ج6.السلسلة الصحيحة للالباني
الأحاديث من 601 إلى 700*
601 " أعجز الناس من عجز عن الدعاء , و أبخل الناس من بخل بالسلام " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 152 :
رواه عبد الغني المقدسي في " كتاب الدعاء " ( 141 / 2 ) من طريق أبي يعلى
و الطبراني من طريقين عن مسروق بن المرزبان حدثنا حفص بن غياث عن عاصم الأحول
عن أبي عثمان النهدي عن # أبي هريرة # مرفوعا .
قلت : و هذا سند حسن رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير مسروق و هو صدوق له
أوهام , كما قال الحافظ , فمثله حسن الحديث فلا يرتقي حديثه إلى درجة الصحيح
و قد أحسن السيوطي صنعا حين رمز لحسنه في " الجامع الصغير " , و أما تعقب
المناوي له بقوله : " قال المنذري : و هو إسناد جيد قوي , و قال الهيثمي :
رجاله رجال الصحيح غير مسروق بن المرزبان و هو ثقة و به يعرف أن رمز المصنف
لحسنه تقصير , و حقه الرمز لصحته " .
فتعقب لا وجه له و هو إنما اغتر بقول الهيثمي في ابن المرزبان أنه ثقة .
و هذا توثيق مجمل بعد أن عرفت ما فيه من الضعف اليسير .
نعم الحديث صحيح , فقد أورد له المقدسي شاهدا من طرق عن زيد ابن الحريش حدثنا
عمر بن الهيثم حدثنا عوف عن الحسن عن عبد الله بن مغفل مرفوعا . و رجاله موثقون
غير عمر هذا فإنه مجهول كما في " التقريب " . و الحسن مدلس و قد عنعنه .
ثم رأيت الحديث أخرجه ابن حبان ( 1939 ) من طريق أبي يعلى : حدثنا محمد بن بكار
حدثنا إسماعيل بن زكريا حدثنا عاصم الأحول به .
قلت : و هذا إسناد صحيح على شرط مسلم . و ابن بكار هو العيشي البصري فصح الحديث
بذلك و الحمد لله .
602 " من رأى مبتلى فقال : الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به و فضلني على كثير
ممن خلق تفضيلا . لم يصبه ذلك البلاء " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 153 :
أخرجه الترمذي ( 2 / 253 ) من طريق عبد الله بن عمر العمري عن سهيل بن أبي صالح
عن أبيه عن # أبي هريرة # قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره .
و قال : " حديث ( حسن ) غريب من هذا الوجه " .
قلت : و رجاله ثقات غير العمري فإنه ضعيف لسوء حفظه . و قد وجدت له طريقا أخرى
خيرا من هذه يرويه مروان بن محمد الطاطري حدثنا الوليد ابن عتبة حدثنا محمد بن
سوقة عن نافع عن ابن عمر مرفوعا به . أخرجه أبو نعيم في " الحلية " ( 5 / 13 )
و في " أخبار أصبهان " ( 1 / 271 ) و عنه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " ( 15 /
255 / 2 ) من طرق عن مروان به . و قال أبو نعيم : " غريب من حديث محمد , تفرد
به مروان عن الوليد " .
قلت : و رجاله كلهم ثقات رجال البخاري غير الوليد بن عتبة فقال البخاري في
" تاريخه " : " معروف الحديث " . و أما أبو حاتم فقال : " مجهول " .
قلت : قد عرفه البخاري , و من عرف حجة على من لم يعرف . لاسيما إذا كان العارف
مثل البخاري أمير المؤمنين في الحديث . فالحديث إن لم يكن حسنا لذاته من هذه
الطريق , فلا أقل من أن يكون حسنا لغيره بالطريق التي قبله . لاسيما و له طريق
أخرى عن ابن عمر , يرويه عمرو بن دينار قهرمان آل الزبير عن سالم بن عبد الله
بن عمر عن ابن عمر عن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فذكره نحوه
و زاد في آخره : " كائنا ما كان , ما عاش " . أخرجه الترمذي و أبو نعيم في
" الحلية " ( 6 / 265 ) و قال الترمذي : " حديث غريب , و عمرو بن دينار قهرمان
آل الزبير , شيخ بصري و ليس هو بالقوي في الحديث و قد تفرد بأحاديث عن سالم بن
عبد الله " .
قلت : و مما يدل على ضعفه اضطرابه في إسناد هذا الحديث , فرواه مرة هكذا و مرة
قال : عن سالم عن ابن عمر مرفوعا . لم يذكر عمر في سنده . أخرجه ابن ماجه
( 3892 ) و عبد بن حميد في " المنتخب من المسند " ( 6 / 2 ) و ابن الأعرابي في
" المعجم " ( ق 238 / 2 ) و الخرائطي في " فضيلة الشكر " ( 1 / 2 ) و تمام
الرازي في " الفوائد " ( ق 117 / 1 ) و الحنائي في " الفوائد " ( 3 / 258 / 2 )
و البغوي في " شرح السنة " ( 1 / 149 / 2 ) من طرق عنه به . و قال الحنائي :
" غريب , لا نعرفه مرفوعا إلا من حديث عمرو بن دينار قهرمان آل الزبير مولاهم
و اختلف عليه فيه , فرواه عنه ابن عليه كما أخرجناه , و رواه عنه حماد بن سلمة
عن عمرو بن دينار قال : سمعت سالم بن عبد الله ابن عمر يقول : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم . فلم يسنده , بل أرسله . قال : و قد رواه أحمد بن منصور
الرمادي عن عبد الرزاق عن معمر عن أيوب عن سالم بن عبد الله قال : كان يقال :
من رأى مبتلى . الحديث . و هذا أقرب إلى الصواب إن شاء الله تعالى و إنما تفرد
عمرو بن دينار قهرمان آل الزبير عن سالم بذكر النبي صلى الله عليه وسلم على
الاختلاف الذي ذكرناه عليه فيه و عمرو بن دينار هذا فيه نظر و هو غير عمرو بن
دينار المكي مولى ابن باذان صاحب جابر ذاك ثقة جليل حافظ " .
قلت : و من وجوه الاختلاف على عمرو هذا ما أخرجه ابن عدي في " الكامل " ( 66 /
2 ) من طريق الحكم بن سنان حدثنا عمرو بن دينار عن نافع عن ابن عمر مرفوعا .
و قال : " إنما يرويه عمرو بن دينار قهرمان آل الزبير عن سالم بن عبد الله عن
أبيه عن جده , و من قال : عن عمرو بن دينار عن نافع عن ابن عمر , فقد أخطأ " .
قلت : قد تابعه محمد بن سوقه عن نافع به كما تقدم , فلعل هذا هو أصل الحديث عن
عمرو بن دينار , فرواه مرة هكذا على الصواب و سمعه منه الحكم بن سنان على ضعفه
, ثم اضطرب في روايته على ما سبق شرحه . و على كل حال فالحديث قوي بمجموع
الطريقين الأولين . و الله أعلم .
603 " ذراري المسلمين في الجنة تكفلهم إبراهيم صلى الله عليه وسلم " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 156 :
رواه أحمد ( 2 / 326 ) و ابن حبان ( 1826 ) و أبو محمد المخلدي في " الفوائد "
( 289 / 1 ) و الحاكم ( 2 / 370 ) و ابن عساكر ( 11 / 328 / 2 ) عن عبد الرحمن
بن ثابت بن ثوبان حدثني عطاء بن قرة عن عبد الله بن ضمرة عن # أبي هريرة #
مرفوعا . أورده في ترجمة عطاء هذا و روي عن علي و هو ابن المديني أنه قال :
" لا أعرفه " و عن أبي زرعة أنه قال : " كان من خيار عباد الله " .
و ذكره ابن حبان في " الثقات " و حسن له الترمذي , و في " التقريب أنه صدوق " .
و قال الحاكم : " صحيح الإسناد " . و وافقه الذهبي , و إنما هو حسن فقط .
604 " كان إذا أراد أن يسجد كبر ثم يسجد و إذا قام من القعدة كبر ثم قام " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 157 :
أخرجه أبو يعلى في " مسنده " ( 284 / 2 ) حدثنا كامل بن طلحة حدثنا حماد بن
سلمة عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن # أبي هريرة # مرفوعا .
قلت : و هذا إسناد جيد رجاله كلهم ثقات معروفون من رجال " التهذيب " و في كامل
و ابن عمرو كلام لا يضر . و الحديث نص صريح في أن السنة التكبير ثم السجود
و أنه يكبر و هو قاعد ثم ينهض . ففيه إبطال لما يفعله بعض المقلدين من مد
التكبير من القعود إلى القيام !
605 " ليس على النساء حلق , إنما على النساء التقصير " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 157 :
أخرجه أبو زرعة في " تاريخ دمشق " ( ق 88 / 1 ) : حدثني يحيى بن معين قال :
حدثنا هشام بن يوسف عن ابن جريج عن عبد الحميد بن جبير بن شيبة قال : إنه أخبره
عن صفية بنت شيبة قالت : أخبرتني أم عثمان بنت أبي سفيان عن # ابن عباس #
مرفوعا به , و قال : " لم يسند هذا الحديث إلا هشام بن يوسف و لا رواه إلا يحيى
ابن معين " . كذا قال . و ذلك على ما أحاط به علمه , و إلا فقد توبع ابن معين
فقال أبو داود في " سننه " ( 1985 ) : حدثنا أبو يعقوب البغدادي - ثقة - حدثنا
هشام بن يوسف به . و أبو يعقوب هذا هو إسحاق بن أبي إسرائيل : إبراهيم بن
كامجرا المروزي و هو ثقة كما قال أبو داود و غيره و قد تكلم فيه بعضهم لوقفه في
القرآن , و ذلك لا يضره في روايته كما تقرر في " المصطلح " خلافا لما نقله
الزيلعي عن ابن القطان فيه لاسيما و قد تابعه ابن معين كما رأيت . و من هذا
الوجه أخرجه المخلص في " جزء منتقى من الجزء الرابع من حديثه " ( 88 / 1 ) :
حدثنا عبد الله - هو البغوي - حدثنا إسحاق بن أبي إسرائيل حدثني هشام بن يوسف
به إلا أنه قال : عن ابن جريج أخبرني عبد الحميد بن جبير به . فصرح ابن جريج
بالتحديث عنده . و هذه فائدة هامة . و قد توبع عليها كما يأتي و كذلك أخرجه
الدارقطني في " سننه " ( ص 277 ) بإسناد المخلص و سياقه . و أخرجه الدارمي في
" سنه " فقال ( 2 / 64 ) : أخبرنا علي بن عبد الله المديني حدثنا هشام بن يوسف
مصرحا فيه ابن جريج بالتحديث . و أخرجه الدارقطني أيضا عن أبي بكر بن عياش عن
ابن عطاء يعني يعقوب عن صفية بنت شيبة به . و يعقوب هذا ضعيف , لكنه من الطريق
الأولى صحيح لولا أن أم عثمان بنت أبي سفيان قال ابن القطان : " لا يعرف حالها
" كما نقله الزيلعي عنه , و بها ضعفا الحديث . لكن قال الحافظ في " التقريب " :
" أم عثمان بنت سفيان أو أبي سفيان , و هي أم ولد شيبة بن عثمان لها صحبة
و حديث " . و أوردها ابن عبد البر في " الاستيعاب في معرفة الأصحاب " و قال :
" كانت من المبايعات , روت عنها صفية بنت شيبة و روى عبد الله ابن مسافع عن أمه
عنها " .
قلت : فإذا ثبتت صحبتها , فقد زالت جهالتها , لأن الصحابة كلهم عدول كما هو
مقرر في " علم الأصول " . و بذلك صح الحديث و الحمد لله الذي به تتم الصالحات .
606 " ما شأني أجعلك حذائي ( يعني في الصلاة ) فتخنس ? " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 159 :
أخرجه أحمد ( 1 / 330 ) : حدثنا عبد الله بن بكر حدثنا حاتم بن أبي صغيرة أبو
يونس عن عمرو بن دينار أن كريبا أخبره أن # ابن عباس # قال : " أتيت رسول الله
صلى الله عليه وسلم من آخر الليل , فصليت خلفه , فأخذ بيدي , فجرني , فجعلني
حذاءه , فلما أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على صلاته خنست , فصلى رسول
الله صلى الله عليه وسلم , فلما انصرف قال لي : فذكره , فقلت : يا رسول الله
أو ينبغي لأحد أن يصلي حذاءك و أنت رسول الله الذي أعطاك الله ? قال : فأعجبته
, فدعا الله لي أن يزيدني علما و فهما . قال : ثم رأيت رسول الله صلى الله عليه
وسلم نام حتى سمعته بنفخ , ثم أتاه بلال , فقال : يا رسول الله الصلاة , فقام
فصلى ما أعاد وضوأ " .
قلت : و هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين , و قد أخرجه الضياء في " المختارة "
( 67 / 118 / 2 ) من طريق الإمام أحمد ثم قال : " قد روي في " الصحيحين " ذكر
صلاة ابن عباس مع النبي صلى الله عليه وسلم من غير طريق , لكن فيما رويناه من
ذكر الانخناس , و قول النبي صلى الله عليه وسلم و جواب النبي صلى الله عليه
وسلم لم يذكراه في ( الصحيح ) " .
و في الحديث من الفقه أن السنة أن الرجل الواحد , إذا اقتدى بالإمام وقف حذاءه
عن يمينه لا يتقدم عنه و لا يتأخر و هو مذهب الحنابلة كما في " منار السبيل "
( 1 / 128 ) .
607 " أطيب الكسب عمل الرجل بيده , و كل بيع مبرور " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 160 :
صحيح . و له طريقان : الأول عن # رافع بن خديج # , رواه أحمد ( 4 / 141 )
و الطبراني في " الأوسط " ( 1 / 135 / 1 ) و الحاكم ( 2 / 10 ) عن المسعودي عن
وائل بن داود عن عباية بن رفاعة عنه قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم :
أي الكسب أطيب ? قال : عمل الرجل ... و قال الطبراني : " لم يروه عن وائل إلا
المسعودي " .
قلت : و هو ثقة لكنه كان قد اختلط و قد خالفه الثوري فقال : عن وائل بن داود
عن سعيد بن عمير عن عمه . أخرجه الحاكم و قال : " صحيح الإسناد " . و وافقه
الذهبي .
الثاني عن # ابن عمر # , رواه الطبراني في " الأوسط " عن الحسن بن عرفة حدثنا
قدامة بن شهاب المازني حدثنا إسماعيل بن أبي خالد عن وبرة بن عبد الرحمن عن ابن
عمر مرفوعا به و قال : " لم يروه عن إسماعيل إلا قدامة تفرد به الحسن بن عرفة "
. قلت : و هو لا بأس به و بقية رجاله ثقات , فالسند صحيح إن شاء الله .
و قال المنذري ( 3 / 3 ) و تبعه الهيثمي ( 4 / 61 ) : " رواه الطبراني في
" الكبير " و " الأوسط " , و رجاله ثقات " . و قد رواه شريك عن وائل بن داود عن
جميع بن عمير عن خاله أبي بردة مرفوعا به . أخرجه أحمد ( 3 / 466 ) و الحاكم
أيضا و هذا خلاف آخر على وائل و قال الحاكم : " و إذا اختلف الثوري و شريك
فالحكم للثوري " .
قلت : و هذا مما لا ريب فيه , فإن شريكا سيء الحفظ , و الثوري ثقة حافظ إمام
و لذلك فلا يضره مخالفة غير شريك إياه , فقد قال أبو عبيد في " غريب الحديث "
( ق 121 / 2 ) : حدثنا أبو معاوية و مروان بن معاوية كلاهما عن وائل بن داود عن
سعيد بن عمير قال : سئل النبي صلى الله عليه وسلم ... فذكره مرسلا لم يذكر في
إسناده " عن عمه " و هي زيادة صحيحة لرواية الثوري لها و إن خطأها البيهقي كما
نقله المنذري عنه . و الله أعلم . ثم رأيت في " العلل " لابن أبي حاتم قال ( 2
/ 443 ) : " سألت أبي عن حديث رواه أبو إسماعيل المؤدب عن وائل بن داود عن سعيد
بن عمير بن أخي البراء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل ... ( الحديث ) قال
أبي : و حدثني أيضا الحسن بن شاذان عن ابن نمير هكذا متصلا عن البراء , و أما
الثقات : الثوري و جماعته فرووا عن وائل بن داود عن سعيد بن عمير أن النبي صلى
الله عليه وسلم . و المرسل أشبه " .
قلت : فهذا يدل أن الرواة اختلفوا على الثوري في إسناده , فالحاكم رواه عنه
موصولا كما تقدم و أبو حاتم يذكر أنه رواه مرسلا .
و يتلخص مما سبق أن جماعة رووه عن وائل مرسلا و آخرون رووه عنه موصولا و لا شك
أن الحكم لمن وصل لأن معهم زيادة علم , و من علم حجة على من لم يعلم , و الذين
وصلوه ثقات : ابن نمير و أبو سعيد المؤدب و سفيان الثوري في إحدى الروايتين عنه
و كذلك شريك ثقة و إن كان سيء الحفظ فيحتج به فيما وافق الثقات كما هو الشأن
هنا و لا يحتج به فيما خالفهم كما فعل هنا أيضا فإنه وافقهم في الوصل و خالفهم
في اسم الصحابي فقال : عن خاله أبي بردة . و قالوا : عن عمه . و قال بعضهم : عن
البراء . فقد اتفقوا على وصله و اختلفوا في صحابيه , و ذلك مما لا يضر فيه لأن
الصحابة كلهم عدول . و الله أعلم .
608 " إن هذا لا يصلح . يعني اشتراط المرأة لزوجها أن لا تتزوج بعده " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 162 :
أخرجه الطبراني في " المعجم الصغير " ( ص 238 ) من طريق نعيم بن حماد حدثنا عبد
الله بن إدريس عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر عن # أم مبشر # الأنصارية :
" أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب أم مبشر بنت البراء بن معرور فقالت : إني
اشترطت لزوجي أن لا أتزوج بعده , فقال النبي صلى الله عليه وسلم ... " . فذكره
. و قال الطبراني : " تفرد به نعيم " .
قلت : و هو ضعيف و أما قول الهيثمي في " المجمع " ( 4 / 255 ) : " رواه
الطبراني في " الكبير " و " الصغير " و رجاله رجال الصحيح " . فهو وهم أو تساهل
منه , فإن نعيما هذا - و قد تفرد به - إنما أخرج له البخاري تعليقا , و مسلم في
مقدمة " صحيحه " . فلا ينبغي إطلاق عزو حديثه إليهما , لأنه يوهم أنه محتج به
عندهما ! و قوله " بنت البراء ... " لعله خطأ مطبعي , و الصواب : " امرأة
البراء " و ذلك لوجهين : الأول : أنه كذلك وقع في " المجمع " و لفظه : " عن أم
مبشر أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب امرأة البراء بن معرور ... " .
و الظاهر أن هذا السياق لكبير الطبراني .
و الآخر : أني وجدت للحديث شاهدا قويا مفصلا و لذلك خرجته في هذا الكتاب و إلا
فنعيم من حق الكتاب الآخر فقال البخاري في " التاريخ الكبير " ( 4 / 2 / 285 )
: قال لنا الجعفي أنبأنا زيد بن الحباب قال : أنبأنا يحيى بن عبد الله بن أبي
قتادة عن محمد بن عبد الرحمن بن خلاد الأنصاري عن أم مبشر الأنصارية عن النبي
صلى الله عليه وسلم قال لها و هي في بعض حالاتها - و كانت امرأة البراء بن
معرور فتوفي عنها فقال : - إن زيد ابن حارثة قد مات أهله , و لن آلو أن أختار
له امرأة , فقد اخترتك له , فقالت : يا رسول الله إني حلفت للبراء أن لا أتزوج
بعده رجلا , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أترغبين عنه ? قالت : أفأرغب
عنه و قد أنزله الله بالمنزلة منك ? إنما هي غيرة , قالت : فالأمر إليك , قال :
فزوجها من زيد بن حارثة و نقلها إلى نسائه , فكانت اللقاح تجيء فتحلب فيناولها
الحلاب فتشرب , ثم يناوله من أراد من نسائه . قالت : فدخل علي و أنا عند عائشة
فوضع يده على ركبتها و أسر إليها شيئا دوني , فقالت بيدها في صدر رسول الله صلى
الله عليه وسلم تدفعه عن نفسها , فقلت : مالك تصنعين هذا برسول الله صلى الله
عليه وسلم ? ! فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم , و جعل يقول رسول الله صلى
الله عليه وسلم : دعيها , فإنها تصنع هذا , و أشد من هذا " .
قلت : و رجال إسناده ثقات رجال " الصحيح " , غير يحيى بن عبد الله و محمد بن
عبد الرحمن , و قد وثقهما ابن حبان ( 2 / 301 , 1 / 209 ) و الأول منهما روى
عنه جماعة من الثقات كما في " الجرح " ( 4 / 2 / 161 ) و قال ابن حبان : " روى
عنه أهل المدينة , كنيته أبو عبد الله مات سنة ثنتين و سبعين و مائة " .
فالحديث بهذا الشاهد حسن . و الله أعلم .
609 " إذا كان الذي ابتاعها ( يعني السرقة ) من الذي سرقها غير متهم يخير سيدها ,
فإن شاء أخذ الذي سرق منه بثمنها و إن شاء اتبع سارقه " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 164 :
أخرجه النسائي ( 2 / 233 ) و الحاكم ( 2 / 36 ) و أحمد ( 4 / 226 ) عن ابن جريج
قال : و لقد أخبرني عكرمة بن خالد أن # أسيد بن حضير الأنصاري # - ثم أحد بني
حارثة - أخبره : " أنه كان عاملا على اليمامة , و أن مروان كتب إليه أن معاوية
كتب إليه أن أيما رجل سرق منه فهو أحق بها حيث وجدها , ثم كتب بذلك مروان إلي
و كتبت إلى مروان أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بأنه إذا كان ... ثم قضى
بذلك أبو بكر و عمر و عثمان . فبعث مروان بكتابي إلى معاوية و كتب معاوية إلى
مروان : إنك لست أنت و لا أسيد تقضيان علي , و لكني أقضي فيما وليت عليكما ,
فانفذ لما أمرتك به , فبعث مروان بكتاب معاوية , فقلت : لا أقضي به ما وليت بما
قال معاوية " . و قال الحاكم : " صحيح على شرط الشيخين " . و تعقبه الذهبي
بقوله : " قلت : أسيد هذا مات زمن عمر , و لم يلقه عكرمة و لا بقي إلى أيام
معاوية , فتحقق هذا " .
قلت : التحقيق أن قوله : " ابن حضير " وهم من بعض رواته و الصواب " ابن ظهير "
. قال الحافظ المزي في ترجمة ابن حضير بعد أن ساق الحديث من طريق هارون بن عبد
الله عن حماد بن مسعدة عن ابن جريج : " فإنه وهم . قال هارون : قال أحمد : هو
في كتاب ابن جريج " أسيد بن ظهير , و لكن كذا حدثهم بالبصرة . و رواه عبد
الرزاق و غيره عن ابن جريج عن عكرمة عن أسيد بن ظهير , و هو الصواب " .
أقول : رواية عبد الرزاق عند النسائي قال : أخبرنا عمرو بن منصور قال : حدثنا
سعيد بن ذؤيب قال : حدثنا عبد الرزاق عن ابن جريج : و لقد أخبرني ... إلى آخر
السياق المذكور في مطلع التخريج . و أنت ترى أنه وقع فيه " أسيد بن حضير " .
و هذا خلاف ما عزاه المزي لرواية عبد الرزاق , فهل روايته في " النسائي "
مخالفة لروايته عند غيره ممن نقلها المزي عنه ? أم أن نسختنا منه وقع فيها خطأ
من الطابع أو الناسخ ? كل من الأمرين محتمل في الظاهر و لكن مما يرجح الاحتمال
الثاني : أن الحافظ المزي أورد الحديث في " تحفة الأشراف لمعرفة الأطراف "
( 1 / 75 ) و تبعه النابلسي في " الذخائر " ( 1 / 17 ) من طريق النسائي عن عمرو
بن منصور به ... فذكره كما ذكره في " التهذيب " على الصواب .
و قال عقبه : " و كذا رواه إسحاق بن راهويه عن عبد الرزاق و قيل عن أسيد بن
حضير و هو وهم " . فتبين أن الذي في نسختنا من " النسائي " خطأ من الناسخ أو
الطابع . و إذا كان الأمر كذلك : فابن ظهير صحابي و قد استصغر يوم أحد و روى
عنه غير عكرمة ابنه رافع و مجاهد . فثبت الحديث و زال الوهم . و الموفق الله .
و في الحديث فائدتان هامتان :
الأولى : أن من وجد ماله المسروق عند رجل غير متهم اشتراها من الغاصب أو السارق
, فليس له أن يأخذه إلا بالثمن و إن شاء لاحق المعتدي عند الحاكم . و أما حديث
سمرة المخالف لهذا بلفظ : " من وجد عين ماله عند رجل فهو أحق به , و يتبع البيع
من باعه " فهو حديث معلول كما بينته في التعليق على " المشكاة " ( 2949 ) فلا
يصلح لمعارضة هذا الحديث الصحيح , لاسيما و قد قضى به الخلفاء الراشدون .
و الأخرى : أن القاضي لا يجب عليه في القضاء أن يتبنى رأى الخليفة إذا ظهر له
أنه مخالف للسنة , ألا ترى إلى أسيد بن ظهير كيف امتنع عن الحكم بما أمر به
معاوية و قال : " لا أقضي ما وليت بما قال معاوية " .
ففيه رد صريح على من يذهب اليوم من الأحزاب الإسلامية إلى وجوب طاعة الخليفة
الصالح فيما تبناه من أحكام و لو خالف النص في وجهة نظر المأمور و زعمهم أن
العمل جرى على ذلك من المسلمين الأولين و هو زعم باطل لا سبيل لهم إلى إثباته ,
كيف و هو منقوض بعشرات النصوص هذا واحد منها , و منها مخالفة علي رضي الله عنه
في متعة الحج لعثمان بن عفان في خلافته , فلم يطعه , بل خالفه مخالفة صريحة كما
في " صحيح مسلم " ( 4 / 46 ) عن سعيد بن المسيب قال : " اجتمع علي و عثمان رضي
الله عنهما بعسفان , فكان عثمان ينهى عن المتعة أو العمرة , فقال علي : ما تريد
إلى أمر فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم تنهى عنه ? ! فقال عثمان : دعنا منك
! فقال : إني لا أستطيع أن أدعك . فلما أن رأى علي ذلك أهل بهما جميعا " .
610 " ألا إن العارية مؤداة و المنحة مردودة و الدين مقضي و الزعيم غارم " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 167 :
أخرجه الإمام أحمد ( 5 / 293 ) : حدثنا علي بن إسحاق أنبأنا ابن المبارك حدثنا
عبد الرحمن بن يزيد بن ( في الأصل : عن ) جابر قال : حدثني # سعيد ابن أبي سعيد
عمن سمع النبي صلى الله عليه وسلم # يقول : فذكره .
قلت : و هذا سند صحيح رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير علي ابن إسحاق و هو
السلمي و هو ثقة اتفاقا و جهالة الصحابي لا تضر . و قال الهيثمي ( 4 / 145 ) :
" و رجاله ثقات " . و للحديث شاهد من طريق إسماعيل بن عياش حدثنا شرحبيل بن
مسلم الخولاني قال : سمعت أبا أمامة الباهلي يقول : سمعت رسول الله صلى الله
عليه وسلم فذكره . أخرجه أحمد ( 5 / 267 ) و أصحاب السنن إلا النسائي و قال
الترمذي ( 2 / 252 - تحفة ) : " حديث حسن و في الباب عن سمرة و صفوان بن أمية
و أنس و قد روي عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم أيضا من غير هذا
الوجه " .
قلت : و على هذا فاقتصاره على تحسين الحديث مع هذه الشواهد و الطرق قصور بين ,
لاسيما و الطريق الأولى عند أحمد صحيحة لذاتها كما عرفت . و من طرقه و ألفاظه
الحديث الآتي بعده . و قد خولف ابن المبارك في إسناده , فقال ابن ماجه ( 2 / 72
) : حدثنا هشام بن عمار و عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقيان قالا : حدثنا محمد
بن شعيب عن عبد الرحمن بن يزيد عن سعيد بن أبي سعيد عن أنس مرفوعا به .
قال في " الزوائد " : " و هذا إسناد صحيح , و عبد الرحمن بن يزيد هو ابن جابر
ثقة . و سعيد بن أبي سعيد هو المقبري " .
قلت : و محمد بن شعيب هو ابن شابور و هو ثقة اتفاقا , و قد زاد على ابن المبارك
فسمى الصحابي أنسا , فهي زيادة مقبولة و ليست مخالفة لرواية ابن المبارك كما هو
ظاهر . و لقد أبعد الزيلعي النجعة , فنسب الحديث في " نصب الراية " ( 4 / 58 )
للطبراني وحده في " مسند الشاميين " من طريق هشام بن عمار حدثنا محمد بن شعيب
به . و تبعه على ذلك الحافظ في " الدراية " ( ص 290 ) ! !
611 " العارية مؤداة و المنحة مرودة و من وجد لقطة مصراة , فلا يحل له صرارها حتى
يريها " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 169 :
رواه ابن حبان في صحيحه ( 1174 ) : أخبرنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي
حدثنا الهيثم بن خارجة حدثنا الجراح بن مليح البهراني حدثنا حاتم بن حريث
الطائي قال : سمعت # أبا أمامة # يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
فذكره .
قلت : و هذا سند حسن , حاتم هذا , روى عنه سوى الجراح هذا معاوية بن صالح قال
ابن أبي حاتم ( 1 / 2 / 257 ) : " قال ابن معين : لا أعرفه , و سألت أبي عنه ?
فقال : شيخ " . قال الحافظ في " التهذيب " : " قلت : و ذكره ابن حبان في
" الثقات " , و قال عثمان بن سعيد الدارمي : ثقة . قال ابن عدي : لعزة حديثه لم
يعرفه ابن معين و أرجو أنه لا بأس به " .
قلت : فمثله حسن الحديث إن شاء الله تعالى و بقية رجاله رجال الصحيح غير أحمد
بن الحسن الصيرفي و هو ثقة وثقه الدارقطني و الخطيب كما في " تاريخه " ( 4 / 82
- 84 ) . و الحديث أشار إليه الحافظ في " التلخيص " و قال ( ص - 25 ) :
" و صححه ابن حبان من طريق حاتم هذه , و قد وثقه عثمان الدارمي " . و الحديث
رواه النسائي من هذا الوجه فقال : أنبأنا عمرو بن منصور أنبأنا الهيثم بن خارجة
به . ذكره ابن حزم ( 9 / 172 ) و أعله بقوله : " حاتم بن حريث مجهول " . كذا
قال , و كأنه لم يقف على توثيق الدارمي له أو لم يعتد به , فلا أدري ما وجهه
حينئذ مع قول ابن عدي : " لا بأس به " . و اعلم أن الطرف الأول من الحديث "
العارية مؤداة " قد روي من طريق أخرى عن أبي أمامة , و من طرق أخرى عن رسول
الله صلى الله عليه وسلم ذكرها ابن حزم و ضعفها كلها و فاته الطريق الأولى
باللفظ الأول عند أحمد و هي صحيحة عندنا كما علمت و إن كان المعروف عن ابن حزم
أنه لا يحتج برواية من لم يسم من الصحابة خلافا للجمهور . و مما لا يرتاب فيه
عاقل أن هذه الطرق و لو قيل بأن مفرداتها لا تخلو من ضعف فإن مجموعها مما يدل
على أن للحديث أصلا أصيلا , فكيف و الطريق الأولى صحيحة و هذه حسنة ? فكيف و له
شاهد بلفظ : " بل عارية مؤداة " كما سيأتي ( 631 ) .
612 " كان قائما يصلي في بيته , فجاء رجل فاطلع في بيته , فأخذ رسول الله صلى الله
عليه وسلم سهما من كنانته , فسدده نحو عينيه حتى انصرف " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 171 :
أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " ( 1069 ) و أحمد ( 3 / 191 ) و أبو القاسم
البغوي في " حديث هدبة " ( رقم 80 ) من طريق حماد بن سلمة أنبأنا إسحاق بن عبد
الله بن طلحة عن # أنس # أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ...
قلت : و هذا إسناد صحيح على شرط مسلم . و قد أخرجه البخاري في " الديات "
و أحمد أيضا ( 3 / 125 / 178 ) من طريق حميد عن أنس مختصرا نحوه و فيه عند أحمد
- و إسناده ثلاثي : " فأخرج الرجل رأسه " و أخرجه مسلم ( 6 / 181 ) و غيره من
طريق أخرى عن أنس نحوه , و ليس عنده و كذا البخاري ذكر الصلاة , خلافا لما
يوهمه كلام المعلق عليه محمد فؤاد عبد الباقي و كذلك كلام شارحه الفاضل .
613 " لا ينبغي لمؤمن أن يذل نفسه , قالوا : و كيف يذل نفسه ? قال : يتعرض من
البلاء ما لا يطيق " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 172 :
رواه الترمذي ( 2 / 41 - بولاق ) و ابن ماجه ( 4016 ) و أحمد ( 5 / 405 ) عن
علي بن زيد عن الحسن عن جندب عن # حذيفة # مرفوعا . و قال : " حديث حسن غريب "
. قلت : علي بن زيد هو ابن جدعان و هو ضعيف , و الحسن هو البصري و هو مدلس و قد
عنعنه . و قال ابن أبي حاتم في " العلل " ( 2 / 138 ) عن أبيه : " هذا حديث
منكر " . و ذكره في موضع آخر ( 2 / 306 ) من طريق عمرو بن عاصم الكلابي عن حماد
بن سلمة عن علي بن زيد به . فقال : " قال أبي : قد زاد في الإسناد جندبا و ليس
بمحفوظ , حدثنا أبو سلمة عن حماد , و ليس فيه جندب " .
قلت : و هو عندهم جميعا من طريق عمرو بن عاصم , فكأن أبا حاتم يشير إلى إعلال
الحديث بالانقطاع بين الحسن و حذيفة و هو على كل حال منقطع , لما ذكر من
التدليس . ثم وجدت للحديث شاهدا من حديث ابن عمر مرفوعا . أخرجه الطبراني في
" المعجم الكبير " ( 3 / 204 / 1 ) : حدثنا محمد بن أحمد بن أبي خيثمة أنبأنا
زكريا بن يحيى المدائني أنبأنا شبابة بن سوار أنبأنا ورقاء ابن عمر عن ابن أبي
نجيح عن مجاهد عنه به .
قلت : و هذا إسناد صحيح إن كان زكريا بن يحيى هو أبو يحيى اللؤلؤي الفقيه
الحافظ و بقية رجاله ثقات رجال الشيخين غير ابن أبي خيثمة و هو ثقة حافظ له
ترجمة في " تذكرة الحفاظ " ( 2 / 278 ) و غيره .
614 " من قطع سدرة صوب الله رأسه في النار ( يعني من سدر الحرم ) " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 173 :
أخرجه أبو داود ( 5239 ) و النسائي في " السير " ( 2 / 43 / 2 ) و الطحاوي في
" مشكل الآثار " ( 4 / 119 , 120 ) و الطبراني في " الأوسط " ( 1 / 123 / 1 )
و عنه الضياء المقدسي في " الأحاديث المختارة " ( 56 / 136 / 3 ) و البيهقي في
" السنن الكبرى " ( 6 / 139 ) من طرق عن ابن جريج عن عثمان بن أبي سليمان عن
سعيد بن محمد بن جبير بن مطعم عن # عبد الله ابن حبشي # قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : فذكره و قال الطبراني - و الزيادة له - : " لا يروى عن
عبد الله بن حبشي إلا بهذا الإسناد , تفرد به ابن جريج " .
قلت : و رجاله ثقات , و الإسناد جيد لولا أن فيه عنعنة ابن جريج و قد صرح
بالتحديث عن عثمان بن أبي سليمان هذا في حديث آخر له أخرجه أحمد ( 3 / 411 / -
412 ) و الضياء , فالله أعلم . و قد خالفه في إسناده معمر فقال : عن عثمان بن
أبي سليمان عن رجل من ثقيف عن عروة بن الزبير يرفع الحديث إلى النبي صلى الله
عليه وسلم نحوه . أخرجه أبو داود ( 5240 ) و البيهقي ( 6 / 139 - 140 ) .
و ابن جريج أحفظ من معمر , فالموصول أولى لولا أن فيه العنعنة لكن الحديث صحيح
بما له من الشواهد , فمنها عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم : " إن الذين يقطعون السدر يصبون في النار على رؤوسهم صبا " .
أخرجه الطحاوي ( 4 / 117 ) و الخطيب في " الموضح " ( 1 / 38 - 39 ) و البيهقي
( 6 / 140 ) من طريقين عن وكيع بن الجراح قال : حدثنا محمد بن شريك عن عمرو بن
دينار عن عمرو بن أوس عن عروة بن الزبير عنها .
قلت : و إسناده صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين غير محمد بن شريك و هو ثقة و أما
إعلال البيهقي نقلا عن أبي علي الحافظ بقوله : " ما أراه حفظه عن وكيع , و قد
تكلموا فيه يعني القاسم بن محمد بن أبي شيبة و المحفوظ رواية أبي أحمد الزبيري
و من تبعه على روايته عن محمد بن شريك عن عمرو بن دينار عن عمرو بن أوس عن عروة
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرسلا " .
قلت : فهذا الإعلال غير قادح لأن القاسم هذا لم يتفرد به عن وكيع بل قد تابعه
مليح بن وكيع بن الجراح كما أشرنا إليه و هو ثقة . و لذلك قال الخطيب بعد ما
روى قول الدارقطني : تفرد به وكيع عن محمد بن شريك و تفرد به عنه مليح :
" قلت : و هكذا رواه القاسم بن محمد بن أبي شيبة عن وكيع " .
و قال الخطيب عقبه . " و رواه أبو معاوية عن أبي عثمان محمد بن شريك فأرسله
و لم يذكر فيه عائشة . أخبرناه .... " .
قلت : فيبدو مما ذكرنا أن الأصح عن محمد بن شريك مرسل , و لكنه مرسل صحيح
الإسناد , فهو على كل حال شاهد قوي لحديث الباب , لاسيما و قد توبع ابن شريك
على وصله , أخرجه تمام الرازي في " الفوائد " من طريق إسماعيل بن عبد الله بن
زرارة حدثنا حماد أبو بشر العبدي و الأشعث بن سعيد عن عمرو بن دينار به . لكن
الأشعث هذا متروك , و إن قرن به حماد أبو بشر العبدي , فإني لم أعرفه . فإن وثق
فالسند جيد . و له شاهد جيد و هو : " قاطع السدر , يصوب الله رأسه في النار " .
615 " قاطع السدر , يصوب الله رأسه في النار " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 175 :
أخرجه البيهقي ( 6 / 141 ) من طريق عبد القاهر بن شعيب عن # بهز بن حكيم عن
أبيه عن جده # قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره .
قلت : و هذا إسناد حسن , كما هو المعروف في إسناد بهز بن حكيم عن أبيه عن جده .
و عبد القاهر بن شعيب قال صالح جزرة : لا بأس به . و ذكره ابن حبان في
" الثقات " . و تابعه يحيى بن الحارث عن أخيه مخارق بن الحارث عن بهز بن حكيم
به بلفظ : " من الله لا من رسوله لعن الله عاضد السدر " . و رجاله ثقات غير
مخارق هذا فلم أجد من ترجمه , و قد ذكره الحافظ في شيوخ يحيى بن الحارث .
و له شاهد ضعيف , يرويه إبراهيم بن يزيد عن عمرو بن دينار عن جعفر بن محمد بن
علي عن أبيه عن جده عن علي مرفوعا بلفظ : " اخرج فأذن في الناس من الله لا من
رسوله لعن الله قاطع السدرة " . أخرجه البيهقي , و الطحاوي ( 4 / 119 ) نحوه .
و إبراهيم هذا و هو الخوزي متروك , و قد اضطرب في إسناده كما بينه البيهقي ,
فالاعتماد على ما قبله . و الله أعلم .
إذا ثبت الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم , فقد أشكل على بعض العلماء ,
فتأوله أبو داود بقوله : " هذا الحديث مختصر , يعني من قطع سدرة في فلاة يستظل
بها ابن السبيل و البهائم عبثا و ظلما بغير حق يكون له فيها , صوب الله رأسه في
النار " . و ذهب الطحاوي إلى أنه منسوخ , و احتج بأن عروة بن الزبير - و هو أحد
رواة الحديث قد ورد عنه أنه قطع السدر . ثم روى ذلك بإسناده عنه . و أخرجه أبو
داود ( 5241 ) بأتم منه من طريق حسان بن إبراهيم قال : سألت هشام بن عروة عن
قطع السدر ? و هو مستند إلى قصر عروة فقال : أترى هذه الأبواب و المصاريع ?
إنما هي من سدر عروة , كان عروة يقطعه من أرضه , و قال : لا بأس به . زاد في
روايته : فقال : هي يا عراقي جئتني ببدعة ! قال : قلت : إنما البدعة من قبلكم ,
سمعت من يقول بمكة : لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قطع السدر .
قلت : و إسناده جيد . و هو صريح في أن عروة كان يرى جواز قطع السدر .
قال الطحاوي : " لأن عروة مع عدالته و علمه و جلالة منزلته في العلم لا يدع
شيئا قد ثبت عنده عن النبي صلى الله عليه وسلم إلى ضده إلا لما يوجب ذلك له ,
فثبت بما ذكرنا نسخ الحديث " .
قلت : و أولى من ذلك كله عندي أن الحديث محمول على قطع سدر الحرم , كما أفادته
زيادة الطبراني في حديث عبد الله بن حبشي , و بذلك يزول الإشكال . و الحمد لله
الذي بنعمته تتم الصالحات .
616 " ابنوه عريشا كعريش موسى . يعني مسجد المدينة " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 177 :
روي # مرسلا عن الحسن البصري و سالم بن عطية و الزهري و راشد بن سعد و موصولا
عن أبي الدرداء و عبادة بن الصامت # .
1 - عن الحسن . أخرجه ابن أبي الدنيا في " قصر الأمل " ( 3 / 25 / 2 ) من طريق
إسماعيل بن مسلم عنه قال : " لما بنى رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد
أعانه عليه أصحابه و هو يتناول اللبن حتى اغبر صدره , فقال ... " . فذكره . قال
ابن كثير في " البداية " ( 3 / 215 ) : " و هذا مرسل " .
قلت : و رجاله ثقات كلهم إن كان إسماعيل هذا هو العبدي القاضي , و إن كان هو
المكي البصري فهو ضعيف , و كلاهما روى عن الحسن . و قد توبع , فأخرجه ابن أبي
شيبة في " المصنف " ( 1 / 100 / 2 ) و عنه ابن عساكر ( 12 / 317 / 2 ) من طريق
أيوب عن الحسن به . و إسناده صحيح مرسل .
2 - عن سالم بن عطية - أخرجه البيهقي في " سننه " ( 2 / 439 ) عن ليث عنه .
و ليث هو ابن أبي سليم ضعيف و شيخه سالم لم أجد له ترجمة .
3 - عن الزهري . أخرجه ابن سعد في " الطبقات " ( 1 / 239 - 240 ) : أخبرنا محمد
بن عمر قال : حدثني معمر بن راشد عنه قال : فذكره في أثناء حديث طويل في بناء
المسجد .
قلت : و هذا إسناد واه جدا محمد بن عمر هو الواقدي و هو متروك , فلا يصلح
للشواهد و المتابعات .
4 - عن راشد بن سعد . قال المفضل الجندي في " كتاب فضل المدينة " ( رقم 47 -
منسوختي ) : حدثنا ابن أبي عمر و سعيد قالا : حدثنا سفيان عن ثور بن يزيد عنه
قال : " وجه النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن رواحة و أصحابا له معهم
قصبة أو جريدة و هم يمسحون بها المسجد , فقال عبد الله بن رواحة : يا رسول الله
لو بنينا مسجدنا هذا على بناء مسجد الشام فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم
الجريدة أو القصبة و هجل بها - يعني رمى بها - و قال : خشيبات و ثمام و عريش
كعريش موسى , و الأمر أعجل من ذلك " .
قلت : و هذا إسناد مرسل أيضا صحيح رجاله كلهم ثقات .
و قد روى موصولا , و هو :
5 - عن أبي الدرداء . قال أبو حامد الحضرمي الثقة في " حديثه " ( ق / 2 / 2 )
أنبأنا زيد بن سعيد الواسطي : حدثنا بشر بن السري حدثنا سفيان الثوري عن ثور عن
خالد بن معدان عن أبي الدرداء قال : فذكره مثل الذي قبله مع اختصاره في قول
الصحابي . و رواه المخلص في " الفوائد المنتقاة " ( 9 / 193 / 1 ) : حدثنا محمد
بن هارون حدثنا زيد بن سعيد الواسطي به . و الضياء المقدسي في " الأحاديث
المختارة " ( 7 / 117 / 1 ) من طريق البغوي عن زيد الواسطي به .
قلت : و رجاله ثقات رجال البخاري غير زيد هذا , أورده الذهبي في " الميزان "
فقال : " عن أبي إسحاق بخبر باطل متنه : " من أدخل على مؤمن سرورا لم تمسه
النار " . و قال الحافظ في " اللسان " : " و ساق المؤلف في " معجمه " من وجه
آخر عن أبي حامد ( عنه ) و قال : هذا خبر منكر و رواته أعلام ثقات , فالآفة زيد
هذا و لم أجد أحدا ذكره بجرح و لا تعديل " .
6 - عن عبادة . أخرجه ابن أبي الدنيا من طريق أبي سنان عن يعلى ابن شداد بن أوس
عنه . " أن الأنصار جمعوا مالا , فأتوا به النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا :
يا رسول الله ابن هذا المسجد و زينه , إلى متى تصلي تحت هذا الجريد ? فقال :
" ما بي رغبة عن أخي موسى , عريش كعريش موسى " . و هذا الحديث غريب من هذا
الوجه . كذا قال الحافظ ابن كثير في " البداية " ( 3 / 215 ) . و أبو سنان هذا
اسمه عيسى بن سنان الحنفي , و هو لين الحديث كما في " التقريب " .
و جملة القول : أن الحديث بمجموع المرسلين الصحيحين و هذا الموصول يرتقي إلى
درجة الحسن إن شاء الله تعالى . ثم وجدت له شاهدا آخر مرسل , رواه نعيم بن حماد
في " زوائد زهد ابن المبارك " ( رقم 198 ) قال : أنبأنا ابن عيينة عن عمرو بن
دينار عن أبي جعفر قال : قالوا : يا رسول الله هده , يعنون المسجد , يقولون :
طينه , قال : لا بل عرش كعرش موسى . يعني العريش . و رجاله ثقات . غير أن ابن
حماد نفسه ضعيف .
617 " من أعطي عطاء فوجد فليجز به و من لم يجد فليثن , فإن من أثنى فقد شكر و من
كتم فقد كفر , و من تحلى بما لم يعطه كان كلابس ثوبي زور " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 181 :
أخرجه أبو داود ( 4813 ) من طريق بشر حدثنا عمارة بن غزية قال : حدثني رجل من
قومي عن # جابر بن عبد الله # قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره
و قال : " رواه يحيى بن أيوب عن عمارة بن غزية عن شرحبيل عن جابر " .
قلت : وصله البخاري في " الأدب المفرد " ( 215 ) : حدثنا سعيد بن عفير قال :
حدثني يحيى بن أيوب عن عمارة بن غزية عن شرحبيل مولى الأنصار عن جابر به .
و أورده ابن أبي حاتم في " العلل " ( 2 / 318 ) من طريق بشر و قال : " قال أبي
: هذا الرجل هو شرحبيل بن سعد " .
قلت : و قد خالف بشرا إسماعيل بن عياش , فقال عن عمارة بن غزية عن أبي الزبير
عن جابر به . أخرجه الترمذي ( 1 / 365 ) و قال : " حديث حسن غريب . و معنى قوله
: " و من كتم فقد كفر " يقول : قد كفر تلك النعمة " .
قلت : إسماعيل بن عياش ضعيف في روايته عن الحجازيين و هذه منها , لاسيما و قد
خالفه بشر و هو ابن المفضل و هو ثقة , فالصواب أن تابعي الحديث إنما هو شرحبيل
بن سعد , كما جزم به أبو داود و أبو حاتم و هو رواية البخاري و يؤيده ذلك أن
زيد بن أبي أنيسة رواه أيضا عن شرحبيل الأنصاري عن جابر به . أخرجه ابن حبان (
2073 ) و القضاعي في " مسند الشهاب " ( ق 41 / 2 ) و إذ قد دار السند على
شرحبيل بن سعد , فهو إسناد ضعيف , لأن شرحبيل هذا يكاد يكون متفقا على تضعيفه ,
فلم يوثقه غير ابن حبان و شيخه ابن خزيمة , فأخرجا له في " الصحيح " . و ذلك من
تساهلهما الذي عرفا به . نعم للحديث طريق أخرى عن جابر يتقوى بها أخرجه ابن عدي
في " الكامل " ( ق 20 / 2 ) من طريق أيوب بن سويد عن الأوزاعي عن محمد بن
المنكدر عن جابر يرفعه .
قلت : و أيوب هذا صدوق يخطىء كما في " التقريب " فهو شاهد جيد . و قد صح الحديث
من طريق أخرى مختصرا بلفظ : " من أبلي بلاء فذكره , فقد شكره و إن كتمه فقد
كفره " .
618 " من أبلي بلاء فذكره , فقد شكره و إن كتمه فقد كفره " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 182 :
أخرجه أبو داود ( 4814 ) و أبو نعيم في " أخبار أصبهان " ( 1 / 259 ) من طريق
جرير عن الأعمش عن أبي سفيان عن # جابر # عن النبي صلى الله عليه وسلم .
قلت : و هذا إسناد صحيح على شرط مسلم . و له شاهد من حديث ابن عمر مرفوعا به
نحوه . أخرجه ابن عساكر ( 16 / 302 / 1 ) و فيه عثمان بن فائد و هو ضعيف و قد
وقع بياض في النسخة , فلم يتبين سنده كاملا .
619 " ثلاث لا ترد : الوسائد و الدهن و اللبن " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 183 :
أخرجه الترمذي ( 2 / 130 ) و عنه البغوي في " شرح السنة " ( 3 / 112 / 2 )
و أبو الشيخ في " طبقات المحدثين " ( ص 185 ) و بشر بن مطر في " حديثه " ( 3 /
89 / 1 ) و ابن حبان في " الثقات " ( 1 / 10 ) و الطبراني في " المعجم الكبير "
( 3 / 196 / 1 ) و أبو نعيم في " أخبار أصبهان " ( 1 / 99 ) من طريق عبد الله
بن مسلم عن أبيه عن # ابن عمر # قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
فذكره . و قال الترمذي : " حديث غريب , و عبد الله هو ابن مسلم بن جندب و هو
مدني " .
قلت : و كأنه قد خفي حاله على الترمذي و لذلك استغرب حديثه , و قد عرفه غيره ,
فقال ابن أبي حاتم في كتابه ( 2 / 2 / 165 ) : " سئل أبو زرعة عنه ? فقال :
مديني لا بأس به " . و كذا قال الحافظ في " التقريب " . و ذكره ابن حبان في
" الثقات " ( 2 / 159 ) و قال العجلي : " مدني ثقة " . و قال الذهبي :
" مقل ما علمت لأحد فيه مغمزا " . و أما أبوه هو أشهر منه قال ابن حبان في
" الثقات " ( 1 / 213 ) : " يروي عن ابن عمر , و كان قاضي المدينة , روى عنه
يحيى بن سعيد الأنصاري و ... و ... مات سنة ست و مائة " . و قال العجلي :
" تابعي ثقة " . و كذا قال الحافظ إنه ثقة .
قلت : و بقية رجال الإسناد ثقات معروفون فالإسناد جيد لا علة فيه , فقول ابن
أبي حاتم في " العلل " ( 2 / 308 ) عن أبيه : " هذا حديث منكر " مردود . و مثله
ما نقله المناوي عن ابن القيم أنه قال : " حديث معلول , رواه الترمذي و ذكر
علته , و لا أحفظ الآن ما قيل فيه إلا أنه من رواية عبد الله بن مسلم بن جندب
عن أبيه عن ابن عمر " .
قلت : فهذا مردود أيضا لأنه مجرد دعوة , ثم قال المناوي : " و قال ابن حبان :
إسناده حسن , لكنه ليس على شرط البخاري " .
( تنبيه ) سقط من رواية ابن حبان اسم عبد الله هذا , و وقع عنده : " مسلم بن
جندب عن أبيه عن ابن عمر ... " . و ليس السقط من الناسخ , بل الرواية عنده هكذا
وقعت له , فإنه أورده في ترجمة " جندب بن سلامة " و قال : " و يقال ابن سلام
المدني يروي عن ابن عمر , روى عنه مسلم بن جندب " . ثم ساق الحديث . و لا شك أن
هذه الرواية شاذة , لمخالفتها للروايات الأخرى المطبقة على أنها من رواية عبد
الله بن مسلم عن أبيه عن ابن عمر , و أنه لا ذكر لجندب فيها . و الله أعلم .
و قد وجدت للحديث طريقا أخرى عن ابن عمر , فقال الروياني في " مسنده " ( ق 249
/ 2 ) : أنبأنا العباس بن محمد أنبأنا أبو الربيع سليمان بن داود بن رشيد
أنبأنا خالد بن زياد الدمشقي عن زهير بن محمد المكي عن نافع عنه به .
و رجاله ثقات غير خالد هذا فمجهول , و زهير بن محمد هو أبو المنذر التميمي
الخراساني , قال الحافظ : " رواية أهل الشام عنه غير مستقيمة , فضعف بسببها " .
و من هذه الطريق أخرجه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " ( 5 / 213 / 2 ) و قال :
" لا أعرف أبا الربيع هذا و لا خالدا إلا من هذا الوجه " . فتعقبه الحافظ في
" اللسان " بقوله : " أما أبو الربيع فهو الختلي بلا شك " .
قلت : و هو ثقة من رجال مسلم , مترجم في " التهذيب " و غيره .
( فائدة ) قال الترمذي : " الدهن يعني به الطيب " .
620 " ضالة المسلم حرق النار " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 185 :
أخرجه أحمد ( 5 / 80 ) و الدارمي ( 2 / 266 ) و الطبراني في " المعجم الصغير "
( ص 174 ) و " الكبير " ( 1 / 102 / 2 ) من طريق سعيد الجريري عن أبي العلاء بن
الشخير عن مطرف حدثنا أبو مسلم الجذمي - جذيمة عبد القيس - حدثنا # الجارود #
مرفوعا به . و زاد أحمد و الطبراني : و قال في اللقطة الضالة تجدها فانشدها
و لا تكتم و لا تغيب فإن عرفت فأدها , و إلا فمال الله يؤتيه من يشاء .
قلت : و أبو العلاء هذا اسمه يزيد بن عبد الله بن الشخير و هو ثقة لكن اختلفوا
عليه في إسناده , فرواه هكذا سعيد الجريري و تابعه قتادة و خالد الحذاء عند
أحمد و الدارمي و في رواية لأحمد عن الحذاء به إلا أنه أسقط من الإسناد أبا
مسلم الجذمي . و الصواب الأول لأنه قد تابعهم أيوب عن أبي العلاء به . لكن
خالفه الحسن - و هو البصري - فقال : عن مطرف بن عبد الله بن الشخير عن أبيه
مرفوعا به . أخرجه أحمد ( 4 / 25 ) و عنه الضياء في " المختارة " ( 58 / 182 /
2 ) و ابن ماجه ( 2502 ) و ابن حبان ( 1171 ) و ابن سعد ( 7 / 34 ) و أبو عبيد
في " غريب الحديث " ( 5 / 1 ) و البيهقي ( 6 / 191 ) و الضياء أيضا من طريق
حميد الطويل عنه .
و تابعه قتادة عن مطرف به . أخرجه أبو نعيم في " الحلية " ( 9 / 33 ) و الضياء
. و لعل هذه الرواية عن مطرف عن أبيه أرجح من رواية مطرف عن أبي مسلم الجذمي عن
الجارود لاتفاق ثقتين عليها و هما الحسن و قتادة بخلاف تلك , فقد تفرد بها أبو
العلاء كما رأيت . فإن كان كذلك , فالإسناد صحيح و أما طريق أبي مسلم فإنه ليس
بالمشهور . لكنه لم يتفرد به , فأخرجه الطبراني ( 3 / 102 / 1 - 2 ) من طريق
أبي معشر البراء , أنبأنا المثنى بن سعيد عن قتادة عن عبد الله بن بابي عن عبد
الله بن عمرو أن الجارود أبا المنذر أخبره به .
قلت : فهذه متابعة قوية و السند جيد و هو على شرط مسلم . و للحديث شاهد من حديث
عصمة مرفوعا به و زاد : " ثلاث مرات " . رواه الطبراني في " الكبير " و فيه
أحمد بن راشد و هو ضعيف . كذا في " مجمع الزوائد " ( 4 / 167 ) .
621 " الأنبياء - صلوات الله عليهم - أحياء في قبورهم يصلون " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 187 :
أخرجه البزار في " مسنده " ( 256 ) و تمام الرازي في " الفوائد " ( رقم 56 -
نسختي ) و عنه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " ( 4 / 285 / 2 ) و ابن عدي في
" الكامل " ( ق 90 / 2 ) و البيهقي في " حياة الأنبياء " ( ص 3 ) من طريق الحسن
بن قتيبة المدائني حدثنا المستلم بن سعيد الثقفي عن الحجاج بن الأسود عن ثابت
البناني عن # أنس # مرفوعا به . و قال البيهقي : " يعد في أفراد الحسن بن قتيبة
" . و قال ابن عدي : " و له أحاديث غرائب حسان , و أرجو أنه لا بأس به " . كذا
قال , و رده الذهبي بقوله : " قلت : بل هو هالك , قال الدارقطني في رواية
البرقاني عنه " متروك الحديث " . و قال أبو حاتم : " ضعيف " . و قال الأزدي :
" واهي الحديث " . و قال العقيلي : كثير الوهم " .
قلت : و أقره الحافظ في " اللسان " , و بقية رجال الإسناد ثقات ليس فيهم من
ينظر فيه غير الحجاج بن الأسود , فقد أورده الذهبي في " الميزان " و قال :
" نكرة , ما روى عنه - فيما أعلم - سوى مستلم بن سعيد فأتى بخبر منكر عنه عن
أنس في أن الأنبياء أحياء في قبورهم يصلون . رواه البيهقي " . لكن تعقبه الحافظ
في " اللسان " , فقال عقبه : " و إنما هو حجاج بن أبي زياد الأسود يعرف بـ " زق
العسل " و هو بصري كان ينزل القسامل . روى عن ثابت و جابر بن زيد و أبي نضرة
و جماعة . و عنه جرير بن حازم و حماد بن سلمة و روح بن عبادة و آخرون . قال
أحمد : ثقة , و رجل صالح , و قال ابن معين : ثقة , و قال أبو حاتم : صالح
الحديث , و قال ابن معين : ثقة , و قال أبو حاتم : صالح الحديث و ذكره ابن حبان
في " الثقات " فقال : " حجاج ابن أبي زياد الأسود من أهل البصرة ... و هو الذي
يحدث عنه حماد بن سلمة فيقول : حدثني حجاج بن الأسود " .
قلت : و يتلخص منه أن حجاجا هذا ثقة بلا خلاف و أن الذهبي توهم أنه غيره فلم
يعرفه و لذلك استنكر حديثه , و يبدو أنه عرفه فيما بعد , فقد أخرج له الحاكم في
" المستدرك " ( 4 / 332 ) حديثا آخر , فقال الذهبي في " تلخيصه " :
" قلت : حجاج ثقة " . و كأنه لذلك لم يورده في كتابه " الضعفاء " و لا في
" ذيله " . و الله أعلم .
و جملة القول : أن الحديث بهذا الإسناد ضعيف , و أن علته إنما هي من الحسن بن
قتيبة المدائني و لكنه لم يتفرد به , خلافا لما سبق ذكره عن البيهقي , فقال أبو
يعلى الموصلي في " مسنده " ( ق 168 / 1 ) حدثنا أبو الجهم الأزرق بن علي حدثنا
يحيى بن أبي بكير حدثنا المستلم بن سعيد به . و من طرق أبي يعلى أخرجه البيهقي
قال : أخبرنا الثقة من أهل العلم قال : أنبأنا أبو عمرو بن حمدان قال : أنبأنا
أبو يعلى الموصلي ...
قلت : و هذا إسناد جيد , رجاله كلهم ثقات , غير الأزرق هذا قال الحافظ في
" التقريب " : " صدوق يغرب " . و لم يتفرد به , فقد أخرجه أبو نعيم في " أخبار
أصبهان " ( 2 / 83 ) من طريق عبد الله بن إبراهيم بن الصباح عن عبد الله بن
محمد بن يحيى بن أبي بكير حدثنا يحيى بن أبي بكير به . أورده في ترجمة ابن
الصباح هذا , و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا , و عبد الله بن محمد بن يحيى بن
أبي بكير , فترجمه الخطيب ( 10 / 8 ) و قال : " سمع جده يحيى بن أبي بكير قاضي
كرمان ... و كان ثقة " . فهذه متابعة قوية للأزرق , تدل على أنه قد حفظ و لم
يغرب . و كأنه لذلك قال المناوي في " فيض القدير " بعد ما عزاه أصله لأبي يعلى
: " و هو حديث صحيح " . و لكنه لم يبين وجهه , و قد كفيناك مؤنته , و الحمد لله
الذي هدانا لهذا و ما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله .
هذا . و قد كنت برهة من الدهر أرى أن هذا الحديث ضعيف لظني أنه مما تفرد به
ابن قتيبة - كما قال البيهقي - و لم أكن قد وقفت عليه في " مسند أبي يعلى "
و " أخبار أصبهان " . فلما وقفت على إسناده فيهما تبين لي أنه إسناد قوي و أن
التفرد المذكور غير صحيح , و لذلك بادرت إلى إخراجه في هذا الكتاب تبرئة للذمة
و أداء للأمانة العلمية و لو أن ذلك قد يفتح الطريق لجاهل أو حاقد إلى الطعن
و الغمز و اللمز , فلست أبالي بذلك ما دمت أني أقوم بواجب ديني أرجو ثوابه من
الله تعالى وحده . فإذا رأيت أيها القارىء الكريم في شيء من تآليفي خلاف هذا
التحقيق , فأضرب عليه و اعتمد هذا و عض عليه بالنواجذ , فإني لا أظن أنه يتيسر
لك الوقوف على مثله . و الله ولى التوفيق .
ثم اعلم أن الحياة التي أثبتها هذا الحديث للأنبياء عليهم الصلاة و السلام ,
إنما هي حياة برزخية , ليست من حياة الدنيا في شيء , و لذلك وجب الإيمان بها
دون ضرب الأمثال لها و محاولة تكييفها و تشبيهها بما هو المعروف عندنا في حياة
الدنيا . هذا هو الموقف الذي يجب أن يتخذه المؤمن في هذا الصدد : الإيمان بما
جاء في الحديث دون الزيادة عليه بالأقيسة و الآراء كما يفعل أهل البدع الذين
وصل الأمر ببعضهم إلى ادعاء أن حياته صلى الله عليه وسلم في قبره حياة حقيقية !
قال : يأكل و يشرب و يجامع نساءه ! ! . و إنما هي حياة برزخية لا يعلم حقيقتها
إلا الله سبحانه و تعالى .
622 " من احتجم لسبع عشرة و تسع عشرة و إحدى و عشرين كان شفاء من كل داء " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 191 :
أخرجه أبو داود ( 2 / 151 ) و عنه البيهقي ( 9 / 340 ) : حدثنا أبو توبة الربيع
بن نافع حدثنا سعيد بن عبد الرحمن الجمحي عن سهيل عن أبيه عن # أبي هريرة #
مرفوعا . و هذا إسناد حسن رجاله ثقات رجال مسلم و في سعيد بن عبد الرحمن كلام
لا يضر إن شاء الله تعالى . قال الحافظ في " الفتح " ( 10 / 122 ) : وثقه
الأكثر و لينه بعضهم من قبل حفظه . و قال في " التقريب " : " صدوق له أوهام
و أفرط ابن حبان في تضعيفه " . و قد أخرج الحديث مختصرا أبو محمد المخلدي العدل
في " الفوائد " ( 3 / 224 / 1 ) و الحاكم ( 4 / 210 ) من هذا الوجه و قال :
صحيح على شرط مسلم , و وافقه الذهبي , و تعقبه المناوي بقوله : " لكن ضعفه ابن
القطان بأنه من رواية سعيد الجمحي عن سهل عن أبيه و سهل و أبوه مجهولان . اهـ
. لكن ذكر جدي في تذكرته أن شيخه الحافظ العراقي أفتى بأن إسناده صحيح على شرط
مسلم " .
قلت : و هذا هو الصواب أنه على شرط مسلم فإن رجاله كلهم رجال صحيحه و ما منعنا
أن نحكم نحن بصحته إلا ما في سعيد بن عبد الرحمن من ضعف في حفظه , و أما تضعيف
ابن القطان له فهو بناء منه على أن شيخ سعيد هذا هو سهل و ليس كذلك بل هو سهيل
- بالتصغير - ابن أبي صالح كما جاء منسوبا في " المستدرك " , و هو و أبوه ثقتان
معروفان من رجال مسلم أيضا .
و للحديث شواهد من فعله عليه السلام و من قوله فانظر : ( خير يوم تحتجمون فيه )
و ( كان يحتجم ) .
623 " عليكم بالأبكار , فإنهن أعذب أفواها و أنتق أرحاما و أرضى باليسير " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 192 :
أخرجه ابن ماجه ( 1861 ) : حدثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي حدثنا محمد بن طلحة
التيمي حدثني # عبد الرحمن بن سالم بن عتبة بن عويم بن ساعدة الأنصاري عن أبيه
عن جده # قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم .
قلت : و هذا إسناد ضعيف , و له علتان : الأولى : الجهالة : فإن عبد الرحمن بن
سالم بن عتبة , لم يذكروا عنه راويا غير محمد بن طلحة هذا . و لذا قال الحافظ
في " التقريب " : " مجهول " .
قلت : و مثله أبوه سالم بن عتبة , فليس له راو غير ابنه عبد الرحمن هذا .
و الأخرى : الاضطراب في إسناده , فرواه الحزامي عن محمد بن طلحة هكذا , و خالفه
فيض بن وثيق فقال عنه : أخبرني عبد الرحمن بن سالم ابن عبد الرحمن بن عويم بن
ساعدة عن أبيه عن جده به . أخرجه المقابري في " حديثه " ( ق 87 / 1 ) , و تمام
الرازي في " الفوائد " ( 113 / 2 ) و البيهقي ( 7 / 81 ) . و خالفه أيضا عبد
الرحمن بن إبراهيم الدمشقي أنبأنا محمد بن طلحة التيمي به . أخرجه ابن قتيبة في
" غريب الحديث " ( 1 / 36 / 1 ) . و خالفه كذلك إبراهيم بن حمزة الزبيري عن
محمد بن طلحة به . أخرجه البغوي في " شرح السنة " ( 3 / 3 / 1 ) و قال :
" و عبد الرحمن بن عويم ليست له صحبة " . و كذلك قال البيهقي بعد أن رواه من
طريق عبد الله بن الزبير الحميدي حدثنا محمد بن طلحة به .
قلت : فهو مرسل , على رواية الجماعة عن محمد بن طلحة , و أما على رواية إبراهيم
الحزامي عنه فهو موصول لأنه قال : " عتبة بن عويم " مكان " عبد الرحمن بن
عويم " . و عتبة له صحبة كأبيه , لكن الصواب رواية الجماعة . و من هذا تعلم أن
قول صاحب " المشكاة " ( 3092 ) : " رواه ابن ماجه مرسلا " . خطأ , فإنما هو
موصولا , و رواه البغوي و غيره مرسلا , كما شرحنا . و له شاهد من حديث جابر
مرفوعا به و زاد : " و أقل حبا " . أخرجه الطبراني في " الأوسط " ( 1 / 163 / 1
) : حدثنا محمد بن موسى الإصطخري أنبأنا عصمة بن المتوكل عن بحر السقا عن أبي
الزبير عنه . و قال : " لم يروه عن بحر إلا عصمة " .
قلت : و هو إسناد واه مسلسل بالعلل :
الأولى : عنعنة أبي الزبير , فإنه كان مدلسا .
الثانية : بحر السقاء فإنه ضعيف كما في " التقريب " :
الثالثة : عصمة بن المتوكل , قال العقيلي في " الضعفاء " ( 325 ) :
" قليل الضبط للحديث , يهم وهما . قال أبو عبد الله - يعني الإمام أحمد - : لا
أعرفه " . و قال الهيثمي في " المجمع " ( 4 / 259 ) : " رواه الطبراني و فيه
أبو بلال الأشعري ضعفه الدارقطني " . كذا قال , و ليس في إسناد الأوسط أبو بلال
هذا , فلا أدري أسقط من نسخة " زوائد المعجمين " , أم وقع في " المجمع " خطأ من
الناسخ أو الطابع , فقد جاء فيه عقب هذا : " و عن عبد الله بن مسعود قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم : تزوجوا الأبكار فإنهن أعذب أفواها و أنتق
أرحاما و أرضى باليسير . رواه الطبراني و فيه أبو بلال الأشعري ضعفه الدارقطني
" . فهذا التخريج مثل تخريج حديث جابر تماما , و مثله غير معتاد , فمن الجائز
أن يكون نظر الناسخ أو الطابع انتقل من تخريج الأول إلى هذا فكتب أو طبع مرتين
في الحديثين , فذهب تخريج الحديث الأول ! ثم تأكدت من هذا الاحتمال حين رأيت
المناوي نقل عن الهيثمي أنه قال : " فيه بحر بن كنيز - في الأصل : يحيى بن كثير
, و هو خطأ مطبعي - السقاء و هو متروك " .
شاهد ثان : عن ابن عمر مرفوعا به . أخرجه الحافظ ابن المظفر في " حديث حاجب بن
أركين " ( 1 / 254 / 2 ) عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عنه .
قلت : و هذا إسناد ضعيف جدا , عبد الرحمن بن زيد هذا متهم و قد مضى له أحاديث .
و قد أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 7 / 72 / 1 ) بسند صحيح عن عاصم قال :
قال عمر , فذكره موقوفا عليه , و لعله الصواب .
شاهد ثالث : عن بشر بن عاصم عن أبيه عن جده مرفوعا بلفظ : " عليكم بشواب النساء
, فإنهن أطيب أفواها و أنتق بطونا و أسخن أقبالا " . أخرجه الشيرازي في
" الألقاب " كما في " الجامع الصغير " , و لم يتكلم المناوي في شرحه على إسناده
بشيء ! سوى أنه ذكر أنه وقع في بعض النسخ " يسير " بمثناة تحتية مضمومة فمهملة
مصغر , و في بعضها " بشر " بالباء الموحدة كما ذكرنا و هو الصواب لأنه المذكور
في كتب الرجال , و هو ثقة كأبيه , فإن صح السند إليه , فهو إسناد جيد , و ما
أراه يصح . لكن من الممكن أن يقال : بأن الحديث حسن بمجموع هذه الطرق , فإن
بعضها ليس شديد الضعف . و الله أعلم . ثم جزمت بذلك حين رأيت الحديث في " كتاب
السنن " لسعيد بن منصور ( 512 , 513 , 514 ) عن عمرو بن عثمان و مكحول مرسلا .
( تنبيه ) قوله في حديث جابر " خبأ " هو بالخاء المكسورة أي خداعا كما في
" الفيض " .
624 " لم ير للمتحابين مثل النكاح " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 196 :
أخرجه ابن ماجه ( 1847 ) و الحاكم ( 2 / 160 ) و البيهقي ( 7 / 78 ) و الطبراني
( 3 / 106 / 1 ) و تمام في " الفوائد " ( 130 / 1 ) و العقيلي في " الضعفاء "
( 398 ) و المقدسي في " المختارة " ( 62 / 281 / 2 ) من طريق محمد بن مسلم
الطائفي حدثنا إبراهيم بن ميسرة عن طاووس عن # ابن عباس # قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : فذكره . و قال الحاكم : " صحيح على شرط مسلم , و لم
يخرجاه لأن سفيان بن عيينة و معمر بن راشد أوقفاه عن إبراهيم بن ميسرة على ابن
عباس " . و وافقه الذهبي .
قلت : لكن الطائفي هذا مع كونه من رجال مسلم في حفظه ضعف أشار إلى ذلك الحافظ
بقوله في " التقريب " : " صدوق يخطىء " . فلا يحتج به , لاسيما مع المخالفة
التي أشار إليها الحاكم . فقد أخرجه العقيلي من طريق الحميدي : حدثنا سفيان عن
إبراهيم به مرسلا . و قال : " هذا أولى " . و تابعه ابن جريج عن إبراهيم به .
أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 7 / 2 / 1 ) . و سفيان هو ابن عيينة . و قد
روي عنه موصولا بإسناد آخر له , فقال ابن شاذان في " المشيخة الصغرى " ( رقم 60
- نسختي ) : حدثني أبو الفوارس أحمد بن علي بن عبد الله - محتسب المصيصة من
حفظه - أنبأنا أبو بشر حيان بن بشر - قاضي المصيصة - أنبأنا أحمد بن حرب الطائي
أنبأنا سفيان ابن عيينة أنبأنا عمرو بن دينار به .
قلت : و هذا إسناد رجاله ثقات معروفون من الطائي فصاعدا . و أما حيان بن بشر ,
فذكره أبي حاتم ( 1 / 248 ) من رواية عمر بن شبة النميري عنه , و لم يذكر فيه
جرحا و لا تعديلا . و أما أحمد بن علي أبو الفوارس فلم أجد له ترجمة فيما لدي
من المراجع , و أغلب الظن أنه في " تاريخ ابن عساكر " و لست أطوله الآن .
و لم يتفرد به ابن عيينة , فقد رواه إبراهيم بن يزيد عن سليمان الأحول و عمرو
بن دينار عن طاووس عن ابن عباس قال : " جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم
فقال : إن عندنا يتيمة و قد خطبها رجل معدم و رجل موسر و هي تهوى المعدم و نحن
نهوى الموسر , فقال صلى الله عليه وسلم ... ) فذكره . أخرجه أبو عبد الله بن
منده في " الأمالي " ( ق 46 / 1 ) هكذا , و الطبراني في " المعجم الكبير "
( 3 / 102 / 1 ) المرفوع منه فقط . لكن إبراهيم هذا و هو الخوزي متروك و لم
يعرفه ابن عدي , فقال : " مجهول " . فراجع " اللسان " ( 1 / 125 ) .
و روي عن إبراهيم بن ميسرة من طريق أخرى عنه موصولا , فقال : عبد الصمد بن حسان
حدثنا سفيان الثوري عن إبراهيم بن ميسرة به . أخرجه أبو القاسم المهرواني في
" الفوائد المنتخبة " ( 55 / 1 ) و قال : " لم يروه هكذا موصولا عن الثوري إلا
عبد الصمد بن حسان , و تابعه مؤمل بن إسماعيل . و رواه غيرهما عن سفيان مرسلا
لم يذكر ابن عباس في إسناده , و هو الصواب " .
قلت : لم أره عن الثوري مرسلا , و إنما عن ابن عيينة كما تقدم , فرواية عبد
الصمد هذه جيدة لأنه صدوق كما قال الذهبي , و لم يرو ما شذ به عن الثقات بخلاف
الطائفي و غيره كما رأيت , بل قد تابعه مؤمل ابن إسماعيل كما ذكر المهرواني فهو
متابع لا بأس به لعبد الصمد . فإذا ضم إلى هذا الموصول طريق ابن عيينة الأخرى
الموصولة عن عمرو بن دينار أخذ الحديث قوة , و ارتقى إلى درجة الصحة إن شاء
الله تعالى .
( تنبيه ) قال المناوي في " الفيض " : " و فيه عند ابن ماجه سعيد بن سليمان قال
في " الكاشف " : ( قال ) أحمد : كان يصحف " .
قلت : هذا الإعلال ليس بشيء , فقد رواه غيره من الثقات عند الحاكم و غيره .
625 " إذا تزوج العبد , فقد استكمل نصف الدين , فليتق الله فيما بقي " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 199 :
أخرجه الطبراني في " المعجم الأوسط " ( 1 / 162 / 1 ) من طريق عصمة بن المتوكل
أنبأنا زافر بن سليمان عن إسرائيل بن يونس عن جابر عن يزيد الرقاشي عن # أنس بن
مالك # قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره , و قال : " لم يروه عن
زافر إلا عصمة " .
قلت : و كلاهما ضعيف , و فوقهما ضعيفان آخران : و هما جابر و هو ابن يزيد
الجعفي , و يزيد الرقاشي , و جابر أشد ضعفا منه , لكنه لم يتفرد به عنه , فقد
أخرجه الطبراني أيضا من طريق عبد الله بن صالح : حدثني الحسن بن خليل بن مرة عن
أبيه عن يزيد الرقاشي به .
قلت : و هذا إسناد مسلسل بالضعفاء :
1 - عبد الله بن صالح هو كاتب الليث المصري فيه ضعف و غفلة .
2 - الحسن بن الخليل بن مرة لم أجد له ترجمة , و قد ذكر في ترجمة أبيه من
" التهذيب " أنه روى عنه ابنه علي بن الخليل بن مرة , و لم أجد له ترجمة أيضا .
3 - الخليل بن مرة ضعيف كما في " التقريب " .
4 - يزيد الرقاشي و هو ابن أبان ضعيف أيضا . و قد روي عنه من طريق أخرى خير من
هذه عن الخليل . أخرجه الخطيب في " الموضح " ( 2 / 84 ) عن يعقوب بن إسحاق
الحضرمي حدثنا الخليل بن مرة به .
قلت : فقد صح الإسناد إلى الخليل و هو و إن كان ضعيفا كما ذكرنا , فليس ذلك
لتهمة في صدقه و إنما لضعف في حفظه و كذلك شيخه يزيد ابن أبان الرقاشي و قد قال
فيه ابن عدي : " له أحاديث صالحة عن أنس و غيره و أرجو أنه لا بأس به لرواية
الثقات عنه " . و قال في الخليل : " لم أر في حديثه حديثا منكرا قد جاوز الحد
و هو في جملة من يكتب حديثه , و ليس هو متروك الحديث " .
قلت : فمثلهما , و إن كان لا يحتج بحديثهما و لكن يستشهد به و قد جاء من طريق
أخرى عن أنس هي خير من هذه فمجموعها يقوي الحديث و يرتقي إلى درجة الحسن و لفظه
: ( من رزقه الله امرأة صالحة , فقد أعانه على شطر دينه , فليتق الله في الشطر
الثاني ) . أخرجه الطبراني في " الأوسط " ( 3 / 161 / 1 ) و الحاكم ( 2 / 161 )
عن عمرو بن أبي سلمة التنيسي حدثنا زهير بن محمد : أخبرني عبد الرحمن - زاد
الحاكم : ابن زيد - عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
فذكره . و قال الحاكم : " صحيح الإسناد , و عبد الرحمن هذا هو ابن زيد بن عقبة
الأزرق مدني ثقة مأمون " .
و وافقه الذهبي . كذا قال : و زهير بن محمد هو أبو المنذر الخراساني الشامي
أورده الذهبي في " الضعفاء " و قال : " ثقة فيه لين " . و في " التقريب " :
" رواية أهل الشام عنه غير مستقيمة , فضعف بسببها , قال البخاري عن أحمد كأن
زهير الذي يروي عنه الشاميون آخر , و قال أبو حاتم : حدث بالشام من حفظه , فكثر
غلطه " .
قلت : و هذا من رواية التنيسي عنه و هو شامي , و لذلك فالإسناد عندي ضعيف .
و قال الهيثمي في " المجمع " ( 4 / 272 ) : " رواه الطبراني في " الأوسط "
و فيه عبد الرحمن عن أنس و عنه زهير بن محمد و لم أعرفه إلا أن يكون عبد الرحمن
بن زيد بن أسلم , فيكون إسناده منقطعا و إن كان غيره , فلم أعرفه .
و الله أعلم " .
قلت : بينت رواية الحاكم أنه عبد الرحمن بن زيد , ثم ذكر أنه ابن عقبة و قد
ترجمه ابن أبي حاتم ( 2 / 2 / 233 ) و قال : " يعد في أهل المدينة , روى عن أنس
بن مالك , روى عنه عمرو بن يحيى و سألت أبي عنه ? فقال : ما بحديثه بأس " .
و أورده ابن حبان في " الثقات " ( 1 / 125 ) .
( تنبيه ) ذكرت آنفا أن الذهبي أقر الحاكم على تصحيحه , و هو الذي وقع في
النسخة المطبوعة من " التلخيص " . ثم رأيت المناوي يقول في " الفيض " :
" قال الحاكم : صحيح , فتعقبه الذهبي بأن زهيرا وثق , لكن له مناكير , . اهـ .
و قال ابن حجر : سنده ضعيف " . و نقل المنذري في " الترغيب " ( 3 / 68 ) تصحيح
الحاكم إياه , و أقره أيضا ! و كذلك صنع الحافظ العراقي في " تخريج الإحياء " (
4 / 99 ) و لكنه ذكر أن ابن الجوزي رواه في " العلل " من حديث أنس بسند ضعيف ,
و هو عند الطبراني في " الأوسط " . و قال الهيثمي في " المجمع " ( 4 / 252 ) :
" رواه الطبراني في " الأوسط " بإسنادين و فيهما يزيد الرقاشي و جابر الجعفي
و كلاهما ضعيف , و قد وثقا " .
قلت : التوثيق المذكور مما لا يعتد به لاسيما في الجعفي , فقد اتهمه بعضهم لكنه
ليس في الطريق الأخرى عند الطبراني , و قد تابعه الخليل بن مرة و هو خير منه
كما سبق تحقيقه . فإذا ضمت هذه الطريق إلى طريق عبد الرحمن بن زيد أخذ الحديث
بهما قوة . و الله تعالى أعلم .
626 " المتباريان لا يجابان و لا يؤكل طعامهما " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 202 :
هكذا أورده الخطيب التبريزي في " المشكاة " ( 3226 ) ثم السيوطي في " الجامع
الصغير " من رواية البيهقي في " شعب الإيمان " عن # أبي هريرة # مرفوعا .
و قال المناوي : " و رواه عنه أيضا ابن لال و الديلمي " .
هكذا قال , و لم يتكلم على إسناده بشيء و قد وقفت عليه , فقال ابن السماك في
جزء من " حديثه " ( ق 64 / 1 ) : حدثنا سعيد بن عثمان الأهوازي أنبأنا معاذ بن
أسد أنبأنا علي بن الحسن الضرير عن أبي حمزة السكري عن الأعمش عن أبي صالح عن
أبي هريرة به إلا أنه قال : " المترائيان " . و عليه حرف ( صـ ) إشارة إلى أنه
كذلك هو في الأصل , و النسخة جيدة , فإنها بخط الحافظ ابن عساكر مؤرخ دمشق
و سماعه .
قلت : و هذا إسناد صحيح , رجاله ثقات رجال البخاري , غير سعيد بن عثمان
الأهوازي ترجمه الخطيب و قال ( 9 / 97 ) : " و كان ثقة , و قال الدارقطني :
صدوق , حدث ببغداد " .
قلت : و علي بن الحسن الضرير هو علي بن الحسن بن شقيق العبدي مولاهم المروزي :
فقد ذكروا في شيوخه أبا حمزة السكري , شيخه في هذا الحديث , و لكني لم أر من
وصفه بـ ( الضرير ) . و الله أعلم .
و للحديث شاهد من حديث ابن عباس . " أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن طعام
المتبارين أن يؤكل " . أخرجه أبو داود ( 3754 ) و غيره بإسناد رجاله ثقات لكنهم
صححوا أنه مرسل كما بينته في التعليق على " المشكاة " , و هو مرسل صحيح الإسناد
, فهو شاهد قوي , لاسيما و قد أودعه الضياء المقدسي في " المختارة " ( 64 / 41
/ 1 ) , و أشار إلى الخلاف في وصله و إرساله .
627 " إذا دخل أحدكم على أخيه المسلم , فأطعمه من طعامه , فليأكل و لا يسأله عنه
و إن سقاه من شرابه , فليشرب من شرابه و لا يسأله عنه " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 204 :
أخرجه الحاكم ( 4 / 126 ) و أحمد ( 2 / 399 ) و الخطيب ( 3 / 87 - 88 )
و الديلمي في " مسند الفردوس " ( 1 / 1 / 113 - مختصره ) من طريق مسلم بن خالد
عن زيد بن أسلم عن سمي عن أبي صالح عن # أبي هريرة # قال : قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم : فذكره و قال الحاكم : " صحيح الإسناد , و له شاهد صحيح على
شرط مسلم حدثناه ... " . ثم ساقه من طريق ابن عجلان عن سعيد عن أبي هريرة رواية
قال : فذكره . و وافقه الذهبي . و قوله : " إنه على شرط مسلم " فيه تساهل لأنه
إنما روى لابن عجلان متابعة , فالحديث بمجموع الطريقين صحيح . و قوله " رواية "
هو بمعنى مرفوعا كما هو مقرر في علم المصطلح . فلا ينبغي أن يعل الإسناد الأول
بهذا , بل هذا شاهد قوي له , كما ذكر الحاكم . و الله أعلم .
628 " عليكم بالرمي فإنه خير لعبكم " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 204 :
رواه أبو حفص المؤدب في " المنتقى من حديث ابن مخلد و غيره " ( 225 / 2 )
و الخطيب في " الموضح " ( 2 / 30 ) عن حاتم بن الليث حدثنا يحيى بن حماد حدثنا
أبو عوانة عن عبد الملك بن عمير عن # مصعب بن سعد عن أبيه # مرفوعا .
قلت : و هذا سند حسن رجاله كلهم ثقات من رجال " التهذيب " غير حاتم بن الليث
فقال الخطيب ( 8 / 245 ) : " كان ثقة ثبتا متقنا حافظا " . و بقية رجاله رجال
الشيخين و لولا أن عبد الملك بن عمير كان تغير حفظه في آخر عمره لجزمت بصحة هذا
السند . و الحديث قال المنذري في " الترغيب " ( 2 / 170 ) : " رواه البزار
و الطبراني في الأوسط و إسنادهما جيد قوي " . و قال الهيثمي ( 6 / 269 ) :
" رواه الطبراني في الأوسط و الكبير و البزار و رجال الطبراني رجال الصحيح خلا
عبد الوهاب بن بخت و هو ثقة " .
629 " ما من إمام يغلق بابه دون ذوي الحاجة و الخلة و المسكنة إلا أغلق الله أبواب
السماء دون خلته و حاجته و مسكنته " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 205 :
أخرجه الترمذي ( 1 / 249 ) و الحاكم ( 4 / 94 ) و أحمد ( 4 / 231 ) من طريق علي
بن الحكم قال : حدثني أبو حسن عن # عمرو بن مرة # قال : قلت : لمعاوية بن أبي
سفيان إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره . قال : فجعل معاوية رجلا
على حوائج الناس . و قال الحاكم : إسناده صحيح و وافقه الذهبي ! و ذلك من
أوهامها , فإن أبا الحسن هذا هو الجزري و قد قال الذهبي نفسه في ترجمته من
الميزان : " تفرد عنه علي بن الحكم " و قال الحافظ في التقريب " مجهول " . لكن
الحديث له إسناد آخر صحيح بلفظ :" من ولاه الله عز وجل شيئا من أمر المسلمين ,
فاحتجب دون حاجتهم و خلتهم و فقرهم احتجب الله عنه دون حاجته و خلته و فقره " .
أخرجه أبو داود ( 2948 ) و الترمذي و لم يسق لفظه و الحاكم و ابن عساكر في
" تاريخ دمشق " ( 19 / 84 / 1 - 2 ) من طريق القاسم بن مخيمرة أن أبا مريم
الأزدي أخبره قال : " دخلت على معاوية فقال : ما أنعمنا بك أبا فلان ! و هي
كلمة تقولها العرب , فقلت : حديثا سمعته أخبرك به , سمعت رسول الله صلى الله
عليه وسلم يقول : فذكره . و قال الحاكم : " و إسناده شامي صحيح " .
و وافقه الذهبي . و هو كما قالا . و له شاهد من حديث معاذ مرفوعا به نحوه .
أخرجه أحمد ( 5 / 238 ) بإسناد قال المنذري ( 3 / 141 ) : " جيد " و إنما هو
حسن في الشواهد , لأن فيه شريكا القاضي و هو سيء الحفظ . و قال الهيثمي في
" المجمع " ( 5 / 210 ) : " رواه أحمد و الطبراني . و رجال أحمد ثقات " !
630 " بل عارية مؤداة " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 206 :
أخرجه أبو داود ( 2 / 266 ) و النسائي كما في " المحلى " ( 9 / 173 )
و ابن حبان في " صحيحه " ( 1173 ) و أحمد ( 4 / 222 ) عن حبان بن هلال أنبأنا
همام بن يحيى أنبأنا قتادة عن عطاء بن أبي رباح عن # صفوان بن يعلى ابن أمية عن
أبيه # قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا أتتك رسلي فأعطهم
ثلاثين درعا و ثلاثين بعيرا . فقلت : يا رسول الله أعارية مضمونة أم عارية
مؤداة ? قال ... " فذكره . و قال ابن حزم : " حديث حسن , ليس في شيء مما يروى
في العارية خبر يصح غيره " . كذا قال : و في الباب حديثان آخران ثابتان
سأذكرهما بعد هذا . و إسناده صحيح رجاله كلهم ثقات و قد قال الحافظ في " بلوغ
المرام " : " رواه أحمد و أبو داود و النسائي و صححه ابن حبان " .
قلت : و ليس هو عند النسائي في " المجتبى " فالظاهر أنه في سننه الكبرى !
و في الحديث دلالة على وجوب أداء العارية ما بقيت عينها , فإذا تلفت في يد
المستعير لم يجب عليه الضمان , لأنه فرق فيه بين الضمان و الأداء , فأوجب
الأداء دون الضمان . و هذا مذهب أبي حنيفة و ابن حزم و اختاره الصنعاني فقال :
" و الحديث دليل لمن ذهب إلى أنها لا تضمن العارية , إلا بالتضمين و هو أوضح
الأقوال " . و يدل للاستثناء المذكور , حديث صفوان بن أمية الآتي و هو :
" لا بل عارية مضمونة " .
631 " لا بل عارية مضمونة " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 208 :
أخرجه أبو داود ( 2 / 265 ) و البيهقي ( 6 / 89 ) و أحمد ( 6 / 465 ) عن شريك
عن عبد العزيز بن رفيع عن # أمية بن صفوان بن أمية عن أبيه # أن رسول الله صلى
الله عليه وسلم استعار منه أدراعا يوم حنين , فقال : أغصب يا محمد ? . فقال :
فذكره . قلت : و هذا سند ضعيف , و له علتان :
الأولى : جهالة أمية هذا , لم يورده ابن أبي حاتم و لا وثقه أحد و لهذا قال
الحافظ " مقبول " . لكنه لم يتفرد به كما يأتي .
الثانية : شريك و هو ابن عبد الله القاضي و هو سيء الحفظ , و قد تابعه قيس بن
الربيع , و لكنه خالفه في إسناده , فأدخل بين عبد العزيز و أمية بن صفوان ابن
أبي مليكة . علقه البيهقي . و تابعه أيضا جرير لكنه قال : عن عبد العزيز عن
أناس من آل عبد الله بن صفوان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يا صفوان
هل عندك من سلاح , قال : عارية أم غصبا , قال : لا بل عارية , فأعاره ما بين
الثلاثين إلى الأربعين درعا ... الحديث . أخرجه أبو داود و عنه البيهقي . ثم
أخرجه هذا من طريق أنس بن عياض الليثي عن جعفر بن محمد عن أبيه . أن صفوان أعار
رسول الله صلى الله عليه وسلم سلاحا هي ثمانون درعا فقال له أعارية , مضمونة أم
غصبا ? فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره . ثم قال : " و بعض هذه
الأخبار و إن كان مرسلا فإنه يقوى بشواهده مع ما تقدم من الموصول " . و يشير
بقوله " بشواهده " إلى حديث جابر بن عبد الله و حديث ابن عباس . أما حديث جابر
, فأخرجه الحاكم ( 3 / 48 - 49 ) . و عنه البيهقي ( 6 / 89 ) من طريق ابن إسحاق
حدثني عاصم بن عمر بن قتادة عن عبد الرحمن بن جابر عن أبيه جابر بن عبد الله .
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سار إلى حنين - فذكر الحديث و فيه - ثم بعث
رسول الله إلى صفوان بن أمية فسأله أدراعا عنده مائة درع و ما يصلحها من عدتها
, فقال أغصبا يا محمد ? فقال : بل عارية مضمونة , حتى نؤديها عليك . ثم خرج
رسول الله صلى الله عليه وسلم سائرا . و قال الحاكم : " صحيح الإسناد " .
و وافقه الذهبي .
قلت : و إنما هو حسن فقط للكلام المعروف في ابن إسحاق , و المتقرر أنه حسن
الحديث إذا صرح بالتحديث , كما في هذا . و أما حديث ابن عباس , فأخرجه البيهقي
( 6 / 88 ) عن الحاكم عن إسحاق بن عبد الواحد القرشي , حدثنا خالد بن عبد الله
عن خالد الحذاء عنه . أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعار من صفوان بن أمية
أدراعا و سلاحا في غزوة حنين , فقال : يا رسول الله أعارية مؤداة ? قال : عارية
مؤداة .
قلت : و هذا سند ضعيف علته إسحاق هذا قال أبو علي الحافظ : متروك الحديث .
و قال الخطيب : " لا بأس به " . و رده الذهبي بقوله : " قلت : بل هو واه " .
و لهذا قال الحافظ في بلوغ المرام عقب حديث صفوان هذا : " و صححه الحاكم ,
و أخرج له شاهدا ضعيفا عن ابن عباس " .
و في الحديث دليل على أن العارية تضمن و لا خلاف بينه و بين الحديث الذي قبله
لأنه يدل على الضمان إذا تعهد بذلك المستعير , و الحديث المشار إليه محمول على
ما إذا لم يتعهد , فلا تعارض . أي أن الأصل في العارية إذا تلفت أن لا تضمن ,
إلا بالتعهد . قال الصنعاني : " الحديث دليل على تضمين العارية , فإن وصفها
بـ " مضمونه " يحتمل أنها صفة موضحة , و أن المراد من شأنها الضمان , فيدل على
ضمانها مطلقا . و يحتمل أنها صفة للتقييد , و هو الأظهر , لأنها تأسيس و لأنها
كثيرة . ثم ظاهره أن المراد عارية قد ضمناها لك و حينئذ يحتمل أنه يلزم و يحتمل
أنه غير لازم , كالوعد و هو بعيد . فيتم الدليل بالحديث للقائل أنها تضمن و هو
الأظهر بالتضمين , إما بطلب صاحبها له , أو بتبرع المستعير " .
632 " المختلعات و المنتزعات هن المنافقات " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 210 :
أخرجه النسائي ( 2 / 104 ) و البيهقي ( 7 / 316 ) و أحمد ( 2 / 414 ) من طريق
أيوب عن الحسن عن # أبي هريرة # عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : فذكره
قال النسائي : " قال الحسن : لم أسمعه من غير أبي هريرة " .
قلت : و هذا نص صريح منه أنه سمعه من أبي هريرة , و هو ثقة صادق فلا أدري وجه
جزم النسائي رحمه الله تعالى بنفي سماعه منه ! مع أن السند إليه صحيح على شرط
مسلم , و قد قال الحافظ في " التهذيب " بعد أن ساقه في ترجمة الحسن :
" و هذا إسناد لا مطعن في أحد من رواته و هو يؤيد أنه سمع من أبي هريرة في
الجملة , و قصته في هذا شبيهة بقصته في سمرة سواء " .
قلت : يعني أن الذي تحرر في اختلاف العلماء في سماع الحسن من سمرة أنه سمع شيئا
قليلا , فكذلك سماعه من أبي هريرة ثابت , و لكنه قليل أيضا بدلالة هذا الحديث .
و الله أعلم .
و بالجملة فهذا الإسناد متصل صحيح , فلا يتلفت إلى إعلال النسائي بالانقطاع ,
لأنه يلزم منه أحد أمرين : إما تكذيب الحسن البصري في قوله المذكور , و إما
توهيم أحد الرواة الذين رووا ذلك عنه . و كل منهما مما لا سبيل إليه , أما
الأول فواضح , و أما الآخر , فلأنه لا يجوز توهيم الثقات بدون حجة أو بينة
و هذا واضح بين . ثم إن للحديث شواهد : الأول : عن أنس بن مالك مرفوعا مثله .
أخرجه المخلص في " العاشر من حديثه " ( 214 / 2 ) عن أبي سحيم حدثنا عبد العزيز
بن صهيب عنه . و هذا إسناد ضعيف جدا , أبو سحيم - و اسمه المبارك بن سحيم - قال
الحافظ في " التقريب " : " متروك " .
الثاني : عن عبد الله بن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : فذكره إلا
أنه قال : " و المتبرجات " " مكان و المنتزعات " . أخرجه أبو نعيم في " الحلية
" ( 8 / 376 ) و الخطيب في " التاريخ " ( 3 / 358 ) من طريق محمد بن هارون
الحضرمي حدثنا الحسين بن علي بن الأسود العجلي حدثنا وكيع حدثنا سفيان الثوري
عن الأعمش عن أبي وائل عنه . و قال أبو نعيم : " غريب من حديث الأعمش و الثوري
تفرد به وكيع " .
قلت : هو ثقة حجة و كذلك من فوقه , فالسند صحيح إن سلم ممن دونه و هو الذي يدل
عليه قول أبي نعيم " تفرد به وكيع " فإن مفهومه أن من دونه لم يتفرد به , و هذا
خلاف ما رواه الخطيب عن الدارقطني أنه قال : " ما حدث به غير أبي حامد " .
قلت : يعني الحضرمي هذا و هو ثقة أيضا , لكن شيخه العجلي متكلم فيه , قال أبو
حاتم : " صدوق " . و ذكره ابن حبان في " الثقات " و قال : ربما أخطأ , و قال
أحمد : لا أعرفه . و قال ابن عدي : " يسرق الحديث و أحاديثه لا يتابع عليها " .
قلت : فإن كان قد توبع عليه كما يفيده مفهوم كلام أبي نعيم المتقدم فالإسناد
صحيح , و ذلك ما أستبعده لما سبق ذكره عن الدارقطني , و لأن العجلي قد خولف في
إسناده ! فقال ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 7 / 141 / 1 ) : أنبأنا وكيع قال :
أنبأنا أبو الأشهب عن الحسن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره بلفظ
العجلي . فهذا هو الصحيح عن وكيع , و هو إسناد صحيح مرسل , فهو على كل حال شاهد
قوي للحديث . و الله أعلم .
الثالث : عن ثوبان عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : فذكره دون قوله :
" و المنتزعات " . أخرجه الترمذي ( 1 / 323 ) و ابن عدي و الحربي في " غريب
الحديث " ( 5 / 185 / 1 ) عن ليث عن أبي الخطاب عن زرعة عن أبي إدريس عنه .
و قال الترمذي : " هذا حديث غريب , و ليس إسناده بالقوي " .
قلت : و علته ليث و هو ابن أبي سليم ضعيف , و شيخه أبو الخطاب مجهول , كما قال
الحافظ . و له علة أخرى , فقد ذكره ابن أبي حاتم ( 1 / 304 - 305 ) من طريق أبي
بكر بن عياش عن ليث به إلا أنه لم يذكر في إسناده أبا إدريس و قال : " و هذا
الصحيح , قد وصلوه , زادوا فيه رجلا " .
قلت : لكن الحديث صحيح يشهد له ما قبله من الطرق .
الرابع : عقبة بن عامر الجهني بلفظ : " إن المختلعات المنتزعات هن المنافقات "
. رواه الطبري ( ج 4 رقم 4842 صفحة 568 ) قال حدثنا أبو كريب قال حدثنا حفص بن
بشر قال حدثنا قيس بن الربيع عن أشعث بن سوار عن الحسن عن ثابت بن يزيد عن عقبة
بن عامر الجهني قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " فذكره " .
قلت : و هذا إسناد ضعيف من أجل أشعث بن سوار , فإنه ضعيف كما في " التقريب " .
و مثله قيس بن الربيع و به وحده أعله الهيثمي ( 5 / 5 ) بعد أن عزاه للطبراني
و قال : " و بقية رجاله رجال الصحيح " ! كذا قال و لا أدري إذا كان شيخ قيس في
رواية الطبراني هو غير أشعث بن سوار .
633 " كان يكتحل في عينه اليمنى ثلاث مرات و اليسرى مرتين " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 214 :
أخرجه ابن سعد في " الطبقات " ( 1 / 484 ) عن عبد الحميد ابن جعفر عن # عمران
بن أبي أنس # قال : فذكره مرفوعا .
قلت : و هذا إسناد مرسل قوي , عمران تابعي , مات سنة ( 117 ) .
ثم أوقفني الأستاذ شعيب الأرناؤط على وصله في " أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم
لأبي الشيخ ( ص 183 ) من هذا الوجه عن عمران عن أنس مرفوعا به . و رجاله ثقات ,
فثبت موصولا و الحمد لله .
و قد روي له شاهد من طريق عتيق بن يعقوب الزبيري أنبأنا عقبة بن علي عن عبد
الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر مرفوعا بلفظ : " كان إذا اكتحل جعل في العين
اليمنى ثلاثا و في اليسرى مرودين , فجعلها وترا " . أخرجه الطبراني في " المعجم
الكبير " ( 3 / 199 / 1 ) .
قلت : و هذا إسناد ضعيف , عبد الله بن عمر و هو العمري المكبر ضعيف . و عقبة بن
علي ليس بالمشهور , قال العقيلي في " الضعفاء " : " لا يتابع على حديثه و ربما
حدث بالمنكر عن الثقات " . و عتيق بن يعقوب فيه ضعف يسير كما بينه في " اللسان
" , فالعلة ممن فوقه عبد الله أو عقبة . و من طريقه أخرجه الطبراني في " الأوسط
" أيضا و البزار كما في " مجمع الزوائد " ( 5 / 96 ) و قال : " و هو ضعيف " .
قلت : و لم أره في " الطب " من " زوائد البزار " . و الله أعلم .
و إنما فيه ( ص 166 ) من طريق الوضاح بن يحيى حدثنا أبو الأحوص عن عاصم عن أنس
مرفوعا بلفظ : " كان يكتحل وترا " . و قال الهيثمي : " و الوضاح بن يحيى ضعيف "
. قلت : و لفظه مجمل , يحتمل أنه عنى وترا في عين واحدة دون الأخرى , أي فهو
وتر بالنسبة إليهما معا و هو الأظهر . و يحتمل أنه عنى وترا بالنسبة لكل واحدة
منهما , يعني ثلاثا في كل عين , و هذا روي صريحا في حديث ابن عباس , من طريق
عباد بن منصور عن عكرمة عنه . لكنه إسناد لا تقوم به حجة , لأن عباد بن منصور
كان تغير في آخره , مع كونه مدلسا , كما كنت بينته في تخريج حديثه هذا في
" إرواء الغليل " رقم ( 75 ) , و أن بينه و بين عكرمة رجلين أسقطهما هو ,
أحدهما و هو إبراهيم ابن أبي يحيى الأسلمي كذاب , و الآخر ضعيف .
و أشرت هناك إلى تخطئة العلامة الشيخ أحمد شاكر لتصحيحه إسناد هذا الحديث في
تعليقه على " المسند " ( 3318 ) . و الآن قد بدا لي أنه لابد من توضيح ما أشرنا
إليه هناك لأن بعض الأساتذة المشتغلين بالتحقيق لما اطلع عليه أشكل عليه الأمر
, فأقول : إن العلامة أحمد شاكر رحمه الله تعالى بنى تصحيحه المذكور على أمور
هامة : الأول : أن عباد بن منصور ثقة ( ج 4 / 6 , 5 / 108 ) .
الثاني : أنه لم يكن مدلسا أصلا .
الثالث : شكه في ثبوته الكلمات التي وردت عن بعض أئمة الحديث الدالة على أن
عبادا كان مدلسا , و شكه في دلالتها إن صحت !
الرابع : أن ابن أبي يحيى الذي دلسه عباد ليس هو إبراهيم ابن أبي يحيى الكذاب ,
و إنما هو محمد بن أبي يحيى الثقة ! هذه هي الدعائم التي بنى عليها الشيخ
المومى إليه صحة الحديث . و جوابا على ذلك أقول , و بالله التوفيق :
أولا : لا نعلم أحدا من الأئمة المتقدمين , و لا من الحفاظ المتأخرين أطلق
التوثيق على عباد بن منصور كما فعل الشيخ رحمه الله تعالى , اللهم إلا رواية عن
يحيى بن سعيد هي معارضة بأقوى منها . و قبل الشروع في بيان ذلك أسرد لك أقوال
الأئمة التي ذكرها الحافظ في " التهذيب " في ترجمة عباد هذا :
1 - قال علي بن المديني : قلت : ليحيى بن سعيد : عباد بن منصور كان قد تغير ?
قال : لا أدري , إلا أنا حين رأيناه نحن كان لا يحفظ , و لم أر يحيى يرضاه .
( الجرح و التعديل 3 / 1 / 86 ) , ابن عدي ( ق 238 / 1 ) .
2 - و قال أحمد بن محمد بن يحيى بن سعيد : قال جدي : عباد ثقة , لا ينبغي أن
يترك حديثه لرأي أخطأ فيه . يعني القدر .
3 - و قال الدوري : عن ابن معين : ليس بشيء , و كان يرمى بالقدر .
4 - و قال أبو زرعة : لين . ( الجرح 3 / 1 / 86 ) .
5 - و قال أبو حاتم : كان ضعيف الحديث , يكتب حديثه و نرى أنه أخذ هذه الأحاديث
عن إبراهيم بن أبي يحيى عن داود بن الحصين عن عكرمة . ( الجرح 3 / 1 / 86 ) دون
التصريح باسم " إبراهيم " .
6 - و قال علي بن المديني : سمعت يحيى بن سعيد : قلت : لعباد بن منصور : سمعت
حديث . " مررت بملأ من الملائكة ... " و " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان
يكتحل ... " يعني من عكرمة ? فقال : حدثهن ابن أبي يحيى عن داود عن عكرمة .
7 - و قال أبو داود : ليس بذاك .
8 - و قال النسائي : ليس بحجة , و في موضع آخر : ليس بالقوي .
9 - و قال ابن عدي كما تقدم في الحديث الذي قبله : هو في جملة من يكتب حديثه .
10 - و قال ابن حبان : كل ما روي عن عكرمة سمعه من إبراهيم ابن أبي يحيى عن
داود بن الحصين عنه , فدلسها عن عكرمة .
11 - و قال الدارقطني : ليس بالقوي .
12 - و قال أحمد : كانت أحاديثه منكرة , و كان قدريا , و كان يدلس .
13 - و قال ابن أبي شيبة : روى عن أيوب و عكرمة أحاديث مناكير .
14 - و قال أبو بكر البزار : روى عن عكرمة أحاديث , و لم يسمع منه .
15 - و قال العجلي : لا بأس به يكتب حديثه , و قال مرة : جائز الحديث .
16 - و قال ابن سعد : و هو ضعيف عندهم , و له أحاديث منكرة .
17 - و قال الجوزجاني : كان يرمى برأيهم , و كان سييء الحفظ , و تغير أخيرا .
قلت : بعد هذا السرد لما قيل في عباد , يتبين لك أن كل هؤلاء الأئمة اتفقت
أقوالهم على تضعيفه , إلا ما في الرواية رقم ( 2 ) عن يحيى بن سعيد , فسيأتي
بيان ما يعارضها , و إلا قول العجلي ( 15 ) : " لا بأس به يكتب حديثه . و قال
مرة : جائز الحديث " . و هذا كما ترى ليس صريحا في التوثيق , بل إن كل من كان
على علم بأقوال الأئمة في الرجال و تعابيرهم في التعديل و التجريح ليشعر معي أن
هذا القول من العجلي ليشير إلى أن في الرجل ضعفا و لو يسيرا , و حينئذ فلا يجوز
الاعتماد عليه في توثيق عباد توثيقا مطلقا لأمرين :
الأول : أنه ليس صريحا في ذلك كما ذكرنا .
و الآخر : أنه لو كان صريحا , فالعجلي معروف بالتساهل في التوثيق كابن حبان
تماما , فتوثيقه مردود إذا خالف أقوال الأئمة الموثوق بنقدهم و جرحهم . على أنه
يمكن بشيء من التسامح أن يحمل كلامه على موافقة كلماتهم , لأنه ليس صريحا في
التوثيق كما ذكرنا .
و أما قول يحيى بن سعيد في الرواية الثانية عنه : ثقة . فالجواب من وجهين :
الأول : معارضته بما في الرواية الأولى عنه و ترجيحها عليه بأمرين :
1 - أنها أصح , لأنها من رواية علي بن المديني الإمام الثبت , و تلك من رواية
أحمد بن يحيى بن سعيد الذي لم يزد الحافظ في ترجمته على قوله فيه " صدوق " !
2 - أنها تضمنت جرحا مفسرا , و الجرح المفسر مقدم على التعديل عند التعارض كما
هو معلوم في " المصطلح " .
و ثمة وجه آخر : معارضته بأقوال الأئمة الآخرين , فإنها متفقة على تضعيف الرجل
مع بيان سبب التضعيف في كثير منها مثل قول ابن سعيد نفسه إنه لا يحفظ و مثله
و أصرح منه قول الجوزجاني أنه كان سيء الحفظ , و أنه تغير أخيرا . و مثل قول
أبي داود أن عنده أحاديث فيها نكارة .
و كأنه تلقى ذلك من قول شيخه أحمد : أحاديثه منكرة . و نحوه قول ابن سعد : له
أحاديث منكرة . و بعضهم رماه بالتدليس , و عبارة أحمد أعم و أشمل من عبارة ابن
حبان التي توحي بأن تدليسه خاص بما رواه عن عكرمة .
قلت : فالأخذ بأقوال هؤلاء الأئمة الجارحة لعباد خير من الأخذ بقول يحيى بن
سعيد الموثق له , لاسيما و قوله الأول موافقه لهم , كما هو بين ظاهر , و الحمد
لله تعالى .
قلت : فإذا عرفت هذا فانظر إلى ما صنع العلامة أحمد شاكر , لقد ذكر قول النسائي
و ابن سعد المضعفين له ثم قال عقبه مباشرة ( 4 / 6 ) : " و كلامهم فيه يرجع إلى
رأيه في القدر , و إلى أنه يدلس , فيروي أحاديث عن عكرمة لم يسمعها منه , و لم
يطعن أحد في صدقه " .
قلت : كذا قال , و هو من الغرائب , إذ كيف يسوغ أن يوجه كلامهم المضعف له بخلاف
ما نص جمهورهم على سبب التضعيف . فهذا النسائي نفسه أطلق التضعيف , و لم يرمه
بالقدر , بل أضاف إلى ذلك أنه كان تغير ! و كذلك نسبه إلى التغير الجوزجاني كما
في الفقرة ( 17 ) , و زاد على ذلك أنه كان سيء الحفظ . و نحوه قول يحيى بن سعيد
رقم ( 1 ) : كان لا يحفظ . و هذا ابن سعد بعد أن عزا تضعيفه إلى أئمة الحديث
أتبعه بقوله : " و له أحاديث منكرة " . و مثله قول ابن أبي شيبة رقم ( 13 )
و أعم منه قول أحمد ( رقم 12 ) : " كانت أحاديثه منكرة " .
فهذه الأقوال علاوة على أنها جرح واضح فهي تضمن في نفس الوقت بيان سبب الجرح
و هو أنه يتفرد بأحاديث لا يتابعه عليها الثقات .
و ذلك يلتقى مع أقوال الذين وصفوه بسوء الحفظ و بالتغير , و ذلك جرح مفسر فكيف
يصح مع هذا كله أن يقال : " و كلامهم فيه يرجع إلى رأيه في القدر " ! ?
و الحقيقة أنه لو ثبتت ثقة عباد و حفظه و عدم تدليسه , لم يضر في روايته رأيه
في القدر لأن العمدة فيها إنما هو العدالة و الضبط و السلامة من العلة القادحة
كالتدليس , و هذا مفقود هنا , أما الضبط فلما سبق بيانه من أقوال الأئمة أنه
كان لا يحفظ . و منه تعلم أنه لا ينافي ذلك قول الشيخ أحمد : " و لم يطعن أحد
في صدقه " . لأنه ليكون ثقة لابد مع ذلك أن لا يطعن أحد في حفظه أيضا , و هذا
غير متحقق هنا كما سلف .
و أما التدليس , فهذا قد جزم بنفيه الشيخ أحمد , و الرد عليه فيما يأتي , و هنا
ينتهي الكلام عليه في قوله : إنه ثقة , و يتبين أنه ضعيف سيء الحفظ .
الثاني : قوله : أنه لم يكن مدلسا أصلا .
و يكفي في الرد على هذا قول الإمام أحمد ( فقرة 12 ) : و كان يدلس . و قول ابن
حبان ( فقرة 10 ) : " كل ما روى عن عكرمة سمعه من إبراهيم بن أبي يحيى عن داود
بن الحصين عنه , فدلسها عن عكرمة " .
و لذلك جزم الحافظ في " التقريب " بأنه كان يدلس فقال : " صدوق , رمي بالقدر
و كان يدلس , و تغير بآخره " .
قلت : فهذه نصوص صريحة في أن عبادا كان مدلسا . فبماذا رد ذلك الشيخ أحمد ? لقد
قال ( 5 / 109 ) : " هي تهمة نسبت إليه لكلمات نقلت , لا نراها تصح أو تستقيم "
! ثم ساق قول أبي حاتم المتقدم في ( الفقرة 5 ) : " نرى أنه أخذ هذه الأحاديث
عن ابن أبي يحيى ... " . ثم قول يحيى بن سعيد : قلت لعباد : سمعت حديث ... فقال
عباد : حدثهن ابن أبي يحيى عن داود عن عكرمة . قال الشيخ أحمد :
" فهذه كلمات توهم التدليس ( ! ) و قد أوقعت في وهم كثير من المحدثين أنه أخذ
هذه الأحاديث من إبراهيم بن أبي يحيى , حتى أن بعضهم حين نقل شيئا من هذه
الكلمات كالميزان و التهذيب لم يقل : " ابن أبي يحيى " بل قال : " إبراهيم بن
أبي يحيى " و إبراهيم ضعيف جدا عندهم . فأخطؤوا خطأ فاحشا , و نسبوا الرجل إلى
تدليس عن راو ضعيف هو منه براء , و هو تدليس بعيد أن يكون , إن لم يكن غير
معقول , فإنهم زعموا أنه يدلس اسم راو متأخر مات سنة 184 فكيف يدلس عباد راويا
لا يزال حيا و هو أصغر من بعض تلاميذه ! ! " .
قلت : الجواب عن هذا سهل جدا - و لا أدرى كيف خفي ذلك على الشيخ الفاضل ? - فإن
من المعلوم في الأسباب التي تحمل المدلس على التدليس أن تكون روايته عمن هو
أصغر سنا - من باب رواية الأكابر عن الأصاغر - فيسقطه حبا في العلو بالإسناد
أو لعلمه بأنه غير مقبول الرواية عند المحدثين , و هذان الأمران متحققان في ابن
أبي يحيى فما وجه استغراب بل استنكار الشيخ لتدليس عباد إياه , ثم لشيخه داود
و هو ضعيف أيضا ? ! أفمثل هذا يرد اتهام الأئمة إياه بالتدليس , بل و ينسبون
إلى الخطأ الفاحش , و يتلقى ذلك الخلف عن السلف , حتى جاء الشيخ يتهمهم بذلك
بدون حجة ? ! بل باستنكار ما هو واقع في عديد من الروايات من رواية الأكابر عن
الأصاغر , و من إسقاط الشيخ تلميذه الذي هو شيخه في حديث ما كما هو الواقع هنا
على ما بينا .
و أما قوله : " فهذه كلمات توهم التدليس " . فالجواب : من وجهين :
الأولى : أن من كلمات التدليس كلمة الإمام أحمد : " و كان يدلس " .
فهي كما ترى صريحة في التدليس , فلا جرم أن الشيخ لم يتعرض لذكرها , فضلا
للجواب عنها !
و الآخر : أن ما ذكره الشيخ عن أبي حاتم ظاهر في اتهامه لعباد بالتدليس و هو
قوله : " نرى أنه أخذ هذه الأحاديث عن ابن أبي يحى ... " . فإن كان الشيخ يرد
لذلك من قبل أن أبا حاتم لم يجزم بذلك لقوله " نرى " فالجواب : أنه لا فرق بين
قوله هذا , و بين قوله الشيخ أحمد نفسه قبله بكلمات : " لا نراها تصح " ! كما
تقدم نقله عنه ! و جوابنا القاطع أن رأي العالم المختص في علمه حجة على غير
المختص , لا يجوز رده إلا بحجة أقوى فأين هي ? !
و نحو قول أبي حاتم قول يحيى بن سعيد : قلت لعباد : سمعت حديث ... من عكرمة ?
فقال : حدثهن ابن أبي يحيى عن داود عن عكرمة . فإنه ظاهر في أن يحيى كان عنده
شك - على الأقل في سماع عباد للأحاديث المذكورة من عكرمة , و لذلك سأله هل
سمعها منه ? فلم يجبه عباد بجواب يزيل الشك , بل أجاب بما يؤكده , و هو قوله :
حدثهن إبراهيم ... , فلم يقل حدثنيهن و بهذا يثبت أن عبادا مدلس , و إلا فما
الذي منعه من التصريح بأنه سمع , و لو بلفظ " نعم " إلى القول بما يشبه كلام
السياسيين الذي لا يكون صريحا في الجواب , و يحتمل وجوها من المعاني ? ! و هذا
مما تورط به - في نقدي - العلامة أحمد شاكر نفسه فقال في آخر كلامه :
" فلو صحت هذه الأسئلة ( يعني من يحيى لعباد ) و هذه الجوابات من عباد لكان
الأقرب إلى الصواب أن يكون قال : حدثهن ابن أبي يحيى و داود بن الحصين عن عكرمة
, يريد تقوية روايته بأن داود بن الحصين و محمد بن أبي يحيى رويا هذه الأحاديث
أيضا عن عكرمة كما رواها , لا أنه يريد أن يثبت على نفسه تدليسا لا حاجة له به
" !
قلت : نعم لو كان له اختيار في ذلك يسعه أن لا يثبت على نفسه التدليس لما فعل .
أما و قد سئل من الإمام يحيى بن سعيد هل سمع ? و المفروض أنه سمع كما يزعم
الشيخ فما الذي منعه من التصريح بذلك جوابا على سؤال الإمام ? إلى القول بأنه
تابعه على روايته عن عكرمة ابن أبي يحيى و داود ! فيا عجبا كيف يرضى الشيخ
تفسيره ذاك و هو أبعد ما يكون عن إجابة السؤال , لاسيما و هو به قد خرج عن نص
الرواية فإنها تقول : " حدثهن ابن أبي يحيى عن داود " , و الشيخ يقول : " ابن
أبي يحيى و داود " ? ! نعم , قد يقال إن الشيخ استجاز مثل هذا القول المخالف
للرواية لأنه في شك من صحتها كما أشار إلى ذلك بقوله السابق " فلو صحت هذه
الأسئلة ... " و مثله قوله السابق أيضا " لا نراها تصح " ! و سيأتي الجواب عنه
في الفقرة التالية .
و هذا كله على فرض أن الرواية بلفظ " حدثهن " كما رجحه الشيخ , و أما على
الرواية الأخرى : " حدثني " فهي نص لا يحتمل المعنى الذي ذكره الشيخ إطلاقا .
فثبت أن عبادا مدلس , و أن نفي الشيخ له مما لا وجه له .
الثالث : شك الشيخ في صحة سؤال يحيى بن سعيد لعباد هل سمع تلك الأحاديث عن
عكرمة ? و لم يحمله على الشك في صحته ضعف في إسناده وقف عليه , و إنما هو
اضطراب وقع - في زعمه - في متنه ! فقد ذكر أنه وقع في " الميزان " بلفظ : "
حدثني ابن أبي يحيى " بدل " حدثهن ابن أبي يحيى " الذي سبق نقله عن " التهذيب "
.
أقول : و مع أن مثل هذا الاختلاف لا يعتبر اضطرابا قادحا في الصحة - لدي
العارفين بهذا العلم , لإمكان حمل الرواية الأولى - إن قيل إنها مبهمة - على
الأولى , لأنها مفصلة كما هو واضح . و مع ذلك فاللفظ الأول هو الأرجح , بل
الراجح عندي لثبوته في كتاب " الضعفاء " للعقيلي , و إسناده هكذا ( ص 273 ) :
حدثنا محمد بن موسى قال : حدثنا محمد بن سليمان قال : سمعت أحمد بن داود الحداد
يقول : سمعت علي بن المديني يقول : سمعت يحيى بن سعيد القطان يقول : فذكره , و
رواه الحافظ المزي في " التهذيب " من طريق العقيلي .
قلت : و هذا إسناد جيد , الحداد هذا ثقة مترجم في " تاريخ بغداد ( 4 / 183 -
140 ) , مات سنة إحدى أو اثنتين و مائتين .
و محمد بن سليمان هو أبو جعفر المصيصي المعروف بلوين , فيما يظهر , و هو ثقة من
رجال " التهذيب " مات سنة ( 240 ) .
و محمد بن موسى هو أبو عبد الله المعروف بالنهرتيري , و هو ثقة جليل مترجم أيضا
في " التاريخ " ( 3 / 241 - 242 ) , مات سنة ( 289 ) .
قلت : فقد بان بهذا التخريج أن المسألة صحيحة ثابتة عن يحيى بن سعيد القطان
و باللفظ الذي يبطل تفسير الشيخ أحمد لها كما تقدم , و يثبت اعتراف عباد بأنه
لم يسمع تلك الأحاديث من عكرمة , و إنما تلقاها عن إبراهيم - و هو ضعيف جدا كما
اعترف الشيخ به - عن داود و هو ضعيف في عكرمة خاصة .
الرابع : و أما زعم الشيخ أن ابن أبي يحيى ليس هو إبراهيم , و إنما هو محمد ابن
أبي يحيى و هذا ثقة , فمردود بأنه قول محدث , لم يقله أحد قبله فيما أعلمه , بل
هو مخالف لتصريح ابن حبان المتقدم في الفقرة ( 10 ) .
" كل ما روى عن عكرمة سمعه من إبراهيم بن أبي يحيى ... " . و عليه جرى من بعده
من الحفاظ المتأخرين , فقد قال الحافظ المزي في " التهذيب " " روى عن إبراهيم
بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي - و هو أكبر منه - " .
و لم أر أحدا ذكر أنه روى عن محمد بن أبي يحيى والد إبراهيم .
و أما تصريح عباد بن منصور بسماعه لهذا الحديث عند الترمذي , فهو إن كان محفوظا
عنه غير شاذ - مما لا يفرح به , لأن تصريح المدلس بالتحديث إنما ينفع إذا كان
حافظا ضابطا , و عباد ليس كذلك , فلعله وهم فيه بسبب سوء حفظه , أو تغيره في
آخر أمره .
و جملة القول أن حديث ابن عباس هذا لا يصلح شاهدا لحديث الترجمة لشدة ضعف
إسناده , و لأن لفظه مخالف للفظه في العين الأخرى فبقي على ضعفه .
نعم من الممكن أن يقال : إن حديث ابن عمر عند الطبراني يصلح شاهدا له , لأنه في
المعنى مثله , و إسناده ليس شديد الضعف , و هذا الذي أنا إليه أميل , فالحديث
صحيح . و الله أعلم .
634 " لك بها سبعمائة ناقة مخطومة في الجنة " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 227 :
أخرجه أبو نعيم في " الحلية " ( 8 / 116 ) من طرق عن فضيل بن عياض عن سليمان بن
مهران عن أبي عمرو الشيباني عن # ابن مسعود # قال : " جاء رجل بناقة مخطومة ,
فقال : يا رسول الله هذه الناقة في سبيل الله , قال ... " فذكره . و قال :
" مشهور من حديث الأعمش , ثابت , حدث به عن الفضيل جماعة من المتقدمين " .
قلت : و الشيباني اسمه سعد بن إياس . و قد تابعه جرير عن الأعمش به . أخرجه
الحاكم ( 2 / 90 ) و قال : " صحيح على شرط الشيخين " , و وافقه الذهبي , و هو
كما قالا .
635 " من تطبب و لا يعلم منه طب , فهو ضامن " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 228 :
أخرجه أبو داود ( 4586 ) و النسائي ( 2 / 250 ) و ابن ماجه ( 3466 )
و الدارقطني ( ص 370 ) و الحاكم ( 4 / 212 ) و البيهقي ( 141 ) من طريق الوليد
بن مسلم عن ابن جريج عن # عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده # أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال : فذكره . و قال أبو داود : " لم يروه إلا الوليد , لا ندري هو
صحيح أم لا ? " . و أما الحاكم فقال : " صحيح الإسناد " ! و وافقه الذهبي !
قلت : و هو بعيد , فإن ابن جريج و الوليد مدلسان و قد عنعناه , إلا عند
الدارقطني و الحاكم فقد وقع فيه تصريح الوليد بالتحديث . فقد انحصرت العلة في
عنعنة شيخه ابن جريج . و أعله البيهقي بعلة أخرى فقال : " و رواه محمود بن خالد
عن الوليد , عن ابن جريج عن عمرو بن شعيب عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم ,
لم يذكر أباه " . كذا قال , و لعلها رواية وقعت له , و إلا فقد رواه النسائي
عنه مثل رواية الجماعة عن الوليد , فقال عقبها : " أخبرنا محمود بن خالد قال :
حدثنا الوليد عن ابن جريج عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مثله سواء " .
و أما الدارقطني فأعله بعلة أخرى , فقال : " لم يسنده عن ابن جريج غير الوليد
بن مسلم , و غيره يرويه عن ابن جريج عن عمرو بن شعيب مرسلا عن النبي صلى الله
عليه وسلم " .
قلت : و ذا لا يضر فإن الوليد ثقة حافظ , و إنما العلة العنعنة كما بينا .
و للحديث شاهد من رواية عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز : حدثني بعض الوفد
الذين قدموا على أبي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" أيما طبيب تطبب على قوم لا يعرف له تطبب قبل ذلك , فأعنت , فهو ضامن " .
قال عبد العزيز : أما إنه ليس بالعنت إنما هو قطع العروق و البط و الكي .
قلت : و إسناده حسن لولا أنه مرسل مع جهالة المرسل , لكن الحديث حسن بمجموع
الطريقين . و الله أعلم .
636 " أبايعك على أن تعبد الله و تقيم الصلاة و تؤتي الزكاة و تناصح المسلمين
و تفارق المشرك " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 230 :
أخرجه النسائي ( 2 / 183 ) و البيهقي ( 9 / 13 ) و أحمد ( 4 / 365 ) من طريق
أبي وائل عن أبي نخيلة البجلي قال : قال # جرير # : " أتيت النبي صلى الله عليه
وسلم و هو يبايع فقلت : يا رسول الله ابسط يدك حتى أبايعك , و اشترط علي فأنت
أعلم , قال ... " فذكره .
قلت : و هذا إسناد صحيح , و أبو نخيلة بالخاء المعجمة , و قيل بالمهملة و به
جزم إبراهيم الحربي و قال : هو رجل صالح . و قد جزم غير واحد بصحبته كما بينه
الحافظ في " الإصابة " . و لهذا الحديث شاهد من حديث أعرابي , و يأتي بلفظ :
" إنكم إن شهدتم ... " . و الحديث أخرجه الطبراني أيضا في " المعجم الكبير "
( ج 1 ورقه 111 وجه 1 ) من طريق أبي وائل به . و قد رويت الجملة الأخيرة منه
من طريق أخرى عن جرير بلفظ : " أنا برىء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين ,
قالوا : يا رسول الله : و لم ? قال : لا تراءى نارهما " .
أخرجه الترمذي ( 2 / 397 ) : حدثنا هناد : حدثنا أبو معاوية عن إسماعيل بن أبي
خالد عن قيس بن أبي حازم عن جرير بن عبد الله : أن رسول الله بعث سرية إلى خثعم
, فاعتصم ناس بالسجود , فأسرع فيهم القتل , فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم
, فأمر لهم بنصف العقل و قال ... " فذكره .
ثم قال الترمذي : حدثنا هناد : حدثنا عبدة عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن
أبي حازم مثل حديث أبي معاوية و لم يذكر فيه عن جرير , و هذا أصح . و في الباب
عن سمرة , و أكثر أصحاب إسماعيل قالوا : عن إسماعيل عن قيس بن أبي حازم أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم بعث سرية و لم يذكروا فيه عن جرير , و روى حماد بن
سلمه عن الحجاج بن أرطاة عن إسماعيل بن أبي خالد عن جرير مثل حديث أبي معاوية ,
و سمعت محمدا يقول : الصحيح حديث قيس عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسل , و روى
سمرة بن جندب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا تساكنوا المشركين و لا
تجامعوهم , فمن ساكنهم أو جامعهم فهو مثلهم " .
قلت : إسناد الحديث الأول الموصول رجاله ثقات رجال مسلم , لكن أعله الترمذي
تبعا للبخاري و غيره بالإرسال , و لولا أن في أبي معاوية - و اسمه محمد بن خازم
بمعجمتين - شيئا من الضعف من قبل حفظه لقلت " إنه زاد الوصل , و الزيادة من
الثقة مقبولة , على أنه قد تابعه في وصله الحجاج بن أرطاة كما ذكر الترمذي و قد
وصله البيهقي ( 9 / 12 - 13 ) مختصرا بلفظ : " من أقام مع المشركين فقد برئت
منه الذمة " و يأتي , لكن الحجاج مدلس و قد عنعنه . ثم أن الحديث أورده الهيثمي
( 5 / 253 ) عن قيس بن أبي حازم عن خالد بن الوليد . أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم بعث خالد بن الوليد إلى ناس من خثعم الحديث و قال : " رواه الطبراني
و رجاله ثقات " . ثم رأيت الحديث قد أخرجه الحافظ في " تخريج الكشاف " ( 4 / 55
رقم 457 ) فقال : رواه أبو داود و الترمذي و النسائي من حديث جابر .... وصله
أبو معاوية عن إسماعيل عن قيس عنه , و أرسله غيره من أصحاب إسماعيل كعبدة بن
سليمان و وكيع و هشيم و مروان , و تابعه حجاج بن أرطاة , عن إسماعيل موصولا و
حجاج ضعيف , و رجح البخاري و غيره المرسل , و خالف الجميع حفص بن غياث فرواه عن
إسماعيل عن قيس , عن خالد بن الوليد : خرجه الطبراني " .
و هو عند أبي داود في " الجهاد " و أخرجه الطبراني أيضا في " المعجم الكبير "
( ج 1 ورقة 109 وجه 1 ) مخطوط المكتبة الظاهرية ( رقم 282 حديث ) عن أبي معاوية
به . و في معناه حديث : " لا يقبل الله من مشرك بعد ما أسلم عملا أو يفارق
المشركين إلى المسلمين " . و قد ذكر في محله .
637 " ما تواد اثنان في الله عز وجل , أو في الإسلام , فيفرق بينهما إلا ذنب يحدثه
أحدهما " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 232 :
أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " ( 401 ) من طريق سنان بن سعد عن # أنس # أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فذكره .
قلت : و إسناده حسن , رجاله ثقات رجال الشيخين , غير سنان ابن سعد , و يقال :
سعد بن سنان , قال الحافظ : " صدوق له أفراد " .
قلت : و هذا مما لم يتفرد به , فقد رواه جماعة عن غير أنس من الصحابة , فمنهم
عبد الله بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول : فذكره في حديث .
أخرجه أحمد ( 2 / 68 ) من طريق ابن لهيعة عن خالد بن أبي عمران عن نافع , عن
ابن عمر . و رجاله ثقات , إلا أن ابن لهيعة سيء الحفظ , فحديثه مما يستشهد به .
و منهم أبو هريرة عنه صلى الله عليه وسلم قال : فذكره . أخرجه أبو نعيم في
" الحلية " ( 5 / 202 ) عن إسحاق بن راهويه حدثنا كلثوم بن محمد بن أبي سدرة
حدثنا عطاء بن ميسرة عنه .
قلت : و هذا إسناد منقطع ضعيف , عطاء بن ميسرة هو ابن أبي مسلم الخراساني و لم
يسمع من أحد من الصحابة . و كلثوم هذا قال أبو حاتم : يتكلمون فيه . و منهم رجل
من بني سليط قال : " أتيت النبي صلى الله عليه وسلم ... " فذكر حديثا فيه هذا .
يرويه علي بن زيد عن الحسن حدثني رجل من بني سليط . أخرجه أحمد ( 5 / 71 ) .
و هذا إسناد لا بأس به في الشواهد , و حسنه الهيثمي ( 10 / 275 ) , رجاله ثقات
غير علي بن زيد و هو ابن جدعان و هو ضعيف الحفظ .
و بالجملة فالحديث بمجموع هذه الطرق صحيح . و بالله التوفيق .
638 " أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم إلا الحدود " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 234 :
أخرجه أبو داود ( 4375 ) و الطحاوي في " مشكل الآثار " ( 3 / 129 ) و أحمد
( 6 / 181 ) و أبو نعيم في " الحلية " ( 9 / 43 ) و ابن عدي في " الكامل "
( 306 / 1 ) و الحافظ ابن المظفر في " الفوائد المنتقاة " ( 2 / 214 / 2 )
و الضياء المقدسي في " المنتقى من مسموعاته بمرو " ( ق 48 / 1 ) و كذا البيهقي
( 8 / 334 ) من طرق عن عبد الملك بن زيد عن محمد بن أبي بكر عن أبيه عن عمرة عن
# عائشة # أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فذكره . أورده ابن عدي في
ترجمة عبد الملك هذا مع حديث آخر له , و قال : " و هذان الحديثان منكران بهذا
الإسناد , لم يروهما غير عبد الملك ابن زيد " .
قلت : قد وثقه ابن حبان , و قال النسائي : ليس به بأس , و قال ابن الجنيد :
ضعيف الحديث . فمثله حسن الحديث , و هو ما يعطيه قول النسائي المذكور , و قد
اعتمده الحافظ في " التقريب " . و مثله يحتج بحديثه في مرتبة الحسن , إلا أن
يتبين خطؤه , و هذا غير موجود في هذا الحديث , و كأنه لذلك قوى الطحاوي حديثه
هذا , بل قد جاء ما يؤيد حفظه إياه سندا و متنا , فقد تابعه أبو بكر بن نافع
العمري عن محمد بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عمرة به . أخرجه البخاري
في " الأدب المفرد " ( 465 ) و الطحاوي , و ابن حبان في " صحيحه " ( 1520 )
و كذا أبو يعلى في " مسنده " ( 237 / 2 ) و أبو بكر الشافعي في " الفوائد "
( 73 / 255 / 1 ) و ابن المظفر في " الفوائد " و البيهقي كلهم من طرق عن العمري
به لم يذكروا في إسناده " عن أبيه " غير ابن المظفر في إحدى روايتيه .
لكن أبو بكر هذا - و هو مولى زيد بن الخطاب كما وقع صريحا في " فوائد الشافعي "
و رواية للطحاوي - قال ابن معين : ليس بشيء . و قال أبو داود : لم يكن عنده إلا
حديث واحد . ثم ذكر هذا . و قال الحاكم أبو أحمد : ليس بالقوي عندهم . و قال
الحافظ في " التقريب " : " ضعيف " . و تابعه أيضا عبد الرحمن بن محمد بن أبي
بكر بن حمد بن عمرو ابن حزم عن أبيه عن عمرة به . دون قوله " إلا الحدود " .
أخرجه الطحاوي ( 3 / 128 ) و العقيلي في " الضعفاء " ( ص 236 ) و قال : " و قد
روي بغير هذا الإسناد , و فيه أيضا لين و ليس فيه شيء ثابت " . أورده في ترجمة
عبد الرحمن هذا , و روى عن البخاري أنه قال : " روى عنه الواقدي عجائب " .
قلت : الواقدي متهم , فلا يغمز في شيخه بما روى من العجائب عنه , و الأصل براءة
الذمة , فلا ينقل عنها إلا بحجة , و كأنه لذلك قال الحافظ فيه : " مقبول " .
يعني عند المتابعة , و قد توبع كما عرفت فيكون حديثه مقبولا . و قد توبع أيضا
مع شيء من المخالفة لا تضر إن شاء الله تعالى . فقال الخلال في " الأمر
بالمعروف " ( ق 5 / 2 ) : أنبأنا أحمد بن الفرج أبو عتبة الحمصي قال : حدثنا
ابن أبي فديك حدثنا ابن أبي ذئب عن محمد بن أبي بكر عن أبيه عن جده عن عمر
مرفوعا به . و هذا إسناد رجاله كلهم ثقات , رجال الشيخين , غير أحمد بن الفرج ,
فهو ضعيف من قبل حفظه , غير متهم في صدقه , قال ابن عدي : " لا يحتج به , هو
وسط " . و قال ابن أبي حاتم : " محله الصدق " .
قلت : فمثله يستشهد به و لا يحتج به , خصوصا فيما خالف فيه الثقات كقوله في هذا
الإسناد : " عن أبيه عن جده عن عمر " فهو من أخطائه , لا ممن فوقه , فإنهم ثقات
و الصواب : " عن أبيه عن عمرة عن عائشة " كما تقدم في رواية الجماعة .
و على كل حال فاتفاق هؤلاء الأربعة على رواية هذا الحديث عن محمد بن أبي بكر
دليل قاطع على أن له أصلا عنه لأنه يبعد عادة تواطؤهم على الخطأ , فإذا اختلفوا
عليه , فالعبرة بما عليه رواية الجماعة و قد عرفتها . و قد تابعهم عبد العزيز
بن عبد الله بن عبيد الله بن عمر بن الخطاب . عند الطحاوي ( 3 / 129 ) .
و عبد العزيز هذا ثقة , و كذلك من دونه , فهو إسناد صحيح .
و قد وجدت له طريقا أخرى عن عائشة رضي الله عنها , فقال الطبراني في " المعجم
الأوسط " ( 1 / 185 / 1 ) : أنبأنا محمد بن عبد الله الحضرمي : أنبأنا إسحاق بن
زيد الخطابي أنبأنا محمد بن سليمان بن ( أبي ) داود أنبأنا المثنى أبو حاتم
العطار : أنبأنا عبيد الله بن عيزار عن القاسم بن محمد عنها أن النبي صلى الله
عليه وسلم قال : فذكره دون الزيادة . و قال : " لم يروه عن عبيد الله إلا
المثنى , و لا عنه إلا محمد , و ريحان بن سعيد " .
قلت : و هذا إسناد ضعيف المثنى هذا و هو ابن بكر البصري قال العقيلي ( ص 429 )
: " لا يتابع على حديثه " . و قال الدارقطني : " متروك " . و عبيد الله بن
عيزار ثقة كما في " الجرح و التعديل " ( 2 / 2 / 330 ) . و سائر الرواة ثقات
معروفون , غير إسحاق بن زيد الخطابي ترجمه ابن أبي حاتم في " الجرح " ,
و السمعاني في " الأنساب " , و لم يذكرا فيه جرحا و لا تعديلا و لعله في
" الثقات " لابن حبان . و له شاهد من حديث عبد الله بن مسعود . قال : قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم فذكره بلفظ الترجمة إلا أنه قال : " زلاتهم " دون
الحدود . أخرجه الطبراني في " الأوسط " و عنه أبو نعيم في " تاريخ أصبهان " ( 2
/ 234 ) و الخطيب في " تاريخه " ( 10 / 85 - 86 ) من طريقين عن عبد الله بن
محمد بن يزيد الرفاعي حدثني أبي أنبأنا أبو بكر بن عياش عن عاصم عن زر عنه .
و قال الطبراني : " لا يروى عن ابن مسعود إلا بهذا الإسناد , تفرد به عبد الله
ابن يزيد " .
قلت : و هو ثقة كما قال الخطيب و كناه بأبي محمد الحنفي المروزي و في ترجمته
أورد الحديث . و ذكر أنه مات سنة ( 275 ) . و سائر رواته موثوقون , حديثهم حسن
غير محمد بن يزيد الرفاعي , فقد اختلفوا فيه , و قال الحافظ في " التقريب " :
" ليس بالقوي " .
قلت : فمثله لا أقل من أن يكون حسن الحديث لغيره , فالحديث شاهد حسن لحديث
عائشة . و الله أعلم . و قال الهيثمي في " المجمع " ( 6 / 282 ) : " رواه
الطبراني عن محمد بن عاصم عن عبد الله بن محمد بن يزيد الرفاعي , و لم أعرفهما
, و بقية رجاله رجال الصحيح " .
قلت : عبد الله قد عرفنا أنه ثقة . و أما محمد بن عاصم , فهو متابع من محمد بن
مخلد و هو ثقة , فجهالته لا تضر . و عاصم و هو ابن بهدلة لم يحتج به الشيخان .
و له طريق أخرى يرويه إبراهيم بن حماد الأزدي حدثنا عبد الرحمن ابن حماد البصري
قال : حدثنا الأعمش , عن أبي وائل , عن عبد الله مرفوعا بلفظ : " تجافوا عن ذنب
السخي , فإن الله آخذ بيده كلما عثر " . أخرجه أبو نعيم في " الحلية " ( 4 /
108 ) و قال : " غريب " .
قلت و إبراهيم بن حماد الأزدي الظاهر أنه الزهري الضرير ضعفه الدارقطني . ثم
رواه ( 5 / 58 - 59 ) من طريق الطبراني عن بشر بن عبيد الله الدارسي قال :
حدثنا محمد بن حميد العتكي , عن الأعمش , عن إبراهيم عن علقمة . عن عبد الله
بلفظ : " تجاوزوا .... " . و بشر هذا قال ابن عدي : بين الضعف جدا . و له شاهد
آخر من حديث ابن عمر مرفوعا بلفظ : " تجاوزا في عقوبة ذوي الهيئات " . أخرجه
ابن الأعرابي في " معجمه " ( ق 33 / 1 ) : أنبأنا تمتام ( محمد بن غالب )
أنبأنا عبد الصمد بن النعمان أنبأنا عبد العزيز بن أبي سلمة , عن عبد الله بن
دينار عنه . و أخرجه السهمي في " تاريخ جرجان " ( 122 ) من هذا الوجه .
قلت : و هذا إسناد جيد عبد العزيز و هو الماجشون و ابن دينار ثقتان من رجال
الشيخين , و عبد الصمد بن النعمان قال الذهبي : " وثقه يحيى بن معين و غيره
و قال الدارقطني و النسائي : ليس بالقوي " و وثقه ابن حبان أيضا و العجلي , كما
في " اللسان " , فهو حسن الحديث على أقل الأحوال .
و تمتام ثقة مأمون كما قال الدارقطني . فثبت هذا الإسناد . و الحمد لله .
و روى الطحاوي ( 3 / 130 ) عن محمد بن عبد العزيز بن عبد الله ابن عمر , عن
أبيه , عن جده قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " تجافوا عن عقوبة ذوي
المروءة , و هم ذوو الصلاح " . لكن محمد هذا , قال الذهبي في " الضعفاء " :
" ضعفوه " . و للشطر الأول منه , شاهد من حديث زيد بن ثابت مرفوعا و زاد :
" إلا في حد من حدود الله تعالى " .
لكن إسناده ضعيف جدا كما بينته في " ترتيب المعجم الصغير " رقم ( 314 ) . و وقع
في " الجامع الصغير " و " الفتح الكبير " مرموزا له بـ ( طس ) أي الطبراني في
" المعجم الأوسط " , و هو وهم , فإن الهيثمي لم يعزه إلا إلى " الصغير "
و قال : " و فيه محمد بن كثير بن مروان الفهري و هو ضعيف " .
قلت : بل هو ضعيف جدا كما بينته هناك . و له شاهد عن الحسن البصري مرسلا .
أخرجه ابن المرزبان في " كتاب المروءة " ( 1 / 2 ) عن علي بن محمد القرشي ,
حدثنا علي بن سليمان عن الفضل بن روح عنه . و هذا إسناد مظلم , من دون الحسن لم
أعرفهم . و القرشي يحتمل أن يكون أبا الحسن المدائني الأخباري صاحب التصانيف ,
و فيه كلام . ثم رواه من طريق إبراهيم بن الفضل عن جعفر بن محمد عليه السلام
مرفوعا بلفظ : " تجاوزوا لذي المروءة عن عثراتهم , فوالذي نفسي بيده إن أحدهم
ليعثر و إن يده لفي يد الله عز وجل " . و هذا ضعيف جدا , فإنه مع إعضاله فيه
إبراهيم بن الفضل متروك . و فيما تقدم من الطرق و الشواهد كفاية . و الله أعلم
. و أما ما روى عبد العزيز بن عبد الله أبو عمر الرملي , حدثنا ذو النون ابن
إبراهيم الزاهد المصري حدثنا فضيل بن عياض الزاهد حدثنا ليث عن مجاهد , عن ابن
عباس مرفوعا بلفظ : " تجاوزوا عن ذنب السخي , و زلة العالم , و سطوة السلطان
العادل فإن الله تعالى آخذ بأيديهم كلما عثر عاثر منهم " . أخرجه الخطيب في
" التاريخ " ( 14 / 98 ) .
قلت : فهذا ضعيف لا يصح ليث و هو ابن أبي سليم كان اختلط . و ذو النون ضعفه
الدارقطني و الجوزقاني . و أبو عمر الرملي لم أعرفه . و تابعه أحمد بن صليح
الفيومي حدثنا أبو الفيض ذو النون به مختصرا دون ذكر زلة العالم و سطوة السلطان
العادل . أخرجه أبو نعيم ( 10 / 4 ) ثم أخرجه من طريق محمد بن عقبة المكي عن
فضيل بن عياض مثله .
( فائدة ) روى البيهقي عن الشافعي رحمه الله أنه قال : " و ذوو الهيئات الذين
يقالون عثراتهم : الذين ليسوا يعرفون بالشر , فيزل أحدهم الزلة " .
639 " كان لا يقنت إلا إذا دعا لقوم , أو دعا على قوم " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 242 :
أخرجه ابن خزيمة في " صحيحه " رقم ( 620 ) : أنبأنا محمد بن محمد بن مرزوق
الباهلي حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري حدثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة ,
عن # أنس # مرفوعا .
قلت : و هذا إسناد جيد و هو على شرط مسلم و في ابن مرزوق كلام لا يسقط حديثه عن
مرتبة الاحتجاج به , لاسيما و للحديث شاهد من حديث أبي هريرة . " أن النبي صلى
الله عليه وسلم كان لا يقنت إلا أن يدعو لأحد , أو يدعو على أحد " . أخرجه ابن
خزيمة أيضا من طريق أبي داود : حدثنا إبراهيم بن سعد عن الزهري عن سعيد و أبي
سلمة عنه . و هذا إسناد صحيح على شرط مسلم .
640 " أيما ضيف نزل بقوم , فأصبح الضيف محروما , فله أن يأخذ بقدر قراه , و لا حرج
عليه " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 242 :
أخرجه الطحاوي في " مشكل الآثار " ( 4 / 40 ) و أحمد ( 2 / 380 ) من طريق
معاوية بن صالح عن أبي طلحة , عن # أبي هريرة # أن النبي صلى الله عليه وسلم
قال : فذكره .
قلت : و هذا إسناد صحيح , رجاله ثقات رجال مسلم غير أبي طلحة و اسمه نعيم بن
زياد , و هو ثقة .
641 " كان لا ينام حتى يقرأ الزمر و بني إسرائيل " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 243 :
أخرجه الترمذي ( 4 / 232 - تحفة ) و ابن خزيمة في " صحيحه " ( 1 / 126 / 2 )
و ابن نصر في " قيام الليل " ( ص 69 ) و الحاكم ( 2 / 434 ) و أحمد ( 6 / 68 /
122 ) من طرق عن حماد بن زيد عن أبي لبابة قال : قالت # عائشة # : فذكره مرفوعا
. قلت : و هذا إسناد جيد سكت عليه الحاكم و الذهبي و رجاله ثقات و قال الترمذي
: " أخبرني محمد بن إسماعيل ( يعني البخاري ) قال : أبو لبابة هذا اسمه مروان
مولى عبد الرحمن بن زياد , و سمع من عائشة , سمع منه حماد ابن زيد " .
قلت : و قال ابن معين : " ثقة " . و ذكره ابن حبان في " الثقات " و لم يعرفه
ابن خزيمة فقال مترجما عن الحديث : " باب استحباب قراءة بني إسرائيل ... إن كان
أبو لبابة هذا يجوز الاحتجاج بخبره , فإني لا أعرفه بعدالة و لا بحرج " .
قلت : قد عرفه البخاري و من وثقه , و من عرف حجة على من لم يعرف .
642 " من قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين و من قام بمائة آية كتب من القانتين و
من قرأ بألف آية كتب من المقنطرين " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 244 :
أخرجه أبو داود ( 1 / 221 - التازية ) و ابن خزيمة في " صحيحه " ( 1 / 125 )
و ابن حبان ( 662 ) و ابن السني ( 697 ) عن أبي سوية أنه سمع ابن حجيرة يخبر عن
# عبد الله بن عمرو بن العاص # عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال :
فذكره . و قال : " إن صح الخبر فإني لا أعرف أبا سوية بعدالة و لا جرح " .
قلت : هو صدوق كما في " التقريب " و اسمه عبيد بن سوية , و قال ابن يونس و ابن
ماكولا : " كان فاضلا " . و ذكره ابن حبان في " الثقات " و روى عنه جماعة .
و ابن حجيرة اسمه عبد الرحمن , ثقة من رجال مسلم . فالإسناد جيد . و له شاهد عن
ابن عمر قال : فذكره مثله , إلا أنه قال في الجملة الأخيرة : " و من قرأ بمائتي
آية كتب من الفائزين " . أخرجه الدارمي ( 2 / 465 ) من طريق أبي إسحاق عن
المغيرة بن عبد الله الجدلي عنه . و رجاله ثقات غير المغيرة بن عبد الله الجدلي
, فلم أعرفه , و في طبقته المغيرة بن عبد الله اليشكري الكوفي , روى عنه جماعة
منهم أبو إسحاق السبيعي فلعله هذا .
و هذه الجملة و إن كانت موقوفة فلها حكم المرفوع . و الله أعلم .
و قد روي الحديث عن أبي هريرة مرفوعا بالجملة الأولى منه بلفظ : " من قرأ عشر
آيات في ليلة لم يكتب من الغافلين " . رواه الحاكم ( 1 / 555 ) : أخبرنا عبد
الرحمن بن حمدان الجلاب - بهمدان - حدثنا محمد بن إبراهيم بن كثير الصوري حدثنا
موسى بن إسماعيل عن حماد بن سلمة عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة
مرفوعا به . و رواه ابن السني في " عمل اليوم و الليلة " ( 696 ) : حدثني محمد
بن حفص البعلبكي حدثنا محمد بن إبراهيم الصوري حدثنا مؤمل بن إسماعيل حدثنا
حماد بن سلمة به . و قال الحاكم : " صحيح على شرط مسلم " . و وافقه الذهبي .
و أقول : هو كما قالا , إن صح السند به إلى ابن إسماعيل و كان هو موسى , لا
مؤمل , و في كل من الأمرين نظر !
أما الأول , فإن مدار السند - كما رأيت - على محمد بن إبراهيم بن كثير الصوري ,
و قد أورده الذهبي في " الميزان " و كناه أبا الحسن و قال : " روى عن الفريابي
و مؤمل بن إسماعيل , روى عن رواد بن الجراح خبرا باطلا أو منكرا في ذكر المهدي
, و كان غاليا في التشيع " . و أما ابن حبان فذكره في " الثقات " . و ترجم له
ابن عساكر في " تاريخ دمشق " ( 14 / 381 / 2 ) و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا
, فهو في عداد المجهولين إن لم يكن من المجروحين !
و أما الآخر , فلا تطمئن النفس إلى أن ابن إسماعيل هو موسى و ذلك لأمرين :
أولا : أن كتاب الحاكم فيه كثير من التصحيفات في رجال كتابه كما هو معروف عند
الخبيرين به , فخلافه مرجوح عند التعارض , كما هو الواقع هنا , ففي رواية ابن
السني أنه مؤمل بن إسماعيل , لا موسى بن إسماعيل .
ثانيا : أنهم لم يذكروا في شيوخ الصوري هذا موسى بن إسماعيل بل مؤمل بن إسماعيل
, كما رأيت في كلام الذهبي و مثله في " لسان العسقلاني " .
و مما سبق يتبين أن السند ليس على شرط مسلم , لأن مؤمل بن إسماعيل ليس من رجاله
و لا هو صحيح , لأن مؤملا سيىء الحفظ كما في " التقريب " , و أيضا فقد عرفت حال
الصوري .
و قد روي الحديث من طريق أخرى عن أبي هريرة بلفظ : " من صلى في ليلة بمائة آية
لم يكتب من الغافلين , و من صلى في ليلة بمائتي آية فإنه يكتب من القانتين
المخلصين " . أخرجه الحاكم ( 1 / 308 - 309 ) عن سعد بن عبد الحميد بن جعفر
حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن موسى بن عقبة عن عبيد الله بن سلمان عن أبيه
أبي عبد الله سلمان الأغر عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
: فذكره . و قال : " صحيح على شرط مسلم " ! و وافقه الذهبي ?
و أقول : و قد وهما , فإن ابن أبي الزناد لم يحتج به مسلم , و إنما روى له شيئا
في المقدمة , ثم هو إلى ذلك فيه ضعف قال الحافظ : " صدوق تغير حفظه لما قدم
بغداد , و كان فقيها " . و الراوي عنه سعد , لم يخرج له مسلم أصلا , و فيه ضعف
أيضا , أورده الذهبي نفسه في " الضعفاء " و قال : " قال ابن حبان : كان ممن فحش
خطؤه , و قال ابن معين : لا بأس به " . و قال الحافظ : " صدوق , له أغاليط " .
قلت : فمثل هذا الإسناد مما لا يطمئن القلب لثبوته , لاسيما و المحفوظ في
الحديث " عشر آيات " بدل " مائة " كما سبق . و الله أعلم .
643 " من قرأ في ليلة مائة آية لم يكتب من الغافلين , أو كتب من القانتين " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 247 :
أخرجه ابن نصر في " قيام الليل " ( ص 66 ) و ابن خزيمة في " صحيحه "
( 1 / 124 / 2 ) كلاهما بإسناد واحد , فقال : حدثنا أحمد بن سعيد الدارمي حدثنا
علي بن الحسن بن شقيق أخبرنا أبو حمزة ( السكري ) عن الأعمش عن أبي صالح عن
# أبي هريرة # قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم . و هذا إسناد صحيح على
شرط الشيخين . و قوله : " أو كتب من القانتين " . شك من بعض رواته , و هو مما
لا ينبغي الشك فيه عندي و ذلك لأمرين : الأول : أن قوله : " لم يكتب من
الغافلين " , قد ثبت فيمن قام بعشر آيات , كما تقدم في الحديث الآنف الذكر .
و الآخر : أن قوله " كتب من القانتين " , ثبت فيمن قام بمائة آية .
فقد روى عبد الله بن زياد عن محمد بن كعب القرظي عن ابن عمر رضي الله عنهما عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من قرأ عشر آيات في ليلة لم يكتب من
الغافلين , و من قرأ مائة آية كتب من القانتين " . أخرجه الحاكم ( 1 / 555 -
556 ) شاهدا , و قال الذهبي : " قلت : إسناده واه " .
و أقول عبد الله هذا الظاهر أنه ابن سمعان المخزومي المدني و هو متهم .
و لكن قد جاء معناه في أحاديث أخرى , فشطره الأول ثبت من حديث ابن عمرو كما
تقدم , و شطره الآخر ثبت نحوه من حديث تميم الداري و هو الآتي بعده , بل صح ذلك
من طريق أخرى عن أبي حمزة , كما يأتي برقم ( 757 ) .
644 " من قرأ بمائة آية في ليلة كتب له قنوت ليلة " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 248 :
أخرجه الدارمي ( 2 / 464 ) : حدثنا يحيى بن بسطام , حدثنا يحيى ابن حمزة حدثني
زيد بن واقد , عن سليمان بن موسى عن كثير بن مرة عن # تميم الداري # أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال : فذكره .
قلت : و هذا إسناد حسن , رجاله ثقات معروفون غير يحيى بن بسطام , قال ابن أبي
حاتم ( 4 / 2 / 132 ) : " سألت أبي عنه ? فقال : شيخ صدوق , ما بحديثه بأس ,
قدري , أدخله البخاري في " كتاب الضعفاء " , فيحول من هناك " . ثم رأيته في
" المسند " ( 4 / 103 ) من طريق الهيثم بن حميد عن زيد بن واقد به , فصح الحديث
و الحمد لله .
645 " اقرءوا المعوذات في دبر كل صلاة " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 249 :
أخرجه النسائي ( 1 / 196 ) و ابن خزيمة في " صحيحه " ( 755 ) عن ليث عن حنين
بن أبي حكيم عن علي بن رباح عن # عقبة # قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه
وسلم .
قلت : و هذا إسناد جيد , رجاله ثقات رجال مسلم غير حنين ابن أبي حكيم , فهو
صدوق .
646 " نعمت السورتان يقرأ بهما في ركعتين قبل الفجر *( قل هو الله أحد )* و *( قل
يا أيها الكافرون )* " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 249 :
أخرجه ابن خزيمة في " صحيحه " ( 1 / 121 / 2 ) : حدثنا بندار , أنبأنا إسحاق بن
يوسف الأزرق , حدثنا الجريري , عن عبد الله بن شفيق عن # عائشة # قالت :
" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي أربعا قبل الظهر , و ركعتين قبل العصر
لا يدعهما , قالت : و كان يقول .... " . فذكره . و أخرجه ابن حبان ( 610 ) من
طريق يزيد بن هارون عن سعيد الجريري به , دون قوله في أوله : " كان .... " .
قلت : و هذا إسناد جيد رجاله ثقات رجال مسلم , غير أن الجريري كان اختلط قليلا
قبل موته بثلاث سنوات .
647 " إن بين يدي الساعة تسليم الخاصة و فشو التجارة , حتى تعين المرأة زوجها على
التجارة و قطع الأرحام و شهادة الزور و كتمان شهادة الحق و ظهور القلم " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 250 :
أخرجه أحمد ( 1 / 407 - 408 ) : حدثنا أبو أحمد الزبيري , حدثنا بشير ابن سلمان
عن سيار , عن طارق بن شهاب قال : " كنا عند # عبد الله # جلوسا , فجاء رجل فقال
: قد أقيمت الصلاة , فقام , و قمنا معه , فلما دخلنا المسجد , رأينا الناس
ركوعا في مقدم المسجد , فكبر , و ركع , و ركعنا , ثم مشينا , و صنعنا مثل الذي
صنع , فمر رجل يسرع فقال : عليك السلام يا أبا عبد الرحمن , فقال : صدق الله ,
و رسوله , فلما صلينا و رجعنا , دخل إلى أهله , جلسنا , فقال بعضنا لبعض : أما
سمعتم رده على الرجل : صدق الله , و بلغت رسله , أيكم يسأله ? فقال طارق : أنا
أسأله , فسأله حين خرج , فذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم , فذكره .
قلت : و هذا إسناد صحيح على شرط مسلم . ثم قال أحمد ( 1 / 419 - 420 ) : حدثنا
يحيى بن آدم أنبأنا بشير أبو إسماعيل به دون قوله : " و شهادة الزور ..... " ,
و دون قصة الركوع و المشي . و إسناده صحيح أيضا .
و خالفهما أبو نعيم حدثنا بشير بن سلمان به مثل رواية الزبيري , إلا أنه لم
يذكر : " و قطع الأرحام .... " . و قال بدلها : " و حتى يخرج الرجل بماله إلى
أطراف الأرض فيرجع فيقول : لم أربح شيئا " . أخرجه الحاكم ( 4 / 445 - 446 ) من
طريق السري بن خزيمة , حدثنا أبو نعيم . و سكت عليه هو و الذهبي . و أبو نعيم
ثقة حجة و هو الفضل بن دكين . لكن الراوي عنه السري بن خزيمة لم أجد له ترجمة .
و قد وجدت لآخر الحديث شاهدا من حديث عمرو بن تغلب : سمعت رسول الله صلى الله
عليه وسلم يقول : " .... و إن من أشراط الساعة أن يكثر التجار , و يظهر القلم "
. أخرجه الطيالسي في " مسنده " ( 1171 ) : حدثنا ابن فضالة عن الحسن قال : قال
عمرو بن تغلب به . و من طريق الطيالسي أخرجه ابن منده في " المعرفة " ( 2 / 59
/ 2 ) .
قلت : و ابن فضالة - و اسمه مبارك - صدوق , و لكنه يدلس , و كذلك الحسن و هو
البصري , لكن هذا قد صرح بالتحديث عن عمرو في " مسند أحمد " ( 5 / 69 ) و قد
أخرج الطرف الأول من الحديث .
648 " إن من أشراط الساعة إذا كانت التحية على المعرفة . و في رواية : أن يسلم
الرجل على الرجل لا يسلم عليه إلا للمعرفة " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 252 :
أخرجه أحمد ( 1 / 387 ) و الطبراني في " المعجم الكبير " ( 3 / 36 / 2 ) من
طريق مجالد عن عامر , عن الأسود بن يزيد قال : " أقيمت الصلاة في المسجد ,
فجئنا نمشي مع # عبد الله بن مسعود # فلما ركع الناس , ركع عبد الله و ركعنا
معه و نحن نمشي , فمر رجل بين يديه , فقال : السلام عليك يا أبا عبد الرحمن ,
فقال عبد الله و هو راكع : صدق الله و رسوله , فلما انصرف سأله بعض القوم لم
قلت : حين سلم عليك الرجل : صدق الله و رسوله ? قال : إني سمعت رسول الله صلى
الله عليه وسلم يقول " فذكره بالرواية الأولى .
قلت : و رجاله ثقات كلهم غير مجالد , و هو ابن سعيد و ليس بالقوي , لكن يقويه
الرواية الأخرى , فقد روى شريك , عن عياش العامري عن الأسود بن هلال , عن بن
مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره بالرواية الأخرى .
أخرجه أحمد ( 1 / 405 - 406 ) . و هذا إسناد جيد في الشواهد و المتابعات ,
رجاله كلاهم ثقات غير شريك و هو ابن عبد الله القاضي , فإنه سيء الحفظ , لكن
مجيء الحديث من الطريق السابقة يجعلنا نطمئن لثبوته , و أنه قد حفظه .
و يزيده قوة أن له طريقا ثالثة عن ابن مسعود مرفوعا بمعناه . و قد خرجته قبيل
هذا .
649 " إن من أشراط الساعة أن يمر الرجل في المسجد لا يصلي فيه ركعتين " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 253 :
أخرجه ابن خزيمة في " صحيحه " و غيره من حديث # عبد الله بن مسعود # مرفوعا .
و في إسناده ضعف بينته في الكتاب الآخر ( 1530 ) .
لكن الحديث له طريق أخرى عن ابن مسعود يتقوى بها , لأنه لا علة فيه سوى الجهالة
كما بينته هناك ( 1531 ) . و له شاهد مرسل يرويه شريك عن العباس بن ذريح عن
عامر رفعه . أخرجه البغوي في " حديث علي بن الجعد " ( 10 / 107 / 1 ) .
و هذا إسناد لا بأس به في الشواهد , رجاله ثقات غير شريك و هو ابن عبد الله
القاضي , فإنه سيء الحفظ , لكنه ثقة في نفسه , غير متهم في صدقه , فحديثه صحيح
إذا توبع عليه . و الله أعلم .
650 " ثلاثة لا يقبل منهم صلاة و لا تصعد إلى السماء و لا تجاوز رءوسهم : رجل أم
قوما و هم له كارهون , و رجل صلى على جنازة و لم يؤمر , و امرأة دعاها زوجها من
الليل فأبت عليه " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 254 :
أخرجه ابن خزيمة في " صحيحه " ( 161 / 1 ) من طريق # عطاء بن دينار الهذلي #
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ... فذكره . و من طريق عمرو بن الوليد عن
أنس بن مالك يرفعه . يعني مثل هذا . و قال : " أمليت الخبر الأول , و هو مرسل ,
لأن حديث أنس الذي بعده مثله , لولا هذا لما كنت أخرج الخبر المرسل في هذا
الكتاب " .
قلت : الخبر الأول رجاله ثقات , لكنه معضل , لأن عطاء بن دينار الهذلي لم يلق
أحدا من الصحابة , و إنما يروي عن التابعين . و الخبر الآخر رجاله ثقات أيضا
و هو موصول , إلا أن عمرو بن الوليد قال الذهبي : " ما روى عنه سوى يزيد بن أبي
حبيب " . لكن يبدو من ترجمته أنه كان فاضلا معروفا , فقال ابن يونس : كان من
أهل الفضل و الفقه . و ذكره يعقوب بن سفيان في " ثقات أهل مصر " . و كذلك ذكره
ابن حبان في " الثقات " . و قضية إخراج ابن خزيمة لحديثه في " الصحيح " أنه ثقة
عنده و هذا هو الذي ترجح لي , فالحديث جيد . و الله أعلم .
651 " الخير عادة و الشر لجاجة و من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 255 :
أخرجه ابن ماجه ( 1 / 95 - 96 ) : حدثنا هشام بن عمار حدثنا الوليد بن مسلم :
حدثنا مروان بن جناح عن يونس بن ميسرة بن حلبس أنه حدثه قال : سمعت # معاوية بن
أبي سفيان # يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : فذكره .
و هذا إسناد حسن , رجاله ثقات , غير مروان بن جناح , و هو " لا بأس به " كما في
التقريب تبعا للدارقطني . و رواه ابن حبان في " صحيحه " من طريق هشام بن عمار
بإسناده و متنه سواء كما في " موارد الظمآن " ( 82 ) , و كذلك أخرجه ابن عدي في
" الكامل " ( 135 / 2 ) في ترجمة روح بن جناح و هو أخو مروان بن جناح , لكن وقع
عنده " روح بن جناح " مكان " مروان بن جناح " فلا أدري أهو سهو من الرواة , أم
أن الوليد بن مسلم رواه عن الأخوين معا , و عنه هشام , فكان يرويه عن هذا تارة
و عن هذا تارة . و الله أعلم . و رواه الضياء في " موافقات هشام بن عمار " ( 58
/ 2 ) . و أخرجه القضاعي في " مسند الشهاب " ( 3 / 1 ) من طريق عمرو بن عثمان
قال : أنبأنا الوليد بن مسلم عن مروان بن جناح به . و أخرجه عبد الغني المقدسي
في " العلم " ( 5 / 2 ) , و أخرجه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " ( 1 / 345 ) من
طريق أخرى عن الوليد به دون الفقرة الثانية منه .
652 " نهى عن أن تكلم النساء ( يعني في بيوتهن ) إلا بإذن أزواجهن " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 256 :
أخرجه الخرائطي في " مكارم الأخلاق " ( 8 / 230 / 2 ) عن قيس بن الربيع عن ابن
أبي ليلى عن الحكم عن أبي جعفر مولى بني هاشم عن # علي بن أبي طالب # رضي الله
عنه قال : فذكره مرفوعا .
قلت : و هذا إسناد ضعيف , من أجل قيس و شيخه , فإنهما ضعيفان من قبل الحفظ .
لكن ذكر له الخرائطي شاهدا عن تميم بن سلمة قال : " أقبل عمرو بن العاص إلى بيت
علي بن أبي طالب في حاجة , فلم يجد عليا , فرجع ثم عاد فلم يجده , مرتين أو
ثلاثا , فجاء علي فقال له : أما استطعت إذ كانت حاجتك إليها أن تدخل ? قال :
" نهينا أن ندخل عليهن إلا بإذن أزواجهن " .
قلت : و إسناده صحيح . و قد عزاه السيوطي في " الجامع " للطبراني في " الكبير "
من حديث عمرو بلفظ الترجمة . و قال المناوي : " رمز المصنف لحسن , و عدل عن
عزوه للدارقطني , لكونه غير موصول الإسناد عنده " .
653 " عمرو بن العاص من صالحي قريش " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 256 :
أخرجه الترمذي ( 2 / 316 ) و أحمد ( 1 / 161 ) عن ابن أبي مليكة قال : قال
# طلحة بن عبيد الله # : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : فذكره .
و قال الترمذي : " ليس إسناده بمتصل , ابن أبي مليكة لم يدرك طلحة " .
قلت : و رجال إسناده ثقات أثبات , و قد روي موصولا من طريق سليمان بن أيوب بن
سليمان بن عيسى بن موسى بن طلحة بن عبيد الله حدثني أبي عن جدي عن موسى بن طلحة
عن طلحة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره .
أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 1 / 13 / 1 ) و عنه الضياء المقدسي في
" المختارة " ( 1 / 285 ) و إسناده ضعيف كما بينته في الكتاب الآخر ( 1537 ) .
لكن له شاهد بلفظ : " أسلم الناس و آمن عمرو العاص " , و آخر بلفظ : " ابنا
العاص مؤمنان هشام و عمرو " . و قد مضيا ( 155 , 156 ) .
654 " ليس أحد أفضل عند الله من مؤمن يعمر في الإسلام , لتسبيحه و تكبيره و تهليله
" .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 257 :
أخرجه أحمد ( 1 / 163 ) و عنه الضياء في " المختارة " ( 1 / 283 ) من طريق طلحة
بن يحيى بن طلحة عن إبراهيم بن محمد بن طلحة عن # عبد الله بن شداد # .
" أن نفرا من بني عذرة ثلاثة , أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فأسلموا , قال :
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : من يكفينيهم ? قال طلحة : أنا , قال : فكانوا
عند طلحة , فبعث النبي صلى الله عليه وسلم بعثا , فخرج فيه أحدهم , فاستشهد ,
قال : ثم بعث بعثا , فخرج فيهم آخر , فاستشهد , قال : ثم مات الثالث على فراشه
, قال طلحة : فرأيت هؤلاء الثلاثة الذين كانوا عندي في الجنة , فرأيت الميت على
فراشه أمامهم , و رأيت الذي استشهد أخيرا يليه , و رأيت الذي استشهد أولهم
آخرهم ? قال : فدخلني من ذلك , قال : فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم , فذكرت
ذلك له , قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : و ما أنكرت من ذلك ? ليس
أحد ... الحديث .
قلت : و هذا إسناد حسن , و هو صحيح على شرط مسلم , و في طلحة ابن يحيى كلام من
قبل حفظه , لا ينزل حديثه عن مرتبة الحسن إن شاء الله تعالى . و عبد الله بن
شداد تابعي كبير ولد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم , فقد يقال إنه مرسل .
فأقول : بل الظاهر أنه مسند تلقاه من طلحة نفسه , لقوله : في أثناء الحديث :
" قال طلحة " . و الله أعلم .
655 " الطاعم الشاكر , بمنزلة الصائم الصابر " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 258 :
أخرجه الترمذي ( 2 / 79 ) حدثنا إسحاق بن موسى الأنصاري حدثنا محمد بن معن
المدني الغفاري , حدثني أبي عن أبي سعيد المقبري عن # أبي هريرة # عن النبي صلى
الله عليه وسلم قال : فذكره و قال : " هذا حديث حسن غريب " .
قلت : و رجاله ثقات رجال الشيخين , مع أن معنا والد محمد لم يوثقه غير ابن حبان
و أما ابنه فقد وثقه ابن معين أيضا . و لكنه قد خولف في إسناده , فقال عمر بن
علي المقدمي : سمعت معن بن محمد يحدث عن سعيد بن أبي سعيد المقبري قال : " كنت
أنا و حنظلة بالبقيع مع أبي هريرة رضي الله عنه , فحدثنا أبو هريرة بالبقيع عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال " فذكره . أخرجه الحاكم ( 4 / 136 )
و قال : " صحيح الإسناد " . و وافقه الذهبي , و هو كما قالا .
قلت : فقد خالفه المقدمي , فجعل تابعيه سعيد بن أبي سعيد , و ليس أبا سعيد و هو
الراجح عندي , لأنه أوثق من محمد بن معن الغفاري , و قد توبع , فقال أحمد ( 2 /
283 ) : حدثنا عبد الرزاق حدثنا معمر عن الزهري عن رجل من بني غفار أنه سمع
سعيد المقبري يحدث عن أبي هريرة به . و أخرجه البغوي في " شرح السنة " ( 3 /
315 - نسخة محمد عبد اللطيف ) عن عبد الرزاق به . و هذا إسناد صحيح إلى الرجل
الغفاري و من الظاهر أنه معن والد محمد , فإنه غفاري كما صرحت به رواية الترمذي
المتقدمة , فهذا يؤكد أرجحية رواية المقدمي على رواية محمد بن معن .
و أخرجه ابن حبان ( 952 ) من طريق معتمر بن سليمان عن معمر بن راشد عن سعيد
المقبري عن أبي هريرة به . هكذا وقع في " موارد الظمآن " : معمر عن سعيد .
و أنا أخشى أن يكون منقطعا , أو وقع في سنده سقط , فإن بين معمر و سعيد المقبري
واسطتين , كما يدل عليه رواية أحمد عن عبد الرزاق عنه .
ثم رأيت الحافظ يقول في " الفتح " ( 9 / 504 ) : " لكن في هذه الرواية انقطاع
خفي على ابن حبان , فقد رويناه في " مسند مسدد " عن معتمر عن معمر عن رجل من
بني غفار عن المقبري , و كذلك أخرجه عبد الرزاق في " جامعه " عن معمر . و هذا
الرجل هو معن بن محمد الغفاري فيما أظن لاشتهار الحديث من طريقه " .
قلت : عبد الرزاق إنما رواه عن معمر عن الزهري عن الرجل , فروايته مخالفة
لرواية مسدد عن معتمر . و للحديث طريق أخرى عن أبي هريرة , فقال أحمد ( 2 / 289
) : حدثنا عبيد بن أبي قرة حدثنا سليمان بن بلال : حدثني محمد بن عبد الله بن
أبي حرة عن عمه حكيم بن حرة عن سليمان الأغر عنه به .
قلت : و هذا إسناد جيد , رجاله كلهم ثقات , و في عبيد بن أبي قرة كلام لا يضر .
و سليمان بن بلال ثقة من رجال الشيخين , و قد خولف فقال عبد العزيز ابن محمد
الدراوردي عن محمد بن عبد الله بن أبي حرة عن عمه حكيم بن أبي حرة عن سنان بن
سنة الأسلمي صاحب النبي صلى الله عليه وسلم قال : قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم فذكر نحوه . أخرجه الدارمي ( 2 / 95 ) و ابن ماجه ( 1765 ) و أحمد ( 4 /
343 ) و كذا ابنه عبد الله و القضاعي في " مسند الشهاب " ( 17 / 1 ) من طرق عن
عبد العزيز به . و قال البوصيري في " زوائد ابن ماجه " : " إسناده صحيح " .
قلت : و هو كما قال لولا المخالفة المذكورة , و سليمان أحفظ من عبد العزيز ,
فروايته أصح إن كان أبي قرة قد حفظها عنه . و لكن الحديث على كل حال صحيح , لأن
الاختلاف في اسم صحابي الحديث لا يضر كما هو ظاهر , و قد زاد الدارمي في إسناده
" عن أبيه " , فصار الحديث عنده من رواية " سنة " والد سنان , و هي منكرة لأنه
تفرد بها نعيم بن حماد و هو ضعيف , لاسيما و قد خالفه من سبقت الإشارة إليه ,
و قد عزى هذه الرواية صاحب " المشكاة " ( 4206 ) إلى ابن ماجه أيضا و ذلك و هم
. و الله تعالى أعلم .
ثم رأيت الحديث قد أخرجه البخاري في " التاريخ الكبير " ( 1 / 1 / 142 - 143 )
من الوجهين : عن سليمان بن بلال و عبد العزيز بن محمد , و ذكرهما ابن أبي حاتم
في " العلل " ( 2 / 13 - 14 ) و قال : " فقيل لأبي زرعة أيهما أصح ? قال : حديث
الدراوردي أشبه " . كذا قال , و الله أعلم .
ثم رأيت للحديث طريقا أخرى عن أبي هريرة , و لكنها مما لا يفرح به و إنما
أذكرها للمعرفة , أخرجه أبو نعيم في " الحلية " ( 7 / 142 ) من طريق إسحاق بن
العنبري حدثنا يعلى بن عبيد عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة به . و قال : " غريب
من حديث الثوري تفرد به إسحاق عن يعلى " .
قلت : يعلى و من فوقه ثقات من رجال مسلم , و إنما الآفة من إسحاق هذا فقد أورده
الذهبي في " الضعفاء و المتروكين " و قال : " كذاب " !
و الحديث علقه البخاري في " صحيحه " بصيغة الجزم فقال ( 2 / 510 ) " باب الطاعم
الشاكر مثل الصائم الصابر , فيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم " .
و قد خولف إسحاق بن موسى الأنصاري في إسناده من قبل يعقوب بن حميد بن كاسب :
حدثنا محمد بن معن عن أبيه عن عبد الله بن عبد الله الأموي عن معن بن محمد عن
حنظلة بن علي الأسلمي عن أبي هريرة به . و يعقوب هذا فيه ضعف , فرواية الأنصاري
مقدمة على روايته لأنه أوثق منه , لاسيما و يشهد له رواية عبد الرزاق المتقدمة
. و الله أعلم .
656 " آمروا اليتيمة في نفسها و إذنها صماتها " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 262 :
هكذا أورده السيوطي في " الجامع الكبير " ( 1 / 3 / 2 ) من رواية الطبراني في
" المعجم الكبير " عن # أبي موسى الأشعري # و تبعه صاحب " الفتح الكبير في ضم
الزيادة إلى الجامع الصغير " و لكنه لم يرمز له بأنه من ( الزيادة ) فلعله سقط
ذلك من الناسخ أو الطابع , فإني لم أره في " الجامع الصغير " الذي عليه شرح
المناوي , و لم يذكره الهيثمي بهذا اللفظ و إنما بلفظ : " تستأمر اليتيمة في
نفسها , فإن سكتت , فقد أذنت و إذا أبت لم تكره " . و قال : " رواه أحمد و أبو
يعلى و الطبراني و رجال أحمد رجال الصحيح " .
قلت : و هو في " المسند " ( 4 / 394 / 408 ) و كذا " سنن الدارمي " ( 2 / 138 )
من طريقين عن أبي بردة بن أبي موسى عن أبي موسى به .
قلت : و هذا سند صحيح على شرطهما . و له شواهد مخرجة في " الإرواء " ( 1828 ) .
657 " من حافظ على هؤلاء الصلوات المكتوبات لم يكتب من الغافلين و من قرأ في ليلة
مائة آية كتب من القانتين " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 263 :
أخرجه الحاكم ( 1 / 308 ) من طريق عبدان أنبأنا أبو حمزة عن الأعمش عن أبي صالح
عن # أبي هريرة # قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره و قال :
" صحيح على شرط الشيخين " . و وافقه الذهبي . و هو كما قالا .
658 " لو لم تكونوا تذنبون خشيت عليكم أكثر من ذلك : العجب " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 263 :
أخرجه العقيلي ( 171 ) و ابن عدي ( 164 / 1 ) و القضاعي في " مسند الشهاب "
( 117 / 1 ) عن سلام بن أبي الصهباء عن ثابت عن # أنس # قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : فذكره .
قلت : و رجاله ثقات غير سلام هذا و هو مختلف فيه , فقال ابن عدي في آخر ترجمته
: " و أرجو أنه لا بأس به " . و روى عن البخاري أنه قال فيه : " منكر الحديث "
. و قال الذهبي : " ضعفه يحيى , و قال أحمد : حسن الحديث . و قال ابن حبان : لا
يجوز الاحتجاج به إذا انفرد " . ثم ساق له حديثين هذا أحدهما , و قال : " ما
أحسنه من حديث لو صح " .
قلت : هو حسن على الأقل بشاهده الآتي و غيره , فقد أخرجه أبو الحسن القزويني في
" الأمالي " ( 12 / 1 ) عن كثير بن يحيى قال : حدثنا أبي عن الجريري عن أبي
نضرة عن أبي سعيد مرفوعا .
قلت : و هذا إسناد لا بأس به في الشواهد , رجاله ثقات غير يحيى والد كثير و هو
يحيى بن كثير أبو النضر صاحب البصري , قال الحافظ : " ضعيف " .
و ابنه كثير ثقة , فقد روى عنه أبو زرعة , و قد علم عنه أنه لا يروي إلا عن ثقة
بل سئل عنه فقال : " صدوق " . و قال أبو حاتم : " محله الصدق و كان يتشيع " كما
ذكره ابنه في " الجرح و التعديل " .
قلت : و لا أدري إذا كان العقيلي عنى هذا الإسناد أو غيره بقوله عقب حديث ابن
أبي الصهباء : " لا يتابع عليه عن ثابت , و قد روي بغير هذا الإسناد بإسناد
صالح " . و نقل المناوي عن الحافظ العراقي أنه قال : " و طرقه كلها ضعيفة " .
ثم قال المناوي : " و كان ينبغي للمصنف تقويتها بتعددها الذي رقاه إلى رتبة
الحسن و لهذا قال في " المنار " : هو حسن بها . بل قال المنذري : رواه البزار
بإسناد جيد " .
( تنبيه ) لقد جرى الجمهور على التفريق بين سلام بن أبي الصهباء هذا , و بين
سلام بن سليمان المزني أبي المنذر الكوفي أصله من البصرة , الذي روى له النسائي
عن ثابت عن أنس مرفوعا " حبب إلي من الدنيا النساء و الطيب , و جعل قرة عيني في
الصلاة . و منهم ابن أبي حاتم فقال في الأول منهما ( 2 / 1 / 257 ) عن أبيه :
" شيخ " . و قال عن الآخر ( 2 / 1 / 259 ) : " قال أبي : صدوق صالح الحديث " .
و أما ابن عدي فجعلهما واحدا , فإنه لم يترجم للمزني هذا و ساق حديثه الذي عند
النسائي في ترجمة ابن أبي الصهباء , و هو أمر محتمل جدا فقد اشتركا في ثلاثة
أشياء , فكل منهما بصري و يكنى بأبي المنذر و يروي عن ثابت و يعد عادة مثل هذا
الاتفاق , في الراويين المختلفين . و الله أعلم .
659 " إنه أعظم للبركة . يعني الطعام الذي ذهب فوره و دخانه " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 265 :
أخرجه الدارمي ( 2 / 100 ) و ابن حبان في " صحيحه " ( 1344 ) و الحاكم ( 4 /
118 ) و البيهقي ( 7 / 280 ) عن قرة بن عبد الرحمن عن ابن شهاب عن عروة بن
الزبير عن # أسماء بنت أبي بكر # : " أنها كانت إذا ثردت غطته شيئا حتى يذهب
فوره و دخانه , ثم تقول : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " فذكره
. و قال الحاكم : " صحيح على شرط مسلم في الشواهد " . و وافقه الذهبي , و هو
كما قالا . و قد تابعه عقيل بن خالد عن ابن شهاب به . أخرجه أحمد ( 6 / 350 )
و أبو نعيم في " الحلية " ( 8 / 177 ) من طريق عبد الله ابن المبارك حدثنا ابن
لهيعة حدثني عقيل به . و قال أبو نعيم : " غريب من حديث ابن المبارك عن ابن
لهيعة " .
قلت : و إسناده صحيح رجاله ثقات , فإن ابن لهيعة صحيح الحديث إذا روى عنه
العبادلة و منهم ابن المبارك هذا . و الحديث قال الهيثمي ( 5 / 19 ) : " رواه
أحمد بإسنادين أحدهما منقطع , و في الآخر ابن لهيعة و حديثه حسن و فيه ضعف , و
رواه الطبراني و فيه قرة بن عبد الرحمن , وثقه ابن حبان و غيره و ضعفه ابن معين
و غيره و بقية رجالهما رجال الصحيح " .
قلت : و كأنه لم يتنبه أن حديث ابن لهيعة من رواية ابن المبارك عنه . و إلا لما
ضعفه . و الله أعلم .
660 " اقرءوا القرآن , فإنكم تؤجرون عليه أما إني لا أقول : *( ألم )* حرف و لكن
ألف عشر و لام عشر و ميم عشر , فتلك ثلاثون " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 267 :
أخرجه الخطيب في " التاريخ " ( 1 / 285 ) و الديلمي ( 1 / 1 / 13 ) من طريق
محمد بن أحمد بن الجنيد قال : أنبأنا أبو عاصم عن سفيان عن عطاء بن السائب عن
أبي الأحوص عن # عبد الله # قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره .
و هذا إسناد جيد رجاله ثقات رجال الصحيح غير ابن الجنيد , ترجمه الخطيب و قال :
" و هو شيخ صدوق " . و وثقه غيره . و قد خولف في رفعه , فقال الدارمي في " سننه
" ( 2 / 429 ) حدثنا أبو عامر قبيصة أنبأنا سفيان به نحوه إلا أنه أوقفه .
و يرجح الرفع أن الترمذي أخرجه ( 4 / 53 ) من طريق محمد بن كعب القرظي فقال :
سمعت عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من قرأ حرفا
من كتاب الله فله ... " الحديث نحوه و قال : " حديث حسن صحيح " .
قلت : و إسناده جيد أيضا و قد خرجته في تعليقي على " الطحاوية " ( ص 201 -
الطبعة الرابعة , طبع المكتب الإسلامي ) و " المشكاة " ( 2137 ) . ثم رأيت
الحافظ ضياء الدين المقدسي قد أخرج الحديث في " جزء فيه أحاديث و حكايات
و أشعار " ( 9 / 1 ) من طريق الخطيب به و قال : " عطاء بن السائب ثقة إلا أنه
اختلط في آخر عمره , فإذا روى عنه مثل سفيان و شعبة و حماد بن سلمة , فإنهم
سمعوا منه قبل الاختلاط و حديثهم عنه صحيح , و محمد بن الجنيد وثقه أحمد بن
إسحاق بن البهلول " .
و أقول : قرن حماد مع سفيان و شعبة فيه عندي نظر , لأنه قد سمع من عطاء بعد
الاختلاط أيضا كما حققه الحافظ في " التهذيب " , فينبغي التوقف عن تصحيح حديثه
عنه , حتى يتبين أنه سمعه منه قبل الاختلاط خلافا لبعض فضلاء المعاصرين و قد
ألحق الحافظ في " نتائج الأفكار " بسفيان و شعبة الأعمش لعلو طبقته و هذه فائدة
لم أجد أحدا نبه عليها غيره , فجزاه الله خيرا .
( تنبيه ) في النسخة المطبوعة من " تاريخ الخطيب " بعد قوله " تؤجرون " , زيادة
" و كل حرف عشر حسنات " وضعها الطابع بين المعكوفتين و كأنه أخذها من بعض نسخ
" التاريخ " و لكني لما وجدتها مباينة للسياق , و لم ترد في " الجامع الصغير "
و كذا " الكبير " للسيوطي لم أطمئن لثبوتها فلم استدركها . ثم تأكدت من ذلك حين
رأيت الضياء قد رواه عن الخطيب بدونها , و كذلك هو عند الديلمي .
و الحمد لله على توفيقه و أسأله المزيد من فضله .
ثم وجدت لعطاء بن السائب متابعا , فقال ابن نصر في " قيام الليل " ( 70 ) حدثنا
يحيى أخبرنا أبو معاوية عن الهجري عن أبي الأحوص به بلفظ أتم منه و نصه :
" إن هذا القرآن مأدبة الله , فتعلموا مأدبته ما استطعتم و إن هذا القرآن هو
حبل الله و هو النور المبين و الشفاء النافع عصمة من تمسك به و نجاة من تبعه لا
يعوج فيقوم و لا يزيغ فيستعتب و لا تنقضي عجائبه و لا يخلق عن كثرة الرد ,
اتلوه فإن الله يأجركم على تلاوته بكل حرف عشر حسنات أما إني لا أقول بـ *( ألم
)* و لكن بألف عشرا و بالام عشرا و بالميم عشرا " .
و هذا إسناد لا بأس به في المتابعات , رجاله كلهم ثقات رجال مسلم غير الهجري
و اسمه إبراهيم بن مسلم و هو لين الحديث . و من طريقه أخرجه الحاكم ( 1 / 555 )
و قال : " صحيح الإسناد " . و رده الذهبي بقوله : " إبراهيم ضعيف " .
و له متابع آخر أخرجه الحاكم ( 1 / 566 ) عن عاصم بن أبي النجود عن أبي الأحوص
به نحو حديث عطاء و قال : " صحيح الإسناد " و أقره الذهبي .
و أخرجه ابن المبارك في " الزهد " ( 808 ) موقوفا : أخبرنا شريك عن أبي إسحاق
عن أبي الأحوص به . و شريك سيء الحفظ .
661 " أبشروا هذا ربكم قد فتح بابا من أبواب السماء يباهي بكم الملائكة , يقول :
انظروا إلى عبادي قد قضوا فريضة و هم ينتظرون أخرى " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 269 :
أخرجه ابن ماجه ( 801 ) و أحمد ( 2 / 186 ) عن حماد بن سلمة عن ثابت عن أبي
أيوب عن # عبد الله بن عمرو # قال : " صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم "
المغرب , فرجع من رجع و عقب من عقب , فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم مسرعا
قد حفزه النفس و قد حسر عن ركبتيه فقال .... " فذكره .
قلت : و هذا إسناد صحيح على شرط مسلم و أبو أيوب , هو المراغي الأزدي البصري .
و قال البوصيري في " الزوائد " ( 54 / 1 ) : " هذا إسناد رجاله ثقات " .
و كذا قال المنذري في " الترغيب " ( 1 / 160 ) و لكنه أعله بالانقطاع بين أبي
أيوب و ابن عمرو و لا وجه له . و الله أعلم .
و له طريق أخرى أخرجه أحمد ( 2 / 208 ) عن علي بن زيد عن مطرف بن عبد الله بن
الشخير عن عبد الله بن عمرو به . و هذا إسناد لا بأس به في الشواهد , رجاله
كلهم ثقات غير علي بن زيد و هو ابن جدعان , ففيه ضعف من قبل حفظه .
662 " ذهب أهل الهجرة بما فيها " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 270 :
أخرج الطحاوي في " مشكل الآثار " ( 3 / 252 ) و الحاكم ( 3 / 316 ) من طريقين
عن زهير بن معاوية حدثنا عاصم الأحول عن أبي عثمان النهدي حدثنا # مجاشع بن
مسعود # قال : " أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم " بأخي مجالد بعد الفتح ,
فقلت : يا رسول الله جئتك بأخي مجالد لتبايعه على الهجرة , فقال : ( فذكره ) ,
فقلت : فعلى أي شيء تبايعه يا رسول الله ? قال : أبايعه على الإسلام و الإيمان
و الجهاد " . و السياق للحاكم و سكت عليه هو و الذهبي , و زاد الطحاوي :
" قال : فلقيت معبدا بعد - و كان أكبرهما - فسألته , فقال : صدق مجاشع " .
قلت : و إسناده صحيح .
663 " اجتنبوا هذه القاذورة التي نهى الله عز وجل عنها , فمن ألم فليستتر بستر الله
عز وجل , فإنه من يبد لنا صفحته نقم عليه كتاب الله " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 271 :
رواه أبو عبد الله القطان في حديثه ( 56 / 1 ) : و عنه البيهقي ( 8 / 330 ) :
حدثنا حفص بن عمرو الربالي قال : حدثنا عبد الوهاب الثقفي قال : سمعت يحيى بن
سعيد الأنصاري يقول : حدثني عبد الله بن دينار عن # ابن عمر # : أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم بعد أن رجم الأسلمي قال : فذكره . و رواه العقيلي ( 203 )
من طريق الثقفي و من طريق آخر عن يحيى بن سعيد به , و زاد في رواية ما بين
المعكوفتين . و سندها حسن , و الأصل صحيح .
و أخرجه أبو القاسم الحنائي في " المنتقى من حديث الجصاص و أبي بكر الحنائي "
( 160 / 2 ) و ابن سمعون في الأمالي " ( 2 / 183 / 2 ) من طرق أخرى عن الريالي
به . و تابعه أنس بن عياض عن يحيى بن سعيد به , و فيه الزيادة . أخرجه الطحاوي
في " المشكل " ( 1 / 20 ) و البيهقي و الحاكم ( 4 / 244 ) و قال : " صحيح على
شرط الشيخين " , و وافقه الذهبي , و هو كما قالا .
و قد وجدت له شاهدا من حديث أبي هريرة مرفوعا به . أخرجه الديلمي في " مسنده "
( 1 / 1 / 40 - مختصره ) عن يحيى بن أبي سليمان عن زيد أبي عتاب عنه . و هذا
إسناد لا بأس به في الشواهد , زيد هذا - و هو ابن أبي عتاب وثقه ابن معين .
و يحيى بن أبي سليمان قال أبو حاتم : يكتب حديثه , ليس بالقوي .
و قال البخاري : منكر الحديث . و ذكره ابن حبان في " الثقات " .
664 " اجتمعوا على طعامكم و اذكروا اسم الله تعالى عليه يبارك لكم فيه " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 272 :
أخرجه أبو داود ( 2 / 139 ) و ابن ماجه ( 2 / 307 ) و ابن حبان ( 1345 )
و الحاكم ( 2 / 103 ) و أحمد ( 3 / 501 ) من طريق الوليد بن مسلم قال : حدثني
# وحشي بن حرب بن وحشي عن أبيه عن جده # . " أن رجلا قال : يا رسول الله إنا
نأكل و لا نشبع , قال : فلعلكم تأكلون متفرقين ? اجتمعوا .... " الخ .
أورده الحاكم شاهدا و لم يصححه هو و لا الذهبي , و أما الحافظ العراقي فقال في
تخريج الإحياء ( 2 / 4 ) . " إسناده حسن " .
قلت : و ليس بحسن , فإن وحشي بن حرب بن وحشي قال صالح جزرة : " لا يشتغل به
و لا بأبيه " كما في " الميزان " . و قال في ترجمة أبيه حرب : " ما روى عنه سوى
ابنه وحشي الحمصي " . و لذلك قال الحافظ في " التقريب " : " مستور " و قال في
أبيه " مقبول " . و في " فيض القدير " : " و وحشي هذا قال فيه المزني و الذهبي
: فيه لين . و قصارى أمر الحديث ما قاله الحافظ العراقي أن إسناده حسن , و قال
ابن حجر : في صحته نظر , فإن وحشي الأعلى هو قاتل حمزة , و ثبت أنه لما أسلم
قال له المصطفى : غيب وجهك عني , فيبعد سماعه منه بعد ذلك إلا أن يكون أرسل
و قول ابن عساكر : إن صحابي هذا الحديث غير قاتل حمزة يرده ورود التصريح بأنه
قاتله في عدة طرق للطبراني و غيره " .
أقول : و بالجملة فالإسناد ضعيف لما ذكرناه , و أما ما نظر فيه ابن حجر فلا
طائل تحته فإن غاية ما فيه أن وحشيا أرسله و مرسل الصحابي حجة كما تقرر في
المصطلح على أنه لا تلازم عندي بين قوله عليه السلام : " غيب وجهك عني " و بين
عدم سماعه من النبي صلى الله عليه وسلم . و الله أعلم .
لكن الحديث حسن لغيره لأن له شواهد في معناه فانظر : " إن الله يحب كثرة الأيدي
في الطعام " . و " إن أحب الطعام .... " و " كلوا جميعا " .
و لعله لذلك أقر الحافظ المنذري في " الترغيب " ( 3 / 121 ) ابن حبان على
تصحيحه إياه و لم يشر إلى تضعيفه له بتصديره إياه " بقوله : " و روي .... " كما
هي عادته و اصطلاحه . و الله أعلم .
665 " عليكم بالإثمد فإنه منبتة للشعر , مذهبة للقذى , مصفاة للبصر " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 274 :
رواه البخاري في " التاريخ " ( 4 / 2 / 412 ) و الطبراني ( 1 / 12 / 1 ) :
عن أبي جعفر النفيلي أنبأنا يونس بن راشد عن عون بن محمد بن الحنفية عن أبيه عن
جده # علي بن أبي طالب # مرفوعا . و أخرجه أبو نعيم في " الحلية " ( 3 / 178 )
من طرق عن الفريابي به . و قال : " حديث غريب من حديث ابن الحنفية , لم يروه
عنه إلا ابنه عون , و لا عنه إلا يونس " .
قلت : و هذا سند رجاله كلهم ثقات معروفون غير عون هذا فأورده ابن حبان في
" الثقات " ( 2 / 228 ) و قال : " يروي عن أبيه عن جده , روى عنه عبد الملك بن
أبي عياش " .
قلت فقد روى عنه يونس بن راشد أيضا و زاد في " الجرح و التعديل " ( 3 / 1 / 386
) محمد بن موسى , فالسند حسن كما قال " المنذري في " الترغيب " ( 3 / 115 ) .
666 " أكرموا الشعر " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 275 :
أخرجه ابن عدي في " الكامل " ( ق 113 - 114 ) و أبو نعيم في " أخبار أصبهان "
( 2 / 214 ) و الديلمي ( 1 / 1 / 34 ) من طريق خالد بن إلياس عن هشام بن عروة
عن أبيه عن # عائشة # أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : فذكره .
و قال ابن عدي : " و هذا يرويه عن هشام بن عروة خالد بن إلياس " .
يعني أنه تفرد به , و هو ضعيف جدا , و من طريقه أخرجه البزار كما في " المجمع "
للهيثمي و قال ( 5 / 164 ) : " و هو متروك " .
و قال الحافظ في " مختصر الديلمي " : " ضعيف " .
قلت : لكنه لم يتفرد به , فقد تابعه إسماعيل بن عياش , لكنه خالفه في إسناده
فقال : عن هشام بن عروة عن محمد بن المنكدر عن جابر قال : " كانت لأبي قتادة
جمة , فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : أكرمها . فكان يرجلها غبا " .
أخرجه البيهقي في " الشعب " ( 2 / 265 / 2 ) و ابن عساكر في " تاريخ دمشق "
( 8 / 509 / 1 ) و كذا الطبراني في " الأوسط " كما في " المجمع " و قال :
" رواه من رواية إسماعيل بن عياش عن الحجازيين و هي ضعيفة , و بقية رجاله ثقات
" . لكن الحديث له شواهد كثيرة تدل على صحته , و قد مضى ذكرها تحت الحديث ( 500
- من كان له شعر فليكرمه ) . و مما يشهد له ما أخرجه البيهقي أيضا من طريق أحمد
بن منصور حدثنا عبد الرزاق حدثنا معمر عن سعيد بن عبد الرحمن الجرشي عن أشياخهم
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي قتادة : " إن اتخذت ( شعرا ) فأكرمه " .
قال : فكان أبو قتادة - حسبت - يرجله كل يوم مرتين . و الجرشي هذا لم أعرفه
و كذا الأشياخ ! ثم رواه من طريقين عن محمد بن المنكدر به مرسلا و قال :
" و هو أصح , و وصله ضعيف " .
667 " الجماعة رحمة و الفرقة عذاب " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 276 :
أخرجه أحمد ( 4 / 278 ) و هو و ابنه عبد الله في " الزوائد " ( 4 / 375 )
و القضاعي ( 3 / 1 ) عن أبي وكيع الجراح بن مليح عن أبي عبد الرحمن عن الشعبي
عن # النعمان بن بشير # قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم فذكره .
قلت : و هذا إسناد حسن , رجاله ثقات , و في أبي عبد الرحمن و اسمه القاسم بن
عبد الرحمن كلام لا ينزل حديثه من رتبة الحسن , و كذلك الجراح بن مليح . و
الحديث عزاه السيوطي لعبد الله و القضاعي فقط , و هو قصور . و اعلم أن الحديث
عند أحمد و ابنه قطعة من حديث نصه بتمامه : " من لم يشكر القليل لم يشكر الكثير
, و من لم يشكر الناس لم يشكر الله , و التحدث بنعمة الله شكر , و تركها كفر ,
و الجماعة ... " . و قد أورده السيوطي بتمامه من رواية البيهقي فقط في " شعب
الإيمان " ! بتقديم جملة " التحدث بنعمة الله شكر " .
668 " آية الإيمان حب الأنصار و آية المنافق بغض الأنصار " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 277 :
أخرجه البخاري ( 1 / 10 / 4 / 223 ) و مسلم ( 1 / 60 ) و النسائي ( 2 / 271 )
و الطيالسي ( ص 281 رقم 1101 ) و أحمد ( 3 / 130 / 134 / 249 ) من حديث # أنس #
رضي الله عنه مرفوعا . و لفظه عند مسلم و النسائي على القلب : " حب الأنصار آية
الإيمان , و بغض الأنصار آية النفاق " .
669 " كان يأخذ الوبرة من قصة من فيء الله عز وجل فيقول : مالي من هذا إلا مثل
ما لأحدكم , إلا الخمس و هو مردود فيكم , فأدوا الخيط و المخيط , فما فوقها
و إياكم الغلول , فإنه عار و شنار على صاحبه يوم القيامة " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 277 :
أخرجه أحمد ( 4 / 127 - 128 ) حدثنا أبو عاصم حدثنا وهب أبو خالد قال : حدثتني
# أم حبيبة بنت العرباض عن أبيها # مرفوعا . و هذا إسناد رجاله كلهم ثقات , غير
أم حبيبة هذه قال الذهبي : " تفرد عنها وهب أبو خالد " . و في " التقريب " :
" مقبولة " . و قال الهيثمي ( 5 / 337 ) : " رواه أحمد و البزار و الطبراني
و فيه أم حبيبة بنت العرباض و لم أجد من وثقها , و لا جرحها , و بقية رجاله
ثقات " .
قلت : و قال الذهبي أيضا : " و ما علمت في النساء من اتهمت و لا من تركوها " .
قلت : و عليه فحديثها حسن , لأن له شاهدا من حديث عبادة بن الصامت بلفظ :
" كان يأخذ الوبرة من جنب البعير من المغنم , فيقول : ما لي فيه إلا مثل ما
لأحدكم منه , إياكم و الغلول , فإن الغلول خزي على صاحبه يوم القيامة , أدوا
الخيط و المخيط , و ما فوق ذلك , و جاهدوا في سبيل الله تعالى القريب و البعيد
, في الحضر و السفر , فإن الجهاد باب من أبواب الجنة , إنه لينجي الله تبارك و
تعالى به من الهم و الغم و أقيموا حدود الله في القريب و البعيد , و لا يأخذكم
في الله لومة لائم " .
670 " كان يأخذ الوبرة من جنب البعير من المغنم , فيقول : ما لي فيه إلا مثل ما
لأحدكم منه , إياكم و الغلول , فإن الغلول خزي على صاحبه يوم القيامة , أدوا
الخيط و المخيط , و ما فوق ذلك , و جاهدوا في سبيل الله تعالى القريب و البعيد
, في الحضر و السفر , فإن الجهاد باب من أبواب الجنة , إنه لينجي الله تبارك و
تعالى به من الهم و الغم و أقيموا حدود الله في القريب و البعيد , و لا يأخذكم
في الله لومة لائم " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 278 :
أخرجه عبد الله بن أحمد ( 4 / 330 ) قال : حدثنا عبد الله بن سالم الكوفي
المفلوج - و كان ثقة - حدثنا عبيدة بن الأسود عن القاسم بن الوليد عن أبي صادق
عن ربيعة بن ناجد عن # عبادة بن الصامت # مرفوعا . و هذا إسناد رجاله ثقات غير
ربيعة بن ناجد قال في الخلاصة : " روى عنه أبو صادق الأزدى فقط " .
و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا . و قال الذهبي في " الميزان " : " لا يكاد
يعرف " . و أما الحافظ فقال في التقريب : " إنه ثقة " . و ما أدري عمدته في ذلك
و ما أراه إلا وهما منه رحمه الله تعالى . ثم الحديث روى ابن ماجه ( 2 / 111 -
112 ) منه قوله : " أقيموا حدود الله " الخ . بإسناد عبد الله بن أحمد . و قال
في " الزوائد " : " هذا إسناد صحيح على شرط ابن حبان , فقد ذكر جميع رواته في
ثقاته " .
قلت : و شرط ابن حبان في التوثيق فيه تساهل كثير , فإنه يوثق المجاهيل مثل
ربيعة بن ناجد هذا الذي لم يرو عنه غير أبي صادق . و رواه الضياء المقدسي في
" الأحاديث المختارة " ( ق 67 / 1 ) من الوجه المذكور بتمامه .
و أخرجه أحمد ( 5 / 216 / 226 ) و ابن عساكر في " تاريخ دمشق " ( 8 / 428 / 1 )
من طريقين آخرين عن المقدام بن معدي كرب عن عبادة ابن الصامت به نحوه .
فالحديث بمجموع طرقه صحيح إن شاء الله تعالى . ثم رأيت ابن أبي حاتم قد أورده
( 1 / 453 ) من طريق أخرى عن عبادة به مثل رواية ابن ماجه و قال : " قال أبي :
هذا حديث حسن إن كان محفوظا " . و أقول : هو بلا شك محفوظ بمجموع هذه الطرق .
671 " كان بشرا من البشر : يفلي ثوبه و يحلب شاته و يخدم نفسه " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 280 :
أخرجه الإمام أحمد ( 6 / 256 ) : حدثنا حماد بن خالد قال : حدثنا ليث بن سعد عن
معاوية بن صالح عن يحيى بن سعيد عن القاسم عن # عائشة # , قال : " سئلت : ما
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعمل في بيته ? قالت .... " فذكره .
قلت : و هذا إسناد صحيح على شرط مسلم . و قد خالفه عبد الله بن صالح فقال :
حدثني معاوية بن صالح به إلا أنه قال : " عروة " مكان " القاسم " .
أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " ( 541 ) و عنه الترمذي في " الشمائل " ( 2 /
185 - طبع المطبعة الأدبية ) .
قلت : و عبد الله بن صالح فيه ضعف من قبل حفظه فلا يعتد بمخالفته و خالفه أيضا
عبد الله بن وهب عن معاوية فقال : " عمرة " بدل " القاسم " .
أخرجه ابن حبان في " صحيحه " ( 2136 ) و أبو نعيم في " الحلية " ( 8 / 331 ) من
طريقين عنه به . و قال أبو نعيم : " روى الليث بن سعد عن معاوية مثله " .
قلت : في روايته " القاسم " بدل " عمرة " كما سبق , فلعل ما ذكره أبو نعيم ,
رواية وقعت له عن الليث . ثم قال : " و اختلف على يحيى بن سعيد , فرواه يحيى بن
أيوب عن يحيى بن سعيد عن حميد بن قيس عن مجاهد عن عائشة . و رواه ابن جريج عن
يحيى بن سعيد عن مجاهد عن عائشة رضي الله تعالى عنها , من دون حميد " .
قلت : و أصح الروايات عندي رواية الليث و ابن وهب لأنهما من الثقات الحفاظ و لم
يترجح عندي أي روايتيهما أصح , اللهم إلا إذا ثبت أن الليث قد رواه مرة مثل
رواية ابن وهب عن عمرة كما ذكر أبو نعيم , فحينئذ فهذه الرواية أصح لاتفاقهما
عليها و على كل حال , فهذا الاختلاف لا يخدج في صحة الحديث لأن كلا من القاسم
أو عمرة ثقة , فهو انتقال من ثقة إلى آخر . فالاختلاف في ذلك ليس مما يضر في
صحة الحديث . و الله أعلم .
672 " ولد الزنا شر الثلاثة " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 281 :
أخرجه أبو داود ( 3963 ) و الطحاوي في " المشكل " ( 1 / 391 ) و الحاكم ( 2 /
214 ) و البيهقي ( 10 / 57 , 59 ) و أحمد ( 2 / 311 ) من طرق عن سهيل بن أبي
صالح عن أبيه عن # أبي هريرة # قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
فذكره . و زاد البيهقي في رواية : " قال سفيان : يعني إذا عمل بعمل أبويه " .
و قال الحاكم : " صحيح على شرط مسلم " . و وافقه الذهبي , و هو كما قالا .
و تابعه عمر بن أبي سلمة عن أبيه عن أبي هريرة به . أخرجه الحاكم و عنه البيهقي
. قلت : و إسناده حسن في المتابعات و الشواهد .
و تفسير سفيان المذكور قد روي مرفوعا من حديث عبد الله بن عباس , و عائشة .
أما حديث ابن عباس فيرويه ابن أبي ليلى عن داود بن علي عن أبيه عنه قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ولد الزنا شر الثلاثة , إذا عمل بعمل أبويه "
. أخرجه ابن عدي ( 127 / 2 ) و الطبراني في " المعجم الكبير " ( 3 / 92 / 2 )
و " الأوسط " ( 1 / 183 / 2 ) و قال : " لم يروه عن داود إلا ابن أبي ليلى " .
قلت : و اسمه محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى , و هو ضعيف لسوء حفظه . و أما
حديث عائشة , فيرويه إبراهيم بن إسحاق عن محمد بن قيس عنها به . أخرجه هكذا ابن
الأعرابي في " المعجم " ( 8 / 1 - 2 ) من طريق إسحاق بن منصور أنبأنا إسرائيل
عنه . و خالفه أسود بن عامر فقال : حدثنا إسرائيل قال : حدثنا إبراهيم ابن
إسحاق عن إبراهيم بن عبيد بن رفاعة عنها , به . أخرجه أحمد ( 6 / 109 ) .
قلت : و هذا الاضطراب من إبراهيم بن إسحاق , و هو إبراهيم ابن الفضل المخزومي
المترجم في " التهذيب " , و هو متروك كما في " التقريب " و سائر الرواة ثقات .
و هذا التفسير , و إن لم يثبت رفعه , فالأخذ به لا مناص منه , كي لا يتعارض
الحديث مع النصوص القاطعة في الكتاب و السنة أن الإنسان لا يؤاخذ بجرم غيره .
و راجع لهذا المعنى الحديث ( 1287 ) من الكتاب الآخر .
و قد روي الحديث عن عائشة رضي الله عنها على وجه آخر , لو صح إسناده لكان قاطعا
للإشكال , و رافعا للنزاع , و هو ما روى سلمة بن الفضل عن ابن إسحاق عن الزهري
عن عروة قال : " بلغ عائشة رضي الله عنها أن أبا هريرة يقول : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : ولد الزنا شر الثلاثة . فقالت : ( يرحم الله أبا هريرة )
أساء سمعا , فأساء إجابة لم يكن الحديث على هذا إنما كان رجل ( من المنافقين )
يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم , فقال : من يعذرني من فلان ? قيل يا رسول
الله إنه مع ما به ولد زنا , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" هو شر الثلاثة " و الله عز وجل يقول : *( و لا تزر وازرة وزر أخرى )* " .
أخرجه الطحاوي و الحاكم و عنه البيهقي و ضعفه بقوله : " سلمة بن الفضل الأبرش
يروي مناكير " .
قلت : و قال الحافظ : " صدوق كثير الخطأ " . و فيه علة أخرى و هي عنعنة ابن
إسحاق فإنه مدلس , و مع ذلك فقد قال الحاكم : " صحيح على شرط مسلم " . !
و رده الذهبي بقوله : " كذا قال , و سلمة لم يحتج به ( م ) و قد وثق , و ضعفه
ابن راهويه " .
قلت : و كذلك ابن إسحاق لم يحتج به مسلم , و إنما روى له متابعة على أنه مدلس و
قد عنعنه . قال الإمام الطحاوي عقبه : " فبان لنا بحديث عائشة رضي الله عنها أن
قول رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي ذكره عنه أبو هريرة : " ولد الزنا شر
الثلاثة " إنما كان لإنسان بعينه كان منه من الأذى لرسول الله صلى الله عليه
وسلم ما كان منه مما صار به كافرا شرا من أمه , و من الزاني الذي كان حملها به
منه . و الله تعالى نسأله التوفيق .
قلت : و لكن في إسناد حديثها ما علمت من الضعف و ذلك يمنع من تفسير الحديث به .
فالأولى تفسيره بقول سفيان المؤيد بحديثين مرفوعين , و لو كانا ضعيفين إلا أن
يبدو لأحد ما هو أقوى منه , فيصار حينئذ إليه . و يبدو من كلام ابن القيم رحمه
الله في رسالته " المنار " , أنه جنح إلى هذا التفسير , لأن مؤداه إلى أن
الحديث ليس على عمومه , فقد ذكر حديث " لا يدخل الجنة ولد زنا " , و حكى قول
ابن الجوزي أنه معارض لآية *( و لا تزر وازرة ... )* فقال : " قلت : ليس معارضا
لها إن صح , فإنه لم يحرم الجنة بفعل والديه , بل إن النطفة الخبيثة لا يتخلق
منها طيب في الغالب , و لا يدخل الجنة إلا نفس طيبة , فإن كانت في هذا الجنس
طيبة دخلت الجنة , و كان الحديث من العام المخصوص .
و قد ورد في ذمه " أنه شر الثلاثة " , و هو حديث حسن , و معناه صحيح بهذا
الاعتبار , فإن شر الأبوين عارض و هذا نطفته خبيثة و شره من أصله و شر الأبوين
من فعلهما " .
673 " لا يدخل الجنة عاق و لا منان و لا مدمن خمر و لا ولد زنية " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 285 :
أخرجه الدارمي ( 2 / 112 ) و كذا النسائي ( 2 / 332 ) و البخاري في " التاريخ
الصغير " ( 124 ) و عبد الرزاق في " المصنف " ( 2 / 205 ) و ابن خزيمة في
" التوحيد " ( ص 236 ) و ابن حبان ( 1382 , 1383 ) و الطحاوي في " المشكل "
( 1 / 395 ) و أحمد ( 2 / 201 , 203 ) من طريق سالم بن أبي الجعد عن جابان عن
# عبد الله بن عمرو # عن النبي صلى الله عليه وسلم به . و ليس للبخاري منه إلا
الزيادة و قال : " لا يعلم لجابان سماع من عبد الله , و لا لسالم سماع من جابان
و يروى عن علي بن زيد عن عيسى بن حطان عن عبد الله بن عمرو رفعه في أولاد الزنا
و لا يصح " . و قال ابن خزيمة : " ليس هذا الخبر من شرطنا لأن جابان مجهول " .
و رواه محمد بن مخلد العطار في " المنتقى من حديثه " ( 2 / 15 / 1 ) من طريق
عبد الله بن مرة عن جابان عن عبد الله بن عمرو به .
قلت : و علة هذا الإسناد , جابان هذا , فإنه لا يدرى من هو كما قال الذهبي ,
و إن وثقه ابن حبان على قاعدته . و الزيادة التي في آخره منكرة لأنها بظاهرها
تخالف النصوص القاطعة بأن أحدا لا يحمل وزر أحد و أنه لا يجني أحد على أحد و في
ذلك غير الآية أحاديث كثيرة , خرجتها في " الإرواء " ( 2362 ) و لذلك أنكرتها
السيدة عائشة رضي الله عنها فقد روى عبد الرزاق عنها أنها كانت تعيب ذلك و تقول
: " ما عليه من وزر أبويه , قال الله تعالى *( و لا تزر وازرة وزر أخرى )* " .
و إسناده صحيح . و قد رواه الطبراني في " الأوسط " ( 1 / 183 - 184 ) عنها
مرفوعا . و في إسناده من لم أعرفه . و كذا قال الهيثمي ( 6 / 257 ) . و قال
البيهقي ( 10 / 58 ) عقب الموقوف : " رفعه بعض الضعفاء , و الصحيح موقوف " .
و من هذا تعلم أن قول السخاوي فيما نقله ابن عراق عنه ( 2 / 228 ) : " أخرجه
الطبراني من حديث عائشة , و سنده جيد " . فهو غير جيد .
و قد وجدت للحديث شواهد يتقوى بها , فقال الطحاوي ( 1 / 395 ) : حدثنا أبو أمية
حدثنا محمد بن سابق حدثنا إسرائيل ( في الأصل : أبو إسرائيل ) عن منصور عن أبي
الحجاج عن مولى لأبي قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : فذكره بتمامه .
قلت : و هذا شاهد قوي رجاله كلهم ثقات غير مولى أبي قتادة , فلم أعرفه لكنه إن
كان صحابيا , فلا تضر الجهالة به لأن الصحابة كلهم عدول كما هو معلوم و من
المحتمل أن يكون منهم لأن الراوي عنه أبا الحجاج هو مجاهد بن جبر التابعي
المشهور . و قد ذكره ابن أبي حاتم في " العلل " ( 2 / 31 ) من طريق عبيد بن
إسحاق عن مسكين بن دينار التيمي عن مجاهد : حدثني زيد الجرشي قال : سمعت النبي
صلى الله عليه وسلم يقول : فذكره و قال : " قال أبي : هذا حديث منكر " .
قلت : و علته عبيد هذا و هو العطار ضعفه الجمهور . و قد اختلف على مجاهد في
إسناده هذا الحديث اختلافا كبيرا , استوعب أبو نعيم في " الحلية " ( 3 / 307 -
309 ) طرقه . و قد جاء الحديث في بعضها بتمامه منها طريق عبيد هذه و غيرها
و بعضها في " المسند " ( 3 / 28 , 44 ) و لم يرد في بعضها الآخر إلا الزيادة
التي في آخره و قد أخرجها الطحاوي ( 1 / 393 - 394 ) . و قد رويت هذه الزيادة
من حديث أبي هريرة و لكنها غير محفوظة عنه كما بينته في الكتاب الآخر ( 1462 )
. و جملة القول أن الحديث بهذه الطرق و الشواهد لا ينزل عن درجة الحسن . و الله
أعلم . و قوله " لا يدخل الجنة ولد زنية " , ليس على ظاهره بل المراد به من
تحقق بالزنا حتى صار غالبا عليه , فاستحق بذلك أن يكون منسوبا إليه , فيقال :
هو ابن له , كما ينسب المتحققون بالدنيا إليها , فيقال لهم : بنو الدنيا بعلمهم
و تحققهم بها , و كما قيل للمسافر ابن السبيل , فمثل ذلك ولد زنية و ابن زنية ,
قيل لمن تحقق بالزنا , حتى صار تحققه منسوبا إليه , و صار الزنا غالبا عليه ,
فهو المراد بقوله " لا يدخل الجنة " و لم يرد به المولود من الزنا و لم يكن هو
من ذوي الزنا , لما تقدم بيانه في الحديث الذي قبله . و هذا المعنى استفدته من
كلام أبي جعفر الطحاوي رحمه الله و شرحه لهذا الحديث . و الله أعلم .
ثم وجدت للحديث شاهدا آخر دون الزيادة , و لفظه : " لا يلج حائط القدس : مدمن
خمر و لا العاق لوالديه و لا المنان عطاءه " . أخرجه أحمد ( 3 / 226 ) قال :
حدثنا هشيم حدثنا محمد بن عبد الله العمي عن علي بن زيد عن أنس بن مالك قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره .
قلت : و علي بن زيد - و هو ابن جدعان - ضعيف . و محمد بن عبد الله العمي أورده
السمعاني في " الأنساب " من روايته عن ثابت البناني , و رواية أبي النضر و غيره
عنه , فهو مستور .
و بالجملة فهو شاهد لا بأس به . و يقويه ما أخرجه ابن خزيمة في " التوحيد "
( ص 237 ) من طريقين عن خالد بن الحارث قال : حدثنا شعبة عن يعلى بن عطاء عن
نافع عن عروة بن مسعود عن عبد الله بن عمرو أنه قال : " لا يدخل حظيرة القدس
سكير و لا عاق و لا منان " . و إسناده صحيح , و هو موقوف في حكم المرفوع , فهو
شاهد قوي لحديث أنس هذا . و مما يشهد له الحديث الآتي :
" ثلاثة لا ينظر الله عز وجل إليهم يوم القيامة : العاق لوالديه و المرأة
المترجلة و الديوث , و ثلاثة لا يدخلون الجنة : العاق لوالديه و المدمن الخمر
و المنان بما أعطى " .
674 " ثلاثة لا ينظر الله عز وجل إليهم يوم القيامة : العاق لوالديه و المرأة
المترجلة و الديوث , و ثلاثة لا يدخلون الجنة : العاق لوالديه و المدمن الخمر
و المنان بما أعطى " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 289 :
أخرجه النسائي ( 1 / 357 ) و أحمد ( 2 / 134 ) و ابن خزيمة في " التوحيد "
( 235 ) و ابن حبان ( 56 ) عن عمر بن محمد يعني ابن زيد ابن عبد الله بن عمر
بن الخطاب عن عبد الله بن يسار مولى ابن عمر قال : أشهد لسمعت سالما يقول : قال
# عبد الله # رضي الله عنه : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره .
و سياق المتن للنسائي .
قلت : و هذا إسناد جيد , رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الله بن يسار و قد
روى عنه جماعة من الثقات و وثقه ابن حبان , فهو حسن الحديث إن شاء الله تعالى ,
ثم رواه أحمد ( 2 / 69 , 128 ) عن قطن بن وهب بن عويمر بن الأجدع عمن حدثه عن
سالم بن عبد الله به مختصرا بلفظ : " ثلاثة قد حرم الله عليهم الجنة : مدمن
الخمر و العاق و الديوث الذي يقر في أهله الخبث " . و قطن هذا ثقة من رجال مسلم
, لكن شيخه لم يسم فهو مجهول .
675 " لا يدخل الجنة عاق و لا مدمن خمر و لا مكذب بقدر " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 290 :
أخرجه أحمد ( 6 / 441 ) و عنه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " ( 16 / 32 / 2 ) :
حدثنا أبو جعفر السويدي قال : حدثنا أبو الربيع : سليمان بن عتبة الدمشقي قال :
سمعت يونس بن ميسرة عن أبي إدريس عائذ الله عن # أبي الدرداء # عن النبي صلى
الله عليه وسلم قال : فذكره . و روى منه ابن ماجه ( 3376 ) القضية الوسطى منه
من طريق أخرى عن سليمان بن عتبة به . قال البوصيري في " الزوائد " : " إسناده
حسن , و سليمان بن عتبة مختلف فيه و باقي رجال الإسناد ثقات " .
قلت : و هو كما قال .
676 " كفاك الحية ضربة بالسوط أصبتها أم أخطأتها " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 291 :
أخرجه أبو العباس الأصم في " حديثه " ( رقم 150 - نسختي ) و الدارقطني في
" الأفراد " ( ج 3 رقم 48 نسختي ) من طريق إسماعيل بن مسلمة بن قعنب حدثنا حميد
بن الأسود عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن # أبي هريرة # قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : فذكره , و قال : " حديث غريب من حديث محمد بن عمرو عن أبي
سلمة عن أبي هريرة , تفرد به أبو الأسود حميد بن الأسود عنه , و لا نعلم حدث به
غير إسماعيل بن مسلمة بن قعنب عنه " .
قلت : و إسماعيل هذا صدوق كما قال أبو حاتم و هو أخو الإمام عبد الله بن مسلمة
. و قال الذهبي : " ما علمت به بأسا إلا أنه ليس في الثقة كأخيه " .
قلت : ثم ذكر له حديثا أخطأ في رفعه , و ذلك مما لا يخدج فيه لأن الخطأ لا يسلم
منه بشر , و قد وثقه ابن حبان و الحاكم , فالحديث حسن الإسناد , فإن من فوقه من
الثقات المعروفين على خلاف مشهور في محمد بن عمرو لا يضره و لا يمنع من
الاحتجاج بحديثه .
و الحديث أخرجه البيهقي في " السنن " ( 2 / 266 ) من هذا الوجه , و قال :
" و هذا إن صح , فإنما أراد - و الله أعلم - وقوع الكفاية بها في الإتيان
بالمأمور , فقد أمر صلى الله عليه وسلم بقتلها , و أراد - و الله أعلم - إذا
امتنعت بنفسها عند الخطأ و لم يرد به المنع من الزيادة على ضربة واحدة " .
و الحديث لم يتكلم عليه المناوي بشيء , فكأنه لم يقف على سنده .
677 " مدمن الخمر إن مات لقي الله كعابد وثن " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 292 :
أخرجه أحمد ( 1 / 272 ) : حدثنا أسود بن عامر حدثنا الحسن يعني ابن صالح عن
محمد بن المنكدر قال : حدثت عن # ابن عباس # أنه قال : قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : فذكره . و رواه عبد بن حميد في " المنتخب " ( 80 / 1 ) و الخلعي في
" الفوائد " ( 105 / 1 ) عن الحسن بن صالح به .
قلت : و هذا إسناد رجاله ثقات رجال مسلم غير شيخ ابن المنكدر فهو مجهول لم يسم
و قد جاء مسمى في بعض الطرق , فأخرجه ابن حبان في " صحيحه " ( 1379 ) و عنه
الضياء المقدسي في " الأحاديث المختارة " ( 154 / 1 ) و ابن عدي في " الكامل "
( 220 / 1 ) عن عبد الله بن خراش حدثنا العوام بن حوشب عن سعيد بن جبير عن ابن
عباس به نحوه . و قال ابن عدي : " عبد الله بن خراش منكر الحديث " .
قلت : و لم يتفرد به , فقد رواه إسرائيل : أنبأنا حكيم بن جبير عن سعيد بن جبير
به . أخرجه ابن أبي حاتم ( 2 / 26 ) و السلفي في " الطيوريات " ( 198 / 1 )
و كذا أبو نعيم في " الحلية " ( 9 / 253 ) من طرق عن إسرائيل به .
قال ابن أبي حاتم : " و رواه أحمد بن يونس فقال : عن إسرائيل عن ثوير عن سعيد
ابن جبير عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم . قال أبي : حديث حكيم عندي
أصح . قلت لأبي : فحكيم بن جبير أحب إليك أو ثوير ? فقال : ما فيهما إلا ضعيف
غال في التشيع . قلت : فأيهما أحب إليك ? قال : هما متقاربان " .
و قد أخرجه الطبراني في " الكبير " ( 3 / 161 / 2 ) و ابن بشران في " الأمالي "
( 25 / 87 / 2 ) عن ثوير بن أبي فاختة به . ثم روى ابن أبي حاتم عن أبي زرعة
أنه رجح أيضا حديث حكيم .
قلت : و هو ضعيف كما في " التقريب " , و كذلك ثوير . ثم قال ابن أبي حاتم ( 2 /
37 ) : " سألت أبي عن حديث رواه المؤمل بن إسماعيل عن سفيان عن محمد بن المنكدر
عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره .
سمعت أبي يقول : هذا خطأ , إنما هو كما رواه حسن بن صالح عن محمد بن المنكدر
قال : حدثت عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم " .
قلت : و قد أخرجه من حديث ابن عمرو أبو الحسن الحربي في " الفوائد المنتقاة "
( 3 / 155 / 2 ) من طريق المؤمل به . و للحديث شاهد من حديث أبي هريرة مرفوعا
مختصرا بلفظ : " مدمن الخمر كعابد وثن " . أخرجه البخاري في " التاريخ الكبير "
( 1 / 1 / 386 ) و ابن ماجه ( 3375 ) و أبو بكر الملحمي في " مجلسين من الأمالي
" ( 1 / 2 ) و أبو الحسين الآبنوسي في " الفوائد " ( 3 / 2 ) و الواحدي في
" الوسيط " ( 1 / 255 ) و الضياء المقدسي في " المنتقى من الأحاديث الصحاح
و الحسان " ( 278 / 2 ) من طرق عن محمد بن سليمان بن الأصبهاني عن سهيل بن أبي
صالح عن أبيه عن أبي هريرة . و قال الآبنوسي : " قال الدارقطني : تفرد به محمد
بن سليمان عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة " .
قلت : و في رواية للبخاري عن سليمان عن سهيل بن أبي صالح عن محمد بن عبد الله
عن أبيه قال النبي صلى الله عليه وسلم ... فذكره و قال : " و لا يصح حديث أبي
هريرة في هذا " .
قلت : و أكثر الرواة عن محمد بن سليمان أوصلوه , و هو الأرجح عندي .
و محمد بن سليمان قال الذهبي في " الضعفاء " : " صدوق , قال أبو حاتم : لا يحتج
به " . و قال الحافظ في " التقريب " . " صدوق يخطىء " .
قلت : فالحديث بمجموع طرقه حسن أو صحيح . و الله أعلم .
( فائدة ) : ذكر الضياء عن ابن حبان أنه قال : " يشبه أن يكون معنى الخبر : من
لقي الله مدمن خمر مستحلا لشربه لقيه كعابد وثن , لاستوائهما في حالة الكفر " .
678 " لا يدخل الجنة مدمن خمر و لا مؤمن بسحر و لا قاطع رحم " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 295 :
أخرجه ابن حبان في " صحيحه " ( 1381 ) من طريق أبي حريز عن أبي بردة عن # أبي
موسى الأشعري # قال . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره .
قلت : و رجال إسناده ثقات غير أبي حريز , ففيه ضعف , و قد صحح هذا الحديث
الحاكم و الذهبي , و بينت خطأهما في ذلك في الكتاب الآخر ( 1463 ) , و ذكرت له
هناك شاهدا من حديث أبي سعيد الخدري , فالحديث بمجموع الطريقين حسن . و الله
أعلم .
679 " تكون النسم طيرا تعلق بالشجر , حتى إذا كانوا يوم القيامة دخلت كل نفس في
جسدها " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 295 :
أخرجه أحمد ( 6 / 424 - 425 ) و الطبراني في " الكبير " كما في " الحاوي "
( 2 / 361 ) و عنه أبو نعيم في " الحلية " ( 2 / 77 ) من طريق ابن لهيعة :
حدثنا أبو الأسود محمد بن عبد الرحمن بن نوفل أنه سمع درة بنت معاذ تحدث عن
# أم هانىء # : " أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنتزاور إذا متنا
و يرى بعضنا بعضا ? فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم .... " فذكره .
قلت : و هذا إسناد ضعيف , من أجل ابن لهيعة فإنه سيء الحفظ , فقول السيوطي :
" أخرجه أحمد و الطبراني في " الكبير " بسند حسن " غير حسن , إلا إن كان يعني
أنه حسن لغيره , فنعم . و درة بنت معاذ , قال الحافظ في " التعجيل " : " قلت :
هي معدودة في " الصحابة " , روى عنها أيضا ابن المنكدر , و زيد بن أسلم " .
قلت : و مع ذلك فلم يوردها في " الإصابة " ! و كذا ابن عبد البر , لم يذكرها في
" الاستيعاب " . و الله أعلم . و للحديث شاهد قوي من حديث كعب بن مالك مرفوعا
به نحوه . أخرجه مالك و غيره بسند صحيح , و سيأتي برقم ( 995 ) .
680 " سيصيب أمتي داء الأمم , فقالوا : يا رسول الله و ما داء الأمم ? قال : الأشر
و البطر و التكاثر و التناجش في الدنيا و التباغض و التحاسد حتى يكون البغي " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 296 :
أخرجه الحاكم ( 4 / 168 ) من طريق أبي هانىء حميد بن هانىء الخولاني حدثني أبو
سعيد الغفاري أنه قال : سمعت # أبا هريرة # رضي الله عنه يقول : سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول : فذكره . و قال : " صحيح الإسناد " . و وافقه الذهبي
. قلت : و رجاله ثقات رجال مسلم غير أبي سعيد هذا , أورده الحافظ في " التعجيل
" عن الهيثمي , و قال : " ذكره ابن حبان في " الثقات " . فأفاد الحافظ " أنه في
نسخة " الثقات " بخط الحافظ أبي علي البكري ( أبو سعد ) بسكون العين و قال :
مولى بني غفار . و كذا هو في " الكنى " لأبي أحمد . ثم وجدته في " تاريخ ابن
يونس " فقال : مولى بني غفار . روى عنه أبو هانىء و خلاد بن سليمان الحضرمي ,
فأفاد عنه راويا آخر " .
قلت : و كذلك أورده ابن أبي حاتم في " الجرح و التعديل " ( 4 / 379 / 1 ) و لم
يذكر فيه جرحا و لا تعديلا . و شذ الدولابي فأورده في فصل المعروفين بالكنى من
أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من كتابه " الكنى " ( 1 / 33 ) فقال :
" و أبو سعيد الغفاري " . و لم يزد ! و قال ابن أبي حاتم في " العلل " ( 2 /
340 ) : " سألت أبي عن حديث ... ابن وهب عن أبي هانىء حميد بن هانىء الخولاني
عن أبي سعيد الغفاري ... ( فذكره ) فقال أبي : إنما هو أبو سعيد الغفاري . ثم
ذكرته لعلي بن الحسين بن الجنيد قال : حدثنا أحمد بن صالح عن ابن وهب , فقال :
أبو سعيد الغفاري " .
قلت : كذا في المواضع الثلاثة " سعيد " , و لا يستقيم المعنى به , فلعل الصواب
في الأخيرين منها " سعد " . و الله أعلم .
و قال المناوي في " الفيض " : " و رواه أيضا الطبراني . قال الهيثمي : و فيه
أبو سعيد الغفاري , لم يرو عنه غير حميد بن هانىء , و رجاله وثقوا , و رواه عنه
ابن أبي الدنيا في " ذم الحسد " قال الحافظ العراقي : و سنده جيد " .
قلت : قد روى عنه خلاد بن سليمان أيضا كما تقدم , فقد ارتفعت عنه جهالة العين ,
ثم هو تابعي , فمثله يحسن حديثه جماعة من الحفاظ , فلا جرم جود إسناده الحافظ
العراقي , و هو الذي انشرح له صدري , و اطمأنت إليه نفسي , فالحديث علم من
أعلام نبوته صلى الله عليه و على آله وسلم .
681 " عليكم بالدلجة , فإن الأرض تطوى بالليل " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 298 :
أخرجه أبو داود ( 2571 ) و الحاكم ( 2 / 114 ) و عنه البيهقي ( 5 / 256 ) من
طريق خالد بن يزيد حدثنا أبو جعفر الرازي عن # الربيع ابن أنس # قال : قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم فذكره . ذكره الحاكم شاهدا للطريق الآتية و قال : " إن
سلم من خالد بن يزيد العمري " . و أقره الذهبي .
قلت : كذا وقع عنده " العمري " , و لم يقع ذلك عند أبي داود و ما أراه محفوظا
فإن العمري لم يخرج له أبو داود و لا غيره من الستة شيئا و هو متهم بالكذب
و إنما هو خالد بن يزيد الأزدي العتكي و يقال الهدادي و هو صدوق يهم كما في
" التقريب " . و أبو جعفر الرازي ضعيف لسوء حفظه .
لكن الحديث له طريق أخرى يتقوى بها , يرويه قبيصة بن عقبة حدثنا الليث بن سعد
عن عقيل عن ابن شهاب عن أنس بن مالك به . أخرجه أبو نعيم في " الحلية " ( 9 /
250 ) و الحاكم ( 1 / 445 ) من طريق محمد بن أسلم العابد حدثنا قبيصة بن عقبة
به . و قال الحاكم : " صحيح على شرط الشيخين " و وافقه الذهبي .
قلت : محمد بن أسلم لم يخرجا له , لكن تابعه عند الحاكم رويم ابن يزيد , و هو
ثقة كما قال الخطيب ( 8 / 429 ) و كذلك محمد بن أسلم , فقد وثقه أبو حاتم و أبو
زرعة كما في " الجرح و التعديل " ( 3 / 2 / 201 ) فالسند صحيح و إن كان بعضهم
أعله بالإرسال , فقال ابن أبي حاتم في " العلل " ( 2 / 254 ) : " سمعت أحمد بن
سلمة النيسابوري يقول : ذاكرت أبا زرعة بحديث رواه قبيصة بن عقبة عن الليث عن
عقيل عن الزهري عن أنس قال .. ( فذكره ) فقال : أعرفه من حديث رويم بن يزيد عن
الليث هكذا , فمن رواه عن قبيصة ? فقلت : حدثني محمد بن أسلم عن قبيصة هكذا .
فقال : محمد بن أسلم ثقة , فذاكرت به مسلم بن الحجاج , فقال : أخرج إلي عبد
الملك بن شعيب كتاب جده فرأيت في كتاب الليث على ما رواه قتيبة , قال أبو الفضل
: حدثنا قتيبة عن عقيل عن الزهري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
عليكم بالدلجة . الحديث " .
قلت : فقد أعله مسلم بالارسال , و تابعه الدارقطني فقال : " المحفوظ عن ليث
مرسل " . رواه الخطيب عنه . لكن اتفاق قبيصة و رويم على وصله عن الليث , لا
يجعلنا نطمئن لهذا الإعلال , لأنهما ثقتان , و زيادة الثقة مقبولة . و الله
تعالى أعلم , لاسيما و قد رواه رويم في آخر حديث له مصرحا بتحديث الزهري عن أنس
بلفظ : " إذا أخصبت الأرض فانزلوا عن ظهركم و أعطوا حقه من الكلأ و إذا أجدبت
الأرض فامضوا عليها و عليكم بالدلجة , فإن الأرض تطوى بالليل " .
682 " إذا أخصبت الأرض فانزلوا عن ظهركم و أعطوا حقه من الكلأ و إذا أجدبت الأرض
فامضوا عليها و عليكم بالدلجة , فإن الأرض تطوى بالليل " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 300 :
أخرجه الطحاوي في " المشكل " ( 1 / 31 ) و الخطيب ( 8 / 429 ) و البيهقي
( 5 / 256 ) من طريقين عن رويم بن يزيد حدثني الليث بن سعد عن عقيل عن ابن شهاب
أخبرني # أنس بن مالك # أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فذكره .
قلت : و هذا سند صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين غير رويم هذا و هو ثقة كما تقدم
في الحديث السابق . و الحديث قال الهيثمي في " المجمع " ( 5 / 257 ) : " رواه
الطبراني و رجاله ثقات " . و قال في مكان آخر ( 3 / 213 ) : " رواه أبو يعلى
و فيه حميد بن الربيع وثقه أحمد و الدارقطني و ضعفه جماعة , و رواه البزار
و رجاله رجال الصحيح خلا رويم المعولي و هو ثقة " .
قلت : حميد بن الربيع عند أبي يعلى في " مسنده " ( 913 ) إنما هو متابع لغيره ,
فلا يضره الضعف الذي فيه . و للحديث شواهد كثيرة , منها عن عبد الله بن مغفل
مرفوعا نحوه . قال الهيثمي ( 3 / 313 ) : " رواه الطبراني , و رجاله ثقات " .
و منها عن خالد بن معدان عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه و زاد في
أوله : " إن الله رفيق يحب الرفق و يرضاه و يعين عليه ما لا يعين على العنف ,
فإذا ركبتم هذه الدواب العجم فنزلوها منازلها , فإن أجدبت الأرض ... " الحديث .
" رواه الطبراني و رجاله رجال الصحيح " . و منها عن الحسن عن جابر مرفوعا نحوه
و فيه زيادة : " و إذا تغولت الغيلان فنادوا بالأذان " . و فيه انقطاع و لذلك
مع عدم وجود الشاهد المعتبر له أوردته في الكتاب الآخر ( 1140 ) .
683 " يتركون المدينة على خير ما كانت لا يغشاها الا العوافي ( يريد عوافي السباع
و الطير ) , و آخر من يحشر راعيان من مزينة يريدان المدينة ينعقان بغنمهما ,
فيجدانها وحشا حتى إذا بلغا ثنية الوداع خرا على وجوههما " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 302 :
أخرجه البخاري ( 4 / 72 - فتح ) و مسلم ( 4 / 123 ) و أحمد ( 2 / 234 ) من طرق
عن الزهري قال : أخبرني سعيد بن المسيب أن # أبا هريرة # رضي الله عنه قال :
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : فذكره . و أخرج الحاكم ( 4 / 565 )
الشطر الثاني منه , و استدركه على الشيخين و وافقه الذهبي , فلم يصيبا .
684 " آخر ما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى , إذا لم تستح فاصنع ما شئت " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 302 :
أخرجه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " من حديث # أبي مسعود البدري # . قال المناوي
في " فيض القدير " : و إسناده ضعيف لضعف فتح المصري , لكن يشهد له ما رواه
البيهقي في " الشعب " عن أبي مسعود المذكور بلفظ : " إن آخر ما بقي من النبوة
الأولى ... " و الباقي سواء , بل رواه البخاري عن أبي مسعود بلفظ :
" إن مما أدرك الناس ... " إلى آخر ما هنا .
قلت : أخرجه في " الأنبياء " ( 2 / 379 ) و في " الأدب " ( 4 / 140 ) و " الأدب
المفرد " ( 597 , 1316 ) و كذا أبو داود ( 4797 ) و ابن ماجه ( 4183 ) من طريق
منصور قال : سمعت ربعي بن حراش يحدث عن أبي مسعود به .
و خالفه في إسناده أبو مالك الأشجعي فقال : حدثني ربعي بن حراش عن حذيفة قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره بلفظ : " إن آخر ما تعلق به أهل
الجاهلية من كلام النبوة إذا لم ... " . أخرجه أحمد ( 5 / 405 ) : حدثنا يزيد
بن هارون أنبأنا أبو مالك به . و أخرجه أبو نعيم في " الحلية " ( 4 / 371 )
و الخطيب في " التاريخ " ( 12 / 135 - 136 ) من طرق أخرى عن يزيد بن هارون به
و زاد أحمد و الخطيب في أوله : " المعروف كله صدقة , و إن ... " .
و هذا إسناد صحيح على شرط مسلم و أبو مالك اسمه سعد بن طارق و لا يعل برواية
منصور المتقدمة لأنه - كما قال الحافظ في " الفتح " ( 6 / 280 ) : ليس ببعيد
أن يكون ربعي سمعه من أبي مسعود و من حذيفة جميعا , يعني فحدث به عن هذا تارة
و عن هذا تارة و مثل هذا الجمع لابد منه , لأن توهيم الثقة لا يجوز بغير حجه
كما هو معروف في علم المصطلح . و على هذا فحديث حذيفة شاهد قوي لرواية ابن
عساكر هذه و بالله التوفيق . ثم رأيت الحديث عند الأخميمي في " حديثه عن شيوخه
" ( 2 / 2 / 1 ) : حدثنا محمد ( يعني ابن عبد الله بن سعيد المهراني ) حدثنا
محمد بن بشار , حدثنا يحيى ابن سعيد عن سفيان عن منصور عن ربعي بن حراش به
مرفوعا بلفظ : " آخر ما تعلق به الناس من كلام النبوة ... " الحديث . و هذا
رجاله ثقات رجال الشيخين غير المهراني هذا فلم أجد له ترجمة . لكن أخرجه أبو
نعيم في " أخبار أصبهان " ( 2 / 78 ) من طريق الحسن بن عبيد الله عن ربعي بن
حراش به نحوه . فهذه متابعات قوية لأبي مالك الأشجعي تدل على أنه قد حفظ .
685 " آمركم بثلاث و أنهاكم عن ثلاث , آمركم أن تعبدوا الله و لا تشركوا به شيئا
و تعتصموا بحبل الله جميعا و لا تفرقوا و تطيعوا لمن ولاه الله عليكم أمركم .
و أنهاكم عن قيل و قال و كثرة السؤال و إضاعة المال " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 304 :
أخرجه ابن حبان ( 1543 ) من طريق عمرو بن الحارث أن بكيرا حدثه أن سهيل بن
ذكوان حدثه أن أباه حدثه عن # أبي هريرة # عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال : فذكره .
قلت : و هذا إسناد صحيح على شرط مسلم و قد أخرجه ( 5 / 130 ) و كذا أحمد ( 2 /
327 , 360 , 367 ) من طرق أخرى عن سهيل به نحوه . و الحديث عزاه في " الجامع
الكبير " ( 1 / 3 / 2 ) لأبي نعيم أيضا في " الحلية " , و لم أره في فهرسها .
و الله أعلم , و لم يذكره في " الجامع الصغير " من نسخة المناوي , و أورده في
" الفتح الكبير " من رواية " الحلية " فقط ! دون قوله في أوله " آمركم بثلاث
و أنهاكم عن ثلاث " , و لم يرمز له بحرف ( ز ) إشارة إلى أنه من " زوائد الجامع
الصغير " , فلعله سقط من الطابع . و الله أعلم .
686 " لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة , ما سقى كافرا منها شربة ماء " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 305 :
روي من حديث # سهل بن سعد و أبي هريرة و عبد الله بن عمر و عبد الله بن عباس
و جماعة من الصحابة و الحسن و عمرو بن مرة مرسلا # .
1 - أما حديث سهل , فيرويه عبد الحميد بن سليمان عن أبي حازم عنه قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره . أخرجه الترمذي ( 2 / 52 ) و ابن عدي
( 249 / 1 ) و أبو نعيم ( 3 / 253 ) و العقيلي في " الضعفاء " ( 250 ) و قال :
" عبد الحميد بن سليمان أخو فليح , قال ابن معين : ليس بشيء و تابعه زكريا بن
منظور و هو دونه " .
قلت : و هما ضعيفان كما في " التقريب " . فقول الترمذي عقبه : " حديث صحيح غريب
من هذا الوجه " مما لا وجه له لأن عبد الحميد هذا لم يوثقه أحد بل هو شبه متفق
على تضعيفه . نعم لو أنه صححه أو على الأقل حسنه للمتابعة التي أشار إليها
العقيلي , و الشواهد الآتي بيانها لكان صوابا .
و المتابعة المذكورة أخرجها ابن ماجه ( 4110 ) من طرق عن أبي يحيى زكريا بن
منظور حدثنا أبو حازم به . و زكريا هذا لم يتهم بالكذب , فيمكن الاستشهاد به ,
لاسيما و قد وثقه بعضهم و قال ابن عدي : يكتب حديثه .
2 - و أما حديث أبي هريرة , فيرويه محمد بن عمار عن صالح مولى التوأمة عنه .
أخرجه ابن عدي في " الكامل " ( 306 / 2 ) . و صالح هذا ضعيف لاختلاطه , فهو غير
متهم .
3 - و أما حديث ابن عمر , فيرويه أبو مصعب عن مالك عن نافع عنه مرفوعا .
أخرجه القضاعي في " مسند الشهاب " ( 116 / 1 ) .
4 - و أما حديث ابن عباس , فيرويه الحسن بن عمارة عن الحكم عن مجاهد عنه به .
أخرجه أبو نعيم ( 3 / 304 , 8 / 290 ) و قال : " غريب من حديث الحكم , لم نكتبه
إلا من حديث الحسن عنه " .
قلت : و الحسن هذا متروك شديد الضعف فلا يستشهد به .
6 - و أما حديث الجماعة من الصحابة , فيرويه ابن المبارك في " الزهد " ( 178 /
2 كواكب 575 ) : أنبأنا إسماعيل بن عياش قال : حدثني عثمان ابن عبيد الله بن
( أبي ) رافع أن رجالا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم حدثوه مرفوعا به .
و هذا إسناد رجاله ثقات غير عثمان هذا فأورده ابن أبي حاتم ( 3 / 1 / 156 ) من
رواية ابن أبي ذئب فقط عنه , و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا , و ذكر أنه مولى
سعيد بن العاص المديني , و عليه يكون الحديث من رواية ابن عياش عن أهل المدينة
و هي ضعيفة , لكن يستشهد بها .
7 - و أما رواية الحسن , فقال ابن المبارك أيضا : أنبأنا حريث ابن السائب
الأسدي قال : حدثنا الحسن مرفوعا به .
و هذا مرسل لا بأس به في الشواهد , الحريث هذا قال الحافظ : " صدوق يخطىء " .
8 - و أما حديث عمرو بن مرة فقال السيوطي في " الجامع الكبير " ( 1 / 3 / 1 ) :
" رواه هناد عنه مرسلا " .
و بالجملة فالحديث بمجموع هذه الطرق صحيح بلا ريب . و الله أعلم .
687 " ائت حرثك أنى شئت و أطعمها إذا طعمت و اكسها إذا اكتسيت و لا تقبح الوجه
و لا تضرب " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 308 :
أخرجه أبو داود ( 1 / 334 ) و أحمد ( 5 / 3 , 5 ) عن # بهز بن حكيم حدثني أبي
عن جدي # قال : " قلت : يا رسول الله نساؤنا ما نأتي منهن و ما نذر ? قال ... "
فذكره .
قلت : و هذا إسناد حسن للخلاف المعروف في بهز بن حكيم , و هو صدوق كما في
" التقريب " . و أما أبوه حكيم و هو ابن معاوية بن حيدة فروى عنه جمع من الثقات
و وثقه ابن حبان ( 1 / 24 ) .
688 " أالفقر تخافون ? والذي نفسي بيده لتصبن عليكم الدنيا صبا حتى لا يزيغ قلب
أحدكم إزاغة إلا هيه , وايم الله لقد تركتكم على مثل البيضاء ليلها و نهارها
سواء " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 308 :
أخرجه ابن ماجه ( رقم 5 ) حدثنا هشام بن عمار الدمشقي حدثنا محمد بن عيسى بن
سميع حدثنا إبراهيم بن سليمان الأفطس عن الوليد بن عبد الرحمن الجرشي عن جبير
بن نفير عن # أبي الدرداء # قال : " خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم
و نحن نذكر الفقر و نتخوفه , فقال ( فذكره ) قال أبو الدرداء : صدق - و الله -
رسول الله صلى الله عليه وسلم تركنا - و الله - على مثل البيضاء ليلها و نهارها
سواء " .
قلت : و هذا إسناد حسن , رجاله كلهم ثقات و في هشام بن عمار و إبراهيم الأفطس
كلام لا ينزل الحديث عما ذكرنا و قد بيض له البوصيري في " زوائد ابن ماجه "
( 1 / 2 ) .
689 " أبى الله أن يجعل لقاتل المؤمن توبة " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 309 :
أخرجه محمد بن حمزة الفقيه في " أحاديثه " ( ق 215 / 2 ) و الواحدي في " الوسيط
" ( 1 / 180 / 2 ) و الضياء في " المختارة " ( 127 / 1 ) من طريقين عن سويد بن
نصر حدثنا ابن المبارك عن سليمان التيمي ( زاد الأولان : عن حميد ) عن # أنس #
قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره .
قلت : و هذا إسناد صحيح و سليمان التيمي سمع من أنس , فهو متصل سواء ثبتت
الزيادة أو لم تثبت و رجاله كلهم ثقات رجال مسلم .
و الحديث عزاه في " الجامعين " للطبراني أيضا في " المعجم الكبير " , و لم أره
في ترجمة أنس منه , فالله أعلم و في " الفيض " : " قال في " الفردوس " : صحيح .
و رواه جمع عن عقبة بن مالك الليثي , و سببه أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث
سرية , فأغاروا على قوم , فشذ رجل منهم فاتبعه رجل من السرية شاهرا سيفه فقال :
إني مسلم , فقتله , فنهي إلى النبي صلى الله عليه وسلم , فقال قولا شديدا , ثم
ذكره " .
قلت : حديث عقبة أخرجه النسائي في " السير " ( 1 / 39 / 1 ) و أحمد ( 4 / 110 ,
5 / 288 - 289 ) من طريق حميد بن هلال عن بشر بن عاصم عنه و لفظه : " إن الله
عز وجل أبي على من قتل مؤمنا , قالها ثلاث مرات " . و رجاله ثقات غير بشر هذا
و هو الليثي , أورده ابن أبي حاتم ( 1 / 1 / 360 ) و لم يذكر فيه جرحا و لا
تعديلا . و أخرجه ابن سعد في " الطبقات " ( 7 / 48 - 49 ) و الحاكم ( 1 / 18 -
19 ) من هذا الوجه إلا أنهما قالا : " نصر بن عاصم الليثي " و قال الحاكم :
" صحيح على شرط مسلم " . و وافقه الذهبي .
قلت : و هو كما قالا إن كان قوله " نصر " محفوظا . و الله أعلم .
690 " أبى الله و المؤمنون أن يختلف عليك يا أبا بكر " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 310 :
أخرجه أحمد ( 6 / 47 ) و الحسن بن عرفة في " جزئه " ( 2 / 2 ) و من طريقه ابن
بلبان في " تحفة الصديق , في فضائل أبي بكر الصديق " ( 50 / 1 ) من طريق عبد
الرحمن بن أبي بكر القرشي عن ابن أبي مليكة عن # عائشة # قالت : " لما ثقل رسول
الله صلى الله عليه وسلم , قال لعبد الرحمن بن أبي بكر : ائتني بكتف أو لوح حتى
أكتب لأبي بكر كتابا لا يختلف عليه , فلما ذهب عبد الرحمن ليقوم قال ... " .
فذكره . و قال ابن بلبان : " تفرد به ابن أبي مليكة أبو محمد و يقال له : أبو
بكر القرشي " .
قلت : و هو ضعيف لكنه لم يتفرد به , فقال أحمد ( 6 / 106 ) : حدثنا مؤمل قال :
حدثنا نافع يعني ابن عمر حدثنا ابن أبي مليكة به نحوه . و هذا إسناد جيد في
المتابعات , نافع هذا ثقة ثبت و مؤمل هو ابن إسماعيل و هو صدوق سيء الحفظ كما
في " التقريب " . و له طريق أخرى من رواية عروة عن عائشة قالت : قال لي رسول
الله صلى الله عليه وسلم في مرضه : " ادعي لي أبا بكر و أخاك حتى أكتب كتابا
فإني أخاف أن يتمنى متمن و يقول قائل : أنا أولى , و يأبى الله و المؤمنون إلا
أبا بكر " . أخرجه مسلم ( 7 / 110 ) و أحمد ( 6 / 144 ) .
و له طريق ثالث يرويه القاسم بن محمد عنها نحوه و لفظه : " لقد هممت أو أردت أن
أرسل إلى أبي بكر و ابنه , و أعهده أن يقول القائلون أو يتمنى المتمنون , ثم
قلت : يأبى الله و يدفع المؤمنون أو يدفع الله و يأبى المؤمنون " . أخرجه
البخاري ( 4 / 46 - 47 , 405 - 406 ) .
طريق رابع . يرويه عبيد الله بن عبد الله عنها قالت : " لما مرض رسول الله صلى
الله عليه وسلم في بيت ميمونة ... فقال - و هو في بيت ميمونة لعبد الله بن زمعة
: مر الناس فليصلوا , فلقي عمر بن الخطاب فقال : يا عمر صل بالناس . فصلى بهم ,
فسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم صوته فعرفه و كان جهير الصوت , فقال رسول
الله صلى الله عليه وسلم : أليس هذا صوت عمر ? قالوا بلى , قال : يأبى الله
عز وجل ذلك و المؤمنون , مروا أبا بكر فليصل بالناس , قالت عائشة : يا رسول
الله إن أبا بكر رجل رقيق لا يملك دمعه ... " الحديث . أخرجه أحمد ( 6 / 34 )
من طريق معمر عن الزهري عنه . و هذا سند صحيح على شرط الشيخين .
و خالفه عبد الرحمن بن إسحاق فقال : عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن
عتبة أن عبد الله بن زمعة أخبره بهذا الخبر . أخرجه أبو داود ( 4661 ) . فجعله
من مسند ابن زمعة و لعله الصواب فقد قال ابن إسحاق : حدثني الزهري حدثني عبد
الملك بن أبي بكر ابن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن أبيه عن عبد الله بن
زمعة قال : فذكر نحوه و زاد بعد قوله : " يأبى الله ذلك و المسلمون " :
" فبعث إلى أبي بكر , فجاء بعد أن صلى عمر تلك الصلاة , فصلى بالناس " .
أخرجه أبو داود ( 4660 ) و السياق له و أحمد ( 4 / 322 ) . و هذا سند جيد .
691 " إن اليهود قوم حسد و إنهم لا يحسدوننا على شيء كما يحسدونا على السلام و على
( آمين ) " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 312 :
أخرجه ابن خزيمة في " صحيحه " ( 1 / 73 / 2 ) : حدثنا أبو بشر الواسطي أنبأنا
خالد يعني ابن عبد الله عن سهيل - و هو ابن أبي صالح - عن أبيه عن # عائشة #
قالت : " دخل يهودي على رسول الله صلى الله عليه وسلم , فقال : السام عليك يا
محمد فقال النبي صلى الله عليه وسلم : و عليك , فقالت عائشة : فهممت أن أتكلم ,
فعلمت كراهية النبي صلى الله عليه وسلم لذلك , فسكت . ثم دخل آخر , فقال :
السام عليك فقال : عليك , فهممت أن أتكلم , فعلمت كراهية النبي صلى الله عليه
وسلم لذلك , ثم دخل الثالث فقال . السام عليك , فلم أصبر حتى قلت : و عليك
السام و غضب الله و لعنته إخوان القردة و الخنازير ! أتحيون رسول الله بما لم
يحيه الله ? ! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله لا يحب الفحش و لا
التفحش , قالوا قولا فرددنا عليهم , إن اليهود ... " . و رواه أبو نعيم أيضا .
قلت : و هذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح , و أبو بشر الواسطي اسمه
إسحاق بن شاهين و هو من شيوخ البخاري . و الحديث أخرجه ابن ماجه ( 1 / 281 ) من
طريق حماد بن سلمة حدثنا سهيل بن أبي صالح به مقتصرا على الجملة المذكورة أعلاه
بنحوه . و قال البوصيري في " الزوائد " : " هذا إسناد صحيح , احتج مسلم بجميع
رواته " . و للحديث طريق أخرى , يرويه حصين بن عبد الرحمن عن عمرو بن قيس عن
محمد بن الأشعث عن عائشة قالت : " بينا أنا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ
استأذن رجل من اليهود ... " الحديث بتمامه نحوه و أتم منه إلا أن لم يذكر الحسد
على السلام و لفظه : " لا يحسدوننا على شيء كما يحسدوننا على يوم الجمعة التي
هدانا الله و ضلوا عنها و على القبلة التي هدانا الله لها و ضلوا عنها و على
قولنا خلف الإمام : آمين " . و هذا إسناد جيد رجاله ثقات رجال مسلم غير محمد بن
الأشعث و قد وثقه ابن حبان و روى عنه جماعة و هو تابعي كبير .
و للترجمة شاهد من حديث أنس بلفظ :
" إن اليهود ليحسدونكم على السلام و التأمين " .
692 " إن اليهود ليحسدونكم على السلام و التأمين " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 314 :
أخرجه أبو نعيم في " أحاديث مشايخ أبي القاسم الأصم " ( 35 / 1 ) و الخطيب في
" التاريخ " ( 11 / 43 ) و الضياء المقدسي في " المختارة " ( ق 45 / 1 ) من
طريق إبراهيم بن إسحاق الحربي : حدثنا أبو ظفر حدثنا سليمان بن المغيرة عن ثابت
عن # أنس # أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فذكره .
و قال المقدسي : " أبو ظفر اسمه عبد السلام بن مطهر بن حسام بن مصك بن ظالم بن
شيطان الأزدي البصري , روى عنه البخاري و أبو داود " .
قلت : و بقية رجال الإسناد ثقات , فهو صحيح .
693 " الفجر فجران فجر يحرم فيه الطعام و تحل فيه الصلاة و فجر تحرم فيه الصلاة
و يحل فيه الطعام " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 314 :
أخرجه ابن خزيمة في " صحيحه " ( 1 / 52 / 2 ) و عنه الحاكم ( 1 / 425 ) من طريق
أبي أحمد الزبيري حدثنا سفيان عن ابن جريج عن عطاء عن # ابن عباس # أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال : فذكره . و قال ابن خزيمة : " ( لم ) يرفعه في
الدنيا غير أبي أحمد الزبيري " . و قال الحاكم : " صحيح الإسناد " . و وافقه
الذهبي .
من فقه الحديث :
قال ابن خزيمة : " في هذا الخبر دلالة على أن صلاة الفرض لا يجوز أداؤها قبل
دخول وقتها " . و قال : " ( فجر يحرم فيه الطعام ) يريد على الصائم . ( و يحل
فيه الصلاة ) يريد صلاة الصبح . ( و فجر يحرم فيه الصلاة ) يريد صلاة الصبح ,
إذا طلع الفجر الأول لم يحل أن يصلي في ذلك الوقت صلاة الصبح , لأن الفجر الأول
يكون بالليل , و لم يرد أنه لا يجوز أن يتطوع بالصلاة بعد الفجر الأول . و قوله
( و يحل فيه الطعام ) يريد لمن يريد الصيام " .
694 " التيمم ضربة للوجه و الكفين " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 315 :
أخرجه ابن خزيمة في " صحيحه " ( 38 / 2 ) و أحمد ( 4 / 263 ) عن سعيد بن عبد
الرحمن بن أبزى عن أبيه عن # عمار بن ياسر # أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال في التيمم ضربة ...
قلت : و هذا سند صحيح على شرط الشيخين , و معناه في " الصحيحين " و أبي داود
و غيرهما و هو مخرج في " صحيح أبي داود " ( 343 - 362 ) .
695 " إن من أشراط الساعة أن يلتمس العلم عند الأصاغر " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 316 :
أخرجه ابن المبارك في " الزهد " ( 61 ) و عنه أبو عمرو الداني في " الفتن "
( 62 / 2 ) و اللالكائي في " شرح أصول السنة " ( 230 / 1 - كواكب 576 ) و كذا
الطبراني في " الكبير " و عنه الحافظ عبد الغني المقدسي في " العلم " ( ق 16 /
2 ) و ابن منده في " المعرفة " ( 2 / 220 / 1 ) عن ابن المبارك عن ابن لهيعة عن
بكر بن سوادة عن # أبي أمية الجمحي # أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
فذكره . و زاد الأول : " قال ابن المبارك : الأصاغر : أهل البدع " .
قلت : و هذا إسناد جيد لأن حديث ابن لهيعة صحيح إذا كان من رواية أحد العبادلة
عنه و ابن المبارك منهم . فما نقله المناوي عن الهيثمي أنه أعله بقوله : فيه
ابن لهيعة ضعيف ليس بجيد و لذلك قال الحافظ المقدسي عقبه : " و إسناده حسن " .
و رواه الهروي في " ذم الكلام " ( ق 137 / 2 ) من هذا الوجه مرفوعا و عن ابن
مسعود موقوفا عليه . و كذا رواه اللالكائي عنه .
و هو شاهد قوي لأنه لا يقال بالرأي .
696 " تنام عيناي و لا ينام قلبي " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 316 :
أخرجه ابن خزيمة في " صحيحه " ( 1 / 9 / 2 ) من طريق يحيى بن سعيد عن ابن عجلان
قال : سمعت أبي يحدث عن # أبي هريرة # عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : فذكره
. قلت : و هذا إسناد جيد . و له عنده شاهد صحيح من حديث عائشة قالت : " فقلت :
يا رسول الله ! أتنام قبل أن توتر ? فقال : يا عائشة إن عيني تنامان و لا ينام
قلبي " . و قد رواه الشيخان في " صحيحيهما " و غيرهما , و هو مخرج في " صحيح
أبي داود " ( 1212 ) . و له شاهد ثالث من حديث أبي بكرة مرفوعا . أخرجه أحمد
( 5 / 40 , 49 , 51 - 52 ) . و عن ابن عباس في أثناء حديث . أخرجه أبو نعيم
( 4 / 304 - 305 ) .
697 " نعم الميتة أن يموت الرجل دون حقه " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 317 :
أخرجه أحمد ( 1 / 184 ) و عنه أبو عمرو الداني في " الفتن " ( 148 / 1 ) و أبو
نعيم في " الحلية " ( 8 / 290 ) من طريق إبراهيم بن المهاجر عن # أبي بكر بن
حفص - فذكر قصة - قال : سمعت أبي # سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
فذكره . و قال أبو نعيم : " و أبو بكر اسمه عبد الله بن حفص بن عمر بن سعد بن
أبي وقاص " .
قلت : و هو ثقة من رجال الشيخين . و إبراهيم بن المهاجر و هو البجلي مختلف فيه
, فقال أحمد : لا بأس به و قال يحيى القطان : لم يكن بقوي , و في " التقريب " :
" صدوق لين الحفظ " .
قلت : فهو حسن الحديث أن شاء الله تعالى .
698 " خير الناس في الفتن رجل آخذ بعنان فرسه أو قال برسن فرسه خلف أعداء الله
يخيفهم و يخيفونه , أو رجل معتزل في باديته يؤدي حق الله الذي عليه " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 318 :
أخرجه الحاكم ( 4 / 446 ) من طريق عبد الرزاق أنبأنا معمر عن عبد الله بن طاووس
عن أبيه عن # ابن عباس # مرفوعا . و قال : " صحيح على شرط الشيخين " و وافقه
الذهبي , و هو كما قالا إذا كان الراوي له عن عبد الرزاق و هو إسحاق بن إبراهيم
- و هو الدبري - لم يتفرد به .
و له طريق أخرى عنه بلفظ : " ألا أخبركم بخير الناس منزلة " , و قد سبق . ثم
رأيته في المستدرك ( 4 / 464 ) من طريق يحيى بن جعفر حدثنا عبد الرزاق به فقال
: أيضا : صحيح على شرطهما و وافقه الذهبي .
و هو كما قالا فقد توبع عليه الدبري . ثم رأيت في " الفتن " , لأبي عمرو الداني
( ق 153 / 1 ) من طريق عبد الله بن المبارك عن معمر به . فصح الحديث يقينا
و الحمد لله . و له شاهد من حديث أم مالك البهزية . أخرجه الترمذي و حسنه ,
" راجع المشكاة " ( 5400 ) .
699 " خير الناس قرني , ثم الذين يلونهم , ثم الذين يلونهم , ثم يجيء قوم يتسمنون :
يحبون السمن ينطقون الشهادة قبل أن يسألوها " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 319 :
أخرجه الترمذي ( 2 / 35 , 49 ) و ابن حبان ( 2285 ) و الحاكم ( 3 / 471 )
و أحمد ( 4 / 426 ) عن وكيع حدثنا الأعمش حدثنا هلال بن يساف عن # عمران بن
حصين # مرفوعا . و هذا سند صحيح على شرط مسلم و قول الحاكم : " على شرط الشيخين
" وهم و إن وافقه الذهبي لأن هلالا إنما أخرج له خ تعليقا . و قد أخرجه الترمذي
أيضا من طريق محمد بن الفضيل عن الأعمش عن علي بن مدرك عن هلال بن يساف به .
فادخل علي بن مدرك بين الأعمش و هلال . قال الترمذي : هكذا روى محمد بن فضيل
هذا الحديث عن الأعمش عن علي بن مدرك عن هلال بن يساف , و روى غير واحد من
الحفاظ هذا الحديث عن الأعمش عن هلال بن يساف و لم يذكروا فيه علي بن مدرك . ثم
ساق إسناده المذكور ثم قال : " و هذا أصح من حديث محمد بن فضيل " . و للحديث
طريقان آخران سبق ذكرهما في " خير أمتي " و له شاهد بلفظ :
" خير الناس قرني , ثم الذين يلونهم , ثم الذين يلونهم , ثم يجيء قوم تسبق
شهادة أحدهم يمينه و يمينه شهادته " .
700 " خير الناس قرني , ثم الذين يلونهم , ثم الذين يلونهم , ثم يجيء قوم تسبق
شهادة أحدهم يمينه و يمينه شهادته " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 320 :
أخرجه البخاري ( 5 / 199 , 7 / 6 , 11 / 460 ) و مسلم ( 7 / 184 - 185 ) و ابن
ماجه ( 2 / 63 - 64 ) و الطيالسي ( ص 39 رقم 299 ) و أحمد ( 1 / 378 , 417 ,
434 , 438 , 442 ) و الخطيب في تاريخه ( 12 / 53 ) من طريق إبراهيم عن عبيدة
السلماني عن # عبد الله بن مسعود # مرفوعا .
و زاد الشيخان و غيرهما : " قال إبراهيم : و كان أصحابنا ينهوننا و نحن غلمان
أن نحلف بالشهادة و العهد " .
و له شاهد من حديث النعمان بن بشير بهذا اللفظ إلا أنه قال ثلاث مرات " ثم
الذين يلونهم " فأثبت القرن الرابع .
أخرجه أحمد ( 4 / 267 , 276 , 277 ) من طريق عاصم عن خيثمة بن عبد الرحمن عنه .
و هذا سند حسن , و قال في " المجمع " ( 10 / 19 ) : " رواه أحمد و البزار
و الطبراني في الكبير و الأوسط و في طرقهم عاصم ابن بهدلة و هو حسن الحديث
و بقية رجال أحمد رجال الصحيح " .
و ثبت ذلك في الحديث الآتي . و في ثبوت هذه الزيادة عندي نظر لأنها لم تأت من
طريق صحيحة و عاصم بن بهدلة في حفظه شيء فلا يحتج بما تفرد به دون الثقات .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق