه , و زاد : " ما لم يختم آية عذاب برحمة , أو آية رحمة بعذاب , كقولك : ( هلم ) و ( تعال ) " . أخرجه ابن جرير ( 40 ) و الطحاوي في " المشكل " ( 4 / 191 ) و أحمد ( 5 / 51 ) و علي بن زيد - و هو ابن جدعان - ضعيف من قبل حفظه , لكن هذه الزيادة صحيحة , لأن لها شاهدا من طريق أخرى عن أبي صحيحة , سبق ذكرها و تخريجها في الموضع المشار إليه آنفا . و في ذلك بيان أن المراد بالسبعة أحرف سبع لغات في حرف واحد و كلمة واحدة باختلاف الألفاظ و اتفاق المعاني , كما شرحه و بينه بيانا شافيا الإمام الطبري في مقدمة تفسيره , كما أوضح أن الأمة ثبتت على حرف واحد دون سائر الأحرف الستة الباقية , و أنه ليس هناك نسخ و لا ضياع , و أن القراءة اليوم على المصحف الذي كان عثمان رضي الله عنه جمع الناس عليه , في كلام رصين متين , فراجعه , فإنه مفيد جدا . 2582 " اخرجوا فإذا أتيتم أرضكم فاكسروا بيعتكم و انضحوا مكانها بهذا الماء و اتخذوها مسجدا . قالوا : إن البلد بعيد و الحر شديد و الماء ينشف ? فقال : مدوه من الماء , فإنه لا يزيده إلا طيبا " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 164 : أخرجه النسائي ( 8 / 1 المساجد - 11 باب ) و ابن حبان ( 98 / 304 - موارد ) من طريق عبد الله بن بدر عن قيس بن طلق عن أبيه #طلق بن علي #قال : " خرجنا وفدا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فبايعناه و صلينا معه و أخبرناه أن بأرضنا بيعة لنا , فاستوهبناه من فضل طهوره , فدعا بماء فتوضأ و تمضمض ثم صبه في إداوة و أمرنا , فقال : فذكره . فخرجنا حتى قدمنا بلدنا فكسرنا بيعتنا , ثم نضحنا مكانها و اتخذناها مسجدا , فنادينا فيه بالأذان , قال : و الراهب رجل من طيء فلما سمع الأذان قال : دعوة حق , ثم استقبل تلعة من تلاعنا فلم نره بعد " . قلت : إسناده صحيح , و من هذا الوجه أخرجه أحمد ( 4 / 23 ) و الحربي في " غريب الحديث " ( 5 / 141 / 2 و 156 / 2 ) من الوجه المذكور مختصرا . 2583 " التمسوا الساعة التى ترجى في يوم الجمعة بعد العصر إلى غيبوبة الشمس " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 165 : رواه الترمذي ( رقم 489 ) و الحسن بن شقيق في " المنتقى من الأمالي " ( 42 / 2 ) و ابن عدي ( 300 / 2 و 325 / 1 ) و أبو نعيم في " أخبار أصبهان " ( 1 / 176 - 177 ) عن محمد بن حميد عن موسى بن وردان عن #أنس بن مالك #مرفوعا . و قال ابن عدي : " محمد بن حميد - و يقال : حماد بن أبي حميد - حديثه مقارب , و هو مع ضعفه يكتب حديثه " . و قال في الموضع الآخر : " لا يرويه عن موسى غير محمد بن أبي حميد , و محمد لين " . قلت : نعم هو لين , و لكنه قد توبع , و لعل الترمذي أشار إلى ذلك بقوله عقبه : " حديث غريب من هذا الوجه , و قد روي عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم من غير هذا الوجه " . و المتابع هو ابن لهيعة , أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 1 / 258 / 747 ) و في " الأوسط " ( 1 / 10 / 135 - بترقيمي ) من طريق يحيى بن بكير : حدثنا ابن لهيعة عن موسى بن وردان به , و زاد في آخره : " و هي قدر هذا يعني : قبضته " . و قال الطبراني : " لم يروه عن موسى إلا ابن لهيعة " . قلت : و من الطرائف أن قوله هذا مردود بقول ابن عدي المتقدم و روايته , كما أن قول ابن عدي مردود بقول الطبراني و روايته , و جل من أحاط بكل شيء علما . ثم إن الحديث عندي حسن بمجموع الطريقين , ثم إنه يرتقي إلى درجة الصحة بحديث جابر رضي الله عنه مرفوعا نحوه أتم منه , رواه أبو داود و غيره , و صححه جمع , و هو مخرج في " صحيح أبي داود " ( 963 ) . 2584 " اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد , و صححها و بارك لنا في صاعها و مدها و انقل حماها فاجعلها بالجحفة " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 166 : رواه البخاري ( 2 / 224 - 225 و 4 / 264 و 7 / 5 و 160 ) و مسلم ( 4 / 119 ) و مالك ( 3 / 87 ) و ابن حبان ( 6 / 15 / 3716 - الإحسان ) و أحمد ( 6 / 56 و 65 و 221 - 222 و 260 ) من حديث عروة عن # عائشة # قالت : لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وعك أبو بكر و بلال , قالت : فدخلت عليهما , فقلت : يا أبت كيف تجدك ? و يا بلال كيف تجدك ? قالت : فكان أبو بكر إذا أخذته الحمى يقول : كل امرىء مصبح في أهله , و الموت أدنى من شراك نعله . و كان بلال إذا أقلع عنه الحمى يرفع عقيرته و يقول , و في رواية لأحمد : تغنى فقال : ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة , بواد و حولي إذخر و جليل , و هل أردن يوما مياه مجنة , و هل يبدون لي شامة و طفيل . قالت عائشة : فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته , فقال : فذكره . زاد أحمد في رواية : قال : فكان المولود يولد بالجحفة , فما يبلغ الحلم حتى تصرعه الحمى . و السياق لأحمد , و سنده صحيح على شرط الستة . و له عنده ( 6 / 239 - 240 ) طريق أخرى عنها . و سنده حسن . ( فائدة ) : الجحفة : بضم الجيم قرية جامعة على اثنين و ثمانين ميلا من مكة , و كانت تسمى ( مهيعة ) كما في " القاموس " . و قد كان سكانها في ذلك الوقت اليهود , و لم يكن بها مسلم , و لذلك دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بنقل حمى المدينة إليها كما قال ابن حبان , و نحوه في " شرح مسلم " للنووي . 2585 " اللهم اغفر لحذيفة و لأمه " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 167 : رواه ابن أبي الدنيا في " التهجد " ( 2 / 60 ) : حدثنا أبو عبد الرحمن عبد الله ابن محمد بن إسحاق الأذرعي حدثنا زيد بن الحباب أخبرنا إسرائيل عن ميسرة بن حبيب عن المنهال بن عمرو عن زر بن حبيش عن #حذيفة بن اليمان #قال : " أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فصليت معه المغرب , فلما فرغ صلى , فلم يزل يصلي حتى صلى العشاء ثم خرج , فتبعته , قال : من هذا ? قلت : حذيفة , قال : فذكره " . و رواه ابن عساكر ( 4 / 147 / 2 ) من طريق أبي يعلى : نبأنا أبو عبد الرحمن الأذرعي به , و من طريق أحمد : أنبأنا حسين بن محمد : نبأنا إسرائيل به . قلت : و هو في " المسند " ( 5 / 391 ) : حدثنا حسين بن محمد به أتم منه . ثم أخرجه أحمد ( 5 / 404 ) و الحاكم ( 1 / 312 - 313 ) من طريق زيد بن الحباب به مختصرا ليس فيه حديث الترجمة , و رواية الحاكم مختصرة جدا ليس فيها إلا الصلاة بين المغرب و العشاء . و هكذا رواه ابن خزيمة في " صحيحه " ( 1194 ) من هذا الوجه , و عزاه المنذري في " الترغيب " ( 1 / 205 ) للنسائي بإسناد جيد . هكذا أطلق العزو للنسائي , و هو إنما أخرجه في " السنن الكبرى / المناقب " ( 5 / 80 - 81 ) و قال الحاكم : " صحيح على شرط الشيخين " . و وافقه الذهبي , و هو من أوهامهما , فإن ميسرة بن حبيب ليس من رجالهما , و هو ثقة . و الحديث أخرجه الترمذي في " المناقب " ( 9 / 338 / 3783 ) من طريق أخرى عن إسرائيل مثل رواية " المسند " عن حسين بن محمد , و ابن نصر في " قيام الليل " ( ص 33 ) أخصر منه . و قال الترمذي : " حديث حسن غريب , لا نعرفه إلا من حديث إسرائيل " . قلت : هو ابن يونس بن أبي إسحاق السبيعي , و هو ثقة , تكلم فيه بغير حجة كما في " التقريب " , فالإسناد صحيح . 2586 " اطلعت في الجنة فرأيت أكثر أهلها الفقراء , و اطلعت في النار فرأيت أكثر أهلها النساء " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 168 : أخرجه مسلم ( 8 / 88 ) و الترمذي ( 2605 ) و أحمد ( 1 / 224 ) من طريق أيوب عن أبي رجاء العطاردي قال : سمعت #ابن عباس #يقول : قال محمد صلى الله عليه وسلم : فذكره . و تابعه حماد بن نجيح سمعه من أبي رجاء به . أخرجه أحمد ( 1 / 234 ) و السهمي في " تاريخ جرجان " ( 47 ) و قرن مع حماد صخر بن جويرية بلفظ : " المساكين " مكان " الفقراء " , و المعنى واحد , و له شاهد كما يأتي قريبا . و رواه البخاري ( 6541 ) و الترمذي أيضا ( 2606 ) و ابن حبان ( 7412 - الإحسان ) و أحمد ( 4 / 429 ) من طريق عوف بن أبي جميلة عن أبي رجاء عن عمران مرفوعا به . و قال الترمذي : " حديث حسن صحيح , و هكذا يقول عوف : عن أبي رجاء عن عمران بن حصين , و يقول أيوب : عن أبي رجاء عن ابن عباس . و كلا الإسنادين ليس فيهما مقال , و يحتمل أن يكون أبو رجاء سمع منهما جميعا , و قد روى غير عوف أيضا هذا الحديث : عن أبي رجاء عن عمران بن حصين " . قلت : و هذا هو الراجح , أن أبا رجاء يرويه عن ابن عباس , و عن عمران فإنه ثقة حجة , و قد تابعه مطرف عن عمران عند أحمد ( 4 / 443 ) . و يشهد للحديث ما رواه أبو عثمان عن أسامة بن زيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " قمت على باب الجنة , فإذا عامة من دخلها المساكين , و إذا أصحاب الجد محبوسون , إلا أصحاب النار , فقد أمربهمإلى النار , و قمت على باب النار , فإذا عامة من دخلها النساء " . أخرجه البخاري ( 5196 و 6547 ) و مسلم أيضا , و ابن حبان ( 7413 ) و أحمد ( 5 / 205 و 209 ) . و روي الحديث عن ابن عمرو أيضا بإسناد ضعيف فيه لفظة منكرة , و هي : " الأغنياء و النساء " , و لذلك خرجته في الكتاب الآخر ( 2800 ) . 2587 " أفضل الصدقة المنيحة , تغدو بعساء و تروح بعساء " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 170 : رواه الخطابي في " غريب الحديث " ( 106 / 2 ) عن الحميدي : أخبرنا سفيان أخبرنا أبو الزناد عن الأعرج عن #أبي هريرة #مرفوعا , و قال : " قال الحميدي : ( العساء ) العس الكبير " . قال الخطابي : " و لم أسمعه إلا في هذا الحديث , و الحميدي من أهل اللسان , و رواه ابن المبارك فقال : " تغدو برفد , و تروح برفد " , و كان ذلك شاهدا لقول الحميدي , لأن الرفد : القدح الكبير , و أول الأقداح الغمر , و هو الذي لا يبلغ الري , ثم القعب , و هو قدر ري الرجل , ثم القدح , و هو يروي الاثنين و الثلاثة , ثم العس , يعب فيه الجماعة , ثم الرفد , أكبر منه , ثم الصحن , أكبر منه , ثم التبن , , و هو أكبرها , ثم أكبر منها الجنبة , تعمل من جنب البعير " . و هكذا في النسخة المطبوعة من " الغريب " ( 1 / 507 - 508 ) , و نقل ابن الأثير منه إلى قوله : " من أهل اللسان " , و قال عقبه : " و رواه أبو خيثمة , ثم قال : أو قال : " بعساس " كان أجود , فعلى هذا يكون جمع ( العس ) , أبدل الهمز من السين " . و الحديث في " مسند الحميدي " ( 1061 ) بهذا السياق , إلا أنه وقع فيه : " بعس " في الموضعين , و ذكر المعلق عليه أن الأصل ( نفس ) . قلت : و لعل الأصل ( بعساء ) , فلم يحسن الناسخ قراءته , ثم صححه المعلق من بعض المصادر الحديثية , فإن الحديث رواه أحمد ( 2 / 242 ) بإسناد الحميدي , فقال : حدثنا سفيان بإسناده , لكن بلفظ : " إلا رجل يمنح أهل بيت ناقته تغدو بعس , و تروح بعس , إن أجرها لعظيم " . و هكذا أخرجه مسلم ( 3 / 88 ) من طريق زهير بن حرب : حدثنا سفيان بن عيينة به . و أخرجه البخاري ( 2629 و 5608 ) من طريق الأعرج عن أبي هريرة بلفظ : " نعم الصدقة اللقحة الصفي منحة , الشاة الصفي منحة , تغدو بإناء , و تروح بآخر " . و رواه أحمد ( 2 / 358 و 483 ) نحوه من طريق آخر , و زاد : " و منيحة الناقة كعتاقة الأحمر , و منيحة الشاة كعتاقة الأسود " . و هي زيادة منكرة فيها من لا يعرف حاله , و انظر ترجمة عبد الله بن صبيح في " تيسير انتفاع الخلان " يسر الله لي إتمامه . ( اللقحة ) : الناقة ذات اللبن القريبة العهد بالولادة . ( الصفي ) : أي الكريمة الغزيرة اللبن . 2588 " أصلاتان معا ?! قاله لرجل يصلي و المؤذن يقيم " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 171 : أخرجه أبو يعلى في " مسنده " ( 283 / 1 ) عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن #أبي هريرة #قال : " رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا يصلي , و المؤذن يقيم , فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ... " فذكره . قلت : و هذا إسناد جيد , رجاله ثقات معروفون غير عبد الغفار بن عبد الله بن الزبير شيخ أبي يعلى . أورده ابن أبي حاتم ( 3 / 1 / 54 ) و قال : " روى عن علي بن مسهر و عبد الله بن عطاء الطائي . روى عنه إبراهيم بن يوسف الهسنجاني " . و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا , و قد ذكره ابن حبان في " الثقات " ( 8 / 421 ) و قال : " من أهل الموصل , كنيته أبو نصر .. حدثنا عنه الحسن بن إدريس " . قلت : و روى عنه غيره أيضا , و أخرج له ابن حبان في " صحيحه " ثمانية أحاديث كلها من رواية أبي يعلى عنه , و أحدها مقرون بـ ( الحسن بن إدريس ) . و يشهد للحديث و يقويه حديث ابن بحينة قال : أقيمت صلاة الصبح , فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا يصلي و المؤذن يقيم , فقال : " أتصلي الصبح أربعا ?! " . أخرجه مسلم ( 2 / 154 ) و في رواية له عنه قال : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر برجل يصلي و قد أقيمت صلاة الصبح , فكلمه بشيء لا ندري ما هو ? فلما انصرفنا أحطناه نقول : ماذا قال لك رسول الله صلى الله عليه وسلم ? قال : قال لي : " يوشك أن يصلي أحدكم الصبح أربعا ?! " . و كذا رواه أبو عوانة ( 2 / 37 - 38 ) و ابن ماجه ( رقم 1153 ) و البيهقي ( 2 / 481 ) . و رواه البخاري ( 663 ) نحو الرواية الأولى . و له شواهد أخرى عند ابن خزيمة في " صحيحه " ( 1124 - 1126 ) و ابن حبان ( 441 ) و البزار في " مسنده " ( 1 / 245 / 503 و 517 و 518 ) . 2589 " اللهم فقه في الدين و علمه التأويل " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 173 : أخرجه الطبراني ( 3 / 164 / 2 ) و عنه أبو علي الصواف في " الفوائد " ( 3 / 166 - 167 ) و رواه الضياء في " المختارة " ( 226 / 2 ) بإسنادين عن شبل بن عباد عن سليمان الأحول عن سعيد بن جبير عن #ابن عباس #: أنه سكب للنبي صلى الله عليه وسلم وضوءا عند خالته ميمونة , فلما خرج قال : من وضع لي وضوئي ? قالت : ابن أختي يا رسول الله , قال : فذكره . قال الضياء : " قصدنا من هذا الحديث : " و علمه التأويل " , و أما قوله : " فقهه في الدين " فقد أخرج في الصحيحين " <1>. 1>ثم أخرجه هو ( 233 - 234 ) و البيهقي في " الدلائل " ( ج2 باب ما جاء في دعائه لابن عباس ) و أحمد ( 1 / 266 و 314 و 328 و 335 ) من طريق عبد الله بن عثمان بن خثيم عن سعيد بن جبير به . و كذا أخرجه الطبراني ( 3 / 84 / 2 ) و سنده صحيح على شرط مسلم . ثم قال الضياء : " و لم يخرجا : " و علمه التأويل " , و هذه زيادة حسن " . قلت : و صححه الحاكم ( 3 / 534 ) و وافقه الذهبي . ثم أخرجه الطبراني في " الكبير " ( 3 / 89 / 1 - 2 ) و " الصغير " أيضا ( ص 112 - هند ) من طريق داود بن أبي هند عن ابن جبير به . و له في " الكبير " طريق آخر عن ابن عباس , فقال ( 3 / 113 / 2 ) : حدثنا محمد بن علي بن شعيب السمسار أخبرنا أبي أخبرنا أبو النضر هاشم بن القاسم أخبرنا ورقاء بن عمر عن عمرو بن دينار عنه مرفوعا . و تقدم له طريق رابع بلفظ : " اللهم أعط ابن عباس الحكمة ... " . و الجملة الثانية أخرجها الطبراني ( 3 / 144 / 1 ) من طريق شبيب عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعا . و بالجملة , فالحديث صحيح بهذا التمام , و قد عزاه في " شرح الطحاوية " ( ص 234 ) للبخاري , و هو وهم , كما كنت نبهت عليه في تخريج الحديث هناك , و قد ذكرت ثمة أن الإمام أحمد رواه من طريق أخرى بلفظ آخر , ذكرت طرفا منه , و الآن أرى أن أسوقه بتمامه لأن فيه فائدة فقهية , قل من يعرفها و يعمل بها , و هو التالي . ----------------------------------------------------------- [1] قلت : البخاري في " الوضوء " ( باب 10 ) و مسلم ( 7 / 158 ) من طريق أخرى بلفظ : " اللهم فقهه في الدين " , و في رواية للبخاري في " الفضائل " : " اللهم علمه الكتاب " , و في أخرى " .. علمه الحكمة " , و صححه الترمذي ( 3824 ) . و هو مخرج في " الروض النضير " ( 395 ) . اهـ . 2590 " ما شأني ( و في رواية : ما لك ) أجعلك حذائي فتخنس ?! " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 174 : أخرجه الحاكم ( 3 / 534 ) و الرواية الثانية و الزيادة الآتية بين المعقوفتين له , و أحمد ( 1 / 330 ) و السياق له عن حاتم بن أبي صغيرة أبي يونس عن عمرو بن دينار أن كريبا أخبره أن #ابن عباس #قال : " أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم [ و هو يصلي من آخر الليل ] فصليت خلفه , فأخذ بيدي فجرني فجعلني حذاءه , فلما أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على صلاته خنست , فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم , فلما انصرف قال لي .. فذكره , فقلت : يا رسول الله ! أو ينبغي لأحد أن يصلي حذاءك , و أنت رسول الله الذي أعطاك الله , قال : فأعجبته , فدعا الله لي أن يزيدني علما و فهما , زاد أحمد : " قال : ثم رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم نام حتى سمعته ينفخ , ثم أتاه بلال فقال : يا رسول الله ! الصلاة . فقام فصلى ما أعاد وضوءا " . و قال الحاكم : " صحيح على شرط الشيخين " . و وافقه الذهبي , و هو كما قالا , و قال الهيثمي ( 9 / 284 ) : " رواه أحمد , و رجاله رجال الصحيح " , و الجملة الأخيرة في الدعاء له , قد جاءت من طرق أخرى بأتم منها , و قد سبق ذكرها قبل هذا الحديث . و فيه فائدة فقهية هامة , قد لا توجد في كثير من الكتب الفقهية , بل في بعضها ما يخالفها , و هي : أن السنة أن يقتدي المصلي مع الإمام عن يمينه و حذاءه , غير متقدم عليه , و لا متأخر عنه , خلافا لما في بعض المذاهب أنه ينبغي أن يتأخر عن الإمام قليلا بحيث يجعل أصابع رجله حذاء عقبي الإمام , أو نحوه , و هذا كما ترى خلاف هذا الحديث الصحيح , و به عمل بعض السلف , فقد روى الإمام مالك في " موطئه " ( 1 / 154 ) عن نافع أنه قال : " قمت وراء عبد الله بن عمر في صلاة من الصلوات و ليس معه أحد غيري , فخالف عبد الله بيده , فجعلني حذاءه " . ثم روى ( 1 / 169 - 170 ) عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أنه قال : دخلت على عمر بن الخطاب بالهاجرة , فوجدته يسبح , فقمت وراءه , فقربني حتى جعلني حذاءه عن يمينه , فلما جاء ( يرفأ ) تأخرت فصففنا وراءه . و إسناده صحيح أيضا . بل قد صح ذلك من فعله صلى الله عليه وسلم في قصة مرض وفاته حين خرج و أبو بكر الصديق يصلي الناس , فجلس صلى الله عليه وسلم حذاءه عن يساره , ( مختصر البخاري / 366 ) , و من تراجم البخاري ( 57 - باب يقوم عن يمين الإمام بحذائه سواء إذا كانا اثنين ) . انظر المختصر ( 10 - كتاب الأذان ) و التعليق عليه . تنبيه : تقدم حديث الترجمة برقم ( 606 ) فقدر إعادته هنا بفوائد زائدة , و الخيرة فيما اختاره الله . 2591 " أليس قد صام بعده رمضان و صلى بعده ستة آلاف ركعة , و كذا و كذا ركعة لصلاة السنة ? " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 176 : رواه البيهقي في " الزهد " ( 73 / 2 ) عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن #طلحة بن عبيد الله #: أن رجلين من بلي - و هو حي من قضاعة - قتل أحدهما في سبيل الله , و أخر الآخر بعده سنة ثم مات , قال طلحة : فرأيت في المنام الجنة فتحت , فرأيت الآخر من الرجلين دخل الجنة قبل الأول , فتعجبت . فلما أصبحت ذكرت ذلك , فبلغت رسول الله صلى الله عليه وسلم , فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره . قلت : و هذا إسناد حسن إن كان أبو سلمة سمع من طلحة , فقد نفى سماعه منه ابن معين و غيره , لكن الحديث صحيح لما له من الشواهد يأتي الإشارة إلى بعضها . و قد أخرجه ابن ماجه ( 3925 ) و ابن حبان ( 2466 ) من طريق محمد بن إبراهيم التيمي عن أبي سلمة به أتم منه . و كذا رواه أحمد ( 1 / 161 - 162 و 163 ) , فظننت أن ( محمد بن عمرو ) الذي في إسناد " الزهد " وهم , ثم ظهر أنه رواية , فقد رأيت الإمام أحمد أخرجه ( 2 / 333 ) من طريقه عن أبي سلمة عن أبي هريرة به , ثم من طريقه عن أبي سلمة عن طلحة .. و سنده عن أبي هريرة حسن كما قال المنذري في " الترغيب " ( 1 / 142 ) . و يشهد له حديث عامر بن سعد بن أبي وقاص قال : سمعت سعدا و ناسا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون : فذكره أتم منه . أخرجه ابن خزيمة في " صحيحه " ( 310 ) و الحاكم ( 1 / 200 ) و أحمد ( 1 / 177 ) من طريق مخرمة عن أبيه عنه , و قال الحاكم : " صحيح الإسناد , و لم يخرجاه , و العلة فيه أن طائفة من أهل مصر ذكروا أن مخرمة لم يسمع من أبيه لصغر سنه , .. و أثبت بعضهم سماعه منه " . قلت : و الراجح أن روايته عن أبيه وجادة من كتاب أبيه , و هي حجة , و لعل مالكا رحمه الله أشار إلى ذلك حينما روى الحديث في " الموطأ " ( 1 / 187 ) بلاغا , فقال : إنه بلغه عن عامر بن سعد به , إلا أنه لم يذكر : " و ناسا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم " . 2592 " إن أبي و أباك في النار " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 177 : أخرجه الطبراني في " الكبير " ( 3552 ) : حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي حدثنا أبو كريب حدثنا أبو خالد الأحمر عن داود بن أبي هند عن العباس بن عبد الرحمن عن #عمران بن الحصين #قال : جاء حصين إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال : أرأيت رجلا كان يصل الرحم , و يقري الضيف مات قبلك ? فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره : فما مضت عشرون ليلة حتى مات مشركا . قلت : و هذا إسناد رجاله كلهم ثقات غير العباس بن عبد الرحمن , و هو مولى بني هاشم , لا يعرف إلا برواية داود عنه كما في " تاريخ البخاري " ( 4 / 1 / 5 ) و " الجرح و التعديل " ( 3 / 211 ) و لم يذكرا فيه جرحا و لا تعديلا , فهو مجهول , و قول الحافظ في " التقريب " : " مستور " سهو منه لأنه بمعنى : " مجهول الحال " , و ذلك لأنه نص في المقدمة أن هذه المرتبة إنما هي في " من روى عنه أكثر من واحد و لم يوثق " . قلت : و ذهل عنه الهيثمي , فقال في " المجمع " ( 1 / 117 ) : " رواه الطبراني في " الكبير " , و رجاله رجال ( الصحيح ) " ! و ذلك لأن العباس هذا لم يخرج له الشيخان , و لا بقية الستة , و إنما أخرج له أبو داود في " المراسيل " و " القدر " , و حديثه في " المراسيل " يشبه هذا في المعنى , فقد أخرجه فيه ( برقم 508 ) من طريق داود أيضا عنه قال : جاء رجل إلى العباس فقال : أرأيت الغيطلة - كاهنة بني سهم - في النار مع عبد المطلب ? فسكت : ثم قال : أرأيت الغيطلة .. , فوجأ العباس أنفه , فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما بال أحدكم يؤذي أخاه في الأمر و إن كان حقا ?! " و كذا رواه ابن سعد في " الطبقات " ( 4 / 24 - 25 ) بأتم منه . و الحديث أخرجه الجورقاني <1>في " الأباطيل و المناكير " ( 1 / 235 ) من طريق أخرى عن داود بن أبي هند في جملة أحاديث أخرى تدل كلها - كهذا - على أن من مات في الجاهلية مشركا فهو في النار , و ليس من أهل الفترة كما يظن كثير من الناس , و بخاصة الشيعة منهم , و من تأثر بهم من السنة ! و من تلك الأحاديث , ما رواه حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس أن رجلا قال : يا رسول الله أين أبي ? قال : في النار1> . فلما قفى دعاه , فقال : فذكر حديث الترجمة حرفا بحرف . أخرجه مسلم ( 1 / 132 - 133 ) و أبو عوانة ( 1 / 99 ) و أبو داود ( 4718 ) و الجورقاني ( 1 / 233 ) و صححه , و أحمد ( 3 / 268 ) و أبو يعلى ( 6 / 229 / 3516 ) و ابن حبان ( 578 - الإحسان ) و البيهقي ( 7 / 190 ) من طرق عن حماد بن سلمة به . و منها سعد بن أبي وقاص المتقدم في المجلد الأول برقم ( 18 ) بلفظ : " حيثما مررت بقبر كافر فبشره بالنار " . فراجع سببه هناك , فإنه بمعنى حديث الترجمة لمن تأمله . و إن مما يتصل بهذا الموضوع قوله صلى الله عليه وسلم لما زار قبر أمه : " استأذنت ربي في أن أستغفر لها فلم يأذن لي , و استأذنته في أن أزور قبرها , فأذن لي .. " الحديث . رواه مسلم و غيره , و هو مخرج في " أحكام الجنائز " ( ص 187 - 188 ) من حديث أبي هريرة و بريدة , فليراجعهما من شاء . و الأحاديث في هذا الباب كثيرة , و فيما ذكرنا خير كبير و بركة . و اعلم أيها الأخ المسلم أن بعض الناس اليوم و قبل اليوم لا استعداد عندهم لقبول هذه الأحاديث الصحيحة , و تبني ما فيها من الحكم بالكفر على والدي الرسول صلى الله عليه وسلم , بل إن فيهم من يظن أنه من الدعاة إلى الإسلام ليستنكر أشد الاستنكار التعرض لذكر هذه الأحاديث و دلالتها الصريحة ! و في اعتقادي أن هذا الاستنكار إنما ينصب منهم على النبي صلى الله عليه وسلم الذي قالها إن صدقوا بها . و هذا - كما هو ظاهر - كفر بواح , أو على الأقل : على الأئمة الذين رووها و صححوها , و هذا فسق أو كفر صراح , لأنه يلزم منه تشكيك المسلمين بدينهم , لأنه لا طريق لهم إلى معرفته و الإيمان به , إلا من طريق نبيهم صلى الله عليه وسلم كما لا يخفى على كل مسلم بصير بدينه , فإذا لم يصدقوا بها لعدم موافقتها لعواطفهم و أذواقهم و أهوائهم - و الناس في ذلك مختلفون أشد الاختلاف - كان في ذلك فتح باب عظيم جدا لرد الأحاديث الصحيحة , و هذا أمر مشاهد اليوم من كثير من الكتاب الذين ابتلي المسلمون بكتاباتهم كالغزالي و الهويدي و بليق و ابن عبد المنان و أمثالهم ممن لا ميزان عندهم لتصحيح الأحاديث و تضعيفها إلا أهواؤهم ! و اعلم أيها المسلم - المشفق على دينه أن يهدم بأقلام بعض المنتسبين إليه - أن هذه الأحاديث و نحوها مما فيه الإخبار بكفر أشخاص أو إيمانهم , إنما هو من الأمور الغيبية التي يجب الإيمان بها و تلقيها بالقبول , لقوله تعالى : *( ألم . ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين . الذين يؤمنون بالغيب )* ( البقرة : 1 - 3 ) و قوله : *( و ما كان لمؤمن و لا مؤمنة إذا قضى الله و رسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم .. )* ( الأحزاب : 36 ) , فالإعراض عنها و عدم الإيمان بها يلزم منه أحد أمرين لا ثالث لهما - و أحلاهما مر - : إما تكذيب النبي صلى الله عليه وسلم , و إما تكذيب رواتها الثقات كما تقدم . و أنا حين أكتب هذا أعلم أن بعض الذين ينكرون هذه الأحاديث أو يتأولونها تأويلا باطلا كما فعل السيوطي - عفا الله عنا و عنه - في بعض رسائله , إنما يحملهم على ذلك غلوهم في تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم , و حبهم إياه , فينكرون أن يكون أبواه صلى الله عليه وسلم كما أخبر هو نفسه عنهما , فكأنهم أشفق عليهما منه صلى الله عليه وسلم !! و قد لا يتورع بعضهم أن يركن في ذلك إلى الحديث المشهور على ألسنة بعض الناس الذي فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم أحيا الله له أمه , و في رواية : أبويه , و هو حديث موضوع باطل عند أهل العلم كالدارقطني و الجورقاني , و ابن عساكر و الذهبي و العسقلاني , و غيرهم كما هو مبين في موضعه , و راجع له إن شئت كتاب " الأباطيل و المناكير " للجورقاني بتعليق الدكتور عبد الرحمن الفريوائي ( 1 / 222 - 229 ) و قال ابن الجوزي في " الموضوعات " ( 1 / 284 ) : " هذا حديث موضوع بلا شك , و الذي وضعه قليل الفهم , عديم العلم , إذ لو كان له علم لعلم أن من مات كافرا لا ينفعه أن يؤمن بعد الرجعة , لا بل لو آمن عند المعاينة , و يكفي في رد هذا الحديث قوله تعالى : *( فيمت و هو كافر )* , و قوله صلى الله عليه وسلم في ( الصحيح ) : " استأذنت ربي أن أستغفر لأمي فلم يأذن لي " . و لقد أحسن القول في هؤلاء بعبارة ناصعة وجيزة الشيخ عبد الرحمن اليماني رحمه الله في تعليقه على " الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة " للإمام الشوكاني , فقال ( ص 322 ) : " كثيرا ما تجمح المحبة ببعض الناس , فيتخطى الحجة و يحاربها , و من وفق علم أن ذلك مناف للمحبة الشرعية . و الله المستعان " . قلت : و ممن جمحت به المحبة السيوطي عفا الله عنه , فإنه مال إلى تصحيح حديث الإحياء الباطل عند كبار العلماء كما تقدم , و حاول في كتابه " اللآلىء " ( 1 / 265 - 268 ) التوفيق بينه و بين حديث الاستئذان و ما في معناه , بأنه منسوخ , و هو يعلم من علم الأصول أن النسخ لا يقع في الأخبار و إنما في الأحكام ! و ذلك أنه لا يعقل أن يخبر الصادق المصدوق عن شخص أنه في النار ثم ينسخ ذلك بقوله : إنه في الجنة ! كما هو ظاهر معروف لدى العلماء . و من جموحه في ذلك أنه أعرض عن ذكر حديث مسلم عن أنس المطابق لحديث الترجمة إعراضا مطلقا , و لم يشر إليه أدنى إشارة , بل إنه قد اشتط به القلم و غلا , فحكم عليه بالضعف متعلقا بكلام بعضهم في رواية حماد بن سلمة ! و هو يعلم أنه من أئمة المسلمين و ثقاتهم , و أن روايته عن ثابت صحيحة , بل قال ابن المديني و أحمد و غيرهما : أثبت أصحاب ثابت حماد , ثم سليمان , ثم حماد بن زيد , و هي صحاح . و تضعيفه المذكور كنت قرأته قديما جدا في رسالة له في حديث الإحياء - طبع الهند - و لا تطولها يدي الآن لأنقل كلامه , و أتتبع عواره , فليراجعها من شاء التثبت . و لقد كان من آثار تضعيفه إياه أنني لاحظت أنه أعرض عن ذكره أيضا في شيء من كتبه الجامعة لكل ما هب و دب , مثل " الجامع الصغير " و " زيادته " و " الجامع الكبير " ! و لذلك خلا منه " كنز العمال " و الله المستعان , و لا حول و لا قوة إلا بالله . و تأمل الفرق بينه و بين الحافظ البيهقي الذي قدم الإيمان و التصديق على العاطفة و الهوى , فإنه لما ذكر حديث : " خرجت من نكاح غير سفاح " , قال عقبه : " و أبواه كانا مشركين , بدليل ما أخبرنا .. " , ثم ساق حديث أنس هذا و حديث أبي هريرة المتقدم في زيارة قبر أمه صلى الله عليه وسلم . ----------------------------------------------------------- [1] اختلفوا في ضبطه اختلافا كثيرا , هل هو بالراء أم بالزاي ? و هل هو بفتح الجيم أم بالضم . انظر الحاشية على " السير " ( 20 / 178 ) . اهـ . 2593 " أما شعرت أني أمرتهم بأمر فهم يترددون , و لو كنت استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي و لا اشتريته حتى أحل كما حلوا " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 183 : أخرجه إسحاق ابن راهويه في " مسنده " ( 4 / 126 / 2 ) : أخبرنا النضر و وهب قالا : حدثنا شعبة عن الحكم بن عتيبة عن علي بن حسين عن ذكوان مولى عائشة عن #عائشة #قالت : دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم لأربع ليال خلون أو خمس من ذي الحجة في حجته و هو غضبان , فقلت : يا رسول الله من أغضبك أدخله الله النار ?! فقال : فذكره . قلت : و هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين , و قد أخرجه مسلم ( 4 / 33 - 34 ) و أحمد ( 6 / 175 ) و البيهقي ( 5 / 19 ) من طرق أخرى عن شعبة به . قلت : و هذا الحديث مثل أحاديث كثيرة ذكرها ابن القيم في " زاد المعاد " , فيها كلها أمره صلى الله عليه وسلم المفردين و القارنين الذين لم يسوقوا الهدي بفسخ الحج إلى العمرة , و آثرت هذا منها بالذكر ههنا لعزة مخرجه الأول : " مسند إسحاق " , و حكاية عائشة غضبه صلى الله عليه وسلم بسبب تردد أصحابه في تنفيذ الأمر بالفسخ , علما أن ترددهم رضي الله عنهم لم يكن عن عصيان منهم , فإن ذلك ليس من عادتهم , و إنما هو كما قال راويه الحكم عند أحمد و غيره : " كأنهم هابوا " , و ذلك لأنهم كانوا في الجاهلية لا يعرفون العمرة في أيام الحج كما جاء في بعض الأحاديث الصحيحة , هذا من جهة . و من جهة أخرى : أنهم رأوا النبي صلى الله عليه وسلم لم يحل معهم , فظنوا أن في الأمر سعة فترددوا , فلما عرفوا منه السبب و أكد لهم الأمر بادروا إلى تنفيذه رضي الله عنهم . و إذا كان الأمر كذلك فما بال كثير من المسلمين اليوم - و فيهم بعض الخاصة - لا يتمتعون , و قد عرفوا ما لم يكن قد عرفه أولئك الأصحاب الكرام في أول الأمر , و من ذلك قوله صلى الله عليه وسلم في بعض تلك الأحاديث : " دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة " , ألا يخشون أن تصيبهم دعوة عائشة رضي الله عنها ?! 2594 " أما كان فيكم رجل رحيم ?! " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 184 : رواه الطبراني في " حديثه عن النسائي " ( 316 / 1 ) : أنبأنا محمد بن علي بن حرب المروزي قال : أخبرنا علي بن الحسين بن واقد عن أبيه عن يزيد النحوي عن عكرمة عن # ابن عباس # : أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث سرية فغنموا و فيهم رجل , فقال لهم : إني لست منهم , عشقت امرأة فلحقتها , فدعوني أنظر إليها نظرة ثم اصنعوا بي ما بدا لكم , فنظروا فإذا امرأة طويلة أدماء فقال لها : أسلمي حبيش قبل نفاذ العيش . أرأيت لو تبعتكم فلحقتكم بحلية أو أدركتكم بالخوانق أما كان حق أن ينول عاشق تكلف إدلاج السرى و الودائق ? قالت : نعم فديتك , فقدموه فضربوا عنقه , فجاءت المرأة فوقفت عليه , فشهقت شهقة ثم ماتت , فلما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبر بذلك , فقال , فذكره . ثم رأيته في " السير " للنسائي ( 2 / 47 / 1 - 2 ) بهذا السند , إلا أنه قال : أرأيت إن تبعتكم فلحقتكم [ بحلية أو أدركتكم ] <1>1>بالخوانق . ألم يك حقا أن ينول عاشق تكلف إدلاج السرى و الودائق . و من طريقه أخرجه في " المعجم الكبير " أيضا ( 3 / 144 / 2 ) و في " الأوسط " ( 1 / 92 / 2 / 1688 ) و البيهقي في " دلائل النبوة " ( 5 / 117 - 118 ) من طريق النسائي أيضا , و كذا ابن منده في " المعرفة " ( 2 / 89 / 2 ) و قال الطبراني : " لا يروى عن ابن عباس إلا بهذا الإسناد , تفرد به محمد بن علي بن حرب " . قلت : وثقه النسائي , و روى عنه جمع , و من فوقه من رجال ( الصحيح ) , إلا أن علي بن الحسين بن واقد روى له مسلم في " المقدمة " , و هو صدوق يهم كما في " التقريب " , فالإسناد حسن كما قال الهيثمي في " المجمع " ( 6 / 210 ) . و للقصة طريق أخرى عند البيهقي و ابن منده , و لكن ليس فيها حديث الترجمة . ----------------------------------------------------------- [1] زيادة من مطبوعة " السنن الكبرى " للنسائي ( 5 / 201 ) و منه صححت بعض الأخطاء . 2595 " أما يكفيك في سبيل الله و مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تصوم ?! " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 185 : أخرجه أحمد ( 3 / 327 ) : حدثنا زيد بن الحباب حدثني حسين بن واقد عن أبي الزبير قال : سمعت # جابرا #يقول : مر النبي صلى الله عليه وسلم برجل يقلب ظهره لبطنه , فسأل عنه ? فقالوا : صائم يا نبي الله ! فدعاه , فأمره أن يفطر فقال : فذكره . و هذا إسناد صحيح على شرط مسلم . و له طرق أخرى عن جابر بنحوه في " الصحيحين " و غيرهما , و هي مخرجة في " الإرواء " ( 925 ) . و في الحديث دلالة ظاهرة على أنه لا يجوز الصوم في السفر إذا كان يضر بالصائم , و عليه يحمل قوله صلى الله عليه وسلم : " ليس من البر الصيام في السفر " و قوله : " أولئك هم العصاة " , و فيما سوى ذلك فهو مخير إن شاء صام و إن شاء أفطر , و هذا خلاصة ما تدل عليه أحاديث الباب , فلا تعارض بينها و الحمد لله . 2596 " أما أنت يا أبا بكر فأخذت بالوثقى , و أما أنت يا عمر فأخذت بالقوة " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 186 : رواه ابن ماجه ( 1 / 363 ) و أحمد ( 3 / 309 / 330 ) عن زائدة : حدثنا عبد الله بن محمد بن عقيل عن # جابر بن عبد الله # قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر : أي حين توتر ? قال : أول الليل بعد العتمة , قال : فأنت يا عمر ? فقال : آخر الليل , فقال النبي صلى الله عليه وسلم : فذكره . و هذا سند حسن كما في " زوائد ابن ماجه " و " التلخيص " ( 4 / 237 ) و له شواهد تبلغ بها إلى درجة الصحة , فمنها عن ابن عمر نحوه . أخرجه ابن ماجه , و ابن نصر في " قيام الليل " ص ( 116 ) و الحاكم ( 1 / 1 - 3 ) عن محمد بن عباد المكي : حدثنا يحيى بن سليم عن عبيد الله عن نافع عنه . و قال الحاكم : " إسناد صحيح " . و وافقه الذهبي , و كذلك قال صاحب " الزوائد " . قلت : و هو على شرط الشيخين , فإن رجاله كلهم من رجالهما . و رواه ابن ماجه , و ابن حبان ( 673 - موارد ) أيضا , قال الحافظ : " و كذا البزار , و قال : " لا نعلم رواه عن عبيد الله بن عمر عن نافع إلا يحيى ابن سليم " , قال ابن القطان : هو صدوق , فالحديث حسن " . و له طريق أخرى ضعيفة عند البزار من حديث كثير بن مرة عن ابن عمر " <1>. 1>قلت : و إنما اقتصر على تحسينه لأن يحيى بن سليم و إن كان من رجال الشيخين فهو سيىء الحفظ . و منها عن أبي قتادة نحوه . أخرجه أبو داود ( 1 / 227 ) و الحاكم من طريق يحيى بن إسحاق السيلحيني : حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن عبد الله بن رباح عنه . و قال الحاكم : " صحيح على شرط مسلم " . و وافقه الذهبي , و هو كما قالا . و أخرجه أيضا ابن خزيمة و الطبراني , و له شواهد أخرى في أسانيدها ضعف , فليراجعها من شاء في " التلخيص " و " المجمع " ( 2 / 245 ) . ----------------------------------------------------------- [1] قلت : حديث ابن عمر هذا لم يورده الهيثمي في " كشف الأستار " , و لا في " المجمع " , لا من هذه الطريق و لا التي قبلها . و الله أعلم . 2597 " إن كان كما تقول فكأنما تسفهم المل , و لا يزال معك من الله ظهير [ ما دمت على ذلك ] " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 187 : رواه أبو إسحاق الحربي في " الغريب " ( 5 / 64 / 2 ) عن زهير بن محمد عن العلاء عن أبيه عن #أبي هريرة #: أن رجلا قال : يا رسول الله ! إن لي قرابة , أصلهم و يقطعون , و أحسن إليهم و يسيئون , و أحلم و يجهلون , قال : فذكره . قلت : و رجاله كلهم ثقات إلا أن زهير بن محمد - و هو أبو المنذر الخراساني - فيه ضعف من قبل حفظه . و سلم بن قادم شيخ الحربي له ترجمة جيدة في " تاريخ بغداد " ( 9 / 145 - 146 ) و قال : إنه ثقة . و كذلك وثقه صالح بن محمد الأسدي , و قال ابن معين : " ليس به بأس " , كما أسنده الخطيب عنهما . و قد أورده في " اللسان " , و لم يزد في ترجمته على قوله : " قال ابن حبان في " الثقات " : يخطىء " , و هذا قصور شديد ! و قد توبع , فقال أحمد ( 2 / 484 ) : حدثنا عبد الرحمن عن زهير به . و فيه الزيادة التي بين المعقوفتين و لا أدري إذا كانت ساقطة من الأصل : " غريب الحديث " , أو سقطت في حين عنه نقلت , و الراجح الأول . و هي على كل صحيحة كأصل الحديث , فقد توبع عليه زهير . أخرجه مسلم ( 7 / 8 ) و أحمد ( 2 / 300 ) من طريق شعبة قال : سمعت العلاء بن عبد الرحمن به مع الزيادة ثم أخرجه أحمد ( 2 / 412 ) من طريق عبد الرحمن إبراهيم القاص قال : حدثنا العلاء بن عبد الرحمن به . ( تسفهم ) أي : تطعمهم . ( المل ) الرماد الحار . 2598 " إن أحب الكلام إلى الله أن يقول العبد : سبحانك اللهم و بحمدك و تبارك اسمك و تعالى جدك و لا إله غيرك . و إن أبغض الكلام إلى الله أن يقول الرجل للرجل : اتق الله , فيقول : عليك بنفسك " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 189 : رواه أبو عبد الله بن منده في " التوحيد " ( 123 / 2 ) و من طريقه الأصبهاني في " الترغيب " ( 739 ) : أخبرنا محمد بن يعقوب بن يوسف : أبنا محمد بن إسحاق الصغاني : أبنا أبو جعفر محمد بن سعيد الأنصاري : أبنا أبو معاوية محمد بن خازم عن الأعمش عن إبراهيم التيمي عن الحارث بن سويد عن #عبد الله بن مسعود # مرفوعا . قلت : و هذا إسناد صحيح , محمد بن يعقوب هذا هو أبو العباس الأصم حافظ ثقة , و بقية رجاله ثقات رجال مسلم . و أبو جعفر محمد بن سعيد الأنصاري هو ابن الأصبهاني الملقب ( حمدان ) و لم يذكروا في ترجمته أنه أنصاري . و الله أعلم . و الحديث أخرجه البيهقي في " الشعب " ( 1 / 359 - هند ) من طريق الحاكم عن أبي العباس الأصم . و رواه النسائي في " عمل اليوم و الليلة " ( 849 ) من طريق أخرى عن محمد بن سعيد به . 2599 " إن الرجل ليكون له عند الله المنزلة , فما يبلغها بعمل , فلا يزال الله يبتليه بما يكره حتى يبلغه إياها " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 189 : أخرجه أبو يعلى في " المسند " ( 4 / 1447 - 1448 ) و عنه ابن حبان ( 693 - موارد ) : حدثنا أبو كريب أخبرنا يونس بن بكير أخبرنا يحيى بن أيوب أخبرنا أبو زرعة أخبرنا #أبو هريرة #قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : .... فذكره . ثم قال أبو يعلى ( 4 / 1449 ) : حدثنا عقبة أخبرنا يونس به . و أخرجه الحاكم ( 1 / 344 ) من طريق أحمد بن عبد الجبار : حدثنا يونس بن بكير به . و قال : " صحيح الإسناد " . و رده الذهبي بقوله : " قلت : يحيى و أحمد ضعيفان , و ليس يونس بحجة " . و أقول : الحق أن يونس هذا وسط , فحديثه يحتج به في مرتبة الحسن , و قد صرح بذلك الذهبي نفسه في آخر ترجمته من " الميزان " , فقال : " و قد أخرج مسلم ليونس في الشواهد , لا الأصول , و كذلك ذكره البخاري مستشهدا به , و هو حسن الحديث " . فإعلال الحديث به مردود . و مثله يحيى بن أيوب و هو البجيلي , فقد وثقه الجمهور , و تناقض فيه ابن معين , فمرة وثقه , و أخرى ضعفه , و قال الحافظ : " لا بأس به " . و أما أحمد بن عبد الجبار , فقد تابعه شيخا أبي يعلى أبو كريب - و اسمه محمد بن العلاء - , و عقبة - و هو ابن مكرم البصري - و كلاهما ثقة من شيوخ مسلم , فالإسناد حسن , و هو صحيح بالشواهد الآتية : الأول : عن محمد بن خالد السلمي عن أبيه عن جده - و كان لجده صحبة - أنه خرج زائرا لرجل من إخوانه , فبلغه شكاته , قال : فدخل عليه فقال : أتيتك زائرا عائدا و مبشرا ! قال : كيف جمعت هذا كله ? قال : خرجت و أنا أريد زيارتك , فبلغني شكاتك , فكانت عيادة , و أبشرك بشيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إذا سبقت للعبد من الله منزلة لم يبلغها بعمله , ابتلاه الله في جسده أو في ماله أو في ولده , ثم صبره حتى يبلغه المنزلة التي سبقت له منه " . أخرجه أحمد ( 5 / 272 ) و السياق له , و أبو داود ( 3090 ) و ابن سعد في " الطبقات " ( 7 / 477 ) و كذا البخاري في " التاريخ " ( 1 / 1 / 73 ) و ابن أبي الدنيا في " المرض و الكفارات " ( ق 69 / 1 ) و الدولابي في " الكنى " ( 1 / 27 ) <1>1>كلهم عن أبي المليح عن محمد بن خالد .. و من هذا الوجه أخرجه أيضا أبو يعلى , و الطبراني في " الكبير " و " الأوسط " كما في " الترغيب " ( 4 / 147 ) و قال : " و لم يرو عن خالد إلا ابنه محمد " . قلت : يشير بذلك إلى أنه مجهول , و ذلك ما صرح به الحافظ ابن حجر في " التقريب " , و مثله ابنه محمد , فإنه لم يرو عنه غير أبي المليح , و قال الذهبي في " الميزان " : " محمد بن خالد عن أبيه عن جده أبي خالد السلمي , لا يدرى من هؤلاء , روى عنه أبو المليح الرقي " . الثاني : عن حماد بن أبي حميد الزرقي عن أبي عقيل مولى الزرقيين عن عبد الله بن إياس بن أبي فاطمة عن أبيه عن جده قال : كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أحب أن يصح فلا يسقم ? قلنا : نحن يا رسول الله . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مه ! و عرفناها في وجهه , فقال : أتحبون أن تكونوا كالحمير الصيالة ? قال : قالوا : يا رسول الله لا . قال : ألا تحبون أن تكونوا أصحاب بلاء و أصحاب كفارات ? قالوا : بلى يا رسول الله . قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فوالله إن الله ليبتلي ... الحديث . أخرجه ابن سعد ( 7 / 508 ) و البخاري في " التاريخ " ( 4 / 1 / 266 - 267 ) . قلت : و هذا إسناد ضعيف , حماد هذا - و هو لقبه , و اسمه محمد - ضعيف . و أبو عقيل اسمه مسلم بن عقيل , و في ترجمته ساقه البخاري , و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا , و كذلك صنع ابن أبي حاتم ( 4 / 1 / 190 ) . و عبد الله بن إياس بن أبي فاطمة و أبوه لم أجد لهما ترجمة . و أما أبو فاطمة - و هو الضمري كما في إسناد " التاريخ " - فذكره ابن حجر في " الإصابة " - القسم الأول - و ساق له هذا الحديث , و لم يزد ! الثالث : عن جابر : حدثنا من سمع بريدة الأسلمي يقول : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " ما أصاب رجلا من المسلمين نكبة فما فوقها حتى ذكر الشوكة إلا لإحدى خصلتين , إلا ليغفر الله له من الذنوب ذنبا لم يكن ليغفر له إلا بمثل ذلك , أو يبلغ به من الكرامة كرامة لم يكن ليبلغها إلا بمثل ذلك " . أخرجه ابن أبي الدنيا أيضا ( ق 88 / 1 - 2 ) . قلت : و هذا إسناد ضعيف لجهالة الرجل الذي حدث جابرا : فإنه لم يسم . و جابر , و هو ابن يزيد الجعفي , و هو ضعيف , و لذلك أشار المنذري ( 4 / 147 ) إلى تضعيف حديثه . ----------------------------------------------------------- [1] وقع عنده " خلف السلمي " , و هو خطأ . 2600 " إن بعضكم على بعض شهداء " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 192 : أخرجه الطيالسي ( 2388 ) و أحمد ( 2 / 466 و 470 ) و أبو داود ( 3233 ) و النسائي ( 2 / 273 ) من طرق عن إبراهيم بن عامر عن عامر بن سعد عن #أبي هريرة #قال : مروا على النبي صلى الله عليه وسلم بجنازة فأثنوا عليها خيرا , فقال : وجبت . ثم مروا بأخرى فأثنوا شرا , فقال : وجبت . ثم قال : فذكره . قلت : و هذا إسناد صحيح , عامر بن سعد و هو البجلي , ذكره ابن حبان في " الثقات " ( 5 / 186 ) و خرج له مسلم في " الصحيح " , و روى عنه جمع من الثقات , و قد توبع كما يأتي . و إبراهيم بن عامر , و هو ابن مسعود بن أمية بن خلف القرشي الكوفي ثقة بلا خلاف . ثم أخرجه أحمد ( 2 / 261 و 498 و 528 ) و ابن ماجه ( 1492 ) و ابن حبان ( 748 ) من طرق عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة به نحوه . و هذا إسناد حسن . و للحديث شاهد صحيح من حديث أنس نحوه . أخرجه الشيخان و غيرهما من طرق عنه . و هو مخرج في " أحكام الجنائز " ( ص 44 - 45 ) . ✌✌ www.alalbani.info ( للبحث داخل صفحة معينة اضغط Ctrl+f ) الأحاديث من 2601 إلى 2700 2601 " آخر من يدخل الجنة رجل , فهو يمشي مرة و يكبو مرة و تسفعه النار مرة , فإذا ما جاوزها التفت إليها , فقال : تبارك الذي نجاني منك , لقد أعطاني الله شيئا ما أعطاه أحدا من الأولين و الآخرين . فترفع له شجرة , فيقول : أي رب أدنني من هذه الشجرة لأستظل بظلها , و أشرب من مائها , فيقول الله عز وجل : يا ابن آدم ! لعلي إن أعطيتكها سألتني غيرها ? فيقول : لا يا رب , و يعاهده أن لا يسأله غيرها , و ربه يعذره لأنه يرى ما لا صبر له عليه , فيدنيه منها , فيستظل بظلها , و يشرب من مائها . ثم ترفع له شجرة هي أحسن من الأولى , فيقول : أي رب أدنني من هذه لأشرب من مائها , و أستظل بظلها , لا أسألك غيرها . فيقول : يا ابن آدم ! ألم تعاهدني أن لا تسألني غيرها ? - فيقول - : لعلي إن أدنيتك منها تسألني غيرها ? فيعاهده أن لا يسأله غيرها , و ربه يعذره لأنه يرى ما لا صبر له عليه , فيدنيه منها , فيستظل بظلها و يشرب من مائها . ثم ترفع له شجرة عند باب الجنة هي أحسن من الأوليين , فيقول : أي رب أدنني من هذه لأستظل بظلها و أشرب من مائها , لا أسألك غيرها . فيقول : يا ابن آدم ! ألم تعاهدني أن لا تسألني غيرها ? قال : بلى يا رب , هذه لا أسألك غيرها , و ربه يعذره لأنه يرى ما لا صبر له عليه , فيدنيه منها , فإذا أدناه منها فيسمع أصوات أهل الجنة , فيقول : أي رب أدخلنيها ! فيقول : يا ابن آدم ! ما يصريني منك ? أيرضيك أن أعطيك الدنيا و مثلها معها ? قال : يا رب ! أتستهزئ مني و أنت رب العالمين ? - فضحك ابن مسعود , فقال : ألا تسألوني مم أضحك ? فقالوا : مم تضحك ? قال : هكذا ضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم , فقالوا : مم تضحك يا رسول الله ? قال : من ضحك رب العالمين حين قال : أتستهزئ مني و أنت رب العالمين ? - فيقول : إني لا أستهزئ منك , و لكني على ما أشاء قادر . ( و في رواية : قدير ) . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 194 : أخرجه مسلم ( 1 / 119 - 120 ) و ابن خزيمة في " التوحيد " ( ص 207 ) و أحمد ( 1 / 410 - 411 ) و أبو يعلى ( 3 / 1235 - 1236 ) و الطبراني في " الكبير " ( 3 / 48 / 2 ) من طرق عن حماد بن سلمة حدثنا ثابت عن أنس عن # ابن مسعود # أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فذكره . و الرواية الأخرى لأحمد و الطبراني . و في رواية من طريق عبيدة عن عبد الله مرفوعا نحوه مختصرا , و فيه : " فقال له : تمن . فيتمنى , فيقال له : لك الذي تمنيت و عشرة أضعاف الدنيا . قال : فيقول : أتسخر بي و أنت الملك ? ... " الحديث . أخرجه مسلم , و أحمد ( 1 / 378 - 379 ) و الترمذي ( 2 / 98 ) و صححه . ( تنبيه ) : دل قوله تعالى في آخر الحديث : " و لكني على ما أشاء قادر أو قدير " على خطأ ما جاء في التعليق على " العقيدة الطحاوية " ( ص 20 ) نقلا عن بعض الأفاضل : " يجيء في كلام بعض الناس : و هو على ما يشاء قدير , و ليس بصواب .. " . فأقول : بل هو عين الصواب بعد ثبوت ذلك في هذا الحديث , لاسيما و يشهد له قوله تعالى : *( و هو على جمعهم إذا يشاء قدير )* ( الشورى : 29 ) و ذلك لا ينافي عموم مشيئته و قدرته تعالى كما توهم المشار إليه , و الله أعلم . 2602 " لن يدخل أحدا منكم عمله الجنة [ و لا ينجيه من النار ] , قالوا : و لا أنت يا رسول الله ? قال : و لا أنا - [ و أشار بيده هكذا على رأسه : ] - إلا أن يتغمدني الله منه بفضل و رحمة , [ مرتين أو ثلاثا ] [ فسددوا و قاربوا ] [ و أبشروا ] [ و اغدوا و روحوا , و شيء من الدلجة , و القصد القصد تبلغوا ] [ و اعلموا أن أحب العمل إلى الله أدومه و إن قل ] " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 195 : ورد عن جمع من الصحابة رضي الله عنهم , منهم : # أبو هريرة و عائشة و جابر و أبو سعيد الخدري و أسامة بن شريك # . 1 - أما حديث أبي هريرة , فله عنه طرق : الأولى : عن أبي عبيد مولى عبد الرحمن بن عوف عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم . أخرجه البخاري ( 4 / 48 ) و مسلم ( 8 / 140 ) و أحمد ( 2 / 264 ) و السياق لمسلم , و فيه عند البخاري الزيادة السابعة . الثانية : عن سعيد المقبري عنه به , و فيه الزيادة السادسة . أخرجه البخاري ( 4 / 222 ) و أحمد ( 2 / 514 , 537 ) . الثالثة : عن بسر بن سعيد عنه به , و فيه بعض الزيادة الرابعة بلفظ : " و لكن سددوا " . أخرجه مسلم ( 8 / 139 ) و أحمد ( 2 / 451 ) . الرابعة : عن محمد بن سيرين عنه به . أخرجه مسلم , و أحمد ( 2 / 235 و 326 و 390 و 473 و 509 و 524 ) . و فيه عند مسلم الزيادة الثانية , و عند أحمد الزيادة الأولى و الثانية و الثالثة . الخامسة : عن أبي صالح عنه به , و فيه الزيادة الرابعة . أخرجه مسلم , و ابن ماجه ( 4201 ) و أحمد ( 2 / 344 و 495 ) . السادسة : عن زياد المخزومي عنه . و فيه الزيادة الثانية . أخرجه أحمد ( 2 / 256 و 473 ) . السابعة : عن محمد بن زياد عنه . و فيه الزيادة الثانية . أخرجه أحمد ( 2 / 385 - 386 و 469 ) و إسناده صحيح . الثامنة : عن عبد الرحمن بن أبي عمرة عنه . و فيه الزيادة الرابعة و الخامسة . أخرجه أحمد ( 2 / 482 ) و إسناده جيد في المتابعات . التاسعة : عن أبي مصعب عنه . أخرجه أحمد ( 2 / 488 ) . العاشرة : عن أبي سلمة عنه و فيه الزيادة الرابعة . أخرجه أحمد ( 2 / 503 و 509 ) و إسناده حسن . 2 - و أما حديث عائشة , فيرويه موسى بن عقبة قال : سمعت أبا سلمة بن عبد الرحمن ابن عوف يحدث عن عائشة به . و فيه الزيادة الرابعة و السابعة . أخرجه البخاري ( 4 / 223 ) و مسلم ( 8 / 141 ) و أحمد ( 6 / 125 ) . 3 - و أما حديث جابر , فله عنه طريقان : الأولى : عن أبي سفيان عنه أخرجه مسلم , و أحمد ( 2 / 495 و 3 / 337 و 362 ) و الدارمي ( 2 / 305 ) و فيه عنده الزيادة الرابعة . الأخرى : عن أبي الزبير عنه , و فيه الزيادة الأولى . أخرجه مسلم , و أبو نعيم في " صفة الجنة " ( ق 9 / 1 ) . 4 - و أما حديث أبي سعيد , فيرويه عطية العوفي عنه , و فيه الزيادة الثانية . أخرجه أحمد ( 3 / 52 ) و عطية ضعيف , و قال المنذري ( 4 / 200 ) : " رواه أحمد بإسناد حسن , و رواه البزار و الطبراني من حديث أبي موسى و الطبراني أيضا من حديث أسامة بن شريك , و البزار أيضا من حديث شريك بن طارق بإسناد جيد " . قلت : و تحسينه لإسناد أحمد غير حسن لضعف عطية , إلا إن كان يعني تحسينه لغيره , فهو مقبول . 5 - و أما حديث أسامة , فيرويه المفضل بن صالح عن زياد بن علاقة عنه , و فيه الزيادة الثانية . أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 1 / 25 / 2 ) و المفضل هذا ضعيف أيضا . و في الباب عن جمع آخر من الصحابة , فمن شاء فليراجع " المجمع " ( 10 / 356 - 357 ) . و اعلم أن هذا الحديث قد يشكل على بعض الناس , و يتوهم أنه مخالف لقوله تعالى : *( و تلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون )* و نحوها من الآيات و الأحاديث الدالة على أن دخول الجنة بالعمل , و قد أجيب بأجوبة أقربها إلى الصواب : أن الباء في قوله في الحديث : " بعمله " هي باء الثمنية , و الباء في الآية باء السببية , أي أن العمل الصالح سبب لابد منه لدخول الجنة , و لكنه ليس ثمنا لدخول الجنة , و ما فيها من النعيم المقيم و الدرجات . قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في بعض فتاويه : " و لهذا قال بعضهم : الالتفات إلى الأسباب شرك في التوحيد , و محو الأسباب أن تكون سببا نقص في العقل , و الإعراض عن الأسباب بالكلية قدح في الشرع , و مجرد الأسباب لا يوجب حصول المسبب , فإن المطر إذا نزل و بذر الحب لم يكن ذلك كافيا في حصول النبات , بل لابد من ريح مربية بإذن الله , و لابد من صرف الانتفاء عنه , فلابد من تمام الشروط و زوال الموانع , و كل ذلك بقضاء الله و قدره . و كذلك الولد لا يولد بمجرد إنزال الماء في الفرج , بل كم ممن أنزل و لم يولد له , بل لابد من أن الله شاء خلقه فتحبل المرأة و تربيه في الرحم و سائر ما يتم به خلقه من الشروط و زوال الموانع . و كذلك أمر الآخرة ليس بمجرد العمل ينال الإنسان السعادة , بل هي سبب , و لهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( فذكر الحديث ) , و قد قال تعالى : *( ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون )* . فهذه باء السبب , أي بسبب أعمالكم , و الذي نفاه النبي صلى الله عليه وسلم باء المقابلة , كما يقال : اشتريت هذا بهذا . أي ليس العمل عوضا و ثمنا كافيا في دخول الجنة , بل لابد من عفو الله و فضله و رحمته , فبعفوه يمحو السيئات , و برحمته يأتي بالخيرات , و بفضله يضاعف الدرجات . و في هذا الموضع ضل طائفتان من الناس : 1 - فريق آمنوا بالقدر و ظنوا أن ذلك كاف في حصول المقصود فأعرضوا عن الأسباب الشرعية و الأعمال الصالحة . و هؤلاء يؤول بهم الأمر إلى أن يكفروا بكتب الله و رسله و دينه . 2 - و فريق أخذوا يطلبون الجزاء من الله كما يطلبه الأجير من المستأجر , متكلين على حولهم و قوتهم و عملهم , و كما يطلبه المماليك . و هؤلاء جهال ضلال : فإن الله لم يأمر العباد بما أمرهم به حاجة إليه , و لا نهاهم عما نهاهم عنه بخلا به , و لكن أمرهم بما فيه صلاحهم , و نهاهم عما فيه فسادهم . و هو سبحانه كما قال : " يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني , و لن تبلغوا نفعي فتنفعوني " . فالملك إذا أمر مملوكيه بأمر أمرهم لحاجته إليهم , و هم فعلوه بقوتهم التي لم يخلقها لهم فيطالبون بجزاء ذلك , و الله تعالى غني عن العالمين , فإن أحسنوا أحسنوا لأنفسهم , و إن أساءوا فلها . لهم ما كسبوا , و عليهم ما اكتسبوا , *( من عمل صالحا فلنفسه , و من أساء فعليها و ما ربك بظلام للعبيد )* " . انتهى كلام شيخ الإسلام رحمه الله منقولا من " مجموعة الفتاوى " ( 8 / 70 - 71 ) و مثله في " مفتاح دار السعادة " لتلميذه المحقق العلامة ابن قيم الجوزية ( ص 9 - 10 ) و " تجريد التوحيد المفيد " ( ص 36 - 43 ) للمقريزي . 2603 " اللهم اغفر لي و تب علي إنك أنت التواب الغفور [ مائة مرة ] " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 200 : أخرجه ابن أبي شيبة في " المسند " ( 2 / 71 / 1 ) : ابن فضيل و ابن إدريس عن حصين عن هلال بن يساف عن زاذان قال : أخبرنا # رجل من الأنصار # قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في دبر الصلاة .. فذكره , إلا أنه قال : " أنت التائب أو التواب " , هكذا بالشك , و لعل الصواب ما أثبته في الأعلى , فقد تابعه شعبة عن حصين به دون شك , و زاد : " مائة مرة " , إلا أنه قال : " في صلاة " , بدل قوله : " في دبر الصلاة " . أخرجه أحمد ( 5 / 371 ) : حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة به . قلت : و هذا إسناد صحيح , رجاله كلهم ثقات على شرط الشيخين غير هلال بن يساف و زاذان - و هو الكندي مولاهم الكوفي - و هما من رجال مسلم . 2604 " الناس أربعة و الأعمال ستة , فالناس : 1 - موسع عليه في الدنيا و الآخرة , 2 - و موسع له في الدنيا مقتور عليه في الآخرة , 3 - و مقتور عليه في الدنيا موسع عليه في الآخرة , 4 - و شقي في الدنيا و الآخرة . و الأعمال : 1 و 2 - موجبتان , 3 و 4 - و مثل بمثل , 5 - و عشرة أضعاف , 6 - و سبعمائة ضعف . 1 و 2 - فالموجبتان : من مات مسلما مؤمنا لا يشرك بالله شيئا , فوجبت له الجنة . و من مات كافرا وجبت له النار . 3 و 4 - و من هم بحسنة فلم يعملها , فعلم الله أنه قد أشعرها قلبه و حرص عليها كتبت له حسنة . و من هم بسيئة لم تكتب عليه , و من عملها كتبت واحدة , و لم تضاعف عليه . 5 - و من عمل حسنة كانت له بعشر أمثالها . 6 - و من أنفق نفقة في سبيل الله كانت له بسبعمائة ضعف " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 201 : أخرجه أحمد ( 4 / 345 ) و ابن حبان ( 31 ) عن شيبان بن عبد الرحمن , و ابن أبي شيبة في " مسنده " ( 2 / 38 / 2 ) عن زائدة عن الركين بن الربيع عن أبيه عن عمه - و هو يسير بن عميلة - عن #خريم بن فاتك الأسدي # أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : فذكره , و السياق لأحمد . قلت : و هذا إسناد صحيح , و الربيع والد الركين , وثقه ابن معين و غيره و هو مترجم في " الجرح و التعديل " . و خالفهما المسعودي فقال : عن الركين بن الربيع عن رجل عن خريم ... أخرجه أحمد ( 4 / 321 ) . و المسعودي ضعيف لاختلاطه . و مسلمة بن جعفر - من بجيلة - و سكت عنه , و قال الذهبي : " قلت : و مسلمة تعبت عليه , فلم أعرفه " . قلت : ترجمه ابن أبي حاتم ( 4 / 1 / 267 ) من روايته عن الركين بن الربيع و غيره . و عنه جمع , و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا . و كذلك صنع البخاري . و قال في " اللسان " ( 6 / 33 ) : " يجهل , و قال الأزدي : ضعيف " . و ذكره ابن حبان في " الثقات " ( 9 / 180 ) . و الجملة الأخيرة من الحديث أخرجها الحاكم أيضا من الوجه الأول , و قال : " صحيح الإسناد " . و وافقه الذهبي . و أخرجها الترمذي أيضا و النسائي كما في " الترغيب " , فراجع تعليقي عليه ( 2 / 156 ) . 2605 " و من قعد فلا حرج . يقوله المؤذن في آخر أذانه في اليوم البارد " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 203 : أخرجه ابن أبي شيبة في " المسند " ( 2 / 5 / 2 ) : أخبرنا خالد بن مخلد قال : حدثني سليمان بن بلال قال : حدثني يحيى بن سعيد قال : أخبرني محمد بن إبراهيم بن الحارث ( الأصل : بن نعيم بن الحارث ) عن نعيم النحام - من بني عدي بن كعب - قال : نودي بالصبح في يوم بارد و أنا في مرط امرأتي , فقلت : ليت المنادي ينادي و من قعد فلا حرج , فنادى منادي النبي صلى الله عليه وسلم : فذكره . قلت : و هذا إسناد صحيح عزيز على شرط الشيخين . و أخرجه البيهقي ( 1 / 398 ) من طريق ابن أبي أويس : حدثني سليمان بن بلال به , و زاد : " و ذلك في زمن النبي صلى الله عليه وسلم في آخر أذانه " . و قال : " تابعه الأوزاعي عن يحيى بن سعيد إلا أنه قال : فلما قال : الصلاة خير من النوم , قال : و من قعد فلا حرج " . قلت : هذه الزيادة رواها هشام بن عمار : حدثنا عبد الحميد بن حبيب بن أبي العشرين حدثنا الأوزاعي به . أخرجه البيهقي . و هشام و عبد الحميد فيهما ضعف . و إلى هذا يشير الهيثمي بقوله بعد أن ساقه بهذه الزيادة : " رواه الطبراني في الكبير , و رجاله موثقون خلا شيخ الطبراني عبد الله بن وهيب الغزي <1>فلم أعرفه " . و مما يؤكد ضعفها عدم ورودها في طرق الحديث الأخرى , فقال عبد الرزاق في " المصنف 1>" ( 1926 ) و عنه أحمد ( 4 / 220 ) : عن معمر عن عبيد بن عمير عن شيخ قد سماه عن نعيم بن النحام به نحوه دونها . و رجاله ثقات رجال الشيخين غير الشيخ الذي لم يسم , و هو صحابي أو تابعي كبير , فإن عبيد بن عمير الراوي عنه من كبار التابعين , ولد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم , و لعله الأول , فقد قال عبد الرزاق ( 1927 ) عقبه : عن ابن جريج عن نافع عن عبد الله بن عمر عن نعيم بن النحام به نحوه . دون الزيادة . و من طريق عبد الرزاق أخرجه الحاكم ( 3 / 259 ) و قال : " صحيح الإسناد " . و وافقه الذهبي , و هو كما قالا , بل هو على شرط الشيخين إن كان ابن جريج سمعه من نافع و لم يدلس . لكن تابعه عمر بن نافع عن نافع به . أخرجه ابن قانع كما في " الإصابة " , و قال في " الفتح " ( 2 / 98 - 99 ) : " أخرجه عبد الرزاق و غيره بإسناد صحيح " . و خالف إسماعيل بن عياش سليمان بن بلال في إسناده , فقال : حدثني يحيى بن سعيد قال : أخبرني محمد بن يحيى بن حبان عن نعيم بن النحام ... أخرجه أحمد . قلت : و رواية إسماعيل عن المدنيين ضعيفة , و هذه منها , لاسيما و قد خالفه سليمان بن بلال و كذا الأوزاعي كما تقدم , و تابعهما إبراهيم بن طهمان كما ذكر الحافظ رحمه الله تعالى . ( فائدة ) : في هذا الحديث سنة هامة مهجورة من كافة المؤذنين - مع الأسف - و هي من الأمثلة التي بها يتضح معنى قوله تبارك و تعالى : *( و ما جعل عليكم في الدين من حرج )* , ألا و هي قوله عقب الأذان : " و من قعد فلا حرج " , فهو تخصيص لعموم قوله في الأذان : " حي على الصلاة " المقتضى لوجوب إجابته عمليا بالذهاب إلى المسجد و الصلاة مع جماعة المسلمين إلا في البرد الشديد و نحوه من الأعذار . و في ذلك أحاديث أخرى منها حديث ابن عمر : " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر مؤذنا يؤذن , ثم يقول في أثره : " ألا صلوا في الرحال " . في الليلة الباردة أو المطيرة في السفر " . متفق عليه , و لم يذكر بعضهم " في السفر " <2>2>و هي رواية الشافعي في " الأم " ( 1 / 76 ) و قال عقبه : " و أحب للإمام أن يأمر بهذا إذا فرغ المؤذن من أذانه . و إن قاله في أذانه فلا بأس عليه " . و حكاه النووي في " المجموع " ( 3 / 129 - 131 ) عن الشافعي , و عن جماعة من أتباعه , و ذكر عن إمام الحرمين أنه استبعد قوله : " في أثناء الأذان " , ثم رده بقوله : " و هذا الذي ليس ببعيد بل هو السنة , فقد ثبت ذلك في حديث ابن عباس أنه قال لمؤذن في يوم مطير - و هو يوم جمعة - : " إذا قلت : أشهد أن محمدا رسول الله , فلا تقل : حي على الصلاة , قل : صلوا في بيوتكم " . رواه الشيخان " . قلت : و هو مخرج في " الإرواء " أيضا ( 554 ) . و نقل الحافظ في " الفتح " ( 2 / 98 ) عن النووي بعد أن حكى عنه جواز هذه الزيادة في الأذان و آخره أنه قال : " لكن بعده أحسن ليتم نظم الأذان " . و لم أره في " المجموع " . و الله أعلم . و اعلم أن في السنة رخصة أخرى , و هي الجمع بين الصلاتين للمطر جمع تقديم , و قد عمل بها السلف , و فصلت القول فيها في غير ما موضع , و من ذلك ما سيأتي تحت الحديث ( 2837 ) و هذه الرخصة كالمتممة لما قبلها , فتلك و الناس في بيوتهم , و هذه و هم في المسجد و الأمطار تهطل , فالرخصة الأولى أسقطت عنهم فرضية الصلاة الأولى في المسجد , و الرخصة الأخرى أسقطت عنهم فرضية أداء الصلاة الأخرى في وقتها , بجمعهم إياها مع الأولى في المسجد . و صدق الله القائل : *( و من أحسن من الله حكما لقوم يوقنون )* . ----------------------------------------------------------- [1] الأصل ( العري ) بالإهمال , و التصحيح من " المعجم الصغير " ( 1108 / الروض النضير ) و " الأوسط " و له فيه ثمانية أحاديث ( 4534 - 4542 بترقيمي ) و شيخه فيها ( محمد بن المتوكل بن أبي السري العسقلاني ) و في الرواة عنه ذكره المزي لكن باختلاف يسير , فقال : " و أبو العباس عبد الله بن محمد بن وهيب الجذامي الغزي " . و المفروض أن يكون ابن عساكر ترجم له في " تاريخ دمشق " لكن في النسخة خرم . و الله أعلم . [2] و هو مخرج في " الإرواء " ( 2 / 339 - 344 ) . 2606 " كان يعرض يوما خيلا و عنده عيينة بن حصن بن بدر الفزاري , فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنا أفرس بالخيل منك . فقال عيينة : و أنا أفرس بالرجال منك ! فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : و كيف ذاك ? قال : خير الرجال رجال يحملون سيوفهم على عواتقهم , جاعلين رماحهم على مناسج خيولهم , لابسو البرود من أهل نجد , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كذبت , بل خير الرجال رجال أهل اليمن , و الإيمان يمان إلى لخم و جذام و عاملة , و مأكول حمير خير من آكلها , و حضرموت خير من بني الحارث , و قبيلة خير من قبيلة , و قبيلة شر من قبيلة , والله ما أبالي أن يهلك الحارثان كلاهما , لعن الله الملوك الأربعة : جمداء و مخوساء و مشرخاء و أبضعة , و أختهم العمردة . ثم قال : أمرني ربي عز وجل أن ألعن قريشا مرتين , فلعنتهم . و أمرني أن أصلي عليهم , فصليت عليهم مرتين . ثم قال : عصية عصت الله و رسوله غير قيس و جعدة و عصية <1>1>. ثم قال : لأسلم و غفار و مزينة و أخلاطهم من جهينة , خير من بني أسد و تميم و غطفان و هوازن عند الله عز وجل يوم القيامة . ثم قال : شر قبيلتين في العرب نجران و بنو تغلب , و أكثر القبائل في الجنة مذحج و مأكول " . ----------------------------------------------------------- [1] كذا الأصل , و كذا في " جامع المسانيد " ( 10 / 19 ) و " المجمع " , و لم يتبين لي وجه استثنائه بعد إثباته ! . اهـ . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 208 : أخرجه الإمام أحمد ( 4 / 387 ) : حدثنا أبو المغيرة حدثنا صفوان بن عمرو حدثني شريح بن عبيد عن عبد الرحمن بن عائذ الأزدي عن #عمرو بن عبسة السلمي #قال : فذكره . قلت : و هذا إسناد صحيح , رجاله كلهم ثقات . ثم رواه أحمد من طريق يزيد بن يزيد بن جابر عن رجل عن عمرو بن عبسة به مختصرا دون قوله : " ثم قال : أمرني ربي أن ألعن قريشا ... " . و رجاله ثقات . و أخرج منه ابن أبي خيثمة في " التاريخ " ( 2 / 10 / - مخطوطة الرباط ) من طريق أبي حمزة العبسي عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير و راشد بن سعد عن جبير بن نفير عن عمرو بن عبسة قوله : " لأسلم و غفار ... " إلى آخره دون ذكر القبيلتين . و رجاله ثقات غير أبي حمزة العبسي فلم أعرفه . ثم تبين أن الصواب ( العنسي ) بالنون الساكنة , و اسمه عيسى بن سليم الحمصي , و هو صدوق من رجال مسلم . و الحديث أورده الهيثمي ( 10 / 43 ) بتمامه و قال : " رواه أحمد متصلا و مرسلا و الطبراني , و رجال الجميع ثقات " . و القدر الذي أخرجه ابن أبي خيثمة له شاهد من حديث أبي هريرة مرفوعا به دون قوله أيضا : " و أكثر القبائل في الجنة مذحج و مأكول " . أخرجه مسلم ( 7 / 179 ) . 2607 " لا تستبطئوا الرزق , فإنه لم يكن عبد ليموت حتى يبلغ آخر رزق هو له , فأجملوا في الطلب : أخذ الحلال و ترك الحرام " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 209 : أخرجه أبو عبد الله الرازي في " مشيخته " ( ق 149 / 1 - مجموع 33 ) و ابن حبان في " صحيحه " ( 1084 و 1085 - موارد ) و الحاكم ( 2 / 4 ) و البيهقي في " السنن " ( 5 / 264 ) من طرق عن عبد الله بن وهب : أخبرني عمرو بن الحارث عن سعيد ابن أبي هلال عن محمد بن المنكدر عن # جابر بن عبد الله # أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فذكره . و قال الحاكم : " صحيح على شرط الشيخين " . و وافقه الذهبي . قلت : و هو كما قالا , لولا ما يخشى من اختلاط سعيد بن أبي هلال , إلا أن هذه الخشية غير واردة هنا لمجيء الحديث من طريق أخرى . فقد أخرجه ابن ماجه ( 2144 ) و الحاكم و البيهقي من طريقين عن ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر بلفظ : " إن أحدكم لن يموت حتى يستكمل رزقه , فلا تستبطئوا الرزق , و اتقوا الله أيها الناس و أجملوا في الطلب , خذوا ما حل و دعوا ما حرم " . و قال الحاكم : " صحيح على شرط مسلم " . و وافقه الذهبي . و أقول : هو كما قالا , فقد أمنا تدليس أبي الزبير و صاحبه بتصريحهما بالتحديث في رواية حجاج بن محمد : أخبرنا ابن جريج : أخبرني أبو الزبير سمع جابر بن عبد الله به . أخرجه السلفي في " الطيوريات " , و علقه البيهقي . و لبعضه شاهد من حديث أبي حميد الساعدي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " أجملوا في طلب الدنيا , فإن كلا ميسر لما كتب له منها " . أخرجه الحاكم و البيهقي من طريق الربيع بن سليمان : حدثنا عبد الله بن وهب : أبنا سليمان بن بلال : حدثني ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن عبد الملك بن سعيد بن سويد عنه . و قال الحاكم : " صحيح على شرط الشيخين " . و وافقه الذهبي . قلت : و إنما هو على شرط مسلم وحده , فإن عبد الملك هذا لم يخرج له البخاري شيئا . و تابعه هشام بن عمار : حدثنا إسماعيل بن عياش عن عمارة بن غزية عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن به بلفظ : " لما خلق له منها " . أخرجه ابن ماجه ( 2142 ) و القضاعي في " مسند الشهاب " ( ق 60 / 2 ) و لم يقع عند ابن ماجه : " منها " . ثم وقفت على متابع لابن أبي هلال , يرويه وهب بن جرير : حدثنا شعبة عن ابن المنكدر به : أخرجه أبو نعيم في " الحلية " ( 3 / 156 و 7 / 158 ) عن إسحاق بن بنان : حدثنا حبيش ابن مبشر : حدثنا وهب بن جرير به . و قال : " غريب من حديث شعبة , تفرد به حبيش عن وهب " . قلت : وهب ثقة من رجال الشيخين . و حبيش ثقة من رجال " التهذيب " . و أما إسحاق بن بنان , فله ترجمة في " تاريخ بغداد " ( 6 / 390 - 391 ) و روى عن الدارقطني أنه ثقة . فصح الإسناد و الحمد لله . 2608 " والذي نفسي بيده إني لأرى لحمه بين أنيابكما . يعني لحم الذي استغاباه " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 211 : أخرجه الخرائطي في " مساوئ الأخلاق " ( 186 ) و الضياء المقدسي في " المختارة " ( 2 / 33 / 2 ) من طرق عن أبي بدر عباد بن الوليد الغبري : حدثنا حبان ابن هلال حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت البناني عن #أنس بن مالك #قال : " كانت العرب تخدم بعضها بعضا في الأسفار , و كان مع أبي بكر و عمر رجل يخدمهما , فناما , فاستيقظا , و لم يهيئ لهما طعاما , فقال أحدهما لصاحبه : إن هذا ليوائم نوم نبيكم صلى الله عليه وسلم ( و في رواية : ليوائم نوم بيتكم ) فأيقظاه فقالا : ائت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقل له : إن أبا بكر و عمر يقرئانك السلام , و هما يستأدمانك . فقال : أقرهما السلام , و أخبرهما أنهما قد ائتدما ! ففزعا , فجاءا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالا : يا رسول الله ! بعثنا إليك نستأدمك , فقلت : قد ائتدما . فبأي شيء ائتدمنا ? قال : بلحم أخيكما , والذي نفسي ( فذكره ) قالا : فاستغفر لنا , قال : هو فليستغفر لكما " . قلت : و هذا إسناد صحيح , رجاله كلهم ثقات رجال مسلم غير أبي بدر الغبري , قال أبو حاتم و تبعه الحافظ : " صدوق " . و ذكره ابن حبان في " الثقات " . و روى عنه جمع من الحفاظ الثقات , و قد توبع , فقال الضياء عقبه : " و قد رواه عفان بن مسلم عن حماد بن سلمة عن ثابت عن عبد الرحمن بن أبي يعلى : أن العرب كانت تخدم بعضهم بعضا في الأسفار . فذكره . قيل : ( الموائمة ) : الموافقة , و معناه أن هذا النوم يشبه نوم البيت لا نوم السفر , عابوه بكثرة النوم " . و له شاهد مرسل في " التوبيخ " ( 243 ) عن السدي , و هو إسماعيل بن عبد الرحمن . و السند إليه ضعيف . 2609 " لا يدخل الجنة جسد غذي بالحرام " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 212 : أخرجه أبو يعلى ( 1 / 29 ) و عنه ابن عدي ( 304 / 2 ) و ابن حبان في " الضعفاء " ( 2 / 155 ) و عبد بن حميد في " مسنده " ( 2 / 1 ) و أبو بكر المروزي في " مسنده " ( رقم 51 و 52 ) و البزار ( ص 328 ) و الحاكم ( 4 / 127 ) من طريق عبد الواحد بن زيد عن أسلم الكوفي عن مرة الطيب عن زيد بن أرقم عن # أبي بكر الصديق # مرفوعا . و في رواية لأبي يعلى عنه عن فرقد السبخي عن مرة الطيب به . و قال ابن عدي : " و قال البخاري : عبد الواحد بن زيد تركوه . و قال ابن معين : ليس بشيء . و قال السعدي : ليس من معادن الصدق " . و قال النسائي : " ليس بثقة " . و لذلك قال الهيثمي عقب الحديث في " الزوائد " : " عبد الواحد ضعيف جدا " . و قال في " مجمع الزوائد " ( 10 / 293 ) : " رواه أبو يعلى و البزار و الطبراني في " الأوسط " , رجال أبي يعلى ثقات , و في بعضهم خلاف " . كذا قال ! و قد عرفت أن رجال أبي يعلى هم رجال البزار و لا فرق إلا في روايته الأخرى , فقد جعل عبد الواحد شيخه فيها فرقدا السبخي مكان أسلم الكوفي في الرواية الأولى , و مدار الروايتين على عبد الواحد و هو ممن لا خلاف في ضعفه , اللهم إلا عند ابن حبان فإنه مع إيراده إياه في " الضعفاء " و قال فيه : " كان ممن يغلب عليه العبادة حتى غفل عن الإتقان فكثرت المناكير في روايته فبطل الاحتجاج به " . ثم ساق له هذا الحديث . أقول : فهو مع ذلك كله أورده في " الثقات " أيضا ! قال الحافظ : " فما أجاد " . أقول : فما أظن أن هذا هو البعض الذي قال الهيثمي : " فيه خلاف " . نعم , يمكن أن يكون قصد به فرقدا , فإن فيه خلافا للجمهور من ابن معين و نحوه , فإنهم ضعفوه , إلا ابن معين في رواية . و هب أن الراجح أنه ثقة فما فائدة ذلك و الراوي عنه هو عبد الواحد بن زيد ?! ( تنبيه ) : لفظ الحديث عند الحاكم و هو رواية لابن عدي : " كل لحم نبت من السحت فالنار أولى به " . قلت : و نحو ما تقدم عن الهيثمي قول المنذري ( 3 / 15 ) : " رواه أبو يعلى و البزار و الطبراني في " الأوسط " و البيهقي , و بعض أسانيدهم حسن " . قلت : فلعل التحسين المذكور هو بالنسبة لإسناد " الأوسط " و البيهقي , فإني لست أطولهما . ثم رأيت الحديث عند البيهقي في " شعب الإيمان " , فإذا هو عنده ( 2 / 173 / 2 ) من طريق عبد الواحد بن زيد عن أسلم الكوفي به ! فلم يبق إلا النظر في إسناد " الأوسط " , و ما أظنه إلا من هذا الوجه , فأرجو أن ييسر لي الوقوف عليه . لكن الحديث عندي صحيح , فإن له شواهد , أقواها حديث جابر بن عبد الله يرويه عنه عبد الرحمن بن سابط : حدثني جابر بن عبد الله قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " يا كعب بن عجرة ! إنه لا يدخل الجنة من نبت لحمه من سحت , النار أولى به . يا كعب بن عجرة ... " الحديث . أخرجه الدارمي ( 2 / 318 ) و ابن حبان ( 1569 و 1570 ) و الحاكم ( 4 / 127 ) و البيهقي في " الشعب " ( 2 / 173 / 2 ) و السياق له , و لأحمد ( 3 / 399 و 321 ) عن عبد الله بن عثمان بن خثيم عنه . قلت : و هذا إسناد جيد على شرط مسلم , و قد صرح ابن سابط فيه بسماعه إياه من جابر , ففيه رد لما جاء في ترجمته عن ابن معين أنه قال : لم يسمع منه . و له طريقان آخران عن جابر . أحدهما عند البيهقي , و الآخر عند الترمذي ( 1 / 119 ) و قال : " حديث حسن غريب من هذا الوجه " . ثم وقفت على إسناده في " المعجم الأوسط " ( 2 / 65 / 1 ) فإذا هو فيه كما في " الشعب " ! 2610 " من خاف أن لا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله , و من طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل , فإن صلاة آخر الليل مشهودة , و ذلك أفضل " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 215 : أخرجه مسلم ( 2 / 174 - 175 ) و أبو عوانة ( 2 / 317 ) و الترمذي ( 456 ) و ابن ماجه ( 1 / 360 ) و كذا عبد الرزاق في " المصنف " ( 4623 ) و ابن نصر في " قيام الليل " ( ص 116 ) و ابن الجارود في " المنتقى " ( 269 ) و ابن خزيمة ( 1086 ) و البيهقي ( 3 / 35 ) و أحمد ( 3 / 389 ) من طريق عبد الرزاق , كلهم عن الأعمش عن أبي سفيان عن #جابر #قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره . و تابعه أبو الزبير عن جابر به نحوه . أخرجه مسلم و أبو عوانة و البيهقي من طريق معقل بن عبيد الله عنه به . و تابعه ابن لهيعة عن أبي الزبير قال : سألت جابرا عن الرجل يوتر عشاء ثم يرقد ? قال جابر : فذكره . أخرجه أحمد ( 3 / 348 ) . 2611 " 1 - أيما امرئ مسلم أعتق امرأ مسلما كان فكاكه من النار , يجزي كل عضو منه عضوا منه , 2 - و أيما امرئ مسلم أعتق امرأتين مسلمتين كانتا فكاكه من النار , يجزي كل عضو فيهما عضوا منه . 3 - و أيما امرأة مسلمة أعتقت امراة مسلمة كانت فكاكها من النار , يجزي كل عضو منها عضوا منها " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 215 : أخرجه الترمذي ( 1 / 292 ) من طريق عمران بن عيينة - هو أخو سفيان - عن حصين عن سالم بن أبي الجعد عن #أبي أمامة و غيره من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم # عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : فذكره . و قال : " حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه " . ثم قال : " و في الحديث ما يدل على أن عتق الذكور للرجال أفضل من عتق الإناث لقوله صلى الله عليه وسلم : من أعتق امرأ مسلما كان فكاكه من النار , يجزي كل عضو منه عضوا منه . الحديث صح في طرقه " . قلت : لكن مدار جل طرقه على سالم بن أبي الجعد , و قد اختلف عليه في إسناده على وجوه : الأول : هذا , جعله من مسند أبي أمامة , و قد تفرد به عمران بن عيينة , و فيه كلام من قبل حفظه , و قد أشار لذلك الحافظ بقوله : " صدوق له أوهام " . فتصحيح حديثه غير مقبول , و حسبه التحسين إذا لم يخالف . الثاني : قال أبو داود الطيالسي في " مسنده " ( 1198 ) : حدثنا شعبة عن عمرو بن مرة قال : سمعت سالم بن أبي الجعد عن شرحبيل بن السمط قال : قيل لكعب بن مرة أو مرة بن كعب البهزي : حدثنا حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم لله أبوك , و احذر , قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره نحوه . و من طريق الطيالسي أخرجه البيهقي ( 10 / 272 ) . و أخرجه أبو داود في " سننه " ( 3967 ) و الطحاوي في " المشكل " ( 1 / 312 ) و أحمد ( 4 / 235 ) و عبد بن حميد في " المنتخب " ( ق 56 - 57 ) من طرق أخرى عن شعبة به . و عزاه الحافظ في " الفتح " ( 5 / 104 ) للنسائي , و قال : " إسناده صحيح , و مثله للترمذي من حديث أبي أمامة , و للطبراني من حديث عبد الرحمن بن عوف , و رجاله ثقات " . قلت : لم أره في " صغرى النسائي " فلعله في " الكبرى " له , و في توثيق رجال الطبراني نظر يأتي بيانه . و كذا في قوله : " إسناده صحيح " , إذا كان إسناده من الوجه المذكور , فقد أعله أبو داود عقب إخراجه إياه بالانقطاع , فقال : " سالم لم يسمع من شرحبيل , مات شرحبيل بـ ( صفين ) " . ثم رأيته في " كبرى النسائي " ( 3 / 170 / 4883 ) من هذا الوجه . و قد نقل الحافظ في " التهذيب " وفاته بصفين عن أبي داود , لكنه ذكر قبيله عن صاحب " تاريخ حمص " أنه توفي بـ ( سلمية ) سنة ( 36 ) . و عن يزيد بن عبد ربه : أنه مات سنة ( 40 ) و هذا أكثر ما قيل في وفاته , و هو الذي اعتمده ابن الأثير في " أسد الغابة " فلم يذكر غيره . و إذا كان كذلك , و كان معلوما أن عليا رضي الله عنه توفي سنة ( 40 ) أيضا , فإنه يؤيد الانقطاع الذي قاله أبو داود ما نقله الحافظ أيضا في ترجمة سالم بن أبي الجعد عن أبي زرعة أنه قال : " سالم بن أبي الجعد عن عمر , و عثمان , و علي , مرسل " . و كذلك يؤيده ما نقله عن أبي حاتم أنه قال : " سالم لم يدرك ثوبان " . مع أن ثوبان تأخرت وفاته إلى سنة ( 54 ) . و بالجملة فالإسناد منقطع , فتصحيح الحافظ له هفوة منه , عفا الله عنا و عنه . هذا , و قد تابع شعبة الأعمش , فقال أحمد ( 4 / 235 ) : حدثنا أبو معاوية : حدثنا الأعمش عن عمرو بن مرة به , إلا أنه لم يذكر الفقرة الثالثة من حديث الترجمة . و كذلك أخرجه ابن ماجه ( 2522 ) و الطحاوي ( 1 / 311 ) من طريق أخرى عن أبي معاوية . و قد تابعه سليم بن عامر عن شرحبيل بالفقرة الأولى , و قد سبق تخريجه برقم ( 1756 ) و أخرجه النسائي ( 4885 ) . و له متابع آخر ذكرته هناك . الثالث : قال قتادة : عن سالم بن أبي الجعد عن معدان بن أبي طلحة اليعمري عن أبي نجيح السلمي مرفوعا به . إلا أنه لم يذكر الفقرة الثانية منه . أخرجه أبو داود ( 3965 ) و النسائي في " الكبرى " ( 3 / 169 / 4879 ) و الطحاوي ( 1 / 312 ) و الطيالسي ( 1154 ) و عنه البيهقي , و أحمد ( 4 / 113 و 384 ) عن هشام بن أبي عبد الله عنه . و تابعه عبد الصمد عن قتادة به . و أبو نجيح اسمه عمرو بن عبسة رضي الله عنه . أخرجه ابن حبان ( 1208 ) . قلت : و هذا إسناد متصل صحيح على شرط مسلم , و هذا الوجه هو الأصح من كل الوجوه المتقدمة إن شاء الله تعالى . و للفقرة الأولى و الثانية شاهد من حديث أيوب عن أبي قلابة أن شرحبيل بن حسنة قال : هل من رجل يحدثنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ? فقال عمرو بن عبسة : أنا . قال : اتق الله و احذر . قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : فذكرهما . إلا أنه قال في الفقرة الثانية : " و من أعتق رقبتين فهما فداؤه .. " . قال أيوب : فحسبته يعني امرأتين . أخرجه الطحاوي ( 1 / 313 ) . قلت : و إسناده صحيح إن سلم من تدليس أبي قلابة , و ما قاله أيوب تؤيده الروايات السابقة , فإنها صريحة في ذلك . و الله أعلم . و للحديث شاهد بفقراته الثلاثة من حديث عبد الرحمن بن عوف مرفوعا . أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 1 / 16 / 2 ) : حدثنا عمرو بن إسحاق بن إبراهيم بن العلاء بن زبريق الحمصي : حدثني جدي إبراهيم بن العلاء : حدثني عمي الحارث بن الضحاك : حدثني منصور بن المعتمر قال : سمعت محمد بن المنكدر يحدث عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبيه مرفوعا به في حديث له أوله : " سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم : أي الليل أسمع ? ... " . قال المنذري ( 3 / 62 ) : " رواه الطبراني , و لا بأس برواته , إلا أن أبا سلمة بن عبد الرحمن لم يسمع من أبيه " . و نحوه قول الهيثمي ( 4 / 243 ) : " رواه الطبراني , و أبو سلمة لم يسمع من أبيه , و بقية رجاله حديثهم حسن " . و دونه قول الحافظ المتقدم : " و رجاله ثقات " ! قلت : و في ذلك نظر من وجوه : 1 - الانقطاع الذي صرح به المنذري ثم الهيثمي , و قد نقله الحافظ في " التهذيب " عن جمع من الأئمة المتقدمين كأحمد و غيره . 2 - الحارث بن الضحاك لم أعرفه , و لم أجد أحدا ترجم له , حتى ابن عساكر في " تاريخ دمشق " , بل و لم يذكره هو , و لا المزي في شيوخ ابن أخيه إبراهيم بن العلاء بن الضحاك . 3 - عمرو بن إسحاق بن إبراهيم بن العلاء , لم أجد له ترجمة أيضا , و لا في " التاريخ " , و إنما ذكره في جملة الرواة عن جده إبراهيم بن العلاء . و في الحديث فضيلة عتق العبيد , و تفضيل عتق الذكر على عتق الأنثى , و قد بين وجه ذلك الحافظ ابن حجر في " الفتح " , فليراجعه من شاء . نسأل الله تعالى أن يأتي يوم يتمكن فيه المسلمون من القيام بهذه الفضيلة , و لن يكون ذلك إلا بعد أن يعودوا إلى دينهم , فهما سليما و عملا صحيحا , و بذلك يستأنفون الحياة الإسلامية , و تقوم لهم دولتهم المنشودة , و عسى أن يكون ذلك قريبا . 2612 " انظري أين أنت منه ( يعني الزوج ) , فإنه جنتك و نارك " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 220 : أخرجه النسائي في " الكبرى " ( ق 86 / 2 - عشرة النساء ) و أحمد ( 4 / 341 و 6 / 419 ) و الحميدي ( 355 ) و عنه الحاكم ( 2 / 189 ) و عن هذا البيهقي ( 7 / 291 ) و ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 7 / 47 / 1 ) و الطبراني في " الأوسط " ( 1 / 170 / 1 ) من طرق عن يحيى بن سعيد الأنصاري أن بشير بن يسار أخبره أن #حصين بن محصن أخبره عن عمة له # أنها دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم لبعض الحاجة , فقضى حاجتها , فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : أذات زوج أنت ? قالت : نعم . قال : كيف أنت له ? قالت : ما آلوه إلا ما عجزت عنه , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره . و قال الحاكم : " صحيح , و لم يخرجاه " . و وافقه الذهبي , و أقره المنذري ( 3 / 74 ) . قلت : و رجاله ثقات رجال الشيخين غير حصين بن محصن , ذكره ابن حبان في " ثقات التابعين " , لكن ذكره جمع في " الصحابة " , و كأن الحافظ مال إلى ذلك فقال في " التقريب " : " معدود في الصحابة " . 2613 " الإثم حواز القلوب , و ما من نظرة إلا و للشيطان فيها مطمع " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 221 : موقوف . أخرجه البيهقي في " شعب الإيمان " ( 2 / 126 / 2 ) من طريق سعيد بن منصور : حدثنا سفيان عن منصور عن محمد بن عبد الرحمن بن يزيد عن أبيه قال : قال # عبد الله # : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره . قلت : و هذا إسناد صحيح , رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير محمد بن عبد الرحمن بن يزيد - و هو النخعي الكوفي - و هو ثقة اتفاقا , لكن أعل بالوقف , فقال المنذري ( 3 / 65 ) : " رواه البيهقي و غيره , و رواته لا أعلم فيهم مجروحا , لكن قيل : إن صوابه موقوف " . و قال الحافظ العراقي في " تخريج الإحياء " ( 1 / 32 ) : بعد ما عزاه للبيهقي من حديث ابن مسعود : " و رواه العدني في " مسنده " موقوفا عليه " . قلت : و كذلك رواه الطبراني في " المعجم الكبير " ( رقم 8748 ) : حدثنا محمد بن النضر الأزدي : أخبرنا معاوية بن عمرو أخبرنا زائدة عن منصور به موقوفا , و لفظه : " إن الإثم حواز القلوب , فما حز في قلب أحدكم شيء فليدعه " . ثم رواه بالإسناد نفسه موقوفا , إلا أنه جعل الأعمش مكان زائدة , و لفظه لفظ الترجمة , إلا أنه قدم و أخر . قلت : و هذا إسناد صحيح أيضا , فإن محمد بن النضر الأزدي هو محمد بن أحمد بن النضر الأزدي , و قد وثقه عبد الله بن أحمد و محمد بن عبدوس كما في ترجمته من " التاريخ " ( 1 / 364 ) و اللذان فوقه ثقتان من رجال الشيخين , و زائدة هو ابن قدامة , فقد اختلف هو و سفيان - و هو ابن عيينة - في إسناده على منصور - و هو ابن المعتمر الكوفي - فأوقفه زائدة , و رفعه سفيان , و الرفع زيادة من ثقة و هي مقبولة , و ما لم يأت متابع لزائدة على وقفه فلا يسعني إلا أن أرجح الرفع , و كأن المنذري أشار إلى ذلك بقوله : " قيل : إن صوابه موقوف " . و الله أعلم . و الحديث عزاه في " الجامع الكبير " ( 1 / 320 ) لسعيد بن منصور و البيهقي في " شعب الإيمان " عن عبد الله - أظنه ابن مسعود - . قلت : و الظاهر أن هذا الظن من السيوطي , لا مبرر له , فهو ابن مسعود يقينا , لأن عبد الرحمن بن يزيد - و هو النخعي - معروف بالرواية عنه دون غيره من العبادلة . ثم ترجح عندي الوقف حينما رأيت هنادا يقول في " الزهد " ( 2 / 465 / 934 ) : حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن محمد بن عبد الرحمن بن يزيد عن أبي الأحوص قال : قال عبد الله : فذكره موقوفا . قلت : و هذا إسناد صحيح , و متابعة قوية من الأعمش لمنصور , و إن اختلفا في الراوي عن ابن مسعود , فقال الأول : إنه عبد الرحمن بن يزيد , و قال الأعمش : أبو الأحوص , و اسمه عوف بن مالك . و لا مانع من أن يكون لمحمد بن عبد الرحمن بن يزيد شيخان فيه . و يؤيده أن زائدة رواه أيضا عن الأعمش مثل رواية أبي معاوية . أخرجه الطبراني ( رقم 8749 ) . و كذلك رواه أبو يحيى الحماني عن حبيب بن حسان ( الأصل : سنان ) الأسدي قال : سمعت أبا وائل يقول : ... أخرجه البيهقي ( 7277 ) . لكن حبيب بن حسان هذا متروك فلا يشتغل به . ( تنبيه ) : " حواز " أو " حواز " بتشديد الزاي أو الواو . قال ابن الأثير : " هي الأمور التي تحز فيها , أي تؤثر , كما يؤثر الحز في الشيء , و هو ما يخطر فيها من أن تكون معاصي لفقد الطمأنينة إليها , و هي بتشديد الزاي , جمع حاز . و رواه شمر : " الإثم حواز القلوب " بتشديد الواو , أي يحوزها و يتملكها , و يغلب عليها , و يروى " الإثم حزاز القلوب " بزايين , الأولى مشددة , و هي فعال من الحز " . 2614 " من أقال أخاه بيعا أقال الله عثرته يوم القيامة " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 223 : أخرجه الطبراني في " الأوسط " ( 1 / 140 / 2 ) : حدثنا أحمد بن يحيى الحلواني حدثنا سعيد بن سليمان عن شريك عن عبد الملك بن أبي بشير عن #أبي شريح #قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره . و قال : " لم يروه عن عبد الملك إلا شريك " . قلت : و هو ابن عبد الله القاضي , و هو صدوق لكنه سيىء الحفظ , و سائر رواته كلهم ثقات , إلا أنه منقطع , فإن عبد الملك بن أبي بشير إنما روايته عن التابعين . و سعيد بن سليمان هو الضبي الواسطي . و الحلواني له ترجمة في " تاريخ بغداد " , و أبو شريح هو الخزاعي الكعبي اسمه خويلد بن عمرو على المشهور , و هو صحابي معروف أسلم يوم الفتح . و للحديث شاهد يتقوى به من حديث أبي هريرة , صححه ابن حبان و الحاكم و غيرهما , و هو مخرج في " المشكاة " ( 2881 ) و " الإرواء " ( 1334 ) و غيرهما . 2615 " نعم و عليك بالماء " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 224 : أخرجه الطبراني في " الأوسط " ( 1 / 95 / 1 ) : حدثنا موسى بن هارون حدثنا محمد ابن أبي عمر العدني حدثنا مروان بن معاوية عن حميد الطويل عن #أنس # : أن سعدا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ! إن أمي توفيت و لم توص أفينفعها أن أتصدق عنها ? قال , فذكره . و قال : " قال موسى : وهم فيه مروان بمكة , و إنما هو : " عن حميد عن الحسن " يعني مرسلا " . قلت : مروان هذا ثقة اتفاقا , بل تعجب الإمام أحمد من إتقانه و حفظه فقال : " ما كان أحفظه ! " , و احتج به الشيخان , فمثله لا يوهم بمجرد الدعوى . و لذلك لم يلتفت إلى هذا الإعلال الحافظان المنذري في " الترغيب " ( 2 / 53 ) و الهيثمي في " المجمع " ( 3 / 138 ) , فقالا : " رواه الطبراني في " الأوسط " و رواته محتج بهم في ( الصحيح ) " . و أقول : لو جاز لنا التوهيم بالظن لكان نسبة الوهم إلى العدني أولى , و هو محمد بن يحيى بن أبي عمر العدني , فقد تكلم فيه بعضهم , و قال الحافظ في " التقريب " : " صدوق , صنف المسند , لكن قال أبو حاتم : كانت فيه غفلة " . 2616 " كانوا يصلون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم , فإذا ركع ركعوا , و إذا قال : " سمع الله لمن حمده " لم يزالوا قياما حتى يروه قد وضع وجهه ( و في لفظ : جبهته ) في الأرض , ثم يتبعونه " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 225 : أخرجه مسلم ( 2 / 46 ) و أبو داود ( 622 ) و عنه أبو عوانة ( 2 / 179 ) و الطبراني في " الأوسط " ( 2 / 295 / 1 - 2 ) من طرق عن أبي إسحاق الفزاري عن أبي إسحاق الشيباني , حدثنا محارب بن دثار قال : سمعت عبد الله بن يزيد يقول على المنبر : حدثني #البراء بن عازب #- و كان ما علمت غير كذوب - أنهم كانوا ... إلخ و اللفظ الآخر لأبي داود , و السياق للطبراني , و قال : " لم يرو هذا الحديث عن أبي إسحاق الشيباني إلا أبو إسحاق الفزاري " . قلت : و هو إبراهيم بن محمد بن الحارث , إمام ثقة حافظ , له تصانيف , من رجال الشيخين . و أبو إسحاق الشيباني اسمه سليمان بن أبي سليمان ثقة من رجالهما أيضا , فالسند صحيح غاية , و قد تابعه أبو إسحاق السبيعي عند الشيخين و غيرهما , و هو مخرج مع حديث الترجمة عندي في " صحيح أبي داود " ( 631 ) . و له فيه طريق أخرى عن البراء ( 632 ) . و إنما أخرجت الحديث هنا لأمرين : الأول : أن جماهير المصلين يخلون بما تضمنه من التأخر بالسجود حتى يضع الإمام جبهته على الأرض , لا أستثني منهم أحدا حتى من كان منهم حريصا على اتباع السنة , للجهل بها أو الغفلة عنها , إلا من شاء الله , و قليل ما هم . قال النووي رحمه الله في " شرح مسلم " : " في الحديث هذا الأدب من آداب الصلاة , و هو أن السنة أن لا ينحني المأموم للسجود حتى يضع الإمام جبهته على الأرض إلا أن يعلم من حاله أنه لو أخر إلى هذا الحد لرفع الإمام من السجود قبل سجوده . قال أصحابنا رحمهم الله تعالى : في هذا الحديث و غيره ما يقتضي مجموعه أن السنة للمأموم التأخر عن الإمام قليلا بحيث يشرع في الركن بعد شروعه , و قبل فراغه منه " . و الآخر : أنني وجدت للحديث مصدرا جديدا لم أكن قد وقفت عليه من قبل , بل كان في حكم المفقود عندي , ألا و هو " المعجم الأوسط " للإمام الطبراني , فأحببت أن أعرف القراء الكرام بذلك بطريق العزو إليه , لعل أحدا منهم ممن يشاركنا في هذا العلم , و يوجد لديه فراغ من الوقت , يسعى إلى تحقيقه , و إخراجه إلى عالم المطبوعات <1>1>, فإنه غزير المادة جدا , " فيه كل نفيس و عزيز و منكر " كما قال الذهبي في ترجمته من " التذكرة " . و قد صورته الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة , و منها حصلت على نسخة مصورة على الورق في طريقي إلى الحج السنة الماضية ( 1399 ) جزى الله القائمين عليها خيرا . و أنا الآن في صدد ترقيم أحاديثه , و وضع فهارس له , و قد انتهيت منها و الحمد لله , فكانت أربعة : 1 - فهرس رواتها من الصحابة على الحروف , و عددهم قرابة ستمائة , و بجانب اسم الواحد منهم أرقام أحاديثه , و بذلك يتبين المقل منهم من المكثر . 2 - فهرس أسماء رواة الآثار من الصحابة و غيرهم و عددهم نحو الستين , و بجانب الواحد رقم أثره . 3 - فهرس الآثار , و بجانبها أرقامها , و عددها يزيد على المئتين من أصل نحو عشرة آلاف هي مجموع أحاديث الكتاب , و سائرها مرفوعة . 4 - أسماء شيوخ الطبراني , و عددهم قرابة الثمانمئة , و بجانب اسم أحدهم أرقام أحاديثه , و هي تساعد على معرفة المقل منهم من المكثر , و هو مفيد في غير المشهورين منهم . ----------------------------------------------------------- [1] ثم طبع بعد نحو عشر سنوات من كتابة ما تقدم في عشر مجلدات دون أي تخريج أو تحقيق حديثي ! . اهـ . 2617 " اللهم هذه حجة لا رياء فيها و لا سمعة " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 227 : روي من حديث #أنس و ابن عباس و بشر بن قدامة الضبابي # . 1 - أما حديث أنس , فله عنه طريقان : الأولى : من رواية الربيع بن صبيح عن يزيد بن أبان عنه قال : حج رسول الله صلى الله عليه وسلم على رحل رث , و عليه قطيفة لا تساوي أربعة دراهم , فقال : " اللهم اجعله حجا , لا رياء فيه و لا سمعة " . أخرجه الترمذي في " الشمائل " ( ص 191 ) و ابن ماجه ( 2890 ) و ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 4 / 106 ) و ابن سعد في " الطبقات " ( 2 / 177 ) و أبو نعيم في " الحلية " ( 6 / 308 ) . قلت : و هذا إسناد ضعيف , الربيع بن صبيح قال الحافظ : " صدوق سيىء الحفظ , و كان عابدا مجاهدا " . و يزيد بن أبان قريب منه , قال الحافظ : " زاهد ضعيف " . و لذلك جزم الحافظ في " الفتح " ( 3 / 297 ) بأن إسناده ضعيف . قلت : لكن يقويه ما بعده . و الطريق الأخرى : يرويه عليل بن أحمد العنزي : حدثني أبي أحمد بن يزيد بن عليل : أخبرنا أسد بن موسى أخبرنا حماد بن سلمة عن ثابت البناني عنه مرفوعا بلفظ الترجمة . أخرجه الأصبهاني في " الترغيب " ( ص 271 - مصورة الجامعة الإسلامية ) , و عنه الضياء المقدسي في " المختارة " ( 2 / 34 / 2 ) . قلت : و هذه متابعة قوية من ثابت البناني فإنه ثقة , و كذلك اللذان دونه , ثلاثتهم من رجال " التهذيب " . لكن أحمد بن يزيد بن عليل لم أجد له ترجمة سوى ما ذكره شارح " القاموس " ( ع ل ل ) أنه " من شيوخ ابن خزيمة " . و أما ابنه عليل , فقد ذكره ابن حجر في " التبصير " ( 3 / 966 ) و الحافظ بن ناصر الدين في " التوضيح " ( 2 / 170 / 1 ) بروايته عن حرملة و غيره . مات سنة ثلاثمائة . و لم يذكرا فيه جرحا و لا تعديلا , لكن في " الإكمال " ( 6 / 260 ) أنه قال : " و كان ثقة صحيح الكتاب " . 2 - و أما حديث ابن عباس , فيرويه أحمد بن محمد بن أبي بزة : محمد بن يزيد بن خنيس : حدثنا ابن جريج عن عطاء عنه قال : غدا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عرفة من منى , فلما انبعثت به راحلته - و عليها قطيفة قد اشتريت بأربعة دراهم - قال : فذكره . أخرجه الطبراني في " الأوسط " ( 1 / 119 / 2 ) و قال : " لم يروه عن ابن جريج إلا محمد بن يزيد , تفرد به أحمد بن أبي بزة " . قلت : قال الذهبي : " هو إمام في القراءة , ثبت فيها , لين الحديث " . و لم يعرفه الهيثمي , فقال ( 3 / 221 ) : " رواه الطبراني في " الأوسط " , و فيه أحمد بن محمد بن القاسم بن أبي بزة , و لم أعرفه " . قلت : و هو مترجم في " الميزان " , و " اللسان " ( 1 / 283 - 284 ) . 3 - و أما حديث بشر بن قدامة الضبابي , فيرويه محمد بن عبد الله بن الحكم : أبنا سعيد بن بشير القرشي : حدثني عبد الله بن حكيم الكتاني - رجل من أهل اليمن من مواليهم - عنه , قال : أبصرت عيناي حبي رسول الله صلى الله عليه وسلم واقفا بعرفات مع الناس , على ناقة له حمراء قصواء , تحته قطيفة بولانية , و هو يقول : ( فذكره ) , و الناس يقولون : هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال سعيد بن بشير : فسألت عبد الله بن حكيم , فقلت : يا أبا حكيم : و ما القصوى ? قال : أحسبها المبتترة الأذنين , فإن النوق تبتر آذانها لتسمع . أخرجه البيهقي في " سننه " ( 4 / 332 - 333 ) و الذهبي في " الميزان " في ترجمة القرشي , و قال : " تفرد به ابن عبد الحكم " . قلت : و هو ثقة مصري فقيه حافظ . لكن شيخه القرشي قال ابن أبي حاتم ( 2 / 1 / 8 ) عن أبيه : " شيخ مجهول , و عبد الله بن حكيم مجهول , لا نعرف واحدا منهما " . قلت : لكن القرشي قد أثنى عليه ابن عبد الحكم فقال : " كان يلزم المسجد - و ذكر من فضله " , كما في " الضعفاء " للعقيلي ( ص 149 ) و قد أخرج حديثه ابن خزيمة في " صحيحه " كما في الإصابة " . و جملة القول أن الحديث صحيح بهذه الطرق , و الحمد لله على توفيقه . 2618 " نزل الحجر الأسود من الجنة أشد بياضا من الثلج , فسودته خطايا بني آدم " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 230 : أخرجه الترمذي ( 1 / 166 ) و ابن خزيمة في " صحيحه " ( 1 / 271 / 1 ) و الطبراني في " المعجم الكبير " ( 3 / 155 / 1 - 2 ) و كذا أحمد ( 1 / 307 و 329 و 373 ) و الخطيب في " التاريخ " ( 7 / 362 ) من طرق عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن #ابن عباس #عن النبي صلى الله عليه وسلم به . و قال الترمذي : " حديث حسن صحيح " . و قال : " اللبن " مكان " الثلج " , و هو شاذ عندي لمخالفته للفظ الجماعة . و أخرج الطرف الأول منه النسائي في " الصغرى " ( 2 / 36 ) و " الكبرى " أيضا ( ق 87 / 2 ) من الوجه المذكور . قلت : و رجال إسناده ثقات رجال البخاري , إلا أن عطاء بن السائب كان اختلط , لكنه لا بأس به في المتابعات و الشواهد , فقد أخرجه ابن خزيمة من طريق أبي الجنيد : حدثنا حماد بن سلمة عن عبد الله بن عثمان بن خثيم عن سعيد بن جبير بلفظ : " الحجر الأسود ياقوتة بيضاء من يواقيت الجنة , و إنما سودته خطايا المشركين , يبعث يوم القيامة مثل أحد , يشهد لمن استلمه و قبله من أهل الدنيا " . و هذه متابعة قوية من ابن خثيم , لكن في الطريق إليه أبو الجنيد هذا - و اسمه الحسين بن خالد - قال ابن معين : " ليس بثقة " . و قال ابن عدي : " عامة حديثه عن الضعفاء " . قلت : شيخه هنا حماد بن سلمة و هو ثقة , و قد رواه جماعة من الثقات عن حماد عن عطاء بن السائب به كما تقدم . أخرجه أحمد و غيره ممن سبق ذكرهم . فهذا يدل على وهم أبي الجنيد على حماد حين رواه عنه عن ابن خثيم خلافا لرواية الجماعة , فروايته منكرة , سندا و متنا . و للطرف الأول منه شاهد من حديث أنس مرفوعا , بلفظ : " الحجر الأسود من حجارة الجنة " . أخرجه العقيلي في " الضعفاء " ( ص 275 ) و الطبراني في " الأوسط " ( 1 / 118 / 1 ) و البيهقي في " السنن " ( 5 / 75 ) من طريق شاذ بن فياض : حدثنا عمر بن إبراهيم عن قتادة عنه . و قال العقيلي معللا : " و يروى عن أنس موقوفا " . و بينه ابن أبي حاتم , فقال في " العلل " ( 1 / 276 ) عن أبيه : " أخطأ عمر بن إبراهيم , و رواه شعبة و عمرو بن الحارث المصري عن قتادة عن أنس , موقوف " . قلت : أخرجه أحمد ( 3 / 277 ) عن شعبة به موقوفا . و إسناده صحيح , و هو في حكم المرفوع , لأنه لا يقال من قبل الرأي , فلا جرم أن الإمام أحمد أودعه " المسند " ! و في معنى سائر الحديث حديث رافع الحجبي سمع عبد الله بن عمرو يرفعه : " إن الركن و المقام من ياقوت الجنة , و لولا ما مسهما من خطايا بني آدم لأضاء ما بين المشرق و المغرب , و ما مسهما من ذي عاهة و لا سقم إلا شفي " . أخرجه البيهقي بإسناد جيد , و أخرجه الترمذي و غيره من طريق أخرى مختصرا , و هو مخرج في " المشكاة " ( 2579 ) . 2619 " لولا ما مسه من أنجاس الجاهلية , ما مسه ذو عاهة إلا شفي , و ما على الأرض شيء من الجنة غيره " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 232 : أخرجه البيهقي في " السنن " ( 5 / 75 ) من طريق يوسف بن يعقوب : حدثنا مسدد حدثنا حماد بن زيد عن ابن جريج عن عطاء عن #عبد الله بن عمرو #يرفعه . قلت : و هذا إسناد رجاله كلهم ثقات من رجال البخاري غير يوسف بن يعقوب , و هو أبو محمد البصري القاضي , ثقة حافظ , ترجمة الخطيب في " تاريخه " ( 14 / 310 - 312 ) و الذهبي في " تذكرة الحفاظ " , فلولا عنعنة ابن جريج لقلت : إنه إسناد صحيح . لكن له شاهد من حديث ابن عباس رضي الله عنهما , و له عنه ثلاث طرق : الأولى : أخرجها الترمذي و غيره عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عنه بالشطر الأخير منه نحوه , و قد سبق الكلام عليه قبله . الثانية : رواه الطبراني في " الأوسط " ( 1 / 118 / 1 ) و " الكبير " ( 3 / 117 / 2 ) و أبو الحجاج الأدمي في " جزء فيه أحاديث عشرة مشايخ " ( 193 / 2 - 194 / 1 ) من طريق محمد بن عمران بن أبي يعلى : حدثني أبي عمران بن أبي ليلى عن عطاء عنه بلفظ : " الحجر الأسود من حجارة الجنة , و كان أبيض كالمهاة , و ما في الأرض من الجنة غيره , و لولا ما مسه من دنس الجاهلية و ما كان منها , ما مسه من ذي عاهة إلا برأ " . و قال الطبراني : " لم يروه عن عطاء إلا ابن أبي ليلى تفرد به عمران عن أبيه " . قلت : و اسم أبيه محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى , و هو ضعيف لسوء حفظه , و به أعل الحديث الهيثمي ( 3 / 242 ) بعد أن عزاه لـ " الكبير " و " الأوسط " و منه تبين أن قول المنذري في " الترغيب " ( 2 / 123 ) : " رواه الطبراني في " الأوسط " و " الكبير " بإسناد حسن " . أنه غير حسن . و أخرجه الطبراني في " الأوسط " ( 1 / 118 / 1 ) : حدثنا محمد بن علي الصائغ حدثنا الحسن بن علي الحلواني حدثنا [ غوث بن ] جابر بن غيلان بن منبه الصنعاني : حدثنا عبد الله بن صفوان عن إدريس بن [ بنت ] وهب بن منبه : حدثني وهب بن منبه عن طاووس عن ابن عباس مرفوعا بلفظ : " لولا ما طبع الركن من أنجاس الجاهلية و أرجاسها و أيدي الظلمة و الأثمة , لاستشفى به من كان به داء " . و قال : " لا يروى عن وهب عن طاووس إلا بهذا الإسناد , تفرد به الحلواني " . قلت : و هو ثقة من شيوخ الشيخين , لكن شيخ شيخه عبد الله بن صفوان ضعيف , أورده العقيلي في " الضعفاء " ( ص 209 ) و روى عن هشام بن يوسف أنه سئل عنه ? فقال : " كان ضعيفا لم يكن يحفظ الحديث " . ثم ساق له هذا الحديث : حدثناه محمد بن عبد الله الحضرمي قال : حدثنا الحسن بن علي الحلواني به . و الزيادتان منه . ثم قال : " و في هذا الحديث رواية من غير هذا الوجه , فيها لين أيضا " . قلت : و كأنه يشير إلى الرواية التي قبلها . و إدريس ابن بنت وهب ضعيف , و هو من رجال " التهذيب " . و أما غوث بن جابر بن غيلان فقال ابن معين : " لم يكن به بأس " كما في " الجرح و التعديل " ( 3 / 2 / 58 ) . و شيخ الطبراني محمد بن علي الصائغ , هو المكي كما في " المعجم الصغير " , و لم أجد له ترجمة . ثم رأيت الذهبي قد وثقه في " السير " ( 13 / 428 ) و قد أخرج له في " الأوسط " نحو خمسين حديثا . ثم هو متابع من الحضرمي كما تقدم . و جملة القول : أن رجال الإسناد كلهم معروفون , فيتعجب من الحافظ الهيثمي إذ قال ( 3 / 243 ) : " رواه الطبراني في " الأوسط " , و فيه جماعة لم أجد من ترجمهم " . و لعله لم يتح له أن يكتشف السقط الذي في إسناد الطبراني , فخفي عليه أن شيخ الحلواني هو غوث بن جابر , و شيخ ابن صفوان هو إدريس ابن بنت وهب , و لكن كيف فاته ضعف ابن صفوان نفسه ?! ثم إن مما يزيد الحديث قوة على قوة أن له طريقا أخرى عن ابن عمرو نفسه ذكرته تحت الحديث السابق . 2620 " ليوشكن رجل أن يتمنى أنه خر من الثريا و لم يلي من أمر الناس شيئا " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 235 : أخرجه الحاكم ( 4 / 91 ) و أحمد ( 2 / 377 و 520 و 536 ) و البزار ( 2 / 255 / 1643 ) عن عاصم بن بهدلة عن يزيد بن شريك أن الضحاك بن قيس بعث معه بكسوة إلى مروان بن الحكم , فقال مروان للبواب : انظر من بالباب ? قال : #أبو هريرة #, فأذن له , فقال : يا أبا هريرة ! حدثنا شيئا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم , قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ... فذكره . و قال الحاكم : " صحيح الإسناد " . و وافقه الذهبي . و أقول : إنما هو حسن , للكلام المعروف في عاصم بن بهدلة . نعم هو صحيح بطريق أخرى يرويها هشام بن حسان عن عباد بن أبي علي عن أبي حازم مولى أبي رهم الغفاري عن أبي هريرة مرفوعا نحوه . أخرجه الحاكم و ابن حبان ( 1559 ) و أحمد ( 2 / 352 و 521 ) و غيرهم . و هذا إسناد حسن بما قبله , رجاله ثقات غير أن عبادا هذا لم يوثقه غير ابن حبان , و قد تكلمت عليه في " التعليق الرغيب " ( 2 / 279 ) و صححه الحاكم و الذهبي , و كذا ابن خزيمة كما في " الفتح " ( 13 / 169 ) و أقره . و له شاهد من حديث عائشة مرفوعا نحوه . أخرجه أبو يعلى ( 8 / 188 / 4745 ) و الطبراني في " الأوسط " ( 1 / 239 / 2 / 4037 ) من طريق عمر بن سعد النصري عن ليث عن مجاهد عن عائشة نحوه . و قال الطبراني : " لم يروه عن ليث إلا عمر بن سعد " . قلت : ضعفه البخاري في " التاريخ " بقوله ( 2 / 3 / 158 ) : " لم يصح حديثه " . و أقره الذهبي في " الميزان " , و كذا الحافظ في " اللسان " , إلا أنهما لم ينسباه : النصري , بخلاف البخاري و ابن أبي حاتم , فقد نسباه هذه النسبة , فكأن الحافظ ذهل عنها , فزاد عقب هذه الترجمة ترجمة أخرى فقال : " عمر بن سعد النضري " ( كذا فيه بالضاد المعجمة ! ) .. " . ثم ذكر أنه روى عن ليث بن أبي سليم و غيره , و عنه إسماعيل بن موسى الفزاري و موسى بن إسماعيل ! و هما اللذان ذكرهما ابن أبي حاتم في ترجمة الأول , و كذا البخاري إلا أنه لم يذكر موسى بن إسماعيل , فأوهم الحافظ أنه غير الأول , و هو هو فاقتضى التنبيه . ثم وقفت على طريق ثالث للحديث عن أبي هريرة أوقفه عليه راويه أبو جمرة قال : أخبرني أبو عبد العزيز عنه نحوه . أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " ( 7181 ) و رجاله ثقات رجال مسلم غير أبي عبد العزيز هذا فهو مجهول كما قال أبو حاتم و غيره . و أما ابن حبان فذكره - على قاعدته - في " الثقات " ( 5 / 590 ) و ساق له طرف هذا الحديث . 2621 " ما من أمير عشرة إلا يؤتى به يوم القيامة مغلولا , لا يفكه إلا العدل أو يوبقه الجور " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 237 : أخرجه أحمد ( 2 / 431 ) و أبو يعلى ( 4 / 1564 ) و البيهقي في " السنن " ( 10 / 96 ) و الطبراني في " الأوسط " ( 1 / 199 / 1 ) عن محمد بن عجلان عن أبيه عن #أبي هريرة # عن النبي صلى الله عليه وسلم . و في رواية لأحمد : عن ابن عجلان قال : حدثني سعيد عن أبي هريرة به . و أخرجه البزار ( ص 178 ) بالروايتين . قلت : و هذا إسناد حسن , و قال المنذري ( 3 / 139 ) : " رواه أحمد بإسناد جيد رجاله رجال الصحيح " ! . قلت : و له طريقان آخران عن أبي هريرة . الأول : عن سعيد بن يسار عنه . أخرجه الدارمي ( 2 / 240 ) و البزار بسند صحيح , و أحمد ( 2 / 431 ) بسند حسن . و الآخر : عن بشر بن سعيد عنه . أخرجه الحاكم ( 4 / 89 ) . و له شاهد من حديث أبي أمامة سبق تخريجه برقم ( 349 ) . و شاهد آخر من طريق يزيد بن أبي زياد عن عيسى بن فائد عن رجل عن سعد بن عيادة مرفوعا به , و زاد : " و ما من أحد يتعلم القرآن ثم نسيه إلا لقي الله عز وجل أجذم " . أخرجه أحمد ( 5 / 284 و 285 ) و ابنه ( 5 / 327 - 328 ) . قلت : و هذا إسناد ضعيف فيه ثلاث علل : الأولى : الرجل الذي لم يسم , فهو مجهول العين . الثانية : عيسى بن فائد مجهول أيضا كما قال ابن المديني و غيره . الثالثة : يزيد بن أبي زياد و هو الهاشمي مولاهم , قال الحافظ : " ضعيف , كبر فتغير فصار يتلقن " . و من ذلك تعلم تساهل المنذري في قوله ( 3 / 139 ) و إن تبعه الهيثمي ( 5 / 65 ) : " رواه أحمد و البزار , و رجال أحمد رجال " الصحيح " , إلا الرجل المبهم " ! و بيانه أن أحدا من الثلاثة المذكورين ليس من رجال " الصحيح " , اللهم إلا ابن أبي زياد فهو من رجال مسلم , لكنه إنما أخرج له مقرونا بغيره , فتنبه . شاهد ثالث : يرويه عطية العوفي عن ابن بريدة عن أبيه مرفوعا , و زاد : " فإن كان محسنا فكه عدله , و إن كان سيئا زيد غلا إلى غله " . أخرجه الطبراني في " الأوسط " ( 1 / 200 / 1 ) من طريقين عن عطية , هذا أحدهما , و وقع في الأخرى عنه : حدثني بريدة به . و عطية ضعيف . ( فائدة ) : لما أخرج البزار طريق سعيد بن يسار المتقدمة , أخرجها من طريق حماد ابن سلمة عن يحيى بن سعيد عنه . و من طريق عبيد بن عمرو القيسي : حدثنا يحيى بن سعيد عن سعيد عن أبي هريرة , قال البزار عقبه : " هكذا رواه عبيد , و الثقات يروونه عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن يسار عن أبي هريرة . و هو الصواب " . فأقول : ليس هناك خطأ في رواية عبيد حتى تخطأ , كل ما في الأمر أنه لم ينسب سعيدا إلى أبيه يسار , و هذا يقع كثيرا في الأسانيد , و إنما يمكن أن يخطأ لو قال : سعيد بن أبي سعيد المقبري , فهذه مخالفة ظاهرة , و لكن هذا إنما يصار إليه لو لم يكن ليحيى بن سعيد رواية عن سعيد المقبري , و الواقع أن روايته عنه في مسلم , كما أن روايته عن سعيد بن يسار في " الصحيحين " , فليس هناك مانع أن يكون يحيى بن سعيد - و هو الأنصاري الثقة الثبت - قد روى الحديث عن السعيدين عن أبي هريرة ! لا شيء يمنع من ذلك , هذا لو كان عبيد القيسي ثقة , و لكني لم أعرفه , و إن كنت أظن أنه أبو عبد الرحمن الذي روى عنه قتيبة , فإنه من هذه الطبقة , و قد وثقه ابن حبان ( 8 / 430 ) و الله سبحانه و تعالى أعلم . 2622 " أصبت السنة , قاله عمر لعقبة و قد مسح من الجمعة إلى الجمعة على خفيه و هو مسافر " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 239 : أخرجه الطحاوي في " شرح المعاني " ( 1 / 48 ) و الدارقطني في " السنن " ( ص 72 ) و الحاكم ( 1 / 180 - 181 ) و عنه البيهقي في " السنن " ( 1 / 280 ) من طريق بشر بن بكر : حدثنا موسى بن علي بن رباح عن أبيه عن عقبة بن عامر الجهني قال : خرجت من الشام إلى المدينة يوم الجمعة , فدخلت على # عمر بن الخطاب # , فقال : متى أولجت خفيك في رجليك ? قلت : يوم الجمعة , قال : فهل نزعتهما ? قلت : لا , قال : فذكره . و قال الدارقطني : " و هو صحيح الإسناد " . و قال الحاكم : " حديث صحيح على شرط مسلم " . و وافقه الذهبي . قلت : و هو كما قالوا . و تابعه عبد الله بن الحكم البلوي عن علي بن رباح به مثله . أخرجه الطحاوي و الدارقطني و الحاكم و البيهقي من طريق المفضل بن فضالة , و الدارقطني أيضا ( ص 73 ) و عنه الضياء المقدسي في " الأحاديث المختارة " ( رقم 240 - بتحقيقي ) عن حيوة , كلاهما عن يزيد بن أبي حبيب : أخبرني عبد الله ابن الحكم البلوي به . لكن البلوي هذا مجهول , ففي " اللسان " : " قال الدارقطني في حاشية السنن : ليس بمشهور . و قال في موضع آخر ليس بالقوي . و قال الجوزقاني في " كتاب الأباطيل " : لا يعرف بعدالة و لا جرح " . و أما يزيد بن أبي حبيب فهو ثقة من رجال الشيخين , و قد اختلف عليه في إسناده و متنه . و أما السند فرواه عنه المفضل و حيوة كما ذكرنا . و تابعهما ابن لهيعة و عمرو ابن الحارث و الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب به , إلا أنهم قالوا : " أصبت " . و لم يذكروا : " السنة " . أخرجه الطحاوي و بقية الأربعة . و خالفهم يحيى بن أيوب فقال : عن يزيد بن أبي حبيب عن علي بن رباح به , فلم يذكر في إسناده " عبد الله بن الحكم البلوي " , و قال : " أصبت السنة " . أخرجه الدارقطني , و عنه الضياء المقدسي ( 241 ) . و أما المتن , فقد تبين من التخريج السابق , و خلاصته أن المفضل و حيوة و يحيى ابن أيوب ثلاثتهم قالوا : " أصبت السنة " . و خالفهم ابن لهيعة و عمرو بن الحارث و الليث بن سعد فقالوا : " أصبت " , لم يقولوا : " السنة " . قلت : و لا شك أن الصواب في إسناده إثبات البلوي فيه لاتفاق الثقات الخمسة عليه كما رأيت . و أما المتن , فالصواب فيه إثبات لفظ " السنة " , و ذلك لأمور : الأول : أن عدد النافين و المثبتين , و إن كان متساويا , فالحكم للمثبتين للقاعدة المعروفة : " زيادة الثقة المقبولة " . الثاني : أن هؤلاء المثبتين كلهم ثقات من رجال الشيخين , بخلاف الأولين , ففيهم ابن لهيعة , و ليس من رجالهما على الكلام المعروف فيه . الثالث : أن هناك ثقة آخر أثبت هذه الزيادة و هو موسى بن علي بن رباح كما في الرواية الأولى , و لم يختلف عليه فيها , فهي الراجحة يقينا , حتى لو كان الأرجح رواية الثقات عن يزيد بن أبي حبيب , لأن مدارها على البلوي و قد عرفت أنه مجهول لا يحتج به . و بهذه الجهالة أعله ابن حزم في " المحلى " ( 2 / 92 - 93 ) , فخفي عليه الطريق الأولى فضعف الحديث من أصله فوهم , و الظاهر أنه لم يقف عليها , فلا عجب منه , و إنما العجب مما قاله الدارقطني في " العلل " , فإنه بعد أن ذكر هذه الرواية الصحيحة قال : " و تابعه مفضل بن فضالة و ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن عبد الله بن الحكم البلوي عن علي بن رباح فقالا فيه : " أصبت السنة " , و خالفهم عمرو بن الحارث و يحيى بن أيوب و الليث بن سعد , فقالوا فيه : " فقال عمر : أصبت " , و لم يقولوا : " السنة " , و هو المحفوظ " <1>. 1>قلت : و فيما قاله الدارقطني أخطاء تظهر لكل من تأمل تخريجنا السابق , و هاك بيانها ملخصا : الأول : ذكر ابن لهيعة مع مفضل في جملة من قال : " أصبت السنة " , و إنما هو ممن قال : " أصبت " فقط كما سبق . الثاني : ذكر يحيى بن أيوب مع عمرو و الليث اللذين قالا : " أصبت " كما قال ابن لهيعة . و الصواب أن يذكره بديل ابن لهيعة , و يذكر هذا بديله هنا . الثالث : قوله : و هو المحفوظ . و الصواب العكس كما تقدم تحقيقه . و لعل هذا الخطأ الثالث نشأ من الخطأين الأولين , و هما نشآ من تلخيصه لروايات المختلفين , و من الملاحظ أنه لما جعل ابن لهيعة مع المفضل وحده , و جعل يحيى ابن أيوب مع عمرو و الليث ضعف ذلك الجانب , و قوى هذا الجانب , زد على ذلك أنه نسي أن يجعل مع المفضل حيوة فازداد جانبه ضعفا على ضعف , كما ذهل أن يقرن معهما موسى بن علي , و لولا ذلك لتبين له الصواب إن شاء الله تعالى . و الخلاصة : أن الذين قالوا : " أصبت السنة " هم أربعة : 1 - موسى بن علي بن رباح . 2 - المفضل بن فضالة . 3 - حيوة بن شريح . 4 - يحيى بن أيوب . ( و كلهم ثقات رجال الشيخين غير موسى بن علي , فمن رجال مسلم وحده ) . و الذين قالوا : " أصبت " فقط هم ثلاثة : 1 - عبد الله بن لهيعة . 2 - و عمرو بن الحارث . 3 - و الليث بن سعد . ( و هم من رجال الشيخين غير ابن لهيعة كما تقدم ) . و بهذا يتجلى لك الصواب بإذن الله تعالى , فلا جرم أن صحح الحديث من سبق ذكرهم , و تبعهم شيخ الإسلام ابن تيمية , فقال في " مجموع الفتاوى " ( 21 / 178 ) : " و هو حديث صحيح " . و يمكن أن يلحق بهم البيهقي و النووي و غيرهما ممن أورده و لم يضعفه , بل ساقه معارضا به أحاديث التوقيت التي استدل بها الجمهور , فأجاب عنه البيهقي عقبه بقوله : " و قد روينا عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه التوقيت , فإما أن يكون رجع إليه حين جاءه الثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في التوقيت , و إما أن يكون قوله الذي يوافق السنة المشهورة أولى " . و نقله النووي في " المجموع " ( 1 / 485 ) و ارتضاه . فلو أنهما وجدا مجالا لتضعيفه لاستغنيا بذلك عن التوفيق بينه و بين أحاديث التوقيت بما ذكراه . على أنه يمكن التوفيق بوجه آخر , و هو أن يحمل حديث عمر على الضرورة و تعذر خلعه بسبب الرفقة أو غيره , و إليه ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في بحث طويل له في المسح على الخفين . و هل يشترط أن يكونا غير مخرقين ? فقال ( 21 / 177 ) : " فأحاديث التوقيت فيها الأمر بالمسح يوما و ليلة , و ثلاثة و لياليهن , و ليس فيها النهي عن الزيادة إلا بطريق المفهوم , و المفهوم لا عموم له , فإذا كان يخلع بعد الوقت عند إمكان ذلك عمل بهذه الأحاديث , و على هذا يحمل حديث عقبة بن عامر لما خرج من دمشق إلى المدينة يبشر الناس بفتح دمشق , و مسح أسبوعا بلا خلع , فقال له عمر : أصبت السنة . و هو حديث صحيح " . و عمل به شيخ الإسلام في بعض أسفاره , فقال ( 21 / 215 ) : " لما ذهبت على البريد , و جد بنا السير , و قد انقضت مدة المسح فلم يمكن النزع و الوضوء إلا بالانقطاع عن الرفقة , أو حبسهم على وجه يتضررون بالوقوف , فغلب على ظني عدم التوقيت عند الحاجة كما قلنا في الجبيرة , و نزلت حديث عمر و قوله لعقبة بن عامر : " أصبت السنة " على هذا توفيقا بين الآثار , ثم رأيته مصرحا به في " مغازي ابن عائذ " أنه كان قد ذهب على البريد - كما ذهبت - لما فتحت دمشق ... فحمدت الله على الموافقة , ( قال ) : و هي مسألة نافعة جدا " . قلت : و لقد صدق رحمه الله , و هي من نوادر فقهه جزاه الله عنا خير الجزاء , و قد نقل الشيخ علاء الدين المرادي في كتابه " الإنصاف " ( 1 / 176 ) عن شيخ الإسلام أنه قال في " الاختيارات " : " لا تتوقف مدة المسح في المسافر الذي يشق ( عليه ) اشتغاله بالخلع و اللبس , كالبريد المجهز في مصلحة المسلمين " . و أقره . و هو في " الاختيارات " ( ص 15 ) المفردة . ----------------------------------------------------------- [1] نقلته ملخصا من " الأحاديث المختارة " و من " نصب الراية " ( 1 / 180 ) . ثم رأيته في " علل الدارقطني " ( 2 / 110 - 111 ) . اهـ . 2623 " و من أمرك أن تعذب نفسك ?! صم شهر الصبر , و من كل شهر يوما . قلت : زدني . قال : صم شهر الصبر , و من كل شهر يومين . قلت : زدني أجد قوة . قال : صم شهر الصبر و من كل شهر ثلاثة أيام " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 244 : أخرجه البخاري في " التاريخ الكبير " ( 4 / 1 / 238 - 239 ) و الطيالسي في " مسنده " ( 31 ) و الطبراني في " المعجم الكبير " ( 19 / 194 / رقم 435 ) عن حماد ابن يزيد بن مسلم : حدثنا معاوية بن قرة عن #كهمس الهلالي #قال : أسلمت , فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته بإسلامي , فمكثت حولا و قد ضمرت و نحل جسمي [ ثم أتيته ] , فخفض في البصر ثم رفعه , قلت : أما تعرفني ? قال : و من أنت ? قلت : أنا كهمس الهلالي . قال : فما بلغ بك ما أرى ? قلت : ما أفطرت بعدك نهارا , و لا نمت ليلا , فقال : ... فذكره . و أورده الحافظ في " المطالب العالية " ( 1 / 303 / 1036 ) من رواية الطيالسي و سكت عليه , و قال الهيثمي في " المجمع " ( 3 / 197 ) : " رواه الطبراني في " الكبير " , و فيه حماد بن يزيد المنقري , ( قلت : و في " الجرح " المقرىء ) و لم أجد من ذكره " . قلت : و قد فاته أن البخاري ذكره في " التاريخ " ( 2 / 1 / 20 ) و كناه بأبي يزيد البصري , و قال : " سمع معاوية بن قرة , سمع منه موسى , و سمع أباه و محمد بن سيرين " . و كذا ذكره أيضا ابن أبي حاتم ( 1 / 2 / 151 ) و زاد في شيوخه : بكر بن عبد الله المزني و مخلد بن عقبة بن شرحبيل الجعفي . و في الرواة عنه : يونس بن محمد , و مسلم بن إبراهيم , و محمد بن عون الزيادي , و طالوت بن عباد الجحدري . و ينبغي أن يزاد فيهم : أبو داود الطيالسي , فإنه قد روى عنه هذا الحديث , و ذكره ابن حبان أيضا في " الثقات " ( 2 / 62 - مخطوطة الظاهرية ) و على هامشه بخط بعض المحدثين : " و ذكره البزار , و قال : ليس به بأس " . و للحديث شاهد من حديث مجيبة الباهلية عن أبيها أو عمها بهذه القصة , و في آخره زيادة أوردته من أجلها في " ضعيف أبي داود " برقم ( 419 ) . و عند الطيالسي في هذا الحديث قصة , و في آخرها حديث آخر أخرجه الضياء في " المختارة " برقم ( 258 و 259 ) من طريق الطيالسي و غيره . 2624 " أذن في قومك أو في الناس يوم عاشوراء : من [ كان ] أكل فليصم بقية يومه [ إلى الليل ] , و من لم يكن أكل فليصم " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 246 : ورد من حديث #سلمة بن الأكوع و الربيع بنت معوذ و محمد بن صيفي و هند بن أسماء و أبي هريرة و عبد الله بن عباس و رجال لم يسموا من أسلم و معبد القرشي و محمد بن سيرين #مرسلا . 1 - أما حديث سلمة , فقال أحمد ( 4 / 50 ) : حدثنا يحيى بن سعيد عن يزيد بن عبيد قال : حدثنا سلمة بن الأكوع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل من أسلم : فذكره . و هذا إسناد ثلاثي صحيح على شرط الشيخين , و يحيى بن سعيد هو القطان و من طريقه أخرجه البخاري ( 13 / 205 - 206 ) و النسائي ( 1 / 319 ) و في " الكبرى " ( ق 22 / 1 ) و ابن خزيمة ( 2092 ) , ثم أخرجه البخاري ( 4 / 113 - 114 و 201 ) و مسلم ( 3 / 151 - 152 ) و الدارمي ( 2 / 22 ) و البيهقي ( 4 / 220 و 288 ) و أحمد ( 4 / 47 , 48 ) و ابن حبان ( 5 / 252 / 3610 ) من طرق أخرى عن يزيد بن عبيد به . و إسناد أحمد و الدارمي و البخاري ثلاثي أيضا و الزيادة الأولى لأحمد , و الأخرى لمسلم . 2 - و أما حديث الربيع , فقالت : أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم صبيحة عاشوراء إلى قرى الأنصار التي حول المدينة : من كان أصبح صائما فليتم صومه , و من كان أصبح مفطرا فليتم بقية يومه . قالت : فكنا نصومه بعد ذلك , و نصوم صبياننا الصغار , و نجعل لهم اللعبة من العهن , و نذهب بهم إلى المسجد , فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطيناه ذلك حتى يكون عند الإفطار . أخرجه البخاري ( 4 / 163 ) و مسلم ( 3 / 152 ) و ابن خزيمة ( 2088 ) و الطحاوي ( 1 / 336 ) و ابن حبان ( 3611 ) و البيهقي ( 4 / 288 ) و أحمد ( 6 / 359 ) . 3 - و أما حديث محمد بن صيفي , فقال : قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء : أمنكم أحد طعم اليوم ? فقلنا : منا من طعم , و منا من لم يطعم . قال : فقال : فأتموا بقية يومكم من كان طعم و من لم يطعم , و أرسلوا إلى أهل العروض فليتموا بقية يومهم . يعني أهل العروض حول المدينة . أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 3 / 54 - 55 ) و عنه ابن ماجه ( 1 / 528 - 529 ) و ابن خزيمة ( 2091 ) و ابن حبان ( 932 - موارد ) و أحمد ( 4 / 488 ) من طريق حصين عن الشعبي عنه . قلت : و هذا إسناد صحيح كما قال البوصيري في " الزوائد " ( 110 / 1 ) . 4 - و أما حديث هند بن أسماء , فيرويه محمد بن إسحاق : حدثني عبد الله بن أبي بكر بن محمد عن حبيب بن هند بن أسماء الأسلمي عنه قال : " بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قومي من أسلم فقال : مر قومك فليصوموا هذا اليوم يوم عاشوراء , فمن وجدته منهم قد أكل في أول يومه فليصم آخره " . أخرجه أحمد ( 3 / 484 ) و الطحاوي ( 1 / 335 - 336 ) . قلت : و هذا إسناد حسن , رجاله ثقات معروفون , غير حبيب بن هند , ترجمه ابن أبي حاتم ( 1 / 2 / 110 ) برواية ثقتين آخرين عنه , و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا , و ذكره ابن حبان في " الثقات " ( 3 / 38 - هندية ) . و في رواية لأحمد من طريق عبد الرحمن بن حرملة عن يحيى بن هند بن حارثة - و كان هند من أصحاب الحديبية - و أخوه الذي بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر قومه بصيام عاشوراء - و هو أسماء بن حارثة - فحدثني يحيى بن هند عن أسماء بن حارثة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه , فقال : مر قومك بصيام هذا اليوم ... " الحديث نحوه . لكن يحيى بن هند هذا لا يعرف إلا برواية ابن حرملة هذا , و بها ذكره ابن أبي حاتم ( 4 / 2 / 194 - 195 ) و لم يحك فيه جرحا و لا تعديلا , و أما ابن حبان فأورده أيضا في " الثقات " ( 3 / 287 ) . و قال في ترجمة حبيب بن هند بن أسماء المتقدم : " كأنهما أخوان إن شاء الله " . و قال الحافظ في التوفيق بين روايتيهما : " قلت : فيحتمل أن يكون كل من أسماء و ولده هند أرسلا بذلك , و يحتمل أن يكون أطلق في الرواية الأولى على الجد اسم الأب , فيكون الحديث من رواية حبيب بن هند عن جد أسماء , فتتحد الروايتان . و الله أعلم " . قلت : التوفيق فرع التصحيح , و ما أرى أن الرواية الأخرى ثابتة , لما عرفت من حال راويها يحيى بن هند . و الله أعلم . ثم رأيت رواية سعيد بن حرملة في " صحيح ابن حبان " ( 5 / 252 / 3609 - الإحسان ) من طريق سهل بن بكار قال : حدثنا وهيب عن عبد الرحمن بن حرملة عن سعيد بن المسيب عن أسماء بن حارثة به . و هذا سند جيد , يدل على أن له أصلا عن أسماء , و لعل ابن حرملة كان له عنه إسنادان , فتارة يرويه عن يحيى بن هند , و تارة عن ابن المسيب .. و الله أعلم . 5 - و أما حديث أبي هريرة فيرويه حبيب بن عبد الله عن شبيل عنه قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم صائما يوم عاشوراء فقال لأصحابه : " من كان أصبح منكم صائما فليتم صومه , و من كان أصاب من غداء أهله فليتم بقية يومه " . أخرجه أحمد ( 2 / 359 ) . و رجاله موثقون غير حبيب بن عبد الله و هو الأزدي اليحمدي , و هو مجهول . 6 - و أما حديث ابن عباس فيرويه جابر عن عكرمة عنه قال : " أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل قرية على رأس أربعة فراسخ - أو قال فرسخين - يوم عاشوراء فأمر من أكل أن لا يأكل بقية يومه , و من لم يأكل أن يتم صومه " . أخرجه أحمد ( 1 / 232 ) . و جابر هو ابن يزيد الجعفي , و هو ضعيف . 7 - و أما حديث الرجال الأسلميين , فيرويه ابن شهاب عن ابن سندر عن رجال منهم [ من أسلم ] <1>1>أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل من أسلم : ... فذكره نحو الحديث الأول . أخرجه النسائي في " الكبرى " ( 38 / 1 ) : أخبرنا أحمد بن إبراهيم قال : حدثنا يزيد - يعني - بن موهب قال : حدثني الليث عن عقيل عن ابن شهاب . و هذا إسناد رجاله ثقات غير ابن سندر , و قد جزم الحافظ في " باب من نسب إلى أبيه ... " من " التقريب " أنه عبد الله . ثم لم يترجم له في الأسماء , و هو تابع في ذلك لابن أبي حاتم , فقد قال في " الجرح و التعديل " ( 2 / 1 / 320 ) : " سندر أبو الأسود , له صحبة , روى عنه عبد الله بن سندر " . و الشطر الأول منه في " التاريخ " للبخاري ( 2 / 2 / 210 ) و زاد : " كناه عثمان بن صالح , و روى الزهري عن سندر بن أبي سندر عن أبيه " . و نقله هكذا في " الإصابة " , و ذكر فيه أن له ابنا آخر يدعى مسروحا . و يزيد بن موهب هو ابن خالد بن يزيد بن عبد الله بن موهب الرملي . و أحمد بن إبراهيم هو أبو عبد الملك القرشي البسري الدمشقي . و قد خالف معمر عقيلا فأرسله , أخرجه عبد الرزاق ( 7834 ) قال : أخبرنا معمر عن الزهري أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة قال لرجل من أسلم : فذكره . 8 - و أما حديث معبد القرشي , فقال عبد الرزاق ( 7835 ) : عن إسرائيل عن سماك ابن حرب عنه قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم بـ ( قديد ) فأتاه رجل , فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : فذكره نحوه . و عن عبد الرزاق أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 20 / 342 / 803 ) . قلت : و هذا إسناد جيد , و قال الهيثمي في " المجمع " ( 3 / 187 ) : " رواه الطبراني في " الكبير " , و رجاله ثقات " . 9 - و أما مرسل ابن سيرين , فقال ابن أبي شيبة ( 3 / 57 ) : حدثنا ابن علية عن أيوب عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر رجلا من أسلم يوم عاشوراء ... الحديث و إسناده صحيح مرسل . و رواه عبد الرزاق ( 7852 ) عن عطاء مرسلا . و في الباب أحاديث أخرى خرجها الهيثمي في " مجمع الزوائد " , فمن شاء المزيد فليرجع إليه , و آخر فيه زيادة منكرة بلفظ : " فأتموا بقية يومكم و اقضوه " . و في إسناده جهالة , و لذلك خرجته في المجلد الحادي عشر من " الضعيفة " برقم ( 5199 ) و في " ضعيف أبي داود " برقم ( 422 ) . من فقه الحديث . في هذا الحديث فائدتان هامتان : الأولى : أن صوم يوم عاشوراء كان في أول الأمر فرضا , و ذلك ظاهر في الاهتمام به الوارد فيه , و المتمثل في إعلان الأمر بصيامه , و الإمساك عن الطعام لمن كان أكل فيه , و أمره بصيام بقية يومه , فإن صوم التطوع لا يتصور فيه إمساك بعد الفطر كما قال ابن القيم رحمه الله في " تهذيب السنن " ( 3 / 327 ) . و هناك أحاديث أخرى تؤكد أنه كان فرضا , و أنه لما فرض صيام شهر رمضان كان هو الفريضة كما في حديث عائشة عند الشيخين و غيرهما , و هو مخرج في " صحيح أبي داود " برقم ( 2110 ) . و الأخرى : أن من وجب عليه الصوم نهارا , كالمجنون يفيق , و الصبي يحتلم , و الكافر يسلم , و كمن بلغه الخبر بأن هلال رمضان رؤي البارحة , فهؤلاء يجزيهم النية من النهار حين الوجوب , و لو بعد أن أكلوا أو شربوا , فتكون هذه الحالة مستثناة من عموم قوله صلى الله عليه وسلم : " من لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له " , و هو حديث صحيح كما حققته في " صحيح أبي داود " ( 2118 ) . و إلى هذا الذي أفاده حديث الترجمة ذهب ابن حزم و ابن تيمية و الشوكاني و غيرهم من المحققين . فإن قيل : الحديث ورد في صوم عاشوراء و الدعوى أعم . قلت : نعم , و ذلك بجامع الاشتراك في الفريضة , ألست ترى أن الحنفية استدلوا به على جواز صوم رمضان بنية من النهار , مع إمكان النية في الليل طبقا لحديث أبي داود , فالاستدلال به لما قلنا أولى كما لا يخفى على أولي النهى . و لذلك قال المحقق أبو الحسن السندي في حاشيته على " ابن ماجه " ( 1 / 528 - 529 ) ما مختصره : " الأحاديث دالة على أن صوم يوم عاشوراء كان فرضا , من جملتها هذا الحديث , فإن هذا الاهتمام يقتضي الافتراض . نعم الافتراض منسوخ بالاتفاق و شهادة الأحاديث على النسخ . و استدل به على جواز صوم الفرض بنية من النهار , لا يقال صوم عاشوراء منسوخ فلا يصح الاستدلال به . لأنا نقول : دل الحديث على شيئين : أحدهما : وجوب صوم عاشوراء . و الثاني : أن الصوم واجب في يوم بنية من نهار , و المنسوخ هو الأول , و لا يلزم من نسخه نسخ الثاني , و لا دليل على نسخه أيضا . بقي فيه بحث : و هو أن الحديث يقتضي أن وجوب الصوم عليهم ما كان معلوما من الليل , و إنما علم من النهار , و حينئذ صار اعتبار النية من النهار في حقهم ضروريا , كما إذا شهد الشهود بالهلال يوم الشك , فلا يلزم جواز الصوم بنية من النهار بلا ضرورة " أهـ . قلت : و هذا هو الحق الذي به تجتمع النصوص , و هو خلاصة ما قال ابن حزم رحمه الله في " المحلى " ( 6 / 166 ) و قال عقبه : " و به قال جماعة من السلف كما روينا من طريق ... عبد الكريم الجزري أن قوما شهدوا على الهلال بعد ما أصبح الناس , فقال عمر بن عبد العزيز : من أكل فليمسك عن الطعام , و من لم يأكل فليصم بقية يومه " . قلت : و أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 3 / 69 ) و سنده صحيح على شرط الشيخين . و هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية , فقال في " الاختيارات العلمية " ( 4 / 63 - الكردي ) : " و يصح صوم الفرض بنية النهار إذا لم يعلم وجوبه بالليل , كما إذا قامت البينة بالرؤية في أثناء النهار , فإنه يتم بقية يومه و لا يلزمه قضاء و إن كان أكل " و تبعه على ذلك المحقق ابن القيم , و الشوكاني , فمن شاء زيادة بيان و تفصيل فليراجع " مجموع الفتاوى " لابن تيمية ( 25 / 109 و 117 - 118 ) و " زاد المعاد " لابن القيم ( 1 / 235 ) و " تهذيب السنن " له ( 3 / 328 ) و " نيل الأوطار " للشوكاني ( 4 / 167 ) . و إذا تبين ما ذكرنا , فإنه تزول مشكلة كبرى من مشاكل المسلمين اليوم , ألا و هي اختلافهم في إثبات هلال رمضان بسبب اختلاف المطالع , فإن من المعلوم أن الهلال حين يرى في مكان فليس من الممكن أن يرى في كل مكان , كما إذا رؤي في المغرب فإنه لا يمكن أن يرى في المشرق , و إذا كان الراجح عند العلماء أن حديث " صوموا لرؤيته ... " إنما هو على عمومه , و أنه لا يصح تقييده باختلاف المطالع , لأن هذه المطالع غير محدودة و لا معينة , لا شرعا و لا قدرا , فالتقييد بمثله لا يصح , و بناء على ذلك فمن الممكن اليوم تبليغ الرؤية إلى كل البلاد الإسلامية بواسطة الإذاعة و نحوها , و حينئذ فعلى كل من بلغته الرؤية أن يصوم , و لو بلغته قبل غروب الشمس بقليل , و لا قضاء عليه , لأنه قد قام بالواجب في حدود استطاعته , و لا يكلف الله نفسا إلا وسعها , و الأمر بالقضاء لم يثبت كما سبقت الإشارة إليه , و نرى أن من الواجب على الحكومات الإسلامية أن يوحدوا يوم صيامهم و يوم فطرهم , كما يوحدون يوم حجهم , و لريثما يتفقون على ذلك , فلا نرى لشعوبهم أن يتفرقوا بينهم , فبعضهم يصوم مع دولته , و بعضهم مع الدولة الأخرى , و ذلك من باب درء المفسدة الكبرى بالمفسدة الصغرى كما هو مقرر في علم الأصول . و الله تعالى ولي التوفيق . ----------------------------------------------------------- [1] زيادة من " تهذيب التهذيب " . اهـ . 2625 " لو لم تكله لأكلتم منه , و لقام لكم " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 254 : أخرجه مسلم ( 7 / 60 ) من طريق معقل عن أبي الزبير عن #جابر #أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم يستطعمه , فأطعمه شطر وسق شعير , فما زال الرجل يأكل منه و امرأته و ضيفهما حتى كاله , فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال , فذكره . و تابعه ابن لهيعة : حدثنا أبو الزبير به . أخرجه أحمد ( 3 / 337 , 347 ) من طريقين عنه . و خالفهما حسان بن عبد الله فقال : حدثنا ابن لهيعة : حدثنا يونس ابن يزيد : حدثنا أبو إسحاق عن سعيد بن الحارث عن جده نوفل بن الحارث بن عبد المطلب أنه استعان رسول الله صلى الله عليه وسلم في التزويج , فأنكحه امرأة , فالتمس شيئا فلم يجده , فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا رافع و أبا أيوب بدرعه فرهناه عند رجل من اليهود بثلاثين صاعا من شعير , فدفعه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلي , فطعمنا منه نصف سنة ثم كلناه فوجدناه كما أدخلناه , قال نوفل : فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم , فقال : فذكره إلا أنه قال : " ما عشت " بدل : " و لقام لكم " . أخرجه الحاكم ( 3 / 246 ) و عنه البيهقي في " الدلائل " ( 6 / 114 ) . و سكت عنه الحاكم و الذهبي . و ابن لهيعة فيه ضعف من قبل حفظه , و أبو إسحاق هو السبيعي كما في " الإصابة " , و كان اختلط , مع تدليس له . و سعيد بن الحارث لم أعرفه , فالإسناد مظلم , و الأول أقوى لمتابعة معقل لابن لهيعة عليه , لكن فيه عنعنة أبي الزبير , و هو معروف بالتدليس , فلا أدري إذا كان سمعه من جابر أم لا ? و لعل الحافظ ابن حجر قد ترجح عنده الأول , فقد أورده في " الفتح " ( 11 / 240 ) من رواية مسلم هذه ساكتا عليه , أو من أجل شواهد ذكرها قريبا , و بها يتقوى الحديث عندي إن شاء الله تعالى . منها حديث عائشة رضي الله عنها قالت : توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم و ما في بيتي من شيء يأكله ذو كبد , إلا شطر شعير في رف لي , فأكلت منه حتى طال علي , فكلته ففني . أخرجه البخاري ( 6 / 146 و 11 / 239 ) و مسلم ( 8 / 218 ) و ابن ماجه ( 3345 ) و أحمد ( 4 / 108 ) و زاد : " فليتني لم أكن كلته " . و إسنادها جيد . 2626 " أردف أختك عائشة فأعمرها من التنعيم , فإذا هبطت الأكمة فمرها فلتحرم , فإنها عمرة متقبلة " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 255 : أخرجه الحاكم ( 3 / 477 ) من طريق داود بن عبد الرحمن العطار : حدثني عبد الله بن عثمان بن خثيم عن يوسف بن ماهك عن حفصة بنت #عبد الرحمن بن أبي بكر #عن أبيها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له : فذكره . و سكت عنه . و قال الذهبي : " قلت : سنده قوي " . قلت : و قد أخرجه أحمد أيضا ( 1 / 198 ) : حدثنا داود بن مهران الدباغ : حدثنا داود - يعني العطار - به . و أخرجه أبو داود أيضا و غيره و هو في " صحيح أبي داود " برقم ( 1569 ) . و قد أخرجه البخاري ( 3 / 478 ) و مسلم ( 4 / 35 ) من طريق أخرى عن عبد الرحمن بن أبي بكر مختصرا . و كذلك أخرجاه من حديث عائشة نفسها , و في رواية لهما عنها قالت : فاعتمرت , فقال : " هذه مكان عمرتك " . و في أخرى : بنحوه قال : " مكان عمرتي التي أدركني الحج و لم أحصل منها " . و في أخرى : " مكان عمرتي التي أمسكت عنها " . و في أخرى : " جزاء بعمرة الناس التي اعتمروا " . رواها مسلم . و في ذلك إشارة إلى سبب أمره صلى الله عليه وسلم لها بهذه العمرة بعد الحج . و بيان ذلك : أنها كانت أهلت بالعمرة في حجتها مع النبي صلى الله عليه وسلم , إما ابتداء أو فسخا للحج إلى العمرة ( على الخلاف المعروف ) <1>, 1>فلما قدمت ( سرف ) . مكان قريب من مكة - , حاضت , فلم تتمكن من إتمام عمرتها و التحلل منها بالطواف حول البيت , لقوله صلى الله عليه وسلم لها - و قد قالت له : إني كنت أهللت بعمرة فكيف أصنع بحجتي ? قال : - " انقضي رأسك و امتشطي و أمسكي عن العمرة و أهلي بالحج , و اصنعي ما يصنع الحاج غير أن لا تطوفي و لا تصلي حتى تطهري . ( و في رواية : فكوني في حجك , فعسى الله أن يرزقكيها ) " , ففعلت , و وقفت المواقف , حتى إذا طهرت طافت بالكعبة و الصفا و المرة , و قال لها صلى الله عليه وسلم كما في حديث جابر : " قد حللت من حجك و عمرتك جميعا " , فقالت : يا رسول الله إني أجد في نفسي أني لم أطف بالبيت حتى حججت , و ذلك يوم النفر , فأبت , و قالت : أيرجع الناس بأجرين و أرجع بأجر ? و في رواية عنها : يصدر الناس بنسكين و أصدر بنسك واحد ? و في أخرى : يرجع الناس ( و عند أحمد ( 6 / 219 ) : صواحبي , و في أخرى له ( 6 / 165 و 266 ) : نساؤك ) بعمرة و حجة , و أرجع أنا بحجة ? و كان صلى الله عليه وسلم رجلا سهلا إذا هويت الشيء تابعها عليه , فأرسلها مع أخيها عبد الرحمن , فأهلت بعمرة من التنعيم <2>2>. فقد تبين مما ذكرنا من هذه الروايات - و كلها صحيحة - أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أمرها بالعمرة عقب الحج بديل ما فاتها من عمرة التمتع بسبب حيضها , و لذلك قال العلماء في تفسير قوله صلى الله عليه وسلم المتقدم : " هذه مكان عمرتك " أي : العمرة المنفردة التي حصل لغيرها التحلل منها بمكة , ثم أنشأوا الحج مفردا <3>3>. إذا عرفت هذا , ظهر لك جليا أن هذه العمرة خاصة بالحائض التي لم تتمكن من إتمام عمرة الحج , فلا تشرع لغيرها من النساء الطاهرات , فضلا عن الرجال . و من هنا يظهر السر في إعراض السلف عنها , و تصريح بعضهم بكراهتها , بل إن عائشة نفسها لم يصح عنها العمل بها , فقد كانت إذا حجت تمكث إلى أن يهل المحرم ثم تخرج إلى الجحفة فتحرم منها بعمرة , كما في " مجموع الفتاوى " لابن تيمية ( 26 / 92 ) . و قد أخرجه البيهقي في " السنن الكبرى " ( 4 / 344 ) بمعناه عن سعيد بن المسيب أن عائشة رضي الله عنها كانت تعتمر في آخر ذي الحجة من الجحفة . و إسناده صحيح . و أما ما رواه مسلم ( 4 / 36 ) من طريق مطر : قال أبو الزبير : فكانت عائشة إذا حجت صنعت كما صنعت مع نبي الله صلى الله عليه وسلم . ففي ثبوته نظر , لأن مطرا هذا هو الوراق فيه ضعف من قبل حفظه , لاسيما و قد خالفه الليث بن سعد و ابن جريج كلاهما عن أبي الزبير عن جابر بقصة عائشة , و لم يذكرا فيها هذا الذي رواه مطر , فهو شاذ أو منكر , فإن صح ذلك فينبغي أن يحمل على ما رواه سعيد بن المسيب , و لذلك قال شيخ الإسلام ابن تيمية في " الاختيارات العلمية " ( ص 119 ) : " يكره الخروج من مكة لعمرة تطوع , و ذلك بدعة لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم , و لا أصحابه على عهده , لا في رمضان و لا في غيره , و لم يأمر عائشة بها , بل أذن لها بعد المراجعة تطييبا لقلبها , و طوافه بالبيت أفضل من الخروج اتفاقا , و يخرج عند من لم يكرهه على سبيل الجواز " . و هذا خلاصة ما جاء في بعض أجوبته المذكورة في " مجموع الفتاوى " ( 26 / 252 - 263 ) , ثم قال ( 26 / 264 ) : " و لهذا كان السلف و الأئمة ينهون عن ذلك , فروى سعيد بن منصور في " سننه " عن طاووس - أجل أصحاب ابن عباس - قال : " الذين يعتمرون من التنعيم ما أدري أيؤجرون عليها أم يعذبون ? قيل : فلم يعذبون ? قال : لأنه يدع الطواف بالبيت , و يخرج إلى أربعة أميال و يجيء , و إلى أن يجيء من أربعة أميال [ يكون ] قد طاف مائتي طواف , و كلما طاف بالبيت كان أفضل من أن يمشي في غير شيء " . و أقره الإمام أحمد . و قال عطاء بن السائب : " اعتمرنا بعد الحج , فعاب ذلك علينا سعيد بن جبير " . و قد أجازها آخرون , لكن لم يفعلوها ... " . و قال ابن القيم رحمه الله في " زاد المعاد " ( 1 / 243 ) : " و لم يكن صلى الله عليه وسلم في عمره عمرة واحدة خارجا من مكة كما يفعل كثير من الناس اليوم , و إنما كانت عمره كلها داخلا إلى مكة , و قد أقام بعد الوحي بمكة ثلاث عشرة سنة , لم ينقل عنه أنه اعتمر خارجا من مكة في تلك المدة أصلا , فالعمرة التي فعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم و شرعها فهي عمرة الداخل إلى مكة , لا عمرة من كان بها فيخرج إلى الحل ليعتمر , و لم يفعل هذا على عهده أحد قط إلا عائشة وحدها من بين سائر من كان معه , لأنها كانت قد أهلت بالعمرة فحاضت , فأمرها فأدخلت الحج على العمرة و صارت قارنة , و أخبرها أن طوافها بالبيت و بين الصفا و المروة قد وقع عن حجتها و عمرتها , فوجدت في نفسها أن ترجع صواحباتها بحج و عمرة مستقلين فإنهن كن متمتعات و لم يحضن و لم يقرن , و ترجع هي بعمرة في ضمن حجتها , فأمر أخاها أن يعمرها من التنعيم تطييبا لقلبها , و لم يعتمر هو من التنعيم في تلك الحجة و لا أحد ممن كان معه " أهـ . قلت : و قد يشكل على نفيه في آخر كلامه , ما في رواية للبخاري ( 3 / 483 - 484 ) من طريق أبي نعيم : حدثنا أفلح بن حميد عن القاسم عن عائشة , فذكر القصة - , و فيه : " فدعا عبد الرحمن فقال : اخرج بأختك الحرم فلتهل بعمرة , ثم افرغا من طوافكما " . لكن أخرجه مسلم ( 4 / 31 - 32 ) من طريق إسحاق بن سليمان عن أفلح به , إلا أنه لم يذكر : " ثم افرغا من طوافكما " . و إنما قال : " ثم لتطف بالبيت " . فأخشى أن يكون تثنية الطواف خطأ من أبي نعيم , فقد وجدت له مخالفا آخر عند أبي داود ( 1 / 313 - 314 ) من رواية خالد - و هو الحذاء - عن أفلح به نحو رواية مسلم , فهذه التثنية شاذة في نقدي لمخالفة أبي نعيم و تفرده بها دون إسحاق بن سليمان و خالد الحذاء و هما ثقتان حجتان . ثم وجدت لهما متابعا آخر و هو أبو بكر الحنفي عند البخاري ( 3 / 328 ) و أبي داود . و يؤيد ذلك أنها لم ترد لفظا و لا معنى في شيء من طرق الحديث عن عائشة , و ما أكثرها في " مسند أحمد " ( 6 / 43 و 78 و 113 و 122 و 124 و 163 و 165 و 177 و 191 و 219 و 233 و 245 و 266 و 273 ) و بعضها في " صحيح البخاري " ( 3 / 297 و 324 و 464 و 477 - 478 و 482 و 4 / 99 و 8 / 84 ) و مسلم ( 4 / 27 - 34 ) و كذا لم ترد في حديث جابر عند البخاري ( 3 / 478 - 480 ) و مسلم ( 4 / 35 - 36 ) و أحمد ( 3 / 309 و 366 ) و كذلك لم ترد في حديث الترجمة لا من الوجه المذكور أولا , و لا من الطريق الأخرى عند الشيخين و غيرهما . نعم في رواية لأحمد ( 1 / 198 ) من طريق ابن أبي نجيح أن أباه حدثه أنه أخبره من سمع عبد الرحمن بن أبي بكر يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ... فذكره نحوه . إلا أنه قال : " فأهلا و أقبلا , و ذلك ليلة الصدر " , لكن الواسطة بين أبي نجيح و عبد الرحمن لم يسم , فهو مجهول , فزيادته منكرة , و إن سكت الحافظ في " الفتح " ( 3 / 479 ) على زيادته التي في آخره : " و ذلك ليلة الصدر " , و لعل ذلك لشواهدها . و الله أعلم . و جملة القول أنه لا يوجد ما ينفي قول ابن القيم المتقدم أنه لم يعتمر بعد الحج أحد ممن كان مع النبي صلى الله عليه وسلم سوى عائشة , و لذلك لما نقل كلامه مختصرا الحافظ في " الفتح " لم يتعقبه إلا بقوله ( 3 / 478 ) : " و بعد أن فعلته عائشة بأمره دل على مشروعيته " ! و من تأمل ما سقناه من الروايات الصحيحة , و ما فيها من بيان سبب أمره صلى الله عليه وسلم إياها بذلك تجلى له يقينا أنه ليس فيه تشريع عام لجميع الحجاج , و لو كان كما توهم الحافظ لبادر الصحابة إلى الإتيان بهذه العمرة في حجته صلى الله عليه وسلم و بعدها , فعدم تعبدهم بها , مع كراهة من نص على كراهتها من السلف كما تقدم لأكبر دليل على عدم شرعيتها . اللهم إلا من أصابها ما أصاب السيدة عائشة رضي الله عنها من المانع من إتمام عمرتها . و الله تعالى ولي التوفيق . و إن مما ينبغي التنبه له أن قول ابن القيم المتقدم : " إنما كانت عمره كلها داخلا إلى مكة " , لا ينافيه اعتماره صلى الله عليه وسلم من ( الجعرانة ) , كما توهم البعض لأنها كانت مرجعه من الطائف , فنزلها , ثم قسم غنائم حنين بها , ثم اعتمر منها . ----------------------------------------------------------- [1] قلت : و الأول أرجح , و هو الذي اختاره ابن القيم , و يؤيده قول عائشة في رواية لأحمد ( 6 / 245 ) في رواية عنها : " خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع , فنزلنا الشجرة , فقال : من شاء فليهل بعمرة ... قالت : و كنت أنا ممن أهل بعمرة " . فهذا صريح فيما رجحنا , لأن الشجرة شجرة ذي الحليفة ميقات أهل المدينة و مبتدأ الإحرام . [2] انظر " حجة النبي صلى الله عليه وسلم " ( 92 / 111 - 114 ) . [3] انظر " زاد المعاد " ( 1 / 280 - 281 ) و " فتح الباري " . اهـ . 2627 " مررت ليلة أسري بي على موسى فرأيته قائما يصلي في قبره [ عند الكثيب الأحمر ] " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 261 : أخرجه مسلم ( 7 / 102 ) و النسائي ( 1 / 242 ) و ابن حبان ( 49 - الإحسان ) و أحمد ( 3 / 120 ) من طرق عن سليمان التيمي عن # أنس #قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ... فذكره . و تابعه ثابت البناني عن أنس به , و الزيادة له . أخرجه مسلم و النسائي و ابن حبان ( 50 ) و أحمد ( 3 / 148 و 248 ) و أبو نعيم في " الحلية " ( 6 / 253 ) و ابن عساكر في " التاريخ " ( 17 / 197 / 2 ) من طرق عن حماد بن سلمة عن ثابت البناني و سليمان التيمي عن أنس به . و خالفهم معاذ بن خالد قال : أنبأنا حماد بن سلمة عن سليمان التيمي عن ثابت عن أنس به . أخرجه النسائي و أفاد أنه خطأ من معاذ بن خالد فقال عقب الرواية السابقة : " هذا أولى بالصواب عندنا من حديث معاذ بن خالد . و الله تعالى أعلم " . ثم أخرجه هو , و أحمد ( 5 / 59 و 362 و 365 ) من طرق أخرى عن سليمان عن أنس عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم و في رواية : سمعت أنسا يقول : أخبرني بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم به . قلت : فالظاهر أن أنسا تلقاه عن غيره من الصحابة , فكان تارة يذكره و يسنده , و تارة يرسله و لا يذكره , و لا يضر ذلك في صحة الحديث لأن مراسيل الصحابة حجة , كما هو معلوم . 2628 " إن المؤمن ينزل به الموت و يعاين ما يعاين , فود لو خرجت - يعني نفسه - و الله يحب لقاءه , و إن المؤمن يصعد بروحه إلى السماء , فتأتيه أرواح المؤمنين فيستخبرونه عن معارفهم من أهل الأرض , فإذا قال : تركت فلانا في الدنيا أعجبهم ذلك , و إذا قال : إن فلانا قد مات , قالوا : ما جيء به إلينا . و إن المؤمن يجلس في قبره فيسأل : من ربه ? فيقول : ربي الله . فيقال : من نبيك ? فيقول : نبيي محمد صلى الله عليه وسلم . قال : فما دينك ? قال : ديني الإسلام . فيفتح له باب في قبره فيقول أو يقال : انظر إلى مجلسك . ثم يرى القبر , فكأنما كانت رقدة . فإذا كان عدوا لله نزل به الموت و عاين ما عاين , فإنه لا يحب أن تخرج روحه أبدا , و الله يبغض لقاءه , فإذا جلس في قبره أو أجلس , فيقال له : من ربك ? فيقول : لا أدري ! فيقال : لا دريت . فيفتح له باب من جهنم , ثم يضرب ضربة تسمع كل دابة إلا الثقلين , ثم يقال له : نم كما ينام المنهوش - فقلت لأبي هريرة : ما المنهوش ? قال : الذي ينهشه الدواب و الحيات - ثم يضيق عليه قبره " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 263 : أخرجه البزار في " مسنده " ( ص 92 - زوائده ) : حدثنا سعيد بن بحر القراطيسي حدثنا الوليد بن القاسم حدثنا يزيد بن كيسان عن أبي حازم عن #أبي هريرة #- أحسبه رفعه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ... فذكره . و قال البزار : " لا نعلم رواه عن يزيد هكذا إلا الوليد " . قلت : و هو صدوق يخطىء كما في " التقريب " , و من فوقه من رجال الشيخين , و قال الهيثمي عقبه : " في " الصحيح " بعضه , و رجاله ثقات , خلا شيخ البزار فإني لا أعرفه " . قال الحافظ ابن حجر عقبه : " قلت : هو موثق , و لم يتفرد به " . قلت : له ترجمة في " تاريخ بغداد " ( 9 / 93 ) و قال : " و كان ثقة , مات سنة ثلاث و خمسين يعني و مائتين " . و قال السيوطي في " شرح الصدور " ( ص 38 ) : " سنده صحيح " ! و للشطر الأول منه شاهد موقوف من طريق ثور بن يزيد عن أبي رهم السمعي عن أبي أيوب الأنصاري قال : " إذا قبضت نفس العبد تلقاه أهل الرحمة من عباد الله كما يلقون البشير في الدنيا , فيقبلون عليه ليسألوه , فيقول بعضهم لبعض : أنظروا أخاكم حتى يستريح فإنه كان في كرب , فيقبلون عليه فيسألونه : ما فعل فلان ? ما فعلت فلانة ? هل تزوجت ? فإذا سألوا عن الرجل قد مات قبله قال لهم : إنه قد هلك , فيقولون : إنا لله و إنا إليه راجعون , ذهب به إلى أمه الهاوية , فبئست الأم و بئست المربية , قال : فيعرض عليهم أعمالهم , فإذا رأوا حسنا فرحوا و استبشروا , و قالوا : هذه نعمتك على عبدك فأتمها , و إن رأوا سوءا قالوا : اللهم راجع بعبدك " . أخرجه عبد الله بن المبارك في " الزهد " ( 443 ) . قلت : و رجاله ثقات لكنه منقطع بين ثور بن يزيد و أبي رهم . و قد وصله و رفعه سلام الطويل فقال : عن ثور عن خالد بن معدان يعني : عن أبي رهم رفعه . أخرجه ابن صاعد في زوائد " الزهد " ( 444 ) , لكن سلام هذا متروك , لكن ذكره ابن القيم في " الروح " ( ص 20 ) من طريق معاوية بن يحيى عن عبد الله بن سلمة أن أبا رهم السمعي حدثه أن أبا أيوب الأنصاري حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ... فذكره دون تخريج , و قد عزاه في " شرح الصدور " لابن أبي الدنيا و الطبراني في " الأوسط " , و سكت عنه , و معاوية بن يحيى ضعيف . ثم ذكر السيوطي من رواية آدم بن أبي إياس في " تفسيره " : حدثنا المبارك بن فضالة عن الحسن مرفوعا : " إذا مات العبد تلقى روحه أرواح المؤمنين فيقولون له : ما فعل فلان ? ما فعل فلان ? فإذا قال : مات قبلي , قالوا : ذهب به إلى أمه الهاوية , فبئست الأم و بئست المربية " . قلت : و هذا مرسل ضعيف الإسناد . ثم ذكر آثارا كثيرة بمعناه . و بالجملة فالحديث صحيح كما قال السيوطي بهذه الشواهد و الله أعلم . ثم رأيت القرطبي قال في " التذكرة " ( ق 40 / 2 - 41 / 1 ) بعد أن ذكر أثر ابن المبارك المتقدم عن أبي أيوب و غيره من الآثار : " و هذه الأخبار و إن كانت موقوفة فمثلها لا يقال من جهة الرأي , و قد خرج النسائي بسنده عن أبي هريرة ... الحديث , و فيه : " فيأتون به أرواح المؤمنين فلهم أشد فرحا به من أحدكم بغائبه , يقدم عليه فيسألونه : ماذا فعل فلان ? ماذا فعل فلان ? فيقولون : دعوه فإنه كان في غم الدنيا .... " الحديث " . قلت : و قد سبق تخريجه برقم ( 1309 ) و سيعاد بتوسع برقم ( 2758 ) . 2629 " كان يخرج يهريق الماء , فيتمسح بالتراب , فأقول : يا رسول الله ! إن الماء منك قريب ? فيقول : و ما يدريني لعلي لا أبلغه " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 265 : أخرجه عبد الله بن المبارك في " الزهد " ( 292 ) : أخبرنا ابن لهيعة عن عبد الله بن هبيرة عن حنش عن #ابن عباس #مرفوعا . و أخرجه أحمد ( 1 / 288 ) و ابن سعد في " الطبقات " ( 1 / 383 ) من طريق ابن المبارك به . ثم قال ( 1 / 303 ) : حدثنا يحيى بن إسحاق و موسى بن داود قالا : حدثنا ابن لهيعة به . و قال الهيثمي ( 1 / 263 ) : " رواه أحمد و الطبراني في " الكبير " , و فيه ابن لهيعة , و هو ضعيف " . قلت : لكن رواية ابن المبارك مع سائر العبادلة عن ابن لهيعة صحيحة عند العلماء كما ذكروا في ترجمته , و لذلك فالإسناد عندي صحيح لأن سائر رجاله ثقات معروفون من رجال مسلم , و حنش هو ابن عبد الله السبائي <1>الصنعاني الدمشقي1> . و لبعضه شاهد من رواية محمد بن سنان القزاز : حدثنا عمرو بن محمد بن أبي رزين : حدثنا هشام بن حسان عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال : " رأيت النبي صلى الله عليه وسلم تيمم بموضع يقال له مربد الغنم , و هو يرى بيوت المدينة " . أخرجه الدارقطني ( ص 68 ) و الحاكم ( 1 / 180 ) و قال : " حديث صحيح تفرد به عمرو بن محمد بن أبي رزين , و هو صدوق , و قد أوقفه يحيى ابن سعيد الأنصاري و غيره عن نافع عن ابن عمر " . قلت : و وافقه الذهبي , و هو مردود من وجهين : الأول : أن ابن أبي رزين هذا فيه كلام من قبل حفظه , أشار إليه الحافظ في " التقريب " بقوله : " صدوق ربما أخطأ " . فإذا خالف الثقات , فلا تطمئن النفس لتصحيح حديثه . و الآخر : أن القزاز هذا ضعيف , فتعصيب الخطأ به أولى من تعصيبه بشيخه كما لا يخفى على أهل المعرفة بهذا العلم . ثم أخرجه الحاكم من طريق يحيى بن سعيد عن نافع قال : " تيمم ابن عمر على رأس ميل أو ميلين من المدينة فصلى العصر , فقدم و الشمس مرتفعة و لم يعد الصلاة " . و أخرجه عبد الرزاق ( 884 ) عن الثوري عن محمد و يحيى بن سعيد به . و أخرجه الدارقطني ( ص 68 ) و البيهقي ( 1 / 233 ) من طريق أخرى عن محمد بن عجلان عن نافع به نحوه . و الدارقطني من طريق أخرى عن سفيان : أخبرنا يحيى بن سعيد به . و مالك ( 1 / 76 ) و عنه عبد الرزاق ( 883 ) عن نافع به نحوه . فهو موقوف صحيح الإسناد , كما أشار إلى ذلك الحاكم فيما تقدم . و روى البيهقي عند الوليد بن مسلم قال : قيل لأبي عمرو - يعني الأوزاعي - : حضرت الصلاة و الماء حائز <2>عن الطريق أيجب علي أن أعدل إليه ? قال : حدثني موسى بن يسار عن نافع به نحوه , و لفظه : " عن ابن عمر أنه كان يكون في السفر فتحضره الصلاة و الماء منه على غلوة أو غلوتين و نحو ذلك2> , ثم لا يعدل إليه " . و عن حكيم بن رزيق عن أبيه قال : سألت سعيد بن المسيب عن راع في غنمه أو راع تصيبه جنابة و بينه و بين الماء ميلان أو ثلاثة ? قال : " يتيمم صعيدا طيبا . و هذا صحيح أيضا . و أما ما رواه ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 1 / 160 ) : حدثنا شريك عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي قال : " يتلوم الجنب ما بينه و بين آخر الوقت " . و أخرجه البيهقي من طريق أخرى عن أبي إسحاق به نحوه , و لفظه : " اطلب الماء حتى يكون آخر الوقت , فإن لم تجد ماء تيمم ثم صل " . قلت : فهذا على وقفه ضعيف الإسناد , علته الحارث هذا - و هو ابن عبد الله الأعور - فإنه ضعيف , و لذلك قال البيهقي عقبه : " و هذا لم يصح عن علي , و بالثابت عن ابن عمر نقول , و معه ظاهر القرآن " . ----------------------------------------------------------- [1] كذا بالمد , و يقال ( السبئي ) بالقصر , قال في " تاج العروس " : " و كلاهما صحيح " . [2] كذا الأصل , و لعل الصواب ( جائر ) أي مائل , و إن كان ( حائز ) يأتي بمعناه . اهـ . 2630 " اطلبني أول ما تطلبني على الصراط . قال : فإن لم ألقك عند الصراط ? قال : اطلبني عند الميزان . قال : فإن لم ألقك عند الميزان ? قال : فاطلبني عند الحوض , فإني لا أخطئ هذه الثلاث المواطن " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 268 أخرجه الترمذي ( 2 / 70 ) و أحمد ( 3 / 178 ) و الضياء المقدسي في " الأحاديث المختارة " ( ق 242 / 1 - 2 ) من طريق حرب بن ميمون الأنصاري أبي الخطاب : حدثنا النضر بن # أنس بن مالك #عن أبيه قال : سألت النبي صلى الله عليه وسلم أن يشفع في يوم القيامة , فقال : أنا فاعل . قال : قلت : يا رسول الله ! فأين أطلبك ? قال : اطلبني .. الحديث . و قال الترمذي :" حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه " . قلت : و أقره المنذري في " الترغيب " ( 4 / 211 ) و كذا الحافظ ابن حجر في " الفتح " ( 11 / 405 ) و رجاله ثقات رجال مسلم , فإنه أخرج لحرب هذا حديثا آخر في " الأطعمة " ( 6 / 121 ) و سائر رجاله من رجال الشيخين , و هو إلى ذلك ثقة بلا خلاف , إلا ما وهم فيه بعضهم , فلابد من تحقيق القول في ذلك , فأقول : قال الذهبي في " الميزان " : " حرب بن ميمون ( م , ت ) أبو الخطاب الأنصاري , بصري صدوق يخطىء , قال أبو زرعة : لين . و قال يحيى بن معين : صالح . قلت : يروي عن مولاه النضر بن أنس و عن عطاء بن أبي رباح . و عنه عبد الله بن رجاء و يونس المؤدب و جماعة , و قد وثقه علي بن المديني و غيره , و أما البخاري فذكره في " الضعفاء " و ما ذكر الذي بعده صاحب الأغمية <1>1>... " . ثم قال الذهبي عقبه : " حرب بن ميمون العبدي أبو عبد الرحمن البصري العابد المعروف بـ ( صاحب الأغمية ) عن عوف و حجاج بن أرطاة و خالد الحذاء ... ضعفه ابن المديني و الفلاس , و قال ابن معين : صالح . قلت : توفي سنة بضع و ثمانين و مائة , و هو الأصغر و الأضعف , و قد خلطه البخاري و ابن عدي بالذي قبله , و جعلهما واحدا , و الصواب أنهما اثنان , الأول صدوق لقي عطاء , و الثاني ضعيف أكبر من عنده حميد الطويل . قال عبد الغني بن سعيد : هذا مما وهم فيه البخاري , نبهني عليه الدارقطني " . قلت : ما استصوبه الذهبي رحمه الله هو الصواب , و به جزم غير ما إمام من المتقدمين و المتأخرين , فقال الساجي : " حرب بن ميمون الأصغر ضعيف الحديث عنده مناكير , و الأكبر صدوق " . و كذا قال عمرو بن علي الفلاس , و روى عبد الله بن علي عن أبيه نحوه . و قال الحافظ ابن حجر في الأكبر : " صدوق , رمي بالقدر من , السابعة " . و في الأصغر : " متروك الحديث مع عبادته , من الثامنة , و وهم من خلطه بالأول " . و جرى على التفريق بينهما الخزرجي أيضا في " الخلاصة " و غيره كما يأتي . لكن في كلام الذهبي المتقدم بعض الأوهام لابد من التنبيه عليها إتماما للتحقيق : أولا : قوله في ترجمة الأكبر : " قال أبو زرعة : لين " خطأ و حقه أن ينقل إلى ترجمة الأصغر ففيها أورده ابن أبي حاتم ( 1 / 2 / 251 ) تبعه الحافظ في " التهذيب " . ثانيا : قوله فيها و في ترجمة الأصغر : " و قال ابن معين : صالح " خطأ أيضا , و الصواب ذكره في ترجمة الأصغر فقط , كما فعل ابن أبي حاتم و ابن حجر . ثالثا : قوله : و أما البخاري فذكره في " الضعفاء " . فأقول : إن كان يريد كتابه المعروف بـ " الضعفاء " كما هو المتبادر فلم أره ذكر فيه الأكبر , و لا الأصغر , من النسخة المطبوعة في الهند , فلا أدري إذا كان ذلك في نسخة أخرى منه , و إن كنت أستبعد هذا , فإن الحافظ ابن حجر لم يذكره مطلقا . و لكنه قال : " قال البخاري : قال سليمان بن حرب : هو أكذب الخلق " . و لكن الحافظ في الوقت الذي لم يعز هذا لـ " ضعفاء البخاري " , فإنه أورده في ترجمة حرب بن ميمون الأصغر , بينما البخاري نفسه إنما أورده في " التاريخ الكبير " في ترجمة الأكبر , فقال ( 1 / 2 / 65 ) : " حرب بن ميمون يقال أبو الخطاب البصري مولى النضر بن أنس الأنصاري عن أنس ( ! ) سمع منه يونس بن محمد . قال سليمان بن حرب : هذا أكذب الخلق " . و لم يذكر البخاري في ترجمة الأصغر شيئا ( 1 / 2 / 64 ) . و قد استظهر محقق " التاريخ " أن الحامل للحافظ و غيره على صرف قول البخاري هذا إلى ترجمة الأصغر أن ابن المديني و عمرو بن علي قد ليناه , و وثقا هذا الأنصاري . ثم أجاب عن تكذيب سليمان له بما خلاصته أنه جرح مبهم غير مفسر لأنه قائم على قصة لا تستلزم التكذيب المذكورة بصورة لا تحتمل التأويل , فراجع كلامه فإنه مفيد . و خلاصة القول : إن حرب بن ميمون الأكبر صاحب هذا الحديث , ثقة حجة , وثقه ابن المديني شيخ البخاري و الفلاس و الساجي , و كذا مسلم بإخراجه له في " الصحيح " , و ابن حبان بذكره إياه في " الثقات " , و الخطيب بقوله فيه : " كان ثقة " , و لم يضعفه أحد سوى ما تقدم من قول سليمان بن حرب فيه , و قد عرفت الجواب عنه , و أنه غير حرب بن ميمون الأصغر كما سبق عن جماعة من الأئمة . و بهذه المناسبة لابد من التنبيه على وهم أيضا وقع في ترجمة ( الأصغر ) هذا من " تهذيب التهذيب " لابن حجر , فقد قال ( 2 / 227 ) : " قال المزي : و قد جمع بينهما غير واحد , و هو الصحيح إن شاء الله تعالى " . و الذي رأيته في " تهذيب الكمال " للحافظ المزي خلافه , فإنه بعد أن ترجم للأكبر أتبعه بترجمة الأصغر , و قال في آخرها : " ذكرناه للتمييز بينهما , و قد جمعهما غير واحد , و فرق بينهما غير واحد , و هو الصحيح إن شاء الله تعالى " . فالظاهر أنه سقط من الناسخ أو الطابع لـ " تهذيب التهذيب " جملة " و فرق بينهما غير واحد " , فاختل المعنى . و الله أعلم . و لعله من هذا القبيل ما جاء في أول ترجمة الأكبر من " تهذيب التهذيب " قال : " روى له مسلم حديثا في تكثير الطعام عند أم سليم , و الآخر في قوله صلى الله عليه وسلم لأنس : اطلبني ... " . فإنه يوهم أن الحديث الآخر - حديث الترجمة - رواه مسلم أيضا , و ليس كذلك , و لولا أنه كان رمز له في رأس الترجمة بأنه أخرج له مسلم و الترمذي و ابن ماجه في " التفسير " , لكان يمكن حمل قوله : " و الآخر " على الترمذي , و لكن ذكره لابن ماجه عقبه يمنع منه إلا بتكلف ظاهر . و اعلم أن هذا الحديث أورده الشيخ السهسواني الهندي في " صيانة الإنسان من وسوسة الشيخ دحلان " ( ص 353 ) مستدلا به على أن طلب الشفاعة من النبي صلى الله عليه وسلم في حياته ثابت , ثم ساق أحاديث هذا أولها , و قال بعد أن ذكر تحسين الترمذي إياه : " قلت : و رجاله رجال الصحيح , و كلهم ثقات غير حرب بن ميمون أبي الخطاب , فقد اختلف فيه , قال الذهبي في " الميزان " ... " . ثم ساق كلامه المتقدم , و لكن ملخصا . ففهم منه مقلده صاحب كتاب " التوصل إلى حقيقة التوسل " أن الحديث ضعيف , فقال عقب الحديث ( ص 320 - الطبعة الثانية ) : " الحديث غير صحيح السند كما سيأتي بيانه " . و البيان الذي وعد به لا يزيد على قوله في الصفحة المقابلة بعد أن ذكر أيضا تحسين الترمذي إياه : " و في سنده أبو الخطاب حرب بن ميمون ضعف و وثق , و ممن ضعفوه ( ! ) شيخ المحدثين البخاري , فحديث يقول فيه الترمذي : حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه الحسن الغريب ( ! ) , و الترمذي معروف لينه و تساهله في نقد الرواة و الروايات . و فيه أيضا من ضعفه البخاري , و حسبك به ناقدا حجة في هذا الشأن , فكيف يحتج بهذا الحديث ... ?! اللهم علمنا العلم الذي لا جهل معه " ! قلت : فهذا الكلام مع ما فيه من الركة و العجمة و ضعف البيان حتى وصف الترمذي باللين ! و قال : " ضعفوه " , و هو يريد " ضعفه " , فهو يدل على عدم معرفة قائله بهذا العلم الشريف , و قلة اطلاعه على أقوال أئمة الجرح و التعديل , فضلا عن عجزه التام عن التوفيق بين أقوالهم في الراوي الواحد . فمن كان هذا حاله , فمن البدهي أن يقول ما لم يقله أحد قبله , حتى و لا مقلده و عمدته في الكلام على الأحاديث , و هو الشيخ الفاضل : السهسواني , فإن هذا تكلم على الحديث بإسلوب معروف عند أهله , و إن كان لم يفصح عن مرتبته , مع أن ظاهره أقرب إلى تأييده تحسين الترمذي إياه منه إلى رده , فجاء هذا المومى إليه فلخص كلامه تلخيصا بعيدا جدا عن الواقع أدى به إلى التصريح بأن إسناده غير صحيح , و أن راويه أبا الخطاب مختلف فيه " ضعف و وثق , و ممن ضعفه البخاري " و هذا كله لعدم علمه و معرفته , و لذلك فلم يحسن التعبير , فـ ( أبو الخطاب ) متفق على توثيقه , و لم يضعفه أحد غير البخاري , على ما في تضعيفه إياه من تردد العلماء , هل أراد به أبا الخطاب هذا أم حرب بن ميمون الأصغر ? كما تقدم بيانه , و أنه إن أراد به الأول , فهو جرح غير مفسر , كما تقدم , و لذلك لم يعتمد عليه من جاء بعده من النقاد كالذهبي و العسقلاني و الخزرجي , و من قبلهم المنذري الذي أقر الترمذي على التحسين , و كل هؤلاء يعلمون أن البخاري هو شيخ المحدثين حقا , و لكنهم يعلمون أيضا أن الحق لا يعرف بالرجال , و أنه لا عصمة لأحد منهم , و إنما هو مشاع بينهم , فلذا فهم يبحثون عنه , فمع من كان اتبعوه , و هذا ما صنعوه هنا , فأعرضوا على تضعيف البخاري , و اعتمدوا قول الذين وثقوه كما سبق . و أزيد هنا فأقول : قال الذهبي في " ديوان الضعفاء " ( مخطوط ) : " حرب بن ميمون أبو الخطاب , ثقة , رماه بالكذب سليمان بن حرب " . و قال في " المغني " ( 1 / 153 - طبع حلب ) : " ثقة , غلط من تكلم فيه , و هو صدوق " . فأنت تراه لم يعتد بمن رماه بالكذب فضلا عمن تكلم فيه . و لهذا الرجل قصة طويلة فيها عبرة لمن يعتبر , لا مجال للتحدث عنها بهذا المكان , و إنما لابد من الإشارة إليها بأوجز ما يمكن من الكلام . فهو رجل عاش نحو ربع قرن من الزمان رئيسا على إخواننا السلفيين في حلب , و منذ بضع سنين بدأ يظهر شيئا من الشدة عليهم , و فرض الرأي , فمن استسلم له قربه إليه , و من خالفه في رأيه أبعده عنه , و امتنع من التعاون معه , و لو كان صاحبه القديم منذ بدء الدعوة هناك , يفعل هذا , و هو ممن لا علم عنده يذكر و لا تحقيق إلا ما كان استفاده من غيره , إلى أن خرج عليهم برأي لا عهد لهم به , و هو أن نساء النبي صلى الله عليه وسلم معصومات من الزنا , و إن كان الجميع متفقين معه على أنهن متن و هن عفيفات شريفات , فكان لا يقنع إلا بأن يقولوا معه إنهن معصومات العصمة الشرعية , فلما طالبوه بالحجة , و ناقشه فيها أبرز من فيهم فقها و فهما , كان جزاؤه منه أن قاطعه و هجره , و بالنار إن استمر على مخالفته أوعده , و حاول أن يبعده عن الجماعة , بعد أن أعلن عدم استعداده أن يتعاون معه , فجلب بذلك ضررا على نفسه و دعوته , حيث تبين للجماعة هناك بأن عمله ليس على المنهج , و على الرغم من نصحي إياه , فلم يستجب , فكانت عاقبته أن أزالوه من رياسته , بعد أن اجتمعوا في داره , و أنا معهم و بعض إخواننا الدمشقيين , و كلهم ينصحونه و يطلبون منه أن يكف عن فرض رأيه و إصراره و أن يتعاون مع كل إخوانه و بخاصة القدامى و الفقهاء منهم , فرفض , فكان أن أقالوه عن رياسته و نصبوا عليهم غيره و هم في داره ! فكان بعد ذلك ينال من صاحبه القديم كلما جاء ذكره , و يصفه بما ليس فيه ! مع أنه معروف بين إخوانه بإخلاصه و تدينه و فقهه و غيرته على الدعوة , فيما نعلم و الله حسيبه و لا نزكي على الله أحدا , من أجل ذلك قطعت صلتي به , فلا أزوره و لا يزورني , و إن كان يظهر مودتي و تبجيلي كلما لقيني و أنا أصد عنه , حتى يتوب إلى ربه من فعلته و يعتذر لأخيه عن إساءته إليه , و لله عاقبة الأمور . و على الرغم من أنه ترك بلدته ( حلب ) و تركته الجماعة كما سبق , فهو لا يزال يعلن في البلاد السعودية أنه رئيس الجماعة , بل و يصرح بأنه مؤسس الدعوة السلفية , فعل ذلك في كتابه " التوصل " , فانتقدته في كتابي " التوسل أنواعه و أحكامه " ( ص 91 - 93 ) , فرد علي في طبعته الثانية من كتابه المذكور , بما يبدو للقارئ اللبيب أنه تبين له صواب نقدي إياه , و لكنه لم يظهر ذلك , و أكبر دليل على ذلك أنه في طبعته الثانية قيد لقبه السابق , فقال عن نفسه بنفسه ( ! ) : " مؤسس الدعوة السلفية بحلب " , دون أن يذكر بأنه استفاد ذلك من نقدي المشار إليه , و تأول قوله : " مؤسس " بما كنت ذكرته أنا في نقدي بأنه لعله أراد به : " مجدد الدعوة السلفية " , فتكلم طويلا بكلام لا يخرج عن التأويل المذكور , فوددت لو أنه صرح بأنه : " مجدد الدعوة السلفية بحلب " إذن لما وافقه إخوانه على ذلك , لأنهم يعلمون أنه ليس أهلا لذاك , و أنه حسبه أن يكون تابعا لأحد المجددين , كما قلت هناك , و كتابه المذكور أكبر شاهد على ما أقول , فهو ممتلئ بالأخطاء العلمية , من أنواع مختلفة , على ركة وعي في التعبير , و كلامه في هذا الحديث من أوضح الأدلة على ذلك , و الله هو المسؤول أن يحفظ علينا إيماننا , و يطهر قلوبنا من الحسد و الغل و الكبر , إنه خير مسؤول <2>2>. ----------------------------------------------------------- [1] جمع ( الغماء ) : سقف البيت . " المعجم الوسيط " . [2] و قد ذكرت تحت حديث عائشة المتقدم ( 2507 ) تفصيل ما أجملت هنا من الرد على قوله بالعصمة , و كان ذلك منذ نحو عشرين سنة . ثم توفي الرجل إلى رحمة الله , و غفر لنا و له , فترددت كثيرا في نشر هذا - و الكتاب تحت الطبع - ثم أمضيته للتاريخ و العبرة , و دفعا للقيل و القال , و لا سيما و قد بدأ بعض ذوي الأغراض و الأهواء من الناشرين و المعلقين يخوضون بعد وفاته فيما لا علم لهم به , و الله يقول : *( فاسأل به خبيرا )* . اهـ . 2631 " ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت و هو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 276 : أخرجه البخاري ( 4 / 387 ) و مسلم ( 1 / 88 و 6 / 8 ) و الدارمي ( 2 / 324 ) و أحمد ( 5 / 25 ) من طرق عن الحسن قال : عاد عبيد الله بن زياد # معقل بن يسار المزني # في مرضه الذي مات فيه , قال معقل : إني محدثك حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم لو علمت أن لي حياة ما حدثتك , إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ... فذكره . و في رواية للبخاري عن الحسن قال : أتينا معقل بن يسار نعوده , فدخل علينا عبيد الله , فقال له معقل : ... فذكره نحوه . و تابعه أبو المليح أن عبيد الله بن زياد دخل على معقل بن يسار في مرضه , فقال له معقل : ... فذكره نحوه , و لفظه : " ما من أمير يلي أمر المسلمين ثم لا يجهد لهم و ينصح إلا لم يدخل معهم الجنة " أخرجه مسلم , و قد مضى من رواية أحمد و غيره نحوه برقم ( 1754 ) . 2632 " ما من عبد أتى أخا له يزوره في الله إلا نادى مناد من السماء : أن طبت و طابت لك الجنة , و إلا قال الله في ملكوت عرشه : عبدي زار في و علي قراه , فلم أرض له بقرى دون الجنة " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 277 : أخرجه أبو يعلى في " مسنده " ( 3 / 1024 ) و البزار ( 2 / 388 - 389 ) و أبو نعيم في " الحلية " ( 3 / 107 ) و الضياء في " المختارة " ( ق 240 / 1 ) من طريق يوسف بن يعقوب : أخبرنا ميمون بن عجلان عن ميمون بن سياه عن #أنس # مرفوعا . و قال أبو نعيم : " رواه الضحاك بن حمرة عن حماد بن جعفر عن ميمون بن سياه مثله " . قلت : و ابن حمرة ضعيف , و لكن الإسناد الذي قبله رجاله رجال " الصحيح " , غير ميمون بن عجلان هذا , و قد أورده البخاري في " التاريخ " ( 7 / 343 ) و ابن أبي حاتم ( 4 / 1 / 239 ) من رواية يوسف هذا عنه , و لم يذكرا فيه جرحا و لا تعديلا , غير أن ابن أبي حاتم قال : " و سئل أبي عنه ? فقال : شيخ " . و اعلم أن من قيل فيه : " شيخ " , فهو في المرتبة الثالثة من مراتب التعديل , يكتب حديثه و ينظر فيه كما قال ابن أبي حاتم نفسه ( 1 / 1 / 37 ) و جرى عليه العلماء كما تراه في " التدريب " ( ص 232 ) , و معنى ذلك أنه ممن ينتقى من حديثه , أو أنه حسن الحديث إذا لم يخالف , و لعله قد أشار إلى ذلك الحافظ الذهبي بقوله في مقدمة " الميزان " : " و لم أتعرض لذكر من قيل فيه : " محله الصدق " , و لا من قيل فيه : " لا بأس به " , و لا من قيل فيه : " هو صالح الحديث " , أو " يكتب حديثه " , أو " هو شيخ " , فإن هذا و شبهه يدل على عدم الضعف المطلق " . قلت : و جل هؤلاء ممن يحسن العلماء حديثهم عادة , فليكن مثلهم من قيل فيه : " هو شيخ " , و يؤيده أن الحافظ المنذري جود إسناد حديث هذا الشيخ , فقال عقبه في " الترغيب " ( 3 / 239 ) : " رواه البزار و أبو يعلى بإسناد جيد " . و وثقه الهيثمي , فقال في " المجمع " ( 8 / 173 ) : " رواه البزار و أبو يعلى , و رجال أبي يعلى رجال " الصحيح " غير ميمون بن عجلان , و هو ثقة " . و لعل تصريحه بتوثيقه إياه , إنما هو اعتماد منه على توثيق ابن حبان , فقد أورده في " الثقات " كما يستفاد من " التعجيل " , و إن لم أره في نسخة الظاهرية من " الثقات " , فإن فيها خرما . ثم طبع كتاب " الثقات " و قد أورده فيه ( 7 / 473 ) برواية محبوب بن الحسن و أهل البصرة عنه . و هذان من رجال " الميزان " و " اللسان " فراجعهما . و قد روى عن هذا الشيخ إسماعيل بن عبد الملك الزئبقي أيضا عند الضياء , و كذا محمد بن بكر , لكن سماه ميمون المرئي , لكن في " التهذيب " من هذه الطبقة : " ميمون بن سياه المرئي البصري , و يقال إنه ابن ميمون بن عبد الرحمن بن صفوان ابن قدامة " . و ابن سياه هذا هو من شيوخ ميمون بن عجلان كما في ترجمتهما من " التاريخ " و " الجرح و التعديل " و هو شيخه في هذا الإسناد كما ترى , و قد فرقا بينهما , فهو غير المرئي إذن , و من الممكن أن يكون مشاركا له في هذه النسبة . و الله أعلم . و قد توبع ميمون بن عجلان من الضحاك بن حمرة في الرواية المعلقة عند أبي نعيم , لكن الضحاك هذا ضعيف . و للحديث شاهد من حديث أبي هريرة . أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " ( رقم 245 ) و الترمذي و حسنه في نسخة , و صححه ابن حبان ( 712 ) و إسناده صالح للاستشهاد به كما بينته في التحقيق الثاني لـ " المشكاة " ( 5015 ) . و لأبي يعلى بهذا الإسناد حديث آخر عن أنس في فضل المصافحة عند اللقاء , تقدم ذكره تحت الحديث ( 525 ) . 2633 " أرواح الشهداء في جوف طير خضر , لها قناديل معلقة بالعرش , تسرح من الجنة حيث شاءت , ثم تأوي إلى تلك القناديل , فاطلع إليهم ربهم إطلاعة , فقال : هل تشتهون شيئا ? قالوا : أي شيء نشتهي و نحن نسرح من الجنة حيث شئنا ? ففعل ذلك بهم ثلاث مرات , فلما رأوا أنهم لن يتركوا من أن يسألوا , قالوا : يا رب ! نريد أن ترد أرواحنا في أجسادنا , حتى نقتل في سبيلك مرة أخرى ! فلما رأى أن ليس لهم حاجة تركوا " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 279 : أخرجه مسلم ( 6 / 38 - 39 ) و الترمذي ( 3014 ) و الدارمي ( 2 / 206 ) و ابن ماجه ( 2 / 185 ) و البيهقي في " الشعب " ( 4 / 19 - 20 ) و الطيالسي ( 38 / 294 ) و ابن أبي شيبة ( 5 / 308 ) و هناد في " الزهد " ( 154 ) و الطبري ( 8206 ) من طرق عن الأعمش عن عبد الله بن مرة عن مسروق قال : سألنا #عبد الله [ بن مسعود ] #عن هذه الآية *( و لا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون )* ? قال : أما إنا قد سألنا عن ذلك ? فقال : ... فذكره . و السياق لمسلم , و الزيادة للترمذي , و قال : " حديث حسن صحيح " . قلت : هو مرفوع في صورة موقوف , فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يذكر فيه صراحة , لكنه في حكم المرفوع قطعا , و ذلك لأمرين : الأول : أن قوله : " سألنا عن ذلك ? فقال : " لا يمكن أن يكون المسؤول و القائل إلا الرسول صلى الله عليه وسلم , لأنه هو مرجعهم في بيان ما أشكل أو غمض عليهم و الآخر : أن ما في الحديث من فضل الشهداء عند الله , و مخاطبته تعالى إياهم و جوابهم و طلبهم منه أن ترد أرواحهم إلى أجسامهم , كل ذلك مما لا يمكن أن يقال بالرأي . و لذلك قال النووي في " شرح مسلم " : " و هذا الحديث مرفوع لقوله : " إنا قد سألنا عن ذلك , فقال , يعني النبي صلى الله عليه وسلم " . و أمر ثالث : أنه قد جاء طرف منه مرفوعا من حديث ابن عباس رضي الله عنه عند أحمد ( 1 / 266 ) و صححه الحاكم ( 2 / 297 - 298 ) و وافقه الذهبي , و قد تكلمت عليه في " تخريج الطحاوية " ( ص 393 ) و " المشكاة " ( 3853 ) . و كأنه لما ذكرنا استجاز شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى أن يصرح برفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم , فإنه أورده في " مجموع الفتاوى " ( 4 / 224 - 225 ) من رواية مسلم بلفظ : " فقال : أما إنا قد سألنا عن ذلك [ رسول الله صلى الله عليه وسلم ] ? فقال : ... " , فزاد فيه الرسول صلى الله عليه وسلم , و يحتمل أن تكون هذه الزيادة في بعض النسخ القديمة من " صحيح مسلم " . و الله أعلم . 2634 " من شرب الخمر في الدنيا و لم يتب لم يشربها في الآخرة و إن أدخل الجنة " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 281 : أخرجه البيهقي في " شعب الإيمان " ( 2 / 148 / 1 ) عن حفص بن عبد الله : حدثني إبراهيم ابن طهمان عن أيوب عن نافع [ و ] عن موسى بن عقبة عن نافع عن #ابن عمر #أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ... فذكره . قلت : و هذا إسناد صحيح , رجاله ثقات رجال البخاري , و حفص بن عبد الله هو السلمي النيسابوري . و قد أخرجه الشيخان و غيرهما من طرق عن نافع به دون قوله : " و إن أدخل الجنة " . لكنها زيادة جيدة , لها شواهد ذكرتها في " الروض النضير " ( 561 ) و قد أورده المنذري في " الترغيب " ( 3 / 182 ) بهذه الزيادة ساكتا عليها . 2635 " إن الشيطان قد أيس أن يعبد بأرضكم هذه و لكنه قد رضي منكم بما تحقرون " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 281 : أخرجه أحمد ( 2 / 368 ) : حدثنا معاوية حدثنا أبو إسحاق عن الأعمش عن أبي صالح عن # أبي هريرة #عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ... فذكره . قلت : و هذا إسناد صحيح , رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين , و أبو إسحاق هو إبراهيم بن محمد بن الحارث الفزاري . و معاوية , الظاهر أنه معاوية بن عمرو , فقد ساق له الإمام أحمد حديثا آخر قبل هذا الحديث , و هو الأزدي أبو عمرو البغدادي , و هو من شيوخ البخاري , و من الغريب أنهم لم يذكروا في ترجمته و لا في ترجمة الإمام أحمد , أن الإمام روى عنه , مع أنه من طبقة شيوخه كوكيع بن الجراح , و كان معاوية أسن منه بسنة , حتى الحافظ المزي لم يذكره مع أن من عادته استقصاء شيوخ المترجم و الرواة عنه , فلما لم أره قد ذكره ذهب وهلي إلى احتمال أن يكون وقع في نسخة " المسند " سقط في اسم شيخه , و أنه مروان بن معاوية , فإنه سمع من أبي إسحاق الفزاري و سمع منه الإمام أحمد , و لكن سرعان ما زال هذا الاحتمال حينما رأيت الإمام أحمد قد روى الحديث الآخر عن معاوية بن عمرو , فالحمد لله على توفيقه . ثم تأيد ذلك بذكر ابن الجوزي إياه في شيوخ أحمد في " مناقبه " ( ص 50 ) و بذكر الحافظ المزي أبا إسحاق الفزاري في شيوخ معاوية في " تهذيبه " ( 2 / 169 ) و قد تابعه أبو حمزة عن الأعمش به , إلا أنه زاد : و أبي سعيد ... " . أخرجه البيهقي في " الشعب " ( 2 / 383 / 2 - 384 / 1 ) . و سنده صحيح أيضا , و أبو حمزة هو محمد بن ميمون السكري المروزي . 2636 " لا ينبغي للمؤمن أن يكون لعانا " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 282 : أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " ( 309 ) و الترمذي ( 2020 ) و الحاكم ( 1 / 47 ) و عنه البيهقي في " الشعب " ( 2 / 91 / 2 ) و ابن أبي الدنيا في " الصمت " ( 2 / 14 / 2 و 4 / 40 / 2 ) من طرق عن كثير بن زيد قال : سمعت سالما يحدث عن #ابن عمر #عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكره . و قال الترمذي : " حديث حسن غريب " . و قال الحاكم : " هذا حديث أسنده جماعة من الأئمة عن كثير بن زيد , ثم أوقفه عنه حماد بن زيد وحده , فأما الشيخان فإنهما لم يخرجا عن كثير بن زيد , و هو شيخ من أهل المدينة من أسلم , كنيته أبو محمد , لا أعرفه بجرح في الرواية , و إنما تركاه لقلة حديثه " . كذا قال , و قد تكلم فيه أئمة الحديث فمنهم من وثقه , و منهم من ضعفه و منهم من مشاه و هو الأرجح , و ترى أقوالهم فيه في " التهذيب " , و لخصها الحافظ بقوله : " صدوق يخطىء " . و هذا يعني عنده أنه حسن الحديث أو يقاربه . هذا و زاد الحاكم في روايته : " قال سالم : و ما سمعت ابن عمر لعن شيئا قط " . و هي عند البخاري أيضا بزيادة : " ليس إنسانا " , و لفظ ابن أبي الدنيا : " إلا إنسانا واحدا " . و هذه عند ابن أبي الدنيا أيضا بلفظ : " إلا مرة " و قد بينتها رواية الزهري عن سالم قال : " لم أسمع ابن عمر لعن خادما قط غير مرة واحدة , غضب فيها على بعض خدمه فقال : " لعنه الله " ! كلمة لم أحب أن أقولها " . كذا و لعل الصواب : " يقولها " . أخرجه ابن أبي الدنيا ( 2 / 14 / 1 ) و سنده صحيح . و رواه البيهقي بنحوه و زاد : " فأعتقه " . ( تنبيه ) : هنا وهمان وقعا لبعضهم : الأول : عزا المنذري في " الترغيب " ( 3 / 287 ) هذا الحديث للترمذي من حديث عبد الله بن مسعود , و إنما هو من حديث ابن عمر , و حديث ابن مسعود أتم من هذا , و قد خرجته في " تخريج السنة " برقم ( 1014 ) . و الآخر : وقع الإسناد عند الترمذي - طبعة دعاس - : " عن كثير عن زيد بن سالم " , و هذا تصحيف فاحش , و الصواب : " عن كثير بن زيد عن سالم " , فليصححه من كان عنده نسخة منه . و للحديث شاهد من حديث أبي هريرة مرفوعا بلفظ : " لا ينبغي لصديق أن يكون لعانا " . و هو مخرج في " التعليق الرغيب " ( 3 / 286 ) . 2637 " من ترك دينارين , فقد ترك كيتين " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 284 : أخرجه البيهقي في " الشعب " ( 2 / 335 / 1 ) من طريق الربيع بن نافع عن محمد بن المهاجر عن أبيه عن #أسماء بنت يزيد بن السكن #قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ... فذكره . قلت : و هذا إسناد جيد , رجاله ثقات معروفون غير المهاجر - و هو ابن أبي مسلم الشامي الأنصاري - مولى أسماء بنت يزيد , و قد ترجمه البخاري و ابن أبي حاتم برواية جمع آخر من الثقات , و لم يذكرا فيه جرحا و لا تعديلا , و أورده ابن حبان في " الثقات " ( 3 / 255 ) . قلت : فمثله يحتج به في التابعين , لاسيما و لحديثه شواهد كثيرة , منها ما أخرجه الحسن بن سفيان عن حبيب بن هرم بن الحارث السلمي عن عمه الحكم بن الحارث السلمي مرفوعا بلفظ : " من ترك دينار فكية , و من ترك دينارين فكيتين " . هكذا ذكره في " الجامع الكبير " , و في " أسد الغابة " ( 2 / 31 ) عن حبيب المذكور , قال : " كان عطاء عمي في ألفين , فإذا خرج عطاؤه قال لفلان : انطلق فاقض عنا ما علينا , فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ... " فذكره . و قال : " أخرجه الثلاثة " . يعني : ابن منده و أبا نعيم و ابن عبد البر , إلا أنه قد نص في " المقدمة " ( 1 / 5 ) أنه يعني الاسم , و ليس الحديث ! فلا يؤخذ منه أن الثلاثة أخرجوا الحديث عنده , لاسيما و ابن عبد البر لم يذكره في كتابه " الاستيعاب " . و حبيب بن هرم هذا أورده ابن أبي حاتم برواية أبي جناب عون بن ذكوان الجرشي عنه عن عمه . و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا . و كذلك أورده ابن حبان في " الثقات " ( 3 / 39 ) . و من شواهد الحديث ما أخرجه الطيالسي ( 357 ) و غيره عن عاصم بن بهدلة عن زر عن عبد الله ( هو ابن مسعود ) قال : " إن رجلا من أهل الصفة مات , فوجدوا في شملته دينارين , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كيتان " . و إسناده حسن , و صححه ابن حبان ( 2481 - موارد الظمآن ) و بوب له فيه بـ " باب فيمن يأكل نصيب الفقراء و هو غني " . قلت : يشير إلى أن الحديث ليس على إطلاقه , لكن المعنى الذي ترجمه له ليس بظاهر , و يبدو لي أنه محمول على من مات و عليه دين , لديه قضاؤه , و إليه يشير صنيع راوي الحديث كما تقدم في رواية " أسد الغابة " . و هنا وجه آخر من التأويل , يستفاد مما رواه البيهقي عن ابن راهويه أنه قال : " إنما ترك الصلاة عليه , لأنه كان من أهل الصفة , و هو يظهر أنه فقير ليس له شيء , و أنه من أهل الصفة , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ترك كيتين " , أي : لمثله كيتان " . و في " الفتح " ( 4 / 388 ) نحوه . قلت : و هذا لا ينافي ما ذكرته . و الله الموفق . 2638 " كان إذا كان في سفر , فأسحر يقول : سمع سامع بحمد الله و حسن بلائه علينا , ربنا صاحبنا , و أفضل علينا , عائذا بالله من النار " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 286 : أخرجه مسلم ( 8 / 80 ) و أبو داود ( 5086 ) و ابن خزيمة في " صحيحه " ( 2571 ) و ابن حبان ( 4 / 168 / 2690 ) و ابن السني في " عمل اليوم و الليلة " ( 508 ) من طريق النسائي , و هذا في " السنن الكبرى " ( 5 / 257 / 8828 ) و الحاكم ( 1 / 446 ) و عنه البيهقي في " الدعوات الكبير " ( 2 / 187 ) كلهم من طرق عن ابن وهب : حدثنا سليمان بن بلال عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن #أبي هريرة #رضي الله عنه قال : ... فذكره . و قال الحاكم : " صحيح على شرط مسلم " . و وافقه الذهبي . قلت : إنما هو صحيح فقط , لأن راويه عنده عن ابن وهب ( الربيع بن سليمان ) , و ليس من رجال مسلم , و قد زاد زيادتين : إحداهما : " و نعمته " بعد قوله : " بحمد الله " . و هي عند أبي داود أيضا . و الأخرى في آخر الحديث : " يقول ذلك ثلاث مرات , و يرفع بها صوته " . قلت : هما شاذتان لعدم ورودهما في أكثر الطرق المشار إليها عن ابن وهب . و حسبك دليلا إعراض صاحبي " الصحيح " : مسلم و ابن حبان عنهما , و كذا ابن خزيمة , فقد ساق في " صحيحه " بإسنادين , من طريق ابن وهب المذكورة , و من طريق عبد الله بن عامر عن سهيل بن أبي صالح به . ثم بين أن الزيادتين ليستا في طريق ابن وهب و إنما في طريق عبد الله بن عامر ثم قال :" عبد الله ابن عامر ليس من شرطنا في هذا الكتاب , و إنما خرجت هذا عن سليمان بن بلال عن سهيل بن أبي صالح , فكتب هذا إلى جنبه " . قلت : يعني أنه وقع له الحديث هكذا برواية عبد الله بن عامر مقرونا برواية سليمان بن بلال , فأخرجها في " الصحيح " مقرونا , و هو ليس بحجة , و إنما الحجة سليمان . و عبد الله بن عامر هو المدني ضعيف . ( تنبيهات ) : لقد أعل الحديث الحافظ ابن عمار الشهيد في كتابه " علل أحاديث صحيح مسلم " , فقال ( ص 128 - 129 ) بعد أن ضعف عبد الله بن عامر : " فيشبه أن يكون سليمان سمعه من عبد الله بن عامر . و لا أعرفه إلا من حديث ابن وهب هكذا " ! قلت : و هذا إعلال عجيب غريب , يغني حكايته عن رده , فإن سليمان بن بلال ثقة حجة متفق على الاحتجاج بحديثه عند الشيخين و غيرهما , و لم يرم بتدليس , فكيف يصح إعلال حديثه بمثل ( عبد الله ) هذا الضعيف ?! و لقد أحسن الرد عليه الأخ علي الحلبي فيما علقه عليه , جزاه الله خيرا . و هذا هو الأول . الثاني : أورده الحافظ السخاوي في " الابتهاج " ( ص 47 ) و قال : " أخرجه مسلم و أبو داود بزيادة " و نعمته " , و الحاكم بزيادة أن يقوله ثلاث مرات , و يرفع به صوته " . قلت : و فاته أن زيادة أبي داود عند الحاكم أيضا . الثالث : ساقه ابن القيم في " الوابل الصيب " ( ص 298 ) بلفظ الحاكم , و صححه على شرط مسلم , و إنما هو صحيح فقط كما سبق بيانه . و علق عليه الشيخ إسماعيل الأنصاري بما لا يجدي , بل و بما يوهم خلاف الواقع فيما يتعلق بكلام الحافظ السخاوي من المبالغة فيه , و سكت عن بيان الخطأ المشار إليه , فضلا عن شذوذ آخر في رواية الحاكم , و هو قوله مكان " فأسحر " : فبدا له الفجر " ! و كذلك لم يتنبه لهذا الأخ بدر في تعليقه على " الدعوات " , فتعقب تصحيح الحاكم على شرط مسلم بقوله : " قلت : قد أخرجه مسلم كما تقدم , فهو ليس كما قالا " . و هذا الاستدراك عليهما خطأ مضاعف , فإنه مع إقراره إياهما على تصحيحه على شرط مسلم , فإنه لا يصح عزوه إليه و فيه الشذوذ في المواضع الثلاثة التي ليست عند مسلم , فتنبه . 2639 " أفضل الصدقة إصلاح ذات البين " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 289 : رواه عبد بن حميد في " المنتخب من المسند " ( 43 / 2 ) و البزار ( 2059 ) و الطبراني في " المعجم الكبير " عن الأفريقي عن رجل عن عبد الله بن يزيد عن #عبد الله بن عمرو #مرفوعا . و رواه البخاري في " التاريخ " ( 2 / 1 / 270 ) و القضاعي ( 104 / 2 ) عن عبد الرحمن بن زياد عن راشد بن عبد الله المعافري عن عبد الله بن يزيد به . قلت : و هذا إسناد ضعيف من أجل عبد الرحمن بن زياد - و هو ابن أنعم - , و هو الأفريقي في الطريق الأولى , و هو ضعيف في حفظه كما قال في " التقريب " . و راشد بن عبد الله المعافري - و هو الرجل الذي لم يسم في الطريق الأولى - ترجمه البخاري و كذا ابن أبي حاتم ( 1 / 2 / 485 ) و لم يذكرا فيه جرحا و لا تعديلا . ( تنبيه ) : قد عرفت أن صحابي الحديث هو ابن عمرو و هو ابن العاص , و كذلك وقع في " الترغيب " ( 3 / 292 ) و " المجمع " ( 8 / 80 ) و " الجامع الصغير " . لكن وقع في شرحه للمناوي ( ابن عمر ) , و بينه الشارح بقوله : " بن الخطاب " , و هو خطأ موافق لـ " الجامع الكبير " ( 1 / 115 / 1 ) . و الحديث , قال المنذري ( 3 / 292 ) : " رواه الطبراني و البزار , و في إسناده عبد الرحمن بن زياد بن أنعم , و حديثه هذا حسن لحديث أبي الدرداء المتقدم " . قلت : يشير إلى حديثه بلفظ : " ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام و الصلاة و الصدقة ? قالوا : بلى . قال : إصلاح ذات البين " . و هو شاهد قوي مخرج في " تخريج الحلال " ( 408 ) و انظر الرقم المتقدم ( 1448 ) و به ينجو الحديث من الضعف الظاهر من إسناده الذي حملني قديما على إيراده في " ضعيف الجامع " برقم ( 1110 ) , ثم نبهنا الحافظ المنذري إلى أنه حسن لغيره جزاه الله خيرا , فلينقل منه إلى " صحيح الجامع " , و قد فعلت , و الله تعالى ولي التوفيق . 2640 " إن عبدا قتل تسعة و تسعين نفسا , ثم عرضت له التوبة , فسأل عن أعلم أهل الأرض , فدل على رجل ( و في رواية راهب ) , فأتاه , فقال : إني قتلت تسعة و تسعين نفسا , فهل لي من توبة ?? قال : بعد قتل تسعة و تسعين نفسا ?! قال : فانتضى سيفه فقتله به , فأكمل به مائة , ثم عرضت له التوبة , فسأل عن أعلم أهل الأرض ? فدل على رجل [ عالم ] , فأتاه فقال : إني قتلت مائة نفس فهل لي من توبة ? فقال : و من يحول بينك و بين التوبة ?! اخرج من القرية الخبيثة التي أنت فيها إلى القرية الصالحة قرية كذا و كذا , [ فإن بها أناسا يعبدون الله ] , فاعبد ربك [ معهم ] فيها , [ و لا ترجع إلى أرضك فإنها أرض سوء ] , قال : فخرج إلى القرية الصالحة , فعرض له أجله في [ بعض ] الطريق , [ فناء بصدره نحوها ] , قال : فاختصمت فيه ملائكة الرحمة و ملائكة العذاب , قال : فقال إبليس : أنا أولى به , إنه لم يعصني ساعة قط ! قال : فقالت ملائكة الرحمة : إنه خرج تائبا [ مقبلا بقلبه إلى الله , و قالت ملائكة العذاب : إنه لم يعمل خيرا قط ] - فبعث الله عز وجل ملكا [ في صورة آدمي ] فاختصموا إليه - قال : فقال : انظروا أي القريتين كان أقرب إليه فألحقوه بأهلها , [ فأوحى الله إلى هذه أن تقربي , و أوحى إلى هذه أن تباعدي ] , [ فقاسوه , فوجدوه أدنى إلى الأرض التي أراد [ بشبر ] , فقبضته ملائكة الرحمة ] [ فغفر له ] . قال الحسن : لما عرف الموت احتفز بنفسه ( و في رواية : ناء بصدره ) فقرب الله عز وجل منه القرية الصالحة , و باعد منه القرية الخبيثة , فألحقوه بأهل القرية الصالحة " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 291 : أخرجه أحمد ( 3 / 20 و 72 ) من طريق همام بن يحيى : حدثنا قتادة عن أبي الصديق الناجي عن #أبي سعيد الخدري # قال : لا أحدثكم إلا ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم , سمعته أذناي و وعاه قلبي , فذكره بتمامه إلا الجملة التي بين الشرطتين - - فقد قال همام : فحدثني حميد الطويل عن بكر بن عبد الله المزني عن أبي رافع - فذكرها - ثم رجع إلى حديث قتادة قال : فقال : انظروا ... قلت : و هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين , و قد أخرجه البخاري ( 6 / 373 - فتح ) و مسلم ( 8 / 104 ) و البيهقي في " شعب الإيمان " ( 2 / 352 / 1 ) من حديث ابن أبي عدي عن شعبة عن قتادة به مختصرا , و فيه زيادة : " فأوحى الله ... " , و زيادة : " فناء بصدره نحوها " . و أخرجه مسلم , و البيهقي أيضا ( 2 / 352 / 1 ) من طريق معاذ بن هشام : حدثني أبي عن قتادة ... به أتم منه , و فيه سائر الزيادات , إلا زيادة " بشبر " , فهي عنده من طريق العنبري عن شعبة , و من طريق ابن أبي عدي عنه . و قد يستغرب ذكر إبليس في هذه القصة , و لكن لا غرابة في ذلك بعد ثبوت إسنادها , لاسيما و قد جاء ذكره فيها من حديث عبد الله بن مسعود موقوفا , لكن وقع فيه أنه هو الذي اختصم مع ملك الرحمة , و لذلك خرجته في الكتاب الآخر برقم ( 5254 ) ثم إن زيادة الإيحاء إلى الأرض يبدو أنها مدرجة لقول قتادة عن الحسن في آخر الحديث : لما عرف الموت ... إلخ , فانظر " الفتح " و " التعليق الرغيب " . و قد جاء الحديث عن جمع آخر من " الصحابة " مطولا و مختصرا , خرجها الهيثمي ( 10 / 211 - 213 ) منها عن معاوية بن أبي سفيان , و في حديثه أن العالم قال : " لئن قلت لك : إن الله عز وجل لا يتوب على من تاب لقد كذبت " . و فيه في آخره : " فغفر الله له " . أخرجه أبو يعلى ( 4 / 1775 - 1776 ) و الطبراني ( 19 / 369 / 367 ) و " مسند الشاميين " ( 1 / 349 ) من طريقين عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر قال : حدثني [ عبيدة ] بن أبي المهاجر - أو أبو عبد رب , الوليد شك - قال سمعت معاوية بن أبي سفيان ... فذكره . قلت : رجاله ثقات , لكن عبيدة بن أبي المهاجر لم يوثقه غير ابن حبان , و لا يعرف إلا بهذه الرواية - و أما ( أبو عبد رب ) فهو الدمشقي الزاهد , و هو صدوق كما قال الذهبي , و انظر " تيسير الانتفاع " - و الشك المذكور إنما هو في رواية أبي ليلى , دون الطبراني , و لعل الراجح أنه من حديث ( أبي عبد رب ) , فإنه المحفوظ عن الوليد بن مسلم في حديثين آخرين تقدم أحدهما برقم ( 1734 ) و قد رواهما عنه ابن ماجه و ابن حبان من طريق الوليد به . و ساقهما أحمد ( 4 / 94 ) سياقا واحدا من طريق عبد الله بن المبارك : أنبأنا عبد الرحمن بن يزيد به . فالسند جيد كما قال المنذري ( 4 / 78 ) . و منها عن عبد الله بن عمرو , و فيه تسمية القرية الأولى " نصرة " , و الأخرى " كفرة " . أخرجه الطبراني بإسناد لا بأس به , كما في " الترغيب " , و رجاله رجال الصحيح كما في " المجمع " , و سكت عنه الحافظ . 2641 " لا تقاتل قوما حتى تدعوهم " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 293 : أخرجه عبد الرزاق في " المصنف " ( 5 / 217 / 9424 ) : أخبرنا عمر بن ذر عن #يحيى بن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة #: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بعث عليا بعث خلفه رجلا فقال : " اتبع عليا , و لا تدعه من ورائه , و لكن اتبعه و خذ بيده , و قل له : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أقم حتى يأتيك . قال : فأقام حتى جاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ... فذكره " . قال عبد الرزاق : و سمعته أنا من يحيى ابن إسحاق . قلت : و إسناده صحيح , و لكنه معضل أو مرسل , و قد وصله الطبراني في " الأوسط " من حديث أنس , فقد ذكره الهيثمي في " مجمع الزوائد " ( 5 / 305 ) مختصرا نحوه , و قال : " رواه الطبراني في " الأوسط " , و رجاله رجال " الصحيح " غير عثمان بن يحيى القرقساني , و هو ثقة " . قلت : و إسناده هكذا ( 2 / 222 / 1 / 8430 - بترقيمي ) : حدثنا موسى بن جمهور حدثنا عثمان بن يحيى القرقساني حدثنا سفيان عن عمر بن ذر عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك قال : " بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب إلى قوم يقاتلهم , ثم بعث إليه رجلا فقال : لا تدعه من خلفه , و قل له : لا تقاتلهم حتى تدعوهم " . و قال : " لم يروه عن إسحاق إلا عمر , تفرد به ابن عيينة " . قلت : و هو ثقة , و كذا من فوقه , و أما القرقساني فوثقه ابن حبان ( 8 / 455 ) . و تابعه وكيع : حدثنا عمر بن ذر به . أخرجه ابن أبي شيبة ( 12 / 363 / 14002 ) . فصح الإسناد موصولا . و للحديث شاهد من حديث ابن عباس قال : " ما قاتل رسول الله صلى الله عليه وسلم قوما قط إلا دعاهم " . أخرجه الدارمي ( 2 / 217 ) و البيهقي ( 9 / 107 ) و أحمد ( 1 / 236 ) و أبو يعلى ( 2 / 674 ) و الطبراني في " الكبير " ( 3 / 116 / 1 ) من طرق عن سفيان الثوري عن ابن أبي نجيح عن أبيه عن ابن عباس به . قلت : و هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين , لكن أعله الدارمي بقوله : " قال عبيد الله ( يعني ابن موسى ) : سفيان لم يسمع من ابن أبي نجيح . يعني هذا الحديث " . قلت : و هذا إعلال غريب , فإن الثوري ثقة ثبت , رجحه كثيرون على شعبة , و هو معروف الرواية عن عبد الله بن أبي نجيح , فدعوى عدم سماعه لهذا الحديث من عبد الله ليس من السهل قبولها إلا بحجة ناهضة , لا بدعوى مجردة . و قد تابعه حجاج بن أرطاة عن ابن أبي نجيح به . أخرجه أحمد ( 1 / 231 ) و ابن أبي شيبة ( 12 / 365 / 14013 ) . و تابعه عبد الواحد بن زياد عن ابن أبي نجيح به . أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 3 / 111 / 2 ) . و عبد الواحد بن زياد ثقة من رجال الشيخين . ( تنبيه ) : هذا الحديث قاعدة هامة في دعوة الكفار إلى الإسلام قبل قتالهم , فإن استجابوا فبها و نعمت , و إلا فرضت عليهم الجزية , فإن رفضوا قوتلوا , و على هذا جرى النبي صلى الله عليه وسلم و أصحابه , و لا يخالف ذلك ما في " الصحيحين " أن النبي صلى الله عليه وسلم أغار على بني المصطلق , و هم غارون .. أي غافلون , أي أخذهم على غرة . فإنه ليس فيه أنه لم يكن قد بلغتهم دعوته صلى الله عليه وسلم , كيف و هي قد بلغت فارس و الروم بله العرب , فمن البلاهة بمكان إنكار بعض الكتاب المعاصرين لهذا الحديث بحجة أنه مخالف للقاعدة المذكورة , فإنه ليس من الضروري أن يدعى الكفار قبل قتالهم مباشرة ! و قد أشار إلى هذا الحسن البصري حين سئل عن العدو ? هل يدعون قبل القتال ? قال : " قد بلغهم الإسلام منذ بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم " . أخرجه ابن أبي شيبة ( 12 / 365 ) و سعيد بن منصور ( 3 / 2 / 206 / 2486 ) و انظر الرد على البعض المشار إليه مع تخريج حديث " الصحيحين " في " صحيح أبي داود " ( 2367 ) . 2642 " عليكم بالإثمد , فإنه منبتة للشعر مذهبة للقذى مصفاة للبصر " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 295 : أخرجه البخاري في " التاريخ " ( 4 / 2 / 412 ) و أبو نعيم في " الحلية " ( 3 / 178 ) و الطبراني في " الكبير " ( 1 / 12 / 1 ) و " الأوسط " ( 4 / 393 ) من طرق عن أبي جعفر النفيلي عن يونس بن راشد : حدثنا #عون بن محمد ابن الحنفية عن أبيه عن جده #, و قال : " لا يروى عن علي إلا بهذا الإسناد , تفرد به النفيلي " . قلت : و هو ثقة من رجال البخاري , و اسمه عبد الله بن محمد بن علي بن نفيل الحراني . و يونس بن راشد صدوق , لم يتكلم فيه أحد بجرح قادح . و عون بن محمد ابن الحنفية , ذكره ابن أبي حاتم ( 3 / 386 ) برواية اثنين آخرين , و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا . فهو على شرط ابن حبان في " ثقاته " فليراجع , ثم وجدته فيه ( 7 / 279 ) و قد حسن إسناده المنذري , فقال في " الترغيب " ( 3 / 115 ) : " رواه الطبراني بإسناد حسن " . و قال الهيثمي ( 5 / 96 ) : " رواه الطبراني في " الكبير " و " الأوسط " , و فيه عون بن محمد ابن الحنفية , ذكره ابن أبي حاتم , و روى عنه جماعة , و لم يجرحه أحد , و بقية رجاله ثقات " . و فاته توثيق ابن حبان إياه . و للحديث شواهد يتقوى بها من حديث ابن عباس , و أبي هريرة , مخرجة في " الترغيب " ( 3 / 115 ) و " المشكاة " ( 4472 ) و الروض النضير " ( 407 ) . 2643 " إن من أمتي من لو جاء أحدكم يسأله دينارا لم يعطه [ و لو سأله درهما لم يعطه و لو سأله فلسا لم يعطه ] , و لو سأل الله الجنة لأعطاها إياه , ذو طمرين لا يؤبه له , لو أقسم على الله لأبره " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 296 : أخرجه الطبراني في " الأوسط " ( 2 / 177 / 2 / 7699 - بترقيمي ) : حدثنا محمد بن إبراهيم العسال : أخبرنا سهل بن عثمان : حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن سالم بن أبي الجعد عن # ثوبان # مرفوعا . قلت : و هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال مسلم غير العسال هذا , و قد وثقه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " ( 2 / 217 ) لكن في سنده انقطاع , فقد قال أبو حاتم : " لم يدرك سالم بن أبي الجعد أبا الدرداء " . و غفل عن هذه العلة المنذري ( 4 / 94 ) , ثم الهيثمي ( 10 / 264 ) , فقالا : " رواه الطبراني في " الأوسط " , و رجاله رجال الصحيح " . لكن للحديث شواهد يتقوى بها , منها عن أنس مرفوعا بلفظ : " رب أشعث أغبر ذي طمرين , مصفح عن أبواب الناس , لو أقسم على الله لأبره " . أخرجه الطبراني في " الأوسط " ( 4 / 406 ) من طريق عبد الله بن موسى التيمي عن أسامة بن زيد عن حفص بن عبيد الله عن أنس مرفوعا . و هذا إسناد حسن في الشواهد رواته موثقون , إلا أن التيمي هذا قال الحافظ : " صدوق كثير الخطأ " . و منها عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ : " رب أشعث مدفوع على الأبواب , لو أقسم على الله لأبره " . أخرجه مسلم ( 8 / 36 / 154 ) من طريق العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عنه . و تابعه كثير بن زيد عن المطلب بن عبد الله عنه مرفوعا نحوه , و زاد : " تنبو عنه أعين الناس " . أخرجه الحاكم ( 4 / 328 ) و قال : " صحيح الإسناد " . و وافقه الذهبي . و أقول بل هو حسن فقط , فإن كثير بن زيد - و هو الأسلمي - فيه كلام من قبل حفظه . 2644 " ألا أدلك على صدقة يحب الله موضعها ? تصلح بين الناس , فإنها صدقة يحب الله موضعها " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 298 : أخرجه الأصبهاني في " الترغيب " ( ص 50 ) من طريق أبي أمية : أخبرنا كثير بن هشام عن أبي ( كذا ) المسعودي عن أبي جناب عن رجل عن # أبي أيوب الأنصاري #رضي الله عنه مرفوعا . 2 - ثم رواه من طريق ابن أبي الدنيا : حدثني محمد بن عثمان العجلي : أخبرنا خالد بن مخلد عن عبد الله بن عمر عن عمر مولى غفرة عن أبي أيوب الأنصاري به نحوه . 3 - و من طريقه أيضا : أخبرنا إسحاق بن إسماعيل أخبرنا جرير عن يحيى بن سعيد عن إسماعيل بن أبي حكيم عن سعيد بن المسيب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ... فذكره مرسلا . قلت : و هذه الأسانيد كلها ضعيفة . أما الأول , فهو مسلسل بالعلل الآتية : الأولى : جهالة الرجل الذي لم يسم . الثانية : ضعف أبي جناب , و اسمه يحيى بن أبي حية , قال الحافظ : " ضعفوه لكثرة تدليسه " . الثالثة : المسعودي , و اسمه عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الكوفي , قال الحافظ : " صدوق اختلط قبل موته " . الرابعة : أبو أمية , و هو محمد بن إبراهيم بن مسلم الخزاعي الطرسوسي , و هو " صدوق يهم " كما في " التقريب " . و الثاني مسلسل بالعلل أيضا : الأولى : عمر مولى غفرة , و اسم أبيه عبد الله . قال الحافظ : " ضعيف كثير الإرسال " . الثانية : عبد الله بن عمر , و هو العمري المكبر , ضعيف مشهور بذلك . الثالثة : خالد بن مخلد و هو القطواني , قال الحافظ : " صدوق يتشيع , و له أفراد " . و الثالث , رجاله كلهم ثقات رجال مسلم غير إسحاق بن إسماعيل - و هو الطالقاني - و هو ثقة , فهو إسناد صحيح , و لكنه مرسل . و له طريق رابعة , أخرجه الطبراني في " الكبير " ( 1 / 196 / 1 ) من طريق موسى بن عبيدة عن عبادة بن عمير بن عبادة بن عوف قال : قال لي أبو أيوب : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : ... فذكره بلفظ : " ... يحبها الله و رسوله ? تصلح بين الناس إذا تباغضوا و تفاسدوا " . و الباقي مثله . و إسناده ضعيف أيضا , عبادة بن عمير لم أجد من ترجمه . و موسى بن عبيدة ضعيف . إلا أن الحديث عندي يرتقي إلى مرتبة الحسن على الأقل , بمجموع هذه الطرق , لاسيما و فيها ذلك المرسل الصحيح . و الله أعلم . ثم وجدت لحديث أبي أيوب طريقا أخرى , فقال الطيالسي في " مسنده " ( 81 / 598 ) و من طريقه البيهقي في " الشعب " ( 7 / 490 / 11094 ) : حدثنا أبو الصباح الشامي عن عبد العزيز الشامي عن أبيه عن أبي أيوب به نحوه . قلت : و هذا إسناد مظلم , من دون أبي أيوب لم أعرف أحدا منهم . 2645 " إن لكل شيء سيدا , و إن سيد المجالس قبالة القبلة " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 300 : أخرجه الطبراني في " الأوسط " ( 3 / 269 ) : حدثنا إبراهيم حدثنا عمرو بن عثمان : أخبرنا محمد بن خالد عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن #أبي هريرة #قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ... فذكره . و قال : " لم يروه عن محمد بن خالد إلا عمرو " . قلت : و هو الوهبي , و هو ثقة , و كذا من فوقه على ضعف يسير في محمد بن عمرو , فالسند حسن على ما يأتي بيانه . و إبراهيم هو ابن محمد بن عرق الحمصي كما في ترجمة شيخه عمرو من " تاريخ ابن عساكر " ( 13 / 289 / 2 ) و أما إبراهيم نفسه فلم يترجم له هو . و قال الحافظ في " اللسان " : " هو شيخ للطبراني غير معتمد " . ثم روى الطبراني و ابن عدي في " الكامل " ( 2 / 376 ) من طريق حمزة بن أبي حمزة عن نافع عن ابن عمر مرفوعا بلفظ : " أكرم المجالس ما استقبل به القبلة " , و قالا : " لم يروه عن نافع إلا حمزة " . قلت : و هذا إسناد ضعيف جدا , حمزة بن أبي حمزة الجزري النصيبي , متروك متهم بالوضع كما في " التقريب " . و لهذا قال الهيثمي في " مجمع الزوائد " ( 8 / 59 ) : " رواه الطبراني في " الأوسط " , و فيه حمزة بن أبي حمزة , و هو متروك " . و قال في حديث الترجمة : " رواه الطبراني في " الأوسط " , و إسناده حسن " . و كذا قال المنذري ( 4 / 61 ) و هو كما قالا لولا جهالة ابن عرق الحمصي , فلعلهما وقفا على توثيق له , أو متابع له , و إلى هذا يشير قول الطبراني المتقدم : " لم يروه ... إلا عمرو " . و الله أعلم . و قد روى له الطبراني حديثا آخر في " المعجم الصغير " ( 180 / الروض النضير ) . و له في " المعجم الأوسط " ( 17 ) حديثا ( 2522 - 2539 ) و قريب منها في " الدعاء " ( انظر المجلد الأول منه ص 167 ) و ذكره المزي فيمن روى عن ( عمرو ابن عثمان الحمصي ) و ( محمد بن مصفى ) . و للحديث شاهد من حديث ابن عباس مرفوعا بلفظ : " إن لكل شيء شرفا , و إن شرف المجالس ما استقبل به القبلة " . و هو مخرج في الكتاب الآخر ( 1486 ) . 2646 " كم من جار متعلق بجاره يقول : يا رب ! سل هذا لم أغلق عني بابه , و منعني فضله ? " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 301 : أخرجه ابن أبي الدنيا في " مكارم الأخلاق " ( ص 85 رقم 345 ) و الأصبهاني في " الترغيب " ( ص 223 - الجامعة ) من طريق موسى بن خلف : حدثنا أبان عن عطاء عن #ابن عمر #رضي الله عنه مرفوعا , و قال الأصبهاني : " أبان هو ابن بشير المكتب " . قلت : و هو مجهول كما قال ابن أبي حاتم , و ذكره ابن حبان في " الثقات " ( 6 / 68 ) <1>, 1>و قد روى عنه جمع كما في " تيسير الانتفاع " . و يتقوى حديثه برواية عبد السلام عن ليث عن نافع عن ابن عمر قال : " لقد أتى علينا زمان - أو قال : حين - و ما أحد أحق بديناره و درهمه من أخيه المسلم , ثم الآن الدنيا و الدرهم أحب إلى أحدنا من أخيه المسلم , سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ... فذكره . أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " ( 111 ) . قلت : و رجاله ثقات رجال الشيخين غير ليث و هو ابن أبي سليم على الراجح , فإنه قد شاركه في الرواية عن نافع ليث بن سعد الإمام الحجة , لكن هذا لم يذكروا في الرواة عنه عبد السلام هذا , و هو ابن حرب , و إنما ذكروه في الرواة عن ابن أبي سليم , و هو ضعيف من قبل حفظه , فيتقوى حديثه بالذي قبله . و الله أعلم . ( تنبيه ) : لم يطلع المنذري في " الترغيب " ( 3 / 237 ) على رواية البخاري هذه لهذا الحديث , فاقتصر في عزوه على الأصبهاني وحده , و بناء عليه أشار إلى تضعيفه ! و لو وقف على هذه الرواية لما فعل ذلك إن شاء الله تعالى . ----------------------------------------------------------- [1] قلت : وقع فيه " ابن كثير " . و التصحيح من " التاريخ " و " الجرح " و " اللسان " . و انظر " تيسير الانتفاع " . اهـ . 2647 " كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا تلاقوا تصافحوا , و إذا قدموا من سفر تعانقوا " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 303 : رواه الطبراني في " المعجم الأوسط " ( 1 / 8 / 1 / 99 - بترقيمي ) قال : حدثنا أحمد ابن يحيى بن خالد بن حيان الرقي حدثنا يحيى بن سليمان الجعفي حدثنا عبد السلام بن حرب عن شعبة عن قتادة عن #أنس #قال : ... فذكره . ثم قال : " لم يروه عن شعبة إلا عبد السلام . تفرد به الجعفي " . قلت : و هو صدوق يخطىء كما في " التقريب " , و هو من شيوخ البخاري في " الصحيح " , و من فوقه من رجال الشيخين , و لذلك قال المنذري ( 3 / 270 ) و تبعه الهيثمي ( 8 / 36 ) : " رواه الطبراني , و رواته محتج بهم في ( الصحيح ) " . قلت : فالإسناد جيد , و إن كنت لم أجد من ترجم أحمد بن يحيى الرقي <1>1>, فإن الظاهر من كلام الطبراني أنه لم يتفرد به . ثم هو من مشايخه المكثيرين , فقد روى له نحو ثمانين حديثا ( 78 - 160 ) . و يشهد له حديث جابر بن عبد الله أنه بلغه حديث عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في الشام فسافر إليه فإذا عبد الله بن أنيس قال : فخرج فاعتنقني , ..... الحديث . أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " ( 969 ) و غيره بسند حسن و علقه البخاري في " كتاب العلم " من صحيحه " , و ترجم له في " الأدب المفرد " بـ " باب المعانقة " . ثم وجدت للحديث طريقا آخر , يرويه غالب التمار قال : كان محمد بن سيرين يكره المصافحة , فذكرت ذلك للشعبي , فقال : " كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا التقوا تصافحوا , فإذا قدموا من سفر عانق بعضهم بعضا " . أخرجه البيهقي في " سننه " ( 7 / 100 ) بإسناد جيد كما قال الحافظ ابن مفلح الحنبلي في " الآداب الشرعية " ( 2 / 272 ) . و يشهد له ما أخرجه الطحاوي في " شرح معاني الآثار " ( 4 / 28 - تحقيق صاحبنا محمد زهري النجار ) من طريق أبي غالب عن أم الدرداء قالت : " قدم علينا سلمان فقال : أين أخي ? قلت : في المسجد , فأتاه , فلما رآه اعتنقه " . قلت : و إسناده حسن . فقه الحديث : يؤخذ من هذا الحديث فائدتان : الأولى : المصافحة عند التلاقي . و الأخرى : المعانقة بعد العودة من السفر . و لكل منهما شواهد عن النبي صلى الله عليه وسلم . أما الأولى , ففيها أحاديث كثيرة معروفة من فعله صلى الله عليه وسلم و قوله , و قد مضى بعضها في هذه " السلسلة " برقم ( 160 و 529 و 530 و 2004 و 2485 ) . و انظر " الترغيب " ( 3 / 270 - 271 ) و " الآداب الشرعية " لابن مفلح ( 2 / 277 ) . و أما الأخرى , ففيه حديث جابر رضي الله عنه قال : " لما قدم جعفر من الحبشة عانقه النبي صلى الله عليه وسلم " . و هو حديث صحيح كما سيأتي بيانه إن شاء الله في هذا المجلد برقم ( 2657 ) . قلت : و في ذلك من الفقه تفريق الصحابة بين الحضر و السفر في أدب التلاقي , ففي الحالة الأولى : المصافحة , و في الحالة الأخرى : المعانقة . و لهذا كنت أتحرج من المعانقة في الحضر , و بخاصة أنني كنت خرجت في المجلد الأول من هذه " السلسلة " ( رقم 160 ) حديث نهيه صلى الله عليه وسلم عن الانحناء و الالتزام و التقبيل . ثم لما جهزت المجلد لإعادة طبعه , و أعدت النظر في الحديث , تبين لي أن جملة " الالتزام " ليس لها ذكر في المتابعات أو الشواهد التي بها كنت قويت الحديث , فحذفتها منه كما سيرى في الطبعة الجديدة من المجلد إن شاء الله , و قد صدر حديثا و الحمد لله . فلما تبين لي ضعفها زال الحرج و الحمد لله , و بخاصة حين رأيت التزام ابن التيهان الأنصاري للنبي صلى الله عليه وسلم في حديث خروجه صلى الله عليه وسلم إلى منزله رضي الله عنه الثابت في " الشمائل المحمدية " ( رقم 113 ص 79 - مختصر الشمائل ) و لكن هذا إنما يدل على الجواز أحيانا , و ليس على الالتزام و المداومة كما لو كان سنة , كما هو الحال في المصافحة فتنبه . و قد رأيت للإمام البغوي رحمه الله كلاما جيدا في التفريق المذكور و غيره , فرأيت من تمام الفائدة أن أذكره هنا , قال رحمه الله في " شرح السنة " ( 12 / 293 ) بعد أن ذكر حديث جعفر و غيره مما ظاهره الاختلاف : " فأما المكروه من المعانقة و التقبيل , فما كان على وجه الملق و التعظيم , و في الحضر , فأما المأذون فيه فعند التوديع و عند القدوم من السفر , و طول العهد بالصاحب و شدة الحب في الله . و من قبل فلا يقبل الفم , و لكن اليد و الرأس و الجبهة . و إنما كره ذلك في الحضر فيما يرى لأنه يكثر و لا يستوجبه كل أحد , فإن فعله الرجل ببعض الناس دون بعض وجد عليه الذين تركهم , و ظنوا أنه قصر بحقوقهم , و آثر عليهم , و تمام التحية المصافحة " . و اعلم أنه قد ذهب بعض الأئمة كأبي حنيفة و صاحبه محمد إلى كراهة المعانقة , حكاه عنهما الطحاوي خلافا لأبي يوسف . و منهم الإمام مالك , ففي " الآداب الشرعية " ( 2 / 278 ) : " و كره مالك معانقة القادم من سفر , و قال : " بدعة " , و اعتذر عن فعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك بجعفر حين قدم , بأنه خاص له , فقال له سفيان : ما تخصه بغير دليل , فسكت مالك . قال القاضي : و سكوته دليل لتسليم قول سفيان و موافقته , و هو الصواب حتى يقوم دليل التخصيص " . هذا و قد تقدم في كلام الإمام البغوي قوله بأنه لا يقبل الفم , و بين وجه ذلك الشيخ ابن مفلح في " الآداب الشرعية " , فقال ( 2 / 275 ) : " و يكره تقبيل الفم , لأنه قل أن يقع كرامة " . و يبدو لي من وجه آخر , و هو أنه لم يرو عن السلف , و لو كان خيرا لسبقونا إليه , و ما أحسن ما قيل : و كل خير في اتباع من سلف و كل شر في ابتداع من خلف . فالعجب من ذاك الدكتور الحلبي القصاص الواعظ الذي نصب نفسه للرد على علماء السلفيين و أتباعهم , و تتبع عثراتهم , و أقوالهم المخالفة لأقوال العلماء بزعمه , و ينسى نفسه , فقد سمعت له شريطا ينكر فيه على أحدهم عدم شرعية تقبيل الفم , و يصرح بأنه كتقبيل الجبهة و اليد و أنه لا فرق ! فوقع في المخالفة التي ينكرها على السلفيين , و لو أن أحدا منهم قاس هذا القياس ( البديع ! ) لأبرق و أرعد و صاح و تباكى , و حشد كل ما يستطيع حشده من أقوال العلماء ! و أما هو فلا بأس عليه من مخالفتهم ! *( يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون . كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون )* . أصلحه الله و هداه . ----------------------------------------------------------- [1] و هو من تلامذة الإمام أحمد كما في " طبقات الحنابلة " ( 1 / 184 ) . اهـ . 2648 " كان الرجلان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا التقيا لم يفترقا حتى يقرأ أحدهما على الآخر : *( و العصر إن الإنسان لفي خسر )* , ثم يسلم أحدهما على الآخر " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 307 : أخرجه الطبراني في " الأوسط " ( 2 / 11 / 2 / 5256 ) : حدثنا محمد بن هشام المستملي : حدثنا عبيد الله بن عائشة حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت البناني عن #أبي مدينة الدارمي #- و كانت له صحبة - قال : ... فذكره . و قال : " لا يروى عن أبي مدينة إلا بهذا الإسناد . قال ابن المديني : اسم أبي مدينة عبد الله بن حفص " . قلت : و هذا إسناد صحيح , رجاله ثقات رجال مسلم غير محمد بن هشام المستملي , و هو أبو جعفر المروزي المعروف بابن أبي الدميك , مستملي الحسن بن عرفة , توفى سنة ( 289 ) , ترجمه الخطيب ( 3 / 361 - 362 ) و وثقه . و قال الدارقطني : لا بأس به . و الحديث أورده الهيثمي في " المجمع " ( 10 / 307 ) و قال : " رواه الطبراني في " الأوسط " , و رجاله رجال الصحيح غير ابن عائشة و هو ثقة " . ثم رأيت الحديث في " شعب الإيمان " ( 6 / 501 / 9057 ) من طريق يحيى ابن أبي بكير قال : أخبرنا حماد بن سلمة به . و قال : " و رواه غيره عن حماد عن ثابت عن عتبة بن الغافر قال : كان الرجلان ... فذكره " . قلت : لم أجد من وصله , و لا عرفت عتبة بن الغافر , و المحفوظ رواية الثقتين يحيى بن أبي بكير و ابن عائشة عن حماد . ( تنبيه ) : سقطت جملة التسليم في آخر الحديث من " مجمع الزوائد " و " مجمع البحرين " أيضا , و هي ثابتة في أصلهما : " المعجم الأوسط " كما ترى , و في " شعب الإيمان " أيضا , و في غيره من المصادر التي عزت الحديث إلى الطبراني , مثل " تفسير ابن كثير " ( 4 / 547 ) و " الدر المنثور " ( 6 / 392 ) . و أما قول المعلق على " مجمع البحرين " ( 8 / 272 ) في الحاشية , و قد ألحقها بآخر الحديث بين معقوفتين [ ] : " ما بين المعكوفتين من طص " . فما أراه إلا وهما , لأن هذا الرمز ( طص ) إنما يعني عنده " معجم الطبراني الصغير " كما نص عليه في المقدمة ( ص 28 ) و لم يخرجه الطبراني في " الصغير " , و هو نفسه لم يعزه إليه في تخريجه إياه . و الله أعلم . و في هذا الحديث فائدتان مما جرى عليه عمل سلفنا رضي الله عنهم جميعا : إحداهما : التسليم عند الافتراق , و قد جاء النص بذلك صريحا من قوله صلى الله عليه وسلم : " إذا انتهى أحدكم إلى المجلس فليسلم , و إذا أراد أن يقوم فليسلم , فليست الأولى بأحق من الآخرة " . و هو حديث صحيح مخرج في المجلد الأول من هذه " السلسلة " برقم ( 183 ) و هو في " صحيح الأدب المفرد " برقم ( 773 / 986 ) و قد صدر حديثا و في " صحيح زوائد ابن حبان " ( ... / 1931 ) و هو تحت الطبع . و في معناه الأحاديث الآمرة بإفشاء السلام , و قد تقدم بعضها برقم ( 184 و 569 و 1493 ) . و الأخرى : نستفيدها من التزام الصحابة لها . و هي قراءة سورة ( العصر ) لأننا نعتقد أنهم أبعد الناس عن أن يحدثوا في الدين عبادة يتقربون بها إلى الله , إلا أن يكون ذلك بتوقيف من رسول الله صلى الله عليه وسلم قولا أو فعلا أو تقريرا , و لم لا و قد أثنى الله تبارك و تعالى عليهم أحسن الثناء , فقال : *( و السابقون الأولون من المهاجرين و الأنصار و الذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم و رضوا عنه و أعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم )* <1>. 1>و قال ابن مسعود و الحسن البصري : " من كان منكم متأسيا فليتأس بأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم , فإنهم كانوا أبر هذه الأمة قلوبا و أعمقها علما و أقلها تكلفا و أقومها هديا و أحسنها حالا , قوما اختارهم الله لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم و إقامة دينه , فاعرفوا لهم فضلهم , و اتبعوهم في آثارهم , فإنهم كانوا على الهدي المستقيم " <2>----------------------------------------------------------- [1] 2>انظر " إعلام الموقعين " لابن القيم ( 4 / 159 ) لتتبين معنى الاتباع , و أنه واجب . [2] أخرجه ابن عبد البر في " جامع بيان العلم " ( 2 / 97 ) بإسنادين عنه , و عزاه ابن القيم ( 4 / 179 ) للإمام أحمد - و لعله يعني في " الزهد " - عن ابن مسعود . و انظر " المشكاة " ( 193 ) . اهـ . 2649 " كنا إذا رأينا الرجل يلعن أخاه رأينا أن قد أتى بابا من الكبائر " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 309 : أخرجه الطبراني في " الأوسط " ( 3 / 276 / 1 - مجمع البحرين ) : حدثنا محمد بن الحسن حدثنا يزيد بن موهب أخبرني عمرو بن الحارث أن بكير بن عبد الله بن الأشج حدثه أن يزيد بن أبي عبيد مولى سلمة بن الأكوع حدثه أنه سمع #سلمة بن الأكوع #يقول : ... فذكره , و قال : " لم يروه عن سلمة إلا يزيد , و لا عنه إلا بكير , تفرد به عمرو " . قلت : و هو ثقة من رجال الشيخين , و كذا من فوقه . و يزيد بن موهب , هو يزيد بن خالد بن يزيد بن عبد الله بن موهب الهمداني الرملي , و هو ثقة مترجم في " التهذيب " . و محمد بن الحسن هو ابن قتيبة العسقلاني , و هو ثقة أيضا , مترجم في " تاريخ ابن عساكر " . فالسند صحيح , و قد قواه الهيثمي تبعا للمنذري , فقال في " مجمع الزوائد " ( 8 / 73 ) : " رواه الطبراني في " الأوسط " و " الكبير " بنحوه , و إسناد " الأوسط " جيد , و في إسناد " الكبير " ابن لهيعة , و هو لين " . و قال المنذري ( 3 / 287 ) : " رواه الطبراني بإسناد جيد " . 2650 " ليس منا من سحر ( أو سحر له ) أو تكهن أو تكهن له أو تطير أو تطير له " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 310 : أخرجه البزار في " مسنده " ( ص 169 - زوائده ) و الطبراني في " الأوسط " ( 4 / 393 ) عن زمعة بن صالح عن سلمة بن وهرام عن عكرمة عن #ابن عباس #مرفوعا . و قال البزار : " لا نعلمه إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد , و زمعة ضعيف " . و كذا قال الهيثمي في " مجمع الزوائد " ( 5 / 217 ) . و أقول : و سلمة بن وهرام قريب منه . لكن للحديث شاهد من رواية أبي حمزة العطار إسحاق بن الربيع : عن الحسن عن عمران بن حصين مرفوعا بلفظ : " ليس منا من تطير أو تطير له , أو تكهن أو تكهن له , أو سحر أو سحر له , و من عقد عقدة , أو قال عقد عقدة , و من أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد " . أخرجه البزار و قال : " قد روي بعضه من غير وجه , فأما بتمامه و لفظه فلا نعلمه إلا عن عمران بهذا الطريق , و أبو حمزة بصري لا بأس به " . و قال المنذري ( 4 / 52 ) : " رواه البزار بإسناد جيد , و رواه الطبراني من حديث ابن عباس دون قوله : " و من أتى ..." إلخ , بإسناد حسن " . كذا قال , و هو مردود بضعف زمعة , إلا أن يعني أنه حسن لغيره , فنعم . و قال الهيثمي : " رواه البزار , و رجاله رجال الصحيح خلا إسحاق بن الربيع , و هو ثقة " . قلت : نعم , و لكن الحسن - و هو البصري - مدلس و قد عنعنه , فهو جيد بحديث الترجمة , و أما قوله : " و من أتى ... " , فله شواهد كثيرة , و بعض أسانيدها صحيح , و هي مخرجة في " الإرواء " ( 2066 ) , و مع ذلك فقد ضعفه الجاني على السنة في تعليقه على " إغاثة اللهفان " ( 1 / 359 ) متجاهلا إسناده الصحيح . و قد تقدم تخريج الحديث برقم ( 2195 ) , فقدرت الإعادة لزيادة فائدة . 2651 " من قرأ *( سورة الكهف )* [ كما أنزلت ] كانت له نورا يوم القيامة , من مقامه إلى مكة , و من قرأ عشر آيات من آخرها ثم خرج الدجال لم يضره , و من توضأ فقال : سبحانك اللهم و بحمدك [ أشهد أن ] لا إله إلا أنت أستغفرك و أتوب إليك , كتب في رق , ثم جعل في طابع , فلم يكسر إلى يوم القيامة " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 312 : أخرجه النسائي في " عمل اليوم و الليلة " ( 81 و 952 ) و الطبراني في " الأوسط " ( 1 / 5 / 1 ) من طريق يحيى بن محمد بن السكن , و الحاكم ( 1 / 564 ) من طريق أبي قلابة عبد الملك بن محمد , و الزيادة له , كلاهما عن يحيى بن كثير العنبري : حدثنا شعبة عن أبي هاشم الرماني عن أبي مجلز عن قيس بن عباد عن #أبي سعيد الخدري #قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ... فذكره . و قال الطبراني : " لم يروه عن شعبة إلا يحيى " . قلت : و هو ثقة من رجال الشيخين , و كذلك من فوقه , فهو إسناد صحيح على شرط الشيخين , و قول الحاكم : " صحيح على شرط مسلم " إنما هو من أوهامه , و إن تابعه الذهبي . و قد أعل بالوقف , فقال الهيثمي ( 1 / 239 ) : " رواه الطبراني في " الأوسط " , و رجاله رجال " الصحيح " , إلا أن النسائي قال بعد تخريجه في " اليوم و الليلة " : ( هذا خطأ , و الصواب موقوفا ) " . ثم رواه من رواية الثوري , و غندر عن شعبة موقوفا . و نحوه في " الترغيب " ( 1 / 105 ) . قلت : و رواية سفيان الموقوفة , أخرجها النسائي ( 954 ) و الحاكم أيضا من طريق عبد الرحمن بن مهدي عنه عن أبي هاشم به موقوفا . و قد رواه يوسف بن أسباط عن سفيان به مرفوعا بالشطر الأخير منه . أخرجه ابن السني ( رقم 30 ) . لكن ابن أسباط ضعيف . و رواه هشيم عن أبي هاشم به , إلا أنه اختلف عليه وقفا و رفعا , فرواه أبو النعمان عنه موقوفا بالشطر الأول نحوه . أخرجه الدارمي ( 2 / 454 ) . و خالفه نعيم بن حماد فرواه عنه مرفوعا . أخرجه الحاكم ( 2 / 368 ) و قال : " صحيح الإسناد " !! . و خالفهم جميعا قيس بن الربيع فقال : عن أبي هاشم الرماني عن أبي مجلز السدوسي عن قيس بن أبي حازم البجلي عن أبي سعيد الخدري مرفوعا بالفقرة الأخيرة . أخرجه الخطيب في " التاريخ " ( 8 / 25 ) و وقع في سنده بعض الأخطاء المطبعية . قلت : و قيس بن الربيع سيىء الحفظ , و قد خالفهم في قوله : " قيس بن أبي حازم " مكان قولهم : " قيس بن عباد " . و خلاصة القول : إن الحديث صحيح , لأنه و إن كان الأرجح سندا الوقف , فلا يخفى أن مثله لا يقال بالرأي , فله حكم الرفع . و الله أعلم . ( تنبيه ) : قد سبق في حديث أبي الدرداء المتقدم برقم ( 582 ) أن العصمة من الدجال قراءة عشر آيات من أول سورة ( الكهف ) . و في حديث الترجمة ( عشر آيات من آخرها ) و هو رواية في حديث أبي الدرداء المشار إليه , و لكنها شاذة كما كنت بينته هناك , لكن حديث الترجمة شاهد قوي لها , و لذلك فإني أراني مضطرا إلى القول بصحة الروايتين , و أنها بمنزلة قراءتين لآية واحدة , يجوز العمل بكل منهما , لأن لكل منها شاهدا يدل على أنهما محفوظتان , كما يتبين ذلك للقارئ الملم بالتحقيق المذكور هنا و هناك . و الله أعلم . ثم تنبهت لشيء هام حملني على التراجع عن قولي هذا الأخير , ألا و هو أن هذا الشاهد مداره على شعبة أيضا , كحديث أبي الدرداء المشهود له , و هذا لا يصلح كما هو ظاهر . و لاسيما أنه قد خالفه في هذا الحديث سفيان فقال : " سورة الكهف " في الموضعين , فلم يقل : " من آخرها " , كما قال شعبة , رواه عنهما النسائي ( 949 و 952 ) , و بخاصة أن شعبة اضطرب فيها كما تقدم بيانه هناك . 2652 " من صلى لله أربعين يوما في جماعة يدرك التكبيرة الأولى كتبت له براءتان : براءة من النار و براءة من النفاق " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 314 : روي من حديث #أنس و أبي كاهل و عمر بن الخطاب # . 1 - أما حديث أنس , فله عنه أربعة طرق : الأولى : عن أبي قتيبة سلم بن قتيبة عن طعمة بن عمرو عن حبيب بن أبي ثابت عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ... فذكره . أخرجه الترمذي ( 2 / 7 - شاكر ) و أبو سعيد ابن الأعرابي في " المعجم " ( ق 116 / 2 ) و ابن عدي في " الكامل " ( ق 103 / 2 و 116 / 1 ) و أبو القاسم الهمداني في " الفوائد " ( ق 197 / 1 ) و البيهقي في " الشعب " ( 3 / 61 / 2872 ) . قلت : و هذا إسناد رجاله ثقات , لكن أعله الترمذي بالوقف , فقال : " و قد روي هذا الحديث موقوفا , و لا أعلم أحدا رفعه إلا ما روى سلم بن قتيبة عن طعمة بن عمرو عن حبيب بن أبي ثابت عن أنس . و إنما يروى هذا الحديث عن حبيب ابن أبي حبيب البجلي عن أنس بن مالك قوله ". قلت :ثم وصله هو و ابن عدي من طريق وكيع عن خالد بن طهمان عن حبيب بن أبي حبيب ( زاد الترمذي : البجلي ) عن أنس نحوه موقوفا عليه لم يرفعه . قلت : و هذا ليس بعلة قادحة لأنه لا يقال بمجرد الرأي , فهو في حكم المرفوع , لاسيما و قد رفعه عبد الرحمن بن عفراء الدوسي : حدثنا خالد بن طهمان عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره نحوه هكذا دون ذكر حبيب . أخرجه ابن عدي . و الدوسي هذا صدوق , و مثله شيخه خالد بن طهمان إلا أنه كان اختلط , فلا أدري أسقط منه ذكر حبيب في السند أم من الناسخ , و لعل هذا أقرب , فقد قال ابن عدي : " و هذا الحديث قد ذكر فيه حبيب بن أبي حبيب , فروى عنه هذا الحديث طعمة بن عمرو , و خالد بن طهمان , رفعه عنه طعمة , و رواه خالد عنه مرفوعا و موقوفا , و لا أدري حبيب بن أبي حبيب هذا هو صاحب الأنماط , أو حبيب آخر ?! " . قلت : فمن الظاهر من كلام ابن عدي هذا أن في الرواية المرفوعة عن خالد بن طهمان ( حبيب بن أبي حبيب ) , فهو يرجح أن السقط من الناسخ . ثم هو قد ذكر ذلك في ترجمة حبيب بن أبي حبيب صاحب الأنماط , و لا أرى أن له علاقة بهذا الحديث , لاسيما و هو متأخر الطبقة , فإنه من أتباع التابعين , روى عن قتادة و غيره , فهو إما حبيب بن أبي حبيب البجلي كما هو مصرح به في رواية الترمذي , و إما حبيب بن أبي ثابت كما في رواية الترمذي و غيره , لكن وقع في رواية ابن عدي : " عن حبيب - قال أبو حفص : و هو الحذاء " . فلعل الحذاء لقب حبيب بن أبي ثابت عند أبي حفص , و هو عمرو بن علي الفلاس الحافظ , فتكون فائدة عزيزة لم يذكروها في ترجمة ابن أبي ثابت . و الله سبحانه و تعالى أعلم . و جملة القول : إن الحديث يدور على حبيب بن أبي ثابت أو حبيب بن أبي حبيب , و كلاهما ثقة , لكن الأول أشهر و أوثق , إلا أنه مدلس , فإن كان الحديث حديثه فعلته التدليس , و إن كان الحديث حديث ابن أبي حبيب البجلي - و به جزم البيهقي كما يأتي - فعلته اختلاط خالد بن طهمان الراوي عنه , لكنه يتقوى بمتابعة طعمة له , و كذلك يتقوى في حال كون الحديث محفوظا عن الحبيبين , كما هو ظاهر لا يخفى لذي عينين . الثانية : ثم قال الترمذي : " و روى إسماعيل بن عياش هذا الحديث عن عمارة بن غزية عن أنس بن مالك عن عمر بن الخطاب عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو هذا . و هذا حديث غير محفوظ , و هو مرسل , و عمارة بن غزية لم يدرك أنس بن مالك " . قلت : وصله ابن ماجه ( 798 ) : حدثنا عثمان بن أبي شيبة : حدثنا إسماعيل بن عياش به , و لفظه : " من صلى في مسجد جماعة أربعين ليلة لا تفوته الركعة الأولى من صلاة العشاء , كتب الله له بها عتقا من النار " . و أخرجه ابن عساكر في " التاريخ " ( 12 / 275 ) من طريق آخر عن إسماعيل بلفظ : " الظهر " , مكان " العشاء " . و رواه سعيد بن منصور أيضا في " سننه " كما في " التلخيص الحبير " ( 2 / 27 ) عن إسماعيل , و هو ضعيف في غير الشاميين , و هذا من روايته عن مدني , كما قال الحافظ , و ذكر الدارقطني الاختلاف فيه في " العلل " و ضعفه , و ذكر أن قيس بن الربيع و غيره روياه عن أبي العلاء عن حبيب بن أبي ثابت : قال : " و هو وهم , و إنما هو حبيب الإسكاف " . الثالثة : عن يعقوب بن تحية قال : حدثنا يزيد بن هارون عن حميد الطويل عن أنس مرفوعا بلفظ : " من صلى أربعين يوما في جماعة : صلاة الفجر , و عشاء الآخرة أعطي براءتين ... " الحديث . أخرجه أبو المظفر الجوهري في " العوالي الحسان " ( ق 161 / 1 - 2 ) و الخطيب في " التاريخ " ( 14 / 288 ) و ابن عساكر ( 15 / 127 / 2 ) من طرق عن يعقوب به . أورده الخطيب في ترجمة يعقوب هذا , و سماه يعقوب بن إسحاق بن تحية أبو يوسف الواسطي , و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا , إلا أنه ساق له بعض الأحاديث التي تدل على حاله , و قال الذهبي : " ليس بثقة , و قد اتهم " . ثم ساق له بسنده المذكور عن أنس مرفوعا : " إن من إجلالي توقير المشايخ من أمتي " , و قال : " قلت : هو المتهم بوضع هذا " . و أورد هذه الطريق ابن الجوزي في " العلل " من حديث بكر بن أحمد بن يحيى الواسطي عن يعقوب بن تحية به . و قال : " بكر و يعقوب مجهولان " . ذكره الحافظ و أقره , و فاته أن بكرا قد توبع عند الخطيب و غيره , كما أشرت إلى ذلك آنفا بقولي في تخريجه : " من طرق عن يعقوب " . فالعلة محصورة في يعقوب وحده . الرابعة : عن نبيط بن عمرو عن أنس مرفوعا بلفظ : " من صلى في مسجدي هذا أربعين صلاة لا تفوته صلاة , كتبت له براءة ... " الحديث . قلت : و نبيط هذا مجهول , و الحديث بهذا اللفظ منكر , لتفرد نبيط به و مخالفته لكل من رواه عن أنس في متنه كما هو ظاهر , و لذلك كنت أخرجته قديما في " الضعيفة " ( رقم 364 ) فأغنى ذلك عن تخريجه هنا . و من الغرائب أن بعض إخواننا من أهل الحديث تسرع فكتب مقالا نشره في " مجلة الجامعة السلفية " ذهب فيه إلى تقوية هذا الحديث المنكر , متجاهلا جهالة نبيط هذا , و مخالفة متن حديثه للطرق المتقدمة . و لقد اضطررت أن أقول : " متجاهلا " لأنه في رده على الغماري في بعض أحاديث التوسل قد صرح بأن توثيق ابن حبان لا يوثق به عند العلماء ! ثم رأيناه قد وثق هو به , فوثق نبيطا هذا تبعا له , و ليس له إلا راو واحد , و مع ذلك ففيه ضعف . و لله في خلقه شؤون . و مما يؤكد نكارته الشاهد الآتي لحديث الترجمة : 2 - و أما حديث أبي كاهل , فيرويه الفضل بن عطاء عن الفضل بن شعيب عن منظور عن أبي معاذ عن أبي كاهل قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ... , فذكر حديثا طويلا , و فيه : " اعلمن يا أبا كاهل أنه من صلى أربعين يوما و أربعين ليلة في جماعة يدرك التكبيرة الأولى , كان حقا على الله عز وجل أن يرويه يوم المعطش " . أخرجه الطبراني ( 18 / 361 - 362 ) و العقيلي ( ص 353 ) في ترجمة الفضل هذا , و قال : " إسناده مجهول , و فيه نظر " . و قد ساقه المنذري بطوله في " الترغيب " ( 4 / 139 - 140 ) من رواية الطبراني , ثم قال : " و هو بجملته منكر , و تقدم في مواضع من هذا الكتاب ما يشهد لبعضه , و الله أعلم بحاله " . و الخلاصة : فالحديث بمجموع طرقه الأربعة عن أنس حسن على أقل الأحوال , و بقية الطرق إن لم تزده قوة . فلن تؤثر فيه ضعفا . و الله تعالى أعلم . ثم رأيت البيهقي رحمه الله جزم بأن حبيبا في الطريق الأولى هو حبيب ابن أبي حبيب البجلي أبو عمير , و أن من قال في السند : " حبيب بن أبي ثابت فقد أخطأ " . ثم ساقه من طريق طعمة , و من طريق خالد بن طهمان على الصواب . فأحدهما يقوي الآخر كما سبق . و الله تعالى أعلم . 3 - و أما حديث عمر بن الخطاب , فأخرجه ابن ماجه و ابن عساكر كما تقدم في الطريق الثانية عن أنس مع بيان علته . ( تنبيه ) : تبين فيما بعد أن الحديث سبق مخرجا في المجلد الرابع برقم ( 1979 ) لكن لما رأيت أن تخريجه هنا أوسع و أنفع منه هناك رأيت الاحتفاظ به هنا . " و ما قدر يكن " . 2653 " ما ظن محمد بالله لو لقي الله عز وجل , و هذه عنده ? أنفقيها " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 320 : ورد من حديث #عائشة #رضي الله عنها , و له عنها طرق : الأولى : عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجعه الذي مات فيه : [ يا عائشة ] ما فعلت الذهب ? قالت : قلت : هي عندي . قال : ائتيني بها . فجئت بها , و هي ما بين التسع أو الخمس , فوضعها في يده , ثم قال بها - و أشار يزيد بيده - : فذكره . أخرجه ابن حبان في " صحيحه " ( 2142 - موارد ) و أحمد ( 6 / 182 ) و ابن سعد في " الطبقات " ( 2 / 2 / 33 ) . قلت : و هذا إسناد حسن صحيح , فقد تابع محمد بن عمرو , أبو حازم عن أبي سلمة به أخرجه ابن سعد , و ابن حبان ( 2143 ) . و تابعه الوازع بن نافع عند أبي الشيخ ابن حيان في " أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم " ( ص 303 ) لكن الوازع متروك . الثانية : عن موسى بن جبير عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف قال : دخلت أنا و عروة بن الزبير يوما على عائشة , فقالت : لو رأيتما نبي الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم في مرض مرضه , قالت : و كان له عندي ستة دنانير - قال موسى - أو سبعة , قالت : فأمرني نبي الله صلى الله عليه وسلم أن أفرقها , قالت : فشغلني وجع نبي الله صلى الله عليه وسلم حتى عافاه الله , قالت : ثم سألني عنها فقال : ما فعلت الستة ? قال : أو السبعة ? قلت : لا والله لقد كان شغلني وجعك . قالت : فدعا بها , ثم وضعها في كفه , فقال : فذكره . دون قوله : " أنفقيها " . أخرجه ابن حبان ( 2141 ) و أحمد ( 6 / 104 ) . قلت : و إسناده صحيح بما قبله , رجاله ثقات رجال الشيخين غير موسى ابن جبير و هو الأنصاري المدني , و قد روى عنه جمع من الثقات , و أورده ابن حبان في " ثقاته " ( 7 / 451 ) و قال : " كان يخطىء و يخالف " . الثالثة : عن يعقوب بن عبد الرحمن : حدثني أبي عن أبيه أو عبيد الله بن عبد الله - شك يعقوب - عن عائشة قالت : أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانية دراهم بعد أن أمسينا , فلم يزل قائما و قاعدا لا يأتيه النوم , حتى سمع سائلا يسأل , فخرج من عندي فما عدا أن دخل , فسمعت غطيطه , فلما أصبح قلت : يا رسول الله رأيتك أول الليل قائما و قاعدا لا يأتيك النوم حتى خرجت من عندي , فما عدا أن دخلت فسمعت غطيطك ? قال : أجل , أتت رسول الله ثمانية دراهم بعد أن أمسى , فما ظن رسول الله صلى الله عليه وسلم ... الحديث , دون الزيادة . أخرجه ابن سعد . و رجاله ثقات غير والد عبد الرحمن , ترجمه ابن أبي حاتم ( 3 / 2 / 300 ) , فقال : " محمد بن عبد الله بن عبد القاري , و هو جد يعقوب بن عبد الرحمن المديني الإسكندراني , روى عن أبيه عن عمر و أبي طلحة . روى عنه الزهري و ابنه عبد الرحمن " . و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا , و هو على شرط ابن حبان فليراجع كتابه " الثقات " ( 7 / 374 ) , و قد تردد يعقوب هل هو الراوي له عن عائشة , أو عبيد الله بن عبد الله , و عبيد الله هذا لم أعرفه , و محمد بن عبد الله القاري مجهول الحال فيما يظهر مما نقلته عن ابن أبي حاتم , فإن صح هذا عن عائشة , فهي قصة أخرى غير التي تقدمت . و الله أعلم . و نحوها ما أخرجه ابن سعد أيضا , قال : أخبرنا سعيد بن منصور أخبرنا يعقوب بن عبد الرحمن عن أبي أبي حازم عن سهل بن سعد قال : " كانت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعة دنانير وضعها عند عائشة , فلما كان في مرضه قال : يا عائشة ابعثي بالذهب إلى علي . ثم أغمي على رسول الله صلى الله عليه وسلم , و شغل عائشة ما به , حتى قال ذلك ثلاث مرات , كل ذلك يغمى على رسول الله صلى الله عليه وسلم , و يشغل عائشة ما به , فبعثت - يعني به - إلى علي فتصدق به , ثم أمسى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الاثنين في جديد الموت , فأرسلت عائشة إلى امرأة من النساء بمصباحها , فقالت : اقطري لنا في مصباحنا من عكتك السمن , فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم في جديد الموت " . قلت : و هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين , و قال المنذري ( 2 / 42 ) , ثم الهيثمي ( 3 / 124 ) : " رواه الطبراني في " الكبير " و رواته ثقات محتج بهم في ( الصحيح ) " . ( جديد الموت ) كذا وقع في " الطبقات " و " المجمع " و " الترغيب " أيضا ( طبعة المنيرية ) لكن المعلق عليه صححه بزعمه فجعله ( حديد ) بالحاء المهملة ثم علق عليه فقال : " في بعض النسخ " جديد الموت " بالجيم , و هو خطأ , و الصواب " حديد " بالحاء المهملة , أي بسجن الموت و شدته و الله أعلم " . قلت : و ما خطأه هو الصواب , و المعنى ظاهر جدا : أي في وجه الموت و طريقه , فقد جاء في " النهاية " : " و فيه : " ما على جديد الأرض " أي وجهها " . ثم رأيت في " لسان العرب " ما هو صريح في ما ذكرت . قال ( 3 / 112 ) : " و الجديد : ما لا عهد لك به , و لذلك وصف الموت بالجديد , هذلية , قال أبو ذؤيب : فقلت لقلبي يا لك الخير إنما يدليك للموت الجديد حبابها . و قال الأخفش و المغافص الباهلي : " جديد الموت : أوله " . فصح ما قلته , و الحمد لله . 2654 " من لم يدع الله يغضب عليه " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 323 : أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " ( 658 ) و الترمذي ( 2 / 342 ) و ابن ماجه ( 3827 ) و الحاكم ( 1 / 491 ) و أحمد ( 2 / 442 و 477 ) و ابن أبي شيبة ( 10 / 200 ) و البيهقي في " الشعب " ( 1 / 35 / 1099 ) و الطبراني في " الدعاء " ( 2 / 796 / 23 ) و في " الأوسط " ( 3 / 216 / 2452 ط ) و ابن عدي في " الكامل " ( 7 / 295 ) و البغوي في " تفسيره " ( 7 / 310 - منار ) من طرق كثيرة عن صبيح أبي المليح قال : سمعت أبا صالح يحدث عن #أبي هريرة #مرفوعا . و قال الحاكم : " صحيح الإسناد , فإن أبا صالح الخوزي , و أبا المليح الفارسي لم يذكرا بالجرح , إنما هما في عداد المجهولين , لقلة الحديث " . كذا قال , و أقره الذهبي , و فيه نظر من جهة أبي المليح , فإنه ليس مجهولا , كيف و قد روى عنه جمع من الثقات , ذكرهم في " التهذيب " , منهم : وكيع بن الجراح و مروان بن معاوية الفزاري و حاتم بن إسماعيل و أبو عاصم الضحاك بن مخلد الشيباني , و هؤلاء كلهم رووا هذا الحديث عنه , فأنى له الجهالة , لاسيما و قد قال ابن معين فيه : " ثقة " , و ذكره ابن حبان في " الثقات " ( 6 / 475 ) و وثقه الحافظ . و أما شيخه أبو صالح الخوزي , فحشره في زمرة المجهولين هو اللائق بمثله , لأنهم لم يذكروا راويا عنه سوى أبي المليح هذا , لولا أن أبا زرعة قال فيه : " لا بأس به " , كما ذكره ابن أبي حاتم في " الجرح و التعديل " ( 4 / 2 / 393 ) و أقره و لذلك قال الحافظ ابن كثير في " التفسير " ( 7 / 309 ) عقب الحديث , و قد ساقه من طريق أحمد بأحد إسناديه : " تفرد به أحمد , و هذا إسناد لا بأس به " . و هذا عين ما كنت قلته في السلسلة الأخرى تحت الحديث ( 21 ) و قد ذكرت ذلك بالمناسبة , فقلت ثم : " و هو حديث حسن " . و قد أشكل هذا على بعض الطلبة من إخواننا الكويتيين و نسب إلي أنني صححت الحديث . و الواقع أنني حسنته فقط كما ذكرت آنفا , بل و رددت على الحاكم تصحيحه إياه تحت الحديث المشار إليه , كما نسب إلي غير ذلك مما لا يحسن ذكره هنا , و سأكتب إليه بذلك إن شاء الله تعالى . ( تنبيهات ) : الأول : قول ابن كثير : " تفرد به أحمد " يعني : دون أصحاب الستة , و هو وهم , فقد عرفت من تخريجنا إياه أنه قد رواه بعضهم . الثاني : تصحيح الحاكم للحديث مع تصريحه بجهالة بعض رواته , دليل على أن من مذهبه تصحيح حديث المجهولين , فهو في ذلك كابن حبان , فاحفظ هذا فإنه ينفعك في البحث و التحقيق إن شاء الله تعالى . الثالث : زاد الحاكم في رواية له من طريق محمد بن محمد بن حبان الأنصاري : حدثنا محمد بن الصباح الجرجرائي حدثنا مروان بن معاوية الفزاري حدثنا أبو المليح بإسناده : " ... و إن الله ليغضب على من يفعله , و لا يفعل ذلك أحد غيره . يعني الدعاء " فظننت أن هذه الزيادة مدرجة في الحديث من الجرجرائي أو الأنصاري فإني لم أعرفه , و الفزاري من شيوخ أحمد في حديث الترجمة , و أحمد جبل في الإتقان و الحفظ و لم يذكرها عنه مع متابعة الثقات له كما سبق , و لذلك أوردت الحديث بهذه الزيادة في " الضعيفة " ( 4040 ) . ثم إن للحديث شاهدين من حديث أنس , و النعمان بن بشير . 1 - أما حديث أنس فيرويه حماد بن عبد الرحمن الكلبي , عن المبارك بن أبي حمزة عن الحسن عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يذكر عن ربه عز وجل : " يا ابن آدم ! إنك إن سألتني أعطيتك , و إن لم تسألني أغضب عليك " . أخرجه الطبراني في " الدعاء " ( رقم 24 ) . و حماد , و ابن أبي حمزة ضعيفان . 2 - أما حديث النعمان , فهو بلفظ : " الدعاء هو العبادة " , ثم قرأ : *( و قال ربكم ادعوني استجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين )* . أخرجه أصحاب السنن و غيرهم , و صححه ابن حبان و الحاكم و الذهبي و غيرهم , و هو مخرج في " أحكام الجنائز " ( ص 246 / المعارف ) , و " صحيح أبي داود " ( 1329 ) , و " الروض النضير " ( 888 ) . و إن مما لا شك فيه أن الاستكبار عن عبادته تعالى و دعائه يستلزم غضب الله تعالى على من لا يدعوه , فشهادة هذا الحديث لحديث الترجمة شهادة قوية لمعناه دون مبناه . و قد غفل عن هذه الأحاديث بعض جهلة الصوفية أو تجاهلوها , بزعمهم أن دعاء الله سوء أدب مع الله , متأثرين في ذلك بالأثر الإسرائيلي : " علمه بحالي يغني عن سؤاله " ! فجهلوا أن دعاء العبد لربه تعالى ليس من باب إعلامه بحاجته إليه سبحانه و تعالى *( يعلم السر و أخفى )* , و إنما من باب إظهار عبوديته و حاجته إليه و فقره , كما تقدم بيانه في المجلد الأول من " الضعيفة " رقم ( 22 ) . 2655 " من أدى زكاة ماله طيبة بها نفسه يريد وجه الله و الدار الآخرة لم يغيب شيئا من ماله , و أقام الصلاة و أدى الزكاة , فتعدى عليه الحق , فأخذ سلاحه فقاتل , فقتل , فهو شهيد " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 326 : أخرجه ابن خزيمة في " صحيحه " ( 2336 ) عن زكريا بن يحيى بن أبان المصري , و الحاكم ( 1 / 404 - 405 ) عن أحمد بن إبراهيم بن ملحان كلاهما قالا : حدثنا عمرو بن خالد الحراني : حدثنا عبيد الله بن عمرو الرقي عن زيد بن أبي أنيسة عن القاسم بن عوف الشيباني عن علي بن الحسين قال : حدثتنا #أم سلمة #: أن النبي صلى الله عليه وسلم بينما هو في بيتها و عنده رجال من أصحابه يتحدثون إذ جاء رجل فقال : يا رسول الله كم صدقة كذا و كذا من التمر ? قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كذا و كذا من التمر " , فقال الرجل : إن فلانا تعدى علي فأخذ مني كذا و كذا , فازداد صاعا ? فقال صلى الله عليه وسلم : " فكيف إذا سعى عليكم من يتعدى عليكم أشد من هذا التعدي ? " . فخاض الناس و بهرهم الحديث , حتى قال رجل منهم : يا رسول الله إن كان رجلا غائبا عنك في إبله و ماشيته و زرعه و أدى زكاة ماله فتعدى عليه الحق , فكيف يصنع و هو غائب ? فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره . و قال الحاكم : " صحيح على شرط الشيخين " . و وافقه الذهبي , و إنما هو وهم منهما , بل هو صحيح فقط , ليس على شرطهما و لا على شرط أحدهما , فإن عمرو بن خالد لم يرو له مسلم , و القاسم بن عوف الشيباني لم يخرج له البخاري . و الحديث أورده في " المجمع " ( 3 / 82 ) و قال : " رواه الطبراني في " الكبير " و " الأوسط " , و رجال الجميع رجال الصحيح " . قلت : و أخرجه أحمد ( 6 / 301 ) : حدثنا زكريا بن عدي قال : أنبأنا عبيد الله ( الأصل : عبد , و هو خطأ ) ابن عمرو به مختصرا . و هو في " كبير الطبراني " ( 23 / 287 / 632 ) و " الأوسط " ( 3 / 29 / 1370 - مجمع البحرين ) بتمامه , و كذلك رواه البيهقي في " السنن " ( 4 / 137 ) من طريق الحاكم و الجملة الأخيرة من الحديث : " من قاتل دون ماله فهو شهيد " لها شواهد كثيرة في " الصحيحين " و غيرهما بألفاظ متقاربة , قد خرجت بعضها في " أحكام الجنائز " ( ص 56 - 57 - طبعة المعارف ) و فيما يأتي من هذه السلسلة , ( المجلد السابع رقم 3247 ) , و في بعضها بيان أن الحديث ببعض القيود , مثل أن يذكره بالله ثلاثا , لعله يرعوي , فإن لم يرتدع , استعان بمن حوله من المسلمين , فإن لم يكن حوله أحد , استعان عليه بالسلطان إن أمكن , فإذا تعاطى المظلوم هذه الأسباب و نحوها فلم يندفع الظلم , قاتله , فإن قتله فهو في النار , و إن قتل فهو شهيد . 2656 " إن الله لا ينظر إلى [ أجسادكم و لا إلى ] صوركم و أموالكم و لكن [ إنما ] ينظر إلى قلوبكم [ و أشار بأصابعه إلى صدره ] و أعمالكم " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 328 : أخرجه مسلم ( 8 / 11 ) و ابن ماجه ( 4143 ) و أحمد ( 2 / 539 ) و أبو نعيم في " الحلية " ( 4 / 98 ) و البيهقي في " الأسماء و الصفات " ( ص 480 ) من طرق عن كثير بن هشام : حدثنا جعفر بن برقان عن يزيد بن الأصم عن #أبي هريرة #مرفوعا به . و الزيادة الثانية لابن ماجه و أحمد و البيهقي . و قال أبو نعيم : " رواه الثوري عن جعفر بن برقان به مثله " . قلت : ثم وصله هو ( 7 / 124 ) و البيهقي من طريق محمد بن غالب تمتام : حدثنا قبيصة حدثنا سفيان به , إلا أنه قال : " و أجسامكم " بدل : " و أموالكم " . و قال أبو نعيم : " غريب من حديث الثوري عن جعفر , و لا أعلم رواه عنه [ إلا ] قبيصة " . قلت : و تابعه غيره , فقال أحمد ( 2 / 285 ) : حدثنا محمد بن بكر البرساني حدثنا جعفر - يعني ابن برقان - به . و له طريق أخرى عن أبي هريرة مرفوعا به , و قال : " أجسادكم " مكان " أموالكم " , و ذكر الزيادة الأخيرة بدل " و أعمالكم " . أخرجه مسلم من طريق أبي سعيد مولى عبد الله بن عامر بن كريز قال : سمعت أبا هريرة يقول : فذكره . و الزيادة الأولى له . و له شاهد صحيح معضل , فقال ابن المبارك في " الزهد " ( 1544 ) : أخبرنا الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره . ( تنبيه هام ) : قال البيهقي عقب الحديث : " هذا هو الصحيح المحفوظ فيما بين الحفاظ , و أما الذي جرى على ألسنة جماعة من أهل العلم و غيرهم : " إن الله لا ينظر إلى صوركم و لا إلى أعمالكم , و لكن ينظر إلى قلوبكم " , فهذا لم يبلغنا من وجه يثبت مثله , و هو خلاف ما في الحديث الصحيح , و الثابت في الرواية أولى بنا و بجميع المسلمين , و خاصة بمن صار رأسا في العلم يقتدى به . و بالله التوفيق " . قلت : و يبدو أن هذا الخطأ الذي جرى عليه من أشار إليهم البيهقي من أهل العلم , قد استمر إلى زمن الإمام النووي , فقد وقع الحديث في " رياضه " ( رقم 1577 - المكتب الإسلامي ) باللفظ الخطأ الذي حكاه البيهقي عن الجماعة <1>مع أنه أورده في أول كتابه ( رقم 8 ) مختصرا ليس فيه هذا الوهم , و لا أدري أهو منه أم من بعض ناسخي الكتاب , و من الغريب أن يستمر هذا الخطأ في أكثر النسخ المطبوعة منه اليوم , و أعجب منه أن شارحه ابن علان جرى على ذلك في شرحه للحديث ( 4 / 406 ) مما هو ظاهر البطلان كما كنت شرحت ذلك في مقدمتي لـ1> " رياض الصالحين " بتحقيقي و بهذه المناسبة لابد لي من كلمة قصيرة حول طبع المكتب الإسلامي لهذا الكتاب " الرياض " طبعة جديدة ! سنة ( 1412 ) . لقد وضع لها مقدمة سوداء , ملؤها الزور و الافتراء , و الغمز و اللمز , مما لا مجال الآن لتفصيل القول في ذلك فإنه بحاجة إلى تأليف كتاب خاص , و الوقت أضيق و أعز , و بخاصة أن كل من يقرأها و يقرأ بعض تعليقاته يقطع بأن الرجل محرور , و متناقض فيما يقول , و ... إذا كانت الحكمة القديمة تقول : " يغنيك عن المكتوب عنوانه " , فيكفي القاريء دليلا على ما أشرت إليه قوله تحت عنوان الكتاب و اسم المؤلف : " تحقيق جماعة من العلماء تخريج محمد ناصر الدين الألباني " . فغير و بدل ما كان في الطبعة الأولى : " تحقيق محمد ناصر الدين الألباني " فجعل مكان كلمة ( تحقيق ) كلمة ( تخريج ) لينسب التحقيق إلى غيره و هم ( جماعة العلماء ) ! و هذا أقل ما يقال فيه أنه لم يتأدب بأدب القرآن : *( و لا تبخسوا الناس أشياءهم و لا تعثوا في الأرض مفسدين )* . ثم من هم هؤلاء ( العلماء ) ? لقد أبى أن يكشف عن أسمائهم لأمر لا يخفى على كل قاريء لبيب , و اعتذر هو عن ذلك بعذر أقبح من ذنب فقال في " المقدمة " ( ص 6 ) : " اشترطوا علينا أن لا تذكر أسماؤهم .. " ! و إن من السهل على القاريء أن يعرف حقيقة هؤلاء ( العلماء ) بالرجوع إلى تعليقاتهم , فإنه سوف لا يجد علما و لا تحقيقا إلا ما كان في الطبعة الأولى , و إلا ما ينقلونه من كتبي مثل " صحيح أبي داود " و غيره , بل إنه سيرى ما يدل على الجهل و قلة العلم ! و هاكم مثالا على ذلك , ما جاء في حاشية ( ص 643 ) تعليقا على قول الإمام النووي رحمه الله في آخر الحديث ( 1891 ) : " و في رواية للبخاري و مسلم " . " قلت : رواها مسلم فقط , فعزوها للبخاري وهم " ! فأقول : بل هذا القائل هو الواهم , فإن الحديث في " البخاري " ( رقم 3245 - فتح 6 / 318 ) . ثم أقول : من هو القائل : " قلت ... " ? و الجواب : مجهول باعتراف الناشر الذي نقلت كلامه آنفا , فنسأله - و قد حشر نفسه في " جماعة العلماء " باشتراكه معهم في التعليق و التصحيح مصرحا باسمه تارة , هذا إن لم يكن هو المقصود بقوله : " جماعة العلماء " - فنسأله أو نسأل " جماعة العلماء " - كله واحد ! - : ما قيمة قول المجهول في علم مصطلح الحديث ? و هذا إذا لم يكن قوله في ذاته خطأ , فكيف إذا كان عين الخطأ كما رأيت ?! و من هذا القبيل قولهم أو قوله ( ! ) تعليقا على الحديث ( 1356 ) : " يفهم من كلام الشيخ ناصر : أن الحديث ضعيف لتدليس الوليد بن مسلم , و الأمر ليس كذلك , فإن الوليد صرح بالتحديث .. " . قلت : فجهلوا أو جهل أن تدليس الوليد هو من نوع تدليس التسوية الذي لا يفيد فيه تصريحه هو بالتحديث عن شيخه , بل لابد أن يصرح كل راو فوقه بالتحديث من شيخه فما فوق ! فاعتبروا يا أولي الأبصار . ----------------------------------------------------------- [1] ثم طبع هناك على الصواب مع التنبيه في الحاشية على خطأ الأصل . اهـ . 2657 " لما قدم جعفر من الحبشة عانقه النبي صلى الله عليه وسلم " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 332 : أخرجه أبو يعلى في " مسنده " ( 3 / 398 / 1876 ) من طريق إسماعيل بن مجالد عن أبيه عن عامر عن #جابر # قال : فذكره . قلت : و هذا إسناد مرشح للتحسين , مجالد - و هو ابن سعيد - ليس بالقوي , و به أعله الهيثمي , فقال ( 9 / 272 ) : " .. و هو ضعيف , و قد وثق , و بقية رجاله رجال الصحيح " . و أقول : و لكن إسماعيل هذا , و إن كان من رجال البخاري فقد تكلم فيه بعضهم من قبل حفظه . و قال الذهبي في " الكاشف " : " صدوق " . و كذا قال الحافظ في " التقريب " , و زاد : " يخطىء " . قلت : و هذا أصح , فمثله وسط , يدور حديثه بين أن يكون حسنا لذاته أو حسنا لغيره , فإن توبع لم يتوقف الباحث عن تحسينه , و هذا هو الواقع هنا فقد تابعه مثله أو قريب منه , و هو أسد بن عمرو عن مجالد بن سعيد به . أخرجه الطحاوي في " شرح المعاني " ( 4 / 281 ) . و أسد هذا اختلفوا فيه أيضا , و هو من رجال اللسان " , و تجد أقوال الأئمة فيه مفصلا , و فيه أن بعضهم تكلم فيه لأنه كان من أصحاب الرأي , و قد وثقه جمع منهم أحمد و ابن معين , و عن هذا رواية أخرى من طريق أحمد بن سعيد بن أبي مريم عنه قال : " كذوب ليس بشيء " . و أشار الذهبي إلى رفض هذه الرواية , و لعل ذلك لجهالة أحمد بن سعيد هذا , فإني لم أجد له ترجمة . و هي في نقدي حرية بالرفض لمخالفتها لكل أقوال الأئمة الموثقين و المضعفين , أما الموثقين فواضح , و أما المضعفين , فلأن أكثرهم أطلق الضعف , و الآخرون غمزوه بضعف الحفظ , أو أن عنده مناكير , و ابن عدي الذي جاء من بعدهم , ختم ترجمته بقوله فيه : " له أحاديث كثيرة عن الكوفيين , و لم أر في أحاديثه شيئا منكرا , و أرجو أن حديثه مستقيم , و ليس في أهل الرأي بعد أبي يوسف أكثر حديثا منه " . قلت : فحري بمن كان كثير الحديث مثله , و ليس فيها ما ينكر أن يكون ثقة , و لئن وجد - كما ذكر بعضهم - فهو لقلته مغتفر . و الله أعلم . و بالجملة فالحديث بهذه المتابعة صحيح إلى مجالد بن سعيد , و لكنه بحاجة إلى ما يدعمه , و قد وجدته , فقال الأجلح عن الشعبي : " أن النبي صلى الله عليه وسلم استقبل جعفر بن أبي طالب حين جاء من أرض الحبشة , فقبل ما بين عينيه و ضمه إليه ( و في رواية : و اعتنقه ) " . أخرجه ابن سعد ( 4 / 35 ) و ابن أبي شيبة ( 12 / 106 ) و من طريقه أبو داود ( 5220 ) . قلت : و هذا إسناد جيد مرسل , الأجلح - و هو ابن عبد الله - صدوق , فيه كلام يسير لا يضر , و لذلك قال الذهبي في " المغني " : " شيعي , لا بأس بحديثه , و لينه بعضهم " . و قال الحافظ في " التقريب " : " شيعي صدوق " . و زاد ابن أبي شيبة في أوله : " ما أدري بأيهما أفرح ? بقدوم جعفر , أو بفتح خيبر " . و بهذه الزيادة أخرجه البيهقي في " السنن " ( 7 / 101 ) و " شعب الإيمان " ( 6 / 477 / 8968 ) و قال : " هذا مرسل " . ثم رواه من طريق زياد بن عبد الله : حدثنا مجالد بن سعيد عن عامر الشعبي عن عبد الله بن جعفر قال : فذكر حديث الترجمة <1>1>, و قال : " و المحفوظ هو الأول , مرسل " . قلت : و هذه متابعة ثالثة من زياد بن عبد الله , و هو البكائي , و فيه لين , و قد خالف , فجعله من مسند عبد الله بن جعفر , و الصحيح عن مجالد من حديث جابر كما تقدم . و قد وصله الحاكم ( 3 / 211 ) من طريق آخر عن الأجلح عن الشعبي عن جابر به لكن ليس فيه ( المعانقة ) . ثم رواه من طريق ثقتين عن الشعبي مرسلا , و قال : " هذا حديث صحيح , إنما ظهر بمثل هذا الإسناد الصحيح مرسلا " . قال الذهبي عقبه : " و هو الصواب " . و هكذا مرسلا ذكره الذهبي في ترجمة ( جعفر ) من كتابه " السير " ( 1 / 213 ) . لكنه عاد فذكر فيما بعد الزيادة المشار إليها آنفا , فقال ( 1 / 216 ) : " و روي من وجوه أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم جعفر قال : لأنا بقدوم جعفر أسر مني بفتح خيبر " . فأشار إلى أن للحديث أكثر من طريق واحد , و لم ينتبه لهذه الإشارة القوية المعلق عليه , فقال : " سبق تخريجه في الصفحة ( 213 ) تعليق ( 1 ) " . و إذا رجعت إلى التعليق المشار إليه , فلا تجد فيه سوى العزو لابن سعد و الحاكم . و نقل كلامه المتقدم , و تعقيب الذهبي عليه بأن المرسل هو الصواب ! و قد وجدت للحديث وجهين آخرين لعل الذهبي - و هو الحافظ النحرير - أشار إليهما :الأول : عن عون بن أبي جحفة عن أبيه قال : " لما قدم جعفر على رسول الله صلى الله عليه وسلم من أرض الحبشة , قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بين عينيه , ثم قال : ما أدري أنا بقدوم جعفر أسر , أو بفتح خيبر ? " . أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 22 / 100 / 244 ) : حدثنا أبو عقيل أنس بن سلم ( الأصل : سالم ) الخولاني و أحمد بن خالد بن مسرح قالا : حدثنا الوليد بن عبد الملك بن مسرح الحراني حدثنا مخلد بن يزيد عن عون بن أبي جحيفة به . قلت : و هذا إسناد جيد : مخلد و عون ثقتان من رجال الشيخين . و الوليد بن عبد الملك الحراني , روى عنه جمع غير المذكورين منهم أبو زرعة - و لا يروي إلا عن ثقة - و أبو حاتم , و قال : " صدوق " . و ذكره ابن حبان في " الثقات " ( 9 / 227 ) و قال : " مستقيم الحديث " . و أخرج له في " صحيحه " عدة أحاديث , فانظر " التيسير " . و أبو عقيل أنس بن سلم الخولاني , هو من الشيوخ المكثرين من الرواية , فقد ترجمه الحافظ ابن عساكر في " تاريخ دمشق " ( 3 / 140 ) فذكر أنه حدث بدمشق سنة ( 289 ) <2>2>عن جمع من الشيوخ سماهم , منهم هشام بن عمار قارب عددهم العشرين شيخا . و روى عنه جمع من الشيوخ جاوز عددهم العشرة , منهم الطبراني و ابن عدي . و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا , و لكن رواية هؤلاء عنه تعديل له , و لاسيما و قد أكثر الطبراني عنه , فروى له في كتاب " الدعاء " فقط تسعة أحاديث ( انظر المجلد الأول من " الدعاء " تحقيق الدكتور محمد سعيد البخاري ) و روى له في " المعجم الأوسط " ( 1 / 171 / 3188 - 3190 ) ثلاثة أحاديث , أحدهما في " المعجم الصغير " أيضا ( رقم 689 - " الروض النضير " ) . و أما قرينه ( أحمد بن خالد بن مسرح ) فقال الدارقطني كما في " اللسان " : " ليس بشيء " . و من طريقه وحده أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " أيضا ( 2 / 107 / 1470 ) و " المعجم الصغير " ( ص 8 - هندية رقم 934 " الروض النضير " ) و زاد في " الكبير " : " فعانقه " . و الوجه الآخر من الوجهين المشار إليهما ما ذكره الإمام البغوي في " شرح السنة " ( 12 / 292 ) عقب الحديث المرسل : " و عن البياضي أن النبي صلى الله عليه وسلم تلقى جعفر بن أبي طالب , فالتزمه , و قبل ما بين عينيه " . و البياضي هذا لم أعرفه , و ينسب إليها جمع من الصحابة فانظر " الأنساب " و " تاج العروس " , و لم أقف على إسناده إليه , و قد وهم المعلق على " شرح السنة " وهما فاحشا , فقال : " أخرجه أبو داود ( 5220 ) في الأدب : باب في قبلة ما بين العينين , و رجاله ثقات , لكنه مرسل " . و إنما عند أبي داود في الباب و الرقم المشار إليهما حديث الشعبي المتقدم معزوا إلى جمع منهم أبو داود بالرقم نفسه ! و ثمة وجه ثالث لا يصلح للاستشهاد به , أذكره بيانا لحاله , و إلا ففيما تقدم كفاية , و هو من رواية محمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير عن يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد عن عائشة قالت : " لما قدم جعفر و أصحابه استقبله النبي صلى الله عليه وسلم فقبله بين عينيه " . أخرجه ابن عدي ( 6 / 220 ) و من طريقه البيهقي , و قال ابن عدي : " رواه أبو قتادة الحراني عن الثوري عن يحيى بن سعيد : و قال : عن عمرة عن عائشة " . قلت : فذكر الحراني ( عمرة ) مكان ( القاسم بن محمد ) في رواية محمد بن عبد الله بن عبيد , و هو متروك كالحراني . هذا و قد كنت منذ بعيد لا أرى تقبيل ما بين العينين لضعف حديث جعفر هذا بسبب الإرسال , و عدم وقوفي على شاهد معتبر له , فلما طبع " المعجم الكبير " , و وقفت فيه على إسناده من طريق ( أنس بن سلم ) , و على ترجمته عند ابن عساكر , و تبين لي أنه شاهد قوي للحديث المرسل , رأيت أنه من الواجب علي نشره في هذه السلسلة , أداء للأمانة العلمية , و لعلمي أن الكثيرين من أمثالي لم تقع أعينهم عليه فضلا عن غيرهم , فأحببت لهم أن يكونوا على بصيرة منه . و الحمد لله الذي هدانا لهذا و ما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله . و للمعانقة في السفر شاهد قوي تقدم برقم ( 2647 ) . ----------------------------------------------------------- [1] قلت : و في " الشعب " الزيادة المذكورة , و أخرى بلفظ : " فقبل شفتيه " , و هي منكرة جدا , و المحفوظ كما تقدم , يأتي بلفظ : " ما بين عينيه " . [2] و ذكره الذهبي في وفيات هذه السنة تحت ترجمة ( زكريا بن يحيى السجزي ) من " تذكرة الحفاظ " . اهـ . 2658 " نهى عن الخلوة " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 338 : أخرجه الحاكم ( 2 / 102 ) و البيهقي في " الدلائل " ( 2 / 2 / 229 / 2 ) و كذا البزار في " مسنده " ( رقم 2022 - كشف الأستار ) من طريقين عن عبيد الله بن عمرو الرقي عن عبد الكريم عن عكرمة عن # ابن عباس # رضي الله عنهما قال : خرج رجل من خيبر , فتبعه رجلان , و رجل يتلوهما يقول : " ارجعا " حتى أدركهما فردهما , ثم [ لحق الأول فـ ] قال : إن هذين شيطانان , [ و إني لم أزل بهما حتى رددتهما عنك , فإذا أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ] فاقرأ على رسول الله السلام , و أعلمه أنا في جمع صدقاتنا , [ و ] لو كانت تصلح له بعثنا بها إليه , قال : فلما قدم [ الرجل ] على النبي صلى الله عليه وسلم حدثه , فنهى عند ذلك عن الخلوة . و قال الحاكم - و السياق له , و الزيادات للبيهقي - : " صحيح الإسناد على شرط البخاري " . و وافقه الذهبي . قلت : و هو كما قالا , و عبد الكريم هو ابن مالك الجزري الحراني الثقة , و ليس عبد الكريم بن أبي المخارق البصري الضعيف , فإنه و إن كان يروي أيضا عن عكرمة , فليس هو من شيوخ عبيد الله الرقي . و في هذا الحديث فائدة هامة , و هو تعليل النهي عن الوحدة بعلة غير معقولة المعنى خلافا لما كنت نقلته عن الطبري تحت الحديث ( 62 ) , فتنبه . 2659 " لتقاتلنه و أنت ظالم له . يعني الزبير و عليا رضي الله عنهما " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 339 : أخرجه الحاكم ( 3 / 366 ) عن منجاب بن الحارث عن عبد الله بن الأجلح : حدثني أبي عن يزيد الفقير , ( قال منجاب : و سمعت فضل بن فضالة يحدث به جميعا عن أبي حرب ابن أبي الأسود قال : " شهدت عليا و الزبير لما رجع الزبير على دابته يشق الصفوف , فعرض له ابنه عبد الله , فقال له : مالك ? فقال : ذكر لي علي حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ... ( فذكره ) . فلا أقاتله . قال : و للقتال جئت ? إنما جئت لتصلح بين الناس و يصلح الله هذا الأمر بك . قال : قد حلفت أن لا أقاتل . قال : فأعتق غلامك جرجس , و قف حتى تصلح بين الناس . قال : فأعتق غلامه جرجس , و وقف فاختلف أمر الناس فذهب على فرسه " . قلت : و هذا إسناد حسن من الوجه الأول , و صحيح من الوجه الآخر إن ثبتت عدالة فضل بن فضالة , فإني لم أجد له ترجمة . و لا أستبعد أن يكون هو فضيل بن فضالة الهوزني الشامي , تحرف اسمه على الناسخ , و هو صدوق روى عنه جمع , و ذكره ابن حبان في " الثقات " , و هو من رجال " التهذيب " . أو أنه فضيل بن فضالة القيسي البصري . روى عن أبي رجاء و عبد الرحمن بن أبي بكرة , روى عنه شعبة , و هو ثقة , و قال ابن أبي حاتم ( 3 / 2 / 74 ) عن أبيه : شيخ . و هذا أقرب إلى طبقته من الأول , فإنه يروي عن التابعين كما ترى , و ذاك عن الصحابة , ثم هو بصري كشيخه أبي حرب . و الله أعلم . و تابعه عبد الله بن محمد بن عبد الملك بن الرقاشي عن جده عبد الملك عن أبي حرب بن أبي الأسود الديلي قال : فذكره مختصرا . أخرجه الحاكم أيضا من طريق أبي قلابة عبد الملك بن محمد الرقاشي : حدثنا أبو عاصم حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد الملك الرقاشي به . و قال : " هذا حديث صحيح عن أبي حرب بن أبي الأسود , فقد روى عنه يزيد بن صهيب و فضل بن فضالة في إسناد واحد " . و وافقه الذهبي . ثم ساقه من الطريق المتقدمة و قد خولف الرقاشي في إسناده , و هو ضعيف من قبل حفظه , فقال أبو يعلى في " مسنده " ( 1 / 191 - 192 ) : حدثنا أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم أخبرنا أبو عاصم عن عبد الله بن محمد بن عبد الملك بن مسلم الرقاشي عن جده عبد الملك عن أبي جرو المازني قال : شهدت عليا و الزبير به مختصرا . و أبو يوسف هذا هو الدورقي الثقة . فروايته أرجح من رواية الرقاشي , و تابعه جعفر بن سليمان : حدثنا عبد الله بن محمد الرقاشي حدثني جدي عن أبي جرو المازني به . أخرجه الحاكم . فهذا مما يرجح رواية أبي يوسف الدورقي . و على كل حال , فهي لا بأس بها في المتابعات . و للحديث عنده طريق أخرى يرويه عن محمد بن سليمان العابد : حدثنا إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم قال : قال علي للزبير : فذكر نحوه مختصرا . و تعقبه الذهبي بقوله : " قلت : العابد لا يعرف , و الحديث فيه نظر " . و أقره الحافظ في " اللسان " على قوله : " لا يعرف " . و قد خالفه يعلى بن عبيد فقال : حدثنا إسماعيل بن أبي خالد عن عبد السلام - رجل من حيه - قال : خلا علي بالزبير يوم الجمل ... الحديث . أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 15 / 283 / 19673 ) و أورده في ترجمة عبد السلام هذا , و قال عن البخاري : " ... عن علي و الزبير , لا يثبت سماعه منهما " . و قال العقيلى : " و لا يروى هذا المتن من وجه يثبت " . و أعله الدارقطني في " العلل " ( 4 / 102 ) بالإرسال . و قال الذهبي في عبد السلام هذا : " مجهول " . و نحوه قول الحافظ فيه : " مقبول " . و أما ابن حبان فذكره في " الثقات " في " أتباع التابعين " قال : " عبد السلام البجلي , روى المراسيل . روى عنه إسماعيل بن أبي خالد " . قال الحافظ عقبه في " التهذيب " : " فكأنه لم يشهد القصة عنده " . قلت : و إليه يشير كلام البخاري السابق . و يستغرب منه - و الذهبي أيضا - أن يفوتهما كلامه , فلا يذكرانه , بل و لا يشيران إليه في كتابيهما " التهذيب " و " الميزان " . و أما قول الذهبي المتقدم : " و الحديث فيه نظر " , فلا أدري وجهه , لاسيما و هو قد صححه من طريق ابن أبي الأسود , و هو الجواب عن قول العقيلي : " لا يروى عن وجه يثبت " . و لو سلمنا بذلك , فوروده من وجوه ليس فيها من هو متهم أو متروك , فلا شك حينذاك بأن بعضها يقوي بعضا . كما هي القاعدة عند المحدثين . ثم داخلني شك في ثبوت القصة التي ذكرت في أول التخريج لأنها من رواية عبد الله بن محمد بن سوار الهاشمي عن منجاب . و كذلك أخرجها البيهقي في " دلائل النبوة " ( 2 / 2 / 189 / 1 ) إلا أنه قال : " عن يزيد الفقير عن أبيه " , فزاد : " عن أبيه " . و زاد بعد قوله : ابن أبي الأسود : " دخل حديث أحدهما في حديث صاحبه " و سبب الشك أن ابن سوار هذا لم أعرفه , و قد فتشت عنه فيما لدي من كتب الرجال , فلم أعثر عليه , فأخشى أن يكون غير مشهور بالرواية , فإن الحافظ المزي لم يذكره في الرواة عن ( منجاب ) . و أيضا فالزيادة الأولى عند البيهقي إن كانت محفوظة , فهي علة أخرى لأن أبا يزيد الفقير - و اسمه صهيب - لم أجد له ترجمة أيضا . و الزيادة الأخرى عنده تحول دون معرفة كون القصة بالإسناد الأول أم الآخر . و قد قال الحافظ ابن كثير في " التاريخ " ( 7 / 241 ) بعد أن ساق القصة من طريق البيهقي : " و عندي أن الحديث الذي أوردناه إن كان صحيحا عنه فما رجعه سواه , و يبعد أن يكفر عن يمينه ثم يحضر بعد ذلك لقتال علي . و الله أعلم " . قلت : و يؤيده رواية شريك عن الأسود بن قيس قال : حدثني من رأى الزبير يقعص الخيل بالرمح قعصا فثوب به علي : يا عبد الله ! يا عبد الله ! قال : فأقبل حتى التقت أعناق دوابهما , قال : فقال له علي : أنشدك بالله . أتذكر يوم أتانا النبي صلى الله عليه وسلم و أنا أناجيك , فوالله لتقاتلنه و هو لك ظالم . قال : فضرب الزبير وجه دابته , فانصرف . أخرجه ابن أبي شيبة ( 19674 ) . و بالجملة : فحديث الترجمة صحيح عندي لطرقه كما تقدم , دون قصة عبد الله بن الزبير مع أبيه . و الله أعلم . 2660 " يعيش هذا الغلام قرنا . فعاش مائة سنة . يعني عبد الله بن بسر " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 343 : أخرجه البخاري في " التاريخ الكبير " ( 1 / 1 / 323 ) و في " الصغير " ( ص 93 ) و الحاكم ( 4 / 500 ) و البيهقي في " دلائل النبوة " ( 6 / 503 ) و الطبراني في " مسند الشاميين " ( 836 ) و ابن عساكر في " تاريخ دمشق " ( 9 / 4 / 2 ) من طريق البخاري و غيره عن إبراهيم بن محمد بن زياد الألهاني عن أبيه عن #عبد الله بن بسر #أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له : ... فذكره . قلت : و هذا إسناد لا بأس به في الشواهد رجاله كلهم ثقات معروفون غير إبراهيم هذا , و قد ترجمه ابن أبي حاتم ( 1 / 1 / 127 ) برواية ثقتين عنه , و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا , و هو على شرط ابن حبان في " ثقاته " , و قد أورده في " أتباع التابعين " منه ( 2 / 7 - مخطوطة الظاهرية ) . و تابعه أبو عبد الله الحسن بن أيوب الحضرمي قال : أراني عبد الله بن بسر شامة في قرنه , فوضعت أصبعي عليها , فقال : وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم إصبعه عليها ثم قال : " لتبلغن قرنا " . قال أبو عبد الله : و كان ذا جمة . أخرجه أحمد ( 4 / 189 ) و عنه ابن عساكر , و الدولابي في " الكنى " ( 2 / 55 ) و البزار في " مسنده " ( 3 / 280 - كشف الأستار ) . قلت : و إسناده ثلاثي جيد . و قال الهيثمي ( 9 / 405 ) : " رواه الطبراني و أحمد بنحوه , و رجال أحمد رجال " الصحيح " غير الحسن بن أيوب , و هو ثقة , و رجال الطبراني ثقات " . و أورده بنحوه من رواية الطبراني و البزار و قال : " و رجال أحد إسنادي البزار رجال " الصحيح " غير الحسن بن أيوب الحضرمي , و هو ثقة " . و تابعه سلامة بن جواس : أخبرنا محمد بن القاسم الطائي عن عبد الله بن بسر به و زاد : " قلت : بأبي و أمي يا رسول الله ! و كم القرن ? قال : مائة سنة . قال عبد الله : فلقد عشت خمسا و تسعين سنة . و بقيت خمس سنين إلى أن يتم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال محمد : فحسبنا بعد ذلك خمس سنين ثم مات " . أخرجه ابن عساكر . و محمد بن القاسم الطائي ترجمه ابن أبي حاتم ( 4 / 1 / 64 - 65 ) برواية جمع آخر من الثقات , و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا , و هو على شرط ابن حبان في " ثقاته " , و لم أره في النسخة المطبوعة منه في الهند , و لا في مخطوطة الظاهرية أيضا . و سلامة بن جواس , قال ابن أبي حاتم ( 2 / 1 / 302 ) : " روى عنه أبو زرعة و محمد بن عوف الحمصي " . قلت : فهو ثقة , لأن أبا زرعة لا يروي إلا عن ثقة , كما هو معلوم , ثم هو على شرط ابن حبان أيضا , و قد أورده في " ثقاته " ( 8 / 300 ) . و قد تابعه يحيى بن صالح : حدثنا محمد بن القاسم الطائي .. به . رواه البزار أيضا . و يحيى ثقة . و تابعه جنادة بن مروان الرقي : حدثنا محمد بن القاسم الطائي . رواه الحاكم أيضا إن كان محفوظا . و تابعه الوليد بن مروان بن عبد الله بن أخي جنادة بن مروان : حدثني محمد بن القاسم أبو القاسم الحمصي عن عبد الله بن بسر - و كان عبد الله بن بسر شريكا لأبيه في قرية يقال لها ( تموينة ) <1>1>يرعيان فيها خيلا لهم - قال أبو القاسم : سمعت عبد الله بن بسر يقول : " أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم منزلنا مع أبي , فقام أبي إلى قطيفة لنا قليلة الخمل فجمعها بيده , ثم ألقاها للنبي صلى الله عليه وسلم فقعد عليها . ثم قال أبي لأمي : هل عندك شيء تطعمينا ? فقالت : نعم , شيء من حيس . قال : فقربته إليهما , فأكلا , ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم , ثم التفت إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم و أنا غلام , فمسح بيده على رأسي , ثم قال : فذكره " . قال أبو القاسم : فعاش مائة سنة . أخرجه تمام في " الفوائد " ( ق 55 / 2 ) و عنه ابن عساكر ( 9 / 4 / 2 و 17 / 447 / 2 ) في موضعين أحدهما في ترجمة الوليد هذا , و لم يزد فيها على أن ساق له هذا الحديث , الأمر الذي يشعر بأنه مجهول , و أنا أظن أنه الذي في " الجرح و التعديل " ( 4 / 2 / 18 ) : " الوليد بن مروان , روى عن غيلان بن جرير روى عنه معتمر بن سليمان , سمعت أبي يقول : هو مجهول " . و نحوه في " الميزان " و " اللسان " . أقول : لكن القصة التي ذكرها قد جاءت من طريق أخرى مطولة و مختصرة , و أتمها ما رواه صفوان بن عمرو قال : حدثني عبد الله بن بسر المازني قال : " بعثني أبي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أدعوه إلى الطعام , فجاء معي , فلما دنوت المنزل أسرعت فأعلمت أبوي , فخرجا فتلقيا رسول الله صلى الله عليه وسلم و رحبا به , و وضعا له قطيفة كانت عند زبيرته <2>فقعد عليها , ثم قال أبي لأمي : هات طعامك2> , فجاءت بقصعة فيها دقيق قد عصدته بماء و ملح , فوضعته بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم , فقال : " خذوا بسم الله من حواليها , و ذروا ذروتها , فإن البركة فيها " . فأكل رسول الله صلى الله عليه وسلم و أكلنا معه , و فضل منها فضلة , ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اللهم اغفر لهم و ارحمهم و بارك عليهم , و وسع عليهم في أرزاقهم " . أخرجه أحمد ( 4 / 688 ) و إسناده ثلاثي صحيح , و أخرجه هو و مسلم ( 6 / 122 ) من طريق يزيد بن جعفر بن عبد الله بن بسر مختصرا . و له عند أحمد و غيره طرق أخرى , يزيد بعضهم على بعض . ( فائدة ) : القرن : أهل كل زمان , و اختلفوا في تحديده على أقوال ذكرها ابن الأثير و غيره , منها أنه مائة سنة , و هذا الحديث يشهد له , و إليه مال الحافظ في " الفتح " ( 7 / 4 ) , فقال : " و قد وقع في حديث عبد الله بن بسر عند مسلم ( ! ) ما يدل على أن القرن مائة , و هو المشهور " . و عزوه لمسلم وهم , سببه أن أصله فيه كما سبقت الإشارة إليه . ----------------------------------------------------------- [1] لم أرها في " معجم البلدان " و الظاهر أنها قرية من قرى حمص , فإن في ترجمة عبد الله بن بسر أنه كان سكن حمص . و الله أعلم . ثم تبين أنه محرف ( تنوينة ) من قرى حمص في " معجم البلدان " ( 2 / 50 ) . [2] كذا الأصل , و في " لسان العرب " - و قد ذكر الحديث بلفظ : " ... فوضعنا له قطيفة زبيرة " - : قال ابن المظفر : كبش زبير أي ضخم ... " , لكن لا يساعد على هذا المعنى قوله في رواية أحمد : " ... كانت عند زبيرته " , فليتأمل فإنه موضع نظر . اهـ . 2661 " أنفق بلال ! و لا تخش من ذي العرش إقلالا " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 347 : روي من حديث #أبي هريرة و بلال بن رباح و عبد الله بن مسعود و عائشة # . 1 - أما حديث أبي هريرة فيرويه عنه محمد بن سيرين , و له عنه طرق : الأولى : أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 1 / 101 / 1 ) و القطيعي في " جزء الألف دينار " ( ق 40 / 1 ) قالا : حدثنا جعفر الفريابي قال : حدثنا بشر بن سيحان قال : حدثنا حرب بن ميمون عن هشام بن حسان بن حسان عن ابن سيرين عنه مرفوعا به . و أخرجه أبو نعيم في " الحلية " ( 2 / 280 و 6 / 274 ) من طريق أخرى عن الفريابي و غيره عن بشر به . و أخرجه أبو يعلى في " مسنده " ( 4 / 1437 ) : حدثنا بشر بن سيحان به , و زاد : " عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم بلالا , فأخرج إليه صبرا من تمر , فقال : ما هذا يا بلال ! قال : تمر ادخرته يا رسول الله ! قال : أما خفت أن تسمع له بخارا في جهنم ? !! أنفق ... " إلخ . قلت : و هذا إسناد جيد , رجاله كلهم ثقات معروفون من رجال " التهذيب " غير بشر بن سيحان , و هو أبو علي الثقفي البصري . كتب عنه أبو حاتم و قال : " ما به بأس , كان من العباد " . و كذلك روى عنه أبو زرعة , و سئل عنه فقال : " شيخ بصري صالح " , كما في " الجرح و التعديل " ( 1 / 1 / 358 ) . و فات هذا الحافظ فلم يذكره في ترجمته من " اللسان " , و إنما قال : " قال ابن حبان في " الثقات " : ربما أغرب " . الثانية : عن بكار بن محمد السيريني حدثنا عبد الله بن عون عن محمد بن سيرين به و فيه القصة . أخرجه البزار ( 4 / 251 / 3655 ) و الطبراني في " الكبير " ( 1 / 101 / 1 ) و " الأوسط " ( 4 / 486 - الجامعة الإسلامية ) و أبو نعيم في " الحلية " ( 2 / 180 ) و البيهقي في " الدلائل " ( 1 / 347 ) . و أبو صالح الحربي في " الفوائد العوالي " ( ق 175 / 2 ) و العقيلي في " الضعفاء " ( ص 55 ) في ترجمة بكار هذا , و ساق له حديثين آخرين , و قال : " لا يتابع عليها " , و قال في هذا : " الرواية فيه مضطربة من غير حديث ابن عون أيضا " . قلت : و له ترجمة في " الميزان " و " اللسان " , و الجمهور على تضعيفه . الثالثة : عن مبارك بن فضالة عن يونس بن عبيد عن محمد بن سيرين به . أخرجه البزار ( 4 / 251 / 3654 ) و الطبراني في " الكبير " أيضا , و أبو سعيد ابن الأعرابي في " معجمه " ( ق 76 / 2 ) و أبو محمد المخلدي في " الفوائد " ( ق 245 / 1 ) و قال البزار : " تفرد به مبارك , و إسناده حسن " . قلت : هو كذلك لولا أن المبارك هذا كان يدلس كما في " التقريب " و غيره . نعم هو حسن , بل صحيح لغيره . و الحديث قال المنذري ( 2 / 40 ) و الهيثمي ( 10 / 241 ) : " رواه البزار و أبو يعلى و الطبراني في " الكبير " و " الأوسط " , و إسناده حسن " . و لم يذكر المنذري البزار . 2 - و أما حديث بلال فيرويه محمد بن الحسن الأسدي : أخبرنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن مسروق عنه . أخرجه البزار ( 3653 - كشف ) و الطبراني ( 1 / 107 / 1 ) , و قال البزار : " لم يقل : " عن بلال " إلا محمد بن الحسن , و رواه غيره عن مسروق مرسلا " . قلت : و هو محمد بن الحسن بن الزبير الأسدي الكوفي , قال الحافظ : " صدوق , فيه لين " . و قد خالفه سفيان , فقال : عن إسحاق به مرسلا لم يذكر فيه بلالا . أخرجه ابن قتيبة في " غريب الحديث " ( 1 / 90 / 1 ) . و تابعه زكريا بن أبي زائدة عن أبي إسحاق به . أخرجه ابن الأعرابي في " المعجم " ( ق 14 / 1 ) . فهو إسناد مرسل صحيح إن كان أبو إسحاق حفظه , فإنه كان اختلط , و قد خولف في إسناده و هو الآتي . 3 - و أما حديث ابن مسعود فيرويه قيس بن الربيع عن أبي حصين عن يحيى بن وثاب عن مسروق عنه . أخرجه البزار ( 3653 - كشف الأستار ) و ابن الأعرابي ( 122 / 2 ) و الطبراني ( 1 / 100 / 2 و 3 / 72 / 1 ) و القضاعي ( ق 64 / 2 ) و قال البزار : " كذا رواه قيس , و رواه عنه جماعة هكذا , و خالفهم يحيى بن كثير عن قيس عن عائشة بدل عبد الله " . قلت : قد روي عنها من طريق أخرى , و هو التالي . 4 - و أما حديث عائشة فيرويه سفيان بن وكيع : حدثنا حسين بن علي عن زائدة عن الأعمش عن طلحة عن خيثمة عن مسروق عنها . أخرجه محمد بن الحسين الحراني في " الفوائد " ( ق 29 / 1 ) . قلت : و رجاله ثقات غير سفيان بن وكيع فهو ضعيف . و جملة القول أن الحديث صحيح بمجموع طرقه , كيف و الطريق الأولى من الحديث الأول لا ينزل عن مرتبة الحسن , كما سبق . 2662 " خلق الله تبارك و تعالى الجنة لبنة من ذهب و لبنة من فضة و ملاطها المسك , فقال لها : تكلمي , فقالت : *( قد أفلح المؤمنون )* , فقالت الملائكة : طوبى لك , منزل الملوك " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 351 : قال البزار : حدثنا محمد بن المثنى حدثنا المغيرة بن سلمة حدثنا وهيب عن الجريري عن أبي نضرة عن #أبي سعيد #قال : فذكره موقوفا . ثم قال : و حدثنا بشر بن آدم , حدثنا يونس بن عبيد الله العمري : حدثنا عدي بن الفضل : حدثنا الجريري ... به مرفوعا . ثم قال البزار : " لا نعلم أحدا رفعه إلا عدي بن الفضل , و ليس هو بالحافظ , و هو شيخ متقدم الموت " . كذا ذكره الحافظ ابن كثير في " تفسيره " عن البزار بإسناديه الموقوف و المرفوع , و كذلك هو في " زوائد البزار " ( 317 ) إلا أنه وقع فيه " حجاج بن المنهال : حدثنا حماد بن سلمة " مكان : " المغيرة بن سلمة : حدثنا وهيب " . فلا أدري أهذا خطأ من الناسخ , أم أن للبزار فيه إسنادين إلى الجريري , أحدهما وهيب عنه , و الآخر حماد بن سلمة عنه , نقل ابن كثير أحدهما , و الهيثمي الآخر . و سواء كان هذا أو ذاك , فكل من الإسنادين صحيح على شرط مسلم موقوفا , لكنه في حكم المرفوع , فقد قال الهيثمي في " مجمع الزوائد " ( 10 / 397 ) : " و رجال الموقوف رجال الصحيح , و أبو سعيد لا يقول هذا إلا بتوقيف " . و عدي بن الفضل الذي رفعه هو التيمي أبو حاتم البصري , متفق على تضعيفه . لكن قال المنذري ( 4 / 252 ) : " قد تابعه على رفعه وهيب بن خالد عن الجريري به و لفظه : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله عز وجل أحاط حائط الجنة لبنة من ذهب و لبنة من فضة , ثم شقق فيها الأنهار , و غرس فيها الأشجار , فلما نظرت الملائكة إلى حسنها قالت : طوبى لك منازل الملوك " . خرجه البيهقي و غيره , لكن وقفه هو الأصح المشهور . و الله أعلم " . و أقول : هذا أخرجه البيهقي في " البعث " ( ص 54 - مصورة الجامعة الإسلامية ) من طريق محمد بن يونس : حدثنا سهيل بن بكار حدثنا وهيب بن خالد به . و محمد بن يونس - و هو الكديمي - متهم بوضع الحديث , فلا يفرح بما يرويه من المتابعة . و أخرجه أبو نعيم في " صفة الجنة " ( 1 / 173 / 140 ) من طريق أخرى عن عدي بن الفضل به مرفوعا . ثم رأيت العلامة ابن القيم قد أورد في " حادي الأرواح " ( 2 / 40 ) إسناد البزار الموقوف كما أورده ابن كثير , و قال عقب تضعيفه لعدي بن الفضل : " و الحديث صحيح موقوف . و الله أعلم " . و قد روي الحديث من طرق أخرى مرفوعا , مطولا و مختصرا , دون قول الملائكة : " طوبى لك , منازل الملوك " . و هو مخرج في الكتاب الآخر , فانظر الأرقام ( 1283 و 1284 و 1285 ) . 2663 " ما ترك قوم الجهاد إلا عمهم الله بالعذاب " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 352 : أخرجه الطبراني في الأوسط ( 2 / 228 ) حدثنا علي بن سعيد الرازي : أخبرنا عقبة بن قبيصة حدثنا أبي حدثنا مالك بن مغول عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عن # أبي بكر #قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره , و قال : " لم يروه عن إسماعيل إلا مالك بن مغول و لا عنه إلا قبيصة تفرد به ابنه " . قلت : و هو صدوق , قال النسائي : " صالح " . و ذكره ابن حبان في " الثقات " , و من فوقه ثقات رجال الشيخين . و علي بن سعيد الرازي حسن الحديث كما كنت بينته تحت الحديث ( 236 ) . و حسنه ابن النحاس الدمياطي في " مصارع العشاق " ( 1 / 107 ) و سبقه إلى ذلك المنذري في " الترغيب " ( 2 / 200 ) . و يشهد له حديث العينة , و فيه : " .. و تركتم الجهاد في سبيل الله , سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم " . و هو حديث صحيح , كما سبق بيانه برقم ( 11 ) . قلت : و الحديث من أعلام نبوته صلى الله عليه وسلم كما يشهد بذلك واقع المسلمين في كثير من البلاد , و ما حادثة مهاجمة اليهود للمسلمين و هم سجود صبح الجمعة من رمضان هذه السنة ( 1414 ) في مسجد الخليل في فلسطين ببعيد . و صدق الله : *( و ما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم و يعفو عن كثير )* . اسأل الله تعالى أن يلهم المسلمين الرجوع إلى فهم دينهم فهما صحيحا , و العمل به ليعزهم و ينصرهم على عدوهم . 2664 " من قال في دبر صلاة الغداة : " لا إله إلا الله وحده لا شريك له , له الملك و له الحمد يحيي و يميت بيده الخير و هو على كل شيء قدير " مئة مرة , و هو ثان رجليه , كان يومئذ أفضل أهل الأرض عملا إلا من قال مثل ما قال أو زاد على ما قال " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 354 : أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 8 / 336 / 8075 ) و " الأوسط " ( 4 / 450 ) و ابن السني ( رقم - 142 ) من طريق عبد الصمد بن عبد الوارث : حدثنا آدم بن الحكم حدثنا أبو غالب عن #أبي أمامة # مرفوعا , و قال الطبراني : " لم يروه عن أبي غالب إلا آدم , و لا عنه إلا عبد الصمد " . قلت : و هو ثقة من رجال الشيخين . و أبو غالب حسن الحديث , و قد مضى مرارا . و مثله آدم بن الحكم , و هو أبو عباد صاحب الكرابيس البصري . قال ابن أبي حاتم ( 1 / 1 / 267 ) : " قال ابن معين : صالح . و قال أبي : ما أرى بحديثه بأسا " . و في " اللسان " : " و قال ابن أبي حاتم : تغير حفظه . و ذكره ابن حبان في ( الثقات ) " . قلت : فمثله حسن الحديث على أقل الأحوال , و لذلك قال المنذري ( 1 / 168 ) : " رواه الطبراني في " الأوسط " بإسناد جيد " . و قال الهيثمي ( 10 / 108 ) : " رواه الطبراني في " الكبير " و " الأوسط " , و رجال " الأوسط " ثقات " . و في الحديث شهادة قوية لحديث شهر بن حوشب الذي فيه هذه الجملة : " و هو ثان رجليه " , و كنت لا أعمل بها لضعف ( شهر ) حتى وقفت على هذا الشاهد , و فيه التهليل ( مائة ) مكان ( عشر ) و الكل جائز لثبوتهما . فالحمد لله على توفيقه , و أسأله المزيد من فضله . 2665 " إذا فتحت عليكم [ خزائن ] فارس و الروم أي قوم أنتم ? قال عبد الرحمن بن عوف : نقول كما أمرنا الله . قال صلى الله عليه وسلم : أو غير ذلك , تتنافسون ثم تتحاسدون , ثم تتدابرون , ثم تتباغضون , أو نحو ذلك , ثم تنطلقون في مساكن المهاجرين , فتجعلون بعضهم على رقاب بعض " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 355 : أخرجه مسلم ( 8 / 212 - 213 ) و ابن ماجه ( 2 / 481 - 482 ) و الزيادة له قالا - و السياق لمسلم - : حدثنا عمر بن سواد العامري : أخبرنا عبد الله بن وهب : أخبرني عمرو بن الحارث : أن بكر بن سوادة حدثه أن يزيد بن رباح ( هو أبو فراس مولى عبد الله بن عمرو بن العاص ) حدثه عن #عبد الله بن عمرو بن العاص #عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : فذكره . و أخرجه الفسوي في " التاريخ " ( 2 / 514 ) من طريق شيخين آخرين قالا : حدثنا ابن وهب به . و فيه الزيادة . 2666 " يقول الله عز وجل : وعزتي لا أجمع على عبدي خوفين و لا أجمع له أمنين , إذا أمنني في الدنيا أخفته يوم القيامة , و إذا خافني في الدنيا أمنته يوم القيامة " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 355 : رواه ابن المبارك في " الزهد " ( 163 / 2 من الكواكب 575 و رقم 157 - ط ) : حدثنا عوف عن # الحسن # مرسلا . قلت : و هذا سند صحيح لولا الإرسال , لكن قال عقبه ابن صاعد : حدثنا محمد بن يحيى بن ميمون - بالبصرة - قال : حدثنا عبد الوهاب بن عطاء قال : حدثنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه . قلت : و رجاله كلهم ثقات معروفون حديثهم حسن غير محمد بن يحيى هذا فلم أجد له ترجمة . لكن تابعه إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني : حدثنا عبد الوهاب بن عطاء به . أخرجه ابن حبان في " صحيحه " ( رقم 2494 - الموارد ) . ثم رأيت الهيثمي ( 10 / 308 ) قد أورد الحديث من مرسل الحسن , و مسند أبي هريرة , ثم قال : " رواهما البزار عن شيخه محمد بن يحيى بن ميمون , و لم أعرفه , و بقية رجال المرسل رجال " الصحيح " , و كذلك رجال المسند , غير محمد بن عمرو بن علقمة , و هو حسن الحديث " . و هو عند البزار ( 4 / 74 / 3232 و 3233 - كشف الأستار ) . و أخرجه البيهقي في " شعب الإيمان " ( 1 / 482 - 483 ) , من طريق أبي داود حدثنا محمد بن يحيى بن ميمون العتكي حدثنا محمد بن عبد الوهاب به . قلت : و أبو داود هو ( السجستاني ) صاحب " السنن " فيكون لابن ميمون هذا ثلاثة رواة عنه حفاظ : أبو داود و ابن صاعد و البزار . و من كان هذا شأنه , لا يكون مجهولا و محله الصدق إن شاء الله تعالى , لاسيما و قد تابعه الجوزجاني - و هو ثقة حافظ - رواه ابن حبان كما تقدم , و إليه فقط عزاه المنذري في " الترغيب " ( 4 / 138 ) و أشار إلى تقويته . 2667 " حسبك إذا ذكرت أخاك بما فيه " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 357 : أخرجه أبو الشيخ في " التوبيخ " ( 188 ) و الأصبهاني في " الترغيب " ( 580 ) و البيهقي في " الشعب " ( 2 / 304 - 2 ) و البغوي في " التفسير " ( 7 / 346 ) عن المثنى بن الصباح عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده [ عن #معاذ بن جبل #] : أنهم ذكروا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا فقالوا : لا يأكل حتى يطعم , و لا يرحل حتى يرحل له . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : اغتبتموه , فقالوا : يا رسول الله , إنما حدثنا بما فيه , قال : فذكره . و السياق للأصبهاني , و الزيادة للبيهقي . قلت : و هذا إسناد حسن لولا أن المثنى بن الصباح ضعيف كان اختلط بأخرة , و كان عابدا كما في " التقريب " , و قد تابعه ابن لهيعة عن عمرو به نحوه . أخرجه أبو الشيخ ( 189 ) . لكن يشهد له ما أخرجه أبو يعلى في " مسنده " ( 4 / 1460 - 1461 ) و أبو الشيخ ( 182 ) و البيهقي من طريق محمد بن أبي حميد عن موسى بن وردان عن أبي هريرة قال : " كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم , فقام رجل , فقالوا : يا رسول الله ! ما أعجز , أو قال : ما أضعف فلانا , فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " اغتبتم صاحبكم و أكلتم لحمه " . و قال الهيثمي ( 8 / 94 ) : " رواه أبو يعلى و الطبراني في " الأوسط " , و لفظه ... ( فذكره نحوه و قال : ) و في إسنادهما محمد بن أبي حميد , و يقال له : حماد , و هو ضعيف جدا " . قلت : و من طريقه أخرجه الأصبهاني في " الترغيب " ( ص 577 ) . ثم ذكر له الهيثمي شاهدا آخر من حديث معاذ بن جبل قال : " كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فذكروا رجلا عنده فقالوا : ما أعجزه ! فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " اغتبتم أخاكم " . قالوا : يا رسول الله ! قلنا ما فيه . قال : " إن قلتم ما ليس فيه فقد بهتموه " . و قال : " رواه الطبراني , و فيه علي بن عاصم , و هو ضعيف " . قلت : و من طريقه أخرجه البيهقي عن المثنى بن الصباح بإسناده المتقدم . و روى مالك ( 3 / 150 ) و عنه أبو الشيخ ( 190 ) عن المطلب بن عبد الله بن حنطب المخزومي أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما الغيبة ? فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أن تذكر من المرء ما يكره أن يسمع " . قال : يا رسول الله ! و إن كان حقا ? قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا قلت باطلا فذلك البهتان " . و أصله في " صحيح مسلم " ( 8 / 21 ) و غيره من طريق العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ : " أتدرون ما الغيبة ? ... " , و هو مخرج في " نقد الكتاني " ( 36 ) و " تخريج الحلال " ( 420 ) و فيما تقدم ( 1419 ) . 2668 " كان آدم نبيا مكلما , كان بينه و بين نوح عشرة قرون , و كانت الرسل ثلاثمائة و خمسة عشر " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 358 : أخرجه أبو جعفر الرزاز في " مجلس من الأمالي " ( ق 178 / 1 ) : حدثنا عبد الكريم ابن الهيثم الديرعاقولي : حدثنا أبو توبة - يعني الربيع بن نافع - : حدثنا معاوية بن سلام عن زيد بن سلام أنه سمع أبا سلام يقول : حدثني #أبو أمامة #: " أن رجلا قال : يا رسول الله ! أنبيا كان آدم ? قال : نعم , مكلم . قال : كم كان بينه و بين نوح ? قال : عشرة قرون . قال : يا رسول الله ! كم كانت الرسل ? قال : ثلاثمائة و خمسة عشر " . قلت : و هذا إسناد صحيح , رجاله كلهم ثقات رجال مسلم غير الديرعاقولي , و هو ثقة ثبت كما قال الخطيب في " تاريخه " ( 11 / 78 ) و كذلك قال ابن حبان في " الثقات " ( 8 / 423 ) و اعتمده السمعاني في " الأنساب " , و الذهبي في " السير " ( 13 / 335 - 336 ) . و الحديث أخرجه ابن حبان أيضا في " صحيحه " ( 2085 - موارد ) و ابن منده في " التوحيد " ( ق 104 / 2 ) و من طريقه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " ( 2 / 325 / 2 ) و الطبراني في " الأوسط " ( 1 / 24 / 2 / 398 - بترقيمي ) و كذا في " الكبير " ( 8 / 139 - 140 ) و الحاكم ( 2 / 262 ) و قال : " صحيح على شرط مسلم " . و وافقه الذهبي . و كذا قال ابن عروة الحنبلي في " الكواكب الدراري " ( 6 / 212 / 1 ) و قد عزاه لابن حبان فقط , و قال ابن منده عقبه : " هذا إسناد صحيح على رسم مسلم و الجماعة إلا البخاري . و روي من حديث القاسم أبي عبد الرحمن و غيره عن أبي أمامة و أبي ذر بأسانيد فيها مقال " . قلت : حديث القاسم , يرويه معان بن رفاعة : حدثني علي بن يزيد عنه عن أبي أمامة مطولا , و فيه : " قال : قلت : يا نبي الله ! فأي الأنبياء كان أول ? قال : آدم عليه السلام . قال : قلت : يا نبي الله ! أو نبي كان آدم ? قال : نعم , نبي مكلم , خلقه الله بيده , ثم نفخ فيه من روحه , ثم قال له : يا آدم قبلا . قال : قلت : يا رسول الله ! كم وفى عدد الأنبياء ? قال : مائة ألف و أربعة و عشرون ألفا , الرسل من ذلك ثلاثمائة و خمسة عشر , جما غفيرا " . أخرجه أحمد ( 5 / 265 ) . و علي بن يزيد و هو الألهاني ضعيف . و معان بن رفاعة لين الحديث كما في " التقريب " , لكن يبدو أنه لم يتفرد به , فقد قال الهيثمي في " المجمع " ( 1 / 159 ) : " رواه أحمد و الطبراني في " الكبير " , و مداره على علي بن يزيد و هو ضعيف " . هذا و زاد الطبراني في حديث الترجمة كما تقدم : " قال : كم كان بين نوح و إبراهيم ? قال : عشرة قرون " . و قال الهيثمي ( 8 / 210 ) : " رواه الطبراني , و رجاله رجال الصحيح غير أحمد بن خليد , و هو ثقة " . و لهذه الزيادة شاهد من حديث أبي هريرة مرفوعا بلفظ : " كان بين آدم و نوح عليهما السلام عشرة قرون , و بين نوح و إبراهيم عشرة قرون , صلى الله عليهما " . أخرجه العقيلي في " الضعفاء " ( ص 437 ) : حدثنا جعفر بن محمد الفريابي قال : حدثنا نصر بن عاصم الأنطاكي قال : حدثنا الوليد بن مسلم قال : حدثنا أبو عمرو عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعا به . أورده في ترجمة نصر هذا , و قال : " لا يتابع عليه , و لا يعرف إلا به " . و قال الذهبي في " الميزان " . " محدث رحال , ذكره ابن حبان في ( الثقات ) " . و قال الحافظ في " التقريب " : " لين الحديث " . ( تنبيه ) : ( رحال ) بالراء , و وقع في المطبوعتين من " الميزان " ( دجال ) بالدال . و هو تصحيف فاحش , و التصحيح من مخطوطة الظاهرية . و أما حديث أبي ذر الذي أشار إليه ابن منده فله عنه طرق : الأولى : عن عبيد بن الخشخاش عنه قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم و هو في المسجد ... الحديث بطوله , و فيه حديث الترجمة , و فيه أن الرجل السائل هو أبو ذر نفسه . أخرجه الطيالسي في " مسنده " ( 478 ) : حدثنا المسعودي عن أبي عمرو الشامي عن عبيد بن الخشخاش . و من هذا الوجه أخرجه أحمد ( 5 / 178 و 179 ) و ابن سعد في " الطبقات " ( 1 / 1 / 10 و 26 ) من طرق أخرى عن المسعودي به . و قال الهيثمي ( 1 / 160 ) : " رواه أحمد و البزار و الطبراني في " الأوسط " , و فيه المسعودي و هو ثقة , و لكنه اختلط " . قلت : و عبيد بن الخشخاش ضعفه الدارقطني , و أما ابن حبان فأورده في " الثقات " ( 3 / 170 ) و قال : " روى عنه الكوفيون " . قلت : و الراوي عنه هذا أبو عمرو الشامي كما ترى . الثانية : عن أبي إدريس الخولاني عن أبي ذر به مطولا جدا , و فيه حديث الترجمة و زيادة عدد الأنبياء المتقدم في حديث علي بن يزيد . أخرجه ابن حبان في " صحيحه " ( 94 - الموارد ) و أبو نعيم في " الحلية " ( 1 / 166 - 168 ) من طريق إبراهيم بن هشام بن يحيى بن يحيى الغساني : حدثنا أبي عن جدي عن أبي إدريس الخولاني به . قلت : و إبراهيم هذا متروك متهم بالكذب , لكنه لم يتفرد به , فقد قال أبو نعيم عقبه : " و رواه المختار بن غسان عن إسماعيل بن سلمة عن أبي إدريس " . قلت : و المختار هذا من رجال ابن ماجه , روى عنه جمع , و لم يذكروا توثيقه عن أحد , و قال الحافظ : " مقبول " . و شيخه إسماعيل بن سلمة لم أجد له ترجمة , و غالب الظن أنه محرف و الصواب ( إسماعيل بن مسلم ) فقد ذكروه في شيوخه , و هو العبدي الثقة , و كذلك المختار هو عبدي , فإذا صح الإسناد إليه , فهو حسن لغيره . و الله أعلم . و تابعه الماضي بن محمد عن أبي سليمان عن القاسم بن محمد عن أبي إدريس الخولاني به . و فيه عدد الأنبياء أيضا . أخرجه ابن جرير في " التاريخ " ( 1 / 150 ) . قلت : و هذا إسناد ضعيف , لضعف الماضي بن محمد . و شيخه أبو سليمان اسمه علي بن سليمان , مجهول . و مثله القاسم بن محمد , و ليس هو المدني الثقة . فقد قال الحافظ ابن حجر : " أظن أنه شامي " . الثالثة : قال أبو نعيم : و رواه معاوية بن صالح عن أبي عبد الملك محمد بن أيوب عن ابن عائذ عن أبي ذر بطوله . قلت : و ابن أيوب هذا ذكره ابن أبي حاتم ( 3 / 2 / 196 - 197 ) بهذه الرواية , و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا . و ابن عائذ لم أعرف اسمه الآن . الرابعة : عن يحيى بن سعيد العبشمي - من بني سعد بن تميم - : حدثنا ابن جريج عن عطاء عن عبيد بن عمير عن أبي ذر به . أخرجه أبو نعيم , و البيهقي ( 9 / 4 ) , لكن رواه من طريقه الحاكم ( 2 / 597 ) فسماه يحيى بن سعيد السعدي البصري , و سكت عنه , و قال الذهبي : " قلت : السعدي ليس بثقة " . قلت : الذي ليس بثقة إنما هو يحيى بن سعيد المدني , و هذا بصري فهو غيره , و إليه يميل الحافظ في " اللسان " , فراجعه . قلت : و العبشمي هذا لم أعرفه , و لم يورده السمعاني في هذه النسبة . و جملة القول : إن عدد الرسل المذكورين في حديث الترجمة صحيح لذاته , و أن عدد الأنبياء المذكورين في أحد طرقه , و في حديث أبي ذر من ثلاث طرق , فهو صحيح لغيره , و لعله لذلك لما ذكره ابن كثير في " تاريخه " ( 1 / 97 ) من رواية ابن حبان في " صحيحه " سكت عنه , و لم يتعقبه بشيء , فدل على ثبوته عنده . و كذلك فعل الحافظ ابن حجر في " الفتح " ( 6 / 257 ) و العيني في " العمدة " ( 7 / 307 ) , و غيرهم , و قال المحقق الآلوسي في " تفسيره " ( 5 / 449 ) : " و زعم ابن الجوزي أنه موضوع , و ليس كذلك . نعم , قيل : في سنده ضعف جبر بالمتابعة " . و سبقه إلى ذلك و الرد على ابن الجوزي الحافظ ابن حجر في " تخريج الكشاف " ( 4 / 114 ) , و هو الذي لا يسع الباحث المحقق غيره كما تراه مبينا في تخريجنا هذا و الحمد لله . و في عدد الأنبياء أحاديث أخرى , هي في الجملة متفقة مع الأحاديث المتقدمة على أن عددهم أكثر من عدد الرسل , رويت من حديث أبي سعيد الخدري , و من حديث أنس بن مالك من طرق عنه , عند أبي يعلى و الطبراني و الحاكم , لعلنا نتفرغ لتتبعها , و تخريجها في المكان المناسب لها في فرصة أخرى إن شاء الله تعالى . ثم خرجتها في " الضعيفة " برقم ( 6090 ) . و اعلم أن الحديث و ما ذكرنا من الأحاديث الأخرى , مما يدل على المغايرة بين الرسول و النبي , و ذلك مما دل عليه القرآن أيضا في قوله عز وجل : *( و ما أرسلنا من قبلك من رسول و لا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته )* الآية . و على ذلك جرى عامة المفسرين , من ابن جرير الطبري الإمام , إلى خاتمة المحققين الآلوسي , و هو ما جزم به شيخ الإسلام ابن تيمية في غير ما موضع من فتاويه ( المجموع 10 / 290 و 18 / 7 ) أن كل رسول نبي , و ليس كل نبي رسولا . و قال القرطبي في " تفسيره " ( 12 / 80 ) : " قال المهدوي <1>1>: و هذا هو الصحيح أن كل رسول نبي و ليس كل نبي رسولا . و كذا ذكر القاضي عياض في كتاب " الشفا " , قال : و الصحيح الذي عليه الجم الغفير أن كل رسول نبي و ليس كل نبي رسولا و احتج بحديث أبي ذر .. " . قلت : و يؤكد المغايرة في الآية ما رواه أبو بكر الأنباري في كتاب " الرد " له بإسناده عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قرأ : ( و ما أرسلنا من قبلك من رسول و لا نبي و لا محدث ) . و قال أبو بكر : فهذا حديث لا يؤخذ به على أن ذلك قرآن , و المحدث هو الذي يوحى إليه في نومه , لأن رؤيا الأنبياء وحي . قلت : فإن صح ذلك عن ابن عباس فهو مما يؤكد ما ذكرنا من المغايرة , و إن كان لا يثبت به قرآن , و يؤيده أن المغايرة هذه رويت عن تلميذه مجاهد رحمه الله , فقد ذكر السيوطي في " الدر " ( 4 / 366 ) برواية ابن المنذر و ابن أبي حاتم عن مجاهد قال : " النبي وحده الذي يكلم و ينزل عليه , و لا يرسل " . فهذا نص من هذا الإمام في التفسير , يؤيد ما تتابع عليه العلماء من القول بالمغايرة , الموافق لظاهر القرآن و صريح السنة . و كان الدافع على تحرير هذا أنني رأيت مجموعة رسائل لأحد فضلاء العصر الحاضر , فيها رسالة بعنوان : " إتحاف الأحفياء برسالة الأنبياء " ذهب فيها إلى عدم التفريق بين الرسول و النبي . و بحثه فيها يدل المحقق المطلع على بحوث العلماء و أقوالهم , على أن المؤلف لها حفظه الله ارتجلها ارتجالا دون أن يتعب نفسه بالبحث عن أقوال العلماء في المسألة , و إلا فكيف جاز له أن يقول ( ج 1 / 429 ) : 1 - " و أسبق من رأينا تكلم بهذا التفريق هو العلامة ابن كثير ... " ! و قد سبقه إلى ذلك مجاهد , التابعي الجليل ( ت 104 ) و شيخ المفسرين ابن جرير ( ت 310 ) و البغوي ( ت 516 ) و القرطبي ( ت 671 ) و الزمخشري ( ت 538 ) , و غيرهم ممن أشرت إليهم آنفا . 2 - كيف يقول ( ص 431 ) : " إن ابن تيمية لم يذكر التفريق المشار إليه في كتابه ( النبوات ) " ! و ليس من اللازم أن يذكر المؤلف كل ما يعلمه في الموضوع في كتاب واحد , فقد ذكر ذلك ابن تيمية في غير ما موضع من فتاواه , فلو أنه راجع " مجموع الفتاوى " له لوجد ذلك في ( 10 / 290 و 18 / 7 ) . و من ذلك تعلم بطلان قوله عقب ذلك : " فهذه الغلطة في التفريق بين الرسول و النبي يظهر أنها إنما دخلت على الناس من طريق حديث موضوع رواه ابن مردويه عن أبي ذر , و هو حديث طويل جدا لا يحتمل أبو ذر حفظه مع طوله .. " ! أقول : ليس العمدة في التفريق المذكور على هذا الحديث الطويل الذي زعم أن أبا ذر لا يتحمل حفظه كما شرحت ذلك في هذا التخريج الفريد في بابه فيما أظن , و تالله إن هذا الزعم لبدعة في علم الجرح و التعديل ما سبق - و الحمد لله - من أحد إلى مثلها ! و إلا لزمه رد أحاديث كثيرة طويلة صحيحة ثابتة في الصحيحين و غيرهما , كحديث صلح الحديبية , و حديث الدجال و الجساسة , و حديث عائشة : " كنت لك كأبي زرع لأم زرع " , و غيرها . و لعله لا يلتزم ذلك إن شاء الله تعالى و تقليده لابن الجوزي في حكمه على الحديث بالوضع مردود , لأن التقليد ليس بعلم , كما لا يخفى على مثله , ثم لماذا آثر تقليده على تقليد الذين ردوا عليه حكمه عليه بالوضع ? كالحافظ العسقلاني و المحقق الآلوسي و غيرهما ممن سبقت الإشارة إلى كلامهم , لاسيما و هو يعلم تشدد ابن الجوزي في نقده للأحاديث , كما يعلم إن شاء الله أن نقده لو سلم به , خاص في بعض طرق الحديث التي خرجتها هنا . و من غرائبه أنه ذكر آية الأمنية : *( و ما أرسلنا من قبلك من رسول و لا نبي إلا إذا تمنى .. )* و أن الواو تفيد المغايرة , ثم رد ذلك بقوله : " و الجواب أن مثل هذا يقع كثيرا في القرآن و في السنة يعطف بالشيء على الشيء , و يراد بالتالي نفس الأول كما في قوله : *( إن المسلمين و المسلمات , و المؤمنين و المؤمنات )* , فغاير بينهما بحرف العطف , و معلوم أن المسلمين هم المؤمنون , و المؤمنين هم المسلمون " . فأقول : هذا غير معلوم , بل العكس هو الصواب , كما شرح ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في كتبه , و بخاصة منها كتابه " الإيمان " , و لذلك قال في " مختصر الفتاوى المصرية " ( ص 586 ) : " الذي عليه جمهور سلف المسلمين : أن كل مؤمن مسلم , و ليس كل مسلم مؤمنا , فالمؤمن أفضل من المسلم , قال تعالى 49 : 14 : *( قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا و لكن قولوا أسلمنا )* " . فالآية كما ترى حجة عليه , و يؤيد ذلك تمامها : *( القانتين و القانتات ... )* الآية : فإن من الظاهر بداهة أنه ليس كل مسلم قانتا ! ثم ذكر آية أخرى لا تصلح أيضا دليلا له , و هي قوله تعالى : *( قل من كان عدوا لله و ملائكته و رسله و جبريل و ميكال .. )* , قال : فعطف بجبريل و ميكال على الملائكة و هما منهم " . أقول : نعم , و لكن هذا ليس من باب عطف الشيء على الشيء و يراد بالتالي نفس الأول كما هو دعواه , و إنما هذا من باب عطف الخاص على العام . و هذا مما لا خلاف فيه , و لكنه ليس موضع البحث كما هو ظاهر للفقيه . نعم إن ما ذهب إليه المومى إليه في الرسالة السابقة من إنكار ما جاء في بعض كتب الكلام في تعريف النبي أنه من أوحي إليه بشرع و لم يؤمر بتبليغه , فهو مما أصاب فيه كبد الحقيقة , و لطالما أنكرناه في مجالسنا و دروسنا , لأن ذلك يستلزم جواز كتمان العلم مما لا يليق بالعلماء , بله الأنبياء , قال تعالى : *( إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات و الهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله و يلعنهم اللاعنون )* . و لعل المشار إليه توهم أن هذا المنكر إنما تفرع من القول بالتفريق بين الرسول و النبي , فبادر إلى إنكار الأصل ليسقط معه الفرع , كما فعل بعض الفرق قديما حين بادروا إلى إنكار القدر الإلهي إبطالا للجبر , و بعض العلماء في العصر الحاضر إلى إنكار عقيدة نزول عيسى و خروج المهدي عليهما السلام , إنكارا لتواكل جمهور من المسلمين عليها . و كل ذلك خطأ , و إن كانوا أرادوا الإصلاح , فإن ذلك لا يكون و لن يكون بإنكار الحق الذي قامت عليه الأدلة . و لو أن الكاتب المشار إليه توسع في دراسة هذه المسألة قبل أن يسود رسالته , لوجد فيها أقوالا أخرى استوعبها العلامة الآلوسي ( 5 / 449 ) , و لكان بإمكانه أن يختار منها ما لا نكارة فيه كمثل قول الزمخشري ( 3 / 37 ) : " و الفرق بينهما , أن الرسول من الأنبياء : من جمع إلى المعجزة الكتاب المنزل عليه . و النبي غير الرسول : من لم ينزل عليه كتاب , و إنما أمر أن يدعو الناس إلى شريعة من قبله " . و مثله قول البيضاوي في " تفسيره " ( 4 / 57 ) : " الرسول : من بعثه الله بشريعة مجددة يدعو الناس إليها , و النبي يعمه , و من بعثه لتقرير شرع سابق , كأنبياء بني إسرائيل الذين كانوا بين موسى و عيسى عليهم السلام , و لذلك شبه النبي صلى الله عليه وسلم علماء أمته بهم " . يشير إلى حديث " علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل " و لكنه حديث لا أصل له , كما نص على ذلك الحافظ العسقلاني و السخاوي و غيرهما . ثم إنهم قد أوردوا على تعريفه المذكور اعتراضات يتلخص منها أن الصواب حذف لفظة " مجددة " منه , و مثله لفظة " الكتاب " في تعريف الزمخشري , لأن إسماعيل عليه السلام , لم يكن له كتاب و لا شريعة مجددة , بل كان على شريعة إبراهيم عليهما السلام , و قد وصفه الله عز وجل في القرآن بقوله : *( إنه كان صادق الوعد و كان رسولا نبيا )* . و يبقى تعريف النبي بمن بعث لتقرير شرع سابق , و الرسول من بعثه الله بشريعة يدعو الناس إليها , سواء كانت جديدة أو متقدمة . و الله أعلم . ----------------------------------------------------------- [1] من علماء المغرب , و اسمه محمد بن إبراهيم المهدوي . توفي سنة ( 595 ) . 2669 " ما من مسلم يفعل خصلة من هؤلاء إلا أخذت بيده حتى تدخله الجنة " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 369 : أخرجه الطبراني في " الكبير " ( 1 / 82 / 2 ) : حدثنا حفص بن عمر بن الصباح الرقي أخبرنا أبو حذيفة موسى بن مسعود أخبرنا عكرمة بن عمار عن أبي زميل عن مالك بن مرثد عن أبيه قال : " قال #أبو ذر # : قلت : يا رسول الله ! ماذا ينجي العبد من النار ? قال : الإيمان بالله . قلت : يا نبي الله ! إن مع الإيمان عمل ? قال : يرضح مما رزقه الله , قلت : يا رسول الله ! أرأيت إن كان فقيرا لا يجد ما يرضح به ? قال : يأمر بالمعروف و ينهى عن المنكر . قلت : يا رسول الله ! أرأيت إن كان عييا لا يستطيع أن يأمر بمعروف و لا ينهى عن منكر ? قال : يصنع لأخرق . قلت : أرأيت إن كان أخرق لا يستطيع أن يصنع شيئا ? قال : يعين مغلوبا . قلت : أرأيت إن كان ضعيفا لا يستطيع أن يعين مظلوما ?! فقال : ما تريد أن تترك في صاحبك من خير ?! تمسك الأذى عن الناس . فقلت : يا رسول الله إذا فعل ذلك دخل الجنة ?! قال : فذكره .. " . قلت : و هذا إسناد رجاله كلهم موثقون , و قال الهيثمي ( 3 / 135 ) : " رواه الطبراني في " الكبير " , و رجاله ثقات " . قلت : و فيه تساهل ظاهر , فإن مرثدا والد مالك و هو ابن عبد الله الزماني لم يوثقه غير ابن حبان و العجلي , و لم يرو عنه غير ابنه , و لذلك قال الحافظ فيه : " مقبول " . و حفص بن عمر الرقي , قال أبو أحمد الحاكم : " حدث بغير حديث لم يتابع عليه " . و ذكره ابن حبان في " الثقات " , و قال : " ربما أخطأ " . و قد تابعه أبو الوليد الطيالسي : أخبرنا عكرمة بن عمار .. عند البيهقي في " الشعب " ( 3 / 204 ) . لكن للحديث طريق أخرى يتقوى بها , قال الأوزاعي : حدثني أبو كثير السحيمي عن أبيه قال : سألت أبا ذر , قلت : دلني على عمل إذا عمل العبد به دخل الجنة ? قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فذكره بنحوه . أخرجه ابن حبان ( 863 ) و الحاكم ( 1 / 63 ) و عنه البيهقي في " الشعب " ( 3 / 203 ) , و قال الحاكم : " صحيح على شرط مسلم , فقد احتج في كتابه بأبي كثير الزبيدي , و اسمه يزيد بن عبد الرحمن بن أذينة , و هو تابعي معروف , يقال له : أبو كثير الأعمى " . و وافقه الذهبي . و تقدم من طريق آخر عن أبي ذر مختصرا ( 575 ) . قلت : و قيل في اسمه : يزيد بن عبد الله بن أذينة , و قيل : ابن غفيلة . و ظاهر كلام الحاكم أن أباه من رجال مسلم , و لم أره في " التهذيب " لا في عبد الله بن أذينة , و لا في عبد الرحمن بن أذينة . نعم , أورد فيه عبد الرحمن بن أذينة بن سلمة العبدي الكوفي قاضي البصرة , روى عن أبيه و أبي هريرة و عنه أبو إسحاق السبيعي و و ... و لم يذكر ابنه فيهم , فهو غير المترجم . و الله أعلم . 2670 " كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم بمكة , فخرجنا في بعض نواحيها , فما استقبله جبل و لا شجر إلا و هو يقول : السلام عليك يا رسول الله " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 371 : أخرجه الترمذي ( 3630 ) و الدارمي ( 1 / 12 ) و أبو نعيم في " الدلائل " ( ص 138 ) و الحاكم ( 2 / 620 ) عن الوليد بن أبي ثور عن السدي عن عباد بن أبي يزيد عن #علي بن أبي طالب #قال : فذكره . و قال الترمذي : " حديث [ حسن ] غريب " . قلت : إسناده ضعيف , عباد هذا قال الذهبي : " لا يدرى من هو " و الوليد بن أبي ثور ضعيف , فلعل تحسين الترمذي إياه - و هو مما وقع في بعض النسخ و نقله المنذري ( 2 / 146 ) عنه - إنما هو لأن له طريقا أخرى و شواهد يتقوى بها , و كذلك صححه الحاكم , و وافقه الذهبي . أما الطريق الأخرى , فهو ما أخرجه الطبراني في " الأوسط " ( 3 / 315 - مصورة الجامعة ) من طريق زياد بن خيثمة عن السدي عن أبي عمارة الخيواني عن علي به مختصرا بلفظ : " خرجت مع النبي صلى الله عليه وسلم فجعل لا يمر على حجر , و لا شجر إلا سلم عليه " . قلت : و هذا إسناد صحيح , رجاله ثقات معروفون , خلافا لقول الهيثمي : " و التابعي أبو عمارة الخيواني لم أعرفه , و بقية رجاله ثقات " . قلت : بل هو معروف , و هو بالخاء المعجمة نسبة إلى خيوان بن زيد , جده الأعلى , و هو عبد خير بن زيد الهمداني , ثقة معروف بالرواية عن علي رضي الله عنه , فصح الحديث و الحمد لله . و يشهد للحديث قوله صلى الله عليه وسلم : " إني لأعرف حجرا بمكة كان يسلم علي قبل أن أبعث , و إني لأعرفه الآن " . أخرجه مسلم و ابن حبان و صححه البغوي في " شرح السنة " ( 13 / 287 / 3709 ) و غيرهم , و هو مخرج في " الروض النضير " ( 185 ) و قد قلبه بعض الضعفاء , فقال : " ليالي بعثت " . و قد بينت ذلك بيانا شافيا في بحث أودعته في " الضعيفة " برقم ( 6574 ) . 2671 " من أخاف أهل المدينة أخافه الله " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 372 : أخرجه ابن حبان ( 1039 ) من طريق عبد الرحمن بن عطاء عن محمد بن #جابر بن عبد الله #عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره . قلت : و هذا إسناد جيد في المتابعات و الشواهد , و رجاله ثقات إلا أن ابن عطاء هذا فيه لين كما قال الحافظ في " التقريب " , و قد صح بإسناد آخر عن جابر بلفظ : " ... فقد أخاف ما بين جنبي " . أخرجه أحمد ( 3 / 354 و 393 ) مطولا و مختصرا . لكني وجدت للفظ الترجمة شاهدا قويا من حديث السائب بن خلاد مرفوعا به و زاد : " و عليه لعنة الله و الملائكة و الناس أجمعين , لا يقبل منه صرف و لا عدل " . أخرجه النسائي في " الكبرى " ( 89 / 2 ) و أحمد ( 3 / 55 و 56 ) و الطبراني في " المعجم الكبير " ( 7 / 169 / 6631 ) من طريق يحيى بن سعيد عن مسلم بن أبي مريم عن عطاء بن يسار عنه . و هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين . ثم أخرجوه هم , و أبو نعيم في " الحلية " ( 1 / 372 ) من طريق يزيد بن خصيفة عن عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة أن عطاء بن يسار أخبره به , و زاد : " ظالما لهم " . و إسناده صحيح أيضا على شرط الشيخين , و يزيد هو ابن عبد الله بن خصيفة المدني . و الحديث أورده المنذري ( 2 / 147 ) برواية النسائي و الطبراني عن السائب بن خلاد مرفوعا بلفظ : " اللهم من ظلم أهل المدينة , و أخافهم فأخفه , و عليه لعنة الله ... " إلخ . قلت : و هذا اللفظ للطبراني ( 6636 ) فقط , فإنه ليس عند النسائي إلا باللفظ المتقدم , و هو حسن بما قبله , و رجاله ثقات غير عائشة بنت المنذر , و الصواب ( بنت الزبير ) كما في ترجمة الراوي عنها ( معاوية بن عبد الله الزبيري ) في كتاب ابن أبي حاتم و غيره , و قد وثقها ابن حبان ( 7 / 307 ) . 2672 " إن السيوف مفاتيح الجنة " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 374 : أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 7 / 145 / 2 ) : حدثنا زيد بن حباب عن جعفر بن سليمان الضبعي أخبرنا أبو عمران الجوني عن أبي بكر بن # أبي موسى الأشعري # قال : سمعت أبي تجاه العدو يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره . فقال له رجل رث الهيئة : أنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ? قال : نعم , فسل سيفه , و كسر غمده و التفت إلى أصحابه و قال : أقرأ عليكم السلام , ثم تقدم إلى العدو فقاتل حتى قتل . قلت : و هذا إسناد جيد , رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير زيد بن الحباب و شيخه الضبعي , فهما من رجال مسلم وحده , و فيهما كلام لا يضر . و له شاهد من رواية يزيد بن أبي زياد - و هو الهاشمي مولاهم - عن مجاهد عن يزيد بن شجرة في خطبة له قال في آخرها : " نبئت أن السيوف مفاتيح الجنة " . رواه الطبراني من طريقين إحداهما جيدة صحيحة كما قال المنذري ( 2 / 195 ) . و قال الهيثمي ( 5 / 294 ) : " رجالها رجال الصحيح " . قلت : أخرجه في " الكبير " ( 22 / 246 - 247 ) من طريقين , أحدهما عن عبد الرزاق , و هذا في " المصنف " ( 5 / 256 - 257 ) عن الثوري عن منصور عن مجاهد به . و هذا إسناد صحيح موقوف . لكن له طريق أخرى مرفوع , يرويه إسماعيل بن عياش عن عبد العزيز بن حمزة قال : سمعت يزيد بن شجرة بأرض الروم يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره , أخرجه الحاكم ( 3 / 494 ) . و عبد العزيز بن حمزة لم أجد له ترجمة , و يحتمل أنه عبد العزيز بن عبيد الله بن حمزة الحمصي , فقد ذكر في شيوخ ابن عياش , فإن يكن هو فهو ضعيف . و وجدت للهاشمي متابعا قويا لو ثبت الإسناد إليه , فقال أبو بكر الشافعي في " الفوائد " ( 6 / 66 / 1 ) : أخبرنا محمد بن يونس بن موسى القرشي أخبرنا يحيى بن كثير أخبرنا شعبة عن الأعمش عن مجاهد به . و رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير القرشي هذا - و هو الكديمي - و هو كذاب . لكن يشهد للحديث قوله صلى الله عليه وسلم : " الجنة تحت ظلال السيوف " . رواه البخاري عن عبد الله بن أبي أوفى , و مسلم عن أبي موسى , و هو مخرج في " الإرواء " ( 5 / 6 - 7 ) . 2673 " ثلاثة لا ترى أعينهم النار يوم القيامة : عين بكت من خشية الله و عين حرست في سبيل الله و عين غضت عن محارم الله " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 375 : روي من حديث #معاوية بن حيدة و عبد الله بن عباس و أبي ريحانة و أبي هريرة و أنس بن مالك # . 1 - أما حديث معاوية بن حيدة فيرويه أبو حبيب الغنوي عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده مرفوعا به . أخرجه الخلعي في " الفوائد " ( ق 106 / 1 ) و ابن عساكر في " التاريخ " ( 3 / 297 / 1 ) كلاهما من طريق أبي يعلى عن أبي حبيب الغنوي به . قلت : و هذا إسناد حسن , لولا أن أبا حبيب هذا لم أجد من ذكره , و إلى ذلك أشار الهيثمي بقوله ( 5 / 288 ) : " رواه الطبراني , و فيه أبو حبيب العنقزي , و يقال : ( القنوي ) , و لم أعرفه " . و نحوه في " الترغيب " ( 2 / 154 و 3 / 64 ) . و ذكره المزي في الرواة عن بهز , و وقع فيه ( القنوي ) و وقع في المصدرين المذكورين للحديث : ( الغنوي ) , و هذا اختلاف شديد في هذه النسبة لم يتبين لي الصواب من ذلك كما شرحته في التعليق على الحديث في " صحيح الترغيب و الترهيب " ( رقم 1217 ) . 2 - و أما حديث ابن عباس , فجاء من وجهين اثنين : الأول : عن شعيب بن رزيق أبي شيبة : حدثنا عطاء الخراساني عن عطاء بن أبي رباح عنه بلفظ : " عينان لا تمسهما النار .. " الحديث دون الجملة الثالثة . أخرجه الترمذي ( 1639 ) و البيهقي ( 1 / 488 / 796 ) و المزي في " التهذيب " ( 12 / 525 ) و قال الترمذي : " حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث شعيب " . قلت : هو صدوق يخطىء كما قال الحافظ , و إنما العلة ( عطاء الخراساني ) فإنه يخطىء كثيرا . الثاني : عن أبي الفرج بن المسلمة في " مجلس من الأمالي " ( 120 / 1 - 2 ) عن عبد الله بن قريش قال : وجدت في " كتاب الفرج " : حدثنا عمر بن يزيد : حدثنا معن بن خالد عن سعيد بن جبير عنه . قلت : و هذا إسناد ضعيف , و فيه علل : الأولى : الفرج - و هو ابن فضالة الشامي - ضعيف . الثانية : عمر بن يزيد , الظاهر أنه النضري الشامي , ذكره أبو زرعة في " ثقات الشاميين " , و قال ابن حبان ( 2 / 89 ) : " كان ممن يقلب الأسانيد , و يرفع المراسيل , لا يجوز الاحتجاج به على الإطلاق , و إن اعتبر بما يوافق الثقات فلا ضير " . الثالثة : معبد بن خالد , الظاهر أنه من شيوخ بقية , مجهول . 3 - و أما حديث أبي ريحانة : عبد الرحمن بن شريح قال : سمعت محمد بن شمير الرعيني يقول : سمعت أبا عامر الجنبي يقول : سمعت أبا ريحانة يقول : " كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة ... " الحديث , و فيه : ثم قال صلى الله عليه وسلم : " حرمت النار على عين دمعت أو بكت من خشية الله , و حرمت النار على عين سهرت في سبيل الله , أو قال : حرمت النار على عين أخرى ثالثة لم يسمها محمد بن بكير " . أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 7 / 158 / 2 - 159 / 1 ) و عنه ابن أبي عاصم في " الجهاد " ( ق 86 / 2 ) و أحمد ( 4 / 134 - 135 ) و الحاكم ( 2 / 83 ) و عنه البيهقي ( 9 / 149 ) <1>, 1>و زادا : " قال أبو شريح - و هو عبد الرحمن بن شريح - : و سمعته بعد أن قال : حرمت النار على عين غضت عن محارم الله , أو عين فقئت في سبيل الله " . و قال الحاكم : " صحيح الإسناد " . و وافقه الذهبي ! كذا قال مع أنه أورد محمد بن شمير في " الميزان " , و قال : " لم يرو عنه غير عبد الرحمن بن شريح " . و لم يوثقه غير ابن حبان , و لكن ابن حبان قال : " روى عنه المصريون " . و جزم ابن القطان بأن عبد الرحمن بن شريح تفرد بالرواية عنه , و أنه لا يعرف كما في " التهذيب " و لهذا قال في " التقريب " : " مقبول " . يعني عند المتابعة . 4 - و أما حديث أبي هريرة , فله ثلاث طرق : الأولى : عن عمر بن راشد اليمامي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عنه به , إلا أنه قال مكان " عين غضت عن محارم الله " : عين فقئت في سبيل الله " . و الباقي مثله . أخرجه الحاكم ( 2 / 82 ) و عنه البيهقي ( 1 / 488 / 795 ) و قال الحاكم : " صحيح الإسناد " ! و رده الذهبي بقوله : " قلت : عمر ضعفوه " . الثانية : عن صالح بن كيسان قال : قال أبو عبد الرحمن : سمعت أبا هريرة يقول : فذكره نحو حديث الترجمة دون الجملة الثالثة . أخرجه البخاري في " الكنى " ( 50 / 436 ) و عبد بن حميد في " المنتخب " ( 3 / 208 / 1445 ) و الحاكم ( 2 / 82 - 83 ) و عنه البيهقي ( 4 / 16 - 17 ) . قلت : بيض له الحاكم , و أعله الذهبي معقبا عليه بقوله : " قلت : فيه انقطاع " . كذا قال , و لعل الصواب أن يقال : فيه جهالة لأن عبد الرحمن هذا غير معروف إلا في هذه الرواية , و لم يوثقه غير ابن حبان ( 5 / 568 ) و قد صرح بالسماع , فأين الانقطاع ?! و من المحتمل أنه يعني بالانقطاع قول ( صالح بن كيسان ) : " قال : قال أبو عبد الرحمن " . و لكني أستبعده جدا , لأن صالحا هذا ثقة غير مدلس , فلا فرق بين قوله : " قال " و قوله : " عن " و " ذكر " و نحوه , كما هو مقرر في علم المصطلح . الثالثة : عن عمر بن سهل المازني عن عمر بن صهبان عن صفوان بن سليم عن أبي سلمة عنه مرفوعا به نحوه , إلا أنه قال : " و عين خرج منها مثل رأس الذباب من خشية الله " . أخرجه البزار ( 2 / 262 / 1659 ) و غيره . و عمر بن سهل المازني ضعيف , لكنه قد توبع , فالعلة من شيخه ابن صهبان , و قد تفرد بذكر هذه الزيادة : " مثل رأس الذباب " و لذلك أوردت حديثه هذا في " الضعيفة " ( 1562 و 5144 ) . 5 - و أما حديث أنس فيرويه شبيب بن بشر عنه مرفوعا مثل حديث الترمذي . أخرجه أبو يعلى في " مسنده " ( 7 / 307 - 308 ) و من طريقه الضياء المقدسي في " المختارة " ( ق 131 / 1 ) و الطبراني في " الأوسط " ( 2 / 54 / 1 / 5908 ) و أبو نعيم في " الحلية " ( 7 / 119 ) و قالا : " تفرد به زافر بن سليمان " . قلت : هو أبو سليمان الإيادي و هو صدوق كثير الأوهام , لكنه عند أبي يعلى من طريق أخرى عن ( شبيب بن بشر ) و هو صدوق يخطىء , فحديثه حسن , و هو بما تقدم من الشواهد صحيح بلا ريب , و بخاصة أن له طريقين آخرين عن أنس , أحدهما في " تاريخ بغداد " ( 2 / 360 ) و الآخر عند العقيلي ( 4 / 346 ) و الشهاب القضاعي ( 1 / 212 / 321 ) و قال العقيلي : " و الرواية في هذا الباب لينة , و فيها ما هو أصلح من هذا الإسناد " . و كأنه يعني رواية شبيب بن بشر . و الله أعلم . و بالجملة فالحديث بهذه الطرق صحيح على الراجح . و الله أعلم . ----------------------------------------------------------- [1] و للنسائي ( 2 / 56 ) جملة السهر منه . اهـ . 2674 " رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعجن في الصلاة . يعني : يعتمد " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 380 : أخرجه الطبراني في " المعجم الأوسط " ( 1 / 239 / 1 - مصورة الجامعة الإسلامية رقم 419 - ط ) : حدثنا علي بن سعيد الرازي قال : أخبرنا عبد الله بن عمر بن أبان قال : أخبرنا يونس بن بكير قال : أخبرنا الهيثم بن علقمة بن قيس بن ثعلبة عن الأزرق بن قيس قال : رأيت #عبد الله بن عمر #و هو يعجن في الصلاة , يعتمد على يديه إذا قام , فقلت : ما هذا يا أبا عبد الرحمن ? قال : فذكره , و قال : " لم يرو هذا الحديث عن الأزرق إلا الهيثم , تفرد به يونس بن بكير " . قلت : و هو صدوق حسن الحديث من رجال مسلم , و فيه كلام لا ينزل حديثه عن مرتبة الحسن إن شاء الله تعالى . لكن شيخه الهيثم بن علقمة بن قيس بن ثعلبة لم أعرفه , و لم أر أحدا ذكره , فأخشى أن يكون وقع في الرواية شيء من التحريف , فقد أخرج الحديث أبو إسحاق الحربي في " غريب الحديث " هكذا : حدثنا عبد الله بن عمر حدثنا يونس بن بكير عن الهيثم عن عطية بن قيس عن الأزرق بن قيس به . و الحربي ثقة إمام حافظ , فروايته مقدمة على رواية علي بن سعيد الرازي , فإن هذا و إن وثقه مسلمة بن قاسم فقد قال الدارقطني : " ليس بذاك " , فقوله في الإسناد : " الهيثم بن علقمة بن قيس بن ثعلبة " يكون من أوهامه إن كان محفوظا عنه , و الصواب قول الحربي : " الهيثم عن عطية بن قيس " . و الهيثم هذا هو ابن عمران الدمشقي , وثقه ابن حبان , و قد روى عنه جمع من الثقات كما كنت حققته في " الكتاب الآخر " تحت الحديث ( 967 ) مفصلا القول هناك في مشروعية الاعتماد على اليدين عند القيام من السجدة الثانية أو التشهد الأول , و ذكرت هناك متابعا قويا لعطية بن قيس فراجعه . و من العجيب أن يخفى هذا الحديث على كل من صنف في " التخريج " كما ذكرت هناك , و أعجب منه أن لا يورده الهيثمي في " مجمع البحرين في زوائد المعجمين " , بل و لا في " مجمع الزوائد " , مع أنه أورد فيه ما يخالفه , فقال ( 2 / 136 ) : " و عن عبد الرحمن بن يزيد قال : رمقت عبد الله بن مسعود في الصلاة فرأيته ينهض و لا يجلس , قال : ينهض على صدور قدميه في الركعة الأولى و الثالثة . رواه الطبراني في " الكبير " , و رجاله رجال الصحيح " . و نحوه ما صنعه الحافظ في " التلخيص الحبير " , فإنه بعد أن ذكر حديث ابن عباس بمعنى حديث الترجمة , و نقل أقوال مخرجيه في تضعيف حديث ابن عباس و إبطاله , قال ( 1 / 260 ) : " و في " الطبراني الأوسط " عن الأزرق بن قيس : رأيت عبد الله بن عمر و هو يعجن في الصلاة , يعتمد على يديه إذا قام كما يفعل الذي يعجن " ! فذكر الموقوف دون المرفوع منه , فأوهم القارىء خلاف الواقع , و لذلك كنت سميته في الكتاب السابق الذكر أثرا اعتمادا عليه , فلما وقفت على لفظه في " المعجم الأوسط " بادرت إلى إخراجه هنا و سقته كما رأيته فيه و تكلمت على إسناده نصحا للأمة , و تأكيدا لما كنت ذكرته هناك من ثبوت الحديث . و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات . و لابد من التنبيه هنا على خطأ وقع لي ثمة , و ذلك أنني رجحت أن عبد الله بن عمر - شيخ الحربي - الصواب فيه عبيد الله ( مصغرا ) , فلما وقفت على رواية الطبراني و مطابقتها لرواية الحربي , بل زاد فسمى جده ( أبان ) تبين لي الخطأ , و أن الصواب كما وقع في الروايتين : ( عبد الله بن عمر ) و هو ابن محمد بن أبان الأموي مولاهم الكوفي , و هو ثقة أيضا من رجال مسلم . ثم رأيت ليونس بن بكير متابعا , أخرجه الطبراني في " الأوسط " أيضا ( 1 / 190 / 2 رقم 3371 - ط ) من طريق عبد الحميد الحماني قال : أخبرنا الهيثم بن عطية البصري عن الأزرق بن قيس قال : " رأيت ابن عمر في الصلاة يعتمد إذا قام , فقلت : ما هذا ? قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله " . و قال : " لم يروه عن الأزرق إلا الهيثم , تفرد به الحماني " . قلت : و فيه ضعف , و الهيثم بن عطية هذا لم أعرفه أيضا , و لعله " .. عن عطية " كما تقدم في رواية أبي إسحاق الحربي . و الله أعلم . ( تنبيه ) : ألف بعض الفضلاء جزءا في كيفية النهوض في الصلاة , نشره سنة ( 1406 ) , تأول فيه بعض الأحاديث الصحيحة على خلاف تفسير العلماء , و حشر أحاديث ضعيفة مقويا تأويله بها , و ضعف حديثنا هذا الصحيح بأمور و علل دلت على أنه كان الأولى به أن لا يدخل نفسه فيما لا يحسنه , فرددت عليه ردا مسهبا مبينا أخطاءه الحديثية و الفقهية في كتابي " تمام المنة " ( ص 196 - 207 ) , فمن شاء التوسع رجع إليه . 2675 " من السنة النزول بـ ( الأبطح ) عشية النفر " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 383 : أخرجه الطبراني في " المعجم الأوسط " ( 1 / 198 / 2 - 199 / 1 ) قال : حدثنا الحسين بن محمد بن حاتم العجل قال : أخبرنا عبد الله بن محمد الأذرمي قال : أخبرنا القاسم بن يزيد الجرمي قال : أخبرنا سفيان عن منصور عن إبراهيم عن الأسود عن #عمر بن الخطاب #قال : فذكره . و قال : " لم يروه عن سفيان إلا القاسم الجرمي " . قلت : و هو ثقة اتفاقا , و مثله الأذرمي الراوي عنه . و أما الحسين بن محمد - و هو المعروف بعبيد العجل - فهو ثقة حافظ متقن كما قال الخطيب ( 8 / 94 ) و هو من تراجم الذهبي في " تذكرة الحفاظ " . و أما من فوقهم فثقات كلهم من رجال الشيخين لا يسأل عن مثلهم . فالإسناد صحيح , و لقد قصر الهيثمي حين اقتصر على تحسينه في " المجمع " ( 3 / 282 ) : " رواه الطبراني في " الأوسط " , و إسناده حسن " ! و لقد بادرت إلى تخريج هذا الحديث فور حصولي على نسخة مصورة من " المعجم الأوسط " لعزته , و قلة من أورده من المخرجين و غيرهم , و لكونه شاهدا قويا لما رواه مسلم ( 4 / 85 ) عن نافع أن ابن عمر كان يرى التحصيب سنة . قلت : فكأن ابن عمر تلقى ذلك من أبيه رضي الله عنهما , فتقوى رأيه بهذا الشاهد الصحيح عن عمر . و ليس بخاف على أهل العلم أنه أقوى في الدلالة على شرعية التحصيب من رأي ابنه , لما عرف عن هذا من توسعه في الاتباع له صلى الله عليه وسلم حتى في الأمور التي وقعت منه صلى الله عليه وسلم اتفاقا لا قصدا , و الأمثلة على ذلك كثيرة , و قد ذكر بعضها المنذري في أول " ترغيبه " <1>, 1>بخلاف أبيه عمر كما يدل على ذلك نهيه عن اتباع الآثار <2>2>, فإذا هو جزم أن التحصيب سنة , اطمأن القلب إلى أنه يعني أنها سنة مقصودة أكثر من قول ابنه بذلك , لاسيما و يؤيده ما أخرجه الشيخان عن أبي هريرة قال : قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم و نحن بمنى : " نحن نازلون غدا بخيف بني كنانة حيث تقاسموا على الكفر " . و ذلك أن قريشا و بني كنانة تحالفت على بني هاشم و بني المطلب أن لا يناكحوهم و لا يبايعوهم حتى يسلموا إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم . يعني بذلك التحصيب . و السياق لمسلم . قال ابن القيم في " زاد المعاد " : " فقصد النبي صلى الله عليه وسلم إظهار شعائر الإسلام في المكان الذي أظهروا فيه شعائر الكفر , و العداوة لله و رسوله . و هذه كانت عادته صلوات الله و سلامه عليه : أن يقيم شعار التوحيد في مواضع شعائر الكفر و الشرك كما أمر صلى الله عليه وسلم أن يبنى مسجد الطائف موضع اللات و العزى " . و أما ما رواه مسلم عن عائشة أن نزول الأبطح ليس بسنة , و عن ابن عباس أنه ليس بشيء . فقد أجاب عنه المحققون بجوابين : الأول : أن المثبت مقدم على النافي . و الآخر : أنه لا منافاة بينهما , و ذلك أن النافي أراد أنه ليس من المناسك فلا يلزم بتركه شيء , و المثبت أراد دخوله في عموم التأسي بأفعاله صلى الله عليه وسلم , لا الإلزام بذلك . قال الحافظ عقبه ( 3 / 471 ) : " و يستحب أن يصلي به الظهر و العصر و المغرب و العشاء , و يبيت به بعض الليل كما دل عليه حديث أنس و ابن عمر " . قلت : و هما في " مختصري لصحيح البخاري " ( كتاب الحج / 83 - باب و 148 - باب ) . ( الأبطح ) : يعني أبطح مكة , و هو مسيل واديها , و يجمع على البطاح و الأباطح , و منه قيل : قريش البطاح , هم الذين ينزلون أباطح مكة و بطحاءها . " نهاية " و ( التحصيب ) : النزول بـ ( المحصب ) و هو الشعب الذي مخرجه إلى الأبطح بين مكة و منى . و هو أيضا ( خيف بني كنانة ) . ----------------------------------------------------------- [1] انظر كتابي " صحيح الترغيب و الترهيب " ( 1 / 22 - 23 / 43 - 46 ) و هو تحت الطبع . ثم طبع المجلد الأول منه سنة ( 1408 ) . ثم شرعنا في طبع الثاني منه في رجب هذه السنة ( 1415 ) يسر الله نشره . [2] انظر كتابي " تحذير الساجد " ( ص 136 / 6 ) . اهـ . 2676 " تلك سنة أبي القاسم صلى الله عليه وسلم . يعني إتمام المسافر إذا اقتدى بالمقيم , و إلا فالقصر " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 386 : هذه السنة الصحيحة يرويها قتادة عن موسى بن سلمة الهذلي عن #ابن عباس #رضي الله عنه . و يرويه عن قتادة جمع : الأول : أيوب عنه عن موسى قال : كنا مع ابن عباس بمكة , فقلت : إنا إذا كنا معكم صلينا أربعا , و إذا رجعنا إلى رحالنا صلينا ركعتين ? قال : فذكره . أخرجه أحمد ( 1 / 216 ) و السراج في " مسنده " ( ق 120 / 1 ) و الطبراني في " المعجم الأوسط " ( 1 / 278 / 1 - مصورة الجامعة الإسلامية ) و أبو عوانة في " مسنده " ( 2 / 340 ) من طريق محمد بن عبد الرحمن الطفاوي , و الطبراني أيضا ( 2 / 92 / 2 ) من طريق الحارث بن عمير كلاهما عن أيوب عنه به , و زاد هو و السراج : " و إن رغمتم " , و قال : " لم يروه عن أيوب إلا الحارث بن عمير و الطفاوي " . الثاني : شعبة عنه به , و لفظه : قال : سألت ابن عباس : كيف أصلي إذا كنت بمكة إذا لم أصل مع الإمام ? فقال : ركعتين سنة أبي القاسم صلى الله عليه وسلم . أخرجه مسلم ( 2 / 143 - 144 ) و النسائي ( 1 / 212 ) و ابن خزيمة في " صحيحه " ( 951 ) و البيهقي ( 3 / 153 ) و ابن حبان ( 4 / 185 / 2744 ) و أحمد ( 1 / 290 و 337 ) و أبو عوانة و الطحاوي ( 1 / 245 ) و لفظ البيهقي : " كم أصلي إذا فاتتني الصلاة في المسجد الحرام ? ... " . و الباقي مثله . الثالث : سعيد بن أبي عروبة عنه نحوه . أخرجه مسلم ( 3 / 144 ) و النسائي , و أحمد ( 1 / 369 ) . الرابع : هشام الدستوائي . قال الطيالسي في " مسنده " ( 2742 ) : حدثنا هشام عنه به . و لفظه : قلت لابن عباس : إذا لم أدرك الصلاة في المسجد الحرام كم أصلي بـ ( البطحاء ) ? قال : ركعتين .. إلخ . و أخرجه أحمد ( 1 / 226 ) : حدثنا يحيى عن هشام به . الخامس : همام : أخبرنا قتادة به مثل لفظ هشام . أخرجه أحمد ( 1 / 290 ) . و قد صرح قتادة بالتحديث عنده في رواية شعبة . قلت : و في الحديث دلالة صريحة على أن السنة في المسافر إذا اقتدى بمقيم أنه يتم و لا يقصر , و هو مذهب الأئمة الأربعة و غيرهم , بل حكى الإمام الشافعي في " الأم " ( 1 / 159 ) إجماع عامة العلماء على ذلك , و نقله الحافظ ابن حجر عنه في " الفتح " ( 2 / 465 ) و أقره , و على ذلك جرى عمل السلف , فروى مالك في " الموطأ " ( 1 / 164 ) عن نافع : أن ابن عمر أقام بمكة عشر ليال يقصر الصلاة , إلا أن يصليها مع الإمام فيصليها بصلاته . و في رواية عنه : أن عبد الله بن عمر كان يصلي وراء الإمام بمنى أربعا , فإذا صلى لنفسه صلى ركعتين . و رواه ابن خزيمة في " صحيحه " ( 954 ) من طريق أخرى عن ابن عمر . و أخرجه الطحاوي في " شرح المعاني " ( 1 / 244 ) من طريق مالك , و من قبله الإمام محمد في " موطئه " ( ص 127 - 128 ) و قال : " و بهذا نأخذ إذا كان الإمام مقيما و الرجل مسافر , و هو قول أبي حنيفة رحمه الله " . و قوله : " إذا كان الإمام مقيما ... " مفهومه - و مفاهيم المشايخ معتبرة عندهم ! - أن الإمام إذا كان مسافر فأتم - كما يفعل بعض الشافعية - , أن المسافر المقتدي خلفه يقصر و لا يتم , و هذا خلاف ما فعله ابن عمر رضي الله عنهما , و تبعه على ذلك غيره من الصحابة , منهم عبد الله بن مسعود - الذي يتبنى الحنفية غالب أقواله - فإنه مع كونه كان ينكر على عثمان رضي الله عنه إتمامه الصلاة في منى , و يعيب ذلك عليه كما في " الصحيحين " , فإنه مع ذلك صلى أربعا كما في " سنن أبي داود " ( 1960 ) و " البيهقي " ( 3 / 144 ) من طريق معاوية بن قرة عن أشياخه أن عبد الله صلى أربعا , قال : فقيل له : عبت على عثمان ثم صليت أربعا ?! قال : الخلاف شر . و هذا يحتمل أنه صلاها أربعا وحده , و يحتمل أنه صلاها خلف عثمان , و رواية البيهقي صريحة في ذلك , فدلالتها على المراد دلالة أولوية , كما لا يخفى على العلماء . و منهم سلمان الفارسي , فقد روى أبو يعلى الكندي قال : " خرج سلمان في ثلاثة عشر رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في غزاة , و كان سلمان أسنهم , فأقيمت الصلاة , فقالوا : تقدم يا أبا عبد الله ! فقال : ما أنا بالذي أتقدم , أنتم العرب , و منكم النبي صلى الله عليه وسلم , فليتقدم بعضكم , فتقدم بعض القوم , فصلى أربع ركعات , فلما قضى الصلاة , قال سلمان : ما لنا و للمربعة , إنما يكفينا نصف المربعة " . أخرجه عبد الرزاق ( 4283 ) و ابن أبي شيبة ( 2 / 448 ) و الطحاوي ( 1 / 242 ) بإسناد رجاله ثقات , و لولا أن فيه عنعنة أبي إسحاق السبيعي و اختلاطه لصححت إسناده , فسكوت الشيخ عبد الله الغماري عنه في رسالته " الرأي القويم " ( ص 30 ) ليس بجيد , لاسيما و قد جزم بنسبته إلى سلمان في رسالته الأخرى " الصبح السافر " ( ص 42 ) !! هذا و لقد شذ في هذه المسألة ابن حزم كعادته في كثير غيرها , فقد ذهب إلى وجوب قصر المسافر وراء المقيم , و احتج بالأدلة العامة القاضية بأن صلاة المسافر ركعتان , كما جاء في أحاديث كثيرة صحيحة . و ليس بخاف على أهل العلم أن ذلك لا يفيد فيما نحن فيه , لأن حديث الترجمة يخصص تلك الأحاديث العامة , بمختلف رواياته , بعضها بدلالة المفهوم , و بعضها بدلالة المنطوق . و لا يجوز ضرب الدليل الخاص بالعام , أو تقديم العام على الخاص , سواء كانا في الكتاب أو في السنة , خلافا لبعض المتمذهبة . و ليس ذلك من مذهب ابن حزم رحمه الله , فالذي يغلب على الظن أنه لم يستحضر هذا الحديث حين تكلم على هذه المسألة , أو على الأقل لم يطلع على الروايات الدالة على خلافه بدلالة المنطوق , و إلا لم يخالفها إن شاء الله تعالى , و أما رواية مسلم فمن الممكن أن يكون قد اطلع عليها و لكنه لم يرها حجة لدلالتها بطريق المفهوم , و ليس هو حجة عنده خلافا للجمهور , و مذهبهم هو الصواب كما هو مبين في علم الأصول , فإن كان قد اطلع عليها فكان عليه أن يذكرها مع جوابه عنها , ليكون القاريء على بينة من الأمر . و إن من غرائبه أنه استشهد لما ذهب إليه بما نقله عن عبد الرزاق - و هو في " مصنفه " ( 2 / 519 ) - من طريق داود بن أبي عاصم قال : " سألت ابن عمر عن الصلاة في السفر ? فقال : ركعتان . قلت : كيف ترى و نحن ههنا بمنى ? قال : ويحك سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم و آمنت به ? قلت : نعم . قال : فإنه كان يصلي ركعتين . فصل ركعتين إن شئت أو دع " . قلت : و سنده صحيح , و قال عقبه : " و هذا بيان جلي بأمر ابن عمر المسافر أن يصلي خلف المقيم ركعتين فقط " . قلت : و هذا فهم عجيب , و اضطراب في الفهم غريب , من مثل هذا الإمام اللبيب , فإنك ترى معي أنه ليس في هذه الرواية ذكر للإمام مطلقا , سواء كان مسافرا أم مقيما . و غاية ما فيه أن ابن أبي عاصم بعد أن سمع من ابن عمر أن الصلاة في السفر ركعتان , أراد أن يستوضح منه عن الصلاة و هم - يعني الحجاج - في منى : هل يقصرون أيضا ? فأجابه بالإيجاب , و أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي فيها ركعتين . هذا كل ما يمكن فهمه من هذه الرواية , و هو الذي فهمه من خرجها , فأوردها عبد الرزاق في " باب الصلاة في السفر " في جملة أحاديث و آثار في القصر , و كذلك أورده ابن أبي شيبة في باب " من كان يقصر الصلاة " من " مصنفه " ( 2 / 451 ) . و داود بن أبي عاصم هذا طائفي مكي , فمن المحتمل أنه عرضت له شبهة من جهة كونه مكيا , و المسافة بينها و بين منى قصيرة , فأجابه ابن عمر بما تقدم , و كأنه يعني أن النبي صلى الله عليه وسلم قصر في منى هو و من كان معه من المكيين الحجاج . و الله أعلم . و إن مما يؤكد خطأ ابن حزم في ذلك الفهم ما سبق ذكره بالسند الصحيح عن ابن عمر أنه كان إذا صلى في مكة و منى لنفسه قصر , و إذا صلى وراء الإمام صلى أربعا . فلو كان سؤال داود عن صلاة المسافر وراء المقيم , لأفتاه بهذا الذي ارتضاه لنفسه من الإتمام في هذه الحالة , ضرورة أنه لا يعقل أن تخالف فتواه قوله , و يؤيد هذا أنه قد صح عنه أنه أفتى بذلك غيره , فروى عبد الرزاق ( 2 / 542 / 4381 ) بسند صحيح عن أبي مجلز قال : قلت لابن عمر : أدركت ركعة من صلاة المقيمين و أنا مسافر ? قال : صل بصلاتهم . أورده في " باب المسافر يدخل في صلاة المقيمين " . و ذكر فيه آثارا أخرى عن بعض التابعين بمعناه , إلا أن بعضهم فصل , فقال في المسافر يدرك ركعة من صلاة المقيمين في الظهر : يزيد إليها ثلاثا , و إن أدركهم جلوسا صلى ركعتين . و لم يرو عن أحد منهم الاقتصار على ركعتين على كل حال كما هو قول ابن حزم ! و أما ما ذكره من طريق شعبة عن المغيرة بن مقسم عن عبد الرحمن بن تميم بن حذلم قال : " كان أبي إذا أدرك من صلاة المقيم ركعة و هو مسافر صلى إليها أخرى , و إذا أدرك ركعتين اجتزأهما " , و قال ابن حزم : " تميم بن حذلم من كبار أصحاب ابن مسعود رضي الله عنه " . قلت : نعم , و لكنه مع شذوذه عن كل الروايات التي أشرت إليها في الباب و ذكرنا بعضها , فإن ابنه عبد الرحمن ليس مشهورا بالرواية , فقد أورده البخاري في " التاريخ " ( 3 / 1 / 265 ) و ابن أبي حاتم ( 2 / 2 / 218 ) و لم يذكرا فيه جرحا و لا تعديلا , و ذكر ابن أبي حاتم أنه روى عنه أبو إسحاق الهمداني أيضا , و ذكره ابن حبان في " الثقات " ( 7 / 68 ) برواية المغيرة . و هذا قال فيه الحافظ في " التقريب " : " كان يدلس " . و ذكر أيضا من طريق مطر بن فيل عن الشعبي قال : " إذا كان مسافرا فأدرك من صلاة المقيم ركعتين اعتد بهما " . و مطر هذا لا يعرف . و عن شعبة قال : سمعت طاووسا و سألته عن مسافر أدرك من صلاة المقيم ركعتين ? قال : " تجزيانه " . قلت : و هذا صحيح إن سلم إسناده إلى شعبة من علة , فإن ابن حزم لم يسقه لننظر فيه . و جملة القول أنه إن صح هذا و أمثاله عن طاووس و غيره , فالأخذ بالآثار المخالفة لهم أولى لمطابقتها لحديث الترجمة و أثر ابن عمر و غيره . و الله أعلم . 2677 " أولئك خيار عباد الله عند الله يوم القيامة : الموفون المطيبون " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 392 : أخرجه أحمد ( 6 / 268 ) و البزار ( 1309 ) عن ابن إسحاق : حدثني هشام بن عروة عن أبيه عن #عائشة #قالت : ابتاع رسول الله صلى الله عليه وسلم من رجل من الأعراب جزورا - أو جزائر - بوسق من تمر الذخرة ( و تمر الذخرة : العجوة ) , فرجع به رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيته و التمس له التمر فلم يجده , فخرج إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له : " يا عبد الله ! إنا قد ابتعنا منك جزورا - أو جزائر - بوسق من تمر الذخرة , فالتمسناه فلم نجده " قال : فقال الأعرابي : واغدراه ! قالت : فهم الناس و قالوا : قاتلك الله , أيغدر رسول الله صلى الله عليه وسلم ?! قالت : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " دعوه , فإن لصاحب الحق مقالا " . ثم عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " يا عبد الله ! إنا ابتعنا منك جزائر و نحن نظن أن عندنا ما سمينا لك , فالتمسناه فلم نجده " , فقال الأعرابي : واغدراه ! فنهمه الناس و قالوا : قاتلك الله , أيغدر رسول الله صلى الله عليه وسلم ?! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " دعوه , فإن لصاحب الحق مقالا " , فردد رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك مرتين أو ثلاثا , فلما رآه لا يفقه عنه قال لرجل من أصحابه : اذهب إلى خولة بنت حكيم بن أمية فقل لها : رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لك : إن كان عندك وسق من تمر الذخرة فأسلفيناه حتى نؤديه إليك إن شاء الله , فذهب إليه الرجل , ثم رجع فقال : قالت : نعم , هو عندي يا رسول الله ! فابعث من يقبضه , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للرجل : اذهب به فأوفه الذي له . قال : فذهب به فأوفاه الذي له . قالت : فمر الأعرابي برسول الله صلى الله عليه وسلم و هو جالس في أصحابه . فقال : جزاك الله خيرا , فقد أوفيت و أطيبت . قالت : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره . قلت : و هذا إسناد حسن رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير ابن إسحاق - و هو محمد بن إسحاق بن يسار صاحب السيرة - و هو حسن الحديث إذا صرح بالتحديث , فقد فعل كما ترى , فثبت الحديث و الحمد لله . و قال الهيثمي ( 4 / 140 ) : " رواه أحمد و البزار , و إسناد أحمد صحيح " ! و نقله عنه الشيخ الأعظمي في تعليقه على " الكشف " و أقره ! و ذلك مما يدل القارئ على ضآلة علمه , و قلة معرفته بهذا الفن , و ضيق باعه فيه , فإنه لم يبين سبب التصحيح لسند أحمد دون سند البزار , ألا و هو التحديث و عدمه , و سكت عن التصحيح , و إنما حقه التحسين كما فعلنا للخلاف المعروف في ابن إسحاق , و جل تعليقاته من هذا النوع , لا تحقيق فيها و لا علم , و إنما هو مجرد النقل مما لا يعجز عنه المبتدئون في هذا العلم كأمثاله من متعصبة الحنفية و غيرهم , و مع ذلك لم يخجل بعضهم من السعي حثيثا لترشيحه لنيل جائزة السنة لهذه السنة ( 1400 ) من الدولة السعودية تعصبا منه له , و صدق من قال : " إن الطيور على أشكالها تقع " ! و إنما حظي بها الأعظمي الآخر , و لعلها وجدت محلها . و لله في خلقه شؤون . ثم إن قوله صلى الله عليه وسلم : " دعوه فإن لصاحب الحق مقالا " . قد جاء في قصة أخرى مختصرا من حديث أبي هريرة عند الشيخين و غيرهما , و هو مخرج في " أحاديث البيوع " . قوله : ( الذخرة ) : بمعنى الذخيرة , في " اللسان " : " و الذخيرة : واحدة الذخائر , و هي ما ادخر , و كذلك ( الذخر ) و الجمع : أذخار " . و لم يعرفها الأعظمي فعلق عليها بقوله : " كذا في الأصل مضبوطا بالقلم , و في " النهاية " : الذخيرة نوع من التمر معروف " ! قلت : و هي مفسرة في رواية أحمد بـ ( العجوة ) كما رأيت . ( الموفون المطيبون ) أي الذين يؤدون ما عليهم من الحق بطيب نفس . ( نهمه ) أي زجره . ثم وجدت له طريقا أخرى , فقال البزار ( 1310 ) : حدثنا معمر بن سهل حدثنا خالد بن مخلد حدثنا يحيى بن عمير عن هشام به , قال البزار نحوه . ثم قال : " لا نعلم أحدا رواه عن هشام إلا يحيى " . قلت : قال أبو حاتم : صالح الحديث . و ذكره ابن حبان في " الثقات " ( 7 / 601 ) و قال الذهبي : " صدوق " . و هذا هو المعتمد , فقول الحافظ : " مقبول " , غير مقبول . و قد روى عنه أربعة من الثقات . و سائر الرجال ثقات , فالإسناد جيد , و الحديث به صحيح . 2678 " ألا عسى أحدكم أن يضرب امرأته ضرب الأمة ! ألا خيركم خيركم لأهله " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 395 : أخرجه البزار في " مسنده " ( رقم 1484 - كشف الأستار ) قال : حدثنا زكريا بن يحيى الضرير حدثنا شبابة بن سوار حدثنا المغيرة بن مسلم عن هشام بن عروة عن أبيه عن #الزبير #قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره , و قال البزار : " لا نعلم أحدا قال فيه : " عن الزبير " إلا مغيرة , و لم نسمعه إلا من زكريا عن شبابة عن مغيرة " . و قال الهيثمي في " المجمع " ( 4 / 303 ) : " رواه البزار عن شيخه زكريا بن يحيى بن أيوب الضرير و لم أعرفه , و بقية رجاله رجال ( الصحيح ) " . و أقره محقق " الكشف " حبيب الرحمن الأعظمي كما هي عادته التي تدل الباحثين على أنه لا تحقيق عنده في هذا العلم إلا النقل , أما النقد العلمي الحر فلا شيء عنده منه , كما يدل على ذلك تعليقاته على بعض الكتب , و بخاصة منها " مصنف عبد الرزاق " رحمه الله , فإن الواقف عليها لا يستفيد منها تصحيحا و لا تضعيفا , و هو الغاية من علم المصطلح و رجاله , و الأمثلة على ذلك كثيرة جدا جدا , و ها هو واحد منها بين يديك , فماذا تستفيد أيها القاريء الكريم مما نقله عن الهيثمي في هذا الحديث ? الصحة , أم الضعف ? لا شيء من ذلك ! و مع ذلك ففيما نقله مؤاخذتان : الأولى : إطلاق القول أن رجاله رجال " الصحيح " ليس بصحيح , لأن المغيرة بن مسلم إنما أخرج له البخاري في " الأدب المفرد " , و لم يخرج له في " الصحيح " لا هو و لا مسلم ! إلا أنه ثقة , و لم يضعفه أحد . و الأخرى : أن زكريا بن يحيى الضرير شيخ البزار , قد ترجمه الخطيب البغدادي في " التاريخ " ( 8 / 457 ) برواية خمسة من ثقات البغداديين , بعضهم من الحفاظ المشهورين و هم : تمتام و ابن صاعد و المحاملي , و فاته الحافظ البزار . و هو و إن لم يذكر الخطيب فيه جرحا و لا تعديلا , فمثله مقبول الحديث عند العلماء كما يعرف ذلك من سبر تخاريجهم و تصحيحهم للأحاديث , لاسيما و هو لم يرو منكرا , فالشطر الأول من حديث الترجمة له شواهد كثيرة منها قوله صلى الله عليه وسلم : " يعمد أحدكم فيجلد امرأته جلد العبد ! فلعله يضاجعها في آخر يومه " . متفق عليه . و هو مخرج في " الإرواء " ( 7 / 97 / 2031 ) و في معناه أحاديث أخرى راجعها إن شئت في " المشكاة " ( 3241 و 3260 و 3261 ) . و أما الشطر الآخر منه فله شواهد كثيرة من حديث عائشة و ابن عباس و غيرهما , و قد سبق تخريجها برقم ( 285 ) . 2679 " من كن له ثلاث بنات يؤويهن و يرحمهن و يكفلهن وجبت له الجنة البتة . قيل : يا رسول الله ! فإن كانت اثنتين ? قال : و إن كانت اثنتين . قال : فرأى بعض القوم أن لو قالوا له : واحدة ? لقال : واحدة " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 397 : أخرجه الإمام أحمد ( 3 / 303 ) : حدثنا هشيم أنبأنا علي بن زيد عن محمد بن المنكدر قال : حدثني #جابر - يعني ابن عبد الله - #قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره . قلت : و هذا إسناد حسن في المتابعات , و رجاله ثقات رجال الشيخين غير علي بن زيد و هو ابن جدعان , و فيه ضعف من قبل حفظه , لكنه لم يتفرد به كما يأتي . و الحديث قال المنذري ( 3 / 84 - 85 ) : " رواه أحمد بإسناد جيد , و البزار , و الطبراني في " الأوسط " , و زاد : ( و يزوجهن ) " . و كذا قال الهيثمي ( 8 / 157 ) إلا أنه زاد قوله : " من طرق " . و قد فاتهما أبو يعلى , فقد أخرجه في " مسنده " ( 2 / 591 ) : حدثنا أبو خيثمة : أخبرنا يزيد بن هارون : أنبأنا سفيان بن حسين عن محمد بن المنكدر به . كذا وقع في نسختنا منه لم يذكر ابن جدعان , و غالب الظن أنه سقط من الناسخ , فإن سفيان هذا لم يذكروا له رواية عن محمد بن المنكدر , و إنما يروي عن ابن جدعان , و هذا عن محمد كما تراه في " مسند أحمد " , و كما ذكروا في تراجم هؤلاء الثلاثة . ثم إن في تجويد إسناد أحمد نظرا لما ذكرنا من حال ابن جدعان , إلا إذا كان المراد أنه جيد لغيره فنعم , فإنه قد توبع عند البزار و غيره , فقال في " مسنده " ( رقم 1908 ) - " كشف الأستار " : حدثنا محمد بن كثير ابن بنت يزيد بن هارون حدثنا سرور بن المغيرة أبو عامر الواسطي حدثنا سليمان التيمي عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم , و حدثنا عمرو بن علي : حدثنا حاتم بن وردان حدثنا علي بن زيد عن محمد بن المنكدر عن جابر به . و قال البزار : " لا نعلم رواه هكذا إلا سليمان و علي بن يزيد , و لم نسمعه إلا من محمد عن سرور " . قلت : و بالإسناد الأول أخرجه بحشل في " تاريخ واسط " ( ص 92 ) : حدثنا محمد بن كثير بن نافع الثقفي ابن بنت يزيد بن هارون قال : حدثنا سرور بن المغيرة به . أورده في ترجمة سرور هذا و كناه أبا عامر , لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا , كعادته . و قال ابن سعد في " الطبقات " ( 7 / 315 ) : " كان يروي التفسير عن عباد بن منصور عن الحسن , و كان معروفا " . و ذكر أنه ابن المغيرة بن زاذان ابن أخي منصور بن زاذان , و كذلك ذكر ابن أبي حاتم في " الجرح و التعديل " ( 2 / 1 / 325 ) و قال : " روى عن عباد بن منصور . روى عنه أبو سعيد أحمد بن داود الحداد , سألت أبي عنه ? فقال : شيخ " . و ذكره ابن حبان في " الثقات " , و قال ( 8 / 301 ) : " روى عنه أبو سعيد الحداد الغرائب " . و قال في مكان آخر ( 6 / 437 ) : " ... روى عنه الواسطيون " . و نقله عنه الحافظ في " اللسان " . و من الغريب , أنه لم يذكر في هذه الترجمة كل ما نقلته آنفا عن ابن أبي حاتم و من قبله ! و أما محمد بن كثير ابن بنت يزيد بن هارون فلم أقف الآن على ترجمة له فيما بين يدي من المصادر , و قد عرفت مما سبق أنه من شيوخ البزار و بحشل , و قد روى هذا له أحاديث أخرى ( ص 160 و 205 ) و يبدو أنه ليس واسطيا , فقد ترجم لجماعة كثيرة من شيوخه في آخر الكتاب ( ص 218 - 292 ) , و ليس هو فيهم , فلعله بصري . و الله أعلم . ثم رأيت في المكان الآخر من " الثقات " : " أصله من البصرة , سكن واسط " . و بالجملة فهذه الطريق تقوي رواية ابن جدعان , لاسيما و للحديث شواهد كثيرة تقدم ذكر جملة طيبة منها برقم ( 294 و 297 ) . 2680 " ما من امرأة تقدم ثلاثا من الولد تحتسبهن إلا دخلت الجنة . فقالت امرأة منهن : أو اثنان ? قال : أو اثنان " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 399 : أخرجه الإمام أحمد ( 2 / 246 ) : حدثنا سفيان حدثنا سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن #أبي هريرة #: جاء نسوة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلن : يا رسول الله ! ما نقدر عليك في مجلسك من الرجال , فواعدنا منك يوما نأتيك فيه . قال : " موعدكن بيت فلان " . و أتاهن في ذلك اليوم , و لذلك الموعد . قال : فكان مما قال لهن , يعني : فذكره . قلت : و هذا إسناد صحيح على شرط مسلم , و ( سفيان ) هو ابن عيينة , و قد أخرجه في " صحيحه " ( 8 / 39 ) من طريق أخرى عن سهيل به مختصرا , و لفظه : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لنسوة من الأنصار : " لا يموت لإحداكن ثلاثة من الولد فتحتسبه إلا دخلت الجنة " . فقالت امرأة منهن : أو اثنين يا رسول الله ? قال : " أو اثنين " . و هو رواية لأحمد ( 2 / 378 ) . و الحديث في " الصحيحين " من حديث أبي سعيد نحوه , و هو في كتابي " مختصر صحيح البخاري " ( 96 - كتاب / 9 - باب ) و قد مضى تحت الحديث ( 2302 ) . و فيه فوائد كثيرة , أذكر بعضها : 1 - أن من مات له ولدان دخل الجنة و حجباه من النار , و ليس ذلك خاصا بالإناث آباء و أولادا , لأحاديث أخرى كثيرة تعم الجنسين , و تجد جملة طيبة منها في " الترغيب و الترهيب " ( 3 / 89 - 91 ) و يأتي بعد هذا أحدها . 2 - فيه فضل نساء الصحابة و ما كن عليه من الحرص على تعلم أمور الدين . 3 - و فيه جواز سؤال النساء عن أمر دينهن , و جواز كلامهن مع الرجال في ذلك , و فيما لهن الحاجة إليه . 4 - جواز الوعد , و قد ترجم البخاري للحديث بقوله : " هل يجعل للنساء يوما على حدة في العلم ? " . قلت : و أما ما شاع هنا في دمشق في الآونة الأخيرة من ارتياد النساء للمساجد في أوقات معينة ليسمعن درسا من إحداهن , ممن يتسمون بـ ( الداعيات ) زعمن , فذلك من الأمور المحدثة التي لم تكن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم و لا في عهد السلف الصالح , و إنما المعهود أن يتولى تعليمهن العلماء الصالحون في مكان خاص كما في هذا الحديث , أو في درس الرجال حجزة عنهم في المسجد إذا أمكن , و إلا غلبهن الرجال , و لم يتمكن من العلم و السؤال عنه . فإن وجد في النساء اليوم من أوتيت شيئا من العلم و الفقه السليم المستقى من الكتاب و السنة , فلا بأس من أن تعقد لهن مجلسا خاصا في بيتها أو بيت إحداهن , ذلك خير لهن , كيف لا و النبي صلى الله عليه وسلم قال في صلاة الجماعة في المسجد : " و بيوتهن خير لهن " , فإذا كان الأمر هكذا في الصلاة التي تضطر المرأة المسلمة أن تلتزم فيها من الأدب و الحشمة ما لا تكثر منه خارجها فكيف لا يكون العلم في البيوت أولى لهن , لاسيما و بعضهن ترفع صوتها , و قد يشترك معها غيرها فيكون لهن دوي في المسجد قبيح ذميم . و هذا مما سمعناه و شاهدناه مع الأسف . ثم رأيت هذه المحدثة قد تعدت إلى بعض البلاد الأخرى كعمان مثلا . نسأل الله السلامة من كل بدعة محدثة . 2681 " 1 - من ولد له ثلاثة أولاد في الإسلام فماتوا قبل أن يبلغوا الحنث أدخله الله عز وجل الجنة برحمته إياهم . 2 - و من شاب شيبة في سبيل الله عز وجل كانت له نورا يوم القيامة . 3 - و من رمى بسهم في سبيل الله عز وجل بلغ به العدو أصاب أو أخطأ كان له كعدل رقبة . 4 - و من أعتق رقبة مؤمنة أعتق الله بكل عضو منها عضوا منه من النار . 5 - و من أنفق زوجين في سبيل الله عز وجل فإن للجنة ثمانية أبواب يدخله الله عز وجل من أي باب شاء منها الجنة " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 402 : أخرجه الإمام أحمد ( 4 / 386 ) من طريق الفرج : حدثنا لقمان عن أبي أمامة عن عمرو ابن عبسة السلمي قال : قلت له : حدثنا حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس فيه انتقاص و لا وهم . قال : سمعته يقول : فذكره . قلت : و هذا إسناد رجاله ثقات غير الفرج - و هو ابن فضالة الحمصي و قيل : الدمشقي - ضعيف , و بعضهم مشاه في روايته عن الشاميين , و هذه منها , و لعله لذلك قال المنذري في " الترغيب " ( 3 / 91 ) : " رواه أحمد بإسناد حسن " . قلت : و مهما كان الأمر , فحديثه هذا صحيح , لا يرتاب فيه باحث محقق , لأنه قد جاء مفرقا من طرق , و لابد من البيان : 1 - أما الفقرة الأولى و الثانية و الثالثة و الرابعة , فقد رواها عبد الحميد ابن بهرام : حدثنا شهر بن حوشب أخبرني أبو ظبية أن شرحبيل بن السمط دعا عمرو ابن عبسة السلمي فقال : يا ابن عبسة ! هل أنت محدثي حديثا سمعته أنت من رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس فيه تزيد و لا كذب , و لا تحدثنيه عن آخر سمعه منه غيرك ? قال : نعم : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : فذكره مطولا , و فيه هذه الفقرات . أخرجه أحمد , و عبد بن حميد في " المنتخب من المسند " ( ق 46 / 2 ) و إسناده حسن في الشواهد و المتابعات . و تابعه حريز بن عثمان : حدثنا سليم بن عامر أن عمرو بن عبسة كان عند شرحبيل بن السمط فقال : يا عمرو .. الحديث . بالفقرة الثانية و الثالثة و الرابعة . أخرجه أحمد , و عبد بن حميد ( ق 45 / 1 ) . و إسنادهما صحيح . و تابعه صفوان قال : حدثني سليم به . أخرجه النسائي , و قد تقدم برقم ( 1244 ) . و للفقرة الأولى و الخامسة شاهد قوي من حديث أبي ذر مرفوعا . أخرجه أحمد ( 5 / 151 و 153 و 159 و 164 ) و الطبراني في " الكبير " ( 1 / 82 / 1 - 2 ) من طريق الحسن : حدثني صعصعة بن معاوية عنه , و زادا : " قلنا : ما هذان الزوجان ? قال : إن كانت رحالا فرحلان , و إن كانت خيلا ففرسان , و إن كانت إبلا فبعيران , حتى عد أصناف المال كله " . و إسناده صحيح , و للنسائي منه ( 2 / 66 ) الفقرة الخامسة . و لهذه شاهد آخر من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من أنفق زوجين في سبيل الله دعاه خزنة الجنة , كل خزنة باب : أي فل ! هلم " . أخرجه البخاري و غيره , و له عنده ألفاظ , و هو في كتابي " مختصر البخاري " ( كتاب الصوم / 4 - باب ) . و أخرج البزار ( 1709 - كشف ) الفقرة الرابعة نحوها من حديث أنس بن مالك . ( فائدة ) : قال الحافظ ( 6 / 36 ) : " و قوله : ( زوجين ) أي شيئين من أي نوع كان ينفق " . قلت : و يؤيده زيادة للبخاري بلفظ : " من شيء من الأشياء " , ثم قال : " و الزوج يطلق على الواحد و على الاثنين , و هو هنا على الواحد جزما . و قوله : ( كل خزنة باب ) كأنه من المقلوب , لأن المراد : خزنة كل باب . قال المهلب : في هذا الحديث أن الجهاد أفضل الأعمال , لأن المجاهد يعطى أجر المصلي و الصائم و المتصدق , و إن لم يفعل ذلك , لأن باب الريان للصائمين , و قد ذكر في هذا الحديث أن المجاهد يدعى من تلك الأبواب كلها بإنفاق قليل من المال في سبيل الله . انتهى . و ما جرى فيه على ظاهر الحديث يرده ما قدمته في " الصيام " من زيادة في الحديث لأحمد حيث قال فيه : " لكل أهل عمل باب يدعون بذلك العمل " , و هذا يدل على أن المراد بـ ( سبيل الله ) ما هو أعم من الجهاد و غيره من الأعمال الصالحة " . قلت : و أما ( سبيل الله ) في آية مصارف الزكاة *( إنما الصدقات )* , فهي في الجهاد و في الحج و العمرة , و لبيان هذا مجال آخر . 2682 " يا عمرو ! إن الله عز وجل قد أحسن كل شيء خلقه . يا عمرو ! - و ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم بأربع أصابع من كفه اليمنى تحت ركبة عمرو فقال : - هذا موضع الإزار , ثم رفعها , [ ثم ضرب بأربع أصابع تحت الأربع الأولى ثم قال : يا عمرو ! هذا موضع الإزار ] , ثم رفعها , ثم وضعها تحت الثانية , فقال : يا عمرو ! هذا موضع الإزار " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 405 : أخرجه أحمد ( 4 / 200 ) : حدثنا الوليد بن مسلم حدثنا الوليد بن سليمان أن القاسم بن عبد الرحمن حدثهم عن #عمرو بن فلان الأنصاري #قال : بينا هو يمشي قد أسبل إزاره , إذ لحقه رسول الله صلى الله عليه وسلم , و قد أخذ بناصية نفسه , و هو يقول : " اللهم عبدك ابن عبدك ابن أمتك " . قال عمرو : فقلت : يا رسول الله ! إني رجل حمش الساقين . فقال : فذكره . و أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 8 / 277 / 7909 ) . قلت : و هذا إسناد حسن رجاله ثقات , و في القاسم بن عبد الرحمن - و هو صاحب أبي أمامة - كلام لا يضر , و لهذا قال الهيثمي في " مجمع الزوائد " ( 5 / 141 ) : " رواه أحمد , و رجاله ثقات " . قلت : و له شاهد من حديث أبي أمامة قال : بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ لحقنا عمرو بن زرارة الأنصاري في حلة , إزار و رداء , قد أسبل , فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذ بناحية ثوبه , و يتواضع لله , و يقول : " اللهم عبدك و ابن عبدك و ابن أمتك " . حتى سمعها عمرو بن زرارة .. الحديث نحوه , و زاد : " يا عمرو بن زرارة إن الله لا يحب المسبل " . قال الهيثمي : " رواه الطبراني بأسانيد , و رجال أحدها ثقات " . و للزيادة شاهد في " شعب الإيمان " ( 2 / 222 / 2 ) و آخر سيأتي أول المجلد التاسع برقم ( 4004 ) و له شاهد ثالث يرويه عمرو بن الشريد يحدث عن أبيه : " أن النبي صلى الله عليه وسلم تبع رجلا من ثقيف حتى هرول في أثره , حتى أخذ بثوبه فقال : " ارفع إزارك " . فكشف الرجل عن ركبتيه . فقال : يا رسول الله ! إني أحنف , و تصطك ركبتاي , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كل خلق الله عز وجل حسن " . قال : و لم ير ذلك الرجل إلا و إزاره إلى أنصاف ساقيه حتى مات " . قلت : و إسناده صحيح على شرط الشيخين , و قد مضى برقم ( 1441 ) . و يشهد لبعضه حديث حذيفة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " موضع الإزار إلى أنصاف الساقين و العضلة , فإن أبيت فأسفل , فإن أبيت فمن وراء الساق , و لا حق للكعبين في الإزار " . أخرجه النسائي ( 2 / 299 ) من طريق الأعمش , و السياق له , و الترمذي ( 1 / 329 ) و ابن ماجه ( 3572 ) من طريق أبي الأحوص , و ابن حبان ( 1447 ) و أحمد ( 5 / 382 و 400 - 401 ) عن سفيان عن أبي إسحاق عن مسلم بن نذير عن حذيفة به . و تابعهما زيد بن أبي أنيسة عند ابن حبان ( 1448 ) و قال الترمذي : " حديث حسن صحيح , رواه الثوري و شعبة عن أبي إسحاق " . قلت : كأنه يشير بروايتهما الحديث عنه أنه سالم من الإعلال باختلاط أبي إسحاق - و هو عمرو بن عبد الله السبيعي - فإنهما رويا عنه قبل اختلاطه كما صرحوا بذلك , و في حفظي عن الحافظ أن الأعمش كذلك , فإنه أقدم منهما , مات سنة ( 148 ) و مات شعبة سنة ( 160 ) و سفيان بعده بسنة , بل هو من شيوخهما , و قد أخرج له مسلم عن السبيعي كما في " تهذيب المزي " . بقي أن أبا إسحاق قد رمي بالتدليس أيضا , و قد عنعنه , و الجواب من وجهين : الأول : أن شعبة لا يروي عنه ما لم يصرح بسماعه فيه . و الآخر : أنه قد صرح فعلا بذلك , فقال أحمد ( 5 / 396 ) : حدثنا عفان حدثنا شعبة عن أبي إسحاق قال : سمعت مسلم بن نذير به . و كذلك أخرجه الطيالسي في " مسنده " ( 445 ) : حدثنا شعبة به إلا أنه وقع فيه " مسلم بن قريش " , و لعله خطأ مطبعي . ( تنبيه ) : ما بين المعقوفتين من حديث الترجمة سقط من " المسند " و هي زيادة يقتضيها السياق , و بدونها لا يظهر المراد من قوله : " ثم وضعها تحت الثانية " كما لا يخفى , و قد استدركتها من " مجمع الزوائد " و " جامع المسانيد " لابن كثير ( 10 / 90 ) . و اعلم أن الأحاديث في موضع الإزار استحبابا و إباحة و تحريما كثيرة , و بعضها في " الصحيحين " , و قد خرج الكثير الطيب منها الحافظ المنذري في " الترغيب و الترهيب " , و ليس هذا منها , و من الغريب أنه لم يذكره الشيخ أحمد عبد الرحمن البنا في هذا الباب من كتاب اللباس من " الفتح الرباني " ( 17 / 234 ) و لا أدري إذا كان قد ذكره في مكان آخر منه , و الوقت لا يتسع للتحقق من ذلك , و لكن إن كان أورده فكان عليه أن ينبه على ذلك و أن يرشد إليه , تسهيلا للمراجعة على الباحث . ثم أخبرني أحد إخواني أنه أخرجه ( 17 / 294 ) . و إنما آثرت تخريجه لأمرين : الأول : أن فيه تحديدا عمليا بديعا لموضع الإزار المشروع و غير المشروع , لم أره في غيره من الأحاديث . و الآخر : أن فيه بيانا واضحا أن التفاوت الذي يرى في الناس بياضا و سوادا , و طولا و قصرا , و بدانة و نحولة , و هذا أشعر , و ذاك أجرد , و هذا ألحى ( عظيم اللحية ) و ذاك كوسج ! أو زلهب <1>1>, و غير ذلك من الفوارق الخلقية أن كل ذلك من خلق الله حسن , فلا ينبغي للمسلم أن يحاول تغيير خلق الله عز وجل , و إلا استحق اللعن كما في حديث " النامصات و المتنمصات , و الواشمات و المستوشمات , و الفالجات المغيرات لخلق الله للحسن " . متفق عليه , و يأتي تخريجه بإذن الله رقم ( 2792 ) . و كأن النبي صلى الله عليه وسلم أراد تسلية عمرو الأنصاري الذي أطال إزاره ليغطي حمش ساقيه بقوله صلى الله عليه وسلم : " إن الله قد أحسن كل شيء خلقه " . و هذا مما يحمل المسلم على الرضا بقدر الله و قضائه في خلقه مهما بدا لبعض الناس ممن ضعف إيمانهم و تكاثف جهلهم أنه غير حسن ! و هذا في الواقع مما يعطي قوة للرأي القائل بأن المرأة إذا نبت لها لحية أنه لا يجوز لها أن تحلقها أو تنتفها , لأن الله قد أحسن كل شيء خلقه . و لا شك أنها حين تنتفها إنما تفعل ذلك للحسن و التجمل كما تفعل الواصلة لشعرها , فتستحق بذلك لعنة الله , و العياذ بالله تعالى . و أما بالنسبة للإزار , فالأحاديث صريحة في تحريم جره خيلاء , و أما بدونها فقد اختلفوا , فمنهم من حرمه أيضا , و هو الذي يدل عليه تدرجه صلى الله عليه وسلم مع عمرو في بيان مواضع الإزار استحبابا و جوازا , ثم انتهاؤه به إلى ما فوق الكعبين , و قوله له : " هذا موضع الإزار " , فإنه ظاهر أنه لا جواز بعد ذلك , و إلا لم يفد التدرج مع القول المذكور شيئا كما لا يخفى . و يؤيده قوله صلى الله عليه وسلم " ما أسفل من الكعبين في النار " . رواه البخاري عن ابن عمر . و يزيده قوة قوله صلى الله عليه وسلم في حديث حذيفة المتقدم " ... و لا حق للكعبين في الإزار " . قال أبو الحسن السندي في تعليقه عليه : " و الظاهر أن هذا هو التحديد , و إن لم يكن هناك خيلاء . نعم إذا انضم إلى الخيلاء اشتد الأمر , و بدونه الأمر أخف " . قلت : نعم , و لكن مع التحريم أيضا لما سبق . و يقويه أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أذن للنساء أن يرخين ذيولهن ثم أذن لهن أن يزدن شبرا <2>لكي لا تنكشف أقدامهن بريح أو غيرها , لم يأذن لهن أن يزدن على ذلك , إذ لا فائدة من وراء ذلك فالرجال أولى بالمنع من الزيادة . استفدت هذا من الحافظ ابن حجر رحمه الله في " الفتح " . و جملة القول : إن إطالة الثوب إلى ما تحت الكعبين لا يجوز للرجال , فإذا اقترن مع ذلك قصد الخيلاء اشتد الإثم 2>, فمن مصائب الشباب المسلم اليوم إطالته سرواله ( البنطلون ) إلى ما تحت الكعبين , لاسيما ما كان منه من جنس ( الشرلستون ) ! فإنه مع هذه الآفة التي فيه , فهو عريض جدا عند الكعبين , و ضيق جدا عند الفخذين و الأليتين , مما يصف العورة و يجسمها , و تراهم يقفون بين يدي الله يصلون و هم شبه عراة ! فإنا لله و إنا إليه راجعون . و من العجيب أن بعضهم ممن هو على شيء من الثقافة الإسلامية يحاول أن يستدل على جواز الإطالة المذكورة بقول أبي بكر لما سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة " : يا رسول الله ! إن أحد شقي إزاري يسترخي إلا أن أتعاهد ذلك منه , فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " لست ممن يصنعه خيلاء " . أخرجه البخاري و غيره كأحمد , و زاد في رواية : " يسترخي أحيانا " , و كذلك رواه البيهقي في " شعب الإيمان " ( 2 / 221 / 2 ) . قلت : فالحديث صريح في أن أبا بكر رضي الله عنه لم يكن يطيل ثوبه , بل فيه أنه كان يسترخي بغير قصد منه , و أنه كان مع ذلك يتعاهده , فيسترخي على الرغم من ذلك أحيانا . قال الحافظ ( 10 / 217 ) عقب رواية أحمد : " فكأن شده كان ينحل إذا تحرك بمشي أو غيره بغير اختياره , فإذا كان محافظا عليه لا يسترخي , لأنه كلما كاد يسترخي شده " . ثم ذكر أن في بعض الروايات أنه كان نحيفا . قلت : فهل يجوز الاستدلال بهذا و الفرق ظاهر كالشمس بين ما كان يقع من أبي بكر بغير قصد , و بين من يجعل ثوبه مسبلا دائما قصدا ! نسأل الله العصمة من الهوى . و إنما تكلمت عن إطالة البنطلون و السروال , لطرو هذه الشبهة على بعض الشباب , و أما إطالة بعض المشايخ أذيال جببهم خاصة في مصر , و إطالة الأمراء في بعض البلاد العربية لأعبئتهم فأمر ظاهر نكارته . نسأل الله السلامة و الهداية . كتبت هذا لعل فيمن طرأت عليه الشبهة السابقة كان مخلصا , فحينما تتجلى له الحقيقة يبادر إلى الانتهاء عن تلك الآفة كما انتهى ذلك الشاب الذي كان عليه حلة صنعانية يجرها سبلا . فقال له ابن عمر رضي الله عنه : يا فتى هلم ! قال : ما حاجتك يا أبا عبد الرحمن ? قال : ويحك أتحب أن ينظر الله إليك يوم القيامة ? قال : سبحان الله ! و ما يمنعني أن لا أحب ذلك ? قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " لا ينظر الله ... " . فلم ير ذلك الشاب إلا مشمرا حتى مات . رواه البيهقي بسند صحيح , و رواه أحمد ( 2 / 65 ) من طريق أخرى عن ابن عمر نحوه دون قوله : " فلم ير .... " . ----------------------------------------------------------- [1] هو الخفيف اللحية . " القاموس المحيط " ( 122 ) . [2] تقدم تخريجه ( 460 و 1864 ) . اهـ . 2683 " سيكون في آخر أمتي رجال يركبون على سروج كأشباه الرحال , ينزلون على أبواب المساجد , نساؤهم كاسيات عاريات على رءوسهن كأسنمة البخت العجاف , العنوهن فإنهن ملعونات , لو كانت وراءكم أمة من الأمم لخدمهن نساؤكم كما خدمكم نساء الأمم قبلكم " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 411 : أخرجه أحمد ( 2 / 223 ) و المخلص في " بعض الجزء الخامس من الفوائد و الغرائب المنتقاة " ( ق 264 / 1 ) و السياق له , و ابن حبان في " صحيحه " ( 1454 - موارد ) و الطبراني في " الصغير " ( 232 - هند ) و " الأوسط " ( رقم 9485 - ترقيمي ) مختصرا من طريق أبي عبد الرحمن المقري - عبد الله بن يزيد - : حدثنا عبد الله بن عياش بن عباس : حدثنا أبي عياش بن عباس قال : سمعت عيسى بن هلال الصدفي و أبا عبد الرحمن الحبلي يقولان : سمعنا #عبد الله بن عمرو بن العاص # يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : فذكره . و قال الطبراني : " لا يروى عن عبد الله بن عمرو إلا بهذا الإسناد " . و تابعه عبد الله بن وهب : أخبرني عبد الله بن عياش القتباني به نحوه , و لم يذكر في إسناده أبا عبد الرحمن الحبلي , و قال : " يركبون على المياثر حتى يأتوا أبواب مساجدهم " . رواه الحاكم ( 4 / 436 ) و قال : " صحيح على شرط الشيخين " . و رده الذهبي بقوله : " قلت : عبد الله و إن كان قد احتج به مسلم , فقد ضعفه أبو داود و النسائي , و قال أبو حاتم : هو قريب من ابن لهيعة " . قلت : قد روى عنه الليث بن سعد الإمام , و هو من أقرانه , و ذكره ابن حبان في " الثقات " , فهو مع هذا و احتجاج مسلم به وسط حسن الحديث , و غلا فيه الشيخ أحمد شاكر فقال في تعليقه على هذا الحديث من " المسند " ( 7083 ) : " إسناده صحيح " ! و أشار الحافظ المنذري في " الترغيب " ( 3 / 101 ) إلى تقويته بتصديره إياه بصيغة ( عن ) و وقع عنده أن الحاكم قال : " صحيح على شرط مسلم " , و ينبغي أن يكون هذا هو أصل " المستدرك " و " تلخيصه " لأنه لو كان كما سبق نقله : " على شرط الشيخين " لم يقل الذهبي في رده إياه ما سبق , و لقال : " و إن كان قد احتج به الشيخان ..." , فقوله : " ... مسلم ... " دليل على أن الذي في نسخته من " المستدرك " : " صحيح على شرط مسلم " , و على هذا فما في المطبوعة من " المستدرك " خطأ من الناسخ أو الطابع . ( تنبيه هام ) : وقعت هذه اللفظة ( الرحال ) في " فوائد المخلص " بالحاء المهملة خلافا لـ " المسند " و " الموارد " و غيرهما , فإنها بلفظ ( الرجال ) بالجيم , و على ذلك شرحه الشيخ أحمد عبد الرحمن البنا في " الفتح الرباني " ( 17 / 301 ) , فقال : " معناه : أنهم رجال في الحس لا في المعنى , إذ الرجال الكوامل حسا و معنى لا يتركون نساءهم يلبسن ثيابا لا تستر أجسامهن " . و لم ينتبه للإشكال الذي تنبه له الشيخ أحمد شاكر رحمه الله تعالى إذ قال في تعليقه على الحديث في " المسند " ( 12 / 38 ) : " و قوله : " سيكون في آخر أمتي رجال يركبون على سروج كأشباه الرجال " إلخ مشكل المعنى قليلا , فتشبيه الرجال بالرجال فيه بعد , و توجيه متكلف , و رواية الحاكم ليس فيها هذا التشبيه , بل لفظه : " سيكون في آخر هذه الأمة رجال يركبون على المياثر حتى يأتوا أبواب مساجدهم , نساؤهم كاسيات عاريات " إلخ .. و هو واضح المعنى مستقيمه , و رواية الطبراني - كما حكاها الهيثمي في " الزوائد " - : " سيكون في أمتي رجال يركبون نساؤهم على سروج كأشباه الرجال " . و لفظ " يركبون " غيره طابع " مجمع الزوائد " - جرأة منه و جهلا - فجعلها " يركب " , و الظاهر عندي أن صحتها " يركبون نساءهم " . و على كل حال فالمراد من الحديث واضح بين , و قد تحقق في عصرنا هذا , بل قبله وجود هاته النسوة الكاسيات الملعونات " . قلت : لو أن الشيخ رحمه الله اطلع على رواية ( الرحال ) بالحاء المهملة , لساعدته على الإطاحة بالإشكال , و فهم الجملة فهما صحيحا , دون أي توجيه أو تكلف , و هذه الرواية هي الراجحة عندي للأسباب الآتية : أولا : ثبوتها في " الفوائد " و نسختها جيدة . ثانيا : أنها وقعت كذلك بالحاء المهملة في نسخة مخطوطة من كتاب "الترغيب و الترهيب " للحافظ المنذري محفوظة في المكتبة الظاهرية بدمشق في مجلد ضخم فيه خرم , و هي و إن كانت نسخة مؤلفة من نسخ أو خطوط متنوعة , فإن الجزء الذي فيه هذا الحديث من نسخة جيدة مضبوطة متقنة , و مما يدلك على ذلك أنه كتب تحت الحاء من هذه الكلمة حرف حاء صغير هكذا ( الرحال ) , إشارة إلى أنه حرف مهمل كما هي عادة الكتاب المتقنين قديما فيما قد يشكل من الأحرف , و كذلك فعل في الصفحة التي قبل صفحة هذا الحديث , فإنه وقع فيها اسم ( زحر ) فكتب تحتها ( ح ) هكذا ( زحر ) . ثالثا : أن رواية الحاكم المتقدمة بلفظ : " يركبون على المياثر .. " تؤكد ما رجحنا , لأن ( المياثر ) جمع ( ميثرة ) و ( الميثرة ) بالكسر قال ابن الأثير : " مفعلة من الوثارة , يقال : وثر وثارة فهو وثير , أي وطيء لين , تعمل من حرير أو ديباج , يجعلها الراكب تحته على الرحال فوق الجمال " . فإذا عرفت هذا , فرواية الحاكم مفسرة للرواية الأولى , و بالجمع بينهما يكون المعنى أن السروج التي يركبونها تكون وطيئة لينة , و أنها ( أعني السروج ) هي كأشباه الرحال , أي من حيث سعتها . و عليه فجملة " كأشباه الرحال " ليست في محل صفة لـ ( رجال ) كما شرحه البنا و غيره , و إنما هي صفة لـ ( سروج ) . و ذلك يعني أن هذه السروج التي يركبها أولئك الرجال في آخر الزمان ليست سروجا حقيقية توضع على ظهور الخيل , و إنما هي أشباه الرحال . و أنت إذا تذكرت أن ( الرحال ) جمع رحل , و أن تفسيره كما في " المصباح المنير " و غيره : " كل شيء يعد للرحيل من وعاء للمتاع و مركب للبعير " إذا علمت هذا يتبين لك بإذن الله أن النبي صلى الله عليه وسلم يشير بذلك إلى هذه المركوبة التي ابتكرت في هذا العصر , ألا و هي السيارات , فإنها وثيرة وطيئة لينة كأشباه الرحال , و يؤيد ذلك أنه صلى الله عليه وسلم سماها ( بيوتا ) في حديث آخر تقدم برقم ( 93 ) , لكن تبين فيما بعد أن فيه انقطاعا . و إذا ففي الحديث معجزة علمية غيبية أخرى غير المتعلقة بالنساء الكاسيات العاريات , ألا و هي المتعلقة برجالهن الذين يركبون السيارات ينزلون على أبواب المساجد . و لعمر الله إنها لنبوءة صادقة نشاهدها كل يوم جمعة حينما تتجمع السيارات أمام المساجد حتى ليكاد الطريق على رحبه يضيق بها , ينزل منها رجال ليحضروا صلاة الجمعة , و جمهورهم لا يصلون الصلوات الخمس , أو على الأقل لا يصلونها في المساجد , فكأنهم قنعوا من الصلوات بصلاة الجمعة , و لذلك يتكاثرون يوم الجمعة و ينزلون بسياراتهم أمام المساجد فلا تظهر ثمرة الصلاة عليهم , و في معاملتهم لأزواجهم و بناتهم , فهم بحق " نساؤهم كاسيات عاريات " ! و ثمة ظاهرة أخرى ينطبق عليها الحديث تمام الانطباق , ألا و هي التي نراها في تشييع الجنائز على السيارات في الآونة الأخيرة من هذا العصر . يركبها أقوام لا خلاق لهم من الموسرين المترفين التاركين للصلاة , حتى إذا وقفت السيارة التي تحمل الجنازة و أدخلت المسجد للصلاة عليها , مكث أولئك المترفون أمام المسجد في سياراتهم , و قد ينزل عنها بعضهم ينتظرون الجنازة ليتابعوا تشييعها إلى قبرها <1>نفاقا اجتماعيا و مداهنة , و ليس تعبدا و تذكرا للآخرة1> , و الله المستعان . هذا هو الوجه في تأويل هذا الحديث عندي , فإن أصبت فمن الله , و إن أخطأت فمن نفسي , و الله تعالى هو المسؤول أن يغفر لي خطئي و عمدي , و كل ذلك عندي . ( تنبيه آخر ) : تناقضت الآراء في مرتبة هذا الحديث كنتيجة لاختلاف أقوال الحفاظ في راويه ( عبد الله بن عياش بن عباس ) . أما المرتبة , فقد صححه الحاكم و الشيخ أحمد شاكر , خلافا للذهبي كما رأيت , و تبعه المعلق على " الإحسان " ( 13 / 64 - 65 ) , و بناء على ذلك ضعفه في طبعته من " الموارد " ( 1 / 668 - 669 ) بخلاف الداراني المعلق على طبعته من " الموارد " ( 4 / 448 - 449 ) , فإنه حسن إسناده . و هذا هو الذي جريت عليه في تخريجاتي في عديد من كتبي و تعليقاتي منذ عشرات السنين , فانظر مثلا الحديث المتقدم برقم ( 896 ) و في " تخريج مشكلة الفقر " برقم ( 102 ) و التعليق على " تحذير الساجد " ( ص 7 ) . و أما المعلق على " الإحسان " فكان متناقضا في ذلك أشد التناقض , فبينا نراه هنا ضعف حديثه هذا إذا به يحسن له ثانيا ( 12 / 380 ) و يصحح له ثالثا ( 3 / 50 ) و يقول في رابع ( 1 / 298 ) : " و إسناده حسن في الشواهد " , و في خامس ( 8 / 246 ) : " حديث صحيح " , يعني لغيره , و لم يحسن إسناده ! و مثل هذا التناقض الثلاثي في إسناد راو واحد من تضعيف إلى تحسين إلى تصحيح , لا يقع عادة إلا من معلق غير متمكن في هذا العلم , حديث عهد به , أو أن ذلك من أكثر من شخص تداولوا التعليق على " الإحسان " , مختلفي السوية في هذا العلم و التحقيق فيه , و هذا هو الذي يغلب على الظن , و كان من آثار ذلك أن تظهر هذه الأحكام المتناقضة في طبعة "الموارد " في أحاديثه ,فانظر مثلا الأحاديث المرقمة بـ ( 96 و 472 و 880 و 2551 ) و من الغرائب أن حديث الرقم ( 472 ) راويه عن ( عياش ) كان اختلط , و لذلك جعلته من حصة كتابي " ضعيف الموارد " و هو و قسيمه " صحيح الموارد " تحت الطبع , يسر الله نشرهما قريبا إن شاء الله تعالى . و أما الاختلاف في الراوي , فحسبك ما ذكره الذهبي في تعقيبه , و منها قول أبي حاتم , و تمامه : " ليس بالمتين , صدوق يكتب حديثه , و هو قريب من ابن لهيعة " . و ذكره ابن حبان في " الثقات " ( 7 / 51 و 8 / 334 ) . و من ذلك قول الذهبي المتقدم : " احتج به مسلم " و كذا في " سيره " ( 7 / 334 ) , فخالفه الحافظ فقال في " التقريب " : " صدوق يغلط , أخرج له مسلم في الشواهد " . و قال في " التهذيب " متعقبا المزي الذي أطلق العزو لمسلم : " قلت : حديث مسلم في الشواهد لا في الأصول " . قلت : و الحديث الذي يشير إليه حديث عقبة بن عامر في النذر : " لتمش و لتركب " . و هو مخرج في " الإرواء " ( 8 / 219 ) من رواية الشيخين عن يزيد بن أبي حبيب بسنده عنه . و قد تابع عبد الله بن عياش سعيد بن أبي أيوب عن يزيد بن أبي حبيب عند البخاري ( 1866 ) , و لكن هل هذا مما يسوغ القول بأن مسلما روى له في الشواهد , و المتابعة هذه ليست عنده ? في ذلك عندي وقفة . و من ذلك أن الذهبي قال عقب قوله المتقدم في " السير " : " قلت : حديثه في عداد الحسن " . و هذا الذي فهمناه أو استنبطناه من تلك الأقوال المختلفة , و قد وافق الذهبي الحاكم على تصحيح بعض أحاديثه , منها الحديث الذي سبق قريبا عزوه لـ " تخريج المشكلة " ( 102 ) . ----------------------------------------------------------- [1] قلت : و أما قولهم في الإذاعات و غيرها : " .. مثواه الأخير " فكفر لفظي على الأقل , و أنا أتعجب كل العجب من استعمال المذيعين المسلمين لهذه الكلمة , فإنهم يعلمون أن القبر ليس هو المثوى الأخير , بل هو برزخ بين الدنيا و الآخرة , فهناك البعث و النشور ثم إلى المثوى الأخير , كما قال تعالى *( فريق في الجنة و فريق في السعير )* , و قال في الأخير : *( فالنار مثوى لهم )* , و ما ألقى هذه الكلمة بين الناس إلا كافر ملحد , ثم تقلدت من المسلمين في غفلة شديدة غريبة ! *( فهل من مدكر )* ? . اهـ . 2684 " طوق من نار يوم القيامة . قاله لمن رأى عليه جبة مجيبة بحرير " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 418 : أخرجه البزار ( ص 172 - زوائد البزار ) و الطبراني في " الأوسط " ( رقم 8166 - مصورتي ) من طريقين عن إسماعيل بن عياش : حدثنا الأزهر بن راشد : حدثنا سليم بن عامر عن جبير بن نفير عن #معاذ بن جبل #قال : رأى النبي صلى الله عليه وسلم جبة مجيبة بحرير فقال : فذكره . و قال الطبراني : " لا يروى عن معاذ إلا بهذا الإسناد , تفرد به إسماعيل بن عياش " . قلت : و هو ثقة في روايته عن الشاميين , و هذه منها , فإن الأزهر بن راشد هذا هو الهوزني أبو الوليد الشامي , قال الذهبي : " من شيوخ حريز بن عثمان , يروي عن عصمة بن قيس , و له صحبة , ما علمت به بأسا " . قلت : و يشير الذهبي إلى قول أبي داود : " شيوخ حريز ثقات " . و ذكره ابن حبان في " الثقات " ( 3 / 11 ) و قال ابن حجر في " التقريب " : " صدوق " . قلت : و سائر رجاله ثقات , فالإسناد صحيح . و اقتصر المنذري على قوله ( 3 / 103 ) : " رواه البزار و الطبراني في " الأوسط " , و رواته ثقات " . و تبعه الهيثمي ( 5 / 142 ) كغالب عادته . و قوله : ( مجيبة ) بضم الميم و فتح الجيم بعدهما مثناة من تحت مفتوحة مشددة ثم باء موحدة , أي : لها جيب من حرير و هو المطوق . قاله المنذري . قلت : و لعل الحرير الذي رآه صلى الله عليه وسلم على الجيب كان أكثر من أربع أصابع , لأن ما دونها مستثنى من التحريم لحديث عمر رضي الله عنه قال : " نهى نبي الله صلى الله عليه وسلم عن لبس الحرير إلا موضع إصبعين أو ثلاث أو أربع [ و أشار بكفه ] " . أخرجه مسلم ( 6 / 141 ) و النسائي ( 2 / 298 ) و ابن حبان ( 5417 ) و أحمد ( 1 / 5 ) , و الزيادة له من طريق سويد بن غفلة عنه . و أخرجه ابن حبان ( 5400 ) مختصرا , و كذا أبو يعلى ( 1 / 64 ) من طريق أبي عثمان النهدي عنه . و أصله في " الصحيحين " , و راجع إن شئت شرحه في " فتح الباري " ( 10 / 141 - 142 ) . 2685 " كنا نسميها شباعة ( يعني : زمزم ) و كنا نجدها نعم العون على العيال " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 419 : أخرجه عبد الرزاق في " المصنف " ( 5 / 117 ) و عنه الطبراني في " الكبير " ( 3 / 90 / 2 ) عن الثوري عن ابن خثيم أو عن العلاء - شك أبو بكر - عن أبي الطفيل عن #ابن عباس #قال : سمعته يقول : فذكره . قلت : و هذا إسناد جيد رجاله ثقات رجال مسلم , لولا الشك في شيخ الثوري , هل هو ابن خثيم - و اسمه عبد الله بن عثمان المكي , و هو صدوق من رجال الإمام مسلم - أم هو العلاء ? فنظرنا فوجدنا الأزرقي قد أخرجه في " أخبار مكة " ( ص 391 ) من طريق أخرى فقال : حدثني محمد بن يحيى عن سليم بن مسلم عن سفيان الثوري عن العلاء بن أبي العباس عن أبي الطفيل به . فهذا يرجح أن الشيخ هو العلاء بن أبي العباس , و هو ثقة ثقة كما قال ابن معين فيما رواه ابن أبي حاتم ( 3 / 1 / 356 ) , لكن سليم بن مسلم - و هو الخشاب - متروك الحديث كما قال النسائي . و قال أحمد : " لا يساوي حديثه شيئا " . قلت : فمثله مما لا يرجح به , فيبقى الشك على حاله , و لكنه لا يلقي على الإسناد ضعفا , لأن الشك دار بين ثقتين , غاية ما في الأمر أنه يحول بيننا و بين إطلاق القول بأن رجاله رجال " الصحيح " , و لذلك قال الهيثمي ( 3 / 286 ) : " رواه الطبراني في " الكبير " , و رجاله ثقات " . فإن هذا يصدق سواء كان الشيخ هو ابن خثيم , أو العلاء , و قال المنذري في " الترغيب " ( 2 / 133 ) : " رواه الطبراني في " الكبير " , و هو موقوف صحيح الإسناد " . ( فائدة ) أبو بكر الذي شك في إسناد الحديث هو عبد الرزاق نفسه صاحب " المصنف " . و غالبه من رواية أبي يعقوب إسحاق بن إبراهيم الدبري عنه , و ذلك أني رأيت بعض كتبه من رواية غير الدبري عنه , فمثلا كتاب " أهل الكتاب " هو من رواية محمد بن علي النجار عنه , و هو في المجلد السادس ( 1 - 132 ) و كذلك كتاب " البيوع و الشهادات " من رواية النجار عنه في المجلد الثامن ( 1 - 368 ) , كما وجدت فيه كتاب " أهل الكتابين " من رواية محمد بن يوسف الحذاقي عنه , و هو في المجلد العاشر ( 311 - 378 ) , و قد يكون هناك كتب أخرى ليست من رواية الدبري , و لقد كان من المفروض أن يوضح ذلك و غيره محققه الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي في مقدمته التي وعد بنشرها , و لما يفعل , فقد نشر الكتاب بتمامه , و لم نجد لها أثرا في شيء من مجلداته , و لعله يفعل , ثم توفي رحمه الله فلعله فعل . 2686 " من قال إذا أصبح : " رضيت بالله ربا و بالإسلام دينا و بمحمد نبيا " , فأنا الزعيم لآخذن بيده حتى أدخله الجنة " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 421 : أورده المنذري في " الترغيب " ( 1 / 229 ) من حديث # المنيذر # صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم , و كان يكون بـ ( أفريقية ) قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : فذكره . و قال : " رواه الطبراني بإسناد حسن " . و كذا قال الهيثمي في " المجمع " ( 10 / 116 ) . فتعقبه الحافظ ابن حجر فيما علقه عليه , فقال : " قلت : فيه رشدين , و هو ضعيف " . قلت : و كنت اتبعته على هذا في " التعليق الرغيب " , و عليه أوردته في " ضعيف الترغيب " , ثم تبين لي أن رشدين لم يتفرد به , فإنه رواه عن حيي بن عبد الله عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن المنيذر به . فقال الحافظ في ترجمة المنيذر من " الإصابة " : " وصله الطبراني إلى رشدين . و تابعه ابن وهب عن حيي , لكنه لم يسمه , قال : عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم , و أخرجه ابن منده " . قلت : و لا يخفى أن الصحابة كلهم عدول , فعدم تسمية ابن وهب إياه لا يضر , فبهذه المتابعة ثبت الحديث و الحمد لله . ثم إن الحديث عند الطبراني في " المعجم الكبير " ( 20 / 355 / 838 ) بسند صحيح عن رشدين به . و كذلك رواه ابن قانع في " معجم الصحابة " من طريق أخرى عنه , لكنه لم يذكر فيه " إذا أصبح " . و هي ثابتة في رواية الطبراني , و كذا في رواية ابن وهب كما يدل عليه صنيع الحافظ في " الإصابة " , و زاد أنه قال : " و أخرجه ابن منده " . و لهذه الزيادة شاهد من حديث رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعا بلفظ آخر , و زيادة أخرى , و في إسناده اضطراب و جهالة , و لذلك أخرجته في الكتاب الآخر برقم ( 5020 ) , و فيه زيادة أخرى : " ثلاث مرات " . و لأصل الحديث شاهد جيد من رواية أبي سعيد الخدري مرفوعا نحوه , و قد مضى برقم ( 334 ) دون ذكر الصباح و المساء . ثم رأيت الحديث في " المعرفة " لأبي نعيم ( 2 / 188 / 2 ) من طريق الطبراني . ثم علقه على ابن وهب . 2687 " توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم و إن نمرة من صوف تنسج له " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 422 : أخرجه البيهقي في " فصل فيمن اختار التواضع في اللباس " من " الأربعون من شعب الإيمان و هو باب الملابس و الزي و ما يكره منها " من كتاب " الشعب " ( 2 / 227 / 1 ) من طرق عن محمد بن يعقوب الأصم : حدثنا بحر ( الأصل : ( يحيى ) و هو خطأ من الناسخ ) ابن نصر الخولاني : حدثنا ابن وهب أخبرني ابن لهيعة عن يزيد بن حبيب عن عبيد الله بن عمر عن #عبد الله بن عمر #قال : فذكره . قلت : و هذا إسناد جيد , فإن رجاله كلهم ثقات معروفون بالضبط و الحفظ غير ابن لهيعة , فإن فيه ضعفا من قبل حفظه , لكنهم قووا حديث العبادلة عنه و منهم عبد الله بن وهب هذا , و كأن ذلك لأنهم سمعوا منه قبل أن تحترق كتبه , و يسوء حفظه و تحديثه . و لقد كان الباعث على تحرير هذا أنني رأيت الحافظ المنذري قد أشار إلى تضعيف هذا الحديث في " الترغيب " ( 3 / 108 ) بتصديره إياه بقوله : ( روي ) , و عهدي به أنه يصدر أحاديث ابن لهيعة بقوله ( عن ) المشعر بالقوة حتى و لو كان من غير رواية العبادلة , و الأمثلة على ذلك كثيرة و إليك بعضها في كتابي " ضعيف الترغيب و الترهيب " مشيرا إليها بأرقامها فيه : ( 149 و 186 و 218 و 220 ) بل رأيته صرح بتحسين بعض أحاديثه منها الحديث ( 369 ) . و له شاهد من رواية زمعة بن صالح عن أبي حازم عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال : " توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم و له جبة صوف ( و في رواية : حلة من أنمار من صوف أسود ) في الحياكة " . أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 6 / 219 / 5919 / 2920 ) من طريقين عنه . قلت : و هذا إسناد حسن في المتابعات و الشواهد , قال الهيثمي ( 5 / 131 ) : " رواه الطبراني , و فيه زمعة بن صالح , و هو ضعيف , و قد وثق , و بقية رجاله ثقات " . 2688 " المرأة عورة و إنها إذا خرجت استشرفها الشيطان , و إنها لا تكون أقرب إلى الله منها في قعر بيتها " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 424 : أخرجه الطبراني في " الأوسط " في ترجمة إبراهيم بن هاشم البغوي ( رقم 3036 - مصورتي ) : حدثنا إبراهيم : أنبأنا عاصم بن النضر أنبأنا معتمر بن سليمان عن أبيه عن قتادة عن #سالم بن عبد الله عن أبيه #عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فذكره . قلت : و هذا إسناد صحيح , رجاله كلهم ثقات رجال مسلم غير شيخه البغوي , و قد وثقه الدارقطني , مات سنة ( 297 ) كما في " تاريخ بغداد " للخطيب البغدادي . و للحديث شاهد قوي من حديث ابن مسعود مخرج في " إرواء الغليل " ( 1 / 303 / 273 ) . و الحديث قال المنذري في " الترغيب " : " رواه الطبراني في " الأوسط " , و رجاله رجال ( الصحيح ) " . قلت : إلا الشيخ البغوي كما ذكرنا . و هو من الأحاديث التي فاتت الحافظ الهيثمي , فلم يورده في " مجمع البحرين " , و لا في " مجمع الزوائد " كما نبهت عليه في تعليقي على الحديث في " صحيح الترغيب و الترهيب " ( 1 / 136 ) و قد تم طبع المجلد الأول , و سيكون في التداول قريبا إن شاء الله تعالى . ثم نشر , و الآن الثاني تحت الطبع كما سبق التنبيه عليه ( ص 384 ) . ( فائدة ) : يطيب لبعض المتشددين على المرأة أن يستدلوا بهذا الحديث على أن وجه المرأة عورة على الأجانب , و لا دليل فيه البتة , لأن المعنى كما قال ابن الأثير في " النهاية " : " جعلها نفسها عورة , لأنها إذا ظهرت يستحيا منها كما يستحيا من العورة إذا ظهرت " . و يؤكد هذا المعنى تمام الحديث : " و إذا خرجت استشرفها الشيطان " . قال الشيخ علي القاري في " المرقاة " ( 3 / 411 ) : " أي زينها في نظر الرجال . و قيل أي نظر إليها ليغويها , و يغوي بها " . و أصل ( الاستشراف ) أن تضع يدك على حاجبك و تنظر , كالذي يستظل من الشمس حتى يستبين الشيء و أصله من الشرف : العلو , كأنه ينظر إليه من موضع مرتفع فيكون أكثر لإدراكه . " نهاية " . و إن مما لا شك فيه أن الاستشراف المذكور يشمل المرأة و لو كانت ساترة لوجهها , فهي عورة على كل حال عند خروجها , فلا علاقة للحديث بكون وجه المرأة عورة بالمعنى الفقهي , فتأمل منصفا . و جمهور العلماء على أنه ليس بعورة , و بيان ذلك في كتابي " جلباب المرأة المسلمة " , و قد طبع حديثا بهذا الاسم " جلباب ... " بديل " حجاب ... " سابقا لنكتة ذكرتها في المقدمة . و قد رددت فيه على المتشددين بما فيه الكفاية , و أحلت من شاء التفصيل على كتابي المفرد في الرد بإسهاب و تفصيل , تتبعت فيه شبهاتهم , و أنها قائمة على أدلة واهية رواية و دراية , و اجتماعيا , و سميته اسما يلخص لك مضمونه : " الرد المفحم على من خالف العلماء و تشدد و تعصب و ألزم المرأة أن تستر وجهها و كفيها و أوجب و لم يقنع بقولهم إنه سنة و مستحب " . يسر الله لي تبيضه و نشره بفضله و كرمه . 2689 " نهي أن يشرب من كسر القدح " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 426 : أخرجه الطبراني في " المعجم الأوسط " ( رقم - 6976 - مصورتي ) من طريق موسى بن إسماعيل أبي سلمة التبوذكي : أخبرنا عبد الله بن المبارك عن معمر عن جعفر بن برقان عن يزيد بن الأصم عن #أبي هريرة #قال : فذكره على البناء للمجهول , لم يذكر فيه النبي صلى الله عليه وسلم , و قال : " لم يروه عن جعفر بن برقان , و لا عن معمر إلا ابن المبارك , تفرد به موسى بن إسماعيل " . قلت : كلا , بل تابعه عبد الرحمن بن مهدي عن عبد الله بن المبارك به . أخرجه أبو نعيم في " الحلية " ( 9 / 38 ) . و هذا حديث صحيح , إسناده صحيح , رجاله ثقات رجال مسلم , و قال الهيثمي ( 5 / 78 ) : " رواه الطبراني في " الأوسط " , و رجاله ثقات رجال الصحيح " . ثم قال : " و عن ابن عباس و ابن عمر قالا : يكره أن يشرب من ثلمة القدح , و أذن القدح . رواه الطبراني , و رجاله رجال الصحيح " . قلت : في إسناده ( 11 / 64 / 11055 ) نعيم بن حماد , ضعيف , و إنما أخرج له البخاري فقط مقرونا . و تقدم له شاهد من حديث أبي سعيد الخدري برقم ( 388 ) مرفوعا بلفظ : " ثلمة القدح " , و هذا الحديث مفسر له , قال ابن الأثير : " أي موضع الكسر منه , و إنما نهى عنه لأنه لا يتماسك فم الشارب عليها , و ربما انصب الماء على ثوبه و يديه . و قيل : لأن موضعها لا يناله التنظيف التام إذا غسل الإناء , و قد جاء في لفظ الحديث أنه مقعد الشيطان , و لعله أراد به عدم النظافة " . قلت : و لعل هذا المعنى الأخير أولى , لأن المعنى الأول إنما يظهر إذا كانت الثلمة كبيرة , و حينئذ ففيه تحديد لمعنى ( الثلمة ) فيه , و هو غير مناسب لإطلاقها بخلاف المعنى الآخر , فإن الإطلاق المذكور يناسبه , فقد ثبت الآن مجهريا أن الثلمة - صغيرة كانت أم كبيرة - مجمع الجراثيم و المكروبات الضارة , و أن غسل الإناء الغسل المعتاد لا يطهرها , بل إنه قد يزيد فيها , فنهى الشارع الحكيم عن الشرب منها خشية أن يتسرب معه بعضها إلى جوف الشارب فيتأذى بها . فالنهي طبي دقيق . و الله أعلم . و أما اللفظ الذي ذكره ابن الأثير : " مقعد الشيطان " , فلم أقف عليه إلا بلفظ : " فإن الشيطان يشرب من ذلك " , و هو مخرج في " الضعيفة " ( 654 ) . 2690 " من جهز غازيا في سبيل الله فله مثل أجره , و من خلف غازيا في أهله بخير , أو أنفق على أهله فله مثل أجره " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 427 : أخرجه الطبراني في ترجمة محمود بن محمد المروزي من " الأوسط " رقم ( 8047 ) : حدثنا محمود أخبرنا وهب أنبأنا خالد عن عبد الرحمن بن إسحاق عن موسى بن عقبة عن محمد بن زيد عن بشر بن سعيد عن #زيد بن ثابت# عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : فذكره , و قال : " لم يروه عن محمد بن زيد إلا عبد الرحمن بن إسحاق " . قلت : و هو العامري القرشي مولاهم , و هو مختلف فيه , و قد أخرج له مسلم و البخاري تعليقا , لكن قال الحاكم : " إنما أخرجا له في الشواهد " . ذكره في " التهذيب " و لم يتعقبه بشيء . و هو على كل حال حسن الحديث . و قال الحافظ في " التقريب " : " صدوق " . و ذكره الذهبي في " الرواة المتكلم فيهم بما لا يوجب رد حديثهم " . و سائر الرجال ثقات رجال مسلم غير محمود هذا , و له ترجمة حسنة في " تاريخ بغداد " ( 13 / 94 ) مات سنة ( 297 ) . و قال المنذري في " الترغيب " ( 2 / 158 ) و تبعه الهيثمي في " مجمع الزوائد " ( 5 / 283 ) : " رواه الطبراني في " الأوسط " , و رجاله رجال ( الصحيح ) " . و له شاهد من حديث خالد بن زيد الجهني مرفوعا مثله . أخرجه ابن حبان ( 1619 ) و أحمد ( 4 / 114 - 115 و 116 ) بسند صحيح , و ابن ماجه ( 2 / 172 - 173 ) باختصار قوله : " أو أنفق .. ". 2691 " كلوا جميعا و لا تتفرقوا , فإن طعام الواحد يكفي الاثنين و طعام الاثنين يكفي الأربعة " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 429 : أخرجه الطبراني في " الأوسط " ( رقم - 7597 / 2 - من مصورتي و ترقيمي ) : حدثنا محمد بن أبان حدثنا عبد الله بن محمد بن خلاد الواسطي حدثنا يزيد بن هارون حدثنا بحر السقاء عن عمرو بن دينار عن سالم عن #ابن عمر #قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره , و قال : " لم يروه عن عمرو بن دينار إلا بحر السقاء , تفرد به يزيد بن هارون " . قلت : و هو ثقة من رجال الشيخين , و كذلك من فوقه غير بحر السقاء , و هو ضعيف كما في " التقريب " . لكن عبد الله بن محمد بن خلاد الواسطي لم أجد من ترجمه , غير أن أسلم الواسطي المعروف بـ ( بحشل ) قد روى عنه عدة أحاديث في كتابه " تاريخ واسط " ( ص 72 و 119 و 213 ) و كناه بأبي أمية , و روى عنه في مكان آخر ( ص 152 ) بواسطة عبد الله بن أبي داود السجستاني : قال : حدثني عبد الله بن محمد ابن خلاد أبو أمية .. فذكر أثرا . و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا كما هي عادته , فهو مجهول العدالة . ثم رأيته في " ثقات ابن حبان " ( 8 / 386 ) . ثم إن ما ذكره الطبراني أن بحر السقاء تفرد به عن عمرو بن دينار منقوض بما أخرجه هو في " المعجم الكبير " ( 3 / 194 / 2 / 1 ) قال : حدثنا الحسن بن علي الفسوي حدثنا سعيد بن سليمان : أخبرنا أبو الربيع السمان عن عمرو بن دينار به بتقديم و تأخير , و لفظه : " طعام الاثنين يكفي الأربعة و طعام الأربعة يكفي الثمانية , فاجتمعوا عليه و لا تتفرقوا عنه " . نعم أبو الربيع السمان - و اسمه أشعث بن سعيد البصري - ضعيف مثل بحر السقاء أو أشد , لكن الحديث في نفسه ثابت , فإن الجملة الأولى قد رويت في أحاديث تقدم بعضها برقم ( 664 و 895 ) و سائره في " صحيح مسلم " و غيره من حديث جابر . و قد مضى تخريجه تحت الحديث ( 1686 ) . ثم وجدت للحديث شاهدا من حديث عمر , أخرجه ابن ماجه ( 3255 ) و البزار في " مسنده " ( 1185 - كشف الأستار ) من طريق سعيد بن زيد عن عمرو بن دينار عن سالم عن أبيه عن عمر مرفوعا به , و زاد : " و طعام الأربعة يكفي الخمسة و الستة , و إن البركة في الجماعة " . و قال البزار : " لا نعلمه عن عمر إلا من هذا الوجه , تفرد به عمرو بن دينار , و هو لين , و أحاديثه لا يشاركه فيها أحد " . قلت : عمرو بن دينار هذا غير عمرو بن دينار المتقدم , ذاك مكي و هو ثقة , و هذا بصري , و هو المعروف بـ ( قهرمان آل الزبير ) و هو ضعيف كما في " التقريب " , و لذلك قال البزار : " و هو لين " . فلا أدري بعد هذا كيف قال المنذري في " ترغيبه " ( 2 / 142 ) : " رواه البزار بإسناد جيد " ! فلعله اختلط عليه الأمر , فظن أن عمرو بن دينار هذا هو المكي الثقة , و ليس البصري الضعيف . فقد جرى على هذا السنن في مكان آخر , و أفصح عن الوهم , فقال ( 3 / 306 ) : " رواه البزار , و رجاله رجال ( الصحيح ) " ! و البصري ليس من رجال " الصحيح " , فهو يعني إذن المكي , فإنه من رجال الشيخين ! نعم الحديث قوي بمجموع طرقه فهو حسن على الأقل . و الله أعلم . 2692 " إن المؤمن إذا لقي المؤمن فسلم عليه و أخذ بيده فصافحه تناثرت خطاياهما كما يتناثر ورق الشجر " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 431 : أخرجه الطبراني في " الأوسط " ( رقم - 243 - مصورتي ) : حدثنا أحمد بن رشدين قال : أخبرنا يحيى بن بكير قال : أخبرنا موسى بن ربيعة عن موسى بن سويد الجمحي عن الوليد بن أبي الوليد عن يعقوب الحرقي عن #حذيفة بن اليمان #عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : فذكره . و قال : " لم يرو هذا الحديث عن الوليد بن أبي الوليد إلا موسى بن ربيعة " . قلت : و هو ثقة كما قال أبو زرعة كما في " الجرح و التعديل " ( 4 / 1 / 142 - 143 ) , لكن شيخه موسى بن سويد الجمحي لم أجد من ترجمه , و ظاهر كلام الهيثمي الذي كنت نقلته عنه تحت هذا الحديث ( 526 ) حين خرجته نقلا عنه و عن المنذري أنه ثقة , لأنه قال : " رواه الطبراني في " الأوسط " , و يعقوب بن محمد بن الطحلاء روى عنه غير واحد , و لم يضعفه أحد , و بقية رجاله ثقات " . قلت : فآخر كلامه هذا يشمل بعمومه موسى بن سويد الجمحي , فلعله في " ثقات ابن حبان " , أو أنه وقع في اسمه شيء من التحريف ضيع علينا شخصيته . و الله أعلم . هذا , و قد كنت استغربت هناك قول الهيثمي في يعقوب هذا أنه روى عنه غير واحد لسبب ذكرته ثمة فراجعه إن شئت , فتبين لي الآن حين وقفت على إسناد الحديث في " الأوسط " أن الاستغراب كان في محله و أن الهيثمي لا يحمل مسؤوليته . و إنما ناشر كتابه السيد القدسي , فإنه لجهله بهذا الفن , و جرأته على تصحيح الكلام بغير علم , غير كلام الهيثمي الذي نصه : " يعقوب حد العلاء " كما ذكر ذلك في الحاشية , فجعله هو : " يعقوب بن محمد بن الطحلاء " , فجاء الاستغراب المشار إليه و الصواب : ما كان في الأصل : " يعقوب حد العلاء " , و هو كلام ظاهر , أشكل على مصححه المذكور لفظ ( حد ) , و لا إشكال فإنه ( جد ) بالجيم , إلا أنه كثيرا ما يهملون الحرف و لا ينقطونه فلم يعرفه فذهب يبحث في كتب الرجال , فوجد فيهم : " يعقوب بن محمد بن الطحلاء " فأنزله محل الذي كان في الأصل " يعقوب جد العلاء " , هكذا اعتباطا , دون حجة أو بينة ! و يعقوب جد العلاء , قد ترجمه في " التهذيب " بقوله : " يعقوب المدني مولى الحرقة جد العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب . روى عن عمر و حذيفة . و عنه ابنه عبد الرحمن و الوليد بن أبي الوليد " , و لم يذكر فيه توثيقا , و عموم كلام الهيثمي المتقدم يدل أيضا على أنه ثقة , فلعله في " ثقات ابن حبان " . فليراجع . و مع أن الجمحي المتقدم غير معروف عندنا فقد خالفه في إسناده عبد الله بن لهيعة فقال : عن الوليد بن أبي الوليد عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه أنه سمع حذيفة ابن اليمان ... فذكره . و ابن لهيعة صحيح الحديث إذا رواه عنه أحد العبادلة , و هذا كذلك , فإنه من رواية ابن وهب عنه كما كنت خرجته هناك فلا داعي للإعادة . و إنما أعدت تخريجه هنا من الطريق الأولى لتحقيق القول في إسناده بعد أن يسر الله تبارك و تعالى الوقوف عليه , و بذلك تكشفت لنا حقائق كانت خافية عنا كما بينت آنفا . فلله الحمد و المنة . ثم نبهني أحد إخواني جزاه الله خيرا أن الذي في " مجمع البحرين " ( 5 / 264 ) : ( موسى بن ربيعة بن موسى بن سويد الجمحي ) أي ( ابن موسى ) مكان ( عن موسى ) , و كذا في " تهذيب المزي " و مطبوعة " المعجم الأوسط " أيضا , فما في نسخة المصورة منه خطأ . و كان ينبغي أن أتنبه له من قول الطبراني عقبه : " لم يروه عن الوليد إلا موسى بن ربيعة " . فإنه ظاهر في أنه لا واسطة بينهما , و لكن هكذا قدر , و تقدم أنه ثقة . بقي عندي النظر في صحة عموم قول الهيثمي : " و بقية رجاله ثقات " , لأن ( أحمد ابن رشدين ) , و هو أحمد بن محمد بن الحجاج بن رشدين المصري , قال الذهبي في " المغني " : " قال ابن عدي : يكتب حديثه مع ضعفه " . قلت : و هذا ذكره ابن عدي في آخر ترجمته من " الكامل " ( 1 / 198 ) و روى في أولها قصة فيها أن أحمد بن صالح قال فيه : " كذاب " ! و لم يزد على هذا . فقول الذهبي في مطلع ترجمته من " الميزان " : " قال ابن عدي : كذبوه " ! لا يخلو من شيء , و لاسيما و قد قال الحافظ في " اللسان " : " و ابن رشدين صاحب حديث كثير , و قال مسلمة في " الصلة " : حدثنا عنه غير واحد , و كان ثقة عالما بالحديث " . قلت : فلعل ضعفه و ما أنكر عليه جاء من كثرة حديثه , و قد أشار النسائي إلى قلة خطئه بقوله : " لو رجع عن حديث الغار عن بكير لحدثت عنه " . فالظاهر أنه ما كان يتعمد الكذب , و إنما يقع منه الخطأ كما يقع من غيره , فهو مغتفر في كثرة ما روى . و الله أعلم . و أما قولي عن ( يعقوب المدني ) : " فلعله في ( ثقات ابن حبان ) " , فقد طبع هذا الكتاب , و لم نجده فيه , و لا هو في " ترتيبه " للهيثمي , و لا هو في " جامع فهارس الثقات " وضع الأخ حسين إبراهيم زهران , و لا في فهرسي إياه المسمى بـ " تيسير انتفاع الخلان بثقات ابن حبان " , يسر الله نشره , و قد سبق قول الهيثمي في ( يعقوب ) هذا : " و لم يضعفه أحد " , فلو أنه كان في " الثقات " - و هو من أعرف الناس بما فيه - لوثقه , لكثرة اعتماده عليه . فمن الأوهام أن المعلق على " تهذيب المزي " عزاه لـ " ثقات ابن حبان 7 / 642 " و هذا المكان الذي أشار إليه , كل من فيه من طبقة أتباع التابعين ! ثم تكرر الخطأ بعد سطرين , فإنه عزا إليه الراوي عنه ( الوليد بن أبي الوليد المدني ) ! و هو فيه ( 7 / 252 ) , و قد أورده في ( التابعين ) أيضا ( 5 / 494 ) . 2693 " يا عائشة ! إن الله إذا أنزل سطوته بأهل نقمته و فيهم الصالحون , فيصابون معهم , ثم يبعثون على نياتهم [ و أعمالهم ] " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 434 : أخرجه ابن حبان في " صحيحه " ( رقم - 1846 - موارد ) و البيهقي في " شعب الإيمان " ( 2 / 441 / 1 ) من طريق عمرو بن عثمان الرقي قال : حدثنا زهير بن معاوية عن هشام بن عروة عن أبيه عن # عائشة #قالت : قلت : يا رسول الله ! إن الله إذا أنزل سطوته بأهل الأرض و فيهم الصالحون فيهلكون بهلاكهم ? فقال : فذكره . و الزيادة من " الشعب " و " الإحسان " أيضا ( 7270 ) . قلت : و هذا إسناد جيد لولا أن الرقي هذا قد ضعف من قبل حفظه , و قال ابن عدي : " له أحاديث صالحة عن زهير و غيره , و قد روى عنه ناس من الثقات , و هو ممن يكتب حديثه " . قلت : و هذا من أحاديثه الصالحة , فإنه لم يتفرد به , و أقر الحافظ ابن حبان على تصحيحه , فإن له طرقا أخرى عن عائشة و غيرها كما سيأتي ( 3156 ) . و أخرجه مسلم ( 8 / 168 ) من طريق يونس بن محمد : حدثنا القاسم بن الفضل الحداني عن محمد ابن زياد عن عبد الله بن الزبير أن عائشة قالت : عبث ( و في رواية : ضحك ) رسول الله صلى الله عليه وسلم في منامه , فقلنا : يا رسول الله ! صنعت شيئا في منامك لم تكن تفعله ? فقال : " العجب , إن ناسا من أمتي يؤمون بالبيت ( و في رواية : هذا البيت ) برجل من قريش قد لجأ بالبيت حتى إذا كانوا بالبيداء خسف بهم " . فقلنا : يا رسول الله ! إن الطريق قد يجمع الناس ? قال : " نعم , فيهم المستبصر و المجبور و ابن السبيل , يهلكون مهلكا واحدا , و يصدرون مصادر شتى , يبعثهم الله على نياتهم " . و أخرجه أحمد ( 6 / 105 ) : حدثنا أبو سعيد قال : حدثنا القاسم بن الفضل الحداني به نحوه و الرواية الأخرى له , مع اختلاف في بعض الألفاظ , و رواية مسلم أصح , لأن يونس بن محمد - و هو أبو محمد المؤدب - ثقة ثبت . و مخالفه أبو سعيد - و اسمه عبد الرحمن بن عبد الله بن عبيد مولى بني هاشم - صدوق ربما أخطأ . و أخرجه البخاري في " البيوع " من طريق أخرى عن عائشة مختصرا . و يشهد له حديث ابن عمر في البخاري ( 7108 ) و مسلم ( 8 / 165 ) و ابن حبان ( 7 / 210 / 7271 ) مختصرا أيضا . و فيه الزيادة دون : " نياتهم " . 2694 " إن بني إسرائيل لما طال الأمد و قست قلوبهم اخترعوا كتابا من عند أنفسهم , استهوته قلوبهم و استحلته ألسنتهم , و كان الحق يحول بينهم و بين كثير من شهواتهم , حتى نبذوا كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون , فقالوا : ( الأصل : فقال ) اعرضوا هذا الكتاب على بني إسرائيل , فإن تابعوكم عليه , فاتركوهم , و إن خالفوكم فاقتلوهم . قال : لا , بل ابعثوا إلى فلان - رجل من علمائهم - فإن تابعكم فلن يختلف عليكم بعده أحد . فأرسلوا إليه فدعوه , فأخذ ورقة فكتب فيها كتاب الله , ثم أدخلها في قرن , ثم علقها في عنقه , ثم لبس عليها الثياب , ثم أتاهم , فعرضوا عليه الكتاب فقالوا : تؤمن بهذا ? فأشار إلى صدره - يعني الكتاب الذي في القرن - فقال : آمنت بهذا , و مالي لا أؤمن بهذا ? فخلوا سبيله . قال : و كان له أصحاب يغشونه فلما حضرته الوفاة أتوه , فلما نزعوا ثيابه وجدوا القرن في جوفه الكتاب , فقالوا : ألا ترون إلى قوله : آمنت بهذا , و مالي لا أؤمن بهذا , فإنما عنى بـ ( هذا ) هذا الكتاب الذي في القرن قال : فاختلف بنو إسرائيل على بضع و سبعين فرقة , خير مللهم أصحاب أبي القرن " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 436 : أخرجه البيهقي في " شعب الإيمان " ( 2 / 439 / 1 - 2 ) : أخبرنا أبو محمد بن يوسف الأصبهاني حدثنا أبو سعيد ابن الأعرابي حدثنا سعدان بن نصر : حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن عمارة عن ربيع بن عميلة قال : حدثنا # عبد الله #, ما سمعنا حديثا هو أحسن منه إلا كتاب الله عز وجل , و رواية عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : فذكره . قلت : و هذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات , أبو محمد اسمه عبد الله بن يوسف المعروف بـ ( بالأصبهاني ) , و كان من ثقات المحدثين الرحالة , مات سنة ( 409 ) كما في " الشذرات " . و أبو سعيد ابن الأعرابي حافظ ثقة مشهور , ترجمه الحافظ الذهبي في " التذكرة " , و له مصنفات منها " المعجم " , منه نسخة خطية في المكتبة الظاهرية , و لعل هذا الحديث فيه , فليراجع فإنه الآن بعيد عن متناول يدي , لأنهم جمعوه إلى كتب أخرى للتصوير . و سعدان بن نصر , ثقة مترجم في " الجرح و التعديل " و " تاريخ بغداد " . و من فوقه كلهم ثقات من رجال مسلم , و عمارة هو ابن عمير التيمي . فالسند صحيح بلا ريب , و لكن عندي وقفة في رفعه , لأنه ليس صريحا فيه , و لكنه على كل حال في حكم المرفوع . و الله أعلم . و له شاهد مختصر جدا من رواية أبي موسى الأشعري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن بني إسرائيل كتبوا كتابا فاتبعوه , و تركوا التوراة " . أخرجه الطبراني في " المعجم الأوسط " ( 2 / 39 / 1 - 2 / 5678 ) : حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة قال : حدثنا جندل بن والق قال : حدثنا عبيد الله بن عمرو عن عبد الملك بن عمير عن أبي بردة عن أبيه .. و قال : "لم يروه عن عبد الملك بن عمير إلا عبيد الله بن عمرو , تفرد به جندل بن والق " . قلت : في " التقريب " : " صدوق يغلط و يصحف " . قلت : فالإسناد حسن إن سلم ممن دونه أو توبع , فقد قال الهيثمي في " المجمع " ( 1 / 150 ) : " رواه الطبراني في " الأوسط " , و فيه محمد بن عثمان بن أبي شيبة , و هو ثقة , و قد ضعفه غير واحد " . و قال في مكان آخر ( 1 / 192 ) : " رواه الطبراني في " الكبير " , و رجاله ثقات " . و لينظر هل قوله : " الكبير " صواب أم سبق قلم أو خطأ من الناسخ , فإن المجلد الذي فيه مسند أبي موسى من " المعجم الكبير " لم يطبع بعد . و في معنى حديث أبي موسى آثار عن بعض الصحابة . رواها ابن عبد البر في " جامع بيان العلم " ( 1 / 64 - 65 ) . 2695 " إن ملكا من بني إسرائيل أخذ رجلا , فخيره بين أن يشرب الخمر أو يقتل صبيا أو يزني أو يأكل لحم الخنزير أو يقتلوه إن أبى , فاختار أن يشرب الخمر و إنه لما شربها لم يمتنع من شيء أرادوه منه , و أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لنا حينئذ : ما من أحد يشربها فتقبل له صلاة أربعين ليلة , و لا يموت و في مثانته منها شيء إلا حرمت عليه الجنة , و إن مات في الأربعين مات ميتة جاهلية " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 438 : أخرجه الطبراني في " الأوسط " ( رقم - 357 - مصورتي ) و الحاكم ( 4 / 147 ) من طريق سعيد بن أبي مريم قال : أنبأنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي قال : أخبرنا داود ابن صالح عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه : أن أبا بكر الصديق و عمر بن الخطاب و ناسا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم جلسوا بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم , فذكروا أعظم الكبائر , فلم يكن عندهم فيها علم [ ينتهون إليه ] , فأرسلوني إلى #عبد الله بن عمرو بن العاص #أسأله عن ذلك , فأخبرني : إن أعظم الكبائر شرب الخمر . فأتيتهم فأخبرتهم , فأنكروا ذلك , و وثبوا إليه جميعا , [ حتى أتوه في داره ] فأخبرهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فذكره . و قال الطبراني : " لا يروى عن عبد الله بن عمر عن عبد الله بن عمرو إلا بهذا الإسناد , تفرد به الدراوردي " . و قال الحاكم - و الزيادة له - : " صحيح على شرط مسلم " ! كذا قال و فيه ما يأتي , و قال المنذري ( 3 / 184 ) : " رواه الطبراني بإسناد صحيح و الحاكم , و قال : صحيح على شرط مسلم " . قلت : كلا , بل هو صحيح فقط , فإن داود بن صالح ليس من رجال مسلم مطلقا , و لذا قال الهيثمي ( 5 / 68 ) : " رواه الطبراني في " الأوسط " , و رجاله رجال " الصحيح " , خلا صالح بن داود التمار , و هو ثقة " . و قد رويت القصة الأولى بين امرأة و عابد خيرته بين قتل غلام أو الزنا أو شرب الخمر , فشرب الخمر و زنى و قتل الغلام . روي مرفوعا و موقوفا , و هو المحفوظ كما بينته في تعليقي على " الأحاديث المختار " ( 320 و 349 - 350 ) . و نحو ذلك قصة هاروت و ماروت , و هي مشهورة في كتب التفسير و غيرها , و لا يصح رفعها إلى النبي صلى الله عليه وسلم كما بينته في " السلسلة الأخرى " برقم ( 170 ) . 2696 " يا شباب قريش ! احفظوا فروجكم لا تزنوا , ألا من حفظ فرجه فله الجنة " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 440 : أخرجه الطبراني في " الأوسط " ( رقم - 6993 - بترقيمي ) و الحاكم ( 4 / 358 ) و البيهقي في " شعب الإيمان " ( 2 / 119 / 2 ) من طريق شداد بن سعيد : حدثنا سعيد ابن إياس أبو مسعود الجريري عن أبي نضرة عن # ابن عباس # رضي الله عنهما , قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره . و قال الطبراني : " لم يروه عن الجريري إلا شداد . تفرد به مسلم بن إبراهيم " . قلت : كلا فقد تابعه سعيد بن سليمان : حدثنا شداد بن سعيد الجريري به . أخرجه البيهقي ( 2 / 125 / 2 ) . فالصواب ما قاله أبو نعيم في " الحلية " ( 3 / 100 - 101 ) عقب إسناده إياه من طريق مسلم : " تفرد به شداد " . و قال الحاكم : " صحيح على شرط مسلم " . قلت : بيض له الذهبي , و أما المنذري فنقل عنه في " الترغيب " ( 3 / 197 ) أنه قال : " صحيح على شرطهما " , و أقره ! و لعله وهم من المنذري رحمه الله , فإن كونه على شرطهما أبعد ما يكون عن الصواب مع مخالفته لما في " المستدرك " , فإن شداد بن سعيد , و هو أبو طلحة الراسبي لم يخرج له البخاري شيئا , و إنما أخرج له مسلم فقط , و في الشواهد كما صرح به الحافظ في " التهذيب " , و فيه كلام من قبل حفظه , و أشار إلى ذلك في " التقريب " بقوله : " صدوق يخطىء " . و قال الذهبي في " الميزان " : " صالح الحديث " . فهو حسن الحديث إن شاء الله تعالى . و أما قول الحافظ في " مختصر زوائد البزار " ( 1 / 565 ) : " إسناده صحيح " ! ففيه تساهل ظاهر . و قد أخرجه الطيالسي في " مسنده " ( 2756 ) و من طريقه البيهقي ( 2 / 125 / 2 ) : حدثنا أبو طلحة الأعمى عن رجل قد سماه عن ابن عباس به نحوه , و لفظه : " يا فتيان قريش ! لا تزنوا , فإنه من سلم الله له شبابه دخل الجنة " . و أبو طلحة الأعمى إن لم يكن هو الراسبي المتقدم فلم أعرفه , و لعل ( الرجل ) هو معاوية بن قرة , فقد أخرجه الدولابي في " الكنى " ( 2 / 18 ) بسند صحيح عن أبي قتيبة عن شداد أبي طلحة عن معاوية بن قرة عن ابن عباس به نحوه . و أبو قتيبة اسمه سلم بن قتيبة الشعيري ثقة من رجال البخاري , فلعل الراسبي كان له إسنادان في هذا الحديث عن ابن عباس , فحدث تارة بهذا , و تارة بهذا , و كل حدث عنه بما سمع منه , و كل ثقة . و الله أعلم . و في معناه قوله صلى الله عليه وسلم : " من يضمن لي ما بين لحييه و ما بين رجليه أضمن له الجنة " . أخرجه البخاري ( 6474 ) و البيهقي ( 8 / 166 ) و في " الشعب " ( 4 / 235 / 4913 ) من حديث سهل بن سعد و البيهقي أيضا ( 4915 ) من حديث جابر بسند جيد . و لهذا شواهد أخرى حسنة , فانظر " الفتح " ( 11 / 309 ) . ( تنبيه ) : أخرج الحديث أبو يعلى في " مسنده " ( 3 / 18 - 19 ) : حدثنا محمد بن مرزوق : حدثنا زاجر بن الصلت عن الحارث بن عمير عن شداد عن أبي طلحة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فذكره . قلت : الحارث بن عمير هو أبو عمير البصري ثم المكي , مختلف فيه جدا , فمن موثق , و من متهم له بالوضع , حتى قال الذهبي في " المغني " : " أنا أتعجب كيف خرج له النسائي " . قلت : لأنه وثقه , و لم يتبين له جرحه , و قال الحافظ : " وثقه الجمهور , و في أحاديثه مناكير , ضعفه بسببها الأزدي و ابن حبان و غيرهما , فلعله تغير حفظه في الآخر " . قلت : و روايته للحديث بهذا الإسناد مخالفا في ذلك مسلم بن إبراهيم , مما يدل على ضعفه , و لذلك غم أمره على جمع ممن تكلم عليه : أولا : قال الهيثمي ( 4 / 253 ) : " رواه أبو يعلى , و إسناده منقطع , و فيه من لم أعرفه " . ثانيا : الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي , نقل كلام الهيثمي المذكور في تعليقه على " المطالب العالية " ( 2 / 36 / 1588 ) و أقره ! ثالثا : المعلق على " مسند أبي يعلى " , فإنه قال ( 3 / 19 ) : " إسناده ضعيف جدا , الحارث بن عمير و شيخه مجهولان , و ليس في الرواة عن أبي طلحة من اسمه شداد فيما نعلم , فهو عندنا منقطع " . ثم ذكر كلام الهيثمي , و أقره أيضا ! رابعا : المعلق على " المقصد العلي " ( 2 / 328 ) , و هو حواش قماش مقلد , نقل كلام الهيثمي , و خلاصة كلام المعلق على " أبي يعلى " ! أقول : كل ذلك خطأ , فـ ( الحارث بن عمير ) هو أبو عمير البصري كما تقدم , فقد ذكر المزي في الرواة عنه ( زاجر بن الصلت ) هذا . و شداد الذي لم ينسب في رواية أبي يعلى هو ابن سعيد المنسوب في حديث الترجمة , و كنيته أبو طلحة الراسبي كما تقدم , و هو مذكور في شيوخ ( الحارث بن عمير ) . و قوله في " أبي يعلى " : " عن أبي طلحة " , لعله من أوهام الحارث بن عمير , و الصواب ( شداد أبي طلحة ) بإسقاط حرف ( عن ) بين الاسم و الكنية . و على الصواب وقع في رواية ابن أبي عاصم ( 1535 ) عن زاجر به . و الله أعلم . و زاجر هذا ذكره ابن حبان في " الثقات " ( 4 / 269 ) , و قال أبو زرعة : " لا بأس به " . و وقع لابن حبان فيه وهم فاحش , نبهت عليه في كتابي " تيسير الانتفاع " يسر الله لي إتمامه بمنه و كرمه . 2697 " يأتي المقتول متعلقا رأسه بإحدى يديه متلببا قاتله بيده الأخرى , تشخب أوداجه دما , حتى يأتي به العرش , فيقول المقتول لرب العالمين : هذا قتلني . فيقول الله للقاتل : تعست , و يذهب به إلى النار " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 444 : أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 3 / 95 / 2 - 96 / 1 ) و " الأوسط " ( رقم - 4375 ) : حدثنا العباس بن الفضل الأسفاطي قال : أخبرنا إسماعيل بن أبي أويس قال : حدثني أبي عن عبد الله بن الفضل عن نافع بن جبير بن مطعم عن # ابن عباس # : أنه سأله سائل فقال : يا أبا العباس ! هل للقاتل من توبة ? فقال ابن عباس - كالمتعجب من شأنه - : ماذا تقول ?! فأعاد عليه مسألته , فقال له : ماذا تقول ?! مرتين أو ثلاثا . ثم قال ابن عباس : أنى له التوبة ?! سمعت نبيكم صلى الله عليه وسلم يقول : فذكره . و قال : " لم يرو هذا الحديث عن عبد الله بن الفضل إلا أبو أويس , تفرد به ابنه إسماعيل " . قلت : و هو من شيوخ الشيخين , لكن في حفظه ضعف . و نحوه أبوه , و اسمه عبد الله بن عبد الله بن أويس , إلا أنه لم يخرج له البخاري , و من فوقه ثقات على شرطهما , فالحديث حسن إن شاء الله تعالى . بل هو صحيح , فقد جاء من طرق أخرى : 1 - فقال شبابة : حدثنا ورقاء بن عمر عن عمرو بن دينار عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : فذكره ببعض اختصار , و زاد : " قال : فذكروا لابن عباس التوبة , فتلا هذه الآية : *( و من يقتل مؤمنا متعمدا .. )* , قال : و ما نسخت هذه الآية و لا بدلت , و أنى له التوبة " . أخرجه الترمذي ( 2 / 171 ) و النسائي ( 2 / 164 ) . و قال الترمذي : " حديث حسن غريب " . قلت : و إسناده صحيح على شرط الشيخين . 2 - سالم بن أبي الجعد عن ابن عباس به نحوه , دون قوله : " و أنى له التوبة " . أخرجه النسائي , و أحمد ( 1 / 240 و 294 و 364 ) و الطبراني في " الكبير " ( 3 / 168 / 2 ) و الأصبهاني في " الترغيب " ( 241 / 2 ) من طرق عنه . و إسناده صحيح أيضا . و له شاهد من حديث ابن مسعود و هو الآتي بعده . قلت : و قول ابن عباس : " و أنى له التوبة " مشهور عنه من طرق , و الجمهور على خلافه , و قد صح عن ابن عباس ما يدل على تراجعه عنه إلى قول الجمهور , و قد شرحت ذلك تحت الحديث الآتي برقم ( 2799 ) ص ( 711 ) . 2698 " يجيء الرجل آخذا بيد الرجل فيقول : يا رب ! هذا قتلني . فيقول الله له : لم قتلته ? فيقول : لتكون العزة لك . فيقول : فإنها لي . و يجيء الرجل آخذا بيد الرجل فيقول : إن هذا قتلني . فيقول الله له : لم قتلته ? فيقول : لتكون العزة لفلان ! فيقول : إنها ليست لفلان , فيبوء بإثمه " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 445 : أخرجه النسائي ( 2 / 164 ) و البيهقي في " الشعب " ( 2 / 114 / 1 ) عن المعتمر بن سليمان عن أبيه عن الأعمش عن شقيق بن سلمة عن عمرو بن شرحبيل عن # عبد الله بن مسعود # مرفوعا به . و هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين , و شقيق بن سلمة هو أبو وائل . و قد رواه وكيع عن الأعمش عن أبي وائل : قال عمرو بن شرحبيل : فذكره مقطوعا ! أخرجه البيهقي . و الحكم لمن رفع و وصل . و قد قال الفيض بن وثيق الثقفي : أخبرنا عبد الوهاب الثقفي قال : أخبرنا عكرمة بن عبد الله البناني عن عاصم بن بهدلة عن أبي وائل عن عبد الله بن مسعود مرفوعا بالشطر الثاني منه . أخرجه الطبراني في " الأوسط " ( رقم - 755 ) و قال : " لم يروه عن عاصم إلا عكرمة بن عبد الله البناني من أهل البصرة , تفرد به الفيض بن وثيق الثقفي " . قلت : و هو مقارب الحال إن شاء الله تعالى كما قال الذهبي , لكن شيخه عكرمة بن عبد الله البناني لم أجد له ترجمة . ( تنبيه ) : أورد المنذري الحديث في " الترغيب " ( 3 / 203 ) من رواية الطبراني هذه فقط , فأوهم أنه ليس عند أحد من أصحاب السنن , و قلده في ذلك الهيثمي - على عادته - فأورده في " المجمع " ( 7 / 297 ) و أعله بالفيض , و لو تذكر أنه عند النسائي لما أورده لأنه على خلاف شرطه فيه . و ثمة خطأ آخر بالنسبة للمنذري , و هو إيراده رواية الطبراني مع ضعف إسنادها و اختصار متنها , دون رواية النسائي مع صحة إسنادها , و كمال متنها . و المعصوم من عصمه الله تعالى . 2699 " يخرج عنق من النار يتكلم يقول : وكلت اليوم بثلاثة : بكل جبار عنيد و بمن جعل مع الله إلها آخر و بمن قتل نفسا بغير نفس , فينطوي عليهم , فيقذفهم في غمرات جهنم " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 447 : أخرجه أحمد ( 3 / 40 ) و عبد بن حميد في " المنتخب من المسند " ( ق 118 / 2 ) و أبو يعلى في " مسنده " ( 1 / 314 - 315 و 315 ) و الطبراني في " الأوسط " ( رقم - 4138 ) من طرق عن عطية العوفي عن # أبي سعيد الخدري # مرفوعا به . قلت : و عطية ضعيف , لكنه قد توبع , فقال الطبراني في " الأوسط " ( رقم - 4138 ) من طرق عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري مرفوعا به . قلت : و عطية ضعيف , لكنه قد توبع , فقال الطبراني في " الأوسط " ( رقم - 314 ) : حدثنا أحمد بن رشدين قال : حدثنا عبد الغفار بن داود أبو صالح الحراني قال : حدثنا موسى بن أعين عن الأعمش عن سعد بن عبيدة عن أبي سعيد الخدري به , دون قوله : " فينطوي عليهم ... " . و أخرجه البزار ( ق 329 / 1 - 2 ) من طرق عن عطية به , و في رواية له من طريق عبد الله بن بشر عن الأعمش عن عطية , بلفظ : " يخرج عنق من النار فيتكلم بلسان طلق ذلق , لها عينان تبصر بهما , و لها لسان تكلم به , فتقول : إني أمرت بمن جعل مع الله إلها آخر .. " الحديث , و فيه : " فتنطلق بهم قبل سائر الناس بخمسمائة عام " . قلت : و هو بهذا اللفظ منكر عندي لتفرد عبد الله بن بشر به , و هو عبد الله بن بشر بن التيهان الرقي , و هو مختلف فيه , و قد قال الساجي : عن ابن معين : " عبد الله بن بشر الذي يروي عنه معمر بن سليمان كذاب , لم يبق حديث منكر رواه أحد من المسلمين ( ! ) إلا و قد رواه عن الأعمش " . ذكره في " التهذيب " . و قال ابن حبان في " الضعفاء " : " يروي عن الأعمش , روى عنه معمر بن سليمان , كان ممن يروي عن الثقات ما لا يشبه حديث الأثبات , و تفرد بأشياء يشهد المستمع لها إذا كان الحديث صناعته أنها مقلوبة " . قلت : فمن قيل فيه مثل هذا الطعن الشديد , لا تطمئن النفس للاحتجاج بخبره عند التفرد , فكيف مع المخالفة ? و إن وثقه بعضهم و منهم ابن حبان نفسه ( 7 / 56 ) فتناقض . و أما لفظ الترجمة فهو عندي حسن إن شاء الله تعالى للمتابعة المذكورة عند الطبراني , فإن إسناده كلهم ثقات رجال البخاري غير أحمد بن رشدين , و هو أحمد ابن محمد بن الحجاج بن رشدين المصري , وثق و كذب !! <1>1>و تجد ما قيل فيه في " الميزان " و " اللسان " , و من ذلك تعلم تساهل الهيثمي في تخريج لفظ البزار بقوله ( 10 / 392 ) : " رواه البزار و اللفظ له , و أحمد باختصار , و أبو يعلى بنحوه , و الطبراني في " الأوسط " , و أحد إسنادي الطبراني رجاله رجال ( الصحيح ) " ! قلت : فسكت عن إسناد البزار , و ما كان ينبغي له , و أطلق على إسناد الطبراني أن رجاله رجال " الصحيح " و قد عرفت ما فيه , و كثيرا ما يفعل ذلك هو و المنذري !! ثم إن الحديث رواه حفص بن غياث عن أشعث بن سوار عن أشعث عن أبي سعيد نحوه . أخرجه البزار , و قال : " لا نعلم أسند أشعث بهذا الإسناد إلا هذا الحديث " . قلت : و أشعث بن سوار مختلف فيه , و أخرج له مسلم في المتابعات , فهو , ممن يستشهد به . لكن شيخه أشعث لم أعرفه . و الله أعلم . هذا و قد صح الحديث من رواية أبي هريرة مرفوعا نحوه , إلا أنه قال : " و بالمصورين " مكان : " و بمن قتل نفسا .. " , و قد مضى تخريجه برقم ( 512 ) . ----------------------------------------------------------- [1] انظر شرح ذلك تحت الحديث المتقدم ( 2692 ) . اهـ . 2700 " يا أيها الناس ! إن ربكم واحد و إن أباكم واحد , ألا لا فضل لعربي على عجمي و لا عجمي على عربي و لا أحمر على أسود و لا أسود على أحمر إلا بالتقوى *( إن أكرمكم عند الله أتقاكم )* , ألا هل بلغت ? قالوا : بلى يا رسول الله ! قال : فيبلغ الشاهد الغائب " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 449 : أخرجه أبو نعيم في " الحلية " ( 3 / 100 ) و البيهقي في " شعب الإيمان " ( 2 / 88 / 1 ) من طريق شيبة أبي قلابة القيسي عن الجريري عن أبي نضرة عن # جابر # رضي الله عنه قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في أوسط أيام التشريق خطبة الوداع , فقال : فذكره . و قال أبو نعيم : " غريب من حديث أبي نضرة عن جابر , لم نكتبه إلا من حديث أبي قلابة عن الجريري عنه " . و قال البيهقي : " في إسناده بعض من يجهل " . قلت : كأنه يشير إلى شيبة أبي قلابة القيسي , فإني لم أجد له ترجمة , و قد أورده الدولابي في " الكنى " ( 2 / 84 ) و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا , كما هي عادته على الغالب . و لكنه لم يتفرد به خلافا لما يشعر به كلام أبي نعيم المتقدم , فقد قال أحمد في " المسند " ( 5 / 416 ) : حدثنا إسماعيل : حدثنا سعيد الجريري عن أبي نضرة : حدثني من سمع خطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم في وسط أيام التشريق , فقال : فذكره . و أخرجه المحاملي في " الأمالي " ( 4 / 44 / 2 ) عن إسماعيل بن إبراهيم به . قلت : و هذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات رجال مسلم غير من سمع خطبته صلى الله عليه وسلم , فإنه لم يسم , و ذلك مما لا يضر , لأنه صحابي , و الصحابة كلهم عدول كما هو مقرر في علم " مصطلح الحديث " . و لذلك قال شيخ الإسلام ابن تيمية في " الاقتضاء " ( ص 69 ) : " إسناده صحيح " . و قد توبع إسماعيل , فقال الحارث في " مسنده - زوائده " ( ق 9 / 2 ) : حدثنا عبد الوهاب بن عطاء : حدثنا سعيد الجريري به . قلت : و هذه متابعة قوية , فإن عبد الوهاب ثقة من رجال مسلم في " صحيحه " . و خالفها أبو المنذر الوراق فقال : عن الجريري عن أبي نضرة عن أبي سعيد مرفوعا به دون الآية و ما بعدها . أخرجه أبو الشيخ في " التوبيخ " ( 259 / 245 ) و الطبراني في " الأوسط " ( 1 / 292 / 1 / 4885 ) و قال : " لم يروه عن الجريري إلا أبو المنذر الوراق , و لا يروى عن أبي سعيد إلا بهذا الإسناد " . قلت : و هو ضعيف جدا , لأن أبا المنذر الوراق - و اسمه يوسف بن عطية الباهلي - متروك كما في " التقريب " , لكن قال الهيثمي في " المجمع " ( 8 / 84 ) : " رواه الطبراني في " الأوسط " , و البزار بنحوه .. و رجال البزار رجال ( الصحيح ) " . كذا قال , و قد وقفت على إسناد البزار و لفظه بواسطة " زوائد البزار " للعسقلاني ( ص 248 ) أخرجه من طريق جعفر بن سليمان عن الجريري به , إلا أنه قال : " عن أبي نضرة - قال : و لا أعلمه إلا - عن أبي سعيد .. " . فذكره مرفوعا مختصرا بلفظ : قال في خطبة خطبها : " إن أباكم واحد , و إن دينكم واحد , أبوكم آدم , و آدم خلق من تراب " . و قال البزار : " لا نعلمه يروى عن أبي سعيد إلا من هذا الوجه " . قلت : و هو صحيح , رجاله ثقات رجال الصحيح كما قال الهيثمي , لولا أنه شك الراوي بعض الشيء في صحابيه , و ذلك مما لا يضر , لأن الصحابة كلهم عدول كما تقدم . و الله أعلم . و للحديث شاهد من حديث ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب الناس يوم فتح مكة , فقال : " يا أيها الناس إن الله قد أذهب عنكم عبية الجاهلية و تعاظمها بآبائها , فالناس رجلان : رجل بر تقي كريم على الله , و فاجر شقي هين على الله , و الناس بنو آدم , و خلق الله آدم من التراب , قال الله : *( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر و أنثى .. )* إلى قوله : *( إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير )* " . أخرجه الترمذي ( 3266 ) و البيهقي ( 2 / 87 / 2 ) من طريق عبد الله بن جعفر : حدثنا عبد الله بن دينار عن ابن عمر به , و قال : " حديث غريب لا نعرفه من حديث عبد الله بن دينار عن ابن عمر إلا من هذا الوجه . و عبد الله بن جعفر بن جعفر يضعف , ضعفه ابن معين و غيره , و هو والد علي بن المديني " . قلت : قد تابعه موسى بن عبيدة عن عبد الله بن دينار به . أخرجه ابن أبي حاتم كما في " تفسير ابن كثير " ( 4 / 217 ) , و عزاه السيوطي في " الدر المنثور " ( 6 / 98 ) لابن أبي شيبة أيضا و عبد بن حميد و ابن المنذر و ابن مردويه و البيهقي في " شعب الإيمان " . قلت : و موسى بن عبيدة ضعيف أيضا , فلعل أحدهما يتقوى بالآخر . و للحديث شاهد آخر من حديث أبي هريرة مرفوعا نحوه مثل حديث ابن عمر , دون الخطبة و الآية , و هو مخرج في " غاية المرام " ( 312 ) بسند حسن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق