حذف 12. صفحة من مدونتي

12. صفحة تحذفهم با مفتري حسبي الله ونعم الوكيل

Translate

الأحد، 3 مارس 2024

ج4.السلسلة الصحيحة {الأحاديث من 301 إلى 500.}



الأحاديث من 301 إلى 500

301 " إنما ذلك عرق و ليست بالحيضة , فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة , فإذا أدبرت

فاغسلي عنك الدم ثم صلي ( ثم توضئي لكل صلاة حتى يجيء ذلك الوقت ) " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 546 :



أخرجه الشيخان و أبو عوانة في " صحاحهم " و أصحاب السنن الأربعة و مالك

و الدارمي و الدارقطني و البيهقي و أحمد من حديث # عائشة # قالت :

" إن فاطمة بنت حبيش جاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : إنى امرأة

أستحاض فلا أطهر , أفأدع الصلاة ? قال ... " فذكره .



و قال الترمذي : " حديث حسن صحيح " . و الزيادة له و للبخاري .

و الشاهد من الحديث قوله : " فاغسلي عنك الدم " , فهو دليل آخر على نجاسة دم

الحيض , و من غرائب ابن حزم أنه ذهب إلى أن قوله فيه ( الدم ) على العموم يشمل

جميع الدماء من الإنسان و الحيوان ! فقال في " المحلى " ( 1 / 102 - 103 ) :

" و هذا عموم منه صلى الله عليه وسلم لنوع الدم , و لا نبالي بالسؤال إذا كان

جوابه عليه السلام قائما بنفسه غير مردود بضمير إلى السؤال " !

و قد رد عليه بعض الفضلاء , فقال في هامش النسخة المخطوطة من " المحلى " نقلا

عن المطبوعة - ما نصه :

" بل الأظهر أنه يريد دم الحيض , و اللام للعهد الذكري الدال عليه ذكر الحيضة

و السياق , فهو كعود الضمير سواء , فلا يتم قوله " و هذا عموم الخ " .



قال الشيخ أحمد شاكر في تعليقه عليه :

" و هو استدراك واضح صحيح " .



قلت : فهذا يدلك على أن الذين ذهبوا إلى القول بنجاسة الدم إطلاقا ليس عندهم

بذلك نقل صحيح صريح , فهذا ابن حزم يستدل عليه بمثل هذا الحديث و فيه ما رأيت ,

و اقتصاره عليه وحده يشعر اللبيب بأن القوم ليس عندهم غيره و إلا لذكره ابن حزم

و كذا غيره . فتأمل .



و جملة القول : أنه لم يرد دليل فيما نعلم على نجاسة الدم على اختلاف أنواعه ,

إلا دم الحيض , و دعوى الاتفاق على نجاسته منقوضة بما سبق من النقول , و الأصل

الطهارة , فلا يترك إلا بنص صحيح يجوز به ترك الأصل , و إذ لم يرد شيء من ذلك

فالبقاء على الأصل هو الواجب . و الله أعلم .

302 " إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل و اصطفى قريشا من كنانة و اصطفى من قريش

بني هاشم و اصطفاني من بني هاشم " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 547 :



أخرجه مسلم ( 7 / 58 ) و أبو يعلى في " مسنده " ( 355 / 2 ) و الخطيب

( 13 / 64 ) و ابن عساكر ( 17 / 353 / 1 ) من طريق الوليد بن مسلم : حدثنا

الأوزاعي عن أبي عمار شداد أنه سمع # واثلة بن الأسقع # يقول : سمعت رسول الله

صلى الله عليه وسلم يقول : فذكره .



و أخرجه أحمد ( 4 / 107 ) : حدثنا أبو المغيرة قال : حدثنا الأوزاعي قال :

حدثني أبو عمار به .



قلت : و هذه متابعة قوية من أبي المغيرة للوليد بن مسلم , و إنما أخرجتها مع

إخراج مسلم لحديثه , خشية أن يتعلق أحد بالوليد فيعل الحديث به لأنه كان يدلس

تدليس التسوية , و هو لم يصرح بالتحديث بين الأوزاعي و أبي عمار , فأمنا تدليسه

بهذه المتابعة .

و قد تابعه أيضا يزيد بن يوسف و هو الرحبي الصنعاني الدمشقي و لكنه ضعيف كما في

" التقريب " .

أخرجه أبو يعلى . و تابعه أيضا محمد بن مصعب قال : حدثنا الأوزاعي به إلا أنه

زاد في أوله :

" إن الله عز و جل اصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل , و اصطفى من بني إسماعيل

كنانة ...‎" .

أخرجه أحمد و الترمذي ( 2 / 281 ) و قال :

" حديث حسن صحيح " .



قلت : محمد بن صعب و هو القرقساني صدوق كثير الغلط كما في " التقريب " .

ففي ما تفرد به دون الثقات نظر , و تابعه يحيى بن أبي كثير لكن الراوي عنه

سليمان بن أبي سليمان و هو الزهري اليمامي أشد ضعفا من القرقساني ,

فقال ابن معين ليس بشيء . و قال البخاري : منكر الحديث . و لفظ حديثه مغاير

للجميع و هو :

" إن الله اصطفى من ولد آدم إبراهيم , و اتخذه خليلا , ثم اصطفى من ولد إبراهيم

إسماعيل , ثم اصطفى من ولد إسماعيل نزارا , ثم اصطفى من ولد نزار مضر , و اصطفى

من ولد مضر كنانة ثم اصطفى من كنانة قريشا و اصطفى من قريش بني هاشم , و اصطفى

من بني هاشم بني عبد المطلب , و اصطفاني من بني عبد المطلب " .

أخرجه الخطيب في " الموضح " ( 1 / 68 - 69 ) .



و جملة القول أن الحديث إنما يصح باللفظ الأول .

303 " أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله و أن محمدا عبده و رسوله

و أن يستقبلوا قبلتنا و يأكلوا ذبيحتنا و أن يصلوا صلاتنا , فإذا فعلوا ذلك

" فقد " حرمت علينا دماؤهم و أموالهم إلا بحقها لهم ما للمسلمين و عليهم ما على

المسلمين " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 549 :



أخرجه أبو داود ( 2641 ) و الترمذي ( 2 / 100 ) عن سعيد بن يعقوب الطالقاني ,

و النسائي ( 2 / 161 , 269 ) عن حبان ( و هو ابن موسى المروزي ) و أحمد

( 3 / 199 ) عن علي بن إسحاق ( و هو السلمي المروزي ) كلهم عن عبد الله بن

المبارك أخبرنا حميد الطويل عن # أنس بن مالك # قال : قال رسول الله صلى الله

عليه وسلم : فذكره .



و قال الترمذي : " حديث حسن صحيح " .

و تابعه ابن وهب : أخبرني يحيى بن أيوب عن حميد الطويل به .

أخرجه أبو داود ( 2642 ) و الطحاوي في " شرح معاني الآثار " ( 2 / 123 ) .



قلت : و هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين , و كذلك طريق حبان المروزي .

و رواه محمد بن عبد الله الأنصاري قال : أنبأنا حميد قال : سأل ميمون بن سياه

أنس بن مالك قال : يا أبا حمزة ما يحرم دم المسلم و ماله , فقال :

فذكره موقوفا .

و إسناده صحيح أيضا , و لا منافاة بينه و بين المرفوع , فكل صحيح . على أن

المرفوع أصح , و رواته أكثر .

و فيه دليل على بطلان الحديث الشائع اليوم على ألسنة الخطباء و الكتاب :

أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في أهل الذمة :

" لهم ما لنا , و عليهم ما علينا " .

و هذا مما لا أصل له عنه صلى الله عليه و سلم , بل هذا الحديث الصحيح يبطله ,

لأنه صريح في أنه صلى الله عليه وسلم إنما قال ذلك فيمن أسلم من المشركين و أهل

الكتاب , و عمدة أولئك الخطباء على بعض الفقهاء الذين لا علم عندهم بالحديث

الشريف , كما بينته في " الأحاديث الضعيفة و الموضوعة " ( رقم 1103 ) فراجعه

فإنه من المهمات .



و للحديث شاهد بلفظ آخر , و هو :

" من أسلم من أهل الكتاب فله أجره مرتين , و له مثل الذي لنا , و عليه مثل الذي

علينا , و من أسلم من المشركين فله أجره , و له مثل الذي لنا , و عليه مثل الذي

علينا " .

304 " من أسلم من أهل الكتاب فله أجره مرتين و له مثل الذي لنا و عليه مثل الذي

علينا و من أسلم من المشركين فله أجره و له مثل الذي لنا و عليه مثل الذي

علينا "‎.



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 550 :



رواه الروياني في " مسنده " ( 30 / 220 / 1 ) : أنبأنا أحمد أنبأنا عمي أنبأنا

ابن لهيعة عن سليمان بن عبد الرحمن عن القاسم عن # أبي أمامة الباهلي # قال :

" كنت تحت راحلة رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع , فقال قولا حسنا

فقال فيما قال : " فذكره .



قلت : و هذا سند حسن : القاسم هو ابن عبد الرحمن أبو عبد الرحمن الشامي صاحب

أبي أمامة و هو صدوق .

و سليمان بن عبد الرحمن هو أبو عمر الخراساني الدمشقي و هو ثقة .

و ابن لهيعة هو عبد الله المصري و هو سيىء الحفظ إلا ما رواه العبادلة عنه عبد

الله بن وهب , و عبد الله بن يزيد المقري , و عبد الله بن المبارك , و هذا من

رواية الأول منهم , فإن عم أحمد في هذا السند هو عبد الله بن وهب و هو أشهر من

أن يذكر .

و أما أحمد فهو ابن عبد الرحمن بن وهب بن مسلم المصري الملقب ( بحشل ) و هو

صدوق تغير بآخره كما في " التقريب " و احتج به مسلم , فحديثه حسن إذا لم يخالف

.

و قد أخرجه الإمام أحمد ( 5 / 259 ) : حدثنا يحيى بن إسحاق السيلحيني حدثنا

ابن لهيعة به إلا أنه قال :

" يوم الفتح " . بدل " حجة الوداع " . و الأول أصح .

305 " لا تسموا بالحريق . يعني في الوجه " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 551 :



رواه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 3 / 142 / 1 - 2 ) : حدثنا زكريا

ابن يحيى الساجي أنبأنا محمد بن المثني أنبأنا عثمان بن عمر أنبأنا عثمان

بن مرة عن عكرمة عن # ابن عباس # قال :

" كان العباس يسير مع النبي صلى الله عليه وسلم على بعير قد وسمه في وجهه

بالنار , فقال : ما هذا الميسم يا عباس ? ! قال : ميسم كنا نسمه في الجاهلية ,

فقال : فذكره " .



قلت : و هذا سند صحيح رجاله كلهم رجال الصحيح سوى الساجي و هو ثقة ففيه كما في

" التقريب " .

و له شاهد من حديث جعفر بن تمام عن جده العباس بن عبد المطلب :

" أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الوسم في الوجه , فقال العباس : لا أسم

إلا في الجاعرين " .

أخرجه أبو يعلى ( 312 / 2 ) و رجاله ثقات إلا أنه منقطع بين جعفر و جده .

306 " لما أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى المسجد الأقصى أصبح يتحدث الناس

بذلك فارتد ناس ممن كانوا آمنوا به و صدقوه و سعوا بذلك إلى أبي بكر رضي الله

عنه فقالوا : هل لك إلى صاحبك يزعم أنه أسري به الليلة إلى بيت المقدس ? قال :

أو قال ذلك ? قالوا : نعم , قال : لئن كان قال ذلك لقد صدق , قالوا : أو تصدقه

أنه ذهب الليلة إلى بيت المقدس و جاء قبل أن يصبح ? قال : نعم إني لأصدقه فيما

هو أبعد من ذلك , أصدقه بخبر السماء في غدوة أو روحة . فلذلك سمي أبو بكر

الصديق " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 552 :



أخرجه الحاكم ( 3 / 62 ) من طريق محمد بن كثير الصنعاني حدثنا معمر بن راشد عن

الزهري عن عروة عن # عائشة # رضي الله عنها قالت : فذكره .

و قال : " صحيح الإسناد " . و وافقه الذهبي .



قلت : و فيه نظر , لأن الصنعاني فيه ضعف من قبل حفظه , و لذلك أورده الذهبي في

" الضعفاء " و قال : " ضعفه أحمد " .

و قال الحافظ في " التقريب " : " صدوق كثير الغلط " .



قلت : فمثله لا يحتج به إذا انفرد , لكنه قد توبع كما يأتي , فحديثه لذلك صحيح

و قد عزاه الحافظ ابن كثير في " التفسير " ( 15 / 138 ) للبيهقي ( يعني في

" الدلائل " ) من طريق الحاكم , ثم سكت عليه , و كان ذلك لشواهده التي أشرنا

إليها آنفا , و إنما ذكرت الحديث من أجل ما فيه من سبب تسمية أبي بكر بـ‎

" الصديق " , و إلا فسائره متواتر صح من طرق جماعة من الصحابة قد استقصى كثيرا

منها الحافظ ابن كثير في أول تفسيره لسورة " الإسراء " , فلنذكر هنا الشواهد

لهذه الزيادة فأقول :



الأول : عن شداد بن أوس مرفوعا بلفظ :

" صليت بأصحابي صلاة العتمة بمكة معتما فأتاني جبريل عليه السلام بدابة أبيض

أو قال : بيضاء ...‎( الحديث و فيه : ) فقال أبو بكر : أشهد أنك لرسول الله ,

و قال المشركون : انظروا إلى ابن أبي كبشة يزعم أنه أتى بيت المقدس الليلة !

... الحديث .

أخرجه ابن أبي حاتم و البيهقي و قال : " هذا إسناد صحيح " .



الثاني : عن ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن في قصة الإسراء قال :

" فتجهز - أو كلمة نحوها - ناس من قريش إلى أبي بكر , فقالوا : هل لك في صاحبك

يزعم أنه جاء إلى بيت المقدس ثم رجع إلى مكة في ليلة واحدة ?‎!

فقال أبو بكر : أو قال ذلك ? قالوا : نعم . قال : فأنا أشهد لئن كان قال ذلك

لقد صدق , قالوا : فتصدقه في أن يأتي الشام في ليلة واحدة , ثم يرجع إلى مكة

قبل أن يصبح ? قال : نعم أنا أصدقه بأبعد من ذلك أصدقه بخبر السماء , قال

أبو سلمة : سمي أبو بكر الصديق " .



قلت : و هذا سند صحيح مرسل , و شاهد قوي لموصول عائشة .



الثالث : عن أبي معشر قال : أنبأنا أبو وهب مولى أبي هريرة :

" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به , قلت لجبريل إن قومي لا

يصدقوني , فقال له جبريل يصدقك أبو بكر و هو الصديق " .

أخرجه ابن سعد في " الطبقات " ( 3 / 1 / 120 ) و هذا سند ضعيف .

و روى الحاكم ( 3 / 62 ) عن محمد بن سليمان السعدي يحدث عن هارون بن سعد عن

عمران بن ظبيان عن أبي يحيى سمع عليا :

" لأنزل الله تعالى اسم أبي بكر رضي الله عنه من السماء صديقا " و قال :

" لولا مكان محمد بن سليمان السعيدي من الجهالة لحكمت لهذا الإسناد بالصحة " .

و وافقه الذهبي .



( تنبيه ) كذا وقع في " المستدرك " : " السعدي " و في الموضع الآخر :

" السعيدي " و كله خطأ و الصواب " العبدي " كما في " الجرح و التعديل " ( 3 / 2

/ 269 ) و " الميزان " و " اللسان " .

هذا و قد جزم الإمام أبو جعفر الطحاوي في " مشكل الآثار " ( 2 / 145 ) بأن سبب

تسمية أبي بكر رضي الله عنه و " الصديق " إنما هو سبقه الناس إلى تصديقه رسول

الله صلى الله عليه وسلم على إتيانه بيت المقدس من مكة , و رجوعه منه إلى منزله

بمكة في تلك الليلة , و إن كان المؤمنون يشهدون لرسول الله صلى الله عليه و سلم

بمثل ذلك إذا وقفوا عليه .

307 " تنكح المرأة على إحدى خصال ثلاثة , تنكح المرأة على مالها , و تنكح المرأة

على جمالها , و تنكح المرأة على دينها , فخذ ذات الدين و الخلق تربت يمينك " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 554 :



أخرجه ابن حبان في " صحيحه " ( 1231 ) و الحاكم ( 2 / 161 ) و أحمد ( 3 / 80 -

81 ) من طريق سعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة عن عمته عن # أبي سعيد الخدري #

قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره .

و قال الحاكم : " صحيح الإسناد " . و وافقه الذهبي .



قلت : و رجاله ثقات معروفون غير عمة سعد و اسمها زينب بنت كعب بن عجرة روى عنها

ابنا أخويها سعد بن إسحاق هذا و سليمان بن محمد ابنا كعب بن عجرة , و ذكرها ابن

حبان في " الثقات " , و هي زوجة أبي سعيد الخدري , و ذكرها ابن الأثير و ابن

فتحون في " الصحابة " , و قال ابن حزم . " مجهولة " كما في " الميزان " للذهبي

و أقره , و مع ذلك فقد وافق الحاكم على تصحيحه !

308 " اللهم أحيني مسكينا , و أمتني مسكينا , و احشرني في زمرة المساكين " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 555 :



أخرجه عبد بن حميد في " المنتخب من المسند " ( 110 / 2 ) فقال :

حدثني ابن أبي شيبة : حدثنا وكيع عن همام عن قتادة عن أبي عيسى الأسواري عن

# أبي سعيد # : أحبوا المساكين فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول

في دعائه . فذكره .



قلت : و هذا إسناد حسن عندي , رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير أبي عيسى

الأسواري فقد وثقه الطبراني و ابن حبان فذكره في " الثقات " ( 1 / 271 ) و روى

عنه ثلاثة منهم , أحدهم قتادة و لذلك قال البزار : " إنه مشهور " .

و قول من قال فيه " مجهول " أو " لم يرو عنه غير قتادة " فبحسب علمه و فوق كل

ذي علم عليم , فقد جزم في " التهذيب " أنه روى عنه ثابت البناني و قتادة و عاصم

الأحول .



قلت : و هؤلاء جميعا ثقات فبهم ترتفع الجهالة العينية , و بتوثيق من ذكرنا تزول

الجهالة الحالية إن شاء الله تعالى , لاسيما و هو تابعي , و من مذهب بعض

المحدثين كابن رجب و ابن كثير تحسين حديث المستور من التابعين , و هذا خير من

المستور كما لا يخفى .

و للحديث طريق أخرى عن أبي سعيد , و شواهد عن أنس بن مالك و عبادة ابن الصامت

و ابن عباس خرجتها كلها في " إرواء الغليل " ( رقم 853 ) و إنما آثرت إيراد هذه

الطريق هنا لأنها مع صلاح سندها عزيزة لم يتعرض لها بذكر كل من تكلم على طرق

الحديث كابن الجوزي و ابن الملقن في " الخلاصة " و ابن حجر في " التلخيص "

و السيوطي في " اللآلي " و غيرهم , و لا شك أن الحديث بمجموع طرقه يرتقي إلى

درجة الصحة , و لذلك أنكر العلماء على ابن الجوزي إيراده إياه في " الموضوعات "

و قال الحافظ في " التلخيص " ( ص 275 ) :

" أسرف ابن الجوزي فذكر هذا الحديث في " الموضوعات " , و كأنه أقدم عليه لما

رآه مباينا للحال التي مات عليها النبي صلى الله عليه وسلم لأنه كان مكفيا ,

قال البيهقي :

و وجهه عندي أنه لم يسأل حال المسكنة التي يرجع معناها إلى القلة , و إنما سأل

المسكنة التي يرجع معناها إلى الإخبات و التواضع " .

309 " يا معشر المهاجرين و الأنصار إن من إخوانكم قوما ليس لهم مال و لا عشيرة ,

فليضم أحدكم إليه الرجلين أو الثلاثة " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 556 :



أخرجه أبو داود ( 2534 ) عن الأسود بن قيس عن نبيح العنزي عن # جابر بن عبد

الله # حدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أراد أن يغزو فقال : فذكره .

قال جابر :

" فما لأحدنا من ظهر يحمله إلا عقبة كعقبة يعني أحدهم , فضممت إلي اثنين

أو ثلاثة . قال : ما لي إلا عقبة كعقبة أحدهم من جملي " .



قلت : و هذا سند صحيح , رجاله كلهم ثقات سوى الأسود بن قيس و قد وثقه أبو زرعة

و العجلي و ابن حبان , و صحح له الترمذي و ابن خزيمة و ابن حبان و الحاكم , فلا

يضره بعد هذا ذكر علي بن المديني إياه في جملة المجهولين الذين يروي عنهم

الأسود بن قيس .

310 " لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير , تغدو خماصا ,

و تروح بطانا " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 557 :



أخرجه أحمد ( 1 / 30 ) و الترمذي ( 2 / 55 - بولاق ) و الحاكم ( 4 / 318 ) عن

حيوة بن شريح : أخبرني بكر بن عمرو أنه سمع عبد الله بن هبيرة يقول :

أنه سمع أبا تميم الجيشاني يقول سمع # عمر بن الخطاب # رضي الله عنه يقول :

أنه سمع نبي الله صلى الله عليه وسلم يقول : فذكره .

و قال الترمذي : " حديث حسن صحيح " .

و قال الحاكم : " صحيح الإسناد , و أقره الذهبي .

و أقول : بل هو صحيح على شرط مسلم , فإن رجاله رجال الشيخين غير ابن هبيرة

و أبي تميم فمن رجال مسلم وحده . و قد تابعه ابن لهيعة عن ابن هبيرة به .

أخرجه أحمد ( 1 / 52 ) و ابن ماجه ( 4164 ) و هو عنده من رواية عبد الله ابن

وهب عنه . فالسند صحيح أيضا .

311 " يرد الناس كلهم النار ثم يصدرون منها بأعمالهم فأولهم كلمع البرق ثم كمر

الريح ثم كحضر الفرس ثم كالراكب ثم كشد الرجال ثم كمشيهم " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 557 :



أخرجه الترمذي ( 2 / 198 ) و الدارمي ( 2 / 329 ) و الزيادة الأخيرة لهما ,

و كذا الحاكم ( 2 / 375 و 4 / 586 ) و السياق له , و أحمد ( 1 / 435 )

و أبو يعلى ( 255 / 1 ) من طريق إسرائيل عن السدي قال : سألت مرة الهمداني عن

قول الله عز و جل ( و إن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا ) ? فحدثني أن

# عبد الله بن مسعود # حدثهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فذكره .



و الزيادة الأولى لأحمد و أبي يعلى . و الثانية للترمذي و أبي يعلى .

و قال الدارمي و أحمد " عنها " .

و قال الترمذي : " حديث حسن " .

و قال الحاكم : " صحيح على شرط مسلم " . و وافقه الذهبي .



قلت : و هو كما قالا , و لعل اقتصار الترمذي . إنما هو بسبب أن شعبة قد رواه عن

السدي به موقوفا . أخرجه الترمذي . لكن قال الإمام أحمد : ( 1 / 433 ) : حدثنا

عبد الرحمن بن مهدي عن شعبة عن السدي عن مرة عن عبد الله قال : ( و إن منكم إلا

واردها ) ? قال : يدخلونها أو يلجونها , ثم يصدرون منها بأعمالهم . قلت له :

إسرائيل حدثه عن النبي صلى الله عليه وسلم ? قال : نعم , هو عن النبي صلى الله

عليه وسلم , أو كلاما هذا معناه .

و أخرجه الترمذي أيضا من هذا الوجه إلا أنه قال :

" قال شعبة : و قد سمعته من السدي مرفوعا . و لكني عمدا أدعه " .

فصح أن الحديث مرفوع , و ترك شعبة رفعه , لا يعله ما دام أن شيخه السدي و قد

رفعه و هو ثقة احتج به مسلم و اسمه إسماعيل بن عبد الرحمن .

و أما السدي الصغير و اسمه محمد بن مروان فهو متهم بالكذب .

312 " كان يصلي , فإذا سجد وثب الحسن و الحسين على ظهره , فإذا أرادوا أن يمنعوهما

أشار إليهم أن دعوهما , فلما قضى الصلاة , وضعهما في حجره , و قال : من أحبني

فليحب هذين " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 559 :



أخرجه أبو يعلى في " مسنده " ( 60 / 2 ) عن علي بن صالح عن عاصم عن زر ,

عن # عبد الله بن مسعود # قال : فذكره مرفوعا .



قلت : و هذا إسناد حسن , رجاله ثقات , و في عاصم و هو ابن أبي النجود كلام

لا يضر . و علي بن صالح هو ابن صالح بن حي الهمداني الكوفي .

313 " أعجزتم أن تكونوا مثل عجوز بني إسرائيل ? فقال أصحابه : يا رسول الله و ما

عجوز بني إسرائيل ? قال : إن موسى لما سار ببني إسرائيل من مصر , ضلوا الطريق

فقال : ما هذا ? فقال علماؤهم : نحن نحدثك , إن يوسف لما حضره الموت أخذ علينا

موثقا من الله أن لا يخرج من مصر حتى ننقل عظامه معنا , قال : فمن يعلم موضع

قبره ? قالوا : ما ندري أين قبر يوسف إلا عجوز من بني إسرائيل , فبعث إليها

فأتته فقال : دلوني على قبر يوسف , قالت : لا والله لا أفعل حتى تعطيني حكمي ,

قال : و ما حكمك ? قالت : أكون معك في الجنة , فكره أن يعطيها ذلك فأوحى الله

إليه أن أعطها حكمها , فانطلقت بهم إلى بحيرة موضع مستنقع ماء , فقالت : انضبوا

هذا الماء فأنضبوا , قالت : احفروا و استخرجوا عظام يوسف فلما أقلوها إلى الأرض

إذا الطريق مثل ضوء النهار " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 560 :



أخرجه أبو يعلى في " مسنده " ( 344 / 1 ) و الحاكم ( 2 / 404 - 405 , 571 -

572 ) من ثلاث طرق عن يونس بن أبي إسحاق عن أبي بردة عن # أبي موسى # قال :

" أتى النبي صلى الله عليه وسلم أعرابيا فأكرمه فقال له : ائتنا , فأتاه , فقال

رسول الله صلى الله عليه وسلم ( و في رواية : نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم

بأعرابي فأكرمه , فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : تعهدنا ائتنا , فأتاه

الأعرابي فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ) سل حاجتك , فقال : ناقة

برحلها و أعنزا يحلبها أهلي , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ...‎" فذكره .



و السياق لأبي يعلى , و الزيادات مع الرواية الأخرى للحاكم و قال :

" صحيح على شرط الشيخين , و قد حكم أحمد و ابن معين أن يونس سمع من أبي بردة

حديث ( لا نكاح إلا بولي ) " و وافقه الذهبي .

و أقول : إنما هو على شرط مسلم وحده , فإن يونس لم يخرج له البخاري في

" صحيحه " , و إنما في " جزء القراءة " .



( فائدة ) كنت استشكلت قديما قوله في هذا الحديث " عظام يوسف " لأنه يتعارض

بظاهره مع الحديث الصحيح :

" إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء " حتى وقفت على حديث ابن عمر

رضي الله عنهما .

" أن النبي صلى الله عليه وسلم لما بدن , قال له تميم الداري : ألا أتخذ لك

منبرا يا رسول الله يجمع أو يحمل عظامك ? قال : بلى فاتخذ له منبرا مرقاتين " .



أخرجه أبو داود ( 1081 ) بإسناد جيد على شرط مسلم .

فعلمت منه أنهم كانوا يطلقون " العظام " , و يريدون البدن كله , من باب إطلاق

الجزء و إرادة الكل , كقوله تعالى *( و قرآن الفجر )* أي : صلاة الفجر .

فزال الإشكال و الحمد لله , فكتبت هذا لبيانه .

314 " لا تصلوا عند طلوع الشمس , و لا عند غروبها فإنها تطلع و تغرب على قرن شيطان

و صلوا بين ذلك ما شئتم " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 561 :



رواه أبو يعلى في " مسنده " ( 200 / 2 ) حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير حدثنا

روح حدثنا أسامة بن زيد عن حفص بن عبيد الله عن # أنس بن مالك # : قال رسول

الله صلى الله عليه وسلم : فذكره .



قلت : و هذا إسناد حسن رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين , غير أسامة بن زيد و هو

الليثي , و فيه كلام من قبل حفظه , و المتقرر أنه حسن الحديث إذا لم يخالف ,

و قد استشهد به مسلم .

و للحديث شاهد من حديث علي مرفوعا بلفظ :

" لا تصلوا بعد العصر , إلا أن تصلوا و الشمس مرتفعة " .

أخرجه أبو يعلى في " مسنده " ( 30 / 1 و 40 / 2 ) من طريق سفيان و شعبة و جرير

بن عبد الحميد عن منصور بن المعتمر عن هلال بن يساف عن وهب بن الأجدع عن علي به

.

و هذا إسناد صحيح , و قد أخرجه أبو داود و غيره كما تقدم برقم ( 200 ) .

و في هذين الحديثين دليل على أن ما اشتهر في كتب الفقه من المنع عن الصلاة بعد

العصر مطلقا و لو كانت الشمس مرتفعة نقية مخالف لصريح هذين الحديثين و حجتهم في

ذلك الأحاديث المعروفة في النهي عن الصلاة بعد العصر , مطلقا , غير أن الحديثين

المذكورين يقيدان تلك الأحاديث فاعلمه .

315 " كل شيء ليس من ذكر الله عز وجل فهو لغو و لهو أو سهو إلا أربع خصال : مشي

الرجل بين الغرضين , و تأديبه فرسه , و ملاعبته أهله , و تعلم السباحة " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 562 :



أخرجه النسائي في " كتاب عشرة النساء " ( ق 74 / 2 ) و الزيادة له ,

و الطبراني في " المعجم الكبير " ( 1 / 89 / 2 ) و أبو نعيم في " أحاديث أبي

القاسم الأصم " ( ق 17 - 18 ) من طريقين عن محمد بن سلمة عن أبي عبد الرحيم عن

عبد الوهاب ابن بخت عن عطاء بن أبي رباح قال :

" رأيت جابر بن عبد الله و جابر بن عمير الأنصاريين يرتميان , فمل أحدهما فجلس

فقال له الآخر : كسلت ? سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم " فذكره .



قلت : و هذا سند صحيح رجاله ثقات رجال مسلم غير عبد الوهاب بن بخت و هو ثقة

اتفاقا .

و قال المنذري في " الترغيب " ( 2 / 170 ) بعد أن عزاه لـ " المعجم " :

" بإسناد جيد " . و قال الهيثمي في " المجمع " ( 6 / 269 ) :

" رواه الطبراني في " الأوسط " و " الكبير " و البزار , و رجال الطبراني رجال

الصحيح , خلا عبد الوهاب بن بخت و هو ثقة " .



قلت : و أبو عبد الرحيم اسمه خالد بن أبي يزيد بن سماك بن رستم الأموي مولاهم

الحراني .

ثم أخرجه النسائي من طريق محمد بن وهب بن أبي كريمة الحراني عن محمد ابن سلمة

عن أبي عبد الرحيم قال : حدثني عبد الرحيم الزهري عن عطاء بن أبي رباح به .

فجعل عبد الرحيم الزهري مكان عبد الوهاب بن بخت .

و محمد بن وهب هذا صدوق , و يرجح روايته متابعتان :



الأولى : ما عند النسائي عن سعيد بن حفص قال : حدثنا موسى بن أعين عن خالد بن

أبي يزيد أبي عبد الرحيم عن الزهري عن عطاء به .



و الأخرى : ما عند أبي نعيم عن يزيد بن سنان عن عبد الرحيم بن عطاف ابن صفوان

الزهري عن عطاء به .

لكن في طريق المتابعة الأولى سعيد بن حفص و هو أبو عمرو الحراني و هو صدوق تغير

في آخره .

و في الأخرى يزيد بن سنان و هو أبو فروة الرهاوي و هو ضعيف ,

و أيضا فلم نجد في الرواة " عبد الرحيم الزهري " فضلا عن " عبد الرحيم بن عطاف

بن صفوان الزهري " و لا ذكروا في شيوخ أبي عبد الرحيم الزهري و هو عند الاطلاق

الإمام محمد بن مسلم بن شهاب فهذا كله يجعل رواية محمد بن وهب مرجوحة لمخالفتها

للطريقين عن محمد بن سلمة إحداهما عن إسحاق ابن راهويه و الأخرى : عن أبي

الأصبغ عبد العزيز بن يحيى الحراني , و هو صدوق ربما وهم . و الأول , حافظ ثقة

ثبت مشهور .



و مما يرجح رواية ابن سلمة هذه على رواية ابن أعين , أنه ابن أخت خالد بن أبي

يزيد , فهو بحديثه أعرف من ابن أعين , فروايته أرجح من روايته عند الاختلاف .

و يمكن أن يقال : إن لخالد فيه شيخين : أحدهما عبد الوهاب بن بخت , و الآخر

الزهري , فكان تارة يرويه عن هذا , و تارة عن هذا , فروى كل من ابني سلمة

و أعين ما سمع منه . و كان هذا الجمع لابد من المصير إليه لولا أن في الطريق

إلى ابن أعين سعيدا الذي كان تغير , و أنهم لم يذكروا في شيوخ خالد الإمام

الزهري . و الله أعلم .



و قد وجدت للحديث ثلاث شواهد دون ذكر السباحة .



الأول : عن عقبة بن عامر الجهني مرفوعا به و زاد : " فإنهن من الحق " .

أخرجه الترمذي ( 1 / 308 ) و الدارمي ( 2 / 205 ) و ابن ماجه ( 2811 ) و أحمد

( 4 / 144 , 148 ) من طريق عبد الله بن زيد الأزرق عنه .

و قال الترمذي : " حديث حسن صحيح " .



الثاني : عن عبد الله بن عمرو مرفوعا بالزيادة .

أخرجه المخلص في " الفوائد المنتقاة " ( 3 / 144 / 2 ) من طريق هارون

بن عبد الله أنبأنا محمد بن الحسن قال : حدثني سليمان بن بلال عن ابن عجلان

عن عمرو ابن شعيب عن أبيه عنه .

لكن محمد بن الحسن هو ابن زبالة , و هو متهم بالكذب , فلا يستشهد به .



الثالث : عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين أن رسول الله صلى الله عليه

وسلم قال : فذكره .

أخرجه الترمذي عن محمد بن إسحاق عنه .



قلت : و هو مرسل , رجاله ثقات .

316 " كان يسلم تسليمة واحدة " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 564 :



أخرجه الطبراني في " المعجم الأوسط " ( 1 / 42 / 2 - زوائد المعجمين ) حدثنا

معاذ حدثنا عبد الله بن عبد الوهاب حدثنا عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي عن

حميد عن # أنس # به مرفوعا .

و قال : " لم يرفعه عن حميد إلا عبد الوهاب " .



قلت : و هو ثقة احتج به الشيخان , و قال الحافظ في " التقريب " : " ثقة تغير

قبل موته بثلاث سنين " .



قلت : لكن قال الذهبي : " قلت : لكن ما ضر تغيره حديثه , فإنه ما حدث بحديث في

زمن التغير " .

و الحديث رواه البيهقي أيضا في " السنن " ( 2 / 179 ) من طريق أبي بكر بن إسحاق

أنبأ أبو المثنى حدثنا عبد الله بن عبد الوهاب الحجبي به .

و عزاه الزيلعي في " نصب الراية " ( 1 / 433 - 434 ) للبيهقي في " المعرفة " ,

و سكت عليه , و قال الحافظ في " الدراية " ( ص 90 ) :

" و رجاله ثقات " .

و أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد ( 2 / 134 - 146 ) بلفظ :

" كان النبي صلى الله عليه وسلم و أبو بكر و عمر رضي الله عنهما يفتتحون

القراءة بالحمد لله رب العالمين , و يسلمون تسليمة . قلت في " الصحيح " بعضه

رواه البزار و الطبراني في " الكبير " و " الأوسط " بالتسليمة الواحدة فقط .

و رجاله رجال الصحيح " .



قلت : في هذا الإطلاق نظر , فإن راويه عن عبد الله بن عبد الوهاب إنما هو معاذ

و هو و إن كان ثقة فليس من رجال الصحيح و هو معاذ بن المثنى ابن معاذ بن نصر

بن حسان أبو المثنى العنبري , ترجمه الخطيب في " تاريخ بغداد " ( 13 / 131 )

و وثقه , و أرخ وفاته سنة ( 288 ) .



ثم وجدت لحديث أنس طريقا أخرى فقال ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 1 / 118 / 1 )

: أنبأنا يونس بن محمد قال : أنبأنا جرير بن حازم عن أيوب عن أنس .

" أن النبي صلى الله عليه وسلم سلم تسليمة " .



قلت : و هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين , لكن أيوب و هو السختياني رأى

أنس بن مالك , و لم يثبت سماعه منه , فقال ابن حبان في " الثقات " :

" قيل : إنه سمع من أنس , و لا يصح ذلك عندي " .



و جملة القول : أن هذا الحديث صحيح , و هو أصح الأحاديث التي وردت في التسليمة

الواحدة في الصلاة , و قد ساق البيهقي قسما منها , و لا تخلو أسانيدها من ضعف ,

و لكنها في الجملة تشهد لهذا , و قال البيهقي عقبها :

" و روي عن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم , أنهم سلموا تسليمة واحدة , و هو

من الاختلاف المباح , و الاقتصار على الجائز " .

و ذكر نحوه الترمذي عن الصحابة . ثم قال :

" قال الشافعي : إن شاء سلم تسليمة واحدة , و إن شاء سلم تسليمتين " .



قلت : التسليمة الواحدة فرض لابد منه لقوله صلى الله عليه وسلم :

" ... و تحليلها التسليم " .

و التسليمتان سنة , و يجوز ترك الآخرى أحيانا لهذا الحديث .

و لقد كان هديه صلى الله عليه وسلم في الخروج من الصلاة على وجوه :

الأول : الاقتصار على التسليمة الواحدة . كما سبق .

الثاني : أن يقول عن يمينه : السلام عليكم و رحمة الله , و عن يساره : السلام

عليكم .

الثالث : مثل الذي قبله إلا أنه يزيد في الثانية أيضا : " و رحمة الله " .

الرابع : مثل الذي قبله , إلا أنه يزيد في التسليمة الأولى " و بركاته " .

و كل ذلك ثبت في الأحاديث , و قد ذكرت مخرجيها في " صفة صلاة النبي صلى الله

عليه وسلم " فمن شاء راجعه .

317 " إذا رجعت إلى بيتك فمرهم فليحسنوا غذاء رباعهم و مرهم فليقلموا أظفارهم

و لا يبطوا بها ضروع مواشيهم إذا حلبوا " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 567 :



رواه الإمام أحمد ( 3 / 484 ) حدثنا أبو النضر حدثنا المرجى بن رجاء اليشكري

قال : حدثني سلم بن عبد الرحمن قال : سمعت # سوادة بن الربيع # قال :

أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فسألته فأمر لي بذود ثم قال لي : فذكره .



و هذا سند حسن : أبو النضر هو هاشم بن القاسم ثقة ثبت , و المرجى و سلم بن

عبد الرحمن صدوقان كما في " التقريب " , و في المرجى كلام لا يضر إن شاء الله

تعالى و لذلك قواه الهيثمي حيث قال : ( 8 / 196 ) رواه أحمد و إسناده جيد .

318 " لا غرار في صلاة , و لا تسليم " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 567 :



أخرجه أبو داود ( 928 ) و الحاكم ( 1 / 264 ) كلاهما عن الإمام أحمد و هذا في

" المسند " ( 2 / 461 ) و الطحاوي في " مشكل الآثار " ( 2 / 229 ) من طريق

عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان عن أبي مالك الأشجعي عن أبي حازم عن # أبي هريرة #

عن النبي صلى الله عليه وسلم به . زاد أبو داود .

" قال أحمد : يعني - فيما أرى - أن لا تسلم , و لا يسلم عليك , و يغرر الرجل

بصلاته , فينصرف و هو فيها شاك " .



ثم روى أحمد عن سفيان قال : سمعت أبي يقول : سألت أبا عمرو الشيباني عن قول

رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا إغرار في الصلاة " فقال : إنما هو " لا غرار

في الصلاة " , و معنى ( غرار ) , يقول : لا يخرج منها , و هو يظن أنه قد بقي

عليه منها شيء , حتى يكون على اليقين و الكمال " .

و قال الحاكم : " صحيح على شرط مسلم " .

و وافقه الذهبي . و هو كما قالا .



( فائدة ) :

-----------



قال ابن الأثير في " النهاية " :

" ( الغرار ) النقصان , و غرار النوم قلته , و يريد بـ ( غرار الصلاة ) نقصان

هيأتها و أركانها , و ( غرار التسليم ) أن يقول المجيب " و عليك " و لا يقول

" السلام " , و قيل : أراد بالغرار النوم , أي ليس في الصلاة نوم .

و " التسليم " يروى بالنصب و الجر , فمن جره كان معطوفا على الصلاة كما تقدم ,

و من نصب كان معطوفا على الغرار , و يكون المعنى : لا نقص و لا تسليم في صلاة ,

لأن الكلام في الصلاة بغير كلامها لا يجوز " .



قلت : و من الواضح أن تفسير الإمام أحمد المتقدم , إنما هو على رواية النصب ,

فإذا صحت هذه الرواية , فلا ينبغي تفسير " غرار التسليم " بحيث يشمل تسليم غير

المصلي على المصلي , كما هو ظاهر كلام الإمام أحمد , و إنما يقتصر فيه على

تسليم المصلي على من سلم عليه , فإنهم قد كانوا في أول الأمر يردون السلام في

الصلاة , ثم نهاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم , و عليه يكون هذا الحديث من

الأدلة على ذلك .

و أما حمله على تسليم غير المصلي على المصلي , فليس بصواب لثبوت تسليم الصحابة

على النبي صلى الله عليه وسلم في غير ما حديث واحد , دون إنكار منه عليهم , بل

أيدهم على ذلك بأن رد السلام عليهم بالإشارة , من ذلك حديث ابن عمر قال :‎

" خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قباء , يصلي فيه , قال : فجاءته

الأنصار , فسلموا عليه , و هو يصلي , قال : فقلت لبلال : كيف رأيت رسول الله

صلى الله عليه وسلم يرد عليهم حين كانوا يسلمون عليه , و هو يصلي , قال :

يقول : هكذا , و بسط كفه , و بسط جعفر بن عون - أحد رواة الحديث - كفه و جعل

بطنه أسفل , و جعل ظهره إلى فوق " .



أخرجه أبو داود و غيره , و هو حديث صحيح كما بينته في تعليقي على " كتاب

الأحكام " لعبد الحق الإشبيلي ( رقم الحديث 1369 ) , ثم في " صحيح أبي داود "

( 860 ) و قد احتج به الإمام أحمد نفسه و ذهب إلى العمل به , فقال إسحاق

بن منصور المروزي في " المسائل " ( ص 22 ) : قلت : تسلم على القوم , و هم في

الصلاة ? قال : نعم , فذكر قصة بلال حين سأله ابن عمر : كيف كان يرد ? قال :

كان يشير .

قال المروزي : " قال إسحاق كما قال " .

319 " لما أسن صلى الله عليه وسلم , و حمل اللحم اتخذ عمودا في مصلاه يعتمد عليه "

.



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 569 :



أخرجه أبو داود ( 948 ) : حدثنا عبد السلام بن عبد الرحمن الوابصي حدثنا

أبي عن شيبان عن حصين بن عبد الرحمن عن هلال بن يساف قال :

" قدمت الرقة , فقال لي بعض أصحابي : هل لك في رجل من أصحاب النبي صلى الله

عليه وسلم ? قال : قلت : غنيمة , فدفعنا إلى وابصة , قلت لصاحبي : نبدأ فننظر

إلى دله , فإذا عليه قلنسوة لاطئة , ذات أذنين , و برنس خز أغبر , و إذا هو

معتمد على عصا في صلاته , فقلنا ( له ) بعد أن سلمنا ? قال :

حدثتني # أم قيس بنت محصن # :

" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أسن ...‎"‎.



قلت : و هذا إسناد رجاله كلهم ثقات غير عبد الرحمن الوابصي والد عبد السلام ,

و اسم أبيه صخر بن عبد الرحمن , قال عبد الحق الإشبيلي في " الأحكام "

( رقم 1389 - بتحقيقي ) :

" كان قاضي حلب و الرقة , و لا أعلم روى عنه إلا ابنه عبد السلام " .



قلت : و لذلك قال عنه الحافظ ابن حجر في " التقريب " : " مجهول " .

و أقول : لكنه لم يتفرد به , فقد تابعه إبراهيم بن إسحاق الزهري حدثنا

عبيد الله بن موسى أنبأ شيبان بن عبد الرحمن به .‎

أخرجه الحاكم ( 1 / 264 - 265 ) و عند البيهقي ( 2 / 288 ) .

و قال الحاكم : " صحيح على شرط الشيخين " و وافقه الذهبي .



قلت : و إنما هو على شرط مسلم وحده , فإن هلال بن يساف لم يحتج به البخاري

في " صحيحه " , و إنما روى له تعليقا .

ثم استدركت فقلت : ليس هو على شرط مسلم أيضا , لأن عبيد الله بن موسى و هو

أبو محمد العبسي و إن كان مسلم قد احتج به , فليس هو من شيوخه و إنما روى عنه

بالواسطة , و الراوي عنه هنا إبراهيم بن إسحاق الزهري , لم يرو له مسلم أصلا و

كذا سائر الستة , نعم هو ثقة فاضل كما قال الخطيب في ترجمته ( 6 / 25 ) فعلى

هذا فالحديث صحيح فقط , ليس هو على شرط الشيخين كما ادعى الحاكم , و لا هو

بالضعيف كما يشعر بذلك كلام الحافظ الإشبيلي المتقدم , و من أجل ذلك كتبت هذا .

و الموفق الله تعالى .

320 " ليس المؤمن بالطعان و لا باللعان و لا بالفاحش و لا بالبذي " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 571 :



أخرجه الإمام أحمد ( 1 / 404 - 405 ) و ابن أبي شيبة في " كتاب الإيمان "

( برقم 80 بتحقيقي ) قالا : حدثنا محمد بن سابق حدثنا إسرائيل عن الأعمش عن

إبراهيم عن علقمة عن # عبد الله بن مسعود # قال : قال رسول الله صلى الله عليه

وسلم , فذكره .



و من طريق ابن أبي شيبة أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " ( 332 ) , و رواه

الترمذي ( 1 / 357 ) و الحاكم ( 1 / 12 ) و أبو نعيم في " الحلية " ( 4 / 235 ,

5 / 58 ) و الخطيب ( 5 / 339 ) من طريقين آخرين عن ابن سابق به .

و قال الترمذي : " حديث حسن غريب , و قد روي عن عبد الله من غير هذا الوجه " .

و قال الحاكم : " صحيح على شرط الشيخين " . و وافقه الذهبي .



قلت : و هو كما قالا , و لكنه قد أعل , فقال المناوي في " فيض القدير " بعد أن

نقل عن الترمذي تحسينه إياه : " و لم يبين المانع من صحته " .

قال ابن القطان : " و لا ينبغي أن يصح , لأن فيه محمد بن سابق البغدادي , و هو

ضعيف , و إن كان مشهورا , و ربما وثقه بعضهم " .

و قال الدارقطني : " روي مرفوعا و موقوفا , و الوقف أصح " .



قلت : و في إطلاق ابن القطان الضعف على ابن سابق نظر ظاهر , فإنه لا سلف له في

ذلك سوى ابن معين , و قد وثقه العجلي , و قال يعقوب بن شيبة :

كان شيخا صدوقا ثقة , و ليس ممن يوصف بالضبط للحديث , و قال النسائي : ليس به

بأس , و قال أبو حاتم : يكتب حديثه و لا يحتج به .



أقول : فمثله حسن الحديث على أقل الأحوال , لأن جرحه غير مفسر , أضف إلى ذلك أن

الشيخين قد احتجا به . و قد قال الذهبي فيه : " و هو ثقة عندي " .

و قال الحافظ في " التقريب " : " صدوق " .

و ذكر الخطيب عن ابن أبي شيبة أنه ذكر حديث محمد بن سابق هذا فقال :

" إن كان حفظه , فهو حديث غريب " .

و عن علي بن المديني أنه قال :

" هذا حديث منكر من حديث إبراهيم عن علقمة , و إنما هذا من حديث أبي وائل من

غير حديث الأعمش " .

قال الخطيب : " قلت : رواه ليث بن أبي سليم عن زبيد اليامي عن أبي وائل عن

عبد الله إلا أنه وقفه و لم يرفعه , و رواه إسحاق بن زياد العطار الكوفي

- و كان صدوقا - عن إسرائيل فخالف فيه محمد بن سابق " .



قلت : ثم ساق سنده إلى العطار عن إسرائيل عن محمد بن عبد الرحمن عن الحكم عن

إبراهيم عن علقمة عن عبد الله به مرفوعا .



قلت : إسحاق بن زياد العطار هذا لم أجد من ذكره سوى الخطيب في هذا الموضع ,

و مخالفته لمحمد بن سابق في إسناده , مما يستبعد أن ترجح عليه .

نعم من الممكن أن يقال : إذا كانت روايته محفوظة , فيكون لإسرائيل في هذا

الحديث إسنادان عن إبراهيم , حفظ أحدهما محمد بن سابق و الآخر إسحاق ابن زياد .

و قد وجدت لروايته عن محمد بن عبد الرحمن متابعا , رواه إسماعيل بن أبان حدثنا

صباح بن يحيى عن ابن أبي ليلى عن الحكم عن إبراهيم به .

أخرجه الحاكم ( 1 / 13 ) شاهدا , و قال :

" محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى , و إن كان ينسب إلى سوء الحفظ , فإنه أحد

فقهاء الإسلام و قضاتهم " .



و للحديث طريق أخرى عن ابن مسعود يدل على أنه حديث محفوظ , و ليس بمنكر ,

يرويه أبو بكر بن عياش عن الحسن بن عمرو الفقيمي عن محمد بن عبد الرحمن ابن

يزيد عن أبيه عن عبد الله مرفوعا به .

أخرجه البخاري في " الأدب " ( 312 ) و ابن حبان في " صحيحه " ( 48 ) و الحاكم

( 1 / 12 ) و أحمد ( 2 / 416 ) .

و قال الحاكم : " على شرطهما " .



قلت : بل هو صحيح فقط , ليس على شرطهما , فإن محمد بن عبد الرحمن ابن يزيد , لم

يخرجا له , و أبو بكر بن عياش , لم يخرج له مسلم .

321 " إذا قام الإمام في الركعتين , فإن ذكر قبل أن يستوي قائما فليجلس , فإن استوى

قائما فلا يجلس , و يسجد سجدتي السهو " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 573 :



أخرجه أبو داود ( 1036 ) و ابن ماجه ( 1208 ) و الدارقطني ( 145 ) و البيهقي

( 2 / 343 ) و أحمد ( 4 / 253 , 253 - 254 ) من طريق جابر الجعفي , قال : حدثنا

المغيرة بن شبيل الأحمسي عن قيس بن أبي حازم عن # المغيرة بن شعبة # قال :

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره .



قلت : و هذا إسناد رجاله ثقات غير جابر الجعفي , و هو ضعيف رافضي و قال

أبو داود عقب الحديث : " و ليس في كتابي عن جابر الجعفي إلا هذا الحديث " .



قلت : و قال الحافظ في " التلخيص " ( 2 / 4 ) : " و هو ضعيف جدا " .



قلت : قال ابن الملقن في " خلاصة البدر المنير " ( ق 68 / 2 ) عقبه :

" قال في " المعرفة " : لا يحتج به , غير أنه روي من وجهين آخرين , و اشتهر بين

الفقهاء " .



قلت : الوجهان المشار إليهما , أخرجهما الطحاوي , و أحدهما عند أبي داود و غيره

عن المغيرة .

" أنه صلى فنهض في الركعتين , فسبحوا به , فمضى فلما أتم صلاته سجد سجدتي السهو

فلما انصرف , قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم صنع كما صنعت " .

قال الحافظ : " و رواه الحاكم - يعني من أحد الوجهين - و من حديث ابن عباس ,

و من حديث عقبة بن عامر مثله " .



قلت : و أنت ترى أنه من فعله صلى الله عليه وسلم , و حديثنا قولي , و أنه ليس

فيه التفصيل الذي في هذا من الاستواء قائما أو قبله .

و قد وجدت لجابر الجعفي متابعين لم أر من نبه عليهما ممن خرج الحديث من

المتأخرين , بل أعلوه جميعا به , و سبقهم إلى ذلك الحافظ عبد الحق الإشبيلي في

" أحكامه " كما نبهت عليه في تحقيقي له , ( التعليق رقم 901 ) , و لذلك رأيت

لزاما علي ذكرهما حتى لا يظن ظان أن الحديث ضعيف لرواية جابر له .



الأول : قيس بن الربيع عن المغيرة بن شبيل عن قيس قال :

" صلى بنا المغيرة بن شعبة , فقام في الركعتين , فسبح الناس خلفه , فأشار إليهم

أن قوموا , فلما قضى صلاته , سلم و سجد سجدتي السهو , ثم قال :

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا استتم أحدكم قائما , فليصل , و ليسجد

سجدتي السهو , و إن لم يستتم قائما , فليجلس , و لا سهو عليه " .



و الآخر : إبراهيم بن طهمان عن المغيرة بن شبيل به نحوه بلفظ :

" فقلنا : سبحان الله , فأومى , و قال : سبحان الله , فمضى في صلاته , فلما قضى

صلاته سجد سجدتين , و هو جالس ثم قال : إذا صلى أحدكم , فقام من الجلوس , فإن

لم يستتم قائما فليجلس , و ليس عليه سجدتان , فإن استوى قائما فليمض في صلاته ,

و ليسجد سجدتين و هو جالس " .



أخرجه عنهما الطحاوي ( 1 / 355 ) .

و قيس بن الربيع , و إن كان فيه ضعف من قبل حفظه , فإن متابعة إبراهيم بن طهمان

له , و هو ثقة , مما يقوي حديثه , و هو و إن كان لم يقع في روايته التصريح برفع

الحديث , فهو مرفوع قطعا , لأن التفصيل الذي فيه لا يقال من قبل الرأي لاسيما

و الحديث في جميع الطرق عن المغيرة مرفوع , فثبت الحديث و الحمد لله .

و هو يدل على أن الذي يمنع القائم من الجلوس للتشهد إنما هو إذا استتم قائما ,

فأما إذا لم يستتم قائما فعليه الجلوس ففيه إبطال القول الوارد في بعض المذاهب

أنه إذا كان أقرب إلى القيام لم يرجع . و إذا كان أقرب إلى القعود قعد فإن هذا

التفصيل مع كونه مما لا أصل له في السنة فهو مخالف للحديث , فتشبث به و عض عليه

بالنواجذ , و دع عنك آراء الرجال , فإنه إذا ورد الأثر بطل النظر , و إذا ورد

نهر الله بطل نهر معقل .

322 " تخرج الدابة , فتسم الناس على خراطيمهم , ثم يعمرون فيكم حتى يشترى الرجل

البعير , فيقول : ممن اشتريته ? فيقول : اشتريته من أحد المخطمين " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 576 :



أخرجه أحمد ( 5 / 268 ) و البخاري في " التاريخ الكبير " ( 3 / 2 / 172 )

و البغوي في " حديث علي بن الجعد " ( 172 / 2 ) و أبو نعيم في " أخبار أصبهان "

( 2 / 124 ) من طرق عن عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون عن عمر بن عبد الرحمن

بن عطية بن دلاف المزني عن # أبي أمامة # يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم

به .



قلت : و هذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات معروفون غير عمر هذا , فقد ترجمه

ابن أبي حاتم , فقال ( 3 / 1 / 121 ) :

" روي عن أبي أمامة , و أبيه , روى عنه مالك و عبيد الله العمري و قريش

ابن حيان و عبد العزيز بن أبي سلمة " .

و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا . و لكن رواية مالك عنه تعديل له , فقد قال

ابن معين : " كل من روى عنه مالك فهو ثقة إلا عبد الكريم " .

و كذلك قال ابن حبان . و كأن هذا هو مستند الهيثمي في توثيقه إياه بقوله في

" المجمع " ( 8 / 6 ) :

" رواه أحمد , و رجاله رجال الصحيح غير عمر بن عبد الرحمن بن عطية و هو ثقة " .

323 " دعها عنك ـ يعني الوسادة ـ إن استطعت أن تسجد على الأرض و إلا فأوم إيماء و

اجعل سجودك أخفض من ركوعك " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 577 :



أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 3 / 189 / 2 ) : حدثنا عبد الله بن أحمد

بن حنبل : حدثني شباب العصفري أنبأنا سهل أبو عتاب أنبأنا حفص بن سليمان عن قيس

بن مسلم عن طارق بن شهاب عن # ابن عمر # قال :

" عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا من أصحابه مريضا , و أنا معه , فدخل

عليه , و هو يصلي على عود , فوضع جبهته على العود , فأومأ إليه فطرح العود ,

و أخذ وسادة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ...‎" فذكره .



قلت : و هذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات , و إليك البيان :



أولا : طارق بن شهاب , و هو أبو عبد الله الكوفي , صحابي صغير , رأى النبي

صلى الله عليه وسلم , و لم يسمع منه , و هو يروي كثيرا عن عبد الله بن مسعود ,

رضي الله عنهما . احتج به الشيخان و أصحاب السنن الأربعة .



ثانيا : قيس بن مسلم , و هو أبو عمرو الكوفي الجدلي ثقة احتج به الستة أيضا .



ثالثا : حفص بن سليمان . هو إما حفص بن سليمان الأسدي أبو عمر البزار الكوفي

القاري , و إما حفص بن سليمان المنقري التميمي البصري , فإن كان الأول فهو

متروك الحديث , و إن كان الآخر , فهو ثقة . و لكل من الاحتمالين وجه , أما

الأول فلأنه كوفي , و قيس بن مسلم كوفي أيضا , لكن الراوي عنه سهل أبو عتاب

بصري كما يأتي . و أما الآخر , فعلى العكس من ذلك , فإنه بصري و الراوي عنه

كذلك , و لكن شيخه كوفي كما رأيت . و لذلك لم أستطع القطع بأنه هو , و أما

الهيثمي فقد قطع بذلك , و لا أدري ما الذي برره له , و لكنه قد وقع في وهم

عجيب فقال ( 2 / 148 ) :

" و رواه الطبراني في " الكبير " , و فيه حفص بن سليمان المنقري , و هو متروك ,

و اختلفت الرواية عن أحمد في توثيقه , و الصحيح أنه ضعفه . و الله أعلم " .



قلت : فاختلط على الهيثمي حفص بن سليمان القاري الكوفي بحفص بن سليمان المنقري

البصري , فالأول هو المتروك بخلاف الآخر , كما عرفت , و هو الذي اختلفت الرواية

عن أحمد فيه . لا المنقري , فراجع ترجمته في " التهذيب " إن شئت .



رابعا : سهل أبو عتاب , و هو سهل بن حماد أبو عتاب الدلال البصري , و هو ثقة من

رجال مسلم و الأربعة .



خامسا : شباب العصفري , و هذا لقبه و اسمه خليفة بن خياط العصفري و هو ثقة من

شيوخ البخاري و ممن احتج بهم في " صحيحه " .



سادسا : عبد الله بن أحمد بن حنبل , فهو ثقة مشهور احتج به النسائي .



قلت : و من هذا التخريج يتبين أن رجال الإسناد كلهم ثقات لا شك فيهم سوى حفص

بن سليمان , فإن كان هو المنقري كما جزم به الهيثمي فالسند صحيح كما قلنا أولا

و إلا فلا . و قد كنت جزمت بالأول قديما , تبعا للحافظ الهيثمي , و ذلك في

كتابي " تخريج صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم " , ثم بدا لي التوقف عنه ,

لهذا التحقيق الذي ذكرته .

نعم للحديث طريق أخرى عن ابن عمر يتقوى به , يرويه سريج بن يونس حدثنا قران

بن تمام عن عبيد الله بن عمر عن نافع عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه

و سلم : " من استطاع منكم أن يسجد فليسجد , و من لم يستطع , فلا يرفع إلى جبهته

شيئا يسجد عليه , و لكن بركوعه و سجوده يوميء برأسه " .



أخرجه الطبراني في " الأوسط " ( 1 / 43 / 1 - من زوائده ) : حدثنا محمد ابن

عبد الله بن بكير حدثنا سريج بن يونس به . و قال :

" لم يروه عن عبيد الله إلا قران تفرد به سريج " .



قلت : و هو ثقة من رجال الشيخين , و كذا من فوقه سوى قران بضم أوله و تشديد

الراء , فهو صدوق ربما أخطأ , كما في " التقريب " , فالسند جيد , لولا أنني لم

أجد ترجمة لمحمد بن عبد الله بن بكير شيخ الطبراني , لكن الظاهر أنه لم يتفرد

به , كما يشعر به قوله " تفرد به سريج " .

و لعله لذلك قال الحافظ الهيثمي ( 2 / 149 ) :

" رواه الطبراني في " الأوسط " , و رجاله موثقون , ليس فيهم كلام يضر .

و الله أعلم " .

و له شاهد من حديث جابر نحو حديث ابن عمر الأول . يرويه سفيان الثوري عن أبي

الزبير عن جابر به .

أخرجه البزار ( ص 66 - زوائده ) و البيهقي .

و رجال إسناده ثقات , و ليس له علة تقدح في صحته , سوى عنعنة أبي الزبير , فإنه

كان مدلسا , و بها أعله الحافظ عبد الحق الإشبيلي في " أحكامه " ( رقم 1383 -

بتحقيقي ) , و مع ذلك صرح الحافظ ابن حجر في " بلوغه " أنه قوي . فالله أعلم .

و الذي لا شك فيه أن الحديث بمجموع طرقه صحيح . و الله تعالى هو الموفق .

و قد روى أبو عوانة في " مسنده " ( 2 / 338 ) عن عمر بن محمد قال :

دخلنا على حفص بن عاصم نعوده في شكوى قال : فحدثنا قال :

" دخل علي عمي عبد الله بن عمر قال : فوجدني قد كسرت لي نمرقة يعني الوسادة

قال : و بسطت عليها خمرة , قال : فأنا أسجد عليها , قال : فقال لي : يا ابن أخي

لا تصنع هذا , تناول الأرض بوجهك , فإن لم تقدر على ذلك , فأومئ برأسك إيماء "

.

و سنده صحيح على شرط الشيخين .

324 " من خبب خادما على أهلها , فليس منا , و من أفسد امرأة على زوجها فليس منا " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 580 :



أخرجه الإمام أحمد ( 2 / 397 ) : حدثنا أبو الجواب حدثنا عمار بن رزيق عن

عبد الله بن عيسى عن عكرمة عن يحيى بن يعمر عن # أبي هريرة # قال :

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره .



قلت : و هذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات رجال مسلم , و أبو الجواب اسمه الأحوص

بن جواب . و قد توبع , فأخرجه أبو داود ( 5170 ) و ابن حبان ( 1319 ) من طريقين

آخرين عن عمار بن رزيق به .



و للحديث شاهد من حديث ابن عباس مرفوعا نحوه . أخرجه الضياء في " المختارة "

( 64 / 25 / 2 ) و آخر من رواية بريدة بن الحصيب بلفظ :

" ليس منا من حلف بالأمانة و من خبب على امرئ زوجته أو مملوكه , فليس منا " .

325 " ليس منا من حلف بالأمانة , و من خبب على امرئ زوجته أو مملوكه فليس منا " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 581 :



أخرجه أحمد ( 5 / 352 ) : حدثنا وكيع حدثنا الوليد بن ثعلبة عن # عبد الله

بن بريدة عن أبيه # قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره .

و أخرجه ابن حبان ( 1318 ) من طريق وكيع به نحوه .



قلت : و هذا سند صحيح رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير الوليد هذا و قد وثقه

ابن معين و ابن حبان , و قد صحح إسناده المنذري في " الترغيب " ( 3 / 93 ) .

( خبب ) بفتح الخاء المعجمة و تشديد الباء الموحدة الأولى معناه خدع و أفسد .

326 " إن صاحبكم تغسله الملائكة . يعني حنظلة " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 581 :



رواه الحاكم ( 3 / 204 ) و البيهقي في " السنن " ( 4 / 15 ) عن ابن إسحاق حدثني

# يحيى بن عباد بن عبد الله عن أبيه عن جده # رضي الله عنه قال :

سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عند قتل حنظلة بن أبي عامر بعد أن

التقى هو و أبو سفيان بن الحارث حين علاه شداد بن الأسود بالسيف فقتله , فقال

رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره .

فسألوا صاحبته فقالت : إنه خرج لما سمع لهائعة و هو جنب , فقال رسول الله

صلى الله عليه وسلم : لذلك غسلته الملائكة .



و قال : " صحيح على شرط مسلم " و سكت عنه الذهبي و إنما هو حسن فقط لأن

ابن إسحاق إنما أخرج له مسلم في المتابعات .



و له شاهد أخرجه ابن عساكر ( 2 / 296 / 1 ) عن عبد الوهاب بن عطاء أنبأنا سعيد

بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس بن مالك قال :



" افتخر الحيان من الأوس و الخزرج فقال الأوس : منا غسيل الملائكة حنظلة

ابن الراهب , و منا من اهتز له عرش الرحمن , و منا من حمته الدبر عاصم بن ثابت

بن الأفلح , و منا من أجيزت شهادته بشهادة رجلين خزيمة بن ثابت , قال :

فقال الخزرجيون : منا أربعة جمعوا القرآن لم يجمعه أحد غيرهم : زيد بن ثابت

و أبو زيد و أبي بن كعب و معاذ بن جبل " .



و قال ابن عساكر : " هذا حديث حسن صحيح " .

327 " لو كان بعدي نبي لكان عمر " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 582 :



رواه الترمذي ( 2 / 293 ) و حسنه , و الحاكم ( 3 / 85 ) و صححه , و أحمد ( 4 /

154 ) و الروياني في " مسنده " ( 50 / 1 ) و الطبراني كما في " المنتقى من

حديثه " ( 4 / 7 / 2 ) , و أبو بكر النجاد في " الفوائد المنتقاة " ( 17 / 1 -

2 ) و ابن سمعون في " الأمالي " ( 172 / 2 ) و أبو بكر القطيعي في " الفوائد

المنتقاة " ( 4 / 7 / 2 ) و الخطيب في " الموضح " ( 2 / 226 ) و ابن عساكر

( 3 / 210 / 2 ) عن أبي عبد الرحمن المقري أنبأنا حيوة عن بكر بن عمرو عن مشرح

بن هاعان عن # عقبة بن عامر # مرفوعا .

ثم رواه النجاد من طريق ابن لهيعة عن مشرح به .



قلت : و هذا سند حسن رجاله كلهم ثقات , و في مشرح كلام لا ينزل حديثه عن رتبة

الحسن , و قد وثقه ابن معين .

و له شاهدان أحدهما من حديث عصمة . رواه الطبراني و فيه الفضل بن المختار

و هو ضعيف . و الآخر عن أبي سعيد الخدري . رواه الطبراني في " الأوسط " .

قال الهيثمي ( 9 / 68 ) :

" و فيه عبد المنعم بن بشير و هو ضعيف " .

328 " ما بال رجال بلغهم عني أمر ترخصت فيه , فكرهوه و تنزهوا عنه ?‎!فوالله لأنا

أعلمهم بالله و أشدهم له خشية " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 582 :



رواه مسلم ( 7 / 90 ) و أحمد ( 6 / 45 , 181 ) من حديث عائشة رضي الله عنها

قالت : " صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرا فترخص فيه , فبلغ ذلك ناسا من

أصحابه , فكأنهم كرهوه و تنزهوا عنه ! فبلغه ذلك فقام خطيبا فقال : " فذكره .



قلت : و الأمر الذي ترخص فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم هو التقبيل في

الصيام خلافا لما قد يتبادر لبعض الأذهان , و الدليل الحديث الآتي :

" أنا أتقاكم لله , و أعلمكم بحدود الله " .

329 " أنا أتقاكم لله , و أعلمكم بحدود الله " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 583 :



رواه الإمام أحمد ( 5 / 434 ) : حدثنا عبد الرزاق أنبأنا ابن جريج : أخبرني

زيد بن أسلم عن # عطاء بن يسار عن رجل من الأنصار # , أن الأنصاري أخبر عطاء :

" أنه قبل امرأته على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم و هو صائم فأمر امرأته

فسألت النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك , فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إن

رسول الله يفعل ذلك , فأخبرته امرأته , فقال : إن النبي صلى الله عليه وسلم

يرخص له في أشياء , فارجعي إليه فقولي له , فرجعت إلى النبي صلى الله عليه وسلم

فقالت : قال : إن النبي صلى الله عليه وسلم يرخص له في أشياء , فقال : فذكره .



قلت : و هذا سند صحيح متصل .

330 " كنا إذا انتهينا إلى النبي صلى الله عليه وسلم جلس أحدنا حيث ينتهي " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 583 :



أخرجه زهير بن حرب في " العلم " ( رقم 100 بتحقيقي ) و البخاري في " الأدب

المفرد " ( 1141 ) و أبو داود ( 4825 ) و الترمذي ( 2 / 121 ) و أحمد ( 5 / 91

, 98 , 107 - 108 ) من طريق شريك عن سماك بن حرب عن # جابر بن سمرة # قال :

فذكره .

و قال الترمذي : " حديث حسن صحيح غريب , و قد رواه زهير عن سماك أيضا " .



قلت : شريك فيه ضعف من قبل حفظه , لكن متابعة زهير إياه تقويه , و هو زهير

بن معاوية بن خديج و هو ثقة من رجال الشيخين .

و في الحديث تنبيه على أدب من آداب المجالس في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ,

طالما أهمله الناس اليوم , حتى أهل العلم , و هو أن الرجل إذا دخل المجلس ,

يجلس حيث ينتهي به المجلس , و لو عند عتبة الباب , فإذا وجد مثله فعليه أن يجلس

فيه , و لا يترقب أن يقوم له بعض أهل المجلس من مجلسه , كما يفعل بعض المتكبرين

من الرؤساء , و المتعجرفين من المتمشيخين , فإن هذا منهي عنه صراحة في قوله

صلى الله عليه وسلم :

" لا يقيم الرجل الرجل من مقعده , ثم يجلس فيه , و لكن تفسحوا و توسعوا " .

أخرجه مسلم و زاد في رواية :

" و كان ابن عمر إذا قام له رجل من مجلسه لم يجلس فيه " .

331 " إن الرقى , و التمائم , و التولة شرك " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 584 :



أخرجه أبو داود ( 3883 ) و ابن ماجه ( 3530 ) و ابن حبان ( 1412 ) و أحمد

( 1 / 381 ) من طريق يحيى الجزار عن ابن أخي زينب امرأة عبد الله عن زينب امرأة

عبد الله عن # عبد الله # قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :

فذكره .



قلت : و رجاله ثقات كلهم غير ابن أخي زينب قال الحافظ في " التقريب " :

" كأنه صحابي , و لم أره مسمى " .



قلت : و سقط ذكره من كتاب ابن حبان , فلا أدري أكذلك الرواية عنده أم سقط من

الناسخ .

و على كل حال , فإن للحديث طريقا أخرى يتقوى بها , أخرجه الحاكم ( 4 / 217 )

من طريق قيس بن السكن الأسدي قال :

" دخل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه على امرأة , فرأى عليها خرزا من الحمرة ,

فقطعه قطعا عنيفا , ثم قال : إن آل عبد الله عن الشرك أغنياء , و قال :

كان مما حفظنا عن النبي صلى الله عليه وسلم : فذكره . و قال :

" صحيح الإسناد " . و وافقه الذهبي .

و هو كما قالا .



الغريب :

----------

( الرقى ) هي هنا كان ما فيه الاستعاذة بالجن , أو لا يفهم معناها , مثل كتابة

بعض المشايخ من العجم على كتبهم لفظة ( يا كبيج ) لحفظ الكتب من الأرضة زعموا .

و ( التمائم ) جمع تميمة , و أصلها خرزات تعلقها العرب على رأس الولد لدفع

العين , ثم توسعوا فيها فسموا بها كل عوذة .



قلت : و من ذلك تعليق بعضهم نعل الفرس على باب الدار , أو في صدر المكان !

و تعليق بعض السائقين نعلا في مقدمة السيارة أو مؤخرتها , أو الخرز الأزرق على

مرآة السيارة التي تكون أمام السائق من الداخل , كل ذلك من أجل العين زعموا .

و هل يدخل في ( التمائم ) الحجب التي يعلقها بعض الناس على أولادهم أو على

أنفسهم إذا كانت من القرآن أو الأدعية الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم ,

للسلف في ذلك قولان , أرجحهما عندي المنع كما بينته فيما علقته على " الكلم

الطيب " لشيخ الإسلام ابن تيمية ( رقم التعليق 34 ) طبع المكتب الإسلامي .

و ( التولة ) بكسر التاء و فتح الواو , ما يحبب المرأة إلى زوجها من السحر

و غيره قال ابن الأثير :

" جعله من الشرك لاعتقادهم أن ذلك يؤثر و يفعل خلاف ما قدره الله تعالى " .

332 " لقد رأيتنا نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الفجر في مروطنا ,

و ننصرف و ما يعرف بعضنا وجوه بعض " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 586 :



أخرجه أبو يعلى في " مسنده " ( 214 / 1 ) : حدثنا إبراهيم حدثنا حماد عن عبيد

الله بن عمر عن عمرة بنت عبد الرحمن الأنصارية أن # عائشة # قالت : فذكره .



قلت : و هذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات رجال مسلم غير إبراهيم هذا و هو ابن

الحجاج , ثم هما اثنان : إبراهيم بن الحجاج بن زيد السامي أبو إسحاق البصري

و إبراهيم بن الحجاج النيلي أبو إسحاق البصري أيضا , و كلاهما يروي عنه

أبو يعلى , و الأول , يروي عن حماد بن سلمة , و الآخر عن حماد بن زيد , و كل من

الحمادين يروي عن عبيد الله بن عمر , و لذلك لم يتعين عندي أيهما المراد هنا ,

و لا ضير في ذلك , فإنهما ثقتان , غير أن الأول احتج به مسلم , و الآخر احتج به

الشيخان .

و الحديث في " الصحيحين " دون ذكر الوجه , و لذلك أوردته , و هي زيادة مفسرة ,

لا تعارض رواية الصحيحين , فهي مقبولة .

و هو دليل ظاهر على أن وجه المرأة ليس بعورة . و الأدلة على ذلك متكاثرة .

و معنى كونه ليس بعورة , أنه يجوز كشفه , و إلا فالأفضل , و الأورع ستره ,

لاسيما إذا كان جميلا . و أما إذا كان مزينا . فيجب ستره قولا واحدا , و من شاء

تفصيل هذا الإجمال , فعليه بكتابنا " حجاب المرأة المسلمة " فإنه جمع فأوعى .

333 " إن للإسلام صوى و منارا كمنار الطريق , منها أن تؤمن بالله و لا تشرك به شيئا

و إقام الصلاة و إيتاء الزكاة و صوم رمضان و حج البيت و الأمر بالمعروف و النهي

عن المنكر و أن تسلم على أهلك إذا دخلت عليهم و أن تسلم على القوم إذا مررت بهم

فمن ترك من ذلك شيئا , فقد ترك سهما من الإسلام و من تركهن " كلهن " , فقد ولى

الإسلام ظهره " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 587 :



أخرجه أبو عبيد القاسم بن سلام في " كتاب الإيمان " ( رقم الحديث 3 بتحقيقي )

قال : حدثنيه يحيى بن سعيد العطار عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن رجل عن

# أبي هريرة # عن النبي صلى الله عليه وسلم :

و من طريق أبي عبيد أخرجه ابن بشران في " الأمالي " ( ق 98 / 2 ) و عبد الغني

المقدسي في " الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر " ( ق 82 / 1 ) و قال : " رواه

الطبراني في السنة " .



قلت : و يحيى بن سعيد هذا شامي ضعيف . و قد خالفه جماعة في إسناده فلم يذكروا

الرجل فيه . و هو الصواب .

فمنهم الوليد بن مسلم قال : حدثنا ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن أبي هريرة

به .

أخرجه الحاكم ( 1 / 21 ) من طريق محمد بن أبي السري العسقلاني حدثنا الوليد ابن

مسلم به . و قال :

هذا حديث صحيح على شرط البخاري , فقد روى عن محمد بن خلف العسقلاني , و احتج

بثور بن يزيد الشامي , فأما سماع خالد بن معدان عن أبي هريرة , فغير مستبدع .

فقد حكى الوليد بن مسلم عن ثور بن يزيد عنه أنه قال : لقيت سبعة عشر رجلا من

أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم " .



قلت : لقد انتقل ذهن الحاكم رحمه الله من محمد بن أبي السري العسقلاني إلى محمد

بن خلف العسقلاني , و مع أن ابن خلف ليس له دخل في هذا الحديث , فلم يرو عنه

البخاري . و أما صاحب الحديث فهو ابن أبي السري كما هو مصرح به في سنده فهو

ضعيف و هو محمد بن المتوكل بن عبد الرحمن أبو عبد الله بن أبي السري , قال

الحافظ في " التقريب " :

" صدوق عارف له أوهام كثيرة " .

و منهم محمد بن عيسى بن سميع عن ثور بن يزيد به .

أخرجه ابن شاهين في " الترغيب و الترهيب " ( ق 317 / 1 ) .



قلت : و محمد هذا هو ابن عيسى بن القاسم بن سميع بالتصغير .

قال الحافظ : " صدوق يخطىء و يدلس " .

و منهم روح بن عبادة حدثنا ثور بن يزيد به .

أخرجه أبو نعيم في " الحلية " ( 5 / 217 - 218 ) و في " أحاديث أبي القاسم

الأصم " ( 12 / 2 ) عن محمد بن يونس الكديمي حدثنا روح بن عبادة به .



قلت : و الكديمي متهم , و في " التقريب " : " ضعيف " .



قلت : لكنه لم يتفرد به , فقال أبو نعيم عقبه :

" غريب من حديث خالد , تفرد به ثور , حدث به أحمد بن حنبل , و الكبار عن روح "

.

قلت : و بمتابعة أحمد و غيره صح الحديث . و الحمد لله .

و له شاهد من حديث أبي الدرداء مرفوعا بنحوه .

أخرجه ابن دوست في " الأمالي " ( ق 118 / 2 ) من طريقين عن عبد الله ابن صالح

قال : حدثني معاوية بن صالح عن أبي الزاهرية عنه .



قلت : و هذا إسناد لا بأس به في الشواهد , رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح , لكن

عبد الله بن صالح و إن أخرج له البخاري فهو كما قال الحافظ :

" صدوق كثير الغلط , ثبت في كتابه , و كانت فيه غفلة " .

( الصوى ) جمع " صوة " , و هي أعلام من حجارة منصوبة في الفيافي و المفازة

المجهولة , يستدل بها على الطريق و على طرفيها . أراد أن للإسلام طرائق ,

و أعلاما يهتدى بها .

كذا في " لسان العرب " عن أبي عمرو بن العلاء .

334 " من قال : رضيت بالله ربا و بالإسلام دينا و بمحمد رسولا وجبت له الجنة " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 589 :



أخرجه أبو داود ( 1529 ) من طريق أبي الحسين زيد بن الحباب حدثنا عبد الرحمن

بن شريح الإسكندراني : حدثني أبو هاني الخولاني أنه سمع أبا علي الجنبي أنه سمع

# أبا سعيد الخدري # أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فذكره .



قلت : و هذا إسناد جيد رجاله ثقات رجال مسلم غير أبي علي الجنبي و اسمه عمرو

بن مالك الهمداني و هو ثقة .

و اسم أبي هاني الخولاني حميد بن هاني .



و للحديث طريق أخرى عن أبي سعيد , يرويه ابن لهيعة عن خالد بن أبي عمران عن أبي

عبد الرحمن الحبلي عنه قال :

" أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي فقال : يا أبا سعيد ! ثلاثة من قالهن

دخل الجنة , قلت : ما هن يا رسول الله ? قال : من رضي بالله ربا , و بالإسلام

دينا , و بمحمد رسولا . ثم قال : يا أبا سعيد و الرابعة لها من الفضل كما بين

السماء إلى الأرض , و هي الجهاد في سبيل الله " .

أخرجه الإمام أحمد ( 3 / 14 ) .



قلت : و إسناده لا بأس به في المتابعات و الشواهد .

335 " كنا ننهى أن نصف بين السواري على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم , و نطرد

عنها طردا " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 590 :



أخرجه ابن ماجه ( 1002 ) و ابن خزيمة ( 1 / ) و ابن حبان ( 400 ) و الحاكم

( 1 / 218 ) و البيهقي ( 3 / 104 ) و الطيالسي ( 1073 ) من طريق هارون أبي مسلم

حدثنا قتادة عن # معاوية بن قرة عن أبيه # قال : فذكره .

و قال الحاكم : " صحيح الإسناد " . و وافقه الذهبي .



قلت : هارون هذا مستور كما قال الحافظ , لكن له شاهد من حديث أنس ابن مالك

يتقوى به , يرويه عبد الحميد بن محمود قال :

" صليت مع أنس بن مالك يوم الجمعة , فدفعنا إلى السواري فتقدمنا و تأخرنا ,

فقال أنس : كنا نتقي هذا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم " .

أخرجه أبو داود و النسائي و الترمذي و ابن حبان و الحاكم و غيرهم بسند صحيح كما

بينته في " صحيح أبي داود " ( 677 ) .



قلت : و هذا الحديث نص صريح في ترك الصف بين السواري , و أن الواجب أن يتقدم

أو يتأخر .



و قد روى ابن القاسم في " المدونة " ( 1 / 106 ) و البيهقي ( 3 / 104 ) من طريق

أبي إسحاق عن معدي كرب عن ابن مسعود أنه قال :

" لا تصفوا بين السواري " .

و قال البيهقي :

" و هذا - و الله أعلم - لأن الأسطوانة تحول بينهم و بين وصل الصف " .

و قال مالك :

" لا بأس بالصفوف بين الأساطين إذا ضاق المسجد " .



و في " المغني " لابن قدامة ( 2 / 220 ) :

" لا يكره للإمام أن يقف بين السواري , و يكره للمأمومين , لأنها تقطع صفوفهم ,

و كرهه ابن مسعود و النخعي , و روي عن حذيفة و ابن عباس , و رخص فيه ابن سيرين

و مالك و أصحاب الرأي و بن المنذر , لأنه لا دليل على المنع .

و لنا ما روي عن معاوية بن قرة ... , و لأنها تقطع الصف فإن كان الصف صغيرا ,

قدر ما بين الساريتين لم يكره لا ينقطع بها " .



و في " فتح الباري " ( 1 / 477 ) :

" قال المحب الطبري : كره قوم الصف بين السواري للنهي الوارد عن ذلك , و محل

الكراهة عند عدم الضيق , و الحكمة فيه إما لانقطاع الصف أو لأنه موضع النعال .

انتهى . و قال القرطبي : روي في سبب كراهة ذلك أنه مصلى الجن المؤمنين " .



قلت : و في حكم السارية , المنبر الطويل ذي الدرجات الكثيرة , فإنه يقطع الصف

الأول , و تارة الثاني أيضا , قال الغزالي في " الإحياء " ( 2 / 139 ) :

" إن المنبر يقطع بعض الصفوف , و إنما الصف الأول الواحد المتصل الذي في فناء

المنبر , و ما على طرفيه مقطوع , و كان الثوري يقول : الصف الأول , هو الخارج

بين يدي المنبر , و هو متجه لأنه متصل , و لأن الجالس فيه يقابل الخطيب و يسمع

منه " .



قلت : و إنما يقطع المنبر الصف إذا كان مخالفا لمنبر النبي صلى الله عليه وسلم

فإنه كان له ثلاث درجات , فلا ينقطع الصف بمثله , لأن الإمام يقف بجانب الدرجة

الدنيا منها . فكان من شؤم مخالفة السنة في المنبر الوقوع في النهي الذي في هذا

الحديث .



و مثل ذلك في قطع الصف المدافئ التي توضع في بعض المساجد وضعا يترتب منه قطع

الصف , دون أن ينتبه لهذا المحذور إمام المسجد أو أحد من المصلين فيه لبعد

الناس أولا عن التفقه في الدين , و ثانيا لعدم مبالاتهم بالابتعاد عما نهى عنه

الشارع و كرهه .



و ينبغي أن يعلم أن كل من يسعى إلى وضع منبر طويل قاطع للصفوف أو يضع المدفئة

التي تقطع الصف , فإنه يخشى أن يلحقه نصيب وافر من قوله صلى الله عليه وسلم :

" ... و من قطع صفا قطعه الله " .

أخرجه أبو داود بسند صحيح كما بينته في " صحيح أبي داود " ( رقم 672 ) .

336 " لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا حتى يريه , خير له من أن يمتلئ شعرا " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 592 :



ورد هذا الحديث عن جماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم منهم # أبو هريرة

و عبد الله ابن عمر و سعد بن أبي وقاص و أبو سعيد الخدري و عمر # و غيرهم .



1 - أما حديث أبي هريرة , فأخرجه البخاري ( 4 / 146 ) و في " الأدب المفرد "

( 860 ) و مسلم ( 7 / 50 ) و أبو داود ( 5009 ) و الترمذي ( 2 / 139 ) و ابن

ماجه ( 3759 ) و الطحاوي في " شرح المعاني " ( 2 / 370 ) و أحمد ( 2 / 288 ,

355 , 391 , 478 , 480 ) من طرق عن الأعمش عن أبي صالح عنه . و قد صرح الأعمش

بالتحديث في رواية البخاري . و تابعه عاصم عن أبي صالح به عند الطحاوي .

أخرجه أحمد ( 2 / 331 ) . و تابعه أبو معمر عن أبي صالح به .

لكني لم أعرف أبا معمر هذا .

و قال الترمذي : " حديث حسن صحيح " .



2 - و أما حديث ابن عمر . فأخرجه البخاري في " الصحيح " و في " الأدب المفرد "

( 870 ) و الدارمي ( 2 / 297 ) و أحمد ( 2 / 39 , 96 , 223 ) عن حنظلة عن سالم

عنه .



3 - و أما حديث سعد بن أبي وقاص , فأخرجه مسلم و الترمذي و ابن ماجه ( 3760 )

و أحمد ( 1 / 175 , 181 , / 8 / ) و أبو يعلى ( ق 53 / 1 , 54 / 1 ) و أبو

عبيد القاسم بن سلام في " غريب الحديث " ( ق 7 / 1 ) من طرق عن شعبة عن قتادة

عن يونس بن جبير عن محمد بن سعد عن سعد به .

و قال الترمذي : " حديث حسن صحيح " .

و رواه حماد بن سلمة فقال : عن قتادة عن عمر بن سعد بن مالك عن سعد به .

أخرجه أحمد ( 1 / 175 ) .



4 - و أما حديث أبي سعيد , فأخرجه مسلم و أحمد ( 3 / 8 , 41 ) من طريق ليث عن

ابن الهاد عن يحنس مولى مصعب بن الزبير عنه قال :

" بينا نحن نسير مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعرج إذ عرض شاعر , ينشد ,

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : خذوا الشيطان , أو : أمسكوا الشيطان , لأن

يمتلئ ... " .



5 - و أما حديث عمر , فأخرجه الطحاوي من طريق خلاد بن يحيى قال :

حدثنا سفيان عن إسماعيل بن أبي خالد عن عمرو بن حريث عن عمر بن الخطاب به .



قلت : و هذا سند صحيح على شرط البخاري .

و في الباب عن جماعة آخرين من الصحابة , خرج أحاديثهم الحافظ الهيثمي في

" مجمع الزوائد " , فمن شاء الاطلاع عليها فليرجع إليه ( 8 / 120 ) .



قلت : و كل هذه الأحاديث عن هؤلاء الصحابة موافقة لحديث أبي هريرة رضي الله عنه

و ذلك مما يدل على صدقه و حفظه .

و قد كتبت هذا التحقيق ردا على بعض الشيعة و المتشيعين من المعاصرين الذين

يطعنون في أبي هريرة رضي الله عنه أشد الطعن و ينسبونه إلى الكذب على النبي

صلى الله عليه وسلم و الافتراء عليه , حاشاه من ذلك , فقد زعم أبو ريا من

أذنابهم - عاملهم الله بما يستحقون - أن أبا هريرة رضي الله عنه لم يحفظ

الحديث عنه صلى الله عليه وسلم كما نطق به , و زعم أن في آخره زيادة لم يذكرها

أبو هريرة , و هي : " هجيت به " و أن عائشة حفظت ذلك عنه صلى الله عليه وسلم

و ردت به على أبي هريرة , و كل ذلك مما لا يصح إسناده كما بينته في " سلسلة

الأحاديث الضعيفة " ( رقم 1111 ) .



و نحن و إن كنا لا ننكر جواز وقوع النسيان من أبي هريرة - على حفظه - لأنه ليس

معصوما , و لكنا ننكر أشد الإنكار نسبته إلى النسيان بل الكذب لمجرد الدعوى

و سوء الظن به , و هذا هو المثال بين أيدينا , فإذا كان جائزا كما ذكرنا أن

يكون أبو هريرة لم يحفظ تلك الزيادة المزعومة , فهل يجوز أن لا يحفظها أيضا

أولئك الجماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ? !

على أن هذا الحديث في سياقه ما يدل على بطلان تلك الزيادة من حيث المعنى , فإنه

لم يذم الشعر مطلقا , و إنما الإكثار منه , و إذا كان كذلك فقوله " هجيت به " ,

يعطي أن القليل من الشعر الذي فيه هجاؤه صلى الله عليه وسلم جائز , و هذا باطل

و ما لزم منه باطل فهو باطل !



جاء في " فيض القدير " :



" و قال النووي : هذا الحديث محمول على التجرد للشعر بحيث يغلب عليه , فيشغله

عن القرآن و الذكر . و قال القرطبي : من غلب عليه الشعر , لزمه بحكم العادة

الأدبية الأوصاف المذمومة , و عليه يحمل الحديث , و قول بعضهم : عنى به الشعر

الذي هجي به هو أو غيره , رد بأن هجوه كفر كثر أو قل , و هجو غيره حرام و إن قل

فلا يكون لتخصيص الذم بالكثير معنى " .



و ما ذكره عن النهي هو الذي ترجم به البخاري في " صحيحه " للحديث فقال :

" باب ما يكره أن يكون الغالب على الإنسان الشعر حتى يصده عن ذكر الله " .

و تقدمه إلى ذلك الإمام أبو عبيد القاسم بن سلام , فقال بعد أن ذكر قول البعض

المشار إليه :

" و الذي عندي في هذا الحديث غير هذا القول , لأن الذي هجى به النبي صلى الله

عليه وسلم لو كان شطر بيت لكان كفرا , فكأنه إذا حمل وجه الحديث على امتلاء

القلب منه أنه قد رخص في القليل منه , و لكن وجهه عندي أن يمتلئ قلبه من الشعر

حتى يغلب عليه فيشغله عن القرآن و عن ذكر الله , فيكون الغالب عليه , فأما إذا

كان القرآن و العلم الغالبين عليه , فليس جوفه ممتلئا " .

337 " من كان يؤمن بالله و اليوم الآخر , فلا يلبس حريرا و لا ذهبا " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 596 :



أخرجه الحاكم ( 4 / 191 ) من طريق عمرو بن الحارث و غيره عن سليمان ابن عبد

الرحمن عن القاسم عن # أبي أمامة الباهلي # رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله

عليه وسلم قال : فذكره .

و قال : " صحيح الإسناد " . و وافقه الذهبي .



قلت : بل هو حسن , فإن القاسم و هو ابن عبد الرحمن أبو عبد الرحمن صاحب

أبي أمامة , قد تكلم فيه بعضهم , و الراجح من مجموع كلام العلماء فيه أنه

حسن الحديث , و قال الحافظ في " التقريب " : " صدوق " .

و سليمان بن عبد الرحمن هو ابن عيسى الدمشقي خراساني الأصل , وثقه ابن معين

و النسائي و غيرهما .

و أما عمرو بن الحارث فهو أبو أيوب المصري ثقة فقيه حافظ .

و أما " غيره " الذي أشير إليه في الإسناد فالظاهر أنه عبد الله بن لهيعة , فقد

رأيناه مقرونا مع عمرو بن الحارث في غير ما حديث واحد , و قد أخرجه أحمد من

طريقه فقال ( 5 / 261 ) : حدثنا يحيى بن إسحاق أخبرني ابن لهيعة عن سليمان بن

عبد الرحمن به .

و قال المنذري في " الترغيب " ( 3 / 103 ) :

" رواه أحمد و رواته ثقات " !

و قال الهيثمي في " المجمع " ( 5 / 143 ) :

" رواه الطبراني في " الأوسط " , و فيه ابن لهيعة , و حديثه حسن و فيه ضعف ,

و بقية رجاله ثقات " .



قلت : و يؤخذ عليه أنه لم يعزه لأحمد , كما يؤخذ على المنذري أنه لم يعزه

للحاكم , مع أن إسناده أصح , و أنه وثق ابن لهيعة , و فيه الضعف الذي ذكره

الهيثمي .

و اعلم أن الحديث فيه دلالة بينة على تحريم الذهب و الحرير , و هو بعمومه يشمل

النساء مع الرجال , إلا أنه قد جاءت أحاديث تدل على أن النساء مستثنيات من

التحريم كالحديث المشهور :

" هذان حرام على ذكور أمتي , حل لإناثها " .



إلا أن هذا ليس على عمومه , فقد جاءت أحاديث صحيحة تحرم على النساء جنسا معينا

من الذهب , و هو ما كان طوقا أو سوارا أو حلقة , و كذلك حرم عليهن الأكل

و الشرب في آنية الذهب كالرجال , ( راجع الأدلة في " آداب الزفاف " ) .

فبقي الحرير وحده مباحا لهن إباحة مطلقة لم يستثن منه شيء .

نعم قد استثنى من جنس المباح لهن أمهات المؤمنين , فقد صح عنه صلى الله عليه

وسلم أنه منع أهله منه كما في الحديث الآتي :

" كان يمنع أهله الحلية و الحرير و يقول : إن كنتم تحبون حلية الجنة و حريرها

فلا تلبسوها في الدنيا " .

338 " كان يمنع أهله الحلية و الحرير و يقول : إن كنتم تحبون حلية الجنة و حريرها

فلا تلبسوها في الدنيا " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 597 :



أخرجه النسائي ( 2 / 284 ) و ابن حبان ( 1463 ) و الحاكم ( 4 / 191 ) و أحمد

( 4 / 145 ) من طريق عمرو بن الحارث أن أبا عشانة المعافري حدثه أنه سمع # عقبة

بن عامر # يخبر به .



و قال الحاكم : " صحيح على شرط الشيخين " . و تعقبه الذهبي بقوله :

" قلت : لم يخرجا لأبي عشانة " .



قلت : و اسمه حي بن يؤمن , و هو ثقة .

قال السندي في حاشيته على النسائي .

" قوله : " أهله الحلية " بكسر فسكون . الظاهر أنه يمنع أزواجه الحلية مطلقا

سواء كان من ذهب أو فضة , و لعل ذلك مخصوص بهم , ليؤثروا الآخرة على الدنيا ,

و كذا الحرير , و يحتمل أن المراد بـ ( الأهل ) الرجال من أهل البيت , فالأمر

واضح " .



قلت : هذا الاحتمال بعيد غير متبادر فالاعتماد على ما ذكره أولا و الله أعلم .



و أقول : فهذا الحديث يدل على مثل ما دل عليه الحديث المشهور الذي سبق آنفا من

إباحة الحرير لسائر النساء , إلا أنه قد يقال : إن الأولى بهن الرغبة عنه و عن

الحلية مطلقا تشبيها بنسائه صلى الله عليه وسلم , لاسيما و قد ثبت عنه أنه

قال :

" ويل للنساء من الأحمرين : الذهب و المعصفر " .

339 " ويل للنساء من الأحمرين : الذهب و المعصفر " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 598 :



أخرجه ابن حبان ( 1464 ) : أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا سريج بن يونس حدثنا

عباد بن عباد عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن # أبي هريرة # عن النبي صلى الله

عليه وسلم قال : فذكره .



و أخرجه البيهقي في " شعب الإيمان " ( 2 / 230 / 2 مصورة المكتب الإسلامي ) من

طريق أبي حاتم الرازي حدثنا سريج بن يونس به .



قلت : و هذا إسناد جيد , رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير الحسن بن سفيان

و هو الفسوي ثقة حافظ مشهور .

و محمد بن عمرو هو ابن علقمة أخرج له البخاري مقرونا و مسلم و متابعة .

و أما قول المناوي في " فيض القدير " بعد أن عزاه تبعا لأصله إلى البيهقي

في " شعب الإيمان " :

" و فيه عباد بن عباد , وثقه ابن معين , و قال ابن حبان : يأتي بالمناكير

فاستحق الترك . نقله الذهبي . و رواه أيضا أبو نعيم في " الصحابة " بهذا اللفظ

لكنه قال " الزعفران " بدل " المعصفر " , قال الحافظ العراقي : ضعيف " .



و أقول : ما نقله عن الذهبي هو في ترجمة عباد بن عباد الأرسوفي من " الميزان "

و ليس هو المذكور في إسناد هذا الحديث , بل هو عباد بن عباد ابن حبيب المهلبي

و هو أعلى طبقة من الأرسوفي , و هو الذي ذكروا في شيوخه محمد بن عمرو بن علقمة

و في الرواة عنه سريج بن يونس , و هو ثقة محتج به في الصحيحين , و ترجمته في

" الميزان " قبيل ترجمة ( الأرسوفي ) و قال فيه : " صدوق " .

و قال الحافظ في " التقريب " : " ثقة ربما وهم " .

فثبت الحديث و الحمد لله , و زال ما أعله به المناوي , و لعل ما نقله عن

العراقي من التضعيف إنما هو على أساس توهمه أعني العراقي أن عبادا هو الأرسوفي

فضعفه بسببه . و الله أعلم .

ثم نقل المناوي في معنى الحديث عن مسند الفردوس :

" يعني يتحلين بحلي الذهب , و يلبسن الثياب المزعفرة , و يتبرجن متعطرات

متبخترات , كأكثر نساء زمننا , فيفتن بهن " .

340 " نعم ليكررن عليكم حتى يرد إلى كل ذي حق حقه " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 599 :



أخرجه أبو يعلى في " مسنده " ( ق 45 / 1 ) عن محمد بن عبيد حدثنا محمد ابن عمرو

عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب عن عبد الله بن الزبير عن # الزبير # قال :

" لما نزلت هذه الآية *( إنك ميت و إنهم ميتون )* قال الزبير : يا رسول الله

أيكرر علينا ما يكون بيننا في الدنيا مع خواص الذنوب ? قال : " فذكره .



قلت : و هذا إسناد جيد , رجاله كلهم ثقات .

ثم أخرجه ( 46 / 1 - 2 ) من طريق سفيان بن عيينة عن محمد بن عمرو به بلفظ :

" لما نزلت ( ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون ) , قال الزبير :

قلت : يا رسول الله و يكرر علينا خصومتنا في الدنيا ? قال : نعم , قال :

قلت : إن الأمر إذا لشديد " .



و أخرجه الترمذي ( 2 / 216 ) و أحمد ( 1 / 164 ) من هذا الوجه , و زاد أحمد :

" و لما نزلت ( ثم لتسألن يومئذ عن النعيم ) قال الزبير : أي رسول الله أي نعيم

نسأل عنه ? و إنما - يعني - هما الأسودان التمر و الماء , قال : أما إن ذلك

سيكون " .



و هذا أخرجه الترمذي أيضا في مكان آخر ( 2 / 239 ) و قال عقبه :

" حديث حسن " . و قال في الأول : " حديث حسن صحيح " .

و أخرجه الحاكم من وجهين آخرين عن ابن عمرو به مثل لفظ محمد بن عبيد و زاد في

آخره ما عند سفيان : " فوالله إن الأمر لشديد " .

و قال : " صحيح على شرط مسلم " . و وافقه الذهبي !



قلت : محمد بن عمرو و هو ابن علقمة إنما أخرج له مسلم و كذا البخاري متابعة ,

كما ذكره الذهبي نفسه في " الميزان " .

341 " البذاذة من الإيمان . يعني التقشف " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 601 :



أخرجه ابن ماجه ( 4118 ) عن أيوب بن سويد عن أسامة بن زيد عن # عبد الله بن

أبي أمامة الحارثي عن أبيه # قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره .



قلت : و هذا إسناد رجاله ثقات غير أيوب بن سويد قال الحافظ : " صدوق يخطىء " .



قلت : فهو لا بأس به في المتابعات , و قد توبع , فأخرجه الطبراني في " المعجم

الكبير " ( 1 / 40 / 1 ) من طريق سعيد بن سلمة بن أبي الحسام حدثني صالح

بن كيسان أن عبد الله بن أبي أمامة بن ثعلبة حدثه عن أبيه به .

و تابعه زهير بن محمد عن صالح به إلا أنه قال : " صالح بن أبي صالح " .

خرجه الحاكم ( 1 / 9 ) و قال :

" احتج مسلم بصالح بن أبي صالح السمان " . و وافقه الذهبي .



قلت : قد اختلف سعيد بن سلمة و زهير بن محمد في نسبة صالح هذا , فالأول قال :

" ابن كيسان " و الآخر " ابن أبي صالح " . و في كل منهما ضعف من قبل حفظه لكن

سعيدا أحسن حالا منه , و سواء كانت روايته أرجح , أو رواية زهير فإن كلا من

الصالحين ثقة في الحديث لاسيما صالح بن كيسان فإنه محتج به في " الصحيحين " . و

إن مما يرجح أنه هو أنهم ذكروه في الرواة عن عبد الله بن أبي أمامة دون الآخر و

الله أعلم .



ثم رأيت الحديث قد أخرجه القضاعي في " مسند الشهاب " ( 6 / 2 / 1 ) من طريق

زهير فقال : عن صالح بن كيسان , فجزمت بما رجحته و تبين أن ما في " المستدرك "

وهم من بعض الرواة إن لم يكن من الحاكم نفسه .

و قد أدخل بعض الرواة بين عبد الله بن أبي أمامة و أبيه رجلا , فقال محمد

ابن إسحاق عن عبد الله بن أبي أمامة عن عبد الله بن كعب بن مالك عن أبي أمامة

قال : " ذكر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما عنده الدنيا , فقال

رسول الله صلى الله عليه وسلم :

" ألا تسمعون , ألا تسمعون ? إن البذاذة من الإيمان , إن البذاذة من الإيمان .

يعني التقحل " .

أخرجه أبو داود ( 4161 ) .



قلت : و ابن إسحاق مدلس , و قد عنعنه .

و قد توبع , فرواه إسماعيل بن عياش عن عبد العزيز بن عبيد الله عن عبد الله

بن عبيد الله بن حكيم بن حزام أن أبا المنيب بن أبي أمامة ( هو عبد الله

بن أبي أمامة ) أخبره أنه لقي عبد الله بن كعب بن مالك : حدثني أبوك قال :

فذكره . أخرجه الطبراني .

ثم روى هو و الطحاوي في " مشكل الآثار " ( 1 / 478 و 4 / 151 ) من طريق

عبد الحميد بن جعفر عن عبد الله بن ثعلبة عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك

قال : سمعت أباك يقول : فذكره .



قلت : و رجال هذه الطريق ثقات كلهم , بخلاف التي قبلها , ففيها عبد العزيز

ابن عبيد الله و هو الحمصي ضعيف . و شيخه عبد الله بن عبيد الله بن حكيم

بن حزام لم أجد له ترجمة .

و هي متفقة مع الطريق التي قبلها على تسمية الرجل بـ " عبد الله بن كعب "

خلافا للطريق الأخيرة , ففيها " عبد الرحمن بن كعب " , و هي أجود . و كل من

عبد الله و عبد الرحمن ثقة .

و مجموع هذه الطرق الثلاث تحملنا على الاقتناع بثبوت الواسطة بين عبد الله

بن أبي أمامة و أبيه .

و يؤيد ذلك ما روى الطبراني أيضا بسند صحيح عن المنيب بن عبد الله بن أبي أمامة

بن ثعلبة قال :

" انصرفت من المسجد , فإذا برجل عليه ثياب بيض , و قميص و رداء سابغ , و عمامة

بغير قلنسوة , قد أرخى من ورائه مثل ما بين يديه , فقال لي :

أخبرني جدك أبو أمامة بن ثعلبة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فذكره .

و الظاهر أن هذا الرجل الذي لم يسم هو ابن كعب بن مالك , و على هذا فيكون قد

حدث بهذا الحديث عبد الله بن أبي أمامة على ما سبق في الطرق المتقدمة , و ابنه

المنيب على ما في روايته هذه , و لكن المنيب هذا مجهول ما روى عنه سوى ابنه

عبد الله , و هو الذي روى هذا الحديث عنه , و لذلك فلا يعتمد على روايته .



و خلاصة القول أن الرواة قد اختلفوا على عبد الله بن أبي أمامة في هذا

الحديث فأسامة بن زيد و صالح بن كيسان قالا : عنه عن أبيه . و محمد بن إسحاق

و عبد الله بن عبيد الله بن حليم و عبد الحميد بن جعفر قالوا : عنه عن ابن كعب

بن مالك عن أبي أمامة .

و يبدو أن رواية هؤلاء الثلاثة أرجح لأنهم أكثر , و لأن معهم زيادة علم .

و من علم حجة على من لم يعلم .

ثم اختلف هؤلاء الثلاثة في تسمية ابن كعب , فالأولان سمياه عبد الله , و سماه

عبد الحميد بن جعفر عبد الرحمن . و لا شك عندي في أن روايته أصح من روايتهما

لأنه ثقة احتج به مسلم , و كذلك سائر الرواة , فالاعتماد في تقوية الحديث على

هذا الطريق , لثقة رواتها و سلامتها من العلل , فلنسق إسنادها بكامله لزيادة

الاطمئنان لما ذكرنا . قال الطبراني رحمه الله : حدثنا محمد بن عبد الله

الحضرمي أنبأنا أحمد بن عاصم بن عنبسة العباداني أنبأنا عبد الله بن حمران

أنبأنا عبد الحميد بن جعفر عن عبد الله بن ثعلبة عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك

قال سمعت أباك يقول :

سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : فذكره باللفظ المذكور أعلاه , و هو

لفظ ابن ماجه .

و محمد بن عبد الله الحضرمي ثقة حافظ و هو الملقب بـ ( مطين ) , و ترجمته في

" تذكرة الحفاظ " ( 2 / 210 ) .

و أحمد بن عاصم بن عنبسة العباداني صدوق كما قال الحافظ في " التقريب " و تابعه

إبراهيم بن مرزوق عند الطحاوي , و لا بأس , و بقية الرجال ثقات رجال مسلم غير

عبد الله بن أبي أمامة و هو صدوق أيضا .

و كان الحامل على تحرير هذا أنني رأيت الحافظ المنذري قد نقل عن بعض المحدثين

ما يشعر بتضعيفه للحديث , و لم يحرر القول فيه , و لو بإيجاز مع وقوع خطأ منه ,

فاقتضى تحقيق القول فيه , فقد قال : ( 3 / 107 ) :

" رواه أبو داود و ابن ماجه كلاهما من رواية محمد بن إسحاق , و قد تكلم أبو عمر

النمري في هذا الحديث " .



فأقول : و غالب الظن أن الكلام المشار إليه إنما هو الاختلاف الذي في إسناده ,

و قد بينا الراجح منه فلا يضره .

و أيضا فإن الحديث ليس عند ابن ماجه من رواية محمد بن إسحاق , كما سبق ذكره في

أول البحث , فاقتضى التنبيه .

ثم إن السيوطي قد عزى الحديث للإمام أحمد أيضا , و مع أن الحاكم قد أخرجه من

طريقه , فإني لم أره في " المسند " له , و هو المراد عند إطلاق العزو إليه .

و ذكر المناوي في شرحه عليه :

أن الحافظ العراقي قال في " أماليه " : " حديث حسن " .

و الديلمي : " هو صحيح " . و كذا قال الحافظ في " الفتح " .

ثم رأيت للحديث طريقا أخرى , فقال الحميدي في " مسنده " ( 357 ) :

حدثنا سفيان قال : حدثنا محمد بن إسحاق عن معبد بن كعب عن عمه أو أمه قال :

" تعلمن يا هؤلاء أن البذاذة من الإيمان " .

و ابن إسحاق مدلس , و قد عنعنه , و قد سبق من طريقه بإسناد آخر له .

342 " إنما العلم بالتعلم و الحلم بالتحلم و من يتحر الخير يعطه و من يتوق الشر

يوقه " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 605 :



أخرجه الخطيب في " تاريخه " ( 9 / 127 ) أخبرنا علي بن أحمد الرزاز حدثنا

عبد الصمد بن علي الطستي حدثنا أحمد بن بشر بن سعد المرثدي حدثنا سعد بن زنبور

حدثنا إسماعيل بن مجالد عن عبد الملك بن عمير عن رجاء بن حيوة عن # أبي هريرة #

مرفوعا به .



و هذا إسناد حسن أو قريب من الحسن : علي بن أحمد الرزاز قال الذهبي صدوق و له

ترجمة عند الخطيب ( 11 / 330 - 331 ) و قال : كتبنا عنه , و كان كثير السماع

كثير الشيوخ و إلى الصدق ما هو , مات سنة ( 419 ) .

و عبد الصمد الطستي ترجمه الخطيب أيضا ( 11 / 41 ) و قال : و كان ثقة سمعت

البرقاني ذكره فأثنى عليه و حثنا على كتب حديثه . و أحمد بن بشر بن سعد المرثدي

روى الخطيب ( 4 / 54 ) عن ابن خراش أنه كان يثني عليه , و عن علي ابن المنادي

أنه قال : هو أحد الثقات مات سنة ( 286 ) , و سعد بن زنبور روى الخطيب أيضا عن

ابن معين أنه قال : هو ثقة ما أراه يكذب , مات سنة ( 230 ) و بقية رجال الإسناد

معروفون من رجال التهذيب و هم من رواة الصحيح غير أن إسماعيل بن مجالد مع كونه

من رجال البخاري فهو متكلم فيه من قبل حفظه , و في " التقريب " : " أنه صدوق

يخطىء " .



قلت : فمثله لا ينزل حديثه عن رتبة الحسن لاسيما و أنه لم ينفرد به بل رواه

غيره بإسناد آخر بهذا اللفظ تماما كما يأتي .

قال الحافظ العراقي ( 3 / 153 ) : " رواه الطبراني و الدارقطني بسند ضعيف " .

و له شاهد آخر بنحوه بلفظ : " يا أيها الناس إنما العلم بالتعلم , و الفقه

بالتفقه , و من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين , و إنما يخشى الله من عباده

العلماء " .

قال في " المجمع " ( 1 / 128 ) : " رواه الطبراني في " الكبير " عن معاوية

مرفوعا و فيه رجل لم يسم , و عتبة بن أبي حكيم وثقه أبو حاتم و أبو زرعة و ابن

حبان و ضعفه جماعة " .



قلت : و في " التقريب " : " و هو صدوق يخطىء كثيرا " .

و قال المناوي : " رواه ابن أبي عاصم أيضا قال ابن حجر في " المختصر " :

إسناده حسن لأن فيه مبهما اعتضد بمجيئه من وجه آخر " .



قلت : و كأن الحافظ أشار بذلك الوجه إلى حديث أبي هريرة . و قد أخرجه ابن عساكر

أيضا في " تاريخ دمشق " ( 6 / 117 / 1 ) من طريق أخرى عن إسماعيل ابن مجالد به

.

343 " كف عنا جشاءك , فإن أكثرهم شبعا في الدنيا , أطولهم جوعا يوم القيامة " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 606 :



روي من حديث #‎ابن عمر و أبي جحيفة , و ابن عمرو , و ابن عباس , و سلمان # .



1 - حديث ابن عمر . يرويه عبد العزيز بن عبد الله القرشي حدثنا يحيى البكاء عن

ابن عمر قال :

" تجشأ رجل عند النبي صلى الله عليه وسلم , فقال " فذكره .

أخرجه الترمذي ( 2 / 78 ) و ابن ماجه ( 3350 ) و قال الترمذي :

" حديث غريب من هذا الوجه " .

قلت : يعني ضعيف , و ذلك لأن يحيى بن مسلم البكاء ضعيف .

و عبد العزيز بن عبد الله القرشي منكر الحديث كما في " التقريب " .

و قال ابن أبي حاتم في " العلل " ( 2 / 139 ) عن أبيه :

" هذا حديث منكر " .



2 - حديث أبي جحيفة , و له عنه طرق :



الأولى : عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه قال :

" أكلت خبز بر بلحم سمين , فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فتجشأت فقال : احبس

أو اكفف جشاءك ... " الحديث و زاد :

" قال : فما أكل أبو جحيفة ملء بطنه حتى فارق الدنيا " .

أخرجه ابن أبي الدنيا في " الجوع " ( 2 / 2 ) من طريق الوليد بن عمرو ابن ساج

عنه .



قلت : و الوليد هذا ضعيف , ضعفه ابن معين و النسائي و غيرهما .

لكنه لم يتفرد به , فقال ابن أبي حاتم في " العلل " ( 2 / 123 ) :

" سمعت أبي و ذكر حديثا كان في كتاب عمرو بن مرزوق و لم يحدث به عن مالك بن

مغول عن عون بن أبي جحيفة ... ( فذكره ) فسمعت أبي يقول : هذا حديث باطل , و لم

يبلغني أن عمرو بن مرزوق حدث به قط " .

كذا قال , و سيأتي عن الإمام أحمد أنه ابن مرزوق كان يحدث به ثم ترك .

و عمرو بن مرزوق ثقة له أوهام كما في " التقريب " , فلعله بدى له , أو عرض له

شيء من الشك فترك التحديث به , و الله أعلم .



الثانية : عن علي بن الأقمر عن أبي جحيفة به .

أخرجه الحاكم ( 4 / 121 ) عن فهد بن عوف حدثنا فضل بن أبي الفضل الأزدي أخبرني

عمر بن موسى : أخبرني علي بن الأقمر ... و قال : " صحيح الإسناد " .

و رده الذهبي بقوله :

" قلت : فهد قال المديني : كذاب , و عمر هالك " .

و تعقبه المنذري أيضا فقال في " الترغيب " ( 3 / 122 ) :

" بل واه جدا , فيه فهد بن عوف و عمر بن موسى " .



قلت : و عمر هذا هو ابن موسى الوجيهي و هو متهم أيضا , و روي من طريق غيره ,

فقال ابن قدامة في " المنتخب " ( 10 / 194 / 1 ) :

" قال مهنا : سألت أحمد و يحيى , قلت : حدثني عبد العزيز بن يحيى حدثنا شريك

عن علي بن الأرقم ...‎( فذكره ) ? فقالا : ليس بصحيح . قلت لأحمد : يروى من غير

هذا الوجه ? قال : كان عمرو بن مرزوق يحدث به عن مالك بن مغول عن علي بن الأرقم

عن أبي جحيفة ثم تركه بعد . ثم سألته بعد ? فقال : ليس بصحيح " .



قلت : و عبد العزيز بن يحيى هو المدني كذبه إبراهيم بن المنذر الحزامي .

و قال البخاري : يضع الحديث .

و أخرجه تمام في " الفوائد " ( 99 / 1 ) من طريق أبي ربيعة . حدثنا عمر

بن الفضل عن رقبة عن علي بن الأقمر به . و هذا رجاله ثقات , لكن أبو ربيعة

هو فهد بن عوف نفسه , و قد عرفت ضعفه .



الثالثة : عن أبي رجاء عمن سمع أبا جحيفة به . و زاد في آخره :

" قال أبو جحيفة : فما شبعت منذ ثلاثين سنة " .

أخرجه ابن أبي الدنيا ( 1 / 2 ) .

و فيه الرجل الذي لم يسم . لكن قال المنذري مستدركا على طريق الحاكم الواهية :

" رواه البزار بإسنادين رواة أحدهما ثقات " .

و قال الهيثمى ( 5 / 31 ) :

" رواه الطبراني في " الأوسط " و " الكبير " بأسانيد , و في أحد أسانيد

" الكبير " محمد بن خالد الكوفي , و لم أعرفه , و بقية رجاله ثقات " .



3 - حديث ابن عمرو قال :

" تجشأ رجل عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال : اقصر من جشئك فإن .." الحديث .

قال الهيثمي :

" رواه الطبراني عن شيخه مسعود بن محمد و هو ضعيف " .



4 - حديث ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

" إن أهل الشبع في الدنيا هم أهل الجوع غدا في الآخرة " .

قال المنذري :

" رواه الطبراني بإسناد حسن " .

و قد أخرجه أبو نعيم في " الحلية " ( 3 / 345 - 346 ) من طريق الطبراني ,

و قال : " لم يروه عن فضيل إلا يحيى بن سليمان القرشي و فيه مقال " .

و قال العراقي في " تخريج الإحياء " ( 3 / 71 ) : " إسناده ضعيف " .



5 - حديث سلمان , يرويه عطية بن عامر الجهني , قال : سمعت سلمان و أكره على

طعام يأكله , فقال : حسبي : إنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :

" إن أكثر الناس شبعا في الدنيا أطولهم جوعا يوم القيامة " .

أخرجه ابن ماجه ( 3351 ) من طريق سعيد بن محمد الثقفي عن موسى الجهني عن زيد

بن وهب عن عطية ...

و هكذا أخرجه ابن أبي الدنيا ( 1 / 2 ) و العقيلي في " الضعفاء " ( ص 330 )

و أبو نعيم في " الحلية " ( 1 / 198 - 199 ) .

و قال العقيلي : " عطية في إسناده نظر " .



قلت : و تعقبه الذهبي فقال :

" ليس الضعف . إلا أن الحديث انفرد به واه , و هو سعيد بن محمد الوراق " .

و أقول : كلا , ليس الضعف من سعيد فقط , فإن عطية مع قول العقيلي فيه ما عرفت ,

فلم يوثقه غير ابن حبان ( 1 / 173 ) , و من المعلوم أن توثيقه غير معتمد عند

المحققين من العلماء و النقاد , و منهم الذهبي نفسه , و لهذا لم يوثقه الحافظ

في " التقريب " , و إنما قال فيه :

" مقبول " . يعني عند المتابعة , و إلا فلين الحديث كما نص عليه في المقدمة .

و منه يتبين أن تعقب الذهبي على العقيلي مما لا طائل تحته , و أن للحديث علتين

سعيد الوراق , و عطية الجهني .



و جملة القول أن الحديث قد جاء من طرق عمن ذكرنا من الصحابة و هي و إن كانت

مفرداتها , لا تخلو من ضعف , فإن بعضها ليس ضعفها شديدا , و لذلك فإني أرى أنه

يرتقي بمجموعها إلى درجة الحسن على أقل الأحوال . و الله سبحانه و تعالى أعلم .

344 " يا غلام إذا أكلت فقل : بسم الله و كل بيمينك و كل مما يليك " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 611 :



أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 3 / 2 / 2 ) : حدثنا عبيد بن غنام

أنبأنا أبو بكر بن أبي شيبة الحديث و حدثنا أحمد بن عمرو الخلال المكي أنبأنا

محمد بن أبي عمر العدني قالا : أنبأنا سفيان عن الوليد بن كثير عن وهب بن كيسان

عن # عمرو بن أبي سلمة # قال :

" كنت غلاما في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم , كانت يدي تطيش في الصحفة ,

فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ... " فذكره .



قلت : و هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين , و قد أخرجاه من طرق عن وهب به بلفظ :

" ... سم الله ... " .

و قد ذكرت طرقه مخرجة في " الإرواء " ( 2028 ) , و إنما خرجته هنا من طريق

الطبراني بهذا اللفظ لعزته , و قلة وجوده في كتب السنة المتداولة , و قد ذكره

بهذا اللفظ العلامة ابن القيم في " زاد المعاد " بهذا اللفظ دون أن يعزوه لأحد

كما هي عادته على الغالب .

و في الحديث دليل على أن السنة في التسمية على الطعام إنما هي " بسم الله " فقط

و مثله حديث عائشة مرفوعا :

" إذا أكل أحدكم طعاما فليقل : بسم الله , فإن نسي في أوله , فليقل : بسم الله

في أوله و آخره " .

أخرجه الترمذي و صححه , و له شاهد من حديث ابن مسعود تقدم ذكره مخرجا برقم

( 196 ) .

و حديث عائشة قواه الحافظ في " الفتح " ( 9 / 455 ) و قال :

" هو أصرح ما ورد في صفة التسمية " قال :

" و أما قول النووي في آداب الأكل من " الأذكار " : " صفة التسمية من أهم ما

ينبغي معرفته , و الأفضل أن يقول : بسم الله الرحمن الرحيم , فإن قال :

بسم الله كفاه و حصلت السنة " . فلم أر لما ادعاه من الأفضلية دليلا خاصا " .

و أقول : لا أفضل من سنته صلى الله عليه وسلم " و خير الهدي هدي محمد صلى الله

عليه وسلم " فإذا لم يثبت في التسمية على الطعام إلا " بسم الله " , فلا يجوز

الزيادة عليها فضلا عن أن تكون الزيادة أفضل منها ! لأن القول بذلك خلاف ما

أشرنا إليه من الحديث :

" و خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم " .

345 " استكثروا من النعال , فإن الرجل لا يزال راكبا ما انتعل " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 612 :



أخرجه مسلم ( 6 / 153 ) و أبو داود ( 4133 ) و أحمد ( 3 / 337 , 360 ) و الخطيب

في " تاريخ بغداد " ( 3 / 425 ) من طريق أبي الزبير عن جابر قال : سمعت النبي

صلى الله عليه وسلم يقول في غزوة غزوناها : فذكره .



قلت : و أبو الزبير مدلس و قد عنعنه , لكن للحديث شواهد يتقوى بها .

فمنها : عن عمران بن حصين مرفوعا به .

أخرجه العقيلي ( 230 ) و الخطيب ( 9 / 404 - 405 ) من طريق مجاعة بن الزبير

الأسدي : حدثنا الحسن عنه .



قلت : و رجاله ثقات غير مجاعة هذا , و هو حسن الحديث قال أحمد : " لم يكن به

بأس " . و ضعفه الدارقطني .

و الحسن هو البصري و هو مدلس أيضا و قد عنعنه .

و قال الهيثمي في " المجمع " ( 5 / 138 ) :

" رواه الطبراني و فيه مجاعة بن الزبير , لا بأس به في نفسه . و قال ابن عدي :

هو ممن يحتمل و يكتب حديثه , و ضعفه الدارقطني , و بقية رجاله ثقات " .

و منها عن عبد الله بن عمرو مرفوعا به .

قال الهيثمي :

" رواه الطبراني في " الأوسط " و فيه إسماعيل بن مسلم المكي و هو ضعيف " .

346 " إذا حدثتكم حديثا فلا تزيدن علي و قال : أربع من أطيب الكلام و هن من القرآن

لا يضرك بأيهن بدأت : سبحان الله و الحمد لله و لا إله إلا الله و الله أكبر ,

ثم قال : لا تسمين غلامك أفلح , و لا نجيحا , و لا رباحا , و لا يسارا ( فإنك

تقول : أثم هو ? فلا يكون , فيقول : لا ) " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 613 :



أخرجه أحمد ( 5 / 11 ) : حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن سلمة بن كهيل عن

# هلال بن يساف عن سمرة # عن النبي صلى الله عليه وسلم .



و أخرجه الطيالسي في " مسنده " ( 899 , 900 ) : حدثنا شعبة به مفرقا في موضعين

و تابعه سفيان و هو الثوري عن سلمة بن كهيل به , دون شطره الأول , و الأخير .

أخرجه أحمد ( 5 / 20 ) و ابن ماجه ( 3811 ) .

و لشعبة فيه شيخ آخر , فقال الطيالسي ( 893 ) : حدثنا شعبة عن منصور قال : سمعت

هلال بن يساف يحدث عن الربيع بن عميلة عن سمرة به مقتصرا على تسمية الغلام .

و كذلك أخرجه أحمد ( 5 / 7 ) و مسلم ( 6 / 172 ) من طرق أخرى عن شعبة به .

و تابعه زهير عن منصور به أتم منه مثل رواية شعبة الأولى عن ابن كهيل , إلا أنه

جعل الشطر الأول في آخر الحديث , و فيه الزيادة التي بين القوسين .

أخرجه أحمد ( 5 / 10 ) و مسلم .



و يتبين مما سبق أن هلال بن يساف , كان تارة يرويه عن سمرة مباشرة , و تارة عن

الربيع بن عميلة عنه , فلعله سمعه أولا على هذا الوجه , ثم لقي سمرة فسمعه منه

مباشرة , فكان يرويه تارة هكذا , و تارة هكذا , و هو ثقة غير معروف بالتدليس ,

فيحتمل منه ذلك .

و قد تابعه الركين بن الربيع بن عميلة عن أبيه عن سمرة بقضية التسمية فقط , إلا

أنه ذكر " نافعا " مكان " نجيحا " .

أخرجه مسلم و أحمد ( 5 / 12 ) .



و في الحديث آداب ظاهرة , و فوائد باهرة , أهمها النهي عن الزيادة في حديثه

صلى الله عليه وسلم , و هذا و إن كان معناه في رواية حديثه و نقله , فإنه يدل

على المنع من الزيادة فيه تعبدا قصدا للاستزادة من الأجر بها من باب أولى ,

و أبرز صور هذا , الزيادة على الأذكار و الأوراد الثابتة عنه صلى الله عليه

وسلم , كزيادة " الرحمن الرحيم " في التسمية على الطعام , فكما أنه لا يجوز

للمسلم أن يروى قوله صلى الله عليه وسلم المتقدم ( 344 ) :

" قل : بسم الله " بزيادة " الرحمن الرحيم " , فكذلك لا يجوز له , أن يقول هذه

الزيادة على طعامه , لأنه زيادة على النص فعلا , فهو بالمنع أولى , لأن قوله

صلى الله عليه وسلم : " قل باسم الله " تعليم للفعل , فإذا لم يجز الزيادة في

التعليم الذي هو وسيلة للفعل , فلأن لا يجوز الزيادة في الفعل الذي هو الغاية

أولى و أحرى . ألست ترى إلى ابن عمر رضي الله عنه أنه أنكر على من زاد الصلاة

على النبي صلى الله عليه وسلم بعد الحمد عقب العطاس , بحجة أنه مخالف لتعليمه

صلى الله عليه وسلم , و قال له : " و أنا أقول : الحمد لله , و السلام على رسول

الله صلى الله عليه وسلم , و لكن ليس هكذا علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم

علمنا إذا عطس أحدنا أن يقول : الحمد لله على كل حال " .



أخرجه الحاكم ( 4 / 265 - 266 ) و قال :

" صحيح الإسناد " و وافقه الذهبي .



فإذا عرفت ما تقدم من البيان , فالحديث من الأدلة الكثيرة على رد الزيادة في

الدين و العبادة . فتأمل في هذا و احفظه فإنه ينفعك إن شاء الله تعالى في إقناع

المخالفين , هدانا الله و إياهم صراطه المستقيم .



و في الحديث النهي عن التسمية بـ ( يسار ) و ( رباح ) , و ( أفلح ) و ( نجيح )

و نحوها , فينبغي التنبيه لهذا , و ترك تسمية الأبناء بشيء منه , و قد كان في

السلف من دعي بهذه الأسماء , فالظاهر أنه كان ذلك لسبب عدم علمهم بالحديث إذا

كان من التابعين فمن بعدهم , أو قبل النهى عن ذلك إذا كان من الصحابة رضي الله

عنهم . و الله أعلم .

347 " إذا دعا أحدكم أخاه لطعام فليجب فإن شاء طعم و إن شاء ترك " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 616 :



أخرجه الطحاوي في " مشكل الآثار " ( 4 / 148 ) : حدثنا يزيد قال : حدثنا

أبو عاصم قال : حدثنا ابن جريج قال : أخبرني أبو الزبير سمع # جابرا # يقول :

سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : فذكره .



قلت : و هذا إسناد صحيح مسلسل بالتحديث , و لذلك خرجته , و إلا فقد أخرجه مسلم

( 4 / 153 ) : و حدثنا ابن نمير : حدثنا أبو عاصم عن ابن جريج عن أبي الزبير

بهذا الإسناد مثله .



قلت : يعني إسناد سفيان عن أبي الزبير عن جابر ساقه قبله لم يقع عنده فيه تصريح

أبي الزبير بالتحديث , و تصريحه به مهم لأنه مدلس , فإذا عنعن كما وقع في

" مسلم " لم تنشرح النفس لحديثه , و كذلك أخرجه أبو داود ( 3740 ) و أحمد ( 3 /

392 ) من طريق سفيان به و ابن ماجه ( 1751 ) من طريق أحمد ابن يوسف السلمي

حدثنا أبو عاصم به , لم يصرح أبو الزبير بالتحديث .

و يزيد هو ابن سنان البصري نزيل مصر . قال ابن أبي حاتم ( 4 / 2 / 267 ) :

" كتبت عنه , و هو صدوق ثقة " .

348 " إن الشيطان يمشي في النعل الواحدة " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 616 :



أخرجه الطحاوي في " مشكل الآثار " ( 2 / 142 ) : حدثنا الربيع بن سليمان

المرادي حدثنا ابن وهب عن الليث بن سعد عن جعفر بن ربيعة عن عبد الرحمن الأعرج

عن # أبي هريرة # أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فذكره .



قلت : و هذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير الربيع بن سليمان

المرادي و هو ثقة .

و الحديث في " الصحيحين " و غيرهما من طريق أبي الزناد عن الأعرج به بلفظ

" لا يمش أحدكم في نعل واحدة , لينعلهما جميعا , أو ليخلعهما جميعا " .

و له شاهد من حديث جابر مرفوعا بلفظ :

" لا تمش في نعل واحدة " .

أخرجه مسلم ( 6 / 154 ) و أحمد ( 3 / 322 ) و غيرهما .



قلت : فالحديث في النهي عن المشي في نعل واحدة صحيح مشهور , و إنما خرجت حديث

الطحاوي هذا لتضمنه علة النهي , فهو يرجح قولا واحدا من الأقوال التي قيلت في

تحديدها , فجاء في " الفتح " ( 10 / 261 ) :

" قال الخطابي : الحكمة في النهي أن النعل شرعت لوقاية الرجل عما يكون في الأرض

من شوك أو نحوه , فإذا انفردت إحدى الرجلين احتاج الماشي أن يتوقى لإحدى رجليه

ما لا يتوقى للأخرى فيخرج بذلك عن سجية مشيه , و لا يأمن مع ذلك من العثار .

و قيل : لأنه لم يعدل بين جوارحه , و ربما نسب فاعل ذلك إلى اختلال الرأي

أو ضعفه . و قال ابن العربي : قيل : العلة فيها أنها مشية الشيطان , و قيل :

لأنها خارجة عن الاعتدال . و قال البيهقي : الكراهة فيه للشهرة فتمتد الأبصار

لمن ترى ذلك منه , و قد ورد النهي عن الشهرة في اللباس , فكل شيء صير صاحبه

شهرة فحقه أن يجتنب " .



فأقول : الصحيح من هذه الأقوال , هو الذي حكاه ابن العربي أنها مشية الشيطان .

و تصديره إياه بقوله : " قيل " مما يشعر بتضعيفه , و ذلك معناه أنه لم يقف على

هذا الحديث الصحيح المؤيد لهذا " القيل " , و لو وقف عليه لما وسعه إلا الجزم

به . و كذلك سكوت الحافظ عليه يشعرنا أنه لم يقف عليه أيضا , و إلا لذكره على

طريقته في جمع الأحاديث و ذكر أطرافها المناسبة للباب , لاسيما و ليس في تعيين

العلة و تحديدها سواه .

فخذها فائدة نفيسة عزيزة ربما لا تراها في غير هذا المكان , يعود الفضل فيها

إلى الإمام أبي جعفر الطحاوي , فهو الذي حفظها لنا بإسناد صحيح في كتابه دون

عشرات الكتب الأخرى لغيره .



( تنبيه ) أما الحديث الذي رواه ليث عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة

قالت :

" ربما مشى النبي صلى الله عليه وسلم في نعل واحدة " .

فهو ضعيف لا يحتج به .



أخرجه الترمذي ( 1 / 329 ) من طريق هريم بن سفيان البجلي الكوفي و الطحاوي من

طريق مندل كلاهما عن ليث به . و ضعفه الطحاوي بقوله :

" مندل ليس من أهل التثبت . و ليث و إن كان من أهل الفضل فإن روايته ليست عند

أهل العلم بالقوية " .



قلت : مندل قد تابعه هريم و هو ثقة من رجال الشيخين , فبرئت عهدته منه ,

و انحصرت في الليث فهو علة الحديث , و هو ضعيف .

قال الحافظ في " التقريب " :

" صدوق اختلط أخيرا و لم يتميز حديثه فترك " .

و إذا عرف هذا فلا يجوز معارضة حديث الباب بهذا الحديث الواهي كما فعل بعض أهل

الجهل بالآثار فيما ذكره الإمام الطحاوي رحمه الله تعالى .

349 " ما من رجل يلي أمر عشرة فما فوق ذلك إلا أتى الله عز و جل مغلولا يوم القيامة

يده إلى عنقه فكه بره أو أوبقه إثمه , أولها ملامة و أوسطها ندامة و آخرها خزى

يوم القيامة " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 619 :



أخرجه أحمد ( 5 / 267 ) حدثنا أبو اليمان حدثنا إسماعيل بن عياش عن يزيد بن

( أبي ) مالك عن لقمان بن عامر عن # أبي أمامة # عن النبي صلى الله عليه وسلم

أنه قال : فذكره .



قلت : و هذا إسناد شامي جيد , رجاله كلهم ثقات , و في يزيد و هو ابن عبد الرحمن

بن أبي مالك الدمشقي القاضي كلام لا ينزل حديثه عن رتبة الحسن . و قال فيه

الحافظ في " التقريب " : " صدوق ربما وهم " .

و الحديث قال الهيثمي ( 5 / 205 ) :

" رواه أحمد و الطبراني و فيه يزيد بن أبي مالك وثقه ابن حبان و غيره و بقية

رجاله ثقات " .

و قال المنذري ( 3 / 132 - 133 , 4 / 294 ) :

" رواه أحمد , و رواته ثقات إلا يزيد بن أبي مالك , و هو ثقة , و قال بعضهم :

لين " .

350 " إن عشت إن شاء الله إلى قابل صمت التاسع مخافة أن يفوتني يوم عاشوراء " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 619 :



أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 3 / 99 / 2 ) من طريقين عن أحمد بن يونس

أنبأنا ابن أبي ذئب عن القاسم بن عباس عن عبد الله بن عمير عن # ابن عباس #

مرفوعا .



قلت : و هذا سند صحيح رجاله كلهم ثقات .

351 " اللهم من ظلم أهل المدينة و أخافهم فأخفه , و عليه لعنة الله و الملائكة

و الناس أجمعين , لا يقبل منه صرف و لا عدل " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 620 :



رواه الطبراني في " الأوسط " ( 1 / 125 / 2 ) : حدثنا روح بن الفرج أبو الزنباع

حدثنا يحيى بن بكير حدثنا الليث به سعد عن هشام بن عروة عن موسى بن عقبة عن

عطاء بن يسار عن # عبادة بن الصامت # مرفوعا و قال :

" لم يروه عن موسى إلا هشام تفرد به الليث " .



قلت : و هذا إسناد صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين غير روح بن الفرج و هو ثقة

كما في " التقريب " و قول الهيثمي في " المجمع " ( 3 / 306 ) :

" رواه الطبراني في " الأوسط " " و الكبير " و رجاله رجال الصحيح " ليس صحيحا

على إطلاقه , و تلك عادة له أنه يطلق مثل هذا القول : " و رجاله رجال الصحيح "

و يعني من فوق شيخ الطبراني , فاعلم هذا فإنه مفيد في مواطن النزاع و التحقيق .



ثم رأيت الحديث في " تاريخ ابن عساكر " ( 16 / 241 / 2 ) من طريق عيسى ابن حماد

أنبأنا الليث به .

352 " البس جديدا و عش حميدا و مت شهيدا " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 620 :



أخرجه ابن ماجه ( 3558 ) و ابن السني في " عمل اليوم و الليلة " ( 262 )

و أحمد و إسحاق في " مسنديهما " و النسائي في " الكبرى " و الطبراني كلهم عن

عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن # سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه # قال :

" رأى النبي صلى الله عليه وسلم على عمر رضي الله عنه ثوبا أبيض فقال : أجديد

ثوبك هذا أم غسيل ? فقال : بل غسيل , و ( في رواية : جديدا ) فقال : فذكره .

زاد الدبري و يرزقك الله قرة عين في الدنيا و الآخرة , قال : و إياك يا رسول

الله " .



قال الحافظ في " نتائج الأفكار " ( 1 / 27 / 2 ) :

" هذا حديث حسن غريب , و رجال الإسناد رجال الصحيح , لكن أعله النسائي فقال :

هذا حديث منكر أنكره يحيى القطان على عبد الرزاق , قال النسائي : و قد روي أيضا

عنه متصلا يعني الزهري , و روي عنه مرسلا . قال : و ليس هذا من حديث الزهري .



قلت : و جدت له شاهدا مرسلا أخرجه بن أبي شيبة في المصنف عن عبد الله بن إدريس

عن أبي الأشهب عن رجل , فذكر المتن بنحو رواية أحمد , و أبو الأشهب اسمه جعفر

ابن حيان العطاردي و هو من رجال الصحيح , و سمع من كبار التابعين , و هذا يدل

على أن للحديث أصلا , و أقل درجاته أن يوصف بالحسن " .



( تنبيه )

---------

اقتصر النووي في " الأذكار " في عزوه على بن ماجة و ابن السني و هو قصور ظاهر

تعجب منه الحافظ .

353 " إياي و التنعم , فإن عباد الله ليسوا بالمتنعمين " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 621 :



أخرجه أحمد ( 5 / 243 , 244 ) و أبو نعيم في " الحلية " ( 5 / 155 ) من طرق عن

بقية بن الوليد عن السري بن ينعم عن مريح بن مسروق عن # معاذ بن جبل # .

" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بعث به إلى اليمن قال : " فذكره .



قلت : و هذا إسناد رجاله ثقات كما قال المنذري ( 3 / 125 ) و الهيثمي

( 10 / 250 ) , و سكتا عن عنعنة بقية مع كونه مشهورا بالتدليس ! و لكنه قد صرح

بالتحديث عند أبي نعيم , فزالت شبهة تدليسه و ثبت الحديث بذلك . و الحمد لله .

354 " إياك و كل ما يعتذر منه " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 622 :



رواه الضياء في " المختارة " ( 131 / 1 ) عن عمرو بن الضحاك حدثنا أبي الضحاك

ابن مخلد أنبأ شبيب بن بشر عن # أنس بن مالك # مرفوعا .



قلت : و هذا سند حسن رجاله ثقات و في شبيب كلام لا يضر .

و قال الحافظ في " التقريب " : " صدوق يخطىء " .

و قال المناوي : " و رواه عن أنس أيضا الديلمي في " مسند الفردوس " و سنده حسن

و أخرجه الحاكم في " المستدرك " من حديث سعد , و الطبراني في " الأوسط " من

حديث ابن عمر و جابر " .



قلت : في حديث جابر محمد بن أبي حميد , و هو مجمع على ضعفه كما في " المجمع "

( 10 / 248 ) .

355 " مثل المؤمن مثل النحلة , لا تأكل إلا طيبا , و لا تضع إلا طيبا " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 622 :



أخرجه ابن حبان ( رقم 30 ) و ابن عساكر ( 2 / 43 / 1 ) من طريق مؤمل ابن

إسماعيل حدثنا شعبة عن يعلى بن عطاء عن # وكيع بن عدس عن عمه أبي رزين # قال :

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم .



ثم روى ابن عساكر بسنده عن هارون الحمال قال :

" و ذكر هذا الحديث - حديث مؤمل - لأبي عبد الله ( يعني الإمام أحمد ) فقال

أبو عبد الله : إنما حدثنا غندر عن شعبة عن يعلى بن عطاء عن عبد الله بن عمرو

عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : مثل المؤمن مثل النحلة " .



قلت : كذا وقع في نسخة ابن عساكر : " عن يعلى بن عطاء عن عبد الله ابن عمرو " .

و أخشى أن يكون سقط منها شيء فقد أخرجه ابن أبي شيبة في " كتاب الإيمان "

( رقم 89 - بتحقيقي ) بسند أحمد مغايرا لما فيها , فقال : حدثنا غندر عن شعبة

عن يعلى بن عطاء عن أبيه عن عبد الله بن عمرو قال :

" مثل المؤمن .... " . هكذا قال : " عن أبيه " و لم يرفعه و لعله الصواب .

و إذا ثبت ذلك فالإمام أحمد يشير إلى أن مؤمل بن إسماعيل قد أخطأ في إسناد

الحديث فقال : " عن وكيع بن عدس " و الصواب " عن أبيه " كما قال غندر فإنه أوثق

من مؤمل و أخطأ أيضا في رفعه , لأن غندرا أوقفه عند ابن أبي شيبة و لعله كذلك

عند ابن عساكر , لكن بعض النساخ رفعه !

نعم قد جاء مرفوعا من طريقين آخرين عن شعبة , فقال ابن السماك في " حديثه "

( 2 / 90 / 2 ) : حدثنا محمد بن عيسى حدثنا سلام بن سليمان حدثنا شعبة بإسناد

غندر مرفوعا .

و سلام هذا و هو أبو العباس المدائني الضرير قال الحافظ في " التقريب " :

" ضعيف " . و لكن تابعه حجاج بن نصير قال : أنبأنا شعبة به .

أخرجه القضاعي في " مسند الشهاب " ( 110 / 1 ) .

و حجاج ضعيف أيضا . لكن تابعه حرمي ابن عمارة بن أبي حفصة قال : أنبأنا شعبة به

.

أخرجه البخاري في " التاريخ الكبير " ( 4 / 1 / 248 / 1058 ) . و حرمي صدوق يهم

فهو بمجموع هذه المتابعات ثابت عن شعبة .

و للحديث طريق أخرى أخرجها الحسين المروزي في " زوائد الزهد لابن المبارك "

( ق 123 / 1 - كواكب 575 ) بسند صحيح عن عبد الله بن بريدة قال :

" ذكر لي أن أبا سبرة بن سلمة سمع .... عبد الله بن عمرو ...... " فذكره مرفوعا

و فيه قصة .



و جملة القول أن الحديث بهذه الطرق حسن أو صحيح . و الله أعلم .

356 " أتاني جبريل عليه السلام فقال : إني كنت أتيتك الليلة فلم يمنعني أن أدخل

عليك البيت الذي أنت فيه إلا أنه كان في البيت تمثال رجل و كان في البيت قرام

ستر فيه تماثيل فمر برأس التمثال يقطع فيصير كهيئة الشجرة و مر بالستر يقطع

و في رواية : إن في البيت سترا في الحائط فيه تماثيل , فاقطعوا رءوسها فاجعلوها

بساطا أو وسائد فأوطئوه , فإنا لا ندخل بيتا فيه تماثيل . فيجعل منه وسادتان

توطآن و مر بالكلب فيخرج . ففعل رسول الله صلى الله عليه وسلم و إذا الكلب جرو

كان للحسن و الحسين عليهما السلام تحت نضد لهما . قال : و مازال يوصيني بالجار

حتى ظننت أو رأيت أنه سيورثه " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 624 :



أخرجه أحمد ( 2 / 305 , 478 ) و السياق له و أبو داود ( 4158 ) و الترمذي

( 2 / 132 ) و ابن حبان في " صحيحه " ( 1487 ) من طريق يونس بن أبي إسحاق عن

مجاهد عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره .



قلت : و هذا إسناد صحيح على شرط مسلم , و صححه الترمذي و غيره , و قد صرح يونس

بالتحديث في رواية ابن حبان , و في حفظه ضعف يسير لا يضر في حديثه ,

و قال الحافظ في " التقريب " : " صدوق يهم قليلا " .



قلت : و قد تابعه أبو إسحاق , فقال أحمد ( 2 / 308 ) حدثنا عبد الرزاق أنبأنا

معمر عن أبي إسحاق عن مجاهد به مختصرا بالرواية الثانية .

و هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين لولا أن أبا إسحاق و هو السبيعي والد يونس ,

كان تغير في آخره , و قد اختلف عليه في لفظه , فرواه عنه معمر هكذا , و رواه

أبو بكر عنه به نحوه بلفظ :

" فإما أن تقطع رؤوسها , أو تجعل بساطا يوطأ " .

أخرجه النسائي ( 2 / 302 ) .

و الأول أصح , لأن معمرا حفظه عن أبي بكر و هو ابن عياش الكوفي قال الحافظ :

" ثقة عابد , إلا أنه لما كبر ساء حفظه , و كتابه صحيح " .



فقه الحديث :

--------------

الأول : تحريم الصور , لأنها سبب لمنع دخول الملائكة , و الأحاديث في تحريمها

أشهر من أن تذكر .



الثاني : أن التحريم يشمل الصور التي ليست مجسمة و لا ظل لها لعموم قول جبريل

عليه السلام : " فإنا لا ندخل بيتا فيه تماثيل " , و هي الصور , و يؤيده أن

التماثيل التي كانت على القرام لا ظل لها , و لا فرق في ذلك بين ما كان منها

تطريزا على الثوب أو كتابة على الورق , أو رسما بالآلة الفوتوغرافية إذ كل ذلك

صور و تصوير , و التفريق بين التصوير اليدوي و التصوير الفوتوغرافي , فيحرم

الأول دون الثاني , ظاهرية عصرية , و جمود لا يحمد كما حققته في " آداب الزفاف

في السنة المطهرة " ( ص 112 - 114 ) .



الثالث : أن التحريم يشمل الصورة التي توطأ أيضا إذا تركت على حالها و لم تغير

بالقطع , و هو الذي مال إليه الحافظ في " الفتح " .



الرابع : أن قوله " حتى تصير كهيئة الشجرة " , دليل على أن التغيير الذي يحل به

استعمال الصورة , إنما هو الذي يأتي على معالم الصورة , فيغيرها حتى تصير على

هيئة أخرى مباحة كالشجرة . و عليه فلا يجوز استعمال الصورة و لو كانت بحيث لا

تعيش لو كانت حية كما يقول بعض الفقهاء , لأنها في هذه الحالة لا تزال صورة

اسما و حقيقة , مثل الصور النصفية , و أمثالها , فاعلم هذا فإنه مما يهم المسلم

معرفته في هذا العصر الذي انتشرت فيه الصور و عمت و طمت . , و إن شئت زيادة

تحقيق في هذا , فراجع المصدر السابق ( ص 111 / 112 ) .



الخامس : فيه إشارة إلى أن الصورة إذا كانت من الجمادات فهي جائزة , و لا تمنع

من دخول الملائكة , لقوله " كهيئة الشجرة " , فإنه لو كان تصوير الشجر حراما

كتصوير ذوات الأرواح , لم يأمر جبريل عليه السلام , بتغييرها إلى صورة شجرة ,

و هذا ظاهر , و يؤيده حديث ابن عباس رضي الله عنه " و إن كنت لابد فاعلا ,

فاصنع الشجرة , و ما لا نفس له " . رواه مسلم و أحمد ( 1 / 308 ) .



السادس : تحريم اقتناء الكلب لأنه أيضا سبب يمنع من دخول الملائكة , و هل يمنع

لو كان كلب ماشية أو صيد , الظاهر لا , لأنه يباح اقتناؤه .

و يؤيده أن الصورة إذا كانت مباحة لا تمنع أيضا من دخول الملائكة بدليل أن

السيدة عائشة رضي الله عنها كانت تقتني لعب البنات , و تلعب بها هي و رفيقاتها

على مرأة من النبي صلى الله عليه وسلم , فلا ينكرها عليها كما ثبت في البخاري

و غيره , فلو كان ذلك مانعا من دخول الملائكة لما أقرها صلى الله عليه وسلم

عليه . و الله أعلم .

357 " من أحب أن يتمثل له الناس قياما , فليتبوأ مقعده من النار " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 627 :



أخرجه البخاري في " الأدب " ( 977 ) و أبو داود ( 5229 ) و الترمذي ( 2 / 125 )

و الطحاوي في " مشكل الآثار " ( 2 / 40 ) و اللفظ له و أحمد ( 4 / 93 , 100 )

و الدولابي في " الكنى " ( 1 / 95 ) و المخلص في " الفوائد المنتقاة " ( ق 196

/ 2 ) و عبد بن حميد في " المنتخب من المسند " ( ق 51 / 2 ) و البغوي في " حديث

علي بن الجعد " ( 7 / 69 / 2 ) و أبو نعيم في " أخبار أصبهان " ( 1 / 219 ) من

طرق عن حبيب بن الشهيد عن أبي مجلز قال :

" دخل معاوية بيتا فيه عبد الله بن الزبير , و عبد الله بن عامر , فقام ابن

عامر , و ثبت ابن الزبير , و كان أدر بهما فقال # معاوية # : اجلس يا ابن عامر

فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : فذكره .

و قال الترمذي : " حديث حسن " .



قلت : بل هو حديث صحيح , رجال إسناده ثقات رجال الشيخين , و أبو مجلز اسمه لاحق

بن حميد , و هو ثقة , و حبيب بن الشهيد ثقة ثبت كما في " التقريب " , فلا وجه

للاقتصار على تحسينه , و إن سكت عليه الحافظ في " الفتح " ( 11 / 42 ) ,

لاسيما و له طريق أخرى , فقال المخلص في " الفوائد " : حدثنا عبد الله أنبأنا

داود : أنبأنا مروان أنبأنا مغيرة بن مسلم السراج عن عبد الله بن بريدة قال :

" خرج معاوية فرآهم قياما لخروجه , فقال لهم : اجلسوا فإن رسول الله صلى الله

عليه وسلم قال : من سره أن يقوم له بنو آدم , و جبت له النار " .



قلت : و هذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات رجال مسلم غير شيخ المخلص عبد الله ,

و هو الحافظ أبو القاسم البغوي , و مغيرة بن مسلم السراج و هما ثقتان بلا خلاف

و داود هو ابن رشيد , و مروان هو ابن معاوية الفزاري الكوفي الحافظ . و قد

تابعه شبابة بن سوار حدثني المغيرة بن مسلم به إلا أنه قال :

" من أحب أن يستجم له الرجال ... " و الباقي مثله .

أخرجه الطحاوي ( 2 / 38 - 39 ) و الخطيب في " تاريخ بغداد " ( 13 / 193 ) .

و للحديث عنده ( 11 / 361 ) شاهد مرسل في قصة طريفة , أخرجه من طريق عبد الرزاق

بن سليمان بن علي بن الجعد قال : سمعت أبي يقول :

" لما أحضر المأمون أصحاب الجوهر , فناظرهم على متاع كان معهم , ثم نهض المأمون

لبعض حاجته , ثم خرج , فقام كل من كان في المجلس إلا ابن الجعد , فإنه لم يقم ,

قال : فنظر إليه المأمون كهيئة المغضب , ثم استخلاه فقال له : يا شيخ ما منعك

أن تقوم لي كما قام أصحابك ? قال : أجللت أمير المؤمنين للحديث الذي نأثره عن

النبي صلى الله عليه وسلم , قال : و ما هو ? قال علي بن الجعد : سمعت المبارك

بن فضالة يقول : سمعت الحسن يقول قال النبي صلى الله عليه وسلم :

( فذكره باللفظ الأول ) قال : فأطرق المأمون متفكرا في الحديث , ثم رفع رأسه

فقال : لا يشترى إلا من هذا الشيخ , قال : فاشترى منه في ذلك اليوم بقيمة

ثلاثين ألف دينار " .



قلت : فصدق في علي بن الجعد ( و هو ثقة ثبت ) قول الله عز و جل :

( و من يتق الله يجعل له مخرجا , و يرزقه من حيث لا يحتسب ) .

و نحو هذه القصة ما أخرج الدينوري في " المنتقى من المجالسة " ( ق 8 / 1 - نسخة

حلب ) : حدثنا أحمد بن علي البصري قال :

" وجه المتوكل إلى أحمد بن العدل و غيره من العلماء فجمعهم في داره , ثم خرج

عليهم , فقام الناس كلهم إلا أحمد بن العدل , فقال المتوكل لعبيد الله :

إن هذا الرجل لا يرى بيعتنا , فقال له : بلى يا أمير المؤمنين و لكن في بصره

سوء , فقال أحمد بن العدل : يا أمير المؤمنين ما في بصري من سوء , و لكنني

نزهتك من عذاب الله تعالى , قال النبي صلى الله عليه و سلم : " من أحب أن يمثل

له الرجال قياما فليتبوأ مقعده في النار " , فجاء المتوكل فجلس إلى جنبه " .

و روى ابن عساكر في " تاريخ دمشق " ( 19 / 170 / 2 ) بسنده عن الأوزاعي حدثني

بعض حرس عمر بن عبد العزيز قال :

" خرج علينا عمر بن عبد العزيز و نحن ننتظره يوم الجمعة , فلما رأيناه قمنا ,

فقال : إذا رأيتموني فلا تقوموا , و لكن توسعوا " .



فقه الحديث :

--------------

دلنا هذا الحديث على أمرين .



الأول : تحريم حب الداخل على الناس القيام منهم له , و هو صريح الدلالة بحيث

أنه لا يحتاج إلى بيان .



و الآخر : كراهة القيام من الجالسين للداخل , و لو كان لا يحب القيام , و ذلك

من باب التعاون على الخير , و عدم فتح باب الشر , و هذا معنى دقيق دلنا عليه

راوي الحديث معاوية رضي الله عنه , و ذلك بإنكاره على عبد الله بن عامر قيامه

له , و احتج عليه بالحديث , و ذلك من فقهه في الدين , و علمه بقواعد الشريعة ,

التي منها " سد الذرائع " , و معرفته بطبائع البشر , و تأثرهم بأسباب الخير

و الشر , فإنك إذا تصورت مجتمعا صالحا كمجتمع السلف الأول , لم يعتادوا القيام

بعضهم لبعض , فمن النادر أن تجد فيهم من يحب هذا القيام الذي يرديه في النار ,

و ذلك لعدم وجود ما يذكره به و هو القيام نفسه , و على العكس من ذلك إذا نظرت

إلى مجتمع كمجتمعنا اليوم , قد اعتادوا القيام المذكور , فإن هذه العادة

لاسيما مع الاستمرار عليها فإنها تذكره به , ثم إن النفس تتوق إليه و تشتهيه

حتى تحبه , فإذا أحبه هلك , فكان من باب التعاون على البر و التقوى أن يترك هذا

القيام , حتى لمن نظنه أنه لا يحبه خشية أن يجره قيامنا له إلى أن يحبه , فنكون

قد ساعدناه على إهلاك نفسه و ذا لا يجوز . و من الأدلة الشاهدة على ذلك أنك ترى

بعض أهل العلم الذين يظن فيهم حسن الخلق , تتغير نفوسهم إذا ما وقع نظرهم على

فرد لم يقم له , هذا إذا لم يغضبوا عليه و لم ينسبوه إلى قلة الأدب , و يبشروه

بالحرمان من بركة العلم بسبب عدم احترامه لأهله بزعمهم . بل إن فيهم من يدعوهم

إلى القيام , و يخدعهم بمثل قوله " أنتم لا تقومون لي كجسم من عظم و لحم ,

و إنما تقومون للعلم الذي في صدري " ! ! كأن النبي صلى الله عليه و سلم عنده لم

يكن لديه علم ! ! لأن الصحابة كانوا لا يقومون له , أو أن الصحابة كانوا لا

يعظمونه عليه السلام التعظيم اللائق به ! فهل يقول بهذا أو ذاك مسلم ? !

و من أجل هذا الحديث و غيره ذهب جماعة من أهل العلم إلى المنع من القيام للغير

كما في " الفتح " ( 11 / 41 ) ثم قال :

" و محصل المنقول عن مالك إنكار القيام , ما دام الذي يقام لأجله لم يجلس ,

و لو كان في شغل نفسه , فإنه سئل عن المرأة تبالغ في إكرام زوجها , فتتلقاه

و تنزع ثيابه , و تقف حتى يجلس ? فقال : أما التلقي فلا بأس به , و أما القيام

حتى يجلس فلا , فإن هذا فعل الجبابرة , و قد أنكره عمر بن عبد العزيز " .



قلت : و ليس في الباب ما يعارض دلالة هذا الحديث أصلا , و الذين خالفوا فذهبوا

إلى جواز هذا القيام بل استحبابه , استدلوا بأحاديث بعضها صحيح , و بعضها ضعيف

و الكل عند التأمل في طرقها و متونها لا ينهض للاستدلال على ذلك , و من أمثلة

القسم الأول حديث " قوموا إلى سيدكم " . و قد تقدم الجواب عنه برقم ( 67 ) من

وجوه أقواه أنه صح بزيادة : " فأنزلوه " فراجعه .

و من أمثلة القسم الآخر حديث قيامه صلى الله عليه وسلم حين أقبل عليه أخوه من

الرضاعة فأجلسه بين يديه .

فهو حديث ضعيف معضل الإسناد , و لو صح فلا دليل فيه أيضا و قد بينت ذلك كله في

" الأحاديث الضعيفة " ( 1148 ) .

358 " ما كان في الدنيا شخص أحب إليهم رؤية من رسول الله صلى الله عليه وسلم

و كانوا إذا رأوه لم يقوموا له , لما كانوا يعلمون من كراهيته لذلك " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 631 :



أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " ( 946 ) و الترمذي ( 2 / 125 ) و الطحاوي

في " مشكل الآثار " ( 2 / 39 ) و أحمد ( 3 / 132 ) و أبو يعلى في " مسنده "

( ق 183 / 2 ) و اللفظ له من طرق عن حماد بن سلمة عن حميد عن # أنس # به .

و قال الترمذي : " حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه " .



قلت : و إسناده صحيح على شرط مسلم .

و هذا الحديث مما يقوي ما دل عليه الحديث السابق من المنع من القيام للإكرام

لأن القيام لو كان إكراما شرعا , لم يجز له صلى الله عليه وسلم أن يكرهه من

أصحابه له , و هو أحق الناس بالإكرام , و هم أعرف الناس بحقه عليه الصلاة

و السلام .

و أيضا فقد كره الرسول صلى الله عليه وسلم هذا القيام له من أصحابه , فعلى

المسلم - خاصة إذا كان من أهل العلم و ذوي القدوة - أن يكره ذلك لنفسه اقتداء

به صلى الله عليه وسلم , و أن يكره لغيره من المسلمين لقوله صلى الله عليه وسلم

: " لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه من الخير " , فلا يقوم له أحد ,

و لا هو يقوم لأحد , بل كراهتهم لهذا القيام أولى بهم من النبي عليه الصلاة

و السلام , ذلك لأنهم إن لم يكرهوه اعتادوا القيام بعضهم لبعض , و ذلك يؤدي بهم

إلى حبهم له , و هو سبب يستحقون عليه النار كما في الحديث السابق , و ليس كذلك

رسول الله صلى الله عليه وسلم , فإنه معصوم من أن يحب مثل هذه المعصية , فإذا

كان مع ذلك قد كره القيام له , كان واضحا أن المسلم أولى بكراهته له .

359 " نهى النبي صلى الله عليه وسلم يوم خيبر عن لحوم الحمر الأهلية , و أذن في

لحوم الخيل " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 632 :



هو من حديث # جابر بن عبد الله # رضي الله عنه . و له عنه طرق :



الأولى : عن محمد بن علي عنه .

أخرجه البخاري ( 4 / 16 ) و مسلم ( 6 / 66 ) و أبو داود ( 3788 ) و النسائي

( 2 / 199 ) و الترمذي ( 1 / 331 ) و الدارمي ( 2 / 87 ) و الطحاوي ( 2 / 318 )

و البيهقي ( 9 / 325 ) و أحمد ( 3 / 361 , 385 ) من طرق عن حماد بن زيد عن عمرو

بن دينار عن محمد بن علي به .

و تابعه سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن جابر , فأسقط من الإسناد محمد ابن

علي , و لفظه :

" أطعمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لحوم الخيل , و نهانا عن لحوم الحمر " .

أخرجه النسائي و الطحاوي و الترمذي ( 1 / 331 ) و قال :

" هذا حديث حسن صحيح , و هكذا روى غير واحد عن عمرو بن دينار عن جابر و رواه

حماد بن زيد عن عمرو بن دينار عن محمد بن علي عن جابر و رواية ابن عيينة أصح .

و سمعت محمدا يقول : سفيان بن عيينة أحفظ من حماد ابن زيد " .

قال الحافظ في " الفتح " ( 9 / 559 ) :

" قلت : لكن اقتصر البخاري و مسلم على تخريج طريق حماد بن زيد , و قد وافقه

ابن جريج عن عمرو و على إدخال الواسطة بين عمرو و جابر و لكنه لم يسمه , أخرجه

أبو داود " .



الثانية : عن أبي الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول :

" أكلنا زمن خيبر الخيل و حمر الوحش , و نهانا النبي صلى الله عليه وسلم عن

الحمار الأهلي " .

أخرجه مسلم و أبو داود ( 3789 ) و النسائي و ابن ماجه ( 3191 ) و الطحاوي

و البيهقي و أحمد ( 3 / 356 , 362 ) من طرق عن أبي الزبير به . و لفظ النسائي

مثل لفظ ابن عيينة المتقدم بزيادة : " يوم خيبر " .

و لفظ أبي داود و أحمد :

" ذبحنا يوم خيبر الخيل و البغال و الحمير , فنهانا رسول الله صلى الله عليه

وسلم عن البغال و الحمير , و لم ينهنا عن الخيل " .



الثالثة : عن عطاء عنه قال :

" كنا نأكل لحوم الخيل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم " زاد في رواية :

" قلت : فالبغال ? قال : لا " .

أخرجه النسائي و اللفظ له و ابن ماجه ( 3197 ) و الزيادة له و الطحاوي ( 2 /

318 , 322 ) و البيهقي .



قلت : و إسناده صحيح .

و للحديث شاهد من رواية أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت :

" نحرنا فرسا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأكلناه ( بالمدينة ) " .

أخرجه البخاري و مسلم و الدارمي و البيهقي و أحمد ( 6 / 345 , 346 , 353 )

و الزيادة للدارمي و رواية للبخاري .

و في الحديث جواز أكل لحوم الخيل , و هو مذهب الأئمة الأربعة سوى أبي حنيفة

فذهب إلى التحريم خلافا لصاحبيه فإنهما وافقا الجمهور , و هو الحق لهذا الحديث

الصحيح , و لذلك اختاره الإمام أبو جعفر الطحاوي , و ذكر أن حجة أبي حنيفة حديث

خالد بن الوليد مرفوعا :

" لا يحل أكل لحوم الخيل و البغال و الحمير " .

و لكنه حديث منكر ضعيف الإسناد لا يحتج به إذا لم يخالف ما هو أصح منه , فكيف

و قد خالف حديثين صحيحين كما ترى .

و قد بينت ضعفه و علله في " السلسلة الضعيفة " رقم ( 1149 ) .

360 " ليأتين عليكم أمراء يقربون شرار الناس , و يؤخرون الصلاة عن مواقيتها , فمن

أدرك ذلك منهم فلا يكونن عريفا و لا شرطيا و لا جابيا و لا خازنا " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 635 :



أخرجه ابن حبان في " صحيحه " فقال ( 1558 - موارد ) : أخبرنا أحمد ابن علي

بن المثنى حدثنا إسحاق بن إبراهيم المروزي أنبأنا جرير بن عبد الحميد عن رقبة

بن مصقلة عن جعفر بن إياس عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبي سعيد

و أبي هريرة قالا : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره .



قلت : و هذا إسناد صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الرحمن بن عبد الله

بن مسعود و هو ثقة , و أحمد بن علي بن المثنى هو أبو يعلى الموصلي و هو ثقة

حافظ . و قد أخرجه في " مسنده " , فقال الهيثمي في " المجمع " ( 5 / 240 ) .

" رواه أبو يعلى , و رجاله رجال الصحيح خلا عبد الرحمن بن مسعود ( ! ) و هو

ثقة " .



قلت : و له طريق أخرى عن أبي هريرة وحده .

أخرجه الطبراني في " المعجم الصغير " ( ص 117 ) و الخطيب في " تاريخ بغداد "

عن داود بن سليمان الخراساني : حدثنا عبد الله بن المبارك عن سعيد بن أبي عروبة

عن قتادة عن سعيد بن المسيب عنه .

و قال الطبراني :

" تفرد به داود بن سليمان , و هو شيخ لا بأس به " .



قلت : و هذه فائدة عزيزة , فإن توثيق الطبراني للخراساني هذا مما لم يرد له ذكر

في كتب الرجال مثل " الميزان " و " اللسان " و غيرهما , و إنما جاء فيهما أن

الأزدي قال : " ضعيف جدا " .



قلت : و بقية رجال الإسناد ثقات رجال الستة , فهو شاهد لا بأس به عندي و الله

أعلم .

361 " ليوشك رجل أن يتمنى أنه خر من الثريا , و لم يل من أمر الناس شيئا " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 636 :



أخرجه الحاكم ( 4 / 91 ) من طريق عاصم بن بهدلة عن يزيد بن شريك أن الضحاك

بن قيس بعث معه بكسوة إلى مروان بن الحكم فقال مروان للبواب :

أنظر من بالباب ? قال : # أبو هريرة # , فأذن له فقال : يا أبا هريرة حدثنا

حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم , قال : سمعت رسول الله صلى الله

عليه وسلم يقول : فذكره . و قال : " صحيح الإسناد " , و وافقه الذهبي .



قلت : و إنما هو حسن فقط للخلاف المعروف في حفظ عاصم هذا , و الذهبي نفسه لما

ترجمه في " الميزان " , و حكى أقوال الأئمة فيه قال :

" قلت : هو حسن الحديث " .

362 " لا يحل للخليفة إلا قصعتان قصعة يأكلها هو و أهله , و قصعة يطعمها " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 636 :



رواه ابن أبي الدنيا في " الورع " ( 168 / 2 ) : حدثنا إبراهيم بن المنذر

الحزامي قال : أنبأنا عبد الله بن وهب عن ابن لهيعة عن عبد الله بن هبيرة عن

عبد الله بن زرير الغافقي قال :

دخلنا على # علي بن أبي طالب # يوم أضحى فقدم إلينا خزيرة , فقلنا يا أمير

المؤمنين لو قدمت إلينا من هذا البط و الوز , و الخير كثير , قال : يا ابن زرير

إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم , فذكره .



و رواه أحمد ( رقم 1 / 78 ) و عنه ابن عساكر ( 12 / 188 / 1 ) من طريقين آخرين

عن ابن لهيعة به .

و رواه ابن عساكر من طريق حرملة عن ابن وهب به موقوفا على علي .



قلت : و هذا سند صحيح رجاله كلهم ثقات , و ابن لهيعة إنما يخشى من سوء حفظه إذا

لم يكن الحديث من رواية أحد العبادلة عنه كما صرح بذلك بعض الأئمة المتقدمين ,

و هذه كما ترى من رواية عبد الله بن وهب عنه .

و الحديث قال الهيثمي في " مجمع الزوائد " ( 5 / 231 ) :

" رواه أحمد , و فيه ابن لهيعة , و حديثه حسن , و فيه ضعف " .



و أقول : الصواب فيه أنه ضعيف الحديث في غير رواية العبادلة عنه . صحيح الحديث

من رواية أحدهم عنه كما سبق . و قال الحافظ في " التقريب " :

" صدوق , خلط بعد احتراق كتبه , و رواية ابن المبارك و ابن وهب عنه أعدل من

غيرهما , و له في " مسلم " بعض شيء مقرون " .

363 " أربعة يبغضهم الله عز وجل : البياع الحلاف و الفقير المختال و الشيخ الزاني

و الإمام الجائر " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 637 :



أخرجه النسائي ( 1 / 359 ) و ابن حبان ( 1098 ) من طريق حماد بن سلمة عن

عبيد الله بن عمر عن سعيد المقبري عن #‎أبي هريرة # أن رسول الله صلى الله عليه

وسلم قال : فذكره .



قلت : و هذا إسناد صحيح على شرط مسلم .

364 " باع آخرته بدنياه . قاله لرجل باع بثمن حلف أن لا يبيع به " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 637 :



أخرجه ابن حبان ( 1099 ) : أخبرنا عبد الله بن صالح البخاري - ببغداد - حدثنا

يعقوب بن حميد بن كاسب حدثنا ابن فديك عن ربيعة بن عبد الله بن الهدير عن

# أبي سعيد # قال :

" مر أعرابي بشاة , فقلت : تبيعها بثلاثة دراهم ? فقال : لا و الله , ثم باعها

فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم , فقال " . فذكره .



قلت : و هذا إسناد حسن رجاله كلهم ثقات من رجال " التهذيب " غير عبد الله

بن صالح البخاري و هو ثقة مترجم له في " تاريخ بغداد " ( 9 / 481 ) .

365 " احضروا الذكر و ادنوا من الإمام , فإن الرجل لا يزال يتباعد حتى يؤخر في

الجنة و إن دخلها " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 638 :



أخرجه أبو داود ( 1198 ) و الحاكم ( 1 / 289 ) و عنهما البيهقي ( 3 / 238 )

و أحمد ( 5 / 11 ) من طريق معاذ بن هشام قال : وجدت في كتاب أبي بخط يده -

و لم أسمعه منه : قال قتادة : عن يحيى بن مالك عن # سمرة بن جندب # أن نبي الله

صلى الله عليه وسلم قال : فذكره .



و قال الحاكم : " صحيح على شرط مسلم " . و وافقه الذهبي .

كذا قالا , و يحيى بن مالك هذا , قد أغفله كل من صنف في رجال الستة فيما علمنا

فليس هو في " التهذيب " " و لا في " التقريب " و لا في " التذهيب " .

نعم ترجمه ابن أبي حاتم فقال ( 4 / 2 / 190 ) :

" يحيى بن مالك , أبو أيوب الأزدي العتكي البصري المراغي , قبيلة من العرب .

روى عن عبد الله بن عمرو , و أبي هريرة , و ابن عباس , و سمرة بن جندب ,

و جويرية . مات في ولاية الحجاج .

روى عنه قتادة , و أبو عمران الجوني , و أبو الواصل عبد الحميد بن واصل " .

و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا .

و أورده ابن حبان في " الثقات " ( 1 / 256 ) و قال :

" من أهل البصرة , يروي عن عبد الله بن عمر , روى عنه قتادة , مات أبو أيوب في

ولاية الحجاج " .



قلت : فمثله حسن الحديث إن شاء الله تعالى لتابعيته , و رواية جماعة من الثقات

عنه , مع تصحيح الحاكم و الذهبي لحديثه . و الله أعلم .

و خالفه الحكم بن عبد الملك فقال : عن قتادة عن الحسن عن سمرة به .

أخرجه أحمد ( 5 / 10 ) و كذا الطبراني في " المعجم الصغير " ( ص 70 ) و قال :

" لم يروه عن قتادة إلا الحكم " .



قلت : و هو ضعيف كما قال الهيثمي ( 2 / 177 ) , و أشار المنذري في " الترغيب "

( 1 / 255 ) إلى تضعيف الحديث و عزاه للطبراني و الأصبهاني . و فاته هو

و الهيثمي أنه في " المسند " , بل و في " السنن " و " المستدرك " مصداقا للقول

المشهور : " كم ترك الأول للآخر " .



( تنبيه ) لفظ الحكم :

" ... فإن الرجل ليكون من أهل الجنة , فيتأخر عن الجمعة , فيؤخر عن الجنة ,

و إنه لمن أهلها " .

و هذا مخالف للفظ هشام كما هو ظاهر , فهو منكر من أجل المخالفة . و الله أعلم .

366 " إن التجار هم الفجار . قيل يا رسول الله : أو ليس قد أحل الله البيع ? قال :

بلى , و لكنهم يحدثون فيكذبون , و يحلفون فيأثمون " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 640 :



رواه أحمد ( 3 / 428 ) و الطحاوي في " المشكل " ( 3 / 12 ) و الحاكم ( 2 / 6 -

7 ) عن هشام الدستوائي عن يحيى بن أبي كثير قال : حدثني أبو راشد الحبراني سمع

# عبد الرحمن بن شبل # يقول : فذكره مرفوعا .



و قال الحاكم : " صحيح الإسناد , و قد ذكر هشام بن أبي عبد الله سماع يحيى بن

أبي كثير من أبي راشد , و هشام ثقة مأمون , و أدخل أبان بن يزيد العطار بينهما

زيد بن سلام " و وافقه الذهبي . و هو كما قالا .

ثم أخرجه الحاكم و ابن عساكر ( 7 / 486 / 2 ) عن أبان به . و صرح ابن عساكر

بسماع يحيى من زيد بن سلام أيضا .

و خالفهم معمر فقال : عن يحيى بن أبي كثير عن زيد بن سلام عن جده قال : كتب

معاوية إلى عبد الرحمن بن شبل أن علم الناس ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه

وسلم , فجمعهم فقال : فذكره مرفوعا . رواه ابن عساكر .

ثم رواه من طريق معاوية بن سلام عن أخيه عن جده أبي سلام عن أبي راشد به مختصرا

.

و الحديث قال المنذري ( 3 / 29 ) : " رواه أحمد بإسناد جيد " .

367 " إن الرجل ليصل في اليوم إلى مائة عذراء . يعني في الجنة " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 641 :



رواه أبو نعيم في " صفة الجنة " ( 169 / 1 - شيخ الإسلام ) و الضياء في

" صفة الجنة " ( 82 / 2 ) من طريق الطبراني بسندين له عن حسين بن علي الجعفي

عن زائدة عن هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن # أبي هريرة # قال :

قيل يا رسول الله هل نصل إلى نسائنا في الجنة ? فقال : فذكره

و قال الطبراني : " تفرد به الجعفي "

قال المقدسي : " قلت : و رجاله عندي على شرط الصحيح " .



قلت : و هو كما قال فالسند صحيح و لا نعلم له علة .

و قد وجدت له شاهدا من حديث ابن عباس مرفوعا , أخرجه الحربي في " الغريب "

( 5 / 52 / 2 ) و أبو نعيم عن زيد بن الحواري عنه , و رجاله ثقات غير زيد هذا

فهو ضعيف .

368 " المرأة أحق بولدها ما لم تزوج " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 641 :



أخرجه الدارقطني في " سننه " ( 418 ) من طريق المثنى بن الصباح عن # عمرو

ابن شعيب عن أبيه عن جده # .

" أن امرأة خاصمت زوجها في ولدها , فقال النبي صلى الله عليه وسلم ... " .

فذكره .

و كذلك رواه عبد الرزاق في " مصنفه " : أخبرنا المثنى بن الصباح به .

و عن عبد الرزاق رواه إسحاق بن راهويه في " مسنده " كما في " نصب الراية "

( 3 / 265 ) .

قال الحافظ في " التلخيص " ( 4 / 11 ) :

" و المثنى بن الصباح ضعيف . و يقويه ما رواه عبد الرزاق عن الثوري عن عاصم عن

عكرمة قال : " خاصمت امرأة عمر عمر إلى أبي بكر , و كان طلقها , فقال أبو بكر :

هي أعطف و ألطف و أرحم و أحن و أرأف , و هي أحق بولدها ما لم تتزوج " .



أقول : و هذا مع كونه موقوفا , فهو مرسل , و قد روي من وجوه أخرى مرسلا في

" الموطأ " و " المصنف " لابن أبي شيبة و من وجه آخر موصولا بإسناد ضعيف منقطع

و قد خرجت ذلك كله في " إرواء الغليل " ( 2250 ) , و لذلك فإني أرى أن تقوية

الحديث بهذا الموقوف ليس بالقوي , فالأولى تقويته بأن المثنى قد توبع عليه من

غير واحد , فتابعه ابن جريج عند أحمد ( 2 / 182 ) و الدارقطني , و الأوزاعي عند

أبي داود ( 2276 ) و الحاكم ( 2 / 207 ) كلاهما عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده

عبد الله بن عمرو به أتم منه , و لفظه :

" أن امرأة قالت : يا رسول الله إن ابني هذا , كان بطني له وعاء , و ثديي له

سقاء , و حجري له حواء , و إن أباه طلقني و أراد أن ينتزعه مني , فقال لها

رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنت أحق به ما لم تنكحي " .

و قال الحاكم : " صحيح الإسناد " . و وافقه الذهبي .



و أقول : إنما هو حسن للخلاف المعروف في عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده .

و قال المحقق ابن القيم في " زاد المعاد في هدي خير العباد " :

" هذا الحديث احتاج الناس فيه إلى عمرو بن شعيب , و لم يجدوا بدا من الاحتجاج

هنا به , و مدار الحديث عليه , و ليس عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث في سقوط

الحضانة بالتزويج غير هذا , و قد ذهب إليه الأئمة الأربعة و غيرهم , و قد صرح

بأن الجد هو عبد الله بن عمرو فبطل قول من يقول : لعله محمد والد شعيب فيكون

الحديث مرسلا , و قد صح سماع شعيب من جده عبد الله بن عمرو , فبطل قول من قال :

إنه منقطع . و قد احتج به البخاري خارج " صحيحه " , و نص على صحة حديثه ,

و قال : كان الحميدي و أحمد و إسحاق و علي بن عبد الله يحتجون بحديثه , فمن

الناس بعدهم ? ! هذا لفظه . و قال إسحاق بن راهويه : هو عندنا كأيوب عن نافع عن

ابن عمر , و حكى الحاكم في " علوم الحديث " له الاتفاق على صحة حديثه .

و قولها : " كان بطني له وعاء " إلى آخره إدلاء منها و توسل إلى اختصاصها به

كما اختص بها في هذه المواطن الثلاثة , و الأب لم يشاركها في ذلك , فنبهت في

هذا الاختصاص على الاختصاص الذي طلبته بالاستفتاء و المخاصمة , و في هذا دليل

على اعتبار المعاني و العلل , و تأثيرها في الأحكام , و إماطتها بها , و أن ذلك

أمر مستقر في الفطرة السليمة حتى فطر النساء .

و هذا الوصف الذي أدلت به المرأة , و جعلته سببا لتعليق الحكم به قد قرره النبي

صلى الله عليه وسلم و رتب عليه أثره , و لو كان باطلا ألغاه , بل ترتيبه الحكم

عقيبه دليل على تأثيره فيه و أنه سببه " .



قال : " و دل الحديث على أنه إذا افترق الأبوان و بينهما ولد , فالأم أحق به من

الأب ما لم يقم بالأم ما يمنع تقديمها أو بالولد وصف يقتضي تخييره , و هذا ما

لا يعرف فيه نزاع , و قد قضى به خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم على عمر

ابن الخطاب ... " .

و قد أشار بقوله : " ما يمنع تقديمها " إلى أنه يشترط في الحاضنة أن تكون مسلمة

دينة لأن الحاضن عادة حريص على تربية الطفل على دينه , و أن يربى عليه , فيصعب

بعد كبره و عقله انتقاله عنه , و قد يغيره عن فطرة الله التي فطر عليها عباده

فلا يراجعها أبدا كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : " كل مولود يولد على

الفطرة فأبواه يهودانه و ينصرانه و يمجسانه " فلا يؤمن تهويد الحاضن و تنصيره

للطفل المسلم .

و أشار بقوله " أو بالولد وصف يقتضي تخييره " .

إلى أن الصبي إذا كان مميزا فيخير و لا يشمله هذا الحديث , لحديث أبي هريرة

رضي الله عنه : " أن النبي صلى الله عليه وسلم خير غلاما بين أبيه و أمه " .

و هو حديث صحيح كما بينته في " الإرواء " ( 2254 ) .

و من شاء الاطلاع على الأحكام المستنبطة من هذا الحديث مع البسط و التحقيق ,

فليرجع إلى كتاب العلامة ابن القيم : " زاد المعاد " .

369 " كل مسلم على مسلم محرم , أخوان نصيران , لا يقبل الله عز وجل من مشرك بعدما

أسلم عملا أو يفارق المشركين إلى المسلمين " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 644 :



أخرجه النسائي ( 1 / 358 ) من طريق # بهز بن حكيم عن أبيه عن جده # قال :

" قلت يا نبي الله ما أتيتك حتى حلفت أكثر من عددهن - لأصابع يديه - ألا آتيك

و لا آتي دينك , و إني كنت امرءا لا أعقل شيئا ألا ما علمني الله و رسوله ,

و إني أسألك بوجه الله عز و جل بما بعثك ربك إلينا ? قال : بالإسلام , قال :

قلت : و ما آيات الإسلام ? قال : أن تقول : أسلمت وجهي إلى الله عز و جل

و تخليت , و تقيم الصلاة , و تؤتي الزكاة , كل مسلم على مسلم حرام ... " .



و هذا إسناد حسن , و صححه الحاكم ( 4 / 600 ) و وافقه الذهبي .

370 " اللهم اغفر ذنبه , و طهر قلبه , و حصن فرجه " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 645 :



أخرجه أحمد ( 5 / 256 - 257 ) : حدثنا يزيد بن هارون حدثنا حريز حدثنا سليم

ابن عامر عن # أبي أمامة # قال :

" إن فتى شابا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ائذن لي

بالزنا , فأقبل القوم عليه فزجروه و قالوا : مه مه ! فقال : ادنه , فدنا منه

قريبا قال : فجلس , قال : أتحبه لأمك ? قال : لا والله جعلني الله فداءك , قال

: و لا الناس يحبونه لأمهاتهم , قال : أفتحبه لابنتك ? قال : لا والله يا رسول

الله جعلني الله فداءك , قال : و لا الناس يحبونه لبناتهم , قال : أفتحبه لأختك

? قال : لا والله جعلني الله فداءك , قال : و لا الناس يحبونه لأخواتهم قال :

أفتحبه لعمتك . قال : لا والله جعلني الله فداءك , قال : و لا الناس يحبونه

لعماتهم , قال : أفتحبه لخالتك ? قال : لا والله جعلني الله فداءك , قال : و

لا الناس يحبونه لخالاتهم , قال : فوضع يده عليه و قال : اللهم اغفر ذنبه و طهر

قلبه و حصن فرجه . فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء " .



و هذا سند صحيح رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح .

371 " لا تقولوا للمنافق سيدنا فإنه إن يك سيدكم فقد أسخطتم ربكم عز وجل " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 645 :



أخرجه أبو داود ( 2 / 311 ) و البخاري في " الأدب المفرد " ( 112 ) و أحمد

( 5 / 346 - 347 ) و ابن السني في " عمل اليوم و الليلة " ( 385 ) و البيهقي في

" الشعب " ( 2 / 58 / 2 ) و نعيم بن حماد في " زوائد الزهد " ( 186 ) عن معاذ

بن هشام حدثنا أبي عن قتادة عن # عبد الله بن بريدة عن أبيه # مرفوعا .

و هذا سند صحيح على شرط الشيخين . و قال المنذري ( 4 / 21 ) :

" رواه أبو داود و النسائي بإسناد صحيح " .



قلت : و لم أجده عند النسائي و لم يعزه إليه النابلسي في " الذخائر " ( 1 /

122 ) فالظاهر أنه في " سننه الكبرى " .

ثم الحديث رواه عقبة بن عبد الله الأصم عن عبد الله بن بريدة بلفظ :

" إذا قال الرجل للمنافق : يا سيد , فقد أغضب ربه تبارك و تعالى " .

أخرجه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " ( 2 / 198 ) و الحاكم ( 4 / 311 ) و الخطيب

( 5 / 454 ) و قال الحاكم : " صحيح الإسناد " .

و تعقبه الذهبي بقوله : " قلت : عقبة ضعيف " .



قلت : لكن تابعه قتادة كما سبق , فالحديث صحيح .

372 " استعيذي بالله من هذا ( يعني القمر ) , فإنه الغاسق إذا وقب " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 646 :



أخرجه الترمذي ( 2/ 241 ) و الطحاوي في " المشكل " ( 2 / 310 ) و ابن السني في

" عمل اليوم و الليلة " ( رقم 642 ) و الحاكم ( 2 / 540 - 541 ) و الطيالسي

( رقم 1486 ) و أحمد ( 6 / 61 , 206 , 237 ) من طرق عن ابن أبي ذئب عن خاله

الحارث بن عبد الرحمن عن أبي سلمة عن # عائشة # رضي الله عنها .

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بيدها فأشار بها إلى القمر فقال : فذكره .

و قال الترمذي : " حديث حسن صحيح " .

و الحاكم : " صحيح الإسناد " . و وافقه الذهبي .



قلت : و رجاله ثقات رجال الشيخين غير الحارث بن عبد الرحمن هذا و هو القرشي

العامري و هو صدوق كما في " التقريب " و قد قرن به ابن أبي ذئب :

المنذر بن أبي المنذر . رواه أحمد ( 6 / 215 , 252 ) عن عبد الملك بن عمرو عنه

.

و المنذر هذا مقبول كما في " التقريب " . فالحديث صحيح .

و قد رواه النسائي أيضا في " كتاب التفسير " من " سننه الكبرى " كما في " تفسير

ابن كثير " ( 4 / 573 ) و حسنه الحافظ في " الفتح " ( 8 / 206 ) .



( فائدة ) في الحديث دلالة على جواز الإشارة باليد إلى القمر خلافا لما نقل عن

بعض المشايخ من كراهة ذلك , و الحديث يرد عليه .

373 " كانت حاضنتي من بني سعد بن بكر , فانطلقت أنا و ابن لها في بهم لنا و لم نأخذ

معنا زادا , فقلت : " يا أخي اذهب فأتنا بزاد من عند أمنا , فانطلق أخي و مكثت

عند البهم , فأقبل طائران أبيضان كأنهما نسران فقال أحدهما لصاحبه : أهو هو ?

قالا الآخر : نعم , فأقبلا يبتدراني فأخذاني فبطحاني للقفا فشقا بطني , ثم

استخرجا قلبي فشقاه فأخرجا منه علقتين سوداوين , فقال أحدهما لصاحبه : ائتني

بماء ثلج , فغسل به جوفي , ثم قال : ائتني بماء برد , فغسل به قلبي , ثم قال :

ائتني بالسكينة , فذره في قلبي , ثم قال أحدهما لصحابه : حصه , فحاصه و ختم

عليه بخاتم النبوة , ثم قال أحدهما لصاحبه : اجعله في كفة , و اجعل ألفا من

أمته في كفة , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فإذا أنا أنظر إلى الألف

فوقي أشفق أن يخر علي بعضهم , فقال : لو أن أمته وزنت به لمال بهم , ثم انطلقا

و تركاني قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : و فرقت فرقا شديدا ثم انطلقت إلى

أمي فأخبرتها , بالذي لقيت , فأشفقت أن يكون قد التبس بي , فقالت : أعيذك بالله

, فرحلت بعيرا لها فجعلتني على الرحل و ركبت خلفي حتى بلغنا إلى أمي فقالت :

أديت أمانتي و ذمتي , و حدثتها بالذي لقيت فلم يرعها ذلك و قالت : إني رأيت خرج

مني نورا أضاءت منه قصور الشام " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 648 :



أخرجه الدارمي ( 1 / 8 - 9 ) و الحاكم ( 2 / 616 - 617 ) و أحمد ( 4 / 184 )

من طريق بقية بن الوليد حدثني بحير بن سعيد عن خالد بن معدان عن # عتبة بن عبد

السلمي # أنه حدثهم و كان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم .

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له رجل كيف كان أول شأنك يا رسول الله ?

قال : فذكره .



و السياق للأول و قال الحاكم : صحيح على شرط مسلم . و وافقه الذهبي .

و فيه نظر فإن بقية إنما له في مسلم فرد حديث متابعة كما قال الخزرجي و هذا

إسناد حسن فقد صرح بقية بالتحديث . و قد أورده في " المجمع " ( 8 / 222 )

و قال : " رواه أحمد و الطبراني و لم يسق المتن و إسناد أحمد حسن " .

و رواه أيضا أبو نعيم في " الدلائل " كما في " البداية " ( 2 / 275 ) .

و لهذا الحديث شواهد كثيرة فانظر ( أنا دعوة أبي إبراهيم ) رقم ( 1545 ) .

374 " سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب , و رجل قام إلى إمام جائر فأمره و نهاه

فقتله " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 648 :



أخرجه الحاكم ( 3 / 195 ) عن رافع بن أشرس المروزي حدثنا حفيد الصفار عن

إبراهيم الصائغ عن عطاء عن # جابر # رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه

وسلم به . و قال : " صحيح الإسناد " .

و رده الذهبي بقوله : " قلت : الصفار لا يدري من هو " .



قلت : و نحوه ابن أشرس , فقد أورده ابن أبي حاتم ( 1 / 2 / 482 ) من رواية أحمد

بن منصور بن راشد المروزي عنه , و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا لكن قد روى هذا

الحديث عنه اثنان آخران أحمد بن سيار و محمد بن الليث , فهو مجهول الحال .

و الحديث أورده الهيثمي في " المجمع " ( 9 / 368 ) عن ابن عباس مرفوعا و قال :

" رواه الطبراني في " الأوسط " و فيه ضعف " .

و الشطر الأول منه له طريق أخرى عن جابر , رواه أبو حماد الحنفي عن ابن عقيل

قال : سمعت جابر بن عبد الله رضي الله عنه مرفوعا به في قصة قتل حمزة رضي الله

عنه .

أخرجه الحاكم ( 2 / 119 - 120 ) و قال : " صحيح الإسناد " .

و رده الذهبي بقوله : " أبو حماد هو المفضل بن صدقة , قال النسائي : متروك " .

و له شاهد من حديث علي مرفوعا به . أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 1 /

300 / 2 ) من طريق علي بن الحزور أنبأنا الأصبغ بن نباتة قال : سمعت علي ابن

أبي طالب يقول : فذكره .



قلت : و هذا إسناد واه جدا , فإن علي بن الحزور و شيخه الأصبغ متروكان كما قال

الحافظ في " التقريب " .

و اقتصر الهيثمي في إعلاله على الأول منهما و هو قصور .



( تنبيه ) حديث جابر الأول عزاه المنذري في " الترغيب " ( 3 / 168 ) للترمذي

أيضا و هو وهم , فلم يخرجه الترمذي , و لا رأيته معزوا إليه في غير " الترغيب "

فليحقق هل هو خطأ من المؤلف , أم من الناسخ أو الطابع . فاقتضى التنبيه .



و بعد كتابة ما تقدم وجدت للحديث طريقا أخرى عن إبراهيم الصائغ به .

أخرجه الخطيب في " تاريخ بغداد " ( 6 / 377 , 11 / 302 ) من طريق عمار بن نصر

و أحمد بن شجاع المروزي عن حكيم بن زيد الأشعري عنه به .

و رجاله كلهم ثقات غير حكيم هذا فأورده الذهبي ثم العسقلاني و قالا :

" عن أبي إسحاق السبيعي , قال الأزدي فيه نظر " !

و فاتهما ترجمة ابن أبي حاتم إياه بقوله ( 1 / 2 / 204 - 205 ) :

" روى عن أبي إسحاق الهمداني و إبراهيم الصائغ . روى عنه أبو ثميلة و عبد الله

ابن محمد بن الربيع العائذي الكرماني سمعت أبي يقول ذلك . و سألته عنه ? فقال :

صالح , هو شيخ " .



قلت : و هذه ترجمة هامة , و بالوقوف عليهما اطمأن القلب لثبوت الحديث , فاقتضى

ذلك إيراده في هذه السلسلة , و الحمد لله على توفيقه و فضله .

375 " لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي من الناس اثنان " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 650 :



أخرجه البخاري ( 6 / 416 , 13 / 100 ) و مسلم ( 7 / 3 ) و الطيالسي

( رقم 1956 ) و أحمد ( 2 / 29 , 93 , 128 ) عن عاصم بن محمد بن زيد عن أبيه عن

# عبد الله ابن عمر # مرفوعا .

376 " لا يزال هذا الأمر عزيزا إلى اثنى عشر خليفة كلهم من قريش " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 651 :



أخرجه مسلم ( 6 / 3 ) و اللفظ له و أبو داود ( 2 / 207 ) و أحمد ( 5 / 93 ,

98 ) من طريق داود بن أبي هند عن الشعبي عن # جابر بن سمرة # مرفوعا .

و في لفظ :

" لا يزال هذا الأمر عزيزا منيعا ينصرون على من ناوأهم عليه إلى اثني عشر خليفة

كلهم من قريش " .

أخرجه مسلم ( 6 / 3 - 4 ) و أحمد ( 5 / 101 ) و ابنه في " زوائد المسند " ( 5 /

98 ) عن ابن عون عن الشعبي به . و له طريق أخرى بلفظ :

( لا يزال هذا الأمر ماضيا حتى يقوم اثنا عشر أميرا كلهم من قريش ) .

أخرجه أحمد ( 5 / 97 - 98 , 101 ) : حدثنا سفيان بن عيينة عن عبد الملك ابن

عمير قال سمعت جابر بن سمرة يقول مرفوعا .

و هذا إسناد صحيح على شرطهما . و قد أخرجه مسلم عنه بلفظ :

" لا يزال أمر الناس ماضيا " .

و أخرجه أبو داود ( 2 / 207 ) من طريق إسماعيل بن أبي خالد عن أبيه عن جابر

بلفظ :

" لا يزال هذا الدين قائما حتى يكون عليكم اثنا عشر خليفة كلهم تجتمع عليه

الأمة , كلهم من قريش " .

و هذا سند ضعيف رجاله كلهم ثقات غير أبي خالد هذا قال الذهبي : ما روى عنه سوى

ولده و قد صحح له الترمذي و في " التقريب " أنه مقبول . يعني لين الحديث



قلت : و قد تفرد بهذه الجملة : " كلهم تجتمع عليه الأمة " و قد جاء الحديث من

طرق أخرى أيضا بنحو ما سبق في مسلم و الترمذي " و المسند " ( 5 / 107 ) و له

شاهد من حديث ابن مسعود يرويه مجالد عن الشعبي عن مسروق قال :

" كنا جلوسا عند عبد الله بن مسعود و هو يقرئنا القرآن فقال له رجل :

يا أبا عبد الرحمن هل سألتم رسول الله صلى الله عليه وسلم كم تملك هذه الأمة من

خليفة ? فقال عبد الله بن مسعود : ما سألني عنها أحد منذ قدمت العراق قبلك ثم

قال : نعم و لقد سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : اثنا عشر كعدة

نقباء بني إسرائيل " .

أخرجه أحمد ( 1 / 398 , 406 ) .

و مجالد هو ابن سعيد قال في " التقريب " : " ليس بالقوي و قد تغير في آخر

عمره " .



قلت : و المعروف عن الشعبي أنه رواه عن جابر بن سمرة , رواه عنه ابن عون و ابن

أبي هند كما سبق قريبا , و كذلك رواه مجالد أيضا عند أحمد أيضا ( 5 / 88 , 96 )

فأخشى أن تكون هذه الرواية من غلطاته . و الله أعلم .



ثم وجدت الحديث في المستدرك ( 4 / 501 ) و قال :

" لا يسعني التسامح في هذا الكتاب عن الرواية عن مجالد و أقرانه " . كذا قال .

377 " يا أيها الناس ابتاعوا أنفسكم من الله من مال الله , فإن بخل أحدكم أن يعطي

ماله للناس فليبدأ بنفسه و ليتصدق على نفسه فليأكل و ليكتس مما رزقه الله عز

وجل " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 652 :



أخرجه الخرائطي في " مكارم الأخلاق " و إسناده هكذا ( ص 54 ) : حدثنا حماد

بن الحسن الوراق حدثنا حبان بن هلال حدثنا سليم بن حيان حدثنا حميد بن هلال

عن أبي قتادة مرفوعا .



و هذا سند صحيح رجاله كلهم ثقات رجال مسلم غير سليم بن حيان و هو ثقة كما في

" التقريب " .



و قد وجدت له شاهدا من حديث أنس أورده في " المنتخب " ( 2 / 519 ) و قال :

" رواه البيهقي في الشعب و الديلمي و ابن النجار , قال ابن حجر في الأطراف :

نظيف الإسناد و لم أر من صححه " .

378 " استقبل هذا الشعب حتى تكون في أعلاه , و لا نغرن من قبلك الليلة " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 653 :



هو قطعة من حديث # سهل بن الحنظلية # أنهم ساروا مع رسول الله صلى الله عليه

وسلم يوم حنين فأطنبوا السير حتى كانت عشية فحضرت الصلاة عند رسول الله صلى

الله عليه وسلم فجاء رجل فارس فقال : يا رسول الله إني انطلقت بين أيديكم حتى

طلعت جبل كذا و كذا فإذا أنا بهوازن على بكرة آبائهم بظعنهم و نعمهم و شائهم

اجتمعوا إلى حنين . فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم و قال : تلك غنيمة

المسلمين غدا إن شاء الله تعالى , ثم قال :

من يحرسنا الليلة ? قال أنس بن أبي مرثد الغنوي : أنا يا رسول الله , قال :

فاركب . فركب فرسا له , فجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله

صلى الله عليه وسلم : الحديث , فلما أصبحنا خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم

إلى مصلاه فركع ركعتين ثم قال : هل أحسستم فارسكم ? قالوا : يا رسول الله ما

أحسسناه , فثوب بالصلاة فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم و هو يصلي يلتفت

إلى الشعب حتى إذا قضى صلاته و سلم قال : أبشروا فقد جاءكم فارسكم فجعلنا ننظر

إلى خلال الشجر في الشعب فإذا هو قد جاء حتى وقف على رسول الله صلى الله عليه

وسلم فسلم فقال : إني انطلقت حتى كنت في أعلى هذا الشعب حيث أمرني رسول الله

صلى الله عليه وسلم فلما أصبحت طلعت الشعبين كليهما فنظرت , فلم أر أحدا فقال

له رسول الله صلى الله عليه وسلم : هل نزلت الليلة ? قال : لا إلا مصليا أو

قاضيا حاجة , فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : قد أوجبت , فلا عليك ألا

تعمل بعدها .



أخرجه أبو داود ( 1 / 391 - 392 ) و الحاكم ( 2 / 83 - 84 ) من طريق أبي توبة

الربيع بن نافع الحلبي حدثنا معاوية بن سلام أخبرني زيد بن سلام حدثنا

أبو كبشة السلولي أنه سمع سهل بن الحنظلية به .

و قال الحاكم : صحيح الإسناد و وافقه الذهبي . و هو كما قالا .

و الحديث عزاه المنذري ( 2 / 156 ) و ابن كثير في " البداية " ( 4 / 356 )

للنسائي أيضا , و لم ينسبه إليه النابلسي في " الذخائر " , و لم أجده في

" سننه الصغرى " فالظاهر أنه في " سننه الكبرى " .

379 " كلوا الزيت و ادهنوا به , فإنه من شجرة مباركة " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 654 :



و روي من حديث # عمر , و أبي أسيد , و أبي هريرة , و عبد الله بن عباس # .



1 - حديث عمر , له طريقان :

الأولى : قال عبد الرزاق : عن معمر عن زيد بن أسلم عن أبيه عنه به .

أخرجه الترمذي ( 1 / 340 ) و ابن ماجه ( 3319 ) و الحاكم ( 2 / 122 ) و الضياء

المقدسي في " الأحاديث المختارة " ( 1 / 35 ) كلهم عن عبد الرزاق به .

و قد أخرجه عبد الرزاق في " كتاب الجامع " ( ج 1 رقم 149 - نسختي ) بإسناده هذا

إلا أنه قال :

" عن أبيه أحسبه عن عمر " . و قال الترمذي عقبه :

" لا نعرفه إلا من حديث عبد الرزاق عن معمر , و كان عبد الرزاق يضطرب في رواية

هذا الحديث , فربما ذكر فيه : عن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم , و ربما

رواه على الشك فقال : أحسبه عن عمر ( الأصل : معمر ) عن النبي صلى الله عليه

وسلم , و ربما قال : عن زيد بن أسلم عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه

و لم يذكر فيه : عن عمر " .



قلت : و نحوه في " العلل " لابن أبي حاتم ( 2 / 15 - 16 ) عن أبيه , و هو أدق

في بيان مراحل اضطراب عبد الرزاق فيه , قال :

" حدث مرة عن زيد بن أسلم عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم , هكذا رواه

دهرا , ثم قال بعد : زيد بن أسلم عن أبيه أحسبه عن عمر عن النبي صلى الله عليه

وسلم , ثم لم يمت حتى جعله عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر عن النبي صلى الله

عليه وسلم بلا شك " .



قلت : و فيه إشعار بأن الصواب فيه مرسل , و هو ما صرح به ابن معين فيما روى عنه

عباس الدوري في كتاب " التاريخ و العلل ليحيى بن معين " قال ( 23 / 2 ) :

" سمعت يحيى بن معين يقول : حديث معمر عن زيد بن أسلم عن أبيه ( عن عمر ) قال :

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( فذكره ) : ليس هو بشيء , إنما هو عن زيد

مرسلا " .

و أما الحاكم فقال : " صحيح على شرط الشيخين " ! و وافقه الذهبي ! و من قبله

المنذري في " الترغيب " ( 3 / 130 ) !



الطريق الأخرى : عن الصعب بن حكيم بن شريك بن نملة عن أبيه عن جده عنه به .

أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 1 / 5 / 1 ) .



قلت : و هذا إسناد ضعيف , من دون عمر ثلاثتهم مجهولون .



2 - حديث أبي أسيد .

يرويه سفيان عن عبد الله بن عيسى عن رجل يقال له عطاء من أهل الشام ( و في

رواية : و ليس بابن أبي رباح ) عن أبي أسيد الأنصاري قال : قال رسول الله صلى

الله عليه وسلم : فذكره .

أخرجه البخاري في " الكنى " من " التاريخ الكبير " ( ص 6 ) و الترمذي و الدارمي

( 2 / 102 ) و الحاكم ( 2 / 397 - 398 ) و أحمد ( 3 / 497 ) و كذا النسائي في

" مجلسين من الأمالي " ( ق 58 / 2 ) و الدولابي في " الكنى " ( 1 / 15 )

و العقيلي في " الضعفاء " ( 339 ) و الخطيب في " الموضح " ( 2 / 94 ) و البغوي

في " شرح السنة " ( 3 / 190 / 2 ) من طرق عن سفيان به .



و قال الترمذي : " هذا حديث غريب من هذا الوجه , إنما نعرفه من حديث سفيان

الثوري عن عبد الله بن عيسى " .



قلت : و هما ثقتان محتج بهما في " الصحيحين " , و إنما علته من عطاء هذا ,

و كأنه خفي حاله على الترمذي , و إلا لأعله به كما فعله العقيلي , فقد روى عن

البخاري أنه قال فيه : " لم يقم حديثه " .

قال العقيلي : " و هو هذا , و قد روي بغير هذا الإسناد من وجه أيضا ضعيف " .

و قال الذهبي في " الميزان " , و ذكر له هذا الحديث :

" لين البخاري حديثه , لا يدرى من هو " .

ثم نسي الذهبي هذا , فإنه لما قال الحاكم عقب الحديث :

" صحيح الإسناد " ! وافقه عليه !



3 - حديث أبي هريرة .

يرويه عبد الله بن سعيد بن أبي سعيد المقبري قال :

سمعت جدي يحدث عن أبي هريرة رضي الله عنه به .

أخرجه ابن ماجه ( 3320 ) , و الحاكم شاهدا , و قال : " إسناد صحيح " !

و رده الذهبي فقال : " قلت : عبد الله واه " .

و قال البوصيري في " الزوائد " ( 200 / 1 ) :

" هذا إسناد ضعيف لضعف عبد الله بن سعيد المقبري " .

و أقول : بل هو متروك كما قال الحافظ في " التقريب " , فمثله لا يستشهد به .



4 - حديث ابن عباس .

أورده الهيثمي في " المجمع " ( 5 / 43 ) بلفظ :

" ائتدموا الشجرة , يعني الزيت , و من عرض عليه طيب فليصب منه " .

و قال : " رواه الطبراني في " الأوسط " , و فيه النضر بن طاهر , و هو ضعيف " .



قلت : و الجملة الأولى منه قد جاءت في بعض الطرق لحديث عمر و أبي أسيد بلفظ :

" ائتدموا بالزيت " . و الجملة الأخرى وردت في حديث لأبي هريرة بسند صحيح على

شرط مسلم , خرجته في " المشكاة " ( 3016 ) .



و جملة القول أن الحديث بمجموع طريقي عمر و طريق أبي سعيد يرتقي إلى درجة الحسن

لغيره على أقل الأحوال , و الله أعلم .

و يكفي في فضل الزيت قول الله تبارك و تعالى : ( يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا

شرقية و لا غربية , يكاد زيتها يضيء و لو لم تمسسه نار ) .

و للزيت فوائد هامة , ذكر بعضها العلامة ابن القيم في " زاد المعاد " , فمن شاء

رجع إليه .

380 " من أحب لله و أبغض لله و أعطى لله و منع لله فقد استكمل الإيمان " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 657 :



أخرجه أبو داود ( 4681 ) و ابن عساكر في " تاريخ دمشق " ( 6 / 16 / 2 , 9 / 396

/ 2 ) من طرق عن يحيى بن الحارث عن القاسم بن عبد الرحمن عن # أبي أمامة # عن

رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : فذكره .



قلت : و هذا إسناد حسن , رجاله ثقات , و في القاسم بن عبد الرحمن و هو أبو عبد

الرحمن الدمشقي كلام يسير , لا ينزل به حديثه عن مرتبة الحسن , و لهذا قال

الحافظ فيه " صدوق " .

و للحديث شاهد , يرويه أبو مرحوم عبد الرحيم بن ميمون عن سهل بن معاذ ابن أنس

الجهني عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فذكره و زاد :

" و أنكح لله " .

رواه الترمذي ( 2 / 85 ) و أحمد ( 3 / 440 ) .

و قال الترمذي : " هذا حديث حسن ".



قلت : و إسناده حسن أيضا .

و قد تابعه زبان بن فائد عن سهل بن معاذ به .

أخرجه أحمد ( 3 / 338 ) .

فالحديث بمجموع الطريقين صحيح , فلا تغتر بكلام المناوي عليه , فإنه لا تحقيق

فيه , و حسبه خطأ أنه أوهم أنه ليس للحديث سوى طريق واحد ضعيف !

و قد رواه ابن أبي شيبة في " كتاب الإيمان " ( رقم 133 بتحقيقي ) بإسناد حسن

عن كعب بن مالك موقوفا . و ما سبق يدل على أن أصله مرفوع .

و قد روي مرفوعا أيضا من طريق مسلمة بن علي أنبأنا يحيى بن الحارث عن نمير

ابن أوس عن أم الدرداء عن أبي الدرداء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم به .

أخرجه ابن عساكر ( 17 / 322 / 2 ) .

و هذا إسناد لا تقوم به حجة , بل لا يستشهد به لأن مسلمة بن علي و هو الخشني

متروك , و قد خالف الجماعة الذين سبقت الإشارة إليهم أنهم رووه عن يحيى

ابن الحارث عن القاسم عن أبي أمامة .

و في روايتهم هذه كفاية و غنية عن رواية ابن مسلمة .

381 " نهى عن المتعة , و قال : ألا إنها حرام من يومكم هذا إلى يوم القيامة , و من

كان أعطى شيئا فلا يأخذه " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 659 :



أخرجه مسلم ( 4 / 134 ) من طريق معقل عن ابن أبي عبلة عن عمر بن عبد العزيز

قال : حدثنا # الربيع بن سبرة عن أبيه # أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ...

فذكره .



قلت : و هذا إسناد رجاله ثقات , ليس فيهم من ينبغي النظر فيه سوى معقل هذا

و هو ابن عبيد الله الجزري .

قال الذهبي فيه : " صدوق ضعفه ابن معين " .

و قال الحافظ في " التقريب " : " صدوق يخطىء " .



قلت : فمثله يكون حديثه في مرتبة الحسن لذاته , أو لغيره على الأقل , و لم

يتفرد بهذا الحديث , فقد أخرجه مسلم و غيره من طرق عن الربيع بن سبرة , لكن ليس

فيها ذكر تأييد التحريم إلى يوم القيامة , إلا في هذه و في طريق أخرى سأذكرها

إن شاء الله , و من أجل هذه الزيادة أوردت الحديث في هذه " السلسلة " و إلا

فأحاديث النهي عن المتعة أشهر من أن تخرج هنا , و إن أنكرتها طائفة من الناس ,

اتباعا لأهوائهم , و لا ينفع البحث معهم إلا بعد وضع منهج علمي لنقد أحاديث

الفريقين على ضوئه , و هيهات هيهات .



و الطريق التي أشرت إليها يرويها عبد العزيز بن عمر ( بن عبد العزيز ) :

حدثني الربيع بن سبرة به بلفظ :

" أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا أيها الناس إني قد كنت

أذنت لكم في الاستمتاع من النساء , و إن الله قد حرم ذلك إلى يوم القيامة , فمن

كان عنده منهن شيء فليخل سبيله , و لا تأخذوا مما آتيتموهن شيئا " .

أخرجه مسلم ( 4 / 132 ) و الدارمي ( 2 / 140 ) و ابن ماجه ( 1962 ) و الطحاوي

( 2 / 14 ) و ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 7 / 44 / 1 ) و ابن الجارود ( 699 )

و البيهقي ( 7 / 203 ) و أحمد ( 3 / 404 - 405 , 405 - 406 ) .



و في عبد العزيز هذا كلام يسير نحو الكلام في معقل , فأحدهما يقوى حديث الآخر .

لاسيما و قد وجدت له شاهدا من حديث جابر , يرويه صدقة بن عبد الله عن إسماعيل

بن أمية عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال :

" خرجنا و معنا النساء اللاتي استمتعنا بهن , فقال رسول الله صلى الله عليه

وسلم : هن حرام إلى يوم القيامة , فودعننا عند ذلك , فسميت بذلك ثنية الوداع ,

و ما كانت قبل ذلك إلا ثنية الركاب " .



أخرجه الطبراني في " الأوسط " ( 1 / 174 / 2 ) ,

و قال الهيثمي في " مجمع الزوائد " ( 4 / 264 - 265 ) :

" و فيه صدقة بن عبد الله , وثقه أبو حاتم و غيره , و ضعفه أحمد و جماعة

و بقية رجاله رجال الصحيح " .



و جملة القول : أن الحديث بمجموع طرقيه و هذا الشاهد صحيح بلا ريب ,

و الله تعالى هو الموفق .



( تنبيه )

----------

جاء في كثير من طرق هذا الحديث أن التحريم كان يوم الفتح و هو الصواب و جاء في

بعضها أنه كان في حجة الوداع و هو شاذ كما حققته في " إرواء الغليل في تخريج

أحاديث منار السبيل " رقم ( 1959 , 1960 ) .

382 " إن مطعم ابن آدم قد ضرب للدنيا مثلا , فانظر ما يخرج من ابن آدم و إن قزحه

و ملحه , قد علم إلى ما يصير " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 661 :



أخرجه ابن حبان في " صحيحه " ( 2489 ) و الطبراني في " الكبير " ( 1 / 27 / 2 )

و البيهقي في " الزهد الكبير " ( ق 47 / 1 ) و عبد الله بن أحمد في " زوائد

المسند " ( 5 / 136 ) عن أبي حذيفة موسى بن مسعود حدثنا سفيان عن يونس بن عبيد

عن الحسن عن عتي عن # أبي بن كعب # قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

فذكره .



و أخرجه ابن أبي الدنيا في " الجوع " ( 8 / 2 - 9 ) من طرق أخرى عن يونس به .



قلت : و هذا إسناد رجاله ثقات رجال البخاري غير عتي - مصغرا و هو ابن ضمرة

السعدي و هو ثقة , لكن فيه علتان :



الأولى : أن الحسن و هو البصري مدلس , و قد عنعنه .



و الأخرى : أن موسى بن مسعود مع كونه أحد شيوخ البخاري في صحيحه , ففيه ضعف من

قبل حفظه .

قال الذهبي في " الميزان " :

" صدوق إن شاء الله , يهم , تكلم فيه أحمد , و ضعفه الترمذي .

و قال ابن خزيمة : لا يحتج به ... " .

و قال الحافظ في " التقريب " : " صدوق , سيىء الحفظ , و كان يصحف " .

و قد تابعه إسماعيل بن علية و غيره عند ابن أبي الدنيا , فأمنا بذلك سوء حفظه .



لكن للحديث شاهد , يرويه علي بن زيد عن الحسن عن الضحاك بن سفيان الكلابي أن

رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له :

" يا ضحاك ما طعامك ? قال : يا رسول الله اللحم و اللبن , قال : ثم يصير إلى

ماذا ? قال : إلى ما قد علمت , قال : فإن الله تبارك و تعالى ضرب ما يخرج من

ابن آدم مثلا للدنيا " .



أخرجه أحمد ( 3 / 452 ) و ابن أبي الدنيا عن حماد بن زيد عن علي بن زيد .

و قال المنذري ( 4 / 102 ) :

" رواه أحمد و رواته رواة الصحيح إلا علي بن زيد بن جدعان " .



قلت : و هو ضعيف كما قال الحافظ في " التقريب " .



قلت : و قال ابن خزيمة : " لا أحتج به لسوء حفظه " .



قلت : و من سوء حفظه أنه كان يقلب الأحاديث , فقد قال حماد بن زيد :

أنبأنا علي بن زيد , و كان يقلب الأحاديث .



قلت : و وصفه غيره بأنه كان اختلط . و لذلك فإني أخشى أن يكون هذا من تخاليطه ,

و قد رواه عن الحسن البصري , فتدل روايته هذه عنه و رواية يونس ابن عبيد عنه

على أن للحديث أصلا عن الحسن البصري , و لكن هل هو من روايته عن عتي عن أبي ,

أم من روايته عن الضحاك ? لا نستطيع ترجيح إحداهما على الأخرى لأن في الأولى

ابن جدعان , و في الأخرى موسى بن مسعود , و كلاهما ضعيف , و إن كان ابن مسعود

أحسن حالا من ابن جدعان , فيحتمل أن تكون روايته أرجح , و قد تأكدت من ذلك حين

وقفت على من تابعه كما سبقت الإشارة إليه .

ثم إن الحسن قد عنعن الحديث في كل من الروايتين عنه , فيحتمل أن يكون شيخه

فيهما واحدا , فتعود الروايتان حينئذ إلى أنهم من طريق واحدة , و على هذا لم

ينشرح القلب , و لم تطمئن النفس للاعتداد بهذا الشاهد , لأن مرجعه و مرجع

المشهود له إلى طريق واحد , فلا يتقوى الحديث به , لأنه من باب تقوية الضعيف

بنفسه !



نعم للحديث شاهد آخر عن سلمان قال :

" جاء قوم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ألكم طعام ? قالوا : نعم ,

قال : فلكم شراب ? قالوا : نعم , قال : فتصفونه ? قالوا : نعم , قال :

و تبرزونه ? قالوا : نعم , قال : فإن معادهما كمعاد الدنيا , يقوم أحدكم إلى

خلف بيته فيمسك على أنفه من نتنه " .



قال الهيثمي ( 10 / 288 ) : " رواه الطبراني و رجاله رجال الصحيح " .



قلت : فإذا كان إسناده من طريق أخرى غير طريق الحسن البصري كما آمل , فهو يصلح

شاهدا للحديث , و يتقوى به . و الله أعلم .



و قد أخرجه ابن أبي الدنيا من طريق سفيان عن عاصم عن أبي عثمان قال :

جاء رجل ... الحديث نحو رواية سلمان .

و هو شاهد قوي للحديث . و الله أعلم .



( قزحه ) بتشديد الزاي هو من القزح و هو التوابل , يقال : قزحت القدر إذا طرحت

فيها الأبزار .

( ملحه ) بتخفيف اللام . أي ألقى فيه الملح بقدر للإصلاح . يقال منه : ملحت

القدر بالتخفيف , و أملحتها و ملحتها إذا أكثرت ملحها حتى تفسد .

383 " من السنة في الصلاة أن تضع أليتيك على عقبيك بين السجدتين " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 664 :



أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 3 / 106 / 1 ) : حدثنا أحمد بن النضر

العسكري حدثني عبد الرحمن بن عبيد الله الحلبي أنبأنا سفيان بن عيينة عن

عبد الكريم عن طاووس عن # ابن عباس # رضي الله عنه قال : فذكره .



قلت : و هذا إسناد صحيح إن كان عبد الكريم هذا هو ابن مالك الجزري الحراني

و أما إن كان هو ابن أبي المخارق المعلم البصري فهو ضعيف , و ليس بين يدي ما

يرجح أحد الاحتمالين على الآخر , فإن كلا منهما روى عن طاووس , و روى عن كل

منهما ابن عيينة .

بيد أن الحديث صحيح على كل حال , فقد رواه ابن عيينة أيضا عن إبراهيم ابن ميسرة

عن طاووس به نحوه .

أخرجه الطبراني : حدثنا إسحاق عن عبد الرزاق عن ابن عيينة .



قلت : و هذا إسناد جيد .

و أخرج ( 3 / 105 / 2 ) بهذا الإسناد عن ابن جريج : أخبرني أبو الزبير أنه سمع

طاووسا يقول :

" قلت لابن عباس في الإقعاء على القدمين ? قال : هي السنة , فقلت : إنا لنراه

جفاء بالرجل ! قال : هي سنة نبيك " .

و قد أخرجه مسلم و أبو عوانة في " صحيحيهما " و البيهقي ( 2 / 119 ) من طريق

أخرى عن ابن جريج به .

و هذا سند صحيح , صرح فيه كل من ابن جريج و أبي الزبير بالتحديث .



و له طريق أخرى عن ابن عباس يرويه ابن إسحاق قال : حدثني عن انتصاب رسول الله

صلى الله عليه وسلم على عقبيه و صدور قدميه بين السجدتين إذا صلى - عبد الله

ابن أبي نجيح المكي عن مجاهد بن جبر أبي الحجاج قال : سمعت عبد الله بن عباس

يذكره قال : فقلت له : يا أبا العباس ! و الله إن كنا لنعد هذا جفاء ممن صنعه !

قال : فقال : إنها سنة " .

أخرجه البيهقي .



قلت : و إسناده حسن صرح فيه ابن إسحاق أيضا بالتحديث .

ثم روى بإسناد آخر صحيح عن أبي زهير معاوية بن حديج قال :

" رأيت طاووسا يقعي , فقلت : رأيتك تقعي ! قال : ما رأيتني أقعي ? ! و لكنها

الصلاة , رأيت العبادلة الثلاثة يفعلون ذلك عبد الله بن عباس و عبد الله بن عمر

و عبد الله بن الزبير , يفعلونه . قال أبو زهير : و قد رأيته يقعي " .



قلت : ففي الحديث و هذه الآثار دليل على شرعية الإقعاء المذكور , و أنه سنة

يتعبد بها و ليست للعذر كما زعم بعض المتعصبة , و كيف يكون كذلك و هؤلاء

العبادلة اتفقوا على الإتيان به في صلاتهم , و تبعهم طاووس التابعي الفقيه

الجليل و قال الإمام أحمد في " مسائل المروزي " ( 19 ) :

" و أهل مكة يفعلون ذلك " .

فكفى بهم سلفا لمن أراد أن يعمل بهذه السنة و يحييها .



و لا منافاة بينها , و بين السنة الأخرى , و هي الافتراش , بل كل سنة , فيفعل

تارة هذه , و تارة هذه , اقتداء به صلى الله عليه وسلم , و حتى لا يضيع عليه

شيء من هديه عليه الصلاة و السلام .

384 " من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة و من شرب الخمر في الدنيا لم

يشربه في الآخرة و من شرب في آنية الذهب و الفضة في الدنيا لم يشرب بها في

الآخرة ثم قال : لباس أهل الجنة و شراب أهل الجنة و آنية أهل الجنة " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 666 :



أخرجه الحاكم ( 4 / 141 ) و ابن عساكر في " تاريخ دمشق " ( 15 / 202 / 2 ) من

طريق يحيى بن حمزة حدثني زيد بن واقد أن خالد بن عبد الله بن حسين حدثه قال :

حدثني # أبو هريرة # رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :

فذكره . و قال : " صحيح الإسناد " . و وافقه الذهبي .



قلت : و رجاله ثقات رجال البخاري غير خالد بن عبد الله بن حسين و هو الأموي

الدمشقي مولى عثمان بن عفان .

قال ابن حبان في " الثقات " ( 1 / 37 ) :

" عداده في أهل الشام , يروي عن أبي هريرة . روى عنه زيد بن واقد , و إسماعيل

بن عبيد الله بن أبي المهاجر " .



قلت : و زاد ابن أبي حاتم ( 1 / 2 / 339 ) في الرواة عنه : " محمد بن عبد الله

الشعيثي " و كذا في " التهذيب " .

و قال : " قال البخاري : سمع أبا هريرة . و قال إسحاق بن سيار النصيبي : أظنه

لم يسمع من أبي هريرة . و ذكره ابن حبان في " الثقات " .



قلت : و قال الآجري عن أبي داود : كان أعقل أهل زمانه " .



قلت : و هذا الإسناد يشهد لقول البخاري أنه سمع أبا هريرة , و يجعل ظن النصيبي

وهما .



و اعلم أن الأحاديث في تحريم لبس الحرير , و شرب الخمر , و الشرب في أواني

الذهب و الفضة , هي أكثر من أن تحصر , و إنما أحببت أن أخص هذا بالذكر لأنه جمع

الكلام على هذه الأمور الثلاثة , و ساقها مساقا واحدا , ثم ختمها بقوله " لباس

أهل الجنة ... " , الذي يظهر أنه خرج مخرج التعليل , يعني أن الله تعالى حرم

لباس الحرير ( على الرجال خاصة ) لأنه لباسهم في الجنة كما قال تعالى :

( و لباسهم فيها حرير ) , و حرم الخمر على الرجال و النساء لأنه شرابهم في

الجنة ( مثل الجنة التي وعد المتقون فيها أنهار من ماء غير آسن , و أنهار من

لبن لم يتغير طعمه , و أنهار من خمر لذة للشاربين ) , و حرم الشرب في آنية

الذهب و الفضة على الرجال و النساء أيضا لأنها آنيتهم ( ادخلوا الجنة أنتم

و أزواجكم تحبرون . يطاف عليهم بصحاف من ذهب و أكواب ) . فمن استعجل التمتع

بذلك غير مبال و لا تائب عوقب بحرمانها منها في الآخرة جزاء وفاقا .



و ما أحسن ما روى الحاكم ( 2 / 455 ) عن صفوان بن عبد الله بن صفوان قال :

" استأذن سعد على ابن عامر , و تحته مرافق من حرير , فأمر بها فرفعت , فدخل

عليه , و عليه مطرف خز , فقال له : اسأذنت علي و تحتي مرافق من حرير , فأمرت

بها فرفعت , فقال له : نعم الرجل أنت يا ابن عامر إن لم تكن ممن قال الله

عز و جل ( أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا ) , و الله لأن اضطجع على جمر الغضا

أحب إلي من أن أضطجع عليها " .



و قال الحاكم : " صحيح على شرط الشيخين " . و وافقه الذهبي . و أقره المنذري !!



و أقول : إنما هو على شرط مسلم وحده , لأن صفوان بن عبد الله , لم يخرج له

البخاري في " الصحيح " , و إنما روى له في " الأدب المفرد " .

و اعلم أن الحرير المحرم إنما هو الحرير الحيواني المعروف في بلاد الشام

بالحرير البلدي و أما الحرير النباتي المصنوع من ألياف بعض النباتات , فليس

من التحريم في شيء .



و أما الخمر فهي محرمة بجميع أنواعها و أجناسها , ما اتخذ من العنب أو الذرة

أو التمر أو غير ذلك , فكله حرام , لا فرق في شيء منه بين قليله و كثيره ,

لأن العلة الخمرية ( السكر ) و ليس المادة التي يحصل بها ( السكر ) كما قال

صلى الله عليه وسلم :

" كل مسكر خمر , و كل خمر حرام " . رواه مسلم .

و قال : " ما أسكر كثيره فقليله حرام " .

و لا تغتر بما جاء في بعض الكتب الفقهية عن بعض الأئمة من إباحة جنس منها

بتفاصيل تذكر فيها , فإنما هي زلة من عالم , كان الأحرى أن تدفن و لا تذكر

لولا العصبية الحمقاء .

385 " نهى عن النفخ في الشراب , فقال له رجل : يا رسول الله إني لا أروى من نفسي

واحد , فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : فأبن القدح عن فيك , ثم تنفس

قال : فإني أرى القذاة فيه , قال : فأهرقها " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 668 :



أخرجه مالك ( 2 / 925 / 12 ) و عنه الترمذي ( 1 / 345 ) و ابن حبان في

" صحيحه " ( 1367 ) و الحاكم ( 4 / 139 ) و أحمد ( 3 / 32 ) كلهم عن مالك عن

أيوب بن حبيب مولى سعد بن أبي وقاص عن أبي المثنى الجهني قال :

" كنت عند مروان بن الحكم , فدخل عليه # أبو سعيد الخدري # , فقال له مروان

بن الحكم أسمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن النفخ في الشرب ?

فقال له أبو سعيد : نعم , فقال له رجل : يا رسول الله ... " الحديث .

و قال الترمذي : " هذا حديث حسن صحيح " .

و قال الحاكم : " صحيح الإسناد " . و وافقه الذهبي .



قلت : و تابعه فليح عن أيوب بن حبيب به .

أخرجه أحمد ( 3 / 68 - 69 ) .



قلت : و رجاله ثقات غير أبي المثنى الجهني , و قد أورده ابن حبان في " الثقات "

( 1 / 172 ) , و قال ابن معين : " ثقة " .

و أما ابن المديني فقال : " مجهول " .

و قال الحافظ في " التقريب " : " مقبول " .

و الحديث أورده السيوطي مفرقا في موضعين من " الجامع الصغير " فأورد طرفه الأول

معزوا للترمذي وحده !

و أورد طرفه الآخر بلفظ : " ابن القدح عن فيك , ثم تنفس " .

و قال : " رواه سمويه في " فوائده " و البيهقي في الشعب " . فشنع عليه المناوي

في عدم عزوه لمالك و الترمذي , و في رمزه له بالحسن . و قال : " إنه يوهم أنه

غير صحيح , و هو غير صحيح , بل صحيح , كيف و هو من أحاديث " الموطأ " الذي ليس

بعد " الصحيحين " شيء أصح منه , و قال الترمذي : حسن صحيح , و أقره عليه النووي

و غيره من الحفاظ " .



و أقول : الأقرب إلى القواعد أنه حسن لما عرفت من حال أبي المثنى .



فوائد الحديث

-------------

1 - النهي عن النفخ في الشراب , قال الحافظ في " الفتح " ( 10 / 80 ) :

" و جاء في النهي عن النفخ في الإناء عدة أحاديث , و كذا النهي عن التنفس في

الإناء , لأنه ربما حصل له تغير من النفس إما لكون المتنفس كان متغير الفم

بمأكول مثلا , أو لبعد عهده بالسواك و المضمضة , أو لأن النفس يصعد ببخار

المعدة , و النفخ في هذه الأحوال كلها أشد من التنفس " .



2 - جواز الشرب بنفس واحد , لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينكر على الرجل

حين قال : " إني لا أروى من نفس واحد " , فلو كان الشرب بنفس واحد لا يجوز ,

لبينه صلى الله عليه وسلم له , و لقال له مثلا : " و هل يجوز الشرب من نفس واحد

? ! " .

و كان هذا أولى من القول له : " فأبن القدح ... " , لو لم يكن ذلك جائزا , فدل

قوله هذا على جواز الشرب بنفس واحد , و أنه إذا أراد أن يتنفس تنفس خارج الإناء

و هذا ما صرح به حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله

عليه وسلم :

" إذا شرب أحدكم فلا يتنفس في الإناء , فإذا أراد أن يعود , فلينح الإناء ,

ثم ليعد , إن كان يريد " .

386 " إذا شرب أحدكم فلا يتنفس في الإناء فإذا أراد أن يعود فلينح الإناء ثم ليعد

إن كان يريد " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 670 :



أخرجه ابن ماجه ( 3427 ) و الحاكم ( 4 / 139 ) من طريق # الحارث بن أبي ذباب عن

عمه عنه # .

و قال الحاكم : " صحيح الإسناد " . و وافقه الذهبي .



و سكت عنه الحافظ في " الفتح " ( 10 / 81 ) و إسناده حسن عندي , فإن الحارث

هذا هو ابن عبد الرحمن بن عبد الله بن سعد بن أبي ذباب , ليس به بأس كما قال

أبو زرعة .

و عمه ذكره ابن منده في الصحابة و سماه عياضا كما قال الحافظ في " التهذيب " .

و قال البوصيري في " الزوائد " ( ق 206 / 2 ) :

" هذا إسناد صحيح , رجاله ثقات , و عم الحارث اسمه عبد الله بن عبد الرحمن ابن

الحارث " .



و قال الحافظ في " الفتح " :

" و استدل به لمالك على جواز الشرب بنفس واحد , و أخرج ابن أبي شيبة الجواز عن

سعيد بن المسيب و طائفة , و قال عمر بن عبد العزيز :

" إنما نهي عن التنفس داخل الإناء , فأما من لم يتنفس , فإن شاء فليشرب بنفس

واحد " .



قلت : و هو تفصيل حسن , و قد ورد الأمر بالشرب بنفس واحد من حديث أبي قتادة

مرفوعا . أخرجه الحاكم , و هو محمول على التفصيل المذكور " .



قلت : لم أر الحديث المشار إليه عند الحاكم من حديث أبي قتادة , و إنما هو عنده

من حديث أبي هريرة , و هو الذي سقت لفظه آنفا من رواية ابن ماجه , و لفظه عند

الحاكم :

" لا يتنفس أحدكم في الإناء إذا كان يشرب منه , و لكن إذا أراد أن يتنفس

فليؤخره عنه ثم يتنفس " .

فأنا أظن أنه هو الذي أراده الحافظ , لكنه وهم في عزوه لحديث أبي قتادة .

و الله أعلم .



ثم إن ما تقدم من جواز الشرب بنفس واحد , لا ينافي أن السنة أن يشرب بثلاثة

أنفاس , فكلاهما جائز لكن الثاني أفضل لحديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال :

" كان إذا شرب تنفس ثلاثا , و قال : هو أهنأ و أمرأ و أبرأ " .

387 " كان إذا شرب تنفس ثلاثا , و قال : هو أهنأ و أمرأ و أبرأ " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 672 :



أخرجه مسلم و أبو داود ( 3727 ) و النسائي في " الكبرى " ( ق 65 / 2 )

و الترمذي ( 1 / 344 ) و حسنه , و أحمد ( 3 / 118 - 119 , 185 , 211 , 251 )

عن عبد الوارث بن سعيد أبي عصام عنه .

و تابعه ثمامة بن عبد الله بن أنس عن # أنس # به , دون قوله :

" و قال : هو أهنأ ... " .



أخرجه مسلم و النسائي و الترمذي و أحمد ( 3 / 114 , 128 , 185 ) . و في رواية

للنسائي من الطريق الأولى بلفظ :

" إذا شرب أحدكم فليتنفس ثلاث مرات فإنه أهنأ و أمرأ " .

و إسناده هكذا : أخبرنا إسحاق بن إبراهيم قال : حدثنا وكيع قال :

حدثني هشام بن أبي عبد الله به .



قلت : و هذا سند صحيح , و كل من هشام و عبد الوارث بن سعيد ثقة ثبت , و قد

اختلفا في لفظه على أبي عصام , فرواه أحدهما من فعله صلى الله عليه وسلم ,

و الآخر من قوله . و يرجح الأول الطريق الثانية عن أنس فإنها من فعله أيضا .



( تنبيه )

---------

عزى السيوطي في " الجامع الصغير " الحديث لـ ( ق , 4 ) و لم أره في البخاري

و ابن ماجه . و الله أعلم .

388 " نهى عن الشرب من ثلمة القدح , و أن ينفخ في الشراب " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 672 :



أخرجه أبو داود ( 3722 ) و ابن حبان ( 1366 ) و أحمد ( 3 / 80 ) و كذا ابنه

عبد الله من طريق قرة بن عبد الرحمن عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن

عتبة عن # أبي سعيد الخدري # أنه قال : فذكره مرفوعا .



قلت : و هذا إسناد حسن , رجاله كلهم رجال مسلم لولا ما في قرة بن عبد الرحمن

من الكلام .

و قال الحافظ : " اسمه يحيى , صدوق , و له مناكير " .



قلت : لكن لحديثه شواهد تدل على صحته , و أنه قد حفظه .

أما الشطر الثاني منه , فله شواهد كثيرة تقدم ذكر أحدها في الحديث الذي قبله .

و أما الشطر الأول , فيشهد له حديث أبي هريرة قال :

" نهى أن يشرب من كسر القدح " .



قال الهيثمي في " المجمع " ( 5 / 78 ) :

" رواه الطبراني في " الأوسط " , و رجاله ثقات رجال الصحيح " .

و حديث سهل بن سعد :

" أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن ينفخ في الشراب و أن يشرب من ثلمة

القدح " . " رواه الطبراني , و فيه عبد المهيمن بن عباس بن سهل و هو ضعيف " .

و عن ابن عباس و ابن عمر قالا :

" يكره أن يشرب من ثلمة القدح , و أذن القدح " .

" رواه الطبراني , و رجاله رجال الصحيح " .

389 " إياكم و محقرات الذنوب كقوم نزلوا في بطن واد فجاء ذا بعود و جاء ذا بعود حتى

أنضجوا خبزتهم و إن محقرات الذنوب متى يؤخذ بها صاحبها تهلكه " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 674 :



أخرجه أحمد ( 5 / 331 ) حدثنا أنس بن عياض حدثني أبو حازم لا أعلمه إلا عن

# سهل بن سعد # قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم .



و من هذا الوجه أخرجه الروياني أيضا في " مسنده " ( 29 / 197 - 198 ) و البيهقي

في " الشعب " ( 2 / 384 / 1 مصورة المكتب الإسلامي ) .



قلت : و هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين , و هو عند أحمد ثلاثي .

و قال الهيثمي ( 10 / 190 ) :

" رواه أحمد و رجاله رجال الصحيح , و رواه الطبراني في الثلاثة من طريقين ,

و رجال أحدهما رجال الصحيح غير عبد الوهاب بن عبد الحكم و هو ثقة " .

390 " كان إذا أراد أن ينام و هو جنب توضأ , و إذا أراد أن يأكل غسل يديه " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 674 :



أخرجه النسائي ( 1 / 50 ) : أخبرنا محمد بن عبيد بن محمد قال : حدثنا عبد الله

بن المبارك عن يونس عن الزهري عن أبي سلمة عن # عائشة # رضي الله عنها :

" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ... " .



قلت : و هذا إسناد صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين غير محمد بن عبيد و هو

أبو جعفر أو أبو يعلى النحاس الكوفي و هو صدوق .

و تابعه سويد بن نصر قال أنبأنا عبد الله عن يونس به .

أخرجه النسائي و في " الكبرى " أيضا ( ق 65 / 2 ) .

و سويد بن نصر ثقة . و تابعه علي بن إسحاق قال : أنبأنا عبد الله به . و تابعه

محمد بن بكر قال : أنبأنا يونس به . أخرجه أحمد ( 6 / 118 - 119 , 119 )

فالحديث صحيح على شرطهما , و قد صححه ابن حبان ( 231 ) .



قلت : و هذا حديث عزيز جيد , فيه سنية غسل اليدين قبل الطعام فهو يغني عن

الحديث المشهور في الباب بلفظ :

" بركة الطعام الوضوء قبله و بعده " .

و قد تكلمنا عليه في " الأحاديث الضعيفة " ( رقم 168 ) .

391 " إذا أكل أحدكم الطعام فلا يمسح يده حتى يلعقها أو يلعقها و لا يرفع صحفة حتى

يلعقها أو يلعقها , فإن آخر الطعام فيه بركة " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 675 :



أخرجه النسائي في " السنن الكبرى " ( ق 60 / 1 - الوليمة ) : أخبرنا يوسف

بن سعيد قال : حدثنا حجاج عن ابن جريج قال : أخبرني أبو الزبير قال :

سمعت # جابر # يقول : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : فذكره .



قلت : و هذا إسناد صحيح , رجاله كلهم ثقات رجال مسلم غير يوسف بن سعيد و هو ابن

مسلم المصيصي و هو ثقة حافظ . و قد أخرجه مسلم من طريق سفيان عن أبي الزبير عن

جابر , هكذا معنعنا , و أبو الزبير مدلس معروف بذلك , و لا يحتج بحديثه إلا ما

صرح فيه بالتحديث , و قد صرح به في رواية ابن جريج هذه , و هي فائدة هامة

و لذلك أخرجتها هنا .

على أن لأبي الزبير متابعا و لحديثه شاهدا , أخرجت ذلك كله في " إرواء الغليل "

رقم ( 2030 ) فلا ضرورة لإعادة ذلك هنا .



و في الحديث أدب جميل من آداب الطعام الواجبة , ألا و هو لعق الأصابع و مسح

الصحفة بها . و قد أخل بذلك أكثر المسلمين اليوم متأثرين في ذلك بعادات أوربا

الكافرة , و آدابها القائمة على الاعتداد بالمادة , و عدم الاعتراف بخالقها

و الشكر له على نعمه . فليحذر المسلم من أن يقلدهم في ذلك فيكون منهم لقوله صلى

الله عليه وسلم :

" ... و من تشبه بقوم فهو منهم " .

و إنما قلت : " ... الواجبة " لأمره صلى الله عليه وسلم بذلك , و نهيه عن

الإخلال به .

فكن مؤمنا يأتمر بأمره صلى الله عليه وسلم , و ينتهي عما نهى عنه , و لا تبال

بالمستهزئين الذين يصدون عن سبيل الله من حيث يشعرون أو لا يشعرون .

392 " إنه أعظم للبركة . يعني الطعام الذي ذهب فوره " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 676 :



أخرجه الدارمي ( 2 / 100 ) و ابن حبان ( 1344 ) و الحاكم ( 4 / 118 ) و ابن أبي

الدنيا في " الجوع " ( 14 / 2 ) و البيهقي ( 7 / 280 ) عن قرة بن عبد الرحمن عن

ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن # أسماء بنت أبي بكر # .

أنها كانت إذا ثردت غطته شيئا حتى يذهب فوره ثم تقول : إنى سمعت رسول الله صلى

الله عليه وسلم يقول ... فذكره .

و قال الحاكم : " صحيح على شرط مسلم " . و وافقه الذهبي !



قلت : و ذلك من أوهامهما فإن قرة بن عبد الرحمن لم يحتج به مسلم , و إنما أخرج

له في الشواهد كما صرح بذلك الذهبي نفسه في " الميزان " , ثم هو في نفسه ضعيف

من قبل حفظه , و قد مضى ذكر شيء من حاله في أول الكتاب .

نعم إنه لم يتفرد به , فقد تابعه عقيل بن خالد عن ابن شهاب به .

أخرجه أحمد ( 6 / 350 ) : حدثنا قتيبة بن سعيد قال : حدثنا ابن لهيعة عن عقيل ,

و حدثنا عتاب قال : حدثنا عبد الله , قال : أنبأنا ابن لهيعة , قال : حدثني

عقيل ابن خالد عن ابن شهاب به .



قلت : و هذا إسناد صحيح من طريق عبد الله و هو ابن المبارك , فإن ابن لهيعة

و إن كان معروفا بسوء الحفظ , لكن المحققين من العلماء على أن حديثه صحيح إذا

كان من رواية العبادلة عنه منهم عبد الله بن المبارك . و قد رواه عنه كما ترى .



و عتاب هو ابن زياد المروزي , قال ابن أبي حاتم ( 3 / 2 / 13 ) عن أبيه :

" ثقة " .

و لم يورده الحافظ في " التعجيل " مع أنه على شرطه !

و قد صح عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال :

" لا يؤكل طعام حتى يذهب بخاره " .

أخرجه البيهقي بإسناد صحيح كما بينته في " الإرواء " ( 2038 ) .

و أخرج الحاكم من طريق محمد بن عبيد الله بن العرزمي عن عطاء عن جابر

مرفوعا بلفظ :

" أبردوا الطعام الحار , فإن الطعام الحار غير ذي بركة " .

و العرزمي هذا متروك شديد الضعف , لكن ذكر له السيوطي في " الجامع " شواهد عدة

في بعضها نظر , منها حديث أسماء هذا , و لا يخفى على اللبيب أن قوله فيه

" أعظم للبركة " لا يساوي قوله " غير ذي بركة " فإن الأول يدل بمفهومه أنه دونه

في البركة , فهذا شيء , و قوله " غير ذي بركة " فليحقق النظر في الشواهد الأخرى

من حيث إسنادها و من جهة شهادتها , فإن من تلك الشواهد ما عزاه لـ " الحلية "

من حديث أنس . و لم أره فيه بهذا اللفظ . ثم رأيت المناوي ذكر أنه يعني حديث

أنس قال : أتي النبي صلى الله عليه وسلم بقصعة تفور , فرفع يده منها و قال :

إن الله لم يطعمنا نارا , ثم ذكره .

و لم يتكلم عن إسناده بشيء و لا رأيته في " البغية في ترتيب أحاديث الحلية " .

393 " كلوا من جوانبها , و دعوا ذروتها يبارك لكم فيها , ثم قال : خذوا فكلوا ,

فوالذي نفس محمد بيده ليفتحن عليكم أرض فارس و الروم , حتى يكثر الطعام فلا

يذكر اسم الله عليه " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 678 :



صحيح , رواه أبو بكر الشافعي في " الفوائد " ( 98 / 1 ) و عنه ابن عساكر ( 8 /

532 / 2 ) و البيهقي ( 7 / 283 ) و الضياء في " المختارة " ( 112 / 1 ) عن عمرو

بن عثمان حدثنا أبي حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن عرق حدثنا # عبد الله بن بسر #

قال :

أهديت للنبي صلى الله عليه وسلم شاة و الطعام يومئذ قليل , فقال لأهله : اطبخوا

هذه الشاة و انظروا إلى هذا الدقيق فاخبزوه و اطبخوا و اثردوا عليه , قال :

و كان للنبي صلى الله عليه وسلم قصعة يقال لها الغراء يحملها أربعة رجال , فلما

أصبح و سبحوا الضحى أتى بتلك القصعة و التقوا عليها , فإذا كثر الناس جثا رسول

الله صلى الله عليه وسلم , فقال : أعرابي ما هذه الجلسة ? فقال النبي صلى الله

عليه وسلم : إن الله جعلني عبدا كريما و لم يجعلني جبارا عنيدا ثم قال رسول

الله صلى الله عليه وسلم : فذكره .



و أخرجه أبو داود ( 3773 ) و ابن ماجه مفرقا في موضعين ( 3263 , 3275 ) دون

قوله : " ثم قال ... " .



قلت : و هذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات و عثمان هو ابن سعيد بن كثير الحمصي .

و الحديث علم من أعلام نبوته صلى الله عليه وسلم فقد فتح سلفنا أرض فارس

و الروم و ورثنا ذلك منهم , و طغى الكثيرون منا فأعرضوا عن الشريعة و آدابها

التي منها ابتداء الطعام بـ " بسم الله " فنسوا هذا حتى لا تكاد تجد فيهم

ذاكرا !

394 " يا عثمان إني لم أومر بالرهبانية أرغبت عن سنتي ?! قال : لا يا رسول الله

قال : إن من سنتي أن أصلي و أنام و أصوم و أطعم و أنكح و أطلق , فمن رغب عن

سنتي فليس مني , يا عثمان إن لأهلك عليك حقا و لنفسك عليك حقا " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 679 :



أخرجه الدارمي ( 2 / 132 ) : حدثنا محمد بن يزيد الحزامي حدثنا يونس بن بكير :

حدثني ابن إسحاق : حدثني الزهري عن سعيد بن المسيب عن # سعد ابن أبي وقاص #

قال :

" لما كان من أمر عثمان بن مظعون الذي كان من ترك النساء , بعث إليه رسول الله

صلى الله عليه وسلم , فقال ... ( فذكره ) . قال سعد : فو الله لقد كان أجمع

رجال من المسلمين على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إن هو أقر عثمان على ما

هو عليه أن نختصي , فنتبتل " .



قلت : و هذا إسناد جيد رجاله كلهم ثقات رجال البخاري غير ابن إسحاق , و هو ثقة

مدلس , و لكنه صرح بالتحديث , فزالت شبهة تدليسه .

و له فيه إسناد آخر عن عائشة رضي الله عنها نحوه , و توبع عليه كما بينته في

" إرواء الغليل " ( 2075 ) .

395 " لا تصوم المرأة يوما تطوعا في غير رمضان و زوجها شاهد إلا بإذنه " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 680 :



أخرجه الدارمي في " سننه " ( 2 / 12 ) : أخبرنا محمد بن أحمد حدثنا سفيان عن

أبي الزناد عن الأعرج عن # أبي هريرة # عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :

فذكره .



قلت : و هذا إسناد صحيح على شرط مسلم , جميع رواته ثقات من رجاله .

و الحديث أخرجه الشيخان من طرق عن سفيان دون قوله : " يوما تطوعا في غير

رمضان " .

و هي زيادة صحيحة ثابتة , و من أجلها خرجت الحديث هنا , و قد جاءت من طريقين

آخرين عن أبي هريرة نحوه . و إسناد أحدهما صحيح , و الآخر حسن , و له شاهد من

حديث أبي سعيد الخدري أتم منه و فيه بيان سبب وروده , مع فوائد أخرى ينبغي

الاطلاع عليها , و هذا نصه , قال رضي الله عنه :

" جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم و نحن عنده , فقالت : يا رسول الله

إن زوجي صفوان بن المعطل يضربني إذا صليت , و يفطرني إذا صمت , و لا يصلي صلاة

الفجر حتى تطلع الشمس , قال : و صفوان عنده , قال : فسأله عما قالت ? فقال :

يا رسول الله أما قولها : " يضربني إذا صليت " , فإنها تقرأ بسورتين ,

( فتعطلني ) و قد نهيتها ( عنهما ) , قال : فقال : لو كانت سورة واحدة لكفت

الناس .

و أما قولها " يفطرني " , فإنها تنطلق فتصوم و أنا رجل شاب , فلا أصبر , فقال

رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ : " لا تصوم امرأة إلا بإذن زوجها " .

و أما قولها " إنى لا أصلي حتى تطلع الشمس " فإنا أهل بيت قد عرف لنا ذاك ,

لا نكاد نستيقظ حتى تطلع الشمس , قال : فإذا استيقظت فصل " .



أخرجه أبو داود و السياق له و ابن حبان و الحاكم و أحمد بإسناد صحيح على شرط

الشيخين . و قد خرجته مع طرق حديث أبي هريرة في " الإرواء " ( 2063 ) .

396 " كان في سفره الذي ناموا فيه حتى طلعت الشمس , فقال : إنكم كنتم أمواتا

فرد الله إليكم أرواحكم , فمن نام عن صلاة فليصلها إذا استيقظ , و من نسي

صلاة فليصل إذا ذكر " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 681 :



أخرجه أبو يعلى في " مسنده " ( 58 / 1 ) عن عبد الجبار بن العباس الهمداني عن

# عون بن أبي جحيفة عن أبيه # قال : فذكره .



قلت : و هذا إسناد جيد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير عبد الجبار هذا و هو

صدوق يتشيع كما قال الحافظ في " التقريب " .



قلت : و التشيع لا يضر في الرواية عند المحدثين , لأن العبرة في الراوي إنما

هو كونه مسلما عدلا ضابطا , أما التمذهب بمذهب مخالف لأهل السنة , فلا يعد

عندهم جارحا ما لم ينكر ما هو معلوم من الدين بالضرورة , كما بينه الحافظ

ابن حجر في " شرح النخبة " .

لاسيما و هذا الحديث قد جاء معناه في " الصحيحين " و غيرهما من حديث أنس

و غيره من الصحابة , و في حديثه زيادة : " لا كفارة لها إلا ذلك " .



فقه الحديث :

-------------

و في الحديث دلالة على أن النائم عن الصلاة أو الناسي لها لا تسقط عنه الصلاة ,

و أنه يجب عليه أن يبادر إلى أدائها فور الاستيقاظ أو التذكر لها .

و دلت زيادة أنس رضي الله عنه , على أن ذلك هو الكفارة , و أنه إن لم يفعل فلا

يكفره شيء من الأعمال , اللهم إلا التوبة النصوح .

و في ذلك كله دليل على أن الصلاة التي تعمد صاحبها إخراجها عن وقتها , فلا

يكفرها أن يصليها بعد وقتها , لأنه لا عذر له , و الله عز و جل يقول : ( إن

الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا ) , و ليس هو كالذى نام عنها أو نسيها ,

فهذا معذور بنص الحديث , و لذلك جعل له كفارة أن يصليها إذا تذكرها .

ألست ترى أن هذا المعذور نفسه إذا لم يبادر إلى الصلاة حين التذكر فلا كفارة له

بعد ذلك , لأنه أضاع الوقت الذي شرع الله له أن يتدارك فيه الصلاة الفائتة .

فإذا كان هذا هو شأن المعذور أنه لا قضاء له بعد فوات الوقت المشروع له , فمن

باب أولى أن يكون المتعمد الذي لم يصل الصلاة في وقتها و هو متذكر لها مكلف بها

أن لا يكون له كفارة . و هذا فقه ظاهر لمن تأمله متجردا عن التأثر بالتقليد

و رأي الجمهور .

و مما سبق يتبين خطأ بعض المتأخرين الذي قاسوا المتعمد على الناسي فقالوا :

" إذا وجب القضاء على النائم و الناسي مع عدم تفريطهما فوجوبه على العامد

المفرط أولى " !

مع أن هذا القياس ساقط الاعتبار من أصله , لأنه من باب قياس النقيض على نقيضه ,

فإن العامد المتذكر ضد الناسي و النائم .

على أن القول بوجوب القضاء على المتعمد ينافي حكمة التوقيت للصلاة الذي هو شرط

من شروط صحة الصلاة , فإذا أخل بالشرط بطل المشروط بداهة , و قول شيخ الشمال في

نشرة له في هذه المسألة " أن المصلي وجب عليه أمران : الصلاة , و إيقاعها في

وقتها , فإذا ترك أحد الأمرين بقي الآخر " .

فهذا مما يدل على جهل بالغ في الشرع , فإن الوقت للصلاة ليس فرضا فحسب , بل

و شرط أيضا , ألا ترى أنه لو صلى قبل الوقت لم تقبل صلاته باتفاق العلماء .

لكن كلام الشيخ المسكين يدل على أنه قد خرق اتفاقهم بقوله المتقدم , فإنه صريح

أنه لو صلى قبل الوقت فإنه أدى واجبا , و ضيع آخر !

و هكذا يصدق عليه المثل السائر ( من حفر بئرا لأخيه وقع فيه ) ! فإنه يدندن

دائما حول اتهام أنصار السنة بخرقهم الإجماع أو اتفاق العلماء , فها هو قد

خالفهم بقوله المذكور الهزيل , هدانا الله و إياه سواء السبيل .

و بعد فهذه كلمة وجيزة حول هذه المسألة المهمة بمناسبة هذا الحديث الشريف ,

و من شاء تفصيل الكلام فيها فليرجع إلى كتاب الصلاة لابن القيم رحمه الله تعالى

فإنه أشبع القول عليها مع التحقيق الدقيق بما لا تجده في كتاب .



و اعلم أنه ليس معنى قول أهل العلم المحققين و منهم العز ابن عبد السلام

الشافعي أنه لا يشرع القضاء على التارك للصلاة عمدا , أنه من باب التهوين لشأن

ترك الصلاة حاشا لله , بل هو على النقيض من ذلك , فإنهم يقولون : إن من خطورة

الصلاة و أدائها في وقتها أنه لا يمكن أن يتداركها بعد وقتها إلى الأبد , فلا

يكفر ذنب إخراج الصلاة عن وقتها إلا ما يكفر أكبر الذنوب , ألا و هو التوبة

النصوح .

و لذلك فهم ينصحون من ابتلي بترك الصلاة أن يتوب إلى الله فورا , و أن يحافظ

على أداء الصلاة في أوقاتها و مع الجماعة , و أن يكثر من الصلاة النافلة حتى

يعوض بذلك بعض ما فاته من الثواب بتركه للصلاة في الوقت ( و إن الحسنات يذهبت

السيئات ) و قد دل على ذلك حديث أبي هريرة " انظروا هل لعبدي من تطوع فتكملوا

بها فريضته " . أخرجه أبو داود و غيره .

397 " ما صدق نبي ( من الأنبياء ) ما صدقت , إن من الأنبياء من لم يصدقه من أمته

إلا رجل واحد " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 684 :



أخرجه ابن حبان في " صحيحه " ( 2305 موارد ) قال : أخبرنا أبو خليفة حدثنا علي

بن المديني حدثنا حسين بن علي عن زائدة عن المختار بن فلفل عن # أنس ابن مالك #

قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره .



قلت : و هذا إسناد صحيح , و قد أخرجه مسلم في " صحيحه " ( 1 / 130 ) حدثنا

أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا حسين بن علي به و زاد في أوله :

" أنا أول شفيع في الجنة , لم يصدق نبي من الأنبياء .... " .

و من طريق مسلم أخرجه أبو بكر محمد بن الحسن الطبري في " الأمالي " ( 7 / 1 )

ثم رواه ( 4 / 1 ) من طريق أخرى عن المختار به .

و يشهد للحديث ما روى ابن عباس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :

( عرضت علي الأمم , فرأيت النبي و معه الرهط , و النبي و معه الرجل و الرجلان و

النبي ليس معه أحد .... " الحديث .

أخرجه الشيخان و غيرهما .

و في الحديث دليل واضح على أن كثرة الأتباع و قلتهم , ليست معيارا لمعرفة كون

الداعية على حق أو باطل , فهؤلاء الأنبياء عليهم الصلاة و السلام مع كون دعوتهم

واحدة , و دينهم واحدا , فقد اختلفوا من حيث عدد أتباعهم قلة و كثرة , حتى كان

فيهم من لم يصدقه إلا رجل واحد , بل و من ليس معه أحد ! ففي ذلك عبرة بالغة

للداعية و المدعوين في هذا العصر , فالداعية عليه أن يتذكر هذه الحقيقة ,

و يمضي قدما في سبيل الدعوة إلى الله تعالى , و لا يبالي بقلة المستجيبين له ,

لأنه ليس عليه إلا البلاغ المبين , و له أسوة حسنة بالأنبياء السابقين الذين لم

يكن مع أحدهم إلا الرجل و الرجلان !

و المدعو عليه أن لا يستوحش من قلة المستجيبين للداعية , و يتخذ ذلك سببا للشك

في الدعوة الحق و ترك الإيمان بها , فضلا عن أن يتخذ ذلك دليلا على بطلان دعوته

بحجة أنه لم يتبعه أحد , أو إنما اتبعه الأقلون ! و لو كانت دعوته صادقة لاتبعه

جماهير الناس ! و الله عز و جل يقول ( و ما أكثر الناس و لو حرصت بمؤمنين ) .

398 " استأمروا النساء في أبضاعهن , قيل : فإن البكر تستحي أن تكلم ? قال : سكوتها

إذنها " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 685 :



رواه النسائي ( 2 / 78 ) و أحمد ( 6 / 45 , 203 ) عن ابن جريج قال : سمعت ابن

أبي مليكة يحدث عن ذكوان أبي عمرو مولى عائشة عن # عائشة # مرفوعا .



و هذا سند صحيح على شرط الشيخين , و قد أخرجه البخاري ( 8 / 57 ) و مسلم

( 4 / 141 ) و أحمد أيضا ( 6 / 165 ) من هذا الوجه بمعناه .

و في رواية " البكر تستأذن " .

399 " نهى أن يشرب من في السقاء " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 685 :



أخرجه أحمد ( 2 / 230 , 487 ) : حدثنا إسماعيل قال أنبأنا أيوب عن عكرمة عن

# أبي هريرة # مرفوعا به .

قال أيوب : أنبئت أن رجلا شرب من في السقاء فخرجت حية .



و هذا إسناد صحيح على شرط البخاري و أخرجه الحاكم ( 4 / 140 ) من هذا الوجه

و قال : " صحيح على شرط ( خ ) . و وافقه الذهبي .



قلت : و قد أخرجه في " صحيحه " ( 10 / 74 ) من طريق أيوب عن عكرمة به دون قول

أيوب " انبئت .... " . و كذلك أخرجه ابن ماجه ( 2 / 336 ) , و هو رواية لأحمد

( 2 / 247 , 327 ) .

و قد تابعه حماد بن زيد عن عكرمة به . أخرجه أحمد ( 2 / 353 ) و إسناده على شرط

البخاري . و أورده الهيثمي في " المجمع " ( 5 / 78 ) و قال :

" رواه الطبراني في " الأوسط " و رجاله ثقات " .

و قد ذهل عن كونه في بعض الكتب الستة و قد ذكره المنذري في " الترغيب " ( 3 /

118 ) من رواية الحاكم دون قوله " قال أيوب " فلم يحسن لأنه بذلك صار قول أيوب

مدرجا في الحديث من قول أبي هريرة , و لا يخفى ما فيه .

و للحديث شاهد من حديث ابن عباس مثل حديث أبي هريرة .

أخرجه البخاري و أبو داود ( 2 / 134 ) و الدارمي ( 2 / 89 - 118 - 119 ) و ابن

ماجه ( 2 / 336 ) و أحمد ( 1 / 226 , 241 , 321 , 339 ) من طريق عكرمة عنه .

و له شاهد بلفظ :

" نهى أن يشرب من في السقاء لأن ذلك ينتنه " .

400 " نهى أن يشرب من في السقاء لأن ذلك ينتنه " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 686 :



أخرجه الحاكم ( 4 / 140 ) من طريق الحارث بن أبي أسامة : حدثنا روح بن عبادة :

حدثنا حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن أبيه عن # عائشة # مرفوعا .

و قال : صحيح الإسناد .

و في التلخيص : صحيح على شرط مسلم . و قال الحافظ في " الفتح " ( 10 / 79 ) :

" سنده قوي " .
















www.alalbani.info




















( للبحث داخل صفحة معينة اضغط Ctrl+f )


الأحاديث من 401 إلى 500

401 " إذا قمت في صلاتك فصل صلاة مودع , و لا تكلم بكلام تعتذر منه غدا , و اجمع

الإياس مما في أيدي الناس " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 687 :



أخرجه ابن ماجه ( 2 / 542 ) و أحمد ( 5 / 412 ) و أبو نعيم في " الحلية "

( 1 / 462 ) عن عبد الله بن عثمان بن خثيم بن عثمان بن جبير مولى أبي أيوب

عن # أبي أيوب الأنصاري # قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال :

عظني و أوجز . فقال : فذكره .



و هذا سند ضعيف لجهالة عثمان بن جبير قال في " الميزان " :

ما روى عنه سوى عبد الله بن عثمان بن خثيم حسب " و في " التقريب " : " مقبول "

و بقية الرجال ثقات . و في " الزوائد " :

إسناده ضعيف و عثمان بن جبير قال الذهبي في " الطبقات " مجهول .

و ذكره ابن حبان في الثقات , و قال البخاري و أبو حاتم روى عن أبيه عن جده

عن أبي أيوب " .

قال المحقق السندي ( رح ) بعد أن نقل هذا الكلام عن الزوائد :



قلت : لكن كون الحديث من أوجز الكلمات و أجمعها للحكمة يدل على قربه للثبوت

فليتأمل .



قلت : و الحديث و إن كان إسناده ضعيفا فإنه لا يدل على ضعفه و عدم ثبوته في

نفسه لاحتمال أن له إسنادا حسنا أو صحيحا أو أن له شواهد يدل مجموعها على ثبوته

و الواقع أن هذا الحديث كذلك فإن له شواهد تدل على أن له أصلا فقد روي من حديث

ابن عمر عند الضياء المقدسي في " الأحاديث المختارة " و من حديث سعد بن أبي

وقاص عند الحاكم ( 4 / 326 - 327 ) و صححه و وافقه الذهبي .

402 " ما بال قوم جاوزهم القتل اليوم حتى قتلوا الذرية ! فقال رجل : يا رسول الله :

إنما هم أولاد المشركين ! فقال : ألا إن خياركم أبناء المشركين , ثم قال : ألا

لا تقتلوا ذرية , ألا لا تقتلوا ذرية , قال : كل نسمة تولد على الفطرة حتى يهب

عنها لسانها فأبواها يهودانها و ينصرانها " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 688 :



أخرجه أحمد ( 3 / 435 ) و الدارمي ( 2 / 223 ) و الحاكم ( 2 / 123 ) و البيهقي

( 9 / 77 ) من طريق يونس بن عبيد عن الحسن عن # الأسود بن سريع # قال :

" أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم و غزوت معه فأصبت ظهر أفضل الناس يومئذ

حتى قتلوا الولدان و قال مرة : الذرية فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم

فقال : فذكره .



و السياق لأحمد و ليس عند الدارمي منه إلا المرفوع منه دون قوله :

فقال رجل الخ .

و قال الحاكم : صحيح على شرط الشيخين , و وافقه الذهبي .

و هو كما قالا و قد صرح الحسن بسماعه من الأسود بن سريع في رواية الحاكم .

403 " إذا فسد أهل الشام فلا خير فيكم , لا تزال طائفة من أمتي منصورين لا يضرهم من

خذلهم حتى تقوم الساعة " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 688 :



أخرجه الترمذي ( 2 / 30 ) من طريق الطيالسي و هو في " المسند " ( ص 145 رقم

1076 ) و كذا أحمد ( 3 / 436 , 5 / 35 ) و ابن حبان ( 2313 ) من طريق شعبة عن

# معاوية بن قرة عن أبيه # مرفوعا . و قال الترمذي : " حديث حسن صحيح " .



قلت : و هو على شرط الشيخين , و قد أخرج الخطيب ( 8 / 417 - 418 , 10 / 282 )

الشطر الأول منه من هذا الوجه , و رواه أبو نعيم في " الحلية " ( 7 / 230 ) .



و الشطر الثاني أخرجه ابن ماجه ( 2 / 6 - 7 ) , و له شواهد كثيرة فراجع بعضها

فيما تقدم برقم ( 270 , 1108 ) .

404 " نضر الله امرءا سمع منا حديثا فحفظه حتى يبلغه غيره , فإنه رب حامل فقه ليس

بفقيه , و رب حامل فقه إلى من هو أفقه منه , ثلاث خصال لا يغل عليهن قلب مسلم

أبدا : إخلاص العمل لله , و مناصحة ولاة الأمر , و لزوم الجماعة , فإن دعوتهم

تحيط من ورائهم , و قال : من كان همه الآخرة , جمع الله شمله , و جعل غناه في

قلبه , و أتته الدنيا و هي راغمة , و من كانت نيته الدنيا , فرق الله عليه

ضيعته , و جعل فقره بين عينيه , و لم يأته من الدنيا إلا ما كتب له " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 689 :



أخرجه أحمد ( 5 / 183 ) و اللفظ له و الدارمي ( 1 / 75 ) و ابن حبان ( 72 , 73

- موارد ) و ابن عبد البر في " الجامع " ( 1 / 38 - 39 ) عن شعبة حدثنا عمر

ابن سليمان من ولد عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن عبد الرحمن بن أبان بن عثمان

عن أبيه . أن # زيد بن ثابت # خرج من عند مروان نحوا من نصف النهار , فقلنا :

ما بعث إليه الساعة إلا لشيء سأله عنه , فقمت إليه فسألته فقال : أجل سألنا عن

أشياء سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم , سمعت رسول الله صلى الله عليه

وسلم يقول , فذكره .



و هذا سند صحيح رجاله كلهم ثقات , و روى ابن ماجه ( 2 / 524 - 525 ) الشطر

الأخير منه من هذا الوجه , و قال البوصيري في " الزوائد " ( 252 / 1 ) :

" هذا إسناد صحيح , رجاله ثقات , رواه أبو داود الطيالسي عن شعبة بنحوه ,

و رواه الطبراني بإسناد لا بأس به " .

405 " لا تسبوا ورقة فإني رأيت له جنة أو جنتين " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 690 :



أخرجه الحاكم ( 2 / 609 ) من طريق أبي سعيد الأشج حدثنا أبو معاوية عن هشام

بن عروة عن أبيه عن # عائشة # رضي الله عنها مرفوعا .



و قال : " صحيح على شرط الشيخين " . و وافقه الذهبي . و هو كما قالا .

406 " كان يذكر الله على كل أحيانه " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 690 :



أخرجه مسلم ( 1 / 194 ) و أبو داود ( 1 / 4 ) و الترمذي ( 2 / 244 طبع بولاق )

و ابن ماجه ( 1 / 129 ) و كذا أبو عوانة في " صحيحه " ( 1 / 217 ) و البيهقي

( 1 / 90 ) و أحمد ( 6 / 70 , 153 ) من طريق يحيى بن زكريا بن أبي زائدة عن

أبيه عن خالد بن سلمة عن عبد الله البهي عن عروة عن # عائشة # مرفوعا .



و قال الترمذي : " حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث يحيى بن زكريا بن أبي

زائدة " .



قلت : بلى قد تابعه الوليد بن القاسم بن الوليد الهمداني , و هو ثقة حسن الحديث

إذا لم يخالف .

أخرجه الإمام أحمد ( 6 / 278 ) : حدثنا الوليد حدثنا زكريا قال : حدثنا خالد

ابن سلمة , به .

و فيه فائدة هامة و هي تصريح زكريا بسماعه من خالد , فإنه قد قيل فيه : إنه

يدلس عن الشعبي , و بعضهم كأبي داود و غيره أطلق و لم يقيده بالشعبي .

و الله أعلم .



و في " العلل " ( 1 / 51 ) : " سألت أبا زرعة عن حديث خالد بن سلمة ...

( فذكره ) ? فقال : ليس بذاك , هو حديث لا يروى إلا من هذا الوجه .

فذكرت قول أبي زرعة لأبي رحمه الله ? فقال : الذي أرى أن يذكر الله على الكنيف

و غيره على هذا الحديث " .



قلت : فقد اختلف الإمامان أبو زرعة و أبو حاتم في هذا الحديث , فضعفه الأول ,

و صححه الآخر , كما يدل عليه احتجاجه بالحديث و عدم موافقته على قول أبو زرعة ,

و ذلك عجيب منه , فقد ذكروا في ترجمة البهي عنه أنه قال :

" لا يحتج به و هو مضطرب الحديث " .

و الحق أن الحديث قوي لم يتكلم فيه غير أبي حاتم و قد صحح الحديث مسلم و وثق

البهي ابن سعد و ابن حبان .



و في الحديث دلالة على جواز تلاوة القرآن للجنب لأن القرآن ذكر ( و أنزلنا إليك

الذكر ... ) فيدخل في عموم قولها " يذكر الله " .

نعم الأفضل أن يقرأ على طهارة لقوله صلى الله عليه وسلم حين رد السلام عقب

التيمم :

" إنى كرهت أن أذكر الله ألا على طهارة " .



أخرجه أبو داود و غيره و هو مخرج في " صحيح أبي داود " رقم ( 13 ) .

407 " أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا : لا إله إلا الله , فمن قال لا إله إلا الله

فقد عصم مني ماله و نفسه إلا بحقه , و حسابه على الله " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 691 :



هو حديث متواتر كما قال السيوطي في " الجامع الصغير " فقد ورد عن جمع من

الصحابة بألفاظ متقاربة .



الأول : # أبو هريرة # و له عنه طرق :



1 - الزهري أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن أبي هريرة قال :

" لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم و استخلف أبو بكر بعده , و كفر من كفر

من العرب , قال عمر بن الخطاب لأبي بكر : كيف تقاتل الناس و قد قال رسول الله

صلى الله عليه وسلم : ( فذكره ) , فقال أبو بكر : و الله لأقتلن من فرق بين

الصلاة و الزكاة , فإن الزكاة حق المال , و الله لو منعوني عقالا كانوا يؤدونه

إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعه , فقال عمر بن الخطاب :

فو الله ما هو إلا أن رأيت الله عز و جل قد شرح صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه

الحق " .

أخرجه البخاري ( 3 / 206 , 12 / 232 - 234 , 13 / 206 ) و مسلم ( 1 / 38 )

و أبو داود ( 1 / 243 ) و النسائي ( 2 / 161 ) و الترمذي ( 2 / 100 طبع بولاق )

و أحمد ( 1 / 19 , 35 , 47 - 48 , 2 / 423 , 528 ) من طرق عنه .



2 - عن الزهري أيضا عن سعيد بن المسيب عنه به .

أخرجه مسلم ( 1 / 39 ) و النسائي ( 2 / 162 ) .



3 - عن الأعمش عن أبي صالح عنه .

أخرجه مسلم و النسائي و الترمذي و ابن ماجه ( 2 / 475 ) .



4 - عن العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب عن أبيه عنه بلفظ : " أقاتل الناس " .

تفرد به مسلم .



5 - عن سفيان عن أبي صالح مولى التوأمة عنه .

تفرد به أحمد ( 2 / 475 ) , و سنده حسن .



6 - عن محمد عن أبي سلمة عنه .

تفرد به أحمد أيضا ( 2 / 502 ) , و سنده حسن .



7 - عن يزيد بن كيسان عن أبي حازم عنه .

تفرد به أحمد ( 2 / 527 ) و سنده صحيح على شرط مسلم .



8 - عن عاصم عن زياد بن قيس عنه بلفظ " نقاتل الناس .... " .

أخرجه النسائي و إسناده حسن .



9 - عن همام بن منبه عنه بلفظ : " لا أزل أقاتل .... " .

أخرجه أحمد ( 2 / 314 ) بسند على شرطهما .



10 - عن عبد الرحمن بن أبي عمرة عنه بلفظ همام .

أخرجه أحمد ( 2 / 482 ) و هو على شرطهما أيضا .



11 - عن محمد بن عجلان قال سمعت أبي عنه بلفظ العلاء ابن عبد الرحمن عن أبيه .

و قد ذكرت في محالها .



12 - عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم

خيبر :

" لأدفعن الراية إلى رجل يحب الله و رسوله يفتح الله عليه . قال : فقال عمر :

فما أحببت الإمارة قبل يومئذ , فتطاولت لها , و استشرفت رجاء أن يدفعها إلي ,

فلما كان الغد دعا عليا ( ع ) فدفعها إليه , فقال : قاتل و لا تلتفت حتى يفتح

عليك , فسار قريبا ثم نادى : يا رسول الله علام أقاتل ? قال : حتى يشهدوا أن لا

إله إلا الله , و أن محمدا رسول الله , فإذا فعلوا ذلك فقد .... " الخ .

أخرجه الطيالسي رقم ( 2441 ) : حدثنا وهيب عن سهيل به . و من هذا الوجه أخرجه

أحمد أيضا ( 2 / 384 ) و اللفظ له .. و هذا سند صحيح على شرط مسلم .



13 - عن كثير بن عبيد عنه بلفظ :

" أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله , و أن محمدا رسول الله ,

و يقيموا الصلاة , و يؤتوا الزكاة , ثم قد حرم علي دماؤهم و أموالهم , و حسابهم

على الله عز و جل " .

أخرجه أحمد ( 2 / 345 ) من طريق سعيد بن كثير بن عبيد عنه .

و هذا إسناد حسن رجاله كلهم ثقات معروفون غير كثير بن عبيد , و قد روى عنه

جماعة , و وثقه ابن حبان و قد أخرجه من هذا الوجه ابن خزيمة أيضا كما في

" الفتح " ( 12 / 232 ) .

و قد ذكرت آنفا أن الحديث رواه جمع من الصحابة و ذكرت الأول منهم .



و الثاني : ابن عمر و لفظه :

" أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله , و أن محمدا رسول الله ,

و يقيموا الصلاة , و يؤتوا الزكاة , فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم و أموالهم

إلا بحق الإسلام , و حسابهم على الله "

408 " أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله

و يقيموا الصلاة و يؤتوا الزكاة , فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم و أموالهم

إلا بحق الإسلام و حسابهم على الله " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 694 :



أخرجه البخاري ( 1 / 63 - 64 ) و مسلم ( 1 / 39 ) من طريق شعبة عن واقد بن محمد

قال : سمعت أبي يحدث عن # ابن عمر # مرفوعا .



و الثالث : جابر بن عبد الله رضي الله عنه و لفظه :

" أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله , فإذا قالوا : لا إله إلا

الله عصموا من دماءهم و أموالهم إلا بحقها , و حسابهم على الله , ثم قرأ

( إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر ) " .

409 " أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله , فإذا قالوا : لا إله إلا

الله عصموا مني دماءهم و أموالهم إلا بحقها و حسابهم على الله , ثم قرأ *( إنما

أنت مذكر لست عليهم بمسيطر )* " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 694 :



أخرجه مسلم و الترمذي ( 2 / 237 طبع بولاق ) و أحمد ( 3 / 300 ) من طريق سفيان

عن # أبي الزبير # عنه .



و قال الترمذي : " حسن صحيح " .

و أخرجه الحاكم ( 2 / 522 ) و صححه على شرطهما و وافقه الذهبي و فيه نظر .

و قد تابعه ابن جريج : أخبرني أبو الزبير أنه‎سمع جابر بن عبد الله يقول :

سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فذكره دون قوله : ثم قرأ الخ .

أخرجه أحمد ( 3 / 295 ) بسند صحيح على شرطهما .

و له طريقان آخران عنه :



الأول عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر .

أخرجه مسلم و النسائي و ابن ماجه .



و الآخر عن شريك عن عبد الله بن محمد بن عقيل عنه .

أخرجه أحمد ( 3 / 332 , 339 , 394 ) , و هذا سند حسن , و ليس فيهما الزيادة .



و الرابع طارق بن أشيم الأشجعي والد أبي مالك مرفوعا دونها .

رواه الطبراني في " الكبير " قال الهيثمي ( 1 / 25 ) : " و رجاله موثقون " .



قلت : و هو في مسلم و غيره بلفظ : " من وحد الله " و سيأتي إن شاء الله تعالى .



و الخامس : أوس بن أبي أوس الثقفي قال :

أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في وفد ثقيف فكان في قبة , فنام من كان فيها

غيري , و غير رسول الله صلى الله عليه وسلم , فجاء رجل فساره فقال : اذهب

فاقتله , ثم قال : أليس يشهد أن لا إله إلا الله ? قال : بلى , و لكنه يقولها

تعوذا , فقال : ذره ثم قال : فذكر الحديث .



أخرجه النسائي و الدارمي ( 2 / 218 ) و الطيالسي رقم ( 1109 ) و أحمد ( 4 / 8 )

من طريق شعبة عن النعمان بن سالم سمعت أوسا يقول :

و هذا سند صحيح على شرط مسلم .

و قد تابعه سماك عن النعمان به . أخرجه النسائي , ثم أخرجه هو و ابن ماجه

( 2 / 457 ) و أحمد أيضا من طريق عبد الله بن بكر السهمي قال : حدثنا حاتم بن

أبي صغيرة عن النعمان بن سالم أن عمرو بن أوس أخبره أن أباه أوسا قال : فذكره .



و هذا سند صحيح أيضا على شرط مسلم , و الظاهر أن النعمان رواه أولا هكذا عن

عمرو عن أوس ثم رواه عن أوس مباشرة بدون واسطة .



و السادس : النعمان بن بشير , أخرجه النسائي و البزار في " مسنده " ( ص 4 مصورة

المكتب ) من طريق إسرائيل عن سماك عنه به نحو حديث أوس .

و سنده صحيح رجاله رجال الصحيح , و عزاه الحافظ في " الفتح " ( 12 / 232 )

للبزار وحده فأبعد النجعة .



السابع : أنس بن مالك رضي الله عنه و قد مضى برقم ( 303 ) و أزيد هنا فأقول :

و هو صحيح على شرط الشيخين , و قد أخرجه البخاري في " صحيحه " ( 1 / 395 ) من

هذا الوجه إلا أنه لم يذكر فيه " لهم ما للمسلمين " الخ و زاد : " و حسابهم على

الله " و قال : قال ابن أبي مريم أخبرنا يحيى حدثنا حميد حدثنا أنس عن النبي

صلى الله عليه وسلم .

و هذا التعليق إنما أورده البخاري ليدفع شبهة تدليس حميد و إن ثبت سماعه لهذا

الحديث من أنس , وصله ابن نصر في " الإيمان " و كذا ابن منده كما في " الفتح "

.

و قد روي عن أنس مرفوعا بلفظ :

" أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله , فإذا قالوها عصموا مني

دماءهم و أموالهم إلا بحقها , قيل و ما حقها ? قال : زنى بعد إحصان أو كفر بعد

إسلام , أو قتل نفس فيقتل به " .

قال في " المجمع " ( 1 / 25 - 26 ) :

" رواه الطبراني في " الأوسط " و فيه عمرو بن هاشم البيروتي و الأكثر على

توثيقه " .

و في " التقريب " : إنه صدوق يخطىء .

ثم إن الحديث قد رواه غير من ذكرنا من الصحابة , فمن شاء الاطلاع على ذلك

فليراجع " مجمع الزوائد " ( 1 / 24 - 27 ) .



قلت : و في هذه الأحاديث دلالة ظاهرة على وجوب القتال في سبيل نشر الدعوة خلافا

لما يذهب إليه بعض الكتاب في هذا العصر .

و من ألفاظ حديث أبي هريرة المتقدم :

" أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله , و يؤمنوا بي , و بما جئت به ,

فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم و أموالهم إلا بحقها , و حسابهم على الله " .

410 " أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله , و يؤمنوا بي , و بما

جئت به , فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم و أموالهم إلا بحقها , و حسابهم على

الله " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 697 :



أخرجه مسلم ( 1 / 39 ) من طريق العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب عن أبيه عن

# أبي هريرة # مرفوعا به .



و الحديث صحيح متواتر عن أبي هريرة و غيره من طرق شتى بألفاظ متقاربة و قد أشرت

إليها آنفا .

411 " يا فاطمة أيسرك أن يقول الناس : فاطمة بنت محمد في يدها سلسلة من نار ?! " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 697 :



أخرجه النسائي ( 2 / 285 ) و الطيالسي ( ص 133 رقم 990 ) و من طريقه الحاكم

( 3 / 152 , 153 ) عن هشام عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلام عن أبي أسماء عن

# ثوبان # قال :

" جاءت بنت هبيرة إلى النبي صلى الله عليه وسلم و في يدها فتخ من ذهب ( خواتيم

ضخام ) فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يضرب يدها , فأتت فاطمة تشكو إليها ,

قال ثوبان : فدخل النبي صلى الله عليه وسلم على فاطمة و أنا معه و قد أخذت من

عنقها سلسلة من ذهب فقالت : هذا أهدى لي أبو حسن , و في يدها السلسلة , فقال

النبي صلى الله عليه وسلم : ( فذكر الحديث ) , فخرج و لم يقعد , فعمدت فاطمة

إلى السلسلة فباعتها فاشترت بها نسمة فأعتقتها , فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم

فقال : الحمد لله الذي نجى فاطمة من النار .

و قال الحاكم و كذا الذهبي : " صحيح على شرط الشيخين " .



كذا قالا و أبو سلام و اسمه ممطور و شيخه أبو أسماء و اسمه عمرو بن مرثد لم

يخرج لهما البخاري في صحيحه , و إنما روى لها في " الأدب المفرد " ثم إن فيه

انقطاعا بين يحيى و أبي سلام فقد قيل إنه لم يسمع منه ثم إن يحيى مدلس , وصفه

بذلك العقيلي و ابن حبان .



قلت : لكن رواه النسائي ( 2 / 284 ) و أحمد ( 5 / 278 ) من طريقين عن يحيى

قال حدثنا زيد بن سلام أن جده - يعني أبا سلام - حدثه أن أبا أسماء حدثه به .

و هذا سند موصول صحيح . و زاد أحمد بعد قوله : يضرب يدها : " أيسرك أن يجعل

الله في يدك خواتيم من نار ? ! .

و فيه أنه صلى الله عليه وسلم عذم فاطمة عذما شديدا .

412 " يا معاذ ثكلتك أمك , و هل يكب الناس على مناخرهم في جهنم إلا ما نطقت به

ألسنتهم , فمن كان يؤمن بالله و اليوم الآخر فليقل خير أو يسكت عن شر , قولوا

خيرا تغنموا , و اسكتوا عن شر تسلموا " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 699 :



أخرجه الحاكم ( 4 / 286 - 287 ) من طريق الربيع بن سليمان حدثنا عبد الله

ابن وهب أخبرني أبو هانىء عن عمرو بن مالك عن فضالة بن عبيد عن # عبادة بن

الصامت # رضي الله عنه :

" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج ذات يوم على راحلته و أصحابه معه بين

يديه فقال معاذ بن جبل : يا نبي الله أتأذن لي في أن أتقدم إليك على طيبة نفس ?

قال : نعم , فاقترب معاذ إليه فسارا جميعا , فقال معاذ : بأبي أنت يا رسول الله

أسأل الله أن يجعل يومنا قبل يومك , أرأيت إن كان شيء - و لا نرى شيئا إن شاء

الله تعالى - فأي الأعمال نعملها بعدك ? فصمت رسول الله صلى الله عليه وسلم

فقال : الجهاد في سبيل الله ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : نعم الشيء

الجهاد , و الذي بالناس أملك من ذلك , فالصيام و الصدقة , قال : نعم الشيء

الصيام و الصدقة , فذكر معاذ كل خير يعمله ابن آدم , فقال رسول الله صلى الله

عليه وسلم : و عاد بالناس خير من ذلك , قال : فماذا بأبي أنت و أمي عاد بالناس

خير من ذلك ? قال : فأشار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى فيه قال : الصمت

إلا من خير , قال : و هل نؤاخذ بما تكلمت به ألسنتنا قال : فضرب رسول الله صلى

الله عليه وسلم فخذ معاذ ثم قال : فذكره .



و قال الحاكم : " صحيح على شرط الشيخين " . و وافقه الذهبي .



و أقول : كلا بل هو صحيح فقط فإن الربيع بن سليمان و عمرو بن مالك الجنبي لم

يخرج لهما الشيخان و إنما أخرج البخاري للجنبي في " الأدب المفرد " و كذلك

أخرج لأبي هانىء و اسمه حميد بن هانىء , و هو من رجال مسلم فقط .

و الحديث أوده الهيثمي ( 10 / 299 ) بطوله و قال :

" رواه الطبراني و رجاله رجال الصحيح غير عمرو بن مالك الجنبي و هو ثقة " .

413 " إذا رأيت الله يعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما يحب فإنما هو استدراج ثم

تلا : *( فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء , حتى إذا فرحوا بما

أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون )* " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 700 :



أخرجه أحمد ( 4 / 145 ) عن رشدين بن سعد و ابن جرير في " التفسير " ( 7 / 115 )

عن أبي الصلت و الدولابي في " الكنى " ( 1 / 111 ) عن حجاج ابن سليمان الرعيني

ثلاثتهم عن حرملة بن عمران التجيبي عن عقبة بن مسلم عن # عقبة بن عامر # مرفوعا

.

و هذا إسناد قوي رجاله ثقات غير هؤلاء الثلاثة , ففيهم كلام لكن بعضهم يقوي

بعضا , و قد قال ابن جرير :

" و حدث بهذا الحديث محمد بن حرب عن ابن لهيعة عن عقبة بن مسلم به نحوه " .



قلت : و هذه متابعة قوية من ابن لهيعة لحرملة , و قد رواه عنه ابن أبي الدنيا

في " كتاب الشكر " ص ( 9 ) قال : حدثنا يعلى بن عبد الله بن يعلى الهذلي حدثنا

بشر بن عمر حدثنا ابن لهيعة به . و يعلى هذا لم أجد من ترجمه .

و الحديث قال الحافظ العراقي في " تخريج الإحياء " ( 4 / 115 ) :

" رواه أحمد و الطبراني و البيهقي في " الشعب " بسند حسن " .



قلت : و هو عندي صحيح بالمتابعة المذكورة فإن ابن لهيعة ثقة في نفسه و إنما

يخشى من سوء حفظه فإذا تابعه ثقة فذلك دليل على أنه قد حفظ . و الله أعلم .

414 " إن أناسا من أمتي يشربون الخمر يسمونها بغير اسمها " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 701 :



أخرجه الإمام أحمد ( 4 / 237 ) : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن شعبة , و محمد

ابن جعفر قال : حدثنا شعبة عن أبي بكر بن حفص قال : سمعت # ابن محيريز يحدث

عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم # قال :

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم .



قلت : و هذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات رجال الستة , و جهالة اسم الصحابي لا

تضر , كما في المصطلح تقرر .

و أبو بكر بن حفص اسمه عبد الله بن حفص بن عمر بن سعد بن أبي وقاص , و شيخه

اسمه عبد الله بن محيريز .



و خالف شعبة بلال بن يحيى العبسي فقال : عن أبي بكر بن حفص عن ابن محيريز عن

ابن محيريز عن ثابت بن السمط عن عبادة بن الصامت به .

أخرجه ابن ماجه ( 2 / 331 ) و أحمد ( 5 / 318 ) من طريق سعد بن أوس الكاتب عن

بلال بن يحيى العبسي .



و هذا إسناد رجاله ثقات أيضا , لكن شعبة أحفظ و أشهر من بلال بن يحيى , فروايته

أصح .

ثم وجدت الحديث في " مسند الطيالسي " ( رقم 586 ) :

حدثنا شعبة به إلا أنه قال : " عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم

أو رجال من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم .

و روي هذا الحديث عن أبي بكر بن حفص عن ابن محيريز عن زياد بن السمط عن عبادة

بن الصامت عن النبي صلى الله عليه وسلم " .

و للحديث شاهد من حديث أبي مالك الأشعري تقدم ( رقم 91 ) بلفظ :

" ليشربن ناس .... " .

و شاهد ثان من حديث أبي أمامة بلفظ : " لا تذهب الليالي و الأيام " .

و قد ذكرناه تحت الحديث ( 90 ) .

و له شاهد ثالث من حديث عائشة في " المستدرك " ( 4 / 147 ) و سبق ذكره هناك .

415 " إذا أصلح خادم أحدكم له طعامه فكفاه حره و برده , فليجلسه معه , فإن أبى

فليناوله أكلة في يده " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 702 :



أخرجه أحمد ( 2 / 259 ) : حدثنا عبد الأعلى عن معمر عن الزهري عن أبي سلمة عن

# أبي هريرة # مرفوعا .



و هذا سند صحيح على شرط الستة .



و قد أخرجوه بألفاظ أخر بمعناه من طرق أخرى خرجتها في " الإرواء " ( 2238 ) .

416 " لا يشكر الله من لا يشكر الناس " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 702 :



أخرجه أحمد ( 5 / 211 , 212 ) من طريقين عن زياد بن كليب عن # الأشعث ابن قيس #

مرفوعا .



قال المنذري ( 2 / 56 ) و تبعه الهيثمي ( 8 / 180 ) : " و رجاله ثقات " .



قلت : و هم من رجال مسلم , لكنه منقطع بين زياد و الأشعث , فإنه لم يدركه ,

و بين وفاتيهما نحو ثمانين سنة .

لكن له شاهد من حديث أبي هريرة مرفوعا به .



أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " ( 33 ) و أبو داود ( 2 / 290 ) و ابن حبان

( 2070 ) و الطيالسي ( ص 326 رقم 2491 ) و أحمد ( 2 / 295 , 302 , 388 , 492 )

من طرق عن الربيع بن مسلم عن محمد بن زياد سمع أبا هريرة به .

و هذا سند صحيح على شرط مسلم .

و قد ورد بلفظ : ( أشكر الناس لله أشكرهم للناس ) . و سيأتي برقم ( 1458 ) .

و بلفظ : " من لم يشكر الناس ... " و سيأتي أيضا إن شاء الله تعالى .

417 " إذا أحب أحدكم أخاه فليعلمه أنه يحبه " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 703 :



أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " ( 79 ) و أبو داود ( 2 / 333 ) و الترمذي

( 2 / 63 ) و ابن حبان ( 2514 ) و الحاكم ( 4 / 171 ) و أحمد ( 4 / 130 )

و ابن السني ( 193 ) عن يحيى بن سعيد قال : حدثنا ثور بن يزيد قال :

حدثنا حبيب بن عبيد عن # المقدام بن معدي كرب # مرفوعا به .



و قال الترمذي : " حديث حسن صحيح " .

و هو كما قال و سكت عليه الحاكم و الذهبي , و رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح ,

و له شاهد بلفظ :

" إذا أحب أحدكم صاحبه فليأته في منزله فليخبره أنه يحبه لله عز و جل " .

أخرجه أحمد ( 5 / 145 , 173 ) من طريق ابن لهيعة حدثنا يزيد بن أبي حبيب أن

أبا سالم الجيشاني أتى أبا أمية في منزله فقال : إني سمعت أبا ذر يقول :

إنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( فذكره ) , و قد أحببتك فجئتك

في منزلك .

قال الهيثمي ( 10 / 281 - 282 ) : " رواه أحمد و إسناده حسن " .



قلت : و ليس بحسن فإن ابن لهيعة ضعيف من قبل حفظه .

ثم رأيته من رواية ابن المبارك عنه و هي صحيحة , فانظره بالرقم ( 797 ) .

و الحديث رواه المقدسي أيضا في " المختارة " كما في الجامع , و روي بلفظ :

" إذا أحب أحدكم عبدا فليخبره فإنه يجد مثل الذي يجد له " .



رواه البيهقي في الشعب عن ابن عمر كما في " الجامع " و رمز له بالضعف و بين ذلك

المناوي فقال :

" و فيه عبد الله بن أبي مرة , أورده الذهبي في الضعفاء و قال : تابعي مجهول "

.

418 " إذا أحب الرجل الرجل فليخبر أنه أحبه " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 704 :



أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " ( 79 ) : حدثنا يحيى بن بشر قال : حدثنا

قبيصة قال : حدثنا سفيان عن رباح عن أبي عبيد الله عن مجاهد قال :

" لقيني # رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم # فأخذ بمنكبي من ورائي قال :

أما إني أحبك , قلت : أحبك الذي أحببتني له , فقال : لولا أن رسول الله صلى

الله عليه وسلم قال : ( فذكره ) لما أخبرتك . قال : ثم أخذ يعرض علي الخطبة

قال : أما إن عندنا جارية , أما إنها عوراء " .



قلت : و هذا إسناد حسن رجاله كلهم ثقات رجال البخاري في " صحيحه " غير رباح

و هو ابن أبي معروف بن أبي سارة المكي فمن رجال مسلم , و فيه كلام لا ينزل

حديثه عن رتبة الحسن , و في " التقريب " : " صدوق له أوهام " .

هذا : و في نسختنا من " الأدب " : رباح عن أبي عبيد الله كما رأيت . و هو تصحيف

لا أشك فيه فإن رباح هذا يروى عن مجاهد مباشرة بلا واسطة و عنه سفيان الثوري ,

فيحتمل أن يكون حرف ( عن ) بين رباح و أبي عبيد الله زيادة من قلم بعض النساخ

فيكون الأصل : رباح أبي عبيد الله , فإذا صح هذا فيكون أبو عبيد الله كنية رباح

هذا و هي فائدة غزيرة , حيث لم أقف على كنيته في شيء من كتب التراجم التي عندي

. و الله أعلم .



و للحديث شاهد آخر من حديث أنس قال :

" كنت جالسا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ مر رجل , فقال رجل من القوم :

يا رسول الله إني لأحب هذا الرجل , قال : هل أعلمته ذلك ? قال : لا , فقال :

قم فأعلمه , قال : فقام إليه فقال : يا هذا و الله إني لأحبك في الله , قال :

أحبك الذي أحببتني له " .

رواه أحمد ( 3 / 140 - 141 ) : حدثنا زيد بن الحباب حدثنا حسين بن واقد :

حدثنا ثابت البناني حدثني أنس بن مالك . و هذا سند صحيح على شرط مسلم .

و صححه ابن حبان ( 2513 ) من طريق أخرى عن الحسين . و أخرجه أبو داود ( 2 /

333 ) و الحاكم ( 4 / 171 ) و أحمد أيضا ( 3 / 150 ) من طريق المبارك بن فضالة

عن ثابت به .

و قال الحاكم : صحيح الإسناد . و وافقه الذهبي .



قلت : فالحديث بهذه الشواهد صحيح بلا ريب .

419 " سيكون قوم يأكلون بألسنتهم , كما تأكل البقرة من الأرض " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 705 :



أخرجه أحمد ( 1 / 175 - 176 ) عن يعلى و يحيى بن سعيد قال يحيى :

حدثنا رجل كنت أسميه فنسيت اسمه عن عمر بن # سعد # قال :

" كانت لي حاجة إلى أبي سعد , قال : و حدثنا أبو حيان عن مجمع قال : كان لعمر

بن سعد إلى أبيه حاجة فقدم بين يدي حاجته كلاما مما يحدث الناس يوصلون , لم يكن

يسمعه , فلما فرغ قال : يا بني قد فرغت من كلامك ? قال : نعم , قال : ما كنت من

حاجتك أبعد و لا كنت فيك أزهد مني منذ سمعت كلامك هذا , سمعت رسول الله صلى

الله عليه وسلم يقول : فذكره .



قال الهيثمي ( 8 / 116 ) : " رواه أحمد و البزار من طرق و فيه راو لم يسم " .



قلت : الطريق الثاني طريق أبي حيان و اسمه يحيى بن سعيد التيمي ليس فيه من لم

يسم , فقد رواه عنه يحيى ابن سعيد القطان , و هو رواه عن مجمع و هو ابن يحيى

ابن يزيد الأنصاري عن سعد . و هذا سند رجاله كلهم ثقات رجال مسلم فهو صحيح إذا

كان مجمع سمعه من سعد , ثم قال الهيثمي :

" و أحسنها ما رواه أحمد عن زيد بن أسلم عن سعد قال : قال رسول الله صلى الله

عليه وسلم : لا تقوم الساعة حتى يخرج قوم يأكلون بألسنتهم كما تأكل البقر

بألسنتها . و رجاله رجال الصحيح إلا أن زيد بن أسلم لم يسمع من سعد .

و الله أعلم " .



قلت : طريق زيد بن أسلم عند أحمد ( 1 / 184 ) : حدثنا سريج بن النعمان حدثنا

عبد العزيز يعني الدراوردي عنه .

و هذا إسناد رجاله ثقات رجال البخاري غير الدراوردي فمن رجال مسلم , لكنه

منقطع كما ذكر الهيثمي .



و جملة القول أن الحديث بهذه الطرق حسن إن شاء الله تعالى أو صحيح , فإن له

شاهدا من حديث عبد الله بن عمرو مرفوعا نحوه .

أخرجه الترمذي و حسنه , و سيأتي تخريجه برقم ( 878 ) .

420 " أدعو إلى الله وحده , الذي إن مسك ضر فدعوته كشف عنك , والذي إن ضللت بأرض

قفر دعوته رد عليك , والذي إن أصابتك سنة فدعوته أنبت عليك " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 706 :



أخرجه أحمد ( 5 / 64 ) : حدثنا عفان حدثنا وهيب حدثنا خالد الحذاء عن أبي تميمة

الهجيمي عن # رجل من بلهجيم # قال :

" قلت : يا رسول الله إلى م تدعو ? قال " فذكره و فيه زيادة تأتي في " لا تسبن

أحد " .

و هذا سند صحيح رجاله كلهم ثقات رجال البخاري .

و أخرجه الدولابي في " الكنى " ص ( 20 ) عن زهير قال : حدثنا أبو إسحاق عن أبي

تميمة أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم أو قال له رجل إلى ما تدعو . الحديث .



و هذا الشك الظاهر أنه من أبي إسحاق فقد كان اختلط بآخره و الصواب أنه عن أبي

تميمة عن الرجل فإن أبا تميمة ليس صحابيا . و اسم الرجل جابر بن سليم أو سليم

بن جابر أبو جري كما يأتي هناك .



ثم أخرجه أحمد ( 5 / 377 ) من طريق أبي النضر حدثنا الحكم عن فضيل عن خالد

الحذاء به نحوه إلا أنه قال :

" عن أبي تميمة عن رجل من قومه أنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم أو قال :

شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم و أتاه رجل فقال : أنت رسول الله أو قال :

أنت محمد ? فقال : نعم , قال : فإلى م تدعو . ( الحديث و فيه ) : قال : فأسلم

الرجل " و فيه الزيادة .



و الحكم و شيخه فضيل لم أعرفهما . ثم ظهر لي أنه شخص واحد , ففي " التعجيل ""

الحكم بن فضل عن خالد الحذاء عن أبي تميمة عن رجل من قومه في النهي عن السب " .



قلت : كذا سمى أباه فضلا , و الذي في " الميزان " و " تاريخ بغداد " ( 8 / 221

- 223 ) الحكم بن فضيل على التصغير و هو الأقرب إلى صورة الاسم في " المسند " ,

و عليه فحرف ( عن ) بين الحكم و فضيل محرفة عن ( ابن ) كما أنه سقطت نقطة الضاد

من الطابع أو الناسخ , ثم هو ثقة وثقه أبو داود و ابن معين , و ضعفه بعضهم بغير

حجة .

421 " ادعوا الناس , و بشرا و لا تنفرا , و يسرا و لا تعسرا " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 707 :



أخرجه مسلم ( 6 / 100 ) من طريق زيد بن أبي أنيسة عن سعيد بن أبي بردة حدثنا

# أبو بردة عن أبيه # قال :



" بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم و معاذا إلى اليمن فقال " : فذكره .

و زاد قال : " فقلت يا رسول الله أفتنا في شرابين كنا نصنعهما باليمن البتع ,

و هو من العسل ينبذ حتى يشتد , و المزر و هو من الذرة و الشعير ينبذ حتى يشتد -

قال : و كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أعطي جوامع الكلم بخواتمه ,

فقال : أنهى عن كل مسكر أسكر عن الصلاة " .



و في رواية ( 6 / 99 ) : " و علما " بدل : " و لا تعسرا " .



و قد ورد الحديث بلفظ " كان إذا بعث أحدا " و " يسرا و لا تعسرا " .

422 " لا تصدقوا أهل الكتاب و لا تكذبوهم و قولوا : *( آمنا بالله و ما أنزل إلينا

و ما أنزل إليكم )* " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 708 :



أخرجه البخاري ( 8 / 138 , 13 / 385 , 442 ) من حديث # أبي هريرة # قال :



" كان أهل الكتاب يقرؤون التوراة بالعبرانية و يفسرونها بالعربية لأهل الإسلام

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " فذكره .

423 " أد الأمانة إلى من ائتمنك , و لا تخن من خانك " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 708 :



أخرجه أبو داود ( 2 / 108 ) و الترمذي ( 1 / 238 ) و الدارمي ( 2 / 264 )

و الخرائطي في " مكارم الأخلاق " ( 30 ) و الدارقطني ( 303 ) و الحاكم

( 2 / 46 ) من طريق طلق بن غنام عن شريك و قيس عن أبي حصين عن أبي صالح

عن # أبي هريرة # رضي الله عنه مرفوعا .



و قال الترمذي : " حديث حسن غريب " .

و الحاكم : " حديث شريك عن أبي حصين صحيح على شرط مسلم " . و وافقه الذهبي .



قلت : و فيه نظر فإن شريكا إنما أخرج له مسلم متابعة كما قال الذهبي نفسه في

" الميزان " و هو سيىء الحفظ , و مثله متابعه قيس و هو ابن الربيع , لكن الحديث

حسن باقترانهما معا , و هو صحيح لغيره لوروده من طرق أخرى . فقد أخرجه أبو داود

من طريق يوسف بن ماهك المكي قال : كنت أكتب لفلان نفقة أيتام كان وليهم ,

فغالطوه بألف درهم , فأداها إليهم , فأدركت لهم من مالهم مثليها , قال : قلت

اقبض الألف الذي ذهبوا به منك ? قال : لا , حدثني أبي أنه سمع رسول الله صلى

الله عليه وسلم يقول : فذكره .



و رجاله ثقات رجال مسلم غير ابن صحابيه فإنه لم يسم .

و أخرجه بنحوه أحمد ( 3 / 414 ) , و أخرج المرفوع منه فقط الدارقطني و قال :

عن رجل من قريش عن أبي بن كعب قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره

.

و قد صححه ابن السكن كما في " الفيض " .

و أخرجه الطبراني في " الصغير " ( 96 ) و كذا الحاكم من طريق أيوب بن سويد

حدثنا ابن شوذب عن أبي التياح عن أنس مرفوعا به .

و أيوب هذا ضعيف . قال المناوي :

" و رواه البيهقي عن أبي أمامة بسند ضعيف , و قال ابن الجوزي : لا يصح من جميع

طرقه " .



قلت : و هذا من مبالغاته , فالحديث من الطريق الأولى حسن , و هذه الشواهد

و الطرق ترقيه إلى درجة الصحة لاختلاف مخارجها , و لخلوها عن متهم .

و الله أعلم .

424 " نهى عن الصور في البيت , و نهى الرجل أن يصنع ذلك " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 709 :



أخرجه الترمذي ( 1 / 325 ) و أحمد ( 3 / 335 , 384 ) عن ابن جريج أخبرني

أبو الزبير أنه سمع # جابر بن عبد الله # يزعم أن النبي صلى الله عليه وسلم

نهى , الخ .



و قال الترمذي : " حديث حسن صحيح " . و هو كما قال : و هو على شرط مسلم .

و أخرجه ابن حبان ( 1485 ) من هذا الوجه دون الشطر الثاني .

425 " المؤمن مألفة , و لا خير فيمن لا يألف و لا يؤلف " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 710 :



أخرجه أحمد ( 5 / 335 ) و الخطيب ( 11 / 376 ) عن عيسى بن يونس حدثنا مصعب

بن ثابت عن أبي حازم عن # سهل بن سعد # مرفوعا به .



و أورده الهيثمي في " المجمع " في موضعين ( 8 / 87 , 10 / 273 ) بلفظ :

المؤمن يألف و يؤلف و لا . الخ .



و قال في الأول منهما : " رواه أحمد و الطبراني و فيه مصعب بن ثابت وثقه ابن

حبان و غيره , و ضعفه ابن معين و غيره و بقية رجاله ثقات " .



و قال في الآخر : " رواه أحمد و الطبراني و إسناده جيد " .

كذا قال . و في " التقريب " : مصعب بن ثابت لين الحديث , و كان عابدا " .



قلت : و خولف في إسناده فقال الخطيب بعد أن ساقه : " رواه خالد بن وضاح عن أبي

حازم عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم " .



و قد وصله الخطيب ( 8 / 288 - 289 ) فقال : أنبأنا محمد بن عبد الملك القرشي

أنبأنا عمر بن أحمد الواعظ حدثنا الحر بن محمد بن الحسين بن إشكاب حدثنا الزبير

ابن بكار حدثنا خالد بن وضاح به .



و خالد هذا لم أجد من ترجمه و بقية رجاله كلهم ثقات . أما محمد بن عبد الملك

فقال الخطيب ( 2 / 349 ) : " كتبنا عنه و كان صدوقا " .



و عمر بن أحمد الواعظ هو المعروف بابن شاهين قال الخطيب أيضا ( 11 / 265 ) :

" كان ثقة أمينا , قال محمد بن أبي الفوارس : كان ابن شاهين ثقة مأمونا قد جمع

وصنف ما لم يصنف أحد " . ثم أطال في ترجمته .



و الحر بن محمد ترجمه الخطيب أيضا و ساق له هذا الحديث , و روى عن الدارقطني

أنه قال فيه : " لا بأس به " و عن غيره أنه " شيخ ثقة " . و بقية رجاله ثقات

رجال الستة غير الزبير بن بكار و هو ثقة كما في " التقريب " .



و لكن خالدا هذا لم يتفرد به بل تابعه أبو صخر و هو حميد بن زياد بلفظ :

" المؤمن مؤلف , و لا خير فيمن لا يألف و لا يؤلف " .



أخرجه أحمد و ابنه عبد الله ( 2 / 400 ) قال أحمد : حدثنا هارون بن معروف - قال

عبد الله : و سمعته أنا من هارون - قال : حدثنا عبد الله بن وهب قال : أخبرني

أبو صخر عن أبي حازم عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا به .



و أورده الهيثمي ( 8 / 87 , 10 / 273 ) فقال : " رواه أحمد و البزار و رجاله

رجال الصحيح " .



قلت : و كلهم من رجال مسلم فهو صحيح على شرطه . و قد أخرجه الحاكم ( 1 / 23 )

فقصر به , من طريق أحمد بن يحيى بن رزين حدثنا هارون بن معروف حدثنا عبد الله

بن وهب حدثنا أبو صخر عن أبي حازم عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ :

" إن المؤمن يألف " و الباقي مثله , فأسقط من الإسناد أبا صالح , و قال :

" صحيح على شرط الشيخين , و لا أعلم له علة " . فتعقبه الذهبي بقوله :

" علته انقطاعه , فإن أبا حازم هذا هو المديني لا الأشجعي , و لم يلق أبو صخر

الأشجعي , و لا المديني لقي أبا هريرة " .



قلت : قد وصله أحمد و ابنه عبد الله بذكر أبي صالح بين المديني و أبي هريرة

و هما ثقتان حجتان فزالت بذلك العلة و ثبت الحديث , و الحمد لله .



و قد وجدت له طريقا أخرى عن أبي هريرة رواه الخطيب ( 3 / 117 ) عن أبي الحسين

محمد بن العباس الفقيه حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة حدثنا أبي و عمي

أبو بكر عن أبي عبيدة الحداد عن ابن عون عن ابن سيرين و الحسن قالا : لا عشنا

إلى زمن لا يعشق فيه , قال أبو هريرة :

سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : فذكره بلفظ حديث سهل .

و رجاله موثقون , غير أبي الحسين هذا قال الخطيب : " و في رواياته نكرة " .

ثم ساق له هذا الحديث .



و الحديث أخرجه البيهقي في " سننه " ( 10 / 236 - 237 ) من طريق عثمان

ابن سعيد : حدثنا هارون بن معروف البغدادي به مثل إسناد أحمد و متنه سواء .

و له شاهد بلفظ :

426 " المؤمن يألف و يؤلف و لا خير فيمن لا يألف , و لا يؤلف و خير الناس أنفعهم

للناس " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 712 :



قال في " الجامع " : رواه الدارقطني في " الأفراد " و الضياء المقدسي في

" المختارة " عن # جابر # ثم رمز له السيوطي بالصحة , و لم يتكلم عليه الشارح

بشيء . و قد أورده الهيثمي في " المجمع " ( 10 / 273 - 274 ) بدون الجملة

الأخيرة , و قال :

" رواه أحمد و الطبراني و إسناده جيد , و رواه الطبراني في " الأوسط " و فيه

علي ابن بهرام و لم أعرفه و بقية رجاله ثقات " .



قلت : و ليس هو في المسند من حديث جابر , و إنما فيه حديث سهل بن سعد و حديث

أبي هريرة و قد تقدما آنفا , أقول هذا بعد مراجعة أحاديث جابر كلها من " المسند

" حديثا حديثا , و الله أعلم بمنشأ هذا الوهم من الهيثمي , و قد أورده في مكان

آخر ( 8 / 87 ) فلم يقع في هذا الوهم , حيث قال :

" رواه الطبراني في " الأوسط " من طريق علي بن بهرام عن عبد الملك بن أبي كريمة

و لم أعرفهما و بقية رجاله رجال الصحيح " .

على أن في كلامه هذا ما يناقض ما نقلناه عنه سابقا الذي يفيد بعمومه أن

عبد الملك بن أبي كريمة ثقة و هنا يجهله و هو معروف من رجال أبي داود في

" السنن " و هو صدوق صالح , مات سنة أربع - و قيل : عشر - و مائتين كما في

" التقريب " .



و الجملة الأخيرة منه أخرجها القضاعي في " مسند الشهاب " ( 101 / 1 ) من طريق

علي بن بهرام قال : أنبأنا عبد الملك بن أبي كريمة عن ابن جريج عن عطاء عن جابر

به .



و تابعه عمرو بن بكر السكسكي عن ابن جريج به .

أخرجه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " ( 2 / 420 / 2 ) . لكن عمرو هذا متروك .



و لها شاهد من حديث ابن عمر قال :

" سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم : من خير الناس ? قال : أنفع الناس للناس "

.

أخرجه أبو إسحاق المزكي في " الفوائد المنتخبة " ( 1 / 147 / 2 ) عن خنيس ابن

بكر بن خنيس : حدثني أبي بكر بن خنيس عن عبد الله بن دينار عنه .



قلت : و خنيس بن بكر , قال صالح جزرة : " ضعيف " .

و ذكره ابن حبان في " الثقات " .

و قد تابعه إبراهيم بن عبد الحميد الجرشي أنبأنا بكر بن خنيس به .

أخرجه ابن عساكر ( 11 / 444 / 1 ) .

و إبراهيم هذا أظنه الذي في " الجرح و التعديل " ( 1 / 1 / 113 ) :

" إبراهيم بن عبد الحميد , أبو إسحاق , روى عن داود بن عمرو , روى عنه الوليد

بن مسلم , قال أبو زرعة : يشبه أن يكون حمصيا , ما به بأس " .



قلت : فالإسناد بهذه المتابعة حسن , لأن بكر بن خنيس صدوق له أغلاط كما قال

الحافظ , و يشهد له حديث جابر . و قد تابعه سكين بن أبي سراج أنبأنا عمرو

ابن دينار به نحوه .

أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 3 / 209 / 2 ) .

لكن سكين هذا ليس بالمعروف . ثم تبين لي أنه متهم , فراجع الحديث ( 903 ) .



و بالجملة فهذه الزيادة في الحديث ثابتة فيه في رتبة الحسن كأصله أو أعلى ,

و قد قواها الحافظ السخاوي في " المقاصد " .

427 " صوتان ملعونان , صوت مزمار عند نعمة , و صوت ويل عند مصيبة " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 714 :



رواه أبو بكر الشافعي في " الرباعيات " ( 2 / 22 / 1 ) : حدثنا محمد بن يونس :

حدثنا الضحاك بن مخلد حدثنا شبيب بن بشر حدثنا # أنس بن مالك # مرفوعا .



قلت : و هذا إسناد رجاله موثقون غير محمد بن يونس و هو الكديمي و هو متهم بوضع

الحديث , لكنه قد توبع على هذا الحدث , فأخرجه الضياء في " المختارة " ( 131 /

1 ) من طريقين آخرين عن الضحاك به . فالسند حسن إن شاء الله تعالى .

و قال الهيثمي في " المجمع " ( 3 / 13 ) تبعا للمنذري في " الترغيب "

( 4 / 177 ) : " رواه البزار و رجاله ثقات " .



قلت : و له شاهد يزداد به قوة , أخرجه الحاكم ( 4 / 40 ) من طريق محمد ابن

عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عطاء عن جابر عن عبد الرحمن بن عوف قال :

" أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بيدي , فانطلقت معه إلى إبراهيم ابنه , و هو

يجود بنفسه , فأخذه النبي صلى الله عليه وسلم في حجره حتى خرجت نفسه , قال :

فوضعه و بكى قال : فقلت : تبكي يا رسول الله , و أنت تنهى عن البكاء ? قال :

إني لم أنه عن البكاء , و لكني نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين : صوت عند نغمة

لهو و لعب و مزامير الشيطان , و صوت عند مصيبة لطم وجوه و شق جيوب , و هذه رحمة

و من لا يرحم لا يرحم , و لولا أنه وعد صادق , و قول حق , و أن يلحق أولنا

بآخرنا لحزنا عليك حزنا أشد من هذا , و إنا بك يا إبراهيم لمحزونون , تبكي

العين , و يحزن القلب , و لا نقول ما يسخط الرب " .



سكت عليه الحاكم و الذهبي , و رجال إسناده ثقات , إلا أن ابن أبي ليلى سيىء

الحفظ , فمثله يستشهد به و يعتضد .

و في الحديث تحريم آلات الطرب لأن المزمار هو الآلة التي يزمر بها . و هو من

الأحاديث الكثيرة التي ترد على ابن حزم إباحته لآلات الطرب , و قد تقدم حديث

آخر في ذلك برقم ( 90 ) فراجعه فإنه مهم . و لي رسالة في الرد عليه يسر الله لي

تبيضها و نشرها .

428 " من وحد الله تعالى و كفر بما يعبد من دونه حرم ماله و دمه و حسابه على الله

عز وجل " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 715 :



أخرجه مسلم ( 1 / 40 ) و أحمد ( 3 / 472 , 6 / 394 , 395 ) من طريق # أبي مالك

الأشجعي عن أبيه # مرفوعا .



و والد أبي مالك اسمه طارق بن أشيم , و قد روى عنه بلفظ أمرت أن أقاتل الناس

حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله . الحديث و قد مضى برقم ( 409 - الرابع ) .

429 " الطيرة شرك , و ما منا إلا , و لكن الله يذهبه بالتوكل " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 716 :



أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " ( 131 ) و أبو داود ( 2 / 158 ) و الترمذي

( 1 / 304 طبع بولاق ) و ابن ماجه ( 2 / 362 - 363 ) و الطحاوي ( 2 / 380 )

و في " المشكل " ( 2 / 304 ) و ابن حبان ( 1427 ) و الحاكم ( 1 / 17 - 18 )

و أحمد ( 1 / 389 , 438 , 440 ) من طريق سفيان الثوري و شعبة عن سلمة بن كهيل

عن عيسى بن عاصم عن زر بن حبيش عن # عبد الله بن مسعود # مرفوعا به .



و قال الحاكم : " صحيح سنده , ثقات رواته " . و أقره الذهبي و هو كما قال .

و قال الترمذي : " حسن صحيح , سمعت محمد بن إسماعيل يقول : كان سليمان بن حرب

يقول في هذا الحديث : " و ما منا و لكن الله يذهبه بالتوكل " قال : هذا عندي

قول عبد الله بن مسعود " .



قلت : يعني أن هذا القدر من الحديث مدرج ليس مرفوعا و كأنه لهذا لم يورده

السيوطي بتمامه و إنما أورد الجملة الأولى منه اعتمادا على كلام ابن حرب .

قال الشارح المناوي :

" لكن تعقبه ابن القطان بأن كل كلام مسوق في سياق , لا يقبل دعوى درجه إلا

بحجة " .



قلت : و لا حجة هنا في الإدراج فالحديث صحيح بكامله .

430 " أحسنوا إلى أصحابي , ثم الذين يلونهم , ثم الذين يلونهم , ثم يجيء قوم يحلف

أحدهم على اليمين قبل أن يستحلف عليها , و يشهد على الشهادة قبل أن يستشهد ,

فمن أحب منكم أن ينال بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة , فإن الشيطان مع الواحد ,

و هو من الاثنين أبعد , و لا يخلون رجل بامرأة , فإن ثالثهما الشيطان , و من

كان منكم تسره حسنته , و تسوءه سيئته فهو مؤمن " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 717 :



أخرجه ابن ماجه ( 2 / 64 ) و الطحاوي في " شرح المعاني " ( 2 / 284 - 285 )

و ابن حبان ( 2282 ) دون قوله : " فمن أحب " الخ و الطيالسي ( ص 7 رقم 31 )

و أحمد ( ج 1 رقم 177 ) و أبو يعلى في " مسنده " ( 1 / 45 - مصورة المكتب

الإسلامي ) من طريق جرير عن عبد الملك بن عمير عن جابر بن سمرة قال :

" خطب # عمر # الناس بالجابية فقال : إن رسول الله صلى الله عليه و سلم قام

في مثل مقامي هذا فقال " فذكره . و السياق لأحمد .



و هذا إسناد صحيح رجاله رجال الستة و قد أشار الحاكم في " المستدرك "

( 1 / 114 ) إلى أن فيه , علة و لم يذكرها , و لعلها ما قيل في عبد الملك

ابن عمير من الاختلاط و تغير حفظه , لكن الحديث صحيح , فقد جاء من طرق أخرى ,

فأخرجه أحمد ( 1 رقم 114 ) و الترمذي ( 3 / 207 - تحفة ) و الحاكم و صححه

و البيهقي ( 7 / 91 ) من طريق عبد الله بن المبارك أنبأنا محمد بن سوقة عن

عبد الله بن دينار عن ابن عمر أن عمر بن الخطاب خطب بالجابية فقال فذكره .



و قال الحاكم : " صحيح على شرط الشيخين " و وافقه الذهبي .

و هو كما قالا . ثم قال الحاكم :

" و قد رويناه بإسناد صحيح عن سعد بن أبي وقاص عن عمر رضي الله عنه " .

ثم ساقه من طريق محمد بن مهاجر بن مسمار حدثني أبي عن عامر بن سعد عن أبيه قال

وقف عمر بالجابية فقال : رحم الله رجلا سمع مقالتي فوعاها , إني رأيت رسول الله

صلى الله عليه وسلم وقف فينا كمقامي فيكم ثم قال : فذكره .

و قال الذهبي . " و هذا صحيح " .



قلت : و محمد بن مهاجر بن مسمار لم أجد من ذكره إلا أن يكون هو محمد بن مهاجر

القرشي فإنه لين كما في " التقريب " .

431 " صغارهم دعاميص الجنة , يتلقى أحدهم أباه ـ أو قال : أبويه ـ فيأخذ بثوبه ـ أو

قال بيده ـ كما آخذ أنا بصنفة ثوبك هذا فلا يتناهى ـ أو قال : فلا ينتهي ـ حتى

يدخله الله و إياه الجنة " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 718 :



أخرجه مسلم ( 8 / 41 ) و أحمد ( 2 / 488 , 510 ) من طريق سليمان التيمي عن

أبي السليل عن أبي حسان قال : قلت # لأبي هريرة # إنه قد مات لي ابنان فما أنت

محدثي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بحديث تطيب به أنفسنا عن موتانا ? قال :

قال : نعم , فذكره .

432 " أحب عباد الله إلى الله أحسنهم خلقا " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 718 :



أورده هكذا السيوطي في " الجامع الصغير " برواية الطبراني من حديث # أسامة ابن

شريك # , و إنما أصل الحديث عنه هكذا : " قال : كنا جلوسا عند النبي صلى الله

عليه وسلم كأنما على رؤوسنا الطير ما يتكلم منا متكلم , إذ جاءه أناس فقالوا :

من أحب عباد الله إلى الله ? قال أحسنهم خلقا " .



هكذا أورده المنذري ( 3 / 259 ) و الهيثمي ( 8 / 24 ) برواية الطبراني و قالا :

" و رواته محتج بهم في ( الصحيح ) " . و اللفظ للأول منهما و زاد :

" و ابن حبان في " صحيحه " و في رواية لابن حبان بنحوه إلا أنه قال :

" قالوا يا رسول الله فما خير ما أعطي الإنسان ? قال : خلق حسن " .

و رواه الحاكم و البيهقي بنحو هذه و قال الحاكم :

" صحيح على شرطهما و لم يخرجاه لأن أسامة ليس له سوى راو واحد " .

كذا قال , و ليس بصواب فقد روى عنه زياد بن علاقة و ابن الأقمر و غيرهما " .



قلت : الحديث أورده الحاكم في موضعين من " المستدرك " ( 4 / 198 - 199 , 399 -

401 ) باللفظين لفظ الطبراني و اللفظ الذي أشار إليه المنذري , و كأن المنذري

رحمه الله لم يقف على اللفظ الأول في " المستدرك " و إلا لما تعقبه بما ذكر ,

فقد قال الحاكم عقبه :

" قال أبو الحسن ( الدار قطني ) : و قد روى علي بن الأقمر و مجاهد عن أسامة

ابن شريك " .

فإن قيل : فهذا يخالف قول الحاكم " لأن أسامة ليس له سوى راو واحد " .



قلت : نعم يخالفه على اعتبار أن نقل المنذري عن الحاكم صحيح بلفظه و ليس كذلك ,

فنص عبارته هكذا :

" و لم يخرجاه , و العلة عندهم فيه أن أسامة بن شريك ليس له راو غير زياد ابن

علاقة " .

فقد أشار بقوله : " عندهم " إلى أن الأمر ليس كذلك عند الحاكم نفسه , و قد بين

ذلك في الموضع الثاني كما ذكرته آنفا . و الله أعلم .



ثم الحديث أخرجه ابن ماجه ( 2 / 339 - 340 ) و الطيالسي ( رقم 1233 ) و أحمد

( 4 / 278 ) من طرق عن زياد بن علاقة به باللفظ الثاني . و له عندهم زيادة في

أوله فانظر ( تداووا عباد الله ) .

433 " من قتل تحت راية عمية , يدعو عصبية أو ينصر عصبية , فقتلته جاهلية " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 720 :



أخرجه مسلم ( 6 / 22 ) و النسائي ( 2 / 177 ) و الطيالسي ( ص 177 رقم 1259 )

من حديث # جندب بن عبد الله البجلي # .



و له شاهد من حديث أبي هريرة يأتي ( 982 ) بلفظ : " من خرج من الطاعة " .

434 " كان أصحابه صلى الله عليه وسلم يتناشدون الشعر , و يتذاكرون أشياء من أمر

الجاهلية , و هو ساكت , فربما تبسم معهم " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 720 :



رواه الترمذي ( 2 / 139 ) و الطيالسي ( ص 105 رقم 771 ) و أحمد ( 5 / 86 , 88 ,

91 , 105 ) عن سماك بن حرب عن # جابر بن سمرة # قال :

" جالست النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من مائة مرة , فكان أصحابه ...‎" الخ .

و السياق للترمذي و قال : " حديث حسن صحيح " .



قلت : و صرح سماك بسماعه عن جابر في رواية لأحمد و هو على شرط مسلم .

و رواه ابن أبي شيبة أيضا كما في " الفتح " ( 10 / 444 ) .

و له شاهد من حديث أبي أمامة نحوه رواه الطبراني لكن قال الهيثمي ( 8 / 128 ) :

" و فيه محمد بن الفضل بن عطية و هو متروك كذاب " .

ثم الحديث عزاه العراقي ( 2 / 340 ) لمسلم من حديث ابن سمرة و لم أجد من وافقه

على ذلك و لم ينسبه النابلسي في " الذخائر " ( 1 / 124 - 125 ) إلا إلى الترمذي

من الستة . ثم وجدته عند مسلم ( 2 / 132 ) بمعناه في أثناء حديث , و رواه

البيهقي ( 10 / 240 ) .

435 " كان أصحابه يتبادحون بالبطيخ , فإذا كانت الحقائق كانوا هم الرجال " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 721 :



أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " ( 41 ) : حدثنا صدقة قال : أنبأنا معتمر

عن حبيب أبي محمد عن # بكر بن عبيد الله # قال : فذكره .



و هذا سند صحيح رجاله رجال البخاري في " صحيحه " غير حبيب هذا و هو ثقة عابد

كما في " التقريب " .



و بكر بن عبيد الله كذا في نسختنا و هو تحريف و الصواب : بكر بن عبد الله -

مكبرا - و هو ابن عمرو بن هلال المزني و هو ثقة ثبت جليل من الطبقة الوسطى من

التابعين , أدرك جمعا غفيرا من الصحابة و روى عنهم .

436 " كان أصحابه يمشون أمامه إذا خرج , و يدعون ظهره للملائكة " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 721 :



أخرجه أحمد ( 3 / 302 ) : حدثنا وكيع عن سفيان عن الأسود بن قيس عن نبيح عن

# جابر # قال : فذكره .



و أخرجه ابن ماجه ( 1 / 108 ) عن وكيع به .

ثم أخرجه أحمد ( 3 / 332 ) و كذا الحاكم ( 4 / 281 ) من طريقين آخرين عن سفيان

به بلفظ : " كان إذا خرج من بيته مشينا قدامه , و تركنا ظهره للملائكة " .



سكت عليه الحاكم و إسناده صحيح رجاله كلهم ثقات رجال الستة غير نبيح مصغر و هو

ابن عبد الله العنزي وثقه أبو زرعة و روى عنه جماعة كما في الخلاصة فقول الحافظ

في التقريب " مقبول " فيه قصور في حقه .

و قد ورد الحديث من قوله صلى الله عليه وسلم بلفظ :

" امشوا أمامي ... " .



و سيأتي تحقيق الكلام عليه إن شاء الله تعالى برقم ( 1557 ) .

437 " من حالت شفاعته دون حد من حدود الله فقد ضاد الله في أمره , و من مات و عليه

دين فليس ثم دينار و لا درهم و لكنها الحسنات و السيئات , و من خاصم في باطل و

هو يعلم لم يزل في سخط الله حتى ينزع , و من قال في مؤمن ما ليس فيه حبس في

ردغة الخبال حتى يأتي بالمخرج مما قال " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 722 :



أخرجه أبو داود ( 2 / 117 ) و الحاكم ( 2 / 27 ) و السياق له و أحمد ( 2 / 70 )

عن زهير حدثنا عمارة بن غزية عن يحيى بن راشد عن # عبد الله بن عمر # مرفوعا .



و قال الحاكم : " صحيح الإسناد " . و وافقه الذهبي , و هو كما قالا , و رجاله

ثقات رجال مسلم غير يحيى بن راشد و هو ثقة كما في " التقريب " .



و قال المنذري في " الترغيب " ( 3 / 152 ) :

" رواه أبو داود و الطبراني بإسناد جيد , و زاد - يعني الطبراني - :

و ليس بخارج " .



و للحديث طريقان آخران :



الأول عن المثنى بن يزيد عن مطر الوراق عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله

عليه وسلم بمعناه قال :

" و من أعان على خصومة بظلم باء بغضب من الله عز و جل " .

هكذا أخرجه أبو داود , و المثنى مجهول , لكنه توبع على هذه الجملة الأخيرة كما

خرجته في " إرواء الغليل " ( 2376 ) .



و الطريق الآخر أخرجه أحمد ( 2 / 82 ) عن أيوب بن سلمان رجل من أهل صنعاء عن

ابن عمر مرفوعا به نحوه و زاد في آخره :

" ركعتا الفجر حافظوا عليهما فإنهما من الفضائل " .

و إسناده ضعيف , أيوب هذا فيه جهالة كما في " التعجيل " و بقية رجال إسناده

موثقون .



و له طريق ثالث إلا أنه ضعيف جدا , أخرجه الخطيب ( 8 / 379 ) قال :

أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال : حدث لاحق بن الحسين بن عمران بن أبي الورد حدثنا

أبو سليمان داود بن سليمان بن داود الأصبهاني - قدم بغداد - حدثنا أبو الصلت

سهل ابن إسماعيل المرادي : حدثنا مالك بن أنس عن الزهري عن سالم بن عبد الله

عن أبيه مرفوعا به .

و قال : " حديث باطل عن مالك و من فوقه , و كان لاحق غير ثقة " .

438 " مالي و للدنيا ?! ما أنا و الدنيا ?! إنما مثلي و مثل الدنيا كراكب ظل

تحت شجرة ثم راح و تركها " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 723 :



أخرجه الترمذي ( 2 / 60 ) , الحاكم ( 4 / 310 ) و الطيالسي ( ص 36 رقم 277 )

و عنه ابن ماجه ( 2 / 526 ) و أحمد ( 1 / 391 , 441 ) و أبو نعيم في " الحلية "

( 2 / 102 , 4 / 234 ) من طرق عن المسعودي عن عمرو بن مرة عن إبراهيم النخعي

عن علقمة عن # عبد الله # مرفوعا به .



و قال الترمذي : " حديث حسن صحيح " .

و هو كما قال , فإن له شاهدا يأتي بعده . و رواه الطبراني و أبو الشيخ في

" كتاب الثواب " كما في " الترغيب " ( 4 / 113 ) .



و سببه فيما قال ابن مسعود : " اضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم على حصير

فأثر في جنبه , فلما استيقظ جعلت أمسح جنبه , فقلت : يا رسول الله ألا آذنتنا

حتى نبسط لك على الحصير شيئا ? فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " الحديث .

439 " ما لي و للدنيا ?! ما مثلي و مثل الدنيا إلا كراكب سار في يوم صائف , فاستظل

تحت شجرة ساعة من نهار , ثم راح و تركها " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 724 :



أخرجه ابن حبان ( 2526 ) و الحاكم ( 4 / 309 - 310 ) و أحمد ( 1 / 301 )

و الضياء في " المختارة " ( 66 / 85 / 1 ) عن ثابت بن يزيد حدثنا هلال بن خباب

عن عكرمة عن # ابن عباس # :

" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليه عمر و هو على حصير قد أثر في جنبه

فقال : يا نبي الله لو اتخذت فراشا أوثر من هذا ? فقال " , فذكره .

و قال الحاكم : " صحيح على شرط البخاري " . و وافقه الذهبي .



كذا قالا! و هلال بن خباب قال في " التقريب " : " صدوق تغير بآخره " و رمز له

بأنه من رجال السنن الأربعة , و في " الخلاصة " رمز له بأنه من رجال الستة ,

و لعله تصحيف . و الله أعلم .



و الحديث رواه البيهقي أيضا كما في " الترغيب " ( 4 / 114 ) , و يقويه شاهده

الذي قبله .

440 " من أمن رجلا على دمه فقتله فإنه يحمل لواء غدر يوم القيامة " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 725 :



رواه النسائي في " الكبرى " ( 2 / 52 / 2 - سير ) و البخاري " في التاريخ "

( 2 / 1 / 295 ) و ابن ماجه ( 2 / 152 - 153 ) و الطحاوي في " المشكل "

( 1 / 77 ) و أحمد ( 5 / 223 , 224 ) و الخرائطي في " المكارم " ( 29 ) من طريق

عبد الملك بن عمير عن رفاعة بن شداد القتباني قال :

لو لا كلمة سمعتها من # عمرو بن الحمق الخزاعي # لمشيت فيها بين رأس المختار

و جسده , سمعته يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره .



و هذا سند صحيح و رجاله ثقات كما في " الزوائد " لأن رفاعة بن شداد القتباني -

بكسر القاف و سكون المثناة - وثقه النسائي و ذكره بن حبان في " الثقات " و باقي

رجال الإسناد رجال مسلم . و في لفظ للنسائي :

" إذا اطمأن الرجل إلى الرجل ثم قتله رفع له لواء ... " .

و ورد بلفظ :

" من أمن رجلا على دمه فقتله فأنا برىء من القاتل , و إن كان المقتول كافرا " .



أخرجه البخاري في " التاريخ " و الطحاوي في " المشكل " ( 1 / 78 ) و الخرائطي

و الطبراني في " الصغير " ( ص 9 , 121 ) و أبو نعيم في " الحلية " ( 9 / 24 )

من طرق عن السدي عن رفاعة بن شداد به .

و هذا سند حسن , رجاله ثقات غير السدي و هو إسماعيل بن عبد الرحمن و هو صدوق

يهم . كما في " التقريب " .



و أخرجه الطيالسي ( ص 181 رقم 1285 ) : حدثنا محمد بن أبان عن السدي به بلفظ :

" إذا أمن الرجل الرجل على نفسه " و الباقي مثله سواء .

و رواه ابن حبان في " صحيحه " ( رقم 1682 - موارد ) بلفظ :

" أيما رجل أمن رجلا " و الباقي مثله , و كذلك هو في " المسند " ( 5 / 223 -

224 ) دون قوله : " و إن كان المقتول كافرا " .



و له شاهد من حديث معاذ بن جبل مرفوعا به .

أخرجه أبو نعيم ( 3 / 324 - 325 ) و في سنده متهم , و قال أبو نعيم :

" هذا الحديث مشهور من حديث عمرو بن الحمق عن النبي صلى الله عليه وسلم " .

441 " من أماثل أعمالكم إتيان الحلال ( يعني النساء ) " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 726 :



أخرجه أحمد ( 4 / 231 ) و أبو نعيم في " الحلية " ( 2 / 20 ) من طريق الطبراني

عن معاوية بن صالح عن أزهر بن سعيد الحرازي قال : سمعت # أبا كبشة الأنماري #

قال :

" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا في أصحابه فدخل , ثم خرج و قد اغتسل

فقلنا : يا رسول الله قد كان شيء ? قال : أجل , مرت بي فلانة فوقع في قلبي شهوة

النساء فأتيت بعض أزواجي فأصبتها , فكذلك فافعلوا فإنه من أماثل ... " .



قلت : و إسناده صحيح رجاله كلهم ثقات .





442 " إن يك من الشؤم شيء حق ففي المرأة و الفرس و الدار " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 726 :



أخرجه أحمد ( 2 / 85 ) , حدثنا محمد بن جعفر : حدثنا شعبة عن عمر بن محمد

ابن زيد أنه سمع أباه يحدث عن # ابن عمر # به مرفوعا .



و هذا سند صحيح على شرط الشيخين , و قد أخرجه مسلم ( 7 / 34 ) من هذا الوجه .

و أخرجه البخاري من طريق أخرى عن عمر بلفظ : ( إن كان ... ) , و سيأتي إن شاء

الله تعالى برقم ( 799 ) .



و الحديث يعطي بمفهومه أن لا شؤم في شيء , لأن معناه : لو كان الشؤم ثابتا في

شيء ما , لكان في هذه الثلاثة , لكنه ليس ثابتا في شيء أصلا .

و عليه فما في بعض الروايات بلفظ " الشؤم في ثلاثة " . أو " إنما الشؤم في

ثلاثة " فهو اختصار , و تصرف من بعض الرواة . و الله أعلم .

443 " ما طلعت شمس قط إلا بعث بجنبتيها ملكان يناديان يسمعان أهل الأرض إلا الثقلين

: يا أيها الناس هلموا إلى ربكم , فإن ما قل و كفى خير مما كثر و ألهى . و لا

آبت شمس قط إلا بعث بجنبتيها ملكان يناديان , يسمعان أهل الأرض إلا الثقلين :

اللهم أعط منفقا خلفا , و أعط ممسكا مالا تلفا " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 727 :



أخرجه ابن حبان ( 2476 ) و أحمد ( 5 / 197 ) و الطيالسي ( رقم 979 ) و من

طريقهما أبو نعيم في " الحلية " ( 1 / 226 , 2 / 233 , 9 / 60 ) من طريقين

عن قتادة عن خليد بن عبد الله العصري عن # أبي الدرداء # مرفوعا .



و قال أبو نعيم :

" رواه عدة عن قتادة منهم سليمان التيمي و شيبان بن عبد الرحمن النحوي

و أبو عوانة و سلام بن مسكين و غيرهم " .



قلت : و هذا إسناد صحيح على شرط مسلم , و قال الهيثمي ( 3 / 122 ) و قد أورده

بهذا التمام :

" رواه أحمد و رجاله رجال الصحيح " .

ثم ذهل , فأورده في مكان آخر ( 10 / 255 ) دون قوله . " و لا آبت شمس قط ..

الخ " .

و قال : " رواه أحمد و الطبراني في " الكبير " و زاد : " و لا آبت شمس قط " الخ

, رواه الطبراني في " الأوسط " إلا أنه قال :

" اللهم من أنفق فأعطه خلفا , و من أمسك فأعطه تلفا " .

و رجال أحمد و بعض أسانيد الطبراني في " الكبير " رجال الصحيح " .



قلت : و إنما قلت : " ذهل " لأن هذه الزيادة التي عزاها للطبراني في " الكبير "

هي عند أحمد أيضا كما علمت .

و الحديث أورد الشطر الثاني منه المنذري في " الترغيب " ( 2 / 39 ) و قال :

" رواه أحمد و ابن حبان في " صحيحه " و الحاكم بنحوه و قال : " صحيح الإسناد "

و البيهقي من طريقه , و لفظه في إحدى رواياته ... " .



قلت : فذكره على التمام و في آخره زيادة :

" و أنزل الله في ذلك قرآنا في قول الملكين : " يا أيها الناس هلموا إلى ربكم "

في سورة يونس : ( و الله يدعو إلى دار السلام و يهدى من يشاء إلى صراط مستقيم )

و أنزل في قولهما : " اللهم أعط منفقا خلفا , و أعط ممسكا تلفا " : ( و الليل

إذا يغشى و النهار إذا تجلى . و ما خلق الذكر و الأنثى ) إلى قوله : ( العسرى )

" .



قلت : و كذلك أخرجه ابن أبي حاتم و في روايته تصريح قتادة بالتحديث كما في

" الفتح " . و كذلك رواه ابن جرير ( 30 / 122 ) من طريق عباد بن راشد عن قتادة

قال : حدثنا خليد البصري به بالشطر الثاني منه و زاد :

" فأنزل الله في ذلك القرآن ( فأما من أعطى .. ) إلى قوله ( العسرى ) " .

444 " إذا وضع الرجل الصالح على سريره قال : قدموني قدموني , و إذا وضع الرجل السوء

على سريره قال : يا ويله أين تذهبون بي ?! " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 729 :



أخرجه النسائي ( 1 / 270 ) و ابن حبان ( 764 ) و أحمد ( 2 / 292 , 500 )

و السياق له من طريق ابن أبي ذئب عن سعيد المقبري عن عبد الرحمن بن مهران أن

# أبا هريرة # قال حين حضره الموت :

" لا تضربوا على فسطاطا , و لا تتبعوني بمجمر , و أسرعوا بي , فإني سمعت رسول

الله صلى الله عليه وسلم يقول " فذكره .



و هذا إسناد صحيح على شرط مسلم . و ليس عند النسائي الموقوف منه .

و قد روي مرفوعا بلفظ : ( لا تتبع الجنازة ) فانظر " كتاب الجنائز " ( ص 70 طبع

المكتب الإسلامي ) .

و له شاهد من حديث أبي سعيد الخدري مرفوعا بلفظ :

" إذا وضعت الجنازة فاحتملها الرجال على أعناقهم , فإن كانت صالحة , قالت :

قدموني , و إن كانت غير صالحة , قالت لأهلها : يا ويلها أين يذهبون بها ? !

يسمع صوتها كل شيء إلا الإنسان , و لو سمع الإنسان لصعق " .

أخرجه البخاري ( 3 / 142 , 144 , 189 - فتح ) و أحمد ( 3 / 41 , 58 ) .

445 " ألا من ظلم معاهدا , أو انتقصه , أو كلفه فوق طاقته , أو أخذ منه شيئا بغير

طيب نفس فأنا حجيجه يوم القيامة " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 729 :



أخرجه أبو داود ( 2 / 46 ) و البيهقي في " سننه " ( 9 / 205 ) عن # صفوان ابن

سليم عن عدة # ( و قال البيهقي : ثلاثين ) من أبناء أصحاب رسول الله صلى الله

عليه وسلم عن آبائهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم به .



قال الحافظ العراقي في " فتح المغيث " ( 4 / 4 ) :

" و هذا إسناد جيد و إن كان فيه من لم يسم , فإنهم عدة من أبناء الصحابة يبلغون

حد التواتر الذي لا يشترط فيه العدالة " .



و قال السخاوي في " المقاصد " ص ( 185 ) : " و سنده لا بأس به , و لا يضره

جهالة من لم يسم من أبناء الصحابة , فإنهم عدد ينجبر به جهالتهم , و لذا سكت

عليه أبو داود . ( ثم قال : ) و له شواهد بينتها في جزء أفردته لهذا الحديث ,

منها عن عمر بن سعد رفعه : " أنا خصم يوم القيامة لليتيم , و المعاهد , و من

أخاصمه أخصمه " .



قلت : و انظر " أيحسب أحدكم متكئا " , و في الكتاب الآخر " منعني ربي أن أظلم

معاهدا " , ( 1195 ) و ( لعلكم تقاتلون قوما " , ( 2947 ) .

446 " لو أن رجلا يجر على وجهه من يوم ولد إلى يوم يموت هرما في مرضاة الله عز وجل

لحقره يوم القيامة " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 730 :



أخرجه أحمد ( 4 / 185 ) و البخاري في " التاريخ الكبير " ( 1 / 1 / 15 )

و أبو العباس الأصم في " حديثه " ( رقم 54 - نسختي ) و أبو بكر الشاشي في

" الفوائد " ( ق 107 / 1 ) و أبو نعيم في " الحلية " ( 2 / 15 , 5 / 219 )

من طريق بقية حدثني بحير بن سعد عن خالد بن معدان عن # عتبة بن عبد # قال :

إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فذكره .



قلت : و هذا إسناد جيد , رجاله كلهم ثقات , و بقية إنما يخشى من عنعنته لأنه

مدلس , و لكنه قد صرح بالتحديث , فأمنا بذلك تدليسه .

447 " الشعر بمنزلة الكلام حسنه كحسن الكلام و قبيحه كقبيح الكلام " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 730 :



أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " ( 125 ) و الدارقطني ( 490 ) عن إسماعيل

ابن عياش عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم عن عبد الرحمن بن رافع عن # عبد الله

بن عمرو # مرفوعا .



قلت : و هذا إسناد مسلسل بالضعفاء , و هم إسماعيل بن عياش و من فوقه . و لذلك

جزم الحافظ بضعفه , فقال في " الفتح " ( 10 / 443 ) بعد ما عزاه للأدب المفرد :

" سنده ضعيف , و أخرجه الطبراني في " الأوسط " و قال :

لا يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا بهذا الإسناد " .



و أما قول الهيثمي ( 8 / 122 ) بعد ما عزاه للأوسط : " و إسناده حسن " .

فليس بحسن .

نعم له شواهد يصل بها إلى رتبة الحسن منها عن عائشة قالت :

" سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الشعر ? فقال : هو كلام فحسنه حسن

و قبيحه قبيح " . قال الهيثمي :

" رواه أبو يعلى , و فيه عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان وثقه دحيم و جماعة ,

و ضعفه ابن معين و غيره , و بقية رجاله رجال الصحيح " .



قلت : إذا لم يكن له علة غير ابن ثوبان هذا فهو حسن الإسناد , لأن ابن ثوبان

صدوق يخطىء كما في " التقريب " , و قد رواه البخاري في " الأدب " ( 125 )

موقوفا عليها : حدثنا سعيد بن تليد قال : حدثنا ابن وهب قال : حدثني جابر

ابن إسماعيل و غيره عن عقيل عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة رضي الله عنها أنها

كانت تقول : الشعر منه حسن , و منه قبيح , فخذ بالحسن , و دع القبيح , و لقد

رويت من شعر كعب بن مالك أشعارا , منها القصيدة فيها أربعون بيتا , و دون ذلك .

قال الحافظ :

" و سنده حسن , و أخرج أبو يعلى أوله من حديثها من وجه آخر مرفوعا " .



قلت : و رجال البخاري ثقات رجال " صحيح البخاري , غير جابر بن إسماعيل فمن رجال

مسلم , غير أنه تفرد عنه ابن وهب , و وثقه ابن حبان كما في " الخلاصة " , و قد

تابعه غيره كما صرح به ابن وهب , و إن كنا نجهله , فالإسناد حسن كما قال الحافظ

إن شاء الله تعالى .



ثم وقفت على إسناد أبي يعلى و الحمد لله , فوجدته حسنا , قال في " مسنده "

( 3 / 1167 مصورة المكتب الإسلامي ) : حدثنا عباد بن موسى الختلي أنبأنا

عبد الرحمن بن ثابت عن هشام عن أبيه عنها .

و هذا إسناد حسن , رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الرحمن بن ثابت و هو ابن

ثوبان العنسي الدمشقي , و قد عرفت حاله من كلام الحافظ المتقدم , و قد حسن له

الترمذي , فالحديث بمجموع الطريقين صحيح . و الله أعلم .

448 " ما رزق عبد خير له و لا أوسع من الصبر " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 732 :



أخرجه الحاكم ( 2 / 414 ) من طريق إسحاق بن سليمان الرازي قال : سمعت مالك

ابن أنس و تلا قول الله عز و جل :

( و جعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا ) فقال : حدثني الزهري أن عطاء

ابن يزيد حدثه عن # أبي هريرة # رضي الله عنه مرفوعا به .

و قال : " صحيح على شرط الشيخين " . و وافقه الذهبي . و هو كما قالا .



و له شاهد أخرجه القضاعي ( 67 / 1 ) عن إبراهيم بن عبد الله السعدي قال :

أنبأنا الحسين بن علي أبو علي الأصم قال : أنبأنا هشام بن سعد عن زيد بن أسلم

عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري مرفوعا به .



قلت : و هذا إسناد رجاله ثقات غير الحسين بن علي أبي علي الأصم فلم أجد له

ترجمة . و السعدي له ترجمة في " اللسان " .

449 " خلق الله آدم على صورته : طوله ستون ذراعا , فلما خلقه قال : اذهب فسلم

على أولئك النفر من الملائكة جلوس , فاستمع ما يحيونك : فإنها تحيتك و تحية

ذريتك فقال : السلام عليكم : فقالوا : السلام عليك و رحمة الله , فزادوه :

" و رحمة الله " فكل من يدخل الجنة على صورة آدم , فلم يزل الخلق ينقص بعد

حتى الآن " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 733 :



أخرجه البخاري ( 6 / 281 , 11 / 2 - 6 ) و مسلم ( 8 / 149 ) و أحمد ( 2 / 315 )

و ابن خزيمة في " التوحيد " ( ص 29 ) من حديث همام بن منبه حدثنا # أبو هريرة #

مرفوعا به .

450 " ما تحاب رجلان في الله إلا كان أحبهما إلى الله عز وجل أشدهما حبا لصاحبه "

.



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 733 :



أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " ( 79 ) و ابن حبان ( 2509 ) و الحاكم في

" المستدرك " ( 4 / 171 ) و الخطيب في " التاريخ " ( 11 / 341 ) عن المبارك

ابن فضالة عن ثابت عن # أنس # .



و قال الحاكم : " صحيح الإسناد " . و وافقه الذهبي .

و أقره الحافظ العراقي في " تخريج الإحياء " ( 2 / 139 ) .



قلت : و هذا من الذهبي عجب فهو الذي ذكر في ترجمة المبارك هذا من " الميزان " :

" و قال أبو داود : شديد التدليس , فإذا قال : حدثنا فهو ثبت , و قال أبو زرعة

: يدلس كثيرا فإذا قال : حدثنا فهو ثقة " .



قلت : و هو عند الحاكم معنعن ! نعم قد قال : " حدثنا ثابت " في رواية البخاري

و ابن حبان فزالت العلة , و ثبت الحديث .

و قال المنذري ( 4 / 46 ) : " رواه الطبراني و أبو يعلى عن أنس , و رواته رواة

الصحيح إلا مبارك بن فضالة " .

و قال الهيثمي ( 10 / 276 ) : " رواه الطبراني في " الأوسط " و أبو يعلى

و البزار بنحوه , و رجال أبي يعلى و البزار رجال الصحيح , غير مبارك بن فضالة ,

و قد وثقه غير واحد على ضعف فيه " .



قلت : و في " التقريب " : " صدوق يدلس و يسوي " .

و قد وجدت له متابعا قويا , إلا أنهم أعلوه , أخرجه الخطيب ( 9 / 440 ) :

أخبرنا علي بن أبي علي حدثنا عمر بن محمد بن علي الناقد حدثنا أبو القاسم

عبد الله بن الحسين بن علي البجلي الصفار حدثنا عبد الأعلى بن حماد النرسي

حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت به .

ثم ذكر الخطيب أن الصفار المذكور تفرد بحديث عبد الأعلى بن حماد هذا و إيصاله

وهم على حماد بن سلمة , لأن حمادا إنما يرويه عن ثابت عن مطرف بن عبد الله

ابن الشخير قال : كنا نتحدث أنه " ما تحاب رجلان في الله " و ذلك يحفظ عنه ,

فلعل الصفار سها و جرى على العادة المستمرة في ثابت عن أنس " .



قلت : الصفار هذا قد ذكر الخطيب أنه ثقة مأمون و قد وصله , و الوصل زيادة ,

و هي من ثقة , فيجب قبولها . و جائز أن يكون لحماد فيه إسنادان : عن ثابت عن

أنس , و عنه عن مطرف , فكان يرويه مرة هكذا , و مرة هكذا , و لهذه أمثلة كثيرة

في الأسانيد , و العمدة إنما هو رواية الثقة , و طالما أن الصفار كذلك , فإن

حديثه حجة إذا ثبت الإسناد إليه , و قد تأملت في جميع رجال الإسناد , فوجدتهم

ثقاتا غير شيخ الخطيب : علي بن أبي علي فلم أجد من ترجمه , و الظاهر أنه ليس

بغداديا , و إلا لأورده الخطيب في " تاريخه " , و الله أعلم .



و للحديث شاهد بلفظ : " ما من رجلين تحابا .... " .



( تنبيه )

----------

جميع روايات الحديث بلفظ : " رجلان " .

و أما الغزالي فذكره في الإحياء " ( 2 / 139 ) بلفظ : " اثنان " .

و لم أجده في شيء من هذه الروايات .

451 " ما أنزل الله داء , إلا قد أنزل له شفاء , علمه من علمه , و جهله من جهله " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 735 :



أخرجه أحمد ( 1 / 377 , 413 , 453 ) من طرق .

منها طريق سفيان - و هو ابن عيينة - عن عطاء بن السائب عن # أبي عبد الرحمن

عبد الله بن حبيب # قال : سمعت عبد الله بن مسعود يبلغ به النبي صلى الله عليه

وسلم .



و أخرجه ابن ماجه ( 2 / 340 ) عن عبد الرحمن بن مهدي حدثنا سفيان عن عطاء به ,

دون قوله : " علمه ...‎" . الخ .

و في " الزوائد " ( ق 231 / 2 ) مصورة المكتب الإسلامي ) :

" إسناد حديث عبد الله بن مسعود صحيح , رجاله ثقات " .



قلت : و هو كما قال , فإن عطاء بن السائب و إن كان قد اختلط فسفيان في رواية

ابن ماجه و هو الثوري روى عنه قبل الاختلاط .

و قد رواه عنه خالد ابن عبد الله , عند ابن حبان ( 1394 ) , و هو ثقة من رجال

الشيخين , و عبيدة بن حميد أيضا , أخرجه الحاكم في " المستدرك " ( 4 / 196 ) ,

و هو ثقة من رجال البخاري .



و للحديث شاهد من رواية أبي سعيد الخدري بلفظ : " إن الله لم ينزل داء .... "

و هو مخرج في " تخريج الحلال " ( 293 ) .

452 " ما أطعمت نفسك فهو لك صدقة و ما أطعمت ولدك فهو لك صدقة و ما أطعمت زوجك فهو

لك صدقة و ما أطعمت خادمك فهو لك صدقة " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 736 :



أخرجه أحمد ( 4 / 131 ) : حدثنا إبراهيم بن أبي العباس قال : حدثنا بقية قال :

حدثنا بحير بن سعد عن خالد بن معدان عن # المقدام بن معدي كرب # مرفوعا .

ثم أخرجه ( 4 / 132 ) : حدثنا الحكم بن نافع قال : حدثنا إسماعيل بن عياش عن

بحير بن سعد به .



قلت : و هذا سند صحيح برواية بقية و ابن عياش عن بحير , و بقية رجاله ثقات

اتفاقا .



و الحديث أورده في " المجمع " ( 4 / 119 ) و قال : " رواه أحمد و رجاله ثقات "

و قال المنذري ( 3 / 80 ) : " رواه أحمد بإسناد جيد " .

و في " الجامع " : " رواه أحمد و الطبراني في " الكبير " , ثم رمز لحسنه .

قال شارحه المناوي بعد أن نقل كلام المنذري و الهيثمي :

" و به يعرف أن رمز المؤلف لحسنه تقصير , و أنه كان الأولى الرمز لصحته " .



قلت : و أخرجه البخاري أيضا في " الأدب المفرد " ( 30 ) : حدثنا إبراهيم

ابن موسى قال : أنبأنا بقية قال : أخبرني بحير بن سعد به .

453 " ما علمته إذ كان جاهلا , و لا أطعمته إذ كان ساغبا أو جائعا " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 736 :



أخرجه أبو داود ( 1 / 408 - 409 ) و النسائي ( 2 / 209 ) و ابن ماجه ( 2 / 45 )

و الحاكم ( 4 / 133 ) و أحمد ( 4 / 166 - 167 ) من طريق أبي بشر جعفر بن أبي

إياس عن # عباد بن شرحبيل # قال :

" أصابتني سنة فدخلت حائطا من حيطان المدينة , ففركت سنبلا , فأكلت , و حملت في

ثوبي , فجاء صاحبه فضربني , و أخذ ثوبي , فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم

فقال له ( فذكر الحديث ) , و أمره فرد علي ثوبي , و أعطاني وسقا أو نصف وسق من

طعام " .



و قال الحاكم : " صحيح الإسناد " . و وافقه الذهبي , و هو كما قالا , بل هو على

شرط الشيخين .

454 " أو ليس قد جعل الله لكم ما تصدقون ? إن بكل تسبيحة صدقة و كل تكبيرة صدقة

و كل تحميدة صدقة و كل تهليلة صدقة و أمر بالمعروف صدقة و نهي عن منكر صدقة

و في بضع أحدكم صدقة , قالوا : أيأتي أحدنا شهوته و يكون له فيها أجر ? قال :

أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه فيها وزر ? فكذلك إذا وضعها في الحلال كان

له أجر " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 737 :



أخرجه مسلم ( 3 / 82 ) و البخاري في " الأدب المفرد " ( 35 ) و أحمد

( 5 / 167 ) عن أبي الأسود الديلي عن # أبي ذر # :



" أن ناسا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم :

يا رسول الله ذهب أهل الدثور بالأجور , يصلون كما نصلي , و يصومون كما نصوم ,

و يتصدقون بفضول أموالهم , قال " . فذكره .



و له طرق أخرى بألفاظ قريبة من هذه مختصرا و مطولا فانظر " تبسمك في وجه أخيك "

و " رفعك العظم " و " على كل نفس " و " يصبح على كل سلامى " .

455 " إنكم تختصمون إلي , و إنما أنا بشر , و لعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من

بعض و إنما أقضي لكم على نحو مما أسمع منكم , فمن قضيت له من حق أخيه شيئا

فلا يأخذه , فإنما أقطع له قطعة من النار يأتي بها يوم القيامة " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 738 :



أخرجه البخاري ( 3 / 162 ) و مسلم ( 5 / 129 ) و النسائي ( 2 / 307 , 311 )

و الترمذي ( 1 / 250 - 251 ) و صححه ابن ماجه ( 2 / 51 ) و الطحاوي في

" شرح المعاني " ( 2 / 282 ) و أحمد ( 6 / 290 - 291 , 307 ) و أبو يعلى

( 4 / 1635 - 1636 ) كلهم عن هشام ابن عروة عن أبيه عن زينب بنت أم سلمة

عن # أم سلمة # مرفوعا .



و اللفظ لابن ماجه ثم أحمد و قد تفردا بقوله : " يأتي بها يوم القيامة " .

و هي زيادة على شرط الشيخين .



و قد تابعه الزهري عن عروة به نحوه .

أخرجه أحمد ( 6 / 308 ) , و رواه غيره بلفظ : " إنما أنا بشر .... " .

و سيأتي برقم ( 1162 ) .



و له طريق أخرى فيه بيان سبب ورود الحديث , أخرجه أبو داود ( 2 / 115 )

و الطحاوي ( 2 / 287 ) و أحمد ( 6 / 320 ) من طريق أسامة بن زيد عن عبد الله

ابن رافع عن أم سلمة قالت :

" جاء رجلان من الأنصار يختصمان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في مواريث

بينهما قد درست ليس بينهما بينة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " , فذكره

.إلا أنه قال :

" يأتي بها أسطاما في عنقه يوم القيامة , فبكى الرجلان و قال كل واحد منهما :

حقي لأخي , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أما إذ قلتما , فاذهبا فاقتسما

ثم توخيا الحق ثم استهما ثم ليحلل كل واحد منكما صاحبه " .

و في رواية لأبي داود :

" إني إنما أقضي بينكم برأيي فيما لم ينزل علي فيه " .



و أسامة هذا هو الليثي لا العدوي فالإسناد صحيح على شرط مسلم إن كان العدوي قد

حفظ , فإن في حفظه شيئا , و قد قال في " التقريب " : " صدوق يهم " و أنت ترى

أنه قد جاء بزيادات لم ترد في شيء من روايات الثقات و ذلك مما يجعلنا نتوقف عن

الاحتجاج بما تفرد به . و الله أعلم .



و الحديث أورده بتمامه و فيه الزيادة التي عند أبي داود صاحب " منتخب كنز

العمال ( 2 / 207 ) و قال :

رواه ابن أبي شيبة و أبو سعيد النقاش في " القضاة " .

و للحديث شاهد مرفوع بلفظ :

" إنما أنا بشر , فما حدثتكم من الله فهو حق , و ما قلت فيه من قبل نفسي ,

فإنما أنا بشر أصيب و أخطئ " .



أخرجه البزار في " مسنده " ( ص 27 ) : حدثنا إسماعيل بن عبد الله الأصبهاني

حدثنا حسين بن حفص حدثنا خطاب بن جعفر بن أبي المغيرة عن أبيه عن سعيد بن جبير

عن ابن عباس قال :

" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف في النخل بالمدينة , فجعل الناس

يقولون : فيها وسق , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فيها كذا و كذا ,

فقالوا : صدق الله و رسوله , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ... " فذكره .

و قال البزار : " لا نعلمه يروى عن ابن عباس إلا بهذا الإسناد " .



قال الهيثمي " إسناده حسن إلا أن شيخ البزار لم أر من ترجمه .

قال الحافظ : " قلت : هو الحافظ الشهير سمويه ترجمه أبو نعيم في " تاريخه " ,

و وثقه ابن منده و أبو الشيخ و أبو نعيم و غيرهم " .

456 " خاب عبد و خسر لم يجعل الله تعالى في قلبه رحمة للبشر " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 740 :



أخرجه الدولابي ( 1 / 173 ) و‎ابن عساكر في " تاريخ دمشق " ( 7 / 113 / 2 )

من طريقين عن صفوان بن عمرو عن يزيد بن أيهم أبي رواحة عن # عمرو بن حبيب # أنه

قال لسعيد بن خالد بن عمرو بن عثمان : أما علمت أن رسول الله صلى الله عليه

وسلم قال : فذكره .



و هذا سند حسن يزيد بن أيهم روى عنه جماعة من الثقات منهم صفوان هذا , و محمد

بن حميد و إسماعيل بن عياش , و قد وثقه ابن حبان .

و في " الجامع " : " رواه الدولابي في " الكنى " و أبو نعيم في " المعرفة "

و ابن عساكر عن عمرو بن حبيب " .

و لم يتكلم عليه الشارح بشيء غير أنه زاد في الرواة : الديلمي .

457 " ألا إني أوشك أن أدعى فأجيب , فيليكم عمال من بعدي , يقولون ما يعلمون و

يعملون بما يعرفون , و طاعة أولئك طاعة , فتلبثون كذلك دهرا , ثم يليكم

عمال من بعدهم يقولون ما لا يعلمون , و يعملون ما لا يعرفون فمن ناصحهم

و وازرهم و شد على أعضادهم فأولئك قد هلكوا و أهلكوا خالطوهم بأجسادكم

و زايلوهم بأعمالكم و اشهدوا على المحسن بأنه محسن و على المسيء بأنه مسيء " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 740 :



رواه الطبراني في " الأوسط " ( 1 / 196 / 2 ) و البيهقي في " الزهد الكبير "

( 22 / 1 ) و السياق له عن حاتم بن يوسف حدثنا عبد المؤمن بن خالد الحنفي -

قاضي مرو - قال : سمعت عبد الله بن بريدة يحدث عن يحيى بن يعمر عن # أبي سعيد

الخدري # قال :

" قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيبا , فكان من خطبته أن قال " ,

فذكره .



و قال الطبراني :

" لم يروه عن يحيى إلا ابن بريدة , و لا عنه إلا عبد المؤمن تفرد به حاتم " .



قلت : و هو ثقة , و كذلك من فوقه , فالسند صحيح .

458 " خلقت الملائكة من نور و خلق إبليس من نار السموم و خلق آدم عليه السلام مما

قد وصف لكم " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 741 :



رواه مسلم ( 8 / 226 ) و ابن منده في " التوحيد " ( 32 / 1 ) و السهمي في

" تاريخ جرجان " ( 62 ) و البيهقي في " الأسماء و الصفات " ( ص 277 - هند )

و ابن عساكر ( 2 / 310 / 1 ) عن الزهري عن عروة بن الزبير عن # عائشة # مرفوعا

.

قلت : و فيه إشارة إلى بطلان الحديث المشهور على ألسنة الناس : " أول ما خلق

الله نور نبيك يا جابر " . و نحوه من الأحاديث التي تقول بأنه صلى الله عليه

وسلم خلق من نور , فإن هذا الحديث دليل واضح على أن الملائكة فقط هم الذين

خلقوا من نور , دون آدم و بنيه , فتنبه و لا تكن من الغافلين .



و أما ما رواه عبد الله بن أحمد في " السنة " ( ص 151 ) عن عكرمة قال :

" خلقت الملائكة من نور العزة , و خلق إبليس من نار العزة " .

و عن عبد الله بن عمرو قال :

" خلق الله الملائكة من نور الذراعين و الصدر " .



قلت : فهذا كله من الإسرائيليات التي لا يجوز الأخذ بها , لأنها لم ترد عن

الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم .



















459 " الخلافة ثلاثون سنة , ثم تكون بعد ذلك ملكا " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 742 :



أخرجه أبو داود ( 4646 , 4647 ) و الترمذي ( 2 / 35 ) و الطحاوي في " مشكل

الآثار " ( 4 / 313 ) و ابن حبان في " صحيحه " ( 1534 , 1535 - موارد ) و ابن

أبي عاصم في " السنة " ( ق 114 / 2 ) و الحاكم ( 3 / 71 , 145 ) و أحمد في

" المسند " ( 5 / 220 , 221 ) و الروياني في " مسنده " ( 25 / 136 / 1 )

و أبو يعلى الموصلي في " المفاريد " ( 3 / 15 / 2 ) و أبو حفص الصيرفي في

" حديثه " ( ق 261 / 1 ) و خيثمة بن سليمان في " فضائل الصحابة " ( 3 / 108 -

109 ) و الطبراني في " المعجم الكبير " ( 1 / 8 / 1 ) و أبو نعيم في " فضائل

الصحابة " ( 2 / 261 / 2 ) و البيهقي في " دلائل النبوة " ( ج 2 ) من طرق عن

سعيد بن جمهان عن # سفينة أبي عبد الرحمن مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم #

قال : فذكره مرفوعا .



و لفظ أبي داود :

" خلافة النبوة ثلاثون سنة , ثم يؤتي الله الملك أو ملكه من يشاء " .

و زاد هو و الترمذي و ابن أبي عاصم و أحمد و غيرهم :

" قال سفينة : أمسك خلافة أبي بكر رضي الله عنه سنتين , و خلافة عمر رضي الله

عنه عشر سنين , و خلافة عثمان رضي الله عنه اثني عشر سنة , و خلافة على رضي

الله عنه ست سنين " .



و زاد الترمذي :

" قال سعيد : فقلت له : إن بنى أمية يزعمون أن الخلافة فيهم , قال : كذبوا بنو

الزرقاء , بل هم ملوك من شر الملوك " .



قلت : و هذه الزيادة تفرد بها حشرج بن نباتة عن سعيد بن جمهان , فهي ضعيفة لأن

حشرجا هذا فيه ضعف , أورده الذهبي في " الضعفاء " و قال :

" قال النسائي : ليس بالقوي " .

و قال الحافظ في " التقريب " : " صدوق يهم " .



قلت : و أما أصل الحديث فثابت .

قال الترمذي : " و هذا حديث حسن , قد رواه غير واحد عن سعيد بن جمهان , و لا

نعرفه إلا من حديث سعيد بن جمهان " .

و قال ابن أبي عاصم : " حديث ثابت من جهة النقل , سعيد بن جمهان روى عنه حماد

بن سلمة و العوام بن حوشب و حشرج " .



قلت : و قد وثقه جماعة من الأئمة منهم أحمد و ابن معين و أبو داود .

و قال الحافظ في " التقريب " : " صدوق له أفراد " :



قلت : و لذلك قوي حديثه هذا من سبق ذكره , و منهم الحاكم صحح إسناده هنا , كما

صححه في حديث آخر ( 3 / 606 ) قرنه أحمد بهذا الحديث , و وافقه الذهبي . و أشار

إلى مثل هذا التصحيح الحافظ في " الفتح " ( 13 / 182 ) فقال موافقا :

" و صححه ابن حبان و غيره " .

و احتج به الإمام ابن جرير الطبري في جزئه في " الاعتقاد " ( ص 7 ) .

و صححه شيخ الإسلام ابن تيمية في " قاعدة " له في هذا الحديث محفوظة في المكتبة

الظاهرية بخطه في " مسودته " ( ق 81 / 2 - 84 / 2 ) قال في مطلعها :

" و هو حديث مشهور من رواية حماد بن سلمة و عبد الوارث بن سعيد و العوام ابن

حوشب عن سعيد بن جمهان عن سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم , رواه أهل

السنن كأبي داود و غيره , و اعتمد عليه الإمام أحمد و غيره في تقرير خلافة

الخلفاء الراشدين الأربعة , و ثبته أحمد , و استدل به على من توقف في خلافة على

من أجل افتراق الناس عليه , حتى قال أحمد : " من لم يربع بعلى في الخلافة فهو

أضل من حمار أهله " . و نهى عن مناكحته , و هو متفق عليه بين الفقهاء , و علماء

السنة .... و وفاة النبي صلى الله عليه وسلم كانت في شهر ربيع الأول سنة إحدى

عشرة هجرية , و إلى عام ثلاثين سنة كان إصلاح ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم

الحسن بن على السيد بين فئتين من المؤمنين بنزوله عن الأمر عام واحد و أربعين

في شهر جمادى الآخرة , و سمي عام الجماعة لاجتماع الناس على معاوية , و هو أول

الملوك , و في الحديث الذي رواه مسلم : " سيكون خلافة نبوة و رحمة , ثم يكون

ملك و رحمة , ثم يكون ملك و جبرية , ثم يكون ملك عضوض " ... " .



و قد وجدت للحديثين شاهدين :



الأول : عن أبي بكرة الثقفي .

أخرجه البيهقي في " الدلائل " من طريق على بن زيد عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن

أبيه به نحوه .



و الآخر : عن جابر بن عبد الله الأنصاري .

أخرجه الواحدى في " الوسيط " ( 3 / 126 / 2 ) عن شافع بن محمد حدثنا ابن الوشاء

بن إسماعيل البغدادي : حدثنا محمد بن الصباح حدثنا هشيم بن بشير عن أبي الزبير

عنه به نحوه .



و في الأول علي بن زيد و هو ابن جدعان و هو ضعيف الحفظ , فهو صالح للاستشهاد به

.

و في الآخر شافع بن محمد حدثنا ابن الوشاء بن إسماعيل البغدادي , و لم أعرفهما

و لعل في النسخة تحريفا .



و جملة القول أن الحديث حسن من طريق سعيد بن جمهان , صحيح بهذين الشاهدين ,

لاسيما و قد قواه من سبق ذكرهم , و هاك أسماءهم :

1 - الإمام أحمد

2 - الترمذي

3 - ابن جرير الطبري

4 - ابن أبي عاصم

5 - ابن حبان

6 - الحاكم

7 - ابن تيمية

8 - الذهبي

9 - العسقلاني



أقول : لقد أفضت في بيان صحة هذا الحديث على النهج العلمي الصحيح و ذكر من صححه

من أهل العلم العارفين به , لأني رأيت بعض المتأخرين ممن ليس له قدم راسخة فيه

ذهب إلى تضعيفه , منهم ابن خلدون المؤرخ الشهير , فقال في " تاريخه " ( 2 / 458

طبع فاس بتعليق شكيب أرسلان ) ما نصه :

" و قد كان ينبغي أن نلحق دولة معاوية و أخباره بدول الخلفاء و أخبارهم , فهو

تاليهم في الفضل و العدالة و الصحبة , و لا ينظر في ذلك إلى حديث ( الخلافة

ثلاثون سنة ) فإنه لم يصح , و الحقيقة أن معاوية في عداد الخلفاء ... " .

و تبعه على ذلك العلامة أبو بكر بن العربي , فقال في " العواصم من القواصم "

( ص 201 ) :

" و هذا حديث لا يصح " !

هكذا أطلق الكلام في تضعيفه , دون أن يذكر علته , و ليس ذلك من الأسلوب العلمي

في شيء , لاسيما و قد صححه من عرفت من أهل العلم قبله , و لقد حاول صديقنا

الأستاذ محب الدين الخطيب أن يتدارك الأمر ببيان العلة فجاء بشيء لو كان كما

ذكره , لوافقناه على التضعيف المذكور , فقال في تعليقه عليه :

" لأن راويه عن سفينة سعيد بن جمهان ( الأصل : جهمان ) . و قد اختلفوا فيه ,

قال بعضهم لا بأس به . و وثقه بعضهم , و قال فيه الإمام أبو حاتم : " شيخ لا

يحتج به " .

و في سنده حشرج بن نباته الواسطي وثقه بعضهم . و قال فيه النسائي : ليس بالقوي

و عبد الله بن أحمد بن حنبل يروى هذا الخبر عن سويد الطحان قال فيه الحافظ ابن

حجر في " تقريب التهذيب " : لين الحديث " .



قلت : فقد أعله بثلاث علل , فنحن نجيب عنها بما يكشف لك الحقيقة إن شاء الله

تعالى :



الأولى : الاختلاف في سعيد بن جمهان . و الجواب أنه ليس كل اختلاف في الراوي

يضر , بل لابد من النظر و الترجيح , و قد ذكرنا فيما تقدم أسماء بعض الأئمة

الذين وثقوه و هم أحمد و ابن معين و أبو داود , و يضاف إليهم هنا ابن حبان فإنه

ذكره في " الثقات " و النسائي فإنه هو الذي قال : " ليس به بأس " .

و عارض هؤلاء قول البخاري : " في حديثه عجائب " .

و قول الساجى : " لا يتابع على حديثه " .



قلت : فهذا جرح مبهم غير مفسر , فلا يصح الأخذ به في مقابلة توثيق من وثقه كما

هو مقرر في " المصطلح " , زد على ذلك أن الموثقين جمع , و يزداد عددهم إذا ضم

إليهم من صحح حديثه , باعتبار أن التصحيح يستلزم التوثيق كما هو ظاهر .

و أيضا فإن ابن جمهان لم يتفرد بهذا الحديث , فقد ذكرنا له شاهدين كما سبق .



الثانية : أن في سنده حشرج بن نباتة ...



و أقول : هذا يوهم أنه تفرد به , و ليس كذلك , فقد تابعه جماعة من الثقات كما

سبقت الإشارة إلى ذلك في مطلع هذا التخريج و تقدم ذكرهم من قبل ابن تيمية رحمه

الله , و هم حماد بن سلمة و عبد الوارث ابن سعيد و العوام بن حوشب , ثلاثتهم قد

وافق حشرجا على أصل الحديث , فلا يجوز إعلال الحديث به , كما لا يخفى على

المبتدىء في هذا العلم , فضلا عن المبرز فيه . و لعل الأستاذ الخطيب لم يتنبه

لهذه المتابعات القوية ظنا منه أن الترمذي ما دام أنه رواه من طريق حشرج فكذلك

رواه الآخرون , و لكن كيف خفي عليه قول الترمذي عقب الحديث كما تقدم نقله عنه :

" و قد رواه غير واحد عن سعيد بن جمهان " ? !



الثالثة : أن عبد الله بن أحمد رواه من طريق سويد الطحان و هو لين الحديث .



فأقول : ذلك مما لا يضر الحديث إطلاقا , لأن من سبق عزو الحديث إليهم وهم جم

غفير قد رووه من طرق كثيرة و صحيحة عن سعيد بن جمهان , ليس فيها سويد هذا ! فهل

يضر الثقات أن يشاركهم في الرواية أحد الضعفاء ? !

فقد تبين بوضوح سلامة الحديث من علة قادحة في سنده , و أنه صحيح محتج به .

و بالله التوفيق .



و قد أعله الأستاذ الخطيب أيضا بعلة أخرى في متنه فقال :

" و هذا الحديث المهلهل يعارضه ذلك الحديث الصحيح الصريح الفصيح في كتاب

" الإمارة " من " صحيح مسلم " ... عن جابر بن سمرة قال :

" دخلت مع أبي على النبي صلى الله عليه وسلم فسمعته يقول : إن هذا الأمر لا

ينقضي حتى يمضي فيهم اثنا عشر خليفة ... كلهم من قريش " . و هذه المعارضة

مردودة , لأن من القواعد المقررة في علم المصطلح أنه لا يجوز رد الحديث الصحيح

بمعارضته لما هو أصح منه , بل يجب الجمع و التوفيق بينهما , و هذا ما صنعه أهل

العلم هنا , فقد أشار الحافظ في " الفتح " ( 13 / 182 ) نقلا عن القاضي عياض

إلى المعارضة المذكورة ثم أجاب أنه أراد في " حديث سفينة خلافة النبوة و لم

يقيد في حديث جابر بن سمرة بذلك " .



قلت : و هذا الجمع قوي جدا , و يؤيده لفظ أبي داود :

" خلافة النبوة ثلاثون سنة ... " .

فلا ينافي مجىء خلفاء آخرين من بعدهم لأنهم ليسوا خلفاء النبوة , فهؤلاء هم

المعنيون في الحديث لا غيرهم , كما هو واضح .

و يزيده وضوحا قول شيخ الإسلام في رسالته السابقة :

" و يجوز تسمية من بعد الخلفاء الراشدين خلفاء و إن كانوا ملوكا , و لم يكونوا

خلفاء الأنبياء بدليل ما رواه البخاري و مسلم في " صحيحيهما " عن أبي هريرة رضي

الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :

" كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء , كلما هلك نبي خلفه نبي , و إنه لا نبي

بعدي , و ستكون خلفاء فتكثر , قالوا : فما تأمرنا ? قال : فوا ببيعة الأول

فالأول , و أعطوهم حقهم فإن الله سائلهم عما استرعاهم " .

فقوله : " فتكثر " دليل على من سوى الراشدين فإنهم لم يكونوا كثيرا .

و أيضا قوله " فوا ببيعة الأول فالأول " دل على أنهم يختلفون , " و الراشدون لم

يختلفوا " .

460 " جريه شبرا , فقالت ( أم سلمة ) إذا تنكشف القدمان , قال : فجريه ذراعا " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 749 :



أخرجه أبو يعلى في " سنده " ( 325 / 1 ) حدثنا إبراهيم بن الحجاج حدثنا حماد عن

أيوب عن نافع عن صفية بنت أبي عبيد عن # أم سلمة # :

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قال في جر الذيل ما قال , قالت : قلت : يا

رسول الله فكيف بنا ? فقال ... " فذكره .



قلت : و هذا سند صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين غير إبراهيم بن الحجاج و هو ثقة

.

ثم رواه هو ( 329 / 1 ) و أحمد ( 6 / 295 , 309 ) من طريق محمد بن إسحاق عن

نافع , بلفظ :

" فذراع لا يزدن عليه " .

و كذلك رواه عبد الله عن نافع عن سليمان بن يسار عنها .

أخرجه أحمد ( 6 / 293 ) . ثم رواه ( 6 / 315 ) عن عبيد الله عن نافع به .



قلت : و في الحديث دليل على أن قدمي المرأة عورة , و أن ذلك كان أمرا معروفا

عند النساء في عهد النبوة , فإنه لما قال صلى الله عليه وسلم : " جريه شبرا ,

قالت أم سلمة : " إذن تنكشف القدمان " مما يشعر بأنها كانت تعلم أن القدمين

عورة لا يجوز كشفهما , و لذلك أمرها صلى الله عليه وسلم أن تجره ذراعا .

و في القرآن الكريم إشارة إلى هذه الحقيقة , و ذلك في قوله تعالى : ( و لا

يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن ) .



و راجع لهذا كتابنا " حجاب المرأة المسلمة " , ( ص 36 - 37 - طبع المكتب

الإسلامي ) .

461 " جزى الله الأنصار عنا خيرا , و لا سيما عبد الله بن عمرو بن حرام و سعد

بن عبادة " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 750 :



رواه أبو يعلى في " مسنده " ( ق 116 / 1 ) : حدثنا ابن أبي سمينة حدثنا إبراهيم

بن حبيب بن الشهيد قال : قال أبي : عن عمرو بن دينار عن # جابر بن عبد الله #

قال :

" أمر أبي بخريزة فصنعت , ثم أمرني فأتيت بها النبي صلى الله عليه وسلم , قال :

فأتيته و هو في منزله , قال : فقال لي : ماذا معك يا جابر ? ألحم ذا ? قال :

قلت : لا , قال : فأتيت أبي , فقال لي : هل رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم

? قلت : نعم , قال : فهلا سمعته يقول شيئا ? قال : قلت : نعم , قال لي : ماذا

معك يا جابر ? ألحم ذا ? قال : لعل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكون اشتهى

فأمر بشاة داجن فذبحت , ثم أمر بها فشويت , ثم أمرني فأتيت بها النبي صلى الله

عليه وسلم , فقال لي : ماذا معك يا جابر ? فأخبرته فقال " فذكره .



قلت : و هذا إسناد رجاله ثقات غير ابن سمينة و لم أعرفه الآن . ثم رأيت ابن

السني أخرج الحديث في " عمل اليوم و الليلة " ( 271 ) فقال : أخبرنا أبو يعلى

حدثنا محمد بن يحيى بن أبي سمينة . فعرفناه و هو صدوق كما في " التقريب " فثبت

الإسناد و الحمد لله . و قد توبع , فقال أبو يعلى عقبه : حدثنا أحمد بن الدورقي

حدثنا إبراهيم بن حبيب بن الشهيد به نحوه .

و الدورقي هذا - بفتح الدال - أحمد بن إبراهيم النكري البغدادي ثقة حافظ من

شيوخ مسلم , فصح الحديث و الحمد لله . و قد رواه النسائي كما في ترجمة إبراهيم

من " التهذيب " .



و تابعه محمد بن عمر بن علي بن مقدم حدثنا إبراهيم بن حبيب بن الشهيد به .

أخرجه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " ( 2 / 285 ) عن عبد الله بن أحمد ابن سوادة

عنه .



و هذه متابعة قوية فإن ابن مقدم - بالتشديد - صدوق من رجال " السنن " .

و ابن سوادة صدوق أيضا كما في " تاريخ بغداد " ( 9 / 373 ) .

ثم رأيته في " مستدرك الحاكم " ( 4 / 111 - 112 ) من طريق النسائي و غيره عن

إسحاق بن إبراهيم بن حبيب بن الشهيد حدثنا أبي به , و سقط من إسناده ذكر جده

حبيب بن الشهيد , و قال :

" صحيح الإسناد " . و وافقه الذهبي .

462 " جرح رجل فيمن كان قبلكم جراحا , فجزع منه , فأخذ سكينا فخز بها يده , فما رقى

الدم عنه حتى مات , فقال الله عز وجل : عبدي بادرني نفسه حرمت عليه الجنة " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 752 :



رواه الطبراني ( 1 / 175 - 176 ) : حدثنا علي بن عبد العزيز أنبأنا حجاج

ابن منهال حدثنا جرير بن حازم :

أنبأنا الحسن حدثنا # جندب بن عبد الله البجلي # مرفوعا .



قلت : و هذا سند صحيح متصل . و قد أخرجه البخاري في " صحيحه " ( 2 / 373 ) :

حدثنا محمد قال : حدثنا حجاج قال جرير عن الحسن به نحوه .

463 " اجعلوا مكان الدم خلوقا . يعني في رأس الصبي يوم الذبح عنه " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 752 :



أخرجه ابن حبان في " صحيحه " ( 1057 ) : أخبرنا محمد بن المنذر بن سعيد :

حدثنا يوسف بن سعيد حدثنا حجاج عن ابن جريج : أخبرني يحيى بن سعيد عن عمرة

عن # عائشة # قالت :

" كانوا في الجاهلية إذا عقوا عن الصبي خضبوا قطنة بدم العقيقة , فإذا حلقوا

رأس الصبي , و ضعوها على رأسه , فقال النبي صلى الله عليه وسلم " . فذكره .



قلت : و هذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات من رجال " التهذيب " غير شيخ ابن حبان
محمد بن المنذر بن سعيد و هو أبو عبد الرحمن الهروي ثقة حافظ له ترجمة في
" تذكرة الحفاظ " ( 2 / 284 ) و " الشذرات " ( 2 / 242 ) .
و أخرجه البيهقي في " السنن الكبرى " ( 9 / 303 ) من طريق عبد المجيد ابن
عبد العزيز عن ابن جريج عن يحيى بن سعيد الأنصاري به . و صححه ابن السكن كما
في " التلخيص " رقم ( 1983 ) , و قال الهيثمي في " المجمع " ( 4 / 58 ) :
" رواه أبو يعلى , و رجاله رجال الصحيح خلا شيخه إسحاق فإني لم أعرفه " .
قلت : إسناد أبي يعلى في " مسنده " ( 3 / 1114 مصورة المكتب الإسلامي ) هكذا :
حدثنا إسحاق أنبأنا عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد به .
و إسحاق هذا الذي لم يعرفه الهيثمي هو إسحاق بن أبي إسرائيل كما في حديث آخر
عند أبي يعلى قبل هذا الحديث , و اسم أبيه إبراهيم بن كامجرا أبو يعقوب المروزي
و هو من شيوخ البخاري في " الأدب المفرد " و أبي داود و غيرهما , و هو ثقة كما
قال ابن معين و غيره مات سنة ( 240 ) .
464 " كان إذا فرغ من قراءة أم القرآن رفع صوته , و قال : ( آمين ) " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 753 :
أخرجه ابن حبان ( 462 ) و الدارقطني ( 127 ) و الحاكم ( 1 / 223 ) و البيهقي
( 2 / 58 ) من طريق إسحاق بن إبراهيم بن العلاء الزبيدي :
حدثنا عمرو بن الحارث حدثنا عبد الله بن سالم عن الزبيدي قال : أخبرني محمد بن
مسلم عن سعيد بن المسيب و أبي سلمة عن # أبي هريرة # قال : كان رسول الله صلى
الله عليه وسلم ...
و قال الدارقطني : " هذا إسناد حسن " . و أقره البيهقي .
و قال الحاكم : " صحيح على شرط الشيخين " ! و وافقه الذهبي !
قلت : و هذا عجب منهم جميعا , لاسيما الذهبي منهم , فإنه نفسه أورد إسحاق
ابن إبراهيم هذا في " الضعفاء " و قال :
" كذبه محمد بن عوف , و قال أبو داود : ليس بشيء " .
و قال الحافظ في " التقريب " :
" صدوق يهم كثيرا , و أطلق محمد بن عوف أنه يكذب " .
ثم هو ليس من رجال الشيخين كما زعم الذهبي تبعا للحاكم !!
و عبد الله بن سالم هو الأشعري الوحاظي الحمصي و لم يخرج له مسلم ! و هو ثقة ,
و كذلك سائر الرواة ثقات و هم من رجال الشيخين , فالعلة من إسحاق بن إبراهيم .
لكنه لم يتفرد بهذا الحديث , فإن له طريقا آخر , يرويه بشر بن رافع عن أبي
عبد الله بن عم أبي هريرة قال : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا تلا
( غير المغضوب عليهم و لا الضالين ) قال : آمين حتى يسمع من يليه من الصف
الأول " .
زاد في رواية : " فيرتج بها المسجد " .
أخرجه أبو داود ( 934 ) و ابن ماجه ( 853 ) و الزيادة له .
قلت : و هذا إسناد ضعيف بينه البوصيري في " الزوائد " ( 56 / 1 ) بقوله :
" هذا إسناد ضعيف , أبو عبد الله , لا يعرف حاله , و بشر ضعفه أحمد ,
و قال ابن حبان : يروي الموضوعات " .
و قال الحافظ في " التقريب " : " بشر بن رافع , فقيه , ضعيف الحديث " .
و مما يقوي الحديث و يشهد لصحته حديث وائل بن حجر قال : فذكره بمعناه .
أخرجه أبو داود ( 932 ) و الترمذي ( 2 / 27 ) و حسنه من طريق سفيان عن سلمة
ابن كهيل عن حجر بن عنبس عنه .
قلت : و هذا إسناد جيد , رجاله رجال الشيخين غير حجر بن عنبس و هو صدوق كما في
" التقريب " .
و سفيان هو ابن سعيد الثوري , و تابعه علي بن صالح عن سلمة بن كهيل به و لفظه :
" أنه صلى خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فجهر بآمين , و سلم عن يمينه ,
و عن شماله , حتى رأيت بياض خده " .
أخرجه أبو داود ( 933 ) .
و إسناده جيد أيضا .
و في الحديث مشروعية رفع الإمام صوته بالتأمين , و به يقول الشافعي و أحمد
و إسحاق و غيرهم من الأئمة , خلافا للإمام أبي حنيفة و أتباعه , و لا حجة عندهم
سوى التمسك بالعمومات القاضية بأن الأصل في الذكر خفض الصوت فيه . و هذا مما لا
يفيد في مقابلة مثل هذا الحديث الخاص في بابه , كما لا يخفى على أهل العلم
الذين أنقذهم الله تبارك و تعالى من الجمود العقلي و التعصب المذهبي !
و أما جهر المقتدين بالتأمين وراء الإمام , فلا نعلم فيه حديثا مرفوعا صحيحا
يجب المصير إليه , و لذلك بقينا فيه على الأصل الذي سبقت الإشارة إليه .
و هذا هو مذهب الإمام الشافعي في " الأم " أن الإمام يجهر بالتأمين دون
المأمومين و هو أوسط المذاهب في المسألة و أعدلها .
و إني لألاحظ أن الصحابة رضي الله عنهم لو كانوا يجهرون بالتأمين خلف النبي صلى
الله عليه وسلم لنقله وائل بن حجر و غيره ممن نقل جهره صلى الله عليه وسلم به ,
فدل ذلك على أن الإسرار به من المؤتمين هو السنة , فتأمل .
465 " عليكم بالنسلان " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 756 :
رواه الحاكم ( 1 / 443 , 2 / 101 ) و أبو نعيم في " الطب " ( 2 / 8 / 1 )
عن روح بن عبادة حدثنا ابن جريج أخبرني جعفر بن محمد عن أبيه عن # جابر #
قال : " شكا ناس إلى النبي صلى الله عليه وسلم المشي فدعا بهم فقال : ( فذكره )
فنسلنا فوجدناه أخف علينا " .
و قال : " صحيح على شرط مسلم " . و وافقه الذهبي و هو كما قالا .
و له شاهد مرسل أخرجه ابن قتيبة في " غريب الحديث " ( 1 / 127 / 1 ) :
حدثني أبي حدثني محمد بن عبيد عن معاوية بن عمرو , عن أبي إسحاق عن ابن عيينة
عن رجل أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بأصحابه و هم يمشون فشكوا الإعياء
فأمرهم أن ينسلوا .
قلت : و هذا مرسل لأن ابن عيينة و اسمه الحكم أبو محمد الكندي مولاهم تابعي روى
عن أبي جحيفة و غيره . و رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين , غير والد ابن قتيبة و
اسمه مسلم بن قتيبة فلم أجد له ترجمة , و يبدو أنه مجهول لا يعرف , فقد ترجم
الخطيب ( 10 / 170 ) و غيره لابنه عبد الله بن مسلم بن قتيبة , فلم يذكروا في
شيوخه والده هذا !
( النسلان ) بفتح النون و السين المهملة - الإسراع في المشي .
466 " اركع ركعتين و لا تعودون لمثل هذا . يعني الإبطاء عن الخطبة . قاله لسليك
الغطفاني " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 757 :
أخرجه ابن حبان ( 569 ) و الدارقطني ( 169 ) من طريق يعقوب بن إبراهيم حدثنا
أبي عن ابن إسحاق حدثني أبان بن صالح عن مجاهد عن # جابر بن عبد الله # قال :
" دخل سليك الغطفاني المسجد يوم الجمعة , و رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب
الناس , فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ... " فذكره .
و قال ابن حبان : " أراد الإبطاء " .
قلت : و إسناده حسن قد صرح عنده ابن إسحاق بالتحديث بخلاف الدارقطني , و هي
فائدة من أجلها خرجت الحديث هنا , و قد أورده عبد الحق الإشبيلي في " أحكامه "
( رقم 1753 - بتحقيقي ) من طريق الدارقطني و سكت عليه مشيرا بذلك إلى صحته !
467 " أكثروا من شهادة أن لا إله إلا الله , قبل أن يحال بينكم و بينها و لقنوها
موتاكم " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 757 :
أخرجه أبو يعلى في " مسنده " ( 4 / 1460 - مصورة المكتب ) و ابن عدي في
" الكامل " ( ق 204 / 2 ) عنه و عن غيره , و ابن حمصة في " جزء البطاقة "
( ق 69 / 1 ) و الخطيب في " تاريخ بغداد " ( 3 / 38 ) و ابن عساكر في " تاريخ
دمشق " ( 17 / 207 / 2 ) من طرق عن ضمام بن إسماعيل عن موسى بن وردان عن
# أبي هريرة # مرفوعا .
قلت : و هذا إسناد حسن , ضمام بن إسماعيل قال الذهبي في " الميزان " :
" صالح الحديث لينه بعضهم بلا حجة ... أورده ابن عدي في " كامله " , و سرد له
أحاديث حسنة " .
قلت : ثم ساق الذهبي قسما من تلك الأحاديث الحسنة , هذا أحدها .
و قد أشار إلى تحسينه أيضا الحافظ عبد الحق الإشبيلي بقوله في " أحكامه "
( رقم 1774 ) بعد أن ذكره من رواية ابن عدي :
" ضمام هذا , كان متعبدا , صدوقا , صالح الحديث " .
و قال الحافظ في " التقريب " : " صدوق ربما أخطأ " .
و كذا قال في شيخه موسى بن وردان .
و الحديث عزاه في " الجامع الصغير " لأبي يعلى و ابن عدي , و رمز له بالضعف !
و تعقبه المناوي فقال في شرحه : " رمز المصنف لضعفه , و تقدمه الحافظ العراقي
مبينا لعلته فقال : فيه موسى ابن وردان مختلف فيه . انتهى .
و لعله بالنسبة لطريق ابن عدي , أما طريق أبي يعلى .
فقد قال الحافظ الهيثمي :
رجاله رجال الصحيح غير ضمام بن إسماعيل و هو ثقة . انتهى .
و بذلك يعرف أن إطلاق رمز المصنف لضعفه غير جيد " .
قلت : و في هذا الكلام نظر من وجوه :
أولا : أن قول العراقي في ابن وردان : " مختلف فيه " ليس نصا في تضعيفه , بل هو
إلى تقويته أقرب منه إلى تضعيفه , لأن المعهود في استعمالهم لهذه العبارة "
مختلف فيه " أنهم لا يريدون به التضعيف , بل يشيرون بذلك إلى أن حديثه حسن ,
أو على الأقل قريب من الحسن , و لا يريدون تضعيفه مطلقا , لأن من طبيعة الحديث
الحسن أن يكون في رواية اختلاف , و إلا كان صحيحا . فتأمل .
ثانيا : قول الهيثمي " رجاله رجال الصحيح ... " ليس بصحيح , فإن موسى بن وردان
لم يخرج له البخاري و مسلم في " صحيحيهما " , و إنما أخرج له الأول في " الأدب
المفرد " !
ثالثا : ميل المناوي إلى أن طريق أبي يعلى ليس فيها موسى المذكور ليس بصواب كما
يدلك عليه تخريجنا المذكور في أول هذا التحقيق , فاغتنمه فإنه عزيز نفيس .
و الحديث في " صحيح مسلم " و غيره من طريق أخرى عن أبي هريرة مرفوعا مختصرا
بلفظ : " لقنوا موتاكم لا إله إلا الله " .
من فقه الحديث :
----------------
فيه مشروعية تلقين المحتضر شهادة التوحيد , رجاء أن يقولها فيفلح .
و المراد بـ ( موتاكم ) من حضره الموت , لأنه لا يزال في دار التكليف , و من
الممكن أن يستفيد من تلقينه فيتذكر الشهادة و يقولها , فيكون من أهل الجنة .
و أما تلقينه بعد الموت , فمع أنه بدعة لم ترد في السنة فلا فائدة منه لأنه
خرج من دار التكليف إلى دار الجزاء , و لأنه غير قابل للتذكر , ( لتنذر من كان
حيا ) .
و صورة التلقين أن يؤمر بالشهادة , و ما يذكر في بعض الكتب أنها تذكر عنده و لا
يؤمر بها خلاف سنه النبي صلى الله عليه وسلم كما حققته في " كتاب الجنائز "
( ص 10 - 11 ) فراجعه .
468 " إذا نعس أحدكم في المسجد يوم الجمعة , فليتحول من مجلسه ذلك إلى غيره " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 760 :
أخرجه أبو داود ( 1119 ) و الترمذي ( 2 / 404 ) و ابن حبان ( 571 ) و الحاكم
( 1 / 291 ) و البيهقي ( 3 / 237 ) و أحمد ( 2 / 22 , 32 ) و أبو نعيم في
" أخبار أصبهان " ( 2 / 186 ) من طرق عن محمد بن إسحاق عن نافع عن # ابن عمر #
قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : فذكره .
و قال الترمذي : " حديث حسن صحيح " !
و قال الحاكم : " صحيح على شرط مسلم " ! و وافقه الذهبي !
كذا قالا ! و ابن إسحاق مدلس , و قد عنعنه في جميع الطرق عنه ,
و كأنه لذلك قال البيهقي عقبه :
" و لا يتثبت رفع هذا الحديث , و المشهور عن ابن عمر من قوله " .
ثم ساقه من طريق عمرو بن دينار عنه نحوه .
قلت : و إسناده صحيح . لكن يتقوى المرفوع بأن له طريقا أخرى , و شاهدا .
أما الطريق , فهو عند البيهقي عن أحمد بن عمر الوكيعي حدثنا عبد الرحمن بن محمد
المحاربي عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن نافع به بلفظ :
" إذا نعس أحدكم في الصلاة في المسجد يوم الجمعة ... " و قال :
" و المراد بالصلاة موضع الصلاة , و لا يثبت رفع هذا الحديث ... " .
قلت : و رجال هذه الطريق رجال مسلم , إلا أن المحاربي وصفه أحمد بأنه كان يدلس
و كأنه لذلك لم يثبت البيهقي حديثه , و لولا ذلك لكان السند صحيحا , فلا أقل من
أن يصلح للاستشهاد به .
و أما الشاهد , فيرويه إسماعيل بن مسلم عن الحسن عن سمرة بن جندب أن النبي
صلى الله عليه وسلم قال : فذكره و زاد في روايته :
" قيل لإسماعيل : و الإمام يخطب ? قال : نعم " .
أخرجه البيهقي ( 3 / 237 - 238 ) و قال : " إسماعيل بن مسلم هذا غير قوي " .
قلت : و من طريقه رواه البزار ( ص 70 - زوائده ) و الطبراني في " الكبير " كما
في " مجمع الزوائد " للهيثمي ( 2 / 180 ) و قال : " و هو ضعيف " .
قلت : لكن حديثه يتقوى بما قبله . و الله أعلم .
469 " إذا حكمتم فاعدلوا و إذا قتلتم فأحسنوا , فإن الله محسن يحب المحسنين " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 761 :
أخرجه ابن أبي عاصم في " الديات " ( ص 56 ) و ابن عدي في " الكامل "
( 328 / 2 ) و أبو نعيم في " أخبار أصبهان " ( 2 / 113 ) من طرق عن محمد
ابن بلال حدثنا عمران عن قتادة عن # أنس بن مالك # رضي الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره .
قلت : و هذا إسناد جيد رجاله ثقات معروفون غير محمد بن بلال و هو البصري الكندي
قال ابن عدي : " أرجو أنه لا بأس به " .
و قال الحافظ : " صدوق يغرب " .
470 " صنفان من أمتي لن تنالهما شفاعتي , إمام ظلوم غشوم , و كل غال مارق " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 762 :
أخرجه أبو إسحاق الحربي في " غريب الحديث " ( 5 / 120 / 2 ) و الجرجاني في
" الفوائد " ( 112 / 1 ) و ابن أبي الحديد السلمي في " حديث أبي الفضل السلمي "
( 2 / 1 ) و أبو بكر الكلاباذي في " مفتاح المعاني " ( 360 / 2 ) من طرق عن
المعلى ابن زياد عن أبي غالب عن # أبي أمامة # عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال : فذكره .
قلت : و هذا إسناد حسن , رجاله كلهم ثقات رجال مسلم , غير أبي غالب و هو صاحب
أبي أمامة , و هو حسن الحديث . و في " التقريب " : " صدوق يخطىء " .
و الحديث قال المنذري في " الترغيب " ( 3 / 144 ) :
" رواه الطبراني في " الكبير " و رجاله ثقات " .
و قال الهيثمي في " المجمع " ( 5 / 235 ) : " رواه الطبراني في " الكبير "
و " الأوسط " , و رجال الكبير ثقات " .
و فيه إشعار بأن إسناد الأوسط ليس كذلك , فإنه عنده ( 1 / 197 / 2 ) من طريق
العلاء بن سليمان عن الخليل بن مرة عن أبي غالب به , و قال : " لم يروه عن
الخليل إلا العلاء " .
قلت : و كلاهما ضعيف .
و الحديث أخرجه ابن أبي عاصم في " السنة " ( 4 / 1 ) و ابن سمعون الواعظ في
" المجلس الخامس عشر " ( 53 - 54 ) من طريق موسى بن خلف العمي حدثنا المعلى
ابن زياد عن معاوية بن قرة عن معقل بن يسار مرفوعا به .
و رجاله ثقات غير أن العمي هذا صدوق له أوهام كما في " التقريب " , فأخشى أن
يكون قد وهم في إسناده على المعلى , لكن رواه ابن أبي عاصم أيضا من طريق ابن
المبارك حدثني منيع حدثني معاوية ابن قرة به .
غير أني لم أعرف منيعا هذا . و الله أعلم .
471 " إن الشيطان قد أيس أن يعبد بأرضكم هذه , و لكنه قد رضي منكم بما تحقرون " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 763 :
أخرجه الإمام أحمد ( 2 / 368 ) : حدثنا معاوية : حدثنا أبو إسحاق عن الأعمش
عن أبي صالح عن # أبي هريرة # عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : فذكره .
قلت : و هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين .
و أبو إسحاق هو الفزاري .
و معاوية هو ابن عمرو بن المهلب الأزدي الكوفي البغدادي , و من طريقه أخرجه
أبو نعيم في " الحلية " ( 8 / 256 ) و قال : " صحيح ثابت , رواه عن الأعمش
الناس جميعا " .
قلت : منهم الثوري عند أبي نعيم ( 7 / 86 ) .
و للحديث شاهد من حديث ابن مسعود أخرجه أبو يعلى في مسنده بسند ضعيف , و أخرجه
أحمد ( 1 / 402 - 403 ) مختصرا بسند آخر فيه مجهول هو عبد ربه بن أبي يزيد ,
و قول الهيثمي في " المجمع " ( 10 / 189 ) :
" رواه أحمد و الطبراني في " الأوسط " و رجالهما رجال الصحيح , غير عمران
ابن داود القطان , و قد وثق " .
فهو خطأ , لأن عبد ربه هذا لم يخرج له البخاري و مسلم شيئا .
و كذلك قول المنذري في " الترغيب " ( 3 / 145 ) : " ... بإسناد حسن " فغير حسن
لجهالة المذكور .
و في المحقرات من الذنوب حديث آخر صحيح مضى برقم ( 384 ) .
472 " من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 764 :
أخرجه مسلم ( 7 / 18 - 19 ) و أحمد ( 3 / 382 ) و الخرائطي في " مكارم الأخلاق
" ( ص 90 ) من طريق ابن جريج أخبرني أبو الزبير أنه سمع # جابر بن عبد الله #
يقول : " أرخص النبي صلى الله عليه وسلم في رقية الحية لبني عمرو .
قال أبو الزبير : سمعت جابر بن عبد الله يقول :
" لدغت رجلا منا عقرب و نحن جلوس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رجل :
يا رسول الله أرقي ? قال .... " فذكره .
و تابعه ليث بن سعد عن أبي الزبير .
رواه أحمد ( 3 / 334 ) .
و في رواية لمسلم و أحمد ( 3 / 302 - 315 ) من طريق أبي سفيان عن جابر قال :
" كان لي خال يرقي من العقرب , فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرقى ,
قال : فأتاه فقال : يا رسول الله إنك قد نهيت عن الرقى , و أنا أرقي من العقرب
? فقال : فذكر الحديث .
و في رواية أخرى من هذا الوجه :
" نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرقى , فجاء آل عمرو بن حزم إلى رسول
الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : يا رسول الله إنه كانت عندنا رقية نرقي بها
من العقرب , و إنك نهيت عن الرقى , قال : فعرضوها عليه , فقال : ما أرى بأسا ,
من استطاع ... " .
و أخرجه ابن ماجه ( 3515 ) بنحوه و قال :
" فقال لهم : اعرضوا علي , فعرضوها عليه , فقال : لا بأس بهذه , هذه مواثيق " .
و ليس عنده قوله في آخره : " من استطاع ... " خلافا لما فعل السيوطي في
" الجامع الصغير " فإنه عزاه لأحمد و مسلم و ابن ماجه ! و كذلك صنع في
" الكبير " ( 2 / 217 / 2 ) و زاد في التخريج : عبد بن حميد و ابن حبان و ابن
عساكر .
و عزاه قبل ذلك بأحاديث للخرائطي في مكارم الأخلاق عن الحسن مرسلا !
و قد أخرجه عن جابر موصولا كما رأيت .
و في الحديث استحباب رقية المسلم لأخيه المسلم بما لا بأس به من الرقى , و ذلك
ما كان معناه مفهوما مشروعا , و أما الرقى بما لا يعقل معناه من الألفاظ فغير
جائز . قال المناوي :
" و قد تمسك ناس بهذا العموم , فأجازوا كل رقية جربت منفعتها , و إن لم يعقل
معناها , لكن دل حديث عوف الماضي أن ما يؤدي إلى شرك يمنع , و ما لا يعرف معناه
لا يؤمن أن يؤدي إليه , فيمنع احتياطا " .
قلت : و يؤيد ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسمح لآل عمرو بن حزم بأن
يرقي إلا بعد أن اطلع على صفة الرقية , و رآها مما لا بأس به . بل إن الحديث
بروايته الثانية من طريق أبي سفيان نص في المنع مما لا يعرف من الرقى , لأنه
صلى الله عليه وسلم نهى نهيا عاما أول الأمر , ثم رخص فيما تبين أنه لا بأس به
من الرقى , و ما لا يعقل معناه منها لا سبيل إلى الحكم عليها بأنه لا بأس بها ,
فتبقى في عموم المنع . فتأمل .
و أما الاسترقاء , و هو طلب الرقية من الغير , فهو و إن كان جائزا , فهو مكروه
كما يدل عليه حديث " هم الذين لا يسترقون ... و لا يكتوون , و لا يتطيرون ,
و على ربهم يتوكلون " متفق عليه .
و أما ما وقع من الزيادة في رواية لمسلم :
" هم الذين لا يرقون و لا يسترقون ... "
فهي زيادة شاذة , و لا مجال لتفصيل القول في ذلك الآن من الناحية الحديثية ,
و حسبك أنها تنافي ما دل عليه هذا الحديث من استحباب الترقية .
و بالله التوفيق .
473 " كان إذا انصرف من صلاة الغداة يقول : هل رأى أحد منكم الليلة رؤيا ? و يقول :
ليس يبقى بعدي من النبوة إلا الرؤيا الصالحة " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 766 :
أخرجه مالك في " الموطأ " ( 2 / 956 / 2 ) و عند الحاكم ( 4 / 390 - 391 ) من
طريق إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن زفر بن صعصعة عن أبيه عن # أبي هريرة #
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ...
و قال الحاكم : " صحيح الإسناد " . و وافقه الذهبي .
قلت : و هو كما قالا .
و الشطر الثاني منه أخرجه البخاري ( 4 / 349 ) من طريق سعيد بن المسيب أن أبا
هريرة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " لم يبق من النبوة إلا
المبشرات , قالوا : و ما المبشرات ? قال الرؤيا الصالحة " .
و للحديث شواهد كثيرة خرجتها في " إرواء الغليل " رقم ( 2539 ) .
و الحديث نص في أنه لا نبوة و لا وحي بعد النبي صلى الله عليه وسلم
إلا المبشرات :
الرؤيا الصالحة , و هي جزء من ستة و أربعين جزء من النبوة . و لقد ضلت طائفة
زعمت بقاء النبوة و استمرارها بعده صلى الله عليه وسلم , و تأولوا بل عطلوا
معنى هذا الحديث , و نحوه مما في الباب , و كذلك حرفوا قول الله تعالى :
( و لكن رسول الله و خاتم النبيين ) بمثل قولهم :
أي زينة النبيين ! و تارة يقولون : هو آخر الأنبياء المشرعين , و يقولون ببقاء
النبوة غير التشريعية , و من المؤسف أن بعضهم كان استخرج كلمات الشيخ محي الدين
ابن عربي ( النكرة ) الدالة على بقاء هذه النبوة المزعومة من كتابه " الفتوحات
المكية " في كراس نشره على الناس , ثم لم يستطع أحد من المشايخ أن يرد عليهم .
و كانوا من قبل قد ألفوا بعض الرسائل في الرد عليهم , و إنما أمسكوا عن الرد
على هذا الكراس , لأن من مكر جامعه أنه لم يضع فيه من عند نفسه شيئا سوى أنه
ذكر فيه كلمات الشيخ المؤيدة لضلالهم في زعمهم المذكور , فلو ردوا عليه لكان
الرد متوجها إلى الشيخ الأكبر , و ذلك مما لا يجرؤ أحد منهم عليه , هذا إن لم
يروه زندقة ! فكأنهم يعتقدون أن الباطل إنما هو باعتبار المحل , فإذا قام فيمن
يعتقدونه كافرا , فهو باطل , و أما إذا قام فيمن يعتقدونه مسلما بل وليا , فهو
حق !! و الله المستعان .
474 " أيتكن تنبح عليها كلاب الحوأب " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 767 :
أخرجه أحمد ( 6 / 52 ) عن يحيى و هو ابن سعيد , و ( 6 / 97 ) عن شعبة ,
و أبو إسحاق الحربي في " غريب الحديث " ( 5 / 78 / 1 ) عن عبدة , و ابن حبان
في " صحيحه " ( 1831 - موارد ) عن وكيع و علي بن مسهر و ابن عدي في " الكامل "
( ق 223 / 2 ) عن ابن فضيل , و الحاكم ( 3 / 120 ) عن يعلى بن عبيد , كلهم عن
إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم أن # عائشة # لما أتت على الحوأب سمعت
نباح الكلاب , فقالت :
" ما أظنني إلا راجعة , إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لنا : ( فذكره )
.فقال لها الزبير : ترجعين عسى الله عز و جل أن يصلح بك بين الناس " .
هذا لفظ شعبة . و مثله لفظ يعلى بن عبيد .
و لفظ يحيى قال : " لما أقبلت عائشة بلغت مياه بني عامر ليلا نبحت الكلاب ,
قالت : أي ماء هذا ? قالوا : ماء الحوأب , قالت : ما أظنني إلا أني راجعة ,
فقال بعض من كان معها , بل تقدمين فيراك المسلمون فيصلح الله ذات بينهم ,
قالت : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها ذات يوم :
كيف بإحداكن تنبح ... " .
قلت : و إسناده صحيح جدا , رجاله ثقات أثبات من رجال الستة : الشيخين
و الأربعة رواه السبعة من الثقات عن إسماعيل بن أبي خالد و هو ثقة ثبت كما في
" التقريب " . و قيس بن أبي حازم مثله , إلا أنه قد ذكر بعضهم فيه كلاما يفيد
ظاهره أنه مجروح , فقال الذهبي في " الميزان " :
" ثقة حجة كاد أن يكون صحابيا , وثقه ابن معين و الناس .
و قال علي ابن عبد الله عن يحيى بن سعيد منكر الحديث , ثم سمى له أحاديث
استنكرها , فلم يصنع شيئا , بل هي ثابتة , لا ينكر له التفرد في سعة ما روى ,
من ذلك حديث كلاب الحوأب , و قال يعقوب السدوسي : تكلم فيه أصحابنا , فمنهم من
حمل عليه , و قال : له مناكير , و الذين أطروه عدوها غرائب , و قيل : كان يحمل
على علي رضي الله عنه . إلى أن قال يعقوب : و المشهور أنه كان يقدم عثمان ,
و منهم من جعل الحديث عنه من أصح الأسانيد . و قال إسماعيل بن أبي خالد :
كان ثبتا , قال : و قد كبر حتى جاوز المائة و خرف .
قلت : أجمعوا على الإحتجاج به , و من تكلم فيه فقد آذى نفسه , نسأل الله
العافية و ترك الهوى , فقد قال معاوية بن صالح عن ابن معين : كان قيس أوثق
من الزهري " .
قلت : و قد تأول الحافظ في " التهذيب " قول يحيى بن سعيد و هو القطان :
" منكر الحديث " بأن مراده الفرد المطلق .
قلت : فإن صح هذا التأويل فيه , و إلا فهو مردود لأنه جرح غير مفسر , لاسيما
و هو معارض لإطباق الجميع على توثيقه و الإحتجاج به , و في مقدمتهم صاحبه
إسماعيل بن أبي خالد , فقد وصفه بأنه ثبت كما تقدم و لا يضره وصفه إياه بأنه
خرف , لأن الظاهر أنه لم يحدث في هذه الحالة , و لذلك احتجوا به مطلقا , و لئن
كان حدث فيها , فإسماعيل أعرف الناس به , فلا يروي عنه و الحالة هذه , و على
هذا فالحديث من أصح الأحاديث , و لذلك تتابع الأئمة على تصحيحه قديما و حديثا .
الأول : ابن حبان فقد أخرجه في صحيحه كما سبق .
الثاني : الحاكم بإخراجه إياه في " المستدرك " كما تقدم و لم يقع في المطبوع
منه التصريح بالتصحيح منه , و لا من الذهبي , فالظاهر أنه سقط من الطابع
أو الناسخ , فقد نقل الحافظ في " الفتح " ( 13 / 45 ) عن الحاكم أنه صححه ,
و هو اللائق به لوضوح صحته .
الثالث : الذهبي فقد قال في ترجمة السيدة عائشة من كتابه العظيم " سير النبلاء
" ( ص 60 بتعليق الأستاذ الأفغاني ) :
" هذا حديث صحيح الإسناد , و لم يخرجوه " .
الرابع : الحافظ ابن كثير , فقال في " البداية " بعد أن عزاه كالذهبي لأحمد في
" المسند " : " و هذا إسناد على شرط الشيخين , و لم يخرجوه " .
الخامس : الحافظ ابن حجر فقد قال في " الفتح " بعد أن عزاه لأحمد و أبي يعلى
و البزار : " و صححه ابن حبان و الحاكم , و سنده على شرط الصحيح " .







فهؤلاء خمسة من كبار أئمة الحديث صرحوا بصحة هذا الحديث , و ذلك ما يدل عليه

النقد العلمي الحديثي كما سبق تحقيقه , و لا أعلم أحدا خالفهم ممن يعتد بعلمهم

و معرفتهم في هذا الميدان سوى يحيى بن سعيد القطان في كلمته المتقدمة , و قد

عرفت جواب الحافظين الذهبي و العسقلاني عليه , فلا نعيده .

إلا أن العلامة القاضي أبا بكر بن العربي رحمه الله تعالى جاء في كتابه

" العواصم من القواصم " , كلام قد يدل ظاهره أنه يذهب إلى إنكار هذا الحديث

و يبالغ في ذلك أشد المبالغة , فقال في " عاصمة " ( ص 161 ) :

" و أما الذي ذكرتم من الشهادة على ماء الحوأب , فقد بؤتم في ذكرها بأعظم حرب ,

ما كان شيء مما ذكرتم , و لا قال النبي صلى الله عليه وسلم ذلك الحديث , و لا

جرى ذلك الكلام , و لا شهد أحد بشهادتهم , و قد كتبت شهادتهم بهذا الباطل ,

و سوف تسألون " .

و يشير بقوله " الشهادة " إلى ما كان ذكره من قبل في " قاصمة " ( ص 148 ) :

" فجاؤا إلى ماء الحوأب , و نبحت كلابه , فسألت عائشة ? فقيل لها : هذا ماء

الحوأب , فردت خطامها عنه , و ذلك لما سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول :

" أيتكن صاحبة الجمل الأدبب التي تنبحها كلاب الحوأب , فشهد طلحة و الزبير أنه

ليس هذا ماء الحوأب , و خمسون رجلا إليهم , و كانت أول شهادة زور دارت في

الإسلام " .



قلت : و نحن و إن كنا نوافقه على إنكار ثبوت تلك الشهادة , فإنها مما صان الله

تبارك و تعالى أصحابه صلى الله عليه وسلم منها , لاسيما من كان منهم من العشرة

المبشرين بالجنة كطلحة و الزبير , فإننا ننكر عليه قوله " و لا قال النبي صلى

الله عليه وسلم ذلك الحديث " ! كيف و هو قد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم بالسند

الصحيح في عدة مصادر من كتب السنة المعروفة عند أهل العلم ? !



و لعل عذره في ذلك أنه حين قال ذلك لم يكن مستحضرا للحديث أنه وارد في شيء من

المصادر , بل لعله لم يكن قد اطلع عليها أصلا , فقد ثبت عن غير واحد من العلماء

المغاربة أنه لم يكن عندهم علم ببعض الأصول الهامة من تأليف المشارقة , فهذا

ابن حزم مثلا لا يعرف الترمذي و ابن ماجه و لا كتابيهما ! و قد تبين لي أن

الحافظ عبد الحق الإشبيلي مثله في ذلك , فإنه لا علم عنده أيضا بسنن ابن ماجه ,

و لا بمسند الإمام أحمد , فقد رأيته يكثر العزو لأبي يعلى و البزار , و لا يعزو

لأحمد و ابن ماجه إطلاقا . و ذلك في كتابه " الأحكام الكبرى " الذي أنا في صدد

تحقيقه بإذن الله تعالى .



فليس من البعيد أن أبا بكر بن العربي مثلهما في ذلك , و إن كان رحل إلى الشرق ,

و الله أعلم .



و لكن إذا كان ما ذكرته من العذر محتملا بالنسبة إلى أبي بكر بن العربي فما

هو عذر الكاتب الإسلامي الكبير الأستاذ محب الدين الخطيب الذي علق على كلمة

ابن العربي في " العاصمة " بقوله :

" ... و أن الكلام الذي نسبوه إلى النبي صلى الله عليه وسلم و زعموا أن عائشة

ذكرته عند وصولهم إلى ذلك الماء - ليس له موضع في دواوين السنة المعتبرة ... "

!

كذا قال : و كأنه عفى الله عنا و عنه , لم يتعب نفسه في البحث عن الحديث في

دواوين السنة المعتبرة , بل و في بعض كتب التاريخ المعتمدة مثل " البداية "

لابن كثير , لو أنه فعل هذا على الأقل , لعرف موضع الحديث في تلك الدواوين

المعتبرة أو بعضها على الأقل , و لكنه أخذ يحسن الظن بابن العربي و يقلده ,

فوقع في إنكار هذا الحديث الصحيح و ذلك من شؤم التقليد بغير حجة و لا برهان .

بيد أن هذا مع بعده عن الصواب , و الإنحراف عن التحقيق العلمي الصحيح , فإنه

هين بجانب قول صديقنا الأستاذ سعيد الأفغاني في تعليقه على قول الحافظ الذهبي

المتقدم في " سير النبلاء " : " هذا حديث صحيح الإسناد " :

" في النفس من صحة هذا الحديث شيء , و لأمر ما أهمله أصحاب الصحاح , و في

" معجم البلدان " مادة ( حوءب ) أن صاحبة الخطاب سلمى بنت مالك الفزارية

و كانت سبية وهبت لعائشة , و هي المقصودة بخطاب الرسول الذي زعموه ,

و قد ارتدت مع طلحة , و قتلت في حروب الردة , و من العجيب أن يصرف بعض الناس

هذه القصة إلى السيدة عائشة إرضاء لبعض الأهواء العصبية " .



و في هذا الكلام مؤاخذات :



الأولى : يظن الأستاذ الصديق أن إهمال أصحاب ( الصحاح ) لحديث ما إنما هو

لعلة فيه . و هذا خطأ بين عند كل من قرأ شيئا من علم المصطلح , و تراجم أصحاب

( الصحاح ) , فإنهم لم يتعمدوا جمع كل ما صح عندهم , في " صحاحهم " , و الإمام

مسلم منهم قد صرح بذلك في " صحيحه " , ( كتاب الصلاة ) , و ما أكثر الأحاديث

التي ينص الإمام البخاري على صحتها أو حسنها مما يذكره الترمذي عنه في " سننه "

و هو لم يخرجها في " صحيحه " .



الثانية : هذا إن كان يعني بـ ( الصحاح ) الكتب الستة , لكن هذا الإطلاق غير

صحيح , لأن السنن الأربعة من الكتب الستة ليست من ( الصحاح ) لا استصطلاحا ,

و لا واقعا , فإن فيها أحاديث كثيرة ضعيفة و الترمذي ينبه على ضعفها في غالب

الأحيان .

و إن كان يعني ما هو أعم من ذلك فليس بصحيح , فقد عرفت من تخريجنا المتقدم أن

ابن حبان أخرجه في " صحيحه " , و الحاكم في " المستدرك على الصحيحين " .



الثالثة : وثوقه بما جاء في " معجم البلدان " بدون إسناد , و مؤلفه ليس من أهل

العلم بالحديث , و عدم وثوقه بمسند الإمام أحمد , و قد ساق الحديث بالسند

الصحيح , و لا بتصحيح الحافظ النقاد الذهبي له !!



الرابعة : جزمه أن صاحبة الخطاب سلمى بنت مالك ... بدون حجة و لا برهان سوى

الثقة العمياء بمؤلف " المعجم " , و قد أشرنا إلى حاله في هذا الميدان , و بمثل

هذه الثقة لا يجوز أن يقال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لسلمى بنت مالك

كذا و كذا !!



الخامسة : إن الخبر الذي ذكره و وثق به لا يصح من قبل إسناده بل واه جدا ,

فقد قال الأستاذ الخطيب بعد الذي نقلناه عنه آنفا من الكلام على هذا الحديث .

" و لو كنا نستجيز نقل الأخبار الواهية لنقلنا في معارضة هذا الخبر خبرا آخر

نقله ياقوت في " معجم البلدان " ( مادة حوأب ) عن سيف بن عمر التميمي أن

المنبوحة من كلاب الحوأب هي أم زمل سلمى ... و هذا الخبر ضعيف , و الخبر الذي

أوردوه عن عائشة أو هى منه " .

كذا قال ! ( خلطوا عملا صالحا و آخر سيئا عسى الله أن يتوب عليهم ) .



السادسة : قوله : " إرضاء لبعض الأهواء " .

و كأنه يشير بذلك إلى الشيعة الذين يبغضون السيدة عائشة رضي الله عنها

و يفسقونها إن لم يكفروها بسبب خروجها يوم الجمل , و لكن من هم الذين أشار

إليهم بقوله " بعض الناس " , ? أهو الإمام أحمد الذي وقف الأستاذ على إسناده

للحديث ? أم الذهبي الذي صححه أم هو يحيى بن سعيد القطان شيخ الإمام أحمد

و هو من الثقات الأثبات , لاسيما و قد تابعه ستة آخرون من الثقات كما تقدم ?

أم إسماعيل بن أبي خالد و هو مثله كما عرفت , أم شيخه قيس بن أبي حازم و هو

مثله في الثقة و الضبط , غير أنه قيل : إنه كان يحمل على علي رضي الله عنه .

فهو إذن من شيعة عائشة رضي الله عنها , فلا يعقل أن يروي عنها ما لا أصل له

مما فيه ارضاء لمن أشار إليهم الأستاذ !



و للحديث شاهد يزداد به قوة , و هو من حديث ابن عباس قال : قال رسول الله صلى

الله عليه وسلم لنسائه :

" ليت شعري أيتكن صاحبة الجمل الأدبب تخرج فينبحها كلاب الحوأب , يقتل عن

يمينها و عن يسارها قتلى كثير , ثم تنجو بعد ما كادت " .

رواه البزار و رجاله " ثقات " .

كذا قال الهيثمي في " مجمع الزوائد " ( 7 / 234 ) و الحافظ في " فتح البارى "

( 13 / 45 ) . لكن أورده ابن أبي حاتم في " العلل " ( 2 / 426 ) من طريق الأشج

عن عقبة بن خالد عن ابن قدامة - يعني عصام ! - عن عكرمة عن ابن عباس به .

و قال : " قال أبي : لم يرو هذا الحديث غير عصام , و هو حديث منكر لا يروى من

طريق غيره " .



قلت : عصام هذا قال ابن أبي حاتم في " الجرح و التعديل " ( 3 / 2 / 25 ) عن

أبيه " كوفي لا بأس به " . و كذا قال أبو زرعة و أبو داود .

و قال ابن معين " صالح " . و قال النسائي : " ثقة " .

و ذكره ابن حبان في " الثقات " .



قلت : و لم يضعفه أحد , فمثله حجة , و سائر الرواة ثقات أيضا , و ذلك ما صرح به

الهيثمي و الحافظ فالسند صحيح , فلا وجه عندي لقول أبي حاتم " حديث منكر " ,

إلا إن كان يعني به أنه حديث غريب فرد , و يؤيده قوله عقبه :

" لا يروى من طريق غيره " . فإن كان أراد هذا فلا إشكال , و إن أراد التضعيف

فلا وجه له , لاسيما و هو موافق لحديث عائشة الصحيح , فأين النكارة ? !



و جملة القول أن الحديث صحيح الإسناد , و لا إشكال في متنه خلافا لظن الأستاذ

الأفغاني , فإن غاية ما فيه أن عائشة رضي الله عنها لما علمت بالحوأب كان عليها

أن ترجع , و الحديث يدل أنها لم ترجع ! و هذا مما لا يليق أن ينسب لأم المؤمنين

.



و جوابنا على ذلك أنه ليس كل ما يقع من الكمل يكون لائقا بهم , إذ لا عصمة إلا

لله وحده .

و السني لا ينبغي له أن يغالي فيمن يحترمه حتى يرفعه إلى مصاف الأئمة الشيعة

المعصومين ! و لا نشك أن خروج أم المؤمنين كان خطأ من أصله و لذلك همت بالرجوع

حين علمت بتحقق نبؤة النبي صلى الله عليه وسلم عند الحوأب , و لكن الزبير رضي

الله عنه أقنعها بترك الرجوع بقوله " عسى الله أن يصلح بك بين الناس " و لا نشك

أنه كان مخطئا في ذلك أيضا .



و العقل يقطع بأنه لا مناص من القول بتخطئة إحدى الطائفتين المتقاتلتين اللتين

وقع فيهما مئات القتلى و لا شك أن عائشة رضي الله عنها المخطئة لأسباب كثيرة

و أدلة واضحة , و منها ندمها على خروجها , و ذلك هو اللائق بفضلها و كمالها ,

و ذلك مما يدل على أن خطأها من الخطأ المغفور بل المأجور .



قال الإمام الزيلعي في " نصب الراية " ( 4 / 69 - 70 ) :

" و قد أظهرت عائشة الندم , كما أخرجه ابن عبد البر في " كتاب الإستيعاب "

عن ابن أبي عتيق و هو عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق قال :

قالت عائشة لابن عمر : يا أبا عبد الرحمن ما منعك أن تنهاني عن مسيري ? قال :

رأيت رجلا غلب عليك - يعني ابن الزبير - فقالت : أما و الله لو نهيتني ما خرجت

انتهى " .



و لهذا الأثر طريق أخرى , فقال الذهبي في " سير النبلاء " ( 78 - 79 ) :

" و روى إسماعيل بن علية عن أبي سفيان بن العلاء المازني عن ابن أبي عتيق قال :

قالت عائشة : إذا مر ابن عمر فأرنيه , فلما مر بها قيل لها : هذا ابن عمر ,

فقالت : يا أبا عبد الرحمن ما منعك أن تنهاني عن مسيري ? قال : رأيت رجلا قد

غلب عليك . يعني ابن الزبير " .



و قال أيضا :

" إسماعيل بن أبي خالد عن قيس قال : قالت عائشة و كانت تحدث نفسها أن تدفن في

بيتها , فقالت : إني أحدثت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثا , ادفنوني

مع أزواجه , فدفنت بالبقيع رضي الله عنها .



قلت : تعني بالحدث مسيرها يوم الجمل , فإنها ندمت ندامة كلية , و تابت من ذلك .

على أنها ما فعلت ذلك إلا متأولة قاصدة للخير , كما اجتهد طلحة بن عبد الله

و الزبير بن العوام و جماعة من الكبار رضي الله عن الجميع " .



و أخرج البخاري في صحيحه عن أبي وائل قال :

و لما بعث علي عمارا و الحسن إلى الكوفة ليستنفرهم خطب عمار فقال : إني لأعلم

أنها زوجته في الدنيا و الآخرة , و لكن الله ابتلاكم لتتبعوه أو إياها " .

يعني عائشة .

و كانت خطبته قبل وقعة الجمل ليكفهم عن الخروج معها رضي الله عنها .

475 " لا تأكل الحمار الأهلي و لا كل ذي ناب من السباع " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 777 :



أخرجه الطحاوي في " شرح المعاني " ( 2 / 320 ) : حدثنا علي بن معبد قال : حدثنا

شبابة بن سوار قال : حدثنا أبو زيد عبد الله بن العلاء قال : حدثنا مسلم

ابن مشكم كاتب أبي الدرداء رضي الله عنه قال : سمعت # أبا ثعلبة الخشني #

يقول : " أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت : يا رسول الله حدثني ما يحل لي

مما يحرم علي , فقال : " فذكره .



و أخرجه في " مشكل الآثار " ( 4 / 375 ) بهذا الإسناد دون سبب الحديث .



قلت : و إسناده صحيح رجاله كلهم ثقات من رجال " التهذيب " .

و هو في " الصحيحين " و " السنن " و غيرها من طريق أخرى بلفظ : " نهى عن أكل

كل ذي ناب من السباع " .



و هو مخرج في " الارواء " ( 2552 ) .

و له شاهد من حديث أبي هريرة بلفظ : " كل ذي ناب من السباع فأكله حرام " .

476 " كل ذي ناب من السباع فأكله حرام " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 777 :



أخرجه مسلم و مالك و الشافعي و أحمد و الطحاوي و البيهقي من طريق # عبيدة

ابن سفيان # عنه .

و له طريق أخرى عن أبي هريرة بمعناه .



و إسناده جيد , خرجته في المصدر السابق ( 2553 ) .



فقه الحديث

-------------

فيه دليل على أن الحمار الأهلي و كل ذي ناب من الوحوش حرام أكله و ليس مكروها

فقط , كما زعم بعض المفسرين في هذا العصر و تأول النهي على أنه للتنزيه .

و لما رأى التصريح بالتحريم في حديث أبي هريرة زعم أنه رواية بالمعنى , و يدفعه

أنه إن كانت الرواية بالمعنى من الصحابي و هو أبو هريرة فهو أدرى به ممن بعده ,

و إن كان يعني أنه من بعض من بعده فيرده مجيئه بلفظ التحريم من الطريق الأخرى .

و يؤكده أن أبا ثعلبة سأل النبي صلى الله عليه وسلم عما يحل له و ما يحرم ?

فأجابه بقوله : " لا تأكل ... " فهذا نص في أن النهي للتحريم لأنه هو الذى سأل

عنه أبو ثعلبة , و لا يصح في النظر السليم أن يكون الجواب عليه " لا تأكل ... "

و هو يعني يجوز الأكل مع الكراهة !

477 " البيت المعمور في السماء السابعة يدخله كل يوم ألف ملك , ثم لا يعودون إليه

حتى تقوم الساعة " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 778 :



أخرجه أحمد ( 3 / 153 ) و ابن جرير ( 27 / 11 ) و الحاكم ( 2 / 468 )

و عبد ابن حميد في " المنتخب " ( ق 132 / 2 ) و تمام في " الفوائد "

( ج 1 رقم 67 ) من طريق حماد بن سلمة حدثنا ثابت البناني عن # أنس # مرفوعا .



قلت : و هذا إسناد صحيح على شرط مسلم , و قال الحاكم : " على شرط الشيخين "

و وافقه الذهبي , و هو وهم . فإن حمادا لم يخرج له البخاري شيئا .

و تابعه سليمان و هو ابن المغيرة عن ثابت به نحوه .

أخرجه ابن جرير حدثنا محمد بن سنان القزاز قال : حدثنا موسى بن إسماعيل قال :

حدثنا سليمان .



قلت : و هذا سند رجاله ثقات رجال الشيخين غير القزاز و هو ضعيف .

و له طريق أخرى عند البخاري ( 3 / 30 - 32 ) و مسلم ( 1 / 103 - 104 )

و ابن جرير من طريق قتادة عن أنس بحديث الإسراء الطويل و فيه :

" ثم رفع لي البيت المعمور , فقلت : يا جبريل ما هذا ? قال : هذا البيت

المعمور , يدخله ... " .



و له شاهد من حديث أبي هريرة نحوه إلا أنه قال : " السماء الدنيا " .



أخرجه الحسن بن رشيق في " المنتقى من الأمالي " ( ق 44 / 2 ) و الواحدي

( 4 / 92 / 1 ) عن روح بن جناح عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة .

و قد عزاه ابن كثير في " تفسيره " ( 8 / 76 - منار ) لابن أبي حاتم من هذا

الوجه بزيادة " بحيال الكعبة " . و قال :

" هذا حديث غريب جدا , تفرد به روح بن جناح هذا و هو القرشي الأموي مولاهم

أبو سعيد الدمشقي , و قد أنكر عليه هذا الحديث جماعة من الحفاظ منهم الجوزجاني

و العقيلي و الحاكم و غيرهم . و قال الحاكم : لا أصل له من حديث أبي هريرة ,

و لا سعيد و لا الزهري " .



قلت : و وقع في رواية ابن أبي حاتم : " السماء السابعة " .

فلا أدري أهكذا روايته , أم هو تحريف من الناسخ أو الطابع .



و له طريق أخرى عن أبي هريرة , فقال ابن الأعرابي في " المعجم " ( 10 / 2 ) :

أخبرنا ابن الجنيد أنبأنا عمرو بن عاصم أنبأنا همام أنبأنا قتادة أنبأنا الحسن

عنه مرفوعا به دون ذكر السماء .

و الحسن هو البصري , و هو مدلس , و رجاله ثقات .

و له شاهد آخر من حديث ابن عباس نحوه و فيه : " و هو مثل بيت الحرام حياله ,

لو سقط لسقط عليه " .



أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 3 / 150 / 2 ) من طريق إسحاق ابن بشر

أبي حذيفه و الواحدي في " تفسيره " ( 4 / 92 / 1 ) عن سعيد بن سالم كلاهما عن

ابن جريج عن صفوان بن سليم عن كريب عن ابن عباس مرفوعا .



قلت : و هذا سند ضعيف من أجل عنعنة ابن جريج , و ضعف سعيد بن سالم , و أما

إسحاق بن بشر فكذاب , فلا يستشهد به و لا كرامة .

و في " الدر المنثور " ( 6 / 117 ) :

" أخرجه الطبراني و ابن مردويه بسند ضعيف " .



و أخرج ابن جرير من طريق خالد بن عرعرة : " أن رجلا قال لعلي رضي الله عنه :

ما البيت المعمور ? قال : بيت في السماء يقال له الضراح و هو بحيال الكعبة من

فوقها , حرمته في السماء كحرمة البيت في الأرض , يصلي فيه كل يوم سبعون ألفا

من الملائكة , و لا يعودون فيه أبدا " .

و رجاله ثقات غير خالد بن عرعرة و هو مستور .

قال ابن أبي حاتم ( 1 / 2 / 343 ) :

" روى عن علي , و عنه سماك و القاسم بن عوف الشيباني " .

و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا .



و كذلك أورده ابن حبان في " الثقات " ( 1 / 37 ) .

و قد تابعه أبو الطفيل قال : " سأل ابن الكواء عليا عن البيت المعمور ? ... " .



أخرجه ابن جرير أيضا : حدثنا ابن حميد ... عن أبي الطفيل .

و ابن حميد اسمه محمد , و هو ضعيف جدا .

و لهذه الزيادة شاهد مرسل من رواية قتادة قال :

" ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال يوما لأصحابه : هل تدرون ما

البيت المعمور ? قالوا : الله و رسوله أعلم , قال : فإنه مسجد في السماء , تحته

الكعبة , لو خر لخر عليها ... " .

أخرجه ابن جرير : حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد عن قتادة .



قلت : و هذا إسناد مرسل صحيح , رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين , غير بشر و هو

ابن هلال الصواف فمن رجال مسلم وحده .



و جملة القول : أن هذه الزيادة " حيال الكعبة " ثابتة بمجموع طرقها , و أصل

الحديث أصح . و الله أعلم .

478 " قال الله عز و جل : لا يأتي النذر على ابن آدم بشيء لم أقدره عليه , و لكنه

شيء أستخرج به من البخيل يؤتيني عليه ما لا يؤتيني على البخل . و في رواية : ما

لم يكن آتاني من قبل " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 781 :



أخرجه الإمام أحمد في " المسند " ( 2 / 242 ) : حدثنا سفيان عن أبي الزناد

عن الأعرج عن # أبي هريرة # عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : فذكره .



قلت : و هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين , و قد أخرجاه في " صحيحيهما "

و أبو داود و غيرهم من طرق أخرى عن أبي الزناد به , إلا أنهم لم يجعلوه حديثا

قدسيا , و قد ذكرت لفظه و من خرجه و طرقه في " إرواء الغليل " ( 2650 ) .

و رواه النسائي ( 2 / 142 ) من طريق أخرى عن سفيان به مختصرا .



و تابعه همام بن منبه عن أبي هريرة به .

أخرجه ابن الجارود في " المنتقى " ( 932 ) و أحمد ( 2 / 314 ) بإسناد صحيح على

شرطهما , و لم يخرجاه من هذا الطريق , و لا بلفظ الحديث القدسي .

و للحديث طريق ثالث بلفظ :

" لا تنذروا , فإن النذر لا يغني من القدر شيئا و إنما يستخرج به من البخيل " .

أخرجه مسلم و صححه الترمذي .



من فقه الحديث :

----------------

دل الحديث بمجموع ألفاظه أن النذر لا يشرع عقده , بل هو مكروه , و ظاهر النهي

في بعض طرقه أنه حرام , و قد قال به قوم . إلا أن قوله تعالى : " أستخرج به من

البخيل " يشعر أن الكراهة أو الحرمة خاص بنذر المجازاة أو المعاوضة , دون نذر

الابتداء و التبرر , فهو قربة محضة , لأن للناذر فيه غرضا صحيحا و هو أن يثاب

عليه ثواب الواجب , و هو فوق ثواب التطوع . و هذا النذر هو المراد - و الله

أعلم - بقوله تعالى ( يوفون بالنذر ) دون الأول .



قال الحافظ في " الفتح " ( 11 / 500 ) :

" و قد أخرج الطبري بسند صحيح عن قتادة في قوله تعالى ( يوفون بالنذر ) قال :

كانوا ينذرون طاعة الله من الصلاة و الصيام و الزكاة و الحج و العمرة و مما

افترض عليهم فسماهم الله أبرارا , و هذا صريح في أن الثناء وقع في غير نذر

المجازاة " .

و قال قبل ذلك : " و جزم القرطبي في " المفهم " بحمل ما ورد في الأحاديث من

النهي , على نذر المجازاة , فقال :

هذا النهي محله أن يقول مثلا : إن شفى الله مريضي فعلي صدقة كذا .

و وجه الكراهة أنه لما وقف فعل القربة المذكورة على حصول الغرض المذكور ظهر

أنه لم يتمحض له نية التقرب إلى الله تعالى لما صدر منه , بل سلك فيه مسلك

المعاوضة , و يوضحه أنه لو لم يشف مريضه لم يتصدق بما علقه على شفائه , و هذه

حالة البخيل , فإنه لا يخرج من ماله شيئا إلا بعوض عاجل يزيد على ما أخرج غالبا

و هذا المعنى هو المشار إليه في الحديث بقوله :

" و إنما يستخرج به من البخيل ما لم يكن البخيل يخرجه " . و قد ينضم إلى هذا

اعتقاد جاهل يظن أن النذر يوجب حصول ذلك الغرض , أو أن الله يفعل معه ذلك الغرض

لأجل ذلك النذر , و إليهما الإشارة بقوله في الحديث أيضا " فإن النذر لا يرد من

قدر الله شيئا " . و الحالة الأولى تقارب الكفر , و الثانية خطأ صريح " .



قال الحافظ : قلت : بل تقرب من الكفر أيضا .

ثم نقل القرطبي عن العلماء حمل النهي الوارد في الخبر على الكراهة و قال :

" الذي يظهر لي أنه على التحريم في حق من يخاف عليه ذلك الاعتقاد الفاسد ,

فيكون إقدامه على ذلك محرما , و الكراهة في حق من لم يعتقد ذلك " .

و هو تفصيل حسن , و يؤيده قصة ابن عمر راوي الحديث في النهي عن النذر فإنها

في نذر المجازاة .



قلت : يريد بالقصة ما أخرجه الحاكم ( 4 / 304 ) من طريق فليح بن سليمان عن سعيد

بن الحارث أنه سمع عبد الله بن عمر و سأله رجل من بني كعب يقال له مسعود بن

عمرو : يا أبا عبد الرحمن إن ابني كان بأرض فارس فيمن كان عند عمر بن عبيد الله

و إنه وقع بالبصرة طاعون شديد فلما بلغ ذلك نذرت : إن الله جاء بابني أن أمشي

إلى الكعبة , فجاء مريضا , فمات , فما ترى ? فقال ابن عمر : ( أو لم تنهوا عن

النذر ? ! إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " النذر لا يقدم شيئا , و لا

يؤخره , فإنما يستخرج به من البخيل " , أوف بنذرك ) .



و قال الحاكم : " صحيح على شرط الشيخين " . و وافقه الذهبي .



قلت : و هو عند البخاري دون القصة من هذا الوجه , و فليح يقول الحافظ في

" التقريب " عنه : " صدوق كثير الخطأ " .



قلت : فلا ضير على أصل حديثه ما دام أنه لم يتفرد به . و الله أعلم .



و بالجملة ففي الحديث تحذير للمسلم أن يقدم على نذر المجازاة , فعلى الناس أن

يعرفوا ذلك حتى لا يقعوا في النهي و هم يحسبون أنهم يحسنون صنعا !

479 " النذر نذران , فما كان لله فكفارته الوفاء , و ما كان للشيطان فلا وفاء فيه

و عليه كفارة يمين " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 784 :



أخرجه ابن الجارود في " المنتقى " ( 935 ) و عنه البيهقي ( 10 / 72 ) :

حدثنا محمد بن يحيى قال : حدثنا محمد بن موسى بن أعين قال حدثنا خطاب : حدثنا

عبد الكريم عن عطاء بن أبي رباح عن # ابن عباس # رضي الله عنهما عن النبي صلى

الله عليه وسلم .



قلت : و هذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات رجال البخاري غير خطاب و هو ابن القاسم

الحراني و هو ثقة كما قال ابن معين و أبو زرعة في رواية عنه .

و قال البرذعي عنه : " منكر الحديث , يقال : إنه اختلط قبل موته " .

و ذكره ابن حبان في " الثقات " .

و قال الحافظ في " التقريب " : " ثقة اختلط قبل موته " .



قلت : جزمه باختلاطه غير جيد , و لم يذكره أحد به غير أبي زرعة كما سبق ,

و لكنه لم يجزم به بل أشار إلى عدم ثبوت ذلك فيه بقوله : " يقال ... " فإنه من

صيغ التمريض كما هو معلوم .

ثم إن الحديث له شواهد من حديث عائشة و غيرها , و قد خرجتها في " الإرواء "

فراجع الأحاديث ( 2653 , 2654 , 2656 , 2657 ) .



و في الحديث دليل على أمرين اثنين :



الأول : أن النذر إذا كان طاعة لله , وجب الوفاء به و أن ذلك كفارته , و قد صح

عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : " من نذر أن يطيع الله فليطعه , و من نذر أن

يعصي الله فلا يعصه " . متفق عليه .



و الآخر : أن من نذر نذرا فيه عصيان للرحمن , و إطاعة للشيطان , فلا يجوز

الوفاء به , و عليه الكفارة كفارة اليمين , و إذا كان النذر مكروها أو مباحا

فعليه الكفارة من باب أولى , و لعموم قوله عليه الصلاة و السلام : " كفارة

النذر كفارة اليمين " .



أخرجه مسلم و غيره من حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه , و هو مخرج في

" الإرواء " ( 2653 ) .



و ما ذكرنا من الأمر الأول و الثاني متفق عليه بين العلماء , إلا في وجوب

الكفارة في المعصية و نحوها , فالقول به مذهب الإمام أحمد و إسحاق كما قال

الترمذي ( 1 / 288 ) , و هو مذهب الحنفية أيضا , و هو الصواب لهذا الحديث

و ما في معناه مما أشرنا إليه .

480 " هو الطهور ماؤه , الحل ميتته " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 786 :



أخرجه مالك ( 1 / 44 ـ 45 ) عن صفوان بن سليم عن سعيد بن سلمة من آل بني الأزرق

عن المغيرة بن أبي بردة و هو من بني عبد الدار أنه سمع # أبا هريرة # يقول :

" جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم , فقال : يا رسول الله إنا نركب

البحر , و نحمل معنا القليل من الماء , فإن توضأنا به عطشنا أفنتوضأ به ? فقال

رسول الله صلى الله عليه وسلم ... " فذكره .



و من طريق مالك أخرجه أصحاب السنن و غيرهم و صححه الترمذي و جماعة من المتقدمين

و المتأخرين ذكرت أسماءهم في " صحيح أبي داود " ( 76 ) .



و هذا إسناد رجاله ثقات غير سعيد بن سلمة , و قد ادعى بعضهم أنه مجهول لم يرو

عنه غير صفوان , و مع ذلك وثقه النسائي و ابن حبان , لكن قيل : إنه روى عنه

أيضا الجلاح أبو كثير , و فيه نظر عندي يأتي بيانه .



قال الحافظ في " التلخيص " ( 1 / 10 ) :

" و أما سعيد بن سلمة , فقد تابع صفوان بن سليم على روايته له عند الجلاح

أبو كثير , رواه عنه الليث بن سعيد , و عمرو بن الحارث و غيرهما , و من طريق

الليث رواه أحمد و الحاكم و البيهقي عنه " .



قلت : يعني أن الجلاح هذا رواه أيضا عن سعيد بن سلمة , فيكون له راويان صفوان

و الجلاح .

و حينئذ فعزو هذه المتابعة لأحمد فيه نظر , لأن السند عنده ( 2 / 378 ) هكذا :

" حدثنا قتيبة بن سعيد عن ليث عن الجلاح أبي كثير عن المغيرة بن أبي بردة عن

أبي هريرة ... " .

فالجلاح في هذا السياق متابع لسعيد بن سلمة , لا لصفوان كما أدعى الحافظ

رحمه الله , نعم إنما تصح دعواه بالنظر إلى سياق الحاكم لإسناده ( 1 / 141 )

و عنه تلقاه البيهقي ( 1 / 3 ) , رواه من طريق عبيد بن عبد الواحد بن شريك

حدثنا يحيى بن بكير : حدثني الليث عن يزيد بن أبي حبيب حدثني الجلاح ( أبو )

كثير أن ابن سلمة المخزومي حدثه أن المغيرة بن أبي بردة أخبره به .



فهذا السياق مخالف لسياق أحمد في موضعين :



الأول : أنه أدخل بين الليث و الجلاح يزيد بن أبي حبيب , و الأول أسقطه من

بينهما .



و الآخر : أنه أدخل بين الجلاح و بين المغيرة بن سلمة المخزومي و هو سعيد ابن

سلمة , و الآخر أسقطه .



و هذا الاختلاف كما يبدو لأول وهلة إنما هو بين قتيبة بن سعيد و يحيى بن بكير ,

و لو ثبتت هذه المخالفة عن يحيى لكانت مرجوحة لأنه دون قتيبة في الحفظ و الضبط

فقد أطلق النسائي فيه الضعف , و تكلم فيه غيره , لكن قال ابن عدي :

هو أثبت الناس في الليث . و هذا القول اعتمده الحافظ في " التقريب " فقال :

" ثقة في الليث " . و قال في قتيبة : " ثقة ثبت " .



و إذا تبين الفرق بين الرجلين , فالنفس تطمئن لرواية قتيبة المتفق على ثقته

و ضبطه , أكثر من رواية يحيى بن بكير المختلف فيه , و لو أن عبارة ابن عدي تعطي

بإطلاقها ترجيح روايته عن الليث خاصة على رواية غيره عنه .



و مع ذلك فإن في ثبوت هذا السياق عن يحيى نظر , لأن الراوي عنه عبيد ابن

عبد الواحد بن شريك فيه كلام أيضا . و إليك ما جاء في ترجمته عند الخطيب في

" تاريخ بغداد " ( 11 / 99 ) :

" قال الدارقطني : صدوق . و قال أبو مزاحم موسى بن عبيد الله : كان أحد الثقات

و لم أكتب عنه في تغيره شيئا . و قال ابن المنادي ( يعني في تاريخه ) :

أكثر الناس عنه , ثم أصابه أذى فغيره في آخر أيامه , و كان على ذلك صدوقا .

و قال الخطبي : لم أكتب عنه شيئا " .



و يتلخص مما سبق أن سياق أحمد عن الليث عن الجلاح أبي كثير عن المغيرة ابن أبي

بردة عن أبي هريرة , هو الصحيح عن الليث و الجلاح .



و إذا تبين هذا , فالسند صحيح رجاله كلهم ثقات رجال مسلم غير المغيرة و هو ثقة

كما قال النسائي , و ذكره ابن حبان في " الثقات " ( 1 / 218 - 219 ) و روى عنه

جماعة .



و لتمام الفائدة يحسن أن أسوق الآن لفظ هذا الإسناد فإنه أتم , قال أبو هريرة

رضي الله عنه :

" أن ناسا أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : إنا نبعد في البحر , و لا

نحمل من الماء إلا الإداوة و الإداوتين , لأنا لا نجد الصيد حتى نبعد , أفنتوضأ

بماء البحر ? قال : نعم فإنه الحل ميتته , الطهور ماؤه " .



من فقه الحديث :

----------------

و في الحديث فائدة هامة و هي حل كل ما مات في البحر مما كان يحيى فيه , و لو

كان طافيا على الماء , و ما أحسن ما روي عن ابن عمر أنه سئل : آكل ما طفا على

الماء ? قال : إن طافيه ميتته , و قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

إن ماءه طهور , و ميته حل .

رواه الدارقطني ( 538 ) . و حديث النهي عن أكل ما طفا منه على الماء لا يصح كما

هو مبين في موضع آخر .

481 " لا تقوم الساعة حتى يتسافدوا في الطريق تسافد الحمير , قلت : إن ذلك لكائن ?

قال : نعم ليكونن " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 789 :



أخرجه البزار في " مسنده " ( ص 238 - مصورة المكتب ) : حدثنا محمد

ابن عبد الرحيم حدثنا عفان , و ابن حبان في " صحيحه " ( 1889 - موارد ) :

أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى حدثنا إبراهيم بن حجاج السامي قالا حدثنا

عبد الواحد ابن زياد : حدثنا عثمان بن حكيم حدثنا أبو أمامة بن سهل بن حنيف

عن # عبد الله ابن عمرو # قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره .

و قال البزار : " لا نعلمه من وجه يصح إلا من هذا الوجه " .



قلت : و هذا سند صحيح رجاله كلهم ثقات على شرط مسلم غير أحمد بن علي و هو

أبو يعلى الموصلي الحافظ صاحب " المسند " و هو ثقة حافظ .



و للحديث طريق أخرى , أخرجه الحاكم ( 4 / 457 ) من طريق قتادة عن أبي مجلز عن

قيس بن عباد عن عبد الله بن عمرو قال : فذكره نحوه مطولا موقوفا .

و هو في حكم المرفوع و قال :

" صحيح الإسناد على شرطهما , موقوف " . و وافقه الذهبي .

و له عنده ( 4 / 455 - 456 ) طريق أخرى عنه موقوفا أيضا .

و له شاهد من حديث أبي هريرة مرفوعا :

" و الذي نفسي بيده لا تفنى هذه الأمة حتى يقوم الرجل إلى المرأة فيفترشها في

الطريق , فيكون خيارهم يومئذ من يقول لو واريتها وراء هذا الحائط " .



أخرجه أبو يعلى في " مسنده " ( ق 291 / 2 ) عن خلف بن خليفة حدثنا يزيد ابن

كيسان عن أبي حازم عنه .



قلت : و رجال إسناده ثقات رجال مسلم , إلا أن خلفا هذا كان اختلط في الآخر ,

و ادعى أنه رأى عمرو بن حريث الصحابي فأنكر عليه ذلك ابن عيينة و أحمد كما في

" التقريب " .

و قال الهيثمي في " مجمع الزوائد " ( 8 / 331 ) :

" رواه أبو يعلى و رجاله رجال الصحيح " !



و له طريق أخرى عن أبي هريرة , بإسناده واه و زيادة في آخره :

" فذاك فيهم مثل أبي بكر و عمر فيكم " .

و من أجلها أوردته في " الضعيفة " ( 1254 ) .



و له شاهد آخر من حديث النواس بن سمعان في حديثه الطويل في الدجال و يأجوج

و مأجوج , و في آخره :

" فبينما هم كذلك إذ بعث الله ريحا طيبة فتأخذهم تحت آباطهم فتقبض روح كل مؤمن

و كل مسلم , و يبقى شرار الناس , يتهارجون فيها تهارج الحمر , فعليهم تقوم

الساعة " .



أخرجه أحمد ( 4 / 181 - 182 ) و مسلم ( 8 / 197 - 198 ) و الحاكم ( 4 / 492 -

494 ) و قال : " صحيح على شرط الشيخين , و لم يخرجاه " . و وافقه الذهبي !

فوهما في استدراكه على مسلم .



( يتهارجون ) أي يجامع الرجال النساء بحضرة الناس كما يفعل الحمير و لا يكترثون

كذلك . و ( الهرج ) بإسكان الراء الجماع , يقال : هرج زوجته أي جامعها . نووي .



قلت : و بمعناه تماما ( يتسافدون ) .



و له شاهد ثالث من حديث أبي ذر نحو حديث أبي هريرة .

أخرجه الحاكم ( 3 / 343 ) من طريق سيف بن مسكين الأسواري حدثنا المبارك

ابن فضالة عن المنتصر بن عمارة بن أبي ذر الغفاري عن أبيه عن جده عن رسول الله

صلى الله عليه وسلم به . و قال : " تفرد به سيف بن مسكين " .

قال الذهبي : " هو واه , و منتصر و أبوه مجهولان " .

482 " ارحموا ترحموا و اغفروا يغفر الله لكم و ويل لأقماع القول و ويل للمصرين

الذين يصرون على ما فعلوا و هم يعلمون " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 791 :



رواه البخاري في " الأدب المفرد " ( رقم 380 ) و أحمد ( 2 / 165 , 219 )

و عبد بن حميد في " المنتخب من المسند " ( 42 / 1 ) عن حريز بن عثمان حدثنا

حبان بن زيد عن # عبد الله بن عمرو # مرفوعا .



قلت : و هذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات . و قال المنذري في " الترغيب "

( 3 / 155 ) : " رواه أحمد بإسناد جيد " .



و كذلك قال العراقي كما في " فيض القدير " للمناوي , و فيه :

" و قال الهيثمي رجال أحمد رجال الصحيح غير حبان بن زيد الشرعبي وثقه ابن حبان

و رواه الطبراني كذلك . انتهى و المصنف رمز لصحته , و فيه ما ترى " .



و أقول : ليس فيه ما ينافي الصحة , فإن الجودة قد تجامعها , و قد تنافيها حينما

يراد بها ما دونها و هو الحسن . و ليس هو المتحتم هنا .

و حبان بن زيد وثقه أبو داود أيضا بقوله :

" شيوخ حريز كلهم ثقات " .

و لذلك قال الحافظ في " التقريب " : " ثقة من الثالثة , أخطأ من زعم أن له صحبة

" .



( الأقماع ) بفتح الهمزة جمع ( قمع ) بكسر القاف و فتح الميم و تسكن : الإناء

الذي يجعل في رأس الظرف ليملأ بالمائع . شبه استماع الذين يستمعون القول و لا

يعونه و لا يعملون به بالأقماع التي لا تعي شيئا مما يفرغ فيها , فكأنه يمر

عليها مجتازا كما يمر الشراب في القمع .



كذلك قال الزمخشري : من المجاز " ويل لأقماع القول " و هم الذين يستمعون و لا

يعون .

483 " من لا يرحم لا يرحم , و من لا يغفر لا يغفر له , و من لا يتب لا يتب عليه " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 792 :



أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 1 / 180 / 1 ) و أبو الحسن الحربي في

" الفوائد المنتقاة " ( 3 / 155 / 1 ) عن هارون بن زيد بن أبي الزرقاء حدثني

أبي أنبأنا المفضل بن صدقة أبو حماد الكوفي عن زياد ( بن علاقة ) قال سمعت

# جريرا # يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره .



قلت : و هذا إسناد رجاله ثقات غير المفضل بن صدقة فهو مختلف فيه

فقال ابن معين : ليس بشيء .

و قال أبو حاتم : ليس بقوى يكتب حديثه .

و قال أبو زرعة : ضعيف الحديث .

و قال النسائي : متروك .

و قال ابن عدي : ما أرى بحديثه بأسا , و كان أحمد بن محمد بن شعيب يثني

عليه ثناء تاما .

و قال الأهوازي : كان عطاء بن مسلم يوثقه .

و قال البغوي : صالح الحديث .



قلت : فمثله يستشهد به إن شاء الله تعالى , و قد تابعه ثلاثة :



الأول : قيس بن الربيع عن زياد بن علاقة به . أخرجه الطبراني .

و قيس هذا ضعيف أيضا لسوء حفظه فيستشهد به .



الثاني : سليمان بن أرقم عن زياد بن علاقة به دون الجملة الثالثة .

أخرجه أحمد ( 4 / 365 ) . و سليمان أيضا ضعيف كسابقيه .



الثالث : الوليد بن أبي ثور عن زياد به كالذي قبله . أخرجه الطبراني .

و الوليد ضعيف أيضا , لكن اجتماع هؤلاء الأربعة على روايته عن زياد مما يدل

على صحة الحديث , لأنهم غير متهمين في صدقهم , و ليس فيهم من كان يسرق الحديث ,

فيبعد عادة أن يتفقوا على الخطأ . و الله أعلم .



و الجملة الأولى من الحديث أخرجها الشيخان في " صحيحيهما " و أحمد و الطبراني

و غيرهم من طرق عن جرير . و قد خرجته في " مشكلة الفقر " ( 108 ) .



و الجملة الثانية يشهد لها الحديث الذي قبله .

484 " أما أبوك فلو كان أقر بالتوحيد , فصمت و تصدقت عنه نفعه ذلك " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 793 :



أخرجه الإمام أحمد ( 2 / 182 ) حدثنا هشيم أخبرنا حجاج حدثنا # عمرو بن شعيب

عن أبيه عن جده # .

" أن العاص بن وائل نذر في الجاهلية أن ينحر مائة بدنة , و أن هشام ابن العاص

نحر حصته خمسين بدنة , و أن عمرا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك ?

فقال " فذكره .



قلت : و هذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات على الخلاف المعروف في عمرو ابن شعيب

عن أبيه عن جده . و هشيم و الحجاج كلاهما مدلس , و لكنهما قد صرحا بالتحديث ,

فزالت شبهة تدليسهما . و من هنا تعلم أن قول الهيثمي في " مجمع الزوائد "

( 4 / 192 ) :

" رواه أحمد , و فيه الحجاج بن أرطأة و هو مدلس " .

فليس دقيقا , فإنه يوهم أنه قد عنعنه , و ليس كذلك كما ترى .



و الحديث دليل واضح على أن الصدقة و الصوم تلحق الوالد و مثله الوالدة بعد

موتهما إذا كانا مسلمين و يصل إليهما ثوابها , بدون وصية منهما . و لما كان

الولد من سعي الوالدين , فهو داخل في عموم قوله تعالى ( و أن ليس للإنسان إلا

ما سعى ) فلا داعي إلى تخصيص هذا العموم بالحديث و ما ورد في معناه في الباب ,

مما أورده المجد ابن تيمية في " المنتقى " كما فعل البعض .



و اعلم أن كل الأحاديث التي ساقها في الباب هي خاصة بالأب أو الأم من الولد ,

فالاستدلال بها على وصول ثواب القرب إلى جميع الموتى كما ترجم لها المجد ابن

تيمية بقوله " باب وصول ثواب القرب المهداة إلى الموتى " غير صحيح لأن الدعوى

أعم من الدليل , و لم يأت دليل يدل دلالة عامة على انتفاع عموم الموتى من عموم

أعمال الخير التي تهدى إليهم من الأحياء , اللهم إلا في أمور خاصة ذكرها

الشوكاني في " نيل الأوطار " ( 4 / 78 - 80 ) , ثم الكاتب في كتابه

" أحكام الجنائز و بدعها " يسر الله إتمام طبعه , من ذلك الدعاء للموتى فإنه

ينفعهم إذا استجابه الله تبارك و تعالى . فاحفظ هذا تنج من الإفراط و التفريط

في هذه المسألة , و خلاصة ذلك أن للولد أن يتصدق و يصوم و يحج و يعتمر و يقرأ

القرآن عن والديه لأنه من سعيهما , و ليس له ذلك عن غيرهما إلا ما خصه الدليل

مما سبقت الإشارة إليه . و الله أعلم .

485 " ما لبعيرك يشكوك ? زعم أنك سانيه حتى إذا كبر تريد أن تنحره ( لا تنحروه

و اجعلوه في الإبل يكون معها ) " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 795 :



أخرجه الإمام أحمد ( 4 / 173 ) حدثنا أسود بن عامر حدثنا أبو بكر بن عياش عن

حبيب بن أبي عمرة عن المنهال بن عمرو عن # يعلى # قال :

" ما أظن أن أحدا من الناس رأى من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا دون ما

رأيت - فذكر أمر الصبي , و النخلتين , و أمر البعير , إلا أنه قال - " فذكره .



قلت : و هذا إسناد صحيح رجاله ثقات رجال البخاري غير أسود بن عامر فمن أفراد

مسلم .



ثم استدركت فقلت : إنه منقطع كما يأتي .

و قد أخرجه الحاكم ( 2 / 617 - 618 ) من طريق يونس بن بكير عن الأعمش عن

المنهال بن عمرو عن يعلى بن مرة عن أبيه قال :

" سافرت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأيت منه شيئا عجبا , نزلا منزلا

فقال : انطلق إلى هاتين الشجرتين فقل : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول

لكما أن تجتمعا , فانطلقت فقلت لهما ذلك , فانتزعت كل واحدة منهما من أصلها ,

فمرت كل واحدة إلى صاحبتها , فالتقيا جميعا , فقضى رسول الله صلى الله عليه

وسلم حاجته من ورائهما , ثم قال : انطلق فقل لهما لتعود كل واحدة إلى مكانها ,

فأتيتهما , فقلت ذلك لهما , فعادت كل واحدة إلى مكانها .



و أتته امرأة فقالت : إن ابني هذا به لمم منذ سبع سنين يأخذه كل يوم مرتين ,

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أدنيه , فأدنته منه , فتفل في فيه و قال :

اخرج عدو الله أنا رسول الله , ثم قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا

رجعنا فأعلمينا ما صنع . فلما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم استقبلته

و معها كبشان و أقط و سمن , فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : خذ هذا

الكبش , فاتخذ منه ما أردت , فقالت : و الذي أكرمك ما رأينا به شيئا منذ

فارقتنا .



ثم أتاه بعير فقام بين يديه , فرأى عينيه تدمعان , فبعث إلى أصحابه , فقال :

ما لبعيركم هذا يشكوكم ? فقالوا : كنا نعمل عليه , فلما كبر و ذهب عمله تواعدنا

عليه لننحره غدا .

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تنحروه و اجعلوه في الإبل يكون معها .

و قال الحاكم : " صحيح الإسناد " . و وافقه الذهبي .



قلت : و قوله في السند " عن أبيه " و هم كما صرح الحافظ في " التهذيب " لكنه

قال في الرواة عن يعلى :

" منهم من أرسل عنه كعطاء بن السائب و المنهال بن عمرو " .

و ذكر نحوه في ترجمة المنهال أنه أرسل عن يعلى بن مرة .

و على هذا فالإسناد منقطع .



و أخرجه أحمد ( 4 / 171 , 172 ) من طريق وكيع حدثنا الأعمش به دون قصة الجمل

إلا أنه لم يقل مرة عن أبيه .

و أخرجه ( 4 / 170 ) من طريق عثمان بن حكيم قال :

أخبرني عبد الرحمن ابن عبد العزيز عن يعلى بن مرة قال :

" لقد رأيت من رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثا ما رآها أحد قبلي ... " .

فذكرها .

و قال المنذري في " الترغيب " ( 3 / 158 ) :

" و إسناده جيد " .

كذا قال , و عبد الرحمن هذا أورده ابن أبي حاتم في " الجرح و التعديل " و لم

يحك فيه جرحا و لا تعديلا , و قال الحسيني : " ليس بالمشهور " .

و بقية رجاله ثقات رجال مسلم .



و قد تابعه عبد الله بن حفص عن يعلى بن مرة الثقفي به نحوه .

أخرجه أحمد ( 4 / 173 ) من طريق عطاء بن السائب عنه .

و عطاء كان اختلط .

و عبد الله بن حفص مجهول كما قال الحافظ و غيره .



و بالجملة فالحديث بهذه المتابعات جيد . و الله أعلم .

486 " كان في بني إسرائيل امرأة قصيرة , فصنعت رجلين من خشب , فكانت تسير بين

امرأتين قصيرتين و اتخذت خاتما من ذهب و حشت تحت فصه أطيب الطيب : المسك فكانت

إذا مرت بالمجلس حركته فنفنخ ريحه ( و في رواية ) : و جعلت له غلقا فإذا مرت

بالملأ أو بالمجلس قالت به ففتحته , ففاح ريحه " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 797 :



أخرجه أحمد في " المسند " ( 3 / 40 ) : حدثنا عثمان بن عمرو حدثنا المستمر

ابن الريان حدثنا أبو نضرة عن # أبي سعيد # أن رسول الله صلى الله عليه وسلم

قال : فذكره .



ثم قال ( 3 / 46 ) : حدثنا عبد الصمد حدثنا المستمر بن الريان به و زاد في

أوله :

" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر الدنيا فقال : إن الدنيا خضرة حلوة ,

فاتقوها و اتقوا النساء . ثم ذكر نسوة ثلاثا من بني إسرائيل امرأيتن طويلتين

تعرفان , و امرأة قصيرة لا تعرف فاتخذت رجلين من خشب ... " الحديث نحوه و فيه

الرواية الأخرى .



قلت : و هذا إسناد صحيح على شرط مسلم . و قد أخرجه في " صحيحه " ( 7 / 48 ) من

طريق شعبة عن خليد بن جعفر و المستمر قالا : سمعنا أبا نضرة به مختصرا .

و من طريقه عن خليد وحده به نحو رواية عبد الصمد دون الزيادة في أوله .



( فنفخ ) كذا الأصل بالخاء المعجمة أي فاح كما في الرواية الأخرى . و كنت أظن

أن الصواب ( فنفح ) بالحاء المهملة , ففي القاموس : " نفح الطيب كمنع فاح ...

" حتى رأيت في " النهاية " في مادة " نفخ " : " ... من نفخت الريح إذا جاءت

بغتة " فظننت أنها صحيحة . و الله أعلم .

487 " إنه لا ينبغي أن يعذب بالنار إلا رب النار " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 798 :



أخرجه أبو داود ( 2675 ) : حدثنا أبو صالح محبوب بن موسى أخبرنا أبو إسحاق

الفزاري عن أبي إسحاق الشيباني عن ابن سعد - قال غير أبي صالح عن الحسن بن سعد

عن # عبد الرحمن بن عبد الله عن أبيه # قال :

" كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر , فانطلق لحاجته , فرأينا حمرة

معها فرخان , فأخذنا فرخيها , فجاءت الحمرة , فجعلت تفرش , فجاء النبي صلى الله

عليه وسلم فقال :

من فجع هذه بولدها ? ردوا ولدها إليها . و رأى قرية نمل قد حرقناها , فقال :

من حرق هذه ? قلنا : نحن , قال " . فذكره .



قلت : و هذا إسناد صحيح , رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير محبوب بن موسى ,

و هو ثقة . و عبد الرحمن بن عبد الله و هو ابن مسعود قد سمع من أبيه على الراجح

عندنا كما سبق بيانه عند الحديث ( 197 ) .

و قد تابعه المسعودي عن الحسن بن سعد به . دون قصة النمل . أخرجه أحمد ( 1 /

404 ) .

و في رواية له عن المسعودي عن القاسم و الحسن بن سعد به .

و قد سبق ذكر الحديث برقم ( 25 ) من أجل فقرة أخرى , و قدر إعادته هنا لشيء من

الزيادة في التخريج , و لنسوق له شاهدا بلفظ :

" لا تعذبوا بعذاب الله عز و جل " .

أخرجه أحمد ( 1 / 219 - 220 ) حدثنا سفيان عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس :

قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره .



قلت : و هذا إسناد صحيح على شرط البخاري . و قد أخرجه في " صحيحه " ( 4 / 329 )

و الترمذي ( 1 / 275 ) و النسائي ( 2 / 170 ) و أحمد أيضا ( 1 / 217 , 282 )

و عنه أبو داود ( 4351 ) و الدارقطني ( 334 ) من طرق أخرى عن أيوب عن عكرمة :

" أن عليا حرق قوما ارتدوا عن الإسلام , فبلغ ذلك ابن عباس , فقال : لو كنت أنا

لقتلتهم , لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : من بدل دينه فاقتلوه . و لم أكن

لأحرقهم لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تعذبوا بعذاب الله . فبلغ ذلك

عليا فقال : صدق ابن عباس .

و السياق للترمذي و قال : " حديث حسن صحيح " .



و ليس عند البخاري قوله " لا تعذبوا بعذاب الله " و إنما لفظه :

" ... لو كنت أنا لم أحرقهم لنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم . و لقتلتهم ...

" .

و في رواية لأحمد و هي رواية الدارقطني و قال : " ثابت صحيح " :

" فقال : ويح ابن أم عباس " مكان " صدق ابن عباس " .



و لا منافاة بين الروايتين , فإن " ويح " كلمة ترحم و توجع , و قد تقال بمعنى

المدح و التعجب . كما في " النهاية " فهي هنا بالمعنى الآخر كما هو ظاهر .



( تنبيه )

-----------

عزا الحديث بلفظ الترجمة في " الفتح الكبير " لمسلم عن كعب ابن مالك , و لم

أره فيه . و الله أعلم .

و سيأتي للحديث شاهدان آخران من حديث حمزة بن عمرو الأسلمي و أبي هريرة تحت رقم

( 1565 ) .

488 " اعفوا عنه ( يعني الخادم ) في كل يوم سبعين مرة " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 800 :



أخرجه أبو داود ( 5164 ) من طريق ابن وهب قال : أخبرني أبو هانئ الخولاني

عن العباس بن جليد الحجري قال : سمعت # عبد الله بن عمرو # يقول :

" جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله كم نعفو عن

الخادم ? فصمت , ثم أعاد عليه الكلام فصمت , فلما كان في الثالثة قال "

فذكره .

و أخرجه الترمذي ( 1 / 353 - 354 ) من هذا الوجه و لكنه لم يسق لفظه ,

و إنما أحال على لفظ رشدين بن سعد عن أبي هانىء الخولاني به نحوه . و قال :

" حديث حسن غريب " .



قلت : و إسناده صحيح . و أبو هانىء اسمه حميد بن هانىء و هو ثقة , و مثله

العباس بن جليد الحجري . فالسند صحيح . و قول أبي حاتم : " لا أعلم سمع عباس

ابن جليد من عبد الله بن عمرو " يرده تصريحه بالسماع منه في هذا السند .



و تابعه ابن لهيعة عن حميد بن هانىء به .

أخرجه أحمد ( 2 / 111 ) .

و تابعه سعيد بن أبي أيوب حدثنا أبو هانىء عن عباس الحجري عن عبد الله بن عمر

ابن الخطاب :

" أن رجلا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله إن لي خادما

يسيء و يظلم أفأضربه ? قال : تعفو عنه ... " الحديث .



أخرجه أحمد ( 2 / 90 ) : حدثنا أبو عبد الرحمن عبد الله بن يزيد حدثنا سعيد

يعني ابن أبي أيوب .



قلت : و هذا إسناد صحيح أيضا . و قال المنذري في " الترغيب " ( 3 / 163 ) :

" و رواه أبو يعلى بإسناد جيد عنه , و هو رواية للترمذي " .



قلت : ليس هو عند الترمذي بهذا اللفظ , فاعلمه .

ثم قال : " و في بعض نسخ أبي داود " عبد الله بن عمرو " .

و قد أخرجه البخاري في " تاريخه " من حديث عباس بن جليد عن عبد الله بن عمرو

بن العاصى . و من حديثه أيضا عن عبد الله بن عمر .

و قال الترمذي : روى بعضهم هذا الحديث بهذا الإسناد و قال : عن عبد الله

ابن عمرو . و ذكر الأمير أبو نصر أن عباس بن جليد يروي عنهما كما ذكره البخاري

و لم يذكر ابن يونس في " تاريخ مصر " , و لا ابن أبي حاتم روايته عن عبد الله

بن عمرو بن العاصى . و الله أعلم " .



قلت : قد صرحت رواية سعيد بن أبي أيوب المتقدمة أنه عبد الله بن عمر ابن الخطاب

و سعيد ثقة ثبت . فعلى روايته المعتمد . و الله أعلم .

489 " من ولى منكم عملا فأراد الله به خيرا جعل له وزيرا صالحا إن نسي ذكره و إن

ذكر أعانه " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 802 :



أخرجه النسائي ( 2 / 187 ) عن بقية قال : حدثنا ابن المبارك عن ابن أبي حسين

عن # القاسم بن محمد قال : سمعت عمتي # تقول : قال رسول الله صلى الله عليه

وسلم : فذكره .



قلت : و هذا إسناد صحيح , رجاله ثقات , و قد صرح بقية بالتحديث فأمنا بذلك شر

تدليسه . و ابن أبي حسين اسمه عمر بن سعيد بن أبي حسين النوفلي المكي .



و له طريق أخرى عن القاسم , يرويه الوليد بن مسلم حدثنا زهير بن محمد عن

عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله

صلى الله عليه وسلم :

" إذا أراد الله بالأمير خيرا جعل له وزير صدق , إن نسي ذكره , و إن ذكر أعانه

و إذا أراد الله به غير ذلك جعل له وزير سوء , إن نسي لم يذكره , و إن ذكر لم

يعنه " .



أخرجه أبو داود ( 2932 ) و ابن حبان في " صحيحه " ( 1551 - موارد ) من طريقين

عن الوليد به . و رجاله ثقات رجال الشيخين غير أن زهير بن محمد و هو أبو المنذر

الخراساني ضعيف من قبل حفظه .

قال الحافظ : " رواية أهل الشام عنه غير مستقيمة , فضعف بسببها .

قال البخاري عن أحمد : كأن زهير الذي يروي عنه الشاميون آخر .

و قال أبو حاتم : حدث بالشام من حفظه فكثر غلطه " .



قلت : لكنه في هذا الحديث قد حفظ أو كاد , فإنه لم يخرج فيه عن معنى حديث

بقية . و الله أعلم .

490 " يا أيها الناس إنما أنا رحمة مهداة " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 803 :



أخرجه ابن سعد في " الطبقات " ( 1 / 192 - طبع بيروت ) : أخبرنا وكيع

ابن الجراح : أخبرنا الأعمش عن # أبي صالح # قال :

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره .



قلت : و هذا إسناد صحيح مرسل .

و كذلك أخرجه أبو سعيد بن الأعرابي في " المعجم " ( ق 106 / 2 ) قال : أنبأنا

إبراهيم أنبأنا وكيع به . و إبراهيم هذا هو ابن عبد الله أبو إسحاق العبسي كما

في إسناد حديث قبل هذا عنده . و هو إبراهيم بن عبد الله بن بكير بن الحارث

العبسي , و هو آخر أصحاب وكيع وفاة , توفي سنة تسع و سبعين و مائتين كما في

" الشذرات " ( 2 / 174 ) . و له جزء من حديث وكيع بن الجراح , يرويه أبو عمرو

الحسن بن علي بن الحسن العطار عنه عن وكيع .



و قد أخرج هذا الحديث فيه ( ق 134 / 1 ) عن وكيع به إلا أنه وصله فقال :

" عن أبي صالح عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله تعالى عليه و آله

وسلم " .



و قد وجدت له متابعين عن وكيع :



الأول : عبد الله بن أبي عرابة الشاشي قال حدثنا وكيع به .

أخرجه أبو الحسن علي بن عمر الحربي السكري في " الفوائد المنتقاة "

( 157 / 2 ) : حدثنا عبد الله بن محمد بن أسد قال : حدثنا حاتم بن منصور

الشاشي أبو سعيد قال : حدثنا عبد الله بن أبي عرابة الشاشي .



و عبد الله هذا أورده السمعاني في " الشاشي " فقال :

" هذه النسبة إلى مدينة وراء نهر سيحون يقال : لها ( الشاش ) , و هي من ثغور

الترك , خرج منها جماعة كثيرة من أئمة المسلمين منهم عبد الله بن أبي عرابة

الشاشي , رحل إلى مرو و العراق , و سمع علي بن حجر و أحمد بن حنبل , روى عنه

أهل بلده , و مات سنة ( 286 ) " .

لكن الراوي عنه حاتم بن منصور لم أجد له الآن ترجمة .



و الآخر : عبد الله بن نصر : حدثنا وكيع به .

أخرجه ابن عدي في " الكامل " ( ق 223 / 1 ) : حدثنا عمر بن سنان المنبجي حدثنا

عبد الله بن نصر به . و قال :

" و هذا غير محفوظ عن وكيع عن الأعمش , إنما يرويه مالك بن سعير عن الأعمش " .

يعني أنه غير محفوظ عن وكيع عن الأعمش هكذا موصولا , و إنما يرويه مالك بن سعير

عن الأعمش به موصولا .

لكن مجيئه من الطريقين السابقين عن وكيع موصولا مما يقوي رواية ابن نصر هذا .

و عليه فيكون مالك بن سعير قد تابعه على وصله , و تكون روايته مرجحة لرواية

الوصل عن وكيع على رواية الإرسال عنه , و الله أعلم .



و قد أخرجه ابن الأعرابي في " معجمه " ( 247 / 2 ) و أبو عروبة الحراني في

" حديثه " ( ق 98 / 1 ) و ابن الحمامي في " جزء منتخب من مسموعاته "

( ق 35 / 1 ) و الرامهرمزي في " الأمثال " ( ق 21 / 1 ) و الحاكم في

" المستدرك " و القضاعي في " مسند الشهاب " ( ق 96 / 1 ) و ابن عساكر في

" تاريخ دمشق " ( 2 / 97 / 1 ) من طريق أبي الخطاب زياد بن يحيى الحساني حدثنا

مالك بن سعير حدثنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة به .

و قال ابن الحمامي : " تفرد به مجودا مرفوعا مالك بن سعير عن الأعمش , و رواه

وكيع عن الأعمش عن أبي صالح موقوفا " .

كذا قال , و هو إنما يعني مرسلا كما تقدم في رواية ابن سعد , و أيضا فالوقف في

مثل هذا الحديث لا يعقل , كما هو ظاهر .

و قال الحاكم : " صحيح على شرطهما , فقد احتجا جميعا بمالك بن سعير , و التفرد

من الثقات مقبول " . و وافقه الذهبي .



و أقول : مالك بن سعير صدوق كما قال أبو زرعة و أبو حاتم , لكن البخاري لم يحتج

به , و إنما أخرج له متابعة , و مسلم إنما روى له في " المقدمة " , فمثله يحتج

به إذا تفرد و لم يخالف , فإن رجحنا رواية وكيع المرسلة , فيكون مالك قد خالفه

فتكون روايته شاذة , و رواية وكيع المرسلة هي المحفوظة , و إن رجحنا رواية وكيع

الموصولة فتتفق الروايتان , و يكون كل منهما شاهدا للآخر , و هذا هو الأرجح

عندي , لأن اتفاق ثلاثة من الرواة على روايته عن وكيع موصولا , يبعد في العادة

أن يتفقوا على الخطأ , و لو كان في بعضهم ضعف بدون تهمة , أو في بعض الرواة عنه

فإذا انضم إلى ذلك رواية مالك بن سعير قوي الحديث و ارتقى إلى درجة الحسن

أو الصحة , و الله أعلم .



( فائدة )

-----------



قال الرامهرمزي عقب الحديث : " و اتفقت ألفاظهم ( يعني الرواة عن أبي الخطاب )

في ضم الميم من قوله :

" مهداة " إلا أن البرتي قال : " مهداة " بكسر الميم من الهداية , و كان ضابطا

فهما متفوقا في الفقه و اللغة , و الذي قاله أجود في الاعتبار لأنه بعث صلى

الله عليه وسلم هاديا كما قال عز و جل ( و إنك لتهدي إلى صراط مستقيم ) ,

و كما قال جل و عز ( إنا أنزلنا إليك الكتاب لتبين للناس ) و ( لتخرجهم من

الظلمات إلى النور ) و أشباه ذلك . و من رواه بضم الميم إنما أراد أن الله

أهداه إلى الناس . و هو قريب " .



ثم وجدت للحديث شاهدا من حديث جبير بن مطعم مرفوعا بلفظ :

" و الذي نفسي بيده , لأقتلنهم , و لأصلبنهم , و لأهدينهم و هم كارهون , إني

رحمة بعثني الله عز و جل , و لا يتوفاني حتى يظهر الله دينه , لي خمسة أسماء

... " .



أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 1 / 76 / 2 ) عن أحمد بن صالح قال :

وجدت في كتاب بالمدينة : عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي و إبراهيم بن محمد

ابن عبد العزيز بن عمر بن عبد الرحمن بن عوف عن محمد بن صالح التمار عن

ابن شهاب عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه قال :

" قال أبو جهل بن هشام حين قدم مكة منصرفه عن حمزة : يا معشر قريش إن محمدا قد

نزل يثرب , و أرسل طلائعه , و إنما يريد أن يصيب منكم شيئا فاحذروا ... فبلغ

ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال " , فذكره و قال :

" قال أحمد بن صالح : أرجو أن يكون الحديث صحيحا " .



قلت : محمد بن صالح التمار صدوق يخطىء كما في " التقريب " . ثم هو وجادة عن

كتاب مجهول , فمثله لا يحتج به اتفاقا , فالصحة من أين ? !

491 " أفضل الجهاد كلمة عدل ( و في رواية : حق ) عند سلطان جائر " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 806 :



ورد من حديث # أبي سعيد الخدري , و أبي أمامة , و طارق بن شهاب , و جابر

ابن عبد الله , و الزهري # مرسلا .



1 - حديث أبي سعيد , و له عنه طريقان :



الأولى : عن عطية العوفي عنه مرفوعا بالرواية الأولى .

أخرجه أبو داود ( 4344 ) و الترمذي ( 2 / 26 ) و ابن ماجه ( 4011 )

و قال الترمذي : " حسن غريب من هذا الوجه " .



قلت : عطية ضعيف , لكن يقوي حديثه هنا الطريق الآتية , و هي :



الثانية : عن علي بن زيد بن جدعان عن أبي نضرة عنه مرفوعا .

أخرجه الحاكم ( 4 / 505 - 506 ) و الحميدي في " مسنده " ( 752 ) و أحمد

( 3 / 19 , 61 ) بالروايتين و للحاكم الأخرى و قال :

" تفرد به ابن جدعان , و لم يحتج به الشيخان " .



قال الذهبي في " تلخيصه " : " قلت : هو صالح الحديث " .

و قال في " الضعفاء " " حسن الحديث , صاحب غرائب , احتج به بعضهم " .

و قال أبو زرعة : ليس بقوي . و قال أحمد : ليس بشيء .



و أقول : هو حسن الحديث عند المتابعة كما هنا . و الله أعلم .



2 - حديث أبي أمامة يرويه صاحبه أبو غالب عنه قال :



" عرض لرسول الله صلى الله عليه وسلم رجل عند الجمرة الأولى فقال :

يا رسول الله أي الجهاد أفضل ? فسكت عنه , فلما رمى الجمرة الثانية سأله ,

فسكت عنه , فلما رمى جمرة العقبة وضع رجله في الغرز ليركب , قال : أين السائل ?

قال : أنا يا رسول الله , قال : كلمة حق عند ذي سلطان جائر " .



أخرجه ابن ماجه ( 4012 ) و أحمد ( 5 / 251 , 256 ) و المخلص في " بعض الخامس من

الفوائد " ( ق 260 / 1 ) و الروياني في " مسنده " ( 30 / 215 / 2 )

و أبو بكر بن سلمان الفقيه في " المنتقى من حديثه " ( ق 96 / 1 ) و أبو القاسم

السمرقندي في جزء من " الفوائد المنتقاة " ( ق 112 / 1 ) و ابن عدي ( 112 / 2 )

و البيهقي في " الشعب " ( 2 / 438 / 1 ) من طرق عن حماد بن سلمة عنه .



قلت : و هذا إسناد حسن , و في أبي غالب خلاف لا ينزل حديثه عن رتبة الحسن ,

و حديثه هذا صحيح بشاهده المتقدم و الآتي .



3 - حديث طارق بن شهاب رضي الله عنه :



و هو صحابي رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم و لم يسمع منه , كما قال أبو داود

أخرجه النسائي ( 2 / 187 ) و أحمد ( 4 / 315 ) و البيهقي و الضياء المقدسي في

" الأحاديث المختارة " ( ق 21 / 2 ) .



قلت : و إسناده " صحيح " و مراسيل الصحابة حجة .



( تنبيه )

----------

أورده السيوطي في " الجامع الصغير " من رواية ابن ماجه عن أبي سعيد . و أحمد

و ابن ماجه و الطبراني في " الكبير " و البيهقي في " الشعب " عن أبي أمامة .

و أحمد و النسائي و البيهقي أيضا عن طارق .



فقال المناوي في " شرحه " : " و قضية صنيع المؤلف أن هذا هو الحديث بكماله ,

و لا كذلك , بل تمامه عند مخرجه ابن ماجه كأبي داود : أو أمير جائر " .



فأقول : هذه الزيادة ليست عند ابن ماجه أصلا . ثم هي ليست من صلب الحديث , بل

شك من بعض رواة أبي داود بدليل عدم ورودها عند غيره من حديث أبي سعيد و لا عن

غيره ممن ذكرنا , فلا طائل إذن في استدراكها على السيوطي , نعم هي عند الخطيب

في " التاريخ " ( 7 / 239 ) من طريق عطية عن أبي سعيد . فهي ضعيفة منكرة لتفرد

عطية بها .



4 - حديث جابر :



أخرجه العقيلي في " الضعفاء " ( 321 ) من طريق عمار بن إسحاق أخي محمد بن إسحاق

عن محمد بن المنكدر عنه مثل حديث أبي أمامة و قال :

" عمار بن إسحاق لا يتابع على حديثه , و ليس بمشهور بالنقل , و آخر الحديث قد

روي بإسناد أصلح من هذا في أفضل العمل كلمة حق عند إمام جائر " .



5 - الزهري .



قال المناوي قال البيهقي :

" و له شاهد مرسل بإسناد جيد , ثم ساقه عن الزهري بلفظ : أفضل الجهاد كلمة عدل

عند إمام جائر " .



قلت : و لم أره عند البيهقي في " الشعب " من مرسل الزهري , و إنما من مرسل طارق

بن شهاب المتقدمة .



6 - ثم وجدته من حديثه بكر بن خنيس عن عبد الله بن عبيد بن عمير عن أبيه عن جده

مرفوعا أخرجه الحاكم ( 3 / 626 ) و سكت عليه , و ضعفه الذهبي , و علته بكر هذا

فإنه ضعيف .

492 " من علق تميمة فقد أشرك " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 809 :



أخرجه الإمام أحمد ( 4 / 156 ) و الحارث بن أبي أسامة في " مسنده "

( 155 من زوائده ) و من طريقه أبو الحسن محمد بن محمد البزاز البغدادي في

" جزء من حديثه " ( 171 - 172 ) عن عبد العزيز بن منصور حدثنا يزيد بن أبي

منصور عن دخين الحجري عن # عقبة بن عامر الجهني # :

" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبل إليه رهط , فبايع تسعة , و أمسك عن

واحد , فقالوا : يا رسول الله بايعت تسعة و تركت هذا ? قال : إن عليه تميمة ,

فأدخل يده فقطعها , فبايعه و قال " . فذكره .



قلت : و هذا إسناد صحيح رجاله ثقات رجال مسلم غير دخين و هو ابن عامر الحجري

أبو ليلى المصري وثقه يعقوب بن سفيان و ابن حبان و صحح له الحاكم ( 4 / 384 ) ,

و قد أخرجه ( 4 / 219 ) من طريق أخرى عن يزيد بن أبي منصور .



و للحديث طريق أخرى , يرويه مشرح بن هاعان عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله

عليه وسلم يقول :

" من علق تميمة فلا أتم الله له , و من علق ودعة , فلا ودع الله له " .

و لكن إسناده إلى مشرح ضعيف فيه جهالة , و لذلك أوردته في الكتاب الآخر

( 1266 ) .



( فائدة )

----------

التميمة : خرزات كانت العرب تعلقها على أولادهم يتقون بها العين في زعمهم

فأبطلها الإسلام كما في " النهاية " لابن الأثير .



قلت : و لا تزال هذه الضلالة فاشية بين البدو و الفلاحين و بعض المدنيين

و مثلها الخرزات التي يضعها بعض السائقين أمامهم في السيارة يعلقونها على

المرآة !

و بعضهم يعلق نعلا في مقدمة السيارة أو في مؤخرتها ! و غيرهم يعلقون نعل فرس

في واجهة الدار أو الدكان ! كل ذلك لدفع العين زعموا , و غير ذلك مما عم و طم

بسبب الجهل بالتوحيد , و ما ينافيه من الشركيات و الوثنيات التي ما بعثت الرسل

و أنزلت الكتب إلا من أجل إبطالها و القضاء عليها , فإلى الله المشتكى من جهل

المسلمين اليوم , و بعدهم عن الدين .



و لم يقف الأمر ببعضهم عند مجرد المخالفة , بل تعداه إلى التقرب بها إلى الله

تعالى ! فهذا الشيخ الجزولي صاحب " دلائل الخيرات " يقول في الحزب السابع في

يوم الأحد ( ص 111 طبع بولاق ) :

" اللهم صل على محمد و على آل محمد , ما سجعت الحمائم , و حمت الحوائم و سرحت

البهائم , و نفعت التمائم " !



و تأويل الشارح لـ " الدلائل " بأن " التمائم جمع تميمة و هي الورقة التي يكتب

فيها شيء من الأسماء أو الآيات و تعلق على الرأس مثلا للتبرك " .



فما لا يصح لأن التمائم عند الإطلاق إنما هي الخرزات كما سبق عن ابن الأثير ,

على أنه لو سلم بهذا التأويل فلا دليل في الشرع على أن التميمة بهذا المعنى

تنفع , و لذلك جاء عن بعض السلف كراهة ذلك كما بينته في تعليقي على " الكلم

الطيب " ( ص 44 - 45 طبع المكتب الإسلامي ) .

493 " أما كان يجد هذا ما يسكن به شعره ?! و رأى رجلا آخر و عليه ثياب وسخة فقال :

أما كان هذا يجد ماء يغسل به ثوبه ?! " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 811 :



رواه أبو داود ( رقم 4062 ) و النسائي ( 2 / 292 ) الشطر الأول منه و أحمد

( 3 / 357 ) و دحيم في " الأمالي " ( 25 / 2 ) و أبو يعلى في " مسنده "

( ق 114 / 1 ) و ابن حبان ( 1438 ) و الحاكم ( 4 / 186 ) و أبو نعيم في

" الحلية " ( 6 / 78 ) عن الأوزاعي عن حسان بن عطية عن محمد بن المنكدر عن

# جابر بن عبد الله # قال :

" أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ( زائرا في منزلنا ) فرأى رجلا شعثا قد

تفرق شعره فقال ... " فذكره .

و السياق لأبي داود و الزيادة لأحمد .



قلت : و هذا سند صحيح على شرط الشيخين كما قال الحاكم , و وافقه الذهبي .

و الحديث أورده الغزالي في " الإحياء " ( 1 / 122 ) بلفظ :

" دخل عليه صلى الله عليه وسلم رجل ثائر الرأس , أشعث اللحية , فقال : أما كان

لهذا دهن يسكن به شعره ? ! ثم قال : يدخل أحدكم كأنه شيطان ? ! " .



فقال الحافظ العراقي في " تخريجه " :

" رواه أبو داود و الترمذي و ابن حبان من حديث جابر بإسناد جيد " .



قلت : عزوه للترمذي خطأ , و لعله جاء من قبل الناسخ أو الطابع فهو قد عزاه إلى

المخرجين بطريقة الرمز , فرمز إلى الترمذي منهم بحرف ( ت ) فتصحف على الناسخ

أو غيره من ( ن ) و هو النسائي , و قد علمت أنه أخرجه مختصرا .

ثم إنه ليس في حديث جابر عند أحد من مخرجيه ذكر للحية أصلا , و لا قوله :

" يدخل أحدكم كأنه شيطان " .

و إنما ورد ذلك في حديث عطاء بن يسار قال :

" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد , فدخل رجل ثائر الرأس و اللحية

فأشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده : أن اخرج , كأنه يعني إصلاح شعر

رأسه و لحيته , ففعل الرجل , ثم رجع , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هذا

خير من أن يأتي أحدكم ثائر الرأس كأنه شيطان " .



أخرجه مالك في " الموطأ " ( 2 / 949 / 7 ) بسند صحيح , و لكنه مرسل .

494 " إن من ورائكم أيام الصبر , للمتمسك فيهن يومئذ بما أنتم عليه أجر خمسين منكم

قالوا : يا نبي الله أو منهم ? قال : بل منكم " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 812 :



أخرجه ابن نصر في " السنة " ( ص 9 ) من طريق إبراهيم بن أبي عبلة عن

# عتبة ابن غزوان أخي بني مازن بن صعصعة # و كان من الصحابة - أن رسول الله

صلى الله عليه وسلم قال : فذكره .



قلت : و إسناده صحيح رجاله كلهم ثقات لولا أن إبراهيم بن أبي عبلة عن عتبة

ابن غزوان مرسل كما في " التهذيب " .



لكن له شاهد من حديث عبد الله بن مسعود مرفوعا به .

أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 3 / 76 / 1 ) من طريقين عن أحمد

ابن عثمان بن حكيم الأودي أنبأنا سهل بن عثمان البجلي أنبأنا عبد الله بن نمير

عن الأعمش عن زيد بن وهب عنه .



قلت : و هذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات رجال مسلم .

و له شاهد آخر من حديث أبي ثعلبة الخشني مرفوعا به .

أخرجه أبو داود ( 4341 ) و الترمذي ( 2 / 177 ) و ابن ماجه ( 4014 ) و ابن حبان

( 1850 ) و ابن أبي الدنيا في " الصبر " ( ق 42 / 1 )

و قال الترمذي : " حديث حسن " .

495 " الحياء من الإيمان و الإيمان في الجنة و البذاء من الجفاء و الجفاء في

النار " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 813 :



أخرجه الترمذي ( 1 / 361 ) و ابن حبان ( 1929 ) و الحاكم ( 1 / 52 - 53 )

و عبد الله بن وهب في " الجامع " ( ص 73 ) و أحمد ( 2 / 501 ) و محمد بن مخلد

العطار في " المنتقى من حديثه " ( 2 / 19 / 2 ) و ابن عساكر في " تاريخ دمشق "

( 4 / 335 / 1 ) من طرق عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن

# أبي هريرة # قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره .



و قال الترمذي : حديث حسن صحيح .

و قال الحاكم : " صحيح على شرط مسلم " . و وافقه الذهبي !

و محمد بن عمرو إنما أخرج له مسلم متابعة . نعم تابعه سعيد بن أبي هلال عند

ابن حبان ( 1930 ) فبه صح و الحمد لله .



و له شاهد من حديث أبي بكرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره .

أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " ( 1314 ) و ابن ماجه ( 4184 ) و الطحاوي في

" المشكل " ( 4 / 238 ) و الحاكم من طريق هشيم عن منصور بن زاذان عن الحسن عنه

و قال الحاكم : " صحيح على شرطهما " . و وافقه الذهبي .



و عزاه البوصيري في " الزوائد " لابن حبان أيضا في " صحيحه " , و لم يورده

الهيثمي في " زوائده " إلا من حديث أبي هريرة كما تقدم .



ثم قال البوصيرى :

" فإن اعترض معترض على ابن حبان و الحاكم في تصحيحه بقول الدارقطني : إن الحسن

لم يسمع من أبي بكرة . قلت : احتج البخاري في " صحيحه " برواية الحسن عن أبي

بكرة في أربعة أحاديث , و في " مسند أحمد " و " المعجم الكبير " للطبراني

التصريح بسماعه من أبي بكرة في عدة أحاديث , منها " إن ابني هذا سيد " و المثبت

مقدم على النافي " .



قلت : و هذا جواب صحيح , لكن الحسن - و هو البصري - مدلس معروف بذلك , فلا يكفي

إثبات سماعه من أبي بكرة في الجملة , بل لابد من معرفة سماعه لهذا الحديث منه

و هذا مما لم نره في شيء من الروايات , فالاعتراض بهذا الاعتبار لا يزال قائما

لكن الحديث شاهد لا بأس به لحديث أبي سلمة عن أبي هريرة . و الله أعلم .

496 " لو أقررت الشيخ ( يعني أبا قحافة ) لأتيناه مكرمة لأبي بكر . قاله لأبي بكر "

.



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 714 :



أخرجه الإمام أحمد ( 3 / 160 ) : حدثنا محمد بن سلمة الحراني عن هشام عن محمد

بن سيرين قال : سئل # أنس بن مالك # عن خضاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ?

فقال : " إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن شاب إلا يسيرا , و لكن أبا

بكر و عمر بعده خضبا بالحناء و الكتم . قال : و جاء أبو بكر بأبيه أبي قحافة

إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة يحمله . حتى وضعه بين يدي رسول

الله صلى الله عليه وسلم , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر

( فذكره ) , فأسلم و لحيته و رأسه كالثغامة بياضا فقال رسول الله صلى الله عليه

وسلم : غيروهما و جنبوه السواد " .



قلت : و هذا إسناد صحيح على شرط مسلم , و هشام هو ابن حسان القردوسي ثقة من

أثبت الناس في ابن سيرين , و صححه ابن حبان ( 1476 ) عن ابن سلمة و كذا الحاكم

( 3 / 244 ) و وافقه الذهبي .



و للحديث شاهد من حديث أسماء بنت أبي بكر بقصة أبي قحافة دون قوله " و جنبوه

السواد " .

أخرجه الإمام أحمد ( 6 / 349 ) من طريق ابن إسحاق قال : حدثني يحيى ابن عباد

ابن عبد الله بن الزبير عن أبيه عن جدته أسماء بنت أبي بكر .



قلت : و هذا إسناد حسن , و صححه ابن حبان ( 1700 ) من هذا الوجه ‎.



و للقصة شاهد آخر من حديث جابر بن عبد الله و فيه الزيادة .

أخرجه مسلم و غيره من أصحاب " السنن " و هو مخرج في " تخريج الحلال و الحرام "

برقم ( 106 ) .



و له شاهد مرسل مختصر بلفظ : " غيروا رأس الشيخ بحناء " .

أخرجه ابن سعد ( 5 / 452 ) .

497 " إذا استؤذن على الرجل و هو يصلي فإذنه التسبيح و إذا استؤذن على المرأة و هي

تصلي فإذنها التصفيق " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 815 :



أخرجه البيهقي في " السنن الكبرى " ( 2 / 247 ) من طرق عن حفص ابن عبد الله

حدثني إبراهيم بن طهمان عن سليمان الأعمش عن ذكوان عن # أبي هريرة # رضي الله

عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره .



قلت : و هذا إسناد صحيح على شرط البخاري . و قد أخرجه مسلم و أبو عوانة

و الترمذي من طرق أخرى عن الأعمش به مختصرا بلفظ .

" التسبيح للرجال , و التصفيق للنساء " .

و قال الترمذي " حسن صحيح " .



و كذلك أخرجه الشيخان و غيرهما من طرق أخرى عن أبي هريرة مرفوعا .

و هو في " صحيح أبي داود " برقم ( 867 ) .



و إنما خرجته باللفظ الأول لأنه مفصل , و لبيان صحة إسناده .

و قد أخرج أحمد في " مسنده " ( 2 / 290 ) حدثنا مروان بن معاوية الفزاري أن

يزيد بن كيسان استأذن على سالم بن أبي الجعد و هو يصلي , فسبح لي فلما سلم

قال : إن إذن الرجل إذا كان في الصلاة يسبح , و إن إذن المرأة أن تصفق , حدثنا

مروان أنبأنا عوف عن الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله . حدثنا مروان

أخبرني عوف عن ابن سيرين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله .



قلت : و هذه أسانيد ثلاثة , و كلها صحيحة إلا أن الأول موقوف على سالم ابن أبي

الجعد و هو تابعي ثقة . و الثاني عن الحسن و هو البصري مرسل . و الثالث مرفوع ,

و هو على شرط الشيخين , فهو شاهد قوي لرواية إبراهيم بن طهمان السابقة . و فيها

رد على قول الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على " المسند " ( 15 / 13 ) :

" و الحديث مثل أثر سالم بن أبي الجعد , و الظاهر أنه مثله معنى لا لفظا , فإني

لأم أجده بهذا اللفظ قط , إلا في هذا الموضع بهذا الإجمال " .



قلت : فقد وجدناه بهذا اللفظ المفصل من رواية إبراهيم بن طهمان كما رأيت , و هي

تدل على أن قوله في رواية ابن سيرين " مثله " إنما أراد به لفظا , و ليس معنى

فقط . لاسيما و هو المراد اصطلاحا من كلمة " مثله " , و لو أراد المعنى فقط

لقال : " نحوه " كما جروا عليه في استعمالهم , و نصوا عليه في " المصطلح " .

و الله و لي التوفيق .



و في الحديث إشارة إلى ضعف الحديث الذي يورده الحنفية بلفظ :

" من أشار في صلاته إشارة تفهم عنه , فليعد صلاته " .

فإن هذا الحديث الصحيح صريح في جواز الإشارة بالإذن بلفظ التسبيح , فكيف لا

يجوز ذلك بالإشارة باليد أو الرأس ? ! لاسيما و قد جاءت أحاديث كثيرة بجواز

ذلك و قد خرجت بعضها في " صحيح أبي داود " رقم ( 858 , 859 , 860 , 870 ) .

و بينت علة الحديث المذكور في الإشارة المفهمة في " الأحاديث الضعيفة "

( 1104 ) ثم في " ضعيف أبي داود " رقم ( 169 ) .

498 " لا جناح عليك . يعني في الكذب على الزوجة تطييبا لنفسها " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 817 :



أخرجه الحميدي في " مسنده " ( رقم 329 ) : حدثنا سفيان قال : حدثني صفوان

ابن سليم عن # عطاء بن يسار # قال :

" جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله هل علي جناح أن

أكذب أهلي ? قال : لا , فلا يحب الله الكذب , قال : يا رسول الله استصلحها

و استطيب نفسها , قال : لا جناح عليك " .



هكذا وقع فيه عن عطاء بن يسار مرسلا , و هو قد أورده تحت " أحاديث أم كلثوم بنت

عقبة بن أبي معيط رضي الله عنها " , فلا أدري أسقط اسمها من السند , أو الناسخ

أم الرواية عند الحميدي هكذا مرسلا .



و السند صحيح إلى عطاء بن يسار , و قد جاء موصولا من طريق أخرى عنها .

أخرجه مسلم ( 8 / 28 ) و أحمد ( 6 / 403 , 404 ) من طريق ابن شهاب عن حميد

ابن عبد الرحمن بن عوف عن أمه أم كلثوم بنت عقبة قالت : ما سمعت رسول الله صلى

الله عليه وسلم رخص في شيء من الكذب إلا في ثلاث : الرجل يقول القول يريد به

الإصلاح , و الرجل يقول القول في الحرب , و الرجل يحدث امرأته , و المرأة تحدث

زوجها .



و له شاهد من حديث أسماء بنت يزيد نحوه .

أخرجه الترمذي ( 1 / 352 ) و أحمد ( 6 / 454 , 459 , 460 ) من طريق شهر

ابن حوشب عنها .

و قال الترمذي : " حديث حسن " .

و قوله " و الرجل يحدث امرأته ... " قال القاضي عياض :

" يحتمل أن يكون فيما يخبر به كل منهما كما له فيه من المحبة و الاغتباط , و إن

كان كذبا لما فيه من الاصلاح و دوام الألفة " .



قلت : و ليس من الكذب المباح أن يعدها بشيء لا يريد أن يفي به لها , أو يخبرها

بأنه اشترى لها الحاجة الفلانية بسعر كذا , يعني أكثر من الواقع ترضية لها ,

لأن ذلك قد ينكشف لها فيكون سببا لكي تسيء ظنها بزوجها , و ذلك من الفساد لا

الإصلاح .

499 " من سأل و له ما يغنيه جاءت مسألته يوم القيامة خدوشا أو خموشا أو كدوحا في

وجهه . قيل : يا رسول الله و ما يغنيه ? قال : خمسون درهما , أو قيمتها من

الذهب " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 818 :



أخرجه أبو داود ( 1626 ) و النسائي ( 1 / 363 ) و الترمذي ( 1 / 126 )

و الدارمي ( 1 / 386 ) و ابن ماجه ( 1840 ) و الطحاوي ( 1 / 306 ) و الحاكم

( 407 ) و أحمد ( 1 / 388 , 441 ) و ابن عدي ( 69 / 1 , 73 / 2 ) من طريق حكيم

بن جبير عن محمد بن عبد الرحمن بن يزيد عن أبيه عن # عبد الله بن مسعود # قال :

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره .



و السياق لابن ماجه و زاد هو و غيره :

" فقال رجل لسفيان : إن شعبة لا يحدث عن حكيم بن جبير , فقال سفيان : قد حدثناه

زبيد عن محمد بن عبد الرحمن بن يزيد " .



قلت : حكيم بن جبير ضعيف , لكن متابعة زبيد و هو ابن الحارث الكوفي تقوي الحديث

فإنه ثقة ثبت , و كذلك سائر الرواة ثقات , فالإسناد صحيح من طريق زبيد .

قال الترمذي " حديث حسن " .

500 " من كان له شعر فيلكرمه " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 819 :



أخرجه أبو داود ( 4163 ) و الطحاوي في " المشكل " ( 4 / 321 ) و البيهقي في

" الشعب " ( 2 / 265 / 2 ) و أبو محمد العدل في " الفوائد " ( 3 / 1 / 2 ) من

طريق عبد الرحمن بن أبي الزناد عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن # أبي هريرة #

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فذكره .



و هذا إسناد حسن كما قال الحافظ في " الفتح " ( 10 / 310 ) , و هو عندي صحيح ,

لأن ابن أبي الزناد - و هو صدوق , تغير حفظه لما قدم بغداد - قد وجدت له متابعا

قويا , فقال أبو نعيم في " تسمية ما انتهى إلينا من الرواة عن سعيد بن منصور

عاليا " ( ق 209 / 1 ) : و روى عنه أيضا إسماعيل بن عبد الله العبدي . حدثنا

عبد الله بن جعفر حدثنا إسماعيل بن عبد الله أنبأنا سعيد بن منصور أنبأنا ابن

أبي ذئب عن سهيل به .



قلت : و هذا إسناد صحيح رجاله ثقات رجال مسلم غير العبدي هذا و هو ثقة صدوق كما

قال ابن أبي حاتم ( 1 / 1 / 182 ) و عبد الله بن جعفر هو عبد الله ابن محمد بن

جعفر بن حبان المعروف بأبي الشيخ و هو ثقة حافظ له ترجمة في " تذكرة الحفاظ "

( 3 / 147 - 149 ) .



و للحديث شاهدان :



الأول : عن عائشة .

أخرجه الطحاوي و أبو بكر الشافعي في " الفوائد " ( 7 / 80 / 2 ) و عنه

عبد العزيز الكتاني في " حديثه " ( 236 / 1 ) و البيهقي أيضا و ابن حيويه في

" حديثه " ( 3 / 4 / 2 ) عن ابن إسحاق عن عمارة بن غزية عن القاسم عن عائشة به

مرفوعا . قال الحافظ " و سنده حسن أيضا " .

و هذا تساهل منه فإن ابن إسحاق مدلس , و قد عنعنه من الطريقين عنه . إلا إن كان

يعني أنه حسن لغيره , فهو صواب ..



و الشاهد الآخر : عن ابن عباس .

أخرجه الخطيب في " الموضح " ( 2 / 67 ) عن سليمان بن أرقم عن عطاء بن أبي رباح

عنه و سليمان بن أرقم ضعيف .



( تنبيه )

---------

عزى السيوطي في " الجامع الكبير " ( 2 / 286 / 2 ) الحديث لأبي داود و البيهقي

في " الشعب " عن أبي هريرة بهذا اللفظ . ثم ذكره بزيادة :

" قيل : يا رسول الله و ما كرامته ? قال : بدهنه و بمشطه كل يوم " .

و قال : " رواه أبو نعيم في " تاريخ أصبهان " و ابن عساكر عن ابن عمر , و فيه

إسحاق ابن إسماعيل الرملي , قال أبو نعيم : حدث بأحاديث من حفظه فأخطأ فيها .

و قال النسائي : صالح " .



قلت : و هذه الزيادة مع ضعف سندها منكرة لأنها تخالف الحديث الآتي :

" نهى صلى الله عليه وسلم عن الترجل إلا غبا " .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مناظرة ابن تيمية العلنية لدجاجلة البطائحية الرفاعية

  مناظرة ابن تيمية العلنية لدجاجلة البطائحية الرفاعية ( وهي من أعظم ما تصدى له وقام به شيخ الإسلام تقي الدين أحمد بن تيمية قدس الله روحه م...